الصفحات

الأربعاء، 11 سبتمبر 2024

الطعن 20521 لسنة 89 ق جلسة 3 / 12 / 2022 مكتب فني 73 ق 91 ص 842

جلسة 3 من ديسمبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / حمدي أبو الخير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / بدر خليفة ، خالد جاد وخالد إلهامي نواب رئيس المحكمة وياسر الأنصاري .
----------------
(91)
الطعن رقم 20521 لسنة 89 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلَّا كان باطلاً . المادة 310 إجراءات جنائية .
المراد بالتسبيب المعتبر ؟
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة .
(2) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأصل في المحاكمات الجنائية . اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
لا يشترط لثبوت جرائم الضرب وإدانة مرتكبها وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة . للمحكمة تكوين اعتقادها بالإدانة من ظروف الدعوى وقرائنها .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام . توافره بارتكاب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن فعله يترتب عليه المساس بسلامة المجني عليه وصحته . تحدث المحكمة عنه استقلالاً . غير لازم . كفاية استفادته من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير مقبول أمام محكمة النقض .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " . عقوبة " العقوبة المبررة " . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . نقض " المصلحة في الطعن " .
البحث في توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد . موضوعي . حد ذلك ؟
النعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرفي سبق الإصرار والترصد . غير مجد . ما دامت العقوبة الموقعة تدخل في الحدود المقررة للضرب المفضي إلى الموت مجردة من أي ظروف مشددة .
(5) اتفاق . مساهمة جنائية . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقابل إرادات المساهمين في الجريمة . كفايته لتحقق الاتفاق بينهم . مضي وقت معين عليه . غير لازم . مؤدى ذلك ؟
إسهام الشخص بفعل من الأفعال المكونة للجريمة . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها .
الاتفاق الجنائي يتطلب تقابلاً صريحاً في الإرادات . مجرد التوافق لا يرتب في صحيح القانون تضامناً بين المتهمين في المسئولية الجنائية .
مثال .
(6) باعث . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الباعث على الجريمة . ليس من أركانها أو عناصرها . الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله . لا يعيب الحكم .
(7) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي.أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها .
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها . حسبها إيراد ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه .
للمحكمة التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى . ما دامت قد اطمأنت إليها .
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
رد الشاهد مهما أحاط به من الأسباب التي تدفعه لتقرير غير الحقيقة . غير جائز . للمحكمة الاستماع لشهادته ولو كان متهماً في ذات الجناية بتهم أخرى . علة ذلك ؟
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وباستحالة حدوثها وفق ما صوره شهود الإثبات . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلـة الثبـوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
مثال .
(9) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع التعوَّيل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ترديدها لما أبلغ به المجني عليه . لا ينال من صحتها . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
إثارة الدفع بعدم جدية التحريات لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبولة . علة ذلك ؟
مثال .
(10) إثبات " شهود " " خبرة " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر حاجة إلى اتخاذه . غير مقبول .
مثال .
(11) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره . حد ذلك ؟
أخذ الحكم بدليل احتمالي . جائز . متى أسس قضاءه بالإدانة على اليقين .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
اعتراف الجاني بما وقع منه من أفعال وبيان الظروف التي ألجأته إليها . شرط للتمسك بحالة الدفاع الشرعي . إنكاره الاتهام وتمسكه بحالة الدفاع الشرعي . أمران متناقضان ينفي أحدهما الآخر . النعي على الحكم في هذا الشأن . غير مقبول .
(13) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره". 
النعي بأن الواقعة جنحة قتل خطأ . منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدل موضوعي في سلطتها في استخلاص صورتها .
متابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال . غير لازمة . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(14) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بعدم تواجد الطاعن على مسرح الجريمة وانقطاع صلته بها واستحالة حدوثها وكيدية الاتهام وتلفيقه . نفي للتهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(15) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
(16) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
عدم توجيه الاتهام لآخرين . لا يحول دون مساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها .
مثال .
(17) سلاح . إثبات " خبرة " . حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون ‏" .
معيار التمييز بين الأسلحة النارية غير المششخنة والمششخنة . هو ما إذا كانت ماسورة السلاح مصقولة من الداخل أم مششخنة . مقتضى ذلك ؟
قول الشهود أن الطاعن كان يحمل بندقية آلية وقت ارتكاب الجريمة وما أسفرت عنه تحريات الشرطة وشهادة مجريها . غير كاف لاعتبار السلاح مششخناً . ما دام لم يضبط ولم يجر فحصه فنياً . وجوب الأخذ بالقدر المتيقن في حقه وهو إحرازه سلاحاً نارياً غير مششخن . مخالفة الحكم هذا النظر . خطأ في تطبيق القانون . أثر ذلك ؟
(18) عقوبة " تطبيقها " . مراقبة الشرطة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال الحكم القضاء بوضع الطاعن تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه وفقاً للمادة 375 مكرراً (أ) عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ، أورد مؤداها في بيان واف ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على الأسباب التي بني عليها ، وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة ومجهلة ، فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأدلتها كاف في استظهار أركان الجرائم التي دان الطاعن بها ، والتدليل على ثبوتها في حقه بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط لثبوت جرائم الضرب وإدانة مرتكبها وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجرائم بكل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالعقوبة على مرتكب الفعل دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته يُعد كافياً وسائغاً للتدليل على توافر الجرائم المسندة للطاعن - بكافة أركانها المادية والمعنوية - كما هي معرفة به في القانون ، وكانت الأدلة التي استند إليها الحكم تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من قضائه بإدانة الطاعن بتلك الجرائم ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن بشأن خلو الأوراق من شاهد رؤية أو دليل يقيني على ارتكابه للواقعة أو استناد الحكم إلى فروض ظنية تفتقر إلى الدلائل القوية ولا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- لما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب سوى القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، وكانت المحكمة لا تلتزم في الأصل بأن تتحدث عن القصد الجنائي في هذه الجرائم ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى – كما أوردها الحكم – وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه أمام محكمة النقض .
4- لما كان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرفي سبق الإصرار والترصد ، ذلك أن الحكم قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للضرب المفضي إلى الموت مجردة من أي ظروف مشددة ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجهما من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، ولما كان ما قاله الحكم في تدليله على توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعن كافياً وسائغاً في تحقيق هذين الظرفين كما هما معرفين به في القانون ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
5- من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة كل من المساهمين ، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، كما أنه من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلاً صريحاً على ارتكاب الواقعة الجنائية التي تكون محلاً له ، وهو غير التوافق الذي لا يعدو مجرد توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ، ولو كان كل منهم على حدة قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه ، وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلا في الأحوال المبينة في القانون على سبيل الحصر ، ومن ثم فإن مجرد التوافق لا يرتب في صحيح القانون تضامناً بين المتهمين في المسئولية الجنائية ، بل يجعل كلاً منهم مسئولاً عن نتيجة فعله الذي ارتكبه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت السائغة – التي اطمأنت إليها المحكمة - قد حدد في بيانٍ كافٍ الأفعال التي قارفها الطاعن – وباقي المتهمين – ودورهم في ارتكاب الجرائم التي دانهم بها ومظاهر مساهمتهم الجنائية فيها ، بما يكفي للتدليل على اتفاقهم على ارتكاب جريمة استعراض القوة واستخدام العنف ضد المجني عليهما / .... وقاطني محل الواقعة قاصدين ترويعهم وتخويفهم وتكدير الأمن والسكينة العامة وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر وهو ما انتهى إلى ضرب مميت مع سبق الإصرار والترصد أدى لوفاة المجني عليه / .... ، وإذ أثبت الحكم تقابل إراداتهم تقابلاً صريحاً على ارتكاب تلك الواقعة الجنائية محل اتفاقهم – لا مجرد التوافق بينهم على ارتكابها - من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة للجرائم التي دينوا بها ، ومن ثم فإن نعي الطاعن بشأن ذلك يكون غير مقبول .
6- لما كان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد .
7- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنه من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت منها به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها ، كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أنه من المقرر أن القانون لم يقيد القاضي بنوع معين من الشهود ولم يجز رد الشاهد مهما أحاط به من الأسباب التي قد تدفعه إلى تقرير غير الحقيقة فإذا سمعت المحكمة شاهداً على متهم في جناية وكان هذا الشاهد متهماً في ذات الجناية بتهم أخرى فلا تثريب عليها في ذلك طالما أن تقدير قيمة الشهادة متروك دائماً لمحكمة الموضوع تراعي الظروف التي أبديت فيها الشهادة ، كما أنه من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وباستحالة حدوثها وفق ما صوره شهود الإثبات لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وإذ كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات واقتنعت بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، وحصلت أقوالهم بما لا تناقض فيه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بتناقض أقوالهم ، أو عدم معقولية تصوير الواقعة ، وأنها لا تعدو خلافاً على أولوية المرور ومشاجرة بين الطرفين ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض .
8- لما كان البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم المطعون فيه لم يستند إلى أقوال الضابط / .... - خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
9- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه ، لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها - الشاهدين الرابع والخامس - على النحو الذي شهدا به ، ورد بما يسوغ على الدفع بعدم جديتها ، ومن ثم فإن منازعة الطاعن بأنها مكتبية وأنها لم تتوصل لكيفية حصول الطاعن على السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة وكيفية تخلصه منه لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها في شأنه لدى محكمة النقض بما يكون نعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد ، هذا فضلاً إلى أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع أن التحريات غير جدية للأسس التي تحدث عنها بأسبابه ، ومن ثم فإنه لا يجوز إثارة أساس جديد للدفع أمام محكمة النقض ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم .
10- من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي الشرعي ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق معين في شأن تناقض الدليل الفني مع الدليل القولي فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
11- لما كان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، كما أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين ، والبين من مدونات الحكم أنه انتهى إلى بناء الإدانة على يقين ثبت لا على افتراض لم يصح ، فمن ثم فإن نعي الطاعن بشأن ذلك لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى واستنباط معتقدها وهو من إطلاقاتها التي لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض .
12- لما كان يجب على من يتمسك بحالة الدفاع الشرعي أن يكون معترفاً بما وقع منه ، وأن يبين الظروف التي ألجأته إلى هذا الذي وقع منه ، إذ مما لا شك فيه أن إنكار المتهم ما أسند إليه وتمسكه في آن واحد بحالة الدفاع الشرعي أمران متناقضان ينفي أحدهما الآخر نفياً صريحاً ، فإذا كان المتهم نفسه قد أنكر بتاتاً ما أسند إليه ودار دفاع محاميه على هذا الإنكار ، فلا يقبل منه الطعن في الحكم الصادر عليه بعقوبة أنه أغفل الرد على هذا الدفع ، هذا فضلاً عن أن واقعة الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه تنبئ عن أنه لم يصدر من المجني عليه أي فعل مستوجب للدفاع الشرعي عن النفس ، فإن ما يثيره الطاعن في شان ذلك يكون غير سديد .
13- لما كان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة قتل خطأ وليست ضرباً مُفضياً إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تعول عليها ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك يكون غير سديد .
14- لما كان الدفع بعدم تواجد الطاعن على مسرح الجريمة ، وانقطاع صلته بها ، واستحالة حدوثها ، وكيدية الاتهام وتلفيقه مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
15- لما كان للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً .
16- لما كان ما ينعاه الطاعن من عدم إجراء الشرطة والنيابة معاينة لمكان الحادث وعدم ضبط الدراجة محل الإتلاف ومعاينة آثار الأعيرة النارية بها وعدم توجيه اتهام لطرفي المشاجرة ، لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقبول ، هذاً فضلاً عن أن عدم توجيه الاتهام إلى متهمين آخرين ليس من شأنه أن يحول دون مساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها .
17- لما كان معيار التمييز بين الأسلحة النارية غير المششخنة الواردة في الجدول رقم 2 الملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012 وهي الأسلحة النارية ذات الماسورة المصقولة من الداخل وبين الأسلحة النارية المششخنة الواردة في الجدول رقم 3 الملحق بالقانون المذكور هو ما إذا كانت ماسورة السلاح الناري مصقولة من الداخل أم مششخنة دون اعتبار لنوع الذخيرة التي تستعمل عليه ، وهي مسألة فنية بحتة تقتضي فحص ماسورة السلاح بواسطة أحد المختصين فنياً لبيان ما إذا كانت ماسورة السلاح مصقولة من الداخل أم مششخنة حتى تتمكن المحكمة من تحديد الجدول واجب التطبيق وتطبيق القانون على الوجه الصحيح ، فلا يكفي في ذلك مجرد قول الشهود أن الطاعن كان يحمل بندقية آلية وقت ارتكاب الجريمة وما أسفرت عنها تحريات الشرطة وشهادة مجريها . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن السلاح المستخدم في الجريمة لم يضبط ولم يجر فحصه فنياً ولم يثبت أنه من البنادق الآلية المششخنة سريعة الطلقات الواردة بالبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون المذكور ، فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يأخذ الطاعن بالقدر المتيقن في حقه وهو أنه كان يحرز سلاحاً نارياً غير مششخن ويعاقبه بالفقرة الأولى من المادة 26 من القانون سالف الذكر والجدول رقم (2) الملحق به ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما كان يؤذن بنقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه ، بيد أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعن ما تقضي به نص المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبه بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وهي عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار والترصد المنصوص عليها في المادة 236/ 2،1 من قانون العقوبات التي وقعت بناءً على جريمة استعراض القوة وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد ، فإنه لا جدوى من النقض والتصحيح.
18- لما كان المشرع قد أفرد الباب السادس عشر من قانون العقوبات لجرائم البلطجة وأفرد لها عقوبة مغلظة لكل جريمة تقع بناء على ارتكاب جريمة البلطجة بأن نص في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة 375 مكرراً (أ) : ( .... وتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن إذا ارتكبت جناية الجرح أو الضرب أو إعطاء المواد الضارة المفضي إلى موت المنصوص عليها في المادة 236 من قانون العقوبات بناء على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة السابقة .... ويقضى في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه بحيث لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنين ) ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل توقيع عقوبة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون مما كان يوجب تصحيحه وفقاً للقانون والقضاء بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة ، إلا أنه لما كان الطعن مقدماً من الطاعن وحده دون النيابة العامة فإنه يمتنع على هذه المحكمة تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
ــــــ استعرض وثلاثة آخرين سبق محاكمتهم القوة واستخدموا العنف قبل المجني عليهما / .... وقاطني محل الواقعة قاصدين ترويعهم وتخويفهم وإلحاق الأذى بهم والتأثير على إرادتهم وفرض السطوة عليهم إثر مُشاجرة نشبت بين أولهما والمدعو / .... لخلاف على أولوية المرور فاستنصر الأول بذويه وأراد الحط من شأن غرمائه واتحدت إراداتهم على ما انتووه فتوجه الجمع إليهم مشهرين أسلحتهم النارية تالية الوصف مُلوحين بها مطلقين منها أعيرة نارية نحو الفضاء وتارة صوب غرمائهم فكان من شأن ذلك إلقاء الرعب في نفس الأهالي وتكدير الأمن والسكينة العامة وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر على النحو المبين بالتحقيقات ، وقد ارتكبت جناية الضرب المفضي إلى الموت بناءً على ارتكاب تلك الجريمة : بأن جرحوا المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم واتحدت إراداتهم على النيل من غريمهم المدعو / .... وأي من ذويه وأعدوا لتحقيق مُرادهم أسلحة نارية تالية الوصف وتوجهوا للمكان الذي أيقنوا لزوم مرور غريمهم به ، وما إن أبصروا شقيق غريمهم المجني عليه / .... فأطلقوا صوبه وابلاً من الأعيرة النارية منتوين إيذائه فحاد المتهم الثالث عن هدفه المبتغى وأصابت إحدى أعيرته المجني عليه المتواجد مُصادفة بمسرح الواقعة مطمئناً قلبه بتواجد باقي المتهمين على مقربة منه يشدون من أزره فأحدثوا به الإصابة التي أبانها تقرير الصفة التشريحية المرفق بالتحقيقات والتي أودت بحياته ولم يقصدوا من ذلك قتلاً بيد أن الضرب أفضى إلى موته وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
- أحرز سلاحاً نارياً مششخناً ( بندقية آلية ) حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه على النحو المبين بالتحقيقات .
- أحرز ذخائر مما تُستعمل على السلاح الناري سالف البيان حال كونها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين ٣٧٥ مكرراً ، 375 مكرراً (أ) /6 ،4، 3، 2 من قانون العقوبات ، والمواد ١/١ ، ٢ ، ٦ ، ٢٦/ 4،3 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقوانين أرقام ٢٦ لسنة ۱۹۷۸ ، ١٦٥ لسنة ۱۹۸۱ ، ٦ لسنة ٢٠١٢ والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (٣) الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال المادة ٣٢ من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى – بمذكرتي أسباب طعنه - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم استعراض القوة واستخدام العنف وترتب عليها جرائم الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " وذخيرته بدون ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه جاء في عبارات مجملة ومبهمة ، ولم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ومؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه بالإدانة في صورة وافية ، وخلا من الأسباب الكافية لحمل قضائه بالإدانة ، ودانه رغم خلو الأوراق من دليل يقيني على ارتكابه للواقعة ومستنداً في قضائه إلى فروض وقرائن ظنية لا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت هذه الجرائم في حقه لا سيما وأن أوراق الدعوى خلت من شاهد رؤية ، ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر القصد الجنائي وتوافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعن ، كما لم يدلل على توافر الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين على ارتكاب الجرائم التي دانه بها ، ولم يبين الأفعال التي أتاها كل منهم ودوره في ارتكابها ، وأنها وقعت نتيجة لتوافقهم لا اتفاقهم على ارتكابها ، لا سيما وأنه لا يوجد دافع لارتكابه الجرائم المسندة إليه وعدم معرفته للمجني عليهم أو وجود خلافات بينهم ، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال المجني عليه / .... - الشاهد الثاني - وهي لا تصلح لكونه متهماً بذات الجناية ، وعلى أقوال .... - الشاهدة الثالثة - رغم اختلاف روايتها بمحضر جمع الاستدلالات وبالتحقيقات عما قررته بجلسة المحاكمة ، وتناقض أقوال الشهود ورغم عدم معقولية تصويرهم للواقعة وأنها لا تعدو خلافاً على أولوية المرور ومشاجرة بين الطرفين ، وملتفتاً عن دفعه في هذا الصدد ، كما عول على أقوال الضابط / .... رغم انحصار دوره في ضبط الطاعن ، وعلى تحريات الشرطة رغم عدم جديتها - لشواهد عددها - كما عول على تقرير الطب الشرعي رغم تناقضه مع الدليل القولي ودون أن تعن المحكمة برفع هذا التناقض ، فضلاً عن أنه أثبت أن المجني عليه مصاب بطلقة نارية تعذر تحديد نوعها ولم يجزم بمسئولية الطاعن عن الوفاة وجاءت نتيجته افتراضية ، والتفتت المحكمة عن دفاع الطاعن بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وأن الواقعة في حقيقتها مجرد جنحة قتل خطأ المؤثمة بالمادة 238 من قانون العقوبات ، وعدم تواجد الطاعن على مسرح الجريمة ، وانقطاع صلته بها ، واستحالة حدوثها بدلالة مرضه الذي يعجزه عن الاشتراك في الواقعة ، وكيدية الاتهام وتلفيقه ، ملتفتة عن ما قدمه من مستندات ، هذا وقد شاب تحقيقات النيابة قصور لعدم إجراء الشرطة والنيابة معاينة لمكان الحادث وعدم ضبط الدراجة محل الإتلاف ومعاينة آثار الأعيرة النارية بها وعدم توجيه اتهام لطرفي المشاجرة ، وأخيراً دان الحكم الطاعن بجريمة إحراز سلاح ناري مششخن " بندقية آلية " بغير ترخيص رغم عدم ضبطه وفحصه فنياً ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ، أورد مؤداها في بيان واف ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على الأسباب التي بني عليها ، وإلا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة ومجهلة ، فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، كما أنه من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى وتحصيله لأدلتها كاف في استظهار أركان الجرائم التي دان الطاعن بها ، والتدليل على ثبوتها في حقه بما يكفي لحمل قضائه بإدانته بها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط لثبوت جرائم الضرب وإدانة مرتكبها وجود شهود رؤية أو توافر أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة في تلك الجرائم بكل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، ومتى رأت الإدانة كان لها أن تقضي بالعقوبة على مرتكب الفعل دون حاجة إلى إقرار منه أو شهادة شاهدين برؤيته حال وقوع الفعل منه أو ضبطه متلبساً بها ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته يُعد كافياً وسائغاً للتدليل على توافر الجرائم المسندة للطاعن - بكافة أركانها المادية والمعنوية - كما هي معرفة به في القانون ، وكانت الأدلة التي استند إليها الحكم تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها من قضائه بإدانة الطاعن بتلك الجرائم ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن بشأن خلو الأوراق من شاهد رؤية أو دليل يقيني على ارتكابه للواقعة أو استناد الحكم إلى فروض ظنية تفتقر إلى الدلائل القوية ولا تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، لأنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب سوى القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، وكانت المحكمة لا تلتزم في الأصل بأن تتحدث عن القصد الجنائي في هذه الجرائم ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى – كما أوردها الحكم – وهو ما تحقق في واقعة الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في استظهار ظرفي سبق الإصرار والترصد ، ذلك أن الحكم قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للضرب المفضي إلى الموت مجردة من أي ظروف مشددة ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجهما من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافى عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، ولما كان ما قاله الحكم في تدليله على توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد في حق الطاعن كافياً وسائغاً في تحقيق هذين الظرفين كما هما معرفين به في القانون ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة كل من المساهمين ، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، كما أنه من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلاً صريحاً على ارتكاب الواقعة الجنائية التي تكون محلاً له ، وهو غير التوافق الذي لا يعدو مجرد توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ، ولو كان كل منهم على حدة قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه ، وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلا في الأحوال المبينة في القانون على سبيل الحصر ، ومن ثم فإن مجرد التوافق لا يرتب في صحيح القانون تضامناً بين المتهمين في المسئولية الجنائية ، بل يجعل كلاً منهم مسئولاً عن نتيجة فعله الذي ارتكبه ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت السائغة – التي اطمأنت إليها المحكمة - قد حدد في بيانٍ كافٍ الأفعال التي قارفها الطاعن – وباقي المتهمين – ودورهم في ارتكاب الجرائم التي دانهم بها ومظاهر مساهمتهم الجنائية فيها ، بما يكفي للتدليل على اتفاقهم على ارتكاب جريمة استعراض القوة واستخدام العنف ضد المجني عليهما / .... وقاطني محل الواقعة قاصدين ترويعهم وتخويفهم وتكدير الأمن والسكينة العامة وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر وهو ما انتهى إلى ضرب مميت مع سبق الإصرار والترصد أدى لوفاة المجني عليه / .... ، وإذ أثبت الحكم تقابل إراداتهم تقابلاً صريحاً على ارتكاب تلك الواقعة الجنائية محل اتفاقهم – لا مجرد التوافق بينهم على ارتكابها - من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف أفعالاً من الأفعال المكونة للجرائم التي دينوا بها ، ومن ثم فإن نعي الطاعن بشأن ذلك يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنه من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت منها به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه وأن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها ، كما أن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، كما أنه من المقرر أن القانون لم يقيد القاضي بنوع معين من الشهود ولم يجز رد الشاهد مهما أحاط به من الأسباب التي قد تدفعه إلى تقرير غير الحقيقة فإذا سمعت المحكمة شاهداً على متهم في جناية وكان هذا الشاهد متهماً في ذات الجناية بتهم أخرى فلا تثريب عليها في ذلك طالما أن تقدير قيمة الشهادة متروك دائماً لمحكمة الموضوع تراعي الظروف التي أبديت فيها الشهادة ، كما أنه من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وباستحالة حدوثها وفق ما صوره شهود الإثبات لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً ، بل الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وإذ كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات واقتنعت بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، وحصلت أقوالهم بما لا تناقض فيه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بتناقض أقوالهم ، أو عدم معقولية تصوير الواقعة ، وأنها لا تعدو خلافاً على أولوية المرور ومشاجرة بين الطرفين ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم المطعون فيه لم يستند إلى أقوال الضابط / .... - خلافاً لما يزعمه بأسباب طعنه - فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه ، لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها - الشاهدين الرابع والخامس - على النحو الذي شهدا به ، ورد بما يسوغ على الدفع بعدم جديتها ، ومن ثم فإن منازعة الطاعن بأنها مكتبية وأنها لم تتوصل لكيفية حصول الطاعن على السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة وكيفية تخلصه منه لا تعدو أن تكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها في شأنه لدى محكمة النقض بما يكون نعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد ، هذا فضلاً إلى أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع أن التحريات غير جدية للأسس التي تحدث عنها بأسبابه ، ومن ثم فإنه لا يجوز إثارة أساس جديد للدفع أمام محكمة النقض ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي الشرعي ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة إجراء تحقيق معين في شأن تناقض الدليل الفني مع الدليل القولي فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء لم يطلبه منها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، كما أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين ، وكان البين من مدونات الحكم أنه انتهى إلى بناء الإدانة على يقين ثبت لا على افتراض لم يصح ، فمن ثم فإن نعي الطاعن بشأن ذلك لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى واستنباط معتقدها وهو من إطلاقاتها التي لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يجب على من يتمسك بحالة الدفاع الشرعي أن يكون معترفاً بما وقع منه ، وأن يبين الظروف التي ألجأته إلى هذا الذي وقع منه ، إذ مما لا شك فيه أن إنكار المتهم ما أسند إليه وتمسكه في آن واحد بحالة الدفاع الشرعي أمران متناقضان ينفي أحدهما الآخر نفياً صريحاً ، فإذا كان المتهم نفسه قد أنكر بتاتاً ما أسند إليه ودار دفاع محاميه على هذا الإنكار ، فلا يقبل منه الطعن في الحكم الصادر عليه بعقوبة أنه أغفل الرد على هذا الدفع ، هذا فضلاً عن أن واقعة الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه تنبئ عن أنه لم يصدر من المجني عليه أي فعل مستوجب للدفاع الشرعي عن النفس ، فإن ما يثيره الطاعن في شان ذلك يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة قتل خطأ وليست ضرباً مُفضياً إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة

الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تعول عليها ، فإن ما يثيره الطاعن في شأن ذلك يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم تواجد الطاعن على مسرح الجريمة ، وانقطاع صلته بها ، واستحالة حدوثها ، وكيدية الاتهام وتلفيقه مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ، لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن من عدم إجراء الشرطة والنيابة معاينة لمكان الحادث وعدم ضبط الدراجة محل الإتلاف ومعاينة آثار الأعيرة النارية بها وعدم توجيه اتهام لطرفي المشاجرة ، لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقبول ، هذاً فضلاً عن أن عدم توجيه الاتهام إلى متهمين آخرين ليس من شأنه أن يحول دون مساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها . لما كان ذلك ، وكان معيار التمييز بين الأسلحة النارية غير المششخنة الواردة في الجدول رقم (2) الملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 6 لسنة 2012 وهي الأسلحة النارية ذات الماسورة المصقولة من الداخل وبين الأسلحة النارية المششخنة الواردة في الجدول رقم (3) الملحق بالقانون المذكور هو ما إذا كانت ماسورة السلاح الناري مصقولة من الداخل أم مششخنة دون اعتبار لنوع الذخيرة التي تستعمل عليه ، وهي مسألة فنية بحتة تقتضي فحص ماسورة السلاح بواسطة أحد المختصين فنياً لبيان ما إذا كانت ماسورة السلاح مصقولة من الداخل أم مششخنة حتى تتمكن المحكمة من تحديد الجدول واجب التطبيق وتطبيق القانون على الوجه الصحيح ، فلا يكفي في ذلك مجرد قول الشهود أن الطاعن كان يحمل بندقية آلية وقت ارتكاب الجريمة وما أسفرت عنها تحريات الشرطة وشهادة مجريها . لما كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن السلاح المستخدم في الجريمة لم يضبط ولم يجر فحصه فنياً ولم يثبت أنه من البنادق الآلية المششخنة سريعة الطلقات الواردة بالبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون المذكور ، فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يأخذ الطاعن بالقدر المتيقن في حقه وهو أنه كان يحرز سلاحاً نارياً غير مششخن ويعاقبه بالفقرة الأولى من المادة 26 من القانون سالف الذكر والجدول رقم (2) الملحق به ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما كان يؤذن بنقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه ، بيد أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعن ما تقضي به نص المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبه بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وهي عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت مع سبق الإصرار والترصد المنصوص عليها في المادة 236/2،1 من قانون العقوبات التي وقعت بناءً على جريمة استعراض القوة وهي الجريمة ذات العقوبة الأشد ، فإنه لا جدوى من النقض والتصحيح . لما كان ذلك ، وكان المشرع قد أفرد الباب السادس عشر من قانون العقوبات لجرائم البلطجة وأفرد لها عقوبة مغلظة لكل جريمة تقع بناءً على ارتكاب جريمة البلطجة بأن نص في الفقرتين الثانية والرابعة من المادة 375 مكرراً(أ) : ( .... وتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن إذا ارتكبت جناية الجرح أو الضرب أو إعطاء المواد الضارة المفضي إلى موت المنصوص عليها في المادة 236 من قانون العقوبات بناءً على ارتكاب الجريمة المنصوص عليها في المادة السابقة .... ويقضى في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه بحيث لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنين ) ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل توقيع عقوبة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون مما كان يوجب تصحيحه وفقاً للقانون والقضاء بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة ، إلا أنه لما كان الطعن مقدماً من الطاعن وحده دون النيابة العامة فإنه يمتنع على هذه المحكمة تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعن بطعنه عملاً بنص المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق