الصفحات

الاثنين، 21 أكتوبر 2024

الفتوي رقم 194 لسنة 2022 ق مجلس الدولة جلسة 13 / 2 / 2022

الفتوى رقم 194 لسنة 2022 بتاريخ فتوى : 13/02/2022 و تاريخ جلسة : 12/01/2022


موضوع الفتوى :
بشأن النزاع القائم بين مركز ومدينة طهطا، ومصلحة الضرائب المصرية، بخصوص عدم صحة تسجيله لديها ومطالبته بضريبة على القيمة المضافة عن نشاطي منح التزام استغلال سوق طهطا العمومي وتأجير مبنى صيدناوي سابقا.

نص الفتوى :
بسم اللــــه الرحمـــن الرحيــــم
رقم التبليغ:
بتاريــخ: / /2022

ملف رقم: 32/2/5475
السيد اللواء/ محافظ سوهاج
تحية طيبة، وبعد،

فقد اطلعنا على كتابكم رقم (754) المؤرخ 20/9/2021 الموجه إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة، بشأن النزاع القائم بين مركز ومدينة طهطا، ومصلحة الضرائب المصرية، بخصوص عدم صحة تسجيله لديها ومطالبته بضريبة على القيمة المضافة عن نشاطي منح التزام استغلال سوق طهطا العمومي وتأجير مبنى صيدناوي سابقا.
وحاصل الوقائع- حسبما يبين من الأوراق– أن مصلحة الضرائب المصرية (مأمورية طهطا) طالبت الوحدة المحلية لمركز ومدينة طهطا بكتابها رقم (206) في 8/2/2021 بأداء مبلغ (315860,13) ثلاثمائة وخمسة عشر ألفًا وثمانمائة وستون جنيهًا وثلاثة عشر قرشًا، كضريبة على القيمة المضافة عن الفترة من 29/10/2019 إلى 31/12/2020، على سند من أن قيام المركز بمنح حق استغلال سوق طهطا العمومي للغير وتأجير مبنى صيدناوي سابقا، خلال فترات النزاع، يعتبر خدمة خاضعة للضريبة في مفهوم تطبيق أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم (67) لسنة 2016، وإزاء ما ترونه من عدم خضوع هذين النشاطين لتلك الضريبة لانحسار مفهوم الخدمات عنهما، فقد طلبتم عرض النزاع على الجمعية العمومية.
وفي معرض استيفاء الأوراق من جانب إدارة الفتوى لوزارة التنمية المحلية فقد أفادت مصلحة الضرائب المصرية (مأمورية طهطا) بكتابها رقم (1965) المؤرخ 15/11/2021 بأن تأجير سوق طهطا العمومي وتأجير مبنى صيدناوي سابقا، من قبيل إيجار المحال التجارية غير المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة المقررة بالقانون رقم (67) لسنة 2016، كما أفاد محافظ سوهاج بكتابه رقم (942) المؤرخ 18/11/2021 بأن مبنى صيدناوي سابقا المملوك لمركز ومدينة طهطا كان مؤجرًا لشركة الملابس والمنتجات الاستهلاكية ليكون فرعًا لصيدناوي بمدينة طهطا، وقد تنازلت الشركة عن الانتفاع بالمبنى وعقد الإيجار للمركز وفقا للمادة (20) من القانون رقم (136) لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وتم إخلاء وتسلم المبنى بتاريخ 16/5/2010.
ونفيد: أن النزاع عُرض على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بجلستها المعقودة فى 12 من يناير عام 2022 الموافق 9 من جمادى الآخرة عام 1443هـ، فتبين لها أن المادة (558) من القانون المدني تنص على أن: الإيجار عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم، وأن المادة (668) منه تنص على أن: التزام المرافق العامة عقد الغرض منه إدارة مرفق عام ذي صفة اقتصادية، ويكون هذا العقد بين جهة الإدارة المختصة بتنظيم هذا المرفق وبين فرد أو شركة يُعهد إليها باستغلال المرفق فترة معيّنة من الزمن، وأن المادة (2) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم (43) لسنة 1979 تنص على أن: تتولى وحدات الإدارة المحلية في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها، كما تتولى هذه الوحدات كل في نطاق اختصاصها جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها، وذلك فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية، وتحدد اللائحة التنفيذية المرافق التي تتولى المحافظات إنشاءها وإدارتها والمرافق التي تتولى إنشاءها وإدارتها الوحدات الأخرى للإدارة المحلية....
وأن المادة (7) من اللائحة التنفيذية لقانون الإدارة المحلية المشار إليه، الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (707) لسنة 1979 تنص على أنه: ... وتباشر الوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها الأمور الآتية:... تنفيذ القوانين والاشتراطات الخاصة المتعلقة بإنشاء الأسواق العامة والسلخانات (المجازر) والجبانات....
كما تبين لها أن المادة (20) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم (17) لسنة 1999 تنص على أنه: لا تثبت صفة التاجر للدولة وغيرها من أشخاص القانون العام. ومع ذلك تسري أحكام هذا القانون على الأعمال التجارية التي تزاولها إلا ما يستثنى بنص خاص، وأن المادة (34) منه تنص على أن: 1- المتجر مجموعة من الأموال المنقولة تخصص لمزاولة تجارة معينة ويجب أن تتضمن عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية. 2- يجوز أن يتضمن المتجر عناصر معنوية أخرى كالاسم التجاري والسمعة التجارية والعلامات التجارية وبراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية والحق في الإيجار وحقوق الملكية الأدبية والفنية وحق المعرفة وترخيص الاستغلال والصناعة. 3- ويجوز أن يتضمن المتجر البضائع والأثاث والآلات والأجهزة والمعدات وغيرها من المهمات اللازمة لاستغلال المحل التجاري، وأن المادة (37) منه تنص على أن: 1- كل تصرف يكون موضوعه نقل ملكية المتجر أو إنشاء حق عيني عليه أو تأجير استغلاله يجب أن يكون مكتوبًا وإلا كان باطلا. 2-... 3- يشهر تصرف المتجر وتأجير استغلاله بالقيد في السجل التجاري، ويجب أن يشتمل هذا الشهر على البيانات الآتية:....
وأن المادة (1) من قانون الضريبة على القيمة المضافة الصادر بالقانون رقم (67) لسنة 2016 تنص على أن: يقصد فى تطبيق أحكام هذا القانون بالألفاظ والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منـها:... المكلـــف: الشخص الطبيعي أو الشخص الاعتباري خاصًّا كان أو عامًّا المكلف بتحصيل وتوريد الضريبة للمصلحة سواء كان منتجًا أو تاجرًا أو مؤديًا لسلعة أو لخدمة خاضعة للضريبة بلغت مبيعاته حد التسجيل المنصوص عليه فى هذا القانون، وكل مستورد أو مصدر أو وكيل توزيع، لسلعة أو لخدمة خاضعة للضريبة مهما كان حجم معاملاته، وكذلك كل منتج أو مؤد أو مستورد لسلعة أو لخدمة منصوص عليها فى الجدول المرافق لهذا القانون مهما كان حجم معاملاته. المسجل: المكلف الذي تم تسجيله لدى المصلحة وفقًا لأحكام هذا القانون... مورد الـخدمـة: كل شخص طبيعي أو اعتباري يقوم بتوريد أو أداء خدمة خاضعة للضريبة... الضريبة: الضريبة على القيمة المضافة... السلعة: كل شيء مادي أيًّا كانت طبيعته أو مصدره أو الغرض منه بما فى ذلك الطاقة الكهربائية، سواء كان محليًّا أو مستوردًا... الخدمة: كل ما ليس سلعة، سواء كان محليًّا أو مستوردًا. السلع والخدمات المعفاة: السلع والخدمات التي تتضمنها قائمة الإعفاءات المرافقة لهذا القانون...، وأن المادة (2) منه تنص على أن: تفرض الضريبة على السلع والخدمات بما فى ذلك السلع والخدمات المنصوص عليها فى الجدول المرافق لهذا القانون، سواء كانت محلية أو مستوردة، فى كافة مراحل تداولها، إلا ما استثنى بنص خاص...، وأن المادة (4) منه تنص على أن: يلتزم المكلفون بتحصيل الضريبة والإقرار عنها وتوريدها للمصلحة فى المواعيد المنصوص عليها فى هذا القانون، وأن المادة (16) منه تنص على أنه: على كل شخص طبيعي أو اعتباري يبيع سلعة أو يؤدي خدمة خاضعة للضريبة بلغ أو جاوز إجمالي قيمة مبيعاته على السلع والخدمات الخاضعة للضريبة والمعفاة منها خلال الاثنى عشر شهرًا السابقة على تاريخ العمل بهذا القانون مبلغ خمسمائة ألف جنيه، أن يتقدم إلى المصلحة بطلب لتسجيل اسمه وبياناته على النموذج المعد لهذا الغرض وذلك خلال ثلاثين يومًا من تاريخ بلوغ رقم مبيعاته حد التسجيل، وأما من تبلغ قيمة مبيعاته هذا المبلغ بعد تاريخ العمل بهذا القانون في أية سنة مالية أو جزء منها فعليه أن يتقدم للمصلحة لتسجيل اسمه على النحو المشار إليه...، وأن قائمة السلع والخدمات المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة نصّت في البند (28) منها على بيع وتأجير الأراضي الفضاء والأراضي الزراعية والمباني والوحدات السكنية وغير السكنية. وأن المادة (3) من اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على القيمة المضافة المشار إليه، الصادرة بقرار وزير المالية رقم (66) لسنة 2017 تنص على أنه: في تطبيق أحكام القانون، لا يعتبر من قبيل الخدمات الخاضعة للضريبة:... 4- الخدمات العامة التي تؤديها الجهات الحكومية...، وأن المادة (78) منها تنص على أن: يتحدد نطاق الإعفاءات المقررة بالبنود التالية من قائمة السلع والخدمات المعفاة المرافقة للقانون على النحو المبين قرين كل بند: أولا- ... ثانيًا- البند (28) يقصد بالوحدة السكنية كل وحدة يهيئها مالكها للغير بغرض استعمالها في السكن. ويقصد بالوحدة غير السكنية كل وحدة يهيئها مالكها للغير بغرض ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني. ولا يشمل ذلك المحال التجارية وفقًا لأحكام القانون رقم 11 لسنة 1940....
واستعرضت الجمعية العمومية أحكام القانون رقم (11) لسنة 1940 الخاص ببيع المحال التجارية ورهنها، وأحكام المادة (20) من القانون رقم (136) لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
واستعرضت الجمعية العمومية كذلك ما جرى به إفتاؤها من أن المشرع في قانون نظام الإدارة المحلية ألزم وحدات الإدارة المحلية بإنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها، وناط بها في نطاق ولايتها جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح، فيما عدا المرافق القومية أو ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية، وفي معرض بيان الاختصاصات التي تتولاها الوحدات المحلية أوْردت اللائحة التنفيذية للقانون المذكور من بين اختصاصات هذه الوحدات تنفيذ القوانين الخاصة بإنشاء الأسواق العمومية وتطبيق القوانين واللوائح الخاصة بها، وغنى عن البيان أن الأسواق العمومية تعد من المرافق العامة الاقتصادية، من حيث كونها أماكن يرخص فيها بمباشرة نشاط التجارة بانتظام واطّراد تحت إشراف الدولة أو إحدى الهيئات التابعة لها، من خلال نظام قانوني مُعين بهدف أداء خدمة عامة للجمهور، فهي، وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض، من الأموال العامة للدولة التي لا يجوز للسلطة الإدارية التصرف في الانتفاع بها إلا على سبيل الترخيص المؤقت، الذي يدخل ضمن الأعمال الإدارية التي تحكمها أحكام القانون العام ولا تخضع لأحكام القانون الخاص، على الوجه الذي يميزه بخصائص قانونية عن عقود الإيجار، التي ترد- بحسب الأصل- على الانتفاع بالأموال الخاصة.
واستظهرت الجمعية العمومية أن النص في المادة (20) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم (17) لسنة 1999 يدل على أن صفة التاجر لا تثبت للدولة وغيرها من أشخاص القانون العام، على ألا يخل ذلك بلزوم سريان أحكام هذا القانون كأصل عام على الأعمال التجارية التي قد تزاولها، إلا ما يستثنى بنص خاص، وأن النص في المادة (34) منه يدل على أن المتجر، وعلى ما يستفاد من أعماله التحضيرية، هو مجموعة من الأموال المنقولة تخصص لمزاولة تجارة معينة، سواء كانت منقولات معنوية ومادية، أو من منقولات معنوية فقط، ومن ذلك، الاتصال بالعملاء، والسمعة التجارية، والاسم التجاري، والعلامات التجارية، وبراءات الاختراع، والرسوم والنماذج الصناعية، والحق في الإيجار، وحقوق الملكية الأدبية والفنية، والسلع، والأثاث، والآلات، والأجهزة، والمعدات، على أن المُنشأة لا تكتسب صفة المتجر بالمعنى القانوني بدون عنصري السمعة التجارية والاتصال بالعملاء، باعتبارهما أهم مقوماته، ويقصد بعنصر الاتصال بالعملاء مجموع العملاء الدائمين الذين يعتادون التعامل مع التاجر ويلتصقون به بسبب صفات شخصية كاللباقة والأمانة والإخلاص في إرضاء رغباتهم، أما عنصر السمعة التجارية فالمقصود منه قدرة المُنشأة على اجتذاب العملاء العابرين بسبب ميزة خاصة فيها كحسن الموقع، أو فخامة المظهر، أو جمال العرض، أو إتقان التنظيم، ويتضح من هذا أن الفرق بين عنصر الاتصال بالعملاء وعنصر السمعة التجارية، كائن في أن الأول صفة في شخص التاجر يتجمع حولها بعض العملاء ويلتصقون بسببها بالتاجر، فيعتادون على التعامل معه، ويصيرون من عملائه الدائمين، بينما السمعة التجارية صفة توجد في المُنشأة فتجعلها قادرة على اجتذاب العملاء العابرين، ويكمل العنصران بعضهما بعضًا، ويضمان معا مجموع عملاء المُنشأة الدائمين والعابرين على السواء.
كما استعرضت الجمعية العمومية ما جرى به إفتاؤها من أن المشرع بموجب قانون الضريبة على القيمة المضافة فرض ضريبة عينية غير مباشرة على واقعة بيع السلعة، أو أداء الخدمة، وجعل الأصل هو خضوع جميع السلع والخدمات لها خلافًا لما كانت عليه الحال بالنسبة إلى الضريبة العامة على المبيعات، دون إخلال بما ورد بشأنه إعفاء خاص، وأنه في مقام تحديد الأشخاص المخاطبين بأحكام الخضوع لهذه الضريبة فإن الجهات الإدارية وأشخاص القانون العام إنما تنزل منزلة الأفراد وأشخاص القانون الخاص فى هذا الخصوص، نزولا على أن هذه الضريبة تُستحق فى أصل شرعتها بواقعة التصرف فى السلعة أو أداء الخدمة مما يتحقق فى أنشطة الأشخاص العامة تحققه فى غيرها، دون مميز يُرد إلى طبيعة الشخصية العامة فى هذا الشأن، وأنه في مقام تحديد مفردات وعاء هذه الضريبة، فإن المشرع عرّف السلعة بأنها كل شئ مادي أيا كانت طبيعته أو مصدره أو الغرض منه، وعرف الخدمة بأنها كل ما ليس سلعة، فإذا كانت الخدمة في مفهومها العام تقوم على بذل العمل ومزاولة التشغيل بقصد إشباع حاجة معينة، فإن المشرع– وعلى ما يستفاد من الأعمال التحضيرية لهذا القانون- خصّ الخدمة بمفهوم مغاير، إذ اعتبر كل ما ليس سلعة خدمة في تطبيق أحكامه، وهو ما يعبر عن رغبته في توسيع قاعدة الوعاء الضريبي من خلال إخضاع كافة الأنشطة الاقتصادية الخدمية لهذه الضريبة، إلا ما يُعفى منها بنص خاص.
ومن حيث إن المشرع بموجب البند (28) من قائمة السلع والخدمات المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة أعفى- لاعتبارات قدرها- خدمة تأجير الوحدات غير السكنية منها، وتأجير الوحدات غير السكنية خدمة يُمَكّن مؤديها متلقيها من الانتفاع بوحدة مُهيأة للاستخدام في غرض غير السُكنى، مثل ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني، حيث يكون محل خدمة التأجير هو وحدة إنشائية مجردة من أي مقومات أو عناصر معنوية أو مادية خاصة بتجارة أو صناعة بعينها، كتلك التي تُكسِب المُنشأة صفة المتجر على الوجه المقرر بأحكام المادة (34) من قانون التجارة، بحسبان أن مجرد تجهيز الوحدة أو تهيئتها للاستغلال التجاري أو الصناعي، لا يُكسبها صفة المتجر، والتي لا تثبت إلا بتوافر المقومات والعناصر المعنوية المشار إليها، ولا تتأتى إلا بمزاولة النشاط التجاري أو الصناعي فعليا بها، وعلى ذلك فإن نطاق إعمال الإعفاء الضريبي المشار إليه- بحسبانه استثناء- يقف عند حد خدمة تأجير الوحدات غير السكنية بمفهومها آنف الذكر، ولا يستطيل إلى تأجير استغلال المحل التجاري (المتجر) للغير، الذي يتميز بحسب الأصل عن الإيجارات عموما، إذ ينصرف محله إلى تمكين المستأجر من استغلال المقومات والعناصر المعنوية والمادية، أو المعنوية فقط، الخاصة بنوع معين من التجارة أو الصناعة، كالاتصال بالعملاء والسمعة التجارية، الأمر الذي من مؤداه أن أنشطة تأجير استغلال المحل التجاري (المتجر) تدخل- وفقا للأصل العام- في عداد توريد الخدمات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة، غير المستثناة بإعفاء خاص، وهو ما أفصحت عنه المادة (78) من اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على القيمة المضافة، آنفة الذكر.
والحاصل أن مصلحة الضرائب المصرية (مأمورية طهطا) ترى أن قيام الوحدة المحلية لمركز ومدينة طهطا بتأجير مبنى صيدناوي سابقا، ومنح التزام سوق طهطا العمومي للغير، يعتبر من قبيل الخدمات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة، بحسبانها تأجيرًا لمحل تجاري (متجر) ينحسر عنه نطاق الإعفاء الوارد بأحكام البند (28) من قائمة السلع والخدمات المعفاة من الضريبة، مما حدا بها إلى مطالبة المركز بأداء مبلغ الضريبة محل النزاع، بحسبانه الطرف مؤدي الخدمة المكلف بتحصيل الضريبة وتوريدها.
ومن حيث إنه بشأن مدى خضوع تصرف مركز ومدينة طهطا بتأجير مبنى صيدناوي سابقا للغير للضريبة على القمية المضافة، فمتى كان الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 1/10/2014 أجّر مركز ومدينة طهطا مبنى مملوكًا له مساحته (524) مترًا، عبارة عن بدروم ودور أرضي ودور علوي وثانٍ علوي، إلى المدعو/ محمود السيد فرغلي، بغرض استغلاله والانتفاع به في النشاط التجاري لمدة عشر سنوات، نظير قيمة إيجارية تُؤدَّى شهريا، وقد سبق إخلاء هذا المبنى وتسليمه إلى المركز من شركة الملابس والمنتجات الاستهلاكية صيدناوي بتاريخ 16/5/2010- أي قبل إبرام عقد الإيجار محل النزاع بمدة تزيد على الأربع السنوات-، فإن إرادة طرفي عقد الإيجار المشار إليه قد انصرفت إلى أن تكون العين المؤجرة عبارة عن مبنى ووحدات إنشائية مُهيأة للاستغلال التجاري فقط، بدون أي عناصر أو مقومات معنوية أو مادية خاصة بنوع معين من أنواع التجارة مما تثبت للمتجر على الوجه القانوني المقرر بالمادة (34) من قانون التجارة آنف الذكر، وعلى ذلك فإن هذا التأجير لا يصطبغ بالخصائص القانونية التي تتميز بها إيجارات استغلال المحل التجاري (المتجر)، ويغدو تصرفًا خدميًّا مستظلا بنطاق الإعفاء الذي قرره المشرع بحكم البند (28) من قائمة السلع والخدمات المعفاة من الضريبة على القيمة المضافة المرافقة للقانون، بحسبانه تأجيرًا لمبنى ووحدات غير سكنية بغرض الاستغلال التجاري.
ومن حيث إنه بشأن مدى خضوع تصرف مركز ومدينة طهطا بمنح التزام استغلال سوق طهطا العمومي للغير لتلك الضريبة، فمتى كان الثابت من الأوراق أن المركز منح هذا الالتزام للغير من خلال العقدين المبرمين في 28/12/2016 و4/1/2020، والمتضمنين الاتفاق على التزام المتعهد (الطرف الملتزم في كلا العقدين) بإدارة السوق واستغلاله- بغير تعطيل- في تداول صفقات البيع والشراء، نظير مقابل يلتزم بأدائه، مع الالتزام بقرار محافظ سوهاج رقم (21) لسنة 1987 بشأن تحصيل إيرادات السوق والالتزام بالتعريفة الواردة به، فإن هذا التصرف لا يعد إيجارًا لاستغلال محل تجارى (متجر)، إذ فضلا عن أن هذين العقدين ليسا من عقود الإيجار، وإنما من عقود التزامات المرافق العامة ذي الصفة الاقتصادية، أبرمهما مركز ومدينة طهطا بغرض إدارة هذا السوق، بمنح حق استغلاله في الغرض المُعد لأجله (تداول صفقات البيع والشراء) أمام عموم الجمهور، تحت رقابته وإشرافه، فضلا عن ذلك، فإن الأسواق العمومية بحسبانها من أملاك الدولة العامة لا تكتسب صفة المتجر بحسب الأصل، وإذ يُعد هذا التصرف- بحكم طبيعته- أحد أساليب إدارة أملاك الدولة العامة (الأسواق العمومية)، الذي أناب بموجبه المركز غيره في تيسير انتفاع المواطنين بخدماته، بدلا من أن يؤديه بنفسه، فإنه لا يعد من قبيل الخدمات التي تلقاها الأخير (الملتزم في كلا العقدين) من المركز في مفهوم تطبيق أحكام قانون الضريبة على القيمة المضافة آنف الذكر، ولا يعتبر نشاطا خدميا مما يخضع لهذه الضريبة.
وترتيبًا على ما تقدم، فإن مسلك مصلحة الضرائب المصرية في تسجيل مركز ومدينة طهطا عن النشاطَيْن المشار إليهما، ومطالبته بأداء مبلغ (315860,13) جنيهًا، لا يتفق مع صحيح أحكام القانون.
لـــذلــــك
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع إلى:
أولا: براءة ذمة مركز ومدينة طهطا من أداء مبلغ (315860,13) جنيهًا موضوع النزاع.
ثانيا: عدم مشروعية تسجيل مركز ومدينة طهطا لدى مصلحة الضرائب المصرية (الضريبة على القيمة المضافة) عن نشاطي منح التزام استغلال سوق طهطا العمومي، وتأجير مبنى صيدناوي سابقا. وذلك كله على الوجه المبين تفصيلا بالأسباب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحريرًا في: / /2022
رئـيس الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
المستشار/ أسامة محمود عبد العزيز محرم

النــائـــب الأول لرئـيـس مـجـلـس الـدولــة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق