الصفحات

الأربعاء، 10 أبريل 2024

الطعن 533 لسنة 46 ق جلسة 16/ 1/ 1979 مكتب فني 30 ج 1 ق 53 ص 224

جلسة 16 من يناير سنة 1979

برياسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: زكي الصاوي صالح، أحمد جلال الدين هلال، حسن النسر، يحيى الغموري.

-----------------

(53)
الطعن رقم 533 لسنة 46 القضائية

(1) قضاة. "صلاحية القاضي".
إصدار القاضي حكماً بندب خبير خلواً من رأيه في موضوع النزاع. لا يفقده صلاحيته نظر الاستئناف المرفوع عن الحكم القطعي الصادر في ذات الدعوى بهيئة أخرى.
(2) ملكية. "الملكية الأدبية والفنية". مؤلف.
التعديل أو التحوير في المصنف الفني. للمؤلف وحده أو بإذن كتابي منه. تحويل المصنف من لون إلى آخر بإذن المؤلف أو خلفه. جواز إجراء المتعاقد الآخر تحويراً فيه حسبما تقتضيه أصول الفن في اللون الذي حول إليه.

-----------------
1 - إن ما تنص عليه المادة 146 من قانون المرافعات من عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى ووجوب امتناعه من سماعها إن كان قد سبق له نظرها يقتضي ألا يقوم القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً. ولما كان الثابت من الاطلاع على حكم ندب الخبير الذي أصدره المستشار.... بتاريخ 3/ 10/ 1960 في الدعوى الابتدائية إبان عمله بمحكمة القاهرة الابتدائية، أن الحكم خلا مما يشف عن رأي المحكمة في موضوع النزاع، فإنه لا يفقد القاضي الذي أصدره صلاحية نظر الاستئناف المرفوع عن الحكم القطعي الصادر من المحكمة الابتدائية بهيئة أخرى في تلك الدعوى.
2 - إنه وإن كانت المادة السابعة من القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف تعطي للمؤلف وحده الحق في إدخال ما يرى من تعديل أو تحوير على مصنفه ولا تجيز لغيره أن يباشر شيئاً من ذلك إلا بإذن كتابي منه أو ممن يخلفه، إلا أن سلطة المؤلف في ذلك وخلفه من بعده مقيدة في حالة تحويل المصنف من لون إلى آخر بحسب ما يقتضيه هذا التحويل، فإذا أذن المؤلف أو خلفه بتحويل المصنف من لون إلى آخر - من عمل مسرحي إلى عمل إذاعي فليس لأيهما أن يعترض على ما يقتضيه التحويل من تحوير وتغيير في المصنف الأصلي مما تستوجبه أصول الفن في اللون الذي حوّل إليه المصنف ويفترض رضاءهما مقدماً بهذا التحوير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه.... الشهير بـ.... عن نفسه وبصفته حارساً قضائياً على التركة الموسيقية للمرحوم والده.... أقام الدعوى رقم 2345 لسنة 1959 مدني القاهرة الابتدائية والتي قيدت فيما بعد برقم 6925 سنة 1971 مدني شمال القاهرة ضد الطاعن بصفته الممثل القانوني للإذاعة والتلفزيون وطلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 6500 جنيه وفسخ العقد المبرم بينهما في 28/ 3/ 1956 بالنسبة إلى مسرحية الباروكة، وقال شرحاً للدعوى إنه اتفق مع الطاعن بموجب ذلك العقد على أن تقوم الإذاعة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ التعاقد بإذاعة ثلاثة مسرحيات غنائية من تلحين المرحوم.... هي: العشرة الطيبة وشهرزاد والباروكة مقابل 550 جنيه عن كل مسرحية، ونفاذاً لما ألزم به قدم الطاعن كافة النصوص والنوت الموسيقية الخاصة بتلك المسرحيات مدونة تدويناً صالحاً، وإذ عبثت الإذاعة بمسرحيتي العشرة الطيبة وشهرزاد فأحدثت بهما تغييرات بالحذف والإضافة مما أساء إلى سمعة ملحنهما الفنية، ولم تقم بإخراج مسرحية الباروكة رغم انقضاء الأجل المحددة لذلك فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وفي 30/ 10/ 1960 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ 23/ 11/ 1974 فحكمت بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 5000 جنيه استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 17 سنة 92 ق مدني القاهرة، وبتاريخ 28/ 3/ 1976 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليه مبلغ 2000 جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول، إن المستشار.... رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه سبق له نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة وأصدر فيها بتاريخ 30/ 10/ 1960 حكماً بندب خبير فأضحى بذلك غير صالح لنظر الدعوى في الاستئناف ممنوعاً من سماعها وهو ما يعيب الحكم بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن ما تنص عليه المادة 146 من قانون المرافعات من عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى ووجوب امتناعه من سماعها إن كان قد سبق نظرها يقتضي ألا يقوم القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً. ولما كان الثابت من الاطلاع على حكم ندب الخبير الذي أصدره المستشار بتاريخ 30/ 10/ 1960 في الدعوى الابتدائية إبان عمله بمحكمة القاهرة الابتدائية أن الحكم خلا مما يشف عن رأي المحكمة في موضوع النزاع، فإنه لا يفقد القاضي الذي أصدره صلاحية نظر الاستئناف المرفوع عن الحكم القطعي الصادر من المحكمة الابتدائية بهيئة أخرى في تلك الدعوى، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول، إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن مسرحيتي شهرزاد والعشرة الطيبة كانتا بألفاظهما وألحانهما معدتين أساساً كعمل مسرحي يؤدي على خشبة المسرح إبان حياة ملحنهما وذلك منذ زمن بعيد وقبل ظهور مكبرات الصوت والأجهزة الإذاعية الحساسة في نقل الأًصوات وأن مقتضيات عرضهما على هذا النحو تختلف بطبيعة الحال عن مقتضيات عرضهما إذاعياً لما بين طريقتي العرض من تباين كبير وأن هذا التفاوت اقتضى من الطاعن إجراء تحوير يسير في بعض ألفاظ المسرحيتين وفي طبقات الصوت والموسيقى والوقفات ولا حرج عليه في إثبات هذا التحوير الذي يفترض رضاء المطعون عليه به مقدماً، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بمقولة أن ما أجراه الطاعن من تحوير يعتبر خطأ يوجب مساءلته واستند في ذلك إلى ما قرره من أن التراث يتعين تقديمه بحالته وأن تقديم العمل الفني بصورة معينة مرجعه إلى مؤلفه وحده دون غيره، وهذا من الحكم خطأ في القانون، ولو كان قد عنى ببحث دفاعه لانتهى إلى نتيجة غير تلك التي انتهى إليها، وهو ما يعيبه فضلاً عن ذلك بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه وإن كانت المادة السابعة من القانون رقم 354 لسنة 1954 بشأن حماية حق المؤلف تعطي للمؤلف وحده الحق في إدخال ما يرى من تعديل أو تحوير على مصنفه ولا تجيز لغيره أن يباشر شيئاً من ذلك إلا بإذن كتابي منه أو ممن يخلفه، إلا أن سلطة المؤلف في ذلك وخلفه من بعده مقيدة في حالة تحويل المصنف من لون إلى آخر بحسب ما يقتضيه هذا التحويل، فإذا أذن المؤلف أو خلفه بتحويل المصنف من لون إلى آخر، فليس لأيهما أن يعترض على ما يقتضيه التحويل من تحوير وتغيير في المصنف الأصلي مما تستوجبه أصول الفن في اللون الذي حول إليه المصنف ويفترض رضاءهما مقدماً بهذا التحوير، لما كان ذلك وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاعه الوارد بسبب النعي وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد أطرح هذا الدفاع لما قروه من أن الطاعن ليس له حق تعديل المصنف أو تحويره وأن التراث الفني يجب تقديمه دون عبث وأن تقديم العمل بصورة معينة مرجعه إلى مؤلفه وحده دون غيره وكان هذا الذي قرره الحكم غير صحيح وقد حجب نفسه بهذا النظر الخاطئ عن بحث دفاع الطاعن واستظهار أن ما أجراه من تحوير كان من مقتضيات عملية تحويل المصنف، فإن الحكم يكون فضلاً عن مخالفته القانون معيباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق