بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 20-03-2024 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 150 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
م. ا. ل. ا.
مطعون ضده:
ه. ك. ا. ك.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/2368 استئناف تجاري بتاريخ 14-12-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه السيد القاضي المقرر/ محمد السيد النعناعي، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوي رقم 267 لسنة 2022 تجاري كلي علي المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ وقدره 100,000,000 دولار أمريكي " مائة مليون دولار أمريكي " ما يعادل مبلغ وقدره 370,000,000 درهم " ثلاثمائة وسبعون مليون درهم إماراتي " كتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بها من جراء خطأ الأخيرة. وقالت بيانا لدعواها أنه بموجب اتفاقية التوزيع المؤرخة 1-3-2004 أسندت المطعون ضدها إليها توزيع وترويج وبيع منتجاتها من معدات البناء التي تحمل العلامة التجارية الخاصة بها "هيونداي" داخل أراضي دولة الإمارات العربية المتحدة وقد قامت بتسجيل نفسها كوكيل تجاري عنها لدي وزارة الاقتصاد وبدأت بتوزيع المنتجات المذكورة وإعداد الورش بغرض أعمال الصيانة لها وبعد تحقيقها مبيعات وأرباح كبيرة فوجئت بامتناع المطعون ضدها عن تزويدها بقطع الغيار ومعدات جديدة والغاء طلبات الشراء المدفوعة مسبقا ومنعها من الدخول في أية مناقصات جديدة لبيع المعدات كما قامت بإلغاء الوكالة التجارية دون مبرر وقبل إخطار لجنة الوكالات التجارية بذلك الأمر مما حدا بها إلي التقدم ضدها بالشكوى رقم 43 لسنة 2018 لدي لجنة الوكالات التجارية والتي أصدرت قرارها بثبوت المخالفة وتوجيه الطاعنة باللجوء إلي القضاء للمطالبة بأية مستحقات لها ثم قامت المطعون ضدها بتقديم شكوي ضدها لدي لجنة الوكالات التجارية قيدت تحت رقم 44 لسنة 2018 ادعت فيها أن الطاعنة لم تبذل الجهد اللازم في سوق دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2016/2017 وهو ما ترتب عليه وجود خسائر فادحة وطلبت شطب الوكالة التجارية رقم " 9018 " وتعيين خبير لتقدير الأضرار والخسائر التي لحقت بها وبعد فحص هذه الشكوى أصدرت اللجنة المذكورة قرارها برفض طلب شطب الوكالة لعدم ثبوت أي خطأ في جانب الطاعنة ورغم ذلك قامت بالطعن علي هذا القرار بالدعوي رقم 286 لسنة 2019 إداري كلي أبوظبي وقد قضي فيها بتأييد القرار المطعون فيه وتأيد هذا القضاء بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 216 لسنة 2019 استئناف إداري أبوظبي ومن ثم فقد أقامت الدعوي للحكم لها بالطلبات السابقة. وبتاريخ 28-9-2022 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2368 لسنة 2022 تجاري، وبتاريخ 14-12-2022 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوي لدي هذه المحكمة بتاريخ الاثنين 19-1- 2023 طلبت فيها نقضه، وقدم محامي المطعون ضدها مذكرة بالدفاع طلب فيها رفض الطعن، والمحكمة في غرفة مشورة رأت أن الطعن جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم علي أربعة أسباب تنعي بها الطاعنة علي الحكم المطعون فيه مخالفة الفانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع و القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض إذ أيد قضاء الحكم الابتدائي بعدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم بمقولة أن الاتفاقية سند الدعوي تعتبر عقد توزيع حصري وليست عقد وكالة تجارية ويسري علي النزاع المثار بشأنها شرط التحكيم الوارد بها وبأن المطعون ضدها لم تتنازل عن هذا الشرط علي الرغم من أنها تمسكت في دفاعها بأن هذه الاتفاقية عقد وكالة تجارية ويخضع لقانون تنظيم الوكالات التجارية وتعديلاته وليس عقد توزيع وهو ما يترتب عليه بطلان هذا الشرط باعتبار أنه وفقا لحكم المادة السادسة من القانون رقم 18 الصادر في 1981 بشأن الوكالات التجارية المعدل تكون محاكم الدولة هي المختصة بنظر أي نزاع أو دعاوى ناشئة عن الوكالات التجارية وأن أي اتفاق يخالف ذلك يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً وأن نص المادة الثامنة من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم قد اشترط لإعمال شرط التحكيم أن يكون هذا الشرط صحيحاً وكان شرط التحكيم الوارد باتفاقية الوكالة التجارية سند الدعوي قد جاء علي خلاف القاعدة المتعلقة بالنظام العام الواردة بقانون الوكالات التجارية سالفة البيان التي قصرت نظر النزاع المتعلق بالوكالة التجارية علي محاكم الدولة فأنه لا يمكن إعمال هذا الشرط هذا فضلا عن أن تقدم المطعون ضدها بالشكوى رقم 44 لسنة 2018 أمام لجنة الوكالات التجارية ضد الطاعنة بطلب شطب اتفاقية الوكالة التجارية سند الدعوي وقيامها بالطعن علي قرار اللجنة الصادر برفض هذا الطلب بالدعوي رقم 286 لسنة 2019 إداري كلي أبو ظبي والذي اعتبر أن عقد النزاع هو وكالة تجارية تسري عليه أحكام قانون رقم 18 لسنة 1981 بشأن تنظيم الوكالات التجارية وتعديلاته وانتهي إلي تأييد قرار اللجنة واستئنافها هذا الحكم بالاستئناف رقم 216 لسنة 2019 استئناف إداري أبو ظبي وكذا رفعها الدعوي رقم 106 لسنة 2022 أمام دائرة الأمور المستعجلة الأولى بمحكمة أبو ظبي الاتحادية الابتدائية ضد الطاعنة ووزارة الاقتصاد بطلب السماح لها بإدخال وتوريد قطع الغيار اللازمة لإمداد عملاءها ولإصلاح وصيانة وتشغيل جميع المعدات الموجودة داخل الدولة والقيام بأعمال الصيانة والإصلاح لجميع المعدات موضوع اتفاقية التوزيع لجميع عملائها داخل الدولة واستئنافها للحكم الصادر في تلك الدعوي بالاستئناف رقم 107 لسنة 2022 أمام محكمة أبو ظبي الاتحادية الاستئنافية بما كان يتعين علي محكمة الموضوع الالتزام بما ورد بهذه الأحكام التي تفيد أن الاتفاقية سند الدعوي في حقيقتها عقد وكالة تجارية وبأن إقامة المطعون ضدها للدعاوي القضائية سالفة البيان يعني أنها تنازلت عن شرط التحكيم الوارد باتفاقية الوكالة سند الدعوي وإذ خالف حكمها المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك انه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن لمحكمة الموضوع السلطة في تكييف العقد والتعرف على ما قصده المتعاقدان منه، وأن العبرة في ذلك هو بحقيقة الواقع وليس بما يسبغه الخصوم عليه من أوصاف غير صحيحة، وهو ما تستخلصه المحكمة من الواقع المطروح في الدعوى مستعينة بظروفها وملابساتها، وهي تخضع في ذلك عند تكييفها للعقد وتطبيق حكم القانون عليه لرقابة محكمة التمييز، ومن المقرر ان عقد الوكالة التجارية ـ وفقاً للمواد 1 و 4 و 5 من القانون الاتحادي رقم 18 لسنة 1981 بشأن تنظيم الوكالات التجارية المعدل بالقانون رقم 14 لسنة 1988 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ هو اتفاق بين الموكل الأصلي ـ الذي قد يكون منتجاً أو صانعاً في الداخل أو الخارج أو مصدراً أو موزعاً حصرياً معتمداً من المنتج بشرط ألا يزاول المنتج اعمال التسويق بنفسه ـ وبين الوكيل مباشرة لتمثيله في توزيع أو بيع أو عرض أو تقديم سلعه أو خدمه داخل منطقة الوكالة، وبمقتضى هذا العقد تثبت للوكيل ولاية التصرف فيما يتناوله التوكيل دون ان يجاوز حدوده، وأنه وفقاً للمادة 227 من قانون المعاملات التجارية يعتبر في حكم وكالة العقود عقد التوزيع الذي يلتزم فيه التاجر بترويج وتوزيع منتجات منشأه صناعيه أو تجاريه في منطقه معينه بشرط أن يكون هو الموزع الوحيد لها مما مفاده انه يجوز ان يبرم عقد توزيع حصري خلافا لعقد الوكالة التجارية الذي يتعين ان يستوفي الشروط المنصوص عليها في قانون تنظيم الوكالات التجارية المتقدم ذكره؛ وفي حالة الاخلال بالالتزامات الناشئة عن عقد التوزيع الحصري يحق للطرف المتضرر ان يقيم دعواه للقضاء له بالتعويض عما أصابه من ضرر، ومن المقرر وعلي ما جري به قضاء هذه المحكمة أن القانون لم يمنح لجنة الوكالات التجارية سلطة الفصل في النزاع بقرار يحسمه، ومن ثم فان القرار الصادر من هذه اللجنة لا يكتسب الحجية المانعة للخصوم من التناضل في النزاع الناشئ بسبب الوكالة التجارية أمام المحاكم العادية، وكانت العبرة في تكييف الدعوى ليست بما يصفها بها الخصوم بل مما تتبينه المحكمة من وقائع الدعوى، ومن تطبيق القانون عليها وإعطائها وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح، ولا يعد ذلك تغييرا منها لسبب الدعوى الذي لا تملكه من تلقاء نفسها، ومن المقرر أيضا من المقرر انه وان كان يجوز للخصم أن يتنازل عن التمسك بشرط التحكيم صراحة أو ضمنا إلا أنه يشترط في هذا التنازل الضمني أن يكون بفعل أو إجراء يكشف عنه بجلاء ويدل على العزوف عنه بما لا يدع مجالا للشك في اتجاه إرادته إلى التنازل عن ذلك الشرط وترك الحق في التمسك به ، وان استخلاص هذا التنازل أو نفيه هو من سلطة محكمة الموضوع بما لها من سلطة في تقدير الأدلة والقرائن والمستندات المقدمة إليها والموازنة بينها بلا معقب عليها من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفى لحمل قضائها في هذا الخصوص ومن المقرر كذلك أنه إذا لم يتفق المتعاقدان في العقد الأساسي أو في مشارطة التحكيم على اختصاص المحكم أو المحكمين باتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية أو بالمسائل المستعجلة فإن اتفاقهما على التحكيم بشأن النزاع حول تفسيره أو تنفيذ العقد المبرم بين الطرفين لا يخول هيئة التحكيم السلطة أو الاختصاص بالفصل في تلك الإجراءات أو هذه المسائل ولا يحول دون التجاء الخصوم بشأنها إلى المحاكم للأمر بها أو الفصل فيها باعتبارها صاحبة الولاية العامة والاختصاص الأصيل فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي بعدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم وبرفض دفاع الطاعنة بتنازل المطعون ضدها علي هذا الشرط علي ما أورده بمدوناته من أن (( الثابت ان المستأنفة (المدعية) قد ارتبطت بالمستأنف ضدها (المدعي عليها) بعقد وكالة توزيع حصري مؤرخة 1\3\2004 بمقتضاها تم تعيين المستأنفة موزعاً حصرياً لكافة منتجات المستأنف ضدها التي تمتلك العلامة التجارية (هيونداي) داخل الامارات العربية المتحدة دون الانتاج أو التصنيع علي النحو الموضح تفصيلا بأحكام تلك الاتفاقية وقد نصت المادة 227 من قانون المعاملات التجارية على أنه ((يعتبر في حكم وكـالة العقود وتسرى عليه أحكام المواد(220) و (225) و (226) عقد التوزيع الذي يلتزم فيه التاجر بترويج وتوزيع منتجات منشأة صناعية أو تجارية في منطقة معينة بشرط أن يكون هو الموزع الوحيد لها)) وعلى ذلك فإن هذه الاتفاقية تعتبر عقد توزيع حصري, وليست عقد وكالة تجارية, وكان البين من البند رقم (25) قد أورد خضوع العقد من حقوق والتزامات لقوانين دولة سويسرا , كما أورد البند رقم (26) من الاتفاقية قد تضمن انه من اجل تسوية النزاعات بين الطرفين بشكل فعال ومجد وباقل تكاليف واضرار يوافق الطرفين علي تسوية نزاعاتهم وكافة نزاعات الطرفين المتعلقة او الناتجة عن العقد او ابرامه او الأداء او اية خروقات متعلقة بالعقد يتم تسويتها عن طريق التحكيم علي النحو الموضح تفصيلا بهذا البند, ومن ثم يكون الطرفين قد اتفقا صراحة علي إحالة أي منازعة فيما يخص العقد الي التحكيم, وقد تمسكت المستأنف ضدها بهذا الاختصاص امام محكمة اول درجة وقبل ابدائها لأي دفاع موضوعي في الدعوي وفق نص المادة 8 من القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 بشأن التحكيم ولم تطعن المستأنفة علي ذلك الشرط بثمة مطعن سوي القول بان هذا الشرط باطلا لمخالفته للنظام العام لمخالفته قاعدة امرة نصت عليها المادة السادسة من القانون رقم 18 الصادر في 1981 بشأن الوكالات التجارية والتي عقدت الاختصاص لمحاكم الدولة بنظر أي نزاع ينشأ عن تنفيذه بين الموكل والوكيل ولا يعتد بأي اتفاق يخالف ذلك, فان ذلك القول مردود حيث ان المحكمة قد انتهت وعلي نحو ما تقدم بان العقد سند العلاقة بين الطرفين هو عقد توزيع حصري وليس عقد وكالة تجارية وبالتالي فهي لا تخضع لأحكام القانون سالف البيان, فضلا عن ان نص المادة 226 من قانون المعاملات التجارية مفاده أنه ينظم الاختصاص المكاني للمحاكم في شأن وكالة العقود بتحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع الناشئ عن عقد وكالة العقود فيكون الاختصاص لمحكمة محل تنفيذ العقد خروجاً على القواعد الواردة في قانون الإجراءات المدنية ولا شأن لهذا النص بتوزيع الاختصاص الولائي بين قضاء الدولة وقضاء التحكيم الذى يتم اللجوء إليه بموجب شرط التحكيم المتفق عليه فيما بين الخصوم بدلاً من إقامة الدعوى أمام المحكمة المختصة كما ان ما تمسكت به المستأنفة من تقديم المستأنف ضدها لشكوي لدي لجنة الوكالات واقامتها لدعوي مستعجلة فان ذلك لا يعني صراحة نزولها عن شرط التحكيم وترك الحق في التمسك به واختصاص محاكم الدولة بنظر النزاع لكون إقامة دعوي مستعجلة في حقيقتها دعوي اثبات حالة وليست دعوي موضوعية بما يستفاد منها النزول الضمني عن الاختصاص, ومن ثم فان المحكمة تري ان الحكم المستأنف قد التزم صحيح القانون حين قضي بعدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم متعينا والحال كذلك رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف لأسبابه ولأسباب هذه المحكمة)) وهي أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق وتتفق وصحيح حكم القانون وتؤدي إلي ما انتهي إليه الحكم المطعون فيه من تكييف صحيح للعقد سند الدعوى يتفق وحقيقة الواقع وما قصده المتعاقدان منه وما رتبه علي ذلك من عدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف يكون علي غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وإلزام الطاعنة المصروفات، ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التامين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق