الصفحات

الأربعاء، 4 سبتمبر 2024

الطعن 25 لسنة 2024 تمييز دبي تجاري جلسة 2 / 4 / 2024

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 02-04-2024 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 25 لسنة2024 طعن تجاري
طاعن:
ش. ا. ل. ذ. 
مطعون ضده:
ع. س. م. ن. ا. 
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2023/2069 استئناف تجاري
بتاريخ 13-12-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة القاضي المقرر/ حاتم موسى وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3261لسنة 2023 تجاري على الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها أن يؤدي له مبلغ 18.164.955.17درهمًا والفائدة بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام التنفيذ وبيانًا لذلك قال أنه بموجب عقد مقاولة مؤرخ 16 يونيو 2016 أسند إلى الطاعنة أعمال إنشاء وتنفيذ وصيانة الفيلا المزمع إنشاؤها على قطعة الأرض رقم 3222502 بمنطقة خليج جميرا الجزيرة (2) بدبي مقابل قيمة إجمالية بمبلغ 15,346,000 درهم، والتزم بأداء التزاماته الواردة بالعقد، إلا أن أخلت الطاعنة بالتزاماتها فكانت الدعوى. وبتاريخ 12 أكتوبر 2023 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 2069 لسنة 2023 استئناف تجاري، وبتاريخ 13ديسمبر 2023 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى إلكترونيًا بتاريخ 5يناير 2024 طلبت فيها نقض الحكم، وقدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وقررت الحكم فيه بجلسة اليوم بغير مرافعة.
وحيث حاصل ما تنعَى به الطاعنة بسبب طعنها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنه قضى برفض دفعها بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، على سند من أن اتفاقية المقاولة المؤرخة 16 يونيو 2016 جاءت في ورقتين تحملان توقيع المطعون ضده ولم يرد بهما الاتفاق على شرط التحكيم، وأن المادتين 70 و73 اللتين نصتا على التحكيم جاءتا في ملحقات العقد التي خلت من توقيعه، وأن المراسلات الصادرة من وكيل المطعون ضده بوكالة عامة لا تصلح لإثبات قبوله لشرط التحكيم والذي يحتاج إلى وكالة خاصة، على الرغم من أن المطعون ضده سبق و أن طلب من الطاعنة إحالة هذا النزاع إلي التحكيم وذلك بموجب رسالته المؤرخة 21مايو 2018 والتي أكد فيها على التزامه بشرط التحكيم وفقًا لأحكام المادة 73 من عقد المقاولة سند الدعوى وأن وكيليه اللذين يملكان حق الاتفاق على التحكيم بالنيابة عنه أكدا رغبته في رسائلهما إلى مركز دبي للتحكيم الدولي في المضي في إجراءات التحكيم وفقا لقواعد تحكيم مركز دبي للتحكيم الدولي وتعيين بناءً على تعليمات المطعون ضده للمحامي/ الدكتور رياض عبد المجيد محمود الكبان محكمًا من جانبه ، ومن ثم فإن إرادة الطرفين المشتركة تكون قد انصرفت إلى التحكيم، وأن تمسك المطعون ضده ببطلان الشرط لعدم توقيعه يعد نقضًا لما تم من جهته يوجب رد سعيه عليه، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن تحديد مدى قابلية الحكم للطعن فيه بطريق التمييز من المسائل المتعلقة بالنظام العام التي تقضي فيها المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يثرها أحد الخصوم. وكان النص في المادة 152 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 بشأن إصدار قانون الإجراءات المدنية على أنه " لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري والأحكام الصادرة بعدم الاختصاص وكذلك الأحكام الصادرة بالاختصاص إذا لم يكن للمحكمة ولاية الحكم في الدعوى"، يدل على أن المناط في جواز الطعن في الحكم الصادر بالاختصاص ألا يكون للمحكمة ولاية الحكم في الدعوى بأن تنتزع ولاية جهة قضائية أخرى، فإذا تخلف هذا الشرط فإن الطعن في هذا الحكم لا يكون جائزًا. ومن المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم ليس دفعًا موضوعيًا وإنما هو من قبيل الدفوع بعدم الاختصاص لأن المقصود منه هو إنكار اختصاص المحاكم بنظر الدعوى لخروجها من ولايتها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء حكم محكمة أول درجة الذي قضى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وباختصاص المحكمة بنظر الدعوى يكون حائزا الطعن فيه بطريق التمييز متى ثبت أن المحكمة لا ولاية لها في الحكم في الدعوى. وكان من المقرر أن مُفاد نصوص المواد (4) و(5) و(6) و(7) من القانون رقم (6) لسنة 2018 بشأن التحكيم وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن التحكيم هو اختيار المتنازعين طرفاً غيرهما محايداً للفصل فيما يشجر بينهما من نزاع دون الالتجاء إلى القضاء، وقد يكون التحكيم تبعاً لعقد يُذكر في صلبه وضمن شروطه ويسمى شرط التحكيم، كما قد يكون بمناسبة نزاع معين قائم بالفعل بين الخصوم ويسمى في هذه الحالة اتفاق التحكيم أو مشارطة التحكيم، ويرتكز التحكيم على إرادة الخصوم متمثلة في الاتفاق على التحكيم، وهذا الاتفاق يعد المصدر الأساسي الذي يستمد منه المحكم سلطة الحكم في النزاع بدلاً من القضاء المختص، ولذلك أحاطه المشرع بضمانات معينة منها أنه لا ينعقد إلا من الشخص الطبيعي الذي له أهلية التصرف في الحقوق أو ممثل الشخص الاعتباري المفوض فيه، ولا يثبت إلاَّ بالكتابة، ولا يصدر المحكم حكمه بغيره وفي حدوده، ولا يشترط أن يكون الاتفاق على التحكيم ثابتًا في محرر واحد، بل يجوز أن يكون الإيجاب به ثابتًا في محرر وقبوله ثابتاً في محرر آخر طالما كان مطابقاً للإيجاب، وكما يجوز إثباته بمحرر مكتوب موقع من طرفيه يجوز إثباته بما يتبادله الطرفان من الرسائل والبرقيات وغيرها من وسائل الاتصال المكتوبة أو بموجب رسائل إلكترونية وفقا للقواعد النافذة في الدولة إذا كانت موقعة ممن أرسلها أو ثبت إرسالها من جهاز المرسل، وأن اللجوء إلى التحكيم لا يصح إلا لمن كانت له أهلية التصرف في الحق المتنازع عليه وليست أهلية اللجوء إلى القضاء، لما ينطوي عليه الاتفاق على التحكيم من تنازل عن رفع الدعوى إلى قضاء الدولة بما فيه من ضمانات للخصوم وهو طريق استثنائي لفض المنازعات استلزم المشرع للاتفاق عليه أن يصدر به وكالة خاصة أو يرد ضمن توكيل عام ينص فيه صراحةً على التفويض بالتحكيم ،ويصح أن يرد هذا التفويض بصفة عامة دون تحديد ماهيه النزاع الذي يتم الاتفاق على التحكيم بشأنه. ومن المقرر وأنه ولئن كان استخلاص ثبوت أو نفى انصراف الإرادة المشتركة للمتعاقدين إلى التحكيم وكذا تفسير شرط التحكيم وتحديد مداه وتحديد مدى سعة الوكالة من حيث ما تشتمل عليه من تصرفات قانونية خول الموكل للوكيل إجراءها هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع إلا أنه يتعين عليها أن تقيم قضاءها في ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في أوراق الدعوى وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق من مطالعة شروط عقد المقاولة سند الدعوى أنه نص في البند رقم 73/1/2/3 المتعلق بمراجعة هيئة التحكيم، بإحالة النزاع إلى هيئة التحكيم وتقوم هيئة التحكيم بتسوية النزاع المحال إليها - هيئة التحكيم وتعنى الهيئة المؤلفة من ثلاثة محكمين يعملون بموجب قواعد مركز دبي الدولي للتحكيم، ويختار كل طرف محكمًا واحدًا ويعين المحكمان المختاران على هذا النحو المحكم الثالث، وكان الثابت من الرسالتين المرسلتين إلى مركز دبي الدولي للتحكيم من السادة القرق والمطروشي الوكيلين القانونين للطاعن أن الرسالة الأولى المؤرخة 25 مارس 2023 مضمونها أن موكلهما اعطي التعليمات لهما بتعيين الدكتور رياض عبد المجيد محمود الكبان محكمًا عن الطاعن في الدعوى A A 12 لسنة 2023، وتضمنت الرسالة الثانية المؤرخة 14 يوليو 2023 المضي في التحكيم وفقًا لقواعد تحكيم مركز دبي الدولي للتحكيم عام 2022 ، وكان الثابت أيضًا أن الطاعن أصدر لوكيليه السادة القرق والمطروشي وكالة قانونية عامة مصدق عليها لدي سفارة دولة الإمارات العربية بلندن بتاريخ 18 ديسمبر 2015 وقد تضمنت الوكالة تفويضهما في التحكيم والموافقة عليه وتعيين المحكمين وعزلهم والاعتراض عليهم، بما مُفاده أن وكيليه بموجبه هذه الوكالة لهما حق الاتفاق على التحكيم بالنيابة عنه وقد أكدا رغبته في رسائلهما إلى مركز دبي للتحكيم الدولي في المضي في إجراءات التحكيم وتعيين محكم منه، بما تكون الإرادة المشتركة لطرفي عقد المقاولة سند الدعوى قد انصرفت إلى إحالة النزاع بشأنه إلى التحكيم ، وقد تمسكت الطاعنة في الجلسة الأولى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وبالتالي يضحى الاختصاص بنظر الدعوى معقودا لهيئة التحكيم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر و قضى بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول الدعوى وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها لنظر موضوعها تأسيسًا على أن شرط التحكيم الوارد بملحق شروط العقد خلا من توقيع المطعون ضده ، وأن الرسائل الصادرة من وكيل الأخير بوكالة عامة لا تكفي لقبول شرط التحكيم والذي يحتاج إلى وكالة خاصة، رغم أن الوكالة الصادرة تتسع للاتفاق على التحكيم، فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ويكون الحكم المطعون فيه جائزَ الطعن عليه بطريق التمييز باعتبار أنه عقد الاختصاص بنظر الدعوى لمحاكم دبي على الرغم من عدم اختصاصها، وعلى ما سلف بيانه، وهو ما يوجب نقضه .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الموضوع صالح للفصل فيه وكان الحكم المستأنف قد قضى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم فإنه يتعين القضاء بتأييده.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة وأمرت برد التأمين. وحكمت في موضوع الاستئناف رقم 2069 لسنة 2023 استئناف تجاري برفضه وبتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنف المصروفات ومبلغ ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة وأمرت بمصادرة التأمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق