الصفحات

Additional Menu

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025

الطعن 19687 لسنة 93 ق جلسة 1 / 12 / 2025

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية

دائرة الاثنين ( أ )

المؤلفة برئاسة القاضي / مصطفى محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية القضاة / هشام الشافعي ، يوسف قايد ونبيل مسعود نواب رئيس المحكمة وعبد الفتاح غنيم

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض / أحمد نصار

وأمين السر / سيد رجب .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .

في يوم الاثنين ١٠ من جمادى الآخرة سنة ١٤٤٧ هـ الموافق الأول من ديسمبر سنة ٢٠٢٥ م

أصدرت الحكم الآتي :

في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم ١٩٦٨٧ لسنة ٩٣ القضائية .

المرفوع من

................ الطاعنين "

ضد

النيابة العامة المطعون ضدها "

----------------

الوقائع "

اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقم ١٥٤٠ لسنة ۲۰۲۲ قسم رأس غارب والمقيدة برقم ١٦٩٠ لسنة ٢٠٢٢ كلي

بوصف أنهما في يوم ۲۷ من يوليو سنة ۲۰۲۲ بدائرة قسم رأس غارب - محافظة البحر الأحمر .

- قتلا المجني عليها / ........ عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتلها على إثر خلافات سابقة فيما بينها والمتهم الأول ووالدة المتهمين نشأ عن آخرها بذات تاريخ الواقعة طعن المتهم الثاني لنجلتها المجني عليها الثانية ، وما أن بدأت المجني عليها بالصراخ طلباً للنجدة والعون تعدى الأول عليها ضرباً حتى تمكن كلاهما منها واقتاداها ونجلتها عنوة إلى داخل مسكن المتهم وقيداها وشلا مقاومتها محتجزان إياها ، وظلا يبحثان بروية أمرها لستر طعن الثاني لنجلتها حتى أوعز إليهما شيطانهما نزغاً منه التخلص منها بإزهاق روحها فهم المتهم الثاني بكتم أنفاسها باستخدام أكياس بلاستيكية ولاصق بلاستيكي قد أعداه لذلك الغرض فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها قاصدان من ذلك قتلها حال تواجد المتهم الأول على مسرح الواقعة للشد من أزره على النحو المبين بالتحقيقات

وقد اقترنت تلك الجناية بجناية القتل مع سبق الإصرار التالية ؛ ذلك أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر :-

قتلا عمداً مع سبق الإصرار الطفلة المجني عليها / ...... والتي لم تبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً وذلك بأن قاما عقب نشوب مشادة فيما بينها ووالدة المتهمين أحدث على إثرها المتهم الثاني إصابتها بتقييدها وشل حركتها واحتجازها بمسكن الأول لمدة جاوزت الساعات وظلا يفكرا بروية ويخططا لستر فعتلهما دون أن يشفع لهما نزف المجني عليها تلك المدة حتى أوعز إليهما شيطانهما نزغاً منه التخلص منها وإزهاق روحها بذات الطريقة التي اتبعاها والمجني عليها الأولى فهم المتهم الثاني يكتم أنفاسها باستخدام أكياس بلاستيكية ولاصق بلاستيكي قد أعده لذلك الغرض فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها قاصدان من ذلك قتلها حال تواجد المتهم الأول على مسرح الواقعة للشد من أزره علي النحو المبين بالتحقيقات

- أحرزا أدوات مما تستخدم في الاعتداء علي الأشخاص ) أكياس بلاستيكية - أحبال - لاصق بلاستيكي ( دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية .

المتهم الثاني :

أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً ( هيروين ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

- أحرز سلاحاً أبيض ( سكين ( دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية . وأحالتهما إلى محكمة جنايات البحر الأحمر لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وادعت شقيقة المجني عليها الأولى - بوكيل عنها محام - مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مليوني جنيه على سبيل التعويض المؤقت ، كما ادعى والد المجني عليها الثانية - بوكيل عنها محام - مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مليون وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .

والمحكمة المذكورة قررت بجلسة 7 من أغسطس سنة ۲۰۲۳ وبإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع الرأي الشرعي بشأن ما نسب للمتهمين وحددت جلسة ١٠ من سبتمبر سنة ۲۰۲۳ للنطق بالحكم .

وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادة ۱/۲۳٤ ، ۲ من قانون العقوبات . مع إعمال نص المادة ۱۷ من ذات القانون بشأن المتهم الأول / ....... وكذا المادة ٣٢ من ذات القانون بالنسبة لجرائم القتل العمد المقترن وإحراز أدوات وأسلحة بيضاء ، أولاً : بمعاقبة ...... بالإعدام شنقاً عن تهم القتل المقترن وإحراز أدوات وأسلحة بيضاء وبالحبس لمدة سنة واحدة وتغريمه عشرة آلاف جنيه عن تهمة إحراز مواد مخدرة بقصد التعاطي وألزمته بالمصاريف وأمرت بمصادرة المخدر المضبوط . ثانياً : بمعاقبة ...... عما أسند إليه وألزمته بالمصاريف الجنائية ، ثالثاً : بإحالة الدعوى المدنية المقامة قبل المتهمين إلى المحكمة المدنية المختصة للفصل فيها ، ذلك بعد أن استبعدت ظرف سبق الإصرار من وصف الاتهام

قطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض في ۱۸ من سبتمبر سنة ٢٠٢٣ .

وأودعت مذكرة بأسباب طعنهما في ٦ من نوفمبر سنة ۲۰۲۳ موقع عليها من ...... المحامي .

كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه الثاني ..... .

وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .

-----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانوناً .

أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه .............

حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .

ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دائهما بجريمتي القتل العمد المقترن بجناية القتل العمد وإحراز أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص كما دان الثاني بجريمتي إحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد التعاطي وسلاح أبيض دون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال الإخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان ؛ ذلك بأنه لم يحط بواقعة الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة وجاء قاصراً في بيان مضمون الأدلة التي تساند إليها في إدانتهما ، ولم يورد مضمون تحريات الشرطة ، وأورد معاينة النيابة العامة لمسرح الواقعة والمعاينة التصويرية للجريمة في بيان قاصر دون ذكر مضمونهما ومؤداهما ، واكتفى بترديد ما أوردته قائمة أدلة الثبوت بشأنهما ، واكتفى في إيراد تقرير الطب الشرعي بنتيجته دون بيان مضمونه وأسانيده والأسباب التي خلص منها إلى النتيجة التي انتهى إليها ، وأحال في بيان اعتراف الطاعن الثاني إلى ما أورده من اعتراف الطاعن الأول رغم تناقضهما ، ولم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل رغم الدفع بانتفائها واكتفى في ذلك الشأن بترديد الأفعال المادية التي آتاها الطاعنان ، واطرحت المحكمة دفاع الطاعن الثاني بوقوعه تحت تأثير المخدر وقت ارتكاب الجريمة بما لا يسوغ ، ولم تجبه لطلب ندب خبير في الدعوى لمناقشته في ذلك الشأن ، والتفت الحكم عن طلبه تعديل القيد والوصف إلى الضرب المفضي إلى الموت ، ولم يستظهر رابطة السببية بين وفاة المجني عليهما والأفعال المنسوبة لهما ، ولم يورد القرائن والأدلة التي استخلص منها اتفاقهما على ارتكاب الجريمة سيما وقد نفى عنهما سبق الإصرار الذي يرتب تضامنهما في المسؤولية الجنائية ، وعول في قضائه على تحريات الشرطة رغم عدم الإفصاح عن مصدرها واتخذها دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام مطرحاً دفعهما بعدم جديتها بما لا يسوغ ، مستنداً لأقوال محررها بالتحقيقات رغم كونها لاحقة لصدور أمر الضبط ، ودفع الطاعنان ببطلان القبض عليهما لحصوله قبل صدور أمر الضبط - الشواهد عدداها - ، وخلا الحكم من تاريخي صدور وتنفيذ أمر الضبط والإحضار ، واطرح بما لا يسوغ دفعيهما ببطلان الأمر الصادر يضبط وإحضار المتهمين لابتنائه على تحريات منعدمة بما يبطل ما تلاه من إجراءات ، وببطلان إقرارهما استدلالاً وبالتحقيقات لكونه وليد إكراه معنوي - الشواهد عدة ، وتساند الإقرار الطاعن الثاني رغم خلوه من نية القتل ، وقعدت المحكمة عن تحقيق دفاعهما في هذا الشأن ، والتفت الحكم إيراداً ورداً عن دفعهما ببطلان استجوابهما أمام النيابة العامة لعدم عرضهما عليها خلال أربع وعشرين ساعة من تاريخ القبض عليهما ، وعن طلب الطاعن الأول بإجراء تحليل البصمة الوراثية لنجله من المجني عليها الأولى إثباتاً لسوء سلوكها ، وتولى الدفاع عن الطاعنين فريق واحد دون إفراد كل منهما بدفاع مستقل رغم تعارض مصالحهما ، وخلا الحكم ومحضر الجلسة من بيان درجة قيد المحاميين الحاضرين مع الطاعنين جلسات المحاكمة ولم تقف المحكمة على صحة ما إذا كان سالفي الذكر من المقبولين للمرافعة أمامها من عدمه بما يبطل إجراءات محاكمتهما ، وأخيراً التفت الحكم إيراداً ورداً عن دفوعهما الجوهرية وما قدماء من مستندات تظاهر دفاعهما ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة في قوله : ( وحيث إن الواقعة حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمان إليها ضميرها وارتاح لها وجدانها مستخلصة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أن المتهمين الأول /حفني محمد حفني سقاو والثاني / رائد محمد حفني سقاو شقيقان يقيما في منزل واحد وترافقهما والدتهما المسنة ، وكان المتهم الأول قد تزوج بالمجني عليها الأولى / شيماء كمال فؤاد خليل والتي سبق لها الزواج وأنجبت نجلتها المجني عليها الثانية / جنى السيد أحمد من هذا الزواج السابق والتي تعيش برفقتها ، واستمر زواجها بالمتهم الأول فترة ليست طويلة رزقا خلالها بطفل ذكر إلى أن بدأت الخلافات فيما بين المتهم الأول والمجني عليها الأولى ، فقامت الأخيرة على إثر تلك الخلافات بترك مسكن الزوجية وتقديم شكاوى وإقامة دعاوى قضائية ضد الأول ثم تصالحا وعادت إلى مسكن الزوجية بمدينة رأس غارب محافظة البحر الأحمر ، وبتاريخ الواقعة في ۲۰۲۲/۷/۲۷ وأثناء قيام المجني عليهما بالاستعداد للسفر لمدينة القاهرة رفقة المتهم الأول وذلك لارتباط المجني عليها الثانية بأداء امتحانات السنة الدراسية حدثت مشادة كلامية فيما بين المجني عليهما ووالدة المتهمين قامت المجني عليها خلالها بدفع والدة المتهمين مما أثار حفيظة المتهم الثاني فقام بطعن المجني عليها الثانية بسكين عدة طعنات في أمكان متفرقة من جسدها مما أثار هلع المجني عليها الأولى وراحت تصرخ خوفاً على نجلتها فقام المتهم الأول بالتعدي عليها بالضرب بيده على رأسها من الخلف لإسكاتها فسقطت مغشياً عليها ، وهنا قام المتهمان الأول والثاني باقتياد المجني عليهما إلى الطابق الثاني بالمسكن وقاماً بتقييدهما وتوثيقهما لشل مقاومتهما وراحا يفكران في كيفية التخلص منهما إلى أن هداهما شيطانهما إلى طريقة للخلاص منهما وأعدا لهذا الغرض أكياس من البلاستيك ولاصق وقام المتهم الثاني بوضع اللاصق حول فم كل من المجني عليهما حتى لا يستغيثا أو يصدر منهما صوتاً قد يسمعه أحد الجيران فيأتي لمساعدتهما ، وخوفاً من افتضاح أمرهما انتويا التخلص منهما وإزهاق روحهما فقام المتهم الثاني -في وجود المتهم الأول وبعلمه - بوضع كيس من البلاستيك حول رأس المجني عليها الأولى ثم قام بلف اللاصق من الخارج لإحكام منع مرور الهواء قاصدين قتلها ، ولما أسلمت الروح لبارئها جلسا يفكران في كيفية التصرف مع المجني عليها الثانية واهتديا إلى عدم إمكانية علاجها خوفاً من اكتشاف جريمتهما فانتويا التخلص منها أيضاً ، وقام المتهم الثاني بتنفيذ الجريمة في حضور المتهم الأول وأمام ناظريه بوضع الكيس على رأس المجني عليها الثانية ثم لف اللاصق عليه من الخارج وراحا ينتظران في هدوء غريب إزهاق روحها قاصدين قتلها إلى أن تحقق لهما ما أرادا بإزهاق روح المجني عليها الثانية أيضاً ، وبعد أن تيقنا من مقتلهما راحا يفكران في كيفية التخلص من جثتيهما وإخفاء معالم الجريمة فقاما بلف المجني عليهما ببعض المفارش القطنية ووضعهما داخل سيارة المتهم الأول وقاما بإلقاء الجثتين بأحد المناطق الجبلية البعيدة عن العمران داخل حفرة تمتلئ بالزيوت والمخلفات البترولية ثم عادا إلى مسكنهما وكأن شيئاً لم يكن معتمدين على عدم وجود أهلية للمجني عليهما داخل مدينة رأس غارب وأن أحداً لن يكتشف غيابهما ، وإمعانا منهما من التخلص من كل أثر قد يكشف جريمتهما قاما بجمع ملابس المجني عليهما وإحراقها داخل المنزل ، وذلك على النحو الوارد تفصيلاً في اعترافات المتهمين بتحقيقات النيابة العامة والتي تأيدت بما كشف عنه تقرير الطب الشرعي والصفة التشريحية لجثتي المجني عليهما وتعززت بما دلت عليه تحريات الشرطة ) ، وقد ساق الحكم على صحة الواقعة وثبوتها في حق المتهمين أدلة استقاها من اعترافاتهما التفصيلية في تحقيقات النيابة العامة وأقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير الطب الشرعي والصفة التشريحية وتقرير قسم الأدلة الجنائية ومعاينة النيابة العامة وتقرير المعمل الكيماوي والمعاينة التصويرية التي أجرتها النيابة العامة بمحاكاة المتهمين الكيفية ارتكاب الحريمة ، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما يبين من المفردات المضمومة - . لما كان ذلك ، وكانت المادة ٣١٠ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققاً لحكم القانون ، ومن ثم يضحى منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مضمون تحريات الشرطة لدى سرده لأقوال مجربها في قوله : ( وشهد الرائد / أحمد السيد إبراهيم حوام رئيس مباحث قسم شرطة رأس غارب بتحقيقات النيابة العامة بورود بلاغ مفاده العثور على جثتين آدميتين لسيدتين مجهولتا الهوية تم إلقائهما داخل بؤره للمخلفات البترولية بأحد المناطق الصحراوية ، وبإجراء التحريات تم تحديد هويتهماً ودلت التحريات على قيام المتهمين الأول والثاني بقتل المجني عليهما على نحو ما ورد باعترافاتهما التفصيلية في تحقيقات النيابة العامة ، وأن قصدهما قتل المجني عليهما ، وأضاف أنه بمواجهة المتهمين أقرا بارتكابهما للواقعة على نحو ما ورد باعترافاتهما أمام النيابة العامة ، وأنه تمكن من ضبط المتهم الثاني وبتفتيشه عثر معه على مادة تشبه الهيروين المخدر ) . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم من تحريات الشرطة يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى المعاينة التي أجرتها النيابة العامة لمكان الحادث والتزم في ذلك نص ما أنبأت به وفحواه حسبما بأن من المفردات - ، كما أورد مؤدى المعاينة التصويرية التي أجرتها النيابة العامة من قيام الطاعنين بتمثيل كيفية قيامهما بارتكاب الجريمة ، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم بعدم إيراد مضمون المعاينة وكيفية الاستدلال منها على ثبوت الاتهام لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص محضر المعاينة بكامل أجزائه ، فضلاً عن أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من المعاينة التصويرية ، وإنما استندت على هذه المعاينة كقريئة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ، فإنه لا جناح على الحكم إن هو غول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه المعاينة دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل المتهمين ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات من أن تورد في حكمها أقوال الشهود وأدلة الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، فإن النعي على الحكم بإيراده لمؤدى معاينة النيابة العامة لمحل الواقعة والمعاينة التصويرية لكيفية ارتكاب الجريمة واللتين استند إليهما في قضائه كما تضمنتها قائمة أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة - بفرض صحته - يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد حصل من التقرير الطبي الشرعي لدى إيراده أدلة الإثبات أنه : ( وثبت من تقرير الطب الشرعي والصفة التشريحية - أن إصابات المجني عليها الأولى هي كدمة خلفية أعلى الرأس وبمقدمة الأنف وحول الفم وهي ناتجة عن المصادمة أو الاصطدام بجسم صلب راض وهي بسيطة ولا شأن لها في إحداث الوفاة ، وتعزى وفاة المجني عليها إلى اسفكسيا كتم النفس كما ورد على لسان المتهمين بطريقة جنائية ويجوز حدوث الوفاة من مثل التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة . ٢- أن إصابات المجني عليها الثانية هي إصابات طعنية نافذة بأعلى يمين الصدر وبأعلى البطن وأسفل يمين البطن وأعلى العنق والفم ، وهي إصابات قاتلة في حد ذاتها ولكن لا شأن لها بإحداث الوفاة وتعزى الوفاة إلى اسفكسيا كتم النفس كما جاء بأقوال المتهمين بطريقة جنائية ويجوز حدوث الوفاة من مثل التصوير الوارد بمذكرة النيابة وفي تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة ) ، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير الصفة التشريحية وأسانيده والأسباب التي خلص منها إلى النتيجة التي انتهى إليها لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان مضمون اعتراف متهم إلى ما حصله من اعتراف متهم آخر ما دام الاعترافان واردين على واقعة واحدة ولا يوجد خلاف بينهما في شأن تلك الواقعة ، ومن ثم فلا ضير على الحكم إذ أحال في بیان مضمون اعتراف الطاعن الثاني إلى ما أورده من اعتراف الطاعن الأول / حفني محمد حفني سقاو بتحقيقات النيابة العامة ما دام اعتراف كل منهما وارداً على كيفية ارتكابهما لجريمة قتل المجني عليهما ، وكان ما أورده الحكم فيما سلف لاعتراف الطاعن الثاني / رائد محمد حفني سقاو يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم بالإدانة ، بما تنحسر عن الحكم المطعون فيه دعوى القصور . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله : ( وحيث إنه عن قصد القتل فهو متوافر في الواقعة وتحقق في الجريمة ، وثبت في حق المتهمين من اعترافاتهما التفصيلية في جميع مراحل التحقيق أمام النيابة العامة وفي بعض محاضر تجديد حبسهما أمام قاضي المعارضات وغرفة المشورة ومن اعتراف المتهم الثاني أمام هذه المحكمة بما قرراه من قيامهما بالانفراد بالمجني عليهما في الطابق العلوي وقيام المتهم الثاني بوضع الأكياس على وجه المجني عليهما بعد وضع اللاصق على فم كل منهما وخنقهما حتى لفظا أنفاسهما الأخيرة واستخدام القوة الجسدية معهما عند مقاومتهما وعدم تركهما إلا أن بعد أن صارنا جثتين ها مدتين وقد فارقتا الحياة على نحو ما أفصح عنه تقرير الطب الشرعي والصفة التشريحية من أن الوفاة نتيجة اسفكسيا الخلق وعلى نحو ما جاء تفصيلاً بأقوالهما من أنهما اضطرا لقتلهما خوفاً من افتضاح أمرهما ، كل ذلك يدل بيقين لدى المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين كما هو معرف قانوناً ، دلت عليه الظروف المحيطة بالواقعة والمظاهر والأمارات الخارجية التي أتاها كل من المتهمين وتنم عما أضمراه في نفسيهما من انتوائهما قتل المجني عليهما ) ، وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعنين ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد استخلصت أن الطاعن الثاني قد قارف جريمته وهو حافظ لشعوره واختياره وردت على دفاعه في هذا الشأن برد كاف وسائغ ، فإن ذلك ما يكفي السلامة الحكم ، ويكون ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الخصوص لا محل له . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية القتل العمد المقترنة بجناية القتل العمد كما هي معرفة به في القانون ، وكان النعي بأن الواقعة تشكل جناية الضرب المفضي إلى الموت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ، إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنا أنها اطرحتها ولم تعول عليها ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة المحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليهما التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتهما بما أورده من واقع ذلك التقرير أن وفاة المجني عليهما نتيجة اسفكسيا كتم النفس كما جاء بأقوال المتهمين بطريقة جنائية وفي تاريخ يتفق وتاريخ الواقعة ، فإنه يكون بريناً من قالة القصور في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن عدم قيام ظرف سبق الإصرار لدى المتهمين لا ينفي قيام الاتفاق بينهما ، إذ الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المشتركين فيها ، ولا يشترط لتوفره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بينهم هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قد قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، ومن ثم فلا تعارض بين انتفاء سبق الإصرار وبين ثبوت اتفاق المتهمين على قتل المجني عليهما مما مقتضاه مساءلة كل منهما باعتباره فاعلاً أصلياً عن النتيجة التي وقعت تنفيذاً لهذا الاتفاق من غير حاجة إلى تقصي محدث الإصابات التي نشأت عنها الوفاة ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما عوّل عليه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على القتل العمد ، وذلك من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهما وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلا منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلا من الأفعال المكونة لها ، وأثبت في حق الطاعن الأول وجوده على مسرح الجريمة مع الطاعن الثاني وتعديه بالضرب على المجني عليها الأولى على رأسها واقتياده رفقة الثاني كلاً من المجني عليهما إلى الدور العلوي بالعقار محل الواقعة ومشاركتهما في تكبيل سالفتي الذكر وشد وثاقهما شلاً لحركتهما ووضع لاصق على فم كل منهما خشية افتضاح أمرهما ، كما أثبت حال سرده لواقعة الدعوى طلب الطاعن الأول من الثاني التخلص من المجني عليها الثانية أمام ناظريه ، ثم اتفقا على لف جثتي المجني عليهما ببعض المفارش القطنية وأوثقاهما بالحبال ووضعاهما بسيارة الأول وألقياهما داخل أحد الحفر المملؤة بمخلفات البترول بمنطقة صحراوية ، فإن الحكم إذ انتهى إلى اعتبار الطاعنين متضامنين في المسؤولية الجنائية ودائهما بوصفهما فاعلين أصليين في جريمة القتل العمد المقترن بجناية القتل العمد يكون قد اقترن بالصواب ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، كما أنه لا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات ، ولا يقدح في سلامة الحكم استدلاله على حصول تحريات جدية سابقة على صدور الأمر بالضبط من أقوال مجري التحريات بتحقيقات النيابة العامة وهي لاحقة على تنفيذ ذلك الأمر ، ذلك بأن تلك الأقوال - والتي أفصحت المحكمة عن اطمئنانها إليها بالحكم - ما هي إلا دليل كاشف على حصول التحريات قبل صدور الأمر بالضبط ، فهي غير متولدة عنه ولم يسفر الضبط عنها ، فلا يصح القول بأنها عنصر جديد في الدعوى لاحق على صدوره ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان التحريات وانعدامها ورد عليه برد سائغ مؤداه اطمئنان المحكمة لما أسفرت عنه واتساقه وباقي الأدلة في الدعوى ، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الصدد يكون لا سند له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور أمر الضبط والإحضار بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الأمر أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعنين في هذا الصدد واطرحته برد كاف وسائغ ، كما أنه لا يعيب الحكم خلوه من تاريخ صدور أمر الضبط والإحضار ما دام أن أياً من الطاعنين لا يدعي في أسباب طعنه سقوط ذلك الأمر ، فإن منعى الطاعنين على الحكم في هذا الخصوص يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان مؤدى ما نصت عليه المادتان ۱۲۶ ، ۱۹۹ من قانون الإجراءات الجنائية أن للنيابة العامة - عندما تباشر التحقيق أن تصدر حسب الأحوال أمراً بحضور المتهم أو بالقبض عليه وإحضاره ، وتقدير الأحوال التي تستوجب ذلك متروك لتقدير المحقق ، ولم يستلزم القانون لإصدار هذا الأمر أن يكون بناء على طلب من مأمور الضبط القضائي أو أن يكون مسبوقاً بتحريات حول شخص المتهم ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالقبض هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، فمتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر القبض وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا معقب عليها فيما ارتأته ولا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان المقرر أن الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من إجراءات فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعنين ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعنين ببطلان اعترافهما لصدوره وليد إكراه معنوي واطرحه سائغاً ، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية عنصراً من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ، وكانت المحكمة غير ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره ، بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن الاعتراف الذي أدلى به الطاعن الثاني ورد نصاً على الاعتراف بالجريمة واطمانت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع ، فلا يغير من إنتاجه عدم اشتماله على نية القتل ، كما وأنه لا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها ، بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج منها المحكمة ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يطلب من المحكمة تحقيقاً معيناً في شأن ما أثير بمذكرة أسباب طعنه من بطلان الاعتراف ، فإنه لا يكون له من بعد - أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعنان من عدم عرضهما على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليهما - بفرض صحته - طالما أنهما لا يدعيان أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ، هذا فضلاً عن أن البين من الأوراق أن أمر النيابة العامة بضبط الطاعنين قد صدر بتاريخ ۲۰۲۲/۸/۳ ونفذ الأمر وحرر محضر الضبط بذات التاريخ في الساعة الحادية عشر والنصف مساءً وعرضا على النيابة العامة التي باشرت معهما التحقيق بتاريخ ۲۰٢٢/٨/٤ في الساعة الثانية صباحاً ، ومن ثم تكون تلك الإجراءات قد تمت وفقاً للقانون ، ولا على الحكم إن لم يعرض الدفاع الطاعنين في هذا الشأن، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، وكان البين من مطالعة الأوراق أن المدافع عن الطاعن الأول وإن كان قد طلب أمام محكمة الموضوع إجراء تحليل البصمة الوراثية لموكله ونجله من المجني عليها الأولى ، إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا في ختام مرافعته والتي اقتصر فيها على طلب البراءة ، ولما كانت تلك الطلبات بهذا النحو غير جازمة ولم يصر عليها الدفاع في ختام مرافعته ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن تلك الطلبات وأغفلت الرد عليها ، فإن ما يثار من دعوى الإخلال بحق الدفاع في هذا الصدد لا يكون له محل ، هذا فضلاً عن أن الطلب الذي لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة ، فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته ، وكان الثابت من أسباب الطعن أن طلب الطاعن الأول سالف الذكر لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو استحالة حصول الواقعة وإنما الهدف منها مجرد التشكيك فيها وإثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة ، ويكون ما يثيره الطاعن الأول في أسباب طعنه في هذا الخصوص غير قويم . لما كان ذلك ، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدي إلى القول بوجود تعارض حقيقي بين مصالحهم ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى أن المحكوم عليهما ارتكبا معاً الجرائم المسندة إليهما واعتبرهما فاعلين أصليين في هذه الجرائم ، كما أنه لم يكن مؤدى أقوال كل منهما على الآخر نفي الاتهام عن نفسه ، وكان القضاء بإدانة أحدهما - كما يستفاد من أسباب الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة الآخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع ، فإنه لا يعيب إجراءات المحاكمة - في خصوص هذه الدعوى - أن تولى الدفاع عن المحكوم عليهما فريق دفاع واحد ، ذلك بأن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهما بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كل منهما أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل ، ومن ثم فإن مظنة الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية . لما كان ذلك ، وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت وعلى من يدعي أنها خولفت إقامة الدليل على ذلك ، وكان من المقرر أن قصور الحكم في بيان درجة قيد المحامي الحاضر مع الطاعن بديباجته لا يعيبه لأنه خارج عن دائرة استدلاله ، كما أن القانون لم يتضمن نصاً يوجب ذكر هذا البيان في محاضر الجلسات ، وكان الطاعنان لم يدعيا أن المحاميين اللذين توليا الدفاع عنهما أمام محكمة الجنايات غير مقبولين للمرافعة أمامها ، فضلاً عن أن أي منهما لم يقدم دليلاً على أن أي من المحاميين اللذين حضرا معهما أمام المحكمة وتوليا الدفاع عنهما في الجناية التي دينا بها غير مقبول للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية ، وكان من المقرر أن المادة ۳۷۷ من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات ، وكان البين من الإفادتين المرفقتين بملف الطعن أن كلاً من المحاميين /الحنفي إسماعيل صالح ، سيد حامد خليل محمد اللذين حضرا مع الطاعنين أمام محكمة الجنايات من المقبولين أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن إجراءات محاكمتهما تكون قد تمت صحيحة ، ومن ثم فإن منعاهما في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعنان لم يكشفا بأسباب طعنهما عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع الجوهرية التي ساقاها أمام المحكمة ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيراه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكانت المادة ۲۰ من قانون العقوبات تنص على أنه : ( يجب على القاضي أن يحكم بالحبس مع الشغل كلما كانت العقوبة المحكوم بها سنة فأكثر ) ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمعاقبة الطاعن الثاني عن جريمة إحراز مخدر الهيروين بالحبس لمدة سنة وتغريمه عشرة آلاف جنيه مع أنه كان يتعين القضاء بالحبس مع الشغل بالتطبيق الأحكام المادة ٢٠ سالفة الذكر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، إلا أنه لما كان الطاعن السالف هو المحكوم عليه ولم تطعن النيابة العامة ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ من المقرر أنه لا يصح أن يضار الطاعن بناء على الطعن المرفوع منه وحده . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجرائم القتل العمد المقترن بجناية القتل العمد وإحراز أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص ، كما دان الطاعن الثاني بجريمتي إحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد التعاطي وسلاح أبيض ( سكين ( دون مسوغ ، إلا أنه أغفل مواد العقاب الجريمتي إحراز الأدوات والسلاحالأبيض والجوهر المخدر ، والتي عاقب بها الطاعنين ، وكان من المقرر أن الخطأ أو إغفال مادة العقاب المنطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه ، وذلك بإضافة المواد ۱ ، ۲ ، ۱/۳۷ ، ١/٤۲ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والمعدل بالقانون ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ ، والبند رقم (۲) من القسم الأول من الجدول رقم (۱) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار رئيس هيئة الدواء المصرية رقم ٦٠٠ لسنة ۲۰۲۳ ، وكذا المادتين رقمي ١/١ ، ٢٥ مكررا / ١ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقانونين رقمي ١٦٥ لسنة ۱۹۸۱ ، ۵ لسنة ۲۰۱۹ ، والبندين رقمي ( ٦ ، ٧ ) من الجدول رقم (۱) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم ١٧٥٦ لسنة ۲۰۰۷ ، وذلك عملاً بالمادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ . لما كان ما تقدم ، فإن طعن المحكوم عليهما برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ثانياً : بالنسبة لعرض النيابة العامة للقضية :

حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة ٤٦ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه الثاني / ..... دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة ٣٤ من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم ۲۳ لسنة ۱۹۹۲ ، كما أنها حملت ما يشير إلى صدورها من السيد الأستاذ / أحمد الخزندار - المحامي العام بنيابة استئناف قنا - إلا أنها ذيلت بتوقيع ثنائي غير مقروء يتعذر نسبته إليه أو إلى غيره ممن يحق لهم ذلك ، ولا يغير من ذلك التأشير من القائم بأعمال المحامي العام الأول عليها بالنظر ؛ إذ إن تلك التأشيرة بمجردها لا تفيد اعتماده لها أو الموافقة عليها ، فضلاً عن أنها بدورها موقعة بتوقيع لا يقرأ يستحيل معه معرفة صاحبه ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد أو توقيع المذكرة بتوقيع غير مقروء بالمخالفة لنص المادة ٣٤ آنفة الذكر بعد تعديلها بالقانون رقم ٧٤ لسنة ۲۰۰۷ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تنقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية

وحيث إنه من المقرر أن المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يحدد شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان ، ولما كان الثابت أن الحكم المعروض بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى النصوص التي أخذ المعروض ضده بها ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون ، فضلاً عن أن ما أورده الحكم المعروض في بيان مضمون اعتراف المحكوم عليه بالإعدام كافياً ودقيقاً كما استوجبه الشارع في المادة المار ذكرها من بيان مضمون الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد برأ من شائبة في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها ، وكان البين من الاطلاع على المفردات أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات واعتراف المعروض ضده بالتحقيقات وما ثبت بتقارير الصفة التشريحية والمعمل الكيماوي والأدلة الجنائية ومعاينة النيابة العامة لمحل الواقعة والمعاينة التصويرية لكيفية ارتكابه والمحكوم عليه الآخر للجريمة له صداه وأصله الثابت بالأوراق ولم يجد الحكم فيما حصله منها وعول عليه عن نص ما أنبأت به أو فحواه ، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم المعروض قالة الخطأ في التحصيل والفساد الاستدلال في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان لما كان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة القتل العمد ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه . وكانت الأدلة التي عول الحكم عليها في الإدانة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من مقارفة المعروض ضده للجريمة التي دانه بها ، ومن ثم فلا محل لما قد يثار بشأن قصور الحكم في التدليل على توافر أركان تلك الجريمة في حقه واستناده إلى فروض تفتقر إلى الدلائل القوية ولا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الباعث على الجرائم ليس ركناً فيها ، ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتداؤه على الظن أو إغفاله جملة ، ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم المعروض في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكانت نية القتل قد تتوافر إثر مشادة وقتية ، فإن الحكم المعروض قد برئ من قالة التناقض بين ما أثبته من توافر نية القتل لدى المعروض ضده وبين ما قاله في معرض نفيه لظرف سبق الإصرار من أن هذه النية قد نشأت لديه إثر المشادة التي حدثت بين والدته والمجني عليهما . لما كان ذلك ، وكان الحكم المعروض قد استظهر ظرف الاقتران في قوله : ( وحيث إنه عن الاقتران ، فإنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة ٢٣٤ من قانون العقوبات أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن . فإذ كان ذلك ، وكان الثابت من ماديات الدعوى أن ما أتاه المتهمان من أفعال من خنق المجني عليها الأولى بقصد قتلها ومن ثم تكون جناية القتل العمد قد توافرت في حقهما ، وما وقع منهما بعد ذلك من الانفراد بالمجني عليها الثانية وكتم أنفاسها وخنقها بقصد قتلها كل ذلك يوفر في حقهما ظرف الاقتران لوقوع الجرائم في مكان واحد وزمن قصير وبفعل مادي مستقل لكل جريمة ، الأمر الذي يتحقق به توافر ظرف الاقتران بين الجنايات الوارد بالفقرة الثانية من المادة ٢٣٤ من قانون العقوبات ) ، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به توافر ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون وبالتالي تغليظ العقاب في جناية القتل العمد عملاً بالفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر ، ويكون الحكم المعروض قد أصاب صحيح القانون في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل أن المحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب ، وكان لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه . وكانت الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، كما أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات واعترافات المتهمين بتحقيقات النيابة العامة وما أسفرت عنه تحريات الشرطة ، فإن ما آثاره دفاع المعروض ضده بجلسة المرافعة الختامية في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود أو اعتراف المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني بل يتلاءم معه ، فإن الحكم المعروض يكون فوق تطبيقه القانون تطبيقا صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني أو الفساد في الاستدلال . لما كان ذلك ، وكان المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها أن تأخذ به متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع ، وأن التناقض بين اعترافات المتهمين - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الاعترافات استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ومن ثم فإن ما قد يثار على الحكم المعروض في هذا الشأن لا يكون له محل ، لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة القتل والحكم بالإعدام على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالإعدام على مرتكب الفعل المستوجب للقصاص دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدي رؤية حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ، ومن ثم فإن الحكم المعروض يكون بريئاً من أية شائبة في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان البين من المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أدلة الثبوت له صداه وأصله الثابت في الأوراق ، ومن ثم فقد انحسر عنه الخطأ في الإسناد والفساد في التدليل . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن المعروض ضده وإن كان قد طلب سماع شهادة شاهدي الإثبات الأول والخامس ، إلا أنه لم يصر عليه في ختام المرافعة أو بالجلسة التي قررت فيها المحكمة إحالة الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية ولم يضمنه طلباته الختامية ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الطلب دون أن تضمن حكمها ردها عليه ؛ لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية ، هذا فضلاً عن أن دفاع المعروض ضده لم يكشف أمام محكمة الموضوع عن الوقائع التي يرغب مناقشة المذكورين فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ، ومن ثم فإن الطلب يغدو طلباً مجهلاً عن سببه ومرماه ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الدفاع إليه ، ولا يغير من ذلك أن تكون المحكمة قد استأجلت الدعوى لسماع هذين الشاهدين ثم عدلت عن قرارها ؛ ذلك لأن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق ، ومن ثم يكون الحكم قد برئ مما يشوبه في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان مفاد نص المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم ١٤ لسنة ۲۰۲۲ الساري على واقعة الدعوى . أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباً هي وجوب دعوة محاميه - إن وجد - لحضور الاستجواب أو المواجهة وإلا وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من المفردات أن المحكوم عليهما - المعروض ضده والمحكوم عليه الآخر - لم يعلنا اسم محاميهما سواء للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابهما بتقرير في قلم الكتاب أو إلى مدير مركز الإصلاح والتأهيل ، هذا فضلاً عن أن النيابة العامة قد اتخذت من جانبها الوسيلة الممكنة لندب أحد السادة المحامين الحضور استجواب سالفي الذكر بأن أرسلت في طلب أحد الأساتذة المحامين من النقابة لحضور استجوابهما ، ولكنها عجزت عن تنفيذ ذلك بسبب غلق النقابة فصار ندب المحامي أمراً غير ممكن فلا تثريب على النيابة إن هي استمرت في استجواب المعروض ضده والمحكوم عليه الآخر ، ولا يعتبر المحقق قد أخطأ في الإجراءات ، إذ المحقق غير ملزم بانتظار المحامي أو تأجيل الاستجواب لحين حضوره والقول بغير ذلك فيه تعطيل للنيابة العامة عن أداء وظيفتها انتظاراً لحضور المحامي الذي يتعذر حضوره أو يتراخى ، ومن ثم فإن استجواب المعروض ضده في تحقيق النيابة من هذه الناحية يكون قد تم صحيحاً في القانون ، لما كان ذلك ، وكان حضور محام مع المعروض ضده أثناء إجراء معاينة النيابة العامة التصويرية غير لازم ، ذلك أن المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية - آنفة البيان خاصة باستجواب المتهم في الحالات وبالشروط المبينة فيها ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد خلا مما يشوبه في هذا الخصوص ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة ؛ لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له - اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى قبل أغراضها - أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه إليه خبرته ، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن محاميين موكلين ترافعا في موضوع الدعوى عن المعروض ضده - والمحكوم عليه الآخر - وأبديا من أوجه الدفاع ما هو ثابت بهذا المحضر ، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ، ومن ثم فإن الحكم المعروض يكون قد سلم من الإخلال بحق الدفاع في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يستوجب توقيع جميع أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم على ورقته ، ويكفي توقيع رئيسها وكاتب الجلسة طبقاً لنص المادة ۳۱۲ من قانون الإجراءات الجنائية ، فضلاً عن أنه من المقرر بأنه لا يلزم في الأحكام الجنائية أن يوقع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته ، بل يكفي أن يُحرر الحكم ويوقعه رئيس المحكمة وكاتبها ، ولا يوجب القانون توقيع أحد من القضاة الذين اشتركوا في المداولة على مسودة الحكم إلا إذا حصل له مانع من حضور تلاوة الحكم عملاً بنص المادة ۱۷۰ من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، ولما كان المعروض ضده لا يماري في أن رئيس الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى واشتركت في المداولة هو الذي وقع على نسخة الحكم الأصلية ، وكان البين من مطالعة الحكم المعروض ومحاضر جلساته أن الحكم تلي من ذات الهيئة التي استمعت للمرافعة واشتركت في المداولة ، فإن الحكم يكون قد سلم من البطلان . لما كان ذلك ، وكانت المادة ۳۸۱ من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت في فقرتها الثانية على أنه : ( لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية .... ) ، ويبين من النص المتقدم وعلى ما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون بشأنه أن الشارع إذ استلزم انعقاد الإجماع عند إصدار الحكم بالإعدام كإجراء منظم لإصداره وشرط لازم لصحته خروجاً على القاعدة العامة في الأحكام من صدورها بأغلبية الآراء إنما كان ذلك تقديراً منه الجسامة الجزاء في عقوبة الإعدام وحرصاً على إحاطتها بضمان إجرائي يكفل أن ينحصر النطق بها في الحالات التي يرجح فيها إلى ما يقرب من اليقين أن تكون مطابقة للقانون ، وكانت المادة السالفة قد أوجبت على محكمة الجنايات أخذ رأي المفتي قبل أن تصدر حكمها بالإعدام ، وكان القصد من إيجاب أخذ رأي المفتي هو إظهار أن المحكمة لم تصدر حكمها بالإعدام إلا بعد أن وقفت على حكم الشرع في القضية ، إلا أنه ليس في القانون ما يوجب على المحكمة أن تبين رأي المفتي أو تفنده ، وكان الثابت من الأوراق أن المحكمة قررت بإجماع آراء أعضائها بجلسة 7 من أغسطس إرسال الأوراق إلى مفتي الجمهورية لاستطلاع الرأي الشرعي بشأن ما نسب للمعروض ضده. وكان البين من مدونات الحكم المعروض أنه أورد مؤدى تقرير مفتي الجمهورية ، ومن ثم يكون الحكم المعروض قد اتبع ما أوجبه القانون في مثل هذه الأحوال . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بالإعدام عنهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة في العقل والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وتمت إجراءات المحاكمة وفقاً لصحيح القانون ، وصدر الحكم بإعدام المعروض ضده بإجماع آراء قضاة المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصداره عملاً بالمادة ۲/۳۸۱ من قانون الإجراءات الجنائية ، وقد خلا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المعروض ضده على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات باعتباره أصلح له ، ولا يغير من ذلك صدور قانون الإجراءات الجنائية الجديد رقم ١٧٤ لسنة ٢٠٢٥ الصادر بتاريخ ۲۰۲۵/۱۱/۱۲ ، والذي يعمل به اعتباراً من أول أكتوبر ٢٠٢٦ وفقاً لما نصت عليه المادة السادسة من مواد إصداره - ونصه في المادة ۲۲ منه على أنه : ( مع عدم الإخلال باختصاصات رئيس الجمهورية في العفو عن العقوبة أو تخفيفها يجوز لورثة المجني عليه أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح في أية حالة كانت عليها الدعوى إلى أن يصدر فيها حكم بات في الجرائم المنصوص عليها في المواد ۲۳۰ ، ۲۳۳ ، ۲۳۴ / " الفقرتين الأولى والثانية " ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ / " الفقرة الأولى " من قانون العقوبات ، ويترتب على الصلح في هذه الحالة تخفيف العقوبة وفقاً لحكم المادة ۱۷ من قانون العقوبات ) ، وكان النص أنف الذكر وإن كان في ظاهره إجرائي إلا أنه يقرر قاعدة موضوعية مفادها تقييد حق الدولة في العقاب بتقريره وجوب تخفيف العقوبة وفقاً لحكم المادة ۱۷ من قانون العقوبات إذا تم التصالح في الجرائم الواردة بالمادة (۲۲) آنفة البيان - ومن بينها الجريمة التي دين بها المعروض ضده - وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح في مفهوم المادة الخامسة من قانون العقوبات ، ومن ثم يسري من يوم صدوره على واقعة الدعوى طالما لم تنته بحكم بات ؛ ذلك أن البين من نص الفقرة الثانية من المادة سالفة البيان في صريح عباراتها وواضح دلالاتها أنها اكتفت لسريان القانون الأصلح للمتهم مجرد صدور القانون حتى ولو أرجئ نفاذه إلى أجل ؛ لأن المشرع استعمل عبارة إذا صدر قانون أصلح للمتهم ، ومن ثم فيجب تطبيقه بمجرد صدوره وبصرف النظر عن التاريخ الذي حدد لسريانه والعمل به ، ولا محل هنا لتطبيق الأصل في قانون العقوبات وهو عدم سريانه إلا من تاريخ العمل به ؛ لأن علة ذلك هو ضمان علم الناس بالقانون قبل مساءلتهم عما تضمنه ، وهي علة غير متوافرة في القانون الأصلح للمتهم الذي يكفي لتطبيقه مجرد صدوره دون حاجة إلى نشره في الجريدة الرسمية أو فوات مدة معينة على هذا النشر - كما هو الحال بالنسبة لقانون الإجراءات الجنائية الجديد - ، إذ إنه متى كان هذا القانون أصلح للمتهم فلا يوجد أي مبرر لتأخير العمل به ، وهو ما أكدته المادة ٩٥ من الدستور بقولها ( .... ، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون ) ، حيث استخدم المشرع الدستوري عبارة " نفاذ القانون " لإمكان تطبيقه على الجرائم اللاحقة على هذا النفاذ ، بينما تحدثت المادة الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات عن صدور قانون لإمكان تطبيقه بأثر رجعي متى كان أصلح للمتهم ، وهو ما يؤكد أن الفارق بين نفاذ القانون وصدوره كان واضحاً في ذهن المشرع وهو يشترط النفاذ لتطبيق القانون بأثر فوري ومباشر، ويكتفي فقط بالإصدار لتطبيقه بأثر رجعي ، ويتفق ذلك مع ما قرره المجلس الدستوري الفرنسي من أنه : ( لا يجوز للمشرع أن يؤخر نفاذ النصوص الجنائية الأصلح للمتهم ) ، وهو ما كان يؤذن لهذه المحكمة محكمة النقض - بتطبيق نص المادة ٢٢ من قانون الإجراءات الجنائية الجديد - سالفة البيان - لمصلحة المعروض ضده باعتباره قانوناً أصلح ، بيد أن هذا القانون وإن أنشأ للمعروض ضده وضعاً أفضل بأن رخص له أن يتفادى الحكم عليه بعقوبة الإعدام - المقررة للجريمة التي دين بها - إذا ما بادر إلى إثبات تصالحه قبل صدور  حكم بات في الدعوى ، إلا أنه لم يقدم ما يفيد إثبات تصالحه أو يطلب أجلاً لذلك ، ولم يمثل ورثة المجني عليهما أو وكيلهم الخاص لإثبات ذلك الصلح إبان نظر الطعن أمام هذه المحكمة ، وإزاء ذلك فإن موجب إعمال النص لم يتحقق ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي انتهت إلى عدم تطبيقه ، ويتعين معه إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / ..... .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : أولاً : بقبول طعن المحكوم عليهما شكلاً وفي الموضوع برفضه

ثانياً : بقبول عرض النيابة العامة للقضية وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / ......

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق