جلسة 28 من نوفمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / نبيه زهران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد الخولي ، محمد عبد الحليم ووائل أنور نواب رئيس المحكمة وأشرف خيري .
---------------------
(111)
الطعن رقم 2072 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) سرقة . قصد جنائي . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
القصد الجنائي في جريمة السرقة . ماهيته ؟
تحدث الحكم عن نية السرقة استقلالاً . غير لازم . حد ذلك ؟
مثال .
(3) أمر الإحالة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إدانة الحكم الطاعنين بذات الجريمة الواردة بأمر الإحالة . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .
(4) قانون " تفسيره " . تلبس . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " .
المادتان 37 و 38 إجراءات جنائية . مفادهما ؟
اقتياد الأهالي الطاعنين إلى مأمور الضبط القضائي عقب مشاهدتهما متلبسين بالسرقة . تعرض مادي يقتضيه واجبهم في التحفظ على المتهمين . استناد الحكم لهذا النظر رداً على الدفع ببطلان القبض عليهما . صحيح .
توافر مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة . كفايته لقيام حالة التلبس .
تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس . موضوعي . حد ذلك ؟
(5) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . شروع . سرقة . دفوع " الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية . استثناء يجب قصره على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها دون سواها ولو كانت مرتبطة . جرائم الشروع في السرقة لا يتوقف رفع الدعوى الجنائية عنها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص .
إثارة الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
(6) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . حد ذلك ؟
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفاع الموضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته مما أورده الحكم من أدلة الثبوت على نسبة الجريمة للطاعنين . تعقبهما في جزئيات دفاعهما . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
مثال .
(9) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعنين بخلو الأوراق مما يفيد انقطاع التيار الكهربائي . غير مقبول . ما دام الحكم لم يدنهما بجريمة إتلاف خط كهرباء .
(10) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير الدليل . موضوعي .
إيراد الحكم أدلة مؤدية لثبوت مقارفة الطاعنين للجريمة التي دانهما بها . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبولة . علة ذلك ؟
مثال .
(12) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
مثال .
(13) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم ضبط الأدوات المستعملة في الجريمة . لا يقدح في سلامة الحكم . حد ذلك ؟
(14) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثارة الطاعنين الدفع بانتفاء صلتهما بالواقعة وعدم ضبطهما على مسرح الجريمة لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها . غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأقام عليها في حقهما أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى وإيرادها لمضمونها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، مما يكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد .
2- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه ، ولما كان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لديه ، وكان التحدث عن نية السرقة استقلالاً في الحكم أمراً غير لازماً ما دامت الواقعة الجنائية كما أثبتها تفيد بذاتها أن المتهم إنما قصد من فعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الشروع في سرقة المهمات والأدوات الكهربية المملوكة لشركة .... بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد .
3- لما كان يبين من الاطلاع على الجريمة التي وردت بأمر الإحالة وهي الشروع في سرقة المهمات والأدوات المملوكة لشركة .... هي ذاتها التي دانهما الحكم عليها - خلافاً لما يزعمه الطاعنان - ولم يدنهما بالجرائم التي أشارا إليها بمذكرة الأسباب .
4- من المقرر أن المادتين 37 ، 38 من قانون الإجراءات الجنائية أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي من آحاد الناس أو من رجال السلطة العامة تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور ضبط قضائي في الجنايات أو الجنح التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس على حسب الأحوال ، متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس ، وتقتضي هذه السلطة – على السياق المتقدم – أن يكون لآحاد الناس أو رجال السلطة العامة التحفظ على المتهم وجسم الجريمة الذي شاهده معه أو ما يحتوي على هذا الجسم بحسبان ذلك الإجراء ضرورياً ولازماً للقيام بالإجراء الذي استنه القانون وذلك كيما يسلمه إلى مأمور الضبط القضائي . لما كان ذلك ، وكان ما فعله الأهالي بوصفهم آحاد الناس من اقتياد الطاعنين بعد ارتكابهما واقعة السرقة إلى مأمور الضبط القضائي ومن إبلاغه بما وقع منهما لا يعدو - في صحيح القانون – أن يكون مجرد تعرض مادي يقتضيه واجبهم في التحفظ على المتهم بعد أن شاهدوا جريمة السرقة في حالة تلبس ، وكان يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه انتهى إلى قيام هذه الحالة استناداً إلى ما أورده في هذا الخصوص – على النحو المتقدم – من عناصر سائغة لا يماري الطاعنان في أن لها معينها من الأوراق ، وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع دون معقب عليها ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً – على السياق المتقدم – إلى رفض الدفع ببطلان القبض ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله .
5- لما كان الأصل أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها دون سواها ولو كانت مرتبطة ، وكانت جرائم الشروع في السرقة ليست من الجرائم التي عُدت حصراً في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية عنها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند من القانون ، هذا فضلاً أن البين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا بما يثيراه في طعنهما من عدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي صفة ، فلا يجوز لهما من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات ، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هوالحال في الدعوى الراهنة - وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع السرقة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعتهما حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث ، فإن ما يثيره الطاعنان من تناقضها مع ما جاء بأقوال الشهود ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
8- لما كان ما يثيره الطاعنان بشأن أن الأسلاك المضبوطة متداولة بالأسواق ويمكن لأي شخص تملكها ، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا يستأهل من الحكم رداً ، إذ الرد مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعنين ، ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن في غير محل .
9- لما كان لا جدوى مما يثيره الطاعنان بشأن خلو الأوراق من إخطار يفيد انقطاع التيار الكهربائي ، كون الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنين جريمة إتلاف خط كهرباء المترتب عليه انقطاعها ولم يدنهما بها ، ومن ثم فإن ما يثيراه في غير محله .
10- من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين لجريمة الشروع في السرقة التي دينا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
11- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثرا شيئاً عن اختلاف الكابلات المضبوطة عن التي تم عرضها على النيابة العامة ، فلا يجوز لهما من بعد أن يثيرا ذلك أمام محكمة النقض ؛ لما هو مقرر من أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض ، نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا المقام لا يكون مقبولاً .
12- لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعنين اقتصر في مرافعته على النعي على النيابة العامة عدم سؤال المدعو .... ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، فلا يحل لهما من بعد أن يثيرا شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ، ويكون منعاهما في هذا الشأن غير سديد .
13- من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه عدم ضبط الأدوات التي استعملت في الجريمة ؛ ذلك لأنه ما دام أن الحكم قد اقتنع من الأدلة السائغة التي أوردها بأن الطاعنين كانا يحملان أدوات استعملاها في الجريمة وهو ما يكفي للتدليل على توافرها في حقهما ولو لم تضبط تلك الأشياء ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه لا يكون له محل .
14- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يثر شيئاً عما ذهب إليه بوجه طعنهما من انتفاء صلتهما بها وعدم ضبطهما على مسرح الجريمة ، فلا يسوغ لهما أن يثيرا مثل هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولا يقبل منهما النعي على المحكمة إغفال الرد على دفاع لم يثر أمامها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :
شرعا في سرقة المهمات والأدوات المملوكة لشركة كهرباء .... ( كابلات كهربائية ) والمعدة للاستعمال في مرفق توصيل التيار الكهربائي التي أنشأتها الحكومة على النحو المبين بالأوراق .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/1 ، 46/2-3 ، 316 مكرر ثانياً (أ) من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أُسند إليه من اتهام .
فطعن الأستاذ / .... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الشروع في سرقة مهمات معدة للاستعمال في توصيل التيار الكهربائي " كابلات كهربائية " مما رخص في إنشائه لمنفعة عامة قد شابه قصور في التسبيب ، وفساد في الاستدلال ، وأخطأ في تطبيق القانون ، فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه صيغ في عبارات عامة وغامضة وخلا من بيان الأدلة التي عول عليها في الإدانة ولم يستظهر الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة رغم انتفائها ، ودانهما بجريمة غير التي أوردها أمر الإحالة ، واطرح بما لا يسوغ دفعهما ببطلان القبض عليهما لانتفاء التلبس وصفة الضبط القضائي عن القائم بضبطهما ، وكان يتعين على المحكمة القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ، وعول على أقوال الشهود التي لا تجدي في إثبات ارتكابهما للجريمة وتناقضها بما يبعث على الشك فيها خاصة وأن أياً منهم لم يشاهد الواقعة والطاعنان على مسرحها بما ينبئ بتلفيق الاتهام ، واستند على تحريات المباحث رغم دفعهما بعدم جديتها وتناقضها مع أقوال الشهود ، كما أن الكابلات التي تم ضبطها متداولة بالأسواق ، وخلت الأوراق من أي إخطار يفيد انقطاع الكهرباء ومن أي دليل على إدانتهما ، فضلاً عن اختلاف الكابلات المضبوطة عن التي تم عرضها على النيابة من حيث الطول ، ولم تقم النيابة العامة بسؤال شاهد الإثبات القائم على الضبط ، وأخيراً دانهما الحكم رغم عدم ضبط الأدوات المستخدمة في الواقعة وانتفاء صلتهما بها وعدم ضبطهما بمسرح الجريمة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأقام عليها في حقهما أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى وإيرادها لمضمونها على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، مما يكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجاني وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير من غير رضاء مالكه ، ولما كان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لديه ، وكان التحدث عن نية السرقة استقلالاً في الحكم أمراً غير لازماً ما دامت الواقعة الجنائية كما أثبتها تفيد بذاتها أن المتهم إنما قصد من فعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية الشروع في سرقة المهمات والأدوات الكهربية المملوكة لشركة .... بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على الجريمة التي وردت بأمر الإحالة وهي الشروع في سرقة المهمات والأدوات المملوكة لشركة .... هي ذاتها التي دانهما الحكم عليها - خلافاً لما يزعمه الطاعنان - ولم يدنهما بالجرائم التي أشارا إليها بمذكرة الأسباب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المادتين 37 ، 38 من قانون الإجراءات الجنائية أجازتا لغير مأموري الضبط القضائي من آحاد الناس أو من رجال السلطة العامة تسليم وإحضار المتهم إلى أقرب مأمور ضبط قضائي في الجنايات أو الجنح التي يجوز فيها الحبس الاحتياطي أو الحبس على حسب الأحوال ، متى كانت الجناية أو الجنحة في حالة تلبس ، وتقتضي هذه السلطة – على السياق المتقدم – أن يكون لآحاد الناس أو رجال السلطة العامة التحفظ على المتهم وجسم الجريمة الذي شاهده معه أو ما يحتوي على هذا الجسم بحسبان ذلك الإجراء ضرورياً ولازماً للقيام بالإجراء الذي استنه القانون وذلك كيما يسلمه إلى مأمور الضبط القضائي . لما كان ذلك ، وكان ما فعله الأهالي بوصفهم آحاد الناس من اقتياد الطاعنين بعد ارتكابهما واقعة السرقة إلى مأمور الضبط القضائي ومن إبلاغه بما وقع منهما لا يعدو - في صحيح القانون – أن يكون مجرد تعرض مادي يقتضيه واجبهم في التحفظ على المتهم بعد أن شاهدوا جريمة السرقة في حالة تلبس ، وكان يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر خارجية تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة ، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه انتهى إلى قيام هذه الحالة استناداً إلى ما أورده في هذا الخصوص – على النحو المتقدم – من عناصر سائغة لا يماري الطاعنان في أن لها معينها من الأوراق ، وكان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع دون معقب عليها ما دامت الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً – على السياق المتقدم – إلى رفض الدفع ببطلان القبض ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن القيد الوارد على حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إنما هو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره وقصره في أضيق نطاق على الجريمة التي خصها القانون بضرورة تقديم الشكوى عنها دون سواها ولو كانت مرتبطة ، وكانت جرائم الشروع في السرقة ليست من الجرائم التي عُدت حصراً في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية التي يتوقف رفع الدعوى الجنائية عنها على شكوى المجني عليه أو وكيله الخاص ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند من القانون ، هذا فضلاً أن البين من محضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا بما يثيراه في طعنهما من عدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها من غير ذي صفة فلا يجوز لهما من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع السرقة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعتهما حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لمحكمة الموضوع ، وكان للمحكمة متى اقتنعت بسلامة هذه التحريات وصحتها أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بها باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عُرضت على بساط البحث ، فإن ما يثيره الطاعنان من تناقضها مع ما جاء بأقوال الشهود ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن أن الأسلاك المضبوطة متداولة بالأسواق ويمكن لأي شخص تملكها ، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا يستأهل من الحكم رداً إذ الرد مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها وصحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة ونسبتها إلى الطاعنين ، ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن في غير محل ، هذا فضلاً أنه لا جدوى مما يثيراه بشأن خلو الأوراق من إخطار يفيد انقطاع التيار الكهربائي ، كون الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنين جريمة إتلاف خط كهرباء المترتب عليه انقطاعها ولم يدنهما بها ، ومن ثم فإن ما يثيراه في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين لجريمة الشروع في السرقة التي دينا بها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثرا شيئاً عن اختلاف الكابلات المضبوطة عن التي تم عرضها على النيابة العامة ، فلا يجوز لهما من بعد أن يثيرا ذلك أمام محكمة النقض ؛ لما هو مقرر من أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض ، نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا المقام لا يكون مقبولاً . لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعنين اقتصر في مرافعته على النعي على النيابة العامة عدم سؤال المدعو .... ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص ، فلا يحل لهما من بعد أن يثيرا شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ، ويكون منعاهما في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يقدح في سلامة الحكم المطعون فيه عدم ضبط الأدوات التي استعملت في الجريمة ؛ ذلك لأنه ما دام أن الحكم قد اقتنع من الأدلة السائغة التي أوردها بأن الطاعنين كانا يحملان أدوات استعملاها في الجريمة وهو ما يكفي للتدليل على توافرها في حقهما ولو لم تضبط تلك الأشياء ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يثر شيئاً عما ذهب إليه بوجه طعنهما من انتفاء صلتهما بها وعدم ضبطهما على مسرح الجريمة ، فلا يسوغ لهما أن يثيرا مثل هذا الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولا يقبل منهما النعي على المحكمة إغفال الرد على دفاع لم يثر أمامها . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق