الصفحات

الخميس، 20 يونيو 2024

الطعن 10854 لسنة 85 ق جلسة 17 / 1 / 2018 مكتب فني 69 ق 12 ص 98

  جلسة 17 من يناير سنة 2018

برئاسة السيد القاضي / أبو بكر البسيوني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الرازق، منتصر الصيرفي، حسام مطر ومحمود عمر نواب رئيس المحكمة .

 -------------------

(12)

الطعن رقم 10854 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) جريمة " أركانها " . تزوير " أوراق رسمية " .

تحدث الحكم صراحة عن كل ركن من أركان جريمة التزوير . غير لازم . ما دام أورد من الوقائع ما يدل عليه .

إثبات الطاعن ببطاقة الرقم القومي أنه ضابط شرطة على خلاف الحقيقة . تتوافر به أركان جريمة التزوير في محرر رسمي .

(3) أحوال مدنية . تزوير " أوراق رسمية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 التغيير في السجلات والبطاقات والمستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية . تزوير في أوراق رسمية . تغيير الطاعن وظيفته في بطاقة الرقم القومي واستعمالها . خضوعه للقواعد العامة في قانون العقوبات . التزام الحكم هذا النظر . صحيح .

(4) تزوير " أوراق رسمية " . ضرر . عقوبة " العقوبة المبررة " .

صدور التزوير في المحررات الرسمية من الموظف المختص بتحريرها . غير لازم . كفاية إعطاء الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها . ولو لم تذيل بتوقيع . تحقق الجريمة بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون . ولو لم يتحقق ضرر . علة ذلك ؟

منازعة الطاعن في رسمية المحرر . غير مجد . ما دامت العقوبة المحكوم بها مقررة لجريمة التزوير في محررات عرفية .

(5) تزوير " أوراق رسمية " .

التزوير المعاقب عليه . يستوي أن يكون مُتقناً يلزم لكشفه دراية خاصة أو واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه . ما دام تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس .

نعي الطاعن بأن التزوير مفضوح . غير مقبول . ما دام تغيير الحقيقة في الوظيفة المثبتة في بطاقة الرقم القومي المزورة يجوز أن ينخدع به بعض الناس .

(6) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . تزوير " أوراق رسمية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الأصل في المحاكمات الجنائية اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه .

القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً .

تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(7) استيقاف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس".

الاستيقاف . ماهيته ؟

تقدير قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه . موضوعي . ما دام سائغاً .

قفز الطاعن من أعلى ماكينات المترو المخصصة للعبور واستيقاف الضابط له لسؤاله عن تحقيق شخصيته وتقديمه بطاقة رقم قومي مزورة أقر باصطناعها . تتحقق به حالة التلبس بالجريمة التي تبيح القبض . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .

(8) تفتيش " التفتيش بقصد التوقي " . نقض " المصلحة في الطعن " .

 نعي الطاعن على الحكم بعدم الرد على الدفع ببطلان التفتيش الوقائي . غير مجد . علة ذلك ؟

(9) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

 أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟

 الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض.

(10) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

فض المحكمة للحرز وعرضه على بساط البحث . النعي بخلاف ذلك . غير مقبول .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التزوير في محرر رسمي التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانـون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله .

2- لما كان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى واستعراضه لأدلتها أن الطاعن أثبت على خلاف الحقيقة كونه ضابط شرطة ببطاقة الرقم القومي - مما يتوافر به تغيير الحقيقة في المحرر الرسمي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون - وهو ما يوفر بياناً للقصد الجنائي في حقه ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل .

3- لما كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أن السجلات والبطاقات وكافة المستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية تُعد أوراقاً رسمية ، وأن كل تغيير فيها يعتبر تزويراً في أوراق رسمية وانتحال شخصية الغير واستعمال بطاقة ليست لحاملها يخضع للقواعد العامة في قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار ما وقع من الطاعن من تغيير الحقيقة ببطاقة رقمه القومي بأن أثبت فيها كونه ضابط شرطة يعد تزويراً في محرر رسمي ، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .

4- من المقرر أنه لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية أن تصدر فعلاً من الموظف المختص بتحرير الورقة ، بل يكفي أن تعطى هذه الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو لم تذيل بتوقيع ، وأن هذه الجريمة تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه لا يجدي الطاعن المنازعة في رسمية ذلك المحرر ما دامت العقوبة المحكوم بها عليه وهي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مقررة لجريمة التزوير في المحررات العرفية .

5- من المقرر أنه لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون مُتقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو مُتقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تغيير الحقيقة الذي تناول الوظيفة المثبتة في بطاقة الرقم القومي المزورة يجوز أن ينخدع به بعض الناس ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.

6- من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو الحال في الدعوى الحالية - ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم في إدانة الطاعن على أقوال شاهدي الإثبات دون أن تكون مؤيدة بدليل فني ، إذ إنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

7- من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف ، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريبة والظن وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته عملًا بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، وقيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، وإذ كان الحكم قد استظهر بحق أن الطاعن قد وضع نفسه طواعية واختياراً في موضع الشبهات والريب وذلك بقيامه بالقفز من أعلى ماكينات المترو المخصص للعبور بالرغم أن القانون قد حظر ذلك وباستيقاف ضابط الواقعة له وسؤاله عن تحقيق شخصيته قدم له بطاقة رقم قومي مزورة وتبين له انتحاله صفة ضابط شرطة وبمواجهته أقر له بقيامه باصطناع البطاقة المزورة على الكمبيوتر لاستخدامها في تأجير السيارات ، فإن حالة التلبس بالجريمة تكون قد تحققت إثر هذا الاستيقاف وينبني على ذلك أن يقع القبض عليه إثر قيام هذه الحالة صحيحاً لا مخالفة فيه للقانون ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .

8- لما كان الحكم المطعون فيه لم يشر إلى حدوث تفتيش على الطاعن وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، فيكون من غير المجدي النعي على الحكم بعدم الرد على الدفع ببطلان التفتيش الوقائي الذي لم يستمد الحكم مما أسفر عنه دليلاً قبل الطاعن ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .

9- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

10- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة التي مثل بها المحكوم عليه والدفاع أن المحكمة فضت الحرز المحتوي على المحرر المزور ، ومن ثم كان هذا المحرر معروضاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الاطلاع عليه إذا ما طلب من المحكمة ذلك ، ومن ثم فإن ما يثيره من بطلان في الإجراءات لا يكون له محل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمـت النيابة العامة الطاعن بأنه :

- وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي وهو بطاقة تحقيق الشخصية رقم .... وذلك بأن جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة ، بأن أثبت به على خلاف الحقيقة كونه ضابط شرطة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

- استعمل المحرر المزور آنف البيان فيما زور من أجله مع علمه بتزويره ، بأن قام باستخدامه وتقديمه لمأمور الضبط حال استيقافه.

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 211 ، 212 ، 214 من قانون العقوبات مع إعمال نصوص المواد 17 ، 32 ، 55 ، 56 من ذات القانون ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ، ومصادرة المحرر المزور ، وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم .

 فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تزوير في محرر رسمي واستعماله مع علمه بذلك ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، وران عليه البطلان ، ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان جريمة التزوير التي دانه بها ، والتفت الحكم عن دفاعه بانتفاء صفة الرسمية عن المحرر المضبوط لعدم تحريره من موظف عام وخلوه من أي أختام وأن محتواه لا يعدو إقراراً فردياً مما لا يخضع تغيير الحقيقة فيه للتجريم ، وأن التزوير مفضوح لا سيما وأن الأوراق خلت من دليل فني ، وببطلان القبض عليه لانتفاء مبرراته ، وبطلان تفتيشه لتجاوز القائم به حدود التفتيش الوقائي، واستحالة حدوث الواقعة بالصورة الواردة بالأوراق وعدم معقوليتها لشواهد عددها ، وأخيراً لم تقم المحكمة بفض الحرز وطرحه على بساط البحث ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التزوير في محرر رسمي التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانـون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في بيانه لواقعة الدعوى واستعراضه لأدلتها أن الطاعن أثبت على خلاف الحقيقة كونه ضابط شرطة ببطاقة الرقم القومي - مما يتوافر به تغيير الحقيقة في المحرر الرسمي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون - وهو ما يوفر بياناً للقصد الجنائي في حقه ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أن السجلات والبطاقات وكافة المستندات والوثائق والشهادات المتعلقة بتنفيذ القانون رقم 143 لسنة 1994 في شأن الأحوال المدنية تُعد أوراقاً رسمية ، وأن كل تغيير فيها يعتبر تزويراً في أوراق رسمية وانتحال شخصية الغير واستعمال بطاقة ليست لحاملها يخضع للقواعد العامة في قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار ما وقع من الطاعن من تغيير الحقيقة ببطاقة رقمه القومي بأن أثبت فيها كونه ضابط شرطة يعد تزويراً في محرر رسمي ، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية أن تصدر فعلاً من الموظف المختص بتحرير الورقة ، بل يكفي أن تعطى هذه الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو لم تذيل بتوقيع ، وأن هذه الجريمة تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه لا يجدي الطاعن المنازعة في رسمية ذلك المحرر ما دامت العقوبة المحكوم بها عليه وهي الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مقررة لجريمة التزوير في المحررات العرفية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون مُتقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو مُتقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تغيير الحقيقة الذي تناول الوظيفة المثبتة في بطاقة الرقم القومي المزورة يجوز أن ينخدع به بعض الناس ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كما هو الحال في الدعوى الحالية - ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم في إدانة الطاعن على أقوال شاهدي الإثبات دون أن تكون مؤيدة بدليل فني ، إذ إنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف ، وهو أمر مباح لرجل السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريبة والظن وكان هذا الوضع ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته عملًا بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، وقيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، وإذ كان الحكم قد استظهر بحق أن الطاعن قد وضع نفسه طواعية واختياراً في موضع الشبهات والريب وذلك بقيامه بالقفز من أعلى ماكينات المترو المخصص للعبور بالرغم أن القانون قد حظر ذلك وباستيقاف ضابط الواقعة له وسؤاله عن تحقيق شخصيته قدم له بطاقة رقم قومي مزورة وتبين له انتحاله صفة ضابط شرطة ، وبمواجهته أقر له بقيامه باصطناع البطاقة المزورة على الكمبيوتر لاستخدامها في تأجير السيارات ، فإن حالة التلبس بالجريمة تكون قد تحققت إثر هذا الاستيقاف وينبني على ذلك أن يقع القبض عليه إثر قيام هذه الحالة صحيحاً لا مخالفة فيه للقانون ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يشر إلى حدوث تفتيش على الطاعن وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، فيكون من غير المجدي النعي على الحكم بعدم الرد على الدفع ببطلان التفتيش الوقائي الذي لم يستمد الحكم مما أسفر عنه دليلاً قبل الطاعن ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة التي مثل بها المحكوم عليه والدفاع أن المحكمة فضت الحرز المحتوي على المحرر المزور ، ومن ثم كان هذا المحرر معروضاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الاطلاع عليه إذا ما طلب من المحكمة ذلك ، ومن ثم فإن ما يثيره من بطلان في الإجراءات لا يكون له محل . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق