الصفحات

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

الطعن 1453 لسنة 90 ق جلسة 13 / 10 / 2022 مكتب فني 73 ق 66 ص 616

جلسة 13 من أكتوبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / نادي عبد المعتمد أبو القاسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت مكادي ، سامح حامد وهشام رسمي نواب رئيس المحكمة ووائل القاضي .
-------------------
(66)
الطعن رقم 1453 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " .
لمحكمة الجنايات أن تورد بحكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها القائمة المقدمة من النيابة العامة . حد ذلك ؟
(3) إثبات " شهود " .
للمحكمة الأخذ بأقوال شهود الإثبات دون بيان السبب . علة ذلك ؟
(4) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
لمحكمة الموضوع الأخذ بشهادة الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى . ورودها على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها . غير لازم . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
للمحكمة تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تراه واطراح ما عداه . حد ذلك ؟
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إيراد الحكم أدلة تؤدي لثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة . تعقبها المتهم في كل جزئية من مناحي دفاعه والرد عليها استقلالاً . غير لازم . قضاؤها بالإدانة للأدلة التي أوردتها في حكمها . مفاده : اطراحها .
(8) دستور . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
افتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان . أصلان كفلهما الدستور في المادتين 54 و 96 منه . مؤدى ذلك ؟
الأصل في المتهم البراءة . نقل عبء الإثبات على عاتقه . غير جائز .
مثال لرد سائغ على دفاع الطاعن بإهدار قرينة البراءة .
(9) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطرحها .
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
نعي الطاعن بالتفات الحكم عن أوجه دفاعه المؤيد بالمستندات . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(10) أمر الإحالة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
أمر الإحالة . عمل من أعمال التحقيق . القصور فيه . لا يبطل المحاكمة أو يؤثر على صحة إجراءاتها . علة ذلك ؟
(11) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر حاجة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(12) قانون " سريانه " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
القوانين الإجرائية . سريانها على الإجراءات غير التامة ولو تعلقت بجرائم وقعت قبل نفاذها .
المادة 277 إجراءات جنائية المستبدلة بالقانون 11 لسنة 2017 . مفادها ؟
التفات المحكمة عن طلب سماع شاهد المجهل من سببه ومرماه . لا عيب . علة ذلك ؟
(13) دفوع " الدفع بعدم الدستورية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة . غير متعلق بالنظام العام . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة .
مثال .
(14) تهريب المهاجرين . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن إدانته بجريمة تهريب أشخاص من دولة لأخرى بطريقة غير مشروعة من شأنها تهديد حياتهم مقابل منفعة مادية على الرغم من تبرئته من تهمة الانضمام إلى جماعة منظمة لأغراض تسفير المهاجرين بطريقة غير شرعية مقابل منفعة مادية . غير مقبول . علة ذلك ؟
(15) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفع بانتفاء أركان الجريمة وتلفيق الاتهام وانتفاء الصلة بها . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات المباحث وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ولئن كان من المقرر أن القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً .
2- لما كان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - ، فإن النعي على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته - يكون على غير سند .
3- من المقرر أن الأحكام في المواد الجنائية تقوم على أساس من حرية المحكمة في تقدير الأدلة المطروحة عليها ، وللمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات دون أن تلتزم ببيان السبب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .
4- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بارتكاب الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصديق المحكمة لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
5- لما كان لا يعيب الحكم ما ينعاه الطاعن عليه من اطراحه لأقوال الشهود في شقّ منها وتعويله على الشق الآخر ، وذلك لما هو مقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه واطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً .
6- من المقرر أن تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها استقلالاً ، إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي أوردتها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التحريات لا يعدو أن يكون من قبيل الدفاع الموضوعي ، ولا على المحكمة إن هي أغفلت الرد عليه .
8- من المقرر أن افتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها أصلان كفلهما الدستور بالمادتين 54 ، 96 منه ، فلا سبيل لدحض أصل البراءة بغير الأدلةالتي تقيمها النيابة العامة وتبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التي نسبتها إلى المتهم في كل ركن من أركانها وبالنسبة لكل واقعة ضرورية لقيامها ، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة ، إذ هو من الركائز التي يستند عليها مفهوم المحاكمة المنصفة ، وهذا القضاء تماشياً مع ما نصت عليه المادة 96 من الدستور من أن : ( المتهم بريء حتى تَثبُت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه .... ) ، ومفاد هذا النص الدستوري أن الأصل في المتهم البراءة ، وأن إثبات التهمة قبله يقع على عاتق النيابة العامة ، فعليها وحدها عبء تقديم الدليل ، ولا يُلزَم المتهم بتقديم أي دليل على براءته ، كما لا يملك الشارع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو نقل عبء الإثبات على عاتق المتهم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن - في الدعوى الماثلة - قد واجه الأدلة التي قدمتها النيابة العامة قبله وكفلت له المحكمة الحق في نفيها بالوسائل التي قدرت مناسبتها وفقاً للقانون ، وقد حضر عنه محام للدفاع عنه وترافع في الدعوى وأبدى ما عنّ له من أوجه دفاع فيها ، ثم قضت المحكمة - من بعد - بإدانته تأسيساً على أدلة مقبولة وسائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يضحى تأويلاً غير صحيح للقانون .
9- من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن أوجه دفاعه المؤيد بالمستندات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، فضلاً عن أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عما ورد بحوافظ المستندات المقدمة من المتهم تأييداً لدفاعه في هذا الشأن يكون غير سديد .
10- من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فالقصور فيه لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر في صحة إجراءاتها ، إذ إن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأن دحض التهم الموجهة إليه في أمر الإحالة ونصوص القانون المطلوب معاقبته بمقتضاها ، ومن ثم فلا وجه للنعي على الحكم في هذا الخصوص .
11- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤال محرر محضر الضبط فإنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له - من بعد - أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شهود الإثبات . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق في شأن ما أثاره بأسباب طعنه بشأن إثبات الأدلة ، فليس له - من بعد - أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول .
12- لما كان الأصل أن قوانين الإجراءات تسري من يوم نفاذها على الإجراءات التي لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها - وهو الحال في الدعوى الماثلة - وكان نص المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 27 من أبريل سنة 2017 وعُمِلَ به من اليوم التالي لتاريخ نشره عدا المادة الثانية المتعلقة بتعديل أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فعُمِلَ بها اعتباراً من الأول من مايو سنة 2017 - والذي يسري على واقعة الدعوى - بحسبان أنه قانون إجرائي قد استبدل نص المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية والتي جرى نصها على أنه : ( .... ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة يحدد الخصوم أسماء الشهود وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم وتقرر المحكمة من ترى لزوم سماع شهادته ، وإذا قررت المحكمة عدم لزوم سماع شهادة أي منهم وجب عليها أن تسبب ذلك في حكمها ) ، وكان المدافع عن الطاعن وإن طلب سماع شاهد الإثبات الثاني إلا أنه لم يكشف عن الوقائع التي يرغب مناقشته فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ، ومن ثم فإن هذا الطلب يغدو طلباً مجهلاً من سببه ومرماه ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعن إليه .
13- من المقرر أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ، ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض مــا لم يكــن قــد أبداه أمــام محكمة الموضوع ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم دستورية القانون رقم 82 لسنة 2016 ، فإن إبداء هذا الدفع لأول مرة أمام هذه المحكمة -محكمة النقض - يكون غير مقبول .
14- لما كان ما أثبته الحكم فيما سلف تتوافر به العناصر القانونية لجريمة تهريب أشخاص من دولة إلى أخرى بطريقة غير مشروعة من شأنها تهديد حياتهم وتعريضها للخطر من أجل الحصول على منفعة مادية كما هي معرفة به في القانون ، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة الانضمام إلى جماعة منظمة لأغراض تسفير المهاجرين بطريقة غير شرعية من أجل الحصول على منفعة مادية لاختلاف أركان كل جريمة عن الأخرى ، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
15- من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وتلفيق الاتهام وانتفاء الصلة بها وإنكارها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- انضم إلى جماعة منظمة لأغراض تسفير المهاجرين بطريقة غير شرعية من أجل الحصول على منفعة مادية .
2- قام بتهريب المهاجرين / .... ، .... بطريقة غير شرعية بأن دبّر وسيلة مواصلات لنقلهما إلى محافظة .... وتسليمهما إلى أحد أعضاء الجماعة الذي قام بنقلهما عبر الأراضي الصحراوية إلى دولة .... مقابل حصوله على المبالغ النقدية المبينة القيمة بالأوراق مما عرّض حياتهما وسلامتهما للخطر على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل عملاً بالمادتين 1 ، 6/2 بندي 2 ، 5 من القانون رقم ۸۲ لسنة ٢٠١٦ ، مع إعمال المادة ۱۷ من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه مائتي ألف جنيه عما أسند إليه والمصاريف الجنائية ، وذلك بعد أن عدلت وصف الاتهام المسند له بجعله أنه : هرّب وآخر مجهول بطريقة غير مشروعة المهاجرين المهرَّبين / .... ، .... من القطر المصري إلى دولة .... عبر دروب ومدقات الصحراء الغربية المصرية غير الممهدة للسفر وكان من شأن ذلك تعريض أمنهما وسلامتهما للخطر وتم اختطافهما من قبل جماعة غير شرعية مسلحة على النحو المبين بالأوراق .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تهريب شخصين إلى دولة أخرى بطريقة غير مشروعة من شأنها تهديد حياتهما وتعريضها للخطر من أجل الحصول على منفعة مادية ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى وأدلتها ، وعول في الإدانة على أقوال شهود الإثبات مكتفياً بما جاء بقائمة أدلة الثبوت رغم عدم صلاحيتها للإدانة وتناقضها ، واجتزأ الحكم منها ما استقر في عقيدته ، ودانه رغم خلو الأوراق من دليل يقيني ، وعول في هذا الشأن على تحريات المباحث رغم عدم صلاحيتها للإدانة لشواهد عددها ، وأهدر قرينة البراءة ولم يقم بإعمالها في حقه ، والتفت عن دفعه بعدم انطباق قيد ووصف النيابة بأمر الإحالة على الواقعة ، وعن حوافظ المستندات المقدمة منه وما حوته من إقرارات موثقة للشاهد الثاني تفيد عدوله عن أقواله وعدم ارتكاب الطاعن للواقعة ، ولم تقم المحكمة بسماع أقواله ، وخلت الأوراق من سؤال محرر محضر الضبط ، ولم تقم بتلاوة أقوال الشاهد الغائب بجلسة المحاكمة بالمخالفة للقانون ، كما أن القانون رقم 82 لسنة 2016 والذي دين الطاعن بموجبه مشوب بعدم الدستورية ، وأفصحت المحكمة بأسباب حكمها عن انتفاء أركان الجريمة محل الاتهام الأول مما يستوجب معه براءة الطاعن من الجريمة محل الاتهام الثاني ، وأخيراً التفتت المحكمة عن دفاعه بانتفاء أركان الجريمة وتلفيق الاتهام وانتفاء صلته بالواقعة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات المباحث وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ولئن كان من المقرر أن القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ، إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أدلة الثبوت كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته - يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكانت الأحكام في المواد الجنائية تقوم على أساس من حرية المحكمة في تقدير الأدلة المطروحة عليها ، وللمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات دون أن تلتزم ببيان السبب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بارتكاب الواقعة على الصورة التي شهدوا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصديق المحكمة لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم ما ينعاه الطاعن عليه من اطراحه لأقوال الشهود في شقّ منها وتعويله على الشق الآخر ، وذلك لما هو مقرر أن من حق قاضي الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما يراه واطراح ما عداه طالما هو لم يمسخ الشهادة أو يحيلها عن معناها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع ، وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها استقلالاً ، إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى الأدلة التي أوردتها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التحريات لا يعدو أن يكون من قبيل الدفاع الموضوعي ، ولا على المحكمة إن هي أغفلت الرد عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن افتراض براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها أصلان كفلهما الدستور بالمادتين 54 ، 96 منه ، فلا سبيل لدحض أصل البراءة بغير الأدلة التي تقيمها النيابة العامة وتبلغ قوتها الإقناعية مبلغ الجزم واليقين مثبتة بها الجريمة التي نسبتها إلى المتهم في كل ركن من أركانها وبالنسبة لكل واقعة ضرورية لقيامها ، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة ، إذ هو من الركائز التي يستند عليها مفهوم المحاكمة المنصفة ، وهذا القضاء تماشياً مع ما نصت عليه المادة 96 من الدستور من أن : ( المتهم بريء حتى تَثبُت إدانته في محاكمة قانونية عادلة تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه .... ) ، ومفاد هذا النص الدستوري أن الأصل في المتهم البراءة ، وأن إثبات التهمة قبله يقع على عاتق النيابة العامة ، فعليها وحدها عبء تقديم الدليل ، ولا يُلزَم المتهم بتقديم أي دليل على براءته ، كما لا يملك الشارع أن يفرض قرائن قانونية لإثبات التهمة أو نقل عبء الإثبات على عاتق المتهم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن - في الدعوى الماثلة - قد واجه الأدلة التي قدمتها النيابة العامة قبله وكفلت له المحكمة الحق في نفيها بالوسائل التي قدرت مناسبتها وفقاً للقانون ، وقد حضر عنه محام للدفاع عنه وترافع في الدعوى وأبدى ما عنّ له من أوجه دفاع فيها ، ثم قضت المحكمة - من بعد - بإدانته تأسيساً على أدلة مقبولة وسائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يضحى تأويلاً غير صحيح للقانون . لما كان ذلك ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من التفات الحكم عن أوجه دفاعه المؤيد بالمستندات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، فضلاً عن أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، فإن النعي على الحكم التفاته عما ورد بحوافظ المستندات المقدمة من المتهم تأييداً لدفاعه في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق ، فالقصور فيه لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر في صحة إجراءاتها ، إذ إن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأن دحض التهم الموجهة إليه في أمر الإحالة ونصوص القانون المطلوب معاقبته بمقتضاها ، ومن ثم فلا وجه للنعي على الحكم في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤال محرر محضر الضبط فإنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قد طلب إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس له - من بعد - أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شهود الإثبات . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق في شأن ما أثاره بأسباب طعنه بشأن إثبات الأدلة ، فليس له - من بعد - أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن قوانين الإجراءات تسري من يوم نفاذها على الإجراءات التي لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها - وهو الحال في الدعوى الماثلة - وكان نص المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والذي نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 27 من أبريل سنة 2017 وعُمِلَ به من اليوم التالي لتاريخ نشره عدا المادة الثانية المتعلقة بتعديل أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فعُمِلَ بها اعتباراً من الأول من مايو سنة 2017 - والذي يسري على واقعة الدعوى - بحسبان أنه قانون إجرائي قد استبدل نص المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية والتي جرى نصها على أنه : ( .... ومع عدم الإخلال بأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة يحدد الخصوم أسماء الشهود وبياناتهم ووجه الاستدلال بهم وتقرر المحكمة من ترى لزوم سماع شهادته ، وإذا قررت المحكمة عدم لزوم سماع شهادة أي منهم وجب عليها أن تسبب ذلك في حكمها ) ، وكان المدافع عن الطاعن وإن طلب سماع شاهد الإثبات الثاني إلا أنه لم يكشف عن الوقائع التي يرغب مناقشته فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ، ومن ثم فإن هذا الطلب يغدو طلباً مجهلاً من سببه ومرماه ، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعن إليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة غير متعلق بالنظام العام ، ومن ثم فلا يجوز لصاحب الشأن إثارته أمام محكمة النقض ما لم يكن قد أبداه أمام محكمة الموضوع ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بعدم دستورية القانون رقم 82 لسنة 2016 ، فإن إبداء هذا الدفع لأول مرة أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما أثبته الحكم فيما سلف تتوافر به العناصر القانونية لجريمة تهريب أشخاص من دولة إلى أخرى بطريقة غير مشروعة من شأنها تهديد حياتهم وتعريضها للخطر من أجل الحصول على منفعة مادية كما هي معرفة به في القانون ، ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بشأن إدانته عنها على الرغم من تبرئته من جريمة الانضمام إلى جماعة منظمة لأغراض تسفير المهاجرين بطريقة غير شرعية من أجل الحصول على منفعة مادية لاختلاف أركان كل جريمة عن الأخرى ، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء أركان الجريمة وتلفيق الاتهام وانتفاء الصلة بها وإنكارها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق