الصفحات

الأحد، 18 أغسطس 2024

الطعن 1679 لسنة 91 ق جلسة 22 / 2 / 2022 مكتب فنى 73 ق 49 ص 411

جلسة 22 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيـد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ د. مصطفى سالمان، صلاح عصمت، د. محمد رجاء، ياسر بهاء الدين إبراهيم " نواب رئيس المحكمة ".
-------------
(49)
الطعن رقم 1679 لسنة 91 القضائية
(1) استئناف " اعتبار الاستئناف كأن لم يكن ".
عدم إعلان المستأنف عليه بصحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها قلم الكتاب. جزاؤه. اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. جواز الحكم به إذا تمسك به صاحب المصلحة ما لم يتنازل عن طلب توقيعه أو يسقط حقه فيه بالتكلم في الموضوع. مجــــرد فوات الميعاد المذكور. قاطع في عدم تحقق الغاية من الإجراء.
(2) نقض " أسباب الطعن بالنقض: السبب المفتقر للدليل ".
الطعن بالنقض. التزام الخصوم بتقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد المحددة قانونًا. عدم تقديم الطاعنة الدليل المؤيد لنعيها. مؤداه. نعي مفتقرٌ إلى دليله.
(3) عقد " عقد المقاولة: تقادم دعوى المقاول ".
تقادم دعوى المقاول في الحصول على أجره من رب العمل. بداية سريانها. تاريخ تسلم رب العمل الأعمال المنتهية تسليمًا فعليًا أو حكميًا أو في الوقت الذي يتحلل فيه رب العمل من التزامه بالعقد بإرادته المنفردة وتتوقف فيه الأعمال. أثره. استحقاق المقاول التعويض عن جميع ما أنفقه وما فاته من كسب. م 68 ق التجارة رقم 17 لسنة 1999 والمواد 655 و656 و663/1 مدني.
(4، 5) تقادم " انقطاعه بالمطالبة القضائية ".
(4) المطالبة القضائية القاطعة للتقادم. ماهيتها. م ٣٨٣ مدني. الدفع أمام محكمة الموضوع بالتقادم. وجوب البحث عن شرائطه القانونية. التقرير بوقف التقادم أو انقطاعه. شرطه. توافر سببه.
(5) تمثل علاقة الطاعنة بالمطعون ضده الأول في ستة عقود مقاولة أبرمت في تواريخ مختلفة. مؤداه. اختلاف بدء سريان مدة التقادم من عقد إلى آخر. إلزام الحكم المطعون فيه للطاعنة بأجرة المقاول ورفض دفعها بالتقادم ودون تحديد مقدار الأجرة المستحقة له عن كل عقد على حدة وبيان ما إذا كان المطعون ضده قد اتخذ إجراءات قاطعة للتقادم بشأن كل عقد من عدمه. خطأ وقصور. علة ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن هو جزاء نص عليه المشرع لعدم إعلان صحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب، ومجرد فوات الميعاد دون اتخاذ هذا الإجراء يقطع في عدم تحقق الغاية منه، وقد قرر المشرع ذلك الجزاء لمصلحة المستأنَف عليه؛ حتى يتفادى ما يترتب على تراخي المستأنِف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم الكتاب، وجعل الأمر في توقيع الجزاء بعد ذلك جوازيًا للمحكمة ومتروكًا لمطلق تقديرها في حالة طلبه من صاحب المصلحة، ما لم يتنازل عن طلب توقيعه، أو يسقط حقه فيه بالتكلم في موضوع الدعوى، فإذا استعملت المحكمة سلطتها التقديرية ولم تقبل الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وتصدت للفصل في موضوع الاستئناف، فلا يجوز الطعن في حكمها لاستعمالها الرخصة المخولة لها بالمادة ٧٠ من قانون المرافعات، ويكون النعي على غير أساس.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يُناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تودع قلم كتاب هذه المحكمة وقت تقديم صحيفة الطعن بالنقض – عملًا بالمادة 255 من قانون المرافعات المدنية والتجارية – صورة من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى ومن مذكرة الدفاع التي تقول إنها قدمتها لمحكمة الاستئناف بجلسة 19/11/2019 مذيلتين بعبارة صورة لتقديمها لمحكمة النقض، حتى يمكن التحقق من صحة ما تنعاه على الحكم المطعون فيه؛ فإن نعيها في هذا الخصوص يكون مفتقرًا إلى دليله.
3- النص في المادة 68 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 والمواد 655 و656 و663/1 من التقنين المدني يدل على أن سريان مدة تقادم دعوى المقاول في الحصول على أجره من رب العمل يبدأ من تاريخ تسلم رب العمل الأعمال المنتهية تسليمًا فعليًا أو حكميًا، أو في الوقت الذي يتحلل فيه رب العمل من التزامه بالعقد بإرادته المنفردة، وتتوقف فيه الأعمال، فيستحق المقاول عندئذ التعويض عن جميع ما أنفقه وما فاته من كسب.
4- مفاد نص المادة 383 من التقنين المدني أن التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية، وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى، والمقصود بالمطالبة القضائية هو مطالبة الدائن لمدينه مطالبة صريحة جازمة بالحق قضاءً، وهو ما يتم بطريق رفع الدعوى؛ لاستصدار حكم بإجبار المدين على الوفاء بما التزم به، والمطالبة بما يجب بوجوب الحق، وبما يسقط بسقوطه تعتبر إجراءً قاطعًا للتقادم بالنسبة لأصل الحق ما دامت هذه المطالبة تدل في ذاتها على قصد صاحب الحق في التمسك به، وحسب محكمة الموضوع أن يُدفع أمامها بالتقادم حتى يتعين أن تبحث شرائطه القانونية ومنها المدة بما يعترضها من وقف أو انقطاع، وأن تقرر ولو من تلقاء نفسها وقف التقادم أو انقطاعه إذا طالعتها أوراق الدعوى بقيام سببه؛ إذ إن حصول شيء من ذلك يحول دون اكتمال مدة التقادم.
5- إذ كان البين من الأوراق أن الشركة الطاعنة أقامت دعواها بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بالمبلغ المطالب به والفوائد القانونية على سند من إخلال الأخير بالتزاماته بأعمال المقاولة وفقًا للعقود المبرمة بينهما بتواريخ مختلفة؛ مما اضطرها إلى التحلل من تلك العقود، وتنفيذها للأعمال على نفقته، وكان الحكم المطعون فيه قد ألزمها أجرة المقاول وتعويضه بعد أن رفض دفعها بانقضاء حق المطعون ضده بالتقادم المنصوص عليه بالمادة 68 من قانون التجارة استنادًا إلى أن المطعون ضده الأول اتخذ إجراءات قاطعة للتقادم تمثلت في تمسكه بإجراء الحساب وبإنذار وجهه إليها عام 2007، وطلبه ندب خبير وحضوره أمامه والمطالبة بحقوقه التي لم يتم إجراء حساب ختامي لها؛ وبالتالي لم تكن محددة أو مستحقة الأداء، وأنه عقب إيداع الخبير لتقريره وجه طلبًا عارضًا بالمبلغ المستحق له، مع أن توجيه الإنذار أو إبداء أوجه الدفاع لدرء الدعوى - بطلب ندب خبير لإجراء الحساب - لا يُعد مطالبة قاطعة جازمة تدل في ذاتها على قصد صاحب الحق في التمسك به وإنما دفع للدعوى ببراءة ذمته، ومن ثم فإن ما عدده الحكم من إجراءات لا يصلح لاعتبارها إجراءات قاطعة للتقادم، ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم من عدم بيان قيمة الدين وبالتالي استحقاقه، وأن المطعون ضده إنما وجه طلبًا عارضًا للمطالبة بحقه بعد تحديده بمعرفة الخبير المنتدب في الدعوى، إذ لم يفطن الحكم إلى أن أساس العلاقة بين الطرفين يتمثل في ستة عقود مقاولة أبرمت في تواريخ مختلفة منذ عام 1996 وحتى 2005 عن أعمال متعددة، بما يؤدي إلى حتمية اختلاف بدء سريان مدة التقادم من عقد إلى آخر حسب الواقعة المنشئة لحق المقاول المطعون ضده، كما لم يعن الحكم بتحديد مقدار الأجرة المستحقة للمقاول عن كل عقد على حدة وباستقلال عن أي عقود أخرى متنازع عليها، وبيان ما إذا كان المطعون ضده اتخذ إجراءات قاطعة للتقادم بشأن كل عقد على النحو الذي عنته المادة 383 من التقنين المدني، فإنه يكون فضلًا عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه القصور في التسبيب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضده الأول الدعوى التي صار قيدها برقم.... لسنة 2009 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي لها مبلغ 251‚560‚2 جنيهًا والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا، ومبلغ ثلاثة ملايين جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًا، وقالت بيانًا لها: إنه بموجب ستة عقود مقاولة أرقام.... لسنة 96/97 و.... لسنة 2001/2002 و.... و.... لسنة 2002/2003 و.... لسنة 2003/2004 و.... لسنة 2004/2005 أسندت إلى المطعون ضده الأول أعمالًا متعلقة بشبكات الصرف الصحي بمحافظتي المنيا والإسماعيلية، وإذ تقاعس المطعون ضده الأول عن تنفيذ الأعمال المسندة إليه رغم إنذاره نفذت تلك الأعمال على نفقته ولحقتها من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية قدرتها بالمبالغ المطالب بها فكانت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرًا وبعد أن أودع تقريره وجه المطعون ضده الأول في 15/1/2018 طلبًا عارضًا ختاميًا بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة أن تؤدي له المبلغ الذي انتهى إليه الخبير المنتدب مع الفوائد القانونية من تاريخ الاستحقاق، ومبلغ التعويض الذي تقدره المحكمة وحتى السداد. دفعت الشركة الطاعنة بسقوط حق المطعون ضده بالتقادم عملًا بالمادة 68 من قانون التجارة، وأدخلت المطعون ضده الثاني بصفته خصمًا في الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى وبسقوط الحق في الطلب العارض بالتقادم. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة 137 ق القاهرة، كما استأنفته الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم.... لسنة 137 ق القاهرة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني للأول للارتباط، قضت بتاريخ 8/12/2020 بإلغاء الحكم المستأنف بشأن الطلب العارض وبإلزام الشركة الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ 92/356‚872‚10 جنيهًا ومبلغ مليون جنيه تعويضًا ماديًا وأدبيًا. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - التي رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول: إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف باعتبار الاستئناف رقم.... لسنة 137 ق كأن لم يكن لعدم إعلان صحيفته في الميعاد القانوني عملًا بالمادة 70 من قانون المرافعات غير أن الحكم لم يُعمل هذا الجزاء وتصدى للفصل في موضوع الاستئناف، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أنه من المقرر أن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن هو جزاء نص عليه المشرع لعدم إعلان صحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديمها إلى قلم الكتاب، ومجرد فوات الميعاد دون اتخاذ هذا الإجراء يقطع في عدم تحقق الغاية منه، وقد قرر المشرع ذلك الجزاء لمصلحة المستأنَف عليه؛ حتى يتفادى ما يترتب على تراخى المستأنِف في إعلان الاستئناف من إطالة الأثر المترتب على تقديم صحيفته لقلم الكتاب، وجعل الأمر في توقيع الجزاء بعد ذلك جوازيًا للمحكمة ومتروكًا لمطلق تقديرها في حالة طلبه من صاحب المصلحة، ما لم يتنازل عن طلب توقيعه، أو يسقط حقه فيه بالتكلم في موضوع الدعوى، فإذا استعملت المحكمة سلطتها التقديرية ولم تقبل الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وتصدت للفصل في موضوع الاستئناف فلا يجوز الطعن في حكمها لاستعمالها الرخصة المخولة لها بالمادة ٧٠ من قانون المرافعات، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعَى على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنه عوّل في قضائه على تقرير الخبير المنتدب في الدعوى رغم أن الخبير لم يحدد الأعمال التي نفذها المطعون ضده الأول أو الأعمال التي نفذتها بمعرفتها أو بواسطة مقاول آخر، وأنها قدمت مذكرة بدفاعها في 19/11/2019 طلبت فيها إعادة المأمورية للخبير لبحث اعتراضها، إلا أن الحكم أغفل هذا الدفاع إيرادًا أو ردًا مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك بأنه من المقرر أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يُناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تودع قلم كتاب هذه المحكمة وقت تقديم صحيفة الطعن بالنقض – عملًا بالمادة 255 من قانون المرافعات المدنية والتجارية – صورة من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى ومن مذكرة الدفاع التي تقول إنها قدمتها لمحكمة الاستئناف بجلسة 19/11/2019 مذيلتين بعبارة صورة لتقديمها لمحكمة النقض، حتى يمكن التحقق من صحة ما تنعاه على الحكم المطعون فيه؛ فإن نعيها في هذا الخصوص يكون مفتقرًا إلى دليله.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعَى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول: إنها دفعت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بسقوط حق المطعون ضده الأول بشأن عقود المقاولة محل التداعي بالتقادم عملًا بالمادة 68 من قانون التجارة غير أن الحكم المطعون فيه ألغى الحكم الابتدائي الصادر لصالحها بقبول الدفع وقضى بإلزامها بالمبلغ المحكوم به على أساس أن الواقعة المنشئة لحق المطعون ضده هي إيداع تقرير خبير الدعوى على الرغم من أنها أنذرت المطعون ضده الأول بإنهاء أعمال المقاولة، وأن العبرة في بدء سريان التقادم هي بتاريخ هذا الإنذار وليس بوقت إيداع تقرير الخبير، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد؛ ذلك أن النص في المادة 68 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 على أن "تتقادم الدعاوى الناشئة عن التزامات التجار قِبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم التجارية بمضي سبع سنوات من تاريخ حلول ميعاد الوفاء بالالتزام إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك...."، وفي المادة 655 من التقنين المدني على أنه "متى أتم المقاول العمل ووضعه تحت تصرف رب العمل وجب على هذا أن يبادر إلى تسلمه في أقرب وقت ممكن بحسب الجاري في المعاملات، فإذا امتنع دون سبب مشروع عن التسلم رغم دعوته إلى ذلك بإنذار رسمي اعتبر أن العمل قد سُلم إليه"، وفي المادة 656 من ذات التقنين على أنه "يستحق دفع الأجرة عند تسلّم العمل، إلا إذا قضى العرف أو الاتفاق بغير ذلك"، وفي الفقرة الأولى من المادة 663 من التقنين المشار إليه على أنه "لرب العمل أن يتحلل من العقد ويقف التنفيذ في أي وقت قبل إتمامه، على أن يعوض المقاول عن جميع ما أنفقه من المصروفات وما أنجزه من الأعمال وما كان يستطيع كسبه لو أنه أتم العمل"، يدل على أن سريان مدة تقادم دعوى المقاول في الحصول على أجره من رب العمل يبدأ من تاريخ تسلم رب العمل الأعمال المنتهية تسليمًا فعليًا أو حكميًا، أو في الوقت الذي يتحلل فيه رب العمل من التزامه بالعقد بإرادته المنفردة، وتتوقف فيه الأعمال، فيستحق المقاول عندئذ التعويض عن جميع ما أنفقه وما فاته من كسب، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مفاد نص المادة 383 من التقنين المدني أن التقادم ينقطع بالمطالبة القضائية، وبأي عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى، والمقصود بالمطالبة القضائية هو مطالبة الدائن لمدينه مطالبة صريحة جازمة بالحق قضاءً، وهو ما يتم بطريق رفع الدعوى؛ لاستصدار حكم بإجبار المدين على الوفاء بما التزم به والمطالبة بما يجب بوجوب الحق، وبما يسقط بسقوطه تعتبر إجراءً قاطعًا للتقادم بالنسبة لأصل الحق ما دامت هذه المطالبة تدل في ذاتها على قصد صاحب الحق في التمسك به، وحسب محكمة الموضوع أن يُدفع أمامها بالتقادم حتى يتعين أن تبحث شرائطه القانونية ومنها المدة بما يعترضها من وقف أو انقطاع، وأن تقرر - ولو من تلقاء نفسها - وقف التقادم أو انقطاعه إذا طالعتها أوراق الدعوى بقيام سببه؛ إذ إن حصول شيء من ذلك يحول دون اكتمال مدة التقادم. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الشركة الطاعنة أقامت دعواها بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بالمبلغ المطالب به، والفوائد القانونية على سند من إخلال الأخير بالتزاماته بأعمال المقاولة وفقًا للعقود المبرمة بينهما بتواريخ مختلفة؛ مما اضطرها إلى التحلل من تلك العقود، وتنفيذها للأعمال على نفقته، وكان الحكم المطعون فيه قد ألزمها أجرة المقاول وتعويضه بعد أن رفض دفعها بانقضاء حق المطعون ضده بالتقادم المنصوص عليه بالمادة 68 من قانون التجارة، استنادًا إلى أن المطعون ضده الأول اتخذ إجراءات قاطعة للتقادم تمثلت في تمسكه بإجراء الحساب وبإنذار وجهه إليها عام 2007، وطلبه ندب خبير وحضوره أمامه والمطالبة بحقوقه التي لم يتم إجراء حساب ختامي لها؛ وبالتالي لم تكن محددة أو مستحقة الأداء، وأنه عقب إيداع الخبير لتقريره وجه طلبًا عارضًا بالمبلغ المستحق له، مع أن توجيه الإنذار أو إبداء أوجه الدفاع لدرء الدعوى - بطلب ندب خبير لإجراء الحساب - لا يُعد مطالبة قاطعة جازمة تدل في ذاتها على قصد صاحب الحق في التمسك به وإنما دفع للدعوى ببراءة ذمته. ومن ثم فإن ما عدده الحكم من إجراءات لا يصلح لاعتبارها إجراءات قاطعة للتقادم، ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الحكم من عدم بيان قيمة الدين وبالتالي استحقاقه، وأن المطعون ضده إنما وجه طلبًا عارضًا للمطالبة بحقه بعد تحديده بمعرفة الخبير المنتدب في الدعوى، إذ لم يفطن الحكم إلى أن أساس العلاقة بين الطرفين يتمثل في ستة عقود مقاولة أبرمت في تواريخ مختلفة منذ عام 1996 وحتى 2005 عن أعمال متعددة، بما يؤدي إلى حتمية اختلاف بدء سريان مدة التقادم من عقد إلى آخر حسب الواقعة المنشئة لحق المقاول المطعون ضده، كما لم يعن الحكم بتحديد مقدار الأجرة المستحقة للمقاول عن كل عقد على حدة وباستقلال عن أي عقود أخرى متنازع عليها، وبيان ما إذا كان المطعون ضده اتخذ إجراءات قاطعة للتقادم بشأن كل عقد على النحو الذي عنته المادة 383 من التقنين المدني، فإنه يكون فضلًا عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه القصور في التسبيب، بما يوجب نقضه نقضًا جزئيًا فيما قضى به في الطلب العارض على أن يكون مع النقض الإحالة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق