الصفحات

الأحد، 6 أبريل 2025

الطعن 18436 لسنة 87 ق جلسة 6 / 1 / 2020 مكتب فني 71 ق 3 ص 21

جلسة 6 من يناير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / مصطفى محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نادي عبد المعتمد أبو القاسم ، عباس عبد السلام ، إبراهيم فؤاد وأسامة محمود نواب رئيس المحكمة .
----------------
(3)
الطعن رقم 18436 لسنة 87 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
عدم التقرير بالطعن بالنقض . أثره : عدم قبوله شكلاً . علة ذلك ؟
(2) حكم " بيانات التسبيب " .
عدم رسم القانون شكلاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(3) اتفاق . فاعل أصلي . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " .
الاتفاق . ماهيته ؟
للقاضي الاستدلال على الاتفاق بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه .
إثبات اتفاق الطاعن وآخر على جريمة الضرب المفضي إلى الموت . كفايته لاعتبارهما فاعلين أصليين بها .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي " . دفوع " الدفع بانتفاء حالة الدفاع الشرعي " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي . شرط ذلك ؟
حق الدفاع الشرعي . شرع لرد الاعتداء بالحيلولة بين من يباشره وبين الاستمرار فيه . مؤداه ؟
التفات الحكم عن الدفع بانتفاء حالة الدفاع الشرعي . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(6) رابطة السببية . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
علاقة السببية في المواد الجنائية . ماهيتها ؟
تقدير توافر علاقة السببية . موضوعي . حد ذلك ؟
مسئولية الطاعن عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو بطريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه . شرط ذلك ؟
تدليل سائغ على توافر رابطة السببية في جريمة ضرب مفضي إلى الموت .
(7) ظروف مخففة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الأصل في الأحكام أن تحمل على الصحة .
تفسير منطوق الحكم ما أجملته أسبابه عن إعمال المادة 17 عقوبات لأحد المحكوم عليهما دون الآخر . صحيح .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الثابت من الإفادة الصادرة من نيابة .... أن المحكوم عليه لم يقرر بالطعن بالنقض ، فإن عدم تقريره بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ، فلا تتصل به محكمة النقض ، ولا يغني عنه تقديم أسباب له ، ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم يكون ما يرمي به الطاعن الحكم من قصور لا محل له .
3- من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه ، لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته يعد كافياً في استظهار اتفاق الطاعن والمحكوم عليه الثاني على ضرب المجني عليه من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين في جناية الضرب المفضي إلى الموت ويرتب بينهما في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية سواء عُرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يعرف ، وهو ما لم يخطئه الحكم ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت لأقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة أنها في صورتها الحقيقية لا تعدو أن تكون واقعة ضرب أفضى إلى موت أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها - على النحو الذي ذهب إليه بأسباب الطعن - ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي ترتبت عليها ، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه ، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول الاعتداء فعلاً على المدافع أو غيره أو ماله ، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم بمدوناته من أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس أو الغير أو المال بل كان معتدياً حين اعتدى بالضرب هو والمحكوم عليه الثاني على المجني عليه لا لدفع اعتداء وقع عليه صحيحاً في القانون ، ومن ثم فإن ما استخلصه الحكم ينفي حالة الدفاع الشرعي ، ويكون الدفع المبدى من الطاعن بتوافر حالة الدفاع الشرعي دفع ظاهر الفساد وبعيداً عن محجة الصواب لا على المحكمة إن هي التفتت عنه ، ومن ثم يكون النعي في هذا الشأن غير سديد .
6- من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه والمحكوم عليه الآخر تعديا بالضرب على المجني عليه محدثين إصابته في رأسه ويده اليسرى واليمنى وبطنه ، ودلل على توافر رابطة السببية بين هذه الإصابات والوفاة بما أثبته تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه بكدمة بالرأس والكتف الأيمن تحدث من المصادمة بجسم راض وإصابته بجرح طعني نافذ بالبطن يحدث من الطعن باستخدام نصل آلة حادة وتُعزى الوفاة إلى الإصابة الطعنية بالبطن بما يجعل الطاعن مسئولاً في صحيح القانون عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية وهو ما لا سند له بالأوراق ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول .
7- لما كان الأصل في الأحكام أن تحمل على الصحة ، وكان ما قاله الحكم المطعون فيه في أسبابه إجمالاً عن إعمال المادة 17 من قانون العقوبات قد فسره في منطوقه بأنه يشمل المحكوم عليه الثاني فحسب دون الطاعن ، وهذا التفسير لا يجافي المنطق ولا يناقضه في شيء ما سبقه ، ولا تثريب على الحكم إذا خصص في منطوقه ما كان قد أجمله في أسبابه ، ومن ثم يكون الحكم قد برأ من قالة الخطأ في تطبيق القانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما 1- ضربـا عمداً المجني عليه / .... بأن ضربه الأول في بطنه بسلاح أبيض ( سكين ) وضربه الثاني بأداة ( شومة ) فأحدثا به إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ولم يقصدا من ذلك قتلاً إلا أن الضرب أفضى إلى موته على النحو المبين بالتحقيقات . 2- أحدثا ضرباً بالمجني عليه / .... بأن ضرباه بواسطة الأدوات محل الاتهام الثاني على عدة مواضع في جسده وترتب على ذلك عجزه عن أداء أعماله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً على النحو المبين بالأوراق . 3- حازا وأحرزا سلاحاً أبيض دون ترخيص ( سكين ) وأداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص ( شومة ) دون مسوغ من ضرورة شخصية أو حرفية .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى ورثة المجني عليه / .... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236 /1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرر/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبندين رقمي (6 ، 7) من الجدول الأول ، مع إعمال نص المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبة الأول بالسجن المشدد خمس سنوات ، ومعاقبة الثاني بالحبس مع الشغل سنتين عما أسند إليهما وألزمتهما بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وألزمتهما مصروفات الدعويين المدنية والجنائية .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : عن الطعن المقام من المحكوم عليه الثاني / .... :-
حيث إن الثابت من الإفادة الصادرة من نيابة .... أن المحكوم عليه لم يقرر بالطعن بالنقض ، فإن عدم تقريره بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ، فلا تتصل به محكمة النقض ، ولا يغني عنه تقديم أسباب له ، ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً .

ثانياً : عن الطعن المقام من المحكوم عليه الأول / .... :-
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلى الموت والضرب البسيط وحيازة وإحراز أداة تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بدون مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه جاء في عبارة قاصرة خلت من إيراد واقعة الدعوى وظروفها في بيان واف تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ، ولم يستظهر توافر الاتفاق بينه والطاعن الثاني على ارتكاب الجريمة ، كما عول على أقوال شهود الإثبات رغم تناقضها بشأن تفصيلات حدوث الواقعة بما ينبئ عن أن الواقعة في حقيقتها لا تعدو أن تكون واقعة قتل خطأ ، والتفتت المحكمة عن دفعيه بتوافر حالة الدفاع الشرعي ، وبانتفاء علاقة السببية بين الفعل والنتيجة لتعمد المجني عليه تجسيم المسئولية بالإهمال في العلاج إيراداً ورداً ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم يكون ما يرمي به الطاعن الحكم من قصور لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، فمن حق القاضي أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج والقرائن التي تتوافر لديه ، لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته يعد كافياً في استظهار اتفاق الطاعن والمحكوم عليه الثاني على ضرب المجني عليه من نوع الصلة بين المتهمين والمعية بينهما في الزمان والمكان وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههما جميعاً وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهما قصد قصد الآخر في إيقاعها بالإضافة إلى وحدة الحق المعتدى عليه ، ويصح من ثم طبقاً للمادة 39 من قانون العقوبات اعتبارهما فاعلين أصليين في جناية الضرب المفضي إلى الموت ويرتب بينهما في صحيح القانون تضامناً في المسئولية الجنائية سواء عُرف محدث الضربات التي ساهمت في الوفاة أو لم يعرف ، وهو ما لم يخطئه الحكم ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى ، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أن تناقض الشاهد وتضاربه في أقواله أو مع أقوال غيره من الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت لأقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة أنها في صورتها الحقيقية لا تعدو أن تكون واقعة ضرب أفضى إلى موت أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها - على النحو الذي ذهب إليه بأسباب الطعن - ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي ترتبت عليها ، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه ، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول الاعتداء فعلاً على المدافع أو غيره أو ماله ، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم بمدوناته من أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس أو الغير أو المال بل كان معتدياً حين اعتدى بالضرب هو والمحكوم عليه الثاني على المجني عليه لا لدفع اعتداء وقع عليه صحيحاً في القانون ، ومن ثم فإن ما استخلصه الحكم ينفي حالة الدفاع الشرعي ، ويكون الدفع المبدى من الطاعن بتوافر حالة الدفاع الشرعي دفع ظاهر الفساد وبعيداً عن محجة الصواب لا على المحكمة إن هي التفتت عنه ، ومن ثم يكون النعي في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً ، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه والمحكوم عليه الآخر تعديا بالضرب على المجني عليه محدثين إصابته في رأسه ويده اليسرى واليمنى وبطنه ، ودلل على توافر رابطة السببية بين هذه الإصابات والوفاة بما أثبته تقرير الصفة التشريحية أن إصابة المجني عليه بكدمة بالرأس والكتف الأيمن تحدث من المصادمة بجسم راض وإصابته بجرح طعني نافذ بالبطن يحدث من الطعن باستخدام نصل آلة حادة وتُعزى الوفاة إلى الإصابة الطعنية بالبطن بما يجعل الطاعن مسئولاً في صحيح القانون عن جميع النتائج المحتمل حصولها من الإصابة ولو كانت عن طريق غير مباشر كالتراخي في العلاج أو الإهمال فيه ما لم يثبت أنه كان متعمداً لتجسيم المسئولية وهو ما لا سند له بالأوراق ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الأصل في الأحكام أن تحمل على الصحة ، وكان ما قاله الحكم المطعون فيه في أسبابه إجمالاً عن إعمال المادة 17 من قانون العقوبات قد فسره في منطوقه بأنه يشمل المحكوم عليه الثاني فحسب دون الطاعن ، وهذا التفسير لا يجافي المنطق ولا يناقضه في شيء ما سبقه ، ولا تثريب على الحكم إذا خصص في منطوقه ما كان قد أجمله في أسبابه ، ومن ثم يكون الحكم قد برأ من قالة الخطأ في تطبيق القانون . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قد أقيم على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق