الصفحات

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

الطعن 1879 لسنة 90 ق جلسة 15 / 10 / 2022 مكتب فني 73 ق 67 ص 630

جلسة 15 من أكتوبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / حمدي أبو الخير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / بدر خليفة ، الأسمر نظير وخالد جاد نواب رئيس المحكمة وياسر الأنصاري .
----------------
(67)
الطعن رقم 1879 لسنة 90 القضائية
(1) استيقاف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الاستيقاف . ماهيته ؟
تقدير قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه . موضوعي . ما دام سائغاً .
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توفراها . موضوعي . حد ذلك ؟
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان الاستيقاف والقبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس .
(2) إثبات " إقرار " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
إقرار الطاعن بارتكاب الواقعة . قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة . النعي في هذا الشأن . غير مقبول . حد ذلك ؟
(3) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(4) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
عدم التزام المحكمة بندب خبير في الدعوى . متى وضحت الواقعة لديها .
مثال .
(5) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بتلفيق التهمة ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه ". محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال الحكم القضاء بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الجريمة على نفقة الطاعن وإلزامه بقيمة التلفيات المنصوص عليها في المادة 25/ 4 من القانون 94 لسنة 2015 . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الاستيقاف والقبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بقوله : ( أن المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات والجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه ، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول بتحقيقات النيابة العامة وأدلة الإثبات الأخرى أنه بتاريخ .... وحال قيام الضابط / .... معاون مباحث قسم شرطة .... بعمل كمين أمني بمنطقة .... لاحظ سير السيارة رقم .... نقل كبيرة " فنطاس " قادمة في اتجاه الكمين والذي ما أن فطن قائدها المتهم / .... للكمين حتى توقف مكانه وتردد ما بين استكمال سيره أو العودة للخلف فتوجه الضابط نحوه وقام باستيقافه وقدم بطاقة تحقيق الشخصية ورخصة القيادة ورخصة تسيير باسم المتهم الثاني / .... وبمواجهته بحمولة السيارة قرر أنها بترول خام تحصل عليها عن طريق السرقة مع بعض الأعراب عن طريق وضع محبس على الماسورة الأم المدفونة تحت الأرض فتم ضبطه والسيارة ، وقد توصلت التحريات لقيام المتهم الأول ومالك السيارة " المتهم الثاني " بالاشتراك مع آخرين مجهولين بسرقة خام المواد البترولية بأن قاموا بإتلاف أحد خطوط أنابيب البترول حتى يتمكنوا من إتمام السرقة ، وعقب ذلك تم تمشيط خط البترول التابع للشركة فتبين بمنطقة .... آثار حفر أعلى خط البترول رقم .... وآثار لخام البترول على الأرض ومُركب على الخط كلبسات ومحبسان ، كما تبين قيام المتهم بإتلاف أحد خطوط أنابيب البترول بمنطقة .... وسرقة خام البترول المملوك لشركة .... ، وقد ثبت من فحص العينة المأخوذة من المواد البترولية المضبوطة وتحليلها أن ذلك الخام يخص .... واتضح ذلك من خلال تحديد كثافة الخام والذي يعد بمثابة بصمة تميزه عن غيره وقيمة هذه التلفيات وأعمال الصيانة وتأمينها تقدر بقيمة 37800 جنيه وقد بلغ قيمة العجز من خام بترول .... من الفترة .... وحتى .... بمبلغ 30383050.658 جنيه ، الأمر الذي تستخلص منه المحكمة توافر حالة من حالات التلبس التي تبيح القبض والتفتيش طبقاً لنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم حق للضابط شاهد الإثبات الأول القبض عليه وتفتيشه ، ومن ثم يكون القبض والتفتيش وما نتج عنهما قد جاء وفق صحيح القانون ، ويكون الدفع المبدى في هذا الشأن قد جاء على غير سند من الواقع والقانون تلتفت عنه المحكمة ) . لما كان ذلك ، وكان الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة على سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف ، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريب والظن ، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري وللكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، والفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، كما أن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب - ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي من إيقاف السيارة النقل التي كانت محملة بالمواد البترولية وإذ ارتاب في الأمر بعد تردد قائد السيارة – الطاعن – حال دخوله للكمين ما بين استكمال سيره أو العودة للخلف بعد مشاهدته لضابط الواقعة ، وهو ما يبيح له استيقافه فتوجه نحوه وبمواجهته بحمولة السيارة قرر أنها بترول خام تحصل عليها عن طريق السرقة بالاشتراك مع آخرين ، وهو ما أكدته تحريات الشرطة مما يبيح له القبض عليه وتفتيشه بعد اعترافه له بالسرقة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بالقصور والخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله .
2- لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعن إقراراً مستقلاً بارتكاب الواقعة اتخذ منه دليلاً على ثبوت التهمة بل عول في ذلك على إقراره الشفوي لضابط الواقعة - الشاهد الأول - وهو بهذه المثابة لا يعد إقراراً بالمعنى الصحيح ، وإنما هو مجرد قول للشاهد المذكور يخضع لمطلق تقدير محكمة الموضوع التي أفصحت عن اطمئنانها إليه ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله .
3- لما كان ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه من أوجه تشهد بعدم ارتكابه الواقعة التي نسبت إليه لضبطه بمكان بعيد عن مكان الواقعة - محل الإتلاف - وعدم وجود بلاغ سابق بالواقعة من الجهة المالكة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى التي اطمأنت إليها واستنبطت معتقدها منها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها .
4- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً عما يدعيه بشأن خلو الأوراق من تقرير فني يفيد أن خام البترول المضبوط من نفس المسروق ، ولم يطلب إلى المحكمة تدارك هذه الأمور ، ومن ثم فلا يحل له - من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ إنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات والتحقيقات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له . هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة لا تلزم بندب خبير في الدعوى ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من خلو الأوراق من تقرير فني لا يكون سديداً .
5- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء على الطاعن بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الجريمة على نفقته ، وبإلزامه بأداء قيمة التلفيات والمنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة 25 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن إصدار قانون مكافحة الإرهاب وبما ينطوي على خطأ في تطبيق القانون بيد أنه لا سبيل لتصحيحه ما دام أن النيابة العامة لم تطعن في الحكم وحتى لا يضار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بشـأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... ( طاعن ) 2- .... بأنهما :
1- أتلفا وآخرون مجهولون عمداً خط البترول الخام الممتد من محطة .... حتى محطة .... والمستخدم لنقل خام حقول بترول .... والمملوك لشركة .... وقد ترتب على ذلك توقف وانقطاع إمداد المنتجات البترولية ( بترول خام ) بصفة مؤقتة إلى معامل تكرير البترول الخام .... وذلك على النحو المبين بالأوراق .
2- سرقا وآخرون مجهولون المنقول المبين وصفاً وقيمة بالأوراق ( خام البترول ) والمملوك لشركة .... وذلك على النحو المبين بالأوراق .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت الشركة المجني عليها – بوكيل عنها – مدنياً قبل المتهم الأول بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً للثاني عملاً بالمادة 317 / رابعاً ، خامساً من قانون العقوبات ، والمادة ٢٥ /1 ، ۲ ، 4 من القانون رقم 94 لسنة ٢٠١٥ بشأن مكافحة الإرهاب ، وذلك مع إعمال المادة ٣٢ /2 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالسجن
المشدد لمدة سبع سنوات لكل منهما وبمصادرة المضبوطات وفي الدعوى المدنية بإحالتها للمحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الإتلاف العمدي لخط من خطوط البترول مما ترتب عليه توقف وانقطاع إمداد المنتجات البترولية بصفة مؤقتة والسرقة ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه اطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانعدام مبررات الاستيقاف ولعدم وجود حالة من حالات التلبس ، وعول على إقرار الطاعن لضابط الواقعة بمحضر الضبط رغم كونه وليد إجراء باطل ، ودانه رغم ضبطه بمكان بعيد عن مكان الواقعة - محل الإتلاف - وعدم الإبلاغ عنه سلفاً وخلو الأوراق من تقرير فني يفيد أن خام البترول المضبوط من نفس المسروق ، وأخيراً فقد اطرح الحكم برد قاصر غير سائغ دفاع الطاعن بعدم معقولية تصوير الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الاستيقاف والقبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بقوله : ( أن المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات والجنح التي يعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه ، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم في الحالات التي يجوز فيها القبض عليه قانوناً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من أقوال الضابط شاهد الإثبات الأول بتحقيقات النيابة العامة وأدلة الإثبات الأخرى أنه بتاريخ .... وحال قيام الضابط / .... معاون مباحث قسم شرطة .... بعمل كمين أمني بمنطقة .... لاحظ سير السيارة رقم .... نقل كبيرة " فنطاس " قادمة في اتجاه الكمين والذي ما أن فطن قائدها المتهم / .... للكمين حتى توقف مكانه وتردد ما بين استكمال سيره أو العودة للخلف فتوجه الضابط نحوه وقام باستيقافه وقدم بطاقة تحقيق الشخصية ورخصة القيادة ورخصة تسيير باسم المتهم الثاني / .... وبمواجهته بحمولة السيارة قرر أنها بترول خام تحصل عليها عن طريق السرقة مع بعض الأعراب عن طريق وضع محبس على الماسورة الأم المدفونة تحت الأرض فتم ضبطه والسيارة ، وقد توصلت التحريات لقيام المتهم الأول ومالك السيارة " المتهم الثاني " بالاشتراك مع آخرين مجهولين بسرقة خام المواد البترولية بأن قاموا بإتلاف أحد خطوط أنابيب البترول حتى يتمكنوا من إتمام السرقة ، وعقب ذلك تم تمشيط خط البترول التابع للشركة فتبين بمنطقة .... آثار حفر أعلى خط البترول رقم .... وآثار لخام البترول على الأرض ومُركب على الخط كلبسات ومحبسان ، كما تبين قيام المتهم بإتلاف أحد خطوط أنابيب البترول بمنطقة .... وسرقة خام البترول المملوك لشركة .... وقد ثبت من فحص العينة المأخوذة من المواد البترولية المضبوطة وتحليلها أن ذلك الخام يخص .... واتضح ذلك من خلال تحديد كثافة الخام والذي يعد بمثابة بصمة تميزه عن غيره وقيمة هذه التلفيات وأعمال الصيانة وتأمينها تقدر بقيمة 37800 جنيه وقد بلغ قيمة العجز من خام بترول .... من الفترة .... وحتى .... بمبلغ 30383050.658 جنيه ، الأمر الذي تستخلص منه المحكمة توافر حالة من حالات التلبس التي تبيح القبض والتفتيش طبقاً لنص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم حق للضابط شاهد الإثبات الأول القبض عليه وتفتيشه ، ومن ثم يكون القبض والتفتيش وما نتج عنهما قد جاء وفق صحيح القانون ، ويكون الدفع المبدى في هذا الشأن قد جاء على غير سند من الواقع والقانون تلتفت عنه المحكمة ) . لما كان ذلك ، وكان الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة على سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف ، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريب والظن ، وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري وللكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، والفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، كما أن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع - وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب - ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلال سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي من إيقاف السيارة النقل التي كانت محملة بالمواد البترولية وإذ ارتاب في الأمر بعد تردد قائد السيارة – الطاعن – حال دخوله للكمين ما بين استكمال سيره أو العودة للخلف بعد مشاهدته لضابط الواقعة ، وهو ما يبيح له استيقافه فتوجه نحوه وبمواجهته بحمولة السيارة قرر أنها بترول خام تحصل عليها عن طريق السرقة بالاشتراك مع آخرين ، وهو ما أكدته تحريات الشرطة مما يبيح له القبض عليه وتفتيشه بعد اعترافه له بالسرقة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد بالقصور والخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعن إقراراً مستقلاً بارتكاب الواقعة اتخذ منه دليلاً على ثبوت التهمة بل عول في ذلك على إقراره الشفوي لضابط الواقعة - الشاهد الأول - وهو بهذه المثابة لا يعد إقراراً بالمعنى الصحيح ، وإنما هو مجرد قول للشاهد المذكور يخضع لمطلق تقدير محكمة الموضوع التي أفصحت عن اطمئنانها إليه ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه من أوجه تشهد بعدم ارتكابه الواقعة التي نسبت إليه لضبطه بمكان بعيد عن مكان الواقعة - محل الإتلاف - وعدم وجود بلاغ سابق بالواقعة من الجهة المالكة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى التي اطمأنت إليها واستنبطت معتقدها منها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً عما يدعيه بشأن خلو الأوراق من تقرير فني يفيد أن خام البترول المضبوط من نفس المسروق ، ولم يطلب إلى المحكمة تدارك هذه الأمور ، ومن ثم فلا يحل له - من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ إنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات والتحقيقات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون لا محل له ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن المحكمة لا تلزم بندب خبير في الدعوى ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن من خلو الأوراق من تقرير فني لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء على الطاعن بإعادة الحال إلى ما كان عليه قبل الجريمة على نفقته ، وبإلزامه بأداء قيمة التلفيات والمنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة 25 من القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن إصدار قانون مكافحة الإرهاب وبما ينطوي على خطأ في تطبيق القانون بيد أنه لا سبيل لتصحيحه ما دام أن النيابة العامة لم تطعن في الحكم وحتى لا يضار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل بشـأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق