الصفحات

السبت، 3 أغسطس 2024

الطعن 1265 لسنة 22 ق جلسة 4/ 6/ 1953 مكتب فني 4 ج 3 ق 330 ص 909

جلسة 4 من يونيه سنة 1953

المؤلفة من حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن رئيسا, وحضرات المستشارين مصطفى حسن ومحمود إبراهيم إسماعيل وأنيس غالي ومصطفى كامل أعضاء.

----------------

(330)
القضية رقم 1265 سنة 22 القضائية

تفتيش. 

التحقيق المفتوح الذي يسوغ التفتيش. هو التحقيق الذي تتولاه سلطة التحقيق بناء على ما يصل إلى علمها من الإبلاغ عن جناية أو جنحة. لا يشترط أن يكون قد قطع مرحلة أو استظهر قدرا معينا من أدلة الإثبات.

------------------
إن قضاء محكمة النقض مستقر على أن تفتيش المنازل إجراء من إجراءات التحقيق لا تأمر به سلطة من سلطاته إلا بمناسبة جريمة ترى أنها وقعت وصحت نسبتها إلى شخص بعينه وأن هناك من الدلائل ما يكفي لاقتحام مسكنه الذي كفل الدستور حرمته وحرم القانون على رجال السلطة دخوله إلا في أحوال خاصة, وأن تقدير كفاية تلك الدلائل وإن كان من شئون سلطة التحقيق إلا أنه خاضع لرقابة محكمة الموضوع بحيث إذا رأت أنه لم يكن هناك ما يبرره فإنها لا تأخذ بالدليل المستمد منه باعتبار أنه إذا فقد المبرر لإجرائه أصبح عملا يحرمه القانون فلا يسوغ أن يؤخذ بدليل مستمد منه وقد جاء قانون الإجراءات الجنائية يؤكد هذه المبادئ بما نص عليه في المادة 91 منه من أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق, ولا يجوز الالتجاء إليه إلا في تحقيق مفتوح, وبناء على تهمة موجهة إلى شخص مقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها. وإذا كان الشارع قد نص على أن يكون هناك تحقيق مفتوح فإنما قصد بذلك التحقيق الذي تتولاه سلطة التحقيق بناء على ما يصل إلى علمها من الإبلاغ عن جناية أو جنحة ولم يشترط الشارع للتحقيق المفتوح الذي يسوغ التفتيش أن يكون قد قطع مرحلة أو استظهر قدرا معينا من أدلة الإثبات بل ترك ذلك لتقدير سلطة التحقيق لكي لا يكون من وراء غل يدها احتمال فوات الغرض منه مما تتأثر به مصلحة الجماعة, التي تسمو على مصلحة الفرد.
وإذن فمتى كان الحكم قد أثبت أن وكيل النيابة قد اصدر أمره بتفتيش منزل المتهم ومحل تجارته بناء على التحقيق الذي أجراه وأقره الحكم على تسويغه اتخاذ هذا الإجراء من إجراءات التحقيق فإن الحكم يكون صحيحا إذ قضى برفض الدفع ببطلان التفتيش.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جواهر مخدرة (حشيشا) بدون مسوغ قانوني, وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و35/ 6 ب و40 و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928. ومحكمة جنح أبشواي الجزئية نظرت هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة ونصفا مع الشغل وتغريمه 250 جنيها والنفاذ ومصادرة المواد المضبوطة. فاستأنف. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الفيوم الابتدائية دفع المتهم: أولا - ببطلان إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة وبطلان الحكم الابتدائي المؤسس عليها, ثانيا - من باب الحيطة الحكم ببطلان التفتيش لأنه لم يبن على تحقيق مفتوح, ولأن الذي قام به شخص خلاف الذي صدر له الإذن بإجرائه وإلغاء الحكم المستأنف تأسيسا على ذلك وبراءة المتهم, ثالثا - وفي الموضوع ببراءة المتهم. والمحكمة المذكورة قضت فيها حضوريا بعدم قبول الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة وبرفض الدفعين الخاص أولهما ببطلان الحكم المستأنف وثانيهما - ببطلان الإذن بالتفتيش وصحة الحكم المستأنف والإذن بالتفتيش, وفي الموضوع برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن محصل الشق الأول من الوجه الأول من الطعن أن إجراءات المحاكمة أمام محكمة أول درجة قد شابها البطلان لأن المحكمة لم تجب ما طلبه الدفاع من حضور شهود النفي ولم تسمع مرافعته وكان المتهم قد قدم ورقة لرد القاضي فلما علم القاضي بأمر الرد رأى تأجيل نظر القضية لجلسة أخرى وعند ذلك تنازل الطاعن عن الطلب, إلا أن المحكمة عادت فرفضت التأجيل فكتب الطاعن طلب الرد وأرفقه بملف القضية, ولكن المحكمة رغم ذلك حكمت بإدانته مع أن المحامين الحاضرين لفتوا نظر القاضي لطلب الرد المقدم من المتهم فأشر عليه القاضي بأنه قدم بعد الحكم. وما كان للمحكمة أن تحكم في الدعوى مع وجود هذا الطلب لإنعدام ولاية القاضي, وتكون الإجراءات قد وقعت باطلة بطلانا لا يمكن أن تصححه المحكمة الاستئنافية لعدم ولاية المحكمة الأولى ولا يقدح في ذلك ما ذكره الحكم من أن طلب الرد لم يقدم إلا بعد سماع الشهود فإن هذا لا يمنع من تقديم طلب الرد.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة 12 من مارس سنة 1952 بمحكمة أول درجة أن المحكمة بعد أن سمعت شهادة شاهدي الإثبات سألت المتهم عن علاقته بشهود النفي وعند ذلك قدم ورقة برد المحكمة, فطلبت المحكمة منه التقرير بذلك في قلم الكتاب, ثم أعيدت الجلسة وسألت المحكمة المتهم عما إذا كان قرر بالرد فأجاب بأنه تنازل عن طلبه وأصر على هذا التنازل عند مناقشته - لما كان ذلك, وكانت الورقة الأخرى المقدمة بالرد والمشار إليها في الطعن والتي اطلعت عليها هذه المحكمة قد أثبت القاضي عليها أنها قدمت إليه بعد أن فصل في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في شأن رد القاضي لا يكون له أساس.
وحيث إن الطاعن يؤسس الشق الثاني من الوجه الأول من طعنه على بطلان التفتيش لصدور أمر النيابة به دون تحقيق مفتوح كما تقضي بذلك المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية, ويقول إن الصاغ محمود حسن سري رئيس فرع مكافحة المخدرات بأسيوط تقدم لوكيل نيابة الفيوم الكلية دون وكيل نيابة أبشواي المختص ففتح محضرا في 29 نوفمبر سنة 1951 الساعة 10 وثلث صباحا ندب فيه ضابط المباحث بمركز أبشواي كاتبا للتحقيق وسمع أقوال رئيس فرع مكافحة المخدرات بأسيوط فلم تخرج عما أثبت بمحضره وهذا لا يتوافر به التحقيق المفتوح الذي اشترطه القانون عن جريمة وقعت بالفعل ولم تكن هناك دلائل أو قرائن يمكن بها توجيه الاتهام لشخص معين, هذا إلى أن الإذن بذاته باطل لعدم ندب رئيس النيابة لوكيل النيابة الذي باشر التحقيق. ويضيف الطاعن إلى ذلك قوله إن التفتيش والقبض على المتهم قام به ضابط المباحث محمد المصري وهو غير رئيس الفرع الذي ندبه المحقق للتفتيش, وقد افترضت المحكمة أن الضابط قام ببعض الإجراءات التي أتمها رئيس الفرع وليس في الأوراق ما يسوغ هذا الفرض.
وحيث إن قضاؤ هذه المحكمة مستقر على أن تفتيش المنازل إجراء من إجراءات التحقيق لا تأمر به سلطة من سلطاته إلا لمناسبة جريمة ترى أنها وقعت وصحت نسبتها إلى شخص بعينه, وأن هناك من الدلائل ما يكفي لاقتحام مسكنه الذي كفل الدستور حرمته وحرم القانون على رجال السلطة دخوله إلا في أحوال خاصة وأن تقدير كفاية تلك الدلائل وإن كان من شئون سلطة التحقيق إلا أنه خاضع لرقابة محكمة الموضوع بحيث إذا رأت أنه لم يكن هناك ما يبرره كان لها ألا تأخذ بالدليل المستمد منه باعتبار أنه إذا فقد المبرر لإجرائه أصبح عملا يحرمه القانون فلا يسوغ أن يؤخذ بدليل مستمد منه, وقد جاء قانون الإجراءات الجنائية يؤكد هذه المبادئ بما نص عليه في المادة 91 منه من أن "تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق, ولا يجوز الالتجاء إليه إلا في تحقيق مفتوح, وبناء على تهمة موجهة إلى شخص مقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت قرائن على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة" وإذا كان الشارع قد نص على أن يكون هناك تحقيق مفتوح فإنما قصد بذلك التحقيق الذي تتولاه سلطة التحقيق بناء على ما يصل إلى علمها من الإبلاغ عن جناية أو جنحة ولم يشترط الشارع للتحقيق المفتوح الذي يسوغ التفتيش أن يكون قد قطع مرحلة أو استظهر قدرا معينا من أدلة الإثبات بل ترك ذلك لتقدير سلطة التحقيق لكي لا يكون من وراء غل يدها احتمال فوات الغرض منه مما تتأثر به مصلحة الجماعة التي تسمو على مصلحة الفرد - لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت أن وكيل النيابة قد أصدر أمره بتفتيش منزل الطاعن ومحل تجارته بناء على التحقيق الذي أجراه وأقره الحكم على تسويغه اتخاذ هذا الإجراء من إجراءات التحقيق, فإن الحكم يكون صحيحا فيما قضى به من رفض الدفع ببطلان التفتيش.
وحيث إن تقديم البلاغ الذي يتضمن طلب الأمر بالتفتيش إلى رئيس نيابة الفيوم الذي له الإشراف على أعمال النيابة في جميع أنحاء مديرية الفيوم, وإحالة هذا البلاغ إلى أحد وكلاء النيابة الكلية الذين يعملون معه وندبه للتحقيق, هو تفويض من رئيس النيابة أساسه حقه الواضح في القانون, ويكون وكيل النيابة الذي باشر التحقيق وأمر بالتفتيش وندب لإجرائه أحد مأموري الضبطية القضائية حسبما خوله له القانون فقام هذا المأمور بإجرائه بنفسه وبمعاونة زملائه حسبما أثبته الحكم يكون وكيل النيابة قد تصرف استجابة لأمر رئيسه وعلى مقتضى القانون تصرفا سليما لا شائبة فيه, ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يستند إلى أساس.
وحيث إن محصل الوجه الثاني أن الحكم قد شابه القصور, ذلك أن بين خاله وبين ضابط المباحث خصومة, وهذا الضابط هو الذي أجرى التفتيش, ولم يجد بجيب الطاعن مخدرا, وقد أجمع على ذلك شهود النفي وقالوا إن الضابط المذكور هو الذي باشر تفتيش الطاعن بنفسه, وهو لم يندب لإجرائه ولم ترد المحكمة على شهادة هؤلاء الشهود, كما أنها تشككت في شهادة البعض منهم لما قالته من أن بعضهم على علاقة بالمتهم, والبعض الآخر له علاقة بخاله مع عدم وجود صلة تربطهم بهما.
وحيث إن محكمة الموضوع قد أثبتت في حكمها أن الذي قام بالتفتيش هو الصاغ محمود حسن سري الذي ندبته النيابة لذلك, واستندت فيها قالته إلى شهادة شاهدي الإثبات التي اطمأنت إليها وعرضت لما أثاره الدفاع عن الطاعن من أن الضابط محمد السيد المصري اشترك في التفتيش, وردت على هذا الدفاع وقالت إنه لم يكن إلا مساعدا في المحافظة على الأمن والنظام للضابط المنتدب لإجراء التفتيش, وإذا كان قد قام بإجراء بعض أعمال التفتيش فإنه يكون قد قام بها تحت إشراف الضابط الصادر له الأمر وبحضوره. ولما كان ما قاله الحكم من ذلك سديدا, وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها, وذكر أدلة مقبولة على وقوع هذه الجريمة منه, ولم يأخذ بدفاعه ولا بشهادة شهود النفي للاعتبارات السائغة التي بينها - لما كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يخرج عن أن يكون جدلا موضوعيا لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق