الصفحات

الأحد، 17 نوفمبر 2024

الطعن 930 لسنة 90 ق جلسة 5 / 10 / 2022 مكتب فني 73 ق 62 ص 565

جلسة 5 من أكتوبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / مجدي عبد الرازق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / إبراهيم عوض ، لقمان الأحول ، محمد عبد الوهاب أبا زيد ووليد العزازي نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(62)
الطعن رقم 930 لسنة 90 القضائية
(1) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تأخر المجني عليه في الإبلاغ . لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله . حد ذلك ؟
للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى . ولو خالفت أقواله أمامها أو كانت بينه وبين المتهم خصومة قائمة . متى اطمأنت إليها دون بيان العلة .
تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(2) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع . مفاده : اطراحها .
مثال .
(3) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد الحكم مؤدى المعاينة وتقرير الخبير الاجتماعي . لا يعيبه . متى أفصحت المحكمة عن كفاية الأدلة التي أوردتها لحمل قضائها بالإدانة . علة ذلك ؟
(4) هتك عرض . إثبات " شهود " " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
هتك العرض . تحققه بكل فعل يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء لديه . ولو لم يترك به أثراً .
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملائمة والتوفيق .
مثال .
(5) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " المصلحة في الطعن " .
دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس . غير مجد . متى لم يسفر عن دليل منتج في الدعوى .
(6) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم جدية التحريات " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفع بانتفاء أركان الجريمة وعدم جدية التحريات . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(7) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ المادي في اسم الطاعن بتقرير الطب الشرعي . لا يعيبه أو الحكم الذي عول عليه في الإدانة . حد ذلك ؟
(8) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
مثال .
(9) محاماة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم حضور المحامي الموكل عن المتهم وندب المحكمة محامياً ترافع في الدعوى . لا إخلال بحق الدفاع . النعي بعدم إلمام المحامي المنتدب بوقائع الدعوى أو إبدائه دفاعاً شكلياً . غير مقبول . حد وعلة ذلك ؟
(10) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأصل في الإجراءات الصحة . عدم جواز الادعاء بما يخالف الثابت بمحضر الجلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير .
مثال .
(11) محضر الجلسة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً . لا يعيب الحكم . علة ذلك ؟
(12) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة متى اطمأنت إليها ، وأن للمحكمة أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها ودون أن تبين العلة في ذلك ، ولا يعيب الحكم تناقض أقوال الشهود - بفرض حصوله – طالما قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعن بصدد أقوال المجني عليه والشهود وصورة الواقعة يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى والصورة التي اعتنقتها المحكمة ، وهو من إطلاقاتها ولا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض ، هذا إلى أن الحكم عرض لدفع للطاعن بشأن تناقض أقوال المجني عليه واطرحه بردٍ سائغ ، فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير سديد .
2- لما كان مفاد عدم تعرّض الحكم لأقوال المجني عليه حال مواجهته بمعاينة النيابة العامة اطراحه لها ، إذ إن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، فلا تورد من أقوال الشهود إلا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول .
3- من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة ببيان مؤدى الدليل إلا إذا كانت قد أخذت به واستندت إليه في حكمها ، وإذ كانت لم تعتمد في حكمها على المعاينة التي أجريت أو على ما ورد بتقرير الخبير الاجتماعي فإن عدم إيراد المحكمة لمؤدى المعاينة وتقرير الخبير الاجتماعي سالفي البيان لا يعيب حكمها طالما أنها أفصحت في مدونات حكمها عن كفاية الأدلة التي أوردتها لحمل قضائها بالإدانة ، إذ إن تقدير الدليل موكول إليها ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له .
4- من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليلين غير متناقض تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال المجني عليه أن الطاعن لامس بقضيبه دبر المجني عليه وتعدى عليه بالضرب على فخذه حال استغاثته خشية افتضاح أمره ، وما ثبت من تقرير الطب الشرعي من أن إصابة المجني عليه بأعلى وحشية الفخذ الأيمن ووحشية الإلية اليمنى هي إصابات رضية حدثت من المصادمة بجسم صلب راض أياً كان نوعه وهي جائزة المعاصرة بتاريخ الواقعة ، وكان المستقر عليه في قضاء النقض أنه لا يشترط لتوافر جريمة هتك العرض أن يترك الفعل أثراً بالمجني عليه كإحداث احتكاك أو إيلاج يترك أثراً ، وأن هتك العرض هو كل فعل يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء لديه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قالة التناقض تكون لا محل لها .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه على سند من أنه غير منتج لعدم وجود ثمة دليل أسفر عن القبض ، وهو رد من الحكم كافٍ وسائغ ويتفق وصحيح القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم .
6- من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وعدم جدية التحريات من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول ، هذا إلى أن الحكم عرض للدفعين واطرحهما برد سائغ وكاف ويتفق وصحيح القانون .
7- من المقرر أن إيراد اسم الطاعن في تقرير الطب الشرعي - بفرض حصوله – باسم مغاير لاسمه وخطأه فيه لا يعيب هذا التقرير أو الحكم الذي عول عليه في الإدانة ما دام أنه لا ينازع في أنه المعني بالاتهام وورود الاسم بطريق الخطأ المادي من واضع التقرير ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
8- لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى مجري التحريات – الشاهد الثاني – القول بأن الطاعن تعدى على المجني عليه ضرباً لإخفاء أثر جريمة هتك العرض – وذلك خلافاً لما يزعمه بوجه الطعن – وإنما كان من الحكم نقلاً عن المجني عليه بالتحقيقات ، فإن ما يثيره الطاعن عليه من مخالفة الثابت بالأوراق لا يكون له وجه .
9- لما كان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن محامياً عن الطاعن حضر بجلسة .... وطلب التأجيل لحضور المحامي الأصيل وأجلت المحكمة الدعوى لجلسة .... ، وبتلك الجلسة لم يحضر المحامي ، وإذ كان الثابت بمحضر جلسة المرافعة الختامية أن الطاعن حضر بشخصه وقرر بأنه ليس لديه محامٍ فندبت المحكمة محامياً للدفاع عنه ، فترافع مبدياً دفوعه على النحو المبين بمحضر تلك الجلسة والذي خلا من اعتراض من الطاعن على هذا الإجراء ، كما خلا من ثمة طلب للطاعن بتأجيل الدعوى لحضور محاميه الموكل عنه – خلافاً لما يزعمه بوجه الطعن – وكان الأصل أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محامياً آخر ترافع في الدعوى فإن ذلك لا ينطوي على بطلان في الإجراءات ولا يعد إخلالاً بحق المتهم في الدفاع ما دام لم يبد اعتراضاً على هذا الإجراء أو تمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل الدعوى لحين حضور محاميه الموكل ، كما أنه لا وجه لما يتحدى به الطاعن من أن المحامي المنتدب لم يكن ملماً بوقائع الدعوى وأبدى دفاعاً شكلياً وذلك لما هو مقرر من أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته وما تهديه له خبرته في القانون - وهو الحال في الدعوى – فإن في ذلك ما يكفي لتحقق غرض الشارع من إيجاب حضور محامٍ مع المتهم ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن بدعوى الإخلال بحق الدفاع ولا محل له .
10- من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت سواء في محضر الجلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير ، وإذ كان الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة الختامية من مرافعة المحامي المنتدب دون اعتراض منه وخلو محضر الجلسة من التمسك بطلب تأجيل نظر الدعوى لحضور المحامي الأصيل ، فإن ما يثيره بأن ما أثبت من ذلك مغاير للحقيقة يكون غير مقبول .
11- من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحه إثباته في محضر الجلسة ، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجّة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل .
12- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين في وجه طعنه ماهية أوجه الدفاع والدفوع التي التفت عنها الحكم بل ساق قوله في هذا الشأن مرسلاً مجهلاً ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- خطف المجني عليه الطفل / .... بالتحايل والإكراه وذلك بأن استعمل طرقاً احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليه وهي إغوائه بالصعود لمسكنه لإعطائه مفتاح دراجته البخارية للهو بها مستغلاً براءته وقلة حيلته وحداثة سنه وما أن صعد إليه الأخير حتى قام بجذبه بالقوة داخل مسكنه ولم يطلق سراحه إلا بعد تنفيذ جريمته موضوع الاتهام التالي ، وقد اقترنت تلك الجناية بجناية أخرى وهي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر : هتك عرض المجني عليه / .... والذي لم يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً بالقوة والتهديد بأن قام بحسر ملابسه كاشفاً عورته وتوغل في أعمال الفحش التي أخلت بحـيـائه بـأن لامس بقضيبه دبره حتى أشبع رغباته مهدداً إياه بالإيذاء إن قاومه فاستغاث فاعتدى عليه بالضرب خشية افتضاح أمره محدثاً إصابته المبينة بالتقرير الطبي الشرعي على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين ٢٦٨ ، 290 /4، 3، 1 من قانون العقوبات ، والمادتين ٢ ، 116 مكرراً من قانون الطفل رقم ١٢ لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨ ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية وقدرت مبلغ ثلاثمائة جنيه أتعاب للدفاع المنتدب .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خطف طفل بالتحيّل والمقترن بجريمة هتك عرضه بالإكراه ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق ، ذلك أن الحكم اعتنق تصوير المجني عليه للواقعة رغم تراخيه في الإبلاغ ووجود خلاف بينه وبين والد المجني عليه ، فضلاً عن تناقض أقوال المجني عليه مع أقوال الشهود وفي مراحل الدعوى المختلفة مما ينبئ عن أن للواقعة صورة أخرى ، هذا إلى أنه لم يورد مؤدى أقوال المجني عليه حال مواجهته بمعاينة النيابة العامة للغرفة محل الواقعة وكذا مؤدى تلك المعاينة وتقرير الخبير الاجتماعي ، ودانه الحكم رغم تعارض أقوال المجني عليه مع ما جاء بتقرير الطب الشرعي من عدم وجود آثار بجسد المجني عليه ، والتفت عن دفوعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وعدم توافر أركان الجريمة وعدم جدية التحريات والخطأ في اسم الطاعن بتقرير الطب الشرعي ، وأسند الحكم لمجري التحريات تعدي الطاعن على المجني عليه ضرباً لإخفاء أثر التعدي الجنسي عليه بما لا أصل له بالأوراق ، ولم تجبه المحكمة لطلبه تأجيل الدعوى لحضور المحامي الأصيل نظراً لتغير مقر انعقاد المحكمة وندبت محامياً للدفاع عنه أبدى دفاعاً شكلياً ، وأثبت بمحضر جلسة المحاكمة خلافاً للحقيقة مرافعة المحامي المنتدب رغم تمسكه بحضور المحامي الأصيل بدلالة عدم توقيعه على محضر الجلسة ، كما لم تعنَ المحكمة بتدوين أسانيد دفوع ودفاع المحامي المنتدب بذلك المحضر أو الرد عليها ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة خطف طفل بالتحيّل والمقترنة بجريمة هتك عرض بالقوة اللتين دين الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة استمدها مما شهد به .... والنقيب / .... معاون مباحث قسم شرطة .... ومما قرر به الطفل المجني عليه / .... استدلالاً بتحقيقات النيابة العامة وما أوراه تقرير الطب الشرعي ، وأورد مؤدى تلك الأدلة على نحوٍ كافٍ يدل على الصورة التي استقرت في يقين ووجدان المحكمة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم والتعويل على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة متى اطمأنت إليها ، وأن للمحكمة أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو المحاكمة متى اطمأنت إليها ودون أن تبين العلة في ذلك ، ولا يعيب الحكم تناقض أقوال الشهود - بفرض حصوله – طالما قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعن بصدد أقوال المجني عليه والشهود وصورة الواقعة يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى والصورة التي اعتنقتها المحكمة ، وهو من إطلاقاتها ولا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض ، هذا إلى أن الحكم عرض لدفع للطاعن بشأن تناقض أقوال المجني عليه واطرحه بردٍ سائغ ، فإن منعاه في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن مفاد عدم تعرّض الحكم لأقوال المجني عليه حال مواجهته بمعاينة النيابة العامة اطراحه لها ، إذ إن المحكمة في أصول الاستدلال لا تلتزم بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، فلا تورد من أقوال الشهود إلا ما تطمئن إليه منها وتقيم عليه قضاءها وتطرح أقوال من لا تثق في شهادتهم من غير أن تكون ملزمة بتبرير ذلك ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة ببيان مؤدى الدليل إلا إذاكانت قد أخذت به واستندت إليه في حكمها ، وإذ كانت لم تعتمد في حكمها على المعاينة التي أجريت أو على ما ورد بتقرير الخبير الاجتماعي فإن عدم إيراد المحكمة لمؤدى المعاينة وتقرير الخبير الاجتماعي سالفي البيان لا يعيب حكمها طالما أنها أفصحت في مدونات حكمها عن كفاية الأدلة التي أوردتها لحمل قضائها بالإدانة ، إذ إن تقدير الدليل موكول إليها ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليلين غير متناقض تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال المجني عليه أن الطاعن لامس بقضيبه دبر المجني عليه وتعدى عليه بالضرب على فخذه حال استغاثته خشية افتضاح أمره ، وما ثبت من تقرير الطب الشرعي من أن إصابة المجني عليه بأعلى وحشية الفخذ الأيمن ووحشية الإلية اليمنى هي إصابات رضية حدثت من المصادمة بجسم صلب راض أياً كان نوعه وهي جائزة المعاصرة بتاريخ الواقعة ، وكان المستقر عليه في قضاء النقض أنه لا يشترط لتوافر جريمة هتك العرض أن يترك الفعل أثراً بالمجني عليه كإحداث احتكاك أو إيلاج يترك أثراً ، وأن هتك العرض هو كل فعل يستطيل إلى جسم المجني عليه وعوراته ويخدش عاطفة الحياء لديه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قالة التناقض تكون لا محل لها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه على سند من أنه غير منتج لعدم وجود ثمة دليل أسفر عن القبض ، وهو رد من الحكم كافٍ وسائغ ويتفق وصحيح القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وعدم جدية التحريات من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول ، هذا إلى أن الحكم عرض للدفعين واطرحهما برد سائغ وكاف ويتفق وصحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إيراد اسم الطاعن في تقرير الطب الشرعي - بفرض حصوله – باسم مغاير لاسمه وخطأه فيه لا يعيب هذا التقرير أو الحكم الذي عول عليه في الإدانة ما دام أنه لا ينازع في أنه المعني بالاتهام وورود الاسم بطريق الخطأ المادي من واضع التقرير ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى مجري التحريات – الشاهد الثاني – القول بأن الطاعن تعدى على المجني عليه ضرباً لإخفاء أثر جريمة هتك العرض – وذلك خلافاً لما يزعمه بوجه الطعن – وإنما كان من الحكم نقلاً عن المجني عليه بالتحقيقات ، فإن ما يثيره الطاعن عليه من مخالفة الثابت بالأوراق لا يكون له وجه . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحاضر جلسات المحاكمة أن محامياً عن الطاعن حضر بجلسة .... وطلب التأجيل لحضور المحامي الأصيل وأجلت المحكمة الدعوى لجلسة .... ، وبتلك الجلسة لم يحضر المحامي ، وإذ كان الثابت بمحضر جلسة المرافعة الختامية أن الطاعن حضر بشخصه وقرر بأنه ليس لديه محامٍ فندبت المحكمة محامياً للدفاع عنه ، فترافع مبدياً دفوعه على النحو المبين بمحضر تلك الجلسة والذي خلا من اعتراض من الطاعن على هذا الإجراء ، كما خلا من ثمة طلب للطاعن بتأجيل الدعوى لحضور محاميه الموكل عنه – خلافاً لما يزعمه بوجه الطعن – وكان الأصل أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محامياً آخر ترافع في الدعوى فإن ذلك لا ينطوي على بطلان في الإجراءات ولا يعد إخلالاً بحق المتهم في الدفاع ما دام لم يبد اعتراضاً على هذا الإجراء أو تمسك أمام المحكمة بطلب تأجيل الدعوى لحين حضور محاميه الموكل ، كما أنه لا وجه لما يتحدى به الطاعن من أن المحامي المنتدب لم يكن ملماً بوقائع الدعوى وأبدى دفاعاً شكلياً وذلك لما هو مقرر من أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته وما تهديه له خبرته في القانون - وهو الحال في الدعوى – فإن في ذلك ما يكفي لتحقق غرض الشارع من إيجاب حضور محامٍ مع المتهم ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن بدعوى الإخلال بحق الدفاع ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة ، ولا يجوز الادعاء بما يخالف ما أثبت سواء في محضر الجلسة أو الحكم إلا بطريق الطعن بالتزوير ، وإذ كان الطاعن لم يسلك هذا السبيل في خصوص ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة الختامية من مرافعة المحامي المنتدب دون اعتراض منه وخلو محضر الجلسة من التمسك بطلب تأجيل نظر الدعوى لحضور المحامي الأصيل ، فإن ما يثيره بأن ما أثبت من ذلك مغاير للحقيقة يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحه إثباته في محضر الجلسة ، كما أن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن يسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز المحاجّة من بعد أمام محكمة النقض على أساس من تقصيره فيما كان يتعين عليه تسجيله وإثباته ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين في وجه طعنه ماهية أوجه الدفاع والدفوع التي التفت عنها الحكم بل ساق قوله في هذا الشأن مرسلاً مجهلاً ، ومن ثم يكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق