الصفحات

الاثنين، 4 نوفمبر 2024

الطعن 1554 لسنة 29 ق جلسة 1 / 3/ 1960 مكتب فني 11 ج 1 ق 39 ص 201

جلسة أول مارس سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

----------------

(39)
الطعن رقم 1554 لسنة 29 القضائية

استئناف.
إصدار الأحكام الاستئنافية بإلغاء البراءة أو تشديد العقوبة المحكوم بها. شرط الإجماع: نطاقه. قصره على حالة الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة. تطبيق القانون على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع. علة ذلك.
قانون.
تفسيره: التفسير القضائي. علة التشريع. الأعمال التحضيرية والمذكرة الإيضاحية. مثال في تفسير المادة 417/ 2 أ. ج.

-------------------
يستبين من المذكرة الإيضاحية للمادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الثانية، ومن تقرير اللجنة التي شكلت للتنسيق بين مشروعي قانوني الإجراءات الجنائية والمرافعات أن مراد الشارع من النص على وجوب إجماع آراء قضاة المحكمة الاستئنافية عند تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة إنما هو مقصور على حالات الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقدير الوقائع والأدلة وأن تكون هذه الوقائع والأدلة كامنة في تقرير مسئولية المتهم واستحقاقه للعقوبة أو إقامة التناسب بين هذه المسئولية ومقدار العقوبة - وكل ذلك في حدود القانون إيثاراً من الشارع لمصلحة المتهم - يشهد لذلك أن حكم هذه المادة مقصور على الطعن بالاستئناف دون الطعن بالنقض الذي يقصد منه العصمة من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه، وأن المذكرة الإيضاحية قد أفصحت في بيانها لعلة التشريع عن أن ترجيح رأي قاضي محكمة أول درجة في حالة عدم توافر الإجماع مرجعه إلى أنه هو الذي أجرى التحقيق في الدعوى وسمع الشهود بنفسه، وهو ما يوحي بأن اشتراط إجماع القضاة مقصور على حالة الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة - أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف، والمصير إلى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع، بل لا يتصور أن يكون الإجماع إلا لتمكين القانون وإجراء أحكامه لا أن يكون ذريعة إلى تجاوز حدوده.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه حال دون تأدية مراقب الصحة أعمال وظيفته بأن منعه من أخذ عينة ألبان من محله. وطلبت عقابه بالمواد 11 و12 و12 مكرر من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 83 لسنة 1948. والمحكمة الجزئية قضت حضورياً بتغريم المتهم 200 قرش بلا مصاريف. فاستأنفت النيابة الحكم، والمحكمة الاستئنافية قضت غيابياً وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم 500 قرش بلا مصاريف، فعارض المحكوم عليه وقضي في معارضته بتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصاريف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بتأييد الحكم المعارض فيه الصادر بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المحكوم عليه مبلغ خمسمائة قرش بدلاً من الغرامة "مائتي قرش" التي سبق أن قضت بها محكمة أول درجة دون أن ينص على أنه صدر بإجماع آراء قضاة المحكمة. وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد شدد العقوبة على خلاف ما تقضي به المادة 417/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية - ولا يغني في هذا المقام أن يكون الحكم الغيابي الاستئنافي قد نص في منطوقه على صدوره بإجماع الآراء، ذلك لأن المعارضة إنما تعيد الدعوى إلى حالتها الأولى في حدود مصلحة المعارض.
وحيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المتهم بوصف أنه "حال دون تأدية مراقب الصحة لأعمال وظيفته بأن منعه من أخذ عينة ألبان من محله" وطلبت عقابه طبقاً للمواد 11 و12 و12 مكرر من القانون رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 83 لسنة 1948 فقضت محكمة أول درجة بتغريمه مائتي قرش عملاً بالمواد سالفة الذكر، فاستأنفت النيابة الحكم المذكور للخطأ في القانون وقضت المحكمة الاستئنافية غيابياً وبإجماع الآراء بقبول الاستئناف وإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم خمسمائة قرش. فعارض المحكوم عليه فقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه دون أن تنص على أنه صدر بإجماع آراء قضاة المحكمة.
وحيث إنه وإن نصت الفقرة الثانية من المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه لا يجوز تشديد العقوبة المحكوم بها ولا إلغاء الحكم الصادر بالبراءة إلا بإجماع آراء قضاة المحكمة، إلا أنه يستبين من المذكرة الإيضاحية لهذه المادة ومن تقرير اللجنة التي شكلت للتنسيق بين مشروعي قانوني الإجراءات الجنائية. والمرافعات أن مراد الشارع من النص على وجوب إجماع آراء قضاة المحكمة الاستئنافية عند تشديد العقوبة أو إلغاء حكم البراءة إنما هو مقصور على حالات الخلاف بينها وبين محكمة أول درجة في تقدير الوقائع والأدلة وأن تكون هذه الوقائع والأدلة كامنة في تقرير مسئولية المتهم واستحقاقه للعقوبة أو إقامة التناسب بين هذه المسئولية ومقدار العقوبة وكل ذلك في حدود القانون إيثاراً من الشارع لمصلحة المتهم، يشهد لذلك أن حكم هذه المادة مقصور على الطعن بالاستئناف دون الطعن بالنقض الذي يقصد منه العصمة من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه - لما كان ذلك، وكانت المذكرة الإيضاحية قد أفصحت في بيانها لعلة التشريع عن أن ترجيح رأي قاضي محكمة أول درجة في حالة عدم توافر الإجماع مرجعه إلى أنه هو الذي أجرى التحقيق في الدعوى وسمع الشهود بنفسه وهو ما يوحي بأن اشتراط إجماع القضاة قاصر على حالة الخلاف في تقدير الوقائع والأدلة وتقدير العقوبة، أما النظر في استواء حكم القانون فلا يصح أن يرد عليه خلاف، والمصير إلى تطبيقه على وجهه الصحيح لا يحتاج إلى إجماع، بل لا يتصور أن يكون الإجماع إلا لتمكين القانون وإجراء أحكامه لا أن يكون ذريعة إلى تجاوز حدوده. لما كان ذلك، وكان نص المادة 12 مكرر من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 83 لسنة 1948 أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تتجاوز مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حال دون تأدية الموظفين المشار إليهم بالمادة 11 أعمال وظائفهم سواء بمنعهم من دخول المصانع أو المخازن أو المتاجر أو من الحصول على عينات أو بأية طريقة أخرى" لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتغريم المحكوم عليه خمسة جنيهات بالتطبيق لهذه المادة يكون قد أعمل حكم القانون وهو في ذلك لم يشدد العقوبة بالمعنى الذي رمى إليه المشرع من سن القاعدة الواردة بالفقرة الثانية من المادة 417 من قانون الإجراءات، وإنما هو قد صحح خطأ قانونياً وقع فيه الحكم المستأنف. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق