الصفحات

الأربعاء، 3 يناير 2024

الطعن 1932 لسنة 58 ق جلسة 15 / 6 / 1989 مكتب فني 40 ق 106 ص 630

جلسة 15 من يونيه سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم وأحمد جمال الدين عبد اللطيف ومحمد حسين مصطفى.

-----------------

(106)
الطعن رقم 1932 لسنة 58 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "تسجيلات صوتية". نيابة عامة.
تفتيش النيابة العامة غير المتهم أو منزل غير منزله. غير جائز. إلا في حالات معينة. أساس ذلك؟
ما يجوز للنيابة العامة اتخاذه من إجراءات طبقاً للمادة 206 إجراءات وما يشترط لذلك؟
(2) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "تسجيلات صوتية". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي.
استصدار النيابة العامة الأمر بتسجيل المحادثات التي تجرى في مكان خاص من القاضي الجزئي بعد اتصالها بالتحريات وتقدير كفايتها لتسويغ إجرائه. عمل من أعمال التحقيق سواء قامت بتنفيذه أو ندبت مأمور الضبط لذلك.
(3) نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي. إجراءات "إجراءات التحقيق".
حق عضو النيابة عند مباشرة التحقيق. تكليف أي من مأموري الضبط ببعض ما يختص به. شرط ذلك؟
(4) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "تسجيلات صوتية". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي.
عدم اشتراط القانون شكلاً خاصاً للأمر الصادر من النيابة العامة بتكليف أي من مأموري الضبط القضائي بتنفيذ الأمر الصادر من القاضي الجزئي بإجراء التسجيلات.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "تسجيلات صوتية". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
قيام مأمور الضبط القضائي بإجراء التسجيلات الصوتية نفاذاً للأمر الصادر من القاضي الجزئي بعد ندبه من النيابة العامة لإجراء ذلك صحيح.
انتهاء الحكم إلى عدم الاطمئنان إلى صحة هذا الإجراء استناداً إلى خلو الأوراق مما يفيد بسط النيابة العامة رقابتها على الأشرطة المسجلة. استدلال معيب.

----------------
1 - لما كانت المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 الواردة في الباب الرابع من الكتاب الأول الخاص بالتحقيق بمعرفة النيابة العامة تنص على أنه "لا يجوز للنيابة العامة تفتيش غير المتهم أو منزل غير منزله إلا إذا اتضح من أمارات قوية أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة ويجوز لها أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات وأن تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، ويشترط لاتخاذ أي إجراء من الإجراءات السابقة الحصول على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي بعد اطلاعه على الأوراق.
2 - إن استصدار النيابة العامة الأمر بإجراء تسجيل المحادثات من القاضي الجزئي بعد أن كانت قد اتصلت بمحضر التحريات وقدرت كفايتها لتسويغ ذلك الإجراء، وهو عمل من أعمال التحقيق سواء قامت بتنفيذ الأمر بعد ذلك بنفسها أو عن طريق ندب من تراه من مأموري الضبط القضائي لتنفيذه عملاً بنص المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية.
3 - لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أي مأمور من مأموري الضبط القضائي ببعض التحقيق وينتج أثره القانوني بشرط أن يصدر صريحاً ممن يملكه وأن ينصب على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق - غير استجواب المتهم - دون أن يمتد إلى تحقيق قضية برمتها وأن يكون ثابتاً بالكتابة إلى أحد مأموري الضبط المختصين مكانياً ونوعياً.
4 - لم يشترط القانون شكلاً معيناً أو عبارات خاصة للأمر الصادر من النيابة العامة بتكليف أي من مأموري الضبط القضائي بتنفيذ الأمر الصادر من القاضي الجزئي بإجراء التسجيلات.
5 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - على السياق البادي ذكره أن القاضي الجزئي قد أمر بإجراء التسجيلات بالنسبة لهاتف مسكن المطعون ضدها الأولى - وأن النيابة العامة ندبت مأمور الضبط القضائي - محرر محضر التحريات - لتنفيذ ذلك الأمر - ومن ثم فإن هذا الإجراء يكون قد تم وفق صحيح القانون. ويكون ما ذهب إليه الحكم من عدم الاطمئنان إلى صحة هذا الإجراء استناداً إلى خلو الأوراق مما يفيد أن النيابة العامة قد بسطت رقابتها على الأشرطة المسجلة وأنه لا دليل يؤيد قول محرر المحضر من أنه هو الذي أشرف على المراقبة والتسجيلات، قد انبنى على فهم قانوني خاطئ أسلمه إلى الفساد في الاستدلال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم: المتهمة الأولى: أولاً: أدارت مسكنها للدعارة وذلك على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: سهلت دعارة المتهمتين السادسة والسابعة على النحو المبين بالأوراق. ثالثاً: استغلت بغاء المتهمتين سالفتي الذكر على النحو المبين بالأوراق. رابعاً: عاونت المتهمتين سالفتي الذكر على ارتكاب الفحشاء على النحو المبين بالأوراق. المتهمة الثانية: أولاً: أدارت مسكنها للدعارة وذلك على النحو المبين بالمحضر. ثانياً: سهلت دعارة المتهمتين السادسة والسابعة على النحو المبين بالمحضر. ثالثاً: استغلت بغاء المتهمتين سالفتي الذكر على النحو المبين بالمحضر. رابعاً: عاونت المتهمتين سالفتي الذكر على ارتكاب الفحشاء على النحو المبين بالمحضر. المتهمين الثالثة والرابع والخامسة والثامن والتاسع: أولاً: اشتركوا مع المتهمة الأولى في تسهيل دعارة المتهمتين السادسة والسابعة على النحو المبين بالمحضر.
ثانياً: اشتركوا مع المتهمة الأولى في معاونة المتهمتين سالفتي الذكر على ممارسة البغاء على النحو المبين بالأوراق: ثالثاً: اشتركوا مع المتهمة الأولى في استغلال بغاء المتهمتين سالفتي الذكر على النحو المبين بالأوراق. المتهمين الرابع والعاشر: اعتادا ممارسة الفجور مع الرجال بدون تمييز لقاء أجر وذلك على النحو المبين بالأوراق المتهمتين السادسة والسابعة: اعتادتا ممارسة الدعارة مع الرجال بدون تمييز لقاء أجر وذلك على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهم بالمواد 1/ 1، 6/ 1 - ب، 8/ 6، 9/ ج، 15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 والمواد 30/ 1، 41، 42، 43 من قانون العقوبات. ومحكمة آداب القاهرة قضت حضورياً للثالثة والسادسة وحضورياً اعتبارياً للباقين ببراءتهم عما هو منسوب إليهم. استأنفت النيابة العامة ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً للأولى والسادسة وغيابياً للباقين بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهم من جرائم إدارة منزل للدعارة وتسهيلها والمعاونة على ارتكابها واستغلال البغاء واعتياد ممارسة الدعارة والفجور والاشتراك في هذه الجرائم قد شابه الفساد في الاستدلال ذلك بأنه ركن في قضائه بالبراءة إلى عدم الاطمئنان للدليل المستمد من التسجيلات بمقولة إن النيابة العامة لم تبسط رقابتها على الأشرطة المسجلة وأن ما قرره الضابط محرر المحضر من أنه تولى بنفسه الإشراف على التسجيلات لا يسانده ثمة دليل أو قرينة من الأوراق، في حين أن محرر المحضر قد باشر بنفسه كافة الإجراءات بناء على ندبه من النيابة العامة لهذا الغرض وذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد واقعة الدعوى بما مؤداه أن تحريات قسم الآداب دلت على أن المطعون ضدها الأولى تقوم بتسهيل واستغلال دعارة النسوة الساقطات مستغلة في ذلك هاتف مسكنها بمعاونة آخرين، وقد عرضت النيابة العامة الأمر على القاضي الجزئي الذي أذن وبمراقبة تسجيل المكالمات التي تتم من خلال هذا الهاتف ثم ندبت النيابة العامة محرر محضر التحريات بتنفيذ هذا الإذن، وقد أسفر ذلك عن تأكيد نشاط المطعون ضدها سالفة الذكر وباقي المطعون ضدهم وآخرين، ثم أذنت النيابة العامة لمحرر المحضر بتفتيش مسكن المطعون ضدها الأولى وضبط وإحضار المتهمين، ونفاذاً لذلك تم ضبط المطعون ضدهم، وسئل شاهدان في الواقعة فقررا بأنهما تعرفا على بعض النسوة الساقطات بواسطة هاتف المطعون ضدها آنف الذكر وأنهما مارسا معهن الفجور في مسكنهن ومسكنها. كما أقر المطعون ضدهم الرابع والثامن والتاسع والعاشر بممارسة أفعال الشذوذ الجنسي والفجور مع الرجال دون تمييز بينما أنكرت باقي المطعون ضدهن ما نسب إليهن من اتهام، ثم خلص الحكم إلى القضاء بتبرئة المطعون ضدهم على سند من القول أن الدعوى بحالتها وما سطر فيها من محاضر الضبط وتحقيقات النيابة العامة وما جرى على لسان محرر المحضر عند مناقشته بالمحكمة لا يطمأن إليه ذلك أن أشرطة التسجيل وهي القرينة الموجودة بالأوراق على صحة الاتهام المسند إلى المتهمين قد أحاطها الشك وفقدت سندها ذلك أن هذه المراقبات التليفونية قد ولدت ولادة شرعية إلا أنه عند التنفيذ تخلف عنها الضمانات القانونية الواجب توافرها فيها حتى ترقى إلى مرتبة القرينة التي تعزز بقرائن أخرى ما يولد في وجدان المحكمة الاطمئنان إليها أما وقد فقدت هذه القرينة الحماية الواجبة قانوناً لها إذ أنه لا يوجد بالأوراق ما يفيد أن النيابة العامة المباشرة للإذن الصادر من السيد القاضي بوضع التليفون تحت المراقبة قد بسطت رقابتها على الأشرطة المسجلة حتى تكون هذه الأشرطة وما دون عليها من تسجيلات سجلته الأجهزة المختصة قد جاء وليداً لما جرى فعلاً، يضاف إلى ذلك أن الضابط محرر المحضر قرر أنه هو الذي أشرف على المراقبة وعلى التسجيلات وهو قول لم يؤيده بالأوراق ثمة دليل، وحيث إنه لما كان ذلك يكون المسند إلى المتهمين جميعاً الاتهام الواضح في اتهام النيابة وأن من بين أدلته التسجيلات سند الاتهام، وهذه قد خلت من الاطمئنان إليها ومن الضمانات الواجب توافرها فيها ومن ثم فإن المحكمة تهدرها ولا تأخذ بها. يضاف إلى ذلك أن المحكمة لما لها من سلطة الاطمئنان لا تطمئن إلى ما سطره محرر المحضر في محضره وتضحى الدعوى بعد ذلك عارية من ثمة دليل يسند الاتهام إلى أي من المتهمين مما ما ترى معه المحكمة عملاً بنص المادة 304/ أ. ج براءة المتهمين مما أسند إليهم". لما كان ذلك، وكانت المادة 206 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 الواردة في الباب الرابع من الكتاب الأول الخاص بالتحقيق بمعرفة النيابة العامة تنص على أنه "لا يجوز للنيابة العامة تفتيش غير المتهم أو منزل غير منزله إلا إذا اتضح من أمارات قوية أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة. ويجوز لها أن تضبط لدى مكاتب البريد جميع الخطابات والرسائل والجرائد والمطبوعات والطرود ولدى مكاتب البرق جميع البرقيات وأن تراقب المحادثات السلكية واللاسلكية وأن تقوم بتسجيلات لمحادثات جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر ويشترط لاتخاذ أي إجراء من الإجراءات السابقة الحصول على أمر مسبب بذلك من القاضي الجزئي بعد اطلاعه على الأوراق". وكان استصدار النيابة العامة الأمر بإجراء تسجيل المحادثات من القاضي الجزئي بعد أن كانت قد اتصلت بمحضر التحريات وقدرت كفايتها لتسويغ ذلك الإجراء، هو عمل من أعمال التحقيق سواء بتنفيذ الأمر بعد ذلك بنفسها أو عن طريق ندب من تراه من مأموري الضبط القضائي لتنفيذه عملاً بنص المادة 200 من قانون الإجراءات الجنائية التي تجيز لكل من أعضاء النيابة العامة في حالة إجراء التحقيق بنفسه أن يكلف أي مأمور من مأموري الضبط القضائي ببعض التحقيق وينتج أثره القانوني بشرط أن يصدر صريحاً ممن يملكه وأن ينصب على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق - غير استجواب المتهم - دون أن يمتد إلى تحقيق قضية برمتها وأن يكون ثابتاً بالكتابة إلى أحد مأموري الضبط المختصين مكانياً ونوعياً، ولم يشترط القانون شكلاً معيناً أو عبارات خاصة للأمر الصادر من النيابة العامة بتكليف أي من مأموري الضبط القضائي بتنفيذ الأمر الصادر من القاضي الجزئي بإجراء التسجيلات. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه - على السياق البادي ذكره - أن القاضي الجزئي قد أمر بإجراء التسجيلات بالنسبة لهاتف مسكن المطعون ضدها الأولى - وأن النيابة العامة ندبت مأمور الضبط القضائي - محرر محضر التحريات - لتنفيذ ذلك الأمر - ومن ثم فإن هذا الإجراء يكون قد تم وفق صحيح القانون. ويكون ما ذهب إليه الحكم من عدم الاطمئنان إلى صحة هذا الإجراء استناداً إلى خلو الأوراق مما يفيد أن النيابة العامة قد بسطت رقابتها على الأشرطة المسجلة وأنه لا دليل يؤيد قول محرر المحضر من أنه هو الذي أشرف على المراقبة والتسجيلات، قد انبنى على فهم قانوني خاطئ أسلمه إلى الفساد في الاستدلال. وهو ما يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة وذلك دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر للطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق