الصفحات

الأحد، 26 مايو 2024

الطعن 4864 لسنة 5 ق جلسة 6 / 2 / 2016

المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ فؤاد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ جمال عبد المجيد وعمرو الحناوي وأشرف فريج ومحمد طنطاوي نواب رئيس المحكمة.
وأمين السر السيد/ حاتم عبد الفضيل.

-------------

الوقائع

عن الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم .......... لسنة ....... جنح مركز التل الكبير) والمقيدة برقم .......... لسنة ........ جنح مستأنف التل الكبير).

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة قانوناً:-
حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل الخطأ التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت الخطأ في حق الطاعن وتوافر رابطة السببية في قوله: "وحيث إن المحكمة تطمئن لشهادة كل من/ ..... بالتحقيقات وبما قرره ...... بالتحقيقات وشهادة المقدم/ ...... رئيس مباحث التل الكبير بالتحقيقات وما جاء بتقريري الطب الشرعي وتعول عليهم في حكمها، الأمر الذي يتوافر في حق المتهم/ .... ركن الخطأ وهو عدم الالتزام بواجبات وظيفته المنوط بها؛ إذ من واجبه بصفته طبيب أخصائي نساء وولادة مباشرة الحالات المرضية بنفسه حال كونه نوبتجياً في يوم حدوث تلك الواقعة، كما يتوافر في حقه عدم الاحتراز وهي إحدى صور الخطأ؛ إذ إنه أقدم على فعل خطير وهو تقاعسه عن الحضور لمستشفى القصاصين المركزي لمباشرة حالة المجني عليها المتوفية إلى رحمة الله تعالى/ ........ بنفسه؛ إذ إن من واجبه بصفته أخصائي نساء وولادة مباشرة الحالات المرضية بنفسه حال كونه نوبتجياً في يوم حدوث الواقعة مدركاً خطورته ومتوقعاً ما يحتمل أن يترتب عليه من آثار ولكن غير متخذ الاحتياطات التي من شأنها الحيلولة دون تحقق هذه الآثار حيث إن حالة المجني عليها سالفة الذكر كانت تستلزم عليه مباشرتها بنفسه، كما يتوافر في حقه الركن المادي لهذه الجريمة المتمثل في الفعل وهو عدم متابعته ومباشرته بنفسه لحالة المجني عليها المتوفية إلى رحمة الله تعالى ...... بنفسه؛ إذ إنه من واجبه بصفته أخصائي نساء وولادة مباشرة الحالات المرضية حال كونه نوبتجياً في يوم حدوث تلك الواقعة، وهذا ثابت بشهادة كل من ف ...... رئيس مباحث مركز التل الكبير بالتحقيقات وبما قرره ...... بالتحقيقات، والنتيجة وهي وفاة المجني عليها المتوفية إلى رحمة الله تعالى/ ..... الثابتة بتقرير الطب الشرعي على النحو السالف البيان، وعلاقة السببية بين الفعل والنتيجة؛ إذ لولا فعل المتهم لما حدثت النتيجة، حيث إذا كان المتهم متواجداً بالمستشفى فور علمه بحالة المجني عليها ولم يتقاعس عن الحضور لمباشرة مهام وظيفته لكان في استطاعته إسعاف المجني عليها أو تحويلها إلى مستشفى أخرى قبل أن تسوء حالتها ولم تحدث الوفاة وهي النتيجة". لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً قدرت أن الطاعن قد ارتكب خطأ مهنياً استناداً لما أوردته في أسبابها - على النحو المار بيانه - وهو ما يكفي لحمل مسئولية الطاعن؛ إذ إن من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروط بأن يكون ما يجريه مطابقاً للأصول العلمية المقررة فإذا فرط في إتباع هذه الأصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية أو المدنية متى توافر الضرر - بحسب تعمده العمل ونتيجته أو تقصيره وعدم احترازه في أداء عمله، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مما يتعلق بموضوع الدعوى ولا تقبل المجادلة فيه أمام محكمة النقض، وكان من المقرر أن تقدير توافر رابطة السببية هو من المسائل التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقريرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق، وكان يكفي لتوافر رابطة السببية هذه أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى وأدلتها أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الحادث، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه يتحقق به رابطة السببية بين خطأ الطاعن ووفاة المجني عليها وجنينها، فيكون ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سديداً، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث يوجب مساءلة كل من أسهم فيها أياً كان قدر الخطأ المنسوب إليه يستوي في ذلك أن يكون سبباً مباشراً أو غير مباشر في حصوله، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر خطأ الطاعن - على السياق المتقدم - وبين رابطة السببية بين سلوك المتهم الخاطئ وموت المجني عليها وجنينها، مما تتحقق به مسئولية الطاعن ما دام قد أثبت قيامها في حقه ولو أسهم آخر في إحداثها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم توفر ثمة خطأ في جانبه أدى إلى موت المجني عليها وجنينها وأن الخطأ هو خطأ المتهم الثاني لا يكون له محل.
لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن واعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير الدليل، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تلك التقارير ما دامت قد أخذت بها؛ لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق التفاتها إليها، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإعادة المأمورية للخبير ولا يندب خبير آخر ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة لاتخاذ هذا الإجراء - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الحكم قد اطمأن إلى تقريري الطب الشرعي المرفقين بالأوراق، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة لعمل الخبير وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون منعاه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول على ما جاء بالتقرير الطبي الابتدائي بل اعتمد أساساً على ما تضمنه تقريري الطب الشرعي، ومن ثم فإن الاستناد إلى التقرير الطبي الابتدائي في دعوى التناقض بين الأدلة الفنية يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض، فإن ما يثيره الطاعن حول شهادة الشهود التي عول عليها الحكم ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه من أقوال الشهود لا يتعارض بل يتلاءم مع ما نقله من تقريري الطب الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب الطاعن بسماع أقوال مدير مستشفى ....... العام لتحقيق دفاعه المبني على انقطاع رابطة السببية للخطأ في علاج المجني عليها بعد نقلها إلى هذه المستشفى ما دام أنه غير منتج في نفي التهمة عنه، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن طلب سماع شهود نفي هو دفاع موضوعي يجب أن يكون كسائر الدفوع الموضوعية ظاهر التعلق بموضوع الدعوى، أي يكون الفصل فيه لازماً للفصل في ذات الموضوع وإلا المحكمة في حل من عدم الاستجابة إليه، كما أنها ليست ملزمة بالرد عليه صراحة في حكمها، هذا إلى أنه لا جناح على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب ما دام الطاعن لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكرراً "أ" فقرة ثانية لإعلان الشهود الذي يرى سماعهم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من أنه اطرح أقوال عامل التليفون بمستشفى ..... المركزي في التحقيقات بما يؤيد دفاعه وتنفي التهمة عنه والإشارة إليها، مردوداً بأنه من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها وفي عدم تعرضها لأقوال بعض من سئلوا في التحقيقات ما يفيد اطراحها اطمئناناً منها للأدلة التي بينها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الجريمة التي دين بها الطاعن وهي جريمة القتل الخطأ المعاقب عليها بالمادة 238/2،1 من قانون العقوبات، وهي ليست من ضمن الجرائم المنصوص عليها في المادتين 3، 10 من قانون الإجراءات الجنائية، وهي التي يجوز لمن قدم الشكوى فيها أن يتنازل عن شكواه، وأن التنازل فيها لأحد المتهمين يُعد تنازلاً بالنسبة للباقين، ولكن هذه الجريمة التي دين بها الطاعن تخضع للأحكام المنصوص عليها في المادة 18 مكرراً "أ"، ولما كان الثابت أن الطاعن لم يكن طرفاً في الصلح الذي تم بين ورثة المجني عليها والمتهم الثاني - وهو ما لا ينازع فيه الطاعن - فإنه لا يستفيد من هذا الصلح ولا شأن له به ويضحى ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك، وكان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه تلاوة تقرير التلخيص، مما مفاده وجود ذلك التقرير ضمن أوراق الدعوى، ومن ثم فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من وجود ذلك التقرير إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون قد جاء على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً مع مصادرة الكفالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق