الصفحات

السبت، 27 يناير 2024

الطعن 3 لسنة 43 ق جلسة 10/ 3 /1976 مكتب فني 27 ج 1 أحوال شخصية ق 119 ص 602

جلسة 10 من مارس سنة 1976

برئاسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود وعضوية السادة المستشارين: محمد محمد المهدي وسعد الشاذلي؛ وحسن مهران حسن؛ والدكتور عبد الرحمن عياد.

---------------

(119)
الطعن رقم 3 لسنة 43 ق "أحوال شخصية"

(1)، (2) أحوال شخصية "زواج." إثبات "طرق الإثبات". دعوى "سماع الدعوى". تزوير.
(1) الزواج الحاصل قبل 1897. جواز سماع الدعوى المقامة به من أحد الزوجين بشهادة الشهود وبشرط أن تكون الزوجية معروفة بالشهادة العامة. إقامة الدعوى من غيرهما بعد وفاتهما أو وفاة أحدهما. عدم جواز سماعها ما لم تكن مؤيدة بأوراق خالية من شبهة التزوير. للقاضي سلطة تقدير هذه الأوراق.
(2) النص في اللائحة الشرعية الصادرة في سنة 1880 على ضرورة توثيق عقود الزواج. لم يضع قيوداً على سماع دعوى الزوجية أو إثباتها.
(3) إثبات "القرائن القانونية". أحوال شخصية. حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية. لا تكون إلا للأحكام التي تنشئ الحالة المدنية. الأحكام المقررة لها. حجيتها نسبية.
(4)، (5) إثبات "الشهادة". أحوال شخصية.
(4) الشهادة عند الحنفية. شرطها مرافقتها للدعوى. لا محل لهذا الشرط فيما زاد عن موضوع الدعوى.
(5) عدول الشاهد في أقواله أو تصحيح شهادته جائز ما دام لم يبرح مجلس القضاء.
(6) نقض "ما لا يصلح سبباً للطعن". إرث.
نعي بلا سند. غير مقبول 5 مثال في دعوى إرث.

----------------
1 - مفاد نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 99 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية - والمقابلتين لذات الفقرتين من المادة 101 من اللائحة الشرعية الصادر بها الأمر العالي الرقيم 27/ 5/ 1897 واللائحة الشرعية الصادرة بالقانونين رقمي 25 لسنة 1909، 31 لسنة 1910 - أن المشرع بالنظر لما أثبته الحوادث من أن الزواج كثيراً ما يدعى زوراً طمعاً في المال أو رغبة في النكاية والتشهير، يشترط وجود مسوغ لسماع دعاوى الزوجية عند الإنكار، ولئن لم تكن ثمة لائحة تقيد سماع الدعوى بالنسبة لوقائع الزواج السابقة على سنة 1897 بحيث تبقى قواعد الإثبات فيها على أصلها في الفقه الحنفي، مما مؤداه ثبوت الزواج عند المنازعة بشهادة الشهود وبالنصاب العادي، إلا أنه إذا أقيمت الدعوى من أحد الزوجين فيكتفي فيها بشهادة الشهود بشرط أن تكون الزوجية معروفة بالشهرة العامة، أما إذا أقيمت من غيرهما بعد وفاتهما أو وفاة أحدهما، فلا تسمع إلا إذا كانت مؤيدة بأوراق خالية من شبهة التزوير، ولم يورد القانون تحديداً لماهية هذه الأوراق فيترك أمر تقديرها للقاضي.
2 - اللائحة الشرعية الصادرة في 17/ 6/ 1880 - بفرض أنه كان معمولاً بها عند عقد الزواج محل النزاع - تضمنت نصوصاً تشير إلى ضرورة توثيق عقود الزواج إلا أن نطاقها مقصور على كيفية التوثيق وما ينبغي على المأذونين مراعاته عند مباشرتها دون أن تضع قيوداً على سماع دعوى الزوجية تاركة أمر إثباتها لأحكام المذهب الحنفي.
3 - لئن كان الإعلام الشرعي تدفع حجيته وفقاً لنص المادة 361 من لائحة ترتبت المحاكم الشرعية بحكم يصدر من المحكمة المختصة، إلا أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - لا تكون إلا للأحكام التي تنشئ الحالة المدنية لا تلك التي تقررها فتكون حجيتها نسبية قاصرة على أطرافها لا تتعداهم إلى الغير. وإذ كان الطاعنان لا يجادلان في أن المطعون عليه لم يكن طرفاً في الدعوى - السابقة - وكان ما انتهى إليه الحكم الصادر في تلك الدعوى من أن مورثة المطعون عليه ماتت عقيماً لا ينشئ مركزاً قانونياً وإنما يقر أمراً واقعاً فإنه لا يقبل التحدي بذلك القضاء قبل المطعون عليه.
4 - من المتفق عليه عند فقهاء الحنفية أنه يشترط في الشهادة أن تكون موافقة للدعوى - فيما تشترط فيه الدعوى - فإن خالفتها لا تقبل إلا إذا أمكن التوفيق بين الدعوى وبين الشهادة عند إمكان التوفيق، ولا يجد هذا الشرط - وعند الحنفية كذلك - محلاً يرد عليه إذا كان تعذر التوفيق في شيء زائد عن موضوع الدعوى.
5 - من المقرر أنه يجوز للشاهد أن يرجع في أقواله ويصحح شهادته ما دام في مجلس القضاء ولم يبرحه، أخذاً بأن الرجوع عن الشهادة فسخ لها فيختص بما تختص به الشهادة في المجلس.
6 - متى كان الطاعنان لم يقدما صورة رسمية من محضر التحقيق ليتسنى لمحكمة النقض ما يزعمانه من أن أحد الشاهدين لم يجزم باسم إحدى المورثات إلا بعد أن لقنته المطعون عليه إياه، فيكون الطعن في هذا الخصوص بلا سند.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام على الطاعنين وآخرين الدعوى رقم 144 سنة 1968 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة أسيوط الابتدائية بطلب الحكم (أولاً) بإثبات وفاة.... سنة 1885 وانحصار إرثه في أبنائه... واستحقاق كل منهم ثلث تركته تعصيباً. (ثانياً) وبإثبات وفاة.... في سنة 1894، وانحصار إرثه في زوجته.... وأولاده.... و.... و.... و.... و..... واستحقاق الأولى ثمن تركته فرضاً ولأبنائه الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين تعصيباً (ثالثاً) وبإثبات وفاة.... في سنة 1901 وانحصار إرثها في أبنائها.... و.... و..... و.... و... أولاد المرحوم..... للذكر مثل حظ الأنثيين تعصيباً (رابعاً) بإثبات وفاة المرحومة.... في سنة 1919 وانحصار إرثها في أولادها.... و.... و..... و.... أبناء المرحوم..... واستحقاقهم لتركتها للذكر مثل حظ الأنثيين تعصيباً (خامساً) بإثبات وفاة.... في سنة 1962 وانحصار إرثه في زوجته..... وأولاده..... (المطعون عليه) و..... و.... واستحقاق الزوجة الثمن فرضاً واستحقاق أبنائه الباقي للذكر مثلى حظ الأنثيين تعصيباً (سادساً) بإثبات وفاة.... في سنة 1968 وانحصار إرثها في أبنائها.... (المطعون عليه) و.... و.... و.... واستحقاقهم لتركتها للذكر مثل حظ الأنثيين تعصيباً. وقال المطعون عليه شرحاً لدعواه إنه ثبتت وراثته من أبيه... وأمه.... كما ثبتت وراثة أبيه لأمه.... (جدة المطعون عليه لأبيه)، ووراثة هذه الأخيرة من أمها.... وأبيها...، الذي آل إليه ميراثه عن أبيه....، وإذ يجوز الطاعنان وباقي المدعى عليهم نصيبه الميراثي في هذه التركات ويستأثرون به دونه، ويمتنعون عن تسليمه إليه فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. دفع الطاعنان بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 133 لسنة 1966 أحوال شخصية نفس أسيوط الابتدائية، وبتاريخ 2/ 11/ 1969 حكمت المحكمة برفض الدفع وبإحالة الدعاوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه مدعاة، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 27/ 2/ 1972 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 7 سنة 47 ق أسيوط طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وبتاريخ 5/ 2/ 1973 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بالطلبات الأصلية. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن النعي أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنان بالأسباب الأربعة الأولى منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم بنى قضاءه على سند من القول بأن الدعوى الماثلة دعوى ميراث مبنية على نسب من زواج.... من.... جد المطعون عليه لأبيه في تاريخ سابق على سنة 1892 قبل العمل بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية الأولى الصادرة في سنة 1897، وتأيد قيام هذا الزواج بأوراق خالية من شبهة التزوير هي تصرفها لأولادها ومن بينهم والد المطعون عليه، وأنه لا يجدي إنكار الطاعنين قيام هذا الزواج أو أنها ماتت عقيماً بدليل عدم الاستدلال على وثيقته، لجواز ألا يكون قد وثق أصلاً أو يكون أبرمه أحد المأذونين في جهة أخرى في حين أن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في سنة 1897 سبقتها لائحة صدرت في سنة 1880 تضمنت نصوصاً أوجبت توثيق عقود الزواج، وهو ما يجرى على وثيقة زواج جد المطعون عليه لأبيه هذا إلى أنه لا يجوز القول بانعقاد الزواج في جهة أخرى لأن الأحكام لا تبنى على الظن والاستنتاج بالإضافة إلى أنه لا يسوغ الاستناد إلى التصرفات التي أجرتها المورثة لأنها بطبيعتها تقتصر على إثبات ما تضمنته من بيع أو رهن ولا قيمة لها في إثبات زوجية مدعاة، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في الفقرتين الأولى والثانية من المادة 99 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية - والمقابلتين لذات الفقرتين من المادة 101 من اللائحة الشرعية الصادر بها الأمر العالي الرقيم 27/ 5/ 1897 واللائحة الشرعية الصادرة بالقانونين رقمي 25 لسنة 1909، 31 لسنة 1910 - على أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الطلاق أو الإقرار بهما بعد وفاة أحد الزوجين في الحوادث السابقة على سنة 1911 أفرنكيه سواء أكانت مقامة من أحد الزوجين أو من غيره إلا إذا كانت مؤيدة بأوراق خالية من شبهة التزوير تدل على صحتها. ومع ذلك يجوز سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها المقامة من أحد الزوجين في الحوادث السابقة على سنة 1897 فقط بشهادة الشهود وبشرط أن تكون الزوجية معروفة بالشهرة العامة.. يدل على أن المشرع بالنظر لما أثبتته الحوادث من أن الزواج كثيراً ما يدعى زوراً طمعاً في المال أو رغبة في النكاية والتشهير يشترط وجود مسوغ لسماع دعاوى الزوجية عند الإنكار، ولئن لم تكن ثمة لائحة تقيد سماع الدعوى بالنسبة لوقائع الزواج السابقة على سنة 1897 بحيث تبقى قواعد الإثبات فيها على أصلها في الفقه الحنفي مما مؤداه ثبوت الزواج عند المنازعة بشهادة الشهود وبالنصاب العادي، إلا أنه إذا أقيمت الدعوى من أحد الزوجين فيكتفي فيها بشاهدة الشهود بشرط أن تكون الزوجية معروفة بالشهرة العامة، أما إذا أقيمت من غيرهما بعد وفاتهما أو وفاة أحدهما فلا تسمع إذا كانت مؤيدة بأوراق خالية من شبهة التزوير، ولم يورد القانون تحديداً لماهية هذه الأوراق فيترك أمر تقديرها للقاضي. ولما كان الحكم المطعون فيه قد جاء بمدوناته "أن النزاع يتركز في وراثة المرحومة.... جدة المستأنف لأبيه فهو يقول إنها توفيت عن أبنائها..... و..... و..... و..... و.... (أي والد المستأنف) و.... و.... المرزوقين لها من زواجها بجده لأبيه المرحوم..... المتوفى قبلها فانحصر إرثها فيهم تعصيباً في حين أن المستأنف عليهما الأخيرين يقولان إنها توفيت عقيمة فانحصر إرثها في عمها....، وقد توفيت المرحومة.... في نوفمبر سنة 1919 طبقاً للثابت من شهادة وفاتها التي لا مطعن عليها وتزوجت بالمرحوم..... قبل سنة 1892 بمدة طويلة طبقاً للثابت من مستندات المستأنف المؤيدة لذلك والدالة على صحة الأوراق المشار إليها التي تلاحظ هذه المحكمة خلوها من شبهة التزوير ورزقت من الزواج المذكور بأولادهما المشار إليهم إذ يستفاد هذان الأمران من تضمن عقد الرهن الحيازي العرفي المؤرخ في سنة 1892 الذي يحمل بصمة ختمها أنها ارتهنت أطياناً من أمها المرحومة.... وتنازلت عنها إلى ابنها... بن.... بن... ومن تضمن عقد البيع العرفي المؤرخ 22/ 11/ 1915 أي في ذات التاريخ الذي يحمل بصمة ختمها كذلك وبصمات هؤلاء الشهود و..... أنها باعت أطياناً لابنتها.... وبهذا توافر شرطا سماع الدعوى الحالية رغم إنكار المستأنف عليهما الآخرين لها... فهي دعوى ميراث مبنية على نسب من زواج والزوجان متوفيان وقد عقد زواجهما قبل سنة 1911 ومؤيدة بأوراق خالية من شبهة التزوير تدل على صحتها، ولم تشترط هذه المادة في تلك الأوراق أن تكون واردة على الزوجية قصداً بالذات...." فإن هذا الذي أورده الحكم لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، ذلك لأن عقود البيع والرهن وإن لم توضع أصلاً لإثبات النسب إلا أنها تحمل الدلالة الكافية على أنها رزقت بأولادهما المذكورين فيها من زوجها..... وهو ما ينبئ عن قيام عقد زواجهما باعتبارها أوراقاً خالية من شبهة التزوير، والجدل في ذلك موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لا يغير من ذلك أن اللائحة الشرعية الصادرة في 7/ 6/ 1880 بفرض أنه كان معمولاً بها عند عقد الزواج المشار إليه تضمنت نصوصاً تشير إلى ضرورة توثيق عقود الزواج لأن نطاقها مقصور على كيفية التوثيق وما ينبغي على المأذونين مراعاته عند مباشرتها دون أن تضع قيوداً على سماع دعوى الزوجية تاركة أمر إثباتها لأحكام المذهب الحنفي على ما سلف. لما كان ذلك وكان الحكم قد انتهى صائباً إلى أن الزواج الحاصل قبل سنة 1897 تسمح الدعوى به عند الإنكار ما دام مؤيداً بأوراق خالية من شبهة التزوير، فإنه لا يعيبه ما ساقه تزيداً من أن لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة في سنة 1897 هي الأولى، أو أنه من الجائز توثيق عقود الزواج في جهة أخرى، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بأن الإعلامات الشرعية المقدمة من المطعون عليه أصبحت ولا حجية لها طبقاً للمادة 360 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بعد إذ أهدرها الحكم الصادر في الدعوى رقم 133 لسنة 1966 أسيوط الابتدائية والذي حسم الأمر في وراثة.... وأنها ماتت دون عقب. هذا إلى أن الثابت من ملف مادة الوراثة رقم 108 لسنة 1966 بندر أسيوط حضور المطعون عليه فيها دون أن يبدي دفاعاً مما يدل على تسليمه بقول الطاعنين وإذ أهدر الحكم هذا الدفاع فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان الإعلام الشرعي تدفع حجيته وفقاً لنص المادة 361 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بحكم يصدر من المحكمة المختصة إلا أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تكون إلا للأحكام التي تنشئ الحالة المدنية لا تلك التي تقررها، فتكون حجيتها نسبية قاصرة على أطرافها لا تتعداهم إلى الغير، ولما كان الطاعنان لا يجادلان في أن المطعون عليه لم يكن طرفاً في الدعوى رقم 133 لسنة 1966 أسيوط الابتدائية، وكان ما انتهى إليه الحكم الصادر في تلك الدعوى من أن المورثة.... ماتت عقيماً لا ينشئ مركزاً قانونياً وإنما يقر أمراً واقعاً، فإنه لا يقبل التحدي بذلك القضاء قبل المطعون عليه. لما كان ذلك وكان الطاعنان لم يقدما صورة رسمية من محضر جلسة مادة الوراثة الذي يتذرعان به فإن النعي في هذا الشق يكون عارياً عن دليله، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم رغم تسليمه بوجود تناقض في أقوال شاهدي المطعون عليه اعتد بشهادتهما قولاً منه بأن الاختلاف بينهما يسير لا يؤبه له وفي أمور بعيدة عن مقطع النزاع. وأن أحدهما عاد في سياق أقواله فصحح شهادته، في حين أن الاختلاف بين الشاهدين جوهري لأن أحدهما ما صحح أقواله إلا أثر تلقينه من المطعون عليه، كما أن الآخر اختلف معه في ذكر تاريخ وفاة بعض الورثة وغفل عن ذكر البعض الآخر الأمر الذي يفسد شهادتهما ويوجب عدم التعويل عليها، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان المتفق عليه عند فقهاء الحنفية أنه يشترط في الشهادة أن تكون موافقة للدعوى - فيما تشترط فيه الدعوى - فإن خالفها لا تقبل إلا إذا أمكن التوفيق بين الدعوى وبين الشهادة عند إمكان التوفيق، ولا يجد هذا الشرط - وعند الحنفية كذلك - محلاً يرد عليه إذا كان تعذر التوفيق في شيء زائد عن موضوع الدعوى، وكان المقرر أنه يجوز للشاهد أن يرجع في أقواله ويصحح شهادته ما دام في مجلس القضاء ولم يبرحه، أخذاً بأن الرجوع عن الشهادة فسخ لها فتختص بما تختص به الشهادة في المجلس، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أقوال الشهود أمام محكمة أول درجة أورد أن الدعوى "أيدتها أيضاً شهادة شاهدي المستأنف أمام محكمة الدرجة الأولى السابق تفصيلها ولا تناقض بين شهادتها بل إنهما تختلفان اختلافاً يسيراً لا يؤبه له وفي أمور بعيدة عن مقطع النزاع وهو بيان ورثة المرحومة....، وعاد أولهما في سياق شهادته وصحح ما قاله خطأ من أن المذكورة تزوجت بتقريره أن... هو اسم إلى ابنها...... ولهذا تطمئن هذه المحكمة إلى شهادة هذين الشاهدين وخاصة أولهما لأنه من جاوز السبعين مولود قبل سنة 1900 وعاصر المرحومة.... المتوفاة في سنة 1919 وتطرح شهادة شاهدي المستأنف عليهما لمخالفتهما الثابت بالأوراق المشار إليها ولشهادة شاهدي المستأنف"، وكان مفاد هذا الذي قرره الحكم أنه اعتبر اختلاف الشاهد الثاني من شهود المطعون عليه في تاريخ وفاة إحدى المورثات وإغفاله ذكر اسم إحدى الوارثات ليس من شأنه الإخلال بالتطابق بين الشهادتين لأنه في أمر زائد عن حاجة الدعوى ولا صلة له بمقطع النزاع وأن من حق الشاهد أن يصحح أقواله ما دام في مجلس القاضي، وليس في ذلك مخالفة للقانون، لما كان ما تقدم وكان الطاعنان لم يقدما صورة رسمية من محضر التحقيق ليتسنى لمحكمة النقض مراقبة ما يزعمانه من أن أحد الشاهدين لم يجزم باسم إحدى المورثات إلا بعد أن لقنه المطعون عليه إياه، ويكون الطعن في هذا الخصوص بلا سند، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن برمته.


(1) نقض 7/ 2/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 214.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق