الصفحات

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2024

الطعن 232 لسنة 32 ق جلسة 7 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 112 ص 825

جلسة 7 من أبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام.

---------------

(112)
الطعن رقم 232 لسنة 32 القضائية

(أ) عقد. "إلغاء العقد". "التقايل". أثره.
ليس للتقايل (التفاسخ) أثر رجعي إلا إذا اتفق الطرفان على ترتيب هذا الأثر عليه بالنسبة لكل أو بعض الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد الذي تفاسخاً عنه.
(ب) عقد. "العقود الإدارية". "غرامات التأخير". التزام. "الشرط الجزائي".
عقد التوريد المبرم بين شخص وإحدى جهات الإدارة بشأن توريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام مع احتوائه على شروط غير مألوفة في القانون الخاص. عقد إداري تحكمه قواعد القانون الإداري دون أحكام القانون المدني.

غرامات التأخير المنصوص عليها في العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن الشرط الجزائي في العقود المدنية. حق جهة الإدارة في توقيعها من تلقاء نفسها دون الالتجاء إلى القضاء للحكم بها ولها أن تستنزل قيمتها مما يكون مستحقاً في ذمتها للمتعاقد المتخلف. لا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت ضرر للإدارة. لا يعفى المتعاقد منها إلا إذا كان الإخلال بالالتزام راجعاً إلى قوة قاهرة أو إلى فعل جهة الإدارة المتعاقدة معه أو إلى إعفائها إياه من المسئولية عن التأخير في تنفيذ التزامه أو التخلف عنه.

(ج) عقد. "العقود الإدارية". "تنازل الإدارة عن غرامات التأخير".
للإدارة أن تتنازل عن الغرامات المنصوص عليها في العقد الإداري كلها أو بعضها. وجوب التعبير عن إرادتها في هذا التنازل بكيفية صريحة.

-----------------
1 - متى كان الطرفان قد تراضيا على إلغاء العقد فإن هذا التفاسخ (التقايل) لا يكون له أثر رجعي إلا إذا اتفقا على ترتيب هذا الأثر بالنسبة لكل أو بعض الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد الذي تفاسخا عنه.
2 - متى كان العقد قد أبرم بين شخص وإحدى جهات الإدارة (وزارة التربية والتعليم) بشأن توريد أغذية لازمة لتسيير مرفق عام هو مرفق التعليم واحتوى العقد على شروط غير مألوفة في القانون الخاص فإن هذا العقد تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني وتقضي تلك الأصول بأن غرامات التأخير والتخلف عن التنفيذ التي ينص عليها في العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن الشرط الجزائي في العقود المدنية إذ أن هذه الغرامات جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزاماته في المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام وهي بهذه المثابة لا تستهدف تقويم الاعوجاج في تنفيذ الالتزامات التعاقدية بقدر ما تتوخى من تأمين سير المرافق العامة واطراد عملها ولذلك يحق للإدارة أن توقع الغرامة المنصوص عليها في العقد من تلقاء نفسها دون حاجة للالتجاء إلى القضاء للحكم بها وذلك بمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاء لها كما أن للإدارة أن تستنزل قيمة هذه الغرامة مما يكون مستحقاً في ذمتها للمتعاقد المتخلف ولا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت الضرر للإدارة من جراء إخلال هذا المتعاقد بالتزامه فلا يجوز لهذا الأخير أن ينازع في استحقاقها للغرامة كلها أو بعضها بحجة انتفاء الضرر أو المبالغة في تقدير الغرامة في العقد لدرجة لا تتناسب مع قيمة الضرر الحقيقي. ولا يعفى هذا المتعاقد من الغرامة إلا إذا ثبت أن إخلاله بالتزامه يرجع إلى قوة قاهرة أو إلى فعل جهة الإدارة المتعاقدة معه أو إذا قدرت هذه الجهة ظروفه وقررت إعفاءه من آثار مسئوليته عن التأخير في تنفيذ التزامه أو التخلف عنه (1).
3 - من المقرر في فقه القانون الإداري أنه وإن كان من حق جهة الإدارة أن تتنازل عن الغرامات المنصوص عليها في العقد الإداري كلها أو بعضها فإنه يشترط ذلك أن تكشف عن إرادتها في هذا التنازل بكيفية صريحة (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم المرحوم أحمد عبد الفتاح تعاقد مع منطقة الفيوم التعليمية على توريد أغذية لبعض المدارس التابعة لها في العام الدراسي 1951 - 1952 وذلك بعد طرح عملية التوريد في المناقصة وقبول عطائه، وقد بدأ فعلاً في التوريد من 12 يناير سنة 1952 إلا أنه توقف في 12 فبراير سنة 1952 وطلب من المنطقة إعفاءه من هذا الالتزام بسبب مرضه وقد قبلت الوزارة الطاعنة إعفاءه وأخطرته بهذا القبول في 16 من مارس سنة 1952 وما طلب المورث من المنطقة صرف ثمن الأغذية التي كان قد وردها في الفترة السابقة لتوقفه عن التوريد امتنعت بدعوى أن الغرامات المستحقة لها طبقاً لشروط التوريد نظير تخلفه عن التوريد في المدة السابقة على تاريخ قبولها فسخ العقد تزيد على ثمن الأغذية التي قام بتوريدها - إزاء ذلك رفع المورث على الوزارة الطاعنة الدعوى رقم 358 سنة 1953 كلي الفيوم التي انتهى في طلباته الختامية بها إلى طلب بإلزام الوزارة بأن تدفع له مبلغ 2179 ج و500 م من ذلك مبلغ 1146 ج و21 م ثمن ما ورده من أغذية و333 ج و520 م قيمة التأمين المدفوع منه و700 ج قيمة أدوات وموازين وأغذية جافة كانت قد أودعها مخازن المنطقة لاستعمالها في التوريد ولم تسلمها المنطقة له - وقد ردت الوزارة على هذه الدعوى بدعوى فرعية أقامتها على المورث وطالبته فيها بأن يدفع لها 927 ج و359 م على أساس أن هذا المبلغ يمثل باقي المستحق لها من غرامات نظير عدم التوريد في الفترة السابقة لتاريخ قبولها فسخ العقد وذلك بعد استنزال ثمن الأغذية التي قام بتوريدها وقد دفع المورث دعوى الوزارة الطاعنة بأن تخلفه عن التوريد يرجع إلى مرضه مرضاً خطيراً مما يعتبر قوة قاهرة تحول دون استحقاق الغرامة وبأن العقد وقد فسخ فإنه يزول من وقت نشوئه وبالتالي تزول نصوصه المقررة للغرامات - وبتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1955 قضت المحكمة الابتدائية بندب مكتب خبراء وزارة العدل لبيان مقدار ما قام المورث بتوريده من أغذية في المدة من 15 يناير سنة 1952 حتى 12 فبراير سنة 1952 وما لم يتم توريده بعد ذلك حتى نهاية العقد ومقدار ما تحملته الوزارة من المصاريف نتيجة لفروق الأسعار إن وجدت - وبتاريخ 10 فبراير سنة 1958 قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة مورث مطعون ضدهم فقام ورثته بتعجيل الدعوى في 10 من مارس سنة 1958 وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن قيمة ما ورده المورث 1232 ج و983 م يخصم منه 71 ج و283 م قيمة فرق استبدال أغذية بأخرى و15 ج و678 م ثمن أصناف لم تورد في الفترة التي حصل فيها التوريد و7 ج و230 م رسم دمغة وأن قيمة الأغذية التي لم تورد في المدة من 12 فبراير سنة 1952 حتى 16 مارس سنة 1952، 2094 ج و88 م وأن الغرامات نظير عدم توريد هذه الأغذية بلغت حسب تقدير المنطقة 1857 ج و650 م وذكر الخبير أن الوزارة لم تتحمل أي فروق أسعار لأنها بعد أن توقف المورث عن التوريد حرمت التلاميذ من التغذية حتى نهاية العام وبذلك لم تشتر شيئاً على حساب المتعهد - وبتاريخ 8 من ديسمبر سنة 1960 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام منطقة الفيوم التعليمية ممثلة في الطاعنين بأن تدفع للمطعون ضدهم مبلغ 1138 ج و791 م وهو ما يمثل ثمن الأغذية الموردة بعد خصم فرق الاستبدال وثمن الأصناف التي لم تورد في فترة التوريد ورسم الدمغة وانتهى هذا الحكم إلى أن من حق الوزارة مصادرة التأمين كتعويض لها عن الأضرار الأدبية التي أصابتها بسبب توقف المورث عن التوريد وقد رفع المطعون ضدهم عن هذا الحكم استئنافاً أمام محكمة استئناف القاهرة قيد برقم 524 لسنة 78 ق طلبوا فيه القضاء بما لم يحكم لهم به من طلباتهم كما رفعت الوزارة الطاعنة بدورها استئنافاً قيد برقم 1600 لسنة 78 ق طلبت فيه إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى مورث المطعون ضدهم والحكم لها بطلباتها من دعواها الفرعية وبتاريخ 28 من مارس سنة 1962 حكمت محكمة الاستئناف في الاستئناف الأول المرفوع من المطعون ضدهم بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الوزارة الطاعنة بأن تدفع لهم مبلغ 1462 ج و780 م وهو ما يمثل المبلغ المقضي به ابتدائياً مضافاً إليه التأمين المدفوع من مورثهم - وفي الاستئناف الثاني المرفوع من الوزارة برفضه فطعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وخالف الثابت في الأوراق ذلك أنه أقام قضاءه بعدم استحقاق الوزارة الطاعنة للغرامات المنصوص عليها في كراسة الشروط على أنه لم يثبت لحوق ضرر لها من جراء تخلف المتعهد (مورث المطعون ضدهم) عن التوريد وأن الوزارة قد قبلت فسخ العقد مطلقاً ولم تقيده بشروط أو تحفظات مما يسقط حقها في توقيع تلك الغرامات وترى الطاعنة أن الأساس الأول ينطوي على مخالفة للقانون ذلك أن العقد المبرم بينها وبين مورث المطعون ضدهم هو عقد توريد إداري لاتصاله بتسيير مرفق عام هو مرفق التعليم ولاشتمال العقد على شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص كما هو واضح من الشروط الواردة في كراسة توريد الأغذية وأنه إذ كانت قواعد القانون الإداري التي تحكم العقد تقضي بأن الغرامات التي ينص عليها في العقود الإدارية تستحق متى توفرت شروط استحقاقها بحصول الإخلال من جانب المتعاقد معها وبغير حاجة إلى حكم بها وللإدارة أن تستنزل قيمتها من المبالغ التي في ذمتها لهذا التعاقد ودون أن تلتزم بإثبات حصول ضرر لها من جراء عدم التنفيذ أو التأخير فيه كما لا يقبل ابتداء من المتعهد إثبات عدم حصول هذا الضرر للتنصل من الغرامة فإن الحكم المطعون فيه إذا اشترط لاستحقاق هذه الغرامة ثبوت الضرر يكون مخطئاً في القانون كذلك فإن الأساس الثاني الذي استند إليه الحكم ينطوي على مخالفة للثابت في الأوراق وعلى خطأ في القانون ذلك أنه وإن كان لجهة الإدارة في حالة فسخ العقد رضاء أن تقدر الظروف التي تم فيها الفسخ فتعفي المتعاقد معها من تطبيق الجزاءات المنصوص عليها في العقد كلها أو بعضها بما في ذلك غرامة التأخير إذا هي قدرت أن لذلك محلاً إلا أن هذا الإعفاء يجب أن يكون صريحاً وقاطعاً في أن الإدارة قد تنازلت عن حقها في توقيع الغرامة وقت أن كان العقد سارياً لأن التنازل عن الحقوق المالية المتصلة بحقوق الخزانة لا يجوز أن يكون ضمنياً كما أن مجرد قبول الإدارة فسخ العقد لا يتضمن بطريق اللزوم إعفاء المتعاقد معها من الغرامات التي استحقت قبل الفسخ وإذ كان الثابت من الأوراق التي كانت معروضة على محكمة الموضوع أن الوزارة الطاعنة لم تتنازل عن حقها في توقيع الغرامات التي استحقت لها بسبب تخلف مورث المطعون ضدهم عن التوريد في الفترة السابقة لقبولها فسخ العقد بل إن الوزارة حين أخطرت المورث بالفسخ قد أكدت تمسكها بحقوقها التي تضمنها دفتر الشروط ومن بينها الغرامات فذكرت في خطابها المرسل إليه أنها توافق على فسخ العقد وهذا بخلاف الإجراءات القانونية الأخرى التي ستتخذ والتي نصت عليها كراسة الشروط فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بعدم أحقية الوزارة الطاعنة في احتساب قيمة الغرامات على أنها قبلت الفسخ مطلقاً وبغير شرط أو تحفظ يكون مخطئاً أيضاً في القانون علاوة على مخالفة الثابت في الأوراق.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أورد في تقريراته أن العقد قد انحل باتفاق الطرفين وهو ما يعرف بالتقايل وأن الأصل في التقايل أنه ليس له أثر رجعي إلا أن الحكم لم يعمل هذه القاعدة بل خالفها واعتبر أن الفسخ يرجع إلى اليوم الذي طلب فيه مورث المطعون ضدهم إعفاءه من التوريد وهو يوم 12 فبراير سنة 1952 وقال الحكم في تبرير ذلك "إن الثابت أن المورث توقف عن التوريد بحجة مرضه اعتباراً من 12/ 2/ 1952 وطلب من المنطقة إعفاءه من التوريد بداعي المرض وقد فحص الأمر بمعرفة أحد المفتشين الإداريين ورؤى قبول الفسخ وأخطرت المنطقة المورث بقبول الفسخ فعلاً دون شرط أو تحفظ أي أن الوزارة رأت أن للمورث المتعهد عذراً فقبلت منه الفسخ وبطبيعة الحال يرجع هذا الفسخ على التاريخ الذي توقف فيه المتعهد عن التوريد" وقال الحكم في موضع آخر "إنه وقد أظهر المورث رغبته في الفسخ لعجزه عن الاستمرار في التنفيذ بسبب مرضه حسب وجهة نظره وقبلت المنطقة ذلك العرض من جانبه فبديهي أن هذا القبول يرجع إلى تاريخ العرض وهو تاريخ التوقف وهو 12/ 2/ 1952 أي أن إرادة الوزارة التقت مع إرادة المتعهد التي أبداها في 12/ 2/ 1952 وإن كان هناك فسخ فإنه يكون من هذا التاريخ... وتاريخ الموافقة على الفسخ ليس معناه أن الفسخ من وقتها بل يتوقف ذلك على ظروف كل عقد أهو فوري أو زمني ومن المقرر أن الفسخ إنما يكون بعد تاريخ العقد وبالاتفاق عليه يكون له أثر رجعي وإذن لا محل للتمسك بتاريخ 16/ 3/ 1952 على أنه تاريخ الفسخ الحقيقي إذ لو صح ذلك لانعدمت الحكمة المنصوص عليها في المادة 221 مدني التي تعيد الطرفين إلى ما قبل العقد" ثم استطرد الحكم إلى بحث ما إذا كان قد لحق بالوزارة الطاعنة ضرر من جراء عدم التنفيذ وانتهى إلى القول بأنه لا ضرر مادي أو أدبي لحقها بحال من الأحوال لأنها منذ توقف المورث عن التوريد تركت التلاميذ بغير تغذية إلى نهاية العام وقد استفادت من المبالغ المرصودة لهذه التغذية مع أنه كان بديهياً وطبيعياً أن تقوم بعملية الغذاء إما من السلفة التي أشارت في كتابها إلى المنطقة وإما بتكليف متعهد آخر ولكنها لم تفعل ورتب الحكم على ما تقدم عدم أحقية الوزارة في توقيع الغرامات المنصوص عليها في شروط التوريد الملحقة بالعقد - وقال الحكم رداً على استئناف الوزارة "أما وهي أي الحكومة ارتضت الفسخ وقبلته طائعة مختارة وأخطرت المتعهد بذلك كما أنها لم تقم بأي عمل إيجابي يدل على رغبتها في الاستمرار في تنفيذ العقد على حساب المتعهد كما أنها لم تشترط أي شرط عليه بل قبلت الفسخ مطلقاً بعد اطلاع الجهة المختصة على تقرير مفتش مسئول أما وقد قبل الطرفان الفسخ وقبلا زوال العقد فلا مناص من تطبيق ما يقتضيه هذا التقايل وهذه الإرادة على نحو ما أشارت إليه المحكمة بأسباب الاستئناف السابق" وهذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه لعدم أحقية الوزارة الطاعنة في احتساب غرامات على مورث المطعون ضدهم في الفترة السابقة لتاريخ قبولها فسخ العقد غير صحيح في القانون ذلك أنه يبين من الكتاب الذي أرسله مراقب منطقة الفيوم التعليمية إلى مورث المطعون ضدهم يبلغه فيه موافقة الوزارة على فسخ العقد أنه جاء به ما يأتي "إيماء إلى كتاب الإدارة العامة لشئون التغذية رقم 3621 بتاريخ 16/ 3/ 1952 نحيطكم علماً أنها وافقت على فسخ العقد المبرم بينك وبين الوزارة هذا بخلاف الإجراءات القانونية الأخرى التي ستتخذ والتي نصت عليها كراسة الشروط" ولما كان هذا الذي تراضى عليه الطرفان بشأن فسخ العقد يعتبر تفاسخاً (تقايلاً) وهذا التفاسخ يتم بإيجاب وقبول ولا يكون له أثر رجعي إلا إذا اتفق الطرفان على ترتيب هذا الأثر له بالنسبة لكل أو بعض الحقوق والالتزامات المترتبة على العقد الذي تفاسخا عنه وإذ كان خطاب الوزارة المتضمن قبولها فسخ العقد ليس فيه ما يفيد أنها قبلت صراحة أو ضمناً أن يكون الفسخ بأثر رجعي فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبرا الفسخ راجعاً إلى تاريخ طلبه من مورث المطعون ضدهم في 12 فبراير سنة 1952 أي من تاريخ الإيجاب يكون مخالفاً للقانون كذلك فإنه لما كان عقد التوريد الذي بين الوزارة وبين مورث المطعون ضدهم والذي تفاسخ عنه هو عقد إداري لأنه أبرم بين هذا المورث وبين إحدى جهات الإدارة (وزارة التربية والتعليم) بشأن توريد أغذية لازمة لتسيير مرفق عام هو مرفق التعليم واحتوى العقد على شروط غير مألوفة في القانون الخاص كما يبين من الشروط الواردة في كراسة توريد الأغذية التي تعتبر مكملة لشروط العقد فإن هذا العقد تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني وتقضي تلك الأصول بأن غرامات التأخير والتخلف عن التنفيذ التي ينص عليها في العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن الشرط الجزائي في العقود المدنية إذ أن هذه الغرامات جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزامه في المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام وهي بهذه المثابة لا تستهدف تقويم الاعوجاج في تنفيذ الالتزامات التعاقدية بقدر ما تتوخى من تأمين سير المرافق العامة واطراد عملها ولذلك يحق للإدارة أن توقع الغرامة المنصوص عليها في العقد من تلقاء نفسها ودون حاجة للالتجاء إلى القضاء للحكم بها وذلك بمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاء لها كما أن للإدارة أن تستنزل قيمة هذه الغرامة مما يكون مستحقاً في ذمتها للمتعاقد المتخلف ولا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال هذا المتعاقد بالتزامه فلا يجوز لهذا الأخير أن ينازع في استحقاقها للغرامة كلها أو بعضها بحجة انتفاء الضرر أو المبالغة في تقدير الغرامة في العقد لدرجة لا تتناسب مع قيمة الضرر الحقيقي، ولا يعفى هذا المتعاقد من الغرامة إلا إذا أثبت أن إخلاله بالتزامه يرجع إلى قوة قاهرة أو إلى فعل جهة الإدارة المتعاقدة معه أو إذا قدرت هذه الجهة ظروفه وقررت إعفاءه من آثار مسئوليته عن التأخير في تنفيذ التزامه أو التخلف عنه - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه بعدم استحقاق الوزارة الطاعنة لغرامة عدم التوريد المنصوص عليها في شروط التوريد إلى انتفاء الضرر يكون مخالفاً للقانون كما أنه إذ استند إلى أن الوزارة الطاعنة قد قبلت الفسخ مطلقاً أو غير مقيد بشروط أو تحفظات مما يفيد تنازلها عن الغرامة يكون مخالفاً للثابت في الأوراق ومخطئاً في القانون ذلك أنه علاوة على أنه يبين من الخطاب المتضمن إخطار مورث المطعون ضدهم بقبول الوزارة فسخ العقد إنها احتفظت فيه بحقها في اتخاذ الإجراءات التي نصت عليها كراسة الشروط وهذه الإجراءات تشمل غرامات التأخير وعدم التوريد المنصوص عليها في هذه الكراسة في البند التاسع عشر الأمر الذي يخالف ما قرره الحكم من أن قبول الوزارة للفسخ كان مطلقاً وغير مقيد بشروط أو تحفظات علاوة على هذا فإن المقرر في فقه القانون الإداري وفي قضائه أنه وإن كان من حق الإدارة أن تتنازل عن الغرامات المنصوص عليها في العقد كلها أو بعضها فإنه يشترط لذلك أن تكشف عن إرادتها في هذا التنازل بكيفية صريحة وهو ما لم يحصل في النزاع الماثل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه ولما كان خطأه على النحو السابق بيانه قد حجب محكمة الاستئناف عن بحث دفاع مورث المطعون ضدهم المتضمن أن تخلفه عن التوريد يرجع إلى مرضه مرضاً خطيراً يعتبر قوة قاهرة وهو دفاع لو صح لترتب عليه إعفاءه من الغرامة لما سبق تقريره من أن القوة القاهرة تعتبر من أسباب الإعفاء من تلك الغرامة - لما كان ذلك، فإنه يتعين إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف لتحقيق هذا الدفاع بما يقتضيه هذا التحقيق من بحث ما إذا كان مرض المورث قد طرأ بعد التعاقد أو كان سابقاً عليه وإن كان طارئاً فهل توفرت فيه شروط القسوة القاهرة أو لم تتوفر والفصل في الدعوى تبعاً لما يسفر عنه هذا البحث ووفقاً للقواعد القانونية الواردة في هذا الحكم.


(1) نقض 19/ 10/ 1965 و26/ 10/ 1965 بمجموعة المكتب الفني س 16 ص 897 و922 على التوالي.
(2) نقض 6/ 2/ 1964 بمجموعة المكتب الفني س 15 ص 213.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق