الصفحات

الاثنين، 25 نوفمبر 2024

الطعن 504 لسنة 30 ق جلسة 16/ 5/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 88 ص 457

جلسة 16 من مايو سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: أحمد ذكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

-----------------

(88)
الطعن رقم 504 لسنة 30 القضائية

(أ - د) تزوير. الصور العامة لتزوير المحررات.
المحرر الرسمي. ماهيته:
عدم اشتراط صدوره من موظف عمومي من أول الأمر. انسحاب رسمية المحرر عند تدخل الموظف العمومي في حدود وظيفته على ما سبق ذلك من إجراءات.
مناط رسمية المحرر:
صدوره من موظف عمومي مكلف بتحريره ووقوع التغيير فيما أعدت الورقة لإثباته أو في بيان جوهري متعلق بها.
مم يستمد الموظف اختصاصه؟
من القوانين واللوائح ومن أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به.
المحرر الرسمي: مثال.
استمارة طلب صرف نقود لمتعهد من السلفة المستديمة رقم 62 مكرر ع. ح. كشف توريد اللحوم نتيجة تداخل الموظف بمراجعته واعتماده.
(هـ) دفاع.
طلبات التحقيق: متى تلتزم المحكمة بإجابتها أو الرد عليها؟

--------------------
(1) ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعاًً في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر عن موظف عمومي من أول الأمر، ذلك أن المحرر قد يكون عرفياًًًًً في أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمي بعد ذلك إذا ما تدخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته، ففي هذه الحال يعتبر التزوير واقعاًًًًً في محرر رسمي بمجرد أن يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ما سبق ذلك من الإجراءات.
(2) مناط رسمية المحرر أن يكون صادراً من موظف عمومي مكلف بتحريره، وأن يقع التغيير فيما أعدت الورقة لإثباته أو في بيان جوهري متعلق بها.
(3) اختصاص الموظف بتحرير الورقة الرسمية لا يستمده من القوانين واللوائح فحسب، بل يستمده كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به.
(4) إذا كان الحكم قد خلص من الأدلة السائغة التي أوردها إلى أن استمارتي طلب صرف نقود لمتعهد من السلفة المستديمة رقم 62 مكرر ع. ح. هي من المحررات الرسمية بطبيعتها والمتهم هو المختص بتحريرهما وقد تم التزوير بهما حال تحريرهما بمعرفة المتهم، كذلك كشفي توريد اللحوم بما يسبغه عليهما تداخل معاون المستشفى في أمرهما بالمراجعة والاعتماد وهو مختص بهذه المراجعة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
(5) الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررين رسميين هما الاستمارتين رقم 62 مكرر ع. ح. الخاصتين بطلب صرف من السلفة المستديمة حال تحريرهما المختص بوظيفته بأن اتفق مع مجهول على التوقيع عليهما بتوقيع مزور لراغب فيليبس وساعده في ذلك بأن قدم له الاستمارتين فوقع عليهما بالتوقيع المزوّر وتمت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. واشترك وآخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة فيما بينهما ومع موظف عمومي حسن النية هو معاون مستشفى البدارى في ارتكاب تزوير في محررين رسميين - كشفي بيان اللحوم الموردة للمستشفى حال تحريرهما المختص بوظيفته بأن اصطنع الكشفين المذكورين واتفق مع المجهول على التوقيع عليهما بتوقيع مزوّر لراغب فيليبس وساعده على ذلك بأن قدم له الكشفين فوقع عليهما بالتوقيع المزوّر ثم قدمهما المتهم للموظف المذكور لمراجعتهما واعتمادهما فتمت الجريمة بناءً على ذلك. واستعمل المحررات الرسمية الأربعة سالفة الذكر المزورة مع علمه بتزويرها بأن استعان بها على صرف قيمتها من السلفة المستديمة لمستشفى البدارى. وتوصل إلى الاستيلاء على مبلغ 32 جنيه و829 مليماًًًًً لراغب فيليبس وكان ذلك بالاحتيال باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الغير بوجود واقعة مزورة بأن حرر المستندات سالفة الذكر ونسبها زوراًًًًً إلى المجني عليه - متعهد توريد اللحوم لمستشفى البدارى. وقدمها للمستشفى فانخدعت بذلك وصرفت له المبلغ المذكور. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 40/ 2 و3 و41 و211 و212 و214 و336 من قانون العقوبات فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياًًًًً عملاًًًًً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وعزله من وظيفته لمدة أربع سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب حين دان الطاعن بجريمة الاشتراك في تزوير محررات على اعتبار أن الاستمارات موضوع التزوير أوراق رسمية وأن الطاعن مختص بتحريرها وأن توقيع طالب الصرف يجب أن يتم بحضوره وذلك أخذاً بأقوال طبيب أول المستشفى الذي يعمل به الطاعن ومعاون المستشفى المذكور في حين أن استمارات طلب صرف المبالغ مفروض أن تحرر بمعرفة طالب الصرف نفسه وأن يوقع عليها منه فلا تعد ورقة رسمية طالما أنها ليست معدة لأن يثبت فيها الموظف العام أو الشخص المكلف بالخدمة العامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن طبقاًًًًً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه عملاً بحكم المادة 390 من القانون المدني ولا تثبت هذه الصفة للورقة الرسمية إلا بمقتضى القوانين واللوائح والقرارات. كما التفت الحكم عما تمسك به الطاعن بجلسة المحاكمة من طلب ضم جميع الاستمارات التي سبق تقديمها من المتعهد راغب فيليبس والتي اعترف بأنه وقع عليها وذلك لإجراء المضاهاة عليها للتحقق مما إذا كانت التوقيعات التي عليها قد صدرت بخط المتعهد المذكور أو أنها لم تكن كذلك وهل صرف له ما كان يستحقه بمقتضاها ولمعرفة الداعي إلى التزوير إذا لم تصح نسبة تلك التوقيعات إلى المتعهد وذلك تحقيقاًًًًً لدفاع الطاعن الذي يقوم على أن المتعهد تسلم الاستمارتين ووقع عليهما في غيابه مما يجوز أن يستوقع غيره بدلاًًًًً منه إضراراًًًًً به، ولم يبرر الحكم علة إطراحه لهذا الطلب مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في بحر شهر نوفمبر سنة 1950 بدائرة مركز البدارى من أعمال مديرية أسيوط كان راغب فيلبس عبد الشهيد يقوم بتوريد الأغذية لمستشفى البدارى الذي يعمل به المتهم إبراهيم عطية حريز "الطاعن" كاتباًًًًً وكان قد ورد لحوماًًًًً للمستشفى المذكور بمبلغ 33 جنيهاًًًًً وتقرر صرفه إليه من سلفة المستشفى عهدة المتهم. ولما تأخر الصرف استفسر راغب فيلبس من المتهم عن الأمر فاعترف له بأنه صرف المبلغ بعد أن قلد توقيعه وطلب منه عدم التبليغ على أن يسترده على أقساط شهرية فقبل المتعهد وسدد المتهم 15 جنيهاًًًًً في بحر سنة ولم يسدد 18 جنيهاًًًًً فأبلغ المتعهد وزارة الصحة التي حققت الحادث إدارياًًًًً ثم أبلغت النيابة فباشرت التحقيق وظهر منه أن المتهم في 27/ 11 و3/ 12/ 1950 في غفلة من المتعهد اتفق مع مجهول على تزوير استمارتي طلب صرف نقود للمتعهد المذكور من السلفة المستديمة رقم 62 مكرر ع. ح المختص المتهم بتحريرها وساعده على ذلك بأن قدم إليه الاستمارتين سالفتي الذكر أولاهما بطلب صرف 14 جنيهاًًًًً و489 مليماًًًًً وثانيتهما بطلب صرف 18 جنيهاًًًًً و340 مليماًًًًً وقام المجهول بالتوقيع على الاستمارتين بإمضاء مزور لراغب فيلبس بما يتضمن قبض المبلغين الواردين بالاستمارتين - الأولى بتاريخ 27/ 11/ 1950 والثانية في 3/ 12/ 1950 وكان المتهم قد اتفق أيضاًًًًً مع مجهول على تزوير محررين رسميين آخرين هما كشف بيان اللحوم التي وردها راغب فيلبس لمستشفى البدارى أولهما عن المدة من 1/ 8/ 1950 إلى 15/ 11/ 1950 بمبلغ 14 جنيهاًًًًً و614 مليماًًًًً وثانيهما عن المدة من 16/ 11/ 1950 إلى 30/ 11/ 1950 بمبلغ 18 جنيهاًًًًً و465 مليماًًًًً بأن حرر المتهم الكشفين المذكورين بخطه وقدمهما إلى المجهول الذي وقع على كل منهما بإمضاء مزور لراغب فيلبس ثم قدمهما المتهم إلى معاون المستشفى المختص بمراجعتهما واعتمادهما فأشر عليهما بما يتضمن اعتماد أولهما في 27/ 11/ 1950 وثانيهما في 3/ 12/ 1950 ثم استعمل المتهم المحررات الأربعة سالفة الذكر في صرف قيمة الاستمارتين وقدرها 32 جنيهاًًًًً و826 مليماًًًًً من المستشفى" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من شهادة كل من راغب فيلبس عبد الشهيد والدكتور موريس كيرلس أبادير طبيب أول مستشفى البدارى ومحمد فوزي محمد معاون المستشفى ومن الاطلاع على استمارتي الصرف وكشفي توريد اللحوم، ومن اعتراف الطاعن بتحريره كشفي توريد اللحوم ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي عن التوقيع المنسوب لراغب فيلبس على استمارتي الصرف وكشفي توريد اللحوم - وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به أركان جرائم الاشتراك في التزوير في محرر رسمي والاستعمال والنصب التي دان الطاعن بها، ذلك أن مناط رسمية المحرر أن يكون صادراًًًًً من موظف عمومي مكلف بتحريره وأن يقع التغيير فيما أعدت الورقة لإثباته أو في بيان جوهري متعلق بها، وليس بشرط لاعتبار التزوير واقعاًًًًً في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر عن موظف عمومي من أول الأمر، ذلك أن المحرر قد يكون عرفياًًًًً في أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمي بعد ذلك إذا ما تدخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته، ففي هذه الحال يعتبر التزوير واقعاًًًًً في محرر رسمي بمجرد أن يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ما سبق ذلك من الإجراءات. كما أن اختصاص الموظف بتحرير الورقة الرسمية لا يستمده من القوانين واللوائح فحسب بل يستمده كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به. ولما كان الحكم قد خلص من الأدلة السائغة التي أوردها إلى "أن الأوراق موضوع الاتهام هي لا شك محررات رسمية - استمارتي الصرف 62 مكرر ع. ح - بطبيعتها والمتهم هو المختص بتحريرها وقد تم التزوير بها حال تحريرها بمعرفة المتهم، وكشفي توريد اللحوم بما يسبغه عليهما تداخل معاون المستشفى في أمرها بالمراجعة والاعتماد وهو مختص بهذه المراجعة" فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان لا جدوى للطاعن فيما يثيره في شأن منازعته في رسمية الاستمارتين الرقميتين 62 ع. ح ما دام الحكم قد دانه على تزوير الكشفين موضوعي التهمة الثانية - والتي لا يجادل الطاعن فيهما في أوجه طعنه - بعقوبة واحدة داخلة في حدود العقوبة المقررة للجريمة المذكورة. ولما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن وإن كان قد طلب وهو في معرض استجوابه أمام المحكمة ضم جميع الاستمارات السابقة وإجراء المضاهاة عليها، إلا أنه لم يصر هو أو المدافع عنه في ختام مرافعته على هذا الطلب، فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عنه، ذلك أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناًًًًً رفضه موضوعاًًًًً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق