جلسة 7 من مارس سنة 1991
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة/ عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي.
-----------------
(109)
الطعن رقم 1933 لسنة 55 القضائية
(1) دعوى "تكييف الدعوى". محكمة الموضوع "تكييف الدعوى".
محكمة الموضوع. سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وإعطائها التكييف القانوني الصحيح متى كان استخلاصها سائغاً.
(2، 3، 4) تزوير. دعوى "دعوى التزوير" "الخصوم في الدعوى". "محكمة الموضوع".
2 - تزوير المحرر. إثباته. سبيله. الادعاء بالتزوير بطلب عارض أو بدعوى أصلية إذا لم يكن قد تم الاحتجاج به بعد في دعوى سابقة.
3 - دعوى التزوير الأصلية. وجوب اختصام من بيده المحرر ومن يفيد منه. علة ذلك. تخلف ذلك. أثره.
4 - محكمة الموضوع. وجوب بحثها التزوير المدعى به. مناطه. أن تكون الدعوى مقبولة أمامها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 340 لسنة 1980 مدني دمياط الابتدائية بطلب الحكم برد وبطلان الاستمارة المرفقة بتحقيقات الشكوى الإداري رقم 6761 لسنة 1978 بندر دمياط، وقال بياناً لذلك إن المطعون ضده الأول أثبت في محضر مرفق بهذه الشكوى أن تحرياته السرية دلت على أن الطاعن حرر الاستمارة المشار إليها التي تفيد لياقة من يدعى حمدي عبده عبد الوهاب الطبية لقيادة سيارة خاصة رغم علمه بأن من صدرت له أصم وأبكم وغير لائق طبياً، وإذ كان له الحق في طلب إثبات حدوث تزوير في تلك الاستمارة بعلم المطعون ضده الأول باستبدال صورة شخص سليم أوقع الكشف عليه بصورة من صدرت باسمه الاستمارة فقد أقام الدعوى بطلبه آنف البيان، وبتاريخ 24 فبراير سنة 1981 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة "مأمورية دمياط" بالاستئناف رقم 82 لسنة 13 قضائية. وفي 23 إبريل سنة 1985 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه أقام دعواه بطلب إثبات تزوير الاستمارة الطبية المحررة بمعرفته باسم حمدي عبده عبد الوهاب وإن ذلك تم بعلم وتدخل المطعون ضده الأول أضراراً به وذلك وفقاً للقواعد العامة في القانون واستعمالاً لحق التقاضي وإذ كيف الحكم المطعون فيه الدعوى بناء على فهمه الخاطئ لها بأنها دعوى تزوير أصلية وانتهى تبعاً لذلك إلى القضاء بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة تقيداً بأحكام المادة 59 من قانون الإثبات رغم أن الدعوى في تكييفها الصحيح دعوى إثبات مخالفة ارتكبها المطعون ضده الأول إضراراً به وحجب نفسه بذلك عن نظر موضوع الدعوى وتحقيق أدلة التزوير فيها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي برمته غير سديد ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع أن تعطي الدعوى وصفها الحق وأن تسبغ عليها التكييف القانوني الصحيح بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى متى تقيدت في ذلك بالوقائع والطلبات المطروحة عليها. وكان قانون الإثبات قد قصر الحق في إثبات تزوير المحرر على طريقين إما بطلب عارض يبدى أثناء الخصومة التي يحتج فيها بالمحرر - وفي أية حالة كانت عليها الدعوى - وذلك بالتقرير به بقلم كتاب المحكمة التي تنظرها أو بطريق دعوى أصلية ترفع بالأوضاع المعتادة إذا لم يكن قد تم الاحتجاج بعد بهذا المحرر في دعوى سابقة، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن أقام دعواه بطلب رد وبطلان الاستمارة المرفقة بتحقيقات الشكوى رقم 6761 لسنة 78 إداري - بندر دمياط لتزويرها وعنون صحيفتها بعبارة "دعوى تزوير أصلية" وأشر وكيله على الهامش الأيسر منها بذات العبارة فإن الحكم المطعون فيه إذ وصفها بحسب ما استهدفه الطاعن منها وما طرحه من طلبات ووقائع وأسانيد بأنها دعوى تزوير أصلية فإنه يكون قد أسبغ عليها التكييف القانوني الصحيح، وكان النص في المادة 59 من قانون الإثبات على أنه "يجوز لمن يخشى الاحتجاج عليه بمحرر مزور أن يختصم من بيده ذلك المحرر ومن يفيد منه لسماع الحكم بتزويره ويكون ذلك بدعوى أصلية ترفع بالأوضاع المعتادة...." مفاده أنه يتعين لمن يدعي تزوير محرر بيد آخر ويخشى أن يحاج به أن يرفع دعوى تزوير أصلية عليه وعلى من يفيد منه - حتى لا يحاج أيهما بتزويره في دعوى لم يكن ممثلاً فيها - وإلا كانت غير مقبولة، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بعد أن عرض لأحكام هذه المادة إلى أن المطعون ضدهما ليسا ضمن من توجب المادة اختصامهم في الدعوى فإنه يكون قد صادف صحيح القانون بقضائه بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفه، وإذ كان مناط وجوب أن تعرض محكمة الموضوع لبحث التزوير المدعى به أن تكون الدعوى أمامها مقبولة فإن النعي بهذه الأسباب برمته يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق