الصفحات

الخميس، 23 مايو 2024

الطعن 13976 لسنة 87 ق جلسة 11 / 1 / 2018 مكتب فني 69 ق 9 ص 58

جلسة 11 من يناير سنة 2018

برئاسة السيد القاضي / عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد العكازي، عبد الله فتحي، علاء البغدادي وحسين حجازي نواب رئيس المحكمة .

---------------

(9)

الطعن رقم 13976 لسنة 87 القضائية

(1) دعوى جنائية " حق التصدي " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . حكم " بطلانه " .

المادة 11 إجراءات جنائية . مؤداها ؟

تصدي محكمة الجنايات لجريمة التربح لارتباطها بجرائم أخرى أقامها قاضي التحقيق والفصل فيها دون إحالتها لجهة التحقيق للتصرف فيها . خطأ يبطل الحكم . لا يغير من ذلك قبول الدفاع المرافعة عن جميع الاتهامات وتوقيع الحكم عقوبة الجريمة الأشد . علة ذلك ؟

مثال .

(2) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " .

وجوب اشتمال الحكم على الأسباب التي بني عليها . المادة 310 إجراءات جنائية .

المراد بالتسبيب المعتبر ؟

إفراغ الحكم في عبارات معماة أو وضعه في صورة مجملة لا يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يُمكن محكمة النقض من إعمال رقابتها . قصور .

مثال .

(3) استيلاء على أموال أميرية . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . جريمة " أركانها " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .

جناية الاستيلاء بغير حق على مال للدولة المنصوص عليها في المادة 113 عقوبات . مناط تحققها ؟

تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام . غير لازم . كفاية إيراد ما يدل على قيامه .

(4) اشتراك . تزوير " أوراق رسمية " " استعمال أوراق مزورة " . إضرار عمدي . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

الاشتراك في جرائم التزوير . تمامه دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة . كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها . ما دام سائغاً .

جريمة استعمال الورقة المزورة . قيامها : بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة . مجرد التمسك بها أمام الجهة التي قدمت لها . غير كافٍ . علة ذلك ؟

جريمة الإضرار العمدي المنصوص عليها بالمادة 116 مكرراً عقوبات . مناط تحققها ؟

إغفال الحكم المطعون فيه استظهار نية الطاعن في الاستيلاء أو تسهيل الاستيلاء على المال العام والإضرار به وبيان الواقعة في عبارات عامة مجهلة . قصور .

مثال .

(5) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

التفات الحكم عن الرد على الدفاع الجوهري بعدم استنزال المبالغ التي تم صرفها في الرعاية اللاحقة للوزراء والمحافظين واللواءات السابقين والمبالغ المنصرفة لموظفي وزارة الداخلية مقابل أعمالهم المدنية من جملة المبالغ محل جرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام . قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع . يوجب النقض والإعادة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان قاضي التحقيق اتهم الطاعنين الأول والثاني بجرائم الاستيلاء بغير حق على مال عام والمرتبطة بجريمة التزوير في محررات رسمية واستعمالها للثاني، واتهم الثالث بجرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام والمرتبطة بجريمة تزوير واستعمال محررات رسمية، كما اتهم الثلاثة بجرائم الإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعملون بها، وأمر بإحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وتداولت الدعوى بالجلسات وبجلسة .... طلبت النيابة العامة ممثلة الاتهام توجيه تهمة أخرى إلى المتهمين الأول والثاني والثالث لم تكن واردة بأمر الإحالة بأنهم بصفتهم الواردة بأمر الإحالة قاموا بتظفير الأشخاص الوارد أسمائهم بتقرير لجنة الخبراء المنتدبة من قبل المحكمة، وطلبت معاقبتهم بنص المادة 115 من قانون العقوبات . ثم أثبتت المحكمة بذات الجلسة تصديها للقيد والوصف المعدل بالنسبة للمتهمين الثلاثة الأول "الطاعن الأول" والثاني والثالث على أن تتم المرافعة على أساس هذا التعديل . وبعد أن فرغت المحكمة من نظر الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات قضت بإدانة الطاعنين من الأول حتى الثالث بالتهمة الجديدة بعد إضافة المادة 115 من قانون العقوبات إلى مواد القيد الواردة بأمر الإحالة. ثم اعتبرت جميع الجرائم وقعت تنفيذًا لغرض جنائي واحد وأنها مرتبطة ارتباطًا لا يقبل التجزئة وأعملت نص المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بالعقوبة المقيدة للحرية بالنسبة للجريمة الأشد مع إنزال عقوبة الرد والغرامة بالنسبة لجريمة التربح " تظفير الغير المضافة" . لما كان ذلك، وكانت المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه " إذا رأت محكمة الجنايات في دعوى مرفوعة أمامها أن هناك متهمين غير مَنْ أُقِيمَت الدعوى عليهم أو وقائع أخرى غير المُسندة فيها إليهم أو هناك جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها فلها أن تقيم الدعوى على هؤلاء الأشخاص أو بالنسبة لهذه الوقائع وتحيلها إلى النيابة العامة للتحقيق والتصرف فيها طبقًا للباب الرابع من الكتاب الأول من هذا القانون. وللمحكمة أن تندب أحد أعضائها للقيام بإجراءات التحقيق وفي هذه الحالة تسري على العضو المندوب جميع الأحكام الخاصة بقاضي التحقيق، وإذا صدر قرارٌ في نهاية التحقيق بإحالة الدعوى إلى المحكمة وجب إحالتها إلى محكمة أخرى ولا يجوز أن يشترك في الحكم فيها أحد المستشارين الذين قرروا إقامة الدعوى، وإذا كانت المحكمة لم تفصل في الدعوى الأصلية وكانت مرتبطة مع الدعوى الجديدة ارتباطًا لا يقبل التجزئة وجب إحالة القضية كلها إلى محكمة أخرى"، قد دلت على أنه وإِنْ كان الأصل هو الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة حرصًا على الضمانات الواجب أن تحاط بها المحاكمة الجنائية إلا أنه أُجِيزَ من باب الاستثناء لمحكمة الجنايات وكذا الدائرة الجنائية لمحكمة النقض في حالة نظر الموضوع عملًا بالمادة 12 من ذات القانون - لدواعي من المصلحة العليا ولاعتبارات قدرها المشرع نفسه - وهي بصدد الدعوى المعروضة عليها أن تقيم الدعوى العمومية على غير مَنْ أُقِيمَت الدعوى عليهم، أو عن وقائع أخرى غير المُسندة فيها إليهم، أو عن جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها، ولا تثريب على استعمال هذا الحق - الذي يُطلَقُ عليه حق التصدي للدعوى الجنائية " droitd`evocation" - غير تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق أو أمام المستشار المندوب لتحقيقها من بين أعضاء الدائرة التي تصدت لها، ويكون بعدئذ للجهة التي تجري التحقيق حرية التصرف في الأوراق حسبما يتراءى لها، فإذا ما رأت النيابة العامة أو المستشار المندوب إحالة الدعوى إلى المحكمة فإن الإحالة يجب أن تكون إلى محكمة أخرى ولا يجوز أن يشترك في الحكم فيها أحد المستشارين الذين قرروا إقامة الدعوى . لما كان ذلك كله، وكانت محكمة الجنايات حين نظرت الدعوى التي أقامها قاض التحقيق على الطاعنين الأول والثاني والثالث بجنايات الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام والمرتبطة بتزوير واستعمال محررات رسمية والإضرار العمدي بالمال العام إنما فعلت ذلك على أساس ارتباط هذه الجناية بجناية التربح ثم حكمت فيها هي بنفسها دون أن تحيل الدعوى إلى جهة التحقيق - إِنْ كان له محل - ودون أن تترك لها التصرف في التحقيقات التي تجري بصدد تلك الجناية المرتبطة، وبذلك تكون المحكمة قد أخطأت بمخالفتها نص صريح للقانون، ولا يؤثر في ذلك القول بأن الدفاع عن الطاعنين قبل المرافعة في جميع الاتهامات ولم يحصل منه اعتراض على توجيه التهمة الجديدة إليه بالجلسة بحسبان أن ما أجرته المحكمة على ما سلف ذكره وقع مخالفًا للنظام العام لتعلقه بأصل من أصول المحاكمات الجنائية لاعتبارات سامية تتصل بتوزيع العدالة على ما يقضي به القانون عن التهمتين معًا، كما أنه لا يغير من ذلك أيضًا أن يكون الحكم قد أعمل نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعنين عقوبة واحدة عن الجريمة الأشد ؛ لأن ذلك يكون في حالة اتصال المحكمة بكل الجرائم المرتبطة والمطروحة أمامها في وقت واحد وهو ما لم يتحقق في هذه الدعوى، فضلًا عن أن المحكمة قضت بعقوبتي الغرامة والرد عن جريمة التربح المضافة وهو ما يشوب الحكم بما يبطله .

2- لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه " أن وقائع القضية تكشفت ببلاغ مقدم ضد المتهم الثاني.... أمام إدارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل لتضخم ثروته وبوشر التحقيق من قبل لجنة الفحص وأثناء قيام اللجنة المشكلة من قبل هيئة الفحص بإدارة الكسب غير المشروع بفحص تلك الشكوى فحصت كم من المخالفات المالية التي ظهرت بالميزانية الخاصة بوزارة الداخلية، إذ كان ذلك بداية لكشف الفساد المستشري بحسابات وزارة الداخلية ثم توالت أعمال الفحص إلى أن تأكدت الحقيقة بالتقرير الذي أودع من قبل اللجنة المشكلة من هيئة المحكمة والتي أكدت صحة ما توصلت إليه سابقتها من فحص، إذ انتهت إلى إظهار السلوك المادي للجرائم محل الاتهام وذلك بقيام الإدارة المركزية للحسابات والميزانية بوزارة الداخلية في الفترة ما بين سنة .... وحتى السنة .... والتي كان يترأسها المتهم الثاني بإعداد مذكرات لصرف حافز إثابة بمناسبة قيام الإدارات والمصالح المختلفة بالوزارة بالمطالبة بصرف ذلك الحافز للعاملين بها، إلا أن المتهم الثاني قد هداه فكره إلى الحيلة التي استطاع من خلالها نزع المال العام الذي استأمنته الدولة عليه، إذ ضمن تلك المذكرات بزيادة عبارة احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية على بياناتها وقرينها مبلغ مالي على خلاف الحقيقة وهو ليس من الحوافز بناءً على أوامر المتهم الأول الذي قام باعتمادها بالموافقة على الصرف بأن مهرها بكلمة " موافق " ببند حسابي وهمي أطلق عليه من وحي خياله عبارة " احتياطي مواجهة أهداف أمنية "، وليس هذا بغريب عليه إذ اشتهر عنه ثراء خياله فاستثمره في الإثم والعدوان على المال العام، وقدم مذكرات الصرف للمتهم الأول وكانت هذا الفاجعة إذ اعتمدها الأخير ووافق عليها متفقًا معه، ليطلق له العنان لاستباحة المال العام ليغترف منه كيفما ووقتما يشاء، وأن تلك الموافقة لإسباغ الشرعية على إجراءات الصرف مع علمهما بمخالفة هذا الأمر لكافة القواعد المحاسبية المقررة بموجب قانوني الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973 وقانون المحاسبة الحكومية رقم 127 لسنة 1981 فضلًا عن قانون الشرطة رقم 109 لسنة 1971، فقد خرجت منظومة الصرف التي أتاها المتهمان الأول والثاني وباقي المتهمين عن كافة أحكام القوانين واللوائح التي تنظم صرف الحوافز باغين الاستيلاء على المال العام وتسهيل الاستيلاء عليه وإضافته لملكهما، فدنس المتهم الأول كرسيه بمسالك اللصوص وتمكن من الاستيلاء على مبلغ 529491389 مليون جنيه، وإذا كان الأساس فاسدًا مُختلًا فكيف يكون باقي البناء معافًا صحيحًا. وهنا جاء دور المتهم الثاني الذي كان يعمل .... وكان يتعين أن يكون أشد الناس حرصًا على أموالها إذ استولى على مبلغ 21120212 مليون جنيه من الأموال التي صرفها تحت هذا المسمى الوهمي "احتياطي مواجهة أهداف أمنية"، ولم يَكْتَفِ بذلك بل أمر المتهم الرابع والذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته بأن يسلمه المبلغ الذي كان في عهدته من اعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة الخاص بالأجور والتعويضات حال كونه الرئيس المباشر له والبالغ 41000000 مليون جنيه "واحد وأربعين مليون جنيه"، فقام المتهمان الثالث والرابع والذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته بتظفير العديد من هؤلاء الأحبة من وزراء الداخلية والمحافظين ومساعدي الوزير السابقين ولبعض الضباط والأفراد العاملين بالوزارة وآخرين من غير العاملين فيها من أهل الثقة والولاء مبالغ مالية غير مستحقة وقدرها 19593607 جنيه، وكذا الصرف على مشتريات لم يتم إضافتها لجهة عملهم ودفع قيمة فواتير هواتف جواله ومنزلية بآلاف الجنيهات، بل وصل الأمر أيضًا باستفادة المتهم الثاني من المال العام في سداد قيمة الصور الفوتوغرافية الخاصة بمناسباته الاجتماعية هو وأسرته وقد قدرت إجمالي تلك المبالغ بنحو 195936307 جنيه، وقد وصل بهم الأمر لسرقة قوت الشعب واستباحة المال العام الذي استأمنتهم الدولة عليه إلا أنه لم يَكُنْ في وسع أي من هؤلاء أن يستبيحوا هذا المال إلا بواسطة باقي المتهمين، إذ كان المتهمان الثالث والرابع الذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته يقومان برصد مبالغ مالية بمذكرات العرض تحت ما يسمى "احتياطي مواجهة أهداف أمنية " باستمارات الصرف 132 ع ح وهي غير صالحة للصرف ويقوم المتهمون الخامس والسادس والذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته والثالث عشر بمراجعتهما . وقيام المتهمين من التاسع حتى الثانية عشر - وهم المنوط بهم مراقبة إجراءات الصرف والتأكد من مطابقتها للقواعد والأنظمة المقررة في هذا الشأن - باعتمادها وهم ممثلي وزارة المالية لدى وزارة الداخلية الذين حملتهم جهة عملهم أمانة مراقبة إجراءات صرف أموال الدولة، وهم من اصطلح على تسميتهم بلقب المراقب المالي إلا أنهم خانوا الأمانة . ومن لب الخيانة تستخلص اليوم تلك البذور الآثمة، إذ وافقوا على صرف تلك الاستمارات واعتمدوها وتمادوا في غيهم بإصدار الشيكات الخاصة بقيمتها مُلقين خلف ظهورهم ما تفرضه عليهم واجبات وظيفتهم، ثم قام المتهمان السابع والثامن بالاحتفاظ بتلك المبالغ في خزائن غير رسمية مرتضين العبث بتلك الأموال وانتهاكها، لا سيما إذا كانت الدولة قد أناطت بهما وهما من الأمناء على الودائع الحفاظ عليها إلا أنهما راحا يعبثان بها ويطلقان لغيرهما العنان ويسمحون لهم باستغلالها غير عابئين بما تفرضه عليهما قواعد وظيفتهما وتسببا في إهدار مال الشعب بمبالغ تقشعر لها الأبدان بلغت 1135795341 "مليار جنيه ومائة وخمسة وثلاثين مليون وسبعمائة وخمسة وتسعين ألف وثلاثمائة وواحد وأربعين جنيه" من المبالغ التي يتضمنها البند المسمى " احتياطي مواجهة أهداف أمنية " ومبلغ 688821399 جنيه " ستمائة وثمانية وثمانين مليون وثمانمائة وواحد وعشرين ألف وثلاثمائة وتسعة وتسعين جنيهًا" من المبالغ الخاصة باعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة، وثبت للمحكمة من واقع تقارير اللجان المنتدبة من قبل قاضي التحقيق وهيئة المحكمة أنه لا يوجد مخصصات احتياطي مواجهة أهداف أمنية خصمًا من اعتماد الباب الأول أجور وتعويضات، كما أن موازنة وزارة الداخلية والحساب الختامي لا تتسع لتشمل مسمى احتياطي مواجهة أهداف أمنية لأنه ليس من البنود القانونية أو المطبقة فعليًا لأنه مسمى مُستحدث وغير مَسبُوقٍ وغير مُتعَارف عليه حسابيًا ولا يوجد في المحاسبة الحكومية والموازنة العامة للدولة ما يطلق عليه احتياطي مواجهة أهداف أمنية، لأنه العبرة بالصرف الفعلي وليس تقديري ومستقبلي ولا يوجد ما يحتاط منه، وأن اعتماد المتهم الأول للصرف لا يعتبر شفيعًا أو مبررًا مشروعًا له أو لغيره بالصرف من المختصين، لأنه مخالف للقانون ولا يجوز ذلك . كما أن وظيفة عمل المتهم سالف الذكر لا تسمح بإنشاء هذا البند وعدم صلاحيته في ذلك طبقًا للقانون رقم 53 لسنة 1973 الموازنة العامة للدولة وقانون 109 لسنة 1971 الخاص بالشرطة، وأنه لم يبين الغرض من هذه المبالغ وأوجه صرفها حيث إن مذكرات الصرف جاءت خالية من تحديد الاحتياجات والغرض منه والمستحقين والجهة الطالبة وجاءت مجهلة من أي بيانات أمام هذا المسمى . وما خلص إليه تقريرا اللجنتين المنتدبتين من السيد قاض التحقيق ومن هيئة المحكمة واللذان جاء مؤداهما صرف مبالغ مقدراها 1135795341 مليار جنيه "مليار ومائة وخمسة وثلاثين مليون وسبعمائة وخمسة وتسعين ألف وثلاثمائة وواحد وأربعين جنيه" خلال الفترة من سنة .... حتى .... من موازنة وزارة الداخلية الباب الأول فرع " 2 " مصلحة الأمن والشرطة والخاص بالأجور والتعويضات بمسمى احتياطي مواجهة أهداف أمنية، وهو مصطلح لا معنى له في موازنة الوزارة وذلك بطريقة مخالفة للنظم المحاسبية والقانونية وهي إضافة المسمى المشار إليه بمذكرات العرض التي كانت تُعرَض على .... – المتهم الأول – لإقرار الحوافز للضباط والعاملين بالوزارة وقرين المسمى الأخير مبلغ مالي بلغ في بعض مذكرات العرض 250000 جنيه ومائتي وخمسين ألف جنيه " والتي كان يعرضها عليه المتهم الثاني وبعد صدور الموافقة من المتهم الأول بالصرف كان يقوم المحاسبون بالإدارة المركزية للحسابات والميزانية بالوزارة وهم المتهمون من الثالث حتى السادس بإعداد استمارات الصرف 132 ع. ج بالمبلغ ثم يقوم المتهمون من التاسع حتى الثالث عشر باعتمادها على حالتها بصفتهم مُمثلي وزارة المالية في حال كان يجب عليهم الامتناع عن اعتمادها وإصدار الشيك الخاص بها وبعد صرفه يتسلمه صراف الخزينة ويسلمه للمتهمين الثالث والرابع والذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته – وهما ليس من أرباب العهد- فيحتفظا به في خزينة غير رسمية والصرف منه بناء على أوامر المتهمين الأول والثاني على العاملين بالوزارة أو غيرهم وعلى أوجه صرف غير مُقررة وأخرى غير معروفة، وقد استلم منه مندوب المتهم الأول مبالغ مالية قدرها 529491389 جنيه " خمسمائة وتسعة وعشرون مليونًا وأربعمائة وواحد وتسعون ألف وثلاثمائة وتسعة وثمانون جنيه " واستلم المتهم الثاني مبالغ مالية مقدرها 21120212 مليون جنيه " واحد عشرين مليونا ومائة وعشرون الفا ومائتين وإثنين عشر جنيه " وكانت هذه المبالغ دون وجه حق، كما تم صرف مبلغ آخر مقداره 688821399 مليون جنيه " ستمائة وثمانية وثمانون مليون وثمانمائة وواحد وعشرون ألفا وثلاثمائة وتسعة وتسعون جنيهًا " من اعتمادات الباب الأول من موازنة وزارة الداخلية في خلال الفترة من .... حتى .... في أوجه إنفاق غير معروفة وقد استلم منه المتهم الثاني مبلغ مقدراه 41000000 مليون جنيه "واحد وأربعون مليون جنيه "، وما شهد به أعضاء اللجنة المنتدبة من قبل قاض التحقيق والذين أكدوا ارتكاب المتهمين لهذه الوقائع على غرار ما أورى تقرير اللجنة المنتدبة من قبل هيئة المحكمة . وما شهد به .... من أن وزارة الداخلية من المصالح التي تخضع لقانون المحاسبة الحكومية وأن ما كان يتم بالإدارة المركزية للمحاسبات والميزانية من إدراج مسمى احتياطي مواجهة أهداف أمنية بمذكرة العرض بمبالغ كبيرة وصدور موافقة الوزير وتجميع هذه المبالغ بالملاين وقيدها باستمارات الصرف 132 ع ج دون توضيح اسم والشخص المنوط به الاستلام ثم صرفها من الخزينة ووضعها تحت تصرف الوزير ورئيس الإدارة المركزية للحسابات والميزانية مخالف للقانون وللضوابط الحسابية لذلك، وما شهد به كلٌ من .... و.... من أنهما كانا من ضمن العاملين بمكتب المتهمين الثالث والرابع - والذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته – بوزارة الداخلية وكانا يقومان باستلام مبالغ مالية كبيرة في حقائب ومظاريف من صراف الخزينة أو من المتهمين المذكورين بناءً على أوامر منهما ويقومان بتسليمها للمتهم الثاني دون أن يوقع بما يفيد الاستلام، وأن ذلك كان يتم في مكان أو أكثر في خلال اليوم الواحد خلال فترة عمل المتهمين الأول والثاني، وما شهد به .... من أنه كان يعمل سائقًا للسيارة التابعة للخزينة الرئيسية بوزارة الداخلية وأنه كان يرى الشاهدين الأخيرين عندما كان يتسلمان مبالغ مالية في حقائب ومظاريف من صراف الخزينة لتسليمها للمتهمين الثالث والرابع أو تسليمها للمتهم الثاني أو إنزالها ووضعها في سيارته، وما شهد به .... من أن جميع استمارات الصرف التي كانت تتضمن مبالغ احتياطي مُواجهة أهداف أمنية لم تحفظ بغرفة الحفظ ولم ترد إليه وأن جميع المستندات التي فحصتها لجنة الفحص لم تكن مودعة لديه، وما شهد به .... بأنه منذ توليه منصبه وخلفًا للمتهم الثاني لم يقم بصرف أية مبالغ بمسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية ولم يدرج هذا المسمى بمذكرات تقرير الحوافز التي عرضت على وزراء الداخلية اللاحقين للمتهم الأول وأنه لا يعرف معنى أو مدلولًا لمصطلح احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية، وقرر.... بأن مسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية الذي يعرضه المتهم الثاني على المتهم الأول لاستصدار موافقته على صرف المبالغ المخصصة له لم يكن حافزًا وغير مدرج في بنود الميزانية وأن طريقة صرف الحوافز لم تكن قانونية وأنها كانت توزع على هوى المتهم الثاني بدون ضوابط أو قواعد، وقد قرر .... أن القائم على تطبيق الموازنة الخاصة بوزارة الداخلية هي الإدارة المركزية للحسابات وأنه لم يَتَنَاهَ إلى سَمعِهِ من قبل ما يسمى باحتياطي مواجهة الأهداف الأمنية وأنه لا يحق للمتهم الأول أو غيره إنشاء أي بند غير مقرر بقانون الموازنة العامة للدولة وأنه لا يجوز استقطاع أي مبالغ مالية من موازنة وزارة الداخلية لأوجه صرف غير محددة أو الإنفاق من موازنة الوزارة إلا بعد حدوث ارتباط مالي وفقًا للبنود المقررة بالميزانية، كما قرر .... أنه لا يجوز صرف ثمة أموال دون وجود مستندات مؤيدة لذلك الصرف أو استقطاع أي مبالغ مالية للصرف منها في أوجه غير محددة وأنه لم يَتَنَاهَ إلى سَمعِهِ من قبل وجود ما يسمى احتياط مواجهة أهداف أمنية ضمن بنود الأجور والحافز، وأن المنوط به اكتشاف هذا البند غير القانوني هي القطاعات المختصة بوزارة الداخلية وليس الجهاز المركزي للمحاسبات إذ أن الأخير يقوم بالفحص بطريق العينة العشوائية وليس الفحص الشامل . هذا وقد أقر المتهم الثاني بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق بأن مبلغ احتياط مواجهة الأهداف الأمنية في كل مذكرة من مذكرات العرض كان يتم تحديده بأوامر من المتهم الأول في حين كان هو الذي يقوم بالتوقيع على مذكرات العرض المتضمنة تلك المبالغ ويعرضها على المتهم الأول لأخذ موافقته عليها بالصرف وأن جميع مبالغ هذا المسمى سلمت كاملة للمتهم الأول وأن .... مندوب مكتب الوزير – المتهم الأول – كان يوقع على الكشوف المتضمنة المبالغ التي تسلمها المتهم الأول، كما أقر أيضًا بأنه والمتهم الأول أضافا مسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية للصرف على المصادر السرية المختلفة، وأقر بأنه قام بصرف مبلغ 688821399 جنيه بناءً على أوامر المتهم الأول وموافقته على الصرف على حوافز المناسبات المختلفة لجميع العاملين بالوزارة . وأقر المتهم الثالث بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق بأن مبالغ مسمى احتياطي مواجهة أهداف أمنية كانت ترد في ستين مذكرة من مذكرات عرض الحوافز بالموافقة بملغ 200000 جنيه في كل مذكرة ثم زاد المبلغ إلى 250000 جنيه وأن المتهم الثاني هو الذي كان يضيفها بمذكرات العرض بناءً على أومر المتهم الأول وأنه لا يعرف معنى عبارة احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية . وأنه كان يعد استمارات الصرف 132 ع ج بالمبلغ دون إشارة إلى اسم أو جهة الاستلام وأن صرف المبلغ كان بأوامر من المتهم الثاني، كما أقر المتهم الرابع بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق – والذي انقضت الدعوى بوفاته - بأن مبلغ احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية كان يصدر في ستين مذكرة عرض شهريًا بمبلغ 250000 جنيه في كل مذكرة وأنه يقوم باستلام تلك المبالغ من صراف الخزينة ويقوم بصرفها بأوامر من المتهم الثاني الذي يقرر له أنه ينفذ أوامر المتهم الأول وأنه لا يعرف معنى مصطلح احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية، وأن المتهم الثاني تسلم منه مبلغ 20000000 جنيه "عشرين مليون جنيه" من تلك المبالغ في شهر.... كما تسلم منه مبلغ 21000000 "واحد وعشرين مليون جنيه" من اعتمادات موازنة الباب الأول في الفترة من .... حتى .... . كما أقر المتهمان الخامس والسادس بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق - وانقضت الدعوى الجنائية بوفاة السادس - بأنهما كانا يقومان بإعداد ومراجعة استمارات الصرف 132 ع . ج المتضمنة مبالغ احتياط مواجهة الأهداف الأمنية التي كانت تصدر بها موافقات الوزير "المتهم الأول" 58 مرة في كل شهر وكان لا يقيدان قرين هذه المبالغ بيان الجهة أو الشخص المنوط به الاستلام وأنهما لا يعرفان مدلول هذا المصطلح . كما أقر أيضًا المتهم الثامن - ....- بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق بأنه كان يقوم بصرف مبالغ احتياط مواجهة الأهداف الأمنية من الخزينة وتسليمها إلى .... " المتهم الرابع" دون أن يكون اسمه مُثبتًا بالاستمارة قرين المبلغ، وأنه كان يقوم بذلك بناءً على أوامر المتهم الثاني، كما أقر المتهمون من التاسع حتى الثانية عشر بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق بأن مبالغ احتياط مواجهة الأهداف الأمنية كانت تصدر بها موافقات الوزير – المتهم الأول - بواقع 58 مذكرة في كل شهر وإنهم كانوا يعتمدون استمارات الصرف 132 ع. ج المنظمة لهذه المبالغ باعتبارهم ممثلي وزارة المالية دون أن يكون مثبتًا قرين المبالغ اسم الجهة أو الشخص الذي ستصرف له وأن هذه المبالغ كانت في حوزة المتهم الأول ". ثم أورد الحكم مؤدى أدلته مستقاة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بتقرير اللجنة المشكلة بموجب القرار الصادر بجلسة .... وما ثبت بإقرار المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والثامن وحتى الثاني عشر وكذا أقوال .... و.... بجلسة المحاكمة . لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بُنِيَ عليها وإلا كان باطلًا والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي ابتنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواءً من حيث الواقع أو القانون ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به، أَمَّا إفراغ الحكم في عباراتٍ عامةٍ معماةٍ أو وضعه في صورةٍ مجملةٍ فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم .

3- من المقرر أن جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عباراتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة - عنصرًا من عناصر زمتها المالية - ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أيًا كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذ كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضي وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضيعه على ربه في تسهيل الاستيلاء؛ وعليه يكون وجوبًا على الحكم أن يبين صفة كل طاعن وكونه موظفًا وكون وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتوافر به أركان تلك الجريمة، وأنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالًا عن القصد الجنائي في جريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام إلا أن يشترط لذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه .

4- من المقرر أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالبًا دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقادًا سائغًا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم . ومن المقرر أيضًا أن جريمة استعمال الورقة المزورة لا تقوم إلا بثبوت علم من استلمها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد تمسكه بها أمام الجهة التي قدمت لها مادام أنه لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل . كما أن الحكم المطعون فيه اقتصر في تدليله على توافر جريمة الإضرار العمدي بالمال العام في حق الطاعنين الثلاثة الأُول وفي حق كل طاعن نسب إليه تلك الجريمة بقالة إنفاق المبالغ موضوعها في أوجه صرف غير قانونية ومن ثم يكونوا قد أضروا إضرارًا بالغًا بأموال وزارة الداخلية. وإذ كان إعمال أحكام المادة 116 مُكَررًا من قانون العقوبات يتطلب توافر أركان ثلاثة هم أن يكون الجاني موظفًا عامًا بالمعنى الوارد في المادة 119 مُكَررًا من قانون العقوبات، وأن يكون الإضرار بالمال العام والمصالح المعهودة إلى الموظف سواءً كانت تلك الأموال لصالح الجهة التي يعمل بها أو للغير ومعهود بها إلى تلك الجهة، وأن تتجه إرادة الجاني إلى الإضرار بالمال أو بالمصلحة. فلا تقع الجريمة إذا حصل الضرر بسبب الإهمال كما يشترط في هذا الضرر- الذي تقوم به الجريمة المشار إليها – أن يكون مالًا أي حقيقيًا سواءً كان حاضرًا أو مستقبلًا، وأن يكون مؤكدًا أي ثابتًا على وجه اليقين . وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بيانًا لواقعة الدعوى – على السياق المتقدم – قد وقع في عبارات عامة مجهلة وغامضة لا يبين منها بوضوح كيف أن وظيفة كل من الطاعنين قد طوعت لهم الاستيلاء على المال العام وتسهيل استيلاء الغير عليه وذلك دون أن يستظهر نية كل طاعن أنها انصرفت إلي تضييعه على .... لمصلحته ومصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة وخلا من بيان مفردات المبالغ المقول باستيلاء الطاعنين عليها تحديدًا، وكذا المبالغ المزعوم تسهيلهم للغير الاستيلاء عليها، ولم يستظهر أن نيتهم قد انصرفت إلى تضيع تلك الأموال على .... لمصلحة الغير وقت ارتكاب تلك الجريمة ؛ فيكون الحكم قاصرًا في التدليل على توافر أركان جريمتي الاستيلاء على مال عام وتسهيل استيلاء الغير عليه . كما أن ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته في خصوص جريمة الإضرار العمدي بأموال الجهة العامة التي يعمل بها الطاعنين "...." والتي دانهم بها وفق ما يقضي به نص المادة 116 مُكَررًا من قانون العقوبات قد صيغ في عبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها الأفعال المادية التي ارتكبها كل طاعن والتي توفر في حقه المسئولية لإضراره المتعمد بأموال .... التي يعمل بها، ودون أن يدلل الحكم على اتجاه نيته إلى ذلك الإضرار بالمال العام . بالإضافة إلى أن الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان تفاصيل الأوراق المزورة موضوع الجريمة ومواطن التزوير فيها، وذلك للوقوف على دور كل طاعن والأفعال التي أتاها كُلُ مَنْ قام بتزوير ورقة من الأوراق محل الجريمة . ولم يدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق الطاعنين الثاني والثالث وفي حق كل طاعن نسب إليه استعمال المحررات المزورة، وإذ اكتفى الحكم في التدليل على كل ما سبق بعبارة عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ولا يحقق به الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان فإنه يكون قاصرًا .

5- لما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الأول تمسك في دفاعه بأنه لم يتم استنزال المبالغ التي وجدت بالخزينة من جملة الأموال محل الجرائم موضوع الدعوى، وتمسك الطاعن الثاني من أنه لم يتم استنزال المبالغ التي تم صرفها من قبيل الرعاية اللاحقة للوزراء والمحافظين واللواءات السابقين وكذا المبالغ المنصرفة لموظفي وزارة الداخلية مقابل أعمالهم المدنية . وذلك من جملة المبالغ محل الجرائم موضوع الدعوى وأن المبلغ المزعوم استيلائه عليه والبالغ قدره 21.120.212 جنيه يمثل قيمة الحوافز التي تقاضها مقابل عمله المدني بوزارة الداخلية عن مدة خدمته بها، مُضيفًا إلى أن بعض الاستمارات المشتملة على حافز احتياطي مواجهة أهداف أمنية تم صرفها أثناء تواجده خارج البلاد وبعد تركه الخدمة بـ .... مؤيدًا ذلك الدفاع بمستندات قدمها بالجلسة، كما تمسك الطاعن الثالث بدفاع فحواه عدم تجنيب واستنزال اللجنة المنتدبة المبالغ التي تمثل مقابل حافز احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية من الاستمارات ومذكرات الصرف من جملة المبالغ التي تم صرفها بمؤيدات صرف أخرى، وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع المبدى من الطاعنين الثلاثة في خصوص هذه الدعوى لتعلقه بأركان الجرائم التي دين بها كل طاعن والعقوبات التي توقع عليهم حال ثبوتها مما من شأنه لو ثبت تغير وجه الرأي في الدعوى. ولما كان البين أن الحكم المطعون فيه التفت كليةً عن أوجه هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يُعْنَ بتمحيصه بلوغًا إلى الأمر فيه، فإنه يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب فضلًا عن الإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعًا لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك دون حاجةً لبحث باقي أوجه الطعن المقدم من الطاعنين الثلاثة وأوجه الطعن المقدم من باقي الطاعنين .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين – وآخرين – بأنهم :

أولًا: المتهم الأول:

بصفته موظفًا عموميًا ومن القائمين بأعباء السلطة العامة "...." استولى بغير حق وبنية التملك على مبلغ 530514024 ج "خمسمائة وثلاثين مليون وخمسمائة وأربعة عشر ألف وأربعة وعشرين جنيهًا" المملوك للدولة "...." حال كونه الوزير المختص بأن وافق على خلاف أحكام القانون وبغير مقتضى على صرف مبالغ من اعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة " الأجور والتعويضات" تحت مسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية واختص منها بالمبلغ المذكور وقد ارتبطت هذه الجناية بجناية تزوير ارتباطًا لا يقبل التجزئة وهي الجناية موضوع الاتهام الوارد بالبند رابعًا.

ثانيًا: المتهم الثاني:

 بصفته موظفًا عموميًا "...." استولى بغير حق وبنية التملك على مبلغ 41155195 واحد وأربعين مليون ومائة وخمسة وخمسين ألف ومائة وخمسة وتسعين جنيهًا المملوك للدولة
" ...." حال كونه المختص بالعرض على .... " المتهم الأول" بأن حصل على موافقته على صرف مبالغ من اعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة "الأجور والتعويضات" على خلاف القانون وبغير مقتضى تحت مسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية وكلف المتهمين الثالث والرابع باستلامها وإيداعها في خزائن غير رسمية وحصل منها على المبلغ المذكور على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت هذه الجناية بجنایتي تزوير واستعمال المحررات المزورة ارتباطًا لا يقبل التجزئة وهما الجنايتين موضوع الاتهامين الواردين بالبندين رابعًا وخامسًا.

ثالثًا: المتهم الثاني:

بصفته السابقة استولى بغير حق وبنيه التملك على مبلغ ۲۱۰۰۰۰۰۰ ج "واحد وعشرين مليون جنيه" المملوك للدولة "...." من اعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة "الأجور والتعويضات" وذلك بأن أمر المتهم الرابع بأن يسلمه المبلغ الذي كان في عهدته حال كونه الرئيس المباشر له فسلمه إياه على النحو المبين بالتحقيقات .

رابعًا: المتهمان الأول والثاني:

بصفتهما السابقة ارتكبا في أثناء تأدية وظيفتهما تزويرًا في محررات رسمية هي مذكرات العرض على الوزير لتقرير الحوافز للعاملين بالوزارة بأن قام المتهم الثاني بزيادة عبارة احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية على بياناتها وقرينها مبلغ مالي على خلاف الحقيقة وهو ليس من الحوافز بناءً على أوامر المتهم الأول الذي قام باعتمادها بالموافقة على الصرف بأن مهرها بكلمة " موافق ".

خامسًا: المتهمون جميعًا عدا الأول والسابع والثامن:

بصفتهم من أصحاب الوظائف العمومية "الوظائف المبينة قرين أسمائهم" استعملوا المحررات المزورة "مذكرات العرض على الوزير المتضمنة مبالغ مالية بمسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية " فيما زورت من أجله بأن سلمها لهم المتهم الثاني بعد تزويرها وقام الباقون برصد ما تضمنته من مبالغ باستمارات الصرف ۱۳۲ ع ح ومراجعتها واعتمادها وهي غير صالحة للصرف بموجبها من خزينة الوزارة مع علمهم بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات .

سادسًا: المتهمون من الثالث حتى الأخير:

بصفاتهم السابقة سهلوا للمتهمين الأول والثاني الاستيلاء بغير حق على المبالغ المبينة ببنود الاتهام أولًا وثانيًا وثالثًا بأن رصد المتهمان الثالث والرابع المبالغ التي وردت بمذكرات العرض بالموافقة تحت مسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية باستمارات الصرف ۱۳۲ ع ح وراجعها المتهمان الخامس والسادس واعتمدها ووافق عليها المتهمون من التاسع حتي الأخير على خلاف القانون وأصدروا الشيكات الخاصة بها وقام المتهمان السابع والثامن بصرفها وتسليمها للمتهمين الثالث والرابع اللذين قاما بتسليمها للمتهمين الأول والثاني بغير حق على النحو المبين بالتحقيقات وببنود الاتهام أولًا وثانيًا وثالثًا وقد ارتبطت هذه الجناية بجناية استعمال المحررات المزورة ارتباطًا لا يقبل التجزئة وهي الجناية المبينة ببند الاتهام السابق .

سابعا: المتهمون جميعًا:

بصفاتهم السابقة أضروا عمدًا بأموال الجهة التي يعملون بها "...." بما مقداره 1134900371 جنيه "مليار ومائة وأربعة وثلاثون مليون وتسعمائة ألف وثلاثمائة وواحد وسبعون جنيهًا" بأن أضاف المتهم الثاني على خلاف القانون بمذكرات العرض المتضمنة بنود حوافز العاملين بالوزارة بندًا بمسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية وحدد له قرينه مبلغًا ماليًا بناءً على أوامر المتهم الأول الذي وافق على صرفه وقام المتهمان الثالث والرابع بتجميع تلك المبالغ وقيدها باستمارات الصرف ۱۳۲ ع ح دون تحديد اسم الجهة المستحقة للمبالغ أو الشخص المنوط به استلامها وقام المتهمان الخامس والسادس والمتهمون من التاسع حتي الأخير بمراجعتها واعتمادها والموافقة عليها وهي غير صالحة للصرف بموجبها وإصدار الشيك وصرفه ثم قام المتهمان السابع والثامن بصرف المبالغ من الخزينة وسلموها للمتهمين الثالث والرابع حال كونهما ليسا من أرباب العهد فأودعاها في خزائن غير رسمية والصرف منها في غير أغراض الصرف القانونية بناءً على أوامر المتهمين الأول والثاني وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

ثامنًا: المتهمون جميعًا عدا السابع والأخير:

 بصفاتهم السابقة أضروا عمدًا بأموال الجهة التي يعملون بها "وزارة الداخلية" بما مقداره 688821399 ج "ستمائة وثمانية وثمانون مليون وثمانمائة وواحد وعشرون ألف وثلاثمائة وتسعة وتسعون جنيهًا" بأن وافق المتهم الأول بعد العرض عليه من المتهم الثاني على صرف مبالغ من اعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة على خلاف القانون وبغير مقتضى وذلك بموجب استمارات الصرف ۱۳۲ ع ح التي راجعها واعتمدها ووافق عيلها المتهمان الخامس والسادس والمتهمون من التاسع حتى الثانية عشر وأجرى المتهم الثامن صرفها للمتهمين الثالث والرابع وتم إنفاقها في غير أغراض الصرف القانونية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

 وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت في .... عملًا بالمواد 113/ 1، 2، 115، 116 مُكَررًا أ/1 1، 118، 118 مُكَررًا، 119/أ، 119 مُكَررًا/أ، 211، 214 من قانون العقوبات وإعمالًا للمادة ۳۲ من ذات القانون أولًا: بانقضاء الدعوى الجنائية قبل كلٍ من .... " الرابع بأمر الإحالة"، .... "السادس بأمر الإحالة" لوفاتهما، ثانيًا: حضوريًا للأول والثاني والثالث: أ- بمعاقبة كلٍ من ....، ....، .... بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات عما أسند إليهم، ب- إلزامهم برد مبلغ 195936307 جنيه "مائة وخمسة وتسعين مليون وتسعمائة وستة وثلاثين ألف وثلاثمائة وسبعة جنيهات" بالتضامن فيما بينهم، ج- بتغريمهم مبلغ 195936307 جنيه "مائة وخمسة وتسعين مليون وتسعمائة وستة وثلاثين ألف وثلاثمائة وسبعة جنيهات" بالتضامن فيم بينهم، ثالثا: حضوريًا للخامس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر أ- بمعاقبة كلٍ من ....، ....، ....، ....، ....، .... بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليهم، ب- بمعاقبة كلٍ من ....، .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم، رابعًا: إلزام المحكوم عليهم الأول والثالث والخامس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بأمر الإحالة برد مبلغ 529491389 مليون جنيه "خمسمائة وتسعة وعشرين مليون وأربعمائة وواحد وتسعين ألف وثلاثمائة وتسعة وثمانين جنيهًا" بالتضامن فيما بينهم، خامسًا: بتغريم المحكوم عليهم الأول والثالث والخامس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بأمر الإحالة مبلغ 529491389 مليون جنيه "خمسمائة وتسعة وعشرين مليون وأربعمائة وواحد وتسعين ألف وثلاثمائة وتسعة وثمانين جنيه" بالتضامن فيما بينهم، سادسًا: أ- إلزام المحكوم عليهم الثاني والثالث والخامس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بأمر الإحالة برد مبلغ 62120212 "اثنان وستين مليون ومائة وعشرين ألف ومائتي واثنى عشر جنيهًا" بالتضامن فيما بينهم، ب- بتغريم المحكوم عليهم الثاني والثالث والخامس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بأمر الإحالة مبلغ 62120212 "اثنان وستين مليون ومائة وعشرين ألف ومائتي واثنى عشر جنيهًا" بالتضامن فيما بينهم، سابعًا: عزل المحكوم عليهم من وظائفهم، ثامنًا: إلزام المحكوم عليهم وورثة كلٍ من ....، ...." بأداء مبلغ مائة ألف وواحد جنيه تعويض مدني مؤقت عن الأضرار المادية لوزارة .... " .... بصفته " وذلك بالتضامن فيما بينهم، تاسعًا: إلزام المحكوم عليهم بالمصاريف الجنائية بعد أن أضافت المحكمة للمتهمين الأول والثاني والثالث تهمة الحصول للغير على ربح من عمل من أعمال وظيفتهم .

فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

أولًا: عن الطعن المقدم من الطاعنين الأول .... والثاني .... والثالث ....:

 حَيْثُ إِنَّ مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأول والثاني بجرائم الاستيلاء بغير حق على مال عام والمرتبطة بجريمة التزوير في محررات رسمية واستعمالها "بالنسبة للثاني" ودان الثالث بجرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام والمرتبطة بجريمة تزوير واستعمال محررات رسمية، ودان الثلاثة بجريمة الإضرار العمدي بالمال العام والحصول للغير على ربح بغير حق من عمل من أعمال وظيفتهم قد ران عليه البطلان وشابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه دان ثلاثتهم بجريمة الحصول للغير على ربح بغير وجه حق من أعمال وظيفتهم والتي لم يشملها أمر الإحالة رغم مغايرتها للجرائم موضوع الدعوى وذلك بالمخالفة لنص المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية، فضلًا عن أن الحكم خلا من بيان واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة بيانًا تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها والتي لم يدلل عليها الحكم تدليلًا سائغًا لتحرير عباراته بصيغةٍ عامةٍ معماةٍ ومجهلةٍ لا تفيد بذاتها ولا تؤدي إلى الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام وذلك بالمخالفة لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، فضلًا عن أن الحكم المطعون فيه أغفل دفاع الطاعن الأول والقائم على عدم استنزال المبالغ التي وجدت بالخزينة من جملة الأموال محل الجرائم موضوع الدعوى ولم يعرض إيرادًا أو ردًا لدفاع الطاعن الثاني المؤيد بالمستندات والقائم على عدم استنزال المبالغ التي تم صرفها من قبيل الرعاية اللاحقة للوزراء والمحافظين واللواءات السابقين وكذا المبالغ المنصرفة لموظفي وزراء الداخلية مقابل أعمالهم المدنية من جملة المبالغ محل الجرائم موضوع الدعوى، وأن المبلغ المزعوم استيلائه عليه والبالغ قدره 21.120.212 مليون جنيه يمثل قيمة الحوافز التي تقاضها مقابل عمله المدني بوزارة الداخلية عن مدة خدمته بتلك الوزارة، بالإضافة إلى أن بعض الاستمارات المشتملة على حافز احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية تم صرفها أثناء تواجده خارج البلاد وبعد تركه الخدمة بوزارة الداخلية وذلك وفق شهادة التحركات المقدمة منه، ولم يُعْنَ الحكم – أيضًا - بالرد على دفاع الطاعن الثالث بعدم تجنيب واستنزال اللجنة المنتدبة لإجمالي مبالغ – مقابل – حافز احتياطي مواجهة أهداف أمنية بمذكرات الصرف مما تم صرفه بمؤيدات صرف أخرى ؛ كُلُ ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

 حَيْثُ إِنَّ قاضي التحقيق اتهم الطاعنين الأول والثاني بجرائم الاستيلاء بغير حق على مال عام والمرتبطة بجريمة التزوير في محررات رسمية واستعمالها للثاني، واتهم الثالث بجرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام والمرتبطة بجريمة تزوير واستعمال محررات رسمية، كما اتهم الثلاثة بجرائم الإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعملون بها، وأمر بإحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وتداولت الدعوى بالجلسات وبجلسة .... طلبت النيابة العامة ممثلة الاتهام توجيه تهمة أخرى إلى المتهمين الأول والثاني والثالث لم تكن واردة بأمر الإحالة بأنهم بصفتهم الواردة بأمر الإحالة قاموا بتظفير الأشخاص الوارد أسمائهم بتقرير لجنة الخبراء المنتدبة من قبل المحكمة، وطلبت معاقبتهم بنص المادة 115 من قانون العقوبات . ثم أثبتت المحكمة بذات الجلسة تصديها للقيد والوصف المعدل بالنسبة للمتهمين الثلاثة الأول " الطاعن الأول " والثاني والثالث على أن تتم المرافعة على أساس هذا التعديل . وبعد أن فرغت المحكمة من نظر الدعوى على النحو الثابت بمحاضر الجلسات قضت بإدانة الطاعنين من الأول حتى الثالث بالتهمة الجديدة بعد إضافة المادة 115 من قانون العقوبات إلى مواد القيد الواردة بأمر الإحالة. ثم اعتبرت جميع الجرائم وقعت تنفيذًا لغرض جنائي واحد وأنها مرتبطة ارتباطًا لا يقبل التجزئة وأعملت نص المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بالعقوبة المقيدة للحرية بالنسبة للجريمة الأشد مع إنزال عقوبة الرد والغرامة بالنسبة لجريمة التربح " تظفير الغير المضافة". لما كان ذلك، وكانت المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه " إذا رأت محكمة الجنايات في دعوى مرفوعة أمامها أن هناك متهمين غير مَنْ أُقِيمَت الدعوى عليهم أو وقائع أخرى غير المُسندة فيها إليهم أو هناك جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها فلها أن تقيم الدعوى على هؤلاء الأشخاص أو بالنسبة لهذه الوقائع وتحيلها إلى النيابة العامة للتحقيق والتصرف فيها طبقًا للباب الرابع من الكتاب الأول من هذا القانون. وللمحكمة أن تندب أحد أعضائها للقيام بإجراءات التحقيق وفي هذه الحالة تسري على العضو المندوب جميع الأحكام الخاصة بقاضي التحقيق، وإذا صدر قرارٌ في نهاية التحقيق بإحالة الدعوى إلى المحكمة وجب إحالتها إلى محكمة أخرى ولا يجوز أن يشترك في الحكم فيها أحد المستشارين الذين قرروا إقامة الدعوى، وإذا كانت المحكمة لم تفصل في الدعوى الأصلية وكانت مرتبطة مع الدعوى الجديدة ارتباطًا لا يقبل التجزئة وجب إحالة القضية كلها إلى محكمة أخرى"، قد دلت على أنه وإِنْ كان الأصل هو الفصل بين سلطتي الاتهام والمحاكمة حرصًا على الضمانات الواجب أن تحاط بها المحاكمة الجنائية إلا أنه أُجِيزَ من باب الاستثناء لمحكمة الجنايات وكذا الدائرة الجنائية لمحكمة النقض في حالة نظر الموضوع عملًا بالمادة 12 من ذات القانون - لدواعي من المصلحة العليا ولاعتبارات قدرها المشرع نفسه - وهي بصدد الدعوى المعروضة عليها أن تقيم الدعوى العمومية على غير مَنْ أُقِيمَت الدعوى عليهم، أو عن وقائع أخرى غير المُسندة فيها إليهم، أو عن جناية أو جنحة مرتبطة بالتهمة المعروضة عليها، ولا تثريب على استعمال هذا الحق - الذي يُطلَقُ عليه حق التصدي للدعوى الجنائية " droit d`evocation" - غير تحريك الدعوى أمام سلطة التحقيق أو أمام المستشار المندوب لتحقيقها من بين أعضاء الدائرة التي تصدت لها، ويكون بعدئذ للجهمة التي تجري التحقيق حرية التصرف في الأوراق حسبما يتراءى لها، فإذا ما رأت النيابة العامة أو المستشار المندوب إحالة الدعوى إلى المحكمة فإن الإحالة يجب أن تكون إلى محكمة أخرى ولا يجوز أن يشترك في الحكم فيها أحد المستشارين الذين قرروا إقامة الدعوى . لما كان ذلك كله، وكانت محكمة الجنايات حين نظرت الدعوى التي أقامها قاض التحقيق على الطاعنين الأول والثاني والثالث بجنايات الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على المال العام والمرتبطة بتزوير واستعمال محررات رسمية والإضرار العمدي بالمال العام إنما فعلت ذلك على أساس ارتباط هذه الجناية بجناية التربح ثم حكمت فيها هي بنفسها دون أن تحيل الدعوى إلى جهة التحقيق - إِنْ كان له محل - ودون أن تترك لها التصرف في التحقيقات التي تجري بصدد تلك الجناية المرتبطة، وبذلك تكون المحكمة قد أخطأت بمخالفتها نص صريح للقانون، ولا يؤثر في ذلك القول بأن الدفاع عن الطاعنين قبل المرافعة في جميع الاتهامات ولم يحصل منه اعتراض على توجيه التهمة الجديدة إليه بالجلسة بحسبان أن ما أجرته المحكمة على ما سلف ذكره وقع مخالفًا للنظام العام لتعلقه بأصل من أصول المحاكمات الجنائية لاعتبارات سامية تتصل بتوزيع العدالة على ما يقضي به القانون عن التهمتين معًا، كما أنه لا يغير من ذلك أيضًا أن يكون الحكم قد أعمل نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعنين عقوبة واحدة عن الجريمة الأشد ؛ لأن ذلك يكون في حالة اتصال المحكمة بكل الجرائم المرتبطة والمطروحة أمامها في وقت واحد وهو ما لم يتحقق في هذه الدعوى، فضلًا عن أن المحكمة قضت بعقوبتي الغرامة والرد عن جريمة التربح المضافة وهو ما يشوب الحكم بما يبطله . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه " أن وقائع القضية تكشفت ببلاغ مقدم ضد المتهم الثاني.... أمام إدارة الكسب غير المشروع بوزارة العدل لتضخم ثروته وبوشر التحقيق من قبل لجنة الفحص وأثناء قيام اللجنة المشكلة من قبل هيئة الفحص بإدارة الكسب غير المشروع بفحص تلك الشكوى فحصت كم من المخالفات المالية التي ظهرت بالميزانية الخاصة بوزارة الداخلية، إذ كان ذلك بداية لكشف الفساد المستشري بحسابات وزارة الداخلية ثم توالت أعمال الفحص إلى أن تأكدت الحقيقة بالتقرير الذي أودع من قبل اللجنة المشكلة من هيئة المحكمة والتي أكدت صحة ما توصلت إليه سابقتها من فحص، إذ انتهت إلى إظهار السلوك المادي للجرائم محل الاتهام وذلك بقيام الإدارة المركزية للحسابات والميزانية بوزارة الداخلية في الفترة ما بين سنة .... وحتى السنة .... والتي كان يترأسها المتهم الثاني بإعداد مذكرات لصرف حافز إثابة بمناسبة قيام الإدارات والمصالح المختلفة بالوزارة بالمطالبة بصرف ذلك الحافز للعاملين بها، إلا أن المتهم الثاني قد هداه فكره إلى الحيلة التي استطاع من خلالها نزع المال العام الذي استأمنته الدولة عليه، إذ ضمن تلك المذكرات بزيادة عبارة احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية على بياناتها وقرينها مبلغ مالي على خلاف الحقيقة وهو ليس من الحوافز بناءً على أوامر المتهم الأول الذي قام باعتمادها بالموافقة على الصرف بأن مهرها بكلمة "موافق" ببند حسابي وهمي أطلق عليه من وحي خياله عبارة " احتياطي مواجهة أهداف أمنية "، وليس هذا بغريب عليه إذ اشتهر عنه ثراء خياله فاستثمره في الإثم والعدوان على المال العام، وقدم مذكرات الصرف للمتهم الأول وكانت هذا الفاجعة إذ اعتمدها الأخير ووافق عليها متفقًا معه، ليطلق له العنان لاستباحة المال العام ليغترف منه كيفما ووقتما يشاء، وأن تلك الموافقة لإسباغ الشرعية على إجراءات الصرف مع علمهما بمخالفة هذا الأمر لكافة القواعد المحاسبية المقررة بموجب قانوني الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973 وقانون المحاسبة الحكومية رقم 127 لسنة 1981 فضلًا عن قانون الشرطة رقم 109 لسنة 1971، فقد خرجت منظومة الصرف التي أتاها المتهمان الأول والثاني وباقي المتهمين عن كافة أحكام القوانين واللوائح التي تنظم صرف الحوافز باغين الاستيلاء على المال العام وتسهيل الاستيلاء عليه وإضافته لملكهما، فدنس المتهم الأول كرسيه بمسالك اللصوص وتمكن من الاستيلاء على مبلغ 529491389 مليون جنيه، وإذا كان الأساس فاسدًا مُختلًا فكيف يكون باقي البناء معافًا صحيحًا. وهنا جاء دور المتهم الثاني الذي كان يعمل .... وكان يتعين أن يكون أشد الناس حرصًا على أموالها إذ استولى على مبلغ 21120212 مليون جنيه من الأموال التي صرفها تحت هذا المسمى الوهمي "احتياطي مواجهة أهداف أمنية"، ولم يَكْتَفِ بذلك بل أمر المتهم الرابع والذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته بأن يسلمه المبلغ الذي كان في عهدته من اعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة الخاص بالأجور والتعويضات حال كونه الرئيس المباشر له والبالغ 41000000 مليون جنيه "واحد وأربعين مليون جنيه"، فقام المتهمان الثالث والرابع والذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته بتظفير العديد من هؤلاء الأحبة من وزراء الداخلية والمحافظين ومساعدي الوزير السابقين ولبعض الضباط والأفراد العاملين بالوزارة وآخرين من غير العاملين فيها من أهل الثقة والولاء مبالغ مالية غير مستحقة وقدرها 19593607 جنيه، وكذا الصرف على مشتريات لم يتم إضافتها لجهة عملهم ودفع قيمة فواتير هواتف جواله ومنزلية بآلاف الجنيهات، بل وصل الأمر أيضًا باستفادة المتهم الثاني من المال العام في سداد قيمة الصور الفوتوغرافية الخاصة بمناسباته الاجتماعية هو وأسرته وقد قدرت إجمالي تلك المبالغ بنحو 195936307 جنيه، وقد وصل بهم الأمر لسرقة قوت الشعب واستباحة المال العام الذي استأمنتهم الدولة عليه إلا أنه لم يَكُنْ في وسع أي من هؤلاء أن يستبيحوا هذا المال إلا بواسطة باقي المتهمين، إذ كان المتهمان الثالث والرابع الذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته يقومان برصد مبالغ مالية بمذكرات العرض تحت ما يسمى "احتياطي مواجهة أهداف أمنية " باستمارات الصرف 132 ع ح وهي غير صالحة للصرف ويقوم المتهمون الخامس والسادس والذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته والثالث عشر بمراجعتهما. وقيام المتهمين من التاسع حتى الثانية عشر - وهم المنوط بهم مراقبة إجراءات الصرف والتأكد من مطابقتها للقواعد والأنظمة المقررة في هذا الشأن - باعتمادها وهم ممثلي وزارة المالية لدى وزارة الداخلية الذين حملتهم جهة عملهم أمانة مراقبة إجراءات صرف أموال الدولة، وهم من اصطلح على تسميتهم بلقب المراقب المالي إلا أنهم خانوا الأمانة . ومن لب الخيانة تستخلص اليوم تلك البذور الآثمة، إذ وافقوا على صرف تلك الاستمارات واعتمدوها وتمادوا في غيهم بإصدار الشيكات الخاصة بقيمتها مُلقين خلف ظهورهم ما تفرضه عليهم واجبات وظيفتهم، ثم قام المتهمان السابع والثامن بالاحتفاظ بتلك المبالغ في خزائن غير رسمية مرتضين العبث بتلك الأموال وانتهاكها، لا سيما إذا كانت الدولة قد أناطت بهما وهما من الأمناء على الودائع الحفاظ عليها إلا أنهما راحا يعبثان بها ويطلقان لغيرهما العنان ويسمحون لهم باستغلالها غير عابئين بما تفرضه عليهما قواعد وظيفتهما وتسببا في إهدار مال الشعب بمبالغ تقشعر لها الأبدان بلغت 1135795341 "مليار جنيه ومائة وخمسة وثلاثين مليون وسبعمائة وخمسة وتسعين ألف وثلاثمائة وواحد وأربعين جنيه" من المبالغ التي يتضمنها البند المسمى " احتياطي مواجهة أهداف أمنية " ومبلغ 688821399 جنيه " ستمائة وثمانية وثمانين مليون وثمانمائة وواحد وعشرين ألف وثلاثمائة وتسعة وتسعين جنيهًا" من المبالغ الخاصة باعتمادات الباب الأول من موازنة الوزارة، وثبت للمحكمة من واقع تقارير اللجان المنتدبة من قبل قاضي التحقيق وهيئة المحكمة أنه لا يوجد مخصصات احتياطي مواجهة أهداف أمنية خصمًا من اعتماد الباب الأول أجور وتعويضات، كما أن موازنة وزارة الداخلية والحساب الختامي لا تتسع لتشمل مسمى احتياطي مواجهة أهداف أمنية لأنه ليس من البنود القانونية أو المطبقة فعليًا لأنه مسمى مُستحدث وغير مَسبُوقٍ وغير مُتعَارف عليه حسابيًا ولا يوجد في المحاسبة الحكومية والموازنة العامة للدولة ما يطلق عليه احتياطي مواجهة أهداف أمنية، لأنه العبرة بالصرف الفعلي وليس تقديري ومستقبلي ولا يوجد ما يحتاط منه، وأن اعتماد المتهم الأول للصرف لا يعتبر شفيعًا أو مبررًا مشروعًا له أو لغيره بالصرف من المختصين، لأنه مخالف للقانون ولا يجوز ذلك . كما أن وظيفة عمل المتهم سالف الذكر لا تسمح بإنشاء هذا البند وعدم صلاحيته في ذلك طبقًا للقانون رقم 53 لسنة 1973 الموازنة العامة للدولة وقانون 109 لسنة 1971 الخاص بالشرطة، وأنه لم يبين الغرض من هذه المبالغ وأوجه صرفها حيث إن مذكرات الصرف جاءت خالية من تحديد الاحتياجات والغرض منه والمستحقين والجهة الطالبة وجاءت مجهلة من أي بيانات أمام هذا المسمى . وما خلص إليه تقريرا اللجنتين المنتدبتين من السيد قاض التحقيق ومن هيئة المحكمة واللذان جاء مؤداهما صرف مبالغ مقدراها 1135795341 مليار جنيه "مليار ومائة وخمسة وثلاثين مليون وسبعمائة وخمسة وتسعين ألف وثلاثمائة وواحد وأربعين جنيه" خلال الفترة من سنة .... حتى .... من موازنة وزارة الداخلية الباب الأول فرع "2" مصلحة الأمن والشرطة والخاص بالأجور والتعويضات بمسمى احتياطي مواجهة أهداف أمنية، وهو مصطلح لا معنى له في موازنة الوزارة وذلك بطريقة مخالفة للنظم المحاسبية والقانونية وهي إضافة المسمى المشار إليه بمذكرات العرض التي كانت تُعرَض على .... – المتهم الأول – لإقرار الحوافز للضباط والعاملين بالوزارة وقرين المسمى الأخير مبلغ مالي بلغ في بعض مذكرات العرض 250000 جنيه ومائتي وخمسين ألف جنيه " والتي كان يعرضها عليه المتهم الثاني وبعد صدور الموافقة من المتهم الأول بالصرف كان يقوم المحاسبون بالإدارة المركزية للحسابات والميزانية بالوزارة وهم المتهمون من الثالث حتى السادس بإعداد استمارات الصرف 132 ع. ج بالمبلغ ثم يقوم المتهمون من التاسع حتى الثالث عشر باعتمادها على حالتها بصفتهم مُمثلي وزارة المالية في حال كان يجب عليهم الامتناع عن اعتمادها وإصدار الشيك الخاص بها وبعد صرفه يتسلمه صراف الخزينة ويسلمه للمتهمين الثالث والرابع والذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته – وهما ليس من أرباب العهد- فيحتفظا به في خزينة غير رسمية والصرف منه بناء على أوامر المتهمين الأول والثاني على العاملين بالوزارة أو غيرهم وعلى أوجه صرف غير مُقررة وأخرى غير معروفة، وقد استلم منه مندوب المتهم الأول مبالغ مالية قدرها 529491389 جنيه "خمسمائة وتسعة وعشرون مليونًا وأربعمائة وواحد وتسعون ألف وثلاثمائة وتسعة وثمانون جنيه" واستلم المتهم الثاني مبالغ مالية مقدرها 21120212 مليون جنيه "واحد عشرين مليونا ومائة وعشرون ألفاً ومائتين وإثنين عشر جنيه " وكانت هذه المبالغ دون وجه حق، كما تم صرف مبلغ آخر مقداره 688821399 مليون جنيه "ستمائة وثمانية وثمانون مليون وثمانمائة وواحد وعشرون ألفا وثلاثمائة وتسعة وتسعون جنيهًا" من اعتمادات الباب الأول من موازنة وزارة الداخلية في خلال الفترة من .... حتى .... في أوجه إنفاق غير معروفة وقد استلم منه المتهم الثاني مبلغ مقدراه 41000000 مليون جنيه "واحد وأربعون مليون جنيه "، وما شهد به أعضاء اللجنة المنتدبة من قبل قاض التحقيق والذين أكدوا ارتكاب المتهمين لهذه الوقائع على غرار ما أورى تقرير اللجنة المنتدبة من قبل هيئة المحكمة . وما شهد به .... من أن وزارة الداخلية من المصالح التي تخضع لقانون المحاسبة الحكومية وأن ما كان يتم بالإدارة المركزية للمحاسبات والميزانية من إدراج مسمى احتياطي مواجهة أهداف أمنية بمذكرة العرض بمبالغ كبيرة وصدور موافقة الوزير وتجميع هذه المبالغ بالملاين وقيدها باستمارات الصرف 132 ع ج دون توضيح اسم والشخص المنوط به الاستلام ثم صرفها من الخزينة ووضعها تحت تصرف الوزير ورئيس الإدارة المركزية للحسابات والميزانية مخالف للقانون وللضوابط الحسابية لذلك، وما شهد به كلٌ من .... و.... من أنهما كانا من ضمن العاملين بمكتب المتهمين الثالث والرابع - والذي انقضت الدعوى الجنائية بوفاته – بوزارة الداخلية وكانا يقومان باستلام مبالغ مالية كبيرة في حقائب ومظاريف من صراف الخزينة أو من المتهمين المذكورين بناءً على أوامر منهما ويقومان بتسليمها للمتهم الثاني دون أن يوقع بما يفيد الاستلام، وأن ذلك كان يتم في مكان أو أكثر في خلال اليوم الواحد خلال فترة عمل المتهمين الأول والثاني، وما شهد به .... من أنه كان يعمل سائقًا للسيارة التابعة للخزينة الرئيسية بوزارة الداخلية وأنه كان يرى الشاهدين الأخيرين عندما كان يتسلمان مبالغ مالية في حقائب ومظاريف من صراف الخزينة لتسليمها للمتهمين الثالث والرابع أو تسليمها للمتهم الثاني أو إنزالها ووضعها في سيارته، وما شهد به .... من أن جميع استمارات الصرف التي كانت تتضمن مبالغ احتياطي مُواجهة أهداف أمنية لم تحفظ بغرفة الحفظ ولم ترد إليه وأن جميع المستندات التي فحصتها لجنة الفحص لم تكن مودعة لديه، وما شهد به .... بأنه منذ توليه منصبه وخلفًا للمتهم الثاني لم يقم بصرف أية مبالغ بمسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية ولم يدرج هذا المسمى بمذكرات تقرير الحوافز التي عرضت على وزراء الداخلية اللاحقين للمتهم الأول وأنه لا يعرف معنى أو مدلولًا لمصطلح احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية، وقرر .... بأن مسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية الذي يعرضه المتهم الثاني على المتهم الأول لاستصدار موافقته على صرف المبالغ المخصصة له لم يكن حافزًا وغير مدرج في بنود الميزانية وأن طريقة صرف الحوافز لم تكن قانونية وأنها كانت توزع على هوى المتهم الثاني بدون ضوابط أو قواعد، وقد قرر .... أن القائم على تطبيق الموازنة الخاصة بوزارة الداخلية هي الإدارة المركزية للحسابات وأنه لم يَتَنَاهَ إلى سَمعِهِ من قبل ما يسمى باحتياطي مواجهة الأهداف الأمنية وأنه لا يحق للمتهم الأول أو غيره إنشاء أي بند غير مقرر بقانون الموازنة العامة للدولة وأنه لا يجوز استقطاع أي مبالغ مالية من موازنة وزارة الداخلية لأوجه صرف غير محددة أو الإنفاق من موازنة الوزارة إلا بعد حدوث ارتباط مالي وفقًا للبنود المقررة بالميزانية، كما قرر .... أنه لا يجوز صرف ثمة أموال دون وجود مستندات مؤيدة لذلك الصرف أو استقطاع أي مبالغ مالية للصرف منها في أوجه غير محددة وأنه لم يَتَنَاهَ إلى سَمعِهِ من قبل وجود ما يسمى احتياط مواجهة أهداف أمنية ضمن بنود الأجور والحافز، وأن المنوط به اكتشاف هذا البند غير القانوني هي القطاعات المختصة بوزارة الداخلية وليس الجهاز المركزي للمحاسبات إذ أن الأخير يقوم بالفحص بطريق العينة العشوائية وليس الفحص الشامل . هذا وقد أقر المتهم الثاني بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق بأن مبلغ احتياط مواجهة الأهداف الأمنية في كل مذكرة من مذكرات العرض كان يتم تحديده بأوامر من المتهم الأول في حين كان هو الذي يقوم بالتوقيع على مذكرات العرض المتضمنة تلك المبالغ ويعرضها على المتهم الأول لأخذ موافقته عليها بالصرف وأن جميع مبالغ هذا المسمى سلمت كاملة للمتهم الأول وأن .... مندوب مكتب الوزير – المتهم الأول – كان يوقع على الكشوف المتضمنة المبالغ التي تسلمها المتهم الأول، كما أقر أيضًا بأنه والمتهم الأول أضافا مسمى احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية للصرف على المصادر السرية المختلفة، وأقر بأنه قام بصرف مبلغ 688821399 جنيه بناءً على أوامر المتهم الأول وموافقته على الصرف على حوافز المناسبات المختلفة لجميع العاملين بالوزارة . وأقر المتهم الثالث بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق بأن مبالغ مسمى احتياطي مواجهة أهداف أمنية كانت ترد في ستين مذكرة من مذكرات عرض الحوافز بالموافقة بملغ 200000 جنيه في كل مذكرة ثم زاد المبلغ إلى 250000 جنيه وأن المتهم الثاني هو الذي كان يضيفها بمذكرات العرض بناءً على أومر المتهم الأول وأنه لا يعرف معنى عبارة احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية . وأنه كان يعد استمارات الصرف 132 ع ج بالمبلغ دون إشارة إلى اسم أو جهة الاستلام وأن صرف المبلغ كان بأوامر من المتهم الثاني، كما أقر المتهم الرابع بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق – والذي انقضت الدعوى بوفاته - بأن مبلغ احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية كان يصدر في ستين مذكرة عرض شهريًا بمبلغ 250000 جنيه في كل مذكرة وأنه يقوم باستلام تلك المبالغ من صراف الخزينة ويقوم بصرفها بأوامر من المتهم الثاني الذي يقرر له أنه ينفذ أوامر المتهم الأول وأنه لا يعرف معنى مصطلح احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية، وأن المتهم الثاني تسلم منه مبلغ 20000000 جنيه "عشرين مليون جنيه" من تلك المبالغ في شهر.... كما تسلم منه مبلغ 21000000 "واحد وعشرين مليون جنيه" من اعتمادات موازنة الباب الأول في الفترة من .... حتى .... . كما أقر المتهمان الخامس والسادس بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق - وانقضت الدعوى الجنائية بوفاة السادس - بأنهما كانا يقومان بإعداد ومراجعة استمارات الصرف 132 ع . ج المتضمنة مبالغ احتياط مواجهة الأهداف الأمنية التي كانت تصدر بها موافقات الوزير "المتهم الأول" 58 مرة في كل شهر وكان لا يقيدان قرين هذه المبالغ بيان الجهة أو الشخص المنوط به الاستلام وأنهما لا يعرفان مدلول هذا المصطلح . كما أقر أيضًا المتهم الثامن - ....- بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق بأنه كان يقوم بصرف مبالغ احتياط مواجهة الأهداف الأمنية من الخزينة وتسليمها إلى .... " المتهم الرابع" دون أن يكون اسمه مُثبتًا بالاستمارة قرين المبلغ، وأنه كان يقوم بذلك بناءً على أوامر المتهم الثاني، كما أقر المتهمون من التاسع حتى الثانية عشر بالتحقيقات أمام قاضي التحقيق بأن مبالغ احتياط مواجهة الأهداف الأمنية كانت تصدر بها موافقات الوزير – المتهم الأول - بواقع 58 مذكرة في كل شهر وإنهم كانوا يعتمدون استمارات الصرف 132 ع. ج المنظمة لهذه المبالغ باعتبارهم ممثلي وزارة المالية دون أن يكون مثبتًا قرين المبالغ اسم الجهة أو الشخص الذي ستصرف له وأن هذه المبالغ كانت في حوزة المتهم الأول ". ثم أورد الحكم مؤدى أدلته مستقاة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت بتقرير اللجنة المشكلة بموجب القرار الصادر بجلسة .... وما ثبت بإقرار المتهمين الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والثامن وحتى الثاني عشر وكذا أقوال .... و.... بجلسة المحاكمة . لما كان ذلك، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بُنِيَ عليها وإلا كان باطلًا والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي ابتنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواءً من حيث الواقع أو القانون ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به، أَمَّا إفراغ الحكم في عباراتٍ عامةٍ معماةٍ أو وضعه في صورةٍ مجملةٍ فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم . لما كان ذلك، وكانت جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عباراتها وواضح دلالتها على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة - عنصرًا من عناصر زمتها المالية - ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أيًا كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذ كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضي وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضيعه على ربه في تسهيل الاستيلاء؛ وعليه يكون وجوبًا على الحكم أن يبين صفة كل طاعن وكونه موظفًا وكون وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتوافر به أركان تلك الجريمة، وأنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالًا عن القصد الجنائي في جريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام إلا أن يشترط لذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه . لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالبًا دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقادًا سائغًا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم. ومن المقرر أيضًا أن جريمة استعمال الورقة المزورة لا تقوم إلا بثبوت علم من استلمها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد تمسكه بها أمام الجهة التي قدمت لها مادام أنه لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل . كما أن الحكم المطعون فيه اقتصر في تدليله على توافر جريمة الإضرار العمدي بالمال العام في حق الطاعنين الثلاثة الأُول وفي حق كل طاعن نسب إليه تلك الجريمة بقالة إنفاق المبالغ موضوعها في أوجه صرف غير قانونية ومن ثم يكونوا قد أضروا إضرارًا بالغًا بأموال وزارة الداخلية . وإذ كان إعمال أحكام المادة 116 مُكَررًا من قانون العقوبات يتطلب توافر أركان ثلاثة هم أن يكون الجاني موظفًا عامًا بالمعنى الوارد في المادة 119 مُكَررًا من قانون العقوبات، وأن يكون الإضرار بالمال العام والمصالح المعهودة إلى الموظف سواءً كانت تلك الأموال لصالح الجهة التي يعمل بها أو للغير ومعهود بها إلى تلك الجهة، وأن تتجه إرادة الجاني إلى الإضرار بالمال أو بالمصلحة. فلا تقع الجريمة إذا حصل الضرر بسبب الإهمال كما يشترط في هذا الضرر- الذي تقوم به الجريمة المشار إليها – أن يكون مالًا أي حقيقيًا سواءً كان حاضرًا أو مستقبلًا، وأن يكون مؤكدًا أي ثابتًا على وجه اليقين . وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بيانًا لواقعة الدعوى – على السياق المتقدم – قد وقع في عبارات عامة مجهلة وغامضة لا يبين منها بوضوح كيف أن وظيفة كل من الطاعنين قد طوعت لهم الاستيلاء على المال العام وتسهيل استيلاء الغير عليه وذلك دون أن يستظهر نية كل طاعن أنها انصرفت إلي تضييعه على .... لمصلحته ومصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة وخلا من بيان مفردات المبالغ المقول باستيلاء الطاعنين عليها تحديدًا، وكذا المبالغ المزعوم تسهيلهم للغير الاستيلاء عليها، ولم يستظهر أن نيتهم قد انصرفت إلى تضيع تلك الأموال على .... لمصلحة الغير وقت ارتكاب تلك الجريمة ؛ فيكون الحكم قاصرًا في التدليل على توافر أركان جريمتي الاستيلاء على مال عام وتسهيل استيلاء الغير عليه . كما أن ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته في خصوص جريمة الإضرار العمدي بأموال الجهة العامة التي يعمل بها الطاعنين "...." والتي دانهم بها وفق ما يقضي به نص المادة 116 مُكَررًا من قانون العقوبات قد صيغ في عبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها الأفعال المادية التي ارتكبها كل طاعن والتي توفر في حقه المسئولية لإضراره المتعمد بأموال .... التي يعمل بها، ودون أن يدلل الحكم على اتجاه نيته إلى ذلك الإضرار بالمال العام. بالإضافة إلى أن الحكم المطعون فيه قد خلا من بيان تفاصيل الأوراق المزورة موضوع الجريمة ومواطن التزوير فيها، وذلك للوقوف على دور كل طاعن والأفعال التي أتاها كُلُ مَنْ قام بتزوير ورقة من الأوراق محل الجريمة. ولم يدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق الطاعنين الثاني والثالث وفي حق كل طاعن نسب إليه استعمال المحررات المزورة، وإذ اكتفى الحكم في التدليل على كل ما سبق بعبارة عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ولا يحقق به الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان فإنه يكون قاصرًا. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الأول تمسك في دفاعه بأنه لم يتم استنزال المبالغ التي وجدت بالخزينة من جملة الأموال محل الجرائم موضوع الدعوى، وتمسك الطاعن الثاني من أنه لم يتم استنزال المبالغ التي تم صرفها من قبيل الرعاية اللاحقة للوزراء والمحافظين واللواءات السابقين وكذا المبالغ المنصرفة لموظفي وزارة الداخلية مقابل أعمالهم المدنية . وذلك من جملة المبالغ محل الجرائم موضوع الدعوى وأن المبلغ المزعوم استيلائه عليه والبالغ قدره 21.120.212 جنيه يمثل قيمة الحوافز التي تقاضها مقابل عمله المدني بوزارة الداخلية عن مدة خدمته بها، مُضيفًا إلى أن بعض الاستمارات المشتملة على حافز احتياطي مواجهة أهداف أمنية تم صرفها أثناء تواجده خارج البلاد وبعد تركه الخدمة بـ .... مؤيدًا ذلك الدفاع بمستندات قدمها بالجلسة، كما تمسك الطاعن الثالث بدفاع فحواه عدم تجنيب واستنزال اللجنة المنتدبة المبالغ التي تمثل مقابل حافز احتياطي مواجهة الأهداف الأمنية من الاستمارات ومذكرات الصرف من جملة المبالغ التي تم صرفها بمؤيدات صرف أخرى، وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع المبدى من الطاعنين الثلاثة في خصوص هذه الدعوى لتعلقه بأركان الجرائم التي دين بها كل طاعن والعقوبات التي توقع عليهم حال ثبوتها مما من شأنه لو ثبت تغير وجه الرأي في الدعوى. ولما كان البين أن الحكم المطعون فيه التفت كليةً عن أوجه هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يُعْنَ بتمحيصه بلوغًا إلى الأمر فيه، فإنه يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب فضلًا عن الإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعًا لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدم من الطاعنين الثلاثة وأوجه الطعن المقدم من باقي الطاعنين .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق