الصفحات

Additional Menu

الأحد، 1 يونيو 2025

الطعن 21172 لسنة 87 ق جلسة 1 / 7 / 2020 مكتب فني 71 ق 60 ص 514

جلسة الأول من يوليو سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / أبو بكر البسيوني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الرازق ، إبراهيم عوض ولقمان الأحول نواب رئيس المحكمة ووليد العزازي .
----------------
(60)
الطعن رقم 21172 لسنة 87 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
خلو إحدى مذكرات أسباب الطعن من بيان المطاعن الموجهة لقضاء الحكم . أثره ؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها في بيان وافٍ . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها . المادة 310 إجراءات جنائية .
(3) قصد جنائي . بيئة .
القصد الجنائي في جريمة استيراد نفايات خطرة . توافره بعلم الحائز بأن ما يتداوله من النفايات الخطرة المحظور استيرادها . عدم التزام المحكمة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن . حد ذلك ؟
(4) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه .
ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها . اختلافهم في بعض التفصيلات . لا يغير من هذا النظر . علة ذلك ؟
(5) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش . موضوعي .
اقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره . صحيح . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(6) مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمأمور الضبط القضائي المنتدب لتنفيذ إذن التفتيش تخير الظرف والوقت المناسبين لتنفيذه . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) عقوبة " تطبيقها " . بيئة .
قضاء الحكم بعقوبة لا تزيد عن النطاق المقرر بالمادة 88 من القانون 4 لسنة 1994 . صحيح . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .
(8) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
(9) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(10) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع غيره . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشهود إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به . حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه واطراح ما عداه . لها الأخذ بأقوالهم في أي مرحلة من مراحل التحقيق دون بيان العلة .
(11) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن . موضوعي . مجادلة المحكمة في اطمئنانها لتقرير اللجنة المشكلة لفحص الأجهزة مشمول الرسالة . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) بيئة . جريمة " أركانها " .
النفايات الخطرة طبقاً للمادة الأولى بند تسعة عشر من القانون 4 لسنة 1994 . ماهيتها ؟
جريمة استيراد النفايات الخطرة . مناط تحققها ؟
نعي الطاعن بشأن خروج نشاطه باستيراد أجهزة طبية ملوثة بالدماء ومن مخلفات العمليات عن التأثيم . غير مقبول . علة وأساس ذلك ؟
(13) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
اطمئنان المحكمة إلى أن المضبوطات التي تم ضبطها هي التي صار فحصها وللنتيجة التي انتهى إليها الفحص . أثره ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز .
(14) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(15) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
الدفع بنفي التهمة وعدم معقولية الواقعة . موضوعي . لا يستأهـل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر حاجة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(16) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
نعي الطاعن على المحكمة قعودها عن الرد على دفاعه باحتمال دس المضبوطات وعدم انبساط سلطانه عليها والذي لم يتمسك به أمامها . غير مقبول .
(17) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(18) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن قيام المحكمة بفض الحرز دون بيان مضمونه ومؤداه بحكمها . غير مقبول . ما دام الثابت إيرادها له بمدونات حكمها .
(19) بيئة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
معاقبة الطاعن وفقاً لمواد قانون حماية البيئة 4 لسنة 1994 . صحيح . نعيه خضوع الواقعة لقانون الاستيراد والتصدير . غير مقبول .
(20) محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . بيئة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم تقيد محكمة الموضوع بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . وجوب أن تمحص الواقعة بجميع أوصافها تطبيقاً للقانون على وجهه الصحيح . علة ذلك ؟
استخلاص الحكم صورة الواقعة وانتهاؤه أن الجريمة استيراد نفايات خطرة وليست غشاً . صحيح . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعن قد أودع ست مذكرات بأسباب طعنه الأولى بتاريخ .... والثانية بتاريخ .... والثالثة والرابعة بتاريخ .... والخامسة والسادسة بتاريخ .... بيد أن المذكرة الأخيرة الموقعة من الأستاذ / .... قد خلا أصلها كما خلت صورها من بيان المطاعن الموجهة إلى قضاء الحكم ، ومن ثم تكون معدومة الأثر في الخصومة ، وتلتفت عنها هذه المحكمة .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من البيان الجمركي وتقرير جهاز شئون البيئة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها سرد مضمونها ومؤداها في بيان وافٍ وكافٍ ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استندت إليها المحكمة في إدانة الطاعن ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
3- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة استيراد نفايات خطرة ، يتوافر بمجرد علم الحائز بأن ما يتداوله من النفايات الخطرة المحظور استيرادها ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن ، فإن ما أوردته في حكمها كافٍ في الدلالة على علم الطاعن بأن ما استورده من النفايات الخطرة ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون سديداً .
4- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها ، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشهود متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة المشهود عليها ، ولا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهم بشأن بعض التفاصيل - على فرض حصوله - ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .
5- لما كان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن وردت على الدفع المثار في هذا الخصوص بما يسوغ ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً .
6- من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي المنتدب لتنفيذ إذن النيابة العامة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ، ما دام أن ذلك يتم خلال المدة المحددة بالإذن ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كانت المادة 88 من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة تنص على أنه " يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على أربعين ألف جنيه كل من خالف أحكام المواد (29)، (32)، (47) من هذا القانون كما يلزم كل من خالف أحكام المادة (32) بإعادة تصدير النفايات الخطرة محل الجريمة على نفقته الخاصة " ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على الطاعن بعقوبة لا تزيد عن نطاق الحد المقرر المذكور في المادة 88 سالفة البيان - خلافاً لما يزعمه الطاعن - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يكون قويماً .
8- لما كان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البين من الحكم أنه اعتنق صورة واحدة للواقعة ، فإن دعوى التناقض التي يثيرها الطاعن لا تصادف محلاً من الحكم المطعون فيه .
9- لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطـق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
10- لما كان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه ولم تورد تلك التفصيلات على نحو تركن به إليها في تكوين عقيدتها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات كل من الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بأقوالهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق دون بيان العلة ، ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد .
11- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير اللجنة المشكلة لفحص الأجهزة مشمول الرسالة والتي انتهت إلى أنها تعد من ضمن النفايات الخطرة ويحظر استيرادها من الخارج ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض .
12- لما كانت المادة الأولى من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 قد أوردت في بندها التاسع عشر ماهية النفايات الخطرة من أنها مخلفات الأنشطة والعمليات المختلفة أو رمادها المحتفظة بخواص المواد الخطرة التي ليس لها استخدامات تالية أصلية أو بديلة مثل النفايات الإكلينيكية من الأنشطة العلاجية والنفايات الناتجة عن تصنيع أي من المستحضرات الصيدلية والأدوية أو المذيبات العضوية أو الأحبار والأصباغ والدهانات ، وكانت المادة 32 من القانون المذكور في فقرتها الأولى تحظر استيراد النفايات الخطرة أو السماح بدخولها أو مرورها في أراضي جمهورية مصر العربية ، وكان قرار وزير الصحة والسكان رقم 669 لسنة 2015 بشأن استبدال القوائم المرفقة بالقرار الوزاري رقم 192 لسنة 2001 والخاصة بالمواد الناتجة عن نشاط المنشآت الصحية قد ضمن قوائم النفايات الخطرة المرفقة نفايات الأجزاء وبقايا الأعضاء البشرية والحيوانية ، والنفايات المعدية ، والنفايات الكيماوية التي تتولد من كافة الأقسام بالمنشآت الصحية ، وعلى الأخص من المعامل (المختبرات) وحجرات العمليات والرعاية الحرجة والمركزة والصيدليات وعنابر وغرف المرضى والعيادات بما فيها عيادات الأسنان .... ، وكان ما قام به الطاعن هو استيراد أجهزة طبية ملوثة بالدماء ومن مخلفات العمليات وهو من صور الأفعال المؤثمة التي عددتها المادة الأولى ، وحظر المشرع القيام بها بالمادة ۳۲ من قانون البيئة ، وكان الاستيراد هو ذلك العمل المادي الذي يقوم به المستورد وتتوافر به أركان هذه الجريمة يتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المستورد بماهية الرسالة وأنها من النفايات الخطرة التي يحظر القانون استيرادها ، فإن ما يقول به الطاعن من أن نشاطه خارج عن التأثيم لا يكون سديداً ، ويضحى منعاه في هذا الشأن غير مقبول .
13- لما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المضبوطات التي تم ضبطها هي ذات المضبوطات التي تم فحصها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهت إليها اللجنة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها .
14- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن وجه بطلان القبض عليه بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول .
15- من المقرر أن نفي التهمة وعدم معقولية الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهـل رداً طالماً كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقـر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المضبوطات تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء معين في هذا الخصوص فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم ترَ هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود .
16- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع الاتهام المسند إليه بما يثيره في طعنه من احتمال دس المضبوطات وعدم انبساط سلطانه عليه ، وكان من المقرر أنه لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة أنها أغفلت الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل .
17- من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه المستندات الرسمية والتي تساند إليها الطاعن للتدليل على استحالة حدوث الواقعة كما صورها شهود الإثبات ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
18- لما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة بتاريخ .... أن المحكمة قامت بفض الحرز المحتوي على المحررات بعد التأكد من سلامة الأختام في حضور الطاعن والمدافع عنه واطلع عليها الدفاع وقد ترافع بعد ذلك في الدعوى ثم صدر الحكم المطعون فيه وأورد بمدوناته مضمون المحررات ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
19- لما كانت الوقائع التي رفعت بها الدعوى على الطاعن وعوقب عنها إنما يحكمها بحق قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 المعدل والذي أنزل الحكم بموجبه العقاب على الطاعن ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم قد صادف هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويستقيم به الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص .
20- من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً ، ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى غير مقيدة بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة إليها ، بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تبين من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة ، هذا فضلاً عن أن وصف النيابة لا يعدو أن يكون إيضاحاً عن وجهة نظرها ، فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى التي استمدها من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمام المحكمة على بساط البحث وانتهى إلى أن الجريمة استيراد نفايات خطرة وليس الغش ، ودانه عن هذا الفعل على هذا الأساس ، فإنه لم يتعد بذلك الحق المخول له بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية ، ذلك أن ما انتهى إليه من تعديل للوصف لم يتضمن تحويراً في كيان الواقعة أو بنيانها القانوني أو إسناد أفعال للمتهم غير التي رفعت بها الدعوى ، إذ إن التغيير المحظور عليه هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها الدعوى ، والثابت أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة وتناولتها التحقيقات والتي كانت مطروحة بالفعل على المحكمة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به والذي دارت على أساسه المرافعة ، ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابـة العامة الطاعن بأنه :
1- استورد مواداً تعد من قبيل النفايات الخطرة ( أجهزة طبية مستعملة وملوثة مما تضر بصحة الإنسان) دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهات الإدارية المختصة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
2- استورد أجهزة طبية مستعملة وملوثة المبينة بالأوراق مغشوشة مع علمه بذلك على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ أ بند 19 ، 32 /1 ، 88 ، 101 من القانون رقم 4 لسنة 1994 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009 ، والمادة 25 /3 من اللائحة التنفيذية للقانون السالف ، وقرار وزير الصحة رقم 192 لسنة 2001 ، بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ عشرين ألف جنيه وبإعادة تصدير النفايات الخطرة محل الجريمة الأجهزة الطبية على نفقته الخاصة وألزمته المصاريف الجنائية ، وذلك بعد أن عدلت المحكمة وصف الاتهام بأنه : - استورد أجهزة ومعدات طبية مستعملة وقديمة ملوثة بالدماء ومن مخلفات العمليات والتي تعتبر من النفايات الخطرة الضارة بصحة الإنسان على النحو المبين بالتحقيقات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن أودع ست مذكرات بأسباب طعنه الأولى بتاريخ .... والثانية بتاريخ .... والثالثة والرابعة بتاريخ .... والخامسة والسادسة بتاريخ .... بيد أن المذكرة الأخيرة الموقعة من الأستاذ / .... قد خلا أصلها كما خلت صورها من بيان المطاعن الموجهة إلى قضاء الحكم ، ومن ثم تكون معدومة الأثر في الخصومة ، وتلتفت عنها هذه المحكمة .
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة استيراد نفايات خطرة محظور استيرادها ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه صيغ في عبارات عامة مجملة لم تتضمن الأسباب التي تطلبها القانون ، ولم يبين مؤدى الأدلة التي عول عليها في الإدانة ، ولم يدلل على توافر أركان الجريمة بركنيها المادي والمعنوي والقصد الجنائي ، ولم يورد مضمون أقوال الشاهد الرابع مكتفياً في بيانها بالإحالة إلى ما أورده من أقوال الشاهد الثالث رغم اختلاف الوقائع التي شهدا عليها ، ورد بما لا يسوغ على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددها ، والتراخي في تنفيذ الإذن ، وأورد بمدوناته خطأً أن العقوبة الواردة بالمادة ۸۸ من القانون رقم 4 لسنة 1994 السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ، وتناقض في الصورة التي ارتسمت في وجدانه عن الواقعة مع ما انتهى إليه من قضاء ، واعتنق صورة للواقعة لا تتفق والعقل والمنطق ، وعول في الإدانة على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها مع بعضها وتعدد رواياتهم ، واستند إلى التقرير الفني رغم أنه بُني على الظن والتخمين دون أن يوضح السبل الفنية التي اتخذها للوقوف على النتائج التي انتهى إليها ودون أن يتم عرض الأجهزة المضبوطة على معامل التحليل الكيميائي بمصلحة الطب الشرعي وإجراء تحليل معملي لما عليها من دماء ، ودانه رغم أن ما قام باستيراده لا يعد من النفايات الخطرة وينأى عن التأثيم الوارد بالفقرة التاسعة عشر من المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1994 ، ولم يعرض إيراداً ورداً على دفوعه باختلاف الأحراز التي تم فحصها بمعرفة اللجنة المشكلة من جهاز حماية شئون البيئة عن المتحفظ عليها ، وبطلان إجراءات الضبط والإحضار ، وعدم معقولية تصور حدوث الواقعة ومنازعته في صورتها دون إجراء تحقيق لإمكان دسها عليه ، ودون أن يعرض لما قدمه الطاعن من مستندات رسمية ، واكتفت المحكمة بفض حرز المستندات المضبوطة والاطلاع عليها دون أن تورد بحكمها مضمونها ومؤداها ، وأخطأ الحكم حين قضى بإدانته وفقاً لنصوص مواد قانون حماية البيئة رغم أن التكييف القانوني للواقعة يخضع لقانون الاستيراد والتصدير واللائحة التنفيذية الصادرة له ، وانتهى إلى استبعاد الاتهام الثاني الوارد بوصف النيابة العامة من استيراد أجهزة مغشوشة ثم عاد وأورد لدى تحصيله لواقعة الدعوى وأدلة الثبوت ما يفيد بأنها منتهية الصلاحية بما مؤداه خضوعها لقانون الغش ، كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من البيان الجمركي وتقرير جهاز شئون البيئة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها سرد مضمونها ومؤداها في بيان وافٍ وكافٍ ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استندت إليها المحكمة في إدانة الطاعن ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة استيراد نفايات خطرة ، يتوافر بمجرد علم الحائز بأن ما يتداوله من النفايات الخطرة المحظور استيرادها ، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن ، فإن ما أوردته في حكمها كافٍ في الدلالة على علم الطاعن بأن ما استورده من النفايات الخطرة ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحها لها ، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشهود متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة المشهود عليها ، ولا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهم بشأن بعض التفاصيل - على فرض حصوله - ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة العامة على تصرفها في هذا الشأن وردت على الدفع المثار في هذا الخصوص بما يسوغ ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمأمور الضبط القضائي المنتدب لتنفيذ إذن النيابة العامة بالتفتيش تخير الظرف المناسب لإجرائه بطريقة مثمرة وفي الوقت الذي يراه مناسباً ، ما دام أن ذلك يتم خلال المدة المحددة بالإذن ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة 88 من القانون رقم 4 لسنة 1994 بشأن البيئة تنص على أنه " يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على أربعين ألف جنيه كل من خالف أحكام المواد (29)، (32)، (47) من هذا القانون كما يلزم كل من خالف أحكام المادة (32) بإعادة تصدير النفايات الخطرة محل الجريمة على نفقته الخاصة " ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى على الطاعن بعقوبة لا تزيد عن نطاق الحد المقرر المذكور في المادة 88 سالفة البيان - خلافاً لما يزعمه الطاعن - فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان البين من الحكم أنه اعتنق صورة واحدة للواقعة ، فإن دعوى التناقض التي يثيرها الطاعن لا تصادف محلاً من الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطـق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الــذى تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه ولم تورد تلك التفصيلات على نحو تركن به إليها في تكوين عقيدتها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات كل من الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بأقوالهم في أية مرحلة من مراحل التحقيق دون بيان العلة ، ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير اللجنة المشكلة لفحص الأجهزة مشمول الرسالة والتي انتهت إلى أنها تعد من ضمن النفايات الخطرة ويحظر استيرادها من الخارج ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في ذلك ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المادة الأولى من قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 قد أوردت في بندها التاسع عشر ماهية النفايات الخطرة من أنها مخلفات الأنشطة والعمليات المختلفة أو رمادها المحتفظة بخواص المواد الخطرة التي ليس لها استخدامات تالية أصلية أو بديلة مثل النفايات الإكلينيكية من الأنشطة العلاجية والنفايات الناتجة عن تصنيع أي من المستحضرات الصيدلية والأدوية أو المذيبات العضوية أو الأحبار والأصباغ والدهانات ، وكانت المادة 32 من القانون المذكور في فقرتها الأولى تحظر استيراد النفايات الخطرة أو السماح بدخولها أو مرورها في أراضي جمهورية مصر العربية ، وكان قرار وزير الصحة والسكان رقم 669 لسنة 2015 بشأن استبدال القوائم المرفقة بالقرار الوزاري رقم 192 لسنة 2001 والخاصة بالمواد الناتجة عن نشاط المنشآت الصحية قد ضمن قوائم النفايات الخطرة المرفقة نفايات الأجزاء وبقايا الأعضاء البشرية والحيوانية ، والنفايات المعدية ، والنفايات الكيماوية التي تتولد من كافة الأقسام بالمنشآت الصحية ، وعلى الأخص من المعامل (المختبرات) وحجرات العمليات والرعاية الحرجة والمركزة والصيدليات وعنابر وغرف المرضى والعيادات بما فيها عيادات الأسنان ... ، وكان ما قام به الطاعن هو استيراد أجهزة طبية ملوثة بالدماء ومن مخلفات العمليات وهو من صور الأفعال المؤثمة التي عددتها المادة الأولى ، وحظر المشرع القيام بها بالمادة ۳۲ من قانون البيئة ، وكان الاستيراد هو ذلك العمل المادي الذي يقوم به المستورد وتتوافر به أركان هذه الجريمة يتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المستورد بماهية الرسالة وأنها من النفايات الخطرة التي يحظر القانون استيرادها ، فإن ما يقول به الطاعن من أن نشاطه خارج عن التأثيم لا يكون سديداً ، ويضحى منعاه في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المضبوطات التي تم ضبطها هي ذات المضبوطات التي تم فحصها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهت إليها اللجنة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في مسألة واقعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمى إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً له ورداً عليه ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن وجه بطلان القبض عليه بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفى التهمة وعدم معقولية الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهـل رداً طالماً كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقـر فى عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المضبوطات تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها فى الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلى ، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء معين في هذا الخصوص فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم ترَ هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع الاتهام المسند إليه بما يثيره في طعنه من احتمال دس المضبوطات وعدم انبساط سلطانه عليه ، وكان من المقرر أنه لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة أنها أغفلت الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم اطراحه المستندات الرسمية والتي تساند إليها الطاعن للتدليل على استحالة حدوث الواقعة كما صورها شهود الإثبات ، ذلك أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة بتاريخ .... أن المحكمة قامت بفض الحرز المحتوى على المحررات بعد التأكد من سلامة الأختام في حضور الطاعن والمدافع عنه واطلع عليها الدفاع وقد ترافع بعد ذلك في الدعوى ثم صدر الحكم المطعون فيه وأورد بمدوناته مضمون المحررات ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت الوقائع التي رفعت بها الدعوى على الطاعن وعوقب عنها إنما يحكمها بحق قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 المعدل والذي أنزل الحكم بموجبه العقاب على الطاعن ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم قد صادف هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويستقيم به الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً ، ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى غير مقيدة بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة إليها ، بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تبين من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة ، هذا فضلاً عن أن وصف النيابة لا يعدو أن يكون إيضاحاً عن وجهة نظرها ، فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى التي استمدها من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمام المحكمة على بساط البحث وانتهى إلى أن الجريمة استيراد نفايات خطرة وليس الغش ، ودانه عن هذا الفعل على هذا الأساس ، فإنه لم يتعد بذلك الحق المخول له بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية ، ذلك أن ما انتهى إليه من تعديل للوصف لم يتضمن تحويراً في كيان الواقعة أو بنيانها القانوني أو إسناد أفعال للمتهم غير التي رفعت بها الدعوى ، إذ إن التغيير المحظور عليه هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها الدعوى ، والثابت أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة وتناولتها التحقيقات والتي كانت مطروحة بالفعل على المحكمة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به والذي دارت على أساسه المرافعة ، ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق