الصفحات

الأحد، 29 سبتمبر 2024

الطعن 2125 لسنة 79 ق جلسة 27 / 8 / 2018 مكتب فني 69 ق 136 ص 948

جلسة 27 من أغسطس سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ فتحي محمد حنضل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عبد الباري عبد الحفيظ، أحمد فراج، أحمد عبد الله ومحمود الدخميسي نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(136)
الطعن رقم 2125 لسنة 79 القضائية
(1) اختصاص " الاختصاص المتعلق بالولاية : اختصاص المحاكم العادية : القضاء العادي صاحب الولاية العامة " .
السلطة القضائية . سلطة أصيلة تستمد كيانها ووجودها من الدستور. اختصاصها واستقلالها بولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة . القضاء العادي . صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات المدنية والتجارية . تقييد هذه الولاية . استثناء . وجوب عدم التوسع في تفسيره .
(2) اختصاص " الاختصاص المتعلق بالولاية : ما يخرج من ولاية المحاكم العادية : اختصاص القضاء الإداري " .
اختصاص القضاء العادي بالفصل في كافة المنازعات ما لم تكن إدارية أو يختص بالفصل فيها استثناءً جهة أخرى . اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في طلبات التعويض . مناطه . كون الطلبات مرفوعة بصفة أصلية أو تبعية عن قرار إداري مما نص عليه في م 10 البنود التسعة الأول وكذا البند 14 من ق مجلس الدولة . دعاوى التعويض عن الأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية اختصاص المحاكم العادية دون محاكم مجلس الدولة .
(3) قرار إداري " ماهية القرار الإداري : ما لا يعد قراراً إدارياً " .
قرارات الحكومة والهيئات العامة والامتناع عن إصدارها . اعتبارها قرارات إدارية يختص القضاء الإداري بمجلس الدولة بإلغائها أو وقف تنفيذها أو التعويض عنها . شرطه . عدم تعلق موضوعها بإحدى مسائل القانون الخاص . تعلق النزاع بالزام الطاعنين وزارة الأشغال العامة والموارد المائية بتوفير مياه الري لأطيان النزاع والتعويض إعمالاً لقواعد القانون المدني . أثره . اختصاص القضاء العادي بنظر النزاع . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح . النعي باختصاص القضاء الإداري. على غير أساس .
(4) ري " مسئولية الحكومة عن إدارة مرفق الري والصرف " .
وزارة الأشغال العامة والموارد المائية . اختصاصها وحدها بتوفير وتوزيع مياه الري اللازمة للأراضي الزراعية القائمة أو أراضي التوسع الزراعي الجديد بالمجاري العامة والمآخذ الخاصة . المادتان 36، 63 ق 12 لسنة 1984 بإصدار قانون الري والصرف المعدل بق 213 لسنة 1994 .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى " .
محكمة الموضوع . سلطتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى واستخلاص الصفة والخطأ الموجب للمسؤولية والضرر وعلاقة السببية بينهما .
(6) عقد " تحديد موضوع العقد : تفسير العقد " .
محكمة الموضوع . سلطتها في تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين بغير رقابة من محكمة النقض . شرطه . عدم الخروج عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها .
(7) ري " مسئولية الحكومة عن إدارة مرفق الري والصرف " .
ثبوت بكراسة شروط بيع أرض التداعي للمطعون ضدهم وتقرير خبير الدعوى أن الجهة البائعة ليست المسئولة عن توفير مياه الري وأن المسئول هي وزارة الأشغال والموارد المائية تطبيقاً لقانون الري والصرف . قضاء الحكم بإلزامها بالتعويض عن الأضرار الناشئة عن إخلالهما بالتزامهما بتوفير مياه الري . صحيح . النعي عليه في هذا الخصوص. على غير أساس .
(8) تقادم " مدة التقادم : التقادم المسقط : التقادم الثلاثي : عدم سريان التقادم الثلاثي على الالتزامات التي مصدرها القانون " .
التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 مدني . تقادم استثنائي مقصور على دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع . عدم سريانه على الالتزامات التي مصدرها القانون وتقادمها بالتقادم المسقط الطويل المنصوص عليه بالمادة 374 مدني على هذه الالتزامات .
(9) تقادم " التقادم المسقط : التمسك به " .
الدفع بالتقادم . عدم تعلقه بالنظام العام . وجوب التمسك به وبيان نوعه أمام محكمة الموضوع في عبارة لا تحتمل الإبهام . علة ذلك .
(10) تقادم " مدة التقادم : التقادم المسقط : التقادم الثلاثي : عدم سريان التقادم الثلاثي على الالتزامات التي مصدرها القانون " .
التزام الطاعنين بتوفير مياه الري في الترع الرئيسية لري أرض التداعي . التزام مصدره القانون وليس العمل غير المشروع . مؤداه . تقادم دعوى التعويض عنه بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق . قضاء الحكم برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي . صحيح . النعي عليه في ذلك الشأن . على غير أساس . أثره . غير مقبول .
(12،11) تعويض " دعوى التعويض : تكييف الدعوى : التزام محكمة الموضوع بتقصي الحكم القانوني المنطبق على العلاقة بين طرفي دعوى التعويض " .
(11) دعوى المطالبة بالتعويض عن عدم تنفيذ التزام مصدره القانون أو العقد بتوفير المياه اللازمة لري الأرض المبيعة بالمزاد العلني . عدم اعتبارها دعوى بضمان العيوب الخفية .
(12) طلب المطعون ضدهم إلزام الطاعنين وزارة الأشغال والموارد المائية بالتعويض عن عدم توفير مياه الري لأراضيهم . عدم اعتبارها دعوى بضمان العيوب الخفية . النعي بعدم أحقية المطعون ضدهم في إقامة الدعوى لمعاينة الأرض قبل الشراء . على غير أساس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن السلطة القضائية هي سلطة أصيلة تستمد كيانها ووجودها من الدستور ذاته الذي ناط بها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات ولها وحدها ولاية القضاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي . والقضاء العادي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية التي تنشب بين الأفراد وبينهم وبين إحدى وحدات الدولة وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المادتين 15، 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 – أن القضاء العادي يختص بالفصـل في كافة المنازعات – أياً كان نوعها وأياً كان أطرافها – ما لم تكن إدارية أو يكون الاختصاص بالفصـل فيها مقرراً، استثناء – بنص خاص لجهة أخرى وأن اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في طلبات التعويض رهن بأن تكون هذه الطلبات مرفوعة بصفة أصلية أو تبعية عن قرار إداري مما نص عليه في البنود التسعة الأولى من المادة العاشرة من قانون هذا المجلس، أو تعد من سائر المنازعات الإدارية في تطبيق البند الرابع عشر من هذه المادة، أما دعاوى التعويض عن الأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية فإنها لا تدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة ويكون الاختصاص بالفصل فيها منعقدا للمحاكم العادية وحدها.
3- كل قرار يصدر من الحكومة أو من هيئة عامة أو الامتناع عن إصداره لا يعتبر بالضرورة قرارا إدارياً مما يختص القضاء الإداري بمجلس الدولة بإلغائه أو وقف تنفيذه أو التعويض عنه، بل يتعين لتحقق هذا الوصف أن يكون قراراً إدارياً بحكم موضوعه وهو لا يكون كذلك حين يكون القرار دائرا حول مسألة متعلقة بالقانون الخاص، وإذ يدور النزاع في الدعوى حول مسألة متعلقة بتوفير مياه الري للأطيان المملوكة للمطعون ضدهم وفقا للاعتبارات المقررة قانونا وتتعلق بإعاقة وصول المياه إلى الأراضي المشار إليها وما يستتبع ذلك من إنشاء المساقي الخاصة والمشتركة للمطعون ضدهم والحقوق الواردة بالمادتين رقمي 808 و809 من القانون المدني اللازمة لذلك وطلب التعويض من وزارة الري عن الامتناع عن توفير المياه، ويتولى القضاء المدني صاحب الولاية العامة نظر هذه الأمور دون القضاء الإداري، إذ تعد دعوى المطعون ضدهم من قبيل المطالبة بالتعويض من وزارة الري استنادا إلى أحكام المسئولية بوجه عام المبينة أحكامها بالقانون المدني، ومن ثم يختص القضاء العادي بنظرها وينحسر عنها ولاية القضاء الإداري بمجلس الدولة، وإذ لم يخالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي يكون على غير أساس.
4- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد النص في المادتين 36، 63 من القانون رقم 12 لسنة 1984 بإصدار قانون الري والصرف يدلان على أن توفير وتوزيع مياه الري اللازمة للأرض الزراعية القائمة أو أراضي التوسع الزراعي الجديد بالمجاري العامة والمآخذ الخاصة من اختصاص وزارة الري (وزارة الأشغال والموارد المائية بق 213 لسنة 1994) وحدها.
5- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى واستخلاص الصفة فيها والخطأ الموجب للمسئولية والضرر وعلاقة السببية بينهما.
6- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن (لمحكمة الموضوع سلطة) تفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بألا تخرج في تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها.
7- إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى بطلب التعويض عن الأضرار التي أصابتهم نتيجة إخلال وزارة الري بالتزامها القانوني في توفير مياه الري اللازمة للأراضي محل التداعي، وكان الثابت من الفقرة الثانية من البند الثاني من كراسة شروط بيع تلك الأراضي أن "هذه الأرض تروى عن طريق ترع عمومية تتفرع منها مساقى وتتولى الدولة صيانة الترع والمصارف العمومية أما المساقي والمصارف الفرعية فيتولى صيانتها المشترى" فإن مفـاد هذه العبارات بحسب مدلولها الظاهر أن الجهة البائعة ليست المسئولة عن توفير مياه الري اللازمة للأراضي التي باعتها إلى المشترين، وأن المسئول عن ذلك هي وزارة الري وفقاً لأحكام قانون الري والصرف المشار إليه، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بتوافر صفة الطاعنين في الدعوى، مستخلصاً من تلك العبارات وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن الضرر الذى أصاب المطعون ضدهم مرده إخلال الطاعنين بالتزامهما القانوني بتوفير مياه الري اللازمة لري أراضيهم، ورتب على ذلك قضاءه بإلزامهما بالتعويض، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه (عدم مسئولية وزارة الرى عن توفير مياه الرى لأرض التداعي باعتبارها ليست طرفاً في عقد بيعها للمطعون ضدهم) في هذا الخصوص على غير أساس ومن ثم غير مقبول.
8- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني هو تقادم استثنائي خاص بدعوى التعويض عن الضرر الناشئ عن العمل غير المشروع ولا تخضع لحكمه الالتزامات التي يكون مصدرها المباشر القانون وإنما يسري في شأنها التقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني.
9- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام وينبغي على كل ذي مصلحة أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع في عبارة واضحة لا تحتمل الإبهام، وأن يبين نوع التقادم الذى يتمسك به إذ أن التمسك بنوع من التقادم لا يغني عن التمسك بنوع أخر لأن لكل تقادم شروطه وأحكامه.
10- إذ كان التعويض الذى يطالب به المطعون ضدهم مبناه إخلال الطاعنين بالتزامهما بتوفير مياه الري في الترع الرئيسية التي تروى منها أرض التداعي وفقا للقانون رقم 12 لسنة 1984 ومن ثم فإن ذلك الالتزام مصدره المباشر القانون وليس العمل غير المشروع فيسرى على دعواهم قواعد التقادم العادي المنصوص عليها في المادة 374 من القانون المذكور بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة، ولا يعيبه التكييف الخاطئ للمسئولية بأنها ناشئة عن الإخلال بالالتزامات العقدية إذ لهذه المحكمة تصحيحه دون أن تنقضه، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص على غير أساس ومن ثم غير قبول.
11 – المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن دعوى المطالبة بالتعويض عن عدم تنفيذ التزام مصدره القانون أو العقد بتوفير المياه اللازمة لري الأرض المبيعة بالمزاد العلني لا تعتبر دعوى بضمان العيوب الخفية.
12 – إذ كان المطعون ضدهم قد أقاموا الدعوى بطلب إلزام الطاعنين – وزارة الري - بالتعويض عن عدم توفير مياه الري لأراضيهم، فإنها بهذه المثابة لا تعتبر دعوى بضمان العيوب الخفية ويكون النعي في هذا الخصوص (عدم أحقية المطعون ضدهم في إقامة الدعوى لمعاينة الأرض قبل شرائها) على غير أساس ومن ثم غير مقبول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الـذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم ... لسنة 2004 مدني محكمة سوهاج الابتدائية " مأمورية طهطا" على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما بتوصيل مياه الري إلى الأرض المبينة بصحيفة التداعي والتعويض، على سند من أنهم اشتروا هذه الأرض سنة 1972 بموجب مرسى مزاد ومساحتها 8 س 6 ط 34 ف من الهيئة العامة للمشروعات والتنمية الزراعية، وقد تم توفير مياه الري اللازمة للزراعة في بداية التعاقد غير أنه في سنة 1975 تم وقف تدفق المياه اللازمة للري دون مبرر مما تسبب في الإضرار بالأرض وتلف الزراعة وحرمانهم من الانتفاع بها. ومن ثم فقد أقاموا الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بالتعويض الذي قدرته لكل من المطعون ضدهم، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 82 ق أسيوط "مأمورية سوهاج"، كما استأنفه المطعون ضدهم بالاستئناف رقم ... لسنة 82 ق أسيوط "مأمورية سوهاج". ضمت المحكمة الاستئنافين، وبتاريخ 15/12/2008 حكمت بالتأييد . طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم رفض الدفع المبدى منهما بعدم الاختصاص الولائي للقضاء العادي بنظر الدعوى واختصاص القضاء الإداري بمجلس الدولة لتعلق النزاع بقرار إداري سلبي والتعويض عنه بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن السلطة القضائية هي سلطة أصيلة تستمد كيانها ووجودها من الدستور ذاته الذى ناط بها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات ولها وحدها ولاية القضـاء بما يكفل تحقيق العدالة وحق المواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي . والقضاء العادي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية التي تنشب بين الأفراد وبينهم وبين إحدى وحدات الدولة وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره، والمقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المادتين 15، 17 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 – أن القضاء العادي يختص بالفصـل في كافة المنازعات – أياً كان نوعها وأياً كان أطرافها – ما لم تكن إدارية أو يكون الاختصاص بالفصـل فيها مقرراً . استثناء – بنص خاص لجهة أخرى وأن اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في طلبات التعويض رهن بأن تكون هذه الطلبات مرفوعة بصفة أصلية أو تبعية عن قرار إدارى مما نص عليه في البنود التسعة الأولى من المادة العاشرة من قانون هذا المجلس، أو تعد من سائر المنازعات الإدارية في تطبيق البند الرابع عشر من هذه المادة، أما دعاوى التعويض عن الأعمال المادية والأفعال الضارة التي تأتيها الجهة الإدارية فإنها لا تدخل في الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة ويكون الاختصاص بالفصل فيها منعقدا للمحاكم العادية وحدها. متى كان ذلك وكان كل قرار يصدر من الحكومة أو من هيئة عامة أو الامتناع عن إصداره لا يعتبر بالضرورة قرارا إداريا مما يختص القضاء الإداري بمجلس الدولة بإلغائه أو وقف تنفيذه أو التعويض عنه، بل يتعين لتحقق هذا الوصف أن يكون قرارا إداريا بحكم موضوعه وهو لا يكون كذلك حين يكون القرار دائرا حول مسألة متعلقة بالقانون الخاص، وإذ يدور النزاع في الدعوى حول مسألة متعلقة بتوفير مياه الري للأطيان المملوكة للمطعون ضدهم وفقا للاعتبارات المقررة قانونا وتتعلق بإعاقة وصول المياه إلى الأراضي المشار إليها وما يستتبع ذلك من إنشاء المساقي الخاصة والمشتركة للمطعون ضدهم والحقوق الواردة بالمادتين رقمي 808 و809 من القانون المدني اللازمة لذلك وطلب التعويض من وزارة الري عن الامتناع عن توفير المياه، ويتولى القضاء المدني صاحب الولاية العامة نظر هذه الأمور دون القضاء الإداري، إذ تعد دعوى المطعون ضدهم من قبيل المطالبة بالتعويض من وزارة الري استنادا إلى أحكام المسئولية بوجه عام المبينة أحكامها بالقانون المدني. ومن ثم يختص القضاء العادي بنظرها وينحسر عنها ولاية القضاء الإداري بمجلس الدولة، وإذ لم يخالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث ينعى الطاعنان بالوجه الثاني والرابع من السبب الأول والوجهين الثالث والرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، وذلك حين قضى بتوافر مسئوليتهما عن الضرر الذي أصاب المطعون ضدهم نتيجة عدم توفير مياه الري للأرض المملوكة لهم في حين أنهما ليسا طرفا في العقد المبرم بينهم وبين الهيئة العامة للمشروعات والتنمية الزراعية التي باعتها لهم وأن المطعون ضدهم لم يقوموا باستخراج تراخيص إنشاء المساقي الخاصة لري أراضيهم، وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي في رفض دفع الطاعنين بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 36 من القانون رقم 12 لسنة 1984 بإصدار قانون الري والصرف على أن " تتولى وزارة الري توزيع مياه الري بالمجاري العامة أيا كان نوعها على المآخذ الخاصة ولها تعديل نظام الري والصرف بما يتناسب وطبيعة الأرض الزراعية " وفي المادة 63 منه على أنه "لا يجوز تخصيص أية أراض للتوسع الزراعي الأفقي الجديد قبل أخذ رأى وزارة الري للتأكد من توفر مصدر مائي تحدده الوزارة لريها" يدل على أن توفير وتوزيع مياه الري اللازمة للأرض الزراعية القائمة أو أراضي التوسع الزراعي الجديد بالمجاري العامة والمآخذ الخاصة من اختصاص وزارة الري وحدها. لما كان ذلك، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى واستخلاص الصفة فيها والخطأ الموجب للمسئولية والضرر وعلاقة السببية بينهما وتفسير العقود والشروط للتعرف على مقصود العاقدين دون رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بألا تخرج فى تفسيرها عما تحتمله عبارات تلك العقود أو تجاوز المعنى الظاهر لها. وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى بطلب التعويض عن الأضرار التي أصابتهم نتيجة إخلال وزارة الري بالتزامها القانوني في توفير مياه الري اللازمة للأراضي محل التداعي، وكان الثابت من الفقرة الثانية من البند الثاني من كراسة شروط بيع تلك الأراضي أن "هذه الأرض تروى عن طريق ترع عمومية تتفرع منها مساقي وتتولى الدولة صيانة الترع والمصارف العمومية أما المساقي والمصارف الفرعية فيتولى صيانتها المشتري " فإن مفـاد هذه العبارات بحسب مدلولها الظاهر أن الجهة البائعة ليست المسئولة عن توفير مياه الري اللازمة للأراضي التي باعتها إلى المشترين، وأن المسئول عن ذلك هي وزارة الري وفقاً لأحكام قانون الري والصرف المشار إليه، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بتوافر صفة الطاعنين في الدعوى، مستخلصاً من تلك العبارات وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن الضرر الذى أصاب المطعون ضدهم مرده إخلال الطاعنين بالتزامهما القانوني بتوفير مياه الري اللازمة لري أراضيهم، ورتب على ذلك قضاءه بإلزامهما بالتعويض، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون، ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص على غير أساس ومن ثم غير مقبول.
وحيث ينعى الطاعنان بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وذلك بأن أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي في رفض الدفع بسقوط الحق في الدعوى بالتقادم الثلاثي وفقا للمادة 172 من القانون المدني رغم توافر علم المطعون ضدهم بالضرر وشخص المسئول عنه منذ وقوعه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني هو تقادم استثنائي خاص بدعوى التعويض عن الضرر الناشئ عن العمل غير المشروع ولا تخضع لحكمه الالتزامات التي يكون مصدرها المباشر القانون وإنما يسري في شأنها التقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني، وأن الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام وينبغي على كل ذي مصلحة أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع في عبارة واضحة لا تحتمل الإبهام، وأن يبين نوع التقادم الذي يتمسك به إذ التمسك بنوع من التقادم لا يغنى عن التمسك بنوع أخر لأن لكل تقادم شروطه وأحكامه. وكان التعويض الذي يطالب به المطعون ضدهم مبناه إخلال الطاعنين بالتزامهما بتوفير مياه الري في الترع الرئيسية التي تروى منها أرض التداعي وفقا للقانون رقم 12 لسنة 1984 ومن ثم فإن ذلك الالتزام مصدره المباشر القانون وليس العمل غير المشروع فيسري على دعواهم قواعد التقادم العادي المنصوص عليها في المادة 374 من القانون المذكور بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق، وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة، ولا يعيبه التكييف الخاطئ للمسئولية بأنها ناشئة عن الإخلال بالالتزامات العقدية إذ لهذه المحكمة تصحيحه دون أن تنقضه . ويكون النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص على غير أساس ومن ثم غير مقبول.
وحيث ينعى الطاعنان بالوجه الرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المطعون ضدهم عاينوا أرض التداعي قبل شرائها بطريق المزاد الأمر الذى يمتنع معه عليهم المطالبة بالتعويض عن عيب ظهر في المبيع بعد تمام البيع عملا بالمادة 454 من القانون المدني وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لهم بالتعويض فإنه يكون معيبا ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة – أن دعوى المطالبة بالتعويض عن عدم تنفيذ التزام مصدره القانون أو العقد بتوفير المياه اللازمة لري الأرض المبيعة بالمزاد العلني لا تعتبر دعوى بضمان العيوب الخفية، وكان المطعون ضدهم قد أقاموا الدعوى بطلب إلزام الطاعنين – وزارة الري - بالتعويض عن عدم توفير مياه الري لأراضيهم، فإنها بهذه المثابة لا تعتبر دعوى بضمان العيوب الخفية ويكون النعي في هذا الخصوص على غير أساس ومن ثم غير مقبول. ويضحى الطعن برمته مفتقرا لسنده.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق