الصفحات

الاثنين، 18 ديسمبر 2023

المذكرة الإيضاحية لقانون المعاملات المدنية الاتحادي الاماراتي ج 1

المذكرة الإيضاحية لقانون
المعاملات المدنية
باب تمهيدي
أحكام عامة
الفصل الأول
أحكام تطبيق القانون وسريانه من حيث الزمان والمكان
الفرع الأول
القانون وتطبيقه
مادة 1
تسري النصوص التشريعية على جميع المسائل التي تتناولها هذه النصوص في لفظها وفحواها. ولا مساغ للاجتهاد في مورد النص القطعي الدلالة. فإذا لم يجد القاضي نصاً في هذا القانون حكم بمقتضى الشريعة الإسلامية. على أن يراعي تخير أنسب الحلول من مذهبي الإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل فإذا لم يجد فمن المذاهب المعتمدة الأخرى مذهبي الإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة حسبما تقتضيه المصلحة.
فإذا لم يجد حكم القاضي بمقتضى العرف على ألا يكون متعارضا مع النظام العام أو الآداب وإذا كان العرف خاصا بإمارة معينة فيسري حكمه على هذه الإمارة.
المذكرة الإيضاحية :
رؤي صياغة هذه المادة بالنص على سريان النصوص التشريعية على المسائل التي تتناولها في لفظها وفحواها وهي القاعدة العامة في سريان تلك النصوص كما قننت القاعدة الأصولية الفقهية رقم 14 من مجلة الأحكام العدلية وهي أنه لا مساغ للاجتهاد في مورد النص .
كما نصت على أنه عند عدم وجود النص يحكم القاضي بمقتضى الشريعة الإسلامية بمراعاة تخير أنسب الحلول من مذهبي الإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل فإن لم يجد فمن المذاهب المعتمدة الأخرى حسبما تقتضيه المصلحة .
كما حددت الفقرة الثانية العُرف كمصدر يلجأ إليه القاضي إذا لم يوجد حكم على الوجه المتقدم والعُرف هو ما يقارنه الناس وليس فيه مخالفة لنص أو تفويت مصلحة ولا جلب مفسدة مصادر التشريع الإسلامي للمرحوم الشيخ عبدالوهاب خلاف الطبعة الثالثة سنة 1972 ص 146 وما بعدها.
وقد اشترطت المادة في العُرف الذي يحكم بمقتضاه ألا يكون متعارضاً مع النظام العام أو الآداب .
وإذا كان العُرف خاصاً بإمارة معينه فيسرى حكمه على هذه الإمارة لأنه يكون عُرفاً محلياً في هذه الحالة.
وهذه المادة تقابل المادة 2 أردني.

مادة 2
يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله إلى قواعد وأصول الفقه الإسلامي.
المذكرة الإيضاحية :
رؤي وضع هذه المادة لتثبيت ما يتميز به هذا المشروع من ارتباطه بالفقه الإسلامي وأصوله خصوصاً أن أصول الفقه الإسلامي هي عبارة عن مبادئ التفسير وقواعده حسبما ارتضاه أئمة ذلك العلم، وقواعد اللغة العربية، ويوجد كثير من الكتب الحديثة في هذا العلم للأساتذة شاكر الحنبلي والخضري وعبد الوهاب خلاف . وأن المشرع بين المرجع في فهم النصوص وتفسيره وتأويله ودلالته على الأحكام فأحال على علم أصول الفقه أخذاً بيد القضاء وجمعاً لهم على مرجع واحد فيكون ذلك أحرى بقدر الإمكان بإبعاد أسباب الخلاف فضلاً عن التوجيه والإرشاد ومعيناً لا ينضب في استنباط الأحكام على أسس ثابته تسدد خطاهم وتقرب بين منحاهم وتصل بهم إلى سواء السبيل.
وهذه المادة تقابل المادة 3 أردني.

مادة 3
يعتبر من النظام العام الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية كالزواج والميراث والنسب والأحكام المتعلقة بنظم الحكم وحرية التجارة وتداول الثروات وقواعد الملكية الفردية وغيرها من القواعد والأسس التي يقوم عليها المجتمع وذلك بما لا يخالف الأحكام القطعية والمبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية.
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه المادة ما يعتبر من النظام العام تحديداً مرنا بأن عددت بعض الأحكام التي تعتبر كذلك كما أنها ربطت لأول مرة بين فكرة النظام العام وأحكام مبادئ الشريعة الإسلامية عندما اشترطت في الأحكام المتعلقة بالنظام العام ألا تخالف الأحكام القطعية والمبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية.

الفرع الثاني
التطبيق الزمني للقانون
مادة 4
1. لا يجوز إلغاء نص تشريعي أو وقف العمل به إلا بنص تشريعي لاحق يقضي صراحة بذلك أو يشتمل على حكم يتعارض مع حكم التشريع السابق أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع.
2. وإذا الغي نص تشريعي نصاً تشريعياً ثم الغي النص التشريعي اللاحق فلا يترتب على هذا الإلغاء إعادة الفصل بالنص السابق إلا إذا نص صراحة على ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل في إلغاء التشريع أو في نسخة نسخاً كلياً أو جزئياً أن يتم بنص صريح يأتي به تشريع لا حق وهذا هو النسخ الصريح، إلا أن النسخ قد يكون أيضاً ضمنياً وللنسخ الضمني صورتان : أحداهما أن يصدر تشريع جديد يشتمل على نص يتعارض تعارضاً تاماً مع نص في التشريع القديم وفي هذه الحالة يقتصر النسخ على الحدود التي يتحقق فيها التعارض.
وثانيهما : أن يصدر تشريع جديد ينظم تنظيماً كاملاً وضعاً من الأوضاع خصص له تشريع سابق وفي هذه الحالة يعتبر التشريع السابق منسوخاً جملة وتفصيلاً ولو انتفى التعارض بين بعض نصوص هذا التشريع ونصوص التشريع الذي تلاه ويسري ذلك على وقف العمل بالتشريع .
وغني عن البيان أن النص على عدم جواز نسخ التشريع إلا بمقتضى تشريع آخر يستتبع عدم جواز نسخ النص التشريعي بمقتضى عُرف لاحق. وقد أورد البند 2 حكماً القصد منه منع اللبس عند إلغاء الإلغاء السابق للتشريع ويقابل البند 1 من هذه المادة والمادة 5 أردني والبند 2 مصدره مشروع القانون المدني العربي الموحد.

مادة 5
1. تسري النصوص المتعلقة بالأهلية على جميع الأشخاص الذين تنطبق عليهم الشروط المقررة في تلك النصوص.
2 . وإذا توافرت الأهلية في شخص طبقاً لنصوص قديمة ثم اصبح ناقص الأهلية بمقتضى نصوص جديدة فلا أثر لذلك في تصرفاته السابقة
المذكرة الإيضاحية :
أن النصوص المتعلقة بأهلية الأداء تسري في وقت العمل بها، ومؤدى هذا أن النصوص الجديدة ترد من كان يعتبر رشيداً إلى حالة القصر فيما لو رفعت سن الرشد، وتدخل من كان يعتبر قاصراً في ظل القانون القديم في عداد الراشدين فيما لو خفضت السن . وذلك أن تحديد أهلية الأداء وهي صلاحية الالتزام بالتصرفات الإرادية يراعي فيه حماية فريق من الأشخاص وهذه الحماية أمر متعلق النظام العام. على أن عودة الشخص إلى حالة القصر بمقتضى قانون جديد بعد أن أعتبر رشيداً في ظل التشريع القديم لا تؤثر في صحة التصرفات التي صدرت منه في ظل التشريع القديم فهذه التصرفات لا يجوز الطعن عليها بسبب نقص الأهلية متى كان العاقد كامل الأهلية وقد انعقادها إذ أن القانون الجديد يعيد الأشخاص إلى حالة القصر بالنسبة إلى المستقبل فحسب.
وهذه المادة تقابل المواد 6 أردني و 7 سوري و 11 عراقي و 7 مصري.

المادة 6
. 1 تسري النصوص الجديدة المتعلقة بتقادم الدعوى من وقت العمل بها على كل تقادم لم يكتمل.
. 2 على أن النصوص القديمة هي التي تسري على المسائل الخاصة ببدء التقادم ووقفه وانقطاعه وذلك عن المدة السابقة على العمل بالنصوص الجديدة.
المذكرة الإيضاحية :
وتنص على أن كل من تقادم لم يكتمل في ظل تشريع قائم لا يرتب أثره فإذا صدر تشريع جديد يطيل من مدته وجب أن يسري هذا التشريع .
أما بدء التقادم أو وقفه أو انقطاعه فيتحقق متى توافرت شروط معينة يحددها القانون الساري إذ ذاك، ومتى بدأت المدة أو وقفت أو انقطعت وفقاً لقانون ظل البدء أو الوقف أو الانقطاع مرتباً لحكمه في ظل القانون الجديد فالمدة التي بدأت تستمر سارية، والمدة التي وقفت يمتنع استئنافها، ما بقى سبب الوقف قائماً، ما لم يقض القانون الجديد بغير ذلك، والمدة السابقة على سبب الانقطاع لا تحتسب.
وهذه المادة تقابل المادة 7 أردني.

المادة 7
1. إذا قرر النص الجديد مدة التقادم اقصر مما قرره النص القديم . سرت المدة الجديدة من وقت العمل بالنص الجديد ولو كانت المدة القديمة قد بدأت قبل ذلك.
2. أما إذا كان الباقي من المدة التي نص عليها القانون القديم اقصر من المدة المتفق التي قررها النص الجديد فان التقادم يتم بانقضاء هذا الباقي.
المذكرة الإيضاحية :
قد يقرر القانون الجديد للتقادم مدة أقصر من المدة المقررة في النص القديم وفي هذه الحالة لا يبدأ سريان المدة الجديدة بالنسبة لتقادم بدأ من قبل إلا من وقت العمل بالتشريع الجديد توخياً لاستقرار المعاملات فالواقع أن التقادم لم يكتمل في ظل القانون القديم ولذلك لا يترتب حكمه، ولم يقصد من تقصير المدة في القانون الجديد إلى ترتيب هذا الحكم بإدارة الشارع دون انقضاء المدة.
بيد أنه رؤى أن تستثنى من حكم هذه القاعدة العامة حالة اكتمال مدة التقادم التي نص عليها القانون القديم، في ظل القانون الجديد ولكن قبل أن تنقضي المدة الجديدة بتمامها ويتحقق ذلك كلما كانت البقية الباقية من المدة القديمة أقصر من المدة التي تقررت في التشريع الجديد كما لو كانت المدة القديمة خمس عشرة سنة ولم يبق لاكتمالها سوى سنتين ثم رجع التشريع الجديد المدة ثلاث سنوات، ففي هذه الحالة يعتبر التقادم مكتملاً بانقضاء هاتين السنتين وتكون ولاية التشريع القديم قد امتدت بعد زواله إمعاناً في تحقيق العدالة.
وعلى ذلك يقتصر تطبيق الحكم على الحالة التي يكون فيها الباقي من المدة القديمة أطول من المدة الجديدة بأسرها ولعل هذا يوجب بصورة ظاهرة صرف النظر عن الزمن الذي مر من قبل وافتتاح مدة جديدة تبدأ من وقت العمل بالقانون الجديد ويعتمد عليها المتعاملون دون أن يكون هناك محل للمفاجأة وقد أثر المشروع هذا الحل من بين مختلف الحلول التي خطرت للفقه والقضاء لأنها أقلها استهدافاً للنقد وأدناها إلى تحقيق العدل والاستقرار.
وهذه المادة تقابل المادة 8 أردني.

المادة 8
تطبق على أدلة الإثبات النصوص السارية عند إعدادها أو في الوقت الذي كان يجب أن تعد فيه.
المذكرة الإيضاحية :
إن هذه المادة تبحث في جواز قبول الدليل وهو أمر يتعلق بإدارة القضاء ويتصل أوثق اتصال بالنظام العام فإذا كان التشريع القديم لا يجيز قبول دليل من الأدلة في شأن واقعة من الوقائع أمام القضاء ثم صدر قانون جديد يبيح ذلك فنصوص هذا القانون هي التي تسري ولو كان الحق المتنازع فيه قد نشأ في ظل التشريع القديم وكذلك الحكم فيما يتعلق بأثر الدليل في الإثبات وهو ما يعرف في اصطلاح الفقه بالحجية وهو أمر تتكفل النصوص بتعيينه ليكون أساساً في الفصل في الخصومات، فمن الواجب والحال هذه أن تسري هذه النصوص من وقت العمل بها لاتصال حجية الأدلة بالنظام العام، وقد أستثنى المشرع من القاعدة العامة حالة الأدلة المهيأة وقضى بأن تسري النصوص المعمول بها في الوقت الذي يجب فيه إعداد الدليل باعتبار أن الدليل المهيأ يفترض وجود النص المقرر له قبل أن تتم تهيئته ويكون وثيق الصلة من الناحية الموضوعية بالحق.
وهذه المادة تقابل المواد 9 أردني و 9 مصري و 10 سوري و 13 عراقي .

المادة 9
تحسب المواعيد بالتقويم الشمسي ما لم ينص القانون على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
أختلف فقهاء المسلمين في أي من التقويمين الشمسي أو القمري يعتمد، فرأى بعضهم اعتماد التقويم الشمسي وبعضهم التقويم الهجري، ولذلك رؤي اعتماد التقويم الشمسي إلا إذا نص القانون على غير ذلك وهو أمر يتفق مع اتجاه فقهاء الإسلام كما ورد في الجزء الثاني ص 595 من رد المحتار .
وهذه تقابل المادة 10 أردني.

الفرع الثالث
التطبيق المكاني للقانون
المادة 10
قانون دولة الإمارات العربية المتحدة هو المرجع الوحيد في تكييف العلاقات عندما يطلب تحديد نوع هذه العلاقات في قضية تتنازع فيها القوانين لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بوجوب رجوع القاضي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في تكييف الروابط القانونية تمشياً مع الرأي الذي كاد ينعقد الإجماع عليه في الوقت الحاضر وينبغي أن يفهم من وجوب رجوع القاضي إلى هذا القانون في مسائل التكييف إلزامه بالرجوع إلى القانون الوطني في جملته وبما يتضمن من قواعد تتعلق بالأشخاص أو بالأموال أياً كان مصدر هذه القواعد، ويراعى من ناحية أخرى أن تطبيق القانون الوطني بوصفه قانون القاضي في مسائل التكييف لا يتناول إلا تحديد طبيعة العلاقة في النزاع المطروح لإدخالها في نطاق طائفة من طوائف النظم القانونية التي تعين لها قواعد الإسناد اختصاصاً تشريعياً معيناً كطائفة النظم الخاصة بشكل التصرفات أو بحالة الأشخاص أو بالمواريث والوصايا أو بمركز الأموال ومتى تم هذا التحديد انتهت مهمة قانون القاضي إذ تعين القانون الواجب تطبيقه فلا يكون للقاضي إلا أن يعمل أحكام هذا القانون.
ويلاحظ أنه في عجز هذه المادة عبارة لمعرفة القانون الواجب تطبيقه من بينها زيادة في الإيضاح لتعيين الحدود التي يقف عندها اختصاص قانون القاضي في التكييف.
وهذه المادة تقابل المواد 11 أردني و 10 مصري و 11 سوري و 17 عراقي.

المادة 11
1. يسري على الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم ومع ذلك ففي التصرفات المالية التي تعقد في دولة الإمارات العربية المتحدة وتترتب آثارها فيها إذا كان أحد الطرفين أجنبيا ناقص الأهلية وكان نقص الأهلية يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل على الطرف الآخر تبينه فان هذا السبب لا يؤثر في أهليته.
2. أما النظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها فيسري عليه قانون الدولة التي اتخذت فيها هذه الأشخاص مركز إدارتها الرئيسي الفعلي فإذا باشرت نشاطها الرئيسي في دولة الإمارات العربية المتحدة فان القانون الوطني هو الذي يسري.
المذكرة الإيضاحية :
تعين الفقرة الأولى من هذه المادة القانون الواجب تطبيقه فيما يتعلق بحالة الأشخاص وأهليتهم، ويقصد بالحالة جملة الصفات التي تحدد مركز الشخص من أسرته ودولته وهي صفات تقوم على أسس من الواقع كالسن والذكورة والأنوثة والصحة أو على أسس من القانون كالزواج أو الحجز أو الجنسية وينصرف اصطلاح الأهلية في هذا المقام إلى أهلية الأداء وحدها أي صلاحية الشخص للالتزام بمقتضى التصرفات الإدارية وهذه الصلاحية تتصل اتصالاً وثيقاً بالحالة، وقد أخضع المشروع حالة الأشخاص وأهليتهم لقانون الجنسية. هذا وقد تضمنت الفقرة الأولى استثناء يتعلق بالأهلية : مؤداه أن الأجنبي الذي يعقد تصرفاً مالياً لا يكون أهلاً للالتزام به وفقاً لقانون جنسيته يعتبر أهلاً لذلك متى كان هذا هو حكم القانون الوطني فيما يتعلق بالوطنيين وقد رؤي أن يتضمن المشرع هذا الحكم الاستثنائي لأن من الصعب على من يتعامل مع أحد الأجانب أن يكون ملماً بالقواعد المتعلقة بأهليته وبوجه خاص متى كان مظهره لا يدع مجالاً للشك في كمال هذه الأهلية، وتعرض الفقرة الثانية للنظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها فتوجب تطبيق قانون الدولة التي تتخذ فيها هذه الأشخاص مركز إدارتها الرئيسي الفعلي ومع ذلك فإذا باشرت نشاطها الرئيسي في دولة الإمارات العربية المتحدة فإن القانون الوطني هو الذي يسري .
وهذه المادة تقابل المواد 12 أردني و 11 مصري و 12 سوري و 18 عراقي .

المادة 12
1. يرجع في الشروط الموضوعية لصحة الزواج إلى قانون كل من الزوجين وقت انعقاد الزواج.
2. أما من حيث الشكل فيعتبر الزواج ما بين أجنبيين أو ما بين أجنبي ووطني صحيحاً إذا عقد وفقاً لأوضاع البلد الذي تم فيه أو إذا روعيت فيه الأوضاع التي قررها قانون كل من الزوجين.

المادة 13
1. يسري قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت انعقاد الزواج على الآثار الشخصية والآثار المتعلقة بالمال التي يرتبها عقد الزواج.
2. أما الطلاق فيسري عليه قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت الطلاق ويسري على التطليق والانفصال قانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت رفع الدعوى.

المادة 14
في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين إذا كان أحد الزوجين وطنياً وقت انعقاد الزواج يسري قانون دولة الإمارات وحده فيما عدا شروط الأهلية للزواج.
المذكرة الإيضاحية :
إن هذه المواد الثلاثة عينت القانون الوجب تطبيقه فيما يتعلق بانعقاد الزواج من حيث الموضوع والشكل وبعلاقات الزوجين شخصية كانت أو مالية وبالإجراءات التي تتبع في شأن مسائل خاصة تعرض بمناسبة دعاوى الطلاق والانفصال وتتناول المادة 12 كيفية انعقاد الزواج فتقضي في فقرتها الأولى بوجوب تطبيق قانون كل من الزوجين فيما يتعلق بالشروط الموضوعية لصحة الزواج وهذه قاعدة تقررت في المادة الأولى من اتفاقية لاهاي المعقودة في 13 يونيه سنة 1902 وأخذت بها أكثر التشريعات، وأما من حيث الشكل فيكون الزواج صحيحاً وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة متى روعيت أوضاع البلد التي تمت فيه أو الأوضاع التي قررها قانون كل من الزوجين، وقد أستمد المشرع هذا الحكم من المادتين 6، 7 من اتفاقية لاهاي التي تقدمت الإشارة إليها .
ويلاحظ أن القانون الوطني يتضمن أوضاعاً مختلفة فيما يتعلق بالشكل :
فهناك الأوضاع المقررة في الشريعة الإسلامية، وهناك الأوضاع المقررة في نظم الطوائف غير الإسلامية إلا أن هذه الأوضاع الأخيرة لا ينعقد الزواج صحيحاً على وفقها إذا كان أحد الزوجين مسلماً أو كان كلا الزوجين غير تابع للكنيسة التي يعقد الزواج أمامها.
وقد قررت المادة 13 حكم الاختصاص بالنسبة إلى الآثار التي يرتبها عقد الزواج بما في ذلك من اثر بالنسبة إلى المال فتخضع كل ذلك لقانون الزوج وقت انعقاد الزواج، وهو يتفق مع أحكام كثير من التشريعات الحديثة في هذه الشأن أما الطلاق فله حكم آخر غير حكم الزواج إذ يخضع لقانون الدولة التي ينتمي إليها الزوج وقت الطلاق، أما التطليق والانفصال فيطبق عليهما قانون الزوج وقت رفع الدعوى.
وقد رؤي استثناء حالة ما إذا كان أحد الزوجين وطنياً وقت انعقاد الزواج فيطبق القانون الوطني رعاية لقواعد القانون الوطني في شأن الزواج، أما مسألة الأهلية للزواج فيرجع فيها بالنسبة إلى كل من الزوجين إلى قانون جنسيته.
وهذه المواد تقابل المواد 13 و 14 و 15 أردني و 12 و 13 و 14 مصري و 13 و 14 و 15 سوري و 19 عراقي .

المادة 15
يسري على الالتزام بالنفقة فيما بين الأقارب قانون المكلف بها.
المذكرة الإيضاحية :
إن هذه المادة تتناول الالتزام بالنفقة بين الأقارب فتوجب تطبيق قانون المكلفين بها وإن هذا النص مقصور على نفقة الأقارب ولا يشمل نفقة الزوجية التي تنظمها أحكام المواد السابقة على اعتبار أنها من آثار الزواج.
وهذه المادة تقابل المواد 16 أردني و 15 مصري و 16 سوري و 21 عراقي .

المادة 16
يسري على المسائل الموضوعية الخاصة بالولاية والوصاية والقوامة وغيرها من النظم الموضوعة لحماية عديمي الأهلية وناقصيها والغائبين قانون الشخص الذي تجب حمايته.
المذكرة الإيضاحية :
قصد في هذه المادة التعميم في التعبير حتى تصبح هذه الأحكام شاملة لجميع النظم الموضوعية لحماية عديمي الأهلية وناقصيها والغائبين دون أن يقتصر على الولاية والوصاية والقوامة وقد أسند الاختصاص التشريعي فيما يتعلق بهذه النظم إلى قانون عديم الأهلية أو ناقصها أو الغائب بوجه عام لأنه أخلق القوانين بتوفير أسباب الحماية له، أما الإجراءات الواجب إتباعها في مسائل الولاية والوصاية والقوامة وما إليها فيطبق في شأنها القانون الوطني دون غيره.
وهذه المادة تقابل المواد 17 أردني و 16 مصري و 17 سوري و 20 عراقي .

المادة 17
1. يسري على الميراث قانون المورث وقت مورثه.
2. وتؤول إلى الدولة الحقوق المالية الموجودة على إقليمها والخاصة بالأجنبي الذي لا وارث له.
3. وتسري على الأحكام الموضوعية للوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت قانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته من صدر منه التصرف وقت موته.
4. ويسري على شكل الوصية وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت قانون الدولة التي ينتمي إليها بجنسيته من صدر منه التصرف وقت صدوره. أو قانون الدولة التي تم فيها التصرف.
5. على أن قانون دولة الإمارات العربية المتحدة هو الذي يسري في شأن الوصية الصادرة من أجنبي عن عقاراته الكائنة في الدولة.
المذكرة الإيضاحية :
تختتم هذه المادة طائفة النصوص المتعلقة بولاية القانون الشخصي وهي تتضمن أحكام المواريث والوصايا والتصرفات المضافة إلى ما بعد الموت بوجه عام وتنتهي بحكم عام يتعلق باقتسام الاختصاص بين قواعد الإجراءات والقواعد الموضوعية.
وقد أفرد المشروع المادة 17 للمواريث والوصايا وسائر التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت وقرر أنه من الناحية الموضوعية يسري عليها قانون المورث أو الموصي أو من صدر منه التصرف المضاف إلى ما بعد الموت لا عند صدور التصرف.
ومن الناحية الشكلية يسري عليها قانون الموصي وقت الإيصاء أو قانون البلد الذي تمت فيه الوصية وكذلك قانون المتصرف وقت التصرف أو قانون البلد الذي تم فيه التصرف المضاف إلى ما بعد الموت، فالنص أراد مواجهة التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت كما تضمن أيلولة حقوق الأجنبي الذي لا وارث له للدولة لأنها وارثة من لا وارث له، على أن قانون دولة الإمارات العربية المتحدة يسري على وصية الأجنبي عن عقاراته الكائنة في الدولة.
وهذه المادة تقابل المواد 18 أردني و 17 مصري و 18 سوري و 22 و 23 عراقي .

المادة 18
1. يسري على الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى قانون الموقع فيما يختص بالعقار ويسري بالنسبة الى المنقول قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها.
2. ويحدد قانون الدولة التي يوجد بها المال ما إذا كان هذا المال عقاراً أو منقولاً.
المذكرة الإيضاحية :
قواعد خضوع نظام الأموال لقانون موقعها كانت تستخلص من التشريعات العثمانية القديمة مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري جزء 1 ص 277 ولكن رأى المشرع أن ينص عليها فنص في المادة 18 على أن مسائل الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى يسري في شأنها قانون الموقع فيما يختص بالعقار أما بالنسبة للمنقول فيسري قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها.
ويلاحظ أن نص المشروع لا يخص العقار وحده بالذكر بل يتناول المنقول أيضاً ولكنه يقتصر على ذكر الملكية والحقوق العينية الأخرى دون الحقوق الشخصية وجعل الاختصاص لقانون الجهة التي يوجد فيها وقت تحقق السبب الذي أفضى إلى ترتيب أو زوال الحق العيني .
ويلاحظ أيضاً أن طرق كسب الحقوق بالعقد والميراث والوصية وغيرها تخضع بوصفها من أسباب اكتساب الملكية لقانون موقع المال بعموم عبارة يسري على الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى قانون الموقع فيما يختص بالعقار ...... فإذا كان قانون المال يقضي مثلا بأن الوصية لا تنقل الملك إلا بالتسجيل فيجب تطبيق هذا القانون وبذلك لا يكون هناك تناقض بين هذه المادة والمادة التي تسبقها.
ويعتد بقانون الدولة التي يوجد بها المال لتحديد ما إذا كان عقاراً أو منقولاً .
وهذه المادة تقابل المواد 19 أردني و 18 مصري و 19 سوري و 20 عراقي، كما استمدت الفقرة الثانية من مشروع القانون المدني العربي الوحد.

المادة 19
1. يسري على الالتزامات التعاقدية شكلاً وموضوعا قانون الدولة التي يوجد فيها الموطن المشترك للمتعاقدين إن اتحدا موطنا، فان اختلفا موطناً يسري قانون الدولة التي تم فيها العقد ما لم يتفق المتعاقدان أو يبين من الظروف أن قانونا آخر هو المراد تطبيقه.
2. على أن قانون موقع العقار هو الذي يسري على العقود التي أبرمت بشأنه.
المذكرة الإيضاحية :
إن المشروع تعرض للقاعدة العامة في الالتزامات التعاقدية ولصور خاصة من صور العقد وتنفيذها ثم قرر في نهايتها القاعدة الخاصة بوجوب احترام القواعد من صور العقد وتنفيذها ثم قرر في نهايتها القاعدة الخاصة بوجوب احترام القواعد الأمرة في حدود معينة ويراعى بادئ ذي بدء أن فقه القانون الدولي الخاص لا يزال غير مستقر فيما يتعلق بتعيين القانون الواجب تطبيقه في شأن الالتزامات التعاقدية لتنوع صور العقود وتباين القواعد التي تسري عليها من حيث أركان الانعقاد وشروط الصحة وترتيب الأثار.
ولذلك توخي المشروع تجنب التفاصيل واقتصر على أكثر الأحكام استقراراً في نطاق التشريع، فقرر في المادة 19 إن الالتزامات التعاقدية يسري عليها القانون الذي يقرر المتعاقدان الخضوع لأحكامه صراحة أو ضمناً مع مراعاة الأحكام المقررة في هذه المادة وهذا حكم عام يمكن لسلطان الإرادة ويضمن وحدة القانون الواجب تطبيقه على العقد وحده لا تكفلها فكرة تحليل عناصر العقد واختيار القانون الذي يتلاءم مع طبيعة كل منها.
ويلاحظ أن المشروع قد أختار صيغة مرنة لا تقطع على القضاء سبيل الاجتهاد ولا تحول دون الانتفاع من كل تطور مقبل في حركة الفقه، وقد قرن المشروع هذه الصيغة بنصوص خاصة بعضها يعين اختصاصاً تشريعياً آمراً بالنسبة لعقود معينه وبعضها يضع قرائن يستخلص منها الإرادة عند عدم الاتفاق، وبعض آخر يعين اختصاصها تشريعياً لمسائل تتعلق بتنفيذ العقود .
كما تناولت هذه المادة الأحكام المتعلقة بشكل العقود ويطبق عليها ذات الأحكام التي تطبق على موضوعها .
ونصت الفقرة الثانية على سريان قانون موقع العقار على العقود التي أبرمت بشأنه.
وهذه المادة تقابل المواد 20 و 21 أردني و 19 و 20 مصري و 20 و 21 سوري و 25 و 26 عراقي .

المادة 20
1. يسري على الالتزامات غير التعاقدية قانون الدولة التي حدثت فيها الواقعة المنشئة للالتزام.
2. ولا تسري أحكام الفقرة السابقة فيما يتعلق بالالتزامات الناشئة عن العمل غير المشروع وذلك بالنسبة للوقائع التي تحدث في الخارج وتكون مشروعة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وان عدت غير مشروعة في البلد التي وقعت فيه.
المذكرة الإيضاحية :
بعد أن بسط المشروع أحكام الالتزامات التعاقدية في النصوص المتقدمة عرض في المادة 20 للالتزامات غير التعاقدية فضمن فقرتها الأولى القاعدة العامة وخص الثانية بتفصيل يتعلق بالعمل غير المشروع، وتنحصر القاعدة العامة في خضوع الالتزامات غير التعاقدية بوجه عام سواء أكان مصدرها الفعل الضار أم الإثراء دون سبب مشروع لقانون البلد الذي وقعت فيه الحادثة المنشئة للالتزامات ولا تدخل الالتزامات المترتبة على نص القانون مباشرة في نطاق النص لأن القانون نفسه هو الذي يتكفل بتقريرها وتعيين من يلتزم بها دون أن يضع لذلك ضابطاً معيناً أو قاعدة عامة.
وتورد المادة في فقرتها الثانية استثناء يتعلق بالمسئولية عن الفعل الضار فتنص على أن أحكام الفقرة السابقة لا تسري فيما يتعلق بالالتزامات الناشئة عن الفعل الضار على الوقائع التي تحدث في الخارج والتي تكون مشروعة في دولة الإمارات العربية المتحدة وأن عدت غير مشروعة في البلد الذي وقعت فيه لأن إلحاق وصف المشروعية بواقعة من الوقائع أو نفي هذا الوصف عنها أمر يتعلق بالنظام العام.
وهذه المادة تقابل المواد 22 أردني و 21 مصري و 22 سوري و 27 عراقي .

المادة 21
يسري على قواعد الاختصاص وجميع المسائل الإجرائية قانون الدولة التي تقام فيها الدعوى أو تباشر فيها الإجراءات.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة تتناول قواعد الاختصاص والمسائل الإجرائية وقررت أن يسري عليها قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات وهذا حكم عام يقوم على اتصال هذه الإجراءات وتلك القواعد بالنظام العام، وقد تقدمت الإشارة إلى كثير من تطبيقاته من قبل ويلاحظ أن تعبير الاختصاص ينصرف إلى ولاية المحكمة كما ينصرف إلى الاختصاص النوعي والمكاني والشخصي وأن تعبير الإجرائية يشمل جميع الأوضاع التي تتبع أمام المحاكم لاستصدار أمر ولائي أو حكم قضائي لمباشرة إجراءات التنفيذ وغيرها من الإجراءات التي رسمها القانون.
وهذه المادة تقابل المواد 23 أردني و 22 مصري و 23 سوري و 28 عراقي .

المادة 22
لا تسري أحكام المواد السابقة إذا وجد نص في قانون خاص أو في معاهدة دولية نافذة في البلاد يتعارض معها.
المذكرة الإيضاحية :
تواجه هذه المادة وما بعدها مشاكل تعرض بصدد تطبيق قواعد القانون الدولي الخاص التي قررتها النصوص السابقة، فقد تكون هذه القواعد مخالفة لحكم مقرر بمقتضى نص خاص أو بمقتضى معاهدة دولية نافذة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد تعرض أمراً لا حكم له في تلك القواعد ولا في نص أو معاهدة خاصة وقد تقضي قاعدة بوجوب تطبيق قانون جنسية الشخص ولكن هذا الشخص لا تعرف له جنسية أو تتعدد جنسياته وأخيراً قد يتعارض تطبيق أحكام القوانين الأجنبية مع النظام العام أو الآداب. وقد نصت هذه المادة على أن أحكام المواد السابقة لا تسري إلا حيث لا يوجد نص على خلاف ذلك في قانون أو في معاهدة دولية نافذة في الدولة وهذا الحكم لا يتمشى مع القواعد العامة في تفسير النصوص وفي فقه القانون الدولي الخاص، فقواعد التفسير تقضي بأن الحكم الخاص يحد من إطلاق الحكم العام بالنسبة إلى الحالة التي أريد التخصيص في شأنها . أما المعاهدات فلا تكون نافذة في دولة الإمارات العربية المتحدة إلا إذا صدر تشريع يقضي بذلك ومتى صدر هذا التشريع وجب إمضاء أحكام المعاهدة وفقاً لما أستقر عليه الفقه ولو تعارضت مع القواعد التي تقدمت الإشارة إليها.
وهذه المادة تقابل المواد 24 أردني و 23 مصري و 25 سوري و 29 عراقي .

المادة 23
تتبع مبادئ القانون الدولي الخاص فيما لم يرد بشأنه نص في المواد السابقة من أحوال تنازع القوانين.
المذكرة الإيضاحية :
تواجه هذه المادة حالة عدم وجود نص في شأن حالة من أحوال تنازع القوانين وتحيل في ذلك للقانون الدولي الخاص.
وهذه المادة تقابل المواد 25 أردني و 24 مصري و 26 سوري و 30 عراقي .

المادة 24
يعين القاضي القانون الذي يجب تطبيقه في حالة مجهولي الجنسية أو الذين تثبت لهم جنسيات متعددة في وقت واحد. على أن الأشخاص الذين تثبت لهم في وقت واحد جنسية دولة الإمارات وجنسية دولة أخرى فان قانون دولة الإمارات هو الذي يجب تطبيقه.
المذكرة الإيضاحية :
تعرض هذه المادة لحالتي التنازع السلبي عدم وجود جنسية للشخص والتنازع الإيجابي للجنسية تعدد جنسيات الشخص فتنصعلى أن يعين القضاء القانون الذي يجب تطبيقه دون أن تقيد في هذا التعيين بقيد، كما تنص على تغليب جنسية دولة الإمارات العربية المتحدة عند تزاحمها مع غيرها من الجنسيات التي يتمتع بها شخص واحد وهذا مبدأ عام أستقر في العرف الدولي باعتبار أن تحديد الجنسية مسألة تتعلق بالسيادة ولا يقبل أن تحتكم الدولة في شأنها لغير قانونها. ويراعى أن تحويل القضاء سلطة التقدير وفقاً لأحكام هذه المادة خير من تقييده بضوابط تحد من اجتهاده والغالب أن يعيد القضاء في حالة التنازع السلبي للجنسية بقانون الشخص أو محل إقامته وهو القانون الوطني في أكثر الفروض وأن يعتد في حالة التنازع الإيجابي متى كانت جنسية دولة الإمارات العربية غير داخلة في التنازع بالجنسية التي يظهر من الظروف أن الشخص يتعلق بها أكثر من سواها.
وهذه المادة تقابل المواد 26 أردني و 25 مصري و 26 سوري و 33 عراقي .

المادة 25
إذا ظهر من الأحكام الواردة في المواد السابقة إن القانون الواجب تطبيقه هو قانون دولة معينة تتعدد فيها الشرائع فان القانون الداخلي في تلك الدولة هو الذي يحدد أي شريعة منها يجب تطبيقها. فإذا لم يوجد به نص طبقت الشريعة الغالبة أو قانون الموطن حسب الأحوال .
المذكرة الإيضاحية :
تواجه هذه المادة حالة تعدد الشرائع التي يتكون منها القانون الواجب تطبيقه في دولة معينة كتعدد القوانين التي تطبق في شأن الزواج مثلاً بتعدد الطوائف وتقضي في هذه الحالة بأن القانون الداخلي لهذه الدولة هو الذي يعين الشريعة التي يجب تطبيقها من بين هذه الشرائع وقد أستمد المشروع الحكم الوارد في هذه المبادئ مما أستقر عليه الرأي في الفقه والقضاء بوجه عام .
ويراعى أن هذا الحكم يختلف عن حكم الإحالة، ولو أن بعض الفقهاء يطلق على هذه الصورة الأخيرة اسم الإحالة الداخلية والواقع أن الإحالة بمعناها العام تثبت فيها الولاية لقانون دولة معينه، ولكن هذا القانون يتخلى عن ولايته هذه لقانون آخر أما الإحالة الداخلية فلا يتخلى قانون الدولة عن ولايته، وإنما هذه الولاية تكون موزعة بين شرائع متعددة ويكون من المتعين أن يُرجع إلى القانون الداخلي في هذه الدولة لتعيين الشريعة الواجب تطبيقها من بين تلك الشرائع، وبعبارة أخرى يتخلى قانون الدولة عن اختصاصه في الإحالة ويرد هذا الاختصاص إلى دولة أخرى بمقتضى قاعدة من قواعد الإسناد الخاص بتنظيم التنازع الدولي ما بين القوانين، أما في الإحالة الداخلية فلا يتخلى قانون الدولة عن اختصاصه وإنما هو يعين من بين الشرائع المطبقة فيها شريعة يوجب تطبيقها بمقتضى قاعدة من قواعد تنظيم التنازع الداخلي ما بين القوانين، وفي حالة عدم وجود نص في القانون الداخلي تطبيق الشريعة الغالبة أو قانون الموطن حسب الأحوال .
وهذه المادة تقابل المواد 27 أردني و 26 مصري و 28 سوري و 31 عراقي والحكم الوارد في نهاية المدة مستمد من مشروع القانون المدني العربي الموحد .

المادة 26
1. إذا تقرر أن قانونا أجنبيا هو الواجب التطبيق فلا يطبق منه إلا أحكامه الداخلية دون التي تتعلق بالقانون الدولي الخاص.
2. على انه يطبق قانون دولة الإمارات العربية المتحدة، إذا أحالت على قواعده نصوص القانون الدولي المتعلقة بالقانون الواجب التطبيق.
المذكرة الإيضاحية :
تنص هذه المادة على وجوب تطبيق الأحكام الموضوعية في القانون الذي تقضي النصوص بتطبيقه دون القواعد التي تتعلق بالقانون الدولي الخاص، ويستثنى من ذلك أن تحيل نصوص القانون الدولي لقانون دولة الإمارات العربية المتحدة ففي هذه الحالة تطبق أحكامه.
وهذه المادة تقابل المواد 28 أردني و 27 مصري و 29 سوري و 31 عراقي .

المادة 27
لا يجوز تطبيق أحكام قانون عينته النصوص السابقة إذا كانت هذه الأحكام تخالف الشريعة الإسلامية أو النظام العام أو الآداب في دولة الإمارات العربية المتحدة.
المذكرة الإيضاحية :
تنص هذه المادة على أنه لا يجوز تطبيق أحكام قانون عينته النصوص السابقة إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للشريعة الإسلامية أو النظام العام أو الآداب في دولة الإمارات العربية المتحدة وهذا الحكم بالنسبة إلى الحالتين الأخيرتين انعقد عليه الإجماع وحذا المشرع في تقنينه حذو كثير من التشريعات الأجنبية، وينبغي التنويه بأن إعمال فكرة النظام العام والآداب لترتيب الأثر الذي تقدمت الإشارة إليه فيما يتعلق باستبعاد تطبيق القوانين الأجنبية، يختلف عن إعمال الفكرة في نطاق روابط الالتزامات التي لا يدخل في تكوينها عنصر أجنبي، وأما عدم تطبيق أحكام مخالفة للشريعة الإسلامية فإن هذا يتمشى مع تأسيس هذا القانون على أحكام تلك الشريعة الغراء.
وهذه المادة تقابل المواد 29 أردني و 28 مصري و 30 سوري و 32 عراقي .

المادة 28
يطبق قانون دولة الإمارات العربية المتحدة إذا تعذر إثبات وجود القانون الأجنبي الواجب التطبيق أو تحديد مدلوله.
المذكرة الإيضاحية :
تضع هذه المادة حكماً عاماً من مقتضاه تطبيق قانون دولة الإمارات العربية المتحدة إذا تعذر إثبات وجود القانون الأجنبي الواجب التطبيق أو تحديد مدلوله .
وهذه المادة مستمدة من مشرع القانون المدني العربي الموحد.

الفصل الثاني
بعض قواعد الأصول الفقهية التفسيرية
تضمنت المواد من 29 إلى 70 من الباب التمهيدي بعض قواعد الأصول الفقهية التفسيرية على النحو الآتي :

المادة 29
الجهل بالأحكام الشرعية ليس عذراً.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة تقرر القاعدة الأصولية التي تمنع التمسك بالجهل بالأحكام وهي معمول بها في الفقه الحديث .

المادة 30
الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع في تفسيره.
المذكرة الإيضاحية :
وتقرر هذه المادة أصلاً عاما من أصول القواعد التفسيرية مفاده عدم جواز القياس على الاستثناء والقياس هو إثبات حكم للفرع كحكم الأصل بناء على وجود مماثلة في العلة بين المقيس والمقيس عليه، أو بعبارة أخرى بين المشبه والمشبه به، ويتبين من ذلك أن القياس يكون على أصل، ولما كان الاستثناء خلافاً للأصل فبالتالي فإنه لا يجوز القياس عليه، كما أنه تفريعاً على ذلك فإنه لا يجوز التوسع في تفسيره وإنما يتم ذلك في حدود الضرورة التي دعت لهذا الاستثناء.

المادة 31
ما ثبت بنص آمر يقدم على ما وجب بالشرط.
المذكرة الإيضاحية :
ومثال ذلك أن تشترط المرأة على زوجها أن يدفع لها تعويضاً إذا أراد أن يرتجعها بعد طلاق رجعي ثم وقع الطلاق الرجعي وأراد رجعتها فإن له ذلك بدون أن يدفع لها تعويضاً لأن الرجعة أمر ثابت بنص، وشرط التعويض لا عبرة به.

المادة 32
ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
المذكرة الإيضاحية:
ومثال ذلك الطهارة بالنسبة للصلاة لا تصح إلا بها فهي إذن واجبه والتوبة لا يتوصل إليها إلا بمعرفة الذنوب، فمعرفة الذنوب إذن واجبة وفهم الكتاب والسنة فرض لكن هذا الفهم لا يمكن إلا بمعرفة اللغة العربية فتعلمها أذن واجب.

المادة 33
الحكم يدور مع علته وجودا وعدماً.
المذكرة الإيضاحية :
وهي قاعدة أصولية مبناها أن الحكم مرتبط بعلته فمتى وجدت العلة وجد الحكم بصرف النظر عن أي اعتبار والعكس صحيح.

المادة 34
المثليات لا تهلك.
المذكرة الإيضاحية :
إذا تعلق محل الالتزام بشيء فإن تحديده يختلف باختلاف ما إذا كان هذا الشيء معيناً بذاته أم بنوعه فحسب، فالشيء المعين بذاته أي الشيء القيمي يتعين بمميزاته الذاتية بشرط أن يكون هذا التعيين واضحاً نافياً للجهالة، والشيء المعين بنوعه أو الشيء المثلي يتحدد بنوعه وبمقداره ودرجة جودته أو صنفه.
ومن الشروط الأساسية في محل الالتزام أن يكون موجوداً ويلاحظ أن عدم وجود الشيء الذي يتعلق به محل الالتزام لا يتصور إلا بالنسبة إلى الأشياء المعينة بالذات أي القيمية إذ أن الأشياء المثلية يتصور دائماً وجودها ما دامت متوافرة في الأسواق حتى لو كانت غير موجوده عند المدين فهي تقوم مقام بعضها في الوفاء ومن هنا ساد القول في الفقه بأن المثليات لا تهلك.
وقد استمدت هذه المادة من مشروع القانون المدني العربي الموحد.

المادة 35
اليقين لا يزول بالشك.
المذكرة الإيضاحية :
وأصل هذه المادة المادة 4 من المجلة .
واليقين أقوى من الشك فلا يرتفع اليقين بالشك الضعيف أما اليقين فيزول باليقين الأخر وهذه القاعدة مأخوذة من قاعدة ما ثبت بيقين لا يرتفع بالشك وما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين والمقصود بالشك هنا الشك الطارئ بعد حصول اليقين في الأمر ومثال ذلك : إذا سافر رجل إلى بلاد بعيده فانقطعت أخباره مدة طويلة فانقطاع أخباره يجعل شكاً في حياته إلا أن ذلك الشك لا يزيل اليقين وهو حياته المتيقنة قبلاً وعلى ذلك فلا يجوز الحكم بموته وليس لورثته اقتسام تركته ما لم يثبت موته يقيناً وبالعكس إذا سافر آخر بسفينه وثبت غرقها فيحكم بموت الرجل لأن موته ظن غالب والظن الغالب بمنزلة اليقين، مثال آخر : لو أقر شخص بمبلغ لآخر قائلاً أظن أنه يوجد لك بذمتي كذا فإقراره هذا لا يترتب عليه حكم لأن الأصل براءة الذمة والأصل هو المتيقن فما لم يحصل يقين بشغل ذمته لا يثبت المبلغ عليه للمقر له إذ أن إقراره لم ينشأ منه عن يقين بل عن شك وظن وهذا لا يزيل اليقين ببراءة ذمة المقر شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 74 أردني.

المادة 36
الأصل بقاء ما كان على ما كان .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 5 من مجلة الأحكام العدلية .
وهذا الأصل يسمى الاستصحاب وهو اعتبار الحالة الثابتة في وقت ما مستمرة في سائر الأوقات حتى يثبت انقطاعها أو تبدلها.
فلو ادعى المقترض دفع الدين إلى المقرض أو ادعى المشتري دفع الثمن إلى البائع أو أدعى المستأجر دفع الأجرة إلى المؤجر وأنكر المقرض أو البائع أو المؤجر كان القول لهؤلاء المنكرين مع اليمين أي أن هذه الديون تعتبر باقية في ذمة الملتزمين بها ما لم يثبتوا الدفع لأنها كانت مستحقة عليهم بيقين فالأصل بقاؤها في ذممهم حتى يثبت سقوطها وإنما لهم تحليف الدائنين اليمين على عدم القبض فإذا حلفوا قُضي لهم.
وهذه المادة تقابل المادة 75 من القانون الأردني.

المادة 37
الأصل براءة الذمة.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 8 من مجلة الأحكام العدلية وأساس هذه القاعدة أن المرء يولد خالياً من كل دين أو التزام أو مسئولية وكل شغل لذمته من الحقوق إنما يطرأ بأسباب عارضة بعد الولادة والأصل في الأمور العارضة العدم.
فمن أدعى على غيره التزاماً بدين أو بعمل أياً كان سببه من عقد أو إتلاف أو أي سبب من أسباب الضمان فعليه هو الإثبات إذا أنكر الخصم لأن هذا الخصم يتمسك بحالة أصلية هي براءة الذمة فيكون ظاهرة الحال شاهداً له ما لم يثبت خلافه الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد لمصطفى الزرقا ص 964 .
وهذه المادة تقابل المادة 73 من القانون الأردني.

المادة 38
الأصل في الصفات العارضة العدم.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 9 من مجلة الأحكام العدلية .
والمراد بالأمور العارضة ما كان عدمه هو الحالة الأصلية والغالبة فيكون العدم هو المتيقن لأنه هو الحالة الطبيعية ويكون تغييره إلى الوجود عارضاً مشكوكاً فيه فلو أدعى شخص على آخر أنه عقد معه عقداً أو اتلف له مالاً أو أرتكب جريمة وأنكر الآخر فالقول لهذا حتى يثبت المدعي هذه الأفعال لأنها أمور عارضة وإن الحالة الأصلية المتيقنة قبلاً هي عدمها.
وكذلك لو أختلف المتبايعان في صحة الدابة المبيعة أو مرضها فالقول للبائع في زعم الصحة لأن المرض هو العارض وإن السلامة هي الحالة الطبيعية الأصلية.

المادة 39
ما ثبت بزمان يحكم ببقائه ما لم يوجد دليل على خلافه.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 10 من المجلة .
وهذه القاعدة مطابقة لقاعدة الأصل إبقاء ما كان على ما كان ومتممة لها وهي نفس قاعدة الاستصحاب ومعناها أن الشيء الذي ثبت حصوله في الزمن الماضي يحكم ببقائه في الحال ما لم يوجد دليل على خلافه والشيء الثابت وجوده في الحال يحكم أيضاً باستمراره من الماضي ما لم يوجد ما يزيله ومثال ذلك أن يشهد الشهود على أن الشيء كان ملك فلان فإن شهادتهم على الملكية في الماضي وأن لم تثبت ملكيته في الحال ألا إنها تقبل ويحكم بموجبها ما دام لم يوجد ما يزيلها. شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 75 بند 2 من القانون الأردني.

المادة 40
الأصل إضافة الحادث إلى أقرب أوقاته.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 11 من مجلة الأحكام العدلية .
وكثيراً ما تختلف أحكام الحوادث ونتائجها باختلاف تاريخ حدوثها فعند التنازع في تاريخ الحادث يحمل على الوقت الأقرب إلى الحالة حتى يثبت الأبعد لأن الوقت الأقرب قد أتفق الطرفان على وجود الحادث فيه وانفرد أحدهما يزعم وجوده قبل ذلك فوجود الحادث في الوقت الأقرب متيقن وفي الأبعد مشكوك.

المادة 41
ما ثبت على خلاف القياس فغيره لا يقاس عليه.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 15 من المجلة .
ويعبر عن هذه القاعدة بعبارة أخرى وهي النص الوارد على خلاف القياس يقتصر على مورده والقياس يعرف بأنه : إثبات حكم للفرع كحكم للأصل بناء على وجود مماثلة في العلة بين المقيس والمقيس عليه أو بين المشبه والمشبه به.
ومن أمثلة القياس أن الله سبحانه وتعالى يقول والسارق والسارقة فأقطعوا أيديهما فهذا الحكم لا يطبق على من نبش قبراً وسرق كفناً منه لأنه لم يأخذ مالاً محرزاً وهو علة الحكم الخاص بالسارق ولذلك يحكم على النباش بغير قطع اليد.
كما أن الصغير لا يزوج نفسه قياساً على أنه لا يجوز له التصرف في ماله.
والحكم الذي يترتب بصورة مخالفة للقياس لا يجوز القياس عليه ومثال ذلك بيع الإستصناع فهو جائز على خلاف القياس لأن بيع المعدوم باطل ولذلك لا يجوز القياس على بيع الإستصناع كما أن بيع السلم على خلاف القياس ولذلك لا يجوز اعتبار بيع ثمر الشجر الذي لم يظهر ثمره جائزاً استناداً على جواز بيع أو بيع السلم لأن النص بجواز الإستصناع على خلاف القياس شرع المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 221 أردني.

المادة 42
1. لا ضرر ولا ضرار.
2. الضرر يزال .
3. الضرر لا يزال بمثله.
المذكرة الإيضاحية :
والبند 1 هو المادة 19 من المجلة والضرر مفسده بالغير والضرار هو مقابلة الضرر بالضرر.
وهذه القاعدة نص حديث نبوي شريف، وهي من أركان الشريعة وتشهد لها نصوص كثيرة وهي أساس لمنع الفعل الضار وترتيب نتائجه في التعويض المالي والعقوبة كما أنها سند لمبدأ الاستصلاح في جلب المصالح ودرء المفاسد.
ونصها يوجب منع الضرر مطلقاً عاماً أو خاصاً كما يشمل دفعه قبل الوقوع بالطريق الممكنة وبعد الوقوع بإزالة أثاره ومنع تكراره .
والمقصود بمنع الضرار نفي فكرة الثأر المحض الذي يزيد في الضرر ولا يفيد سوى توسيع دائرته فمن أتلف غيره ماله ليس له إتلاف مال الغير.
وفرع الفقهاء على هذه القاعدة أحكاماً عديدة مثل :
1. لو انتهت مدة الإجازة الزراعية قبل حصد الزرع تبقى الأرض في يد المستأجر بأجر المثل حتى يستحصد منعاً لضرر المستأجر بقلع زراعته قبل الأوان.
2. احترام الحقوق القديمة من منافع ومرافق وتصرفات ولو لم يكن بأيدي أصحابها وثائق حقيقية لأن في إزالتها أضرار لهم .
3. جواز حبس المشهورين بالدعارة والفساد حتى تظهر توبتهم ولو لم يثبت عليهم جرم معين بطريق قضائي دفعاً لشرهم .
4. الإضرار لدفع دين الغير بلا إذنه يجعل للدافع حق الرجوع على الغير منعاً للضرر عن نفسه.
والبند 2 هو المادة 20 من المجلة وهي تعبير عن وجوب رفع الضرر وترميم آثاره بعد الوقوع كالتزام من يضر ميزابه المارين بالطريق بإزالته أو إلزام المتلف عوض ما أتلفه.
وقد شرعت كثير من الخيارات في العقود لإزالة الأضرار الواقعة على أحد المتعاقدين كخيار العيب وخيار الغبن بالتغرير وخيار تفرق الصفقة.
والبند 3 أصله المادة 25 من المجلة ومقتضاه عدم إزالة الضرر بمثله ولذلك فلو لم يجد المحتاج لدفع الهلاك عن نفسه جوعاً إلا مال محتاج مثله فلا يجوز له أخذه، ولا تفرض نفقة للفقير على قريبة الفقير، ولا يقبل إجبار الشريك على قسمة المال المشترك إذا كان في ذلك ضرر أكثر من ضرر الشركة، ولا يجوز للمشتري رد المبيع المعيب بعيب قديم إذا أصابه عيب عنده.
وهذه المادة تقابل المادة 62 أردني.

المادة 43
الضرورات تبيح المحظورات .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 21 من المجلة .
والضرورة هي العذر الذي يجوز بسببه إجراء الشيء الممنوع والمباح شرعاً هو الشيء الذي يجوز تركه وفعله في نظر الشرع ومن أمثلة ذلك إذا أصبح الشخص في حالة الهلاك من الجوع فله أخذ مال غيره ولو بالجبر على شرط أداء ثمنه فيما بعد أو الحصول على رضاء صاحب المال، كما أنه يجوز للشخص أن يقتل الجمل الذي يصول عليه تخليصاً لحياته أو إذا أكره شخص آخر بتهديده بالقتل ليتلف مال الغير. والضرورات لا تبيحكل المحظورات بل يجب أن تكون المحظورات دون الضرورات أما إذا كانت الممنوعات أو المحظورات أكثر من الضرورات فلا يجوز إجراؤها ولا تصبح مباحة، فلا يجوز لإنسان قتل آخر بدعوى إكراهه وتهديده بالقتل لأن الضرورة هنا مساوية للمحظور شرح المجلة لعلي حيدر .
هذه المادة تقابل المادة 222 أردني .

المادة 44
درء المفاسد أولى من جلب المنافع.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 30 من المجلة وسببها أن للمفاسد سرياناً وتوسعاً كالوباء والحريق فمن الحكمة والحزم القضاء عليها في مهدها ولو ترتب على ذلك حرمان من منافع أو تأخير لها ومن ثم فإن حرص الشارع على منع المنهيات أقوى من حرصه على تحقيق المأموريات.
وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم . وعلى هذا يجب شرعاً منع التجارة بالمحرمات من خمر ومخمورات ولو أن فيها أرباحاً ومنافع اقتصادية.
وهذه المادة تقابل المادة 64 أردني.

المادة 45
الاضطرار لا يبطل حق الغير .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة توافق المادة 33 من المجلة والمقصود منها أن اضطرار الإنسان لاستعمال مال غيره أو حقه لا يبطل حق ذلك الغير في مطالبته بالأجرة أو التعويض كما يتبين في شرح هذه المادة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 63 أردني .

المادة 46
1. العادة محكمة عامة كانت أو خاصة.
2. وتعتبر العادة إذا أطردت أو غلبت.
3. وتترك الحقيقة بدلالة العادة
المذكرة الإيضاحية :
وأصل هذه المواد المادة 36 و 40 و 41 من المجلة.
ومعنى البند 1 أن العادة عامة أو خاصة تجعل حكماً لإثبات حكم شرعي وهي مأخوذة من الحديث الشريف ما راه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وهي مأخوذة من كتاب الأشباه وكتاب المجامع والعادة هي الأمر الذي يتقرر في النفوس ويكون مقبولاً عند ذوي الطباع السليمة بتكراره المرة بعد المرة ومثال ذلك ما جرى الناس على دخوله في البيع دون ذكر له وكذلك إذا كان العرف دفع الثمن مقسطاً كذلك استئجار المرضع جائز عملاً بالعادة مع أنها في الأصل إجارة فاسدة لجهل المنفعة.
وأما البند 2 فمعناه أنه يشترط في العادة لكي تكون معتبرة أن تكون مطردة أي لا تتخلف أو غالبة.
وأما البند 3 فمثاله الإبراء المعلق على الموت فإنه يعتبر ويحمل على الوصية شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 220 أردني .

المادة 47
استعمال الناس حجة يجب العمل بها .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 37 من المجلة.
ومعناها أن وضع اليد على الشيء والتصرف فيه دليل على الملك ظاهراً، واستعمال الناس إن كان عاماً يعد حجة في حق العموم وإن كان خاصاً ببلدة مثلاً لا يكون حجة ومثال ذلك لو أستعان شخص بآخر لشراء مال وطلب المستعان به أجراً ينظر إلى تعامل أهل السوق إن كان له أجر أخذه وإلا فلا، وكذلك لو أهدى شخص شيئاً كالتفاح مثلاً في صحن، يجب رد الصحن إلا إذا أهداه بلحاً أو عنباً في سل فلا يرد السل لجريان العادة بذلك وكذلك تعيين وقت عمل الأجير يرجع فيه لعرف البلدة ... وكذلك لو تعورف على وقف المنقول كان وقفه صحيحاً ويشترط العرف حتى يكون حجة ألا يكون مخالفاً لنص أو شرط شرح المجلة لعلي حيدر.

المادة 48
الممتنع عادة كالممتنع حقيقة.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 38 من المجلة وتعني هذه المادة أن ما أستحال عادة لا تسمع فيه الدعوى كالمستحيل عقلاً كما لو أدعى شخص بأن الجنين الذي في بطن هذه المرأة قد باعني مالاً فإن الادعاء في هذه الحالة غير صحيح لأنه لسبب مستحيل عادة وكذلك إذا ادعى من عرف بالفقر على من عُرف بالغنى بأنه استدان منه مبلغاً لا يجوز العادة وقوع مثله أو من يدعي أن زيداً ابنه ولا يولد مثله لمثله شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 223 أردني .

المادة 49
العبرة للغالب الشائع لا للنادر.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 42 من المجلة.
والشائع هو الأمر الذي يصبح معلوماً للناس وذائعاً بينهم مثال ذلك الحكم بموت المفقود لمرور تسعين سنة من عمره مستنداً على الشائع الغائب بين الناس من أن الإنسان لا يعيش أكثر من تسعين عاماً على أن البعض قد يعيش أكثر من ذلك إلا أنه نادر، والنادر لا حكم له بل يحكم بموته على العرف الشائع وتقسم أمواله بين ورثته شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 220 أردني .

المادة 50
المعروف عرفاً كالمشروط شرطا .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 43 من المجلة.
وفي الكتب الفقهية عبارات أخرى لهذه القاعدة مثل الثابت بالعرف كالثابت بدليل شرعي و المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً و الثابت بالعرف كالثابت بالنص و المعروف بالعرف كالمشروط باللفظ ومن أمثلتها إذا أتفق شخص من أجير ولم يتفق على الأجر دفع له أجر المثل عملاً بالعرف والعادة، وكمن ينام في فندق يدفع أجرته المتعارف عليها، وإذا أشترى قصاب بقرة فلا يجوز له ردها على أنها غير حلوب لأن من المعروف أن يشتري للذبح، وكذلك لو كان المتعارف عليه أن يترك راعي القرية المواشي على رأس الزقاق فإنه لا يضمن ما يحدث لها عند تفرقها لدورها فإذا إعتاد توصيلها لدورها ضمن شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 224 أردني .

المادة 51
التعيين بالعرف كالتعيين بالنص .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 45 من المجلة.
ويتفرع من هذه المادة فروع منها الإعارة المطلقة المتقيدة بالعرف والعادة مثال ذلك لو أعار شخص آخر دابة إعارة مطلقة لا يجوز للمستعير أن يركبها أو يحملها غير المعتاد المتعارف عليه فلو حملها حديداً أو سلك بها طريقاً وعراً وكان تحميل الحديد وسلوك ذلك الطريق غير معتاد يضمن كذلك الوكيل ببيع شيء وكالة مطلقة تعتبر عادة بأن لا يكون تصرفه مضراً بالموكل وكل شخص آخر ببيع شيء وكالة مطلقة فله أن يبيع ذلك المال بثمن معجل أو مؤجل إلى أجل متعارف التأجيل بين التجار ولا يجوز له أن يبيعه لأجل أبعد من المعتاد، وكذلك لو وكله في بيع شيء لا يحق له أن يبيع بعضه إن كان في تبعيضه ضرر عادة شرح المجلي لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 226 أردني .

المادة 52
إذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 46 من المجلة.
ومعناها أنه إذا وجد في مسألة سبب يستلزم العمل بها، وسبب آخر يمنع العمل يرجح المانع، ومثال ذلك لو رهن رجل عند آخر داره مثلاً يمنع الراهن عن بيعها مع أنه مالك لها وبيان ذلك أن ملكيته للدار تقتضي أن يتصرف صاحبها بها كيف شاء، إلا أن حق المرتهن في الدار وجعلها في يده مانع يحفظ ماله والمانع مرجح على المقتضي فيعمل به، كذلك لو أقر شخص لوارثه ولأجنبي معه بمال في مرض الموت لا يصح لأن الإقرار للوارث في مرض الموت لا يعتبر فيكون مانعاً كذلك لو بيع شيء معلوم وآخر مجهول صفقة واحدة لا يصح لمعارضة المانع وهو جهالة أحد المبيعين في الصفقة الواحدة لمقتضى وهو صحة العقد في البيع المعلوم، وكذا لو أشترى شخص من مالاً متقوماً وغير متقوم معا. شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 227 أردني .

المادة 53
التابع تابع ولا يفرد بالحكم .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 47 من المجلة.
ويعني هذا النص أن التابع للشيء في الوجود تابع لذلك الشيء في الحكم فلو بيعت بقرة مثلاً في بطنها جنين، دخل الجنين في البيع بلا نص عليه لأنه تبع لها فيتبعها في الحكم، وكذلك لو باع شخص بستاناً من آخر وقبل التسليم أثمر شجر ذلك البستان فلا يحق للبائع أن يجني ذلك الثمر لنفسه بل يكون مملوكاً للمشتري تبعاً، كما أن الزوائد التي تحصل في البيع بعد العقد وقبل القبض تكون مملوكة للمشتري كذلك لو رهن رجل عند آخر ناقة ونتجت عند المرتهن فالنتاج يكون رهناً أيضاً تبعاً لأمه ولا يحق للراهن أن يأخذه قبل فك الرهن شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 228 أردني .

المادة 54
إذا سقط الأصل سقط الفرع .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 50 من المجلة.
وهذه القاعدة مذكرة في الأشياء بعبارة يسقط الفرع إذا سقط الأصل ومن هذا القبيل أيضاً قاعدة التابع يسقط بسقوط المتبوع ويفهم من هذه القاعدة أنه يسقط التابع بسقوط المتبوع أو يسقط الفرع بسقوط الأصل أما إذا سقط الفرع أو سقط التابع فلا يسقط المتبوع مثال ذلك لو أبرأ الدائن المدين من الدين فكما أنه يبرا المدين يبرأ منه الكفيل أيضاً . لأن المدين في الدين أصل والكفيل فرع فبسقوطه عن الأصل يسقط عن الفرع وعلى العكس من ذلك فإن سقوط الفرع لا يوجب سقوط الأصل كما لو سقط الدين عن الكفيل بأن أبراه الدائن فإن الدين لا يسقط عن الأصل وهو المدين . شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 209 أردني .

المادة 55
الساقط لا يعود كما أن المعدوم لا يعود.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 51 من المجلة.
وهذه القاعدة تعني أنه إذا أسقط شخص حقاً من الحقوق التي يجوز له إسقاطها يسقط ذلك الحق وبعد إسقاطه لا يعود . مثال ذلك لو كان لأحد ديناً على آخر فأسقطه ثم ندم على ذلك فلا يجوز له أن يرجع عليه بالدين لأن ذمته برأت بالإسقاط وكذلك إذا سلم البائع المبيع قبل قبض الثمن فيكون قد أسقط حقه في الحبس فليس له بعد ذلك أن يطالب باسترجاع المبيع ليحبسه، وكذلك لو أشترى شخص شيئاً على خيار الرؤية ثم باعه الثالث قبل أن يراه يكون قد أسقط حقه في خيار الرؤية ولا يجوز له بعد ذلك رد المبيع بخيار الرؤية إذا راه شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 230 أردني .

المادة 56
إذا بطل الشيء بطل ما في ضمنه.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 52 من المجلة.
ومعنى هذه المادة أن الشيء الذي ثبت ضمناً إذا بطل متضمنه لا يبقى له حكم مثال لو أشترى شخص من آخر اليمين الموجه عليه في المحكمة فلما كان هذا الشراء باطلاً فإن إسقاط اليمين الذي في ضمنه باطلاً أيضاً كذا لو تصالح طرفان فأبرا الواحد منهما الآخر وكتبوا بذلك سندات فيما بينهما فظهر أن ذلك الصلح فاسد فكما أنه يكون باطلاً يكون الإبراء الذي في ضمنه باطلاً أيضاً ويستثنى من ذلك حالة ما إذا تصالح الشفيع والمشتري ببدل معلوم على حق الشفعة فالصلح غير صحيح ولكن يسقط حق الشفيع في الشفعة فهنا مع بطلان الصلح لم يبطل إسقاط الشفعة الذي هو من ضمن الصلحكما تقتضي القاعدة شرح المجلة لعلي حيدر
وهذه المادة تقابل المادة 231 أردني .

مادة 57
أن بطل الأصل يصار إلى البدل .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 53 من المجلة .
ويفهم من هذه المادة أنه يجب إيفاء الأصل ولا يجوز إيفاء البدل بدون رضاء صاحب المال ما دام إيفاء الأصل ممكناً لأن إيفاء الأصل هو الأداء أما إيفاء الشيء بالبدل فهو إيفاء بالخلف عن الأصل والرجوع إلى الخلف مع وجود الأصل غير جائز كالمال المغصوب مثلاً فهو إذا كان موجوداً في يد الغاصب يجب رده عيناً ولا يجوز إيفاء بدله مع وجوده شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 232 أردني .

مادة 58
التصرف على الرعية منوط بالمصلحة .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 58 من المجلة.
وهذه القاعدة مأخوذة من قاعدة تصرف القاضي فيما فعله من أموال الناس والأوقاف مقيد بالمصلحة أي تصرف الراعي في أمور الرعية يجب أن يكون مبنياً على المصلحة وما لم يكن كذلك لا يكون صحيحاً .
والرعية هي عموم الناس الذي تحت ولاية الولي مثال ذلك إذا لم يوجد ولي للقتيل فالسلطان وليه، فكما أن له حقاً بأن يقتص من القاتل له أن يقبل الدية بدلاً عن القصاص ألا أنه يشترط هنا أن لا تقل الدية عن الدية الشرعية، وكذلك القاضي لا تعتبر تصرفاته في الأحوال العامة وأحكامه ما لم تكن مبنية على المصلحة، فلو أمر القاضي شخصاً بأن يستهلك مالاً من بيت المال أو مالاً لشخص آخر فإذنه غير صحيح حتى أن القاضي نفسه لو أستهلك ذلك المال يكون ضامناً، كذلك إذا صالح ولي الصبي عن دعواه يصح إن لم يكن فيه ضرر بيًن شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 233 أردني.

مادة 59
السؤال معاد في الجواب.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 66 من المجلة.
وتعني هذه المادة أن ما قيل في السؤال المصدق كأن المجيب المصدق قد أقر به، وهذه القاعدة مذكورة في الأشباه وحكمها يجري في جميع الفقه ومثالها إذا سأل شخص آخر عما إذا كان يقر بما في سند الدين وأجاب المدين بنعم فيكون قد أقر بجميع ما في السند، كما لو سأل آخر عما إذا كان قد أوصي بثلث ماله في وجوه البر والإحسان وهل نصبه وصياً لتنفيذ الوصية فأجابه بكلمة أوصيت أو فعلت فيكون قد أوصى بذلك المال ونصبه وصياً شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 234 أردني.

المادة 60
لا عبرة للتوهم
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 74 من المجلة.
وقد ذكرت هذه القاعدة في كثير من الكتب الفقهية ومنها مجمع الفتاوى ويفهم منها أنه كما لا يثبت حكم شرعي استناداً على وهم فإنه لا يجوز تأخير الشيء الثابت بصورة قطعية بوهم طارئ ومثال ذلك إذا توفى المفلس تباع أمواله وتقسم بين الغرماء وأن توهم أنه ربما ظهر غريم آخر جديد والواجب محافظة على حقوق ذلك الدائن المجهول ألا تقسم ولكن لا اعتبار للتوهم تقسم الأموال على الغرماء ومتى ظهر غريم جديد يأخذ حقه منهم حسب الأصول المشروعة ولو بيعت دار وكان للبائع شريكان فيها لكل حق الشفعة أحدهما غائب فادعى الشفيع الحاضر الشفعة فيها يحكم له بذلك ولا يجوز إرجاء الحكم بداعي أن الغائب ربما طلب الشفعة في الدار المذكورة وكذا لو طلب رفع تن في محل لجاره بدعوى أن النار قد تشتغل فيه أو طلب إغلاق نافذة تزيد على طول الإنسان بدعوى أنه من الممكن أن يأتي بسلم ويطل من النافذة على النساء. شرح المجلة لعلي حيدر.

المادة 61
لا عبرة بالظن البيّن خطؤه .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 72 من المجلة.
وهي مأخوذة من الأشباه ويفهم منها أنه إذا وقع فعل بناء على ظن كهذا لا يعتبر فإذا حصل فعل استناداً على ظن ثم تبين أنه مخالف للحكم الشرعي يجب عدم اعتباره مثال ذلك لو أوفى الكفيل الدين ثم تبين أن الأصيل قد أوفى به يحق للكفيل استرداد المال المدفوع وكذلك لو دفع شخصاً ديناً ظناً أنه مدين ثم تبين أنه غير مدين يحق له استرداد ما دفعه، كذلك لو دفع مبلغاً لشخص ظناً أن والده مدين له ثم تبين غير ذلك يحق له استرداد المال شرح المجلة لعلي حيدر.

المادة 62
الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 75 من المجلة.
ومعنى هذه القاعدة أنه إذا ثبت شيء بالبينة الشرعية مثلاً كان حكمه كالمشاهدة بالعيان .
والبرهان هو الدليل الذي يفرق بين الحق والباطل ويميز الصحيح من الفاسد والعيان هو رؤية الشيء بصورة واضحة لا يبقى معها مجال للاشتباه.
ومثال ذلك أنه إذا ادعى شخص على آخر بحق ما فكما أنه إقراره لو أقر يتخذ حجة ومدارا للحكم عليه تتخذ الشهادة على مدارا للحكم أيضاً فيما لو أنكر المدعى عليه أثبت المدعي ذلك بالشهادة العادلة. شرح المجلة لعلي حيدر.

المادة 63
المرء ملزم بإقراره.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 79 من المجلة.
وعلى ذلك لو أقر شخص بمال للآخر وادعى أنه كان عن خطأ لا تسمع دعواه وإذا أدعى شخص على آخر بدين وبعد أن أقر به أدعى بأنه كان أوفى ذلك الدين ينظر إذا كان الادعاء بالأداء في مجلس الإقرار لا يقبل حيث يكون رجوعاً عن الإقرار وتناقضاً في القول أما إذا كان في مجلس غير مجلس الإقرار فيقبل طبقاً للمادة 1632 من المجلة.
وإذا أقر بأنه قبض الأجرة فلا تقبل منه بعد ذلك إقراره بأن النقود التي قبضها مزيفة ويشترط في كل ذلك ألا يكون الإقرار مكذباً شرعاً كما يشترط أن يكون المقر عاقلاً بالغاً كما يشترط أن يكون الإقرار برضاء المقر لا إكراهاً عليه. شرح المجلة لعلي حيدر.

المادة 64
قد يثبت الفرع مع عدم ثبوت الأصل.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 81 من المجلة.
وهذه القاعدة مأخوذة من الأشباه وقد جاءت فيه قد يثبت الأصل وإن لم يثبت الفرع مثال ذلك لو قال رجل أن لفلان على فلان كذا ديناً وأنا كفيل به أي بدون أمر المدين وبناء على إنكار الأصيل أدعى الدائن على الكفيل بالدين لزم الكفيل أداءه كذلك يؤاخذ الكفيل وهو الفرع في الدين دون الأصيل الذي هو الأصل فيما لو أثبت بالبينة وفاء الدين قبل كفالة الكفيل وهذا المثال يصح أن يتخذ مثالاً لقاعدة الإقرار حجة قاصرة أيضاً لأن إقرار الكفيل بالدين إقرار على نفسه وحجة قاصرة عليه وحده لا تتعداه للأصيل. شرح المجلة لعلي حيدر.

المادة 65
الظاهر بصلح حجة للدفع لا للاستحقاق.
المذكرة الإيضاحية :
ومعنى هذه المادة أن الظاهر دليل كاف للإبقاء وضع حقوقي قائم ودفع من يدعي خلافه دون إثبات ولكن الظاهر ليس دليلاً كافياً للاستحقاق على الغير، ومن أمثلة ذلك أن المفقود يعتبر حياً عملاً بظاهر الحال وهو استصحاب حياته المتيقنة سابقاً ذلك لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان وهذا يكفي لمنع ورثته عن استحقاق تركته قبل ثبوت وفاته ولكنه لا يكفي لأن يستحق هو ميراثاً من غيره إذا توفى أحد مورثيه بعد فقدانه بل يوقف نصيبه الإرثي فإن عاد حياً أخذه وإلا رد إلى الورثة الذين كانوا يستحقونه على تقدير أن المفقود ميت عند وفاة مورثه . الأشباه لابن نجيم 1/ 104
وهذه المادة تقابل المادة 76 أردني .

المادة 66
الخراج بالضمان
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 85 من المجلة.
وهذه المادة هي نفس الحديث الشريف الخراج بالضمان والخراج هو الذي يخرج من ملك الإنسان أي ما ينتج منه النتاج وما يغل من الغلات كلن الحيوان ونتائجه وبدل إجارة العقار وغلال الأرضين وما إليها من الأشياء.
ويقصد بالضمان المؤونة كالإنفاق على الحيوان ومصاريف العمارة للعقار ويفهم منها أنه من يضمن شيئاً لو تلف ينتفع به في مقابله الضمان مثلاً لو رد المشتري حيواناً بخيار العيب وكان قد أستعمله مدة لا تلزمه أجرته لأنه لو كان قد تلف في يده قبل الرد لكان من ماله يعني أن من يضمن شيئاً إذا تلف يكون نفع ذلك الشيء له في مقابلة ضمانه حال التلف ومنه أخذ قولهم الغرم بالغنم وقد حكم عمر بن عبدالعزيز في هذه المسألة بالأجرة للبائع ولكنه لما أطلع بعد ذلك على الحديث الشريف الخراج بالضمان نقض ذلك الحكم . شرح المجلة لعلي حيدر.

المادة 67
الغرم بالغنم
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 87 من المجلة.
وهي مأخوذة من المجامع وهي عكس قاعدة الخراج بالضمان ومعناها أن من ينال نفع شيء يجب أن يتحمل ضرره . مثلاً لا يجب أن يتحمل الشريك من الخسارة بنسبة ما ينال من الربح، وأجرة سند المبايعة على المشتري لأن منفعته تعود عليه، وإذا احتاج الملك المشترك للتعمير والترميم فعلى كل واحد من الشركاء أن يدفع من النفقات بنسبة حصته في الملك، كذلك النهر المشترك إذا أحتاج إلى تصليح فيشترك في التعمير كل من لحقه ضرر بالخراب، وكلما انتهى التصليح لأرض أحدهم وتجاوزها خل ص صاحب تلك الأرض من الاشتراك في نفقات التصليح حيث تكون مضرته قد انتهت وهلم جرأ إلى آخر النهر . شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 235 أردني .

المادة 68
الأمر بالتصرف في ملك الغير باطل
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 95 من المجلة.
وقد أخذت هذه المادة من المجامع ويفهم منها أنه إذا أمر شخص آخر بالتصرف في ملك الآخر فالأمر غير صحيح ولا معتبر ولا يترتب عليه حكم من الأحكام لأنه لما كان الأمر الباطل وغير الصحيح بمنزلة المشورة والنصيحة فلا يترتب بحق الأمر حكم، ولو أمر شخص آخر بأخذ مال إنسان وحرقه فالضمان على الفاعل لا الآمر لأن الآمر باطل ويشترط لبطلان الآمر أن يكون في ملك الغير وأن لا يكون للآمر ولاية . شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 236 أردني .

المادة 69
من أستعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه .
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 99 من المجلة.
وهذه القاعدة مأخوذة من قواعد من أستعجل ما أخره الشرع يجازي برده و من أستعجل شيئاً قبل أوانه ولم تكن المصلحة في ثبوته عوقب بحرمانه الواردة في الأشباه وعليه فإذا قتل شخص مورثه قتلاً يوجب القصاص أو الكفارة يحرم من الميراث لأنه بقتل مورثه تعجيل للوقت الذي يرثه فيه، ويستثنى من هذه القاعدة قتل الدائن لمدينه الذي تأجل عليه الدين إلى سنة قبل حلول الأجل، فإن الدين يحل بموت المدين شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 237 أردني .

المادة 70
من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 100 من المجلة.
وهذه القاعدة مأخوذة من الأشياء ويفهم منها أنه إذا عمل شخص على نقض ما أجراه وتم من جهته فلا اعتبار لعمله، مثلاً لو باع إنسان مالاً من آخر وكفله آخر فلا يقبل ادعاء الكفيل بملكية المبيع لأن في ذلك نقض لكفالته، كذلك إذا سلم شخص لآخر وديعة بعد أن أدعى أنه وكيل المودع فليس له طلب استردادها بدعوى عدم إثبات الوكالة، كذلك لو باع صبي وأدعى البلوغ فليس له بعد ذلك نقض البيع بحجة عدم بلوغه، ولهذه القاعدة استثناءات كما لو أدعى المشتري لعقار بأن البائع قبل بيعه كان اتخذه مسجداً أو مقبرة أو وقفه على مسجد فينقض البيع شرح المجلة لعلي حيدر
وهذه المادة تقابل المادة 238 أردني .

الفصل الثالث
الأشخاص
الفرع الأول
الشخص الطبيعي
المادة 71
1. تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حياً، وتنتهي بموته
2. ويعين القانون حقوق الحمل المستكن.
المذكرة الإيضاحية :
تبدأ الشخصية الطبيعية للإنسان بتمام ولادته حياً إذ ثبت له منذ ذلك الوقت أهلية الوجوب وهي صلاحية الشخص لأن تكون له حقوق وعليه واجبات، فيجب إذن لبدء الشخصية أن يولد حياً ولادة تامة، فقبل أن تتم الولادة لا تبدأ الشخصية، وإذا تمت الولادة ولكن الجنين ولد ميتاً فلا تبدأ الشخصية كذلك . وتنتهي الشخصية بالموت. وما بين الولادة والموت يوجد الشخص الطبيعي وتكون له أهلية الوجوب.
ولكن أهلية الوجوب هذه قد توجد قبل الولادة وقد تبقى بعد الموت فالجنين يجوز أن يوصي له فيملك بالوصية و يجوز أن يوقف عليه فيكون مستحقاً في الوقف والميت تبقى حياته مقدرة حتى تسند إليه ملكية ما تركة من مال إلى أن تسدد ديونه إذ لا تركة إلا بعد سداد الديون.
وهذه المادة تقابل المواد 30 أردني، 29 مصري، 31 سوري،34 عراقي.

المادة 72
1. تثبت واقعات الولادة والوفاة بتدوينها بالسجلات المعدة لذلك .
2. فإذا لم يوجد هذا الدليل أو تبين عدم صحة ما أدرج بالسجلات جاز الإثبات بأية وسيلة من وسائل الإثبات القانونية .
المذكرة الإيضاحية :
الولادة من حيث هي عمل مادي تثبت بشهادة الميلاد وكذلك النسب الذي يترتب على الولادة فإنه ايضاً يثبت بشهادة الميلاد والموت يثبت بشهادة الوفاة ودفاتر المواليد والوفيات والتبليغات المتعلقة بها والشهادات التي تستخرج من الدفاتر لها قانون خاص ينظمها.
والأصل أن شهادة الميلاد وشهادة الوفاة كافيتان حتى يقيم ذوي الشأن الدليل على عدم صحة ما أدرج في السجلات فعندئذ يجوز إثبات الولادة والوفاة بجميع طرق الإثبات، كذلك يجوز بجميع الطرق إذا لم توجد شهادة الميلاد أو شهادة الوفاة لأي سبب من الأسباب، وليس من الضروري إثبات أن هاتين الشهادتين قد فقدتا بل يكفي ألا يوجدا حتى يسمح لذي الشأن أن يثبت الولادة أو الوفاة بجميع الطرق.
على أنه يلاحظ في إباحة إثبات الولادة والوفاة بجميع الطرق أن قانون الأحوال الشخصية هو الذي يحدد قوة الإثبات للطرق المختلفة فتتبع أحكام الشريعة الإسلامية في ثبوت النسب . ويلاحظ أن عبارة لم يوجد تشمل ما لم يوجد أصلاً وما وجد ثم أنعدم.
وهذه المادة تقابل المواد 31 أردني، 30 مصري، 32 سوري،35 عراقي.

المادة 73
أحكام اللقيط ينظمها قانون خاص .
المذكرة الإيضاحية :
وتنص هذه المادة على أن ينظم قانون أحكام اللقيط لأن للقيط أحكام خاصة في الشريعة الإسلامية يحسن تركها لأحكام هذا القانون الخاص.

المادة 74
أحكام المفقود والغائب ينظمها قانون خاص .
المذكرة الإيضاحية :
وتعين المقصود من المفقود وفقاً للحكم الشرعي وقد أكتفى المشرع في تنظيم أحكام المفقود والغائب بالإحالة إلى قانون خاص يصدر في هذا الشأن .
وهذه المادة تقابل المواد 32 أردني، 32 مصري، 34 سوري،36 عراقي.

المادة 75
1. جنسية دولة الإمارات العربية المتحدة ينظمها القانون .
2. ويقصد بالمواطن حيثما ورد في قانون المعاملات المدنية كل من تثبت له جنسية دولة الإمارات . ويقصد بالأجنبي كل من لم تثبت له تلك الجنسية .
المذكرة الإيضاحية :
كل شخص طبيعي ينتمي إلى جنسية معينة وإلى دين معترف به، وينتسب إلى أسرة تتكون من ذوي قرباه، ويتميز باسم يعرف به، ويقيم في موطن يخصص له، وتتحدد له أهلية أداء لمباشرة حقوق المدنية فهذه خصائص ست للشخصية الطبيعية وجنسية دولة الإمارات العربية المتحدة هي التي ينتمي إليها كل مواطن سواء أقام في دولة الإمارات العربية المتحدة أم لم يقم وقد نصت هذه المادة على أنه ينظم جنسية دولة الإمارات العربية المتحدة قانون خاص وحددت المقصود بالمواطن والمقصود بالأجنبي وهذه المادة تقابل المواد 33 أردني، 33 مصري، 35 سوري، 37عراقي.

المادة 76
1. تتكون أسرة الشخص من زوجته وذوي قرباه .
2. ويعتبر من ذوي القربى كل من يجمعهم أصل مشترك .

المادة 77
1. القرابة المباشرة هي الصلة ما بين الأصول والفروع .
2. والقرابة غير المباشرة هي الرابطة ما بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك دون أن يكون أحدهم أصلا أو فرعاً للآخر سواء أكانوا من المحارم أم من غيرهم .
المذكرة الإيضاحية :
أسرة الشخص هم زوجته وذوو قرباه ويعتبر قريباً للشخص من يجمعه به أصل مشترك ذكراً كان أو أنثى . والقرابة أما قرابة مباشرة أو قرابة غير مباشرة، فتكون القرابة مباشرة بين شخصين إذا تسلسل أحدهما من الآخر كما هو الأمر بين الأصول والفروع، وقرابة غير مباشرة وهي التي لا تسلسل فيها، وإن كان يجمع الشخصين أصل مشترك، فالأب قريب مباشر وكذلك أبو الأب وإن علا وأم الأب وإن علت، والأم قريب مباشر وكذلك أبو الأم وإن علا، وكل أصل من هؤلاء يعتبر كلاً من أبيه وأمه أصلاً أي قريباً مباشراً.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 34 و 35 مصري و 36 و 37 سوري و 38 و 39 عراقي.

المادة 78
يراعى في حساب درجة القرابة المباشرة اعتبار كل فرع درجة عند الصعود للأصل بخروج هذا الأصل .
وعند حساب درجة القرابة غير المباشرة تعد الدرجات صعودا من الفرع للأصل المشترك ثم نزولاً منه إلى الفرع الآخر وكل فرع فيما عدا الأصل المشترك يعتبر درجة .
المذكرة الإيضاحية :
درجة القرابة المباشرة تحدد باعتبار كل فرع درجة دون حساب الأصل، فالأب والأم في الدرجة، الأولى وكذلك الأبن والبنت. وأبو الأب وأم الأب وأم الأم في الدرجة الثانية. وكذلك ابن الأبن وبنت الأبن وابن البنت وبنت البنت وهكذا.
أما درجة القرابة غير المباشرة بين شخصين فتحدد بعدد الفروع التي تصل كل شخص بالأصل المشترك مع حساب كل شخص منهما فرعاً وعدم حساب الأصل المشترك، فالأخ في الدرجة الثانية وابن الأخ في الدرجة الثالثة وكذلك العم، أما ابن العم ففي الدرجة الرابعة.
وهذه المادة تقابل المواد 36 أردني، 36 مصري، 38 سوري، 39 عراقي.

المادة 79
يعتبر أحد أقارب الزوجين في نفس درجة القرابة بالنسبة إلى الزوج الآخر.
المذكرة الإيضاحية :
إذا تحددت قرابة الشخص من آخر ودرجة هذه القرابة فإن هذا الشخص يعتبر في نفس درجة القرابة بالنسبة لزوج الشخص الآخر وهذا من طريق المصاهرة ويتبين من ذلك أن القرابة بما في ذلك المصاهرة إما أن تكون من جهة الأب أو من جهة الأم أو من جهة الزوج.
وهذه المادة تقابل المواد 37 أردني، 37 مصري، 39 سوري، 39 عراقي.

المادة 80
1. يكون لكل شخص اسم ولقب ويلحق لقبه بأسماء أولاده .
2. وينظم قانون خاص كيفية اكتساب الأسماء والألقاب وتغييرها .
المذكرة الإيضاحية :
يكون لكل شخص أسم ولقب في اللغة هو الاسم المشعر بمدح أو ذم وقد يتخذ الشخص لقباً لا يبين نسبه إلى أسرة معينه ولا إلى أب معين لذلك رؤي أن يوجب القانون أن يذكر أسم الشخص ويزاد عليه أسم أبيه فباسم الأسرة يتميز أبناء كل أسرة عن أبناء الأسرة الأخرى وباسم الأب يتميز أولاد الأعمال بعضهم عن بعض وباسم الشخص يتميز الشخص عن إخوته فإن لم يكن للأسرة أسم خاص فيغني عن أسمها أسم الجد.
وينظم القانون خاص كيفية اكتساب الأسماء والألقاب وتغيرها.
وهذه المادة تقابل المواد 38 أردني و 38 و 39 مصري و 40 و 41 سوري، 40 عراقي والبند 2 مستمد من مشروع القانون المدني العربي الموحد.

المادة 81
1. الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة .
2. ويجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن .
3. وإذا لم يكن للشخص مكان يقيم فيه عادة يعتبر بلا موطن .

المادة 82
يعتبر المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو مهنة أو حرفة موطناً بالنسبة إلى إدارة الأعمال المتعلقة بهذه التجارة أو المهنة أو الحرفة.

المادة 83
1. موطن القاصر والمحجور عليه والمفقود والغائب هو موطن من ينوب عن هؤلاء قانوناً.
2. ويكون للقاصر المأذون له بالتجارة موطن خاص بالنسبة للأعمال والتصرفات التي يعتبره القانون أهلاً لمباشرتها .

المادة 84
1. يجوز اتخاذ موطن مختار لتنفيذ عمل قانوني معين .
2. ولا يجوز إثبات وجود الموطن المختار إلا بالكتابة .
3. والموطن المختار لتنفيذ عمل قانوني يكون الموطن بالنسبة إلى كل ما يتعلق بهذا العمل بما في ذلك إجراءات التنفيذ الجبري إلا إذا اشترط صراحة قصر هذا الموطن على أعمال دون غيرها .
المذكرة الإيضاحية :
الموطن هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة. ومجرد الوجود أم السكن في مكان لا يجعل منه موطناً ما لم تكن الإقامة مستقرة فيه. وإذا كان المشرع قد جعل من الإقامة الفعلية أساساً للتصوير الذي أتبعه إلا أن عنصر الاستقرار ضروري لتوافر معنى الموطن ولا يقصد بالاستقرار اتصال الإقامة دون انقطاع وإنما يقصد استمرارها على وجه يتحقق معه شرط الاعتياد ولو تخللتها فترات غيبة متقارنة أو متباعدة.
ويترتب على ذلك نتيجتان أولهما أن الشخص قد لا يكون له موطن ما، من هذا القبيل البدو الرُحل الذي لا يقر لهم قرار في مكان معين والثانية أنه يجوز أن يكون للشخص أكثر من موطن ويتحقق ذلك إذا كان الشخص يقيم إقامة معتادة في الريف وإحدى المدن معاً، أو كانت له زوجتان يقيم مع كل منهما في مكان منفصل عن مكان الأخر، والموطن هو الذي يوجه فيه إلى الشخص كل إعلان أو إنذار أو صحيفة دعوى أو غير ذلك من الأوراق التي يكون لها أثر قانوني، وموطن المدين في المكان الذي يسعى إليه الدائن لاستيفاء حقه.
وهذا التصوير هو تصوير الفقه الحنفي، ففي البدائع ج / 1 ص / 103 104 ثم الموطن الأصلي يجوز أن يكون واحداً أو أكثر من ذلك بأن كان له أهل ودار في بلدتين أو أكثر ولم يكن من نية أهله الخروج منها وإن كان هو ينتقل من أهل إلى أهل في السنة حتى أنه لو خرج مسافراً من بلدة فيها أهله ودخل في أي بلدة من البلاد التي فيها أهله فيصير مقيماً من غير نية الإقامة.
ويوجد إلى جانب الموطن الذي يعينه الشخص باختياره من جراء إقامته المعتادة فيه ثلاثة أنواع من الموطن.
أولاً : موطن أعمال يكون مقصوراً على ناحية معينة من نواحي نشاطه فالمكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو مهنة أو حرفة يعتبر بالنسبة إلى الغير موطناً له فيما يتعلق بإدارة أعمال هذه التجارة أو المهنة أو الحرفة وكذلك القاصر المأذون له بالتجارة يجوز أن يتخذ موطناً لهذه الأعمال دون غيرها يكون غير موطن وليه أو وصيه. وفي إيراد النص على هذا النحو كل التيسير على المتعاملين فضلاً عما فيه من مطابقة للواقع.
ثانياً : موطن قانوني ينسبه القانون للشخص ولو لم يقم فيه عادة كما هو الأمر بالنسبة إلى القاصر والمحجور عليه والمفقود والغائب فإن القانون يجعل من موطن وليه أو وصيه أو القيم عليه أو وكيله موطناً له، وفي هذه الحدود يحتفظ المشرع لفكرة الموطن بنصيب من طباعها الحكمي ورعاية لمصلحة القصر والمحجورين بوجه عام.
ثالثاً : موطن مختار ويتخذه الشخص لتنفيذ عمل قانوني معين كما إذا أختار موطناً له مكتب محاميه وكما يختار الدائن المرتهن موطناً في دائرة محكمة العقار عند قيد الرهن وكما إذا أشترى شخص أرضاً بعيدة عن موطنه فيتفق معه البائع على أن يكون له موطن قريب من الأرض بالنسبة لهذا البيع، ولا يثبت هذا الاتفاق إلا بالكتابة، ويكون الموطن في هذه الحالة مقصوراً على الأعمال المتعلقة بتنفيذ البيع كاستيفاء أقساط الثمن ومطالبة المشتري بسائر التزاماته ومقاضاته بشأن البيع واتخاذ إجراءات التنفيذ الجبري، وهذا ما لم يقصر الموطن المختار صراحة على بعض هذه الأعمال دون أخرى وغني عن البيان أن فكرة الموطن المختار تتماشى مع التصوير الحكمي والتصوير الواقعي للموطن على حد سواء.
ويتبين مما تقدم أن الشخص قد يكون له موطنه المعتاد وإلى جانبه موطن لأعمال حرفته وموطن حكمي في حالة الحجز والغيبة وموطن مختار لعمل قانوني معين.
وبمقتضى المادة 1616 من مجلة الأحكام العدلية يكون الأولياء والأوصياء لفاقدي الأهلية مدعين أو مدعى عليهم بالنيابة عنهم، ولذلك يكون موطن هؤلاء هو موطن أولئك وبما أن القاصر المأذون بالتجارة تصح منه بع ض التصرفات فيعتبر موطنه الخاص بالنسبة لتلك التصرفات الجائزة منه وهذا ما قررته المادة 83 . أما المادة 84 فقد بينت على أن استعمال الناس وعرفهم حجة يجب العمل بها وتطبيقها بمقتضى المادة 37 من مجلة الأحكام العدلية وأن مصلحة الجمهور تقتضي العمل بذلك والتصرف على الرعية منوط بالمصلحة بمقتضى المادة 58 من المجلة.
وهذه المواد تقابل المواد من 39 إلى 42 أردني ومن 40 إلى 43 مصري ومن 42 إلى 45 سوري و 42 ، 44 ، 45 عراقي .

المادة 85
1. كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية و لم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المنصوص عليها في هذا القانون والقوانين المتفرعة عنه .
2. ويبلغ الشخص سن الرشد إذا أتم إحدى وعشرين سنة قمرية .
المذكرة الإيضاحية:
سن المشرع المبادئ الرئيسية في الأهلية باعتبار أن أهلية الأداء هي إحدى خصائص الشخص الطبيعي. وأقتصر على أن يشير في المواد التالية إشارة سريعة إلى الأدوار التي يمر بها الإنسان. فهو إلى السابعة فاقد التمييز فيكون معدوم الأهلية وهو من السابعة إلى سن الرشد ناقص التمييز فيكون له أهلية ناقصة فإذ بلغ سن الرشد وهي إحدى وعشرين سنة هجرية كاملة متمتعاً بقواه العقلية استكمل التمييز فالأهلية، كل هذا إذا لم يصب بعاهة كالغفلة والسفة والعته والجنون فيفقد التمييز ويفقد معه الأهلية. ويتبين من ذلك أن الأهلية تتمشى مع التمييز فتوجد بوجوده وتنعدم بانعدامه.
وهذه المادة تقابل المواد 43 أردني، 44 مصري، 46 سوري، 46 عراقي.

المادة 86
1. لا يكون أهلا لمباشرة الحقوق المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو عته أو جنون .
2. وكل من لم يتم السابعة يعتبر فاقداً للتمييز .
المذكرة الإيضاحية :
حددت المادة حكم فاقد التمييز لصغر أو عته أو جنون وهو غير أهل لمباشرة الحقوق المدنية .
وهذه المادة تقابل المواد 44 أردني، 45 مصري، 47 سوري .

المادة 87
كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد وكل من بلغ سن الرشد وكان سفيها أو ذا غفلة يكون ناقص الأهلية وفقاً لما يقرره القانون .
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حكم من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد، ومن بلغ سن الرشد سفيهاً أو ذا غفلة فقضت بأن كلا منهم، يكون ناقص الأهلية وقد رؤي دفعاً للبس أن تختتم المادة بعبارة وفقاً لما يقرره القانون إذ بهذه العبارة لا يعتبر السفيه أو ذو الغفلة من ناقصي الأهلية إلا في الحالات وبالإجراءات التي يقررها القانون وهذه العبارة أوسع من القول بأن كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد وكل من بلغ سن الرشد وحجر عليه لسفه أو غفلة يكون ناقص الأهلية إذ من الأحوال ما قد تكون فيها تصرفات السفيه أو ذي الغفلة قابلة للإبطال أو باطلة ولو قبل قرار الحجر فالعبارة التي ختمت بها المادة لا تعتبر السفيه أو ذا الغفلة من ناقصي الأهلية إلا في الحالات التي يقررها القانون.
وهذه المادة تقابل المواد 45 أردني، 46 مصري، 48 سوري.

المادة 88
يخضع فاقدو الأهلية وناقصوها بحسب الأحوال في أحكام الولاية أو الوصاية أو القوامة للشروط ووفقاً للقواعد المقررة في القانون.
المذكرة الإيضاحية :
وقد نصت المادة على خضوع فاقدي الأهلية وناقصها بالنسبة للولاية والوصاية والقوامة للقواعد المقررة في القانون .
وهي تقابل المواد 46 أردني، 47 مصري، 49 سوري، 41 عراقي.

المادة 89
ليس لأحد النزول عن حريته الشخصية ولا عن أهليته أو التعديل في أحكامهما.

المادة 90
ل كل من وقع عليه اعتداء غير مشروع في حق من الحقوق الملازمة لشخصيته أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر .

المادة 91
لكل من نازعه غيره في استعمال اسمه أو لقبه أو كليهما بلا مبرر أو انتحل اسمه أو لقبه أو كليهما دون حق أن يطلب وقف هذا الاعتداء مع التعويض عما يكون قد لحقه من ضرر.
المذكرة الإيضاحية :
بعد أن حدد المشرع الشخصية على النحو المتقدم وعين خصائصها تولى حمايتها الحماية الواجبة ضد نفس الشخص وضد الغير.
فقد حمى المشرع الشخص ضد نفسه بأن حرم عليه أن ينزل عن أهلية الوجوب إلى أهلية الأداء، فإن قواعد هذين النوعين من الأهلية تعتبر من النظام العام لا تجوز مخالفتها أو التعديل في أحكامها، وكالأهلية الحرية الشخصية فلا يجوز لشخص أن ينزل عن حريته ولا أن يقيدها إلا بالقدر الذي لا يتعارض مع النظام العام والآداب، فليس له أن يلتزم التزاماً أبدياً ولا أن يقيد حريته في العمل كأن يتعهد بألا يباشر حرفة معينه طول حياته.
وحمى المشرع الشخص ضد الغير إذا تعدى على أي حق من الحقوق الملازمة للشخصية، كالتعدي على حرية الشخص أو سلامة جسمه أو سمعته الأدبية أو حرمة موطنه فإذا وقع من الغير شيء من ذلك كان للشخص أن يطلب وقف هذا التعدي والتعويض عن الضرر، ويعتبر تعدياً يستوجب الوقف والتعويض أن يتعدى الغير على أسم الشخص فينازعه في استعماله دون مبرر أو أن ينتحل هذا الاسم على نحو يلحق الضرر بصاحبه، وقد يتحول الاسم الشخصي إلى أسم تجاري له قيمة مالية وهذا أيضاً يحميه القانون.
وهذه المواد تقابل المواد 47 ، 48 ، 49 أردني و 48 إلى 51 مصري ومن 50 إلى 53 سوري و 46 عراقي .

الفرع الثاني
الأشخاص الاعتباريون المعنويون
نظرة عامة :
أن التقنينات الحديثة تتضمن نصوصاً عامة في شأن الأشخاص الاعتبارية وبوجه خاص في شأن الجمعيات والمؤسسات فهل الفقه الإسلامي يعرف الشخصية الاعتبارية أو المعنوية؟
والظاهر من كلام الحنفية أنه لا الذمة ولا أهلية الوجوب بثبتان عندهم لما لا حياة له كالمسجد والمدرسة والمستشفى والوقف وبيت المال وما إلى ذلك من الجهات والمنشآت، فلا تكون هذه أهلاً لأن تملك ولا أن تكون لها حقوق وعليها واجبات بل قد صرحوا أحياناً فقالوا: إن الوقف لا ذمة له وبنوا على هذا النظر عدم صحة الهبة بالاتفاق عليها فكانت من قبيل الإيصاء بالصدفة لا من قبيل التمليك لها . ومثال ذلك أن يوصي إنسان بهذا المال لينفق في عمارة هذا المسجد أو في صالح هذا المستشفى وهكذا، ويعتبر ذلك كقيام شخص بالاتفاق على مسجد أو على مستشفى في حال حياته، ومرجع كل ذلك إلى الاحتساب لله تعالى والتصدق لا إلى تمليك المستشفى أو المسجد شيئاً ومن هذا قيل أن الحنفية لا يقولون بالشخصية المعنوية كشخصية الشركات والمنشآت والحكومات والمصالح وما أشبه ذلك.
ولكنا مع هذا نرى في كتبهم أنهم كثيراً ما يقررون لهذه الجهات أحكاماً تقتضي أن لها حقوقاً قبل الناس يقوم بطلبها من له الولاية أو النظر عليها، وأن للناس حقوقاً قبلها يطالبون بها من له الولاية عليها شأنها في ذلك شأن الصبي غير المميز وما في حكمه فنرى أن الولي عليها كثيراً ما يبيع لها كبيعه لثمرات الأعيان الموقوفة عليها، وكثيراً ما يشتري لها كذلك كشرائه للبذور اللازمة لزراعة أرضها وأدوات فلاحتها، وقد يستدين لها فيكون الدين مطلوباً من نماء الأعيان الموقوفة عليها وقد ينفق عليها من ماله فيرجع في مالها وهكذا، فالوقف مثلاً يقوم الناظر عليه بتأجير أعيانه المعدة لذلك فإذا انتفع المستأجر أصبح مديناً لجهة الوقف لا للناظر ولا للمستحقين، أما أنه غير مدين للناظر فلانه لو عزل لم يكن له حق مطالبة المستأجر بما في ذمته من الأجرة وإنما ينتقل حق المطالبة إلى من حل محله، ولو كان الدين له لبقي له حق المطالبة بعد عزله.
وأما أنه غير مدين للمستحقين فلانه لا يجوز لهم مطالبة المستأجر بها، ولو كانت ديناً لهم لطالبوا بها، وكذلك قد يحتاج الوقف إلى عمارة فيحجز الناظر من غلاته ما يفي بالعمارة فما يحجزه ليس ملكاً للمستحقين وإنما هو من حق جهة الوقف، وليس لذلك معنى إلا أنه مملوك لها. وبهذا يظهر أن الوقف تكون له حقوق يطالب بها الناظر عليه، وكذلك قد يقوم الناظر بالإنفاق من ماله في عمارة أعيان الوقف فيكون ما ينفعه حقاً له قبل الوقف يرجع بها في غلته عند تحصيلها، وقد يشتري له ما يحتاج إليه نسيئه بإذن القاضي، فيطالب الناظر بدفع الثمن من غلة الوقف، وإذا عزل صح أن يطالب بذلك بعد عزله من حل محله في النظر، وإذا صح أيضاً أن يطالب بذلك بعد عزله فذلك لأنه كالوكيل لأنه ترجع حقوق العقد إليه فيدفع الثمن على أن يرجع به على من حل محله في النظر ولكن من مال الوقف.
وقد جاء تنقيح الحامدية من باب الوقف عند آخره إذا أشترى القيم على المسجد وأعيانه حصيراً بالنسيئة، ثم عزل وأقيم مقامة أخر في النظر على ذلك، كان لبائع الحصير مطالبة الناظر الجديد بثمنها.
وكذلك نجد كثيراً من أحكام بيت المال والمنشآت ما يظهر أن المرجع فيه إلى ما لها من حقوق يجب أن تصل إليها وما يطلب من حقوق تجب لغيرها قبلها وألا تكف بدار مستشفى مثلاً وقفه على إدارته أعياناً؟ أليس يحتاج في إدارته إلى أطباء وصيادلة وممرضين ومستخدمين وكل هؤلاء يستحقون الأجرة على أعمالهم قبل المستشفى وأعيانه وإن شئت قلت في غلة تلك الأعيان ثم أليس يحتاج كذلك إلى أن يشتري له كثيراً من الأثاث والأدوات والعقاقير الطبية، فيكون لبائعها أن يطالب بثمنها، وعندئذ لا يطالب إلا الناظر باعتباره ولياً على هذا المستشفى ؟ ومع كل هذا فقد يعالج في المستشفى كثير من الموسرين بأجر فتستحق جهة المستشفى عليهم ذلك الأجر ويطالبون بأدائه ويدفعونه لجهة المستشفى فيكون من أمواله لا من أموال الناظر وعليه مثل ذلك كثير.
كل ذلك يقضي بثبوت الذمة لجهات لا حياة فيها.
ولعل ذلك ما دعا الشافعية والمالكية إلى أن يجهلوا هذه الجهات أهلاً للتملك فأثبتوا لها بذلك الذمة، إذ لا يملك إلا من كان له ذمة وأهلية . ففي أسنى المطالب على روض الطالب للشيخ زكريا الأنصاري الشافعي 2 : 365 ما نصه " ولو كان للمسجد شقص من أرض مشتركة له بشراء أو هبة ليصرف في عمارته ثم باع شريكه نصيبه في تلك الأرض فللقيم على المسجد أن يشفع ويأخذ حصة الشريك بالشفعة إن رأى ذلك مصلحة، كما لو كان لبيت المال شريك في أرض فباع شريكه نصيبه فللإمام الآخذ بالشفعة إن رآه مصلحه " ومثل ذلك في نهاية المحتاج للرملي الشافعي.
وفي منح الجليل للشيخ عليش المالكي 4 : 114 " سئل ابن زرب عن تصدق أو وهب لمسجد، بعينه هل يخبر على إخراجها وإنفاذها ؟ " يريد الهبة أو الصدقة فقال : يجير كمتصدق على رجل بعينه، وقال أحمد وابن عبدالملك : يؤمر ولا يجبر .
يريد لأن الانتفاع ليس للمسجد وإنما هو لجماعة الناس، فهي كصدقة على غير معين، وفيه أيضاً 3 : 584 " وللسلطان باعتباره ناظر بيت المال أن يأخذ له بالشفعة إذا كان له شقص بسبب ميراث مثلاً عندما يبيع الشريك".
فالمسجد يشترى له فيكون مالكاً ويوهب له فيكون مالكاً، ويؤخذ له بالشفعة فيملك بها وكذلك بيت المال وليس لهذا مرجع إلا بثبوت الذمة لهما ولأمثالهما قياساً عليها.
يراجع في ذلك وفي مناقشة الحنفية أستاذنا الشيخ على الخفيف، أحكام المعاملات الشرعية، الطبعة الثالثة سنة 1947 م صفحة 274 276 .
كما أخذ الإسلام بشخصية بيت المال وفصل ماليته عن مالية السلطان وكذلك بشخصية الدولة ويمثلها رئيسها ونوابه من موظفين وعمال ففي الناحية الخارجية ما يبرمه رئيس الدولة من معاهدات لا يتأثر بتغييره وكذلك من الناحية الداخلية فإن الموظفين لا ينعزلون بموت السلطان الذي عينهم الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد لمصطفى الزرقا ج 3 ص 256 وما بعدها.
كما أن الجمعيات قد أعترف بها وكذلك المؤسسات والحاجة تدعو إلى تنظيم كل منها كي تقوم على قواعد مستقرة تكفل تحقيق الأغراض التي رصدت على خدمتها. وقد أقتصر المشرع على بيان الأشخاص الاعتبارية والمعنوية في المادة 92 وما يتمتع به الشخص الاعتباري من حقوق في المادة 93 والنص في المادة 94 على أن الأشخاص الاعتبارية تخضع لأحكام القوانين الخاصة دون الدخول في تفصيلات أحكام الجمعيات والمؤسسات، اعتماداً على ذكرها في تلك القوانين .

المادة 92
الأشخاص الاعتباريون هم :
أ. الدولة والإمارات والبلديات وغيرها من الوحدات الإدارية بالشروط التي يحددها القانون.
ب. الإدارات والمصالح الهيئات العامة والمنشآت والمؤسسات العامة التي يمنحها القانون الشخصية الاعتبارية.
ج. الهيئات الإسلامية التي تعترف لها الدولة بالشخصية الاعتبارية.
د. الأوقاف.
ه. الشركات المدنية والتجارية إلا ما استثنى منها بنص خاص.
و. الجمعيات والمؤسسات الخاصة المنشأة وفقاً للقانون.
ز. كل مجموعة من الأشخاص أو من الأموال تثبت لها الشخصية الاعتبارية بمقتضى نص القانون.
المذكرة الإيضاحية :
عرض المشرع في هذه المادة لبيان الأشخاص الاعتبارية التي يعترف لها القانون بهذه الصفة . وقد رؤي أن هذا البيان ضروري لإرشاد القضاء إلى ضابط عام يحول بينه وبين التوسع في الاعتراف بالشخصية الاعتبارية لجماعات لا تدخل في أنواع الأشخاص التي ذكرها مع ملاحظة ما ألتزمه المشرع من عموم في التعبير يجعله يتسع لجميع صور الأشخاص الاعتبارية القائمة الآن في دولة الإمارات العربية المتحدة وليس ما يمنع من تدخل المشرع فيما بعد للاعتراف بصور الأشخاص المعنوية إذا اقتضت المصلحة ذلك ولهذا أدرج البند ز من المادة 92 في عداد الأشخاص المعنوية كل مجموعة من الأشخاص أو الأموال يمنحها القانون شخصية اعتبارية، وعلى هذا النحو لا يقتصر النص على بيان ما يوجد من الأشخاص الاعتبارية في دولة الإمارات العربية المتحدة في الوقت الحاضر، وبينما يتناول ما يقضي التطور إلى وجوده في المستقبل. على أن الاعتراف بالشخصية القانونية للهيئات ونحوها التي لا يتناولها النص بذاتها لا بد فيه من نص خاص .
ويستهل البند أ بيان الأشخاص الاعتبارية العامة الخاضعة للقانون العام بذكر الدولة والإمارات والبلديات وغيرها من الوحدات الإدارية بالشروط التي يحددها القانون.
ويتناول البند ب الإدارات والمصالح والهيئات والمنشآت والمؤسسات العامة .
ويتناول البند ج الهيئات الإسلامية التي تعترف لها الدولة بالشخصية الاعتبارية.
ويدخل البند د الوقف بين الأشخاص الاعتبارية، ويذكر البنده الشركات المدنية والتجارية ويدخل فيها الجمعيات التعاونية التي تتكون وفقاً للقانون الخاص بها متى قصد منها إلى تحصيل الربح ويذكر البند و الجمعيات والمؤسسات المنشأة وفقاً للقانون ويضيف البند ز نصاً عاماً يفتح الباب لإدخال مجموعات من الأشخاص أو الأموال تثبت لها شخصيتها الاعتبارية بمقتضى نص في القانون على ما تقدم.
وهذه المادة تقابل المواد 50 أردني و 52 مصري و 54 سوري و 47 عراقي.

المادة 93
1. يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان الطبيعية وذلك في الحدود التي قررها القانون.
2. فيكون له :
أ. ذمة مالية مستقلة.
ب. أهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائه أو التي يقررها القانون.
ج. حق التقاضي.
د. موطن مستقل .ويعتبر موطن الشخص الاعتباري المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته. أما الأشخاص الاعتبارية التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها نشاط في الدولة فيعتبر مركز إدارتها بالنسبة لقانون الدولة المكان الذي توجد فيه الإدارة المحلية.
3. ويجب أن يكون له من يمثله في التعبير عن إرادته.
المذكرة الإيضاحية :
عنى المشرع في هذه المادة بإبراز فكرة الشخص المعنوي، بوصفها فكرة عامة لا تقتصر على حدود الشركات والجمعيات والمؤسسات بل يتناول أثرها نطاق القانون بأسرة يستوي في ذلك ما يكون منه خاصاً أو عاماً، وقد رؤي أن خير تعريف للشخص المعنوي إنما يكون بعرض خصائصه الذاتية وهي خصائص يستعان بها للتفريق بين مجموعات الأشخاص أو الأموال التي توجد في حكم الواقع ونظيرها من المجموعات التي يعترف القانون بكيانها ويثبت لها صلاحية الوجوب لها وعليها في الحدود اللازمة لمباشرة نشاطها فيكون شأنها في هذه الحدود شأن الأشخاص الطبيعيين .
وهذه المادة تقابل المواد 51 أردني و 53 مصري و 55 سوري و 48 عراقي.

المادة 94
يخضع الأشخاص الاعتباريون لأحكام القوانين الخاصة بهم .
المذكرة الإيضاحية :
رؤي من المصلحة الإحالة في أحكام وتفصيلات الأشخاص الحكمية على القوانين الخاصة بها.
وهذه المادة تقابل المواد 52 أردني و من 50 إلى 60 عراقي .

الفصل الرابع
الأشياء والأموال
المادة 95
المال هو كل عين أو حق له قيمة مادية في التعامل .

المادة 96
المال قد يكون متقوما أو غير متقوم والمال المتقوم هو ما يباح للمسلم الانتفاع به شرعاً وغير المتقوم هو ما لا يباح الانتفاع به شرعاً .

المادة 97
كل شيء يمكن حيازته مادياً أو معنوياً والانتفاع به انتفاعا مشروعا ولا يخرج عن التعامل بطبيعته أو بحكم القانون يصح أن يكون محلاً للحقوق المالية .

المادة 98
الأشياء التي تخرج عن التعامل بطبيعتها هي التي لا يستطيع أحد أن يستأثر بحيازتها والأشياء التي تخرج عن التعامل بحكم القانون هي التي لا يجيز القانون أن تكون محلاً للحقوق المالية .
المذكرة الإيضاحية :
وضع المشرع في هذه المواد أساس التفرقة بين الأشياء والأموال فبين أن الشيء غير المال، فالشيء قد يكون مالاً وقد لا يكون مالاً . فإذا أمكن حيازته والانتفاع به انتفاعاً عادياً فهو مال، سواء أكان محرزاً ومنتفعاً به أم غير محرز ولا منتفع به، ولكن من الممكن أن يتحقق فيه ذلك كالمباح من الأشياء مثل الطير في الجو والصيد في الفلاة إذ من الممكن أن يحاز هذا وذلك وينتفع به . أما إذا لم يمكن حيازته وإن انتفع به كروائح الأشياء أو أمكن حيازته دون إمكان الانتفاع به انتفاعاً عادياً كحبة من قمح فليس بمال . وعلى هذا فإن الخمر والخنزير والمنخنقة والموقودة تعد أموالاً لإمكان حيازتها والانتفاع بها.
ولما كان الشيء قد يكون مادياً وقد يكون معنوياً وقد كثرت الأشياء المعنوية وتمولها الناس وتعارف الناس على ذلك تعارفاً لم يعد مجالاً للشك فيه ولا لإنكاره فقد حرص المشرع نزولاً على ما جرى عليه العرف، من اعتبار كثير من الأشياء المعنوية كالألحان والأسماء التجارية والعلامات التجارية أموالاً بالنص على أن الحيازة قد تكون مادية وقد تكون معنوية، فحيازة الأشياء المادية تكون بحيازتها مادياً، وحيازة الأشياء المعنوية تكون بحيازتها معنوياً وتكون بصدورها عن صاحبها ونسبتها إليه فالعمل الأدبي والفني والاسم التجاري والعلامة التجارية أشياء معنوية لا تكون حيازتها إلا معنوية وذلك بصدورها عن صاحبها ونسبتها إليه، وكما يحوز الشخص اسمه بإطلاقه عليه كذلك يحوز لحنه ورسمه وفكرته بصدورها عنه ونسبتها إليه فتلك هي الوسيلة لحيازة الأشياء المعنوية وهي بخلاف حيازة نسخة من الكتاب أو الأسطوانة فهذه الأشياء مادية وحيازتها مادية وهي بخلاف نفس الفكر الذي تضمنه الكتاب واللحن الذي حوته الأسطوانة.
كما حرص المشرع على أن يبين أن إمكان الحيازة لا يكون فقط بحيازة الشيء نفسه وإنما يكون أيضاً بحيازة اصله وعلى هذا فالمنافع أموال لإم كان حيازتها بحيازة أصلها فمن حاز داراً حاز منفعتها وهذا هو مذهب الشافعية والمالكية والحنابلة أما الحنفية فلم يعتبروا المنافع مالاً لأنها وإن أمكن الانتفاع بها لا يمكن حيازتها لأنها أعراض تتجدد بتجدد أوقاتها، وقد أستثنى الحنفية من هذا الحكم الموقوف ومال اليتيم والأعيان المعدة للاستغلال، والعين تعتبر معدة للاستغلال إذا أوجدها مالكها أو تملكها لهذا الغرض كدار يبنيها ليؤجرها أو سيارة يشتريها لذلك، وكذلك تعتبر معدة للاستغلال إذا أجرها مالكها ثلاث سنين متوالية أو أعلن في الناس أنه قد أعدها للاستغلال ويبطل إعداد العين للاستغلال بموت مالكها وبيعه إياها كما يتبين من المادة 417 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وابن عابدين، رد المحتار، ج 5 كتاب الإجارة طبعة الحلبي ولا شك أن الاستثناء الذي أورده الحنفية هو نتيجة شعورهم بما في رأيهم من مجافاة، لما يجب وما في حكمه من إصلاح ولذلك اتجه المشرع إلى الأخذ برأي الشافعية والمالكية والحنابلة من أن المنافع أموال ليعم الإصلاح جميع الناس ولم يأت في كتاب الله ولا سنة رسوله بأن المنفعة ليست مالاً، وقد اتسع بهذا الاعتبار التعريف فشمل الحق إن أريد به من منفعة هي مال . وبعبارة أخرى إن تعلق بمال كحق المستأجر في العين التي أستأجرها وحق المرور وحق المسيل، أما إذا تعلق الحق بغير مال كحق الحضانة وحق الزوج في الاستمتاع بزوجته فليس بمال وهو ما ذهب إليه غير الحنفية . فالمشرع توسعه على الناس لم يذهب مذهب الحنفية في اعتبار الحقوق ليست مالاً لعدم إمكان حيازتها أيضاً سواء تعلق بمال أم لم يتعلق بمال.
ويتبين مما تقدم أن الحيازة قد تكون مباشرة وقد تكون غير مباشرة والمباشرة تقع على الشيء نفسه وتكون مادية إذا كان الشيء مادياً وتكون معنوية إذا كان الشيء معنوياً وغير المباشرة لا تقع على الشيء نفسه وإنما تقع على أصل الشيء، كحيازة المنفعة تكون بحيازة أصل المنفعة أي مصدرها .
ويلاحظ أن الفقهاء أنفسهم اعتبروا الحيازة بيد شخص آخر كحيازة الوكيل والمودع.
يراجع ابن عابدين، رد المحتار، ج 4 ص 3 والمادتان 125 و 126 من المجلة والمادة الأولى من مرشد الحيران.
كما بينت المادة 96 تعريف المال المتقوم بأنه ما يباح للمسلم الانتفاع به شرعاً وغير المتقوم وهو ما لا يباح للمسلم الانتفاع به شرعاً.
وهذه المواد تقابل المواد 53 و 54 و 55 أردني و 81 مصري و 83 سوري و 61 عراقي والمادة 96 مستقاة من الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد لمصطفى الزرقا ج 3 ص 143 .

المادة 99
. 1 الأشياء المثلية هي ما تماثلت آحادها أو أجزاؤها أو تقاربت بحيث يمكن أن يقوم بعضها مقام بعض عرفاً بلا فرق يعتد به وتقدر في التعامل بالعدد أو القياس أو الكيل أو الوزن.
2. والقيمية ما تتفاوت أفرادها في الصفات أو القيمة تفاوتا يعتد به أو يندر وجود أفرادها في التداول.
المذكرة الإيضاحية :
تبين هذه المادة المثلى والقيمي من الأموال فالمثلى هو المال الذي يقدر عادة بالوزن أو بالكيل أو بالعد فتتماثل أجزاؤه عندما يكون مكيلاً أو موزوناً وأحاده عندما يكون معدوماً مع ملاحظة وجوده كذلك في الأسواق فإن لم يوجد في الأسواق فليس بمثلي وإنما يعتبر قيمياً حتى يوجد في الأسواق ولا تأثير لوجوده عند الناس في بيوتهم لأجل استهلاكهم.
والقيمي هو ما لا يقدر من الأموال بكيل ولا بوزن ولا عد أو كان ذلك ولكن تتفاوت آحاده إلى درجة تتغير معها قيمتها.
ويلاحظ أن التماثل وعدم التماثل يختلف باختلاف الزمان والظروف فقديماً كانت الأقمشة تعتبر قيمية لاختلافها في النسيج والخطوط اختلافاً تتفاوت به قيمتها نتيجة غزلها ونسجها بالأيدي أما الآن وقد أصبحكل ذلك بالآلات الميكانيكية التي لا تنتج إلا متماثلاً في جميع الصفات فالواجب الآن عددها من المثليات كما يعد الآن من المثليات كل ما توجده الصناعة الحاضرة من المصنوعات المتماثلة في المادة .
والصنعة والقدر والصفة كالنقود الذهبية والفضية والنحاسية والبرونزية وأواني الطعام والشراب والورق والكتب المطبوعة والكراسات وغير ذلك من المتماثلات الموجودة في الأسواق لأن التناظر هو التماثل المؤدى إلى عدم الاختلاف في القيمة بين الأجزاء المتساوية في الوزن أو في الكيل أو بين الآحاد المتماثلة في الحجم مع الوجود في الأسواق وذلك كله متحقق في هذه الأشياء وفي كثير خلافها على أكمل وجه حتى أنه يفوق في ذلك البر والشعير والتمر مما عده الفقهاء مثلياً.
والنقود من المثليات ولكنها تمتاز عن غيرها من المثليات بأنها تكون دائماً أثماناً ومعاييراً لغيرها من الأموال فإذا كانت في عقد معاوضة كانت ثمناً ولا تتعين بالتعيين ولو أشير إليها بخلاف غيرها من المثليات فإنها تتعين إذا أشير إليها أو نص على مكانها وقد ذهب المالكية إلى أن النقد لا يتعين بالتعيين وإن المعاملة تقع به على الذمم على الرغم من تعيين النقد عندها وأنه إذا غصب غاصب ديناراً معيناً فله أن يعطي مالكه غيره وعللوا ذلك بأنه ليس في النقد خصوصيات تتعلق بها أغراض صحيحة للناس فسقط لذلك اعتبارها في نظر الشارع إذ لا يعتبر إلا ماله غرض صحيح القرافي، الفروق وتهذيبها ج 2 صفحة 133 و 151 وتظهر أهمية ذلك فيما يأتي :
. 1 المثلي يثبت ديناً إذا عين بأوصافه بخلاف القيمي فإنه لا يثبت في الغالب ديناً في الذمة ولكن يتعين بالإشارة إليه أو ما يقوم مقامها فيصح القرض في المثليات ولا يصح في القيميات الكاساني 7 : 395 ومادة 798 799 مرشد الحيران.
2. المثلي يضمن عند التعدي بمثله لا بقيمه لوجوده مثله، أما القيمي فيضمن بقيمته وهذا لأن المقصود من الضمان الجبر والعوض، وذلك يكون على أتمه بأداء المثل لأن فيه العوض عن التالف من ناحيتين : صورته وماليته فإذا انعدم المثل أكتفى بالقيمة لأن فيها العوض عنه من أهم ناحية وهي المالية . تراجع المواد 145 146 من المجلة 399 مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 56 أردني و 85 مصري و 88 سوري و 64 عراقي.

المادة 100
1. الأشياء الاستهلاكية هي ما لا يتحقق الانتفاع بخصائصها إلا باستهلاكها أو إنفاقها.
2. أما الاستعمالية فهي ما يتحقق الانتفاع بها باستعمالها مرارا مع بقاء عينها.
المذكرة الإيضاحية :
عرض المشرع في هذه المادة لتقسيم الأشياء إلى قابلة للاستهلاك وغير قابلة له .
والأشياء القابلة للاستهلال هي التي تهلك بمجرد استعمالها مرة واحدة أو بعبارة أخرى هي التي ينحصر استعمالها بحسب ما أعدت له في استهلاكها، استهلاكاً مادياً أو قانونياً، ويعتبر إنفاق النقود وبيع العروض المعدة للبيع استهلاكاً قانونياً لها .
وما عدا ذلك من أشياء فهو غير قابل للاستهلاك، وللعبرة في ذلك بالاستعمال الذي أعد له الشيء فالثمار والنقود يكون الغرض منها عادة أكلها أو إنفاقها، ولكنها إذا عدت للعرض في معرض أو عدة معارض على التوالي تكون غير قابلة للاستهلاك .
ويلاحظ وجوب عدم الخلط بين الأشياء القابلة للاستهلاك فليسكل مثلي قابلاً للاستهلاك وليسكل قيمي غير قابل للاستهلاك فالنقود المعدة للعرض مثلية ولكنها غير قابلة للاستهلاك والتحف الفنية الأصلية قيمية ولكنها تعتبر قابلة للاستهلاك إذا أعدت للبيع.
ومما تظهر فيه فائدة هذا التقسيم وجوب أن يكون الشيء المستعار مما يمكن الانتفاع به دون استهلاكه فإن لم يمكن لا تصح إعارته لأن حكم العقد ثبت في المنفعة لا في العين، وعلى هذا تخرج إعارة الدراهم والدنانير وتكون قرضاً لا إعارة لأن الإعارة تمليك المنفعة أو إباحة المنفعة على اختلاف الأصل ولا يمكن الانتفاع إلا باستهلاكها ولا سبيل إلى ذلك إلا بالتصرف في العين لا في المنفعة ولا يمكن تصحيحها إعارة حقيقيه فتصح قرضاً مجازا لوجود معنى الإعارة حتى لو استعار حٌلياً ليتجمل به صح لأنه يمكن الانتفاع به من غير استهلاك بالتجمل فأمكن العمل بالحقيقة فلا ضرورة إلى الحمل على المجاز وكذا إعارة كل ما لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاكه كالمكيلات والموزونات يكون قرضاً لا إعارة لما ذكرنا أن محل حكم الإعارة المنفعة لا العين إلا إذا كان ملحقاً بالمنفعة عرفاً فكان له حكم المنفعة الكاساني البدائع ج 6 ص 214 225 .
وأنظر المادة 774 من مرشد الحيران ونصها ويشترط لصحة العارية قابلية المستعار للانتفاع مع بقاء عينه وفي القرض تكون العين من الأعيان المثلية التي تستهلك بالانتفاع بها م 766 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 57 أردني و 84 مصري و 87 سوري.

المادة 101
كل شيء مستقر بحيزه ثابت فيه لا يمكن نقله منه دون تلف أو تغيير هيئته فهو عقار. وكل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول .

المادة 102
يعتبر عقارا بالتخصيص المنقول الذي يضعه مالكه في عقار له، رصداً على خدمته أو استغلاله ولو لم يكن متصلاً بالعقار اتصال قرار.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هاتان المادتان تقسيم الأشياء التي يصح أن تكون محلاً لحقوق مالية إلى أشياء ثابتة عقارات وأشياء منقولة . ولم تتعرضا لتقسيم الأموال العامة من هذه الناحية بل تتناولها المادة التالية .
وعرّف النص العقار بأنه كل شيء له مستقر ثابت بحيث لا يمكن نقله دون تلف أو تغيير هيئته وينطبق ذلك على كل شيء حائز لصفة الاستقرار سواء أكان ذلك من أصل خلقته أم بصنع صانعه، ولا يعتبر الشيء ذا مستقر إلا إذا كان لا يمكن نقله وتحويله، فالأكشاك التي يمكن حلها وإقامتها في مكان آخر لا تعتبر أشياء ثابتة لا يمكن نقلها دون تلف فإذا لم يمكن نقلها دون تلف فإنها تعتبر ثابتة حتى لو كانت معدة لتبقى مدة قصيرة وأشترط المشرع أن لا يترتب على نقلها وتحويلها تغيير هيئتها أخذاً بالمذهب المالكي ففي هذا المذهب المنقول ما يمكن نقله مع بقاء هيئته وغير ذلك العقار، على خلاف المذهب الحنفي ففيه العقار ما لا يمكن نقله وتحويله عن مكانه والمنقول وتحويله عن مكانه سواء أبقى مع ذلك التحويل على هيئته وصورته أم تغيرت به هيئته وصورته وفيه أيضاً العقار هو الأرض وحدها وغيرها منقول والشجر والبناء والقناطر الملتصقة بالأرض منقول لإمكان نقلها وإن تغيرت صورتها إذ به يصبح البناء أنقاضاً والشجر أخشاباً أو أحطاباً والقناطر قضباناً، وأما في المذهب المالكي الذي أخذ به المشرع فالأرض وما أتصل بها من بناء وشجر وعقار الدسوقي على الدردير جزء 3 : 479 لأن البناء والشجر لا يمكن نقلها ما دون تغيير هيئتها.
وقد أكتفى المشرع بتعريف الشيء الثابت واعتبار كل ما عداه منقول وقد كان في وسعه أن يعرف كلا من العقار والمنقول تعريفاً مباشراً ولكنه خشى أن يقصر كلا التعريفين عن شمول جميع الأشياء فأكتفى بتعريف العقار وترك تعريف المنقول يُستنبط من طريق الاستبعاد لكن في الوسع أن يعرف المشرع المنقول تعريفاً مباشراً بأنه ما أمكن نقله مع بقاء هيئته وأن يترك تعريف العقار يستنبط بطريق غير مباشر ولكنه أثر تعريف العقار نظراً لما للعقارات من اعتبار خاص لا تزال آثاره باقية، وإذن فالعقار هو ما لا يمكن نقله وتحويله من مكانه دون تغيير هيئته كالأرض وما أتصل بها من بناء وشجر والمنقول ما يمكن تحويله عن مكانه مع بقاء هيئته وصورته كالحيوان والعروض والذهب والفضة والمكيلات والموزونات وفائدة هذا التقسيم تظهر في بيان أحكام كل من المنقول والعقار عند إرادة تطبيقها وفيما يلي أهمها:
1. الشفعة : لا تثبت في المبيع إلا إذا كان عقاراً، فلا شفعة في المنقول إذا بيع استقلالاً.
2. إذا بيع العقار جاز لمشتريه أن يتصرف فيه ببيعه مثلاً قبل أن يتسلمه من البائع عند الشيخين أبي حنيفة وأبي يوسف وإذا بيع المنقول لم يجز لمشتريه أن يبيعه قبل أن يتسلمه عند أئمتنا الثلاثة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن.
3. يجوز للوصي على الصغار أن يبيع منقولهم متى رأى المصلحة في ذلك وليس له أن يبيع عقارهم إلا إذا وجد لذلك مسوغ شرعي كبيعه لإيفاء دين أو لرغبة فيه بضعف قيمته أو لزيادة نفقاته على غلاته أو نحو ذلك مما هو مفصل في موضعه.
4. في حال بيع أموال المدين المحجوز عليه بسبب الدين لأجل وفاء دينه يبدأ أولا ببيع المنقولات فإن لم يف ثمنها بالدين يبيع العقار لما في ذلك من مصلحة المدين .
5. لا يثبت حق ارتفاق على مال منقول وإنما يختص ذلك بالعقار .
6. العقار يصح وقفه عند الحنفية والمنقول لا يصح وقفه عندهم إلا في أحوال ثلاثة :
أ. أن يرد بصحة وقفه أثر كما في وقف الخيل والسلاح.
ب. أن يجري العرف به كما في الكتب.
ج. أن يكون تابعاً للعقار، كأن يقف ضيعة بما فيها من أشجار ومبان وحيوان.
ومرجع ذلك عندهم إلى ما للوقف من صفة الدوام ولأجلها أختص بالعقار لأنه دائم بخلاف المنقول لأنه غير دائم، ومن العلماء من ذهب إلى جواز وقف المنقول مطلقاً وبرأيهم صدر قانون الوقف في مصر إذ نص في المادة الثامنة منه على جواز وقف العقار والمنقول على السواء.
وقد رأى في المشرع استثناء المنقولات التي يضعها المالك في عقار يملكه رصداً على خدمة العقار أو استغلاله فأعتبرها عقارات وهي المعروفة في الفقه بأنها العقارات بالتخصيص ولم يقصرها على الآلات اللازمة أي الضرورية للزراعة وللمصانع بل نص عليها في صيغة عامة تجعلها تشمل كل منقول يضعه مالكه في عقار مملوك ويخصصه إما لخدمة العقار كالتماثيل التي توضع على قواعد مثبته وإما لاستغلاله كالآلات الزراعية والصناعية ومفروشات الفنادق والرفوف والخزائن والمقاعد المخصصة لاستغلال المحال التجارية .... إلخ ولا يشترط أن يكون المنقول لازماً أي ضرورياً لخدمة العقار أو استغلاله بل يكفي تخصيصه لهذه الخدمة أو الاستغلال ولو لم تكن هناك ضرورة تقتضي ذلك كما أن المشرع لم يأخذ باستلزام أن يكون المنقول متصلاً بالعقار اتصال قرار ليكون عقاراً بالتخصيص أما إذا وضع المنقول لخدمة شخص مالكه لا لخدمة العقار فإن ذلك لا يجعله عقاراً بالتخصيص ولا يشترط أن يكون التخصيص بصفة دائمة فإن ذلك لا يجعله عقاراً بل يكفي ألا يكون عارضاً . ومتى أنقطع التخصيص زالت عن المنقول صفة العقار.
ولم ير المشرع أن يجعل أثر الحاق صفة العقار بالتخصيص مقصوراً على عدم جواز الحجز على المنقول الذي تلحق به هذه الصفة بل رأى أن تكون فكرة العقار بالتخصيص أكثر مرونة وأوسع نطاقاً من هذا حتى تظهر نتائجها في البيع والقسمة والوصية وغير ذلك أيضاً، وقد رؤي الأخذ بالصيغة المشار إليها تمشياً مع المادتين 128 ، 129 من المجلة، وشرحها لعلي حيدر والمادتين 2، 3 من مرشد الحيران.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 58 و 59 أردني و 82 مصري و 84 سوري و 62 و 63 عراقي .

المادة 103
1. تعتبر أموالا عامة جميع العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بناء على قانون.
2. ولا يجوز في جميع الأحوال التصرف في هذه الأموال أو الحجز عليها أو تملكها بمرور الزمان.
المذكرة الإيضاحية :
تناولت هذه المادة الأموال العامة وقد اشترط فيها شرطان :
أولاً : أن يكون المال، عقاراً كان أو منقولاً، مملوكاً للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة .
ثانياً : أن يكون هذا المال مخصصاً لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون فوضعت بذلك تعريفاً عاماً تعين بمقتضاه الأموال العامة . وقد أخذ المشرع بمعيار التخصيص لمنفعة عامة وهو المعيار الذي يأخذ به الرأي الراجح في الفقه والقضاء.
وقد بينت المادة حكم الأموال العامة وهي خروجها عن التعامل ورتب على ذلك عدم جواز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بمرور الزمان ولكن ذلك لا يمنع الدولة أو غيرها من الأشخاص المعنوية العامة من الترخيص إدارياً لبعض الأفراد باستعمال بعض الأموال العامة التابعة لها استعمالاً بحسب ما تسمح به طبيعتها.
وقد أعتمد في حكم المادة بعد تعديلها على المادة 1675 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 60 أردني و 87 مصري و 90 سوري و 71 عراقي .

الفصل الخامس
الحق
الفرع الأول
نطاق استعمال الحق
المادة 104
الجواز الشرعي ينافي الضمان فمن استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يضمن ما ينشأ عن ذلك من ضرر .
المذكرة الإيضاحية :
وأصلها المادة 91 من المجلة والضمان هو التزام بتعويض مالي عن ضرر للغير . ومعنى هذه القاعدة أنه لا يترتب على شخص ضمان بسبب فعله أو عدم فعله شيئاً إذا كان ذلك منه جائزاً شرعاً لأن تسويغ الشارع ذلك الفعل أو الترك يقتضي رفع المسئولية عنه وإلا لم يكن جائزاً، ومثال ذلك حفر إنسان في ملكه الخاص حفرة فيتردى فيها حيوان لغيره فلا يضمنه لأن حفرة هذا جائز وذلك بخلاف حفرة في الطريق العام فإنه عندئذ يكون معتدياً على حق العامة فيضمن الضرر.
وهذه القاعدة مقيدة بأن يكون الجواز الشرعي جوازاً مطلقاً فلو كان جواز مقيداً فإنه لا ينافى الضمان ولذلك يضمن المضطر قيمة طعام الغير إذا أكله دفعاً للهلاك عن نفسه مع أن أكله واجب لا جائز فقط وذلك لأن الجواز مقيد شرعاً بحفظ حقوق الغير كما يضمن قائد الدابة ما تتلفه من الطريق العام لأن السير وإن كان جائزاً فهو مقيداً شرعاً بشرط السلامة في كل ما يمكن التحرز منه مصطفى الزرقا في الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد ج 2 ص 1026 .
وهي تقابل المواد 61 أردني و 4 مصري و 3 سوري و 6 عراقي .

المادة 105
1. يتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر عام
2. والضرر الأشد يزال بالضرر الأخف.
المذكرة الإيضاحية :
وأصلها المادتان 26 و 27 من المجلة وتطبيقاً للبند الأول فإنه يحجر على الطبيب الجاهل والمفتي الماجن والم كاري المفلس وإن تضرروا بذلك دفعاً لضررهم عن الجماعة في أروحها ودينها وأموالها كما يبيع القاضي على المحتكرين أموالهم المحتكرة وإن أضرهم ذلك دفعاً لضرر الاحتكار عن العامة كما يجوز التسعير إذا غالى الباعة في الأسعار، كما يجوز بل يجب هدم الدور الملاصقة للحريق منعاً لتجاوزه إذا خيف سريانه.
والبند الثاني من أمثلته فرض النفقة للفقراء على الأغنياء من الأقارب لأن ضرر الأغنياء بفرضها أخف من ضرر الفقراء بعدمه كما أنه لو بنى مشتري الأرض أو غرس فيها ثم ظهر لها مستحق فإن كانت قيمة البناء اكثر حق للمشتري أن يمتلك الأرض بقيمتها جبراً على صاحبها والعكس بالعكس وكذا لو ابتلعت دجاجة شخص لؤلؤة ثمينة لغيره فلصاحب اللؤلؤة أن يتملك الدجاجة بقيمتها كي يذبحها ويستخرج لؤلؤته شرح المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 65 أردني .

الفرع الثاني
إساءة استعمال الحق
المادة 106
1. يجب الضمان على من استعمل حقه استعمالا غير مشروع.
2. ويكون استعمال الحق غير مشروع:
أ. إذا توفر قصد التعدي.
ب. إذا كانت المصالح التي أريد تحقيقها من هذا الاستعمال مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية أو القانون أو النظام أو الآداب.
ج. إذا كانت المصالح المرجوة لا تتناسب مع ما يصيب الآخرين من ضرر.
د. إذا تجاوز ما جرى عليه العرف والعادة.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حالة إساءة استعمال الحق وقد عرف فقهاء الإسلام هذه الحالة منذ القدم وشرعوا لها الإحكام ثم لحق بهم الغربيون نتيجة تطور في المشاعر والأف كار التي أوحى بها التقدم الاجتماعي في الغرب ذلك أن فكرتهم الفردية القديمة التي برزت في نهاية القرن الثامن عشر قد تضاءلت أمام فكرتهم الحديثة التي تهدف إلى اعتبار الحق إنما منح لخدمة الأفراد تحقيقاً لغرض اجتماعي فهو بذلك يمثل وظيفة اجتماعية حقه وبناء على هذه الفكرة قالوا أنه إذا أنحرف استعمال الحق عن مقصوده كان ذلك موجباً للجزاء.
ومبدأ إساءة استعمال الحق ليس مقصوراً على الحقوق الناشئة عن الالتزامات بل يمتد إلى الحقوق العينية وإلى روابط الأحوال الشخصية وإلى القانون التجاري وقانون المرافعات بل يشمل القانون العام أيضاً إذ يمكن القول بأن هناك إساءة استعمال حق الحريات أو حق الاجتماعات وهلم جرا لذلك كان حرياً بالمشرع أن يحل النص الخاص بإساءة استعمال الحق مكاناً بارزاً بين النصوص التمهيدية حتى ينبسط على جميع نواحي القانون بفروعه المختلفة ولا يكون مجرد تطبيق لفكرة العمل غير المشروع المحصورة في نظرية الحق الشخصي وقد أقرت الشريعة الإسلامية ذلك على أنه بوصفها نظرية عامة وعنى الفقه الإسلامي بصياغتها صياغة تضارع إن لم تفق في دقتها وأحكامها أحدث ما أسفرت عنه مذاهب المحدثين من فقهاء الغرب وإزاء ذلك حرص المشرع على أن يأخذ بلب القواعد التي استقرت في الفقه الإسلامي في هذا المجال مثل لا ضرر ولا ضرار والضرر يزال والضرر لا يزال بمثله و الضرر الأشد لا يزال بالضرر الأخف و درء المفاسد أولى من جلب المنافع.
وقد تفادى المشرع الصيغة العامة كالتعسف والإساءة بسبب غموضها وخلوها من الدقة واستمد من الفقه الإسلامي وما وضعه من قواعد تقدم بعضها الضوابط الأربعة التي أشتمل عليها النص وتفصيل الضوابط على هذا النحو يهيئ للقاضي عناصر نافعة للاسترشاد.
وأول هذه الضوابط هو استعمال الحق دون أن يقصد من ذلك سوى الإضرار بالغير وهو معيار ذاتي أستقر الفقه الإسلامي على الأخذ به والجوهري في هذا الشأن هو توفر نية الإضرار ولو أفضى استعمال الحق إلى تحصيل منفعة لصاحبه ويراعى أن هذه النية تستخلص من انتفاء كل مصلحة من استعمال الحق استعمالاً يلحق الضرر بالغير متى كان صاحب الحق على بينة من ذلك.
والضابط الثاني : استعمال الحق استعمالاً يرمي إلى تحقيق مصلحة غير مشروعة وتعبير المشرع في هذا المقام خير من نص بعض التقنينات على صرف الحق عن الوجهة التي شرع من أجلها ولا تكون المصلحة غير مشروعة إذا كان تحقيقها يخالف حكماً من أحكام الشريعة الإسلامية والقانون فحسب وإنما يلحق بها هذا الوصف أيضاً إذا كان تحقيقها يتعارض مع النظام العام أو الآداب . وإذا كان المعيار في هذه الحالة مادياً في ظاهرة فإن النية كثيراً ما تكون هي النافية لصفة المشروعية عن المصلحة وأبرز تطبيقات هذا المعيار يعرض بمناسبة إساءة الحكومة لسطاتها كفصل الموظفين إرضاء لغرض شخصي أو لشهوة حزبية.
والضابط الثالث : استعمال الحق ابتغاء تحقيق مصلحة قليلة الأهمية لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من الضرر بسببها، والمعيار في هذه الحالة مادي ولكنه كثيراً ما يتخذ قرينه على توافر نية الإضرار بالغير، والفقه الإسلامي أساس هذا المعيار وجاراه في ذلك الفقه والقضاء في مصر والدول العربية على السواء.
والضابط الرابع : هو تجاوز الإنسان في استعمال حقه ما جرى عليه العرف والعادة بين الناس ويلاحظ أن الحكم في هذه المادة إنما يتعلق بالحق لا بالرخصة فالإساءة ترد على استعمال الحقوق وحدها أما الرخص فلا حاجة إلى فكرة الإساءة في ترتيب مسئولية من يباشرها عن الضرر الذي يلحق الغير من جراء ذلك لأن أحكام المسئولية المدنية تتكفل بذلك على خير وجه ويقصد بالحق في هذا الصدد كل مكنة تثبت لشخص من الأشخاص على سبيل التخصيص والأفراد كحق الشخص في ملكية عين من الأعيان أو حقه في اقتضاء دين من الديون، وحقه في طلاق زوجته، أما ماعدا ذلك من المكنات التي يعترف بها القانون للناس كافة دون أن تكون محلاً للاختصاص الحاجز فرخص وإباحات كالحريات العامة وما إليها.
وعلى هذا النحو وضع المشرع قاعدة لمباشرة الحقوق استناداً إلى ما أستقر من المبادئ في الشريعة الإسلامية المتفقة مع ما انتهى إليه الفقه الحديث في نظرية إساءة استعمال الحق وبذلك أتيح للمشرع أن يمكن للنزعة الأخلاقية والنزاعات الاجتماعية الحديثة وأن يساير التشريع والفقه في العصر الحاضر بأخذه بمبادئ الفقه الإسلامي.
وهذه المادة تتعلق بإساءة استعمال الحق ويراجع في ذلك شرح المادة 91 من المجلة لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 66 أردني و 5 مصري و 6 سوري و 8 عراقي .

الفرع الثالث
أقسام الحق
المادة 107
يكون الحق شخصياً أو عينياً أو معنوياً

المادة 108
الحق الشخصي رابطة قانونية بين دائن ومدين يطالب بمقتضاها الدائن مدينه بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع عن العمل.

المادة 109
1. الحق العيني سلطة مباشرة على شيء معين يعطيها القانون لشخص معين.
2. ويكون الحق العيني أصلياً أو تبعياً

المادة 110
1. الحقوق العينية الأصلية هي حق الملكية والتصرف والانتفاع والاستعمال والسكنى والقرار المساطحة وحقوق الارتفاق والوقف وما يعتبر كذلك بنص القانون.
2. الحقوق العينية التبعية هي الرهن التأميني والرهن الحيازي وحق الامتياز.

المادة 111
1. الحقوق المعنوية هي التي ترد على شيء غير مادي.
2. ويتبع في شأن حقوق المؤلف والمخترع والفنان والعلامات التجارية وسائر الحقوق المعنوية الأخرى أحكام القوانين الخاصة.
المذكرة الإيضاحية :
تراجع المادتان 125 ، 126 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادتان 4، 5 من مرشد الحيران وقد أوضحت هذه المواد تقسيم الحق إلى شخصي أو عيني أو معنوي .
وهذه المواد تقابل المواد من 67 إلى 71 أردني.

الفرع الرابع
إثبات الحق
1 أدلة الإثبات
المادة 112
أدلة إثبات الحق هي :
أ. الكتابة.
ب. الشهادة
ج. القرائن
د. المعاينة والخبرة.
هـ . الإقرار.
و. اليمين
2 قواعد عامة في الثبات
المادة 113
على الدائن أن يثبت حقه وللمدين نفيه

المادة 114
الكتابة والشهادة والقرائن القاطعة والمعاينة والخبرة حجة متعدية والإقرار حجة مقصورة على المقر.

المادة 115
ترد كل شهادة تضمنت جر مغنم للشاهد أو دفع مغرم عنه.

المادة 116
يعتمد في شهادة الأخرس وحلفه بإشارته المعهودة إذا كان يجهل الكتابة.

المادة 117
البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.

المادة 118
البينة لإثبات خلاف الظاهر واليمين لإبقاء الأصل.

المادة 119
تقبل اليمين ممن يؤديها لبراءة نفسه لا لإلزام غيره

المادة 120
1. لا تحلف اليمين إلا بطلب الخصم.
2. ويجوز للقاضي - من تلقاء نفسه - توجيه اليمين للخصم في الحالات الآتية:
أ. ادعائه حقا في التركة وإثباته فانه يحلف يمين الاستظهار الاستيثاق وهي انه لم يستوف حقه من الميت ولم يبرئه ولا أحاله على غيره، وأن الميت ليس له رهن في مقابلة هذا الحق.
ب. ثبوت استحقاقه لمال فانه يحلف على انه لم يبع هذا المال أو يهبه أو يخرج عن ملكه بأي وجه من الوجوه.
ج. رده لمبيع لعيب فيه فانه يحلف على انه لم يرض بالعيب قولاً أو دلالة.
د. عند الحكم بالشفعة فانه يحلف على انه لم يسقط حق شفعته بأي وجه من الوجوه.

المادة 121
يقبل قول المترجم المقيد بالسجل الخاص وطبقاً لما ينظمه القانون.

المادة 122
لا حجة مع التناقض . ولكن لا اثر له في حكم المحكمة إذا ما ثبت بعده ولصاحب المصلحة حق الرجوع على الشاهد بالضمان.

3 تطبيق قواعد أحكام الإثبات
المادة 123
يتبع لدى المحاكم في قواعد وإجراءات الإثبات واستيفاء أدلة الحق الأحكام المنصوص عليها في قوانينها الخاصة وذلك في ما لا يتعارض مع الأحكام السابقة.
المذكرة الإيضاحية :
شرعت أدلة إثبات لحماية الحقوق بصفة عامة فالحق يتجرد من قوته إذا لم يقم دليل على ثبوته ولذا يتعين إقامة الدليل على كل واقعة قانونية يدعي بها متى توزع فيها أو أنكرها المدعى عليه وقد اختلفت التشريعات في وضع أحكام الإثبات فالبعض ضمنها قانون المرافعات والبعض قسمها بين التقنين المدني وتقنين المرافعات وأفرد له البعض تشريعات مستقلة التشريعات الإنجليزية والأمريكية.
وقد أرتأى المشرع وهو يستند أساساً إلى الشريعة الإسلامية تقنين القواعد الموضوعية في إثبات الحق بعد بيان مصادره بوصفها قواعد كلية تتصل بموضوع الأدلة التي يستند إليها الفقه الإسلامي وهي الأدلة التي جرت المحاكم على تطبيقها.
وتضمن نص المادة 112 أدلة الإثبات وأنواعها وهي الكتابة والشهادة والقرائن والمعاينة والخبرة والإقرار واليمين وهو نص يتفق والأدلة الفقهية مع إضافة المعاينة والخبرة لاستكمال وسائل الإثبات طبقاً لما ورد في جميع القوانين الحديثة.
وقد تناول المشرع المقترح المواد التي تضمنت قواعد كلية في الفقه وتتفق مع الأسس المتفق عليها في تأصيل الدليل الشرعي على ثبوت الحق أو نفيه وذلك لكي يشمل جميع القواعد التي يتطلبها إثبات الحقوق على الوجه المبين في كل قانون وقد بينت المادة 113 على أن كل من يدعي حقاً فعليه أن يقدم الدليل على ما يدعيه وفي المادة 85 من المجلة أن البينة تُطلب من كل من يدعي خلاف الأصل وهي قاعدة مصدرها كتاب الأشباه والنظائر لابن نجيم والذمة في اصطلاح علماء الأصول وصف يصور به الإنسان أهلاً لما له وما عليه والقول بأن براءة الذمة أصل يقصد به ذات الإنسان فإذا ترتب في ذمته حق للغير كان هو ذاته المدعي به وعلى من يدعي هذا الحق أن يثبته وعلى المدين به أن ينفيه.
وقد بينت هذه الأحكام أن البينة حجة متعدية أي تتجاوز إلى الغير أي غير المدعى عليه أما الإقرار فهو قاصر على من أقر به وهو ملزم له ذلك لأن حجة البينة لا تقتصر على المحكوم عليه وتتجاوز إلى كل من له مساس بالدعوى أما الإقرار فهو يستند إلى ادعاء المقر ومن ثم فهو مقصور عليه ولا يمس حق غيره.
كما أن القاعدة العامة رفض الشهادة إذا كان الغرض منها جر مغنم للشاهد أو دفع مغرم عنه إذ يجب أن تنصب الشهادة على وقائع النزاع دون إقحام ما يتصل منها بشخص الشاهد وللمحكمة أن تستبعد من شهادته كل ما بعد عن وقائع النزاع.
كما أعتد بإشارات الأخرس المعهودة في الأخذ بشهادته أو بيمينه ولا يعني ذلك إطراح دليل الكتابة إذا كان الأخرس يعرفها فهي أقوى في الإيضاح بما يريد أما الإشارات فقد يتفاوت فهم مؤداها بين شخص وآخر ما لم تكون معهودة من الأخرس تصفه يقينية في الإفصاح عما يريد أن يدلي به ويتم تحقيق هذا اليقين من أقاربه أو أصدقائه وجيرانه ويجب أن يكونوا عدولاً استيفاء للثقة في شهادتهم.
وقد تناولت المواد أحكام البينات فأوضحت المادة 117 أن البينة على من أدعى واليمين على من أنكر وهو نصالحديث الشريف وجاء في شرح المجلة على النص جزء 1 صفحة 66 " أنه من المعلوم عقلاً أن كل خبر يحتمل الصدق والكذب فالادعاء المجرد لا يخرج عن كونه خبراً فإذا لم تدعمه بينه فلا مرجح لأحد الاحتمالين والحكم الشرعي أنه متى أثبت المدعي استحقاقه للمدعي به أستحقه وإذا عجز المدعي عن إثبات حقه يحلف عليه المنكر اليمين.
ومن المقرر أن الأصل يؤيد ظاهر الحال فلا يحتاج لتأييد آخر وخلاف الظاهر يتأرجح بين الصدق والكذب فيحتاج إلى مرجح وهي البينة.
ولذا نص في المادة 118 على أن البينة لإثبات خلاف ظاهر وخلاف الأصل كالموجود بالصفات العارضة واشتغال الذمة وإضافة الحوادث إلى أبعد أوقاتها ومن أمثلة ذلك إذا أدعى شخص بأنه باع مالاً لآخر عندما كان صبياً ولما كان البيع غير نافذ فإنه مطالب برده فأجاب المدعى عليه بأنه كان بالغاً عند إتمام البيع والبيع نافذ ولما كان البلوغ عارضاً وهو بخلاف الأصل تطلب البيّنة من مدعي البلوغ . كما يتبين من مراجعة المادة 120 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
كما تضمنت هذه القواعد النص على أن اليمين تقبل ممن يؤديها تبرئة لنفسه لا إلزاماً لغيره كأداء اليمين أو وفاء الالتزام أياً ما كان نوعه.
وقد رؤي تغطية أحكام اليمين بما ذكر في المادة 120 من المشرع وهي قاعدة عامة في الإثبات عملاً بالمادة 1476 من المجلة وهي خاصة بالأحوال التي يجوز فيها للمحكمة توجيه اليمين.
وفي أداء الشهادة يقبل قول المترجم مطلقاً والمترجم هو من ينقل لغة إلى أخرى ويرى الشيخان قبول قول المترجم الواحد أما محمد فذهب إلى أنه يجب أن يكون عدد المترجمين لا يقل عن نصاب الشهادة إلا أن قول الشيخين هو الراجح، شرح المجلة جزء 1 صفحة 63 ، 64 على أن النص المقترح في المادة 121 يضمن قيداً هاماً في أداء الترجمة باعتبارها صورة من صور الشهادة وهو أن يكون المترجم مقيداً بالسجل الخاص بذلك.
أما المادة 122 فقد تضمنت حكماً هاماً من شأنه أن يؤكد للحكم الصادر حجته فإذا وقع تناقض في الدلالة فإنها تبطل ولكن لو حكم القاضي قبل أن يتبين بطلانها فلا أثر لذلك في حكمه بل يظل الحكم قائماً ولمن أصابه ضرر أن يرجع على من شهد أو من قدم الدليل بالضمان وأما المادة 123 فقد تضمنت إحالة على القوانين الخاصة بالنسبة لإجراءات الإثبات واستيفاء أدلة الحق .
وهذه المادة تقابل المواد 72 و 73 و 77 و 78 و 79 و 80 و 81 و 82 و 83 و 84 و 85 و 86 أردني.

الكتاب الأول
الالتزامات والحقوق الشخصية
مصادر الالتزام أو الحقوق الشخصية
المادة 124
تتولد الالتزامات أو الحقوق الشخصية عن التصرفات والوقائع القانونية والقانون ومصادر الالتزام هي :
1. العقد.
2 . التصرف الانفرادي.
3 . الفعل الضار.
4 .الفعل النافع.
5 .القانون.
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه المادة مصادر الالتزام أو الحقوق الشخصية وتنحصر في التصرفات عقدية كانت أو انفرادية والوقائع القانونية سواء أكانت فعل ضار أم فعل نافع والالتزامات أو الحقوق الشخصية التي تنشأ مباشرة من القانون وهذا الحكم مستمد من مشروع القانون المدني العربي الموحد.

الفصل الأول
العقد
نظرة عامة على الأصل في العقود :
أختلف الفقهاء المسلمون في مسألة العقود، هل الأصل فيها الإباحة أو الحظر وقد عرض الخلاف ابن تيميه في فتاويه فقال : إن فروع هذه المسألة كثيرة جداً والذي يمكن ضبطه منها قولان :
أحدهما أن الأصل في العقود والشروط فيها ونحو ذلك الحظر إلا ما ورد الشرع بإجازته فهذا قول أهل الظاهر، وكثير من أصول الحنفية تبنى على هذا وكثير من أصول الشافعية وأصول طائفة من أصحاب مالك وأحمد فان أحمد قد يعلل أحياناً بطلان العقد بكونه لم يرد به أثر ولا قياس، كما قال في أحد الروايتين في وقف الإنسان على نفسه، كذلك طائفة من أصحابه يعللون فساد الشروط بأنها تخالف مقتضى العقد ويقولون ما خالف مقتضى العقد فهو باطل أما أهل الظاهر فلم يصححوا لا عقداً ولا شرطاً إلا ما ثبت جوازه بنص أو إجماع وإذا لم يثبت جوازه أبطلوه واستصحبوا الحكم الذي قبله ولكن خرجوا في كثير إلى أقوال ينكرها عليهم غيرهم.
وأما أبو حنيفة فأصوله تقضي أنه لا يصح في العقود شرط يخالف مقتضاها المطلق وإنما يصح الشرط في المعقود عليه إذا كان العقد مما يمكن فسخه ... وإنما صحح أبو حنيفة خيار الثلاث للأثر وهو عنده موضع استحسان والشافعي يوافقه على أن كل شرط خالف مقتضى العقد فهو باطل لكنه يستثنى مواضع الدليل الخاص فلا يجوز شرط الخيار أكثر من ثلاث ولا استثناء منفعة الجميع ونحو ذلك . وطائفة من أصحاب أحمد يوافقون الشافعي على معاني هذه الأصول لكنهم يستثنون أكثر مما يستثنيه الشافعي كالخيار أكثر من ثلاث ... وذلك أن نصوص أحمد تقتضي أنه يجوز من الشروط في العقود أكثر مما جوزه الشافعي فقد يوافقونه في الأصل ويستثنون للمعارض أكثر مما استثنى . كما قد يوافق هو أبا حنيفة ويستثنى أكثر مما يستثنى للمعارض.
وهؤلاء الفرق الثلاثة يخالفون أهل الظاهر ويتوسعون في الشرط أكثر منهم لقولهم بالقياس، والمعاني وآثار الصحابة رضى الله عنهم ولما يفهمونه من معاني النصوص التي ينفردون بها عن أهل الظاهر ويتوسعون في الشروط أكثر منهم.
والقول الثاني : أن الأصل في العقود والشروط الجواز والصحة ولا يحرم ويبطل منها إلا ما دل على تحريمه وإبطاله نص أو قياس عند من يقول به وأصول أحمد رضى الله عنه المنصوص عنها أكثرها تجري على هذا القول ومالك قريب منه لكن أحمد أكثرهم تصحيحاً للشروط فليس في الفقهاء الأربعة أكثر تصحيحاً للشروط منه.
وعامة ما يصححه أحمد من العقود والشروط فيها تنبيه بدليل خاص كأثر أو قياس، لكنه لا يجعل حجة الأولين مانعاً من الصحة ولا يعارض بذلك بكونه شرطاً ليس من مقتضى العقد أو لم يرد به نص وكأن قد بلغه في العقود والشروط من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ما لم نجده عند غيره من الأئمة فقال بذلك وبما في معناه قياساً عليه، وما اعتمدت غيره في إبطال الشروط من نص فقد يضعفه أو يضعف دلالته، وكذلك قد يضعف ما أعتمده في قياس .
وقد يعتمد طائفة من أصحاب عمومات الكتاب والسنة التي سنذكرها في تصحيح الشروط كمسألة الخيار أكثر من ثلاث، وقال ابن تيمية، هذا القول هو الصحيح بدلالة الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار مع الاستصحاب والدليل النافي.
ابن تيميه، الفتاوى، 3: 323 وما بعدها . وابن القيم إعلام الموقعين، 1 : 299 ، وابن حزم الأحكام 5: 6 وما بعدها وخصوصاً 12 14 . والمح ج/ 9 والبند 1447 صفحة 203 423 وما بعدها، وابن الهمام، التحرير، 4، 68 والغزالي المستصفى، 1: 93 ، والشاطبي الموافقات 1: 190 وما بعدها 214 وما بعدها المغني والشرح الكبير 4: 285 وما بعدها والكاساني، 5: 176 . والحطاب على خليل، 3: 446 . والمجموع للنووي .374 : 9
وقد نشأت على مر العصور عقود لم تكن موجودة من قبل وإن كانت متفرعة من عقود معروفة ومن ذلك عقد الحكر وعقد الإجارتين في الأموال الموقوفة وكذا بيع الوفاء والمرابحة والتولية والوضيعة وهي أنواع من البيع وشركة التقبل وشركة الوجوه وهي صور من الشركة وعقد الإستجرار الذي هو من قبيل ما يسمى اليوم باسم الحساب الجاري.
ويؤيد القول بالإباحة والصحة ما " روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : المسلمون عند شروطهم " مظاهرة يقتضي لزوم الوفاء بكل شرط إلا ما خص بدليل لأنه يقتضي أن يكون كل مسلم عند شرطه، وإنما يكون كذلك إذا لزمه الوفاء به .... وهذا لأن الأصل أن تصرف الإنسان يقع على الوجه الذي أوقعه إذا كان أهلاً للتصرف والمحل قابلاً وله ولاية عليه . الكاساني، 5: 259 . 
وعلى ذلك فما ذكر الفقهاء من العقود إنما هي العقود التي غلبت في التعامل بين الناس في زمانهم فإذا جدت عقود أخرى توافرت فيها الشروط المقررة فقهاً، كانت عقوداً مشروعة.
وقد رؤى الأخذ في القانون بأوسع المذاهب في هذا الصدد وهو المذهب الحنبلي توسعة على الناس في معاملاتهم وأريد بيان هذا الأصل في وضوح تام بالمادة 125 .

الفصل الأول
العقد
الفرع الأول
أحكام عامة
المادة 125
العقد هو ارتباط الإيجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول الآخر وتوافقهما على وجه يثبت أثره في المعقود عليه ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للآخر.
ويجوز أن تتطابق اكثر من إرادتين على أحداث الأثر القانوني.
المذكرة الإيضاحية :
وقد عرفت العقد وبينت أنه قد يكون نتيجة تطابق إرادتين أو أكثر .
وقد أعتمد في هذا التعريف على المادة 103 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وما ورد في أول عقد البيع من رد المحتار جزء 4 صفحة 1 20 والمادة 262 من مرشد الحيران.
وهذه المواد تقابل المادة 87 أردني والفقرة الثانية مستمدة من مشروع القانون العربي الموحد.

المادة 126
يجوز أن يرد العقد على ما يأتي :
أ. الأموال منقولة كانت أو عقاراً مادية كانت أو معنوية.
ب. منافع الأعيان.
ج. عمل معين أو خدمة معينة.
د. أي شيء آخر ليس ممنوعاً بنص في القانون أو مخالفاً للنظام العام أو الآداب.
المذكرة الإيضاحية :
أريد في هذه المادة بيان ما يصح أن يرد العقد عليه ومنها يتبين أن العقد لا يرد فقط على الأموال المادية بل يرد أيضاً على الأموال المعنوية كحق الملكية الأدبية والفنية والصناعية وقد تقدم أنها مال ولا يرد على الأعيان فقط بل يرد على منافعها أيضاً وقد تقدم أنها مال كذلك وحرصاً من المشرع على ألا يفوت شيء رؤي احتياطياً النص على أنه يصح أن يرد العقد على أي شيء آخر أي سواء أكان عيناً أم منفعة مادياً أم معنوياً، لم يحرم التعامل فيه بنص في القانون أو لمخالفته للنظام العام أو الآداب.
ولم ير المشرع حاجة لبيان ما جاء في مرشد الحيران من تفصيل أن العقد يصح أن يرد على الأعيان منقولة كانت أو عقاراً لتمليكها بعوض بيعاً أو بغير عوض هبة لحفظها وديعة لاستهلاكها بالانتفاع بها قرضاً وعلى منافع الأعيان للانتفاع بها بعوض إجارة أو بغير عوض إعارة لأن هذا يدخل في عموم العبارة، كما رؤي عدم الحاجة إلى إفراد جواز ورود العقد على أي شيء آخر بمادة مستقلة ويكفي جعلها فقرة أخيرة في نفس المادة وخصوصاً بعد تقرير مبدأ حرية الإرادة في إنشاء العقود.
وقد رأى المشرع زيادة في البيان ذكر أن الأعيان التي يصح أن يرد العقد عليها قد تكون مادية وقد تكون معنوية إبراز لجواز وروده على الحقوق المعنوية .
ويعتمد أيضاً في هذه المادة على المواد من 263 266 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المادة 88 أردني .

المادة 127
التعاقد على معصية لا يجوز.
المذكرة الإيضاحية :
وقد تضمنت قاعدة شرعية مؤداها عدم جواز التعاقد على معصية.

المادة 128
1. تسري على العقود المسماة وغير المسماة القواعد العامة التي يتضمنها هذا الفصل.
2. أما القواعد التي تنفرد بها بعض العقود فتقررها الأحكام الخاصة المنظمة لها في هذا القانون أو في غيره من القوانين.
المذكرة الإيضاحية :
أريد بهذا النص تقرير المبدأ الأساسي الذي يقضي بأن القواعد المتعلقة بالعقود بوجه عام تسري على العقود المسماة كالبيع والإجارة والشركة وغني عن البيان أن بعض الأحكام الخاصة بهذه العقود قد ينطوي على استثناء من القواعد العامة ولكن الأصل هو تطبيق القاعدة العامة على العقود جميعاً دون تفريق بين العقود المسماة وغير المسماة ما لم يرد نص خاص بشأن المستثنى . وقد أعتمد في ذلك على ما ورد في البدائع جزء 5 صفحة 259 و 282 كما نصالبند الثاني على سريان القواعد التي تنفرد بها بعض العقود والتي ينظمها هذا القانون أو قانون آخر عليها .
وهذه المادة تقابل المادة 89 أردني.

الفرع الثاني
أركان العقد وصحته ونفاذه والخيارات
-1 انعقاد العقد
نظرة عامة :
التعبير عن الإرادة : ترتكز نظرية العمل القانوني في هذا المشروع القانون على الإرادة الظاهرة أي على التعبير عن الإرادة لا على الإرادة الباطنة فالعقد يتم بمجرد توافق الإرادتين ولكن عند تبادل التعبير إدارتين متطابقتين عن تناول مشروع صيغ التعبير عن الإرادة وهو على أية حال لا يشترط فيه شكل خاص ما لم يقرر القانون أوضاعاً معينة لانعقاد العقد، ثم تكلم على خيار الموجب في الرجوع عن الإيجاب وخيار الموجه إليه الإيجاب في القبول أو الرفض وخيار المجلس وعلى تكرار الإيجاب والتزام الموجب بإيجابه إذا حدد ميعاداً للقبول.
الإيجاب والقبول : يتم العقد بالإيجاب والقبول ولا بد أن يكونا مطابقين على أنه في حالة الاتفاق على المسائل الجوهرية فإن العقد يتم ويتولى القاضي أمر البت في المسائل التفصيلية التي أرجئ الاتفاق عليها، وهذا من شأنه أن يوسع من سلطة القاضي، فلا تكون مهمته مقصورة على تفسير إرادة المتعاقدين، بل هو قد يستكمل ما نقص منها، وفيما بين الغائبين سلك المشرع مسلك الفقه الحنفي الذي يجعل العقد يتم بمجرد القبول، وعرض لحكم التعاقد بالهاتف، أما القبول فقد عرض المشرع لبعض صوره فأعتبر السكوت قبولاً في بع ض الفروض وعلق القبول في العقد الذي يتم عن طريق المزايدة على رسو المزاد، وأخيراً عرض المشرع لعقد الإذعان حيث يكون القبول مقصوراً على مجرد التسليم بشروط مقررة يضعها الموجب ولا يقبل مناقشة فيها، وبهذا النص يكون المشرع قد أعتبر تسليم العاقد ضرباً من ضروب القبول، ومع ذلك وضع المشرع قاعدة خاصة لتفسير هذه العقود أفرد لها نصاً خاصاً روعي فيه ما هو ملحوظ في إذعان العاقد من معنى التسليم كما خول القاضي تعديله.
حالات خاصة في إبرام العقود : وضع المشرع أحكاماً للوعد بالتعاقد وجعله صحيحاً متى عينت المسائل الأساسية في التعاقد والمدة التي يتم فيها وللقاضي أن يصدر حكماً يقوم مقام العقد الموعود به عند عدم الوفاء بالوعد وإذا كان هناك عربون قد دفع عند إبرام العقد فإنه يكون لأحد الطرفين أن يستقل بنقض العقد إلا إذا اتفق على ألا يكون له خيار العدول.
نظرية النيابة : رسم المشرع القواعد الأساسية لنظرية عامة في التعاقد أخذاً بالفقه الإسلامي وقد رؤي الاكتفاء في هذا الشأن بإيراد نصوص يتسع عمومها لضروب النيابة جميعاً، اتفاقية كانت أو قانونية، أما القواعد الخاصة بالنيابة الاتفاقية وحدها فقد وردت بصدد عقد الوكالة وقد أختص المشرع هذا العقد بطائفة من القواعد لها دون شك منزلتها من النظرية العامة في النيابة ولكنه آثر أن يجمعها في صعيد واحد تجنباً من التكرار.
وعلى ذلك أقتصر الأمر في الأحكام العامة على بيان آثار النيابة على وجه الإجمال وإيراد القاعدة الخاصة بتعاقد الشخص مع نفسه ويكمل هذه الأحكام ما ورد في عقد الوكالة من نصوص.
ويراعى أن الأحكام الخاصة بالنيابة في التعاقد التي تضمنها المشرع اقتباساً من الفقه الإسلامي مع عدم التقيد بمذهب معين تضاهي إن لم تفق أكثر التقنينات تقدماً، يراجع في بيان ذلك : السنهوري، مصادر الحق ج 5 / ص 196 312 وخصوصاً صفحة 306 .312

المادة 129
الأركان اللازمة لانعقاد العقد هي :
أ. أن يتم تراضي طرفي العقد على العناصر الأساسية.
ب. أن يكون محل العقد شيئاً ممكنا ومعينا أو قابلاً للتعيين وجائزاً التعامل فيه.
ج. أن يكون للالتزامات الناشئة عن العقد سبب مشروع
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه المادة الأركان اللازمة لانعقاد العقد وهي التراضي وتوافر محل للعقد وسبب مشروع للالتزامات الناشئة مع بيان الشروط الأساسية لكل ركن من هذه الأركان بوجه عام على أساس أن ترد التفصيلات في مكانها عند بيان كل ركن.
وهذه المادة مستمدة من مشروع القانون المدني العربي الموحد.

المادة 130
ينعقد العقد بمجرد ارتباط الإيجاب بالقبول مع مراعاة ما قد يقرره القانون من أوضاع معينة لانعقاده.
المذكرة الإيضاحية :
يعرف الفقهاء العقد بأنه " ارتباط الإيجاب بالقبول على وجه يثبت أثره في المعقود عليه "والانعقاد بأنه" تعلق كلام أحد العاقدين بالآخر شرعاً على وجه يظهر أثره في المحل ".
البابرتي، العناية من أول كتاب البيع ج 6 / ص 247 ، والمادة 262 من مرشد الحيران و 103 و 104 و 167 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وقد نصت هذه المادة على أن العقد ينعقد بمجرد ارتباط الإيجاب بالقبول وطبيعي أن الارتباط المقصود هنا هو الارتباط الذي يتم وفق ما أمر به الشارع أي الذي تتوافر فيه الشروط التي يشترطها الشارع.
وقد أضاف المشرع إلى تعريف الفقهاء مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد. نزولاً على ما قد يقرره القانون في بعض العقود من اشتراط القبض أو اشتراط التسجيل لانعقاد العقد ومع أن العقد ليس إلا ارتباط الإيجاب بالقبول على وجه شرعي أي ليس غيره فقد آثر المشرع أن يكون النص على ما هو عليه نزولاً على الاعتبارات العملية إذ الذي يهم المتعاملين والقاضي هو متى ينعقد العقد بصرف النظر عما إذا كان العقد هو نفس الإيجاب والقبول أو أثرهما .
وظاهر من تعريف الفقهاء إيثار مذهب الإرادة الظاهرة على الباطنة فالعقد ينعقد بالإيجاب والقبول أي بالإرادة المعلنة من الطرفين بموافقتهما على العقد .
ويلاحظ أن المقصود بالعقد هو الذي يتوافر فيه إيجاب وقبول لا إيجاب فقط أي الذي تتوافر فيه إرادتان لا إرادة واحدة مع أنه قد يطلق على لسان الفقهاء مقصوداً به الاثنان معاً : ما يتم بإيجاب وقبول وما يتم بإيجاب فقط أي ما يتم بإرادتين كالبيع وما يتم بإرادة واحدة كالطلاق فالعقد معنى عام يتناول ما يتم بإرادتين وما يتم بإرادة واحدة ومعنى خاص مقصور على ما يتم بإيجاب وقبول فقط والعقد بمعناه العام المتقدم أضيق من التصرف إذ التصرف قد يكون قولياً يتم بإرادتين أو بإرادة واحدة وقد يكون فعلياً كالغصب والإتلاف.
هذه المادة تقابل المواد 90 أردني و 89 مصري و 92 سوري و 73 عراقي .

المادة 131
الإيجاب والقبول كل تعبير عن الإرادة يستعمل لإنشاء العقد وما صدر أولا فهو إيجاب والثاني قبول.

المادة 132
التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو الكتابة ويجوز أن يكونا بصيغة الماضي كما يكونان بصيغة المضارع أو الأمر إذا أريد بهما الحال أو بالإشارة المعهودة عرفاً ولو من غير الأخرس أو بالمبادلة الفعلية الدالة على التراضي أو باتخاذ أي مسلك آخر لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على التراضي.
المذكرة الإيضاحية :
أخذ المشرع بما قال به جمهور الفقهاء من أن الأساس في صيغة العقد أن تكون دالة في عرف المتعاقدين على إرادتيهما إنشاء العقد دلالة بينة غير محتملة لمعنى آخر كالمساومة أو العدة أو ما أشبه ذلك، يستوي بعد ذلك أن تكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة أو بالفعل فقد قال مالك أن البيع يقع بما يعتقده الناس بيعاً وقال أحمد بن حنبل البيع ما يعده الناس في عرفهم بيعاً وكالبيع غيره في هذا الصدد.
وفي هاتين المادتين تناول المشرع حالة التعبير عن الإيجاب والقبول فقرر بأن كل تعبير عن الإرادة يستعمل لإنشاء العقد يعتبر كذلك سواء أكان بلغة عربية أم بلغة أخرى يفهمها المتعاقدان، لا يشترط في ذلك لفظ معين ولا تركيب خاص.
ونص على أن ما يصدر أولاً فهو الإيجاب وما يصدر ثانياً فهو القبول أخذاً برأي الحنفية مخالفاً رأي المالكية والحنابلة من أن الإيجاب ما صدر من المملك وإن تأخر والقبول ما صدر من المتملك وإن تقدم لأن رأي الحنفية أيسر.
وكما أن العقد ينعقد بصيغة الماضي مطلقاً لأن هذه الصيغة تدل على إنشاء العقد وتحققه فعلاً إذ هذه الصيغة وإن كانت للماضي وضعاً لكنها جُعلت إيجاباً للحال في عرف أهل الفقة والشرع، والعرف قاض على الوضع، أما صيغة المضارع فهي وإن كان الصحيح إنها للحال إلا أنه يحتاج إلى النية لأنه غلب استعمال هذه الصيغة للمستقبل إما حقيقة أو مجازاً فوقعت الحاجة إلى التعيين فإذا وجدت نية العقد وانتفت إرادة المساومة والوعد والاستفهام ينعقد بها العقد.
وفي صيغة الأمر أخذ المشرع برأي مالك والشافعي ورواية عن أحمد أنه ينعقد بها العقد متى دل فعل الأمر على إرادة العاقد به إنشاء العقد دلالة ليست محلاً لإحتمال الشك في عرف المتعاقدين وطرق مخاطبتهم ولم يأخذ برأي الحنفية من أنه لا ينعقد بها العقد.
وبهذا تستوي صيغة المضارع وصيغة الأمر في أنه ينعقد بهما العقد إذا توافرت النية على أنه أريد بهما الحال أما الماضي فلا يحتاج إلى البحث عن النية لأنها بطبيعة وضعها في عرف اللغة والشرع لفظ يتمخض للحال.
يراجع في ذلك عند الحنفية : الكاساني : 5 : 133 134 وابن الهمام 5: 74 75 والهندية 3 4 والزيلعي 4 : 4، وعند المالكية : المدونة الكبرى 10 : 51 ، والحطاب على خليل 4: 229 230 و 232 والدسوقي علي الدردير 3: 3 وعند الشافعية: الشيرازي، المهذب 1:257 وعند الحنابلة: ابن قدامة للمغني 4 : 3 4 والشعراني 2: 72 73 .
كما تناولت المادة 132 طرق التعبير الأخرى عن الإرادة غير اللفظ فيجوز أن يكون الإيجاب أو القبول أو هما معاً بالمكاتبة بشرط أن تكون مستبينة كالكتابة على الورق أما إن كانت غير مستبينة كالكتابة في الهواء أو على الماء فلا اعتداد بها والمستبينة هي التي تبقى صورتها بعد الانتهاء منها.
وكذلك الإشارة عند المالكية يستوي في ذلك عندهم الأخرس وغير الأخرس الحطاب : 4 : 229 وقد صرح المالكية بأن العقد ينعقد بما يدل على الرضا عرفاً سواء دل عليه لغة أو لم يدل كالقول والكتابة والإشارة والمعاطاة ولم تتقيد الإشارة بأن تكون من الأخرس الدسوقي على الشرح الكبير 3: 3 والصاوي على الشرح الصغير 2 : 3 على خلاف الحنفية فعندهم الإشارة لا تغني إذا كان العاقد قادراً على الكلام، فإن كان أخرساً فيجوز أن يتعاقد بإشارته المفهومة سواء كان خرسة أصلياً منذ الميلاد أو كان عارضاً ودام حتى وقع اليأس من كلامه الكاساني 5 : 135 وسواء كان قادراً على الكتابة أم غير قادر على الكتابة ابن نجيم الأشباه والنظائر صفحة 188 .
وكذا المبادلة الفعلية الدالة على التراضي ينعقد بها العقد عند الحنفية الكاساني 5: 134 ، والمالكية الحطاب 4: 228 والدردير الشرح الكبير 3: 3 والحنابلة المغني 4: 4 على خلاف الشافعية الشيرازي 1: 257.
وكذا يكون الإيجاب أو القبول باتخاذ أي مسلك آخر على الرضا وهو يستنتج من كتب الفقه الإسلامي السرخسي 12 : 150 والكاساني 5: 270 والزيلعي 4: 4 وابن عابدين 4: 9 والحطاب 4: 228 والمغني 4:4 وعلى الخفيف أحكام المعاملات الشرعية صفحة 225 226 . وقد رؤي أن هذه المادة تغني عن إيراد ما نص عليه في المجلة م 178 من أنه تكفي موافقة القبول للإيجاب ضمناً.
وقد أعتمد أيضاً على المواد 168 و 170 و 172 و 173 و 175 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من 345 347 من مرشد الحيران والمبسوط 12 : 108 109 والبدائع 5 : 133 135 وبداية المجتهد 2: 141 والمغني 4: 4 5 والزرقاني 5: 4 فيما يتعلق بقبول الإشارة من الأخرس .
وهذه المادة تقابل المواد 91 و 93 أردني .

المادة 133
صيغة الاستقبال التي تكون بمعنى الوعد المجرد ينعقد بها العقد وعدا ملزما إذا انصرف إليه قصد المتعاقدين.
المذكرة الإيضاحية :
القانون الحديث يجيز الوعد بالبيع وبالشراء وفي جوازه فوائد علمية لا تخفى، فهناك ظروف تحمل الموعود له بالبيع مثلاً أن يقف البت في الشراء حين يتبين أمره وهو في الوقت ذاته لا يأمن أن يعدل الطرف الآخر عن الصفقة إذا لم يستوثق منه بوعد يقيده .
ففي مثل هذه الحالة لا سبيل للموعود له على الواعد إلا أن يتقيد هذا الأخير بوعد يصدر منه يلزمه بإنفاذ البيع في المستقبل إذا أظهر الموعود له رغبة في الشراء والوعد بالبيع في هذا الفرض يكون عقداً ملزماً لجانب واحد هو الواعد ولا يلزم الموعود له بشيء ما بل ليس عليه أن يأتي بأي عمل إيجابي لينقضي أثر العقد إذا لم ير الشراء كما يجب أن يفعل في بيع التجربة وفي البيع بخيار الشرط وفي البيع على سوم النظر.
فالقانون الحديث يجيز إذن وضعاً تقتضيه ضرورات التعامل وهذا الوضع لا تجيزه المجلة ومرشد الحيران كما يتبين ذلك من الرجوع إلى نصوص المجلة ومرشد الحيران.
وبالرجوع إلى المذاهب الأخرى يتبين أن الجمهور ومنهم الحنفية وأهل الظاهر على أن الوفاء بالوعد غير لازم قضاء فليس للموعود مطالبة الواعد قضاء بالوفاء به . وقال ابن شبرمة الوعد كله لازم ويقضي به على الواعد ويجبر.
وفي المذهب المالكي : الوفاء بالعدة مطلوب بلا خلاف ولكن هل يجب القضاء بها : أختلف على أربعة أقوال : فقيل : يقضي بها مطلقاً، وقيل : لا يقضي بها مطلقاً، وقيل يقضي بها إن كانت على سبب وإن لم يدخل الموعود بسبب العدة في شيء كقولك : أريد أن أتزوج أو أن أشتري كذا وكذا، فقال : نعم ثم بدا له قبل أن يتزوج أو يشتري فإن ذلك يلزمه ويقضي عليه به فإن لم يترك الأمر الذي وعد عليه وكذا لو لم تسأله وقال لك هو من نفسه " أنا أسلفك كذا أو أهب لك كذا لتقضي دينك أو لتتزوج " أو نحو ذلك فإن ذلك يلزمه ويقضي به عليه أما إن كانت من غير سبب، كما إذا قلت أسلفني كذا ولم تذكر شئياً أو " أعرني دابتك أو بقرتك " ولم تذكر سفراً ولا حاجة فقال نعم " ثم بدا له أو قال من هو من نفسه " أنا أسلفلك كذا " أو أهب لك كذا ولم يذكر سبباً ثم بدا له . والرابع يقضي به إن كانت على سبب وداخل الموعود بسبب العدة في شيء وهذا هو المشهور من الأقوال ابن حزم، المحلي 8 : 277 والحطاب، الالتزامات فتاوى عليش، 1: 212 وما بعدها وأحمد إبراهيم العقود والشروط والخيارات مجلة القانون والاقتصاد السنة الرابعة صفحة 646 647 والتزام التبرعات السنة الثالثة، العدد الأول صفحة 66 ، وعلى الخفيف التصرفات الانفرادية صفحة 194 198 .
وقد رؤي الأخذ بقول من ذهب إلى أن الوعد ملزم توسعة على الناس في المعاملات ويخالف ذلك المادة 271 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 92 أردني و 78 عراقي .

المادة 134
1. يعتبر عرض البضائع والخدمات مع بيان المقابل إيجابا.
2. أما النشر والإعلان وبيان الأسعار الجاري التعامل بها وكل بيان آخر متعلق بعرض أو بطلبات موجهة للجمهور أو للأفراد فلا يعتبر عند الشك إيجابا وإنما يكون دعوة الى التعاقد.
المذكرة الإيضاحية :
بعد أن بين المشرع في المادة السابقة ما يكون إيجابياً أو قبولاً انتقل إلى تطبيق من تطبيقات الحكم الواردة فيها في المادة التي نحن بصددها الآن فنص في البند الأول منها على أن عرض البضائع والخدمات مع بيان المقابل يعتبر إيجاباً نهائياً أما النشر والإعلان وبيان الأسعار الجاري التعامل بها وكل بيان آخر متعلق بعرض أو بطلبات موجهة للجمهور أو للأفراد فعند الشك لا يعتبر إيجاباً وإنما يكون دعوة إلى التعاقد ويخلص من ذلك أنه إذا لم يكن هناك شك من الملابسات أن المقصود هو الإيجاب إيجاباً وقد أعتمد على النباتي : حاشية على الزرقاني ج/ 5، ص 5- 6.
وهذه المادة تقابل المواد 94 أردني و 80 عراقي.

المادة 135
1. لا ينسب إلى ساكت قول ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان ويعتبر قبولاً.
2. ويعتبر السكوت قبولاً بوجه خاص إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل أو إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه.
المذكرة الإيضاحية :
السكوت مظهر سلبي محض للتعبير عن الإرادة فالساكت لا يعبر بطريق إيجابي عن أية إرادة لذلك قيل " لا ينسب إلى ساكت قول " م 67 من المجلة ويصدق هذا في العقد على الإيجاب إذا الإيجاب لا يمكن استخلاصه من محض السكوت أما القبول فيجوز استخلاصه من الظروف الملابسة ولذلك أكملت العبارة السابقة بعبارة ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان المادة 67 من المجلة وقد أورد ابن نجيم في الأشباه والنظائر صفحة 78 والسيوطي في الأشياء والنظائر صفحة 97 ، 98 القاعدة السالفة وما يرد عليها من استثناءات، وقد رؤي في القانون الأخذ بذلك استناداً إلى ما يستخلص من عبارات ابن نجيم والسيوطي باعتبار السكوت قبولاً إذا اقترنت به ملابسات تجعل دلالته تنصرف إلى الرضا وخصوصاً في الحالتين الآتيتين.
أولاً : إذا كان هناك تعامل سابق بين المتعاقدين واتصل الإيجاب بهذا التعامل ويدخل في ذلك سكوت المالك عند قبض الموهوب له أو المتصدق عليه وسكوت أحد المتبايعين في بيع التلجئة وسكوت البائع الذي له حق حبس المبيع حين رأى المشتري قبض المبيع وسكوت الراهن عند قبض المرتهن العين المرهونة.
ثانياً : إذا تمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه ويدخل في ذلك سكوت المتصدق عليه وسكوت المفوض وسكوت الموقوف عليه.
ويمكن أن يكون من هذا القبيل سكوت المشتري بعد أن تسلم البضائع التي اشتراها فيعتبر قبولاً كما ورد في قائمة الثمن من شروط وذلك متى كان قد أطلع على هذه القائمة عند التسليم والمقصود بذلك أن يكون المتعاقد في وضع بحيث لو لم يكن راضياً لما سكت عن التصريح بالرفض فيعتبر سكوته رضا، ويدخل في ذلك سكوت البكر عند الزواج فهي تتحرج من إظهار الرضا بدلاً من التصريح بالرفض بخلاف الثيب فهي لا تتحرج في الحالتين ويدخل في ذلك أيضا سكوت الشفيع حين علم بالبيع ودلالة السكوت هنا الرفض لا القبول ويدخل في ذلك سكوت الزوج عند الولادة وسكوت المولى عند ولادة أم الولد والسكوت قبل البيع عند الإخبار بالعيب والسكوت عن بيع الزوجة أو القريب عقاراً وسكوت شريك العنان وقس على ذلك سائر الحالات التي ورد ذكرها في النصوص.
وينبغي التفرقة بين التعبير الضمني عن الإرادة وبين مجرد السكوت فالتعبير الضمني وضع إيجابي أما السكوت فهو مجرد وضع سلبي، وقد يكون التعبير الضمني بحسب الأحوال إيجاباً أو قبولاً أما السكوت فمن الممتنع على وجه الإطلاق أن يتضمن إيجاباً وإنما يجوز في بعض فروض استثنائية أن يعتبر قبولاً وقد افترض المشرع أن السكوت يعتبر قبولاً في حالتين :
أحدهما : قيام تعامل سابق بين المتعاقدين لجريان عرف التجارة على ذلك.
والثاني : خاص بتمخض الإيجاب لمنفعة من وجه إليه لطبيعة التعامل الخاصة.
ويراعى في هذه القيود أن انقضاء الميعاد المعقول أو المناسب هو الذي يحدد وقت تحقق السكوت النهائي الذي يعدل القبول ويكون له حكمه وفي هذا الوقت يتم العقد أما فيما يتعلق بمكان الانعقاد فيعتبر التعاقد قد تم في المكان الذي يوجد فيه الموجه إليه الإيجاب عند انقضاء الميعاد المناسب إذ يعتبر أن القبول قد صدر عندئذ في هذا المكان.
وهذه المادة تقابل المواد 95 أردني و 298 ف 1 مصري و 99 ف 2 سوري و 81 عراقي.

المادة 136
المتعاقدان بالخيار بعد الإيجاب الى آخر المجلس ويبطل الإيجاب إذا رجع الموجب عنه بعد الإيجاب وقبل القبول أو صدر من أحد المتعاقدين قول أو فعل يدل على الأعراض ولا عبرة بالقبول الواقع بعد ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
في هذه المادة يقرر المشرع أخذاً بالمذهب الحنفي أن الإيجاب يظل قائماً إلى آخر المجلس ولكن للموجب العدول عنه ما لم يكن قد قبله الموجه إليه، فإذا قبله الموجه إليه لم يكن للموجب الرجوع، أما قبل القبول فللموجب الرجوع وكذا يسقط الإيجاب إذا صدر من الموجب أو الموجه إليه الإيجاب قول أو فعل يدل على الاعراض.
وإذا سقط الإيجاب برجوع الموجب قبل القبول أو بإعراض أحد المتعاقدين قولاً أو فعلاً قبل القبول فلا عبرة بالقبول بعد ذلك، فالإيجاب يظل قائماً إلى آخر المجلس، ولمن وجه الإيجاب أن يعدل عنه ما لم يكن قد قبله الموجه إليه ولمن وجه إليه الإيجاب أن يقبل ما دام المجلس قائماً ولم يعدل الموجب ولم يصدر منه ما يدل على الاعراض قولاً أو فعلاً فإذا رفض أو صدر منه ما يدل على الإعراض قولاً أو فعلاً سقط الإيجاب فلا يصح قبوله بعد ذلك.
أما المذهب الشافعي فيوجب أن يكون القبول فوراً ثم يثبت لكل من المتعاقدين خيار المجلس، فأبوحنيفة يجيز تراخي القبول إلى نهاية المجلس وللموجب الرجوع في الإيجاب ما دام المجلس قائماً ولم يصدر قبول وللمخاطب بالإيجاب خيار القبول طيلة قيام المجلس ولكن متى صدر القبول لزم العقد فلا يثبت خيار المجلس لأي من المتعاقدين.
أما مالك فيرى جواز تراخي القبول إلى نهاية المجلس وليس للموجب الرجوع في إيجابه ومتى صدر القبول لزم العقد من الجانبين ولا يثبت خيار المجلس، وأحمد يجيز للموجه إليه الإيجاب التراخي في القبول إلى آخر المجلسكالحنفية ويعطي للمتعاقدين خيار المجلس كالشافعية.
وهذه المادة تقابل المواد 96 أردني و 94 مصري و 95 سوري و 82 عراقي.

المادة 137
الاشتغال في مجلس العقد بغير المقصود اعراض عن المقصود.
المذكرة الإيضاحية :
وتتضمن هذه المادة قرينة ضمنية على الإعراض عن المقصود بمجلس العقد وهي تستند لحكم المادة 183 من مجلة الأحكام العدلية.
وهذه المادة لا مقابل لها في القانون الأردني أو القوانين الآخرى.

المادة 138
تكرار الإيجاب قبل القبول يبطل الأول ويعتد فيه بالإيجاب الأخير.

المادة 139
1. إذا عين ميعاد للقبول التزم الموجب بالبقاء على ايجابه الى أن ينقضي هذا الميعاد.
2. وقد يستخلص الميعاد من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة.
المذكرة الإيضاحية :
الظاهر من المذهب الحنفي أن الموجب إذا قيد نفسه بوقت محدد بأن أوجب وقال " أنني على إيجابي هذا مدة ثلاثة أيام أو نحوه " لا يلزمه هذا التوقيت وينتهي ايجابه بانتهاء المجلس وكأنه لم يوقت لانه متبرع بهذا التوقيت فلا يلزمه بخلاف ما إذا قيد الموجب نفسه لمدة تنتهي قبل إنتهاء المجلس فإن إنتهائها يعد إعراض عن الإيجاب فيبطل، وذهب المالكية إلى أن الموجب إذا قيد نفسه بمدة تقيد بها ولم ينته إيجابه بإنتهاء المجلسكما يتقيد كذلك بما يجري به العرف إذا جرى على تقييد الموجب بمدة معينة راجع الحطاب : 4 : 33 و 241 وعلى هذا إذا قال الموجب أنا مُلزم بإيجابي عشرة أيام مثلاً التزم بذلك، وصح للطرف الثاني القبول في إثنائها ما دام لم يصدر من الموجب قبل ذلك ما يعد عدولاً منه عن الإيجاب وإلا بطل الرهوني ج/ 5 صفحة 19 وعلي الخفيف المعاملات صفحة 205 الهامش. 
فالموجب إذا حدد ميعاداً للقبول ظل مرتبطاً بإيجابه في خلال الميعاد المحدد للقبول سواء في ذلك أن يصدر الإيجاب لغائب أو لحاضر فإذا انقضى الميعاد ولم يصدر القبول فلا يصبح الإيجاب غير لازم فحسب بعد أن فقد ما توافر له من قوة الإلزام، بل هو يسقط سقوطاً تاما ، وهذا هو التفسير المعقول لنية الموجب، فهو يقصد ألا يبقى إيجابه قائماً، إلا في خلال المدة المحددة ما دام قد لجأ إلى التحديد وقد يتصور بقاء الإيجاب قائماً بعد انقضاء الميعاد، ولو أنه يصبح غير لازم.
ولكن مثل هذا النظر يصعب تمشيه مع ما يغلب في حقيقة نية الموجب، ويراعى أن القول بسقوط الإيجاب عند انقضاء الميعاد، يستتبع جواز اعتبار القبول المتأخر بمثابة إيجاب جديد. كما سيأتي في المذكرة الإيضاحية المادة 140 .
وغني عن البيان أن الإيجاب الملزم يتميز في كيانه عن الوعد بالتعاقد، فالأول إرادة منفردة والثاني اتفاق إرادتين، ويكون تحديد الميعاد في غالب الأحيان صريحاً ولكنه قد يقع أحياناً أن يستفاد هذا التحديد من العرف أو ضمنياً من ظروف التعامل أو من طبيعته، فإذا عرض مالك آلة أن يبيعها تحت شرط التجربة فمن الميسور أن يستفاد من ذلك أنه يقصد الارتباط بإيجابه طوال المدة اللازمة للتجربة، وعند النزاع في تحديد الميعاد يترك التقدير للقاضي، وتختلف هذه الصورة عن صورة الإيجاب الموجه إلى الغائب بغير تحديد صريح أو ضمني لميعاد ما، وقد عالجها المشرع فقضى بأن يبقى الموجب ملتزماً بإيجابه إلى الوقت الذي يتسع لوصول قبول يكون قد صدر في وقت مناسب وبالطريقة المعتادة.
وقد أعتمد في المادة 138 المشار إليها على المادة 185 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وأما المادة 139 فقد تضمنت وعداً بالالتزام المدة المبينة بالإيجاب وهو ملزم. للأسباب الموضحة في المادة 133 من هذا المشروع وتلك الأسباب تعتبر أسباب للمادة 139 المذكورة.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 97 و 98 أردني و 93 مصري و 94 سوري و 83 و 84 عراقي.

المادة 140
1. يجب أن يكون القبول مطابقاً للإيجاب.
2. وإذا اقترن القبول بما يزيد في الإيجاب أو يقيده أو يعدل فيه اعتبر رفضا يتضمن إيجابا جديداً.
المذكرة الإيضاحية :
يشترط أن يتوافق الإيجاب والقبول على معنى واحد فيصدر القبول موافقاً للإيجاب سواء أكانت موافقته للإيجاب حقيقية أم ضمنية فإذا كان القبول مقيداً بوصف أو شرط لم يصدر به الإيجاب لا يتم به العقد، فليس للموجه إليه الإيجاب تبعي ض الثمن أو المثمن وتفريقهما تراجع المواد من 177 من المجلة والمفهوم أن يكون هذا التقييد بحيث يقتضي تكليفاً للموجب لم يكلف به نفسه ولم يلتزمه في إيجابه، كأن يقول شخص لآخر " بعتك هذا المنزل بعشرة آلاف دينار " فيقول الآخر " قبلت نصفه بستة آلاف دينار " فإن القبول لا يكون موافقاً للإيجاب أما في التبرع كالهبة فالأمر يحتاج إلى نظر، ذلك أن الواهب إذا قال وهبتك هاتين السيارتين فقال الموهوب له قبلت هذه فقط أو قال الواهب وهبتك مائة دينار فقال الموهوب له قبلت خمسين فقط فالمفهوم أن العقد يتم في المقبول بذلك . وأن الموافقة الضمنية متحققة لأن من يهب ويتبرع بالمائة لا يضره أن يقتصر تبرعه على خمسين، وبهذا أخذ الشافعية في الوصية نهاية المحتاج 6: 66 وكذا الحنفية في الوصية أيضاً فإذا أوصى شخص لإثنين فقبل أحدهما أو لواحد فقبل بعض ما أوصى له به تملك المقابل في الصورة الأولى وتملك ما قبله الموصي له في الصورة الثانية ورد الباقي إلى الورثة ولا يعدو أن يكون ذلك رأيهم أيضاً في الهبة على الخفيف، أحكام المعاملات الشرعية الهامش ص 203
ويجوز أن يكون القبول غير المطابق للإيجاب بمثابة إيجاب جديد فيؤدي عند قبوله إلى قيام عقد يتم بالقبول غير المطابق الذي أصبح إيجاباً وبقبوله . ولكن يلاحظ أن للقبول غير المطابق للإيجاب أثراً قانونياً مباشراً فهو يعتبر رفضاً للإيجاب الأول ويستتبع بذلك سقوط هذا الإيجاب وهو من هذا الوجه لا يختلف عن مجرد الرفض البسيط أو الإيجاب المعارض وليس يقصد من إنزال القبول المتأخر أو المعدل منزلة الإيجاب الجديد إلا إقامة قرينة بسيطة على قصد العاقد فإذا ثبت أن من صدر عنه القبول لم يكن ليبديه لو علم بسقوط الأول سقطت دلالة القرينة والواقع أن القبول الذي لا يقصد به إلا مجرد القبول يقترن في أغلب الأحيان بما يفيد تعليق انعقاد العقد على شرط بقاء الإيجاب قائماً فمتى ثبت وجود التعليق أصبح القبول كأن لم يكن وامتنع اعتباره إيجاباً جديداً .
ويضيف الفقهاء لينعقد العقد إلى شرط مطابقة القبول للإيجاب شرطاً آخر هو ألا يتغير المحل ما بين الإيجاب والقبول فلو باع عصيراً فسكت المشتري حتى تخمر ثم تحلل ثم قبل لم ينعقد العقد ذلك أن الإيجاب والقبول قد توافقا على بيع عصير والمبيع قبل تمام العقد قد أصبح خلاً فلا يتم العقد في الخل لأنه لم يكن محل التراضي ولا في العصير لأنه غير موجود الهندية 3: 8 والخانية 2 : 131 وابن عابدين 4: 29 وهذا شرط مفترض لا يحتاج إلى نص .
وقد اعتمد في هذه المادة على المواد من 177 180 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 99 أردني و 96 مصري و 97 سوري و 85 عراقي.

المادة 141
1. لا ينعقد العقد إلا باتفاق الطرفين على العناصر الأساسية للالتزام وعلى باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية.
2. وإذا اتفق الطرفان على العناصر الأساسية للالتزام وعلى باقي الشروط المشروعة الأخرى التي يعتبرها الطرفان أساسية واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد لا ينعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل فيعتبر العقد قد انعقد وإذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها فان القاضي يحكم فيها طبقا لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حالة قبول من وجه إليه الإيجاب للمسائل الجوهرية فيه وفي هذه الحالة يتولى القاضي أمر الفصل في المسائل التفصيلية التي أرجئ الاتفاق عليها ما لم يتراضى العاقدان بشأنها، وعلى هذا النحو يتسع نطاق مهمة القاضي فلا يقتصر على تفسير إرادة العاقدين بل يستكمل ما نقص منها . وهذه الأحكام لا تعدو أن تكون مجرد تفسير لإرادة المتعاقدين فإذا تعارض هذا التفسير مع ما أراده المتعاقدان بأن اشترطا صراحة أو ضمنياً أن لا ينعقد العقد عند عدم الاتفاق على المسائل التي أحتفظ بها وجب احترام هذه الإرادة ولا يتم العقد ما لم يحصل الاتفاق على تلك المسائل، ويراعى أن المشرع قد جعل من " طبيعة المعاملة " عنصراً من عناصر التوجيه التي يسترشد بها القاضي في إكمال العقد.
ويلاحظ أن الفقرة الثانية تتناول حالة ما إذا اتفق الطرفان على المسائل الجوهرية وإستبقيا مسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل التفصيلية هي حالة غير حالة الاتفاق على بعض المسائل الجوهرية دون البعض الآخر من هذه المسائل الجوهرية ففي هذه الحالة الأخيرة لا ينعقد العقد وهي الحالة التي تناولتها الفقرة الأولى من نفس المادة. ويلاحظ أيضاً أن المشرع لم يشترط كي ينعقد العقد على كل المسائل الجوهرية وكل المسائل التفصيلية بل اشترط الاتفاق على كل المسائل الجوهرية فإذا حصل الاتفاق على بعضها دون بعض لا ينعقد العقد وإذا حصل الاتفاق على كل المسائل الجوهرية وحصل خلاف في المسائل التفصيلية بينهما فإن العقد لا ينعقد أيضاً أما إذا حصل الاتفاق على المسائل الجوهرية ولم يتعرض للمسائل التفصيلية فهذه تتناول صورتين الأولى أن يتفقا على أنه لم يحصل اتفاق على المسائل التفصيلية فإن العقد لا ينعقد ففي هذه الصورة لا ينعقد العقد والثانية لم يتفقا على ذلك ففي هذه الحالة ينعقد العقد ويكمل القاضي العقد على ما سبقه، ويعتمد في هذه المادة على المادتين 43 ، 44 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 100 أردني و 95 مصري و 96 سوري و 86 عراقي.

المادة 142
1. يعتبر التعاقد ما بين الغائبين تم في المكان والزمان اللذين يعلم فيهما الموجب بالقبول ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بغير ذلك.
2. ويفترض أن الموجب قد علم بالقبول في المكان والزمان اللذين وصل إليه فيهما هذا القبول ما لم يقم الدليل على عكس ذلك.

المادة 143
يعتبر التعاقد بالهاتف أو بأية طريقة مماثلة بالنسبة للمكان كأنه تم بين متعاقدين لا يضمهما مجلس واحد حين العقد وأما فيما يتعلق بالزمان فيعتبر كأنه تم بين حاضرين في المجلس.
المذكرة الإيضاحية :
وقد أخذت هاتان المادتان باعتبار أن التعاقد بين غائبين يتم بعلم الموجب لأن الفقهاء لم يواجهوا صراحة حالة التعاقد بين غائبين ولو أنهم واجهوها لما كان بعيداً أن تختلف فيها الآراء والرأي القائل بأن التعاقد يتم بين الغائبين بإعلان القول مبني على ظاهر النصوص وقد أخذ المشرع بمذهب أن العقد لا يتم إلا بالعلم بالقبول على أساس القاعدة التي تقول بوجوب سماع الموجب للقبول في التعاقد بين حاضرين إذ متقضى هذه القاعدة القول بوجب علم الموجب بالقبول في التعاقد بين غائبين والسماع في حالة حضور الموجب يقابله العلم في حالة غيابه السنهوري باشا في مصادر الحق في الفقه الإسلامي ج 2 ص 2 .
ولا يثير التعاقد بالهاتف أو بأية وسيلة مماثلة صعوبة إلا فيما يتعلق بتعيين م كان انعقاد العقد، فشأنه من هذه الناحية شأن التعاقد بين الغائبين الذين تفرقهم شقة المكان ولذلك تسري عليه أحكام المادة السابقة الخاصة بتعيين مكان التعاقد بين الغائبين ويعتبر التعاقد بالهاتف قد تم في المكان الذي وصل فيه القبول ما لم يقم الدليل على عكس ذلك.
أما فيما يتعلق بزمان انعقاد العقد فالتعاقد بالهاتف لا يفترق عن التعاقد بين الحاضرين فيعتبر التعاقد بالهاتف تاماً، في الوقت الذي يعلن فيه من وجه إليه الإيجاب قبوله.
ويترتب على إعطاء التعاقد بالهاتف حكم التعاقد ما بين الحاضرين فيما يتعلق بزمان انعقاد العقد أن الإيجاب إذا وجه دون تحديد ميعاد لقبوله ولم يصدر القبول في المجلس سقط الإيجاب . وقد رؤى صياغة المادتين بالشكل المشار إليه لأن ذلك يتفق مع أحكام الفقه الإسلامي وما ذكره السنهوري في كتابه مصادر الالتزام ج/ 1 ص 252 .
وهاتان المادتان تقابلان المواد 101 و 102 أردني و 140 مصري و 98 عراقي.

المادة 144
لا يتم العقد في المزايدات إلا برسو المزايدة ويسقط العطاء بعطاء يزيد عليه ولو وقع باطلا بإقفال المزايدة دون أن ترسو على أحد.
المذكرة الإيضاحية :
ينطبق هذا النص على جميع عقود المزايدات وبوجه خاص على البيوع والإيجارات التي تجري بطريق المزايدة فافتتاح المزايدة على الثمن ليس إلا دعوة للتقدم بالعطاءات والتقدم بالعطاء هو الإيجاب أما القبول فلا يتم إلا برسو المزاد فيكون المشرع قد خالف بذلك من يري من رجال القانون في افتتاح المزايدة على الثمن إيجاباً وفي التقدم بالعطاء قبولاً .
ويراعى أن العطاء الذي تلحق به صفة القبول وفقاً لحكم النص يسقط بعطاء يزيد عليه حتى لو كان هذا العطاء باطلاً كما إذا صدر من شخص لا يجوز له التعاقد في الصفقة المطروحة في المزاد كقاض يتقدم بعطاء في مزاد لبيع عين متنازع عليها ويقع نظر النزاع في اختصاصه أو موقوفاً كما إذا صدر من قاصر، بل ولو رفض فيما بعد.
ويسقط كذلك إذا أقفل المزاد دون أن يرسو على أحد، وليس في ذلك إلا تطبيق للقواعد العامة، فما دام التقدم بالعطاء هو الإيجاب فهو يسقط إذا لم يصادفه القبول قبل انقضاء الميعاد المحدد، أما الميعاد في هذا الغرض فيحدد من دلالة ظروف الحال ومن نية المتعاقدين الضمنية وهو ينقضي بلا شك عند التقدم بعطاء أكبر أو بإقفال المزاد دون أن يرسو على أحد.
وهذا هو الحكم في القانون وكذا في الفقه الإسلامي في " بيع من يزيد " انظر الكاساني 232 233 والزيلعي 4 : 67 وابن الهمام : 239 241 والهندية 3 21 210 وابن عابدين 4 : 182 والمهذب للشيرازي 1: 291 والشرح الكبير على المقنع 4: 42 43 والحطاب 4: 237 وفيه " وأما بيع المزايدة فقد قال ابن رشد في رسم القطعان من سماع أصبغ من كتاب الجعل والإجارة : الحكم فيه أن كل من زاد في السلعة لزمته بما زاد فيها إن أراد صاحبها أن يمضيها له ما لم يسترد سلعته فيبيع بعدها أخرى أو يمسكها حتى ينقضي مجلس المناداة .... إلخ وبداية المجتهد 2: 139 .
ويلاحظ أن من تقدم بعطاء يعتبر عطاؤه إيجاباً وهو هنا إيجاب ملزم لأن ظروف الحال تدل على أن من تقدم بعطاء أراد أن يتقيد به ولا يرجع عنه ويبقى مقيداً بعطائه إلى أن يسقط هذا العطاء بعطاء أزيد على الوجه الذي تقدم أو حتى تنتهي جلسة المزاد دون أن يرسى عليه المزاد أما إذا رسى عليه المزاد في الجلسة فقد تم البيع على ما ذكر.
كما يلاحظ أنه لا يتحتم إرساء المزاد على من يتقدم بأكبر عطاء وإن كان هذا هو المفروض ما لم يشترط خلافه فقد يشترط صاحب السلعة أن من حقه ألا يرسى المزاد حتى على من يتقدم بأكبر عطاء لأن هذا العطاء لا يجزئه في السلعة.
وهذه المادة تقابل المواد 103 أردني و 99 مصري و 100 سوري و 89 عراقي.

المادة 145
القبول في عقود الإذعان يقتصر على مجرد التسليم بشروط متماثلة يضعها الموجب لسائر عملائه ولا يقبل مناقشة فيها.
المذكرة الإيضاحية :
من حق عقود الإذعان وهي ثمرة التطور الاقتصادي في العهد الحاضر أن يفرد لها م كان في تقنين يتطلع إلى مسايرة التقدم الاجتماعي الذي أسفرت عنه الظروف الاقتصادية وقد بلغ من أمر هذه العقود أن أصبحت في رأي بعض الفقهاء سمة بارزة من سمات التطور العميق الذي أصاب النظرية التقليدية للعقد وقد أكتفى المشرع بذكر هذه العقود واعتبر تسليم العاقد بالشروط المقررة فيها ضرباً من ضروب القبول، فثمة قبول حقيقي تتوافر له حقيقة التعاقد ومع ذلك فليس ينبغي عند تفسير هذه العقود إغفال ما هو ملحوظ في إذعان العاقد، فهو أقرب إلى معنى التسليم منه إلى معنى المشيئة ويقتضى هذا وضع قاعدة خاصة لتفسير هذه العقود تختلف عن القواعد التي تسري على عقود التراضي وقد أفرد المشرع لهذه القاعدة نصاً خاصاً بين النصوص المتعلقة بتنفيذ العقود وتفسيرها.
وتتميز عقود الإذعان عن غيرها بسمات ثلاث : أولها تعلق العقد بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات الأولى بالنسبة للمستهلكين أو المنتفعين .
والثاني : احتكار هذه السلع أو المرافق، احتكاراً قانونياً أو فعلياً أو قيام منافسة محدودة النطاق بشأنها. والثالث : توجيه عرض الانتفاع بهذه السلع أو المرافق إلى الجمهور بشروط متماثلة على وجه الدوام بالنسبة إلى كل فئة منها وعلى هذا النحو يعتبر من قبيل عقود الإذعان تلك العقود التي يعقدها الأفراد مع شركات الكهرباء والغاز والمياه والسكك الحديدية، أو مع مصالح البريد والتليفونات والتلغراف أو مع شركات التأمين، وعقود الإذعان تماثل في الفقه الإسلامي عقود بيع الإستئمان أو الاستسلام مادة 47 من مشروع التقنين المالكي لمجمع البحوث الإسلامية كما تشبه بيع التعاطي ولكن الجوهري في كل ذلك هو، كما تقدم، ألا يحتكر الشخص سلعة ضرورية فيغلى من سعرها ويبيعها للناس على ما يريد فتذعن الناس لإرادته وترضخ للسعر الذي يفرضه لحاجتها الشديدة إلى هذه السلعة وذلك أيا كان النظام الاقتصادي القائم وفي الشريعة الإسلامية نجد الأسس العامة التي تمنع الاحتكار وتضرب على أيدي المحتكرين وترفع الضرر عن الناس من جراء ما يدعوه الآن في الفقه الغربي بعقود الإذعان .
كرهت أو حرمت الشريعة الإسلامية الاحتكار بوجه عام وتعقبته في صورتين من صوره التي كانت مألوفة وقتذاك ففي بيع متلقي السلع وفي بيع الحاضر للبادي / الكاساني، 5: 232 و 233 وإلى روح أحكام الاحتكار وبيع المتلقي السلع وبيع الحاضر للبادي أرجع الأستاذ المغفور له السنهوري أحكام عقد الإذعان في الفقه الإسلامي ويقال أيضاً أن القاض قد يناط به في عقود الإذعان رفع الظلم عن المذعن في تعاقد لم يكن له فيه كامل الحرية مع حاجته الشديدة إلى السلعة موضوع العقد السنهوري مصادر الحق 2 : 8 وما بعدها.
هذا ويلاحظ أنه رؤي عدم إيراد تعريف لعقد الإذعان تجنباً للتعريفات في نصوص التقنين ما أمكن والاكتفاء بإيراد الحكم في معرض بيان صور خاصة للقبول وسيأتي أيضاً الكلام عن عقود الإذعان في مجال إعطاء سلطة التعديل في الشروط التعسفية التي قد يتضمنها العقد أو الإعفاء منها وفقاً للعدالة وفي مجال التفسير بالنص على أنه لا يجوز تفسير العبارات فيه تفسيراً ضاراً بمصلحة الطرف المذعن.
وهذه المادة تقابل المواد 104 أردني و 100 مصري و 101 سوري و 197 / ف 1 عراقي.

المادة 146
1. الاتفاق الذي يتعهد بموجبه كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا ينعقد إلا إذا عينت جميع الوسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها.
2. وإذا اشترط القانون لتمام العقد استيفاء شكل معين فهذا الشكل تجب مراعاته أيضا في الاتفاق الذي يتضمن الوعد بإبرام هذا العقد.
المذكرة الإيضاحية :
يتناول النص حكم الوعد بالتعاقد سواء فيما يتعلق بالعقود الملزمة للجانبين أو العقود الملزمة لجانب واحد، و يشترط لصحة مثل هذا الاتفاق التمهيدي تحديد المسائل الأساسية في التعاقد والمدة التي يتم فيها، أما فيما يتعلق بالشكل فلا يشترط وضع خاص إلا إذا كان القانون يعلق صحة العقد المقصود إبرامه على وجوب استيفاء شكل معين، ففي هذه الحالة ينسحب الحكم الخاص باشتراط الشكل على الاتفاق التمهيدي نفسه، والمقصود بالشكل الرسمية في عرف الفقه والقضاء فمثلاً إذا كان عقد الهبة لا يتم إلا إذا عمل رسيماً طبقاً للأوضاع المقررة له فالوعد بالهبة لا يصح إلا إذا عمل رسمياً أيضاً ويوجه هذا النظر إلى أن إغفال هذا الاحتياط يعين على الإفلات من قيود الشكل الذي يفرضه القانون مادام أن الوعد قد يؤدي إلى إتمام التعاقد المراد عقده فيما إذا حكم القضاء بذلك ويكفي لبلوغ هذه الغاية أن يعدل المتعاقدان عن إبرام العقد المقصود الإفلات من القيود الخاصة بشكله، ويعمدا إلى عقد اتفاق تمهيدي أو وعد بإتمام هذا العقد، لا يستوفى فيه الشكل المفروض، ثم يستصدرا حكماً يقرر إتمام التعاقد بينهما، وبذلك يتاح لهما أن يصلا من طريق غير مباشر إلى عدم مراعاة القيود المتقدم ذكرها.
ومع ذلك فالوعد بإبرام عقد رسمي لا يكون خلواً من أي أثر قانوني إذا لم يستوف ركن الرسمية فإذا صح أن مثل هذا الوعد لا يؤدي إلى إتمام التعاقد المقصود فعلاً فهو بذاته تعاقد كامل يرتب التزامات شخصية طبقاً لمبدأ سلطان الإرادة وهو بهذه المثابة قد ينتهي عند المطالبة بالتنفيذ إلى إتمام عقد الرهن أو على الأقل إلى قيام دعوى بالتعويض بل وإلى سقوط أجل القرض الذي يراد ترتيب الرهن لضمان الوفاء به.
ويراجع فيما يختص بالالتزام بالوعد في الفقه الإسلامي المادة 133 من هذا القانون ومذكرتها الإيضاحية.
وهذه المادة تقابل المواد 105 أردني و 101 مصري و 102 سوري و 91 عراقي.

المادة 147
إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه الآخر طالبا تنفيذ الوعد. وكانت الشروط اللازمة لانعقاد العقد وبخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة قام الحكم متى حاز قوة الأمر المقضي به مقام العقد.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة لا تعرض للحالة التي فيها يوجد عقد يسمى خطأ بالعقد الابتدائي وهو في الواقع عقد نهائي وإنما تعرض لحالة ما إذا ما وجد عقد ابتدائي بالمعنى الصحيح يتلوه عقد نهائي لا سيما إذا كان العقد من العقود الشكلية كالرهن الرسمي فمتى وجد وعد برهن رسمي مثلاً وكان هذا الوعد قد أستوفى الشروط الشكلية جاز إذا لم ينفذ الواعد وعده أن يجبر على ذلك قضاء ويقوم الحكم مقام العقد النهائي.
وهذه المادة تقابل المواد 106 أردني و 102 مصري و 103 سوري .

المادة 148
1. يعتبر دفع العربون دليلاً على أن العقد اصبح باتاً لا يجوز العدول عنه إلا إذا قضى الاتفاق أو العرف بغير ذلك.
2. فإذا اتفق المتعاقدان على أن العربون جزاء للعدول عن العقد كان لكل منهما حق العدول فإذا عدل عن دفع العربون فقده وإذا عدل من قبضه رده ومثله.
المذكرة الإيضاحية :
أجاز فريق من الفقهاء المسلمين العربون في البيع وفي الإجارة معا منهم الحنابلة وبعض المالكية، وصورة العربون عندهم أن يشتري السلعة ويدفع إلى البائع درهماً أو أكثر على أنه إن أخذ السلعة احتسب من الثمن وإن لم يأخذها فهو للبائع الشرح الكبير 44 : 58 59 والدردير والدسوقي عليه، 3 : 63 والخرشي 5: 78 والحطاب 54 : 369 370
ورؤي أنه لا فرق بين هذه الصورة وصورة ما إذا كان البائع هو الذي له الخيار، فقد يكون الخيار للبائع أو للمشتري أو لهما معاً فدفع العربون دليل على أن العقد بات ما لم يتفق أو يقضي العرف بغير ذلك واتفاق المتعاقدين على أن العربون جزاء للعدول عن العقد مؤداه أن لكل منهما حق العدول وفي هذه الحالة إذا كان المشتري هو من عدل فإنه يفقد العربون أما اذا كان من عدل عن العقد هو البائع فإن عليه رد العربون ومثله ولو لم يلحق به ضرر من جراء ذلك ويكون اشتراط العربون في هذه الحالة شأن الشرط الجزائي ولكنه يفترق عنه من حيث عدم جواز التخفيض أو الإلغاء فهو يستحق ولو انتفى الضرر على وجه الإطلاق أما إذا كان الضرر الواقع يجاوز مقدار العربون فتجوز المطالبة بتعويض أكبر وفقاً للمبادئ العامة، فالالتزام بدفع قيمة العربون المترتب في ذمة الطرف الذي عدل عن العقد ليس تعويضاً عن الضرر الذي أصاب الطرف الآخر من جراء العدول بل هو نزول عن إرادة المتعاقدين فقد جعلا العربون مقابلاً لحق العدول.
وفي حالة تنفيذ الالتزام اختيارياً يخصم العربون من قيمة ما تعهد به من دفعه.
وهذه المادة تقابل المواد 107 أردني و 103 مصري و 104 سوري و 92 عراقي.

2 النيابة في التعاقد
المادة 149
يكون التعاقد بالأصالة ويجوز أن يكون بطريق النيابة ما لم يقض القانون بغير ذلك.

المادة 150
1. تكون النيابة في التعاقد اتفاقية أو قانونية.
2. ويحدد سند الإنابة الصادر من الأصيل نطاق سلطة النائب عندما تكون النيابة اتفاقية كما يحدد القانون تلك السلطة إذا كانت النيابة قانونية.

المادة 151
من باشر عقداً من العقود بنفسه فهو الملزم دون غيره بما يترتب عليه من أحكام.
المذكرة الإيضاحية :
اعتمد في هذه المواد على المادة 1449 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 278 من مرشد الحيران وهي تتناول الأحكام الخاصة بالوكالة.
وهذه المواد تقابل المواد 108 و 109 و 110 أردني.

المادة 152
1. إذا تم العقد بطريق النيابة كان شخص النائب لا شخص الأصيل هو محل الاعتبار عند النظر في عيوب الإرادة أو في اثر العلم ببعض الظروف الخاصة أو افتراض العلم بها.
2. ومع ذلك إذا كان النائب وكيلاً يتصرف وفقاً لتعليمات معينة صدرت له من موكله فليس للموكل أن يتمسك بجهل النائب لظروف كان يعلمها هو أو كان من المفروض أن يعلمها .
المذكرة الإيضاحية :
الأحكام الواردة في هذه المادة ليست سوى تطبيقات لنظرية النيابة القانونية فما دامت إرادة النائب هي التي تنشط لإبرام العقد بجميع ما يلابسها من ظروف فيجب أن يناط الحكم على صحة التعاقد بهذه الإرادة وحدها دون إرادة الأصيل وعلى هذا النحو يكون للعيوب التي تلحق إرادة النائب أثرها في التعاقد فإذا انتزع رضاه بالإكراه، أو صدر بتأثير غلط أو تدليس كان العقد موقوفاً على إجازة الأصيل رغم أن إرادة الأصيل براء من شوائب العيب أما فيما يتعلق بالظروف التي تؤثر في الآثار القانونية للتعاقد فيجب أيضاً أن يكون مرجع الحكم عليها شخص النائب لا شخص الأصيل، وعلى ذلك يجوز أن يطعن بدعوى عدم نفاذ التصرف في حقه في بيع صادر من مدين مفلس، وتواطأ مع نائب المشتري ولو أن الأصيل ظل بمعزل عن هذا التواطؤ.
وعلى نقيض ما تقدم يعتمد في الحكم على الأهلية بشخص الأصيل دون النائب فإذا كان الأصيل أهلاً للتعاقد بالأصالة صح تعاقد النائب عنه ولو لم يكن هذا النائب كامل الأهلية وقد يكون مصدر النيابة في الصورة الأخيرة وكالة فما دام النائب غير أهل لعقدها كان عقد الوكالة وحده موقوفاً على إجازة المولى.
فالفقه الحنفي يجيز أن يكون الوكيل صبياً مادام مميزاً قد بلغ السابعة من عمره على الأقل فلا يشترط فيه الرشد ولا البلوغ ولا عدم الحجر، وعلى ذلك لا يصح لإنسان أن يوكل مجنوناً وقد نص في المادة 1458 من المجلة أنه يشترط أن يكون الوكيل عاقلاً مميزاً ولا يشترط أن يكون بالغاً فيصح أن يكون الصبي المميز وكيلاً وإن لم يكن مأذوناً .... ولكن يشترط في الموكل أن يكون مالكاً لما وُكل فيه لأنه لا يملك غيره ما لا يملك، فما يجوز للإنسان أن يباشره لنفسه من التصرف يجوز له أن يوكل فيه غيره إلا استيفاء القصاص فلا يجوز التوكيل فيه لاحتمال أن تأخذ وليه رحمة عند حضوره فيعفو، وعلى ذلك فلا يصح من المجنون توكيل لأنه لا يملك تصرفاً ويصح من الصبي المميز فيما يملكه فينفذ توكيله غيره إذا كان في تصرف نافع ويتوقف على إجازة وليه أو وصيه إذا كان في تصرف متردد بين النفع والضرر.
والوكيل خلاف الرسول فالرسول ينقل عبارة المرسل إلى المرسل إليه فهو لا يتصرف برأيه ووزنه، وإنما الرأي والوزن للمرسل، أما الوكيل فإنه يعمل برأيه ووزنه فيساوم ويرى المصلحة فيقدم عليها فإذا تصرف تصرف بإرادته وعبارته ولذا لا يضيف العبارة إلى موكله بل إلى نفسه.
يراجع في الفقه الإسلامي: الكاساني، 6 : 19 وما بعدها والزيلعي، 4 : 256 وما بعدها.
وهذه المادة تقابل المواد 111 أردني و 104 مصري و 105 سوري.

المادة 153
إذا ابرم النائب في حدود نيابته عقدا باسم الأصيل فان أحكام هذا العقد وما ينشأ عنه من حقوق التزامات تضاف إلى الأصيل .
المذكرة الإيضاحية :
1 إذا كان شخص النائب هو الواجب الاعتداد به فيما يتعلق بإتمام العقد فعلى النقيض من ذلك ينبغي أن يرجع إلى شخص الأصيل وحده، عند تعيين مصير آثاره، فالأصيل دون النائب هو الذي يعتبر طرفاً في التعاقد وإليه تنصرف جميع آثاره فيكسب مباشرة كل ما ينشأ عنه من حقوق ويقع على عاتقه كل ما يترتب من التزامات.
2 ومع ذلك فينبغي التفرقة بين صور مختلفة فالقاعدة التي تقدمت الإشارة إليها تنطبق حيث يتعاقد النائب باسم الأصيل، وهي تنطبق كذلك حيث يتعاقد النائب باسمه الشخصي رغم حقيقة نيابته، متى من كان متعاقد معه يعلم أو كان ينبغي أن يعلم بوجود النيابة أو كان يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو نائبه وهذا الحكم الذي يقول به الفقه الإسلامي أخذ به تقنين الالتزامات السويسري، أما القواعد الخاصة بالاسم المستعار أو التسخير وهي التي تقضي بانصراف آثار العقد إلى النائب المسخر فلا تنطبق إلا إذا كان من يتعامل مع هذا النائب يجهل وجود النيابة أو كان يستوي عنده التعامل معه أو مع من فوضه.
والأصل في المذهب الشافعي والحنبلي أن حكم العقد وحقوقه جميعاً ترجع إلى الموكل سواء أضاف الوكيل العقد إلى نفسه أو إلى الموكل وفي المذهب الحنفي والمالكي تفصيل مجمله أن حكم العقد يرجع إلى الأصيل إن أضيف العقد إلى الأصيل وإلى الوكيل إن أضيف العقد إلى الوكيل، يراجع في المذهب الشافعي : الحنبلي : المغني 5: 92 وما بعدها : وفي المذهب المالكي الدردير والدسوقي عليه 3: 38 وما بعدها، والخرشي 6 : 81 وما بعدها.
وفي المذهب الحنفي : الزيلعي 4 : 256 وما بعدها، والكاساني 6: 33 وما بعدها، والبحر 7 : 147 وما بعدها وتكملة ابن عابدين 1: 220 وما بعدها وتكملة فتح القدير 6 : 18 وما بعدها .
والمواد 1460 و 1461 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 279 281 من مرشد الحيران والسنهوري، مصادر الحق 5 : 210 212 .
وهذه المادة تقابل المواد 112 أردني و 105 مصري و 106 سوري.

المادة 154
إذا لم يعلن العاقد وقت إبرام العقد انه يتعاقد بصفته نائباً فان أثر العقد لا يضاف إلى الأصيل دائناً أو مديناً إلا إذا كان من المفروض حتماً أن من تعاقد معه النائب يعلم بوجود النيابة أو كان يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو النائب.
المذكرة الإيضاحية :
اشترطت هذه المادة لانصراف أثر العقد إلى الأصيل أن يعلن العاقد أنه يتعاقد مع الأصيل أو الوكيل أو أن يكون من يتعاقد معه يعلم بوجود النيابة أو يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو الوكيل وهذا الحكم مستمد من مشروع القانون المدني العربي.
وهذه المادة تقابل المواد 113 أردني و 106 مصري و 107 سوري.

المادة 155
إذا كان النائب ومن تعاقد معه يجهلان معا وقت إبرام العقد انقضاء النيابة فان اثر العقد الذي يبرمه النائب يضاف إلى الأصيل أو خلفائه.
المذكرة الإيضاحية :
قد تنقضي النيابة دون أن يعلم النائب بذلك، كما إذا كان يجهل موت الأصيل أو إلغاء التوكيل فإذا تعاقد في هاتين الحالتين مع شخص حسن النية لا يعلم بانقضاء النيابة، كان تعاقده هذا ملزماً للطرف الأصيل وخلفائه، وقد قصد من تقرير هذا الحكم إلى توفير ما ينبغي للمعاملات من أسباب الثقة والاستقرار.
تراجع من المجلة المواد من 1521 1530 ومن مرشد الحيران المواد من 970 974 .
وهذه المادة تقابل المواد 114 أردني و 107 مصري و 108 سوري.

المادة 156
لا يجوز لشخص أن يتعاقد مع نفسه باسم من ينوب عنه سواء أكان التعاقد لحسابه هو أم لحساب شخص آخر دون ترخيص من الأصيل على انه يجوز للأصيل في هذه الحالة أن يجيز التعاقد وهذا كله مع مراعاة ما يخالفه من أحكام القانون أو قواعد التجارة.
المذكرة الإيضاحية :
يتصور أن يتعاقد الشخص مع نفسه في حالتين، فقد يكون الشخص طرفاً في التعاقد لحساب نفسه من ناحية، ومتعاقداً بالنيابة مع الطرف الآخر من ناحية أخرى، وبذلك يتحقق التعارض بين مصالحه الشخصية ومصالح الأصيل، وقد يتعاقد الشخص بصفته نائباً عن الطرفين في آن واحد، وغني عن البيان أن مصلحة الأصيل لا تتيسر لها ضمانات الحماية الواجبة في كلتا الحالتين .
وفي الصورة الأولى إذا كان أصيلاً عن نفسه ونائباً عن غيره فالمذهب الحنفي لا يجيز تعاقده ولو مع الإذن، أما في المذهبين المالكي والحنبلي فيجوز مع إذن الوكيل وفي مذهب الشافعي روايتان إحداهما أن العقد لا يجوز حتى مع الإذن والآخر أنه يجوز بالإذن، وفي الصورة الثانية فالظاهر في المذهب الحنفي أنه لا يجوز وفي المذهب المالكي يبدو أن التعاقد جائز بإذن كل من الموكلين، وفي المذهب الشافعي لا يصح وفي المذهب الحنبلي يجوز .
السرخسي، المبسوط، 19 : 22 والخرشي 6 : 77 78 والشيرازي المهذب : 1: 352 وابن قدامة 5: 107 108 .
ولكن يجوز على سبيل الاستثناء أن يتعاقد الشخص مع نفسه في حالتين .
أولهما : أن يبيع الأب أو الجد مال الصغير من نفسه أو يبيع ماله من الصغير ولو بغبن يسير إذا كان حسن التدبير أو مستور الحال وإن كان سيء التدبير فتشترط الخيرية.
وثانيهما : أن يبيع الوصي المختار من الأب أو الجد مال الصغير من نفسه أو يبيع ماله من الصغير وذلك إذا كان فيه نفع ظاهر للصغير.
الكاساني 4 : 135 136 والحطاب 5 : 60 71 والمهذب 1 : 330 والمغني 5 : 112 113 .
ويجوز أن تقضي بعض نصوص التشريع أو بعض قواعد التجارة بصحة تعاقد الشخص مع نفسه فمن ذلك إباحة تعامل الولي مع ولده وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وإباحة تعامل الوكيل بالعمولة باسم طرفي التعاقد وفقاً لقواعد القانون التجاري .
راجع المواد من 363 365 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المواد 115 أردني و 108 مصري و 109 سوري.

أهلية التعاقد
نظرة عامة :
للعقد في الفقه الإسلامي شروط لانعقاده وشروط لصحته، وشروط لنفاذه وشروط للزومه، وهذه الشروط مع تدرج مكانتها وأثرها في مرحلة انعقاد العقد تتركز غالباً في الأهلية أولاً وفي الرضا والاختيار ثانياً، وقد رؤي معالجة كل من هذين الموضوعين جملة مع بيان مرتبه كل منهما، أما إفراز أنواع هذه الشروط وتجميع أفراد كل نوع منها على حده فقد ترك شأنه للفقه ليبين شروط الانعقاد وشروط الصحة وشروط النفاذ وشروط اللزوم.
وقد أكتفى في أهلية التعاقد بالنص على اعتبار الشخص أهلاً للتعاقد، ما لم يقر القانون عدم أهليته، وعلى القواعد الموضوعية الأساسية لا سيما ما تعلق منها بتحديد ما يكون لانعدام الأهلية أو نقصها من أثر في صحة الرضاء.
أما التفصيلات فموضوعها القوانين الخاصة بذلك.
وقد رؤي عدم منع القاصر من الطعن في العقد إذا كان قد لجأ إلى طرق احتيالية ليخفي قصره مع عدم إخلال ذلك بإلزامه بالتعويض جزاء على ارتكابه عملاً غير مشروع.

المادة 157
كل شخص أهل للتعاقد ما لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل في الشخص توافر الأهلية أما عدم الأهلية فيجب أن يقرر بمقتضى نص في القانون ويتفرع على ذلك قيام قرينة على توافر الأهلية من شأنها إلقاء عبء الإثبات على عاتق من يتمسك بعدم الأهلية . وقد أحيل فيما تقدم إلى قوانين الأحوال الشخصية فيما يتعلق بالأحكام الموضوعية الخاصة بالأهلية بيد أنه تحسن الإشارة إلى أن الأهلية مناطها التمييز فحيث يوجد التمييز تتوافر الأهلية، بل وتكون كاملة أو ناقصة تبعاً لما إذا كان التمييز كاملاً أو ناقصاً وتهيمن هذه القاعدة الأساسية على جميع الأحكام الخاصة بالأهلية.
وهذه المادة تقابل المواد 116 أردني و 109 مصري و 110 سوري و 93 عراقي .

المادة 158
ليس للصغير غير المميز حق التصرف في ماله وتكون جميع تصرفاته باطلة.
المذكرة الإيضاحية :
أعتمد في هذه المادة على المادة 961 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 269 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 177 أردني.

المادة 159
1. التصرفات المالية للصغير المميز صحيحة متى كانت نافعة نفعاً محضاً وباطلة متى كانت ضارة ضرراً محضاً.
2. أما التصرفات الدائرة بين النفع والضرر فتكون موقوفة على إجازة الولي في الحدود التي يجوز له فيها التصرف ابتداء أو إجازة القاصر بعد بلوغه سن الرشد.
3. وسن التمييز سبع سنوات هجرية كاملة.
المذكرة الإيضاحية :
اعتمد في هذه المادة على المادة 967 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 270 من مرشد الحيران.
والتصرفات الدائرة بين النفع والضرر إذا صدرت من الصبي تكون موقوفة على الإجازة وليست قابلة للإبطال وفرق بين الوقف والقابلية والإبطال فالعقد الموقوف صحيح ولكنه غير نافذ ويظل موقوفاً نفاذه على الإجازة فإن أجيز ينفذ، أما العقد القابل للإبطال في القانون، فهو عقد صحيح ونافذ إلا أنه جائز إبطاله وإذ أبطل اعتبر كأن لم يكن وقد حدد سن التمييز بسبع سنوات هجرية.
وهذه المادة تقابل المواد 118 أردني و 110 مصري و 111 ، 979 عراقي .

المادة 160
1. للولي أن يأذن للقاصر الذي أتم الثامنة عشرة سنة هجرية في تسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها.
2. ويجوز للمحكمة بعد سماع أقوال الوصي أن تأذن للقاصر الذي أتم الثامنة عشرة سنة هجرية في تسلم أمواله كلها أو بعضها لإدارتها.
3. ويحدد القانون الأحكام الخاصة بذلك.
المذكرة الإيضاحية :
أجازت هذه المادة للولي عند وجوده أو المحكمة عند وجود وصي الإذن للقاصر الذي أتم الثامنة عشرة سنة هجرية في إدارة أمواله كلها أو بعضها حتى يتم إعداده لإدارة أمواله عند بلوغه سن الرشد وأن يمر بفترة تجربة مفيدة .
وتحدد القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية الأحكام الخاصة بذلك الإذن وأساس هذه الإجازة الآية الكريمة وابتلو اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أمولهم راجع تبين الحقائق للزيلعي ج 5 ص 191 ومنح الجليل ج 3 ص 165 166 والجزء الثاني من ميارة على العاصمية من 210 وشرح المجلة لرستم باز ص 542 الطبعة الثالثة.

المادة 161
الصغير المأذون في التصرفات الداخلة تحت الإذن كالبالغ سن الرشد.
المذكرة الإيضاحية:
اعتمد في هذه المادة على المادة 972 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 272 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادتين 120 أردني و 99 عراقي.

المادة 162
لا يجوز للقاصر سواء كان مشمولا بالولاية أو الوصاية أن يتجر إلا إذا أتم ثماني عشرة سنة هجرية من عمره وأذنته المحكمة في ذلك إذنا مطلقاً أو مقيداً.
المذكرة الإيضاحية :
ويترك هذا النص للمحكمة سلطة الإذن للقاصر بالتجارة لأن الإذن بالإدارة لا يشمل التجارة لأن مسئولية التجارة تستتبع مسئوليات جسيمة قد تودي بالمال والمحكمة أقدر على وزن الظروف عند النظر في منح الإذن كأهمية أموال التجارة ونوع التجارة وخبرة القاصر وما أخذ به النص هو رأي وسط بين رأي الأحناف الذي يجيزون للرجل الإذن لابنه الصغير في التجارة والشافعية الذين يرون أن الإذن باطل المبسوط للسرخسي ج 35 ص 20 21 والبدائع ج 7 ص 170 .
وهذه المادة تقابل المواد 119 أردني و 112 ، 121 مصري و 112 سوري و 98 عراقي.

المادة 163
1. للقاضي أن يأذن للصغير المميز عند امتناع الولي عن الإذن وليس للولي أن يحجر عليه بعد ذلك.
2. وللقاضي بعد الإذن أن يعيد الحجر على الصغير.
المذكرة الإيضاحية :
أعتمد في هذه المادة على المادة 975 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وهذه المادة تقابل المادتين 122 أردني و 101 عراقي.

المادة 164
الولي على مال الصغير هو أبوه ثم وصى أبيه ثم الجد الصحيح ثم القاضي أو الوصي الذي ينصبه.
المذكرة الإيضاحية :
اعتمد في هذه المادة على مذهب الإمام مالك في تحديد الأولياء على مال الصغير فالولاية تكون للأب ثم وصي الأب ثم الجد الصحيح ثم القاضي أو الوصي الذي ينصبه الولاية على المال والتعامل بالدين في الشريعة الإسلامية للشيخ على حسب الله طبعة معهد البحوث والدراسات العربية سنة 67 ص 27 .
وهي تقابل المادتين 123 أردني و 102 عراقي.

المادة 165
يحدد القانون الأهلية اللازم توافرها في الولي لمباشرة حقوق الولاية على المال.
المذكرة الإيضاحية :
تركت هذه المادة للقوانين الخاصة بالأحوال الشخصية تحديد القواعد الخاصة بمباشرة الولي حقوق الولاية على المال.
وهذه المادة تقابل المادة 124 أردني.

المادة 166
عقود الإدارة الصادرة من الوصي في مال الصغير تكون صحيحة نافذة وفقاً للشروط التي يقررها القانون.

المادة 167
التصرفات الصادرة من الوصي في مال الصغير والتي تدخل في أعمال الإدارة تكون صحيحة نافذة وفقاً للشروط والأوضاع التي يقررها القانون.
المذكرة الإيضاحية :
تركت هاتين المادتين تحديد شروط صحة عقود الإدارة وتصرفات الوصي في مال الصغير لأحكام القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 125 و 126 أردني و 105 عراقي.

المادة 168
1. الصغير والمجنون والمعتوه محجورون لذواتهم.
2. أما السفيه وذو الغفلة فيحجر عليهما القاضي ويرفع الحجر عنهما وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة في القانون.
3. ويبلغ قرار الحجر للمحجور ويعلن للناس سببه.
المذكرة الإيضاحية :
أعتمد في هذه المادة على المواد 946 و 957 و 961 و 962 من المجلة وشرحها لعلي حيدر
وهذه المادة تقابل المواد 137 أردني و 113 مصري و 114
سوري و 94 ، 95 عراقي.

المادة 169
يلحق المجنون والمعتوه الكبيران المحجور عليهما بالقاصر عديم الأهلية.
المذكرة الإيضاحية :
اعتمد في هذه المادة على المواد 978 و 979 و 980 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وعلى المذهب المالكي شرح الكنز ج 8 ص 78 ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب ج 5 ص 57 .
وهذه المادة تقابل المواد 128 أردني و 114 مصري و 115 سوري و 107 ، 108 عراقي.

المادة 170
1. التصرفات الصادرة من السفيه أو ذي الغفلة بعد قيد أي من طلب الحجر أو حكم الحجر أو طلب استعادة الولاية أو الحكم الصادر بإعادتها يسري عليه ما يسري على تصرفات القاصر ناقص الأهلية من أحكام
2. أما التصرف الصادر قبل القيد فلا يكون باطلاً أو قابلا للإبطال إلا إذا كان نتيجة استغلال أو تواطؤ.

المادة 171
1. يجوز للمحكمة أن تأذن للمحجور عليه للسفه أو في استلام أمواله كلها أو بعضها لإدارتها.
2. ويحدد القانون الأحكام الخاصة بذلك.
المذكرة الإيضاحية :
اعتمد في هاتين المادتين على المواد 990 و 921 و 993 و 994 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي ص 545 ورستم باز ص 55 وما جاء في كتاب الحجر من الدر المختار ورد المحتار الجزء الخامس الصفحة من 89 97 وعلى المادة 273 من مرشد الحيران وما ورد بكتاب الولاية على المال والتعامل في الشريعة الإسلامية لعلي حسب الله ص 28 معهد الدراسات العربية سنة 1967 وفي المذهب المالكي منح الجليل ج 3 ص 168 ، 174 وجواهر الأكليل ج 2 ص 98 . 
وهاتان المادتان تقابلان المواد 129 و 130 أردني و 115 و 116 مصري و 116 و 117 سوري و 109 و 110 عراقي.

المادة 172
تبين القوانين الإجراءات التي تتبع في الحجر على المحجورين وإدارة أموالهم واستثمارها والتصرف فيها وغير ذلك من المسائل المتعلقة بالولاية والوصاية والقوامة.
المذكرة الإيضاحية :
أعتمد في هذه المادة على الأحكام الفقهية المتعلقة بالولاية والوصاية والقوامة والمبينة في أحكام الوصي من رد المحتار ومن الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية لزيد بك الأبياني.
وهذه المادة تقابل المادتين 131 أردني و 111 عراقي.

المادة 173
إذا كان الشخص أصم أبكم أو أعمى أصم أو أعمى أبكم وتعذر عليه بسبب ذلك التعبير عن إرادته جاز للقاضي أن يعين له مساعدا قضائياً يعاونه في التصرفات التي تقتضي مصلحته فيها ذلك على الوجه الذي يبينه القانون.
المذكرة الإيضاحية :
إن نظرية المساعدة القضائية نظرية جديدة وهي تقرر للأشخاص ذوي العاهات الجسمانية منعاً في وقوعهم في خطر التصرفات وهذه المساعدة تعتبر نوعا من أنواع الحجر لنقص الأهلية بل هي نوع من الحماية للعمي والصم والبكم ونحوهم ويلاحظ أن المساعد القضائي تحدد مأموريته في القرار الذي يصدر من المحكمة بإقامته وقد ترك لقانون الأحوال الشخصية تفصيل أحكام المساعدة القضائية.
وهذه المادة تقابل المواد 132 أردني و 118 سوري و 104 عراقي.

المادة 174
التصرفات الصادرة من الأولياء والأوصياء والقوام تكون صحيحة في الحدود التي رسمها القانون.
المذكرة الإيضاحية :
اعتمد في هذه المادة على ما ذكر في أحكام الوصي من رد المحتار ج / 5 المشار إليه في المواد السابقة وما ذكر في باب الوصي من شرح الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية لزيد بك الأبياني وعلى المادة 284 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 133 أردني و 118 مصري و 119 سوري.

المادة 175
إذا لجأ ناقص الأهلية الى طرق احتيالية لإخفاء نقص أهليته لزمه التعويض.
المذكرة الإيضاحية :
يجوز لناقص الأهلية سواء كان قاصراً أم غيره ألا يجيز العقد الذي يكون طرفاً فيه ولو صرح أنه غير ناق ص الأهلية فليس يحول مجرد التصريح بذلك عدم الإجازة ما دام لم يقترن بطرق احتيالية، إذ أن من واجب كل عاقد أن يتثبت أهلية من يتعاقد معه، ثم إن حماية ناق ص الأهلية تصبح حماية وهمية إذا جعل من مجرد التصريح بعدم نقص الأهلية حائلاً دون عدم الإجازة.
أما إذا أقترن التصريح بعدم نقصان الأهلية بطرق احتيالية فيكون ناقص الأهلية قد أرتكب عملاً غير مشروع يرتب مسئوليته قبل العاقد الآخر متى كان حسن النية.
وقد رؤي التسوية في ذلك بين القاصر وغيره من ناقصي الأهلية لتساويهم جميعاً في حكمة هذا النص .
وهذه المادة تقابل المواد 134 أردني و 199 مصري و 120 سوري .

4 عيوب الرضا
1 الإكراه
نظرة عامة :
لا يكفي توافر الأهلية بل يجب أن تسلم للشخص إرادته، وهنا يعرض الفقهاء للرضا والاختيار ويتفرع على ذلك الكلام على الإكراه والتغرير والغبن والغلط فيفرق الحنفية بين الرضا والاختيار فيجعلون الرضا منصرفاً إلى حكم العقد أما الاختيار فينصرف إلى العبارة في حين أن المالكية والشافعية والحنابلة يجعلونها شيئاً واحداً هو إرادة إنشاء العقد بالعبارة الدالة عليه طلباً لأثاره عن رغبة فيها والتغرير هو التدليس ويعرض المشرع للإكراه أولا ثم للتغرير والغبن ثم للغلط.

المادة 176
الإكراه هو إجبار الشخص بغير حق على أن يعمل عملا دون رضاه ويكون الإكراه ملجئاً أو غير ملجئ كما يكون مادياً أو معنوياً.

المادة 177
يكون الإكراه ملجئاً إذا كان تهديداً بخطر جسيم محدق يلحق بالنفس أو المال. ويكون غير ملجئ إذا كان تهديداً بما دون ذلك.

المادة 178
التهديد بإيقاع ضرر بالوالدين أو الأولاد أو الزوج أو ذي رحم محرم والتهديد بخطر يخدش الشرف يعتبر إكراها ويكون ملجئا أو غير ملجئ بحسب الأحوال.

المادة 179
الإكراه الملجئ يعدم الرضا ويفسد الاختيار وغير الملجئ يعدم الرضا ولا يفسد الاختيار.
المذكرة الإيضاحية :
أعتمد في هذه المواد على المادتين 948 و 949 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وعلى المواد 286 - 288 من مرشد الحيران.
وكما يقع الإكراه من أحد المتعاقدين على الآخر فإنه قد يقع من الغير فإذا وقع الإكراه من الغير مستوفياً لشروطه كان مفسداً للتصرف كالإكراه الواقع من أحد المتعاقدين وتلحق به الإجازة ويغالي المذهب المالكي في الاعتداد بالإكراه حتى لو تهيأ مصادفة ولا يشترط في الاعتداد به أن يكون المتعاقد الآخر عالماً بالإكراه، وهذا ما يسمى في البيع بيع المضغوط فعند مالك الإكراه يكون على البيع نفسه أو على دفع مال ظلماً فيضطر المكره أن يبيع متاعه لدفع هذا المال فلا يكون هذا البيع لازماً حتى لو لم يكون المشتري عالماً بالإكراه الواقع على البائع الحطاب والواق 4 : 248 والدسوقي 3: 6 والخرشي 5: 10 والتسولي 2 : 76 ولم ير الأخذ بذلك في القانون لما فيه من مغالاة تؤدي إلى الإضرار باستقرار التعامل .
كما يجوز أن يقع الإكراه بالتهديد بإلحاق الأذى بشخص آخر ليس طرفاً في العقد ولكن التهديد بإلحاق الأذى به من شأنه أن يحدث الرهبة التي تحمل على إتيان العقد المقصود كأن يهدد شخص ابنه إن لم يأت تصرفاً ما.
وهذه المادة تقابل المواد 135 و 136 و 137 و 138 أردني و 128 سوري و 112 عراقي .

المادة 180
يختلف الإكراه باختلاف الأشخاص وسنهم وضعفهم ومناصبهم ودرجة تأثرهم وتألمهم من الإكراه شدة وضعفاً وكل طرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامة الإكراه.

المادة 181
يشترط أن يكون المكره قادراً على إيقاع ما هدد به وان يغلب على ظن المكره وقوع الإكراه عاجلاً إن لم يفعل ما اكره عليه.
المذكرة الإيضاحية :
الإكراه لا يكون إلا إذا كان القصد منه الوصول إلى غرض غير مشروع فإذا كان المقصود منه الوصول إلى غرض مشروع فإن الإكراه لا يتحقق فإكراه الشخص على أداء الحق الذي عليه لا يكون إكراهاً معتبراً ولا يؤثر في التصرف الذي يؤدي به الحق ويكون الإكراه هنا إكراهاً بحق أو جبرا شرعياً ومن صور الجبر الشرعي جبر القاضي المدين على بيع متاعه للغرماء وجبر من عليه الخراج على بيع ماله لأداء الخراج وجبر من له دار تلاصق الجامع أو الطريق على بيعها إذا أُحتيج إلى توسيعهما بها وجبر عمال السلطان على بيع أموالهم لرد ما جمعوه من الناس ظلماً الخرشي 5 : 9 والحطاب والمواق 4: 52 والتلويح 2: 196 197 والسرخسي المبسوط 24 : 101 و 144 وابن عابدين 5 : 134 ، 135 .
ويشترط أن يبعث الإكراه رهبة في نفس المتعاقد تحمله على التعاقد ويعرف ذلك بمعيارين أحدهما مادي والآخر نفسي، أما المادي فهو أن يكون المكره بالوسيلة التي أختارها للإكراه قادراً على تحقيق ما هدد به فيستند الإكراه بذلك إلى ركن من الواقع يجعل دعوى من وقع عليه الإكراه دعوى معقولة قائمة على أساس وأما النفسي فهو أن يقع في أكثر ظن من وقع عليه الإكراه وقوعاً ما هدد به وهذه هي الرهبة التي تنبعث في نفسه فتحمله على التعاقد السرخسي المبسوط 24 : 39 و 50 51 ، والكاساني 7 : 176 والمادة 1003 و 1004 من المجلة والمادة 289 من مرشد الحيران.
فيجب أن يكون الإكراه ولو كان غير ملجئ معدماً للرضا دون الاختيار عند من يفرق بينهما وتقدير ذلك أمر يتوقف على حالة الشخص الذي يقع عليه الإكراه فضعيف الجسم لا يحتمل ما يتحمله القوي ثم هناك علاقة وثيقة ما بين الوسيلة التي تستعمل للإكراه والعمل الذي يراد الإكراه على إتيانه إذ يجب أن يتناسب هذا العمل مع تلك الوسيلة، والإكراه لا يتحقق إلا إذا كان الإنسان يدافع عن نفسه ما هو أعظم مما يقدم عليه، فلو هدد شخص بالضرب سوطاً أو سوطين أو بالحبس مدة قصيرة لإجباره على إمضاء التزام باهظ لوجب أن يحتمل هذا الضغط الهين ويمتنع عن إمضاء الالتزام الباهظ إذ لا تناسب بين الأثنين وهذا ما لم يكن ضعيف الجسم إلى حد أنه لا يتحمل الألم الخفيف انظر السرخسي، المبسوط 24 : 43 و 50 52 و 68 و 151 و 154 ورد المحتار 5: 123 وتكملة فتح القدير 7 : 294 .
والإكراه يتحقق من السلطان وغير السلطان فكل متغلب يقدر على تنفيذ ما هدد به يحدث في النفس الرهبة التي يتحقق بها الإكراه، سلطاناً كان أو لصاً وهذا هو قول الصاحبين ويذهب أبو حنيفة إلى أن الإكراه لا يتحقق إلا من السلطان لما أن المنفعة له والقدرة لا تتحقق بدون المنعة ولو صدر الإكراه من غير أن يفزع من وقع عليه الإكراه إلى السلطان والفتوى على قول الصاحبين الخانية 3 : 483 وتكملة فتح القدير 7 : 292 : 3 29 الكاساني 7 : 176 .
وقد أشترط في المادة 1005 من المجلة و 290 من مرشد الحيران أن يفعل المكره المكره عليه في حضور المجبر أو من يتعلق به ليكون الإكراه معتبراً وأما إذا فعله في غياب المجبر أو من يتعلق به فلا يعتبر لأنه يكون قد فعله طوعا بعد زوال الإكراه ولكن يبدو أن هذا إنما يكون إذا أعتقد المكره أن غياب المجبر قد أبعد عنه الخطر ذلك أن العبرة بحلول الرهبة في نفس المكره فإذا وقعت الرهبة في نفسه وبقيت حتى غياب المجبر كان الإكراه متحققاً وإذا لم تقع الرهبة في نفسه فإن الإكراه لا يتحقق حتى مع حضور المجبر فالمعيار هنا نفسي، ففي المبسوط للسرخسي 4 : 5 ولو أن هؤلاء اللصوص قالوا شيئاً من ذلك للرجل، والرجل لا يرى أنهم يقدمون عليه لم يسعه الإقدام على المحرم لأن المعتبر خوف التلف، ولا يصير خائفاً من التلف إذا كان يعلم أنهم لا يقدمون عليه وإن هددوه به. وقال كاشف الغطاء من أئمة الجعفرية 3 : 177 178 "" سواء فعل ذلك بحضور المكره المتوعد أو بغيابه فإن الحضور والغياب ليس له أثر بعد تحقق تلك الشروط فلا وجه لما في المادة 1005 من المجلة، فإنه لو أكره أحد آخر على بيع داره ولو بكتاب أو رسول تحقق الإكراه وأي أثر للحضور إذا كان الخوف حاصلاً مع الغياب"".
وهاتان المادتان تقابلان المواد 129 و 140 أردني و 128 سوري و 113 و 114 عراقي.

المادة 182
من اكره بأحد نوعي الإكراه على إبرام عقد لا ينفذ عقده ولكن لو أجازه المكره أو ورثته بعد زوال الإكراه صراحة أو دلالة يصبح العقد نافذاً.
المذكرة الإيضاحية :
الإكراه هو حمل الغير على ما لا يرضاه فتح الغفار 3 : 119 وفي مبسوط السرخسي 24 : 38 39 " الإكراه أسم لفعل المرء بغيره فينتفي به رضاء أو يفسد به إختياره من غير أن تنعدم به الأهلية في حق المكره أو يسقط عنه الخطاب .... ولذلك لا ينعدم أصل العقد والإختيار بالإكراه وكيف ينعدم ذلك وإنما طلب منه أن يختار أهون الأمرين عليه " فالإكراه يعدم الرضا ويبقي الإختيار إذ الإنسان يبقى مختاراً لأخف الضررين دون أن يكون راضياً بأيهما، والإختيار هو القصد إلى مقدوم متردد بين الوجود والعدم بترجيح أحد جانبيه على الآخر فإن أستقل الفاعل في قصده فإختياره صحيح وإلا ففاسد، والرضا يكون منعدماً مع الإكراه أما الإختيار فيكون فاسداً في الإكراه الملجئ وهو الإكراه الذي يهدد بفوات النفس أو ما هي في معناها كالعضو ويبقى صحيحاً في الإكراه غير الملجئ وهو الإكراه بالقيد والمواد أو بالحبس مدة طويلة أو بالضرب الذي لا يخشى منه على النفس أو العضو انظر فتح الغفار 3 : 119 وانظر أيهما التلويح على التوضيح 2 : 196 و 285 286 من مرشد الحيران و 1006 1007 من المجلة.
ويفرق الفقهاء المسلمون في الإكراه بين التصرفات القولية والتصرفات الفعلية ففي الأولى يستوي أن يكون الإكراه ملجئاً أو غير ملجئ وفي الثانية لا أثر للإكراه الملجئ كما سيأتي بعد، وفي التصرفات القولية يفرقون بين التصرفات الإنشائية كالبيع وبين التصرفات الإخبارية كالإقرار، وفي الإنشائية يفرق الحنفية بين التصرفات التي لا تحتمل الفسخ كالزواج والطلاق وبين التي تحتمل الفسخ كالبيع والهبة ويقولون أن الأولى جائز مع الإكراه ولا أثر له في إنعقادها وصحتها ونفاذها ولزومها، أما الثانية فللأكراه أثر فيها سيتبين فيما بعد أما المالكية والشافعية والحنابلة فلا يفرقون بين هذه وتلك ويجعلون للإكره أثراً في النوعين معاً، وفي الإخبارية تستوي كل هذه المذاهب في أن للإكراه أثراً فيها .
فالخلاصة أن في المذاهب المتقدمة أثر في التصرف القولي سواء أكان إنشاء أم اخبارا إلا الحنفية قالوا إن الإكراه لا أثر له من حيث الإنعقاد والصحة والنفاذ واللزوم في التصرفات الإنشائية التي لا تحتمل الفسخ بالزواج والطلاق وفيما عدا هذه فللاكراه أثر في هذا المجال.
ويرأى المالكية والشافعية والحنابلة أخذ المشرع فسوى في إعتبار أن للإكراه أثر بين التصرفات القولية جميعاً سواء أكانت إنشائية أم إخبارية وسواء في الإنشائية أكانت تحتمل الفسخ أم لا تحتمله.
ويراعى أيضاً أن الحنفية يفرقون بين الرضا والإختيار فيجعلون الرضا هو الرغبة في حكم العقد وأثاره أما الإختيار فهو في إصدار العبارة فالمكره على إنشاء العقد عندهم غير راض ولكنه مختار في حين أن غيرهم يسوون بين الرضا والإختيار فالمكره على إنشاء العقد عندهم غير راض ولا مختار ويبني الحنفية على هذا التفرقة في حكم الإكراه بين العقود التي تحتمل الفسخ والتي لا تحتمل الفسخ.
ويقسم الفقهاء الإكراه إلى ملجئ أوتام وغير ملجئ أو ناقص فالإكراه الملجئ هو ما أعدم الرضا وأفسد الإختيار، وغير الملجئ ما أعدم الرضا ولكنه لم يفسد الإختيار ولكنهم يقصرون أثر هذه التفرقة على التصرفات الفعلية فيقولون إن التصرفات القولية تتأثر بالإكراه مطلقاً فيستوي الإكراه الملجئ بالنسبة إليها أم التصرفات الفعلية فلا يؤثر فيها إلا الإكره الملجئ أما غير الملجئ فلا يؤثر فيها والكلام هنا في العقود وهي تصرفات قولية حيث يستوي الإكراه الملجئ وغير الملجئ إذا ورد لفظ الإكراه " مطلقاً ليشمل الملجئ وغير الملجئ " ولم ير حاجة لبيان ذلك النصكما في المجلة م 1006 1007 وفي مرشد الحيران م 186 و 291 و 292 .
وقد قيد الإكراه في النص بأن يكون معتبراً ذلك أن هناك شروطاً للإكراه إذا توافرت كان للإكراه أثر أما إذا لم تتوافر فلا يكون له أثر أي لا يكون معتبراً وهذه الشروط سترد فيما يلي : أما عن أثر الإكراه في العقد فقد ذهب الشافعية إلى أن الإكراه يبطل العقد وذهب المالكية إلى أنه يجعل العقد غير لازم واختلف الحنفية فيما بينهم في التصرفات التي يؤثر فيها الإكراه وهي التصرفات الإنشائية التي تحتمل الفسخ فذهب زفر إلى أن العقد يكون موقوفاً نفاذه على إجازة المكره، وذهب أبوحنيفة وصاحباه إلى أن الإكراه يفسد العقد إلا أن بيع المكره وهو فاسد، يختلف عن سائر البياعات الفاسدة من ثلاثة وجوه هي :
1. البياعات الفاسدة : لا تلحقها الإجازة لان فسادها لحق الشرع من حرمه الربا ونحوه فلا يزول برضا عبد وفي بيع المكره الفساد يلحق العبد وهو عدم رضاه فيزول بإجازته ورضائه.
2. في البيع الفاسد : إذا باع المشتري المبيع من ثالث يزول الفساد أما في بيع المكره فلا يزول الفساد وللبائع المكره أن يسترد العين ولو تداولتها الأيدي .
3. في البيع الفاسد : يستطيع المشتري الفسخ ولو قبض المبيع أما في بيع المكره إذا قبض المشتري غير المكره المبيع لزم البيع من جانبه فلا يستطيع الفسخ.
وظاهر أن هذه الفروق الثلاثة بين بيع المكره وبين البيع الفاسد تقرب بيع المكره من البيع الموقوف وتبعده عن البيع الفاسد.
وقد رأي المشرع عدم الأخذ برأي الشافعية وهو بطلان عقد المكره لوجود الاختيار وعدم الأخذ برأي المالكية لانعدام الرضا أو بعبارة رجال القانون في زماننا لاختلال الرضا. وعدم الأخذ برأي أبي حنيفة وصاحبيه للفروق الثلاثة المتقدمة والأخذ برأي زفر في القول بأن العقد موقوف ولا ضير من ذلك فالأمر إلى المكره بعد زوال الإكراه إن شاء إنقاذه إجازة وان لم يشأ إنفاذه لم يجزه، وتراجع المادة 296 من مرشد الحيران لذلك اختيرت تلك الصيغة وهي مطابقة لحكم المادة 1006 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 141 أردني و 112 و 115 عراقي.

المادة 183
إذا اكره الزوج زوجته بالضرب أو منعها عن أهلها أو ما شابه ذلك لتتنازل له عن حق لها أو تهب له مالاً . كان تصرفها غير نافذ.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل انه لا يكفي لتحقيق الإكراه مجرد الشوكة والنفوذ الأدبي فالشوكة التي للزوج على زوجته وما تنطوي عليه من احتمال أن يطلقها أو يتزوج عليها ليست في ذاتها إكراها الخانية 3 : 487 ولكن إذا استغل الزوج هذه الشوكة للوصول إلى غرض غير مشروع وبخاصة إذا أقترن ذلك لتخويف وتهديد كان هذا إكراها مؤثراً في التصرف الصادر من الزوجة رد المحتار 5 : 134 .
وهي توافق حكم المادة 294 من مرشد الحيران ويراجع ما جاء في بحث الإكراه في شرح المجلة لعلي حيدر ج 2 ص 654 658 .

المادة 184
إذا صدر الإكراه من غير المتعاقدين. فليس لمن اكره على التعاقد أن يتمسك بعدم نفاذ العقد ما لم يثبت أن المتعاقد الآخر كان يعلم أو كان من المفروض أن يعلم بهذا الإكراه.
المذكرة الإيضاحية :
وحكم هذه المادة مستمد مما جاء في الفتاوى الخانية ج 3 ص 485 ، 486 من أنه لو أكره السلطان رجلاً على الشراء والقبض ودفع الثمن والبائع غير مكره فلما اشترى المكره وقبضه اعتقه أو دبره كان إجازة للشراء ولو كان البائع مكرها والمشتري غير مكره ولا يعتد الفقه الإسلامي بأن يكون المتعاقد الآخر متواطئاً مع الغير الذي وقع منه الإكراه أو عالماً بما وقع من الإكراه أو مستطيعاً أو يعلمه بل أن الإمام مالك يعتد بالإكراه ولو تهيأ مصادفة السنهوري في مصادر الحق في الفقه الإسلامي ج 2 ص 203 .

ب التغرير والغبن
نظرة عامة :
بيّن المشرع القاعد العامة في التغرير أو التدليس والغبن والقاعدة العامة أنهما وإن أثرا في رضاء العاقد لأن رضاه في الحالتين مبني على ظن خاطئ إلا أن هذا الظن الخاطئ إذا كان نتيجة غرر فصاحبه هو المسئول عنه لأنه نتيجة عدم احتياطه فلا يترتب عليه في العقد أي أثر ذلك لأن انقياد المغرور لمن غره وخدعه لم يكن إلا بعد نظر منه فيما اتخذ معه من وسائل الخداع والتدليس ووزن لنتائجها أعقبهما الرضا، والاختيار والاطمئنان وهذا أقصى ما يُعطى للعاقد من حرية وإرادة فإن أخطأ فتلك طبيعة الإنسان وأي الناس لا يخطئ وليس من أغراض التشريع أن يحول بين كل مخطئ وبين خطئه وإذن فيجب أن يسلم تصرفه إقراراً للمعاملات واحتراماً للتعاقد واعتداداً بالرأي وإن ظهر أنه خطأ ولكن هناك حالات يرى فيها المشرع التدخل حماية للجانب الضعيف اختلفت في شرعية المساواة إذا وجد للتدخل مبرر من العدالة أو المصلحة العامة في حالة حصول الغبن وسترد هذه الحالات في المواد التالية يراجع علي حيدر على المادة 356 من المجلة وما بعدها.
والقاعدة في الفقه الإسلامي هي ما قدمنا.

المادة 185
التغرير هو أن يخدع أحد المتعاقدين الآخر بوسائل احتيالية قولية أو فعلية تحمله على الرضا بما لم يكن ليرضى به بغيرها.
المذكرة الإيضاحية :
اعتمد في هذه المادة على المادة 164 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 143 أردني.

المادة 186
يعتبر السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة تغريراً إذا ثبت أن من غرر به ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة.
المذكرة الإيضاحية :
اختير أن يكون صيغة المادة بهذا الشكل حتى تبين أن التدليس هو التغرير بنوعيه الإيجابي والسلبي وتراجع أيضاً المذكرة الإيضاحية للمادة التالية.
وهذه المادة تقابل المواد 144 أردني و 125 مصري و 126 و 127 سوري.

المادة 187
إذا غرر أحد المتعاقدين بالآخر وتحقق أن العقد تم بغبن فاحش جاز لمن غرر به فسخ العقد.
المذكرة الإيضاحية :
ذهب أحمد ومالك والشافعي إلى أن التدليس إما أن يكون بكتمان العيب في المعقود عليه فيكون للمغرور خيار العيب وإما بفعل شيء يزيد في قيمة المبيع عن البيع فيكون للمغرور خيار الفسخ للمغرر، وليس للمغرور خيار الفسخ في غير ذلك الشرح الكبير ج 4 ص 80 91 والدسوقي على الشرح الكبير 3 : 115 وما بعدها، ونهاية المحتاج 4 : 69 70 وما بعدها والمهذب 1 : 282 وما بعدها.
وذهب الحنفية في قول مفتي به أن الغبن الفاحش يكون نتيجة غرر وقع على أحد العاقدين من الآخر أو ممن يعمل له كالدلال فللمغبون المغرور حق فسخ العقد لسوء نية العاقد الآخر وتضليله وإلا لم يكن له هذا الحق م 257 من المجلة وقال شارحها علي حيدر إذا غرر أجنبي أحد المتبايعين فليس للمغبون خيار.
وفي المادة 545 من مرشد الحيران لا يرد بالغبن الفاحش إلا إذا غرر أحد المتعاقدين الآخر.... إلخ
وفي ذلك فلا عبرة في العقد بالتغرير الذي يقع من أجنبي عن العقد وبمجموع هذه الآراء أخذ المشرع.
وهذه المادة تقابل المادة 145 أردني.

المادة 188
الغبن الفاحش في العقار وغيره هو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين
المذكرة الإيضاحية :
الغبن إما يسير وإما فاحش وقد أختلف في بيان كل على عدة أقوال منها ما ذهبت إليه المجلة في المادة 165 من أن الغبن الفاحش غبن على قدر نصف العشر في العروض والعشر في الحيوانات والخمس في العقار أو زيادة ومنها ما ذهب إليه مرشد الحيران في المادة 545 / 3 من أن الغبن الفاحش في العقار وغيره وهو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين وعليه الفتوى وقد أثر المشرع الأخذ به لمرونته ويسره انظر الكاساني 6 : 30 .
وهذه المادة تقابل المادة 146 أردني .

المادة 189
إذا أصاب الغبن ولو كان يسيراً مال المحجور عليه للدين أو المريض مرض الموت وكان دينهما مستغرقا لما لهما كان العقد موقوفا على رفع الغبن أو إجازته من الدائنين وإلا بطل.
المذكرة الإيضاحية :
إذا أقدم إنسان على عقد معاوضة فغبن فيه فإن كان الغبن يسيراً فلا تأثير له في العقد لأن الغبن اليسير قلماً يخلو منه عقد ولأنه كذلك غبن محتمل ومن العسير الاحتراز منه وقد جرت عادة الناس بإغفاله إلا أنه أستثنى من ذلك حالتين :
1. بيع المدين المحجور عليه بسبب دينه المستغرق لماله فإنه لا يغتفر فيه الغبن مطابقاً فيتوقف على إجازة الدائنين أو تكملة الثمن إلى القيمة فإن أجاز الدائنون أكمل المشتري ثمن المثل نفذ البيع وإلا بطل.
2. بيع المريض مرض الموت إذا كان مديناً بدين مستغرق، فحكمه كما سبق وأذن يكون مرض الموت كالحجر للدين غير أن توقف بيعه لا يظهر إلا بموته ليتحقق أن المرض مرض الموت كما تقدم.
رسالة ابن عابدين في الفسخ بالغبن، 2 : 74 .
وهذه المادة تقابل المادة 147 أردني.

المادة 190
إذا صدر التغرير من غير المتعاقدين واثبت من غرر به أن المتعاقد الآخر كان يعلم بالتغرير وقت العقد جاز له فسخه.
المذكرة الإيضاحية :
إن التغرير يفسد القصد والإرادة ولذلك فإن وقوع هذا التغرير من غير المتعاقدين وكان المتعاقد غير المغرور يعلم به يجعل ذلك مساوياً لصدوره منه.
لهذا وضعت المادة على هذا الأساس وتراجع أيضاً النظرة العامة لفعل التغرير والغبن في هذا الباب .
وهذه المادة تقابل المادة 148 أردني.

المادة 191
لا يفسخ العقد بالغبن الفاحش بلا تغرير إلا في مال المحجور ومال الوقف وأموال الدولة.
المذكرة الإيضاحية :
الغبن الفاحش إذا كان في أموال المحجور عليهم كالصغير والسفيه والمجنون أو في أموال الوقف أو في أموال بيت المال أثر في العقد اتفاقاً لأن تصرف من له الولاية على هذه الأموال فيها منوط بالنظر والمصلحة وليس هذا التصرف من المصالحة في شيء ولكن اختلف في الأثر هل هو البطلان أم الفساد؟ ذهب رأي إلى البطلان لأنه لا مجيز له عند مباشرته وآخر إلى الفساد لصدور التصرف من أهله في محله، وهذا هو الراجح لاتفاقه مع القواعد العامة لأنه عقد منهي عنه، لوصف عرض له وهو الغبن الضار بالمدعى عليه وبناء على ذلك إذا باع الوصي مال الصغير بغبن فاحش أو أجّر داره بغبن فاحش أو أجّر ناظر الوقف دار الوقف بغبن فاحش كان العقد فاسداً .
انظر شرح علي حيدر المادة 356 من المجلة وتراجع أيضاً المادتان 300 و 546 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادتين 149 أردني و 124 عراقي.

المادة 192
يسقط الحق في الفسخ بالتغرير والغبن الفاحش بموت من له الحق في طلب الفسخ وبالتصرف في المعقود عليه كله أو بعضه تصرفا يتضمن الإجازة وبهلاكه عنده واستهلاكه وتعيبه وزيادته.
المذكرة الإيضاحية :
اعتمد في هذه المادة على المواد من 547 549 من مرشد الحيران.
هذه المادة تقابل المادة 150 أردني.

ج الغلط
نظرة عامة :
يعرف الغلط عادة بأنه حالة تقوم بالنفس تحمل على يتوهم غير الواقع بأن تكون هناك واقعية غير صحيحة يتوهم الإنسان صحتها أو واقعة صحيحة يتوهم عدم صحتها فالغلط شيء نفسي ذاتي ولما كان الفقه الإسلامي ذا نزعة موضوعية واضحة فقد استعصى على الغلط أن يجد له فيه مكاناً موحداً يلم شعثه ويجمع شتاته، فانتشرت نظرية الغلط في جوانبه متفرقة مبعثرة بين خيار الوصف وخيار العيب وخيار الرؤية وقد يبدو لأول وهلة أن هذه مسائل مستقلة بعضها عن بعض ولا صلة فيما بينها ولكن الحقيقة أنها جميعا تربطها أوثق الصلات بنظرية الغلط، وقد أهتم الفقهاء باستقرار التعامل وانضباطه بقدر ما اتجهوا إلى احترام الإرادة الحقيقية للمتعاقدين، فنظرية الغلط في الفقه الإسلامي، فوق أنها مبعثرة يتنازعها عاملان متعارضان هما استقرار التعامل واحترام الإرادة الحقيقية . ومن ثم كانت المعايير السائدة فيها معايير موضوعية يجري في خلالها تيار الإرادة الحقيقية، بشق طريقه وسط هذه المعايير.
يراجع السنهوري، مصادر الحق 3 : 111 .

المادة 193
لا يعتبر الغلط إلا فيما تضمنته صيغة العقد أو دلت عليه الملابسات وظروف الحال أو طبائع الأشياء أو العرف.
المذكرة الإيضاحية :
القاعدة العامة المستنبطة من فروع الفقه أن الاعتداد في العقود بالعبارة لا بالنية وأن النية إذا لم يقم عليها الدليل في الصيغة لا اعتداد بها، وعلى ذلك فالغلط إذا كان باطنياً فقط لا يترتب عليه حكم . أما إذا كان ظاهرياً فإنه يؤثر في العقد . الحطاب 4 : 466 والدسوقي 3 : 141 والخرشي 5 : 152 والمواق 2 : 63 وزكريا الإنصاري وشرح البهجة 2 : 455 والمراجع المشار إليها فيما بعد.ويكون الغلط باطنياً إذا استقل به أحد المتعاقدين فلم يكشفه للعاقد الآخر عن إرادته الحقيقية فلم يعد الآخر بهذا الغلط ويظل مستتراً مستكناً في ضمير العاقد والذي وقع في الغلط فلا يكون له أثر ويكون الغلط ظاهرياً إذا كشف العاقد عن إرادته أو كانت هذه الإرادة مكشوفة فظهر بذلك غلطه فيكون له أثر، والإرادة تكشف إما بأن يصرح بها العاقد أو باستخلاصها دلالة من الملابسات وظروف الحال أو ضرورة من طبائع الأشياء.
فالطريقة الأولى : هي كشف العاقد عن الإرادة الصريحة وذلك بأن يعين للعاقد الآخر الشيء المعقود عليه تعييناً نافياً للجهالة وأن يذكر له جميع الأوصاف التي يشتمل عليها الشيء بحيث لو فات وصف منها لرغب عن التعاقد .وفي البيع على البرنامج عند المالكية يكشف العاقد عن إرادته الحقيقية في شأن المبيع بأن تذكر أوصافه في دفتر مكتوب فيشتريه المشتري على هذه الأوصاف، فالبائع والمشتري قد اتفقا صراحة على أوصاف المبيع وهي الأوصاف المكتوبة في البرنامج فإذا رضى المشتري بالبيع ثم وجده على غير هذه الأوصاف كان رضاؤه مشوباً بغلط ووجب الاعتداد بهذا الغلط لأن المشتري قد كشف عن إرادته الحقيقية للبائع بشرائه على هذه الأوصاف السرخسي، المبسوط 13 : 12 13 والزيلعي 4 : 52 53 وابن نجيم الأشياء صفحة 189 والدسوقي 3 : 24 25 . والصاوي 2 : 11 13 .
فالطريقة الثانية : هي استخلاص الإرادة ضمناً من الملابسات والظروف وفي هذه الحالة يكون في استطاعة العاقد الآخر أن يعلم بالإرادة الحقيقية فيعلم بالغلط فمن أشترى عبداً شهرته أنه خباز أو كاتب فوجده المشتري على غير ذلك كان بالخيار ولو لم يصرح في العقد بالوصف المرغوب فيه إذ هو مفهوم ضمناً من الملابسات وظروف الحال والعرف له اعتبار في استخلاص ما إذا كان الوصف مرغوباً فيه ابن نجيم 6، 25 26 وقد تستخلص إرادة المتعاقدين من ظروف المكان فمن باع حجراً في سوق الجواهر دل على أنه يبيع جوهرة فإن لم تكن كذلك كان للمشتري ردها وإن لم يشترط صراحة في العقد الحطاب 64 : .467 466
الطريقة الثالثة : هي استخلاص الإرادة ضرورة من طبائع الأشياء إذ قد تستخلص الإرادة دلالة ومن صور ذلك : اتجاه الإرادة إلى خلو الشيء من العيب إذ طبيعة الأشياء أن يكون الشيء سليماً فإذا ظهر في المبيع عيب كان للمشتري خيار العيب وبصفة صاحب البدائع 5 : 273 بأنه خيار ثابت بالشروط دلالة ويشترط فيه جهل المشتري بوجود العيب عند العقد والقبض فإن كان عالماً به عند أحدهما فلا خيار له .
الكاساني 5 : 274 و 276 و 282 و 291 ، وفتح القدير 5 : 151 و 183 . وقد رؤي النص صراحة على العرف من باب المزيد في الإيضاح.
وهذه المادة تقابل المواد 151 أردني و 120 مصري و 121 سوري و 119 عراقي.

المادة 194
إذا وقع الغلط في ماهية العقد أو في شرط من شروط الانعقاد أو في المحل بطل العقد.
المذكرة الإيضاحية :
إذا وقع الغلط في ركن العقد أو ماهيته أو في شرط من شروط الانعقاد في المحل لم ينعقد العقد وذلك لعدم موافقة القبول للإيجاب ومن أمثلة ذلك :
1 الغلط في الإيجاب والقبول أو في ماهية العقد مثاله أن يصدر إيجاب من أحد العاقدين بقصد إنشاء عقد معين فأخطأ الآخر في فهمه وأعتقد أن المراد إنشاء عقد آخر وقبل على هذا الأساس فلا ينعقد أي من العقدين، كأن يعطي إنسان لآخر مائة دينار ويقول له : أنفقها على نفسك يريد بذلك إقراضه إياها فيقبلها الآخر على أنها هبة وقد يكون مرجع هذا اللبس إلى أن حديثاً جرى بينهما في شأن الهبة والقرض واللفظ صالح للمعنيين فالقول لم يطابق الإيجاب فلا ينعقد لا عقد القرض ولا عقد الهبة.
2 الغلط في شرط من شروط الانعقاد كأن يتعاقد الورثة في تركة مع شخص على اعتقاد أنه موصي له بحصة شائعة فيها على قسمتها بينهم جميعاً ثم يتبين أن الوصية باطلة فالقسمة باطلة لوقوع غلط في شرط من شروط انعقادها وهو أن تتم القسمة بين الشركاء في مال مشترك بينهم وقد وقع غلط إذ تبين أن التركة ليست مشتركة بينهم وبين من تعاقدوا معه على قسمتها.
3 الغلط في ذات محل العقد كأن يشتري سواراً على أنه من ذهب ثم يتبين أنه من نحاس موه بالذهب فالغلط في ذات محل العقد، فلا ينعقد العقد لأن محل العقد الذي تم التعاقد عليه وهو ما وصف في الصيغة معدوم.
وقد قرر الحنفية قاعدة ملخصها أنه إذا اجتمعت تسمية محل والإشارة إليه في العقد وكان المشار إليه جنساً آخر غير الجنس المسمى الموصوف فإن العبرة حينئذ بالتسمية فيكون المحل هو المسمى في الصيغة دون المشار إليه عند التعاقد، وإن جمعها جنس واحد كانت العبرة بالإشارة وكان المحل والمشار إليه دون المسمى في الصيغة فكان الاعتماد على التسمية عند اختلاف الجنس لعدم إمكان الجمع بين المسمى والمشار إليه واستحالة بالوصف والإشارة جميعاً إذ لا يمكن أن يقال أن المسمى في العقد هو المشار إليه لاختلافهما جنساً، أما إذا اتحدا جنساً فإنه يمكن الجمع بينهما حينئذ بأن يجعل المسمى هو المشار إليه وأن ما جاء في الصيغة من أوصاف غير متحققة فيه فقد ذكر على سبيل الترغيب فقط فإذا فاتت هذه الأوصاف ترتب على فواتها حق طلب فسخ العقد لفوات الوصف . والمراد بالمتحدين جنساً ما تقاربا في المنافع والقيمة أما ما تباعدت منافعهما فهما جنسان وإن أتحدا نوعاً فالعبد والأمة جنسان لتباعد الانتفاع بهما إذ العبد يُطلب للخدمة الخارجية والأمة تُطلب للخدمة المنزلية والاستمتاع، وكذلك إذا تقاربا في المنافع ولكن تفاوتت قيمتهما تفاوتاً فاحشاً فإنهما يعتبران كذلك جنسين كالدارين إذا اختلفا بناء ووصفاً لاختلافهما في القيمة اختلافاً بيناً . أما الذكر والأنثى من الحيوان فجنسهما واحد لتقاربهما منفعة وقيمة وبناء على ذلك إذا قال إنسان لآخر : زوجتك موكلتي فاطمة هذه وأشار إلى موكلته وكانت تسمى باسم آخر وقبل الثاني الزواج صح العقد على المشار إليها لأنها والمسماة في العقد من جنس واحد الأشباه والنظائر وحاشية الحموي صفحة 200 من الفن الثالث.
فإذا وقع الغلط في جنس الشيء بأن أعتقد أحد العاقدين أن المعقود عليه من جنس معين فإذا به من جنس آخر فإن هذا الغلط يمنع من إنعقاد العقد مثل أن يبيع ياقوتاً فإذا هو زجاج.
وكذا إذا اتحد الجنس ولكن تفاحش التفاوت بين حقيقة المعقود عليه وما أراد العاقد كأن باع داراً من آجر فإذا هي من لن، فهنا تفاحش التفاوت فيكون في حكم إختلاس الجنس أو هما جنسان مختلفان في المعنى، فالتحقا بمختلفي الجنس في الحقيقة وهذا أيضاً يمنع إنعقاد العقد وذهب فريق في الصورتين إلى القول بفساد العقد وهو إختيار الكرخي.
والقائلون بالبطلان يعتبرون البيع وقع على المعدوم وبيع المعدوم باطل.
والقائلون بالفساد يعللون قولهم بأن الغلط يأتي من تسمية جنس والإشارة إلى غيره ومن باع شيئاً سماه وأشار إلى غيره، يصير كأنه باع شيئاً بشرط أن يسلم غيره وذلك فاسد.
السرخسي، المبسوط 13 : 12 13 ، والكاساني 5 : 139 140 والزيلعي 4 : 53 وابن الهمام، فتح القدير 5 : 206 والخانية 2 : 134 وكذلك المادة 301 من مرشد الحيران و 208 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 152 أردني و 122 سوري و 117 عراقي .

المادة 195
للمتعاقد فسخ العقد إذا وقع منه غلط في أمر مرغوب كصفة في المحل أو ذات المتعاقد الآخر أو صفة فيه.
المذكرة الإيضاحية :
في هذه المادة يعالج المشرع حالة الغلط لا في المحل وإنما في صفة مرغوبة في المحل وكذا في شخص المتعاقد الآخر أو في صفة مرغوبة فيه ويجعل الجزاء هو عدم اللزوم بحيث يكون للعاقد الذي وقع في الغلط الحق في فسخ العقد .
فإذا اتحد الجنس مع تفاوت المنفعة تفاوتاً غير فاحش ففي هذه الحالة يفوت وصف مرغوب فيه فينعقد العقد صحيحاً نافذاً ولكنه غير لازم حيث يثبت فيه خيار الوصف كما إذا باع ياقوتاً أحمر فإذا هو أصفر الكاساني 5 : 140 والهندية 3 : 140 141 وابن الهمام، فتح القدير 5 : 201 .
وإذا حصل الغلط في الشخص حيث تكون شخصيته محل إعتبار فإنه يترتب عليه أثر إذ يكون للطرف الآخر الذي وقع في الغلط حق فسخ العقد ومن أمثلة هذه العقود والتصرفات الوصية والأخذ بالشفعة واجارة الظئر.
ففي الشفعة إذا تنازل عن طلب الشفعة لما عرف أن المشتري فلان ثم تبين له أن المشتري شخص آخر كان تنازله عن الشفعة، وهو تصرف قانوني مشوباً بالغلط في ذاتية الشخص فيبقى حق الشفعة للشفيع م 145 من مرشد الحيران، والسرخسي، والمبسوط 14 : 101 ،
وابن نجيم، البحر 8 : 14 والدسوقي على الدردير 3 : 487 والخرشي .6:173
وفي الوكالة إذا وقع غلط لا في ذاتية الشخص بل في صفتة فإن الغلط يكون قد وقع في صفة مرغوبة وهي أهليته لتحمل حقوق العقد وكان للغير الذي تعامل مع الوكيل ووقع في هذا الغلط الخيار إن شاء فسخ العقد وإن شاء أمضاه وهذا على قول أبي يوسف الكاساني 6 : 34 وعن أبي يوسف أنه كان عالماً فلا خيار له فأما إن كان جاهلاً فله الخيار إن شاء فسخ العقد وإن شاء أمضاه ... وجه ظاهر الرواية أن الجهل بالحجر أي يكون الوكيل صبياً محجوراً ليس بعذر لأنه يمكنه الوصول إليه فالجهل تقصير من جهته فلا يعذر ويعتبر عالماً ولو علم بالحجر حقيقة لما ثبت له الخيار، كذا هذا تكملة فتح القدير 6 : 15 16.
وفي إجازة الظئر إن فات وصف مرغوب في الظئر، وصلح هذا عذراً يثبت لمستأجر الظئر خيار الفسخ ومن الأوصاف المرغوب فيها عند الظئر أن يكون لبنها صالحاً لتغذية الطفل وألا تكون حمقاء سيئة الخلق وألا تكون سارقة يخشى منها على المتاع وألا تكون فاجرة بيناً فجورها السرخسي، المبسوط 15 : 119 ، 121 ، 122 والزيلعي 5 : 128 ، وابن نجيم 8 : 22 23 .
فالغلط في الشخص أو في صفة مرغوبة فيه حيث يكون ذلك محل إعتبار يثبت خيار الفسخ شأنه في ذلك شأن الغلط في الشيء ويقول الفقهاء تارة أن الفسخ لفوات وصف مرغوب فيه، وطوراً أن الفسخ للعذر، على أن الواضح في جميع هذه الأحوال أن الفسخ يقوم في أساسه على وقوع غلط في الشخص.
والتسمية في المرابحة والتولية وصف مرغوب فيه كوصف السلامة فيتخير بفواته إذ أن انعدام الخيانة وصف مرغوب فيه فتح القدير 5 : 256 .
وفي هذا النوع من الغلط اختلف الرأي :
فالحنفية وكثير من غيرهم فرقوا بين الرضا بإنشاء العقد وبين الرضا بأوصاف المحل فالأول يترتب على فوات فساد العقد كما في عقد المكره والهازل، والثاني لا يترتب على فواته بفوات هذه الأوصاف عدم الرضا بإنشاء العقد فإن من يشتري لحما على أنه من خروف راض بإنشاء العقد وطالب لاثاره وكل ما هناك أنه عندما يظهر أن ما ورد عليه العقد لحم شاة يتبين أن العقد الذي أنشأه العاقدان في محل غير مرغوب فيه فيجعل العقد صحيحاً في ذاته لتحقيق الرضا بإنشائه ويجعل لمن أصابه الضرر بفوات الوصف حق طلب فسخه بخيار فوات الوصف . وإنما يكون هذا الحق عند الحنفية إذا كان العقد مما يقبل الفسخ كعقود المعاوضات المالية وما ألحق بها، أما ما يصح مع الإكراه فإن العقد فيه يلزم ولا يظهر لفوات الوصف أثر إلا في المهر إذا ما كان الوصف شرطاً في العقد كأن يتزوج إنسان إمراة على أنها بكر فيظهر أنها ثيب ففي مثل هذه الأحوال إذا كان شرط الوصف من قبل الزوج كما في هذا المثال وكان المهر المسمى أكثر من مهر المثل لم يلزم الزوج حيئنذ إلا بمهر المثل فقط دون ما زاد عليه، وإن كان الشرط من قبل الزوجة وكان المسمى أقل من مهر المثل ففات الوصف الزم الزوج بمهر المثل وذلك كأن تتزوجه على أن يكون عالماً فيظهر أنه جاهل.
فالحنفية يذهبون إلى أنه إن حدث الغلط في أوصاف المحل فإن كان في عقد يقبل الفسخ كان العقد صحيحاً غير لازم بالنسبة إلى من وقع الغلط من ناحيته كأن يشتري هذه البقرة الحلوب فإذا هي غير حلوب وكأن يشتري هذا الإناء المصنوع في بلد كذا فإذا هو مصنوع في بلد آخر فيكون للمشتري الخيار إن شاء أنفذ العقد وأمضاه وإن شاء فسخه، وإن كان في عقد لا يقبل الفسخ كالزواج لم يكن لمن حصل الغلط في ناحيته حق الفسخ عند الحنفية كأن يتزوج هذه الفتاة البكر فإذا هي ثيب . وذهب أحمد إلى أنه لا فرق بين عقد وآخر في أن فوات الوصف المشترط لا يترتب عليه بطلان العقد ولا فساده ولكن يكون لمن وقع الغلط الحق في فسخ العقد سواء أكان عقد بيع أو عقد زواج وعلى هذا إذا أشترى شخص هذه البقرة على أنها حلوب، أو تزوج إنسان هذه المرأة على أنها بكر فوجد البقرة غير حلوب والمرأة ثيب كان العقدان صحيحين عند أحمد وكان لكل من المشتري والزوج حق الفسخ.
والقانون يخالف الفقه الإسلامي من ناحيتين :
الأولى : أنه يعتد بالخطأ الباطني متى أمكن للمخطئ أن يقيم الدليل على وجوده وعلى أن من تعاقد معه كان واقعاً أيضاً في ذلك الخطأ أو أنه كان على علم به ولم ينبهه إليه أو كان يستطيع أن يعلمه ولكنه لم يعن بذلك وتكفي القرائن في إثبات كل ذلك.
أما في الفقه الإسلامي فليس للغلط الباطني اعتبار مهما كان حاله ومهما أمكن إثباته.
الثانية : الغلط المعتد به في التشريع الوضعي هو الخطأ الجوهري ويكون كذلك إذا كان هو الدافع الرئيسي إلى التعاقد ولولاه ما أقدم على العقد، والحكم عند توفره هو أنه يجعل العقد قابلاً للإبطال وفي الفقه الإسلامي هو الغلط في أمر مرغوب وحكمه أن يكون العقد غير لازم.
تراجع المادة 301 و 342 من مرشد الحيران و 310 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 153 أردني و 122 سوري و 117 و 118 عراقي .

المادة 196
للمتعاقد فسخ العقد إذا وقع منه غلط في القانون وتوافرت شروط الغلط في الواقع طبقاً للمادتين 193 و 195 ما لم يقض القانون بغيره.
المذكرة الإيضاحية :
الجهل بالقانون يصلح عذراً إذا لم يصحب الجهل تقصير فمن جهل القانون وكان مقصرا في هذا الجهل حوسب على جهله ولم يعتد بخطئه في القانون ومن جهل القانون ولم يكن مقصراً في هذا الجهل عذر لجهله واعتد بخطئه راجع ابن نجيم في فتح الغفار 3 : 105 106 ، والأشباه والنظائر 167 168 ، والبغدادي مجمع الضمانات صفحة 454 ، والكاساني 5 : 151 .
فالأصل أن الجهل بالقانون لا يكون عذراً إلا إذا قامت ملابسات خاصة تنفي تهمة التقصير المفروضة في جانب من يجهل القانون وإذا كان هناك شيء من التساهل في الحدود فلأن الحدود تدرأ بالشبهات.
وفي القانون، يكون للغلط في القانون إذا توافرت شروطه، نفس الأثر الذي للغلط في الواقع وقاعدة أنه لا يعذر أحد بجهله بالقانون مجالهاً القانون الجنائي أما في القانون المدني فللغلط في القانون حكم الغلط في الواقع من حيث ترتيب البطلان النسبي ما لم يقض القانون بغير ذلك الإعتراف القضائي والصلح فالغلط غير موجب للبطلان فيهما، ومن أمثلة الغلط في القانون أن يشتري شخص نصف منقول فيطالبه مالك النصف الآخر بالشفعة فيسلم له إعتقاد منه أن الشفعة جائزة في المنقول ثم يتبين له أن لا شفعة في المنقول فتطبيقاً لحكم هذه المادة يكون له أن يسترد ما سلمه بالشفعة عند من لا يرى الشفعة في المنقول .
وهذه المادة تقابل المواد 154 أردني و 122 مصري و 123 سوري.

المادة 197
لا يؤثر في العقد مجرد الغلط في الحساب أو الكتابة وإنما يجب تصحيحه.
المذكرة الإيضاحية :
يوجد هذا النص حكم الغلط المادي كالخطأ في الكتابة أو في الحساب وهو غلط غير مرغوب فلا يؤثر في العقد وإنما يجب تصحيحه ويسري هذا الحكم على العقود بوجه عام وعلى عقد الصلح بوجه خاص.
وهذه المادة تقابل المواد 155 أردني و 123 مصري و 124 سوري و 120 عراقي.

المادة 198
ليس لمن وقع في الغلط أن يتمسك به على وجه يتعارض مع ما يقضي به حسن النية.
المذكرة الإيضاحية :
أبيح لمن وقع في الغلط أن يفسخ العقد لفوات أمر مرغوب ولكن لو وقع المتعاقد في الغلط وأظهر المتعاقد الآخر استعداده لتنفيذ العقد على الوجه الذي أراده من وقع في الغلط فلا يجوز التمسك بالغلط وعلى ذلك يظل من يشتري شيئاً معتقداً خطأ أن له قيمة أثرية مرتبطاً بعقد البيع إذا عرض البائع استعداده لأن يسلمه نفس الشيء الذي انصرفت نيته إلى شرائه ويقارب هذا الوضع ما يتبع في تحويل العقود كما سيأتي بيانه.
وقد بدأ النص بصيغة عامة على عدم جواز التمسك بالغلط على وجه يتعارض مع ما يقتضية حسن النية وهو بهذا يقرر مبدأ عاماً ويهيء بهذا نطاقاً أرحب لأعمال الأحكام المتعلقة بحسن النية فيجاوز بذلك حدود الخصوصيات.
وهو حكم يتفق مع ما يأمر به الإسلام من العدل والإحسان وينهي عن البغي وهو بعد مسألة متروكة لتقدير القاضي.
وهذه المادة تقابل المواد 156 أردني و 124 مصري و 125 سوري.


5 محل العقد و سببه
أ - محل العقد
نظرة عامة :
بعد بيان التراضي شرع في بيان المحل والمقصد.
أما المحل فهو المعقود عليه أي ما يقع عليه التعاقد وما تتعلق به أحكامه وآثاره ويبحث معه الشرط لإتصاله في الغالب والشرط عند الأصوليين قسمان : شرط شرعي أو حقيقي وهو ما جعله الشارع مكملاً لأمر شرعي لايتحقق إلا بوجوده، كالطهارة للصلاة ومرور الحول للزكاة.
وشرط جعلي وهو ما يضعة الناس في معاملاتهم ويجعلون تحقق عقودهم موقوفاً عليه وهذا ما يسمى بالتعليق على الشرط أو يقرنونه بالعقد أي يجعلوا تحقق العقد موقوفاً على تحققه.
والمقصود هنا هو الشرط الجعلي المقترن به العقد .
وأما المقصد فالمراد به المقصود من العقد أو السبب في إصطلاح رجال القانون لأن السبب في إصطلاح رجال الأصول والفقه والمسلمين هو ما يرتب الشارع عليه حكماً يتحقق بتحققه وينتفي بإنتفائه وهو هنا العقد فالعقد سبب لحكمه وما يترتب عليه من آثار . فالمراد بالقصد مقصود العاقدين من العقد .
وقد تناول المشرع المحل في المواد 199 وما بعدها فاشترط وجود المحل م 199 وبين أنه يشترط فيه أن يكون مالاً منقولاً عيناً أو منفعة أو أي حق مالي آخر أو عملاً أو إمتناعاً عن عمل م 200 وأنه يشترط فيه ألا يكون مستحيلاً م 201 وأنه يجوز في المفاوضات المالية يشترط أن يكون معيناً تعييناً نافياً للجهالة الفاحشة م 203 وأن يكون قابلاً لحكم العقد م 205 وتناول الشرط الذي يقترن به العقد في م 206 .
ثم تناول المقصد في المادة 207 فاشترط أن يكون في العقد منفعة مشروعة للمتعاقدين وأن يكون مقصوداً شرعاً 208 .

المادة 199
يجب أن يكون لكل عقد محل يضاف إليه.
المذكرة الإيضاحية :
المعقود عليه هو ما يظهر فيه أثر العقد وحكمه وهو المال المبيع في عقد البيع والمنفعة في عقد الاجارة وعمل المزارع في الارض في عقد المزرعة والعين المرهونة في عقد الرهن وهكذا فإذا تبين أن المحل كان موجوداً ثم هلك قبل العقد كان العقد باطلاً لإنعدام المحل .
وستأتي فيما يلي الشروط التي يجب توافرها في المحل .
وقد اعتمد في هذه المادة على المادتين 267 و 302 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 157 أردني و 126 عراقي.

المادة 200
1. في التصرفات المالية يشترط أن يكون المحل مالا متقوما.
2. ويصح أن يكون عيناً أو منفعة أو أي حق مالي آخر كما يصح أن يكون عملاً أو امتناعاً عن عمل.
المذكرة الإيضاحية :
1. يشترط في التصرفات التي ترد على المال أن يكون المحل مالاً متقوماً فلا يجوز التعامل في غير المال ولا في المال غير المتقوم ومثال الأول الحر والميتة حتف أنفها ومثال الثاني الخمر والخنزير في حق المسلم.
2. ويجوز أن يكون هذا المال عيناً أو منفعة أو حقاً مالياً آخر كما يصح أن يكون عملاً أو إمتناعاً عن عمل.
وتراجع المواد 263 و 266 و 302 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 158 أردني و 126 عراقي .

المادة 201
إذا كان المحل مستحيلا في ذاته وقت العقد كان العقد باطلاً.
المذكرة الإيضاحية :
إذا كان المحل مستحيلاً في ذاته أي مستحيلاً إستحالة مطلقة وقت العقد فالمحل غير موجود في الواقع ولا يكون للعقد نصيب من الوجود أما إذا كان ممكناً وقت العقد وصار مستحيلاً بعد ذلك فإن العقد ينعدم ثم ينفسخ أي يكون المجال مجال الفسخ لا البطلان فتنطبق قواعد الفسخ لا البطلان.
هذا إذا كانت الاستحالة مطلقة أما إذا كانت الإستحالة نسبية أي مقصورة على المتعاقد وحده فلا تكو ن هذه الإستحالة سبباً في عدم إنعقاد العقد بل يكون العقد منعقداً لأن المحل ممكن في ذاته.
أما في الفقه الحنفي فإن العقد يكون موقوفاً نفاذه.
قال صاحب البدائع 5: 147 148 ومنها من شرائط الإنعقاد أن يكون أي المبيع مقدور التسليم عند العقد فإن كان معجوز التسليم عنده لا ينعقد وإن كان مملوكاً له كبيع آلابق في جواب ظاهر الروايات حتى لو ظهر يحتاج إلى تجديد الإيجاب والقبول .... بخلاف بيع المغصوب من غير الغاصب أنه ينعقد موقوفاً على التسليم حتى لو سلم ينفذ : لأن هناك المالك قادر على التسليم بقدرة السلطان والقاضي وجماعة المسلمين إلا أنه لم ينفذ للحال لقيام يد الغاصب فإذا سلم زال المانع فينفذ بخلاف آلابق لأنه معجوز التسليم على الإطلاق إذ لا تصل إليه يد أحد لأنه لا يعرف مكانه ...... وانظر السرخسي، المبسوط 12 : 194 .
يراجع باب المحكوم عليه أو المحكوم فيه من كتب الأصول،
ومنها الأمدي، ج 1 ص 191 وما بعدها والغزالي المستصفي، ج 1 ص 86 وما بعدها .
وهذه المادة تقابل المواد 159 أردني و 132 مصري و 133 سوري و 127 عراقي.

المادة 202
1. يجوز أن يكون محلاً للمعاوضات المالية الشيء المستقبل إذا انتفى الغرر.
2. غير انه لا يجوز التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة ولو كان ذلك برضاه إلا في الأحوال التي ينص عليها القانون
المذكرة الإيضاحية :
1. نص في المادة 304 من مرشد الحيران أنه لا يصح ان يكون الشيء المعدوم الذي سيوجد في المستقبل محلاً للعقد المتقدم ذكره " عقد المعاوضات المالية " من الجانبين إلا في السلم بشرائطه وهذا هو مذهب الحنفية فهم يشترطون في محل العقد أن يكون موجوداً فالمعدوم لا يصح أن يكون عندهم محلاً للعقد إلا على طريق الإستثناء كعقد الاجازة والسلم والإستصناع ولكن يلاحظ أن كثرة العقود المستثناه من هذا الأصل يقوم مانعاً من إعتباره أصلا او شرطا.
وذهب ابن القيم إلى ما يتلخص في أنه ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله ما يفيد أن العقد على المعدوم غير جائز وما ورد في السنة من النهي عن بيع بعض الأشياء المعدومة كقوله عليه السلام " لا تبع ما ليس عندك " فليست العلة فيه العدم وإنما هو الغرر بسبب عدم القدرة على التسليم كبيع البعير الشارد فإذا انتفت العلة لم يوجد الحكم إلا ترى أن الشارع قد أجاز الاجارة والمساقاة وبيع الثمر قبل بدو صلاحه لعدم الغرر في ذلك ولم يجز بيع البعير الشارد وإن كان موجوداً لوجود الغرر في بيعه ولم يجز إجارة دابة لا يقدر المؤجر على تسليمها وهذا حكم سائر عقود المعاوضات بخلاف الوصية فإنها تبرع محض فلا غرر إذا ما تعلقت بموصى به معدوم ابن القيم، أعلام الموقعين 1 : 357 361 .
والمقصود بالغرر عدم القدرة على التسليم كما يتبين من عبارة ابن القيم المتقدمة أو الذي لا يدري هل يحصل أم لا الفروق، 3 : 265 .266
واشترط النص إنتفاء الغرر ولأن وجوب بيان المحل بياناً نافياً لجهالة سيرد النص عليه في المادة التالية .
والفقرة الثانية رؤي الأخذ بها لما في التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة من غرر منافاة للنظام العام ولو كان برضاه.
فيجب كقاعدة عامة أن يكون المحل موجوداً وقت التعاقد فإذا كان قد وجد ولكنه هلك من قبل، فلا ينعقد العقد لإنعدام المحل، وينطبق نفس الحكم من باب أولى إذا كان المحل لم يوجد أصلاً، ولا يمكن وجوده في المستقبل فإن كان المحل غير موجود أصلاً وقت التعاقد له ولكنه سيوجد فيما بعد فهذا هو الشيء المستقبل وبه قصد بالفقرة الأولى إزالة كل شيء يكتسب حكم الأشياء المستقبلية فقرر صلاحيتها لأن تكون محلاً ما لم يكن هناك غرر .
ويرد على قاعدة جواز التعامل في الأشياء المستقبلية استثناء يتعلق بالتركات المستقبلية إذ حظر التعامل فيها بضروب التصرفات عموماً كالبيع والمقايضة والشركة والصلح والتنازل وما إلى ذلك برضا صاحبها لعدم مشروعية المحل بإعتبار أن المضاربة على الموت تتعارض مع الآداب . ويستثنى من ذلك بع ض التصرفات كالوصية والوقف ويلاحظ أن إشتراط إنتفاء شرط الغرر إنما هو مقصور على المعاوضات المالية أما التبرعات فلا يشترط فيها إنتفاء الغرر، إذ الغرر لا يؤثر فيها لأنه لا ضرر على من يتلقى التبرع من الغرر مهما كثر لأنه لم يبذل شيئاً يخشى ضياعه من جراء الغرر.
يراجع نصوص أقوال الفقهاء في هذا الصدد في : السنهوري مصادر الحق ج 3 ص 13 58 .
وهذه المادة تقابل المواد 160 أردني و 131 مصري و 132 سوري و 129 عراقي .

المادة 203
1. يشترط في عقود المعاوضات المالية أن يكون المحل معيناً تعييناً نافياً للجهالة الفاحشة بالإشارة إليه أو الى مكانه الخاص إن كان موجودا وقت العقد أو ببيان الأوصاف المميزة له مع ذكر مقداره إن كان من المقدورات أو بنحو ذلك مما تنتفي به الجهالة الفاحشة.
2. وإذا كان المحل معلوما للمتعاقدين فلا حاجة الى وصفه وتعريفه بوجه آخر.
3. وإذا لم يعين المحل على النحو المتقدم كان العقد باطلاً.
المذكرة الإيضاحية :
اتفق الفقهاء على وجوب أن يكون المحل معلوماً للعاقدين علما يمنع من الخداع والغرر ولا يفضى إلى المنازعة إذا كان العقد من عقود المعاوضات المالية . فإذا كان المعقود عليه في هذه العقود مجهولاً جهالة يتعذر معها تعيينه أو تقديره أو كان متردداً بين حالين محتملين يوجد في أحدهما ولا يوجد في الأخرى لم يصح العقد . وعلى هذا لا يصح بيع شاة من هذا القطيع ولا إستئجار منزل ليسكن فيه دون أن يبين لذلك وقتاً، لأن ذلك يؤدي إلى النزاع في تعيين المبيع أو النزاع في مسنده بالمنزل، وكذلك لا يصح بيع بعير ضال في الصحراء إذا كان غير معلوم المكان أو غير مقدور التسليم لأن ذلك يؤدي إلى الغرر عند عدم العثور عليه.
والجهالة المانعة من صحة العقود هي الجهالة الفاحشة وهي الناشئة عن تجهيل جنس المحل كأن يبيعه دابة من الدواب، دون أن يبين جنسها أو يبيعه جميع ما له في هذه الدار من الدواب والثياب والأثاث والمشتري لا يعلم ما فيها وكذا الناشئة عن التفاوت الفاحش بين قيم ما يتناوله المبيع المجهول من الأفراد كأن يبيعه داراً من دوره التي له في مدينة كذا بألف دينار لأن هذا النوع من الجهالة هو الذي يؤدي إلى الغرر والنزاع.
أما الجهالة اليسيرة وهي التي لا يكون معها تفاوت فاحش في القيم ويكون الجنس معها معلوماً فلا تمنع صلاحية المحل للعقد لتساهل الناس في امرها، بحيث أصبحت لا تؤدي إلى نزاع كأن يبيعه ما في هذا الصندوق من الثياب وما في هذا المخزن من القمح أو أن يبيعه مائة برتقالة من هذا النوع.
والمدار على العرف وعلى أن الجهالة لا تؤدي إلى نزاع فإن كان الأمر كذلك لم تمنع صحة العقد وإلا منعت.
وأما عقود التبرعات فقد اعتبر فيها من أنواع الجهالة ما لم يغتفر في عقود المعاوضات لإمتناع المنازعة في التبرعات . ولذا تصح وصية إنسان بجزء من ماله من غير بيان مقدار ذلك الجزء ويكون البيان إلى الورثة.
يراجع الكاساني، البدائع 5 : 156 وما بعدها، الزيلعي 4 : 5 6 والحطاب 4 : 296 301 والشرح الكبير 4 : 29 39 والمواد 200 304 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 303 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 161 أردني و 133 مصري و 134 سوري و 128 عراقي .

المادة 204
إذا كان محل التصرف أو مقابله نقودا لزم بيان قدرها ونوعها دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي أثر.
المذكرة الإيضاحية
إذا كان محل التصرف أو مقابله مبلغاً من النقود فكثرة تقلبات سعر السلع تجعل لتعيين السعر الذي يجب الوفاء على أساسه أهمية خاصة عند إختلاف هذا السعر في وقت الوفاء عنه في وقت نشوء التصرف.
والمسألة إقتصادية متغيرة رؤي ترك أحكامها لقانون خاص والإكتفاء بالنص المذكور.
وهذه المادة تقابل المواد 162 أردني و 134 مصري و 135 سوري .

المادة 205
1. يشترط أن يكون المحل قابلاً لحكم العقد.
2. فان منع القانون التعامل في شيء أو كان مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً.
المذكرة الإيضاحية :
يشترط في المعقود أن يكون قابلاً لحكم العقد فإن لم يقبل حكمه لم يصلح أن يكون محلاً له وكان العقد باطلاً، وقد يكون مرجع عدم قبول المحل لحكم العقد ما ورد عن الشارع من نهى في ذلك لحكمة راعاها كالمحافظة على الآداب العامة، أو على الأخلاق والحرمات أو على أموال الناس وعدم أكلها بالباطل أو على الصلات الإجتماعية كما في بيع الميتة حتف أنفها وكما في بيع الخمر والخنزير لمسلم، كما في إستئجار المسلم آخر لحمل خمر إليه ليشربها وكما في تزويج رجل بأصله أو فرعه.
وقد يكون مرجع ذلك إلى أن حكم العقد يتنافى مع ما خصص له ذلك المحل من أغراض عامة وذلك كالمساجد والأنهار والقناطر مما خصص للمنافع العامة فعقود التمليك إذا وردت على هذه الحال وهي مخصصة لهذه الأغراض لا تنعقد، لعدم قبولها لحكمها إذ لا تقبل أن تملك لأحد لمنافاة ذلك لما خصصت له من أغراض عامة.
وقد يكون المرجع إلى علاقة المتعاقدين به وإن كلا منهما لا يملك فيه ما يملكه للآخر، وليس أولى منه وذلك كما في التعاقد على تمليك الأشياء المباحة كأن يبيع إنسان لآخر ما لا يملك مثل الطير في الهواء فمثل هذا التعاقد لا يتم لأنه ورد على محل غير قابل لحكمه، إذ حكمه نقل الملكية، ولا ملكية لأحد في هذه الأشياء حتى يلتزم بنقلها إلى غيره.
والفقرة الثانية تطبيق للفقرة الأولى، فلا يجوز أن يكون المحل متعارضاً مع تحريم الشارع أو مخالفاً للنظام العام أو للآداب.
وهذه المادة تقابل المواد 163 أردني و 136 سوري و 126 130 عراقي .

المادة 206
يجوز أن يقترن العقد بشرط يؤكد مقتضاه أو يلائمه أو جرى به العرف والعادة أو فيه نفع لأحد المتعاقدين أو لغيرهما كل ذلك ما لم يمنعه الشارع أو يخالف النظام العام أو الآداب وإلا بطل الشرط وصح العقد ما لم يكن الشرط هو الدافع الى التعاقد فيبطل العقد أيضا.
المذكرة الإيضاحية :
اختلف الفقهاء في الشروط . فمذهب أهل الظاهر هو أن الشرط إما صحيح وإما باطل فالشرط الصحيح ما ورد به النص أو حصل الإجماع على جوازه كإشتراط الرهن في المبيع إلى أجل مسمى والشرط الباطل، هو ما لم يرد به نصولا حصل عليه إجماع وهو مبطل للعقد وإن أقترن به، فإن لم يقترن، فلا أثر له فيه ابن حزم، المحلي 8 : البند 1445 ص 412 وما بعدها.
ومذهب الحنفية فيه تفصيل :
1. فإن شرط المتعاقدان شرطاً يقتضيه العقد كأن اشترى بشرط أن يسلم البائع المبيع فالعقد جائز.
2. وإن شرط شرطاً لا يقتضيه العقد ولكن ورد الشرع بجوازه كالأجل والخيار، رخصة وتيسيراً، فإنه لا يفسد العقد إستحساناً لأنه لما ورد الشرع به دل على أنه من باب المصلحة دون المفسدة والقياس أن يفسد لكونه شرطاً مخالفاً لموجب العقد وقد أخذ الحنفية بالإستحسان.
3. وإن شرط ما لا يقتضيه العقد ولم يرد به الشرع أيضاً ولكنه يلائم العقد ويوافقه نحو ان يشتري شيئاً بشرط أن يعطي للبائع كفيلاً بالثمن فإن لم يكن الكفيل معلوماً كان البيع فاسداً لأن هذه جهالة تقضي إلى منازعة مانعة من التسليم والتسلم إن كان معلوماً فالقياس أنه لا يجوز البيع وبه أخذ زفر، والإستحسان يجوز وهو قول علماء الحنفية وهو الصحيح لأن الكفالة وكذا الرهن شرعت ضماناً للدين فيكون الشرط بمنزلة الجودة في الثمن فيكون شرطاً مقرراً لما يقتضيه العقد معنى.
4. وإن شرطا شرطاً لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ولأحدهما فيه منفعة إلا أنه متعارف جاز إستحساناً والقياس أن لا يجوز وقول زفر ولكن أبا يوسف ومحمد أخذ بالإستحسان لتعارف الناسكما في الإستصناع.
5. ولو شرط شرطاً لا يقتضيه العقد ولا يلائمه ولا يتعارفه الناس وفيه منفعة لأحد المتعاقدين كأن أشترى حنطة على أن يطحنها البائع فالبيع فاسد.
وهذا كله مذهب الحنفية.
وقال ابن أبي ليلى : العقد جائز والشرط باطل.
وقال ابن شبرمة : العقد جائز والشرط جائز.
وصحح السمرقندي قول الحنفية لأن اشتراط المنفعة الزائدة في عقد المعاوضة لأحد المتعاقدين من باب الربا أو شبهة الربا أنها ملحقة بحقيقة الربا في باب البيع إحتياطياً.
وهذا في عقود المعاوضات المالية أما في المعاوضات غير المالية كالنكاح والخلع وفي التبرعات كالهبة فإن الشرط يفسد ويظل العقد صحيحاً لأن الربا لا يتصور في هذه العقود.
6. ولو شرطا شرطاً فيه ضرر لأحد المتعاقدين بأن باع ثوباً بشرط أن لا يبيعه ولا يهبه فقد قبل ما يدل على أن العقد بهذا الشرط لا يفسد والشرط باطل لأنه ليس لأحد المتعاملين فيه منفعة وروى عن ابي يوسف أن العقد بمثل هذا الشرط فاسد.
والصحيح هو الأول السمرقندي 2 : 69 ومابعدها، والكاساني 5 : 168 وما بعدها.
ومذهب المالكية فيه تفصيل أيضاً ذلك أن الشرط عندهم ثلاثة أقسام :
1. الشرط الذي يناقض المقصود وهو فاسد مفسد للعقد ومثاله أن يبيع على أن لا يبيع المشتري المبيع عموماً إلا من نفر قليل أو لا يهب أو لا يخرج من البلد.
2. الشرط الذي يقتضيه العقد وهو صحيحكشرط تسليم المبيع.
3. شرط لا يقتضيه العقد ولا ينافيه وهو من مصلحته وهو جائز لازم بالشرط ساقط بدونه مثل أن يبيعه السلعة على رهن أو كفيل أو إلى أجل معلوم وليس في ذلك فساد ولا كراهية لأن ذلك مما يعود على البيع بمصلحة ولا معارض من جهة الشرع.
الخرشي علي خليل، الطبعة الثانية الأميرية 5 : 8 28
ومذهب الشافعية على التفصيل الآتي :
1. إن كان شرطاً يقتضيه العقد كالتسليم صح.
2. إن كان شرطاً لا يقتضيه العقد ولكن مصلحة كالخيار والآجل لم يبطل لأن الشرع ورد به لأن الحاجة تدعو إليه فلا يفسد العقد ويلزم الوفاء بالشرط.
3. إن شرط ما سوى ذلك من الشروط التي تنافي مقتضى العقد بأن باع داراً بشرط أن يسكنها مدة بطل العقد لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع وشرط الشيرازي المهذب، طبعة الحلبي 1 : 268 وما بعدها، والنوري، المجموع 9 / 363 وما بعدها.
ومذهب الحنابلة أن الشروط تنقسم إلى أربعة أقسام.
1. ما هو مقتضى العقد كإشتراط التسليم في البيع فهذا وجوده كعدمه لا يفيد حكماً ولا يؤثر في العقد.
2. ما تتعلق به مصلحة المتعاقدين كالأجل والخيار فهذا شرط جائز يلزم الوفاء به وقالوا : ولا نعلم في صحة هذين القسمين خلافاً.
3. ماليس من مقتضاه ولا من مصلحته ولا ينافي مقتضاه وهو نوعان :
أ. إشتراط منفعة البائع في المبيع أي العاقد في المعقود عليه وهذا قد مضى ذكره.
ب. إشتراط عقد في عقد نحو أن يبيعه شيئاً آخر فهذا شرط فاسد به البيع.
4. إشتراط ما ينافي مقتضى البيع وهو على ضربين .
أ. أشتراط ما بني على التغليب مثل أن يشترط البائع على المشتري عتق العبد فهل يصح ؟
على روايتين أحدهما يصح ..... وهو مذهب مالك وظاهر مذهب الشافعي.
والثانية الشرط فاسد وهو مذهب أبي حنيفة . وإذا حكمنا بفساده فحكمه حكم سائر الشروط الفاسدة وإن حكمنا بصحته فاعتقه المشتري فقد وفى بما شرط عليه وإن لم يعتقه
ففي أحد الوجهين يجبر وفي الآخر لا يجبر.
ب. أن يشترط غير العتق مثل أن يشترط أن لا يبيع ولا يهب فهذه وما أشبهها شروط فاسدة وهل يفسد البيع ؟ على روايتين أحدهما وهو المنصوص عن أحمد أن البيع صحيح والثانية أن البيع فاسد وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وإن حكمنا بصحة البيع فللبائع الرجوع بما نقصه الشرط من الثمن.
وإن حكمنا بفساد العقد لم يحصل به ملك سواء أتصل به القبض أو لم يتصل ولا ينفذ المشتري فيه ببيع ولا هبة ولا عتق ولا غيره.
المغني، الشرح الكبير 4 : 48 وما بعدها و 285 وما بعدها وبالمذهب الحنفي أخذت هذه المادة .
كما نصت المادة على جواز الشرط الذي فيه نفع لأحد المتعاقدين أو للغير ما لم يمنعه الشارع أو يخالف النظام العام والآداب وفي هذه الحالة أي إذا منعه الشارع أو خالف النظام العام أو الآداب يلغى الشرط ويصح العقد أخذاً برأي ابن أبي ليلى وبرأي الحنفية في المعاوضات المالية أما ما ورد في عجز المادة فقد اعتمد فيه على ما ورد في المادتين 2 و 3 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر.
وانظر أقوال المذاهب المختلفة في ذلك السنهوري، مصادر الحق ج 3 ص 112 وما بعدها، وانظر المادتين 321 و 322 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادتين 164 أردني و 131 عراقي.

ب سبب العقد
المادة 207
1. السبب هو الغرض المباشر المقصود من العقد.
2. ويجب أن يكون موجودا وصحيحاً ومباحا وغير مخالف للنظام العام أو الآداب.

المادة 208
1. لا يصح العقد إذا لم تكن فيه منفعة مشروعة للمتعاقدين.
2. ويفترض في العقود وجود هذه المنفعة المشروعة ما لم يقم الدليل على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تقدم أن المراد بالمقصد هنا ما يعرف في القانون بالسبب والباعث والدافع إلى التعاقد ويتنازع السبب عاملان متعارضان أحدهما إستقرار التعامل مما يؤدي إلى الإعتداد بالتعبير عن الإرادة بالإرادة ذاتها أي بالإرادة الظاهرة دون الإرادة الباطنة فلا يقام وزن كبير للسبب . وثانيهما العوامل الأدبية والخلقية مما يجعل محلاً للإعتداد بالباعث الذي تقاس به شرف النوايل وطهارتها ونجد أن أحد هذين العاملين يتغلب في بعض المذاهب والآخر هو الغالب في المذاهب الأخرى ففي المذهب الحنفي والشافعي تختفي نظرية السبب تحت الستار من صيغة العقد والتعبير عن الإرادة ويختلط السبب بالمحل فلا يعتد بالسبب أي الباعث على التعاقد إلا حيث يتضمنه التعبير عن الإرادة فإن لم يتضمنه التعبير عن الإرادة لم يعتد به وهو مسلك الفقه الألماني.
وفي المذهبين الماليك والحنبلي تظهر العوامل الأدبية والخلقية والدينية فيعتد بالباعث ولو لم يتضمنه التعبير عن الإرادة أي ولم لم يذكر في العقد ويكون العقد صحيحاً أو باطلاً تبعاً لما إذا كان هذا الباعث مشروعاً أو غير مشروع وهو ما ذهب إليه الفقه اللاتيني.
ففي الفقه الحنفي والشافعي يعتد بالسبب أي الباعث إذا تضمنته صيغة العقد أو التعبير عن الإرادة فلا تجوز إجارة الإماء للزنا الكاساني 4 : 19 ولو أشترى قمرية على أنها تصوت أو طيراً على أنه يجئ من مكان بعيد أو كبشاً على أنه نطاح أو ديكاً على أنه مقاتل فالبيع فاسد عند أبي حنيفة رحمه الله وهو أحد الروايتين عن محمد رحمه الله ... لأن هذه صفات يتلهى بها عادة والتلهي محظور، فكان هذا شرطاً محظوراً فيوجب فساد البيع ... ولو اشترى جارية على أنها مغنية على سبيل الرغبة فيها فالبيع فاسد لأن التغنية صفة محظورة ولكونها لهواً فشرطها في البيع يوجب فساده ولو اشترى جارية على أنها مغنية على وجه إظهار العيب جاز البيع لأن هذا بيع بشرط البراءة عن هذا العيب فصار كما لو باعها بشرط البراءة عن عيب آخر فإن وجدها لا تغني لا خيار له لأن الغناء في الجواري عيب فصار كما لو اشترى على أنه معيب فوجده سليماً الكاساني 5 : 169 وانظر الزيلعي 5 : 125 وفي الخانية رجل أستأجر فحلاً لينزيه لا يجوز ذلك ولا أجر فيه ... وكذا النائحة والمغنية وإن استأجر المسلم ذمياً ليبيع له خمراً أو ميتاً أو دماً لا يجوز ..... ولو أستأجر رجل ينحت له أصناماً أو ليزخرف له بيتاً بالتماثيل فلا اجر له كما لو أستأجر نائحة أو مغنية الخانية 2 : 322 .
ويلاحظ أن السبب متميز عن المحل فقد يكون المحل مشروعاً في ذاته ولكن السبب يكون غير مشروع فإذا كان السبب ظاهراً في صيغة العقد فإنه يعتد به ويكون العقد باطلاً من ناحية السبب لا المحل ومن أمثلة ذلك إجازة الشخص على القيام بعمل واجب عليه لا يجوز ففي جامع الفصولين 1:248 أو الإجارة على عمل يجب عليه لم تجز وفي القدوري، 96 إن أستأجرها وهي زوجته أو معتدته لترضع ولدها لم يجز لأن الإرضاع مستحق عليها ديانة انظر الزيلعي 3 : 62 والخانية 2 : 322 .
أما إذا لم تتضمن صيغة العقد السبب بمعنى الباعث فلا يعتد به ويكون العقد صحيحاً مستقلاً عن السبب.
ففي الأم 3 : 65 " أصل ما ذهب إليه إن كان العقد صحيحاً في الظاهر لم ابطله بتهمة ولا بعادة بين المتبايعين وأجزته بصحة الظاهر وأكره لهما النية إذا كانت النية لو أظهرت كانت تفسد البيع كما أكره للرجل أن يشتري السيف على أن يقتل به ولا يحرم على بائعة أن يبيعه ممن يراه أنه يقتل به ظلماً ولا أفسد عليه هذا البيع وكما كره للرجل أن يبيع العنب ممن يراه أنه يعصر خمراً ولا أفسد عليه البيع إذا باع إياه لأنه باعه حلالاً وقد يمكن ألا يجعله خمراً أبداً .
وفي مختصر البلعاوي صفحة 28 من كان له عصير فلا بأس عليه بيعه وليس عليه أن يقصد بذلك إلى من يأمنه أن يتخذه خمراً دون أن يخالف ذلك عليه لأن العصير حلال فبيعه حلال كبيع ما سواه من الأشياء الحلال مما ليس على بائعها الكشف عما يفعله المشتري فيها وانظر الكاساني 4 : 176 و 189 و 190 و الخانية 2 : 322 وما بعدها، والزيلعي ص 124 وما بعدها.
أما الفقه الحنبلي والفقه المالكي فيعتد بالباعث سواء أذكر في العقد أم لم يذكر ما دام أنه معلوم من الطرف الآخر فإن كان الباعث مشروعاً فالعقد صحيح وإن كان غير مشروع فلا يصح العقد قال ابن القيم في إعلام الموقعين 3 : 96 98 هل الاعتبار بظواهر الألفاظ والعقود وإن ظهرت المقاصد والنيات بخلافها أم القصود والنيات تأثير يوجب الالتفات إليها ومراعاة جانبها، وقد تضافرت أدلة الشرع وقواعده على أن القصود في العقود معتبرة، وأنها تؤثر في صحة العقد وفساده وفي حله وحرمته بل أبلغ من ذلك وهي أنها تؤثر في الفعل الذي ليس بعقد تحليلاً وتحريماً فيصير حلالاً تارة وحراماً تارة باختلاف النية والقصد كما يصير صحيحاً تارة وفاسداً تارة أخرى باختلافها وهذا كالذبح فإن الحيوان يحل إذا ذبح لأجل الأكل ويحرم إذا ذبح لغير الله .... وكذلك الرجل يشتري الجارية ينوي أن تكون لموكله فتحرم على المشتري وينوي أنها له فتحل له وصورة الفعل والعقد واحدة وإنما اختلفت النية والقصد ... وكذلك عصر العنب بنية أن يكون خمراً معصية ملعون فاعله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصره بنية أن يكون خلاً أو دبساً جائز وصورة الفعل واحد. وكذلك السلاح يبيعه الرجل لمن يعرفه أنه يقتل به مسلماً حرام باطل لما فيه من الإعانة على الأثم والعدوان وإذا باعه لمن يعرف أنه يجاهد في سبيل الله فهو طاعة وقربة .
وفي الحطاب 4 : 276 بيع العنب لمن يعصره خمراً وبيع ثياب الحرير ممن يلبسها غير جائز. وكذا بيع أرض بقصد بناء كنيسة أو خشب بقصد صنع صليب أو شراء عبد بقصد أن يكون مغنياً لا يجوز أنظر الحطاب 4 : 267 وما بعدها والمدونة الكبرى 11 : 62 وما بعدها وانظر الشعراني، الميزان الكبير 2 : 74 وما بعدها والقواعد لابن رجب صفحة 321 ، 322 .
ويقترب من المذهب الحنبلي ما نحن بصدده الزيدية انظر المنتزع المختار 3 19 20 والجعفرية أنظر مفتاح الكرامة 4 : 37 وأهل الظاهر المحلي 9 : 29 30 وفي الأخير " ولا يحل بيع شيء ممن يوقن أن يعصي الله به أو فيه وهو مفسوخ أبداً، كبيع كل شيء ينبذ أو يعصر ممن يوقن أنه يعمل خمراً أو بيع الدراهم ممن يوقن أنه يدلس بها وكبيع الغلمان ممن يوقن أنه يفسق بهم أو يخصيهم وكبيع المملوك لمن يوقن أنه يسيء ملكيته أو كبيع السلاح أو الخيل ممن يوقن أنه يعدو بها على المسلمين أو كبيع الحرير ممن يوقن أنه يلبسه.....
وبرأي الحنابلة ومن حذا حذوهم أخذ المشرع فاشترط أن يكون للعقد سبب أو مقصد وأن يكون هذا السبب المقصد له مشروعاً أي يقره الشارع فإذا قصد به منفعة غير مشروعة لم يصح العقد، والحنابلة لا يفرقون بين الفاسد والباطل ويترتب على الأخذ برأيهم أن يكون العقد باطلاً إذا فقد المقصد المشروع.
والمقصود بالسبب الغاية أو الغرض المباشر المقصود في العقد أي الذي دفع المتعاقدين إلى عقده.
ويشترط أن يكون السبب المقصد موجودا ومستمراً حتى يتم تنفيذ العقد فمن أستأجر مرضعة لولده فمات الولد أو أستغنى عن الرضاعة ففي هذه الحالة يصبح السبب غير قائم وتكون النتيجة انفساخ العقد وانتهائه لزوال سببه الكاساني 4 : 22 322 والزيلعي 3 : 62 63 ومجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية 5 : 224 وما بعدها.
ومن تطبيقات ذلك ما ذكره ابن رجب من أن الزوجة إذا وهبت مهرها لزوجها كان لها الرجوع في الهبة إذا طلقها لزوال سببها وهو طلب استدامة الزواج بينهما وقد زال كما نص عليه الإمام أحمد في بعض ما روي عنه ابن رجب القواعد صفحة 321 322 .
كما يشترط أن يكون السبب مشروعاً فإن لم يكن كذلك لا يصح العقد وإن كان المحل مباحاً شرعاً من أمثلة ذلك بيع عصير العنب ممن يعلم البائع أنه سيتخذه خمراً، وبيع سلاح لمن يقطع به الطريق أو لأهل الفتنة وبيع أدوات القمار، وتأجير دار لمن يعدها للدعارة فكل هذه العقود غير صحيحة في رأي جمع من الفقهاء لعدم شرعية السبب الذي يقصده المشتري انظر المحلي 9 : 29 30 ، الحطاب 4 : 263 وما بعدها.
وفيما يتعلق بإثبات السبب فثمة قاعدتان أساسيتان.
أولهما : افتراض توافر السبب المشروع ولو أغفل ذكره في العقد إلى أن يقوم الدليل على خلاف ذلك حملاً لحال المتعاملين على الصلاح ويكون عبء إثبات عدم وجود السبب أو عدم مشروعيته على عاتق من يدعي ذلك.
ثانيهما : إفتراض مطابقة السبب المذكور في العقد للحقيقة إلى أن يقام الدليل على صوريته فإذا أقيم هذا الدليل وجب على الطرف الآخر إثبات توافر سبب حقيقي تلحق به صفة المشروعية.
ويلاحظ أن الوارد في الفقرة الثانية هي في الواقع قرينة قانونية يجوز إثبات عكسها وعلى ذلك يجوز إثبات العكس بالنية سواء أريد إثبات أن السبب غير مشروع أو أن السبب لا وجود له.
وتراجع المادتان 267 و 305 من مرشد الحيران.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 165 و 166 أردني و 136 و 137 مصري و 137 و 138 سوري، و 132 عراقي.

6 العقد الصحيح والباطل والفاسد
أ - العقد الصحيح
نظرة عامة :
بعد أن تناول المشرع ركن العقد وشروط الانعقاد وشروط الصحة وشروط النفاذ وشروط أثر توافرها وعدم توافرها.
ويترتب على توافر الركن وشرائط الانعقاد أن يكون العقد منعقداً وإلى تخلفها كلها أو بعضها أن يكون العقد باطلاً.
ويترتب على توافر شروط الصحة أن يكون العقد صحيحاً وعلى تخلفها كلها أو بعضها رغم توافر الركن وشروط الانعقاد أن يكون العقد فاسداً.
ويترتب على توافر شروط النفاذ أن يكون العقد نافذاً وعلى تخلفها كلها أو بعضها رغم توافر الركن وشروط الانعقاد وشروط الصحة، أن يكون العقد موقوفاً.
ويترتب على توافر شروط اللزوم أن يكون العقد لازماً وعلى تخلفه رغم توافر الركن وشروط الانعقاد وشروط الصحة وشروط النفاذ، أن يكون العقد غير لازم.
فالعقد إذن في مرحلة الانعقاد.
إما أن يكون باطلاً أو منعقداً.
والمنعقد إما إن يكون صحيحاً أو فاسداً .
والصحيح إما أن يكون نافذاً أو غير نافذ.
والنافذ إما أن يكون لازماً أو غير لازم.
وهذه هي مراتب الانعقاد في الفقه الحنفي .
والعقد الباطل في الفقه الحنفي يقابله في القوانين المدنية العقد الباطل.
والعقد الفاسد في الفقه الحنفي ليس له مقابل في القوانين المدنية.
والعقد الموقف في الفقه الحنفي يقابله في القوانين المدنية العقد القابل للإبطال فهو مشبها به وإن كان يقصر دونه.
والعقد الموقوف في الفقه الحنفي يقابله في القوانين المدنية العقد القابل للإبطال فهو أقرب شبهاً وإن كان يقصر دونه.
والعقد غير اللازم نظيره في القوانين المدنية العقود غير اللازمة والعقد القابل للإبطال .
وقد أرتقت نظرية البطلان في الفقه الإسلامي عنها في القانون من حيث :
1. هذا التدرج المحكم في مراتب البطلان فمن عقد باطل إلى عقد فاسد إلى عقد موقوف إلى عقد غير لازم.
في حين أنه لا يوجد في القوانين المدنية إلا العقد الصحيح والعقد الباطل أما العقد القابل للإبطال فهو صحيح حتى يبطل.
2. في ابتداع فكرة العقد الفاسد وهو ما لا مقابل له في القوانين المدنية.
3. في التصوير الفني للعقد الموقوف وهو أرقى في الصياغة الفنية مما يقابله في القوانين المدنية من العقد القابل للإبطال.
4. في التدرج الدقيق في أثر الخيارات من منع انعقاد العقد في حق الحكم في خيار الشرط إلى منع تمامه في خيار الرؤية إلى منع لزومه في خيار العيب.
وهي في ذلك تلبس كل حالة الثوب الذي يلائمها فتارة يكون الرجوع في العقد بإرادة منفردة، وطوراً يكون بالتراضي أو بالتقاضي، وطوراً يجوز الإسقاط مقصوداً وطوراً لا يجوز، وتارة ينقل الخيار بالميراث وطوراً لا ينتقل يراجع في بيان ذلك السنهوري في مصادر الحق في الفقه ج 3 ص 288 318 .
ويتميز الفقه الحنفي عن بع ض المذاهب الفقهية الإسلامية الأخرى ببعض هذه المراتب فهو يتميز بمرتبة العقد الفاسد، ففي المذهب المالكي والشافعي والحنبلي : الفاسد والباطل سواء بخلاف المذهب الحنفي، فالفساد فيه مرتبة غير مرتبة البطلان ولهذا التمييز ما بين مرتبة الفساد مبرره المنطقي والعلمي مع ملاحظة أنه لا فارق بين فاسد عقد النكاح وباطله من حيث الأثر عند الحنفية.
أما مبرره المنطقي فلأن التمييز بين العقد الباطل والعقد الفاسد يقوم على التمييز بين أصل العقد ووصفه، وأصل العقد هو الركن وشرائطه وأما أوصاف العقد فيرجع أغلبها إلى المحل، والمنطقي أن يكون الجزاء عند تخلف الأصل أشد من الجزاء عند تخلف الوصف مع وجود الأصل، وهذا ما ذهب إليه الفقه الحنفي إذ جعل الجزاء في الأول البطلان وفي الثاني الفساد وبذا تكون السلسلة ذات حلقات منطقية ثلاث هي : ما كان غير مشروعاً لا بأصله ولا بوسعه فهو الباطل وما كان مشروعاً بأصله دون وصفه فهو الفاسد وما كان مشروعاً بأصله ووصفه فهو الصحيح.
وأما مبرره العلمي فهو الإقلال من حالات بطلان العقد وفتح الباب لتصحيح العقد، ذلك أن العقد الفاسد وإن كان الواجب رفعه للفساد ولا يسقط حق الفسخ بالإسقاط إلا أنه قابل للتصحيح وذلك بإزالة سبب الفساد. فإذا كان سبب الفساد الشرط الفاسد فأسقطه من جعل له أو الجهالة الفاحشة فأزيلت صح العقد، إذا كان رجال القانون يلجأون إلى كل باب يصححون به العقد بقدر الإمكان كانتقاص العقد أو تحويله فأولى ألا نعلق باباً يقوم على قواعد راسخة من المنطق والحاجات العملية من شأنه أن يترك مجالاً لتصحيح عقد قام أصله واختل وصفه.
وفي ذلك يقول السنهوري : ولا شك في أن تفريق الحنفية بين أصل العقد ووصفه والتمييز تبعاً لذلك بين العقد الباطل ووصفه والتمييز تبعاً لذلك بين العقد الباطل والعقد الفاسد، صناعة فقهية محكمة قد انفردوا بها.
السنهوري، مصادر الحق ج 4 صفحة 186 و 298 304 .
ويتميز الفقه الحنفي عن الفقه الشافعي وعن القانون بمرتبة العقد الموقوف، فالعقد الموقوف في الفقه الشافعي عقد باطل، والعقد الباطل يقابله في القانون العقد القابل للإبطال والفقه الإسلامي في صياغته للعقد الموقوف أكثر إحكاماً وأشد منطقاً من القانون يراجع السنهوري، مصادر الحق ج 4 صفحة، 290 294 و 304 307 .

المادة 209
العقد الصحيح هو العقد المشروع بأصله ووصفه بأن يكون صادراً من ذي صفة مضافا الى محل قابل لحكمه وله غرض قائم وصحيح ومشروع وأوصافه صحيحة ولم يقترن به شرط مفسد له.
المذكرة الإيضاحية :
العقد الصحيح ينعقد في الحال سبباً لحكمه فترتب عليه آثاره بمجرد انعقاده ، فلا تتأجل، سواء أكان مطلقاً أم مقترناً بشروط وذلك ما لم يكن معلقاً بشرط أو مضافاً إلى زمن مستقبل، ولم يكن غير نافذ بأن كان موقوفاً.
أنظر المادة 311 من مرشد الحيران والمادة 108 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادتين 167 أردني و 132 عراقي.

المادة 210
1. العقد الباطل ما ليس مشروعاً بأصله ووصفه بأن اختل ركنه أو محله أو الغرض منه أو الشكل الذي فرضه القانون لانعقاده ولا يترتب عليه أي اثر ولا ترد عليه الاجازة.
2. ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان وللقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه.
3. ولا تسمع دعوى البطلان بعد مضي خمس عشرة سنة من وقت إبرام العقد ولكن لكل ذي مصلحة أن يدفع ببطلان العقد في أي وقت.
المذكرة الإيضاحية :
يمكن إرجاع العناصر الجوهرية في العقد إلى جهات ثلاث :
أولاً : صيغة العقد أي التعبير عن الإرادة ويتم ذلك بإيجاب وقبول متطابقين في مجلس العقد وهذا التعبير عن الإرادة هو ركن العقد بل هو الركن الوحيد كما يقول صاحب البدائع.
وينطوي هذا الركن على عنصرين.
1. تطابق الإيجاب والقبول أي التراضي .
2. اتحاد مجلس العقد.
يضاف إلى ذلك القبض في بعض العقود والشكل في البعض الآخر .
ثانياً : العاقدان : والتعبير عن الإرادة يفترض بطبيعة الحال شخصاً يصدر عنه هذا التعبير، ولا يعتد بالتعبير إلا إذا صدر عن تمييز أي عن عقل فالطفل غير المميز والمجنون والمعتوه والمريض والسكران إلى حد فقد التمييز وغيرهم ممن عدموا التمييز لا يعتد بتعبيرهم وإذا صدر من أحدهم تعبير عن الإرادة فهذا التعبير لا وجود له شرعا مهما يكن له من وجود من حيث الواقع.
والعقد يفترض حتماً وجود عاقدين أحدهما يصدر منه الإيجاب والآخر يصدر منه القبول فالعقد لا يتم إلا بإرادة منفردة بل بإرادتين متطابقتين.
ومن ثم يمكن أن نستخلص من هذه الجهة الثانية عنصرين آخرين للعقد هما 1 التف رد 2 العقل أي التمييز.
ثالثاً : المعقود عليه أو محل العقد يشترط فيه :
1. أن يكون موجوداً أو ممكناً أي مقدور التسليم.
2. أن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين.
3. أن يكون صالحاً للتعامل فيه اي مالا متقوماً مملوكاً.
فإذا توافرت للعقد هذه العناصر السبعة وهي :
1. مطابقة القبول للإيجاب.
2. اتحاد مجلس العقد.
3. تعدد العاقد.
4. العقل أو التمييز .
5. محل مقدور التسليم .
6 محل معين أو قابل للتعيين .
7. محل صالح للتعامل فيه أي مال متقوم مملوك يضاف إليها أن يقصد بالعقد منفعة مشروعة أو السبب المشروع وأن يتحقق القبض أو الشكل إذا لزم هذا أو ذاك للانعقاد فإن العقد يكون قد أجتمع له ركناً وشرائطه أما إذا تخلف عنصر منها فإن العقد لا ينعقد ويكون باطلاً.
والعقد الباطل لا وجود له إلا من حيث الصورة فقط فليس له وجود شرعي ومن ثم فهو عدم والعدم لا ينتج أثراً فالعقد الباطل لا حكم له أصلاً لأن الحكم للموجود ولا وجود لهذا العقد إلا من حيث الصورة الكاساني 5 : 305 ففي البيع الباطل لا يملك المبيع ولو بالقب ض وفي الاجارة الباطلة لا يجب الأجر كما إذا استأجر أحد الشريكين شريكه لحمل طعام مشترك وفي الرهن لا يتعلق به الضمان ولا يملك الحبس للمدين كما لو رهن شيئاً بأجر نائحه أو مغنية ابن نجيم، الأشباه والنظائر صفحة 185 .
ويترتب على ما تقدم أن أحد العاقدين لا يملك جبر الآخر على تنفيذه . وإذا نفذ العاقد باختياره سواء أعلم بالبطلان أم لم يعلم به كان له أن يسترد ما سلمه تنفيذاّ للعقد. انظر الخانية على هامش الهندية 2 : 233 .
ولكن قد يترتب على العقد الباطل أثر لا كتصرف شرعي ولكن كواقعة مادية، فإذا قبض المشتري في البيع الباطل المبيع وهلك في يده كان مضموناً عليه في أحد الرأيين عند الحنفية الكاساني 5: 305 وابن الهمام القدير 5 : 187 188 وابن عابدين، رد المحتار 4: 163 ، وابن نجيم، البحر 6 : 72 والزيلعي، 4 : 44 وكذا في مذهب مالك الحطاب 4 : 38 ، والخرشي 5 : 85 93 . والزواج الباطل وهو الفاسد سيان عند الحنفية إذا اقترن بالدخول على الزوجة تترتب عليه آثار كواقعة مادية كدرء الحد وثبوت النسب ووجوب العدة والمهر الكاساني 5 : 335 .
ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان فلكل من المتعاقدين أن يتمسك به ضد المتعاقد الآخر فلا ينفذه، وضد الغير كالشفيع، ولغيرهما كذلك فالمرتهن له أن يتمسك ببطلان البيع الصادر من الراهن للعين المرهونة وللمستأجر أن يتمسك ببطلان البيع الصادر من المؤجر للعين المؤجرة، وكذا ورثتهما فإذا مات من صدر منه بيع باطل دخلت العين المبيعة في تركته وجاز لورثته أن يتمسكوا ببطلان البيع.
بل يجوز للقاضي أن يقضي ببطلان العقد من تلقاء نفسه ولو لم يطلب ذلك أحد. والعقد الباطل لا تلحقه الإجازة لأنها ترد على المعدوم وكل ما يمكن عمله هو أن يعاد العقد من جديد والفرق واضح بين إجازة العقد وعمل العقد من جديد.
وقد رؤي النص على عدم سماع دعوى البطلان إذا مضت خمس عشرة سنة على العقد استقراراً للمعاملات وقد رؤي في تحديد هذه المدة اتساقها مع التقادم الطويل المكسب للملكية، وقد رؤي في القانون أن يكون النص على عدم سماع الدعوى لا على " سقوط دعوى البطلان " عملاً بالمادتين 1660 و 1801 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وتراجع أيضاً المادة 110 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 313 من مرشد الحيران. وقد تضمن عجز المادة أن لكل ذي مصلحة أن يدفع ببطلان العقد في أي وقت.
وهذه المادة تقابل المواد 168 أردني و 141 مصري و 142 سوري.

المادة 211
1. إذا كان العقد في شق منه باطلا بطل العقد كله إلا إذا كانت حصة كل شق معينة فانه يبطل في الشق الثاني ويبقى صحيحاً في الباقي.
2. وإذا كان العقد في شق منه موقوفاً توقف في الموقوف على الإجازة فان أجيز نفذ العقد كله وان لم يجز بطل في هذا الشق فقط بحصته من العوض وبقي في النافذ بحصته.
المذكرة الإيضاحية :
تناولت هذه المسألة مسألة انتقاص العقد "بتعبير رجال القانون" و هي تضم صورتين .
أولاهما : صورة ما إذا بطل العقد في شق منه وصح في شق، فهل يبطل العقد في الشقين أم يصح في الصحيح ويبطل في الباطل.
والأخرى : صورة ما إذا كان العقد موقوفاً في شق منه ونافذاً في شق منه فهل يقف في الشقين جميعاً أم ينفذ في النافذ ويقف في الشق الموقوف على الإجازة ؟ فإن أجيز نفذ في الكل وإن لم يجز بطل في الشق الموقوف فقط.
مثال : الصورة الأولى أن يبيع شخص بعقد واحد حراً وعبداً أو شاة ذكية وأخرى ميتة.
مثال : الصورة الثانية أن يبيع شخص آخر بعقد واحد عبداً يملكه وعبداً لا يملكه أو يبيع أحد الشريكين كل الدار المشتركة بينهما دون أن يكون نائباً عن الآخر في بيع نصيبه.
في المذهب الحنفي تفصيل :
ففي الصورة الأولى خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه : فعند أبي حنيفة يبطل العقد فيهما مطلقاً وعند الصاحبين : أن بين ثمن كل واحد مهما جاز في الشق الثاني الصحيح وإلا فلا، ولأبي حنيفة أن الصفقة متحدة فلا يمكن وصفها بالصحة والفساد فتبطل وهذا لأن الحر والميتة لا يدخلان في العقد، لعدم شرطه وهو المالية، فيكون قبول العقد في الحر والميتة شرطاً لجواز العقد في العبد والذكية فيبطل، وعندهما إذا بين ثمن كل واحد منهما صار صفقتين فيتقدر الفساد بقدر المفسد بخلاف ما إذا لم يسم لكل واحد ثمناً لأنه يبقى بيعاً بالحصة ابتداء وهو لا يجوز.
وفي الصورة الثانية خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه من ناحية وزفر من ناحية أخرى، فعند زفر لا يصح لأن محل العقد المجموع، ولا يتصور ذلك لانتفاء المحلية في شق منه، وقد جعل قبول العقد فيه شرطاً لصحة العقد في الشق الآخر، فيفسد كما هو الشأن في الصورة الأولى وعندهم العقد فيما يخص ملكه نافذ، وفيما يخص ملك الغير موقوف.
والفرق بين الصورتين عند أبي حنيفة مطلقاً، وعند صاحبيه إذا لم يفصل، أنه في الصورة الثانية يدخل الشق الذي وقف العقد فيه في العقد ثم ينقضي في حقه.
فينقسم الثمن عليهما حال البقاء وهو غير مفسد أما في الصورة الأولى فلا يدخل الشق الذي بطل العقد فيه، في العقد أصلاً فلو أجيز البيع فيما ضم إليه لكان بيعاً بالحصة ابتداء فلا يجوز لجهالة الثمن عند العقد الزيلعي 4 : 60 61 ، والسرخسي المبسوط 13 3 5 وابن نجيم البحر 6 : 90 91 والهندية 3 : 131 133 . وفي المذاهب الأخرى تفصيل وخلاف مع جواز مبدأ الانتقاص.
وتراجع في المذهب المالكي : ابن جزي القوانين الفقهية 1 : 260 ، وفي المذهب الشافعي، الشيرازي، المهذب 1 : 269 293 والغزالي، الوجيز 1 : 140 وفي المذهب الحنبلي، المغني 4 : 291 293 ومصادر الحق . 157 151 : 4
وقد رؤي الأخذ في المشروع برأي الصاحبين سواء في حالة بطلان شق من العقد أو توقف النفاذ في شق منه.
ورأي الصاحبين يوافق في الصورة الأولى صورة بطلان العقد في شق منه، رأي الإمام أبي حنيفة إذا لم يبين العوض لكل شق، ويخالفه إذا بين عوض كل شق حيث يرى الإمام أن العقد كله يبطل، ويريان أنه يصح في هذا الشق بقسطه من الثمن وفي الصورة الثانية صورة توقف النفاذ في شطر من العقد، يوافق رأيهما رأي الإمام ويخالف رأي زفر على ما تقدم.
فنظرية انتقاص العقد كما يسميها رجال القانون معروفة في الفقه الإسلامي ولكن المعيار فيه موضوعي بخلاف المعيار في القانون فهو ذاتي ذلك أنه في القانون نبحث في نية المتعاقدين لنعرف هل كانا يريدان أن يتم العقد بغير الشق الذي وقع باطلاً أو كانا لا يريدان ذلك، ففي الحالة الأولى ينتق ص العقد، وفي الحالة الثانية يبطل العقد كله فالمسألة إذن مردها إلى نية المتعاقدين وهذا معيار ذاتي، أما الفقه الإسلامي فالمعيار فيه موضوعي وهو بيان العوض لكل شطر أو عدم بيانه سواء كان شق العقد الذي يراد انتقاصه باطلاً أو موقوفاً على ما تقدم وكذا في حالة الفساد على ما نص عليه في العقد الفاسد.
وهذه المادة تقابل المواد 169 أردني و 143 مصري و 144 سوري و 139 عراقي .

العقد الفاسد
نظرة عامة :
يعرف الفقه الحنفي إلى جوار ركن العقد وشرائط انعقاده، أوصاف العقد، فإذا وجدت هذه الأوصاف بعد الركن وشرائط الانعقاد، كان العقد صحيحاً وإذا أختلت هذه كلها أو بعضها رغم توافر الركن وشرائط الركن وشرائط الانعقاد فسد العقد ولا يوجد في القانون ما يقابل العقد الفاسد لعدم وجود مبرره.
وأسباب الفساد كثيرة منها : الغرر في أوسع معانيه، والربا وشبهة الربا واقتران العقد بشرط فاسد والضرر في تسليم المعقود عليه، والإكراه عند الإمام وصاحبيه .
وقد عمل الفقهاء على التخفيف من آثار الفساد بصناعة فقهية رائعة وذلك عن طريق :
1. ابتداع فكرة العقد الفاسد ذاتها.
2. جعل العقد الفاسد ينتج آثاراً هامة لحماية الغير وحماية العاقد نفسه بل وتصحيح العقد ذاته بإزالة المفسد.
3. ظهور تيار يزيد في أبعاد العقد الفاسد عن العقد الباطل وفيما يلي بيان هذه الطرق الثلاثة:
1. ابتداع فكرة العقد الفاسد ذاتها :
انفراد الفقه الحنفي بفكرة العقد الفاسد، إذ أراد في الواقع أن يعزل جملة من الأسباب عن أن تكون أسباباً لبطلان العقد فهو بتمييزه بين الأصل والوصف جمع تحت الوصف الغرر والربا والشرط الفاسد وعزلها عن أصل العقد وجعل حكمها غير حكم الأركان والشرائط فميز بذلك بين ما عده أصلاً في العقد إذ جعل أي خلل فيه يصيب العقد بالبطلان وبين ما عدّه وصفاً فأنزله منزلة أقل شأناً من منزلة الأصل، بعد ذلك أضعف الأثر الذي يترتب على الغرر والربا والشرط الفاسد تحت ستار العقد الفاسد.
والمذاهب الأخرى لم تتابع الفقه الحنفي في التمييز بين العقد الفاسد والعقد الباطل بل خلطت بين النوعين فأصبح الغرر والربا والشرط كلها أسباباً لبطلان العقد ولا يتميز في البطلان عقد باشره مجنون وعقد اقترن بشرط نافع لأحد العاقدين إلا أن المذهب المالكي وإن لم يميز بين العقد الفاسد والباطل فإنه ميز في البيع بين العقد المحرم والمكروه فالمحرم إذا فات مضى بالقيمة والمكروه إذا فات انقلب صحيحاً وربما انقلب صحيحاً بالقبض لخفة الكراهية فيه بداية المجتهد 2 . 161 :
2. العقد الفاسد في المذهب الحنفي لا ينتج في الأصل أثراً وأنه مستحق الفسخ وأن الملك الذي يفيده البيع الفاسد بالقبض ملك مستحق الفسخ ومضمون بالقيمة لا بالمسمى ولا يفيد إلا إطلاق التصرف دون الانتفاع بعين المملوك، بالرغم من ذلك كله يقوم العقد الفاسد بدور هام في حماية الغير وفي حماية العاقد نفسه.
فهو بعيد عن أن يكون عقداً باطلاً لا أثر له والمشتري الذي يشوب سند ملكيته غرر أو ربا أو شرط فاسد ليس كالمشتري الذي يشوب سند ملكيته عيب في اصل العقد كأن يكون محل العقد غير مال أو مال غير متقوم أو أن يكون العاقد فاقد التمييز فهذه الأسباب ترجع إلى أصل العقد وهي أخطر بكثير من الأسباب التي ترجع إلى وصف العقد من غرر أو ربا أو شرط فاسد.
فالعقد الفاسد يحمي الغير إذ المشتري بعقد فاسد إذا تصرف في العين المشتراة بعد قبضها كان الغير الذي تصرف له المشتري آمناً أن تسترد العين من يده وفي هذا حماية كبيرة للغير لاسيما عندما لا تكون هناك وسائل للإعلان تنبه الغير الذي يعامل المشتري بعقد فاسد إلى فساد عقده على كثرة أسباب الفساد وتنوعها وقد اقتضت الصياغة الفقهية لتحقيق هذا الغرض افتراض ملكية تنتقل إلى المشتري بعقد فاسد ولكنها ملكية لا تبيح للمشتري أن ينتفع بعين المملوك بل هي ملكية الغرض منها تصحيح التصرف الذي يصدر من المشتري إلى الغير فتنتقل إلى المشتري من ملكية صحيحة تمنع استرداد العين من تحت يده وذلك بفضل هذه الملكية الخبيثة التي انتقلت من البائع إلى المشتري بعقد فاسد.
والعقد الفاسد يحمي العاقد نفسه فهو يحمي المشتري إذا زاد المبيع بعد قبضه زيادة غير معزولة من المبيع ولكنها متصلة فيه فيمتنع على البائع حق الفسخ وكذا إذا غير المشتري من صورة المبيع تغييراً يخرجه عن صورته الأولى ففي هاتين الحالتين تستقر ملكية باتة غير مهددة بالفسخ ولو أنها انتقلت إليه بعقد فاسد . هذا إلى أنه إذا أزيل منه المفسد انقلب صحيحا وانتج اثره لا كواقعة مادية بل كتصرف شرعي.
وهناك تيار آخر في الفقه الحنفي لا يكتفي بما تقدم بل يرمي إلى التأكيد من قوة العقد ويبعد العقد الفاسد عن الباطل ويجعل المشتري بعقد فاسد لا يملك التصرف في العين فحسب بعد قبضها بل يملك العين نفسها بالقبض كما يملك التصرف فيها وإذا كان لا يحل له الانتفاع بعين المملوك فسبب ذلك هو أن الانتفاع به إعراض عن الرد وهو واجب شرعاً الزيلعي 4 : 62 وابن نجيم، البحر 6 : 92 93 فهذا التيار الآخر يزيد في إبعاد العقد الفاسد عن العقد الباطل ويقربه من الصحيح من حيث إفادة المالك فهو يجعل العقد الفاسد يفيد ملكاً كاملاً ينتفع به المالك ولكنه يجعل هذا الانتفاع محرماً أو مكروهاً ومرجع التحريم أو الكراهة في الغالب أسباب دينية : وهو يتخفف من الفساد عن طريق الانتقاص من آثارها وعن طريق التقريب بين العقد الفاسد والعقد الصحيح النافذ فكلاهما نافذ يفيد الملك الكامل وعن طريق جعل العقد الفاسد اقرب إلى العقد المكروه منه إلى العقد الباطل واعتبار أن أسباب الفساد هي أسباب دينية فتوجب الكراهية ولا توجب البطلان.
السنهوري، مصادر الحق 4 : 298 304 .

المادة 212
1. العقد الفاسد هو ما كان مشروعا بأصله لا بوصفه فإذا زال سبب فساده صح.
2. ولا يفيد الملك في المعقود عليه إلا بقبضه.
3. ولا يترتب عليه اثر إلا في نطاق ما تقرره أحكام القانون.
4. ولكل من عاقديه أو ورثتهما حق فسخه بعد إعذار العاقد الآخر.
المذكرة الإيضاحية :
العقد الفاسد مرتبة من مراتب البطلان لا يعرفها إلا الفقه الحنفي والزيدي.
أما المذاهب الثلاثة الأخرى والإمامية فلا تميز بيع العقد الفاسد والعقد الباطل فكلاهما عقد باطل تدعوه تارة بالبطلان وطوراً بالفساد.
والفقه الحنفي بين التمييز بين البطلان والفساد على الوجه الآتي :
أن العناصر السبعة يضاف إليها المقصد وهو ما يسمى في القانون بالسبب والقبض أو الشكل التي تقدم ذكرها مطلوبة لانعقاد العقد ولكنها لا تكفي لصحته بل يجب أن تضاف إلى هذه العناصر أوصاف معينة وجودها ضرورة لصحة العقد.
أما تطابق الإيجاب والقبول واتحاد مجلس العقد وعنصر التعدد فهي عناصر كاملة بذاتها وليست في حاجة إلى وصف يكملها.
أما عنصر التمييز الذي يقوم عليه التراضي فيجب أن يكمله وصف لازم لصحة العقد أو نفاذه على الخلاف وخلو الرضا من الإكراه، بقيت العناصر الثلاثة التي ترجع إلى محل العقد وهي: 1. أن يكون المحل موجوداً مقدور التسليم وهذا العنصر في حاجة كي يكمل إلى وصفين.
فالوجود يجب ألا يدخله الغرر والعقد الذي ينطوي على غرر يكون فاسداً.
والقدرة على التسليم يكملها أن تكون هذه القدرة من غير ضرر فإن كان المحل مقدور التسليم ولكن في تسليمه ضرر انعقد العقد فاسداً للضرر الذي يترتب على التسليم.
2. أن يكون المحل معيناً أو قابلاً للتعيين وهذا العنصر أيضاً في حاجة إلى وصف يكمله هو نفس الوصف الذي يكمل وجود المحل وهو انتفاء الغرر فيجب أن يكون المحل خالياً من الغرر في وجوده وفي تعيينه.
3. أن يكون المحل صالحاً للتعامل فيه وهذا العنصر في حاجة إلى وصفين يكملانه هما :
- أن يكون المحل خالياً من الشرط الفاسد.
- أن يكون خاليا من الربا.
- فالأسباب التي تجعل العقد فاسداً في المذهب الحنفي بالرغم من انعقاده خمسة هي :
1. الإكراه على رأي وقد أخذ المشرع برأي زفر أنه يوقف نفاذ العقد.
2. الغرر .
3. الضرر الذي يصحب التسليم .
4. الشرط الفاسد .
5. الربا .
وهذه الأسباب تجعل العقد باطلاً في المذاهب الأخرى .
3. والعقد الفاسد وإن كان منعقداً إلا أنه عقد منهي عنه والأصل فيه أنه لا ينتج أثراً ومن ثم لا تلحقه الإجازة ويجوز لكل من المتعاقدين أن يتمسك بفسخه بل يجب فسخه.
ولا يحتاج الفسخ إلى قضاء القاضي . ويكفي أن يقول أحد العاقدين فسخت أو نقضت أو رددت أو أية عبارة في هذا المعنى فينفسخ العقد وليس من الضروري أن يكون الفسخ بالقول فأي فعل يدل على نية الفسخ يفي كما لو أستأجر المشتري المبيع من البائع أو باع البائع المبيع إلى مشتر آخر.
وكل ما يشترط لصحة الفسخ عند أبي حنيفة ومحمد أن يكون بمحضر من العاقد الآخر، أما عند أبي يوسف فالفسخ جائز حتى في غيبة العاقد الآخر، والسبب في أن الفسخ يتم دون حاجة إلى قضاء به أن العقد الفاسد إنما أستحق الفسخ.
حقاً لله عز وجل لما في الفسخ من رفع الفساد حق لله تعالى عن الخلوص فيظهر في حق الكل، فكان فسخاً في حق الناسكافة، فلا تقف صحته على القضاء ولا على الرضا الكاساني 5 : 300 .
وقد رؤي في المشروع الأخذ بالمقصود من رأي أبي حنيفة ومحمد وهو إعلام الطرف الآخر بالفسخ كي يكون على بينة من الأمر.
وإذا مات أحد المتعاقدين، كان لورثته حق الفسخ مكانه لأن الثابت للوارث عين ما كان للمورث، وإنما هو خلفه قائم مقامه، ويفسخ البائع في مواجهة ورثة المشتري كما يفسخ المشتري في مواجهة ورثة البائع.
هذا قبل التنفيذ أما بعد التنفيذ، كالقبض يأذن البائع في المبيع الفاسد فيجب التمييز بين حالتين :
إما أن يكون الفساد راجعاً إلى البدل وإما أن يكون راجعاً إلى غير البدل مما هو ليس في صلب العقد كشرط فاسد.
فإذا كان راجعاً إلى البدل كالبيع بالخمر والخنزير كان لكل من العاقدين حق الفسخ كما كان لهما ذلك قبل القبض لأن الفساد الراجع إلى البدل بتعبير الكاساني فساد في صلب العقد ألا ترى أنه لا يمكن تصحيحه بخلاف هذا المفسد لما أنه لا قوام للعقد إلا بالبدلين فكان الفساد قوياً فيؤثر في صلب العقد بسلب اللزوم عنه، فيظهر عدم اللزوم في حقها جميعاً الكاساني 5 : 300 .
وإن كان راجعاً إلى شرط فاسد، فقد اختلف الرأي .
فرأي يذهب إلى أن كلا من العاقدين يملك حق الفسخ أيضاً كما في الحالة الأولى، ورأي يذهب إلى أن صاحب المنفعة في الشرط وحده هو الذي يملك الفسخ، فإن أسقط شرطه زال سبب الفساد وانقلب العقد صحيحاً ولا يملك الطرف الآخر حق فسخ العقد .
والقول الأول قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله والقول الثاني قول محمد رحمه الله الكاساني 5 : 300 .
ويخلص مما تقدم في حق العاقدين في فسخ العقد الفاسد أنه إذا كان الفساد في صلب العقد كان لكل من العاقدين فسخه قبل القبض وبعده، أما إذا كان الفساد لشرط فاسد، فقبل القبض
يكون لكل من العاقدين فسخه إلا إذا زال الفساد بتراضيهما وبعد القبض يستقل بالفسخ من له منفعة في الشرط على قول محمد، وأما على قول أبي حنيفة وأبي يوسف فلكل من العاقدين حق الفسخ إلى أن ينزل صاحب الشرط على شرطه، قال في فتح القدير 5 : 231 " إذا كان الفساد في صلب العقد .... فيملك كل فسخه، وإن كان الفساد بشرط زائد، كالبيع على أن يقرضه ونحوه أو إلى أجل مجهول، فكل واحد يملك فسخه قبل القبض وأما بعد القبض فيستقل من له منفعة الشرط والأجل بالفسخ كالبائع في صورة الاقتراض والمشتري في الأجل بحضرة الآخر دون من عليه عند محمد وعندهما لكل منهما حق الفسخ لأنه مستحق حقاً للشرع فانتفى اللزوم عن العقد " وانظر أيضاً الفتاوى الخانية 2 : 167 .
وقد رؤي في المشروع الأخذ برأي من يجعل الفسخ لكل من العاقدين.
2. ولا يجوز لأي من العاقدين النزول عن حق الفسخ لأن العقد الفاسد لا ترد عليه الاجازة كما تقدم فإذا أسقط عاقد حقه في الفسخ أو أجاز العقد صراحة أو ضمناً، فإنه يستطيع بالرغم من ذلك أن يفسخ العقد ولا يعتد لا بإسقاطه حقه في الفسخ ولا باجازته للعقد، وفي ذلك يقول الكاساني 5 : 301 الفسخ في البيع الفاسد لا يبطل بصريح الابطال والإسقاط، بأن يقول ابطلت وأسقطت أو أوجبت البيع أو ألزمته، لأن وجوب الفسخ ثبت حقاً لله تعالي دفعاً للفساد لله تعالى خالصاً لا يقدر العقد على اسقاطه مقصوداً. 
وإذا كان العقد الفاسد يستحق الفسخ فإنه يستحقه لغيره لا لعينه حتى لو أمكن دفع الفساد بدون فسخ العقد لا يفسخ وينقلب صحيحاً، مثل ذلك أن يكون الفساد لجهالة الأصل فإما أن يعينه العاقدان قبل انفضاض مجلس العقد أي قبل أن يتمكن الفساد وإما أن يسقطاه أصلاً بعد انقضاء مجلس العقد وتمكن الفساد، فيزول المفسد في الحالتين وينقلب العقد صحيحاً، كذلك يجوز تصحيح العقود الربوية بإزالة الربا عنها، وتصحيح العقود المقترنة بشروط فاسدة بإسقاط هذه الشروط، كذلك بيع ما في تسليمه ضرر إذا نزعه البائع أو قطعه وسلمه إلى المشتري قبل أن يفسخ المشتري البيع انقلب العقد صحيحاً وأجبر المشتري على الأخذ لأن المانع قد زال هذا إذا كان التصحيح حكماً كما هو الأمر في الأمثلة السابقة أما إذا كان الفساد راجعاً إلى البدل نفسه بأن كان الثمن مثلاً خمراً أو خنزيراً فقد تمكن الفساد في صلب العقد ويبقى العقد فاسداً غير قابل للتصحيح ولو بإتفاق العاقدين.
4. ولا يترتب على العقد الفاسد أثر إلا ما يرتبه القانون، فلا يجبر العاقد على التنفيذ فإذا كان العقد الفاسد بيعاً فإن المشتري لا يستطيع إجبار البائع على تسليم المبيع ولكن البائع يستطيع بإختياره واذنه أن يجعل المشتري يقبض المبيع قبضاً صحيحاً .
ويجب أن يكون التنفيذ باذن العاقد الآخر، فإذا كان العقد بيعاً فلا يصبح القبض بغير اذنه بأن ينهي المشتري عن القبض أو بأن يقبض المشتري المبيع بغير محضر منه، ودون اذنه فإن لم ينهه ولا اذن له في القبض صريحاً فقبض المشتري المبيع بحضرة البائع فهناك رأي يذهب إلى أن قبض المشتري المبيع بحضرة البائع دون ان ينهاه عن القبض يكون اذنا دلالة فيعتد بالقبض والرأي المشهور أنه لابد من الاذن الصريح وإلا كان القبض غير صحيح الكاساني 5 : 304 . 305
ولا يشترط اذن البائع إذا قبض المشتري المبيع في مجلس العقد ولم يمنعه البائع من قبضه لأن البيع تسليط منه على القبض، فإذا قبضه بحضرته قبل الافتراق ولم ينهه كان بحكم التسليط السابق الخانية 2 : 169 وفتح القدير، 5 : 23 والزيلعي 4 : 61 ، والبحر 6 : 92 .
ولا يترتب على العقد الفاسد أثر قبل القبض فالبيع الفاسد مثلاً لا يترتب عليه أثر قبل القبض فإذا حصل القبض باذن البائع ثبت الملك للمشتري في المبيع في الجملة ولكنه ملك من نوع خاص فهو ليس ملكاً مطلقاً كالملك الذي يفيده العقد الصحيح بل هو ملك يستحق الفسخ، ومضمون بالقيمة لا بالمسمى ويفيد انطلاق التصرف دون الانتفاع بعين المملوك، أما التصرف الذي منه انتفاع بعين المملوك كأكل الطعام ولبس الثوب وركوب الدابة وسكنى الدار والإستمتاع بالجارية فلا يحل.
وفي بعض نصوص الفقه الحنفي ما يؤدي أن المشتري بعقد فاسد يملك العين بعد القبض كما يملك التصرف فيها وفي بعضها ما يبرر أن المشتري بعد القبض انما يملك التصرف دون العين وان الملك الذي ينتقل إليه بالقبض هو ملك خبيث لا يفيد إطلاق الانتفاع بعين المملوك .
انظر ابن نجيم البحر الرائق 6 : 92 93 و الكاساني 5 : .304
والملك الذي ينتقل إلى المشتري بالقبض هو ملك من نوع خاص إذ أنه مستحق الفسخ مضمون بالقيمة لا يفيد حل الانتفاع بعين المملوك ولكنه يفيد في أمرين.
أولهما : إذا تصرف المشتري في المبيع المقبوض بعقد فاسد ببيع أو هبة أو صدقة بطل حق الفسخ وانتقل الملك للمشتري الثاني أو للموهوب أو المتصدق عليه ولا يستطيع البائع أن يسترد المبيع من تحت يد أحد من هؤلاء كما كان يستطيع استرداده من المشتري ولكنه لا يرجع على المشتري بالثمن بل بالقيمة يراجع الكاساني 5 : 300 302 وابن نجيم، البحر 6 : 93 95 .
ثانيهما : إذا تغير المبيع المقبوض في بيع فاسد بالزيادة أو النقص أو في الصورة فتارة يمنع الفسخ وتارة لا يمنع على تفصيل ليس هنا محله.
فتح القدير 5 : 231 و 235 236 ، والزيلعي 4 : 62 ، والبحر 6 : 93 و 96 ، والكاساني 5 : 302 304 وتراجع المادة 109 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 312 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 170 أردني. ن يستر

7 العقد الموقوف والعقد غير اللازم
نظرة عامة :
كي يتم الربط بين العاقد من جهة وصيغة العقد ومحله من جهة آخرى يجب أن يكون للعاقد ولايتان أحدهما الولاية على محل العقد والآخر الولاية على نوع التصرف . والأولى تتحقق بأن يثبت للعاقد حق الملك في هذا المحل أو النيابة عن المالك ولا يتعلق بالمحل حق للغير كأن يكون مرهوناً أو مستأجراً، فغير المالك أي الفضولي ليست له الولاية على محل العقد، ومالك العين المرهونة أو المستاجر ليست له ولاية كاملة على محل العقد لتعلق حق المرتهن أو المستأجر به.
والولاية الثانية تتحقق بإستكمال العاقد القدر الواجب من التمييز لنوع التصرف الذي يباشره، وذلك أن من التصرفات ما يكفي فيه مجرد التمييز ومنها ما لا يكفي فيه مجرد التمييز بل فيه بلوغ سن الرشد.
فإذا تخلفت إحدى الولايتين كان العقد موقوفاً أي غير نافذ رغم أنه صحيح فالعقد الموقوف عقد انعقد وصح لتوافر ركنه وشروط انعقاده وصحته ولكن تنقصه إحدى الولايتين : الولاية على محل العقد أو الولاية على نوع التصرف .
ويذهب إلى القول بالعقد الموقوف، الحنفية والمالكية ورواية عن أحمد بن حنبل وفي المذهب الحنفي رأي يذهب إلى أن العقد الموقوف من قسم العقد غير الصحيح ولكن الراجح أنه من الصحيح انظر ابن نجيم، البحر 6 : 7.
وينكر العقد الموقوف ويعتبره باطلاً المذهب الشافعي والرواية الأخرى في المذهب الحنبلي ففيهما العقد الموقوف والفاسد والباطل سواء بناء على أن الملك والأهلية من عناصر الإنعقاد لا من عناصر النفاذ وقد أخذ المشرع برأي الحنفية والمالكية وبالرواية الموافقة لهما عند الحنابلة.
ومعنى أن التصرف موقوف أنه لا ينتج أثره قبل الاجازة فإن أجيز نفذ وإن لم يجز بطل، فمعنى وقف العقد ألا يترتب على إنشائه أي أثر من آثاره على الرغم من أنه صحيح ومعنى النفاذ أن يستتبع العقد آثاره .
فالتصرف في فترة وقفه لا يكون له وجود مادي فحسب بل يكون له وجود قانوني لأنه انعقد صحيحاً، ولكن هذا الوجود القانوني لا يترتب عليه آثاره، فهو من هذه الناحية يقارب العقد الباطل ولكنه يفارقه في أن الآثار موقوفه لا منعدمة وهي على خطر النفاذ أو الزوال فإن اجيز نفذ وتميز عن التصرف الباطل تمييزاً كبيراً إذا أصبح تصرفاً نافذ الأثر وإن تخلفت الاجازة أنعدم واختلط بالتصرف الباطل فأصبح باطلاً مثله.
وحالات العقد الموقوف كثيرة متعددة حتى قيل أن عددها وصل إلى ثمان وثلاثين حالة ولكن عند التحقيق يتبين أن كثيراً من هذه الحالات لا يكون الموقوف فيها النفاذ بل الإنعقاد أوالصحة أو اللزوم والمقصود هنا هو الموقوف النفاذ.
يراجع في ذلك : العقد الموقوف، مقال منشور في مجلة القانون والاقتصاد العدد الأول والثاني من السنة الخامسة والعشرين صفحة 122 128 ، والسنهوري مصادر الحق ج 4 ص 137 140 .
والعقد الموقوف في الفقه الإسلامي يقابله في القوانين المدنية العقد القابل للإبطال فكلاهما يواجه نفس حالات الولاية على التصرف والولاية على المحل أي عقد ناقص الأهلية والتصرف في ملك الغير.
والقوانين المدنية تواجه عيوب الإرادة بالعقد القابل للإبطال ويواجهها الفقه الإسلامي بالعقد الموقوف أو بالعقد غير اللازم .
فعقد ناقص الأهلية وبيع الفضولي أو بيع ملك الغير موقوف في الفقه الإسلامي وقابل للإبطال في القوانين المدنية والعقد الموقوف صورة عكسية من العقد القابل للإبطال إذ العقد الموقوف باطل حتى ينفذ بالإجازة أما العقد القابل للإبطال فهو نافذ حتى يبطل بعدم الإجازة .
وعند المفاضلة يتبين أن الفقه الإسلامي في التجائه لفكرة العقد الموقوف أرقى من القوانين المدنية إذ أن في الحالتين حالة نقص الأهلية، حالة بيع الفضولي، والقول بوقف العقد حتى يجاز أولى من القول بالنفاذ حتى يبطل، وقال السنهوري مصادر الحق 4 : 306 أن الأولى بهذا الفقه الفقه الغربي أن يستعير من الفقه الإسلامي فكرة العقد الموقوف فيجعل العقد المشوب بالغلط أو التدليس أو الإكراه موقوفاً لا قابلاً للإبطال.
وهناك سبب آخر لرجحان العقد الموقوف على العقد القابل للإبطال بخصوص بيع ملك الغير أو تصرف الفضولي إذ الفقه الإسلامي عالج حكمه بفكره العقد الموقوف سواء بالنسبة للمالك أو الفضولي، أما في القوانين المدنية فقد جعله قابل للإبطال بالنسبة للفضولي واحتاج إلى فكرة عدم سريان التصرف بالنسبة للمالك.
فالفقه الغربي أحتاج للفكرتين معاً : فكرة القابلية للإبطال وفكرة عدم السريان بالنسبة للمالك،فبيع ملك الغير في القانون قابل للإبطال لصالح الفضولي فهو يملك إبطاله وإجازته وفي الحالتين لا يسري في حق المالك الحقيقي إلا إذا أجازة المالك الحقيقي وفي هذا خروج عن الصيغة القانونية نفسها فإن المعهود في العقد القابل للإبطال أن الذي يبطل ويجيز هو وحده العاقد الذي تقرر البطلان لمصلحته، وهناك يملك غير العاقد اجازة العقد فيصبح في حق المشتري نفسه ومن ثم كان حكم بيع ملك الغير لا يزال مش كلة تحير الباحثين في الفقه الغربي ولو استعار الفقه الغربي من الفقه الإسلامي فكرة العقد الموقوف وواجه بها بيع ملك الغير لأفاد كثيراً في ذلك فيكون العقد موقوفاً لا في حق المشتري وحده ولا في حق البائع وحده بل أيضاً في حق المالك ولكانت اجازة العقد تقتصر على المالك فلا يملك المشتري اجازته، وكل هذه أحكام أكثر ملاءمة لحالة العقد وهي أحكام تستمد من نظم العقد الموقوف ولا تستمد من نظام العقد القابل للإبطال.
وقد عرض المشرع لحالات الوقف ولمن تكون الاجازة وكيفيتها وشروطها وأثرها وأثر رفضها.

أ العقد الموقوف
المادة 213
يكون التصرف موقوف النفاذ على الاجازة إذا صدر من فضولي في مال غيره أو من مالك في مال له تعلق به حق لغيره أو من ناقص الأهلية في ماله وكان تصرفه دائراً بين النفع والضرر أو من مكره أو إذا نص القانون على ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
قال الكاساني 5: 148 و 155 أنه يشترط لنفاذ العقد الملك أو الولاية وأن يكون في المبيع حق لغير البائع وقال في الفتاوى الهندية 3 : 3 أن شرائط النفاذ نوعان : أحدهما الملك أو الولاية والثاني أن لا يكون في المبيع حق لغير البائع فإن كان لا ينفذ كالمرهون والمستأجر.
وبإستقراء التصرفات الموقوفة يتبين أنها اما تصرفات في مال الغير أو تصرفات في مال النفس وفي التصرفات في مال الغير إما أن يكون المتصرف لا يملك ولاية التصرف أصلاً وإما أن يملكها ولكنه خالف الحدود المرسومة له وهذا الخلاف إما أن يكون من حيث الأشخاص أو من حيث الموضوع وفي التصرفات في مال النفس، أما أن يكون المتصرف ناقص الأهلية أو شاب إرادته إكراه على رأي زفر وإما أن يكون كاملها ولكن تعلق بالمال المتصرف فيه حق الغير.
فبالنسبة لمال الغير :
إما أن المتصرف لا يملك التصرف أصلا وإما أنه يملكه ولكن خرج عن الحدود المرسومة له .
أ. تصرف من لا يملك التصرف أصلاً : لا يملك التصرف أصلاً الفضولي والمرتد على خلاف فيه.
1. الفضولي : إذا تصرف الشخص في مال الغير بدون ولاية له يكون العقد غير نافذ وهذا هو الفضولي، فالفضولي هو من يتصرف بدون اذن شرعي في حق غيره التنوير 4:141 والبحر 6:160 والفرض أنه يتصرف في مال غيره لحساب صاحبه لا لحساب نفسه وإلا كان غاصباً وتصرفاته موقوفة بالشروط الآتية :
أن يكون ما صدر عن الفضولي تصرفاً شرعياً .
ألا يجد التصرف نفاذاً في حق العاقد نفسه لأن الاجازة
تلحق الموقوف لا النافذ وعلى هذا يخرج الشراء للغير اذ ينفذ المشتري الفضولي بشرط أن يضاف الشراء إليه وأن يكون المشتري الفضولي من أهل لزوم العهدة كما سيأتي في موضعه.
أن يكون التصرف مما يقبل الاجازة فإن لم يكن مما يقبل بأن كان باطلاً مثلا فإنه لا ينعقد موقوفاً كأن يهب شخص مال اليتيم .
أن يكون للتصرف مجيز عند التصرف بمعنى أن يوجد من له ولاية التصرف من مالك أو ولي أو وصي ولو لم يجز بالفعل فإن لم يوجد مجيز فإن العقد يكون باطلاً لا تلحقه اجازة.
ومن صور تصرفات الفضولي :
بيع مال الغير .
اجازة الشيء المملوك للغير .
ويلاحظ أن الفضولي في الفقه الإسلامي يختلف عنه في القانون ففي القانون الفضولي هو من يقوم بحاجة ضرورية عاجلة لرب العمل تفضلاً منه فيرجع عليه بما أنفق في ذلك، أما الفضولي في الفقه الإسلامي فهو من يتدخل في شئون الغير دون توكيل أو نيابة وليس من اللازم أن يقوم بحاجة ضرورية عاجلة.
2. المرتد : وتصرفاته عند أبي حنيفة موقوفة ولكنها عند الصاحبين صحيحة نافذة كما لو صدرت من المسلم.
ب. مخالفة من يملك التصرفات نيابة عن غيره للحدود المرسومة له : 
1. من حيث الأشخاص : بيع أحد الوكيلين أو الوصيين أو الناظرين بحضرة الآخر فإنه يتوقف على اجازته وإن كان بغيبته فباطل وبيع وكيل الوكيل بلا اذن فإنه موقوف على اجازة الوكيل الأول .
2. من حيث الموضوع : شراء الوكيل نصف عبد وكل في شرائه كله فإنه موقوف فإن أشترى الباقي قبل الخصومة نفذ على الموكل.
وبالنسبة لمال النفس : يكون موقوفاً من هذا النوع.
1. تصرف ناقص الأهلية : إذا كان تصرفاً دائراً بين النفع والضرر كالبيع والاجارة .
2. تصرف من عيبت إرادته بإكراه على قول زفر.
3. التصرف فيما تعلق به حق الغير كبيع المرهون والمستاجر والأرض المعطاة مزارعة وبيع المريض لوارثه.
يمكن رد حالات العقد الموقوف إلى أحد سببين، سبب يتعلق بالأهلية وسبب يتعلق بالمحل، أما السبب الذي يتعلق بالأهلية فيتمثل في الصبي المميز ويندرج تحته المعتوه المميز والسفيه وذو الغفلة وكذلك المكره في قول زفر من حيث أن إرادته ناقصة كإرادة ناقص الأهلية والفرض بأنه يتصرف في ماله هو، أما السبب الثاني الذي يتعلق بالمحل فيتمثل في الفضولي ويندرج تحته : البائع إذا باع مرة أخرى من غير مشتريه، والغاصب والمرتد والنائب، ووكيل النائب إذا جاوز الحدود المرسومة للنيابة، ومالك العين المرهونة أو العين المؤجرة أو العين المعطاه مزارعة إذا كان البذر من قبل العامل، والمريض مرض الموت إذا باع لوارثه، ووصي الميت إذا باع للوارث والوارث إذا باع لمورثه المريض والورثة إذا باعو التركة المستغرقة.
ويلاحظ أن الإكراه يجعل التصرف في الفقه الإسلامي يتدرج في مذاهبه على جميع المراتب من البطلان إلى عدم اللزوم، فهو يبطله عند الحنابلة وعند الشافعي والباطل والفاسد والموقوف عنده سواء.
وهو يفسده عند أبي حنيفة وصاحبيه.
ويقف نفاذه عند زفر، ويجعله غير لازم عند مالك أسوة بالغلط أو التدليس والغبن وفي رأي عند الحنابلة.
وعند الحنفية يختلف بيع المكره عند بيع الفاسد ويوافق البيع الموقوف فيما يلي :
1. الإجازة ترد على عقد المكره بعد زوال الإكراه قبل القبض وبعده فينقلب صحيحاً لأن الفساد فيه لحق البائع لا لحق الشرع بخلاف العقد الفاسد لغير الإكراه فلا ترد عليه الإجازة أصلاً لأن الفساد لحق الشرع.
2. في عقد المكره ليس للعاقد غير المكره الفسخ، أما العقد الفاسد لغير الإكراه فلكل من العاقدين الفسخ حتى بعد القبض، ولا ينقطع حق الفسخ إلا بتصرف المشتري أو بتغير المبيع.
3. في عقد المكره إذا تصرف المشتري في المبيع تصرفاً قابلاً للفسخ كالبيع لم ينقطع حق البائع في الفسخ وإذا ما فسخ استرد المبيع من أي يد، مهما تداولته الأيدي بخلاف بيع المكره فإذا نصرف المشتري في المبيع انقطع حق البائع في الفسخ.
ويتفق بيع المكره مع البيع الفاسد ويختلف عن البيع الموقوف فيما يلي :
1. في بيع المكره يجوز لكل من البائع والمشتري فسخ البيع قبل القبض. 
وفي البيع الموقوف لا يملك أحد فسخه إلا في حالات معينة ولكن يملك من توقف البيع لمصلحته أن يجيزه فينفذه فإن لم تلحقه الاجازة بطل دون فسخ .
2. في بيع المكره إذا تصرف المشتري بعد القب ض تصرفاً غير قابل للفسخ كما لو كان المبيع عبداً فأعتقه فإن حق البائع في الفسخ ينقطع ويرجع على المشتري بالمثل أو بالقيمة، أما إذا كان الإعتاق قبل القبض لم ينقطع حق البائع في الفسخ فإن فسخ سقط البيع والإعتاق لأن استناد الاجازة هنا مقتصر.
وفي البيع الموقوف لمصلحة البائع إذا تصرف المشتري ولو تصرفاً غير قابل للفسخ فإن حق البائع في عدم إجازة هذا البيع لا ينقطع فإذا لم يجز سقط البيع والإعتاق معاً وإذا أجاز نفذ البيع والإعتاق معاً ورجع على المشتري بالثمن المسمى لا بالقيمة أو بالمثل كما كان يرجع في بيع المكره على ما سبق الإشارة إليه.
وقد رؤي الأخذ في القانون برأي زفر في عقد المكره : أنه موقوف للأحكام المتقدمة التي تقر به من العقد الموقوف وتبعده عن العقد الفاسد.
ومن المفيد أن نورد فيما يلي قول السنهوري والأولى الأخذ برأي زفر واعتبار بيع المكره موقوفاً فاسداً بل أن الأولى هو الأخذ بمذهب مالك ويقول في مذهب أحمد بن حنبل واعتبار بيع المكره بيعاً نافذاً غير لازم حتى يستوي في الجزاء عيوب الإرادة جميعاً : الغلط والتدليس والإكراه والاستغلال . فهذه العيوب كلها من طبيعة واحدة فالأولى أن يتوحد فيها الجزاء وإن كان الوقف كجزاء لعيب الارادة أفضل من عدم اللزوم السنهوري، مصادر الحق ج 4 ص 192 193 .
وقد بيّن المشرع حالات العقد الموقوف في المادة 213 ورؤي من باب الإحاطة أن يضاف إلى هذه الحالات حالة ما إذا ورد في القانون نص خاص يجعل العقد عموما أو عقد ما موقوف النفاذ في حالة أخرى غير الواردة في المادة .
وتراجع المواد 111 113 ، 365 و 368 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 310 و 355 و 428 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 171 أردني و 97 و 115 و 121 و 134 و 135 و 136 و 723 725 عراقي.

المادة 214
تكون اجازة العقد للمالك أو لمن تعلق له حق في المعقود عليه أو للولي أو الوصي أو ناقص الأهلية بعد اكتمال أهليته أو المكره بعد زوال الإكراه أو لمن يخوله القانون ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
1. تناولت هذه المادة من يكون له حق اجازة التصرف الموقوف فتنص على أنه تكون الاجازة :
أ. للمالك أي في حالة عقد الفضولي .
ب. لمن تعلق له حق بالتصرف فيه وسيأتي بيان ذلك .
ج. للولي أو الوصي أو ناقص الأهلية نفسه بعد إكتمال أهليته.
د. للمكره بعد زوال الإكراه.
ه. لمن يجعل له القانون ذلك .
وقد روعي في هذا الترتيب حالات الوقف الواردة في المادة السابقة .
وبناء على أن الاجازة تكون لمن تعلق له حق بالتصرف فيه، في حالة ما إذا تعلق بالمال المتصرف فيه حق للغير، تكون الإجازة للمرتهن في حالة بيع المرهون، ذلك أن بيع المرهون ينعقد صحيحاً موقوفاً على اجازة المرتهن، فإذا اجاز نفذ البيع في حق الجميع البائع والمشتري والمرتهن إن لم يجز : فرأي يذهب إلى أن البيع يسقط حتى لو افتك الراهن الرهن، والرأي الأصح هو أن البيع لا يتوقف إلى في حق المرتهن فإذا أفتك الراهن نفذ البيع في حق البائع والمشتري السرخسي المبسوط 13 : 11 وإذا باع الراهن العين المرهون للمرتهن نفسه، نفذ البيع بداهة في حق الراهن والمرتهن دون حاجة إلى اجازة تراجع الهندية 3 : 110 111 .
للمستأجر في بيع المأجور، ذلك لأن الشيء المستأجر متعلق به حق المستأجر كالمرهون تعلق به حق المرتهن، فبيع الشيء المستأجر كبيع المرهون ينعقد صحيحاً موقوفاً على اجازة المستأجر، فإذا اجاز المستأجر البيع نفذ في حق الجميع وانفسخت الاجارة ووجب على المستأجر تسليم العين للمشتري، ولمن له حق حبسها حتى يسترد ما له من الاجرة، وإذا لم يجر المستأجر البيع فالبيع لايتوقع إلا في حقه فإذا انقضت الاجازة نفذ البيع ووجب تسليم العين إلى المشتري، وإذا باع المؤجر العين للمستأجر نفسه نفذ البيع في حقهما دون حاجة إلى الاجازة كما في بيع المرهون فجملة الاحكام التي في بيع المرهون تسري أيضاً في بيع المستأجر والفروق بين المبيعين محل الخلاف يراجع ابن عابدين 4 : 213 والبحر 6 : 149 150 والخانية 2 : 177 والهندية 3 : 110 .
وللورثة في حالة الوصية فيما زاد على الثلث بالنسبة لغير الوارث وفي الكل بالنسبة للوارث وكذا في حالة بيع المريض مرض الموت إذا باع المريض مرض الموت حكمه عند الحنابلة حكم الوصية لا ينفذ في المقدار المحابي إلا في ثلث التركة ولغير الوارث، أما إذا صدر البيع لوارث مهما كانت قيمة المقدار المحابي، أو صدر لغير الوارث وزادت قيمة المقدار المحابى به عن ثلث التركة فالبيع للوارث، وكذلك لغير الوارث فيما زاد عن الثلث ينعقد صحيحاً موقوفاً على اجازة الورثة، فإن اجازه نفذ في حق الجميع وإلا بطل البيع للوارث، وبطل فيما زاد على الثلث لغير الوارث، والأصل في ذلك أن التركة يتعلق بها حق الورثة، لا من موت المورث فحسب بل أيضاً في بدء مرضه الأخير وهو مرض الموت.
ذلك أن المورث إذا تصرف في مرض موته فهو إنما يوصي ويكون لتصرفه حكم الوصية . فتكون تصرفات المريض مرض الموت موقوفة على اجازة الورثة الذين تعلق حقهم بالتركة، كما توقف بيع المرهون على اجازة المرتهن، وبيع المأجور على اجازة المستاجر.
والورثة يتعلق حقهم بثلثي التركة إذا كان التصرف لغير الوارث وفي مصر سوى قانون الوصية بين الوارث وغير الوارث، فلا يتعلق حق الورثة في الحالتين إلا بثلث التركة، ومن ثم جاز التصرف فيما لا يزيد عن ثلث التركة للوارث ولو بغير اجازة سائر الورثة.
3 وأما عن فسخ التصرف وهل يجوز ؟ وإذا جاز فلمن ؟ ففي الأمر تفصيل وخلاف يوجزان فيما يلي :
فتصرف ناقص الأهلية : ليس قابلاً للفسخ فلا يجوز فسخه ولا الرجوع فيه لا من المشتري ولا من ناقص الأهلية بل على هذين أن يتربصا اجازة الولي : فإن اجاز نفذ وإن لم يجز بطل.
وتصرف الفضولي قابل للفسخ من جهة العاقد الآخر المشتري في بيع الفضولي ومن جهة الفضولي نفسه، ومن ثم يكون للفضولي فسخ البيع الصادر منه حتى لو أجازه المالك بعد ذلك لا ينفذ لزوال العقد الموقوف وإنما كان له الفسخ ليدفع الحقوق عن نفسه فإنه بعد الاجازة يصير كالوكيل فترجع حقوق العقد إليه فيطالب بالتسليم ويخاصم بالعين وفي ذلك ضرر فله دفعاً عن نفسه قبل ثبوته، وللمشتري فسخ البيع قبل الاجازة تحرزاً من لزوم العقد فتح القدير 5 : 312 ، والبحر 6 : 148 .
وفي مذهب مالك، بيع الفضولي لازم من جهة الفضولي، ومن جهة المشتري غير لازم من جهة المالك أي ليس للفضولي ولا للمشتري الفسخ وللمالك الاجازة أو عدم الاجازة.
وفي بيع المرهون ليس للراهن فسخ البيع الذي صدر منه للمشتري أما المشتري فله خيار الفسخ إن لم يعلم بالرهن عند أبي يوسف، أما عند ابي حنيفة ومحمد له خيار الفسخ وإن علم بالرهن وهذا هو الصحيح وعليه الفتوى فيكون تأويل هذا الرأي الأخير أن المشتري وقد علم بالرهن اشترى على أن فك البائع العين المرهونة من مرتهنها ويسلمها إليه فإذا لم يفعل فسخ المشتري البيع الهندية 3 : 110 111 ، والحطاب 4 : 469 ، والخرشي 5 : 17 ، والمغني 4 : 363 .
وفي بيع المستأجر ليس للمؤجر فسخ العقد الذي صدر منه للمشتري أما المشتري فله خيار الفسخ إن لم يعلم بالإجازة عند أبي يوسف وعند أبي حنيفة ومحمد فله خيار الفسخ وإن علم بالإجازة وذلك على النحو الذي تقدم في بيع المرهون.
وجملة الأحكام التي في بيع المرهون تسري أيضاً في المستأجر والفرق بين البيعين محل خلاف يراجع ابن عابدين 4 : 213 وأيضاً الخانية 2 : 177 ، والهندية 3 : 110 .
لذلك رؤي أن يكون النص أن لا يكون لأحد حق الفسخ إلا من خوله القانون هذا الحق ومحل ذلك كل عقد بعدا بالأحكام عن التفصيلات وتراجع المادتان 368 و 378 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادتان 310 و 428 من مرشد الحيران.
وهذه المواد تقابل المواد 172 اردني و 134 و 135 عراقي .

المادة 215
1. تكون الإجازة بكل فعل أو قول يدل عليه صراحة أو دلالة.
2. ويعتبر السكوت إجازة إن دل على الرضا عرفا.
المذكرة الإيضاحية :
1. الإجازة قد تكون بالفعل أو بالقول : ومثال الإجازة بالفعل ففي بيع الفضولي تسليم المالك المبيع للمشتري أو أخذه الثمن منه.
والاجازة بالقول تكون بأي لفظ يدل عليها، كقول المالك في بيع الفضولي : اجزت البيع أو رضيت به، أو قبلته أو أي لفظ يدل على هذا المعنى .
الخانية 2 : 174 وجامع الفصولين 1 : 315 316 .
2. والإجازة قد تكون صريحة أو ضمنية : فالصريحة كما تقدم أن يقول للمالك مثلاً في بيع الفضولي أجزت البيع والضمنية كهبة المالك الثمن للمشتري أو التصديق به عليه البحر 6 : 148 .
3 . وإذا سكت المالك لا يجيز البيع ولا يرده، فليس هناك وقت معين إذا انقضى يعتبر التصرف بانقضائه مجازاً أو غير مجاز، فيبقى التصرف موقوفاً حتى يعلن من له حق الإجازة إجازته أو عدم إجازته.
وفي مذهب مالك إذا باع الفضولي بحضرة المالك وسكت هذا اعتبر سكوته إجازة، وإن باع بغير حضرته وبلغه فسكت عاماً من وقت علمه اعتبر سكوته إجازة.
وفي المذهب أيضاً يطالب المالك المجيز الفضولي بالثمن ما لم يمض عام فإن مضى وهو ساكت سقط حقه هذا إن بيع بحضرته، وان بيع بغير حضرته ما لم تمض على مدة الحيازة عشرة أعوام.
الدسوقي 3 : 12 ، والصاوي 2 : 7، والحطاب 4 : 269 272 ، والخرشي 5 : 17 18 ، البهجة في شرح التحفة 2 : 68 75 
وقد رأى المشرع : الأخذ بالمذهب المالكي من حيث المبدأ مع عدم تحديد مدة وترك الأمر للقاضي يستنتج الرضا من السكوت حسب واقع الدعوى وفقاً لأعراف الناس كما هو مقرر حتى في المذهب الحنفي، من أن السكوت في معرض الحاجة بيان و العادة محكمة واستعمال الناس حجة يجب العمل بها و م 67 و 36 و 37 من المجلة.
وذكر الخير الرملي أنه نقل عن المحيط أنه إذا اشترى سلعة من فضولي وقبض المشتري المبيع بحضرة صاحب السلعة، فسكت، يكون رضا، جامع الفصولين 1 : 231 .
وهذه المادة تقابل المواد 173 أردني و 136 عراقي .

مادة 216
يشترط لصحة الإجازة قبول التصرف للإجازة وقت صدوره ووقت الإجازة كما يشترط أن يكون موجودا وقت الإجازة من له الحق فيها وطرفا العقد، والمتصرف فيه، وبدله إن كان عينا.
المذكرة الإيضاحية :
يجب لصحة الإجازة توافر الشروط الآتية :
1. قيام الأطراف الثلاثة وقت صدور الإجازة كالبائع والمشتري والمالك في بيع الفضولي فلو مات أحدهم قبل صدور الإجازة من المالك، لم تصح الإجازة، ولا يقوم الورثة مقام من مات .... جاء في فتح القدير د 312 313 " ولو هلك المالك لا ينفذ بإجازة الوارث ... وهو بخلاف القسمة عند أبي حنيفة وأبي يوسف فإن القسمة الموقوفة على إجازة الغائب الكبير جازت بإجازة ورثته بعد موته استحساناً لأنه لا فائدة في نقص القسمة ثم الإعادة وقول محمد القسمة مبادلة كالبيع، فلا تجوز بإجازة ورثته، والقياس، والاستحسان مقدم.
2. قيام محل التصرف : فلو هلك المبيع مثلا فأجازه المالك لم تصح الاجازة فإن كان قد هلك في يد المالك هلك عليه، وإن هلك بعد التسليم إلى المشتري فالمالك بالخيار : إن شاء ضمن الفضولي وإن شاء ضمن المشتري .
3. قيام البدل لو كان عيناً بفرض أن هناك بدلاً كالعوض في المقايضة مثلاً .
4. أن يكون للتصرف مجيز وقت صدوره وقت الاجازة ذلك أن التصرف إذا لم يكن له مجيز وقت صدوره لم تتصور اجازته فوراً عقب صدوره، واجازته في المستقبل قد تحدث لم يكن مفيداً، فلا ينعقد التصرف مع الشك في حصول الفائدة، أخذاً بقاعدة أن ما لم يكن ثابتاً بيقين لا يثبت مع الشك فإذا لم ينعقد التصرف لا تلحقه الاجازة، لأن الإجازة للمنعقد، أما إذا كان للتصرف مجيز وقت صدوره، أمكن تصور الاجازة في الحال عقب صدوره، فكان الانعقاد مفيداً فتنعقد وتلحقه الاجازة فإذا صدر من ناقص الأهلية تصرف لا يملكه وعليه كان التصرف باطلاً فلا تلحقه الاجازة وقد يكون المجيز وقت صدور الإجازة غير المجيز وقت صدور التصرف فيكون هناك ولي يملك الإجازة وقت صدور التصرف ثم لا يكون هو المجيز بل يجيز التصرف ناقص الأهلية عند استكماله أهليته، ولكن إذا أعلن الولي عدم إجازته للتصرف، لم تصح الإجازة بعد ذلك من المتصرف نفسه بعد استكمال أهليته الكاساني 5 : 149 150 .
ونرى من ذلك أنه يشترط لصحة الإجازة قيام كل عناصر التصرف بالعاقدين والمحل المجيز وقت صدور الاجازة وقت صدور التصرف أما أنها تكون قائمة وقت صدور الاجازة فلأن الاجازة لها حكم الإنشاء من وجه، ولا يتحقق الإنشاء بدون العاقدين والمعقود عليه، لذلك كان قيامها شرطاً لتحقق الاجازة الكاساني 5 151 .
أما أنها تكون قائمة وقت صدور التصرف فيبدو أن السبب في ذلك يرجع إلى فكرة إستناد الاجازة وإلى وقت صدور التصرف فما دام العقد اذا اجيز ينفذ من وقت صدوره وجب أن تكون عناصر النفاذ قائمة في هذا الوقت.
فإذا وهب الفضولي مال البالغ أو تصدق به أو أعتق عبده انعقد التصرف موقوفاً على الاجازة لأن البالغ يملك هذه التصرفات بنفسه فكان له مجيز وقت صدورها فتتوقف على اجازة المسالك، أما إذا كان المالك صبياً أو محجوراً عليه ليس أهلاً لهذه التصرفات، لم يكن للتصرف مجيز وقت صدوره فلا ينعقد ومن ثم لا تلحقه الاجازة.
وقد رؤي في القانون التزام الأحكام الفقهية . وتراجع المواد 378 و 447 من المجلة وشرحها لعلي حيدر، والمادة 395 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 174 أردني و 136 عراقي .

المادة 217
1. إذا أجيز التصرف الموقوف نفذ مستنداً الى وقت صدوره واعتبرت الاجازة اللاحقة له كالوكالة السابقة.
2. وإذا رفضت الاجازة بطل التصرف.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة أثر الاجازة ورفض الاجازة :
1. فإذا وجدت الاجازة مستجمعة لشرائطها على النحو الذي تقدم نفذ البيع وصار الفضولي بمنزله الوكيل، إذ الاجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة وتطبق أحكام الوكالة.
2. أما إذا رد المالك العقد وأعلن عدم اجازته فإن العقد يسقط ولا يستطيع المالك اجازته بعد رده ففي البيع في هذه الحالة إذا كان المبيع قد سلم إلى المشتري وهلك وجب أن يرد قيمته إلى المالك لأن يده يد ضمان كما تقدم وإذا كان المشتري قد سلم الثمن إلى الفضولي وهلك في يده هلك أمانة ولا يرجع المشتري عليه بشيء على تفصيل جاء في البحر على الوجه الآتي : ولو لم يجز المالك هلك الثمن في يد الفضولي اختلف المشايخ في رجوع المشتري عليه بمثله وإلا صح أن المشتري أن علم أنه فضولي وقت الاداء لا رجوع له وإلا رجع عليه، كذا في ....، وصرح الشارح بأنه أمانة في يده فلا ضمان عليه إذا هلك، سواء هلك قبل الاجازة أو بعدها البحر 6 :
3. وقد رؤي عدم مجاراة القانون المدني العراقي في إيراد بعض التفصيلات هنا والإكتفاء ببيان أن الفضولي بالاجازة يصير وكيلاً دون بيان ما يتفرع على ذلك من أحكام تفصيلية ترد في مواضعها.
وتراجع المواد 377 و 378 و 393 و 590 و 746 و 967 من المجلة وشرحها لعلي حيدر، والمواد 271 و 273 و 275 و 310 و 358 و 393 و 396 و 428 و 1000 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 175 أردني و 134 و 135 عراقي .

ب. العقد غير اللازم
المادة 218
1. يكون العقد غير لازم بالنسبة الى أحد عاقديه أو لكليهما رغم صحته ونفاذه إذا شرط له حق فسخه دون تراض أو تقاضي.
2. ولكل منهما إن يستقل بفسخه إذا كان بطبيعته غير لازم بالنسبة إليه أو شرط لنفسه خيار فسخه.
المذكرة الإيضاحية :
اذا اجتمعت للعقد عناصر الانعقاد والصحة والنفاذ، فصدر العقد من أهله في محل قابل لحكمه، وكان العاقد له الولاية على محل العقد والأهلية الواجبة للتصرف الذي يباشره، فقد انعقد العقد صحيحاً نافذاً، فانتج الأثار التي تترتب عليه .
والأصل أن العقد الذي ينعقد صحيحاً نافذاً لا يجوز لأحد العاقدين أن يرجع فيه بإرادته المنفردة، ولكن هناك عقود تقبل بطبيعتها أن يرجع فيها أحد العاقدين دون توقف على إرادة الآخر، كالوكالة والشركة والهبة والوديعة والعارية والرهن والكفالة وهناك عقود يكون فيها لأحد العاقدين خيار الرجوع ومنها خيار الغلط وخيار الوصف وخيار التدليس وخيار الغبن وخيار تفرق الصفقة، ومنها أيضاً خيار الشرط وخيار التعيين وخيار الرؤية وخيار العيب فإذا ثبت خيار منها لأحد العاقدين استطاع بإرادته المنفردة أن يرجع في العقد.
فإذا كان العقد قابلاً لأن يرجع فيه أحد العاقدين بإرادته وحده دون توقف على رضا العاقد لآخر أما لأن طبيعته تقتضي ذلك وأما لأن فيه خياراً من الخيارات التي أشرنا إليها، فهذا عقد نافذ غير لازم : هو عقد نافذ لأنه انعقد صحيحاً منتجاً لجميع آثاره، ثم هو عقد غير لازم لأن أحد العاقدين يستطيع وحده أن يستقل بفسخ فهو غير لازم له.
أما إذا أستوفى العقد أيضاً شرائط اللزوم من طبيعة تستعصي على الفسخ بإرادة منفردة، وخلو من الخيارات المختلفة، فقد انعقد صحيحاً نافذاً لازماً، فينتج جميع الآثار التي تترتب عليه،ويلزم كلا من العاقدين بحيث لا يجوز الرجوع فيه إلا بإتفاقهما معاً على التقابل منه، وهذه هي المرتبة العليا من الصحة والقوة في العقود.
أما السبب الأول لعدم اللزوم وهو طبيعة العقد فسيتناولها المشرع في كل عقد على حده وتراجع المواد 114 و 115 و 300 و 360 و 367 و 376 من المجلة وشرحها لعلي حيدر، والمواد 277 و 306 و 329 و 342 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المادة 176 أردني .

8 الخيارات التي تشوب لزوم العقد
أ - خيار الشرط
المادة 219
في العقود اللازمة التي تحتمل الفسخ يجوز للمتعاقدين أو لأيهما أن يشترط في العقد أو بعده خيار الشرط لنفسه أو لغيره المدة التي يتفقان عليها فإن لم يتفقا على تحديد المدة جاز للقاضي تحديدها طبقاً للعرف.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة جواز خيار الشرط ؟ لمن ؟ وإلى أي مدة ؟ والمقصود بخيار الشرط الخيار الذي يشترطه أحد العاقدين أو كلاهما ويكون بموجبه لمن له الخيار الحق في نقض العقد خلال المدة المعينة، فان لم ينقضه رسخ، فالعقد الذي فيه خيار الشرط عقد غير لازم من جانب من له الخيار، اذا يجوز له الرجوع فيه .
وقد شرع خيار الشرط على خلاف القياس، إذ القياس أن المعاوضات لا تحتمل التعليق على الشرط وخيار الشرط من شأنه أن يعلق العقد، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولحاجة التعامل إليه للتأمل والتروي، ومن أجل ذلك يسمى في الفقه المالكي بخيار التروي، والحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحبان بن منقذ وكان يغبن في البياعات لمأمومة أصابت رأسه " إذا ما بايعت فقال لا خلابة، ولي الخيار ثلاثة أيام " وما روي في حديث ابن عمر " البيعان بالخيار ما لم يفترقا إلا بيع الخيار " . السرخسي، المبسوط 13 : 40 41 ، فتح القدير 5 : 11 .
وقد منعه الثوري وابن شبرمة، وطائفة من أهل الظاهر وعمدتهم أنه غرر وأن الأصل هو اللزوم في البيع إلا أن يقوم الدليل على جواز البيع على الخيار من كتاب الله وسنة ثابتة أو إجماع، قالوا وحديث حبان اما أنه ليس بصحيح وأما أنه خاص لما ش كا إليه صلى الله عليه وسلم أنه بخدع في البيوع،وأما حديث ابن عمر وقوله فيه " الا بيع الخيار " فقد فسر المعنى المراد بهذا اللفظ وهو ما ورد فيه لفظ آخر وهو أن يقول أحدهما لصاحبه اختر.
ابن رشد،بداية المجتهد 2 : 172 ، وابن حزم،المحلي 9 / المسألة 1421 ص 328 وما بعدها.
وهذا الخيار يشترط في العقد ذاته أو في إتفاق لاحق للعقد فلو قال أحد المتبايعين بعد البيع ولو بأيام " جعلتك بالخيار ثلاثة أيام " صح بالإجماع فتح القدير 5 : 111 وظاهر أنه لابد من تراضي الطرفين عليه أما ان اشترط وقت العقد فالرضا متحقق لدخول الشرط في العقد،وأما ان اشترط بعد العقد فلا بد من رضا الطرف الآخر عليه وإلا لم يعتبر .
ويرد خيار الشرط في العقود اللازمة التي تحتمل الفسخ كالبيع والاجارة قبل مدتها والصلح والمساقاة والمزارعة وقسمة القيميات المتحدة والمختلفة جنساً والصلح عن مال الرهن والكفالة والحوالة والابراء والوقف والخلع وفي ترك الشفعة بعد الطلبين الأولين م 230 من مرشد الحيران ولا يصح في النكاح والطلاق والصرف والسلم والإقرار والوكالة والهبة والوصية م 231 من مرشد الحيران.
ويظهر أن عدم صحة خيار الشرط في النكاح والطلاق لأن هذين تصرفان لا يحتملان الفسخ فلا يحتملان التعليق على شرط وفي الصرف والسلم أنهما لا يتمان إلا بالقبض فيلزمان به ولا يحتملان الفسخ بعد ذلك، وفي الإقرار أن طبيعته لا تحتمل التعليق وفي الوكالة والهبة والوصية أنها تصرفات غير لازمة من الأصل فلا حاجة فيها لخيار الشرط.
وقد يشترط الخيار أحد المتعاقدين أو كلاهما، لنفسه أو لأجنبي .
وإذا اشترط لأجنبي اعتبر وكيلاً عن العاقد ويكون الخيار ثابتاً للعاقد وللأجنبي معاً وهو الإستحسان وفي القياس لا يجوز وهو قول زفر، وعلى الإستحسان أيهما اجاز جاز وأيهما نقض انتقض ولو أجاز أحدهما وفسخ الآخر يعتبر السابق لوجوده في زمان لا يزحمه فيه غيره ولو خرج الكلامان منهما مما يعتبر تصرف العاقد في رواية وتصرف الفاسخ في أخرى، وجه الأول أن تصرف العاقد أقوى لأن النائب يستفيد الولاية منه.
ووجه الثاني أن الفسخ أقوى لأن المجاز يلحقه الفسخ والمفسوخ لا تلحقه الاجازة.
الهداية وفتح القدير 5 : 126 128 .
وقد يجعل البائع لنفسه خيار النقد، فيشترط أنه إذا لم ينقد الثمن في خلال مدة معينة هي المدة الجائزة للخيار فلا بيع . والخيار على هذا الوجه ليس موضوعاً للتروي ولكن لفسخ البيع عند عدم دفع الثمن في مدة معينة ولكن قد يقبض البائع الثمن ومع ذلك يشرط أن له الخيار فإذا اختار فسخ البيع رد الثمن والخيار على هذا الوجه هو خيار شرط للتروي فتح القدير 5 : 14 .
أما مدة الخيار فقداختلف فيها .
فعند ابي يوسف ومحمد واحمد بن حنبل يجوز الاتفاق على أية مدة ولو طالت، وعند مالك تقدر مدة الخيار بتقدير الحاجة نظراً لتفاوت المبيعات ففي اختيار الثوب يكفي اليوم واليومان وفي الدار قد تصل مدة الخيار إلى الشهر ونحوه .
وعند ابي حنيفة وزفر والشافعي لا يجوز أن تزيد مدة الخيار على ثلاثة أيام في جميع الأحوال.
فإذا لم تحدد مدة أصلاً أو شرط الخيار أبدا أو متى شاء أو إلى مدة مجهولة كقدوم زيد أو نزول مطر أو مشاورة انسان .
فعند مالك يصح العقد ويحدد القاضي المدة المألوفة في العادة لاختيار مثل المبيع وعند ابي يوسف ومحمد والشافعي واحمد يفسد العقد.
وعند ابي حنيفة اذا استعمل الخيار في الثلاثة أيام صح العقد وإن انقضت الثلاثة أيام دون استعمال حق الخيار فسد العقد.
ابن رشد، بداية المجتهد 2 : 172 والمغني 4 : 65 وما بعدها .
وقد رؤي الأخذ برأي يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل في ترك الأمر للمتعاقدين يتفقان على المدة التي يريانها كافية ويرى مالك في حالة عدم تحديد العاقدين للمدة بأن يقوم القاضي بتحديد المدة المألوفة في العادة .
وتراجع المادة 300 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 329 332 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 177 أردني .

المادة 220
إذا شرط الخيار لكل المتعاقدين في عقود المعاوضات المالية فلا يخرج البدلان عن ملكهما فان جعل لأحدهما فلا يخرج ماله عن ملكه ولا يدخل مال الآخر في ملكه.
المذكرة الإيضاحية :
يمر العقد المقترن بخيار الشرط بمرحلتين :
أحداهما أثناء مدة الخيار وقبل استعماله .
وثانيتهما بعد إنقضاء مدة الخيار أو بعد استعماله.
وقد تناولت هذه المادة المرحلة الأولى أما المرحلة الثانية فستتناولها المادة التالية :
ففي أثناء مدة الخيار وقبل استعماله وهي المرحلة الأولى يختلف الحكم إذا كان العقد بيعا مثلاً بين ما إذا كان الخيار للمشتري أو للبائع، أو لهما معاً .
أ. فإذا كان الخيار للمشتري : فلا يخرج الثمن من ملكه لأن الخيار يمنع انعقاد العقد في حقه ويخرج الثمن من ملك المشتري ولا يدخل في ملك البائع على رأي أبي حنيفة.
ب. وإن كان الخيار للبائع فلا يخرج المبيع من ملكه ويخرج الثمن من ملك المشتري ولا يدخل في ملك البائع على رأي أبي حنيفة.
ج. وإن كان الخيار للبائع والمشتري معاً : لا يخرج المبيع من ملك البائع ولا يخرج الثمن من ملك المشتري لأن العقد لم ينعقد في حق كل منهما.
الكاساني 5 : 264 266 ، فتح القدير 5 : 115 118 .
وتراجع المادتان 308 و 309 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 333 من مرشد الحيران.
وتقابل المادة 278 أردني .

المادة 221
1. لصاحب خيار الشرط الحق في فسخ العقد أو اجازته.
2. فان اختار الاجازة لزم العقد مستندا الى وقت نشوئه وان اختار الفسخ انفسخ العقد واعتبر كأن لم يكن.
المذكرة الإيضاحية :
تعرض هذه المادة لإستعمال صاحب الخيار خياره وبيان مصير العقد بعد أن بينت المادة السابقة حكمه أثناء مدة الخيار قبل أستعمال الخيار فمن له حق الخيار، البائع أو المشتري أو الأجنبي في البيع مثلاً، يجوز له فسخ العقد ويجوز له إمضاؤه .
فإذا أمضى العقد فقد زال حق الخيار ولزم العقد واستند ذلك بأثر رجعي إلى وقت نشوء العقد .
وإذا فسخ العقد انفسخ العقد واعتبر كأن لم يكن .
تراجع المادة 301 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتان 334 335 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 179 أردني .

المادة 222
إذا كان الخيار مشروطاً ل كل من المتعاقدين فان اختار أحدهما الفسخ انفسخ العقد ولو أجازه الآخر وان اختار الاجازة بقي للآخر خيار مدة الخيار.
المذكرة الإيضاحية :
بعد أن تناولت المادة السابقة الحالة البسيطة حالة ما إذا كان الخيار لواحد فقط من المتعاقدين، تناولت هذه المادة حالة ما إذا كان الخيار لكل من المتعاقدين، وهنا ترد عدة فروض .
1. فقد يختار الإثنان الإجازة .
2. وقد يختار اثنان الفسخ .
3. وقد يختار أحدهما الإجازة والآخر الفسخ .
وفي الفرض الأخير نستعرض عدة صور فقد يتعاصر الفسخ والاجازة وقد يتلاحقان، وفي التلاحق قد يسبق الاجازة الفسخ وقد يسبق الفسخ الاجازة.
4. وقد يختار أحدهما الفسخ أو الاجازة ولا يختار شيئاً بعدما تزال مدة الخيار قائمة، أما الفرضان الأولان فأمرهما يسير : يلزم العقد في حالة اجازتهما ويفسخ العقد في حالة فسخهما،كما لو كان الخيار لأحدهما لذلك لم تعرض هذه المادة لهما لأن حكمهما يؤخذ من المادة السابقة.
أما الفرض الثالث بكل صوره فقد تناوله صدر المادة الحالية فتقضي بأنه إذا اختار أحدهما الفسخ انفسخ العقد ولو اجاز الاخر وهذا الحكم يجعله يشمل ما إذا كانت الاجازة سابقة أو لاحقة أو معاصرة للفسخ م 336 من مرشد الحيران.
وعجز المادة يتناول صورة ما إذا اختار أحدهما الاجازة ولم يعلن الآخر عن إرادته : يبقى له خياره ما دامت المدة قائمة فإن اختار لزم العقد أيضاً بالنسبة له، وإن اختار الفسخ انفسخ العقد .
وهذه هي إحدى الصورتين من الفرض الرابع، أما الصورة الأخرى من الفرض الرابع وهي حالة ما إذا اختار أحدهما الفسخ ولم يختر الآخر بعد فلم تتناولها المادة صراحة لأنه في هذه الحالة يكون العقد قد انفسخ للفسخ فلا ترد عليه اجازة ويترتب على ذلك سقوط خيار الآخر إذ علام يرد بعد انفساخ العقد بالفسخ الأول ؟
تراجع المادة 307 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 336 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 80 أردني .

المادة 223
1. يكون الفسخ أو الاجازة بكل فعل أو قول يدل على أيهما صراحة أو دلالة.
2. وإذا مضت المدة دون اختيار الفسخ أو الاجازة لزم العقد.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة كيفية الفسخ أو الاجازة فتقضي بأن أيهما : الفسخ أو الاجازة يحصل :
1. إما بالفعل كتسليم البائع وهو صاحب الخيار المبيع والمشتري أو أن يدفع المشتري وهو صاحب الخيار الثمن أو طلبه الشفعة في دار مجاورة للمبيع فهذا يدل على الاجازة وكعرض البائع، وهو صاحب الخيار المبيع للبيع فهذا يدل على الفسخ.
2. وإما بالقول فقوله فسخت العقد أو أسقطته وكقوله أجزت العقد أو أوجبته أو أسقطت الخيار وأي لفظ يدل على المعنى المقصود يفي اذ لا يشترط لفظ معين .
وقد يكون ذلك صراحة أو دلالة.
وإذا مضت مدة الخيار دون أن يفسخ العقد صاحب الخيار ودون أن يمضي العقد اعتبر عدم الفسخ إلى انقضاء المدة، امضاء العقد .
تراجع المواد 302 305 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 334 335 337 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 181 أردني.

المادة 224
يشترط لصحة الفسخ اختياره في مدة الخيار وعلم الطرف الآخر به إن كان الفسخ بالقول ولا يشترط فيه التراضي أو التقاضي.
أما الاجازة فلا يشترط علم الطرف الآخر بها.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة صحة الفسخ والاجازة .
وقد قضت بأنه يشترط كي يقع الفسخ صحيحاً أن يختار في المدة المحددة للخيار، لأنه لو مضت المدة دون اختيار لزم العقد كما سبق في المادة السابقة ولا يلزم التراضي ولا حكم القاضي، ولكن يشترط إذا كان بالقول أن يكون بحضور الطرف الآخر أي بعلمه عند أبي يوسف والشافعي لا يشترط ذلك قال في المهذب 1 : 259 ومن ثبت له الخيار فله أن يفسخ في محضر من صاحبه وفي غيبته لأنه رفع عقد جعل إلى اختياره فجاز في حضوره وغيبته كالطلاق، وفي المغني 4 : 69 ولمن له الخيار الفسخ بغير حضور صاحبه ولا رضاه، وبهذا قال مالك والشافعي وأبو يوسف وزفر وقال أبو حنيفة ليس له الفسخ إلا بحضور صاحبه كالوديعة ولنا أنه رفع عقد لايفتقر إلى رضى صاحبه فلم يفتقر إلى حضوره، كالطلاق، وما ذكره ينتقض بالطلاق، والوديعة لا حق للمودع فيها ويصح فسخها مع غيبته .
أما الاجازة فلا يشترط فيها التراضي ولا التقاضي ولا علم الطرف الآخر .
وفي مرشد الحيران أنه يشترط علم الطرف الآخر بالفسخ إن كان بالقول دون الفعل م 334 ولم يرد هذا القيد في الهداية ولكن أورده صاحب فتح القدير الهداية 5 : 120 134 .
وهذه المادة تقابل المادة 182 أردني.

المادة 225
يسقط الخيار بموت صاحبه خلال مدته. ويلزم العقد بالنسبة الى ورثته ويبقى الآخر على خياره وان كان الخيار له حتى نهاية مدته.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حالة موت صاحب الخيار في خلال مدة الخيار المتفق عليها دون أن يجيز أو يفسخ فهل يسقط الخيار ولا ينتقل إلى الورثة ويلزم العقد بالنسبة إليهم أم أنه لا يسقط وينتقل إلى الورثة ويكون لهم الحق في إستعماله ما دامت المدة قائمة ؟
اختلف الفقهاء في ذلك .
فالحنفية يقولون بسقوط الخيار ولزوم العقد لأن حق الخيار لا يورث لأنه مشيئة وارادة وذلك صفة من صفات الميت فكما أن أوصاف الميت لا تنتقل إلى وارثه فكذلك هذه فإذا مات من يملكه لم ينتقل إلى الورثة بل يزول ويعتبر البيع لازماً لا خيار فيه السرخسي، المبسوط 13 : 42 45 ، والبدائع 5 : 267 268 .
والشافعي يقول ببقاء الخيار وإنتقاله إلى الورثة لأنه يورث ويقوم وارث من له الخيار مقامه فيه، قال في المهذب : 259 " وإن مات فإن كان في خيار الشرط انتقل الخيار إلى من ينتقل إليه المال لأنه حق ثابت لإصلاح المال فلم يسقط بالموت كالرهن وحبس المبيع على الثمن فإن لم يعلم الوارث حتى مضت المدة ففيه وجهان أحدهما يثبت له بالخيار في القدر الذي بقي من المدة لأنه لما انتقل الخيار إلى غير من شرط له بالموت وجب أن ينتقل إلى غير الزمان الذي شرط فيه الثاني أنه تسقط المدة ويثبت الخيار للوارث على الفور لأن المدة فاتت وبقي الخيار فكان على الفور كخيار الرد بالعيب ".
وفي المذهب الحنبلي : إذا مات أحد المتبايعين في مدة الخيار بطل خياره في ظاهر المذهب ويبقى خيار الآخر بحاله إلا أن يكون الميت قد طالب بالفسخ قبل موته فيكون لورثته وهو قول الثوري وأبي حنيفة ويتخرج أن الخيار لا يبطل وينتقل إلى ورثته لأنه حق مالي فينتقل إلى الوارث كالأجل وخيار الرد بالعيب ولأنه حق فسخ فينتقل إلى الوارث كالفسخ بالتحالف وهذا قول مالك والشافعي . ولنا أنه حق فسخ لا يجوز الاعتياض عنه فلم يورث كخيار الرجوع إلى الهبة المغني والشرح الكبير 4 : 77 .
وقد أخذ المشرع برأي الحنفية والحنابلة فنص في هذه المادة بأنه إذا مات من له الخيار في مدة الخيار سقط الخيار ولزم العقد .
وتراجع المادتان 305 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 338 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 183 أردني.

خيار الرؤية
نظرة عامة :
يذهب الفقه الحنفي إلى أنه يثبت للمشتري ونحوه خيار الرؤية إن لم يكن قد رأى المعقود عليه، بحيث يكون له عندما يراه أن يمضي العقد أو أن يفسخه . 
والدليل على ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من اشتري شيئاً لم يره، فهو بالخيار إذا رآه ".
وهذا الخيار يثبت بالشرع لا بالشرط أي دون حاجة إلى شرط خاص يدرج في العقد بخلاف خيار الشرط وخيار التعيين فلا بد لثبوتهما من شرط خاص بحيث إذا انعدم هذا الشرط لم يقم الخيار.
أما المذاهب الآخرى فبعضها يثبته في بعض الحالات وبعضها ينكره على تفصيل يراجع في ذلك الدسوقي على الشرح الكبير 3 : 24 25 ، والحطاب 4 : 293 298 ، والشيرازي، المهذب 1 : 263 264 ، والمغني 4 : 74 90 .
وقد عرض المشرع لهذا الخيار فبين شروط ثبوته وحكمه وكيفية الفسخ والاجازة وحالات سقوط الخيار.

المادة 226
يثبت خيار الرؤية في العقود التي تحتمل الفسخ لمن صدر له التصرف ولو لم يشترطه إذا لم ير المعقود عليه وكان معينا بالتعيين.

المادة 227
يبقى خيار الرؤية حتى تتم الرؤية في الأجل المتفق عليه أو يوجد ما يسقطه.
المذكرة الإيضاحية :
يثبت خيار الرؤية بالشرع لا بالشرط للمتملك إذا لم ير المعقود عليه كالمشتري في البيع ويشترط لثبوته :
1. أن يكون العقد واحداً من عقود أربعة هي : البيع واجارة الاعيان وقسمة غير المثليات والصلح على مال هو عين بالذات وهي عقود تحتمل الفسخ أما العقود التي لا تحتمل الفسخ كالمهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد فلا يثبت فيها خيار الرؤية وقال علي حيدر في الكلام على خيار الرؤية ج 1 ص 269 .
" وخيار الرؤية لا يخت ص بالبيع بل يجري في كل عقد محتمل للفسخ يمتلك به عين كالاجارة والقسمة والصلح عن دعوى المال على عين كما تقدم لأن في ذلك معاوضة أما المهر وأما القصاص وبدل الصلح عن مخالعة فليس فيها خيار الرؤية ".
2. أن يكون مشترياً أو نحوه وبعبارة أخرى متملكاً لا مملكاً فمن باع ما لم يره بأن ورث مثلاً عيناً في بلد بعيد فلم يتمكن من رؤيتها قبل بيعها فليس له خيار الرؤية فتح القدير 5 : 140 141 .
3. ألا يرى المعقود عليه عند العقد ففي البيع مثلاً يشترط ألا يكون المشتري قد رأي المبيع عند العقد فان اشتراه وهو لم يراه فلا خيار له . وإذا كان راه قبل ذلك في ظل المبيع على حالة ولم يتغير فلا خيار له وإن كان قد تغير عن حاله فله الخيار لأنه اذا تغير عن حالة فقد صار شيئاً آخر، فكان مشترياً شيئاً لم يره، فله الخيار اذا راه فتح القدير 5 : 141 .
والمقصود بالرؤية الوقوف على الحال والمحل الذي يعرف به المقصود الأصلي من المبيع،ففي القماش مثلاً تكفي رؤية ظاهرة وفي المأكولات والمشروبات يكفي مذاق طعمها مادة 23 من المجلة وفي الأشياء التي تباع على انموذجها تكفي رؤية الأنموذج المواد 224 من المجلة وما بعدها.
4. أن يكون المعقود عليه مما يتعين بالتعيين فلو تبايع العاقدان عيناً بعين ثبت الخيار لكل واحد منهما وذلك لأن المبيع اذا كان مما لا يتعين بالتعيين لا ينفسخ العقد برده لأنه إذا لم يتعين للعقد لا يتعين للفسخ فيبقى العقد، وقيام العقد يقتضي ثبوت حق المطالبة بمثله . فإذا قبض يرده وهكذا إلى ما لا نهاية له فلم يكن الرد مفيداً بخلاف ما إذا كان عينا ولأن العقد ينفسخ برده لأنه يتعين بالعقد فيتعين في الفسخ أيضاً، فكان الرد مفيداً، لان الفسخ انما يرد على المملوك بالعقد وما لا يتعين بالتعيين لا يملك بالعقد وإنما يملك بالقبض فلا يرد عليه الفسخ، ولهذا يثبت خيار الرؤية في الاجارة والصلح عن دعوى المال والقسمة ونحو ذلك، لأن هذه العقود تنفسخ برد هذه الأشياء فثبت فيها خيار الرؤية ولا يثبت في المهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد ونحو ذلك، لأن هذه العقود لا تحتمل الانفساخ برد هذه الأموال فمصار الأصل أن كل ما ينفسخ العقد فيه برده يثبت فيه خيار الرؤية وإلا فلا الكاساني .292 :5
وتراجع المادتان 320 و 322 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 339 من مرشد الحيران.
وهاتان المادتان تقابلان المادتين 184 و 185 أردني.

المادة 228
خيار الرؤية لا يمنع نفاذ العقد وإنما يمنع لزومه بالنسبة لمن شرط له الخيار.
المذكرة الإيضاحية :
خيار الرؤية لا يمنع انعقاد العقد ولا صحته ولانفاذه، فيثبت المالك للمشتري في المبيع، ويثبت الملك للبائع في الثمن بالرغم من قيام خيار الرؤية.
فخيار الرؤية يمنع من تمام حكم العقد فلا يتم حكم المبيع إلا إذا رأى المشتري المبيع ولم يرده قال صاحب القدير 5 : 137 : باب خيار الرؤية : قدمه على خيار العيب لأنه يمنع تمام الحكم وذلك يمنع لزوم الحكم واللازم بعد التمام ". وقال صاحب البدائع 5 : 292 : " إن شراء ما لم يرده المشتري غير لازم لأن عدم الرؤية يمنع تمام الصفقة " .
وهذه المادة تقابل المادة 186 أردني .

المادة 229
1. لايسقط خيار الرؤية بالإسقاط.
2. ويسقط برؤية المعقود عليه وقبوله صراحة أو دلالة كما يسقط بموت صاحبه وبهلاك المعقود عليه كله أو بعضه وتعيينه وبتصرف من له الخيار فيه تصرفا لا يحتمل الفسخ أو تصرفا يوجب حقا لغيره.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل أن كل ما يبطل خيار الشرط والعيب يبطل خيار الرؤية إلا أن خيار الشرط والعيب يسقط بصريح الإسقاط، لا قبل الرؤية ولا بعدها، أما قبلها فلأنة لا خيار فيه قبل الرؤية، لأن أوان ثبوت الخيار هو أوان الرؤية فقبل الرؤية لا خيار، وأما بعدها فلأن الخيار ما ثبت بإشتراط العاقدين، لأن ركن العقد مطلق على الشرط نصاً ودلالة، وإنما يثبت شرعاً لحكمة فيه، فكان ثابتاً حقاً لله تعالى وما ثبت حقاً لله تعالى فالعبد لا يملك التصرف فيه إسقاطاً مقصوداً لأنه لا يملك التصرف في حق غيره مقصوداً، لكنه يحتمل السقوط بطريق الضرورة بأن يتصرف في حق نفسه مقصوداً، ويتضمن ذلك سقوط حق الشرع، فيسقط حق الشرع في ضمن التصرف في حق نفسه، كما إذا أجاز المشتري المبيع ورضي به بعد الرؤية نصاً أو دلالة بمباشرة تصرف يدل على الرضا والإجازة، لأنه وإن ثبت حقاً للشرع لكن الشرع أثبته نظراً للعبد، حتى إذا رآه وصلح له اجازه وإن لم يصلح له رده، إذ الخيار هو التخيير بين الفسخ والاجازة فكان المشتري بالاجازة والرضا متصرفاً في حق نفسه مقصوداً ثم من ضرورة الإجازة لزوم العقد ومن ضرورة لزوم العقد سقوط الخيار فكان سقوط الخيار من طريق الضرورة لا بالإسقاط مقصوداً، ويجوز أن يثبت الشيء بطريق الضرورة وإن كان لا يثبت مقصوداً، كالوكيل بالبيع، إذا عزله الموكل ولم يعلم به فإنه لا ينعزل ولو باع الموكل بنفسه ينعزل الوكيل، كذا هنا. الكاساني 5 : 297 .
ولكن يسقط خيار الرؤية بموت صاحبه قبل أن يختار، فيلزم العقد بموته ولا ينتقل الخيار إلى ورثته لأن خيار الرؤية كخيار الشرط لا يورث بخلاف خيار التعيين والعيب فإنهما يورثان.
ويسقط خيار الرؤية أيضاً بهلاك بعض المبيع أو تعيبه أوتغييره قبل أن يختار الكاساني 5 : 296 297 .
ويسقط خيار الرؤية أيضاً بتصرف العاقد في المعقود عليه كتصرف المشتري في المبيع وهنا يجب التفرقة بين ما إذا صدر التصرف قبل رؤية المشتري للمبيع أو بعد رؤيته :
أ. فإن صدر قبل رؤيته، فإن كان التصرف لا يمكن رفعه كالإعتاق والتدبير أو كان لازماً ما يوجب حقاً للغير كالبيع والهبة مع التسليم والرهن والإجارة سقط خيار الرؤية ويبقى الخيار ساقطاً ولو انقضت هذه التصرفات اللازمة كما لو باع أو رهن أو أجر ثم رد بعيب أو أفتك الرهن أو انقضت مدة الإجارة فخيار الرؤية لا يعود بعد أن يسقط إذ الساقط لا يعود إلا بسبب جديد.
وإن كان التصرف الصادر من المشتري قبل الرؤية غير لازم كأن باع بشرط الخيار أو عرض للبيع أو وهب ولم يسلم له لم يسقط خيار الرؤية لأن هذه التصرفات يمكن للمشتري الرجوع فيها ولا يتعذر فسخها، وكل ما تدل عليه هو الرضا، والخيار قبل الرؤية لا يسقط بصريح الرضا فبدلالة الرضا أولى.
ب. وإن صدر التصرف بعد الرؤية فإنه يسقط خيار الرؤية، سواء كان يمكن رفعه أو لا يمكن تعذر فسخه أو لم يتعذر، إذ أقل ما يدل عليه هو الرضا، والخيار بعد الرؤية يسقط بالرضا صراحة أو دلالة.
انظر فتح القدير 5 : 14 142 وتراجع الماتان 321 و 235 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 341 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 187 أردني .

المادة 230
يتم الفسخ بخيار الرؤية بكل فعل أو قول يدل عليه صراحة أو دلالة بشرط علم المتعاقد الآخر.
المذكرة الإيضاحية :
الفسخ بخيار الرؤية كما هو في خيار الشرط وفي خيار التعيين لا يتوقف على رضاء أو قضاء ويكون بالفعل أو بالقول، صراحة أو دلالة كما في خيار الشرط وخيار التعيين ومثاله أن يقول المشتري وددت البيع أو فسخته أو ما يجرى هذا المجرى بعد الرؤية أو قبلها قبل القبض أو بعده.
وينفسخ العقد دون حاجة إلى رضاء البائع بالفسخ ودون حاجة إلى رفع الأمر إلى القضاء ولكن يشترط علم البائع بالفسخ عند أبي حنيفة ومحمد ولا يشترط هذا العلم عند أبي يوسف قال في فتح القدير 5 : 140 ولا يتوقف الفسخ على قضاء ولا رضاء بل بمجرد قوله رددت ينفسخ قبل القبض وبعده، ولكن بشرط علم البائع عند أبي حنيفة ومحمد خلافاً لأبي يوسف كما هو خلافهم في الفسخ في خيار الشرط.
وهل خيار الرؤية مؤقت بوقت؟
ذهب بعض الفقهاء إلى أنه مؤقت بعد الرؤية بقدر ما يتمكن فيه من الفسخ فإذا تمكن من الفسخ بعد الرؤية فلم يفسخ بطل خياره ولزم البيع فيه.
والمختار أنه لا يتوقف بل يبقى إلى أن يوجد ما يسقطه. فتح القدير 5 : 141 وقد رؤي في القانون تقييد الفسخ بالوقت الذي يتمكن فيه صاحب الخيار من الفسخ رغبة في إستقرار المراكز.
ووقت ثبوت الخيار هو وقت الرؤية لا قبلها ويترتب على ذلك أنه لو أجاز المشتري قبل الرؤية ورضي بالبيع صراحة بأن قال أجزت أو رضيت أو ما يجري هذا المجرى ثم رأى المبيع بعد ذلك فله أن يرده لأن نزوله عن الخيار قبل أن يثبت لا يعتد به لأن المعقود عليه قبل الرؤية مجهول بالوصف والرضا بالشيء قبل العلم به، والعلم بوجود سببه محال فكان ملحقاً بالعدم.
وأما الفسخ قبل الرؤية فقد اختلفت المشايخ فيه : قال بعضهم لا يجوز لأنه لا خيار قبل الرؤية، ولهذا لم تجز الاجازة فلا يجوز الفسخ، وقال بعضهم يجوز، وهو الصحيح لأن هذا عقد غير لازم فمكان محل الفسخ كالعقد الذي فيه خيار العيب وعقد الاجارة والإيداع وقد خرج الجواب عن قولهم أنه لا خيار قبل الرؤية لأن ملك الفسخ لم يثبت حكماً للخيار وإنما يثبت حكمه لعدم لزوم العقد الكاساني .295 : 5 وبالقول الصحيح أخذ المشرع.
والاجازة قد تكون صراحة أو دلالة ومثال الصريح أن يقول أجزت البيع أو رضيت أو أخترت وما يجري هذا المجرى سواء علم البائع بالاجارة أو لم يعلم لأن الأصل في البيع المطلق هو اللزوم والإمتناع لخلل في الرضا فإذا أجاز ورضي فقد زال المانع فيلزم.
وأما الدلالة فهو أن يوجد من صاحب الخيار تصرف في المعقود عليه بعد الرؤية يدل على الاجازة والرضا نحو ان يقبضه بعد الرؤية، لأن القبض بعد الرؤية دليل الرضا بلزوم البيع الكاساني 5 : 295 .
وتراجع المواد 320 و 322 و 332 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 340 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 88 أردني.

ج خيار التعيين
نظرة عامة :
صورة خيار التعيين أن يذكر شيئان أو ثلاثة أشياء وثمن كل إذا كان العقد بيعاً على أن يكون المعقود عليه أحدهما حسب اختيار صاحب الخيار فيصبح محل العقد معين بعد أن كان مجهولاً بعض الجهالة.
وهو يدخل العقود الناقلة للملكية من بيع وهبة بعوض ونحوها والقياس يأباه والاستحسان يجيزه.
وجه القياس أن المبيع مجهول لأنه باع أحدهما غير معين فكان المبيع مجهولاً فيمنع صحة البيع ووجه الاستحسان الاستدلال بخيار الشرط والجامع بينهما مساس الحاجة إلى دفع الغبن وكل واحد من الخيارين طريق إلى دفع الغبن وورود الشروع به هناك يكون وروداً ههنا ولأن الناس تعاملوا مع هذا البيع لحاجتهم إلى ذلك .
وقوله المعقود عليه مجهول ممنوع فإنه إذا شرط الخيار بأن قال على أن تأخذ أيهما شئت فقد انعقد البيع موجباً للملك عند اختياره لا للحال والمعقود عليه عنده اختيار معلوم مع أن هذه جهالة لا تفضي إلى المنازعة لأنه فوض الأمر إلى اختيار المشتري يأخذ أيهما شاء فلا تقع المنازعة .
وبالقياس أخذ زفر والشافعي وابن حنبل قال صاحب المهذب 1 : 263 ولا يجوز بيع عين مجهولة كبيع عبد من عبيد وثوب من أثواب، لأن ذلك غرر من غير حاجة ويجوز أن يبيع قفيزاً من صبره لأنه إذا عرف الصبرة عرف القفيز منها فزال الغرر. 
وبالإستحسان أخذ الحنفية، وبرأيهم أخذ هذا القانون الكاساني 5 : 156 157 .

المادة 231
يجوز الإتفاق على أن يكون المعقود عليه أحد شيئين أو أشياء ثلاثة ويكون خيار تعيينه من بينها لأحد المتعاقدين بشرط بيان بدل كل منها ومدة الخيار
المذكرة الإيضاحية :
خيار التعيين يتفرع من خيار الشرط ويذكر في كتب الفقه عادة ضمن خيار الشرط أو عقبه وخيار التعيين خيار يشترطه في البيع المشتري عادة بأن يكون المبيع أحد أشياء معينة يختار منها بعد التجربة أو بعد التأمل والتروي . فخيار التعيين يثبت الملك للمشتري في أحد هذه الأشياء غير عين. 
ويشترط ألا تزيد الأشياء التي يختار منها المشتري على ثلاثة لأن خيار التعيين شرع استحساناً على خلاف القياس للحاجة إلى دفع الغبن بالتحري والحاجة تندفع بالتحري في ثلاثة أشياء لا أكثر لإقتصار الأشياء على الجيد والوسط والردئ فيبقى الحكم فيما يزيد على الثلاثة مردودا إلى أصل القياس وهو المنع ويحتاج المشتري مثلاً إلى خيار التعيين إذا كان لا يمكنه دخول السوق بنفسه أو كان في حاجة إلى استشارة خبير فيما يأخذ وفيما يدع، فيشترط هذا الخيار ليتسنى له اختيار ما يناسبه خارج السوق أو بعد الرجوع إلى رأي الخبير.
ويأخذ زفر والشافعي بالقياس فعندهما خيار التعيين يفسد البيع ومصدر الخيار اشتراطه في العقد ذاته فلا بد أن يشترط في عقد البيع أن يكون للمشتري مثلاً الخيار في أن يأخذ أي الأشياء يختاره بثمن معين فإذا خلا البيع من هذا الشرط فسد فإذا قال البائع للمشتري بعتك داراً من هذين بألف ولم يذكر على أنك بالخيار في أيهما شئت لا يجوز اتفاقاً كقوله بعتك داراً من دوري.
والأصل أن يكون خيار التعيين للمشتري وهل يجوز أن يكون للبائع ؟ ذهب رأي إلى عدم جواز ذلك لأن الأشياء كلها كانت في يده فهو أدرى بما يرى بيعه منها فليس في حاجة إلى الخيار . وذهب رأي آخر إلى جواز أن يكون للبائع أيضاً قياساً على خيار الشرط ولأنه قد يكون في حاجة إليه إذا كان رأيه لم يستقر على أي الأشياء يبيع فتح القدير 5 : 131 وقد أختار المشرع الأخذ بالرأي الأخير وهل يجوز للأثنين معاً :
وذهب على حيدر إلى جوازه شرح المادة 316 من المجلة ولم يأخذ النص بذلك.
ولا بد أن يعين ثمن كل واحد من الأشياء المعروضة على المشتري وإلا فسد البيع لجهالة الثمن.
وهذه المادة تقابل المادة 189 أردني.

المادة 232
إذا لم يحدد المتعاقدان مدة للخيار أو انقضت المدة المحددة لأحدهما دون أن يختار جاز للطرف الآخر أن يطلب من القاضي تحديد مدة الخيار أو تحديد محل التصرف.
المذكرة الإيضاحية :
هل يشترط بيان مدة لخيار التعيين ؟ ذهب رأي إلى أنه يجوز خيار التعيين من غير بيان المدة لأن خيار التعيين بخلاف خيار الشرط لا يمنع ثبوت الحكم في الحال في أحد الأشياء غير عين إنما يمنع تعيين المبيع فلا يشترط له بيان المدة وذهب رأي آخر إلى اشتراط بيان المدة لأن المبيع لو كان شيئاً واحداً معيناً وشرط فيه الخيار كان بيان المدة شرط الصحة وكذلك يكون الحكم لو كان المبيع شيئاً واحداً غير معين إذ أن ترك التوقيت تجهيل لمدة الخيار وهذا مفسد للبيع .
وذهب رأي آخر إلى وجوب بيان المدة . ويكون حدها هو حد المدة في خيار الشرط وقد تقدم أن عند أبي حنيفة لا يجوز أن تزيد المدة على ثلاثة أيام وعند أبي يوسف ومحمد يجوز الاتفاق على أية مدة ولو طالت وعند مالك تتقدر المدة بتقدير الحاجة .
الكاساني 5 : 157 ، والسرخسي المبسوط 13 : 55 وفتح القدير 5 : 132 وتراجع المادة 317 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 409 من مرشد الحيران . وقد أخذت هذه المادة بجواز لجوء المتعاقد للقضاء لتحديد مدة الخيار أو محل التصرف.
وهذه المادة تقابل المادة 408 أردني.

المادة 233
يكون العقد غير لازم لمن له حق الخيار حتى يتم إعمال هذا الحق فإذا تم الخيار صراحة أو دلالة أصبح العقد نافذا لازما فيما تم فيه.
المذكرة الإيضاحية :
أن العقد مع خيار التعيين يكون غير لازم حتى يستعمل صاحب الخيار حقه والاختيار يكون صراحة كأن يقول في البيع أخذت هذا الثوب أو رضيت به فإذا اختار أحدهما فقد عين ملكه فيه فيلزم البيع ويكون دلالة بأن يوجد منه فعل في أحد المعقود عليه يدل على تعيين الملك فيه كأن يتصرف صاحب الخيار تصرف المالك فيكون هذا دليلاً على أنه اختاره، انظر الكاساني ج/ص 261 و 262 وتراجع المواد من 316 318 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من 409 412 من مرشد الحيران . ورؤي أن لا يتعرض في المادة لحكم هلاك أحد الأشياء المعقود عليها أو هلاكها كلها لأن محل ذلك كله هو المادة 235 .
وهذه المادة تقابل المادة 190 أردني.

المادة 234
يستند تعيين الخيار الى وقت نشوء العقد.
المذكرة الإيضاحية :
تراجع المذكرة الإيضاحية للمادة السابقة مع مراجعها.
وهذه المادة تقابل المادة 191 أردني .

المادة 235
1. إذا كان خيار التعيين للمشتري وهلك أحد الشيئين في يد البائع كان المشتري بالخيار إن شاء أخذ الشيء الآخر بثمنه وان شاء تركه أما إذا هلك الشيئان معا فيبطل البيع.
أما إذا كان الهلاك بعد قبض المشتري المبيع وهلك أحد الشيئين في يد المشتري تعين الهالك للبيع ولزم المشتري ثمنه وتعين الشيء الآخر أمانة.
وإن هلك الشيئان معاً على التعاقب هلك الأول مبيعا والثاني أمانة وان هلكا في وقت واحد لزم المشتري ثمن نصف كل منهما.
2. فإذا كان خيار التعيين للبائع وهلك أحد الشيئين قبل القبض أو بعده كان البائع بالخيار بين أن يلزم المشتري الشيء الباقي وبين أن يفسخ العقد أما إذا هلك الشيئان قبل القبض بطل العقد.
وإذا هلك الشيئان بعد القبض على التعاقب هلك الأول أمانة والثاني بيعا وان هلكا في وقت واحد لزم المشتري ثمن نصف كل منهما.
المذكرة الإيضاحية :
وقد حددت هذه المادة أحكام هلاك المبيع في حالة ما إذا كان الخيار للمشتري أو للبائع وفي حالة ما إذا كان الهلاك قبل القبض أو بعده وما إذا كانت الأشياء محل العقد قد هلكت معاً أو على التعاقد المبسوط للسرخسي ج 3 ص 55 والبدائع ج 5 ص 261 وفتح القدير ج 5 ص 131 والحطاب ج 4 ص 423 والسنهوري في مصادر الحق في الفقه الإسلامي ج 4 ص 221 .
وهذه المادة تقابل المادة 410 أردني.

المادة 236
إذا مات من له خيار التعيين في مدة الاختيار انتقل حقه الى ورثته.
المذكرة الإيضاحية :
خيار التعيين يورث بالإجماع على خلاف خيار الشرط فإنه لا يورث على اصل الحنفية كما تقدم، فإذا مات صاحب خيار التعيين وكان معه خيار الشرط لزم العقد ورثته اذا انقطع خيار الشرط بموت صاحبه لأنه لا يورث فيلزم العقد ويبقى خيار التعيين مع لزوم العقد، وعلى ورثة صاحب الخيار أن تختار أي الأشياء يكون هو المعقود عليه، فخيار التعيين بخلاف خيار الشرط يورث كما يورث خيار العيب، لتعلق الخيار بالمبيع أكثر من تعلقه بمشيئة العاقد.
وإذا لم يكن مع خيار التعيين خيار الشرط ومات صاحب الخيار قبل أن يعين ثبت خيار التعيين لورثته. البدائع 5 : 157 وفتح القدير 5 : 131 132 .
وتراجع المادة 319 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 413 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المادة 192 أردني.

د خيار العيب
المادة 237
يثبت حق فسخ العقد بخيار العيب في العقود التي تحتمل الفسخ دون اشتر اطه في العقد.

المادة 238
يشترط في العيب لكي يثبت به الخيار أن يكون قديما مؤثراً في قيمة المعقود عليه وان يجهله المشتري وان لا يكون البائع قد اشترط البراءة منه.
المذكرة الإيضاحية :
خيار العيب يثبت دون الحاجة إلى اشتراطه صراحة وهو من هذه الناحية يفارق خيار الرؤية فخيار الرؤية يثبت بالشرع لا بالشرط أما خيار العيب فيثبت بالشرط وإن كان ثبوته بالشرط دلالة، على خلاف خيار الشرط وخيار التعيين اللذين يثبتان بالشرط صراحة استنادا إلى أن " السلامة شرط في العقد دلالة، فما لم يسلم المبيع لا يلزم البيع فلا يلزم حكمه، والدليل على أن السلامة مشروطة في العقد أن السلامة في المبيع مطلوب المشتري عادة ..... لأن غرضه الانتفاع بالمبيع ولا يتكامل انتفاعه إلا بقيد السلامة ولأنه لم يدفع جميع الثمن إلا ليسلم له جميع المبيع فكانت السلامة مشروطة في العقد دلالة . فكانت كالمشروط نصاً فإذا فاتت المساواة كان له الخيار . وكذا السلامة من مقتضيات العقد أيضاً لأنه عقد معاوضة والمعاوضات مبناها على المساواة عادة وحقيقة فإذا لم يسلم المبيع للمشتري يثبت له الخيار". الكاساني 5 : 274 .
وهو كخيار الرؤية أيضاً، لا يثبت إلا في العقود التي تحتمل الفسخ كالبيع والاجارة والقسمة والصلح عن مال على شيء بعينه.
ويشترط لثبوت هذا الخيار :
أولًا : في المعقود عليه : أن يكون عيناً معينة بالذات.
ثانياً : في العيب الذي يلحق بالعين :
أ. أن يكون مؤثراً في قيمة المبيع وذلك إذا كان من شأنه أن يوجب نقصان الثمن في عادة التجار نقصاناً فاحشاً أو يسيراً كالعمى والعور والحول والبرص والشلل وغيرها مما يفيض فيه الفقهاء بصدد الكلام على عيوب الرقيق، وكالحران والجماح في الخيل وكالهشم في الأواني والصدع في الحائط ... إلخ والمعمول عليه في ذلك هو عرف التجارة فما كان من شأنه أن ينقص ثمن المبيع في عرفهم فهو عيب معتبر.
ب. أن يكون قديماً أي ثابتاً وقت عقد البيع أو بعد ذلك ولكن قبل التسليم حتى لو حدث بعد التسليم لا يؤثر لأن ثبوته لفوات صفة السلامة المشروطة في العقد دلالة وقد حصلت السلعة سليمة في يد المشتري إذ العيب لم يحدث إلا بعد التسليم، ويجب أن يبقى العيب ثابتاً بعد التسليم لأن العيب حدث قبل التسليم وزال أيضاً قبله فقد قبض المشتري المبيع سليماً من العيب فلا يكون له خيار.
ج. أن يكون غير معلوم من المشتري وقت العقد ووقت القبض معا فًإن علم بالعيب في وقت من هذين الوقتين فلا اخيار له لأن علمه بالعيب عند العقد رضاء منه دلالة وعلمه به عند القبض رضاء منه أيضاً لأن تمام الصفقة متعلق بالقبض ف كان العلم عند القبض كالعلم عند العقد. 
ثالثاً : ألا يكون البائع قد اشترط البراءة من العيب : 
ذلك أنه قد يرضى المشتري بالعيب دون أن يعلم به، وذلك إذا اشترط البائع عليه البراءة من العيب فقبل منه هذا الشرط وفي ذلك تفصيل :
فإذا أبرأ المشتري البائع من كل عيب أو من عيب بالذات قائم وقت العقد فإن الإبراء لا يتناول العيب الذي يحدث بعد البيع وقبل القبض .
وإن أبرأه من كل عيب أو من عيب بالذات بعد البيع وقبل القبض فالشرط فاسد لأن الإبراء لا يحتمل الإضافة إلى زمن المستقبل ولا التعليق بالشرط فهو وإن كان إسقاطاً إلا أن فيه معنى التمليك، ولهذا لا يحتمل الإرتداد بالرد، فكان بيعاً دخل فيه شرط فاسد ففسد العقد.
وان أبرأه من كل عيب أو عيب بالذات وأطلق البراءة دون أن يخصص بالعيب القائم وقت العقد أو العيب الحادث بعده، انصرف ذلك عند محمد إلى العيب القائم وقت العقد دون العيب الحادث بعده، وعند أبي يوسف تعم البراءة العيبين، ويبرأ البائع من العيب القائم وقت العقد والعيب الحادث بعده .
يراجع الكاساني 5 : 273 و 274 278 والمواد من 237 355 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 342 و 525 544 من مرشد الحيران.
وهاتان المادتان تقابلان المادتين 193 و 194 أردني.

المادة 239
1. إذا توفرت في العيب الشروط المبينة في المادة السابقة كان العقد غير لازم بالنسبة لصاحب الخيار قبل القبض قابلا للفسخ بعده.
2. ويتم فسخ العقد قبل القبض بكل ما يدل عليه دون حاجة الى تراض أو تقاض بشرط علم المتعاقد الآخر به أما بعد القبض فانه يتم بالتراضي أو التقاضي.
المذكرة الإيضاحية :
إذا توافرت في العيب الشروط المتقدمة الذكر لم يمنع ذلك من انعقاد العقد صحيحاً نافذاً لازماً من جهة العاقد الآخر ولكنه يكون غير لازم من جهة صاحب الخيار.
ففي البيع يثبت الملك للمشتري في المبيع للحال، لأن ركن البيع مطلق عن الشرط، أما شرط السلامة الثابت دلالة فهو ليس بشرط في السبب كخيار الشرط وليس بشرط في الحكم كخيار الرؤية فيكون أثره في منع أصل الحكم، أما خيار الشرط فقد دخل على السبب فمنع انعقاده في حق الحكم مدة الخيار ولذلك لا يزول الملك عن البائع بشرط الخيار مدة خياره، وأما خيار الرؤية فقد دخل على الحكم ومنع تمامه فمنع لزوم العقد حتى بعد القبض، وهذا بخلاف خيار العيب فإنه لا يدخل على السبب ولا على الحكم كما قدمنا، فهو يجعل العقد غير لازم قبل القبض قابلاً للفسخ بعد القبض أما كونه غير لازم قبل القبض فدليل ذلك أن المبيع إذا كان لا يزال في يد البائع وأراد المشتري الرد بالعيب فإنه لا يحتاج إلى التراضي أو التقاضي أما بعد القبض فيحتاج إلى التراضي أو التقاضي. الكاساني 5 : 273 274
وإذا كان المعقود عليه لا يزال في يد صاحبه وأراد صاحب الخيار الرد بالعيب فإنه لا يحتاج إلى التراضي أو التقاضي بل يكفي أن يقول رددت البيع أو ما يجري هذا المجرى ليفسخ العقد، ذلك لأن العقد غير لازم قبل القبض، أما بعد القبض فقد تمت الصفقة وإنما يكون العقد قابلاً للفسخ لفوات شرط السلامة ومن ثم لا يجوز الفسخ إلا بالتراضي أو بالتقاضي ولا ينفسخ بمحض إرادة المشتري كما كان الأمر قبل القبض والصفقة لم تتم على خلاف خيار الرؤية وخيار الشرط على ما تقدم .
فالعبرة اذن فيما إذا كان الرد يتم بمحض الإرادة أو لابد فيه من التراضي أو التقاضي إنما تكون بعد إتمام الصفقة أو بتمامها فإذا لم تتم الصفقة كما هو الأمر في خياري الشرط والرؤية قبل القبض وبعد القب ض كما هو الأمر في خيار العيب قبل القبض، كان الرد بمحض إرادة من له الخيار وإذا تمت الصفقة كما هو الأمر في خيار العيب بعد القبض، فإن الرد لا يكون إلا بالتراضي أو بالتقاضي، ذلك أنه إذا لم تتم الصفقة كان الرد نقضا لصفقة لم تتم فيكون أقرب إلى أن يكون رجوعاً في الإيجاب قبل القب ض الذي هو بمثابة القبول فلا حاجة فيه إلى التراضي، أما إذا كانت الصفقة قد تمت فالرد لا يكون مجرد نق ض تكفي فيه إرادة من له الخيار، بل هو فسخ لصفقة قد تمت فلابد فيه من التراضي أو التقاضي فإن العقد لا ينفسخ إلا على النحو الذي به ينعقد وهو لا ينعقد بأحد العاقدين فلا ينفسخ بأحدهما.
يراجع الكاساني 5 : 281
وعند الشافعي أيضاً بعد القبض ينفسخ العقد بخيار العيب بقوله " رددت من غير الحاجة إلى تراض أو تقاض ".
وفي البيع مثلاً إذا ثبت المشتري الرد خيار العيب كان له أن ينقض البيع قبل القبض بإرادته وحده، كأن يقول فسخت البيع أو نقضته أو رددته وما هو في معناه ويشترط علم البائع بالفسخ عند أبي حنيفة ومحمد ولا يشترط هذا العلم عند أبي يوسف كما هو خلافهما في خيار الشرط وخيار الرؤية، أما بعد القبض فالنقض لا يكون إلا بالتراضي أو بالتقاضي .
وهذه المادة تقابل المادة 195 أردني.

المادة 240
يترتب على فسخ العقد للعيب رد محله الى صاحبه واسترداد ما دفع.
المذكرة الإيضاحية :
إذا فسخ العاقد بخيار العيب وجب عليه رد المعقود عليه إن كان قبضه إلى العاقد الآخر كما يجب على العاقد الآخر أن يرد إليه البدل إن كان قبضه المشتري مثلاً إذا كان قبض المبيع المعيب وفسخ العقد وجب عليه رده إلى البائع ووجب على البائع رد الثمن إلى المشتري إن كان قبضه منه.
وهذه المادة تقابل المادة 196 أردني.

المادة 241
1. يسقط خيار العيب بالإسقاط الرضا بالعيب بعد العلم به وبالتصرف في المعقود عليه ولو قبل العلم به وبهلاكه أو نقصانه بعد القبض وبزيادته قبل القبض زيادة متصلة غير متولدة منه بفعل المشتري وبعد القبض زيادة منفصلة متولدة عنه.
2. ولا يسقط خيار العيب بموت صاحبه ويثبت لورثته.
المذكرة الإيضاحية :
يسقط خيار العيب للأسباب الآتية :
أ. إسقاط المشتري للخيار إسقاطاً صريحاً أو هو ما في معنى الصريح نحو أن يقول أسقطت الخيار أو أبطلته أو ألزمت البيع أو أوجبته وما يجري هذا المجرى لأن خيار العيب حقه فله أن ينزل عنه وكإسقاط الخيار إبراء المشتري البائع من العيب لأن الإبراء إسقاط، وله ولاية الإسقاط والخيار حقه والمحل قابل للسقوط، بخلاف خيار الرؤية فلا يسقط بالإسقاط المقصود الصريح.
ب. رضاء المشتري بالعيب بعد العلم به : وذلك لأن حق الرد إنما هو لفوات السلامة المشروطة دلالة في العقد وإذا رضي المشتري بالعيب بعد العلم به فقد دل على أنه نزل عن هذا الشرط أو أنه لم يشترطه ابتداء، والرضا قد يكون صريحاً كأن يقول المشتري رضيت بالعيب أو أجزت هذا المبيع وما يجري هذا المجرى وقد يكون الرضا دلالة كأن يصدر من المشتري بعد العلم بالعيب فعل يدل على الرضا به كما إذا كان المبيع ثوباً فصبغة أو قطعة أو أرضاً فبني عليها أو حنطة فطحنها أو لحماً فشواه، ويعتبر تصرف المشتري في المبيع بعد العلم بالعيب رضاء بالعيب دلالة، فإذا باع المبيع أو وهبة وسلمه أو اعتقه أو كاتبه أو دربه، كان في الإقدام على هذه التصرفات مع العلم بالعيب دليل على الرضاء بالعيب.
ج. تصرف المشتري في المبيع قبل العلم بالعيب بأن أخرجه عن ملكه حتى قبل علمه بالعيب فإنه يسقط خياره لتعذر رد المبيع إلى البائع، فإذا باع المبيع أو وهبه وسلمه وهو غير عالم بالعيب سقط خياره ولكن لو فسخ تصرفه ورد إليه المبيع بخيار شرط أو بخيار رؤية مثلاً، عاد حق خيار العيب للمشتري وجاز له رد المبيع للبائع.
د. هلاك المبيع وذلك لفوات محل الرد فإن هلك المبيع قبل القبض في يد البائع انفسخ المبيع ولا يرجع البائع على المشتري بشيء من الثمن وإن هلك وهو في يد المشتري فهلاكه عليه لأنه قد قبضه ولكنه يرجع على البائع بنقصان الثمن بسبب العيب.
هـ. نقصان المبيع قبل القبض بغير فعل المشتري أو فعل أجنبي أي بفعل البائع أو بفعل المبيع أو بآفة سماوية فهذا وما لم يكن به عيب سواء ويكون للمشتري الخيار : إن شاء اخذ المبيع وطرح قدر النقصان وإن شاء ترك كما اذا لم يجد بالمبيع عيباً ذلك أن له الخيار في الرد حتى ولو لم يكن بالمبيع عيب فلا يحتاج إلى خيار آخر وإن كان النقصان بفعل المشتري كان للمشتري ان يرجع المبيع بالعيب، وان شاء رجع بنقصان العيب على البائع ولكن للبائع في هذه الحالة أن
يأخذ المبيع فيسقط جميع الثمن وإن كان النقصان بفعل أجنبي فالمشتري بالخيار : إن شاء رضى بالمبيع بجميع الثمن وأتبع الجاني بالأرش وان شاء ترك ويسقط عنه جميع الثمن واتبع البائع الجاني بالأرش كما إذا لم يجد المشتري بالمبيع عيباً .
وإذا نقص المبيع بعد القبض وهو في يد المشتري، أيا كان سبب النقص ثم وجد المشتري به عيباً لم يكن له أن يرده بالعيب ذلك أن شرط الرد أن يكون المردود عند الرد على الصفة التي كان عليها عند القبض ولم يوجد، لأن المبيع خرج من ملك البائع معيباً بعيب واحد ويعود على ملكه معيباً بعيبين، العيب القديم والنقصان، وهو إذا كان يضمن العيب القديم فإنه لا يضمن النقصان لأنه حدث بعد القب ض والمبيع في يد المشتري فانعدام شرط الرد وللمشتري أن يرجع بنقصان الثمن للعيب، إلا إذا رضي البائع بأخذ المبيع ورد كل الثمن.
وفي مذهب مالك للمشتري أن يرد المبيع في هذه الحالة ويرد معه أرش النقصان لأن حق الرد بالعيب ثبت نظراً للمشتري فلو امتنع إنما يمتنع نظراً للبائع والمشتري باستحقاق النظر أولى من البائع، لأنه لم يدلس العيب والبائع قد دلس.
ابن جزى، القوانين الفقهية ص 266 .

و. زيادة المبيع :
إن حدثت الزيادة قبل القبض :
فإن كانت متصلة متولدة من الأصل كالكبر والسمن فإنه لا تمنع الرد بالعيب لأن هذه الزيادة تابعة للأصل فكانت مبيعة تبعاً وما كان تبعاً في العقد يكون تبعاً في الفسخ.
وإن كانت متصلة غير متولدة من الأصل كالصبغ في الثوب والبناء في الأرض فإنها تمنع الرد بالعيب لأن هذه الزيادة ليست بتابعة بل هي أصل بنفسها فتعذر رد المبيع إذ لا يمكن رده بدون الزيادة لتعذر الفصل ولا يمكن رده مع الزيادة لأنها ليست بتابعة في العقد فلا تكون تابعة في الفسخ ولأن المشتري صار قابضاً للمبيع بإحداث هذه الزيادة فصار كأنها أحدثت بعد القبض ويكون للمشتري الرجوع بنقصان الثمن .
وإن كانت الزيادة منفصلة متولدة من الأصل كالولد والثمر واللبن فإنها لا تمنع الرد بالعيب فإن شاء المشتري ردها جميعاً وإن شاء رضي بهما بجميع الثمن.
وإن كانت الزيادة منفصلة غير متولدة من الأصل كالغلة والكسب فإنها لا تمنع الرد بالعيب، لأن هذه الزيادة ليست بمبيعة وإنما هي مملوكة بملك الأصل، فالرد يفسخ العقد في الأصل وتبقى الزيادة مملوكة للمشتري بغير ثمن عند أبي حنيفة لكنها لا تطيب له لأنها وإن حدثت على ملكه إلا أنها ربح ما لم يضمن، وعند أبي يوسف ومحمد تكون الزيادة للبائع لكنها لا تطيب له.
وإن حدثت الزيادة بعد القبض:
فإن كانت متصلة متولدة من الأصل فإنها لا تمنع الرد بالعيب وإن رضي المشتري بردها مع الأصل التي هي تابعة له، وان أبى المشتري الرد وأراد الرجوع بنقصان الثمن كان له ذلك عند أبي حنيفة وأبي يوسف وعند محمد ليس للمشتري ان يرجع بنقصان الثمن على البائع إذا أراد البائع استرداد المبيع معيباً ورد الثمن كله.
وإن كانت الزيادة متصلة غير متولدة من الأصل فإنها لا تمنع الرد بالعيب ويرجع المشتري على البائع بنقصان الثمن وإن كانت الزيادة منفصلة متولدة من الأصل فإنها تمنع الرد بالعيب ويرجع المشتري بنقصان الثمن لأن الزيادة حصلت في ضمان المشتري فإن ردها مع الأصل كانت للبائع ربح ما لم يضمن وإن استبقاها ورد الأصل فإنها تبقى في يده بلا ثمن وهذا تفسير الربا وهذا بخلاف هذه الزيادة قبل القبض فإنها تحصل في ضمان البائع فجاز ردها مع الأصل إلى البائع لحصولها في ضمانه ومن ثم جاز الرد بالعيب كما قدمنا .
وإن كانت الزيادة منفصلة غير متولدة من الأصل فإنها لا تسع الرد بالعيب ويرد الأصل على البائع والزيادة للمشتري طيبة له لأنها حصلت في ضمانه .
2. ولا يسقط خيار العيب بموت المشتري فإذا مات ثبت لورثته وكخيار العيب في ذلك خيار التعيين فإنه أيضاً يثبت للوارث بخلاف خيار الشرط وخيار الرؤية فإنهما لا يورثان على ما تقدم.
انظر المراجع المشار إليهما في المادتين 237 ، 238
وهذه المادة تقابل المادة 197 أردني .

المادة 242
لصاحب خيار العيب أيضا إمساك المعقود عليه والرجوع بنقصان الثمن.
المذكرة الإيضاحية :
في المذهب الحنفي ليس للمشتري أن يمسك المبيع معيباً ويرجع على البائع بنقصان الثمن لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن في مجرد العقد، ولأن البائع لم يرض بزوال المبيع عن ملكه بأقل من الثمن المسمى فيتضرر بنقصان هذا الثمن ودفع الضرر عن المشتري ممكن برده للمبيع، ولأن حق الرجوع بالنقصان كالخلف عن الرد والقدرة على الأصل تمنع المصير إلى الخلف. على أن للمشتري أن يرجع بنقصان الثمن إذا توافرت الشروط الآتية :
1. أن يتعذر على المشتري رد المبيع كأن هلك المبيع أو نقص أو زاد وهو في يده.
2. أن يكون هذا التعذر غير آت من قبله فإن كان التعذر آتياً من قبله لم يرجع بنقصان الثمن لأنه يصير حابساً المبيع بفعله ممسكاً عن الرد فلو باع المبيع المعيب أو وهبه ثم علم بالعيب لم يرجع بنقصان الثمن لأنه بالبيع أو الهبة صار ممسكاً عن الرد، ولو كان المبيع داراً فبناها مسجداً ثم اطلع على العيب لم يرجع بالنقصان، لأنه لما بناها مسجداً فقد أخرجها عن ملكه فصار كما لو باعها، ولو كان المبيع طعاماً فأكله أو ثوباً فلبسه حتى تخرق لم يرجع بالنقصان في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد يرجع وجه قولهما أن أكل الطعام وليس الثوب استعمال الشيء فيما وضع له وانه انتفاع لا إتلاف .
وجه قول أبي حنيفة أن المشتري يأكل الطعام ولبس الثوب أخرجهما عن ملكه حقيقة ولو استهلك الطعام أو الثوب لسبب آخر وراء الأكل واللبس ثم وجد به عيباً، لم يرجع بالنقصان بلا خلاف، لأن استهلاكهما في غير ذلك الوجه إبطال محض.
3. ألا يصل إلى المشتري عوض عن المبيع، فإن وصل إليه عوضه كأن قتل اجنبي العبد المبيع في يده خطأ، لم يرجع بالنقصان في ظاهر الرواية، لأنه لما وصل إليه عوضه صار كأنه باعه، ولو باعه ثم اطلع على عيب به لم يرجع، فإذا توافرت هذه الشروط كان للمشتري الرجوع بنقصان الثمن.
ويكون الرجوع بنقصان الثمن على الوجه الآتي : يقوم المبيع غير مبيع ثم يقوم بالعيب ولا يدفع المشتري للبائع من الثمن إلا  حصة تعادل النسبة بين هاتين القيمتين، فلو كانت قيمة المبيع غير معيب عشرين وكانت قيمته معيباً خمسة عشر فالنسبة بين هاتين القيمتين نسبة ثلاثة إلى أربعة، فلو كان الثمن ستة عشر لم يجب على المشتري من الثمن إلا ثلاثة أرباعه، أي أثنا عشر ورجع بالنقصان وهو أربعة .
يراجع في تفصيل ذلك : الكاساني 5 : 286 وما بعدها.
وفي المذهب الشافعي كالمذهب الحنفي في أن صاحب الخيار له أن يرد المعقود عليه والرجوع بأرش العيب وكذا ليس للعاقد الآخر إلزامه بإمساك المعقود عليه المعيب مع إنقاص الثمن.
وفي المذهب المالكي يقسم العيوب إلى ثلاثة أقسام:
عيب غير مؤثر وهو الذي لا ينقص من الثمن وليس فيه شيء.
وعيب يسير وهو الذي ينتقص من الثمن فيحط على المشتري من الثمن بقدر نقص العيب.
وعيب فاحش ويكون المشتري فيه بالخيار بين الرد والإمساك فإذا أمسك ليس له أن يرجع بنقصان الثمن.
ففي العيب الفاحش يتلاقى المذهبان الحنفي والمالكي ابن جزى، القوانين الفقهية ص 267 .
وفي المذهب الحنبلي يكون للمشتري الخيار بين الرد أو الإمساك مع الرجوع بنقصان الثمن ففي الشرح الكبير " فمن اشترى معيباً لا يعلم عيبه فله الخيار بين الرد والإمساك مع الأرش وهو قسط ما بين قيمة الصحيح والمعيب من الشيء فإن اختار إمساك المعيب وأخذ الأرش فله ذلك وبه قال أبو إسحاق وقال أبو حنيفة والشافعي ليس له إلا الإمساك أو الرد ولا أرش له إلا أن يتعذر رد المبيع ". الشرح الكبير 4 : 86
وقد رؤي الأخذ بالمذهب الحنبلي، لأن الأحكام الموضحة فيه أيسر على الناس.
وتراجع المراجع المشار إليها في المادتين 237 ، 238
وهذه المادة تقابل المادة 198 أردني.

الفرع الثالث
آثار العقد
نظرة عامة :
بعد أن فرغ المشرع من الكلام على العقد في مرحلة نشوئه، شرع في الكلام عليه من حيث أثره والمراد هنا العقد الصحيح النافذ المنجز، ويدخل في اثر العقد تنفيذه ويرتبط بتنفيذ العقد تفسيره لأن التنفيذ يقتضي التفسير ولأنهما يؤديان إلى نتيجة واحدة .
والكلام على الأثر يتناول ناحيتين : ناحية الموضوع وناحية الأشخاص، أما من ناحية الموضوع فقد بين المشرع أن للعقد حكماً يقع من تلقاء نفسه بمجرد انعقاد العقد وحقوقاً بعضها على عاتق أحد العاقدين وبعضها على عاتق الآخر إن كان العقد من عقود المبادلات وقد بين المشرع أن هذه الحقوق يجب على العاقد الوفاء بما يلزمه العقد منها، وبين حدود ما يجب عليه منها وكيفية الوفاء، كما أعطى في العقود المنشئة لالتزامات متقابلة للعاقد أن يمتنع عن الوفاء بالتزامه إن لم يف الطرف الآخر بالتزامه المقابل وخول المحكمة في عقد الإذعان الحق في تعديل الشروط التعسفية أو الإعفاء منها كما وجد أن من الحوادث ما يكون شاذا لا يمكن توقعه دون أن يكون للعاقدين مندوحة عنه ومثل هذه الحوادث تؤدي إلى استحالة تنفيذ الإلتزام وإلا كانت من قبيل القوة القاهرة وإنما تجعل هذا التنفيذ مرهقاً فادحاً وفي هذه الحالة خول المشرع القاضي أن يتدخل لينقص الإلتزام المرهق إلى الحد المعقول بعد تقدير مصالح المتعاقدين تقديراً عادلاً.
وأما من ناحية الأشخاص فقد تناول تحديد آثار العقد بالنسبة إلى الخلف الخاص ثم بيّن آثار العقد بالنسبة إلى غير المتعاقدين فقرر القاعدة العامة التي تجيز الاشتراط لمصلحة الغير وحدد في نصوص جلية مفصلة شروط الاشتراط لمصلحة الغير وآثاره وأجاز الاشتراط لمصلحة شخص مستقبل أو شخص غير معين وقت العقد ثم تناول الوعد بالتزام الغير فأورد نصاً للأحكام العامة فيه وقد أشير ابتداء إلى الفارق الجوهري بين الاشتراط لمصلحة الغير والوعد بالتزام الغير فالأول يخول الغير حقاً مباشراً على نقيض الثاني فهو لا يلزم الغير بذاته فالواعد يلتزم شخصياً أما الغير فلا يلتزم إلا بمقتضى إقراره للوعد، ولا يكون لهذا الإقرار أثراً إلا من وقت صدوره ما لم تنصرف الإرادة إلى غير ذلك.
وبعد الكلام عن الأثر انتقل إلى الكلام على التفسير وقد اقتصر المشرع في ذلك على إيراد ضوابط مجملة ورغب عن القواعد التفصيلية التي تصادف عادة في التقنيات اللاتينية، وهذه الضوابط مأخوذة عن المجلة وعن القانون المدني الأردني والمصري والسوري والعراقي.
وانه وإن كانت المادة 2 من القانون تنص على أنه " يرجع في فهم النص وتفسيره وتأويله ودلالاته إلى قواعد أصول الفقه " إلا أنه رؤي من باب التيسير والتقريب إيراد بعض قواعد التفسير ونص على أحكام خاصة بعقود الاذعان إذ ينبغي أن يراعي في تفسير هذه العقود ما قد يقع من غفلة المذعن عن بعض الشروط الجائرة فينبغي تفسير ما يغمض من الشروط فيها على وجه لا يضر بالمذعن، دائناً كان أو مديناً، إذ ليس له على كلا الحالين يد في هذا الموضوع.

الفرع الثالث
آثار العقد
1 بالنسبة للمتعاقدين
المادة 243
1. يثبت حكم العقد في المعقود عليه وبدله بمجرد انعقاده دون توقف على القبض أو أي شيء آخر ما لم ينص القانون على غير ذلك.
2. أما حقوق العقد التزاماته فيجب على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد عليه منهما.
المذكرة الإيضاحية :
يميز الفقه الإسلامي بين حكم العقد وحقوق العقد وحكم العقد وهو الأثر الأصلي للعقد والغرض الذي قصد إليه المتعاقدان من إنشائه، وحقوق العقد هي ما يستتبعه العقد من إلتزامات ومطالبات تؤكد حكمه وتحفظه وتكمله فعقد البيع حكمه نقل ملكية المبيع إلى المشتري وثبوت الملك في الثمن للبائع، وحقوقه إلزام البائع بتسليم المبيع وقبوله إذا رد إليه بسبب الغيب وبثبوت حقه في المطالبة بالثمن وإلزام المشتري بأداء الثمن وثبوت حقه في المطالبة بتسليم المبيع ورد المبيع إذا وجده معيباً وغير ذلك من الحقوق التي تثبت لكل عاقد قبل صاحبه تكميلاً لأثر العقد ومحافظة عليه وتوفيراً لكمال الانتقاع به وحكم العقد يثبت من تلقاء نفسه بمجرد انعقاد العقد فهو أثر مباشر للانعقاد فهو لا يثبت التزاما في ذمة العاقد ثم يتولى العاقد الوفاء به بل يتحقق ذاتياً بمجرد انعقاد العقد أما حقوق العقد فهي التزامات ومطالبات تثبت في ذمة العاقد ويجب عليه الوفاء بها.
وذلك على خلاف القانون فالعقد فيه ليس إلا مصدراً للالتزامات وكل أثره ينحصر في إنشاء التزامات في ذمة أحد الطرفين أو كليهما.
لذلك حرص المشرع على إبراز هذا الفارق بالنص في المادة الحالية على أن حكم العقد يتحقق في المعقود عليه وبدله من تلقاء نفسه بمجرد انعقاد العقد دون توقف على القبض أو أي شيء آخر أما حقوق العقد فتثبت في ذمة العاقد ويجب عليه الوفاء بها وفقاً لما يقضي به العقد . وقد آثر المشرع التزام صياغة الفقه الإسلامي بقدر الإمكان وتقدم أن المقصود بالعقد هنا العقد الصحيح النافذ المنجز.
وتراجع المواد 369 و 374 و 583 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من 307 309 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المواد 199 أردني ومن 143 إلى 145 عراقي.

المادة 244
عقد المعاوضة الوارد على الأعيان إذا استوفي شرائط صحته يقتضي ثبوت الملك لكل واحد من المتعاقدين في بدل ملكه والتزام كل منهما بتسليم ملكه المعقود عليه للآخر

المادة 245
عقد المعاوضة الوارد على منافع الأعيان إذا استوفى شرائط صحته يوجب التزام المتصرف في العين بتسليمها للمنتفع والتزام المنتفع بتسليم بدل المنفعة لصاحب العين.
المذكرة الإيضاحية :
تضمنت هاتان المادتان تطبيقاً لحكم المادة السابقة فالأولى منهما تطبيق له في العقود الواردة على ملكية الأعيان والثانية نمهما تطبيق له في العقود الواردة على منافع الأعيان.
وهاتان المادتان تقابلان المادتين 200 و 201 أردني.

المادة 246
1. يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية.
2. ولا يقتصر العقد إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقا للقانون والعرف وطبيعة التصرف.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة في فقرتها الأولى كيفية تنفيذ المتعاقد ما ألزمه به العقد فتوجب عليه أن يقوم بالتنفيذ بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية . وتتناول في فقرتها الثانية بيان المقصود بمضمون العقد وبعبارة أخرى تحديد نطاق العقد فتبين أنه لا يقتصر على الزام المتعاقد على ما ورد به على وجه التخصيص بل يلزمه كذلك بما تقتضيه طبيعته وفقاً لأحكام القانون والعرف.
ففي الفقه الإسلامي كما في الفقه الغربي يسترشد في تحديد نطاق العقد :
1. بالعرف والعادة .
2. بطبيعة الالتزام فيتبع العين ما تستلزمه طبيعتها من ملحقات.
1. فيرجع أولاً للعرف والعادة .
وقد أوردت المجلة كثيراً من القواعد الكلية توجب الأخذ بالعرف والعادة في تحديد نطاق العقد منها " العادة محكمة " واستعمال الناس حجة يجب العمل بها و"الممتنع عادة كالممتنع حقيقة" و "الحقيقة تترك بدلالة العادة" و "إنما تعتبر العادة إذا أطردت أو غلبت" و "العبرة للغالب الشائع لا للنادر" و "المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً" وقد أورد القانون هذه القواعد.
2. ويرجع ثانياً إلى طبيعة الالتزام :
وهي تقتضي أن يلحق العين ما هو تابع لها وما تستلزمه تلك الطبيعة من ملحقات ويستند المشرع في هذا الصدد إلى القواعد الفقهية " التابع للتابع " و " التابع لا يفرد بالحكم " و " من ملك شيئاً ملك ما هو من ضروراته " و " إذا سقط الأصل سقط الفرع " و " اذا بطل الشيء بطل ما هو في ضمنه ".
وهذه المادة تقابل المواد 47 و 48 و 49 و 50 و 52 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 202 أردني و 148 مصري و 149 سوري.

المادة 247
في العقود الملزمة للجانبين إذا كانت الالتزامات المتقابلة مستحقة الوفاء جاز لكل من المتعاقدين أن يمتنع عن تنفيذ التزامه إذا لم يقم المتعاقد الآخر بتنفيذ ما التزم به.
المذكرة الإيضاحية :
من الأصول التي يقوم عليها نظام العقود الملزمة للجانبين ارتباط تنفيذ الالتزامات المتقابلة فيها على وجه التبادل أو القصاص، فإذا استحق الوفاء بهذه الالتزامات فلا يجوز تفريعاً على ما تقدم أن يجبر أحد المتعاقدين على تنفيذ ما التزم به قبل قيام المتعاقد الآخر بتنفيذ الالتزام المقابل وعلى هذا الأساس يتعين أن تنفذ الالتزامات المتقابلة في وقت واحد ويجوز الاستعانة بإجراءات العرض الحقيقي لمعرفة المتخلف عن الوفاء من المتعاقدين فلكل من المتعاقدين إزاء ذلك أن يحتبس ما يجب أن يوفي به حتى يؤدي إليه ما هو مستحق له وهو باعتصامه هذا الحق أو الدفع إنما يوقف أحكام العقد لا أكثر فالعقد لا يفسخ في هذه الصورة ولا تنقضي الالتزامات الناشئة عنه على وجه الإطلاق بل يقتصر الأمر على وقف تنفيذه وهذا الفارق الجوهري بين الفسخ والدفع بعدم تنفيذ العقد.
ومهما يكن من شيء فليس يباح للعاقد أن يسئ استعمال هذا الدفع فلا يجوز له أن يتمسك به ليمتنع عن تنفيذ التزامه، إذا كان التزام المقابل قد نفذ في جزء كبير منه وأصبح ما لم ينفذ منه ضئيلاً لدرجة لا تبرر اتخاذ مثل هذا الإجراء. 
وقد فرض في الصورة المتقدمة، أن الالتزامات المتقابلة في العقد الملزم للجانبين قد حل ميعاد الوفاء بها من الطرفين معاً، أما أذا كان العقد يوجب على أحد المتعاقدين أن يبدأ بتنفيذ التزامه قبل المتعاقد الآخر فلا يحق له أن ينتفع من هذا الدفع إذ يتعين عليه أن يفي بما التزم به دون أن ينتظر وفاء المتعاقد الآخر .
وتراجع المادتان 262 و 379 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 203 أردني و 161 مصري و 162 سوري.

المادة 248
إذا تم العقد بطريقة الإذعان وكان قد تضمن شروطا تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو يعفي الطرف المذعن منها وفقا لما تقضي به العدالة ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
خول المشرع في هذه المادة المحكمة الحق في إعادة التوازن بين المتعاقدين إذا كان العقد عقد إذعان وتضمن شروطاً تعسفية فأعطى المحكمة الحق في أن تعادل من هذه الشروط التعسفية تعديلاً يخفف العبء الواقع على عاتق الطرف المذعن أو تعفيه منها حسبما تقضي به العدالة.
وحتى يوضع هذا النص موضع التنفيذ لم يكن هناك مناص من النص على بطلان كل اتفاق على خلاف ذلك.
وهذه المادة تقابل المواد 204 أردني و 149 مصري و 150 سوري و 176 عراقي.

المادة 249
إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق الى الحد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل أنه لا يجوز لأحد طرفي التعاقد أن يستقل بنقضه أو تعديله ولا يجوز ذلك للقاضي لأنه لا يتولى انشاء العقود عن عاقديها إنما يقتصر عمله على تفسير مضمونها بالرجوع إلى نية هؤلاء المتعاقدين فلا يجوز اذن نق ض العقد أو تعديله إلا بتراضي عاقديه ويكون هذا التراضي بمثابة تعاقد جديد، أو لسبب من الأسباب المقررة في القانون كما هو الشأن في أسباب الرجوع في الهبة.
وقد أستثنى المشرع في هذه المادة اقتداء بالقانون المدني المصري وما تفرع عنه من قوانين عربية حكماً بالغ الأهمية إذ استثنى مبدأ الطوارئ غير المتوقعة من نطاق تطبيق القاعدة التي تحجر على القضاء تعديل العقود وقد حرص المشرع على :
أ أن يرسم في وضوح الحدود بين حالة الطوارئ غير المتوقعة وحالة القوة القاهرة ففي الحالة الأولى يصبح تنفيذ الالتزام التعاقدي على حد تعبير المشرع مرهقا يجاوز حدود السعة دون أن يكون مستحيلاً ومؤدي ذلك أن الحالة الثانية هي التي تتحقق فيها هذه الاستحالة.
ب أن يقنع في تحديد الحادث غير المتوقع بوضع ضابط للتوجيه دون أن يورد أمثلة تطبيقية فقهية الصيغة.
وإذا كانت نظرية الطوارئ غير المتوقعة تستجيب لحاجة ملحة تقتضيها العدالة فهي تستهدف للنقد باعتبارها مدخلاً لتحكم القاضي، بيد أن المشرع قد احتاط في أن يكفل لها نصيباً من الاستقرار فأضفى عليها صبغة مادية يتجلى أثرها في تحديد الطارئ غير المتوقع، وفي أعمال الجزاء الذي يترتب على قيامه فلم يترك أمر هذا الطارئ للقضاء يقدره تقديراً ذاتياً أو شخصياً بل استعمل المشرع عبارة "إن اقتضت العدالة ذلك " وهي عبارة تحمل في ثناياها معنى الإشارة إلى توجيه موضوعي النزعة وفضلا عن ذلك فإذا ثبت القاضي من قيام الطارئ غير المتوقع عمد إلى إعمال الجزاء برد الالتزام الذي أصبح يجاوز السعة إلى الحد المعقول" وهذا قيد آخر مادي الصبغة " هذا فضلاً عن اشتراط أن يكون الطارئ حادثة استثنائية عامة كالفيضان، والجراد وليست خاصة بالمدين كحريق المحصول مثلاً .
ونظرية الطوارئ غير المتوقعة تختلف عن نظرية القوة القاهرة في أن الطارئ غير المتوقع لا يجعل التنفيذ مستحيلاً بل يجعله مرهقاً يجاوز السعة دون أن يبلغ به حد الاستحالة ويستتبع ذلك قيام فارق آخر يتصل بالجزاء فالقوة القاهرة تفضي إلى انقضاء الالتزام وعلى هذا النحو يتحمل الدائن تبعتها كاملة أما الطارئ غير المتوقع فلا يترتب عليه إلا انقاص الالتزام إلى الحد المعقول وبذلك يتقاسم تبعته الدائن والمدين.
وهذا الحكم يجد لأساسه سنداً في الفقه الإسلامي في مبدأ " الإعذار " في الفقه الحنفي و "الجائحة" في الفقه المالكي والحنبلي مع خلاف في الأحكام وفي المساواة بين طرفي العقد التبادلي وفي العدالة عموماً.
ويراجع فيما يتعلق بالحوادث الطارئة غير المتوقعة الكاساني 4 / 276 والسنهوري مصادر الحق 6 : 95 118
وهذه المادة تقابل المواد 205 أردني و 147 مصري و 148 سوري و 146 عراقي.

2 أثر العقد بالنسبة إلى الغير
المادة 250
ينصرف اثر العقد الى المتعاقدين والخلف العام دون الإخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف الى الخلف العام.
المذكرة الإيضاحية :
لا تقتصر آثار العقد على المتعاقدين بذواتهم بل تتجاوزهم إلى من يخلفهم خلافة عامة من طريق الميراث أو الوصية ما لم تكن العلاقة القانونية شخصية بحته ويستخلص ذلك من إرادة المتعاقدين صريحة كانت أو ضمنية أو من طبيعة العقد كما هو الشأن في شركات الأشخاص والإيراد المرتب مدى الحياة، أو من نص في القانون كما هو الحال في حق الانتفاع .
وعلى ذلك ينتقل إلى الوارث ما يرتب العقد من حقوق والتزامات، أما الحقوق المالية فيكون انتقالها كاملاً إلى ما كان منها غير مالي كحق الولاية والحضانة وما اتصل منها بشخص المورث كدين النفقة وحق الانتفاع وحق الرجوع في الهبة وحق الأجل في الدين وما اتصل منها بمشيئة المورث كبعض الخيارات وحق الشفعة على خلاف بيد أن حكم الالتزامات يقتضي تحفظاً خاصاً يتصل بأحكام الميراث.
ذلك أن الوراث لا يلتزم بديون مورثه وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية إلا بقدر ما يؤول إليه من التركة بل وبنسبة ما يؤول إليه منها في صلته بالورثة الباقين، وبعد فليس ينبغي أن يعزل هذا النص عن النصوص التي تضمنها القانون بشأن تصفية التركات بالنسبة إلى الموصي له بجزء من مجموع التركة، ويقصد بالحقوق هنا الحقوق بالمعنى العام لا بالمعنى الذي يقابل حكم العقد في قولنا " حكم العقد وحقوق العقد ".
وتراجع المادة 278 و 306 من مرشد الحيران وانظر الكاساني .258 : 5
وهذه المادة تقابل المواد 206 أردني و 125 مصري و 146 سوري و 142 عراقي.

المادة 251
إذا انشأ العقد حقوقا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك الى خلف خاص فان هذه الحقوق تنتقل الى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه.
المذكرة الإيضاحية :
الخلف الخاص هو من يكتسب ممن يستخلفه حقاً عينياً على شيء معين كالمشتري والموهوب له والمنتفع فإذا عقد المستخلف عقداً يتعلق بهذا الشيء انتقل ما يرتب هذا العقد من حقوق والتزامات إلى الخلف الخاص بشروط ثلاثة :
أولها : أن يكون تاريخ العقد سابقاً على كسب هذا الخلف لملكية الشيء ويراعى أن العقد يجب أن يكون ثابت التاريخ.
والثاني : أن تكون الحقوق والالتزامات الناشئة عن العقد مما يعتبر من مستلزمات هذا الشيء ويتحقق ذلك إذا كان هذه الحقوق مكملة له كعقود التأمين مثلاً أو إذا كانت تلك الالتزامات تحد من حرية الانتقاع به كما هو الشأن في الالتزام بعدم البناء.
والثالث : أن يكون الخلف قد علم بما ينتقل إليه من حقوق والتزامات، وحكم النص مقصور على ذلك دون أن يجاوزه إلى ما كان يستطيع أن يعلم به لدقة الموضوع.
فإذا أنشأ العقد التزامات وحقوق شخصية تتصل بشيء تم انتقال هذا الشيء إلى خلف خاص فإن هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف مع الشيء إذا كان من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه .
ونجد تطبيقاً لذلك في الموصي له بعين معينة والمشتري لعين معينة.
أ. فبالنسبة للموصي له بعين معينة :
1. إذا اشترى شخص داراً ثم أوصى بها في حدود ثلث التركة إلى شخص آخر وانتقلت الدار إلى الموصي له بعد موت الموصي فالظاهر أن الموصي له يرجع على البائع بضمان العيب وبضمان الاستحقاق وبضمان الهلاك إذا كانت العين لا تزال في يد البائع كما كان يرجع الموصي لو كان حياً وبذا تنتقل العين إلى الخلف بالحقوق المكملة لها.
2. إذا اشترى شخص داراً ولم يقبضها ولم يدفع ثمنها فبقى الثمن ديناراً في ذمته ثم أوصى بها إلى شخص آخر ثم مات الموصي فإن الثمن يبقى ديناً في التركة ولا ينتقل إلى ذمة الموصي له فإذا سددت جميع ديون التركة ومنها ثمن الدار وكان ما بقي من أموال وفيها هذه الدار بعد سداد الديون لا يقل ثلثه عن قيمة هذه الدار خلصت الدار للموصي له دون أن ينصرف إليه أثر العقد من حيث ترتيب الثمن في ذمة المدين ويتحمل الموصي له كما كان يتحمل الموصي حبس البائع للدار حتى يستوفي الثمن وفسخ العقد ولو كان للبائع خيار النقد ولم يقبض الثمن في الأيام الثلاثة المشترطة وفسخ ومن ثم ينصرف إلى الخلف الخاص اثر العقد من حيث الإلتزامات التي تعتبر محددة للعين.
3. إذا باع شخص داراً ولم يقبض ثمنها فبقي الثمن دينا له في ذمة المشتري وأوصى بهذا الدين إلى آخر في حدود ثلث التركة فبعد موته ينتقل هذا الحق إلى الموصي له ويصبح هو الدائن بالثمن للمشتري فللموصي له حبس المبيع وله فسخ العقد بخيار النقد كما كان الموصي يفعل لو بقي حياً إذ الموصي له قد قام مقام الموصي في كل ذلك وبذا يكون أثر العقد من حيث الحقوق المكملة للشيء قد انصرف إلى الخلف الخاص الذي انتقلت إليه هذه العين.
4. إذا أوصى شخص لآخر بدار مرهونة أو مستأجرة في حدود ثلث التركة وعند موته انتقلت العين إلى الموصي له فإنها تنتقل إليه مثقلة بحق المرتهن أو بحق المستأجر كما كانت في حياة الموصي فعقد الرهن وعقد الإيجار ينصرف أثرهما من حيث ترتيبه لالتزامات محددة العين إلى الخلف الخاص الذي انتقلت إليه العين فالموصي له بوصفه خلفاً خاصاً للوصي ينصرف إليه أثر العقد سواء أكان حقاً مكملاً أم التزاماً محدداً.
ب. وبالنسبة للمشتري لعين معينة :
المشتري لعين معينة كالموصي له بعين معينة فيما تقدم :
1. فإذا باع شخص داراً وكان قد اشتراها من آخر فأصبح المشتري من البائع الثاني خلفاً خاصاً له على هذه العين فإذا فرض أن بها عيباً يرجع به البائع الثاني على البائع الأول أو كان للبائع الثاني خيار التعيين أو خيار فوات الوصف المرغوب فيه فالمشتري باعتباره خلفاً خاصاً للبائع الثاني له أن يرجع بضمان العيب على البائع الأول ولو استحقت العين وكان للبائع الثاني أن يرجع بضمان الاستحقاق على البائع الأول فإن المشتري له أن يرجع بدعوى الاستحقاق على البائع الأول لأن هذه الحقوق مكملة لعين فتنتقل معها إلى الخلف الخاص.
2. وإذا اشترى شخص داراً من آخر ولم يقبضها ولم يدفع ثمنها ثم باع الدار من مشتر فأصبح هذا المشتري خلفاً خاصاً للبائع الثاني كما في المثال المتقدم فإن البائع الأول له أن يحبس الدار عن المشتري حتى يستوفي الثمن كما كان يحبسها عن البائع الثاني ويستطيع أن يفسخ البيع بخيار النقد في حق المشتري كما كان يفعل في حق البائع الثاني ويستطيع أن يفسخ البيع بخيار النقد في حق المشتري كما كان يفعل في حق البائع الثاني وعلى ذلك فإن الخلف الخاص يتحمل أثر العقد الذي يبرمه سلفه فيما يتعلق بالالتزامات التي تعتبر محددة للعين.
3. إذا باع شخص داراً مرهونة أو مستأجرة فإن المشتري وهو خلف خاص للبائع تنتقل إليه الدار محملة بحق المرتهن أو بحق المستأجر بل أن البيع لا ينفذ إلا بإجازة المرتهن أو المستأجر وأذن فالخلف الخاص يتحمل أثر العقد من حيث الالتزامات التي تعتبر محددة.
يراجع في ذلك السنهوري، مصادر الحق 5 : 12 123 .
وهذه المادة تقابل المواد 207 أردني و 146 مصري و 147 سوري و 142 عراقي.

المادة 252
لا يرتب العقد شيئا في ذمة الغير و لكن يجوز أن يكسبه حقه.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل في العقود أن تقتصر آثارها على عاقديها، فلا يترتب ما تنشئ من التزامات إلا في ذمة المتعاقدين ومن ينوب عنهم من الخلفاء والدائنين وليس الوعد بالتزام الغير إلا تطبيقاً لهذه القاعدة، كذلك الشأن فيما ترتب العقود من حقوق فلا ينصرف نفعها إلا إلى المتعاقدين ومن ينوب عنهم، على أنه يجوز الاشتراط لمصلحة الغير وهذا الاستثناء الحقيقي الذي يرد على القاعدة
تراجع المادة 306 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 208 أردني و 152 مصري و 153 سوري.

المادة 253
1. إذا تعهد شخص بان يجعل الغير يلتزم بأمر فلا يلزم الغير بتعهده فإذا رفض الغير أن يلتزم وجب على المتعهد أن يعوض من تعاقد معه. ويجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض بأن يقوم هو بنفسه بتنفيذ الالتزام الذي تعهد به
2. أما إذا قبل الغير هذا التعهد فان قبوله لا ينتج أثرا إلا من وقت صدوره ما لم يتبين أنه قصد صراحة أو ضمنا أن يستند أثر هذا القبول الى الوقت الذي صدر فيه التعهد.
المذكرة الإيضاحية :
ليست أحكام هذه المادة إلا تطبيقاً للقواعد العامة في اقتصار آثار العقود على المتعاقدين فإذا تعهد شخص بأن يجعل الغير يلتزم بأمر ونصب نفسه زعيماً بذلك فلا يكون من أثر هذا التعهد الزام هذا الغير، وكل ما هنالك أن المتعهد يتعهد بالوفاء بالتزام بعمل شيء هو الحصول على إقرار الغير للتعهد الذي بذله ذلك هو مدى التزام المتعهد على وجه الدقة . فليس يكفي عند رف ض الإقرار أن يكون هذا المتعهد قد بذل ما في وسعه للحصول عليه ولا يشترط كذلك أن يقوم من بذل التعهد عنه بتنفيذ تعهده إذا أرتضى إقراره وهذا ما يفرق الوعد بالتزام الغير عن الكفالة.
وان امتنع الغير عن إجازة التعهد فلا تترتب على امتناعه هذا أية مسئولية ذلك أن التعهد لا يلزم إلا المتعهد ذاته ويكون من واجبه تنفيذ التزامه، إما بتعويض العاقد الآخر الذي صدر الوعد لمصلحته وإما بالوفاء عيناً بالتعهد الذي ورد الوعد عليه، اذا امكن دون الحاق ضرر بالدائن ويستوي في هذا أن يكون التعهد متعلقاً بالتزام بنقل حق عيني، أو بعمل شيء أو بالامتناع عنه .
ويتحلل المتعهد من التزامه بمجرد إقرار الغير للتعهد، والواقع أن التزام المتعهد ينقضي في هذه الصورة عن طريق الوفاء، ويترتب على إقراره أن يصبح الغير مديناً مباشرة للعاقد الآخر، لا على أساس التعهد الذي قطعه المتعهد بل بناء على عقد جديد يقوم بدءاً من تاريخ الإقرار ما لم يتبين أنه قصد صراحة أو ضمناً أن يستند أثر الإقرار إلى الوقت الذي صدر التعهد فيه، وغني عن البيان أن الإقرار ينزل منزلة القبول من هذا العقد الجديد.
وقد تقدم أن المشرع أخذ برأي من يرى من الفقهاء المسلمين بأن الوعد ملزم وعلى ذلك يكون "الوعد" بمنعى التعهد فكلا الكلمتين سواء في معنى الإلزام ولكن فصلت كلمة "المتعهد" لوضوح المعنى الإلزام فيها.
يراجع الكاساني 5 : 258 .
وهذه المادة تقابل المواد 209 أردني و 153 مصري و 154 سوري و 151 عراقي.

المادة 254
1. يجوز للشخص أن يتعاقد باسمه على حقوق يشترطها لمصلحة الغير إذا كان له في تنفيذها مصلحة شخصية مادية كانت أو أدبية.
2. ويترتب على هذا الاشتراط أن يكسب الغير حقا مباشرا قبل المتعهد بتنفيذ الاشتراط يستطيع أن يطالبه بوفائه ما لم يتفق على خلاف ذلك ويكون لهذا المتعهد أن يتمسك قبل المنتفع بالدفوع التي تنشأ عن العقد.
3. ويجوز أيضا للمشترط أن يطالب بتنفيذ ما اشترط لمصلحة المنتفع إلا إذا تبين من العقد أن المنتفع وحده هو صاحب الحق في ذلك.

المادة 255
1. يجوز للمشترط دون دائنيه أو ورثته أن ينقض المشارطة قبل أن يعلن المنتفع الى المتعهد أو الى المشترط رغبته في الاستفادة منها ما لم يكن ذلك مخالفاً لما يقتضيه العقد.
2. ولا يترتب على نقض المشارطة أن تبرأ ذمة المتعهد قبل المشترط إلا إذا اتفق صراحة أو ضمنا على خلاف ذلك.
وللمشترط إحلال منتفع آخر محل المنتفع الأول كما له أن يستأثر لنفسه بالانتفاع من المشارطة.

المادة 256
يجوز في الاشتراط لمصلحة الغير أن يكون المنتفع شخصا مستقبلا أو جهة مستقبلة كما يجوز أن يكون شخصا أو جهة لم يعينا وقت العقد متى كان تعيينها مستطاعا وقت أن ينتج العقد أثره طبقا للمشارطة.
المذكرة الإيضاحية :
ينطوي الاشتراط لمصلحة الغير على خروج حقيقي على قاعدة اقتصار منافع العقود على المتعاقدين دون غيرهم فالمتعهد يلتزم قبل المشترط لمصلحة المنتفع فيكسب الأخير بذلك حقاً مباشراً، ولو أنه ليس طرفاً في التعاقد وبهذه المثابة يكون التعاقد بذاته مصدراً لهذا الحق، ولهذا التصور على بساطته ووضوحه فضل الكشف عن وجه هذا النظام وإبراز مشخصاته من حيث شذوذه عن حكم القواعد العامة في القانون وكان انصراف منفعة العقد إلى غير عاقديه في القوانين الأجنبية استثناء لا يطبق إلا في حالات محصورة إلا أنه سما إلى مرتبة الأصل وبسط نطاقه على سائر الحالات في خلال القرن التاسع عشر على أثر ما أصاب عقد التأمين من نمو وذيوع وقد بلغ التوسع في تطبيق هذا الأصل شاناً بعيداً وانتهى الأمر إلى إباحة الاشتراط إذا كان المنتفع شخصاً مستقلاً، أو شخصاً لم يعين وقت التعاقد ما دام تعيينه مستطاعاً عندما ينتج هذا التعاقد أثره كما هو الشأن في التأمين لمصلحة من ولد ومن يولد من ذرية المؤمن.
ولكن هذا الأصل مسلم به في الفقه الإسلامي ووجد له تطبيقات عدة في الوصية والوقف وكذا الهبة عند مالك إذ يجيز مالك الهبة للجنين وللمعدوم أحمد إبراهيم التزام التبرعات مجلة القانون والاقتصاد ج 2 صفحة 623 .
وللمشترط أن ينقضي المشارطة قبل إقرار المنتفع لها إلا أن يكون ذلك منافياً لروح التعاقد، وله عند نقض المشارطة أن يعين منتفعاً أخر أو أن يستأثر لنفسه منفعتها ما لم تكن نية المتعاقدين قد انصرفت صراحة أو ضمناً إلى أن الإلغاء ترتب عليه أن تبرأ ذمة المتعهد قبل المشترط ولما كان نقض المشارطة أمراً يرجع إلى تقدير المشترط ذاته فقد قصر استعمال هذه الرخصة عليه دون دائنيه أو ورثته وإذا رفض المنتفع المشارطة نهائياً فيكون للمشترط عين الحقوق التي تقدمت الإشارة إليها في الفرض السابق، والظاهر أنه يجوز له فوق ذلك أن يطلب فسخ العقد باعتبار أن المتعهد يستحيل عليه تنفيذ التزامه قبل المنتفع.
وإذا صح عزم المنتفع على قبول الاشتراط فيجوز له أن يعلن المتعهد أو المشترط بإقراره ويراعى أن هذا الإقرار تصرف قانوني ينعقد بإرادة منفردة، ولا يشترط فيه استيفاء شكل ما ولم يحدد المشرع أجلاً معيناً لصدوره، ولكن يجوز إنذار المنتفع بالإفصاح عما يعتزم في فترة معقولة، ويصبح حق المنتفع لازماً أو غير قابل للنقص بمجرد إعلان الإقرار وهو حق مباشر مصدره العقد ويترتب على ذلك نتيجتان :
الأولى : أنه يجوز للمنتفع أن يطالب بتنفيذ الاشتراط ما لم يتفق على خلاف ذلك، ولما كان للمشترط مصلحة شخصية في هذا التنفيذ وهو يفترق عن الفضولي من هذا الوجه فيجوز له أيضاً أن يتولى المطالبة بنفسه إلا إذا قضى العقد بغير ذلك .
والثانية : أنه يجوز للمتعهد أن يتمسك قبل المنتفع بالدفوع التي تتفرع على العقد انظر البدائع ج 55 و 72 ومجمع الضمانات ص 81 وابن عابدين 4 / 176 .
وهذه المادة تقابل المواد 210 و 211 أردني ومن 154 إلى 156 مصري و من 155 إلى 157 سوري ومن 152 إلى 154 عراقي.

الفرع الرابع
تفسير العقود

المادة 257
الأصل في العقد رضا المتعاقدين وما التزماه في التعاقد.
المذكرة الإيضاحية :
يعتمد في هذه المادة على الأحكام الفقهية العامة المبينة في مراجعها الشرعية مثل رد المحتار والكاساني وغيرهما وعلى المادتين 285 و 291 من مرشد الحيران والمادة 175 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 213 أردني.

المادة 258
1. العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني.
2. والأصل في الكلام الحقيقة فلا يجوز حمل اللفظ على المجاز إلا إذا تعذر حمله على معناه الحقيقي.
المذكرة الإيضاحية :
البند 1 من المادة أصله المادة 3 من المجلة ويقصد منه أنه عن مقصود العقد لا ينظر إلى الألفاظ التي يستعملها العاقدان بل ينظر إلى مقاصدها الحقيقية من الكلام الذي يلفظ به حين العقد لأن المقصود الحقيقي هو المعنى وليس اللفظ ولا الصيغة المستعملة وما الألفاظ إلا قوالب للمعاني ومثال ذلك لو قال شخص لآخر وهبتك هذه الفرس أو الدار بمائة جنية فيكون هذا العقد عقد بيع لا عقد هبة ولو قال شخص لآخر أعرتك هذا الفرس لتركبه بمبلغ كذا فالعقد إيجار لا إعارة بالرغم من استعمال كلمة الإعارة.
والبند 2 أصله المادة 2 من المجلة والمقصود بالحقيقة استعمال اللفظ في المعنى الذي وضع له وأما المجاز فهو استعمال اللفظ في غير ما وضع له بشرط أن يكون بين المعنى الحقيقي والمجازي علاقة ومناسبة مثال ذلك لو قال شخص رأيت أسد في الحمام يغتسل يفهم منه أنه رأى رجلاً شجاعاً في الحمام يغتسل لا أسداً حقيقياً لأن الحمام قرينة مانعة من وجود الأسد الحقيقي فيه يغتسل وبين الأسد والرجل الشجاع علاقة ومناسبة وهي الجرأة والشجاعة والمعنى الحقيقي هو الراجح فمتى أمكن حمل اللفظ عليه لا يعدل عنه إلى المعنى المجازي لأن المعنى الحقيقي أصل والمجازي بدل والبدل لا يعارض الأصل.
وهذه المادة تقابل المادة 214 أردني.

المادة 259
لا عبرة بالدلالة في مقابلة التصريح.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادة 13 من المجلة اللفظ الذي يكون به التصريح يسمى لفظاً صريحاً والصريح عند علماء أصول الفقه الذي يكون المراد منه ظاهراً ظهوراً بيناً وتاما ومعتاداً ومثال هذه المادة لو دخل إنسان دار شخص فوجد على المائدة كأساً فشرب منها ووقعت الكأس أثناء شربه وانكسرت فلا يضمن لأنه بدلالة الحال مأذون بالشرب منها بخلاف ما لو نهاه صاحب البيت عن الشرب منها وانكسرت فإنه يضمن لأن التصريح أبطل حكم الأذن المستند على دلالة الحال.
وهذه المادة تقابل المادة 215 أردني.

المادة 260
إعمال الكلام أولى من إهماله لكن إذا تعذر إعمال الكلام يهمل.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أصلها المادتين 60 و 62 من المجلة وهي مأخوذة من كتاب الأشباه ومعناها أنه لا يجوز إهمال الكلام واعتباره بدون معنى ما أمكن حمله على معنى حقيقي له أو معنى مجازي لأن إهمال الكلام واعتباره لغواً وعبثاً والعقل والدين يمنعان المرء من أن يتكلم بما لا فائدة فيه فحمل كلام العاقل على الصحة واجب .
ومثال ذلك لو أقر شخص أنه مدين لآخر بألف درهم دون أن يذكر سبب الدين وأعطى سندا بذلك وأشهد على نفسه ثم بعد ذلك أقر الشخص نفسه مرة ثانية بألف درهم أيضاً وعمل له سنداً ولم يبين سبب الدين يعتبر دين السند الثاني غير دين السند الأول وليس تأكيداً له.
وأما إهمال الكلام إذا تعذر إعماله فمثاله لو ادعى شخص في حق من هو أكبر منه سناً بأنه ابنه فإن كلامه يهمل إذ ليس من المعقول أن يكون شخص والداً لرجل يكبره في السن.
وهذه المادة تقابل المادة 216 أردني.

المادة 261
ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكره كله.
المذكرة الإيضاحية :
وأصلها المادة 63 من المجلة وهي مأخوذة من الأشباه والمجامع ومفهومها أنه يكفي في الأشياء التي لا يتجزأ ذكر بعضها عن الكل مثال ذلك أن تكفل شخصاً آخر على نفسه فيقول أنني كفيل بنصف أو ربع هذا الشخص فيما أن نفس الرجل مما لا يقبل التجزئة أو التقسيم فالكفالة صحيحة ويكون قد كفل نفس الرجل كلها.
وهذه المادة تقابل المادة 217 أردني.

المادة 262
المطلق يجري على إطلاقه إذا لم يقم دليل التقييد نصاً أو دلالة.
المذكرة الإيضاحية :
وأصلها المادة 64 من المجلة وقد وردت في المجامع والمطلق هو الأمر المجرد من القرائن الدالة على التخصيص والتعميم والمقيد هو المقارن لإحدى هذه القرائن ومن أمثلة التقييد بالنص أن يتفق شخص مع خياط على خياطة جبة له دون أن يشترط عليه أن يخيطها بنفسه فيحق للخياط أن يعهد بخياطتها لأجيره بخلاف ما لو اشترط عليه صاحب الجبة أن يخيطها بنفسه.
وأما التقييد بالدلالة فمثاله الوكالة المطلقة لشراء شيء وإن لم يوجد بها قيد الثمن فالدلالة توجب على الوكيل الشراء بالقيمة المثلية أو مع غبن يسير.
وهذه المادة تقابل المادة 218 أردني.

المادة 263
الوصف في الحاضر لغو وفي الغائب معتبر.
المذكرة الإيضاحية :
وأصلها المادة 65 من المجلة ومثال ذلك لو أراد البائع بيع فرس أشهب حاضر في المجلس وقال في إيجابه بعت هذا الفرس الأدهم وأشار إليه وقبل البائع صح البيع ولغي وصف الأدهم، أما إذا كان الموصوف غائباً عن المجلس فالوصف معتبر.
وهذه المادة تقابل المادة 219 أردني.

المادة 264
المعروف بين التجار كالمشروط بينهم.
المذكرة الإيضاحية :
وأصلها المادة 44 من المجلة ومثال ذلك لو أشتغل شخصاً شيئاً لآخر ولم يتقاولا على الأجرة يجبر صاحب العمل على دفع أجرة المثل.
وهذه المادة تقابل المادة 225 أردني.

المادة 265
1. إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين.
2 .أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة
وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجاري في المعاملات.

المادة 266
1. يفسر الشك في مصلحة المدين.
2. ومع ذلك لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإذعان ضارا بمصلحة الطرف المذعن.
المذكرة الإيضاحية :
أول ما يعرض للقاضي في شأن العقد هو تفسيره إذا كان في حاجة إلى تفسير وتفسير العقد هو استخلاص النية المشتركة للمتعاقدين.
فإذا فرغ القاضي من التفسير انتقل إلى تحديد نطاق العقد، فلا يقتصر في هذا التحديد على النية المشتركة للمتعاقدين، بل يجاوز ذلك إلى ما هو من مستلزمات العقد، وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام.
وقد تناول المشرع تحديد نطاق العقد وتبع ذلك بتفسير العقد وقد أهتم الفقهاء المسلمون بتفسير العقد وتحديد نطاقه ووضعوا لذلك قواعد جمعها ابن نجيم في كتابه الأشباه والنظائر كما جمعها غيره في الفقه الحنفي وغيره من المذاهب وقد اهتمت المجلة بإيراد هذه القواعد في مقدمتها وقد حرص المشرع على إيراد هذه القواعد ويرجع في فهم هذه القواعد وتفسيرها إلى كتب القواعد ومنها الأشباه والنظائر لابن نجيم وإلى شروح المجلة.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك قاعدتين هامتين في هذا الصدد يرجع إليهما أكثر من القواعد الأخرى.
القاعدة الأولى :
العبرة في تفسير العقد في الفقه الإسلامي بالإرادة الظاهرة لا بالإرادة الباطنة يجب الوقوف في تفسير العقد عند الصيغ والعبارات الواردة في العقد واستخلاص معانيها الظاهرة دون الانحراف عن المعنى الظاهر إلى معان أخرى بحجة أنها هي المعاني التي تتمثل فيها الإرادة الباطنة، فالإرادة الباطنة لا شأن لنا بها إذ هي ظاهرة نفسية لا تعني المجتمع، والذي يعنيه هو الإرادة الظاهرة التي أطمأن إليها كل من المتعاقدين في تعامله مع الآخر، فهذه ظاهرة اجتماعية لا ظاهرة نفسية وهي التي يتكون منها العقد .
ومن أجل ذلك يقف المفسر عند الصيغ الواردة في العقد ويحللها تحليلاً موضوعياً ليستخلص منها المعاني السائغة ويعتبر هذه المعاني هي إرادة المتعاقدين .
يراجع مثلاً الكاساني، البدائع 5 : 123 و 235 والبغدادي، جمع الضمانات ص 28 و 40 41 .
فنية المتعاقدين تستخلص مما تدل عليه الألفاظ الواردة في العقد.
فإن كان المعني الذي يستخلص في العرف وفي الشرع واضحاً لم يجز الانحراف عنه إلى غيره.
وإن كان المعنى غير واضح، وجب تبين نية المتعاقدين.
فالعبرة في الفقه الإسلامي بالإرادة الظاهرة كما تستخلص من العبارات والصيغ التي استعملها المتعاقدان وفي هذا استقرار للتعامل وتحقيق للثقة المشروعة التي وضعها كل من المتعاقدين في الآخر عندما اطمأن إلى ما يمكن في عبارته من معان سائغة بخلاف الحال في الفقه الغربي وبخاصة في الفقه اللاتيني إذ العبرة بالإرادة الباطنة أما العبارة فهي دليل على الإرادة ولكنه دليل يقبل إثبات العكس فإذا كان هناك خلاف بين الإرادة والعبارة فالعبرة بالإرادة دون العبارة وهذا بخلاف الفقه الإسلامي وكذلك الفقه الجرمان إلى مدى يقرب من الفقه الإسلامي وكذلك الفقه فالعبارة هي التي يعتد بها ومنها وحدها تستخلص الإرادة.
ولا يقدح في ذلك قاعدة أن الأمور بمقاصدها أو أن " العبرة في العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني " م 2 و 3 من المجلة ونحو ذلك فإن هذه القواعد لا تعني أنه يعتد بالإرادة الباطنة بل المقصود أن الذي يعتد به المقاصد والمعاني التي تستخلص من العبارات والصيغ المستعملة أو من دلائل موضوعية وعلامات مادية فلا تجاوز هذا البحث الموضوعي إلى بحث ذاتي تستشف به الضمير وتستكشف به خطايا النفوس .
يدعم هذا قواعد كلية ثلاث وردت في المجلة أوردها المشرع على الوجه السابق بيانه وهي :
1. الأصل في الكلام الحقيقة م 12 من المجلة فلا يجوز حمل اللفظ على المجاز إذا أمكن حمله على المعنى الحقيقي.
2. لا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح م 13 من المجلة فإذا تعارض المفهوم صراحة مع المفهوم ضمناً، قدم الأول على الثاني، لأن الدلالة المادية في الصريح أبلغ.
3. "دليل الشيء في الأمور الباطنة يقوم مقامه، يعني أن يحكم بالظاهر فيما يتعذر الاطلاع عليه" م 68 من المجلة فاستعمال الالة القاتلة دليل على نية القتل ويقول الأستاذ سليم باز في هذا الصدد" لقد ورد في شرح المجلة المادة الثانية أنه إذا تناول الملتقط اللقطة بنية ردها لصاحبها فلا يضمن لو ضاعت منه بدون تقصير، ولما كانت النية من الأمور الباطنة والاطلاع عليها متعذر، فيستدل عليها ببعض الدلائل الظاهرة كإعلان الملتقط أنه وجد لقطة " شرح سليم باز على المجلة ص 48 ويراجع أيضاً السيوطي الأشباه والنظائر ص 1111 13
القاعدة الثانية :
وهناك قاعدة أخرى جوهرية في تفسير العقد وهي : يفسر الشك في مصلحة المدين وهذا النص وإن كان مأخوذاً من الفقه الغربي إلا أنه يتفق كل الاتفاق مع قواعد تفسير العقد في الفقه الإسلامي .
فهناك قواعد كلية ثلاث أوردها ابن نجيم في الأشباه والنظائر تتضافر كلها على إقرار هذا المبدأ وهي :
1. اليقين لا يزول بالشك فإذا كان هناك شك في مديونية المدين، فاليقين أنه بريء الذمة ولا يزال هذا اليقين بالشك .
2. الأصل بقاء ما كان على ما كان وبراءة الذمة تسبق المديونية فتبقى براءة الذمة قائمة على ما كانت ولا تزول إلا بمديونية قامت على يقين، ويقول ابن نجيم في هذا الصدد: ومن فروع ذلك لو كان لزيد على عمرو ألف مثلاً فبرهن عمرو على الأداء أو الإبراء، الأشباه والنظائر، ابن نجيم ص 28 29 .
3. الأصل براءة الذمة فيفرض فيمن يدعي عليه بالدين أنه بريء الذمة حتى يقيم من يدّعي الدين الدليل القاطع على أنه له ديناً في ذمته، وإذا كان هناك شك في مديونية المدين استصحب براءة ذمته وفسر الشك في مصلحة ابن نجيم، الأشباه والنظائر ص 29 .
وقد أورد المشرع هذه القواعد من ضمن القواعد الأصولية الفقهية في الفصل الثاني من الباب التمهيدي .
وهاتان المادتان تقابلان المواد 239 240 أردني و 150 و 151 مصري و 151 و 152 سوري.

الفرع الخامس
انحلال العقد الإقالة
1 أحكام عامة
نظرة عامة :
يقصد بانحلال العقد زواله بعد أن انعقد صحيحاً نافذا وقبل أن يتم تنفيذه فلا يدخل في انقضاءه وهو زواله بعد تنفيذه ولا إبطاله وهو ما يرد على العقد في مرحلة الانعقاد ويكون اثره رجعياً بحيث يعتبر العقد كأن لم يكن أما الانحلال فقد يكون له أثر رجعي وقد لا يكون .
والحكم في الفقه الإسلامي أنه لا يجوز لأحد طرفي العقد أن يستبد بفسخ العقد بإرادته المنفردة ما لم يكن العقد غير لازم بالنسبة إليه، أما لطبيعة العقد نفسه كالوكالة والعارية والوديعة والقرض والشركة والهبة أو لاقترانه بخيار يعطي هذا العاقد حق الفسخ كخيار الشرط وخيار التعيين وخيار الرؤية وخيار العيب وخيار الوصف وخيار الغلط وخيار التدليس وخيار الغبن وخيار تفريق الصفقة .
والمقصود بالعقد فيما تقدم العقد الصحيح النافذ إذ العقد الباطل منعدم فلا يرد عليه فسخ، والعقد الفاسد واجب الرفع كما سبق والعقد غير النافذ موقوف على الإجازة : إن أجيز نفد، وإن لم يجز بطل.
إلا أنه مع ذلك ينحل العقد اللازم بالأسباب الآتية :
أ. بالتراضي
ب. بحكم القاضي .
ج. بقوة القانون .
وقد أقر المشرع الأصل العام في المادة 267 ثم تكلم عن الإقالة في المواد من 268 إلى 270 وعلى الاتفاق على انفساخ العقد في المادة 271 وعلى الفسخ بالقضاء في المادة 272 وعلى الانفساخ بقوة القانون في المادة 273 وعلى اثر الانحلال في المادتين 274 و 275 .

المادة 267
إذا كان العقد صحيحاً لازما فلا يجوز لأحد المتعاقدين الرجوع فيه ولا تعديله ولا فسخه إلا بالتراضي أو التقاضي أو بمقتضى نص في القانون.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة تتناول القاعدة العامة وهي أنه لا يجوز لأحد طرفي العقد أن يستقل بالرجوع عن العقد ولا تعديله ولا فسخه إلا برضاء العاقد الآخر أو بمقتضى نص في القانون وهذا إذا كان العقد صحيحاً لازماً ويلاحظ أن العقد يكون لازماً بالنسبة لأحد الطرفين غير لازم بالنسبة إلى الطرف الآخر، كأن يقترن البيع بخيار الشرط لأحد العاقدين دون الآخر أو بخيار الرؤية للمشتري ففي هذه الحالة لا يجوز لمن كان العقد لازماً في حقه أن يفسخ العقد ويجوز ذلك لمن كان العقد غير لازم بالنسبة إليه.
ولا يدخل في نطاق هذا النص العقد الباطل، لأنه معدوم فلا يرد عليه الفسخ أو التعديل أو الرجوع لأن ذلك لا يرد إلا على عقد قائم، ولا العقد الفاسد لأنه واجب الرفع، كما لا يدخل في العقد غير النافذ إذ أنه موقوف على إجازة من له حق في الإجازة فإن أجيز نفذ وإن لم يجز بطل وأما بالنسبة إلى الطرف الآخر فإما أن يكون لازماً أو قابلاً للفسخ على تفصيل سبق في العقد الموقوف الكاساني 5 306 ، وابن نجيم الأشباه والنظائر ص 185 .
ويلاحظ أن الحكم العام في القانون الألماني كالحكم العام سابق البيان، يراجع سالي، الالتزامات ف 171 ص 196 وتراجع المادة 306 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 241 أردني و 147 مصري و 148 سوري و 146 عراقي.

المادة 268
للمتعاقدين أن يتقابلا العقد برضاهما بعد انعقاده.
المذكرة الإيضاحية :
الإقالة جائزة :
1. لقوله صلى الله عليه وسلم "من أقال نادماً أقال الله عثرته يوم القيامة " .
2. ولإجماع المسلمين .
3. ولأن العقد حقهما فيملكان رفعه دفعاً لحاجتهما.
الهداية وشروحها 6 486 أول باب الإقالة من كتاب البيوع وتراجع المادتان 190 و 1159 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهذه المادة تقابل المادتين 242 أردني و 181 عراقي .

المادة 269
الإقالة في حق المتعاقدين فسخ وفي حق الغير عقد جديد.
المذكرة الإيضاحية :
اختلف في ماهية الإقالة في البيع :
فقال أبو حنيفة رحمه الله : الإقالة فسخ في حق العاقدين، بيع جيد في حق ثالث سواء قبل القبض أو بعده .
وروي عن أبي حنيفة أنها فسخ قبل القبض بيع بعده.
وقال أبو يوسف أنها بيع جديد في حق العاقدين وغيرهما إلا أن لا يمكن أن تجعل بيعاً فتجعل فسخاً وروي عنه أنها بيع على كل حال.
وقال محمد : أنها فسخ الا أن لا يمكن جعلها فسخاً فتجعل بيعاً للضرورة وقال زفر أنها فسخ في حق الناس كافة.
وثمرة الخلاف تظهر في البيع : إذا تقابلا ولم يسميا الثمن الأول أو سميا زيادة عن الثمن الأول أو نقص من الثمن الأول أو سميا جنساً آخر سوى جنس الأول قل أو كثر أو أجلاً الثمن الأول .
وفي قول أبي حنيفة رحمه الله الإقالة على الثمن الأول وتسمية الزيادة والنقصان والأجل والجنس الآخر باطلة سواء أكانت الإقالة قبل القبض أم بعده والمبيع منقول أو غير منقول لأنها فسخ في حق العاقدين والفسخ رفع العقد والعقد وقع بالثمن الأول فيكون فسخه بالثمن الأول ضرورة لأنه فسخ لذلك العقد وحكم الفسخ لا يختلف بين ما قبل القبض وبين ما بعده وبين المنقول وغير المنقول وتبطل تسمية الزيادة والنقصان والجنس الآخر والأجل وتبقى الإقالة صحيحة لأن إطلاق تسمية هذه الأشياء لا يؤثر في الإقالة لأن الإقالة لا تبطلها الشروط الفاسدة، وبخلاف البيع لأن الشرط الفاسد إنما يؤثر في البيع لأنه يمكن الربا فيه والإقالة رفع البيع فلا يتصور تمكن الربا فيه فهو الفرق بينهما .
وفي قول أبي يوسف إن كان بعد القبض فالإقالة على ما سميا لأنها بيع جديد كأنه باعه فيه ابتداء وان كان قبل القبض والمبيع عقاراً فذلك لأنه يمكن جعله بيعا لأن بيع العقار قبل القبض جائز عنده، وإن كان منقولاً فالإقالة فسخ لأنه لا يمكن جعلها بيعاً لأن بيع المبيع المنقول قبل القبض لا يجوز .
وروي عن أبي يوسف أن الإقالة بيع على كل حال فكل ما لا يجوز بيعه لا تجوز إقالته فعلى هذه الرواية لا تجوز الإقالة عنه في المنقول قبل القبض لأنه لا يجوز بيعه.
وعند محمد إن كان قبل القبض فالإقالة تكون على الثمن الأول وتبطل تسمية الزيادة على الثمن الأول والجنس الآخر والنقصان والأجل لأنها تكون فسخاً كما قاله أبو حنيفة رحمه الله لأنه لا يمكن جعلها قبل القبض بيعاً لأن بيع المبيع قبل القبض لا يجوز عنده منقولاً كان أو عقاراً .
وإن كان بعد القبض .
فإن تقايلا من غير تسمية الثمن أصلاً أو سميا الثمن الأول من غير زيادة ولا نقصان أو بنقصان عن الثمن الأول فالإقالة على الثمن الأول وتبطل تسمية النقصان وتكون فسخاً أيضاً فتجعل فسخاً وإن تقايلا وسميا زيادة على الثمن الأول أو على جنس آخر سوى جنس الثمن الأول قل أو كثر فالإقالة على ما سميا ويكون بيعاً عنده لأنه لا يمكن جعلها فسخاً ههنا لأن من شأن الفسخ أن يكون بالثمن الأول وإن لم يكن جعلها فسخاً تجعل بيعاً اسمياً.
وهذا بخلاف ما إذا تقابلا على أنقص من الثمن الأول : إن الإقالة تكون بالثمن الأول عنده وتجعل فسخاً ولا تجعل بيعاً عنده لأن هذا سكوت عن نقص الثمن وذلك نقص الثمن والسكوت عن النقص لا يكون أعلى من السكوت عن الثمن الأول وهناك يجعل فسخاً لا بيعاً فههنا أولى. الكاساني 5 : 306 310 .
وقد رؤي الأخذ بقول الإمام أبي حنيفة بأنها فسخ في حق العاقدين بيع جديد في حق ثالث سواء قبل القبض أو بعده ففي ذلك نزول على الواقع بين الطرفين من ناحية وحماية الغير من ناحية أخرى ويراجع رد المحتار باب الإقالة ج 4 / صفحة 146 وما بعدها.
وهذه المادة تقابل المادتين 243 أردني و 183 عراقي.

المادة 270
تتم الإقالة بالإيجاب والقبول في المجلس وبالتعاطي بشرط أن يكون المعقود عليه قائما وموجودا في يد المتعاقد وقت الإقالة ولو تلف بعضه صحت الإقالة في الباقي بقدر حصته من العوض.
المذكرة الإيضاحية :
ركن الإقالة الإيجاب من أحد العاقدين والقبول من الآخر، فإذا وجد الإيجاب من أحدهما والقبول من الآخر بلفظ يدل عليهما فقد تم الركن.
ولا خلاف في أنها تنعقد بلفظين من يعبر بهما عن الماضي بأن يقول أحدهما للآخر أقلتك ويقول الآخر قبلت .
وهل تنعقد بلفظين يعبر أحدهما عن الماضي والآخر عن المستقبل ؟ بأن قال أحدهما للآخر " أقلني " فيقول الآخر له " أقلتك "
قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله : تنعقد كما في النكاح . وقال محمد : لا تنعقد إلا بلفظين يعبر بهما عن الماضي كما في البيع.
وبقول أبي حنيفة وأبي يوسف أخذ المشرع.
ويشترط لصحتها :
1. رضا المتقايلين سواء في البيع على أصل أبي يوسف بأنها بيع مطلق والرضا شرط صحة البياعات كلها أو على أصل أبي حنيفة ومحمد وزفر بأنها فسخ لعقد والعقد لا ينعقد على الصحة إلا بتراضيهما فكذا لا يوقع إلا بتراضيهما.
2. اتحاد المجلس.
3. قيام المبيع وقت الإقالة فإن كان هالكا وقت الإقالة لم تصح وأما قيام الثمن وقت الإقالة فلا يشترط.
4. أن يكون المبيع بمحل الفسخ بسائر أسباب الفسخ عند أبي حنيفة وزفر كالرد بخيار الشرط والرؤية والبيع فإن لم يكن بأن ازداد زيادة تمنع الفسخ بهذه الأسباب لا تصح الإقالة عندهما وعند أبي يوسف ومحمد هذا ليس بشرط.
أما على أصل أبي يوسف فلأنها بعد القبض بيع معلق وهو بعد الزيادة محتمل البيع فيبقى محتملاً للإقالة وأما على أصل محمد فأنها وإن كانت فسخاً لكن عند الإمكان والإمكان هنا لان لو جعلناها فسخاً لم يصح ولو جعلناها بيعاً لصحت وجعلت بيعاً لضرورة الصحة فبهذا اتفق جواب محمد مع جواب أبي يوسف في هذا.
وقد رؤي في القانون اشتراط الشرط أخذاً برأي أبي حنيفة أيضاً ليتوافر الاتفاق مع ما أخذ به المشرع في المادة السابقة من تكييف الإقالة .
تراجع المواد من 191 195 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادتين 244 أردني و 182 عراقي.

المادة 271
يجوز الاتفاق على أن يعتبر العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه وهذا الاتفاق لا يعفي من الإعذار إلا إذا اتفق المتعاقدان صراحة على الإعفاء منه.

المادة 272
1. في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بما وجب عليه بالعقد جاز للمتعاقد الآخر بعد إعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه.
2. ويجوز للقاضي أن يلزم المدين بالتنفيذ للحال أو ينظره إلى أجل مسمى وله أن يحكم بالفسخ وبالتعويض في كل حال إن كان له مقتضى .
المذكرة الإيضاحية :
يفترض الفسخ وجود عقد ملزم للجانبين يتخاذل فيه أحد العاقدين عن الوفاء بالتزامه فيطلب الآخر فسخه ويقع الفسخ بناء على حكم يقضي به أو بتراضي العاقدين أو بحكم القانون وبذلك يكون الفسخ قضائياً أو اتفاقياً أو قانونياً على حسب الأحوال.
ففي حالة الفسخ القضائي يتخلف أحد العاقدين عن الوفاء بالتزامه رغم أن الوفاء لا يزال ممكناً ويكون العاقد الآخر بالخيار: بين المطالبة بتنفيذ العقد وبين طلب الفسخ على أن يكون قد أعذر المدين من قبل.
فإذا اختار الدائن تنفيذ العقد وطلبه وهو يدخل في حدود الإمكان، كما هو الفرض، تعين أن يستجيب القاضي لهذا الطلب وجاز له أن يحكم بالتعويض إذا اقتضى الحال ذلك أما اذا اختار الفسخ فلا يجبر القاضي على إجابته بل يجوز له أن ينظر المدين إلى مسيرة إذا طلب النظرة، مع إلزامه بالتعويض عند الاقتضاء بل ويجوز أن يقضي بذلك من تلقاء نفسه، وله كذلك، ولو كان التنفيذ جزئياً أن يقتصر على تعويض الدائن عما تخلف المدين عن تنفيذه، إذا كان ما تم تنفيذه هو الجزء الأهم في الالتزام على أن للقاضي أن يجيب الدائن إلى طلبه ويقضي بفسخ العقد مع إلزام المدين بالتعويض دائماً، إن كان ثمة محل لذلك، ولا يكون التعاقد ذاته في حالة الفسخ أساساً للالتزام بالتعويض إذ هو ينعدم انعداماً يستند أثره بفعل الفسخ، وإنما يكون مصدر الإلزام، في هذه الحالة، خطأ المدين أو تقصيره، على أن القاضي لا يحكم بالفسخ إلا بتوافر شروط ثلاثة : أولها: أن يظل تنفيذ العقد ممكناً . والثاني : أن يطلب الدائن فسخ العقد دون تنفيذه. والثالث : أن يبقى المدين على تخلفه، فيكون من ذلك مبرر للقضاء بالفسخ.
فإذا اجتمعت هذه الشروط تحقق بذلك ما ينسب إلى المدين من خطأ أو تقصير.
أما الفسخ الاتفاقي فيفترض اتفاق المتعاقدين على وقوع الفسخ بحكم القانون دون حاجة إلى حكم قضائي، عند التخلف عن الوفاء، ويفضي مثل هذا الاتفاق إلى حرمان العاقد من ضمانتين :
أ- فالعقد يفسخ حتمياً دون أن يكون لهذا العاقد، بل ولا للقاضي خيار بين الفسخ والتنفيذ و إنما يبقى الخيار للدائن بداهة فيكون له أن يرغب عن الفسخ ويصر على التنفيذ.
ب. ويقع الفسخ بحكم الاتفاق دون حاجة للتقاضي على أن ذلك لا يقبل الدائن من ضرورة الترافع إلى القضاء عند منازعة المدين في واقعة تنفيذ العقد بيد أن مهمة القاضي تقتصر، في هذه الحالة على التثبت من هذه الواقعة فإذا تحققت لديه صحتها أبقى على العقد، وإلا قضى بالفسخ على أن حرمان المدين من هاتين الضمانتين لا يسقط عنه ضمانة أخرى تتمثل في ضرورة الإعذار، ما لم يتفق المتعاقدان صراحة على عدم لزوم هذا الإجراء أيضاً.
يبقى بعد ذلك أمر الفسخ القانوني وهو يقع عند انقضاء الالتزام على أثر استحالة تنفيذه فانقضاء هذا الالتزام يستتبع انقضاء الالتزام المقابل له لتخلف المقصد منه ولهذه العلة ينفسخ العقد من تلقاء نفسه أو بحكم القانون بغير حاجة إلى التقاضي بل وبغير إعذار متى وضحت استحالة التنفيذ وضوحاً كافياً على أن الترافع إلى القضاء قد يكون ضرورياً عند منازعة الدائن أو المدين في وقوع الفسخ بيد أن موقف القاضي في هذه الحالة يقتصر على الاستيثاق من أن التنفيذ قد أصبح مستحيلاً فإذا تحقق من ذلك يثبت وقوع الفسخ بحكم القانون، ثم يقضي بالتعويض أو يرفض القضاء به تبعاً لما إذا كانت هذه الاستحالة راجعة إلى خطأ المدين أو تقصيره إلى سبب أجنبي لا يد له فيه.
ويترتب على الفسخ قضائياً كان أو اتفاقياً أو قانونياً انعدام العقد انعداماً يستنفد أثره فيعتبر كأن لم يكن، وبهذا يعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيرد كل منهما ما تسلم بمقتضى هذا العقد، بعد أن تم فسخه، وإذا أصبح الرد مستحيلاً وجب التعويض على الملتزم وفقاً للأحكام الخاصة بدفع غير المستحق.
تراجع المادتان 82 و 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 245 و 246 أردني و 157 و158 مصري و 158 و 159 سوري و 177 و 178 عراقي.

المادة 273
1. في العقود الملزمة للجانبين إذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً انقضى الالتزام المقابل له وانفسخ العقد من تلقاء نفسه.
2. وإذا كانت الاستحالة جزئية انقضى ما يقابل الجزء المستحيل وينطبق هذا الحكم على الاستحالة الوقتية في العقود المستمرة وفي هاتين الحالتين يجوز للدائن فسخ العقد بشرط علم المدين.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة استحالة تنفيذ احد الالتزامات المتقابلة في العقود الملزمة للجانبين بقوة قاهرة بآفة سماوية سواء وردت هذه العقود على الملكية كالبيع أو وردت على المنفعة كالإجارة أو كان العقد شركة ففي هذه الحالة ينقضي الالتزام الذي استحال لأنه التزم بمستحيل وينقضي الالتزام المقابل له لارتباطه به، ففي البيع مثلاً إذا هلك المبيع في يد البائع قبيل التسليم فاستحال على البائع الوفاء بالتزامه بالتسليم سقط عنه هذا الالتزام لاستحالته ولكن من باب المقابلة يسقط عن المشتري الإلزام المقابل وهو الالتزام بدفع الثمن. فإذا كانت الاستحالة كلية أو أصبح تنفيذ الالتزام كله مستحيلاً بأن هلك المبيع كله قبل التسليم سقط الالتزام المقابل بجملته فيسقط الثمن كله عن المشتري .
وإذا كانت الاستحالة جزئية بأن هلك بعض المبيع في يد البائع قبل تسليمه للمشتري سقط من الالتزام المقابل وهو الالتزام بدفع الثمن أو ما يقابله، فإذا هلك نصف المبيع مثلاً في يد البائع قبل التسليم سقط عن المشتري نصف الثمن، ويفرق الحنفية في هذا بين ما إذا كان الهلاك قدر وبين ما إذا كان هلاك وصف ففي نقصان القدر يسقط عن المشتري من الثمن بنسبة الهالك، لأن كل جزء في المقدرات يقابله جزء من الثمن أما إذا كان الهلاك وصف فلا يسقط شيء من الثمن لأن الأوصاف لا يقابلها شيء من الثمن ولكن يكون للمشتري حق الفسخ لفوات الوصف، فإن لم يفسخ وجب عليه الثمن كله.
وإذا كانت الاستحالة وقتية كأرض مستأجرة غشيها الماء فلم تصلح للزراعة مدة ما سقط عن المستأجر من الأجرة ما يستحق في هذه المدة ولكن لا ينفسخ العقد من تلقاء نفسه وإنما يكون قابلاً للفسخ فإن فسخه المستأجر انقضى العقد وإن لم يفسخه بقي.
وفي حالة الاستحالة الجزئية والوقتية يجوز للدائن أن يفسخ العقد ولكن الفسخ هنا لا يقع إلا بإعلان إرادة الدائن إلى المدين أي إخباره ولكن دون حاجة إلى التراضي أو التقاضي، والمقصود بالدائن والمدين هنا الدائن والمدين بالالتزام المستحيل أما الانفساخ فيقع بقوة القانون أي دون حاجة إلى تراض أو تقاض أو إخبار.
وانفساخ العقد أو فسخه يرجع أثره إلى الماضي حتى إن العقد المنفسخ أو المفسوخ يعتبر كأن لم يكن، وهذا إذا كان العقد منشئاً لالتزام فوري كالبيع أما إذا كان منشئاً لالتزام متتابع كالإجارة فإنه ليس للانفساخ ولا للفسخ أثره في الماضي بل أن أثرهما مقصوراً على المستقبل.
راجع المذكرة الإيضاحية للمادة السابقة.
وهذه المادة تقابل المواد 247 أردني و 159 مصري و 160 سوري و 179 و 180 عراقي.

2 آثار انحلال العقد

المادة 274
إذا انفسخ العقد أو فسخ أعيد المتعاقدان الى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فإذا استحال ذلك يحكم بالتعويض.
المذكرة الإيضاحية :
تراجع المذكرة الإيضاحية للمادة 272
وهذه المادة تقابل المواد 248 أردني و 160 مصري و 161 سوري و 180 عراقي.

المادة 275
إذا انحل العقد بسبب البطلان أو الفسخ أو بأي سبب آخر وتعين على كل من المتعاقدين أن يرد ما استولى عليه جاز لكل منهما أن يحبس ما أخذه ما دام المتعاقد الآخر لم يرد إليه ما تسلمه منه أو يقدم ضمانا لهذا الرد.
المذكرة الإيضاحية :
تنطبق الأحكام الخاصة بحق الحبس في أحوال انحلال العقود الملزمة للجانبين لسبب من أسباب البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الإقالة، ذلك أن انحلال العقد يوجب على كل من المتعاقدين رد ما أدى إليه فيجوز لكل منهما أن يحبس ما استوفاه ما دام المتعاقد الآخر لم يرد إليه ما تسلمه منه أو لم يقدم تأميناً لضمان ذلك فلا يجوز مثلاً للبائع إذا استعمل حقه في الاسترداد وانفسخ البيع بذلك أن يسترد الشيء المبيع إلا بعد أن يؤدي للمشتري ما هو مستحق له وفقاً للأحكام الخاصة بذلك.
وهذه المادة تقابل المادة 249 أردني.

الفصل الثاني
التصرف الانفرادي
نظرة عامة :
اختلفت القوانين في مدى قدرة الإرادة المنفردة على إنشاء التزام: هل تعتبر مصدراً عاماً للالتزام أم لا ؟
فالمشرع الفرنسي والإيطالي قررا المبدأ العام وهو أن الإرادة المنفردة قادرة على إنشاء الالتزام إذ نصت أحكامها على أن الإرادة المنفردة إذا كانت مكتوبة واقترنت بأجل محدد تلزم صاحبها بمجرد وصولها إلى علم من توجهت إليه ولم يرفضها وتنطبق على الإرادة المنفردة القواعد التي تنطبق على العقد عدا القواعد المتعلقة بضرورة توافق الإرادتين لإنشاء الالتزامات.
والتشريع الألماني لم يأخذ كقاعدة عامة بقدرة الإرادة المنفردة على إنشاء الالتزام وإنما أخذ بها على سبيل الاستثناء حيث يوجد نص بذلك.
أما التشريع المصري فكان قد أخذ في المشروع التمهيدي كمبدأ عام بقدرة الإرادة المنفردة على إنشاء الالتزام إذ نص في المادة 228 منه على ما يأتي :
1. إذا كان الوعد الصادر من جانب واحد مكتوباً وكان لمدة معينة، فإن هذا الوعد يلزم صاحبه من الوقت الذي يصل فيه إلى علم من وجه إليه ما دام هذا لم يرفضه .
2. وتسري على هذا الوعد الأحكام الخاصة بالعقود، إلا ما تعلق منها بضرورة وجود إرادتين متطابقتين لإنشاء الالتزام.
3. ويبقى الإيجاب في العقود خاضعاً للأحكام الخاصة به ويسري حكم المادة التالية على كل وعد بجائزة يوجه إلى الجمهور .
ولكن لجنة المراجعة حذفت هذا النص وكان حذفه عدولاً عن وضعه قاعدة عامة تجعل الإرادة المنفردة ملزمة واكتفت بالحالات المنصوص عليها في القانون التي تنشئ فيها الإرادة المنفردة التزاماً وهي حالات واردة على سبيل الاستثناء ومن أمثلة هذه الحالات الإيجاب الملزم م 93 مصري والوعد بجائزة الموجه للجمهور م 162 مصري وإنشاء المؤسسات م 70 / 1 مصري وتطهير العقار المرهون رهناً رسمياً م 1066 مصري.
ويلاحظ أن للإرادة المنفردة في القانون آثاراً قانونية أخرى غير إنشاء الالتزام فقد تنشئ الحق الشخصي في حالات خاصة م 162 مدني مصري.
وقد تكون سبباً لكسب الحقوق العينية كالوصية .
وقد تكون سبباً لسقوطها كالتنازل عن حق ارتفاق أو حق رهن وقد تثبت حقاً شخصياً ناشئاً عن عقد قابل للإبطال كالإجازة .
وقد تجعل عقداً يسري على الغير كالإقرار .
وقد تنهي رابطة عقدية كعزل الوكيل أو نزوله عن الوكالة.
وقد تسقط الحق الشخصي كالإبراء م 371 مدني مصري.
أما في الفقه الإسلامي فللإرادة المنفردة مجال كبير إذ تكفي الإرادة المنفردة لإنشاء كثير من التصرفات أهمها الطلاق والتفويض فيه الرجعة الإيلاء الظهار الإعتاق التدبير الوقف الجعالة الهبة العمري والرقبة على رأي الهدية الصدقة الوصية وقبولها والرجوع فيها وردها الإيصاء العارية والقرض والكفالة وردها والرهن على القول بأنها تصرفات انفرادية إسقاط الشفعة الإباحة أو التحليل الإسقاط الإبراء النذر الوعد التزام المعروف الاستصناع على القول بأنه وعد اليمين لتقوية عزم الحالف على عمل شيء التملك باستعمال حق التملك الإيجاب الرجوع عن الإيجاب رد الإيجاب القبول أذن الصبي والعبد في التجارة عزل الوكيل الحجر على العبد المأذون استعمال حق الخيار وإسقاطه فسخ العقد غير اللازم إجازة العقد الموقوف .
يضاف إليها الإقرار والإن كار واليمين كوسيلة للإثبات على ما ذكر الكاساني من أن الأخبار تصرف شرعي أيضاً. الكاساني 7 : 182
وهذه التصرفات الانفرادية أنواع مختلفة.
فمنها ما يكون الغرض منه تمليك مال، أو تمليك منفعة عين من الأعيان كما في الوصية أو تمليك حق كما في التفويض في الطلاق أو حبس عين لدى الدائنين كما في الرهن.
ومنها ما يكون الغرض منه إنهاء عقد وذلك في قيام أحد العاقدين بإنهاء عقد غير لازم أو إنقاذ عقد وإمضائه كما في إجازة العقد الموقوف.
ومنها ما يكون الغرض منه إسقاط حق كما في إسقاط حق الشفعة.
فهذه التصرفات إما تبرعات أو إسقاطات أو إطلاقات أو تقييدات أو تأمينات أو إباحات وبطريقة أخرى هذه التصرفات إما ترد على مال ملكية أو منفعة أو على حق أو على تصرف.
ومن هذه الأنواع ما يكون له شبهان وفيما يلي بيانها باختصار:
أ. التصرفات التي ترد على المال التمليكات وكلها بدون عوض وهي إما أن يقصد بها التمليك أو التملك بدون عوض.
1. فالمقصود بها التمليك تمليك العين أو المنفعة أو الانتفاع هي الوصية الوقف الصدقة الإباحة الإبراء وعلى بعض الأقوال الهبة والعمري والرقبي والعارية والقرض.
2. والمقصود بها التملك هي التملك باستعمال حق التملك ومن أمثلته تملك أحد الشريكين أو الشركاء في الدين المشترك حصته فيما يقبضه أحد الشركاء من هذا الدين فإن ما يقبضه عندئذ ملك له خاصة ولا يعد فيه وكيلاً عن صاحبه إذا لم يوكله في القبض ولذا يملكه بقبضه ومع ذلك يكون لشريكه أن يشاركه فيما قبض بنسبة حصته في الدين فيملك منه بقدر ذلك بإرادته المنفردة رغما عن شريكه القابض وتملك الوارث لتركه مدينه المستغرقة بالدين بإرادته المنفردة وفي ما عليها من دين من ماله القبول في البيع قبول الموصي له بعد وفاة الموصي مصراً على وصيته حق الواهب أن يرجع في هبته فيعود إليه ما وهب.
ب. التصرفات التي ترد على حق بإطلاقه أو تقييده أو إسقاطه أو إثباته على القول بأن الإخبار تصرف.
1. قد ترد على حق بإطلاقه الإطلاقات أي إطلاق الحق في التصرف مثل الإيصاء الإذن للصبي في التجارة التفويض في الطلاق.
2. وقد ترد على حق بتقييده التقييدات مثل عزل الوكيل الحجر على العبد المأذون الرجعة.
3. وقد ترد على حق بإسقاطه إسقاطاً محضاً الإسقاطات مثل :الطلاق إسقاط الحقوق الشخصية بما فيها الديون إسقاط الشفعة تسليم الشفعة إسقاط حق الخيار الإبراء الوقف .
4. وقد ترد على حق لضمان استيفائه مثل الإذن في حبس العين، أما الرهن والكفالة فعقدان على الراجح.
5. وقد ترد على حق بإثباته، على القول بأن الأخبار تصرف مثل الإقرار والإنكار واليمين.
ج. التصرفات التي ترد على تصرف سابق أو لاحق.
1. التي ترد على تصرف سابق : قد ترد عليه :
بالتصحيح أو الإمضاء أو الإتمام : إجازة العقد الموقوف وقبول الإيجاب بالوفاء به : كتسليم المبيع أو دفع الثمن.
بالإنهاء أو الإبطال : كالطلاق يرد على الزواج والفسخ بخيار يرد على المبيع مثلاً وفسخ الإجارة بعذر والرجوع عن الإيجاب ورد الإيجاب والرجوع في الوصية والهبة.
2. التي ترد على تصرف لاحق : مثل الإيجاب الإذن للصبي في التصرف الوعد على القول بإلزامه.
وفي الفقه الإسلامي كما في القانون على ما تقدم قد تحدث الإرادة المنفردة آثاراً أخرى غير إنشاء الحق.
فتارة تكون سبباً لكسب الملكية كالوصية.
وتارة تكون إسقاطاً كالإبراء والوقف.
ونذكر إلى جانب ذلك إجازة العقد، وإقراره من الغير، واستعمال خيار من الخيارات المعروفة وعزل الوكيل وإجازة الوصية.
كل هذه وغيرها إرادة منفردة تحدث أثاراً قانونية مختلفة كل إرادة بحسب ما تقصد إليه .
3. وقد تبع المشرع في الإرادة المنفردة أحكام الفقه الإسلامي غير ملتزم مذهباً معيناً وسلك النهج الآتي :
أ. استبعاد المسائل الخاصة بالرقيق كالإعتاق والتدبير والإذن للعبد في التجارة والحجر عليه.
ب. عدم التعرض للتصرفات الداخلة في نطاق ما يسمى بالأحوال الشخصية لاقتصار هذا القانون على المعاوضات المالية .
ج. تناول التصرف الانفرادي بوجه عام : هل تكفي الإرادة المنفردة قاعدة عامة لإنهاء تصرف أم أن ذلك محصور في حالات خاصة بينتها النصوص.
د. الإحالة على ما سبق في العقد فيما يتعلق بالأحكام المشتركة بين التصرف الانفرادي والعقد فيدخل في هذه الإحالة إعلان الإرادة والنيابة والأهلية والمقصد والجزاء على تخلف الركن أو الشرط ويخرج عنها ما كان خاصاً بالعقد من وجود توفر إرادتين متطابقتين لإنشاء العقد.
هـ. ترك الكلام تفصيلاً على كل تصرف من التصرفات الانفرادية إلى موضعه من التقنين مثل الوقف الوصية وقبولهما والرجوع فيهما تسليم الشفعة الإيجاب والرجوع فيه القبول إجازة العقد الموقوف فسخ العقد استعمال الخيار وإسقاطه رد الكفالة عزل الوكيل ..... إلخ.

المادة 276
يجوز أن يتم التصرف بالإرادة المنفردة للمتصرف دون توقف على قبول المتصرف إليه ما لم يكن فيه إلزام الغير بشيء طبقا لما يقضي به القانون كل ذلك ما لم ينص القانون على خلافه.
المذكرة الإيضاحية :
الظاهر في الفقه الإسلامي أن المرجع في اشتراط إرادتين متقابلتين أو الاكتفاء بإرادة واحدة لإنشاء التصرف هو ما إذا كان التصرف من المعاوضات أو من التبرعات.
فإن كان معاوضة ابتداء وانتهاء كالبيع والإجارة فلا يتم إلا بالإيجاب والقبول من الطرفين وإن كان تبرعاً ابتداء ومعاوضة انتهاء كالكفالة والقرض ففيه خلاف والراجح أن الركن هو الإيجاب والقبول.
وإن كان تبرعاً ابتداء وانتهاء كالهبة والعارية فالراجح أن الركن الإيجاب فقط والقبول غير لازم.
فالتصرف في الفقه الإسلامي يتم بإيجاب وقبول إذا كان من شأنه أن يرتب التزاماً في جانب كل من الطرفين ولو انتهاء أما التصرف الذي يرتب التزاماً في جانب أحد الطرفين دون الآخر فيتم بإيجاب الطرف الملتزم ورده فكأن الالتزام يكفي في إنشائه إرادة الملتزم وحدها، وكأن العقد نفسه، وهو إيجاب وقبول، يقوم التزام كل طرف فيه على إرادته دون اعتبار لإرادة الطرف الآخر، وعلى ذلك يمكن القول بأن الأصل في التصرفات في الفقه الإسلامي هو الإرادة المنفردة لا العقد.
وهذه المادة تتناول المبدأ العام فتقرر انعقاد التصرف بالإرادة المنفردة، ما دام لا يلزم غير المتصرف وهي تتناول التصرف من حيث انعقاده كل ذلك ما لم ينص القانون عل خلافه.
وهذه المادة تقابل المادة 250 أردني .
المادة 277
تسري على التصرف الانفرادي الأحكام الخاصة بالعقود إلا ما تعلق منها بضرورة وجود إرادتين متطابقتين لإنشاء العقد ما لم ينص القانون على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
متى تقرر مبدأ انعقاد التصرف بمجرد الإرادة المنفردة تعين سريان أحكام العقود عليه ويترتب على ذلك وجوب توافر أهلية التعاقد في الملتزم وخلو إرادته مما يشوب الرضا من عيوب وقيام التزامه على محل ومقصد أي سبب باصطلاح القانون تتوافر فيها الشروط اللازمة ويستثنى من هذه الأحكام بداهة ما يتعلق بضرورة توافق الإرادتين ما دامت الإرادة المنفردة هي مصدر الالتزام.
وهذه المادة تقابل المادتين 251 أردني و 184 عراقي.

المادة 278
إذا استوفى التصرف الانفرادي ركنه وشروطه فلا يجوز للمتصرف الرجوع فيه ما لم ينص القانون على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
التصرف الصادر من جانب واحد يمتاز بانعقاده بإرادة واحد دون حاجة إلى القبول وهذا ما يفرقه عن العقد فالعقد لا يتم إلا بالإيجاب وقبول و التصرف الانفرادي يتم بإرادة واحدة .
ومن الأهمية بم كان تبين ما إذا كان يقصد بالتعبير عن الإرادة إلى ارتباط بوعد من جانب واحد أم إلى مجرد الإيجاب فمن المعلوم أن الإيجاب وإن كانت له قوة في الإلزام من حيث جواز العدول عنه إلا أنه لا بد أن يقترن به القبول حتى ينعقد العقد وينشأ الالتزام الذي يراد ترتيبه بالعقد.
ويفترض عند الشك في مرمى التعبير عن الإرادة أنه قصد به إلى مجرد الإيجاب ويقع عبء إثبات قيام الوعد الصادر من جانب واحد على عاتق الدائن الذي يدعي ذلك.
وهذه المادة تقابل المادة 252 أردني .

المادة 279
1. إذا كان التصرف الانفرادي تمليكا فلا يثبت حكمه للمتصرف إليه إلا بقبوله.
2. وإذا كان إسقاطا فيه معنى التمليك أو كان إبراء من دين فيثبت حكمه للمتصرف إليه ولكن يرتد برده في المجلس.
3. وإذا كان إسقاطا محضا فيثبت حكمه للمتصرف إليه ولا يرتد بالرد.
4. كل ذلك ما لم ينص القانون على خلافه.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حكم التصرف الانفرادي، والتصرف  الانفرادي إما إثبات أو إسقاط.
فالإثبات يقصد به إثبات حق لآخر كالهبة استحساناً إذ الهبة في الاستحسان ركنها الإيجاب من الواهب فقط فأما القبول من الموهوب فليس بركن والصدقة والوصية .
والإسقاط يقصد به إنهاء حق لا إلى مالك وذلك بإزالته إزالة تامة وتلاشيه نهائياً كإسقاط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة وإسقاط حق الخيار .
فإذا كان التصرف تمليكاً فلا يثبت حكمه للمتصرف إليه إلا بقبوله لأنه لا يجوز تمليك شخص شيئاً بغير قبوله.
وإذا كان التصرف إسقاط فإن الحق يتلاشى نهائياً بالإرادة المنفردة دون حاجة إلى قبول ولا يرتد بالرد ولا يصح الرجوع فيه لأن أثره السقوط والساقط لا يعود .
وهناك من التصرفات ما فيه الشبهان : شبه بالإسقاط وشبه بالتمليك كهبة الدين للمدين عند الجمهور والإبراء من الدين فلشبهه بالإسقاط لا يتوقف حكمه على القبول ولا يقبل والأمر يحتاج بالنسبة للإسقاط والإبراء إلى التفصيل الآتي :
الإسقاط :
الإسقاط هو الإنهاء لا إلى مالك آخر أي بإزالته إزالة تامة وتلاشيه نهائياً ومثاله إسقاط الشفيع في حقه في الأخذ بالشفعة.
فالنقل لا يكون إسقاطاً لأن الإسقاط يكون بالإنهاء فإذا أجر المستأجر العين المستأجرة لغيره لا يعتبر مسقطاً حقه وإنما يكون مملكاً له.
لذلك فالإسقاط لا يرد على الأعيان فالأعيان لا تتلاشى بقبول يصدر من مالكها وإنما يرد على الحقوق لأنها هي التي تتلاشى فيرد على حق الملكية وحق الرهن وحقوق الارتفاق وحق الحبس .
ومن صور الإسقاط الطلاق المجرد عن العوض بخلاف الطلاق على مال فهو معاوضة.
والإسقاط لا يكون إلا في الحقوق الموجودة فعلاً فهي التي تقبل الزوال والإنتهاء أما الحقوق قبل وجودها فلا تقبل الإسقاط لأن إسقاط الساقط محال فإسقاط الحق قبل وجوده باطل لا أثر له.
وعلى ذلك فإذا أسقط الشفيع حقه قبل تمام البيع الذي يترتب عليه هذا الحق فإنه لا يسقط وكذلك الإبراء من الدين قبل وجوده.
وهل يتم الإسقاط بالإرادة المنفردة ؟ يجب أن نفرق بين ما إذا كان الإسقاط إسقاطاً محضاً وبين ما إذا كان إسقاطاً فيه معنى التمليك.
ومثال الأول إسقاط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة وإسقاط حق الخيار وإجازة العقد الموقوف لأنها إسقاط الحق في فسخه وكذا فسخه والإبراء عن الكفالة والإبراء عن الحوالة.
ومثال الثاني الإبراء من الدين وهبة الدين للمدين إذ في هاتين الصورتين يترتب على الإسقاط ثبوت الحق لمن تحملت ذمته به.
ففي الحالة الأولى ظاهر أن الإسقاط يرد على حق بحيث يتلاشى ويزول نهائياً فلا ينتقل إلى شخص آخر، وفي هذه الحالة يترتب على الإسقاط أثره وهو تلاشي الحق نهائياً بمجرد الإرادة المنفردة دون حاجة إلى قبول ولا يرتد بالرد ولا يصح الرجوع فيه لأن أثره السقوط والساقط لا يعود.
وفي الحالة الثانية حيث يكون في الإسقاط معنى التمليك يكون للإسقاط شبهان شبه بالإسقاط وشبه بالتمليك والإسقاط وفي هذه الحالة أيضاً لا يتوقف على القبول ولا يقبل الرجوع فيه من المسقط بل يلزم بمجرد صدور العبارة منه ولكنه يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك وقال زفر أنه يتوقف على قبول المدين وفي هبة الدين للمدين قال البعض أنها لا تتوقف على القبول.
وهل رد الإسقاط الذي في معنى التمليك يتقيد بالمجلس ؟ ذهب البعض إلى أنه لا يصح إلا في مجلس الإسقاط . وذهب آخرين إلى أنه يصح في المجلس وبعده.

الإبراء:
الإبراء إسقاط الدين عن المدين أي إخلاء ذمته منه فمحله دائماً الدين وأما الأعيان التي لا تتعلق بالذمة فليس محلاً للإبراء.
وإذا وقع الإبراء على عين مضمونة كان إبراء من قيمتها إن هلكت بسبب موجب للضمان أما غير ذلك فلا أثر للإبراء إذا وقع على عين بحيث يجوز المطالبة بالعين رغم الإبراء منها.
فاذا أمهر الرجل زوجته عيناً من الأعيان، عقاراً أو منقولاً، فأبرأت زوجها منه فلا يصح إبراؤها ولو قبله الزوج فلها أن تطالبه به بعد ذلك، لكن لهذا الإبراء تأثير آخر، فهو تغيير صفة اليد فبعد أن كانت يد الزوجة على المهر يد ضمان تصبح بهذا الإبراء يد أمانة فيعتبر المهر في يده وديعه فلا يضمنه عند الهلاك إلا بسبب التعدي أو الإهمال.
ويتم الإبراء بإرادة المبرئ وحده إذ هو إسقاط فلا يتوقف على القبول ولكنه يرتد بالرد لما فيه من معنى التمليك اتقاء المنه.
وفي الأشباه أن الإبراء يرتد بالرد في مسائل :
1. إذا أبرأ المحال عليه فرد إبراءه لم يرتد وقيل يرتد .
2. إذا قال المدين لدائنه أبرئني فأبراه، فرد الإبراء، لا يرتد.
3. إذا أبرأ الدائن الكفيل فرده لم يرتد وقيل يرتد.
4. لو قبل المدين الإبراء ثم رده لم يرتد.
وهل يشترط الرد في المجلس، قولان مصححان بناء على تغليب معنى التمليك أو الإسقاط في الإبراء، ويشترط أن يكون الدين المبرأ منه قائماً وقت الإبراء لأن الإبراء نوع من الإسقاط والإسقاط لا يكون إلا لشخص موجود فعلاً حتى يمكن تصوره، فالإبراء من المعدوم باطل لعدم مصادفة المحل.
والإبراء قد يكون خاصاً وقد يكون عاماً، فالإبراء الخاص كأن يبرئ الدائن شخصاً معيناً أو أشخاصاً معينين من حق معين له قبله أو قبلهم، والإبراء العام كالإبراء من جميع الدعاوى أو الحقوق التي لشخص قبل شخص معين أو جماعة معينين .
ولا بد أن يكون المبرأ منه معيناً ولا شمول له لما بعده بل للمبرئ أن يطالب مدينه بما أستجد له من الحقوق بعد الإبراء.
ومتى تم الإبراء صحيحاً سقط الحق فلا يعود عملاً بالقاعدة الساقط لا يعود تراجع المواد 224 و 236 و 239 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 253 أردني.

المادة 280
1. الوعد هو ما يفرضه الشخص على نفسه لغيره بالإضافة الى المستقبل لا على سبيل الالتزام في المال وقد يقع على عقد أو عمل.
2. ويلزم الوعد صاحبه ما لم يمت أو يفلس.
المذكرة الإيضاحية :
الالتزام يطلق في الفقه الإسلامي على الصورة العامة للالتزام بالإرادة المنفردة فيقال المطلوبات المترتبة على الالتزام أي على الالتزامات الناشئة عن الإرادة المنفردة.
فإذا التزم شخص بمال يعطيه لشخص آخر دون أن يتعاقد معه فهل يتقيد الملتزم بإرادته المنفردة هذه أن يعطي المال الذي ألتزم بإعطائه.
ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن هذا من قبيل التبرع، والتبرع غير ملزم عندهم وخالف في ذلك مالك وفيما يلي خلاصة لمذهبه :
الالتزام عند المالكية :
الالتزام في عرف الفقهاء هو إلزام الشخص نفسه شيئاً من المعروف مطلقاً أو معلقاً على شيء فهو بمعنى العطية وأركان الالتزام كأركان الهبة. الملتزم بكسر الزاء والملتزم له والملتزم به والصيغة ويشترط في كل ركن منها ما يشترط في الهبة.
فيشترط في الملتزم أن يكون أهلاً للتبرع إلا أن يكون من باب المعاوضة فيشترط أهلية المعاوضة فقط ويشترط في الملتزم له أن يكون ممن يصح أن يملك الانتفاع به كالمساجد والقناطر.
وأما الملتزم به فهو كل ما فيه منفعة وسواء كان فيه غرر أم لا إلا فيما كان من باب المعاوضة فيشترط فيه انتفاء الغرر.
أما الركن الرابع وهو الصيغة فهي لفظ أو ما يقوم مقامه من إشارة أو نحوها تدل على إلزام الشخص نفسه ما التزمه.
وإذا لم يكن الالتزام على وجه المعاوضة فلا يتم إلا بالحيازة ويبطل بالموت والفلس قبلها كما في سائر التبرعات.
ويدخل في الالتزام الصدقة والهبة والحبس والعارية والعمري والعمرية والمنحة والإرفاق والإخدام والإسكان والنذر، والضمان والالتزام بالمعنى الأخص أي بلفظ الالتزام.
ويقضي به على الملتزم ما لم يفلس أو يمت أو يمرض مرض الموت إن كان الملتزم له بفتح الزاء معيناً وليس في القضاء به خلاف إلا على القول بأن الهبة لا تلزم بالقول وهو خلاف المعروف من المذهب بل نقل ابن رشد الاتفاق على لزوم الهبة بالقول.
أما إذا كان الالتزام لغير معين كالمساكين والفقراء ونحو ذلك فالمشهور من المذاهب أن يؤمر بالوفاء بما التزمه ولا يقضي به.
والعدة أو الوعد، إخبار عن إنهاء الخبر معروفاً في المستقبل فهو ما يفرضه الشخص على نفسه لغيره بالإضافة إلى المستقبل لا على سبيل الالتزام في الحال.
والجمهور ومنهم الحنفية وأهل الظاهر على أن الوفاء بالوعد غير لازم قضاء فليس للموعود مطالبة الواعد قضاء الوفاء به.
وقال ابن شبرمة : الوعد كلمة لازم ويقضي به على الواعد ويجبر.
وفي المذهب المالكي الوفاء بالعدة مطلوب بلا خلاف، ولكن هل يجب القضاء بها واختلف على أربعة أقوال فقيل يقضي بها مطلقاً .
وقيل لا يقضي بها مطلقاً.
وقيل يقضي بها إن كانت على سبب وإن لم يدخل الموعود بسبب العدة في شيء كقولك : أريد أن أتزوج أو أن أشتري كذا فأسلفني كذا، فقال نعم ثم بدأ له قبل ان يتزوج أو أن يشتري، فإن ذلك يلزمه ويقضي عليه به، فإن لم يترك الأمر الذي وعدك عليه وكذا لو لم تسأله وقال لك هو من نفسه "أنا أسلفك أو أهب لك كذا لتقضي دينك أو لتتزوج" أو نحو ذلك فإن ذلك يلزمه ويقضي به عليه.
أما إن كانت على غير سبب فلا كما إذا قلت أسلفني كذا ولم تذكر سبباً أو أعرني دابتك أو بقرك ولم تذكر سفراً ولا حاجة فقال نعم ثم بدأ له أو قال هو من نفسه أنا أسلفك كذا أو أهب لك كذا ولم يذكر سبباً ثم بدا له.
والرابع يقضي بها ان كانت على سبب ودخل الموعود بسبب العدة في شيء وهذا هو المشهور من الأقوال.
وقد يقع الوعد على عقد أو عمل كأن يعد شخص آخر ببيعه أرضاً أو ببنائه داراً .
وقد رؤي الأخذ في القانون برأي ابن شبرمة وما وافقه في المذهب المالكي استجابة لمبدأ البر بالعهود الذي تفرضه الأديان والأخلاق وحسن النية في المعاملات بين الناس.
الحطاب، تحرير الكلام في مسائل الالتزام، المنشور في فتاوى عليش ج 1 ص 180 وما بعدها.
وهذه المادة تقابل المادة 254 أردني.

المادة 281
1. من وجه للجمهور وعدا بجائزة يعطيها عن عمل معين وعين له أجلا التزم بإعطاء الجائزة لمن قام بهذا العمل ولو قام به دون نظر إلى الوعد بالجائزة.
2. واذا لم يعين الواعد أجلا للقيام بالعمل جاز له الرجوع في وعده بإعلان للكافة على ألا يؤثر ذلك في حق من أتم العمل قبل الرجوع في الوعد ولا تسمع دعوى المطالبة بالجائزة إذا لم ترفع خلال ثلاثة اشهر من تاريخ إعلان عدول الواعد
المذكرة الإيضاحية :
الجهالة هي التزام بمال معلوم نظير عمل معين معلوم أو لابسته جهالة، وقد يكون الإيجاب موجهاً لشخص معلوم أو لشخص غير معلوم.
وصورتها أن يقول شخص لآخر إن رددت علي فرسي الضال فلك كذا أو من رد علي فرسي الضال فله كذا.
فالجعل فيها يكون نظير عمل معين وقد يكون هذا العمل مجهولاً بعض الجهالة.
وهي عقد فاسد عند الحنفية، لأنه من قبيل الإجارة التي لم تستوف شروط صحتها من العلم بالعمل والعلم بالأجر وقبوله في المجلس والعلم بالمدة فيما يحتاج إلى مدة وغير ذلك من الشروط.
يراجع ابن حزم، المحلي 8 / البند 1227 وما بعده، والكاساني، البدائع 4 : 184 ويرى المالكية والشافعية والحنابلة والشيعة الجعفرية وبعض الزيدية أنها عقد صحيح ويرى أهل الظاهر أنه لا يقضي بها وإن أستحب الوفاء.
فهي تنعقد بمجرد إرادة الجاعل ما دام العمل لم يشرع فيه أحد.
فإن شرع فيه أحد وهو يعلم بالجعل أصبح الجاعل ملتزماً ولكن العامل لا يلتزم بالاستمرار فيه فإذا قام بالعمل وأتمه وجب له الجعل .
ولكنه إذا قام به غير عالم بالجعل لم يستحق شيئاً لأنه متبرع في هذه الحالة وبالمذهب المالكي أخذ المشرع.
ويجب التفريق في هذا الصدد بين ما إذا كان الواعد قد حدد مدة لوعده وبين ما إذا كان قد ترك المدة دون تحديد.
ففي الحالة الأولى : يلتزم الواعد نهائياً بمشيئته وحدها، دون أن يكون له أن يعدل عن وعده خلال المدة المحددة فإذا انقضت هذه المدة ولم يقم أحد بالعمل المطلوب تحلل الواعد من وعده ولو أنجز هذا العمل فيما بعد أما إذا أتم القيام بالعمل المطلوب قبل انتهاء المدة، فيصبح من قام به دائناً بالجائزة من فوره ولو لم يصدر في ذلك عن رغبة في الحصول عليها، بل ولو كان جاهلاً بالوعد وفي هذا ما ينفي عن الوعد بالجائزة صفته العقدية، فهذه الصفة ليست في اس المشرع كمستلزماته وقد عمم في العبارة حتى تصدق على ما تم قبل إعلان الوعد بالجائزة وما يتم بعد إعلانه لأن هناك من الصور ما هو بدخوله في دائرة تطبيق نص المادة والواجب أن يستحقها الشخص ما دام قد قام بكل ما يشترطه الواعد.
أما في الحالة الثانية حيث لا يحدد أجل لأداء العمل المطلوب، فيلتزم الواعد رغم ذلك بالوعد الصادر من جانبه ولكن له أن يعدل عنه وفقاً للأوضاع التي صدر بها بأن يحصل العدول علناً بطريق النشر في الصحف أو اللصق مثلاً .
ولا يخلو الحال في الفترة التي تمضي بين إعلان الوعد والرجوع فيه من أحد فروض ثلاثة.
1. إذا لم يكن قد بدئ في تنفيذ العمل المطلوب تحلل الواعد نهائياً من نتائج وعده.
2. إذا كان العمل المطلوب قد تم عمله قبل إعلان العدول فغني عن البيان أن الجائزة تصبح واجبة الأداء بمقتضى الوعد المعقود بمشيئة الواعد وحده.
3. إذا كان قد بدئ في تنفيذ هذا العمل، دون أن يبلغ مرحلة الإتمام فتطبق القواعد العامة للمسئولية وقد رؤي ترك الحكم فيها للقواعد العامة في المسئولية خوفاً من أن يثير النص إشكالات كثيرة وتعقيدات في التطبيق إذ يخشى أن يدعي كل شخص أنه بعد إعلان الوعد بدأ في القيام بالعمل المطلوب والعدول أضره ولأنه إذا تقررت الجائزة لعمل جزئي فات الغرض من التشجيع على الأعمال النافعة.
وقد نص على عدم سماع دعوى المطالبة بالجائزة اذا لم ترفع خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إعلان العدول للجمهور وذلك لقطع السبيل على كل محاولة مصطنعة يراد بها استغلال الوعد بالجائزة بعد إعلان العدول وحسم المنازعات التي تنشأ بسبب تقادم العهد على الجائزة وصعوبة الإثبات ولذلك جعلت مدة عدم سماع الدعوى ثلاثة أشهر.
ولا يبقى، بعد هذا سوى بعض مسائل تفصيلية عرضت لها التقنينات الأجنبية بأحكام تشريعية خاصة وأغفل المشرع ذكرها، مكتفياً في شأنها بتطبيق المبادئ العامة والمادة 659 من التقنين الألماني تنص على أنه " إذا نفذ العمل الذي بذلت الجائزة من أجله أكثر من شخص واحد كانت الجائزة للأسبق . فإذا تعدد المنفذون في وقت واحد كانت الجائزة سوية بينهم ".
"أنظر أيضاً المادة 17 من التقنين التونسي والمراكشي".
وكذلك نص المادة 660 من التقنين الألماني على أنه " إذا تعاون عدة أشخاص في تحقيق النتيجة التي بذلت الجائزة من أجلها، وجب على الواعد أن يقسم الجائزة بينهم على أساس تقدير عادل قوامه ما يكون لكل منهم من نصيب في تحقيق هذه النتيجة " ويقضي التقنين البولوني في المادة 106 ببطلان الوعد الموجه إلى الجمهور بمنح جائزة لأفضل عمل يقدم في المسابقة إذا لم يحدد الإعلان ميعاداً للتنفيذ في هذه المسابقة، ويكون للواعد الحق في تقرير ما إذا كان هناك محل لمنح الجائزة، ولأي عمل تمنح إلا اذا كان قد بيّن في إعلانه طريقاً آخر للفصل في نتيجة المسابقة ولا يكسب الواعد ملكية العمل الذي أستحق الجائزة أو حقوق منشئة فيه إلا إذا كان قد أحتفظ لنفسه بهذا الحق في الإعلان.
وهذه المادة تقابل المواد 255 أردني و 162 مصري و 163 سوري و 185 عراقي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق