الصفحات

الثلاثاء، 3 سبتمبر 2024

الطعن 9828 لسنة 91 ق جلسة 3 / 12 / 2022 مكتب فني 73 ق 92 ص 863

جلسة 3 ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / علاء مدكور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ناجي عز الدين ، كمال صقر ، محمود عبد المجيد ومهاب حماد نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(92)
الطعن رقم 9828 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) مواد مخدرة . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
المسئولية في حالتي إحراز وحيازة المخدر . مناط تحققها ؟
تحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي في جريمة إحراز وحيازة المواد المخدرة . غير لازم . كفاية أن يكون ما أورده دالاً على قيامه .
(3) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
تحرير الحكم على نموذج مطبوع . لا يبطله . حد ذلك ؟
تحدث الحكم عن الطاعن بصيغة الجمع في مواضع منه . خطأ مادي . لا تأثير له على تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها .
(4) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟
إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى .
تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
(6) مرور . تلبس . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قيادة الطاعن لدراجة بخارية بدون لوحات عكس الاتجاه . تلبس يبيح القبض والتفتيش . التزام الحكم هذا النظر في الرد على الدفع ببطلانهما . صحيح . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض . علة وأساس ذلك ؟
(7) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
تعويل الحكم على أقوال ضابط الواقعة . لا يعيبه . متى انتهى لصحة إجراءات القبض والتفتيش.
(8) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
التفات الحكم عن الدفع بتجاوز مأمور الضبط القضائي حدود التفتيش . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(9) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عقيدة المحكمة . قيامها على المقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .
مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .
(10) قانون " سريانه " . تلبس . مرور . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
مجال إعمال قاعدة القانون الأصلح . القواعد الموضوعية لا الإجرائية التي تسري بأثر فوري . ضبط الطاعن متلبساً بجريمتي السير عكس الاتجاه وقيادة دراجة بخارية بدون لوحات يبيح لرجل الضبط القبض عليه وتفتيشه . النعي بصدور قانون أصلح يعاقب عليهما بالغرامة فقط . غير مقبول . علة وأساس ذلك ؟
(11) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إثبات " إقرار " .
عدم تعويل الحكم على الدليل المستمد من إقرار الطاعن . النعي عليه بشأن ذلك . غير مقبول .
إقرار الطاعن لضابط الواقعة . مجرد قول . تقديره موضوعي .
(12) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . لها تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم . اقتصار التعديل على استبعاد قصد الاتجار باعتباره ظرفاً مشدداً في جريمة إحراز مواد مخدرة . لا يقتضي تنبيه الدفاع . علة ذلك ؟
(13) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن ترى في أقوال الضابط ما يسوغ إجراءات الضبط ويكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر للمتهم ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار . دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(14) إثبات " خبرة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن بانقطاع الصلة بين ما تم ضبطه وما تم تحليله من المادة المخدرة . جدل موضوعي في تقدير الدليل . التفات الحكم عن الرد عليه . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(15) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بكيدية الاتهام " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره" .
الدفع بانتفاء الصلة بالمضبوطات وإنكار الاتهام وكيديته وتلفيقه . موضوعي . لا يستوجب رداً. استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(16) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .
مثال .
(17) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(18) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
الخطأ في مادة العقاب . لا يرتب بطلان الحكم . لمحكمة النقض تصحيحه . حد وأساس ذلك؟
مثال .
(19) مواد مخدرة . غرامة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
نزول الحكم عن الحد الأدنى للغرامة المقررة لجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر المجرد من القصود . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
(20) مواد مخدرة . مراقبة الشرطة . عقوبة " توقيعها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الطاعن بالوضع تحت مراقبة الشرطة كعقوبة تبعية عن جريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر المجرد من القصود . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه بإلغائها . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وما ثبت بتقرير المعامل المركزية بوزارة الصحة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد حرر في صورة عامة غلب عليها الإجمال يكون لا محل له .
2- لما كان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً المادة المخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة ، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفي للدلالة على قيامه .
3- لما كان تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام الحكم قد استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون ، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يُحرر على نموذج مطبوع معدّ سلفاً - خلافاً لما يزعمه الطاعن - وإنما حرر باستخدام الحاسب الآلي . لما كان ذلك ، وكان تحدث الحكم عن الطاعن بصيغة الجمع في مواضع منه لا يعدو أن يكون - على ما يبين من مدوناته المتكاملة - مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
4- لما كان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كافٍ وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات بمقولة خلو الأوراق من دليل يقيني لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة لا يكون له محل .
6- لما كان الحكم قد عرض للدفاع المُبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه حسبما يبين في مدوناته ، وكانت المادة ٣٤ من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح بصفة عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر ، وإذ كانت جريمتا السير عكس الاتجاه وقيادة دراجة بخارية بدون لوحات معدنية قد ربط لهما القانون للأولى عقوبة الحبس وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وفقاً لنص المادة ٧٦ مكرر من القانون رقم ٦٦ لسنة ۱۹۷۳ المعدل ، وللجريمة الثانية - قيادة دراجة بخارية بدون لوحات معدنية - عقوبة الحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تزيد على ألف وخمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وفقاً لنصوص المواد ۳ ، ٧ ، 75/4 من القانون رقم ٦٦ لسنة ۱۹۷۳ المعدل بالقانون رقم ۱۲۱ لسنة ۲۰۰۸ ، ولما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص بصفة عامة في المادة ٤٦ منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يجريه من خُوّل إجراؤه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة وبطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم .
8- لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في مدوناته أن الملازم أول / .... معاون مباحث مركز .... قام بتفتيش الطاعن عقب ضبطه بمعرفته متلبساً بارتكاب جريمة قيادة دراجة بخارية بدون لوحات معدنية وعكس الاتجاه فعثر معه على لفافات مخدرة ، فإن النعي على الحكم بعدم الرد على دفع الطاعن بتجاوز مأمور الضبط القضائي حدود التفتيش يكون على غير أساس ، ولا على الحكم إن هو لم يرد عليه لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان ، فضلاً عن أن البين بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أثار هذا الدفاع دون أن يبين أساس دفعه ومقصده ومرماه منه ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه .
9- من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان المعنى المشترك للقول بعلم الضابط أن المتهم ينوي بيع المواد المخدرة والتي أوردها الحكم لدى رده على دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش ، يلتقي في المعنى مع ما أورده لدى تحصيله أقوال شاهد الإثبات من أن الضابط علم من مصدره باتجار المتهم في المواد المخدرة وبإجراء تحرياته أسفرت عن صحة ذلك ، فمعنى هذين القولين واحد في الدلالة على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة وأنه هو المحرز لمخدر الهيروين المضبوط وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة ، والمنعى - بفرض صحته - ليس قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولا أثر له في منطقه واستدلاله ، ولا ينال من الدليل القائم على إحراز الطاعن للمخدر المضبوط ، فإن نعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
10- لما كان ما يثيره الطاعن بأسباب الطعن من تعديل المشرع للعقوبة المقررة لجريمتي السير عكس الاتجاه وقيادة دراجة بخارية بدون لوحات معدنية سند الضبط في الدعوى الراهنة وجعلها الغرامة دون الحبس مما يعد قانوناً أصلح له تأدياً من ذلك الدفع إلى بطلان ما اتخذ قبله من إجراءات قبض وتفتيش لانتفاء حالة التلبس بناء على ذلك ، فإنه - وإن كان ما يثيره الطاعن على خلاف الواقع من عدم حدوث تعديل للعقوبة المقررة لتلك الجريمة - مردود عليه من ناحية أخرى بأن مجال إعمال قاعدة القانون الأصلح إنما هو القواعد الموضوعية لا الإجرائية التي تسري بأثر فوري ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها وإن كانت من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، إلا أنها تسبقها إجراءات بمعرفة القائم بالضبط تتحقق بها ، والحكم على مشروعية تلك الإجراءات أو بطلانها إنما يكون وفق القانون الساري وقت اتخاذها ، وكانت جريمتا السير عكس الاتجاه وقيادة دراجة بخارية بدون لوحات معدنية اللتان قارفهما الطاعن وضبط متلبساً بهما بمعرفة ضابط الواقعة في تاريخ الواقعة قد ربط لهما القانون سالف البيان العقوبات المبينة سلفاً ، مما يسوغ معه لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم فيهما وتفتيشه عملاً بمقتضى المادتين ٣٤ ، ٤٦ من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم بات ما يثيره الطاعن في هذا الشق من الوجه دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب .
11- لما كان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن على نحو مستقل بل استند إلى ما أقر به لضابطي الواقعة بشأن إحرازه للمخدر المضبوط في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً .
12- لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة - وهي واقعة إحراز المخدر - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع ، ويكون ما أثير في هذا الخصوص غير سديد .
13- من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال ضابط الشرطة ما يسوغ إجراءات الضبط ويكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر للمتهم ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى أقوال ضابط الشرطة كمسوغ لصحة الإجراءات وإسناد واقعة إحراز المخدر للطاعن ولكنه لم ير فيها ما يقنعه بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
14- لما كان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت من تقرير التحليل من أوزان ، إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها ، ولا جناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه هذا بفرض إثارته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما دام أنه ظاهر البطلان .
15- لما كان الدفع بانتفاء صلته بالمضبوطات وكيدية الاتهام وتلفيقه وإنكاره للاتهام ، إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في هذه الدعوى – ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
16- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً مما ينعاه في أسباب طعنه من بطلان محضر الضبط - على الأساس الذي يتحدث عنه بوجه الطعن – وعدم عرض الدراجة البخارية علي النيابة ، فليس له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .
17- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع الجوهرية التي ساقها أمام المحكمة ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
18- من المقرر أن الخطأ في مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، وهي الأمور التي لم يخطئ الحكم في تقديرها ، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادتين 37/1، 38 من قانون مكافحة المخدرات رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ بفقرتها الثانية بدلاً من المادة ۳۸ بفقرتيها لا يبطله ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه باستبدال المادة ٣٦ بالمادة 37/1 المذكورة واستبدال المادة ٣٨ المذكورة بفقرتيها بدلاً من المادة ٣٨ فقرة ثانية عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بقرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ .
19- لما كان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وغرامة خمسين ألف جنيه على نحو ما تقضي به المادة ٣٨ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ بعد أن اعتبر أن إحرازه للجوهر كان مجرداً من القصود الخاصة جميعاً ، وإذ كانت العقوبة السالبة للحرية التي قضى بها الحكم المطعون فيه صحيحة إلا أنه خالف القانون بشأن عقوبة الغرامة ؛ لأن العقوبة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دين الطاعن بها والمنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة ٣٨ هي العقوبة السالبة للحرية وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه باعتبار أن الجوهر المخدر محل الجريمة من الهيروين ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه ، وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة ٤٣ من حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ .
20- لما كانت عقوبة مراقبة الشرطة وهي في الأصل عقوبة تبعية ورد النص عليها في المادة ٢٤ من قانون العقوبات ، ومع ذلك فقد ورد النص عليها كعقوبة أصلية وتكميلية وذلك في حالات محددة نصت عليها المواد ۲۸ ، 75 ، ۳۲۰ ، ٣٣٦ ، ٣٥٥ ، ٣٦٧ من قانون العقوبات . وإذ كان ذلك ، وكانت الجريمة المسندة إلى الطاعن وهي إحراز جوهر مخدر " الهيروين " بغير قصد من القصود المسماة ، وقد أنزل عليه الحكم عقوبة مراقبة الشرطة مدة ثلاث سنوات كعقوبة تبعية ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الجريمة المنسوبة إليه لا توجب إنزال مثل تلك العقوبة التبعية ، بما يوجب تصحيحه بإلغاء عقوبة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة المقضي بها عليه ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
- أحرز جوهر الهيروين المخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، ۲ ، 37/1 ، 38/2 ، 42/1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنه ١٩٦٠ المعدل بالقانونين ٦١ لسنة ۱۹۷۷ ، ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (۲) من القسم الأول من الجدول الأول الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم ٤٦ لسنة 1997 ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه والمصادرة وأمرت بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاث سنوات ، وذلك باعتبار أن إحرازه للجوهر المخدر مجرد من القصود المسماة قانوناً .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة قانوناً ، قد شابه القصور في التسبيب والتناقض والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه حرر في صورة مبهمة وبصيغة عامة معماة لا يبين منها الواقعة وأركان الجريمة التي دانه بها ، وعلى نموذج مطبوع بدلالة تحدث الحكم في موضع منه عن المتهمين بصيغة الجمع رغم أن بالدعوى متهم واحد ، وخلو الأوراق من دليل يقيني ، واستحالة حدوث الواقعة على النحو الوارد في الأوراق وعدم معقوليتها وتناقض أقوال ضابط الواقعة وانفراده بالشهادة وحجبه باقي أفراد القوة المرافقة له عنها ، واطرح بما لا يسوغ دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس معولاً في قضائه على أقوال ضابط الواقعة المستمدة من هذا الإجراء الباطل ، والتفت الحكم عن دفعه بتجاوز مأمور الضبط القضائي حدود التفتيش الوقائي ، وأن الحكم قد خالف الثابت في الأوراق في شأن كيفية ضبط الطاعن ، ودان الحكم الطاعن رغماً عما أقره مجلس النواب في شأن قانون المرور في 11/2/2021 باعتبار الواقعة مخالفة عقوبتها الغرامة وهو ما يعد قانوناً أصلح في تطبيقه على الطاعن ، وعول الحكم في الإدانة على إقرار الطاعن لضابط الواقعة بمحضر الضبط رغم إنكاره ذلك في التحقيقات ، وقامت المحكمة بتعديل وصف الاتهام من إحراز المخدر بقصد الاتجار إلى إحرازه المجرد من القصود المسماة قانوناً دون تنبيه الدفاع ، وتناقض الحكم فيما أورده في شأن القصد من الإحراز على نحو ما ساقه ، والتفت الحكم عما أبداه الطاعن من دفوع في شأن اختلاف وزن المخدر عند تحريزه بمعرفة النيابة العامة عنه عند التحليل بالمعمل الكيماوي ، وانقطاع صلته بالمضبوطات ، وإنكار صلته بالدراجة البخارية المضبوطة بدلالة عدم عرضها على النيابة ضمن الأحراز ، كما التفت الحكم عما قدمه من مستندات وكذلك عن سائر دفوع الطاعن الجوهرية ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وما ثبت بتقرير المعامل المركزية بوزارة الصحة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد حرر في صورة عامة غلب عليها الإجمال يكون لا محل له. لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً المادة المخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة ، بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفي للدلالة على قيامه . لما كان ذلك ، وكان تحرير الحكم على نموذج مطبوع لا يقتضي بطلانه ما دام الحكم قد استوفى أوضاعه الشكلية والبيانات الجوهرية التي نص عليها القانون ، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يُحرر على نموذج مطبوع معدّ سلفاً - خلافاً لما يزعمه الطاعن - وإنما حرر باستخدام الحاسب الآلي . لما كان ذلك ، وكان تحدث الحكم عن الطاعن بصيغة الجمع في مواضع منه لا يعدو أن يكون - على ما يبين من مدوناته المتكاملة - مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم ودلل به على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها كافٍ وسائغ ولا يتنافر مع الاقتضاء العقلي والمنطقي ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أوراق الدعوى وما تم فيها من تحقيقات بمقولة خلو الأوراق من دليل يقيني لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض الشاهد أو تضاربه في أقواله - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض للدفاع المُبدى من الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه حسبما يبين في مدوناته ، وكانت المادة ٣٤ من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح بصفة عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر ، وإذ كانت جريمتا السير عكس الاتجاه وقيادة دراجة بخارية بدون لوحات معدنية قد ربط لهما القانون للأولى عقوبة الحبس وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وفقاً لنص المادة ٧٦ مكرر من القانون رقم ٦٦ لسنة ۱۹۷۳ المعدل ، وللجريمة الثانية - قيادة دراجة بخارية بدون لوحات معدنية - عقوبة الحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تزيد على ألف وخمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وفقاً لنصوص المواد ۳ ، ٧ ، 75/4 من القانون رقم ٦٦ لسنة ۱۹۷۳ المعدل بالقانون رقم ۱۲۱ لسنة ۲۰۰۸ ، ولما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص بصفة عامة في المادة ٤٦ منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يجريه من خُوّل إجراؤه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة وبطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى سديداً إلى صحة إجراءات القبض والتفتيش ، فإنه لا تثريب عليه إن هو عول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في مدوناته أن الملازم أول / .... معاون مباحث مركز .... قام بتفتيش الطاعن عقب ضبطه بمعرفته متلبساً بارتكاب جريمة قيادة دراجة بخارية بدون لوحات معدنية وعكس الاتجاه فعثر معه على لفافات مخدرة ، فإن النعي على الحكم بعدم الرد على دفع الطاعن بتجاوز مأمور الضبط القضائي حدود التفتيش يكون على غير أساس ، ولا على الحكم إن هو لم يرد عليه لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان ، فضلاً عن أن البين بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن أثار هذا الدفاع دون أن يبين أساس دفعه ومقصده ومرماه منه ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم ترد عليه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني ، وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان المعنى المشترك للقول بعلم الضابط أن المتهم ينوي بيع المواد المخدرة والتي أوردها الحكم لدى رده على دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش ، يلتقي في المعنى مع ما أورده لدى تحصيله أقوال شاهد الإثبات من أن الضابط علم من مصدره باتجار المتهم في المواد المخدرة وبإجراء تحرياته أسفرت عن صحة ذلك ، فمعنى هذين القولين واحد في الدلالة على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة وأنه هو المحرز لمخدر الهيروين المضبوط وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة ، والمنعى - بفرض صحته - ليس قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ولا أثر له في منطقه واستدلاله ، ولا ينال من الدليل القائم على إحراز الطاعن للمخدر المضبوط ، فإن نعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بأسباب الطعن من تعديل المشرع للعقوبة المقررة لجريمتي السير عكس الاتجاه وقيادة دراجة بخارية بدون لوحات معدنية سند الضبط في الدعوى الراهنة وجعلها الغرامة دون الحبس مما يعد قانوناً أصلح له تأدياً من ذلك الدفع إلى بطلان ما اتخذ قبله من إجراءات قبض وتفتيش لانتفاء حالة التلبس بناءً على ذلك ، فإنه - وإن كان ما يثيره الطاعن على خلاف الواقع من عدم حدوث تعديل للعقوبة المقررة لتلك الجريمة - مردود عليه من ناحية أخرى بأن مجال إعمال قاعدة القانون الأصلح إنما هو القواعد الموضوعية لا الإجرائية التي تسري بأثر فوري ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها وإن كانت من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، إلا أنها تسبقها إجراءات بمعرفة القائم بالضبط تتحقق بها ، والحكم على مشروعية تلك الإجراءات أو بطلانها إنما يكون وفق القانون الساري وقت اتخاذها ، وكانت جريمتا السير عكس الاتجاه وقيادة دراجة بخارية بدون لوحات معدنية اللتان قارفهما الطاعن وضبط متلبساً بهما بمعرفة ضابط الواقعة في تاريخ الواقعة قد ربط لهما القانون سالف البيان العقوبات المبينة سلفاً ، مما يسوغ معه لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم فيهما وتفتيشه عملاً بمقتضى المادتين ٣٤ ، ٤٦ من قانون الإجراءات الجنائية ، ومن ثم بات ما يثيره الطاعن في هذا الشق من النعي دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان بعيداً عن محجة الصواب . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن على نحو مستقل بل استند إلى ما أقر به لضابطي الواقعة بشأن إحرازه للمخدر المضبوط في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة ودارت حولها المرافعة - وهي واقعة إحراز المخدر - هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به ، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً من أي من قصود الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي لا يقتضي تنبيه الدفاع ، ويكون ما أثير في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال ضابط الشرطة ما يسوغ إجراءات الضبط ويكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر للمتهم ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى أقوال ضابط الشرطة كمسوغ لصحة الإجراءات وإسناد واقعة إحراز المخدر للطاعن ولكنه لم ير فيها ما يقنعه بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار ، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت من تقرير التحليل من أوزان ، إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في تقدير الدليل وهو من إطلاقاتها ، ولا جناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه هذا بفرض إثارته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما دام أنه ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان الدفع بانتفاء صلته بالمضبوطات وكيدية الاتهام وتلفيقه وإنكاره للاتهام ، إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في هذه الدعوى – ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد أطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً مما ينعاه في أسباب طعنه من بطلان محضر الضبط - على الأساس الذي يتحدث عنه بوجه الطعن – وعدم عرض الدراجة البخارية علي النيابة ، فليس له من بعد أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات وأوجه الدفاع الجوهرية التي ساقها أمام المحكمة ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً ، وتنوه المحكمة - محكمة النقض - أن الخطأ في مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، وهي الأمور التي لم يخطئ الحكم في تقديرها ، فإن خطأ الحكم بتخصيص المادتين 37/1 ، 38 من قانون مكافحة المخدرات رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ بفقرتها الثانية بدلاً من المادة ۳۸ بفقرتيها لا يبطله ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه باستبدال المادة ٣٦ بالمادة 37/1 المذكورة واستبدال المادة ٣٨ المذكورة بفقرتيها بدلاً من المادة ٣٨ فقرة ثانية عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بقرار بقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وغرامة خمسين ألف جنيه على نحو ما تقضي به المادة ٣٨ من القانون ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ بعد أن اعتبر أن إحرازه للجوهر كان مجرداً من القصود الخاصة جميعاً ، وإذ كانت العقوبة السالبة للحرية التي قضى بها الحكم المطعون فيه صحيحة إلا أنه خالف القانون بشأن عقوبة الغرامة ؛ لأن العقوبة الواجبة التطبيق على الجريمة التي دين الطاعن بها والمنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة ٣٨ هي العقوبة السالبة للحرية وغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه باعتبار أن الجوهر المخدر محل الجريمة من الهيروين ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه ، وهو ما لا يجوز عملاً بالمادة ٤٣ من حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ . لما كان ذلك ، وكانت عقوبة مراقبة الشرطة وهي في الأصل عقوبة تبعية ورد النص عليها في المادة ٢٤ من قانون العقوبات ، ومع ذلك فقد ورد النص عليها كعقوبة أصلية وتكميلية وذلك في حالات محددة نصت عليها المواد ۲۸ ، 75 ، ۳۲۰ ، ٣٣٦ ، ٣٥٥ ، ٣٦٧ من قانون العقوبات . وإذ كان ذلك ، وكانت الجريمة المسندة إلى الطاعن وهي إحراز جوهر مخدر " الهيروين " بغير قصد من القصود المسماة ، وقد أنزل عليه الحكم عقوبة مراقبة الشرطة مدة ثلاث سنوات كعقوبة تبعية ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الجريمة المنسوبة إليه لا توجب إنزال مثل تلك العقوبة التبعية ، بما يوجب تصحيحه بإلغاء عقوبة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة المقضي بها عليه ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق