الصفحات

الثلاثاء، 21 مايو 2024

الطعن 11422 لسنة 85 ق جلسة 4 / 1 / 2018 مكتب فني 69 ق 3 ص 11

جلسة 4 من يناير سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / د. عبد الرحمن هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد مصطفى، نبيل الكشكي، جمال عبد المنعم أشرف الفيومي نواب رئيس المحكمة .
--------------
(3)
الطعن رقم 11422 لسنة 85 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " .
امتداد ميعاد الطعن بالنقض وتقديم الأسباب إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة . أساس ذلك ؟
مثال .
(2) هتك عرض . جريمة " أركانها " . قصد جنائي .
مساس الجاني بجزء من جسم المجني عليه يعد من العورات . كفايته لتوافر جريمة هتك العرض . اقتران ذلك بفعل مادي من أفعال الفحش . غير لازم . علة ذلك ؟
القصد الجنائي في جريمة هتك العرض . تحققه : بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ونتيجته . لا عبرة بما يكون قد دفعه إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منها .
ارتكاب الفعل ضد إرادة المجني عليها وبغير رضائها . كفايته لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض .
مثال .
(3) هتك عرض . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
النعي بأن الواقعة مجرد جنحة خدش حياء أنثى بالطريق العام وليست جناية هتك عرض بالقوة . منازعة في صورة الواقعة وجدل موضوعي في استخلاصها . غير مقبول .
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة استخلصت الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
ترديد التحريات لما أبلغت به المجني عليها . لا ينال من صحتها . علة ذلك ؟
(6) استجواب . قبض . نقض " المصلحة في الطعن " .
النعي على الحكم ببطلان القبض والاستجواب لانتفاء حالة التلبس . غير مجد . ما دام لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منهما .
(7) دفوع " الدفع ببطلان أمر الإحالة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان أمر الإحالة لشموله على مواد غير منطبقة .
(8) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . هتك عرض . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
عدم اشتراط وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة لثبوت جريمة هتك العرض . للمحكمة أن تكون اعتقادها بالإدانة من ظروف الدعوى وقرائنها .
القرائن من طرق الإثبات في المواد الجنائية . للقاضي الاعتماد عليها وحدها . حد ذلك ؟
(9) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
مثال .
(10) قصد جنائي . هتك عرض . باعث .
القصد الجنائي في جريمة هتك العرض . تحققه : بثبوت نية الاعتداء على موضع عفة المجني عليها . لا عبرة بالباعث على ارتكابها سواء كان إرضاءً لشهوة أو حباً في الانتقام .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 27 من أكتوبر سنة 2014 وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري ، وكان هذا الميعاد ينقض بالنسبة للحكم المطعون فيه في 26 من ديسمبر سنة 2014 ، بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية ، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 27 من ديسمبر سنة 2014 ، وإذ أودعت مذكرة أسباب الطعن الماثل في ذلك اليوم فإنها تكون قد أودعت في الميعاد المقرر قانوناً ، ومن ثم يكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
2- لما كان الحكم قد أثبت على الطاعن مقارفته جريمة هتك العرض بالقوة بما أورده من اجترائه على الإمساك بإليتها أثناء سيرها بالطريق العام على الرغم منها مما يندرج تحت حكم المادة 268 من قانون العقوبات ، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقدم الجاني على المساس جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش ، لما في هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري ، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من أن الحكم دانه بجريمة هتك العرض بالقوة رغم عدم توافر ركنيها المادي والمعنوي ، ذلك بأن الأصل أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ونتيجته وهو ما استخلصه الحكم في منطق سائغ في حق الطاعن ، ولا عبرة بما يكون قد دفعه إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منها ، كما أنه يكفي لتوافر ركن القوة في هذه الجريمة أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليها وبغير رضائها وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن.
3- لما كان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة خدش حياء أنثى بالطريق العام معاقب عليها بالمادة 306 مكرراً من قانون العقوبات وليست جناية هتك عرض بالقوة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليها وأقوال شاهد الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو تصديقها لأقوال المجني عليها وأقوال شاهد الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
5- لما كان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغت به المجني عليها لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم .
6- لما كان لا جدوى من النعي على الحكم ببطلان استجواب الطاعن بمحضر الضبط وبطلان القبض عليه لانتفاء حالة التلبس ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاستجواب أو القبض المدعى ببطلانهما وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال المجني عليها وتحريات الشرطة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى لا محل له .
7- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على بطلان أمر الإحالة لشموله على مواد غير منطبقة ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان قرار الإحالة لابتنائه على مواد غير منطبقة ، وكانت المحكمة قد محصت الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وطبقت عليها القانون تطبيقاً صحيحاً ورأت وهى في هذا الصدد أن وصف التهمة ومواد العقاب الواردين بأمر الإحالة هو الوصف القانوني الصحيح وهو هتك عرض المجني عليها بالقوة المعاقب عليه بموجب نص المادة 268/1 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه لا وجه لما تمسك به الدفاع في هذا الخصوص " ، وهو منه رد سائغ يضحى معه النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
8- لما كان القانون لا يشترط لثبوت جريمة هتك العرض والحكم على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون عقيدتها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، إذ القرائن من طرق الإثبات في المواد الجنائية ، وللقاضي أن يعتمد عليها وحدها ما دام الرأي الذي يستخلص منها مستساغاً ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا محل له .
9- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما أبداه المدافع عن الطاعن قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم إجراء مواجهة بالمجني عليها دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
10- من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بثبوت نية الاعتداء على موضع عفة المجني عليها ، ولا عبرة بالباعث على ارتكابها سواء أكان إرضاء للشهوة أو حباً للانتقام أو غير ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـــع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض المجني عليها / .... رغماً عنها بأن قام بمغافلتها والإمساك بموضع من مواضع عفتها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 268 /1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 27 من أكتوبر سنة 2014 ، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بنى عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري ، وكان هذا الميعاد ينقض بالنسبة للحكم المطعون فيه في 26 من ديسمبر سنة 2014 ، بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية ، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 27 من ديسمبر سنة 2014 ، وإذ أودعت مذكرة أسباب الطعن الماثل في ذلك اليوم فإنها تكون قد أودعت في الميعاد المقرر قانوناً ، ومن ثم يكون الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة هتك العرض بالقوة قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه لم يعن ببيان ركن جريمة هتك العرض بالقوة سواء ما تعلق بالفعل المادي أم القصد الجنائي ، ولم يفطن إلى أن الواقعة - بفرض صحتها - لا تعدو أن تكون مجرد جنحة خدش حياء أنثى بالطريق العام معاقب عليها بالمادة 306 مكرراً من قانون العقوبات ، واعتنق صورة للحادث غير صورته الحقيقية ، وأورد على ثبوت الصورة التي اعتنقها أدلة مستقلة من أقوال المجني عليها وأقوال الشاهد التي لا تجدي في إثبات ارتكابه الجريمة لتعدد روايتهما وتناقضهما بما يبعث على الشك فيها ، كما استند إلى تحريات الشرطة رغم أنها ترديداً لأقوال المجني عليها ، وعلى استجوابه بمحضر الضبط رغم بطلانه لمخالفته لنص المادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية ، ورغم بطلان القبض على الطاعن لانتفاء حالة التلبس ، كما أن الطاعن دفع ببطلان أمر الإحالة لشموله على مواد غير منطبقة ، وخلو الأوراق من ثمة شاهد ، وقصور تحقيقات النيابة العامة إلا أن الحكم رد على هذه الدفوع برد قاصر ، وأخيراً عدم توافر الباعث على الجريمة ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة هتك العرض بالقوة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أثبت على الطاعن مقارفته جريمة هتك العرض بالقوة بما أورده من اجترائه على الإمساك باليتها أثناء سيرها بالطريق العام على الرغم منها مما يندرج تحت حكم المادة 268 من قانون العقوبات ، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه يكفي لتوافر جريمة هتك العرض أن يقدم الجاني على المساس جزء من جسم المجني عليه يعد من العورات التي يحرص على صونها وحجبها عن الأنظار ولو لم يقترن ذلك بفعل مادي آخر من أفعال الفحش ، لما في هذا الفعل من خدش لعاطفة الحياء العرضي للمجني عليه من ناحية المساس بتلك العورات التي لا يجوز العبث بحرمتها والتي هي جزء داخل في خلقة كل إنسان وكيانه الفطري ، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من أن الحكم دانه بجريمة هتك العرض بالقوة رغم عدم توافر ركنيها المادي والمعنوي ، ذلك بأن الأصل أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ونتيجته وهو ما استخلصه الحكم في منطق سائغ في حق الطاعن ، ولا عبرة بما يكون قد دفعه إلى فعلته أو بالغرض الذي توخاه منها ، كما أنه يكفي لتوافر ركن القوة في هذه الجريمة أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليها وبغير رضائها وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن . لما كان ذلك ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جنحة خدش حياء أنثى بالطريق العام معاقب عليها بالمادة 306 مكرراً من قانون العقوبات وليست جناية هتك عرض بالقوة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليها وأقوال شاهد الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدا بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو تصديقها لأقوال المجني عليها وأقوال شاهد الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغت به المجني عليها لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى من النعي على الحكم ببطلان استجواب الطاعن بمحضر الضبط وبطلان القبض عليه لانتفاء حالة التلبس ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاستجواب أو القبض المدعى ببطلانهما وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال المجني عليها وتحريات الشرطة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يضحى ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على بطلان أمر الإحالة لشموله على مواد غير منطبقة ورد عليه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع ببطلان قرار الإحالة لابتنائه على مواد غير منطبقة ، وكانت المحكمة قد محصت الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وطبقت عليها القانون تطبيقاً صحيحاً ورأت وهى في هذا الصدد أن وصف التهمة ومواد العقاب الواردين بأمر الإحالة هو الوصف القانوني الصحيح وهو هتك عرض المجني عليها بالقوة المعاقب عليه بموجب نص المادة 268/1 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإنه لا وجه لما تمسك به الدفاع في هذا الخصوص " ، وهو منه رد سائغ يضحى معه النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان القانون لا يشترط لثبوت جريمة هتك العرض والحكم على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون عقيدتها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها ، إذ القرائن من طرق الإثبات في المواد الجنائية ، وللقاضي أن يعتمد عليها وحدها ما دام الرأي الذي يستخلص منها مستساغاً ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن من بين ما أبداه المدافع عن الطاعن قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم إجراء مواجهة بالمجني عليها دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، فإن ما أثاره الدفاع فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بثبوت نية الاعتداء على موضع عفة المجني عليها ، ولا عبرة بالباعث على ارتكابها سواء أكان إرضاء للشهوة أو حباً للانتقام أو غير ذلك ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق