جلسة 2 من ديسمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / خالد الحادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / وائل الشيمي ويوسف عبد الفتاح نائبي رئيس المحكمة ومحمد الوكيل وخالد الطاهر .
-----------------
(108)
الطعن رقم 796 لسنة 93 القضائية
(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب " حق التأديب " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
التأديب المباح شرعاً . ماهيته ؟
تعدي الطاعن على ابنته بالضرب وجذبها من شعرها وإحداث إصابتها . تجاوز لحدود التأديب المباح ويوجب عقابه عن جريمة الضرب . التزام الحكم هذا النظر . صحيح .
(2) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " .
تقدير توافر علاقة السببية في المواد الجنائية . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال .
(4) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة بشأن وصف التهمة . جدل في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الحقيقية لواقعة الدعوى . إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
(5) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن على الحكم إدانته عن جريمتي الاحتجاز دون وجه حق والضرب رغم تبرئته من جريمة الخطف . غير مقبول . علة ذلك ؟
(7) احتجاز بدون أمر أحد الحكام . ضرب " ضرب بسيط " . دعوى جنائية " تحريكها " . دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمتا الاحتجاز بدون أمر أحد الحكام والضرب . ليستا من الجرائم التي يتوقف رفع الدعوى فيها على شكوى . علة ذلك ؟
الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول .
نعي الطاعن على الحكم بشأن بطلان القبض عليه . غير مقبول . متى لم يتساند في الإدانة إلى دليل مستمد منه .
(8) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن بشأن جريمة لم يدنه الحكم بها . غير مقبول .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التأديب المباح شرعاً لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسراً أو جرحاً ولا يترك أثراً ولا ينشأ عنه مرض ، فإذا ضرب الوالد ابنته وجذبها من شعرها ويدها فأحدث إصابتها الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، فإنه يكون قد تجاوز حدود التأديب المباح وحقّ عليه القضاء بالعقوبة المقررة لجريمة الضرب البسيط ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون ما يثار في هذا الخصوص غير سديد.
2- لما كان لا ينال من سلامة الحكم اطراحه المستندات الرسمية التي تساند إليها الطاعن للتدليل على صحة دفاعه ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون غير سديد .
3- من المقرر أن إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه - من قيام الطاعن بالتعدي على المجني عليها بالضرب فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الطبي الشرعي ما يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بهذه الإصابات ارتباط السبب بالمُسبب ، لأنه لولا الضرب لما حدثت تلك الإصابات ، ومن ثم فإن النعي في هذا المنحى يكون غير سديد .
4- لما كان الدفاع لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا تجوز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، فضلاً عن أن هذا القول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة من مصادرها المتاحة في الأوراق وتقدير الأدلة القائمة في الدعوى وفقاً لما تراه وهي أمور لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض .
5- لما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما كافياً وسائغاً ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان ما أثبته الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي الاحتجاز والضرب كما هما معرفتان به في القانون ، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنهما على الرغم من تبرئته من الخطف لاختلاف أركان كل من تلك الجرائم .
7- لما كانت الجريمتان اللتان عوقب عنهما الطاعن بمقتضى نص المادتين 242/ 1 ، ۲۸۰ من قانون العقوبات ليستا من عداد الجرائم المشار إليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى بشأنها على شكوى ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة ، فلا يسوغ له أن يدعي أمر هذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في الإدانة على دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله .
8- لما كان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعن بجريمة السرقة ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل ، ويضحى طلب الطاعن بضم المفردات في هذا الشأن غير ذي جدوى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :-
1- خطف المجني عليها / .... وكان ذلك بالقوة والإكراه بأن أغواه طمعه مستغلاً سلطانه وضعفها فقام بالذهاب إلى مسكنها والتعدي عليها ضرباً محدثاً إصاباتها الموصوفة بتقرير الطبي الشرعي وقام بجذبها عنوة وخطفها إلى مسكنه لإبعادها عن مكان إقامتها ومأمنها على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حجز المجني عليها سالفة الذكر دون أمر أحد الحكام المختصين وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً بأن قام بحبسها داخل إحدى غرف مسكنه وغلق الأبواب عليها مانعاً حرية تحركها وعاقبها بالتعذيبات البدنية محدثاً إصاباتها الموصوفة بتقرير الطبي الشرعي على النحو المبين بالتحقيقات .
3- ضرب المجني عليها سالفة الذكر فأحدث بها إصاباتها بالعين اليسرى والساقين الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أعجزتها عن أشغالها الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 242 /1 ، 280 من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة 32/2 من ذات القانون ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أُسند إليه بالتهمتين الثانية والثالثة ، وبراءته من التهمة الأولى .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاحتجاز بدون وجه حق ودون أمر من أحد الحكام المختصين بذلك والضرب البسيط قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ؛ ذلك بأنه اطرح بما لا يسوغ دفعه بانعدام مسئوليته لتوافر الحق المقرر له في التأديب عملاً بالمادة ٦٠ من قانون العقوبات ، ملتفتاً عن المستندات المقدمة منه تأييداً لذلك الدفع ، وجاء تدليله على توافر رابطة السببية بين الأفعال المسندة إليه وإصابات المجني عليه الثابتة بالتقرير الطبي غير سائغ ، وأن الواقعة لا تعدو أن تكون مشاجرة وإيذاءً خفيفاً بالمادة 377/9 من قانون العقوبات ، وخلت الأوراق من دليل على إدانته ، ودانه الحكم بجريمتي الاحتجاز والضرب رغم أنه قضى ببراءته من تهمة الخطف ، فضلاً عن أن النيابة العامة باشرت التحقيق في الدعوى دون تقديم شكوى من المجني عليها ، وبطلان ما تبع ذلك من تحقيقات مع الطاعن والقبض عليه وما تلاه من إجراءات ، وأخيراً يطلب الطاعن ضم المفردات للاطلاع على أقوال المجني عليها لاتهامها الطاعن بسرقة هاتفها المحمول ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التأديب المباح شرعاً لا يجوز أن يتعدى الضرب البسيط الذي لا يحدث كسراً أو جرحاً ولا يترك أثراً ولا ينشأ عنه مرض ، فإذا ضرب الوالد ابنته وجذبها من شعرها ويدها فأحدث إصابتها الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، فإنه يكون قد تجاوز حدود التأديب المباح وحقّ عليه القضاء بالعقوبة المقررة لجريمة الضرب البسيط ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويكون ما يثار في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه المستندات الرسمية التي تساند إليها الطاعن للتدليل على صحة دفاعه ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه - من قيام الطاعن بالتعدي على المجني عليها بالضرب فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الطبي الشرعي ما يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بهذه الإصابات ارتباط السبب بالمُسبب ، لأنه لولا الضرب لما حدثت تلك الإصابات ، ومن ثم فإن النعي في هذا المنحى يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الدفاع لم يثر شيئاً بخصوص وصف التهمة أمام محكمة الموضوع فلا تجوز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، فضلاً عن أن هذا القول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة من مصادرها المتاحة في الأوراق وتقدير الأدلة القائمة في الدعوى وفقاً لما تراه وهي أمور لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجريمتين اللتين دين بهما كافياً وسائغاً ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي الاحتجاز والضرب كما هما معرفتان به في القانون ، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنهما على الرغم من تبرئته من الخطف لاختلاف أركان كل من تلك الجرائم . لما كان ذلك ، وكانت الجريمتان اللتان عوقب عنهما الطاعن بمقتضى نص المادتين 242/1 ، ۲۸۰ من قانون العقوبات ليستا من عداد الجرائم المشار إليها في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية والتي يتوقف رفع الدعوى بشأنها على شكوى ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة ، فلا يسوغ له أن يدعي أمر هذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا إلى أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يعول في الإدانة على دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعن بجريمة السرقة ، فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل ، ويضحى طلب الطاعن بضم المفردات في هذا الشأن غير ذي جدوى . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق