الصفحات

الأحد، 17 نوفمبر 2024

الطعن 1769 لسنة 29 ق جلسة 11/ 4/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 65 ص 328

جلسة 11 من أبريل سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

------------------

(65)
الطعن رقم 1769 سنة 29 القضائية

تحقيق. تفتيش: آثار بطلانه. تقدير اعتراف المتهم من حيث صلته بالتسبيب.
جواز أخذ المتهم باعترافه عند استقلاله عن التفتيش المقول ببطلانه.
جواز الاستدلال بما شهد به الشهود من وقائع تؤيد هذا الاعتراف لما بينهما من نوع اتصال. ذلك لا يعيب تدليل الحكم بالتناقض.

-------------------
لا تثريب على المحكمة إن هي عولت بصفة أصلية في إدانة المتهم على اعترافه الصادر منه أمام النيابة وفي الجلسة واتخذت منه دليلاًًًًً قائماًًًًً بذاته مستقلاًًًًً عن التفتيش على أساس أنه لم يقله متأثراًًًًً بإجراء القبض المدعى ببطلانه - ولا محل لتشكي المتهم فيما أجمله الحكم من أقوال الشهود بشأن واقعة إلقاء المخدر وأن اللفافة التي عثر عليها هي هي بذاتها التي ألقاها - إذ أن الاستدلال بأقوالهم إنما انصب على الوقائع التي شاهدوها بأنفسهم فذكرها الحكم تأييداً لهذا الاعتراف لما بينهما من نوع اتصال جعلها تأخذ بهذا الاعتراف كدليل أساسي لصدوره من المتهم في جميع مراحل التحقيق وهو ما يستفاد من عبارة الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن مع آخر حكم ببراءته بأنهما أحرزا جواهر مخدرة "حشيشاًًًًً وأفيوناًًًًً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و2 و33 ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول 1 - فقررت بذلك وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر مع المتهم (الطاعن) ببطلان القبض عليه لأنه لم يكن في حالة تلبس. والمحكمة المذكورة قضت حضورياًًًًً عملاًًًًً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم (الطاعن) بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المادة المخدرة والأدوات المضبوطة. وقد ردت المحكمة في أسباب حكمها على الدفع قائله بأنه غير جدي. فطعن المتهم هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن - القصور والتناقض في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه دفع أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش لحصوله في غير الأحوال المصرح بها قانوناًًًًً فلم تفصل المحكمة في الدفع - ودانته في إحراز المخدر مستندة - لا على الدليل المستمد من التفتيش وإنما على اعترافه أمام البوليس والنيابة والمحكمة بإحراز المنديل الذي كان يحوي المخدر - ولكنها عادت بعد ذلك واعتمدت على أقوال الشهود الذين أجروا التفتيش الباطل - واعتبرت أقوالهم دليلاًًًًً أضافته إلى اعتراف الطاعن - وكان يتعين عليها الفصل في الدفع إذ لو قضت فيه بالقبول - لكان حتماًًًًً عليها أن تستبعد الدليل المستمد من أقوال الشهود الذين أجروا التفتيش الباطل، وبذلك يسقط أحد الأدلة التي اعتمد عليها الحكم في الإدانة - ثم إن الحكم قال إن المتهم اعترف أمام البوليس في حين أنه لا يوجد له أي اعتراف سوى ما قاله المتهم من أن الطاعن اعترف للمأمور شفاهاً بإحرازه المنديل - وشهادة المأمور لا يصح الاعتماد عليها في الإدانة - على ما سبق بيانه - هذا وقد قام دفاع الطاعن على أن آخر سلمه المنديل بما يحويه من مخدر وأنه لم يكن يعلم بما فيه وما ساقه الحكم من دلائل لا تفيد توافر العلم لديه.
وحيث إن واقعة الحال في الدعوى أن النيابة اتهمت الطاعن وآخر بأنهما أحرزا جواهر مخدرة - حشيشاًًًًً - في غير الأحوال المصرح بها قانوناًًًًً - وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 و33 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول رقم 1 المرافق. فقضت محكمة جنايات سوهاج بعد سماعها الدعوى على الوجه المشروح في محضر الجلسة بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة وبراءة المتهم الآخر. وبين الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى في قوله "إنه بتاريخ 10/ 3/ 1958 أثناء عودة البكباشي محمد علي محمود مأمور مركز المنشاة بسيارة المركز وفي الطريق الموصل بين ناحيتي الأحايوه غرب وخارقة المنشاة شاهد محمد التابعي فرغلي (الطاعن) يقف على جسر طراد النيل وما أن شاهد السيارة حتى جرى بشكل يدعو إلى الاشتباه إلى زراعة الفول المملوكة لوالده المجاورة فأمر سائق السيارة العسكري محمد علي رشوان بالوقوف ونزلا منها يتبعهما العسكري محمد الضوى الغزالي الذي كان يركب السيارة من الخلف وجروا جميعهم خلف المتهم وأمره بالوقوف فلم يمتثل واستمر في جريه وأخرج من جيب جلبابه طربة حشيش ألقى بها بزراعة الفول فوقف المأمور والسائق عند مكان إلقائها وتابعه العسكري حتى أمسك به وخشي تجمع الأهالي فاصطحب المتهم معه إلى أقرب بلدة وهي خارقة المنشاة حيث أودعه حجرة التليفون بعد أن أمر العسكري بالمحافظة على مكان إلقاء طربة الحشيش وعاد وبرفقته الخفير محمد علي عارف إلى مكان الحادث وبحثوا جميعهم في المكان الذي ألقى فيه المتهم الطربة فعثر عليها الخفير النظامي محمد علي عارف فعاد وأصطحب المتهم معه إلى المركز وسأله شفوياًًًًً فاعترف له بأن طربة الحشيش التي عثر عليها هي التي كانت معه وألقاها بزراعة الفول وأن محمود بهلول محمد هو الذي سلمها له لتوصيلها إلى شخص يدعى أحمد فضل الله فأبلغ الحادث وبوشر التحقيق فاعترف المتهم أمام وكيل النيابة المحقق بأن محمود بهلول محمد - المتهم الثاني - سلمه اللفافة المضبوطة وأشار إلى طربة الحشيش ليسلمها لأحمد فضل الله فوضعها في جيبه وأثناء سيره على الجسر شاهد سيارة البوليس فجرى ولما وجد رجال البوليس يطاردونه أخرجها من جيبه وألقى بها في زراعة الفول، وزعم أنه ما كان يعلم أن بداخلها حشيشاًًًًً وكرر اعترافه بالجلسة وأمام المحكمة وعلل إلقاء اللفافة رغم زعمه بأنه لا يعلم ما بداخلها بخوفه من رجال البوليس" واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى اعترافه بالتحقيقات وبالجلسة وإلى أقوال البكباشي محمد علي محمود والعسكري محمد الضوى غزالي والخفير محمد علي عارف والعسكري محمد علي رشوان وما ثبت من التقرير الطبي الشرعي، وقال الحكم في شأن ما يثيره الطاعن في طعنه بشأن الدفع ببطلان القبض: "وحيث إنه بصرف النظر عما أثير حول بطلان القبض على المتهم فإن المحكمة تأخذ من اعترافه بحمل المادة المضبوطة وإحرازها دليلاًًًًً قائماًًًًً بذاته ومستقلاًًًًً عن إجراءات القبض والتفتيش وتطمئن المحكمة إلى هذا الاعتراف وترتاح إليه إذ صدر منه في جميع مراحل الدعوى أمام البوليس وأمام النيابة وأمام المحكمة وتلتفت عن قوله بأنه لم يكن يعلم بأن ما في اللفافة المضبوطة مخدراًًًًً وترى أن هذا القول غير جدي وإلا لما كان قد جرى بما يحمله بمجرد رؤيته رجال البوليس من بعيد ولما ألقى به في الزراعة - فإن ذلك يدل على أنه كان يعلم بأن ما يحمله هو مخدر وهو ما تطمئن إليه المحكمة ويرتاح ضميرها إليه. وحيث إنه لما تقدم جميعه تطمئن المحكمة إلى شهادة الشهود الذين تقدم ذكرهم والذين شهدوا بأنهم رأوا المتهم يلقي بطربة الحشيش المضبوطة إلى الزراعة والذين شهدوا بأن طربة الحشيش التي التقطت من الزراعة هي بذاتها التي ألقى بها المتهم، كما تطمئن إلى اعتراف المتهم بحمله وإحرازه تلك الطربة من الحشيش المضبوطة وتطمئن كذلك إلى أن المتهم حين حمل هذه المادة كان يعلم أنها مخدر". لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عوّلت بصفة أصلية - في إدانة المتهم على اعترافه الصادر منه أمام النيابة وفي الجلسة - واتخذت منه دليلاًًًًً قائماًًًًً بذاته مستقلاًًًًً عن التفتيش - على أساس أنه لم يقله متأثراًًًًً بإجراء القبض المدعى ببطلانه فلا تثريب عليها في ذلك - ولا محل لتشكي الطاعن فيما أجمله الحكم من أقوال الشهود بشأن واقعة إلقاء المخدر - وأن اللفافة التي عثر عليها هي هي بذاتها التي ألقاها في زراعة الفول - إذ أن الاستدلال بأقوالهم إنما ينصب على الوقائع التي شاهدوها بأنفسهم فذكرها الحكم تأييداًًًًً لهذا الاعتراف لما بينهما من نوع اتصال جعلها تأخذ بهذا الاعتراف كدليل أساسي لصدوره من الطاعن في جميع مراحل التحقيق وهو ما يستفاد من عبارة الحكم. لما كان ذلك، وكان الطاعن معترفاًًًًً بإحرازه المخدر أمام النيابة وبالجلسة فلا يجديه ما يدعيه أنه لم يعترف بالواقعة في محضر البوليس إنما كان اعترافه شفوياًًًًً للمأمور، وكان ما أورده الحكم كافياًًًًً في الدلالة على أن المتهم كان يعلم بأن ما كان يحرزه هو مادة مخدرة - فقد استكملت الجريمة أركانها القانونية، وتوفرت عناصر المسئولية الجنائية. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته لا يكون له محل - ويتعين رفضه موضوعاًًًًً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق