الصفحات

الأربعاء، 26 يونيو 2024

الطعن 30473 لسنة 85 ق جلسة 11 / 2 / 2018 مكتب فني 69 ق 25 ص 184

جلسة 11 من فبراير سنة 2018

برئاسة السيد القاضي / طـه قاسم نائب رئيس المحكمـة وعضوية السادة القضاة / د. عادل أبو النجا، عاطف عبد السميع  ومحمد عبد الهادي نواب رئيس المحكمة ومحمد تركي .

-----------------

(25)

الطعن رقم 30473 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها .

(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . حد ذلك ؟

عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشهود إذا تعددت . حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه .

اختلاف أقوال الشاهدين في نوع الأداة المستخدمة في إحداث الإصابة . لا يؤثر في سلامة الحكم .

مثال .

(3) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جديـة التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

 للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري . لا يعيبها .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(5) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .  

مثال .

(6) صلح . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

التفات الحكم عن الصلح بين المجني عليه والمتهمين في معرض نفي التهمة عنهما . لا يعيبه . علة ذلك ؟

اعتماد المحكمة على أقوال المجني عليه في الإدانة في الدعوى الجنائية واعتبارها أن تقديمه محضر صلح موثق في الدعوى المدنية يعد تنازلاً عنها . لا تناقض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، ولما كان الحكم المطعون فيه - وعلى ما يبين من مدوناته - قد بين واقعة الدعوى وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان كافٍ ، فإنه ينحسر عنه قالة القصور في التسبيب .

2- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يُحيل في بيان شهادة الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكانت محكمة الموضوع غير مُلزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وطرح ما عداه ، وإذ كان الطاعنان لا يجادلان في أن أقوال شاهدي الإثبات متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة الجوهرية المشهود عليها وهي التعدي بالضرب على المجني عليه بأداة على رأسه أحدثت إصابته التي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة ، فلا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهما في شأن نوع الأداة المستخدمة في إحداث الإصابة والتي تخلف من جرائها العاهة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . وإذ كان الثابت من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج عن مدلول شهادتهما ، كما أنها تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها ، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهدة الثانية إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ، إذ إن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالها إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول إنما هو إثبات المعنى المشترك بين شهاداتهما وهو ضرب المجنى عليه - الشاهد الأول - بعرق خشب على رأسه مما أفضى إلى حدوث عاهة مستديمة وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال كل الشهود في جوهرها على حد سواء والتفت الحكم عما عدا ذلك من تفصيلات ، بما ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد .

3- لما كان للمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رُتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين لجريمة الضرب المفضي إلى عاهة التي دين بها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو وأن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع .

4- من المُقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهد بها ، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول صورة الواقعة ، واطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .

5- لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً بشأن ما أثاره من استحالة حدوث الواقعة كما رواها المجني عليه ، فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطلب منها .

6- لما كان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليه وبين المتهمين في معرض نفي التهمة عنهما إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشهود يتضمن عدولاً عن اتهامهما ، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ، وسلطتها في تجزئة الدليل ، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك ، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى اطراح هذا الصلح ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص لا محل له . هذا ولا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بأقوال المجني عليه واعتمدت عليها في حكمها بالإدانة في الدعوى الجنائية ورأت في الوقت ذاته أن سلوكه في دعواه المدنية - بتقديمه محضر صلح موثق - يعتبر تنازلاً عن هذه الدعوى ، فلا يصح إذن التعلل بذلك للقول بوجود تناقض في الحكم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما :

ضربا / .... عمداً باستخدام أداتين راضتين " عروق خشبية " بأن انهالا عليه ضرباً بهما على رأسه مرات عديدة محدثين إصابته المبينة بتقرير الطب الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي كسور شرخية بعظام الجمجمة مصحوبة بلعثمة في الكلام مع تأثر الذاكرة وتقدر نسبتها 50%    .

أحرز كل منهما أداة مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص "عرق خشب" دون أن يكون لإحرازها أو حملها مبرراً من الضرورة الحرفية أو المهنية .

وأحالتهما لمحكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمجني عليه ادعى مدنياً بمبلغ 10001 جنيه قبل المتهمين .

ومحكمة جنايات .... قضت حضورياً بمعاقبة كل من .... ، .... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما نسب إليهما وألزمتهما المصاريف ، وأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد وإلزامهما بمصاريف ذلك الشق ومائتي جنيه أتعاب محاماة .

فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض وحكمت - محكمة النقض-  بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .

وبتاريخ .... قضت المحكمة المذكورة – بهيئة مغايرة - حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند (۷) من الجدول رقم (1) المرافق ، وبعد إعمال المادتين (۱۷، ۳۲) من قانون العقوبات ، بمعاقبة كل من .... ، .... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما نسب إليهما وألزمتهما المصاريف الجنائية ، وإثبات تنازل المدعي بالحق المدني عن دعواه المدنية وألزمته مصاريفها.

فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض – للمرة الثانية - .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحداث عاهة مستديمة ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يورد مؤدى الأدلة التي تساند إليها في قضائه سيما الدليل المستمد من أقوال الشاهدة الثانية ، وأحال في بيان أقوالها الى ما جاء بأقوال الشاهد الأول رغم اختلافهما في شان الأداة المستخدمة في إحداث الإصابة ، وعول في إدانة الطاعنين على تحريات المباحث وحدها رغم أن ضابط المباحث أمسك عن الكشف عن مصدرها ، كما عول على أقوال المجني عليه رغم عدم معقوليتها ومجافاتها للحقيقة والواقع ، ولم يعن بتحقيق دفاعهما في هذا الشأن ، وأخيراً فإن المحكمة قد تناقضت إذ قضت برفض الدعوى المدنية بناءً على محضر الصلح الموثق والمُقدم من المجني عليه إلا أنها أخذت بأقوال سالف الذكر واعتمدت علية في الإدانة بالدعوى الجنائية ، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون وإن أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها إلا أنه لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، ولما كان الحكم المطعون فيه - وعلى ما يبين من مدوناته - قد بين واقعة الدعوى وأورد مؤدى الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان كافٍ ، فإنه ينحسر عنه قالة القصور في التسبيب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يُحيل في بيان شهادة الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكانت محكمة الموضوع غير مُلزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وطرح ما عداه ، وإذ كان الطاعنان لا يجادلان في أن أقوال شاهدي الإثبات متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة الجوهرية المشهود عليها وهي التعدي بالضرب على المجني عليه بأداة على رأسه أحدثت إصابته التي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة ، فلا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهما في شأن نوع الأداة المستخدمة في إحداث الإصابة والتي تخلف من جرائها العاهة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . وإذ كان الثابت من المفردات المضمومة أن ما نقله الحكم من أقوال شاهدي الاثبات له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج عن مدلول شهادتهما ، كما أنها تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها ، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهدة الثانية إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ، إذ إن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالها إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول إنما هو إثبات المعنى المشترك بين شهاداتهما وهو ضرب المجنى عليه - الشاهد الأول - بعرق خشب على رأسه مما أفضى إلى حدوث عاهة مستديمة وهي الحقيقة التي استقرت في عقيدة المحكمة والتي تتلاقى عندها أقوال كل الشهود في جوهرها على حد سواء والتفت الحكم عما عدا ذلك من تفصيلات ، بما ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا يعيب تلك التحريات ألا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رُتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعنين لجريمة الضرب المفضي إلى عاهة التي دين بها ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو وأن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكان من المُقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهد بها ، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول صورة الواقعة ، واطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً بشأن ما أثاره من استحالة حدوث الواقعة كما رواها المجني عليه ، فليس لهما من بعد أن ينعيا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطلب منها . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم التفاته عن الصلح الذي تم بين المجني عليه وبين المتهمين في معرض نفي التهمة عنهما إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشهود يتضمن عدولاً عن اتهامهما ، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع ، وسلطتها في تجزئة الدليل ، ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك ، إذ الأخذ بأدلة الثبوت التي ساقتها يؤدي دلالة إلى اطراح هذا الصلح ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص لا محل له . هذا ولا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بأقوال المجني عليه واعتمدت عليها في حكمها بالإدانة في الدعوى الجنائية ورأت في الوقت ذاته أن سلوكه في دعواه المدنية - بتقديمه محضر صلح موثق - يعتبر تنازلاً عن هذه الدعوى ، فلا يصح إذن التعلل بذلك للقول بوجود تناقض في الحكم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق