الصفحات

الأربعاء، 27 نوفمبر 2024

الطعن 1801 لسنة 29 ق جلسة 24/ 5/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 93 ص 493

جلسة 24 من مايو سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

---------------

(93)
الطعن رقم 1801 لسنة 29 القضائية

(أ، ب) اختلاس أشياء محجوزة. 

القصد الجنائي, فساد استدلال الحكم على توافر علم المتهم بالحجز.
الإعلان القانوني بحصول الحجز لا يصلح دليلاً قاطعاً على العلم به. كذلك الشأن عند استخلاصه من إبلاغ المتهم به من الحارس بعد عودته من الخارج دون استجلاء ما إذا كان هذا الإبلاغ تم قبل وقوع التبديد أو بعده.

-------------------
1 - استناد الحكم إلى إعلان المتهم بالحجز في مواجهة كاتب دائرته بمقر الدائرة دون التدليل على ثبوت علم المتهم بحصول الحجز عن طريق اليقين يعيب استدلال الحكم بالفساد، إذ مثل هذه الاعتبارات إن صح التمسك بها ضد المتهم من الوجهة المدنية فإنه لا يصح في المواد الجنائية مؤاخذته بمقتضاها.
2 - استخلاص الحكم علم المتهم بالحجز من مجرد قوله بأن الحارس أبلغه به بعد عودته من الخارج دون أن يحدد تاريخ هذا العلم، أو أن يستجلي تاريخ وقوع التبديد وهل وقع إبلاغه بالحجز أو بعده، غير سائغ ولا يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة في الجنحة رقم 564 سنة 1956 بني سويف جاد عيد طنطاوي كامل وموسى عبد الكريم الأشعب بأنهما بددا الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لمحمد عوض عريان المهدي والمحجوز عليها قضائياً لصالح الأستاذ فوزي وهبه عوض وآخرين والتي كانت قد سلمت إليهما على سبيل الوديعة بوصفهما حارسين لحفظها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع. وطلبت عقابهما بالمادة 341 من قانون العقوبات. وقد ادعى كل من...... قبل المتهمين بمبلغ 51 جنيهاً تعويضاً مؤقتاً والمصاريف والأتعاب. ثم أقام المدعون بالحقوق المدنية دعوى جنحة مباشرة ضد محمد عوض عريان المهدي (الطاعن) اتهموه فيها باختلاس المحجوزات موضوع الجنحة رقم 564 لسنة 1956 بني سويف، وباشتراكه مع المتهم الأول في تبديدها، وطلبوا عقابه بالمواد 341 و40 و41 من قانون العقوبات، كما طلبوا الحكم عليه متضامناً مع المتهمين المذكورين بمبلغ 100 جنيه والمحكمة المشار إليها أصدرت قراراً بضم دعوى الجنحة المباشرة إلى هذه الدعوى وقضت حضورياً للمتهمين الأول والثاني وغيابياً للمتهم الثالث - عملاً بمواد الاتهام - بحبس كل منهم شهرين مع الشغل وكفالة لوقف التنفيذ مع إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسين جنيهاً ومصاريف الدعوى المدنية ومقابل أتعاب المحاماة. فعارض المحكوم عليه غيابياً وقضي في معارضته بتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف المتهمون، والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياً بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى موسى عبد الكريم الأشعب وبراءته مما نسب إليه وبرفض الدعوى المدنية قبله وألزمت المدعين مدنياً - المصروفات المدنية الخاصة بمخاصمة هذا المتهم، ورفض الاستئنافين من صابر عيد طنطاوي ومحمد عوض عريان المهدي وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة بالنسبة لهما لمدة ثلاث سنوات مع إلزامهما المصروفات المدنية الاستئنافية وأتعاب المحاماة. فطعن محمد عوض عريان المهدي في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أنه دانه بجريمة اختلاس أشياء محجوز عليها قضائياً دون أن يستظهر علمه بتوقيع الحجز عليها من عناصر تنتجه، إذ دلل الطاعن على وجوده بالخارج وقت توقيع الحجز ونفى علمه به. واستند الحكم في القول بتوافر هذا الركن إلى نسبة إقرار إلى الطاعن قيل بأنه أدلى به في تحقيق شكوى إدارية ومن إعلانه بالحجز وباليوم المحدد للبيع مع أن الشكوى المذكورة لم تقدم أو يجري فيها التحقيق إلا بعد حصول التبديد، وأن الحجز لم يعلن إلى شخص الطاعن حتى يسري العلم في حقه، وإذا جاز القول بصحة الإعلان ولو لم يتم لشخصه في نطاق قانون المرافعات في المسائل المدنية فإنه لا يصح في المسائل الجنائية - التي يشترط فيها لقيام القصد الجنائي فعلاً - أن ينتج هذا الإعلان أثره في الاستدلال به على علم الطاعن بالحجز. هذا إلى أن الحكم قد شابه غموض في بيان الواقعة التي دين بها الطاعن مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بعد أن بين الواقعة وأورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعن، عرض إلى علم الطاعن بالحجز فاستخلصه من "إقراره في الشكوى رقم 1907 سنة 1955 إداري مركز بني سويف ومن إعلانه به وباليوم المحدد لبيع المحجوزات ومما ثبت في المذكرة المقدمة من موكله أنه حين عاد من أوروبا علم من جاد عيد (المتهم الأول) أن حجزاً توقع من المدعين على أشياء مملوكة لعبد الغني عبد الحليم وأمر طبيعي أن يستفسر عن أعماله وما حدث أثناء غيبته"، واستظهر الحكم الاستئنافي المطعون فيه هذا الركن من إقرار الطاعن في الشكوى سالفة البيان ومن إعلانه بالحجز. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الحجز وقع بتاريخ 25 من أغسطس سنة 1954 وعين الشيخ موسى عبد الكريم حارساً من قبل الطالبين كما عين الشيخ جاد عيد حارساً معه وأعلن الطاعن بصورة من محضر الحجز بتاريخ 26 من أغسطس سنة 1954 مخاطباً مع السيد/ رياض أبو الخير كاتب الدائرة لغيابه ولم يحدد بمحضر الحجز يوم للبيع كأمر السيد رئيس المحكمة حتى يفصل في الإشكال المرفوع بشأن هذه المحجوزات, وتبين من الاطلاع على محضر التبديد المؤرخ في 4 ديسمبر سنة 1955 أنه سبق تحديد يوم 30 أكتوبر سنة 1955 للبيع ثم أجل البيع إلى 4 ديسمبر سنة 1955، كما تبين من الاطلاع على الشكوى المضمومة للأوراق أنها مقدمة من موسى عبد الكريم الأشهب إلى نيابة مركز بني سويف بتاريخ 24 يناير سنة 1955 ضد الطاعن وجاد عيد طنطاوي وذكر فيها أنه استلم دوار عزبة الطاعن عن طريق الإدارة بتاريخ 19 يناير سنة 1955 فلم يجد الأشياء السابق توقيع الحجز عليها، وقد سئل الطاعن بتاريخ 29 مارس سنة 1955 فقرر أنه لم يكن موجوداً وقت توقيع الحجز في 25 من أغسطس سنة 1955 بل كان متغيباً في أوروبا ولم يعلم به وأنه سبق لوكيل نيابة مركز بني سويف بتاريخ 11 يناير سنة 1955 أن أمر بتمكين موسى عبد الكريم بصفته وكيلاً عن السيدة فاطمة عريان عوض (شقيقة الطاعن) المحكوم لصالحها في القضية رقم 827 سنة 1954 مستعجل مصر - من وضع يده على الدوار والأطيان موضوع محضر التسليم المؤرخ 29 نوفمبر سنة 1954 تنفيذاً للحكم سالف الذكر وعندما قام رئيس نقطة شريف باشا بتسليم موسى عبد الكريم الدوار رفض هذا الأخير استلام الأشياء المحجوز عليها والمعين عليها حارساً فأخرجها رئيس النقطة من الدوار وألقى بها في عرض الطريق دون جردها وسلمها لشيخ العزبة ولما تظلم عبد الغني عبد العليم من قرار وكيل النيابة أمر رئيس النيابة بتاريخ 31 يناير سنة 1955 بإلغاء قرار وكيل النيابة وإعادة الحال إلى ما كانت عليه وأنه ثبت من المحضر الذي حرره اليوزباشي أنور ناشد بتاريخ 31 يناير سنة 1955 أنه وجد جميع المنقولات ملقاة أمام دوار الدائرة وأنه سلمها إلى عبد الغني عبد العليم وأصر الطاعن على أنه لم يستلم صورة من محضر الحجز أو أنه يعلم به، وإن كان قد صرح في نهاية أقواله بالشكوى المذكورة بأنه علم من جاد عيد بعد عودته من الخارج بهذا الحجز دون أن يحدد تاريخ علمه به. لما كان ذلك, وكان يبين مما تقدم أن استخلاص الحكم لعلم الطاعن بالحجز من مجرد قوله بأن الحارس أبلغه به بعد عودته من الخارج دون أن يحدد تاريخ هذا العلم أو أن يستجلي تاريخ وقوع التبديد وهل وقع قبل إبلاغه بالحجز أو بعده، غير سائغ ولا يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه، فضلاً عن أن استناد الحكم إلى إعلان الطاعن بالحجز في مواجهة كاتب دائرته بمقر الدائرة دون التدليل على ثبوت علم الطاعن بحصول الحجز عن طريق اليقين يعيب استدلال الحكم بالفساد، إذ مثل هذه الاعتبارات، إن صح التمسك بها ضد الطاعن من الوجهة المدنية، فإنه لا يصح في المواد الجنائية مؤاخذته بمقتضاها. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه يكون سديداً ويتعين لذلك قبول الطعن ونقض الحكم بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق