الصفحات

الاثنين، 26 أغسطس 2024

الطعن 176 لسنة 45 ق جلسة 30 / 12 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 405 ص 2077

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عدلي مصطفى بغدادي وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح زغو، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان عمار.

------------------

(405)
الطعن رقم 176 لسنة 45 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن".
مطالبة المؤجر للمستأجر بالأجرة. إثارة الأخير نزاعاً جدياً حول حقيقة الأجرة القانونية. وجوب تصدى المحكمة لهذه المنازعة باعتبارها مسألة أولية في الدعوى. إغفال المحكمة بحث هذا النزاع استناداً إلى أنه لم يفصل نهائياً في الدعوى المقامة من المستأجر بتخفيض الأجرة لا خطأ.
(2) نقض "السبب الجديد". خبرة.
طلب الطاعن ندب خبير أمام محكمة الدرجة الأولى. عدم تمسكه به أمام محكمة الاستئناف. النعي بأن محكمة الاستئناف أطرحت هذا الطلب. سبب جديد لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

------------------
1- إن بحث حقيقة الأجرة الواجبة على المستأجر في ضوء القوانين المنظمة لها يعتبر إذا ما أثار المستأجر نزاعا على سند من الجد حول مجاوزة الأجرة الاتفاقية لحدود القانون - مسألة أولية داخلة في الدعوى المقامة بطلب الأجرة ولازمه الفصل فيها بما يقتضى من المحكمة المنظورة أمامها الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تعرض لهذه المسألة وتقول كلمتها فيه بغير حاجة إلى أن يرفع المستأجر دعوى بتخفيض الأجرة باعتبار أن ما يجوز طلبه بطريق الدعوى يجوز إبداؤه بطريق الدفع، إلا أنه في الأصول العامة التي يقوم عليها نظام القضاء أن أحكامه في المنازعات هي عنوان الصحة المطلقة، وأن قوله الفصل فيها لا يقبل بطبعه تعدداً في الرأي ولا عوداً إلى النظر فيه، لذلك قام التشريع على استبعاد طرح نزاع بذاته بشأن حق بعينه على أكثر من قاض واحد اتقاء ما قد يؤدى إليه ذلك من تعدد في الأحكام إن تطابقت يصبح تعددها عبئاً لا طائل من ورائه، وأن تنافرت تماحت وضاع الحق بينها، مما يهدر قرينة الصحة التي افترضها القانون في حكم القاضي ويغض من قيمة القضاء، وهذا وذاك ما ينبغي تنزيهه عنه، ومن هنا كان النص في المادة 112 من قانون المرافعات على أنه "إذا رفع النزاع ذاته بين محكمتين وجب إبداء الدفع بالإحالة أمام المحكمة التي رفع إليها النزاع أخيراً للحكم فيه وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها، لما كان ذلك فإنه لا على المحكمة التي يثار أمامها نزاع في مسألة أولية في دعوى مطروحة عليها، ويكون هو بذاته مطروحاً على محكمة أخرى لم تفصل فيه إن هي غضت النظر عنه، تاركة لتلك المحكمة الأخرى أمر الفصل فيه، ومضت هي في نظر الدعوى المطروحة عليها بحالتها ما دامت صالحة لذلك بغير حاجة إلى وقفها انتظاراً لما يسفر عنه الفصل فى تلك النزاع من المحكمة الأخرى وذلك اتقاء مغبة نظر النزاع أمام محكمتين في وقت واحد وإعمالا لمقتضى الإحالة المنصوص عليها في المادة 112 من قانون المرافعات، فيما لو كانت قد دفع بها، لما كان ما تقدم وكان الثابت من أوراق الطعن أن الطاعن كان قد استبق قبل منازعته في الأجرة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه إلى إقامة دعوى بطلب تخفيض الأجرة أمام محكمة أخرى لم تكن قد فصلت في دعواه بعد، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أطرح النظر في منازعة الطاعن في حقيقة الأجرة المستحقة في ذمته، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2- من المقرر أنه لا يجوز التحدي أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع أو كان قد سبق طرحه أمام محكمة الدرجة الأولى ثم تنازل عنه صاحبه صراحة أو ضمناً أمام محكمة الدرجة الثانية، ولما كان الثابت أن الطاعن كان قد طلب احتياطياً أمام محكمة الدرجة الأولى ندب خبير آخر لفحص الحساب وتطبيق قوانين التخفيض إلا أن الأوراق قد خلت مما يفيد تمسكه بهذا الطلب سواء بصفة أصلية أو احتياطية أمام محكمة الدرجة الثانية التي استأنف لديها الحكم - ومن ثم فإن ما أثاره - بهذا الوجه من النعي يعد سبباً جديداً غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده استصدر أمر الأداء رقم 1 سنة 1973 مدني كلي أسيوط بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 2360 ج قيمة المستحق عليه من أجرة العين التي يستأجرها منه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 9/ 1953 - وذلك عن المدة من أول يناير سنة 1968 حتى آخر نوفمبر سنة 1972 بواقع 40 ج شهرياً - تظلم الطاعن من هذا الأمر بالتظلم رقم 272 سنة 1973 مدنى كلى أسيوط قولا بأنه أوفى بما هو مستحق في ذمته من الأجرة وأنه أقام دعوى بطلب تخفيض الأجرة - قضت المحكمة بندب خبير لتصفية الحساب بين الطرفين فانتهى منه إلى أن ذمة الطاعن ما زالت مشغولة بمبلغ 624.047 ج من الأجرة المطالب بها وهو ما حكمت المحكمة على أساسه، بتعديل أمر الأداء استناداً إليه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 155 سنة 49 ق أسيوط. وبتاريخ 14/ 12/ 1977 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بنى على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أعرض عن تطبيق قوانين تخفيض الأجرة السارية على عين النزاع بحجة أن من حق الطاعن عند صدور الحكم بالتخفيض في الدعوى المقامة منه استرداد فرق الأجرة المستحقة وهى حجة لا تبرر امتناع المحكمة عن تطبيق هذه القوانين كما لا يشفع في ذلك للحكم المطعون فيه قوله أن دعوى التخفيض المرفوعة من الطاعن قضى برفضها ابتدائياً إذ أن خفض الأجرة يتم بقوة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان صحيحاً أن بحث حقيقة الأجرة الواجبة على المستأجر في ضوء القوانين المنظمة لها يعتبر إذا ما أثار المستأجر نزاعاً على سند من الجد حول مجاوزة الأجرة الاتفاقية لحدود القانون. مسألة أولية داخلة في الدعوى المقامة بطلب الأجرة ولازمه للفصل فيها بما يقتضى به من المحكمة المنظورة أمامها الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن تعرض لهذه المسألة وتقول كلمتها فيه بغير حاجة إلى أن يرفع المستأجر دعوى بتخفيض الأجرة باعتبار أن ما يجوز طلبه بطريق الدعوى يجوز إبداؤه بطريق الدفع إلا أنه لما كان من الأصول العامة التي يقوم عليها نظام القضاء أن حكومته في المنازعات هي عنوان الصحة المطلقة، وأن قوله الفصل فيها لا يقبل بطبعه تعددا في الرأي ولا عوداً إلا في النظر فيه، لذلك قام التشريع على استبعاد طرح نزاع بذاته بشأن حق بعينه على أكثر من قاض واحد اتقاء ما قد يؤدي إليه ذلك من تعدد في الأحكام إن تطابقت يصبح تعددها عبئا لا طائل من ورائه، وإن تنافرت تماحت وضاع الحق بينها، مما يهدر قرينة الصحة التي افترضها القانون في حكم القاضي ويغض من قيمة القضاء، وهذا وذلك ما ينبغي تنزيهه عنه، ومن هنا كان النص في المادة 112 من قانون المرافعات على أنه إذا رفع النزاع ذاته بين محكمتين وجب إبداء الدفع بالإحالة أمام المحكمة التي يرفع إليها النزاع أخيراً للحكم فيه وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها، لما كان ذلك فإنه لا على المحكمة التي يثار أمامها نزاع في مسألة أولية في دعوى مطروحة عليها، ويكون هو بذاته مطروحاً على محكمة أخرى لم تفصل فيه إن هي غضت النظر عنه، تاركة لتلك المحكمة الأخرى أمر الفصل فيه ومضت هي في نظر الدعوى المطروحة عليها بحالتها ما دامت صالحة لذلك بغير حاجة إلى وقفها انتظاراً لما يسفر عنه الفصل في ذلك النزاع من المحكمة الأخرى، وذلك اتقاء مغبة نظر النزاع أمام محكمتين في وقت واحد وإعمالاً لمقتضى الإحالة المنصوص عليها في المادة 112 من قانون المرافعات، فيما لو كانت قد دفع بها، لما كان ما تقدم، وكان الثابت من أوراق الطعن أن الطاعن كان قد استبق، قبل منازعته في الأجرة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه إلى إقامة دعوى بطلب تخفيض الأجرة أمام محكمة أخرى لم تكن قد فصلت في دعواه بعد، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استند في اطراحه النظر في منازعة الطاعن في حقيقة الأجرة المستحقة في ذمته إلى قوله "إن دعوى التخفيض رقم 551 سنة 1963 - مدني كلي أسيوط المقامة من المتظلم (الطاعن) قضى برفضها ولم يفصل في الاستئناف بعد ولا ضرر على المتظلم فيما لو قضي استئنافياً بتخفيض الأجرة المستحقة وفقاً لعقد الإيجار إذ أجاز له المشرع في هذه الحالة استرداد ما دفع زائداً عن الأجرة المستحقة قانوناً واستقطاعه من الأجرة التي يستحق دفعها إعمالاً لنص المادة السادسة من القانون رقم 121 لسنة 1947 التي أبقى عليها القانون رقم 52 سنة 1969 بطرحه نص المادة 403 منه ". لما كان ما سلف فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه إخلاله بحق الدفاع من وجهين أولهما - أنه أطرح ما تمسك به الطاعن أمام محكمة الدرجة الأولى من طلب ندب خبير آخر لإعادة فحص الحساب. وتطبيق قوانين التخفيض. وثانيهما: أنه اعتد بتقرير الخبير المقدم في الدعوى رغم اعتراض الطاعن عليه ودون رد على اعتراضه.
وحيث إن هذا النعي - بوجهيه - غير سديد ذلك أن من المقرر أنه لا يجوز التحدي أمام محكمة النقض بدفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع أو كان قد سبق طرحه أمام محكمة الدرجة الأولى ثم تنازل عنه صاحبه صراحة أو ضمناً أمام محكمة الدرجة الثانية - ولما كان الثابت أن الطاعن كان قد طلب احتياطياً أمام محكمة الدرجة الأولى ندب خبير آخر لفحص الحساب وتطبيق قوانين التخفيض إلا أن الأوراق قد خلت مما يفيد تمسكه بهذا الطلب سواء بصفة أصلية واحتياطية أمام محكمة الدرجة الثانية التي استأنف لديها الحكم - ومن ثم فإن ما أثاره بهذا الوجه من النعي يعد سبباً جديداً غير مقبول. كما أن الوجه الثاني من النعي مردود بما هو مقرر من أنه متى رأت محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه وأنها لا تكون ملزمة بالرد استقلالاً عن المطاعن التي وجهت إليه لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير ومن ثم يضحى النعي بوجهيه في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق