الصفحات

Additional Menu

الاثنين، 15 ديسمبر 2025

الطعن 14342 لسنة 91 ق جلسة 14 / 3/ 2023 مكتب فني 74 ق 28 ص 320

جلسة 14 من مارس سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / مجدي تركي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد أحمد خليفة وسامح صبري نائبي رئيس المحكمة ومحمد سعيد البنا ومحمد رجب عطوان
----------------
(28)
الطعن رقم 14342 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) سلاح . جريمة " أركانها " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
جريمة إحراز سلاح أبيض بدون ترخيص . تحققها بالحيازة المادية للسلاح أياً كانت مدتها أو الباعث عليها . علة ذلك ؟
عدم ضبط السلاح الأبيض . غير قادح في سلامة الحكم . حد ذلك ؟
(3) إثبات " شهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم الأفعال المادية التي أتاها الطاعن في بيانٍ وافٍ يفصح عن دوره في الجريمة وإيراده مؤدى أقوال شاهدي الإثبات جملة واحدة . لا قصور .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها . حسبها إيراد ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه . لها الأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل الدعوى . حد ذلك؟
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
(6) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
تقدير الأدلة من اختصاص محكمة الموضوع . لها حرية تكوين عقيدتها وتجزئة الدليل والأخذ منه بما تطمئن إليه واطراح ما لا تثق به . علة ذلك ؟
للمحكمة أن ترى في أقوال شاهدي الإثبات والضابط مجري التحريات وإقرار المتهمين بالتحقيقات ما يقنعها باقتراف الطاعن لجريمة حيازة وإحراز سلاح أبيض وأداة دون مسوغ قانوني ولا ترى فيها ما يقنعها بارتكابه لجريمة الضرب المفضي إلى الموت .
(7) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعنين بشأن جريمة الضرب المفضي إلى موت . غير مقبول . متى لم يدنهما الحكم بها .
مثال .
(8) دفوع " الدفع ببطلان الإقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
نعي الطاعن بشأن إقراره المدعى بطلانه . غير مقبول . متى لم يعول الحكم في الإدانة على دليل مستمد منه .
إقرار الطاعن لضابط الواقعة . مجرد قول . تقديره موضوعي .
(9) إثبات " إقرار " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الإقرار في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال . تقديره موضوعي . للمحكمة الأخذ به في أي دور من أدوار التحقيق . وإن عدل عنه المتهم بعد ذلك .
نعي الطاعن على الحكم التفاته عن الرد على الدفع ببطلان إقراره بالتحقيقات لكونه وليد إكراه . غير مقبول . متى لم يدفع به أمام محكمة الموضوع . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
(10) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " الدفع بشيوع التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة وشيوع وكيدية الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون .
2- من المقرر أنه يكفي لتحقق جريمة حيازة أو إحراز سلاح أبيض دون ترخيص مجرد الحيازة المادية - طالت أم قصرت - وأياً كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارضٍ أو طارئ ، لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد حيازة أو إحراز السلاح الأبيض دون ترخيص عن علمٍ وإدراك . لما كان ذلك ، وكان لا يقدح في سلامة استدلال الحكم عدم ضبط السلاح الأبيض ما دام أن المحكمة قد اقتنعت من الأدلة السائغة التي أوردتها أن الطاعنين كانا محرزين وحائزين له ، ومن ثم فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم في هذا الصدد غير مقبول .
3- لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى أقوال شاهدي الإثبات في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، كما أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أوردت مؤدى شهادتهما جملة واحدة ثم نسبته إليهما تفادياً للتكرار الذي لا موجب له ، وكان تحصيل المحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن الثاني بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمة التي دانه الحكم بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن سالف الذكر في هذا الخصوص يكون على غير أساس .
4- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها ، وكان تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض .
5- من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد .
6- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يُعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان تقدير الأدلة هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها ، وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال ، إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها ، وليس ما يمنعها بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال شاهدي الإثبات والضابط مجري التحريات وإقرار المتهمين بتحقيقات النيابة العامة ما يقنعها باقتراف الطاعن الأول جريمة حيازة وإحراز سلاح أبيض ( مطواة قرن غزال ) وأدوات ( شوم ) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني ولا ترى في هذه الأدلة ما يقنعها بارتكابه جريمة الضرب المفضي إلى موت والتي قضت المحكمة بتبرئته منها ، ولا يعتبر هذا الذي تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الدليل أو مما يقوم به التناقض في التسبيب .
7- لما كان الحكم لم يدن الطاعنين بجريمة الضرب المفضي إلى موت ، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن اطراح الحكم دفعهما بانقطاع رابطة السببية بين فعلهما والنتيجة الضارة المتمثلة في وفاة المجني عليه ، ودفع الطاعن الأول بانتفاء نية إيذاء المجني عليه ، وأن الواقعة لا تشكل جريمة الضرب المفضي إلى موت أو الضرب البسيط ، وتناقض تقرير الصفة التشريحية مع مناظرة النيابة العامة بشأن إصابة المجني عليه يكون وارداً على غير محل .
8- لما كان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى إقرار الطاعن الأول للضابط على نحو مستقل بل استند إلى ما أقر به للضابط بشأن إحرازه المطواة المضبوطة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن سالف الذكر على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً .
9- من المقرر أن الإقرار في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بإقرار المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى ، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن الأول لم يدفع ببطلان الإقرار الصادر منه بتحقيقات النيابة العامة ولا بأنه كان وليد إكراهٍ أو تهديد ، فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض .
10- لما كان ما يثيره الطاعنان بشأن التفات الحكم عن دفعهما بانتفاء صلتهما بالواقعة ودفع الأول بشيوع وكيدية وتلفيق الاتهام وكذلك إنكاره التهمة المسندة إليه مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... ( طاعن ) 2- .... 3- ..... 4- .... ( طاعن ) بأنهم :-
1- ضربوا عمداً المجني عليه / .... بأن دفعوه فسقط أرضاً ولم يقصدوا من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حازوا وأحرزوا بغير ترخيص سلاحاً أبيض ( مطواة قرن غزال ) وأدوات ( شوم ) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضـت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 30 /1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين ٢٦ لسنة ۱۹۷۸ ، ١٦٥ لسنة ۱۹۸۱ ، ٦ لسنة ۲۰۱۲ ، 5 لسنة 2019 والبندين رقمي ( ٥ ، ٧ ) من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية ١٧٥٦ لسنة ٢٠٠٧ ، أولاً : ببراءة المتهمين مما أسند إليهم بالاتهام الأول ، ثانياً : بمعاقبتهم بالحبس مع الشغل مدة ثلاث سنوات وغرامة خمسمائة جنيه عما أسند لكلٍ منهم في الاتهام الثاني وألزمتهم المصاريف الجنائية وأمرت بمصادرة السلاح الأبيض المضبوط .
فطعن المحكوم عليهما الأول والرابع في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة حيازة وإحراز سلاح أبيض ( مطواة قرن غزال ) وأدوات ( شوم ) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أن أسبابه جاءت قاصرة لا يبين منها واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهما بها ، ولم يورد مؤدى أدلة الإدانة في بيانٍ وافٍ ، ولم يدلل على الجريمة التي دانهما بها بركنيها المادي والمعنوي لا سيما وأنه لم يُضبط بحوزة الطاعن الثاني أي أسلحة أو أدوات ، وتساند في إدانة الطاعن الثاني إلى أقوال شاهدي الإثبات دون إيراد مؤدى أقوالهما في بيانٍ وافٍ ، ولم يبين الأفعال المنسوبة إليه ودوره في الواقعة ، كما عول في إدانتهما على أقوال شاهدي الإثبات رغم عدم معقولية تصويرهما للواقعة وتناقضهما في أقوالهما استدلالاً وتحقيقاً فضلاً عن تناقضهما مع الضابط مجري التحريات ، وتساند إلى تحريات الشرطة رغم عدم جديتها وجهالة مصدرها مطرحاً الدفع بعدم جديتها بردٍ غير سائغ ، ودانت المحكمة الطاعن الأول في تهمة وقضت ببراءته من تهمة أخرى رغم وحدة الأدلة مما يصم تدليل الحكم بالتناقض ، واطرح دون ردّ دفعهما بانقطاع رابطة السببية بين فعلهما والنتيجة الضارة المتمثلة في وفاة المجني عليه ، سيما وأن تقرير الصفة التشريحية أرجع الوفاة إلى الحالة المرضية المتقدمة بالقلب ، والتفت عما دفع به الطاعن الأول من انتفاء نية إيذاء المجني عليه وأن الواقعة لا تشكل جريمة الضرب المفضي إلى موت أو الضرب البسيط ، وتناقض تقرير الصفة التشريحية مع مناظرة النيابة العامة بشأن إصابة المجني عليه ، وبطلان الإقرار المنسوب صدوره منه شفاهةً بمحضر الضبط، وببطلان إقراره بتحقيقات النيابة العامة لصدوره نتيجة إكراه مادي ومعنوي ، وكذلك دفعهما بانتفاء صلتهما بالواقعة وما دفع به الطاعن الأول من شيوع وكيدية وتلفيق الاتهام وإنكاره ما نسب إليه، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، فضلاً عن أنه من المقرر أنه يكفي لتحقق جريمة حيازة أو إحراز سلاح أبيض دون ترخيص مجرد الحيازة المادية - طالت أم قصرت - وأياً كان الباعث عليها ولو كانت لأمر عارضٍ أو طارئ ، لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد حيازة أو إحراز السلاح الأبيض دون ترخيص عن علمٍ وإدراك . لما كان ذلك ، وكان لا يقدح في سلامة استدلال الحكم عدم ضبط السلاح الأبيض ما دام أن المحكمة قد اقتنعت من الأدلة السائغة التي أوردتها أن الطاعنين كانا محرزين وحائزين له ، ومن ثم فإن نعي الطاعن الثاني على الحكم في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى أقوال شاهدي الإثبات في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ، كما أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أوردت مؤدى شهادتهما جملة واحدة ثم نسبته إليهما تفادياً للتكرار الذي لا موجب له ، وكان تحصيل لمحكمة للواقعة في حدود الدعوى المطروحة قد جاء وافياً في شأن بيان الأفعال المادية التي أتاها الطاعن الثاني بما يفصح عن الدور الذي قام به في الجريمة التي دانه الحكم بها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن سالف الذكر في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها ، وكان تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى وهو من إطلاقاتها ولا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يُعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان تقدير الأدلة هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها ، وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها ولها تجزئة الدليل المقدم لها وأن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال، إذ مرجع الأمر في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها ، وليس ما يمنعها بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال شاهدي الإثبات والضابط مجري التحريات وإقرار المتهمين بتحقيقات النيابة العامة ما يقنعها باقتراف الطاعن الأول جريمة حيازة إحراز سلاح أبيض ( مطواة قرن غزال ) وأدوات ( شوم ) مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني ولا ترى في هذه الأدلة ما يقنعها بارتكابه جريمة الضرب المفضي إلى موت والتي قضت المحكمة بتبرئته منها ، ولا يعتبر هذا الذي تناهى إليه الحكم افتئاتاً منه على الدليل أو مما يقوم به التناقض في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يدن الطاعنين بجريمة الضرب المفضي إلى موت ، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن اطراح الحكم دفعهما بانقطاع رابطة السببية بين فعلهما والنتيجة الضارة المتمثلة في وفاة المجني عليه ، ودفع الطاعن الأول بانتفاء نية إيذاء المجني عليه ، وأن الواقعة لا تشكل جريمة الضرب المفضي إلى موت أو الضرب البسيط ، وتناقض تقرير الصفة التشريحية مع مناظرة النيابة العامة بشأن إصابة المجني عليه يكون وارداً على غير محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى إقرار الطاعن الأول للضابط على نحو مستقل بل استند إلى ما أقر به للضابط بشأن إحرازه المطواة المضبوطة في غير الأحوال المصرح بها قانوناً فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن سالف الذكر على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإقرار في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بإقرار المتهم في أي دور من أدوار التحقيق متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع وإن عدل عنه في مراحل أخرى ، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن الأول لم يدفع ببطلان الإقرار الصادر منه بتحقيقات النيابة العامة ولا بأنه كان وليد إكراهٍ أو تهديد ، فلا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن التفات الحكم عن دفعهما بانتفاء صلتهما بالواقعة ودفع الأول بشيوع وكيدية وتلفيق الاتهام وكذلك إنكاره التهمة المسندة إليه مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق