الصفحات

الأحد، 28 أبريل 2024

الطعن 2000 لسنة 35 ق جلسة 22 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 69 ص 348

جلسة 22 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، وبطرس زغلول.

---------------

(69)
الطعن رقم 2000 لسنة 35 القضائية

دعوى مدنية. دعوى جنائية. إحالة. نقض. "حالات الطعن بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما يوفره".
الإحالة في مفهوم حكم المادة 309 إجراءات؟
قضاء محكمة أول درجة بالبراءة في الدعوى الجنائية (القتل الخطأ) بحكم نهائي لعدم استئناف النيابة العامة له، وبعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية. تأسيسها قضاءها بالبراءة على عدم ثبوت الخطأ في حق المطعون ضده (المتهم). انطواء هذا القضاء ضمناً على الفصل في الدعوى المدنية بما يؤدى إلى رفضها. استئناف المدعية بالحق المدني لهذا الحكم. إحالة الدعوى المدنية إلى محكمة أول درجة. لا طائل منه. لحتمية القضاء برفضها. على محكمة ثاني درجة التصدي لها والفصل في موضوعها. تخليها عن نظرها بإحالتها إلى المحكمة المدنية. خطأ في القانون وإخلال بحق الدفاع.

------------------
يجرى نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية قبل المتهم، وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية، فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف". ولما كان الثابت أن الدعوى الجنائية قد فصل فيها من محكمة أول درجة بالبراءة بحكم نهائي لعدم استئناف النيابة العامة له، فإن الحكم المطعون فيه بإحالته الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة لا يكون له سند من نص المادة سالفة الذكر، ويكون قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون، وكان يتعين طبقاً للقواعد العامة وقد قضت محكمة ثاني درجة بإلغاء الحكم الصادر من محكمة أول درجة بعدم اختصاصها أن تقضى في الوقت ذاته بإعادة القضية إليها لتقول كلمتها في الدعوى المدنية ولا تملك محكمة أول درجة حينئذ أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المدنية لانتفاء علة ذلك لسبق الفصل في الدعوى الجنائية بحكم نهائي من قبل مما يستحيل معه أن يترتب على الفصل في التعويضات إرجاء الفصل فيها على ما يجرى به حكم المادة 309. غير أنه لما كان قضاء محكمة أول درجة بالبراءة لعدم ثبوت الخطأ في حق المطعون ضده إنما ينطوي ضمناً على الفصل في الدعوى المدنية بما يؤدي إلى رفضها لأن القضاء بالبراءة وقد أقيم على عدم ثبوت وقوع خطأ من المتهم - المطعون ضده - إنما يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية، ويكون حكم محكمة أول درجة إذ قضى في منطوقه بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية قد أقام قضاءه على أسباب لها حجيتها في الدعوى الجنائية إذ هي وثيقة الصلة بمنطوق الحكم الجنائي والفصل فيها ضروري لقيام هذا الحكم وهى عدم ثبوت ركن الخطأ في حق المتهم وهي أسباب تؤدي إلى رفض الدعوى المدنية. ولما كان استئناف هذا الحكم قد نقل إلى محكمة ثاني درجة موضوع الدعوى المدنية التي لم يعد هناك طائل من وراء إعادتها إلى محكمة أول درجة لحتمية القضاء برفضها إذا ما أعيدت إليها. ولذلك فإنه كان يتعين على محكمة ثاني درجة أن تتصدى لها وتفصل في موضوعها أما وهى لم تفعل وتخلت عن نظرها بإحالتها إلى المحكمة المدنية فإن النعي على حكمها بالخطأ في القانون والإخلال بحق الدفاع يكون سديداً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 28/ 10/ 1963 بدائرة مركز فاقوس: تسبب بغير قصد ولا تعمد في وفاة لويس متى سليمان وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأنه قاد السيارة بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجني عليه وأدى ذلك إلى وفاته. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات. وادعت مدنياً زوجة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر - وطلبت القضاء لها قبل المتهم وقبل صاحب السيارة بصفته المسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ 10000 ج على سبيل التعويض والمصاريف والأتعاب. ومحكمة فاقوس الجزئية قضت حضورياً في 30 مارس سنة 1964 (أولاً) ببراءة المتهم مما أسند إليه (وثانياً) بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية وإلزام المدعية بالحق المدني بصفتها بمصروفات الدعوى المدنية وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. فاستأنفت المدعية بالحق المدني هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 8/ 12/ 1964 (أولاً) بقبول الاستئناف من المدعية بالحق المدني شكلاً (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ومن إلزام المدعية بالحق المدني بمصروفات الدعوى المدنية (ثالثاً) بإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة فاقوس الجزئية الدائرة المدنية للفصل فيها. فطعنت المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى ما تنعاه الطاعنة - المدعية بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ قضى بإحالة الدعوى المدنية - التي رفعتها على المطعون ضدهما تبعاً للدعوى الجنائية المرفوعة على المتهم عن جريمة قتل خطأ - إلى المحكمة المختصة قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحقها في الدفاع، ذلك بأنه كان يتعين على محكمة أول درجة وقد قضت ببراءة المطعون ضده الأول لعدم ثبوت الخطأ في حقه أن تفصل في حكمها في موضوع الدعوى المدنية، ولكنها قضت بعدم اختصاصها فألغت المحكمة الاستئنافية هذا الحكم وأحالت الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة - فأخطأت بدورها في قضائها بالإحالة إذ كان يتعين عليها أن تقضي في موضوع الدعوى المدنية لأن قضاء محكمة أول درجة في الدعوى الجنائية يعتبر فصلاً في الدعوى المدنية بما يؤدى إلى رفضها، وكان يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تعتبره كذلك وتقضي في الموضوع لأن ذلك يجيز لها وللطاعنة مناقشة حجية الحكم الجنائي الذي يمتنع عليها وعلى محكمة الإحالة عند إحالة الدعوى إلى المحكمة المدنية.
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق أن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده الأول بأنه في يوم 28/ 10/ 1963 بدائرة مركز فاقوس: تسبب بغير قصد ولا تعمد في وفاة لويس حنا سليمان وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد السيارة بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجني عليه وأدى ذلك إلى وفاته. وطلبت معاقبته طبقاً لنص المادة 238/ 1 من قانون العقوبات فادعت الطاعنة بصفتها بحق مدني مقداره عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض. وقضت محكمة أول درجة حضورياً (أولاً) ببراءة المتهم - المطعون ضده الأول - مما أسند إليه. (ثانياً) بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية وإلزام المدعية بالحقوق المدنية بصفتها بمصروفات الدعوى المدنية فاستأنفت الطاعنة وحدها هذا الحكم وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً (أولاً) بقبول الاستئناف شكلاً. (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة ومن إلزام المدعية بالحقوق المدنية بمصروفات الدعوى المدنية. (ثالثاً) بإحالة الدعوى المدنية إلى محكمة فاقوس الجزئية - الدائرة المدنية - للفصل فيها بلا مصاريف مدنية. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي قد أقام قضاءه في الدعوى الجنائية ببراءة المطعون ضده على سند من أن الواقعة قد تكشفت عن أن خطأ منه لم يقع، ثم أقام قضاءه بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية على قوله.... "ولما كانت المادة 309 أ. ج تنص على أن كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المتهم أو المدعي بالحقوق المدنية وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية. ولما كان ذلك كذلك، وكان تحقيق الضرر المدعى به وتقدير التعويض المستحق عنه هما أمران منوطان بالقضاء المدني، ومن ثم فإن المحكمة تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية لأن في تحقيق الضرر المدعى به وتقدير التعويض المستحق عنه يستلزم إجراء تحقيق خاص ترى المحكمة أنه سيترتب عليه تأخير الفصل في الدعوى الجنائية" أما الحكم المطعون فيه فإنه بعد أن أحال في بيان واقعة الدعوى على ما أورده عنها الحكم الابتدائي وعرض لدفاع المستأنفة - الطاعنة - الذي عيبت به الحكم بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية وأورد نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية، خلص إلى أنه يؤيد النظر الذي ذهب إليه الحكم المستأنف من أن الفصل في الدعوى المدنية يستلزم إجراء تحقيق خاص ورأى أن مقتضى ذلك - عملاً بنص المادة سالفة الذكر - هو إحالتها إلى المحكمة المدنية المختصة لا الحكم فيها بعدم الاختصاص. لما كان ذلك، وكان صحيح نص المادة 309 من قانون الإجراءات الجنائية يجري على أن "كل حكم يصدر في موضوع الدعوى الجنائية يجب أن يفصل في التعويضات التي يطلبها المدعي بالحقوق المدنية قبل المتهم. وذلك ما لم تر المحكمة أن الفصل في هذه التعويضات يستلزم إجراء تحقيق خاص ينبني عليه إرجاء الفصل في الدعوى الجنائية فعندئذ تحيل المحكمة الدعوى إلى المحكمة المدنية بلا مصاريف" و كان الثابت مما سلف إيراده عما جرى في الدعوى أن الدعوى الجنائية قد فصل فيها من محكمة أول درجة بحكم نهائي لعدم استئناف النيابة العامة لهذا الحكم، فإن الحكم المطعون فيه بإحالته الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة لا يكون له سند من نص المادة سالفة الذكر ويكون قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون، وكان يتعين طبقاً للقواعد العامة وقد قضت محكمة ثاني درجة بإلغاء الحكم الصادر من محكمة أول درجة بعدم اختصاصها أن تقضي في الوقت ذاته بإعادة القضية إليها لتقول كلمتها في الدعوى المدنية ولا تملك محكمة أول درجة حينئذ أن تحيل الدعوى إلى المحكمة المدنية لانتفاء علة ذلك لسبق الفصل في الدعوى الجنائية بحكم نهائي من قبل مما يستحيل معه أن يترتب على الفصل في التعويضات إرجاء الفصل فيها على ما يجرى به حكم المادة 309. غير أنه لما كان قضاء محكمة أول درجة بالبراءة لعدم ثبوت الخطأ في حق المطعون ضده إنما ينطوي ضمناً على الفصل في الدعوى المدنية بما يؤدى إلى رفضها لأن القضاء بالبراءة في صورة هذه الدعوى وقد أقيم على عدم ثبوت وقوع خطأ من المتهم - المطعون ضده الأول - إنما يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ويكون حكم محكمة أول درجة إذ قضى في منطوقه بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية قد أقام قضاءه على أسباب لها حجيتها في الدعوى الجنائية إذ هي وثيقة الصلة بمنطوق الحكم الجنائي والفصل فيها ضروري لقيام هذا الحكم وهى عدم ثبوت ركن الخطأ في حق المتهم وهى أسباب تؤدى إلى رفض الدعوى المدنية. لما كان ذلك، و كان استئناف هذا الحكم قد نقل إلى محكمة ثاني درجة موضوع الدعوى المدنية التي لم يعد هناك طائل من وراء إعادتها إلى محكمة أول درجة لحتمية القضاء برفضها إذا ما أعيدت إليها، ولذلك فإنه كان يتعين على محكمة ثاني درجة أن تتصدى لها وتفصل في موضوعها أما وهى لم تفعل وتخلت عن نظرها بإحالتها إلى المحكمة المدنية فإن النعي على حكمها في خصوص تلك الدعوى يكون سديداً، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والإحالة مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق