الصفحات

الثلاثاء، 19 ديسمبر 2023

المذكرة الإيضاحية لقانون المعاملات المدنية الاتحادي الإماراتي ج 2

الفصل الثالث
الفعل الضار
الفرع الأول
أحكام عامة
نظرة عامة :
تناول القانون المدني المصري المسئولية التقصيرية أو العمل غير المشروع في ثلاثة مباحث خصص الأول منها للمسئولية عن الأعمال الشخصية وهي تتضمن القواعد العامة في المسئولية وفي الثاني تكلم عن المسئولية عن عمل الغير وأخيراً تناول المسئولية عن الأشياء في المبحث الثالث.
ولم يفرد لنظرية التعسف في استعمال الحق مكاناً بين أحكام المسئولية بل عالجها في سياق النصوص التمهيدية باعتبار، أن مالها من عموم التطبيق يجاوز حدود هذه الأحكام .
أما المشروع العراقي فقد تناول العمل غير المشروع في فرعين خصص أولهما للكلام على المسئولية عن الأعمال الشخصية وتناول فيه:
1. الأعمال غير المشروعة التي تقع على المال حيث تكلم على الإتلاف والغصب.
2. الأعمال غير المشروعة التي تقع على النفس.
3. الأحكام المشتركة للأعمال غير المشروعة وخص ص ثانيهما للحكم على :
أ. المسئولية عن عمل الغير .
ب. المسئولية عن الأشياء حيث تكلم على جناية الحيوان وما يحدث في الطريق العام .
والمسئولية عن البناء كما أنه لم يتناول في هذا الباب الكلام على سوء استعمال الحق إتباعاً لنهج القانون المصري.
وقد رؤي في هذا القانون الإفادة في النهج من القانون المدني المصري والقانون المدني العراقي معاً، دون تقيد بهما ومعالجة الفعل الضار في خمسة فروع :
 الأول الأحكام العامة، والفرع الثاني المسئولية عن الأعمال الشخصية وشمل :
1. الضرر الذي يقع على النفس.
2. إتلاف المال .
3. الغصب والتعدي .
والفرع الثالث المسئولية عن عمل الغير، والفرع الرابع المسئولية عن الأشياء واستعمال الطريق العام وفيه يعالج المسئولية عن فعل الحيوان وعن انهدام المباني وعن الأشياء والآلات واستعمال الحق العام.
ولم يعالج هنا التعسف في استعمال الحق اكتفاء بعلاجها في سياق النصوص التمهيدية باعتبار أن مالها من عموم التطبيق يجاوز حدود الفعل الضار كما فعل من قبل القانون المدني المصري والقانون العراقي.
وهو منهج يختلف إلى حد ما عما اتبعه التقنين المصري و التقنين العراقي على ما يتبين من المقابلة مع الإفادة منها في نفس الوقت.
ان أحكام المسئولية عن الفعل الضار هي بع ض ما يعبر عنه لدى الفقهاء المسلمين بكلمة الضمان : والضمان لدى الفقهاء المسلمين إما ضمان عقد وإما ضمان إتلاف.
أما ضمان العقد أو الضمان الذي يسببه العقد فهو ضمان مال تالف ضماناً يستند إلى عقد يقتضى الضمان.
ومثاله:
إذا هلك المبيع بآفة سماوية في يد البائع قبل التسليم فضمانه من البائع بمعنى أن المشتري لا يلزم بدفع الثمن ويفسخ البيع لعدم استطاعة البائع الوفاء بتسليم المبيع وكذا إذا هلك الشيء المستأجر في خلال مدة الإجارة سقط عن المستأجر التزامه بدفع الأجرة في المدة التالية وكان الضمان بذلك من المؤجر وهي غير ما يعرف في القانون بالمسئولية العقدية وهي التزامه المخل بالتزامه الناشئ عن العقد بتعويض الطرف الآخر عن الضرر الذي يصيبه نتيجة إخلاله بالتزامه، ففي المسئولية العقدية التعويض ليس عن مال تالف وإنما هو تعويض عن ضرر نشأ عن إخلال المدين بما التزم به بناء على العقد أما ضمان العقد فمعناه أن العقد يقضي بأن يتحمل أحد طرفيه عبء تلف المال.
وأما ضمان اليد فالمقصود به الضمان الذي سببه اليد بمعنى الضمان الذي يترتب على وجود الشيء في يد شخص ليس مالكاً له فإذا كانت اليد يد أمانة وهناك الشيء دون تعد ولا تقصير فإن صاحب اليد لا يضمن أما إذا كان الشخص قد قصر أو تعدى فإن يده تصبح يد ضمان فإذا هلك الشيء ولو بآفة سماوية فإنه يهلك عليه بمثله أو قيمته.
وأما ضمان الإتلاف أو بعبارة أعم ضمان الفعل فهو أن يأتي شخص فعلاً يلحق الضرر بآخر كأن يتلف له نفساً أو عضواً أو مالاً فيجب عليه ضمان ما أتلف وهذا الفعل يتخذ في المال صوراً مختلفة منها الإتلاف والتعييب والتغيير والحيلولة بين المال وصاحبه و الغصب والغرور .... إلخ
وبين هذه الأنواع الثلاثة من الضمان وجوه شبه ووجوه خلاف. فضمان العقد وضمان اليد يتفقان في أن الضمان يتحقق فيهما ولو كان الهلاك بقوة قاهرة فإذا هلك المبيع في يد البائع قبل التسليم بآفة سماوية سقط الثمن عن المشتري ويتحمل البائع تبعة الهلاك أي كان الضمان من البائع رغم أن الهلاك بقوة قاهرة والضمان هنا ضمان عقد والمغصوب إذا هلك في يد الغاصب بقوة قاهرة وجب على الغاصب المثل أو القيمة والضمان هنا ضمان يد ويتفقان أيضاً في أن الضمان متفرع عن واجب أصلي وهو تسليم المحل المعقود عليه أو المغصوب ففي البيع يجب على البائع تسليم المبيع إلى المشتري فإذا لم يفعل وهلك في يده ولو بقوة قاهرة كان المبيع من ضمانه والمغصوب يجب على الغاصب رده فإذا هلك ولو بقوة قاهرة كان الضمان عليه.
ويختلفان في الضمان الواجب : ففي ضمان اليد يجب المثل أو القيمة ففي الغصب إذا هلك المغصوب بقوة قاهرة وجب على الغاصب مثله أو قيمته وفي ضمان العقد لا يجب المثل أو القيمة بل يكون الواجب بحسب العقد دون رعاية للمماثلة بين العوض والمعوض عنه فإذا هلك المبيع في يد المشتري قبل التسليم سقط عنه المشتري الثمن دون نظر لما إذا كان الثمن أكثر أو أقل من قيمة المبيع.
وضمان العقد وضمان الإتلاف يختلفان، فضلاً عن أن هذا سببه العقد وهذا سببه الفعل الضار، في أن ضمان العقد يقوم ولو كان سبب الإخلال قوة قاهرة أما ضمان الإتلاف فلا يكون إلا بفعل يصدر من الشخص ينتج عنه إتلاف إما مباشرة أو تسبباً فإذا انقطعت علاقة السببية بين الفعل وبين الضرر فلا ضمان كما يختلفان في مقدار الضمان على ما تقدم في التفرقة بين ضمان العقد وضمان اليد.
وضمان اليد وضمان الإتلاف يتفقان في أن الضمان الواجب فيهما يرجع مباشرة أو غير مباشرة إلى فعل ضار هو الإتلاف أو الغصب أو التعدي ويتفقان في أن الضمان في كل منهما مقداره المثل أو القيمة، ويختلفان في أن الواجب الأصلي في ضمان اليد هو رد نفس العين فالغاصب عليه أصلاً رد نفس العين فإن تعذر ذلك وجب عليه المثل أو القيمة أما في ضمان الإتلاف فالواجب الأصلي، بطبيعة الحال هو المثل أو القيمة .
ومما تقدم يتبين أن هناك مجالاً للنظر فيما إذا كان الأليق أن يعالج الغصب في باب "الفعل الضار" أو في باب "القانون" بوصفه مصدراً للالتزام بالرد. ومع وجاهة إيراده في "القانون" إلا أنه رؤي ترجيح معالجته في "الفعل الضار" كما فعل التقنين العراقي استناداً إلى مسلك محمد رحمه الله فقد "جمع محمد رحمه الله في كتاب الغصب بين مسائل الغصب وبين مسائل الإتلاف " وكذا الكاساني 7 : 142 ورؤي من حيث ترتيب مكانه مخالفة القانون العراقي بإيراده في فرع خاص أخيرا بدلاً من معالجته بين الأفعال الضارة التي يجب فيها المثل أو القيمة من أول الأمر على ما سلف البيان.
والعمدة في هذا الباب كله ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا ضرر ولا ضرار في الإسلام " وفي اللسان، قال : ولكل واحد من اللفظين معنى غير الآخر فمعنى قوله لا ضرر " أي لا يضر الرجل آخاه والضرر ضد النفع " وقوله " ولا ضرار " أي لا يضار كل واحد منهما صاحبه فالضرار منهما معاً والضرر فعل واحد ومعنى قوله " ولا ضرار " أي لا يدخل الضرر على الذي ضره ولكن يعفو عنه، كقوله عز وجل " إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " قال ابن الأثير : قوله " لا ضرار " أي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئاً من حقه، والضرار فعال من الضرر أي لا يجازيه بإدخال الضرر عليه والضرر فعل الواحد، والضرار فعال من الضر أي لا يجازيه على إضراراه بإدخال الضرر عليه، والضرر فعل الواحد، والضرار فعل الأثنين والضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه، وقيل : الضرر ما تضر به صاحبك وتنتفع أنت به، والضرار أن تضره من غير أن تنتفع، وقيل هما بمعنى واحد وتكرارهما للتأكيد".
فإذا أوقع أحد بأحد ضرراً فإن هذا الضرر يجبر بإعادة حال المضرور إلى ما كان عليه قبله ما أمكن ذلك وهو ما تدل عليه القاعدة الفقهية من أن " الضرر يزال " وإزالته تكون بالتضمين وهو الحكم بالضمان وذلك يكون بإلزام المتعدي بمثل ما أتلفه من المال إن كان الإضرار بإتلاف المال .
وإذا كان الضمان بمعناه الأعم في لسان الفقهاء هو : شغل الذمة بما يجب الوفاء به من مال أو عمل فإن كلمة " الضمان " قد تستعمل في الدلالة على المال المطلوب أداؤه تعويضاً .
والمقصود بالضمان هنا هو إلزام الشخص بتعويض المضرور عن الضرر الذي حصل له بفعله وقد يقصد به ما يلزم به نتيجة لذلك وكلا المعنيين قد جرت به عبارات الفقهاء.
والمقصود بالضمان في هذا الباب غالباً هو تعويض المضرور عن الضرر الذي حصل له بفعله وقد يقصد به ما يلزم به من ارتكب الفعل الضار.
وقد أفاد المشرع من صياغة التقنين المصري وما تبعه من تقنينات عربية وقد حبذ التقنين المصري صياغة التقنينات اللاتينية على التقنين الألماني ذلك أن هذا التقنين بدلاً من أن يضع مبدأ تنطوي في عمومه جميع التطبيقات التفصيلية للخطأ الشخصي فإنه بدأ بطائفة من النصوص تعرض لحالات خاصة و من هذه الحالات يستخلص المبدأ العام، ومذهبه هذا يقرب من مذهب القانون الإنجليزي وهو أخلق بنظام قانوني يقوم على أحكام القضاء وعلى التطبيق في المسائل التفريعية منه بتقنين يقصد به إلى تقرير مبادئ عامة ولهذه العلة أعرضت عنه ذات التقنينات التي درجت على استلهام التقنين الألماني كتقنين الالتزامات السويسرية والتقنين النمساوي المعدل والتقنين البولوني.
كما فعل التقنين المصري والتقنينات العربية التابعة له سلك المشرع نفس السبيل مخالفاً بذلك منهج المجلة، فقد اهتمت المجلة شأنها دائماً بإيراد كثير من التفصيل والتطبيقات مع المبدأ أو بدونه ولكن المشرع وجه جل اهتمامه إلى تقرير المبدأ دون أن يجعل من منهجه إيراد التطبيقات من شأنها التغير والتبدل وخصوصاً وقد تغيرت سبل الحياة المعاصرة عن تلك التي وضعت في ظلها هذه التطبيقات وتاركاً للقضاء والفقه الاجتهاد في التطبيق على ما يجد من حوادث ونوازل مما يساعد على التجديد والابتكار على الأسس التي قام عليها الفقه الإسلامي.
وقد عرض المشرع بالضبط والتحديد لأحكام مختلفة تتعلق بالأحكام العامة في الفعل الضار، فحدد أولاً أن الأضرار هو مناط المسئولية المدنية ولو صدر من غير مميز، مخالفاً بذلك القانون المصري وصادراً عن الفقه الإسلامي، مبيناً الصلة بين الفعل الموجب للضمان وبين القصد والتعدي، فعرض للمباشرة والتسبب ثم بين أن من أسباب عدم قيام المسئولية إمكان التحرز من الفعل الضار مما ينطوي تحته السبب الأجنبي ويشمل الحادث الفجائي أو القوة القاهرة وفعل المصاب وفعل الغير وعرض لأثر رضاء المصاب والفعل المشترك كما أورد حكم الدفاع الشرعي والإكراه وحالة الضرورة.
وقد استكثر المشرع من طرق التعويض فلم يجعل الأمر مقصوراً على الإلزام بأداء مبلغ معين بل أجاز للقاضي أن يحكم بإيراد مرتب أو أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه أو يأمر بأداء أمر معين متصل بالفعل الضار وذلك على سبيل التضمين وأنشآ إلى جانب التقادم العادي وهو يتم بانقضاء خمس عشرة سنة تبدأ من يوم وقوع الفعل الضار تقادماً قصيراً مدته ثلاث سنوات يبدأ سريانها من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالمسئولية عنه إلا أنه إذا كانت دعوى الضمان ناشئة عن جريمة وكانت الدعوى الجنائية ما تزال مسموعة فإن دعوى الضمان لا يمنع سماعها وفي جميع الأحوال لا تسمع دعوى الضمان بعد خمس عشرة سنة من وقوع الفعل الضار.

المادة 282
كل أضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر.
المذكرة الإيضاحية :
في هذه المادة يقرر المشرع القاعدة العامة من أن كل فعل يصيب الغير بضرر فإنه يستوجب التعويض وهذه القاعدة تستند على ما هو مقرر في الشريعة الإسلامية من أنه لا ضرر ولا ضرار م 19 من المجلة والضرر يزال م 20 من المجلة أو إذا بطل الأصل يصال إلى البدل م 53 من المجلة .
فهذه المادة تستظهر في عبارة موجزة وواضحة حكم المسئولية عن الفعل الضار في عناصرها الثلاثة فترتب الإلزام بالتعويض على " كل إضرار " والإضرار يستلزم الفعل " أو عدم الفعل " الذي ينشأ عنه الضرر فلابد إذن من توافر الفعل أي الإيجاب أو السلب والضرر، ثم علاقة سببيه بينهما .
ويغني لفظ " الإضرار " في هذا المقام عن سائر النعوت والكُني التي تخطر في معرض التعبير كاصطلاح "العمل غير المشروع " أو " العمل المخالف للقانون " أو " الفعل الذي يحرمه القانون " ..... إلخ .
وغني عن البيان أن سرد الأعمال التي يتحقق فيها معنى الإضرار، في نصوص التشريع لا يكون من ورائه إلا ضرب الأمثال ولا يؤدي قط إلى وضع بيان جامع مانع . فيجب أن يترك تحديد ما فيه إضرار لتقدير القاضي وهو يسترشد في ذلك، بما يستخلص من طبيعة نهي القانون عن الإضرار من عناصر التوجيه فثمة التزام يفرض على الكافة عدم الإضرار بالغير، ومخالفة هذا النهي هي التي ينطوي فيها الإضرار، ويقضي هذا الالتزام تبصراً في التصرف، يوجب بذلك أعمال عناية الرجل الحريص وقد أقر التقنين النمساوي هذا الضابط التوجيهي تشريعاً، فنص في المادة 1297 على أنه يفترض فيمن يتمتع بقواه العقلية أن تتوافر لديه درجة الانتباه والعناية التي تتوقع في سواد الناس، ويتحقق معنى الخطأ في كل عمل ينشأ عنه ضرر بحقوق الغير إذا لم يلتزم من وقع منه هذا العمل تلك الدرجة.
والمقصود بالإضرار هنا محاولة " مجاوزة الحد " الواجب الوقوف عنده أو "التقصير عن الحد" الواجب الوصول إليه في الفعل أو الامتناع مما يترتب عليه الضرر، فهو يتناول الفعل السلبي والفعل الإيجابي وتنصرف دلالته إلى الفعل العمد وإلى مجرد الإهمال على حد سواء ذلك أن الفقه الإسلامي كما يعرف الخطأ الإيجابي وهو ظاهر يعرف الخطأ السلبي ويسميه "التقصير" و "عدم التحرز والتفريط" ومن أمثلة ذلك .
لو سلم أحد ولده إلى سباح ليعلمه السباحة فغرق الولد كان السباح مسئولاً .
وسبب ذلك أنه تسلم الولد ليحتاط في حفظه، فغرقه دليل على التقصير في المحافظة الواجبة والتفريط في الانتباه المطلوب " المغني 9 : 577 والوجيز 2 : 149 " .
إذا ساق رجل دابة فوقع سرجها أو لجامها أو شيء آخر من أدواتها التي تحمل عليها وأصاب هذا الشيء إنساناً فمات فالسائق ضامن " لأن الوقوع بتقصير منه، وهو ترك الشد والإحكام فيه " الفتاوى الخيرية 2 : 179 .
وقد حصل التساؤل هل يكفي الكف سبباً للضمان إذا تسبب عنه تلف مال لآخر كأن رأي إنسان مالاً لآخر معرضاً للتلف بنار مثلاً وكان في قدرته إنقاذه ولم يفعل فتلف.
ذهب المالكية وأهل الظاهر إلى تضمينه في هذه الحالة بناء على أنه قد ترك واجباً عليه وهو المحافظة على مال أخيه المسلم مع قدرته على ذلك ومن ترك واجباً فترتب على تركه ضرر مباشر ضمن ومن مر على لقطة فتركها ولم يلتقطها وهو عالم أنها معرضة للتلف
ثم تلفت فإنه يضمنها وقيل لا ضمان على المتلف في هذه الحالة لأن الترك في هذه الحالة ليس تضييعاً بل امتناعاً عن حفظ غير واجب .
والظاهر حسب قواعد الفقه الحنفي أنه لا ضمان عليه لعدم المباشرة أو التسبب إذا كان التلف نتيجة أمر لا صلة له بالكف وهو وجود النار واقترابها منه هذا فضلاً عن لا اعتداء في الامتناع، والشرط في اقتضاء الضمان التعدي.
وهذا الخلاف لا يخل بالمبدأ المنوه عنه فيما سبق.
وهل يشترط أن يكون الفعل الضار فعلاً في المحل ؟
من الفروع ما يدل الحكم فيه على أنه لا يشترط في الفعل الضار الموجب للتضمين أن يكون في المحل المطلوب ضمانه أي في المال التالف ففي الحلبي 5 : 222 نقلا عن فتاوى قاضيخان لو غصب عجلاً فاستهلكه وتسبب عن ذلك في تيبس لن أمه قال ابن بكر البلخي : يضمن قيمة العجل ونقصان الأم وان لم يفعل في الأم شيئاً .
ولكن جاء في كثير من كتب الحنفية : من حبس مالك حيوان عنه حتى هلك أو ضاع فلا ضمان عليه إذ لا فعل له في التالف ولم تكن له يد عليه، كما لو غصب دابة فتبعها ولدها فتلف بسبب ذلك فلا ضمان عليه لقيمة الولد لعدم فعله فيه.
والفرع الأول يدل على عدم اشتراط اتصال الفعل الضار بالمال التالف.
والفروع الأخرى تدل على هذا الاشتراط. وقد أثر المشرع ترك ذلك للقضاء.
والفعل الضار فعل غير مشروع لقوله عليه الصلاة والسلام " لا ضرر ولا ضرار " لذلك جعله الشارع سبباً لضمان ما ترتب عليه من تلف.
ولا يخرجه عن هذه السببية إلا بوصف فاعله بالاعتداء والمخالفة بسبب عارض خارج عنه كفقد أهلية التكليف لأن سببيته ترتبط بذاته وبآثاره ولا يقصد فاعله وإدراكه ولذا يترتب عليه أثره إذا صدر من نائم أو من مجنون أو من طفل لأن الأمر في اقتضائه التضمين مبني على المعاوضة وجبر الفاقد حتى لا يظلم أحد في ماله ولذلك قال الفقهاء أن العمد والخطأ في الأمور سواء ويريدون بالخطأ هنا وقوع الشيء على خلاف الإرادة وهو خلاف ما يدل عليه الخطأ في تعبير رجال القانون حين جعلوا الخطأ ركناً من أركان المسئولية التقصيرية م 163 مدني مصري فالخطأ في القانون يرادف التعدي في الفقه الإسلامي الذي يقع من الشخص في تصرفه بمجاوزة الحدود التي يجب عليه التزامها في سلوكه شرعاً وقانوناً وهو انحراف في السلوك يتحقق بالإضرار بالغير عن عمد أو عن إهمال وتقصير إلى درجة أدت إلى ضرر الغير. فالضمان في القانون منوط بالخطأ بمعنى الاعتداء والمخالفة.
فلا ضمان عندهم على فاقد الأهلية، على خلاف ما ذهب إليه الفقهاء من إناطة التضمين بالضرر المترتب على فعل محظور في ذاته وإن صدر من عديم الأهلية، كالنائم حال نومه والمجنون والطفل الذي لا يميز.
وخلاصة القول في ذلك أن الفعل إذا كان مؤدياً إلى الضرر في ذاته استوجب ضمان ما يترتب عليه من تلف، لأنه حينئذ يكون فعلاً محظوراً بالنظر إلى نتائجه فتقع تبعته على فاعله فإن كان فاعله عديم الأهلية لم يؤثر ذلك في أنه فعل ترتب عليه ضرر بالغير أوجب الشارع رفعه لحديث " لا ضرر ولا ضرار " وذلك يوجب رفع الضرر مطلقاً سواء أحدث من مكلف أم من غير مكلف ولا سبيل إلى رفعه في هذه الحال إلا بإيجاب الضمان في ماله دون التفات الفقه الإسلامي في تقرير مسئولية غير المميز عن أعماله غير المشروعة في ماله إلى المدى الذي ذهب إليه الفقه الإسلامي من أنها مسئولية أصلية وأنها كاملة في ماله بل قررها على سبيل الاستثناء ورتب عليها تعويضاً جوازياً للمحكمة وعادلاً بمراعاة مركز الخصوم أي دون العادي تراجع مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 356 361 مادة 164 من القانون وفي الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري أن المادة المصرية التي بنت المسئولية لم تحدث شيئاً جديداً وكنا ننتظر أن يأتينا المشرع بجديد يتفق مع تطور الحياة فالمشرع في المادة م 163 و 167 من القانون ذكر شيئاً عن نظرية الخطأ ولكنه نسي نظرية تحمل تبعة المخاطر المرجع السابق ص 364 365 . أما في الفقه الإسلامي فمسئولية من يأمر غيره مسئولية مالية لا تقوم على الخطأ بل على الضرر ولذا لا يشترط في المسئولية المالية أن يكون مرتكب الفعل الضار مميزاً .
ففي الفقه الإسلامي غير المميز كالمميز مسؤول في ماله إذا أتلف مالاً لآخر وقد نص في المادة 916 من المجلة أنه "إذا أتلف صبي مال غيره فيلزم الضمان من ماله" ونص في المادة 960 منها على ما يأتي" المحجورين الذين ذكروا في المواد السابقة وهم الصغير والمجنون والمعتوه والسفيه والمدين المحجور وإن لم يعتبر تصرفهم القولي لكن يضمنون حالاً الضرر والخسارة اللذين نشأ عن فعلهم مثلاً يلزم الضمان على الصبي إذا أتلف مال الغير وإن كان غير مميز فلو أتلف صبي سواء أكان مميزاً أم غير مميز مأذوناً أم غير مأذون مالاً لآخر صبياً كان أو بالغاً بلا أمر الآخر أو أحدث فيه نقصاناً مالزم الضمان من ماله لأن الصبي يؤاخذ بأفعاله. مثلاً : لو بال الصبي من فوق السطح فأفسد ثوباً لآخر لزم الضمان من ماله، جامع أحكام الصغار، وإذا لم يكن لذلك الصبي مال ينتظر حال يسره كما لا يطالب المدين المعسر بالدين إلى أن يصبح موسراً ولا يضمن وليه أي أبوه أو وصيه مثلاً من ماله ولا يجبر أحد على تأدية مال الغير ما لم يوجد سبب شرعي كالكفالة والحوالة فلا يطالب بالدين الذي تلعق بذمة أحد أبوه أو ابنه مثلاً فلو رمي صبي حجراً في الزقاق فكسر زجاج دار آخر فلا يضمن وليه بحجة أنه ترك حبل الصبي على غاربه.
ويلاحظ أن المجلة قصرت نص المادة 960 ما " إذا أتلف صبي مال غيره " وألزمته الضمان مع أن الحكم في إتلاف النفس كذلك وقد أجيب بأن هذا القصر من المجلة لأنها لا تبحث إلا في الأموال وقد رأى المشرع استعمال لفظ عام ليشمل الأموال والأنفس جميعاً .
والاتجاه في القوانين المدنية الحديثة كالقانون الألماني وقانون الالتزامات السويسري والقانون البولوني نحو الأخذ بحكم الفقه الإسلامي من حيث عدم ربط المسؤولية بالتمييز وإقامتها على الضرر لا على الخطأ الذي يفترض التمييز على خلاف في المدى بينها بل أن التشريع السوفيتي سار إلى حد بناء المسؤولية التقصيرية على أساس الخطأ المفروض وانتهى تفريعاً على ذلك إلى تقرير قاعدة أخرى بشأن الإثبات في المادة 403 بأن " من أضر بالغير في شخصه أو ماله يلزم بتعويض الضرر ويبرأ من التزامه هذا إذا قام دليل على أنه لم يكن في مقدوره أن يتقي هذا الضرر، أو أنه كانت له سلطة إحداثه قانوناً أو أنه حدث من جراء سبق إضرار المضرور أو إهماله الفاضح " وقد تقدم ما يدل على أنه كان هناك رأي في مصر في الأخذ بنظرية بناء المسئولية على الضرر.
أما القانون المدني العراقي فقد أورد في هذا الصدد النصين الخاصين الآتيين م 19 " إذا أتلف صبي مميزاً أو غير مميز أو من في حكمهما مال غيره لزمه الضمان من ماله 2 وإذا تعذر الحصول على التعويض من أموال من وقع منه الضرر إن كان صبياً غير مميز أو مجنون جاز للمحكمة أن تلزم الولي أو القيم أو الوصي بمبلغ التعويض على أن يكون لهذا الرجوع بما دفعه على من وقع منه الضرر
3 عند تقرير التعويض العادل عن الضرر لابد للمحكمة أن تراعي في ذلك في مركز الخصوم.
1. يكون الأب ثم الجد ملزماً بتعويض الضرر الذي يحدثه الصغير.
2. ويستطيع الأب والجد بأن يتخلص من المسئولية إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أن الضرر كان لابد واقعاً حتى لو قام بهذا الواجب.
وعدم الاتساق بين النصين ظاهر.
وقد أخذ المشرع بحكم الفقه الإسلامي بعبارة هامة واضحة موجزة خلاصتها أن كل من أضر بالغير في ماله أو في نفسه أو بفعل إيجابي أو بفعل سلبي يلتزم بالتعويض في ماله سواء أكان مميزاً أو غير مميز.
وهذه المادة تقابل المواد 256 أردني و 163 و 165 سوري و 191 و 204 و 218 عراقي.

المادة 283
1. يكون الإضرار بالمباشرة أو التسبب
2. فإذا كان بالمباشرة لزم الضمان ولا شرط له وإذا وقع بالتسبب فيشترط التعدي أو التعمد أو أن يكون الفعل مفضيا الى الضرر.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة تتناول طرق الإضرار وهل يشترط " التعمد أو "التعدي" أم لا ؟ وكلتا " التعمد" و التعدي " ليستا مترادفتين إذ المراد بالتعمد تعمد الضرر لا تعمد الفعل .
والمراد بالتعدي ألا يكون للفاعل حق في إجراء الفعل الذي حصل منه الضرر، الشخص قد يتعمد الفعل ولا يقصد به الضرر ولكن يقع الضرر نتيجة غير مقصودة فإذا كان الإضرار "كالإتلاف" بالمباشرة لم يشترط التعمد ولا التعدي وإن كان بالتسبب اشترط التعمد او التعدي وقد صيغ هذين الحكمان في الفقه الإسلامي في قاعدتين هما " المباشر ضامن ولم لم يتعمد أو يتعد " و " المتسبب لا يضمن إلا بالتعمد أو التعدي ".
ويكون الإضرار بالمباشرة اذا انصب فعل الإتلاف على الشيء نفسه ويقال لمن فعله فاعل مباشرة م 887 مجلة بأن كان إناء فكسره مثلاً : ويكون بالتسبب بإتيان فعل من شيء آخر فيفضي إلى إتلاف الشيء مثلاً كقطع حبل معلق به قنديل فوقع القنديل وانكسر فهذا إتلاف للحبل مباشرة وللقنديل بالتسبب وكحفر بئر فوقع فيه إنسان فمات فموت الإنسان يكون بالتسبب م 888 مجلة.
ومرجع التفرقة في الحكم بين المباشرة والتسبب أن المباشرة علة مستقلة وسبب للإضرار بذاته فلا يجوز إسقاط حكمها بداعي
عدم التعمد أو عدم التعدي أما التسبب فليس بالعلة فلزم أن يقترن فيه بصفة التعمد أو التعدي ليكون موجباً للضمان.
وفي شرح على حيدر للمجلة على المادة 924 من المجلة أنه في التسبب يشترط الشيئان : التعمد والتعدي كي يكون موجباً للضمان يعني أن ضمان المتسبب مشروط بإتيانه فعلاً مفضياً إلى ذلك الضرر عمداً وبغير حق على عكس ظاهر نص المجلة م 93 و 924 .
وقد خالف القانون المدني العراقي أولى القاعدتين السابقتين إذ نص في المادة 186 فقرة 1 منه على أنه "إذا أتلف أحد مال غيره أو أنقص قيمته مباشرة أو تسبباً يكون ضامناً إذا كان في إحداثه هذا الضرر قد تعمد أو تعدى " فهو قد أشترط التعمد أو التعدي في المباشرة وسوّى في ذلك بين المباشر والمتسبب.
وقد رأى المشرع التزام حكم الفقه الإسلامي.
وتطبيقاً لذلك قالوا : إذا حفر شخص حفرة في الطريق العام بدون أذن ولي الأمر فسقط فيها مال آخر فتضرر كان متسبباً في الإتلاف ضامناً للضرر لأنه كان متعدياً في فعله الذي حصل الضرر بسببه.
ولكن إذا حفر أحد حفرة في ملكه فسقط فيها حيوان أو أنسان فتضرر لم يضمن لأنه لم يكن متعدياً بالحفر فهو قد حفر في ملكه فلذا لا يضمن.
وإذا كان المتسبب متعمداً كان ضامناً ولو لم يكن متعدياً فإذا حفر أحد خندقاً في ملكه بقصد الإضرار بماشية الغير فتضررت كان ضامناً لتعمده الإضرار ولو لم يكن متعدياً في فعله.
تراجع المادتان 92 ومن 912 925 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادتين 257 أردني و 186 عراقي.

المادة 284
إذا اجتمع المباشر والمتسبب يضاف الحكم الى المباشر.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حالة ما إذا اجتمع في الإضرار مباشر ومتسبب وتقضي بأن الذي يلزم الضمان هو المباشر لا المتسبب فمثلاً لو حفر رجل بئراً في الطريق العام فألقى أحد حيوان شخص في تلك البئر ضمن الذي ألقى الحيوان ولا شيء على حافر البئر.
وقد خالف القانون المدني العراقي هذه القاعدة إذ نص في المادة 186 2 أنه "إذا اجتمع المباشر والمتسبب ضمن المتعمد أو المتعدي منهما فلو ضمنا معاً كانا متكافلين في الضمان" نتيجة لما قرره في الفقرة السابقة من نفس المادة من اشتراط التعمد أو التعدي في المباشرة أيضاً أسوة بالتسبب.
وقد رؤي أخذ في المشرع بالحكم استاقاً مع المادة السابقة .
وهذه القاعدة مأخوذة من الأشباه ويفهم منها أنه إذا اجتمع المباشر أي عامل الشيء وفاعله بالذات مع المتسبب وهو الفاعل للسبب المفضي لوقوع ذلك الشيء ولم يكن السبب مما يؤدي إلى النتيجة السيئة إذا هو لم يتبع بفعل فاعل آخر يضاف الحكم الذي يترتب على الفعل المباشر دون المتسبب بعبارة أخرى يقدم المباشر في الضمان على المتسبب والمباشر هو الذي يحصل التلف من فعله دون أن يتخلل بينه وبين التلف فعل فاعل آخر.
أما إذا كان السبب مما يفضي مباشرة إلى التلف فيترتب الحكم على المتسبب.
أمثلة:
لو حفر رجل بئر في الطريق العام فألقى أحد حيوان شخص في ذلك البئر ضمن الذي ألقى الحيوان ولا شيء على حافر البئر لأن حفر البئر بحد ذاته لا يستوجب تلف الحيوان ولو لم ينضم إليه فعل المباشر وهو إلقاء الحيوان في البئر لما تلف الحيوان بحفر البئر فقل ولما كان فعل الإلقاء هو الوصف الأخير فقد أضيف التلف إليه وقد ورد في الولوجيه كل حكم يثبت بعلة ذات وصفين يضاف الحكم إلى الوصف الذي وجد منهما أخيراً.
أما إذا كان ذلك الحيوان سقط بنفسه في البئر فإذا كان حافر البئر قد حفره بدون أمر من ولي الأمر فالضمان يترتب على حافر البئر كما تقضي المادة السابقة.
لو دل شخص لصاً على مال لآخر ليسرقه فسرقه اللص فليس على الدال ضمان وإنما الضمان على اللص.
لو فتح أحد باب دار وفك فرسه من قيوده فجاء لص وسرف الفرس فالضمان على السارق.
لو أمسك شخص بآخر وجاء ثالث فاغتصب ما مع الرجل من النقود فالضمان على المغتصب المباشر لاستلاب المال دون الآخر المتسبب بذلك .
أما إذا كان السبب مما يفضي مباشرة إلى التلف فيترتب الحكم على المتسبب مثال ذلك: لو تماسك شخصان فأمسك أحدهما بلباس الآخر فسقط منه شيء كساعة مثلاً فكسرت فيترتب الضمان على الشخص الذي أمسك بلباس الرجل رغماً من كونه متسبباً والرجل الذي سقطت منه الساعة مباشرة لأن السبب هنا قد أفضى إلى التلف مباشراً دون أن يتوسط بينهما فعل فاعل. كذلك لو شق شخص زقاً مملوءاً زيتاً أو قطع حبلاً معلقاً به قنديل فتلف الزيت الذي فيه فيترتب الضمان عليه وإن لم يخرج عن كونه متسبباً فقط لأن فعل الشق وفعل القطع سببان نشأ عنهما التلف مباشرة.
وقد نصت المادة 913 من المجلة أنه " إذا زلق أحد وسقط على مال آخر وأتلفه يضمن " تراجع المادة 93 من المجلة.
كما نصت المادة 915 من المجلة أنه " لو جر أحد ثياب غيره وشقها يضمن قيمتها كاملة وأما لو تشبث بها وأنشقت بجر صاحبها يضمن نصف قيمتها كذلك لو جلس أحد على أذيال ثياب ونهض صاحبها غير عالم بجلوس الآخر وانشقت يضمن ذلك الشخص نصف قيمتها" .
وقد رؤي في المشروع الاكتفاء بالقواعد العامة دون الأمثال
وتراجع أيضاً المادة 925 من المجلة .
وهذه المادة تقابل المادتين 258 أردني و 186 عراقي.

المادة 285
إذا غر أحد آخر ضمن الضرر المترتب على ذلك الغرر.
المذكرة الإيضاحية :
نص القانون المدني العراقي في المادة 189 على أنه إذا غر أحد آخر ضمن الضرر فلو قال شخص لأهل السوق هذا الصغير ولدي بيعوه بضاعة فإني أذنته بالتجارة ثم ظهر بعد ذلك أن الصبي ولد غيره فلأهل السوق أن يطالبوه بثمن البضاعة التي باعوها للصبي وبالتعويض عن الأضرار الأخرى.
وقد رؤي في المشروع إيراد الحالة العامة وحكمها دون أمثلة.
والغرر هو الخطر وفي الحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ويستعمل الفقهاء الغرر في الحمل على قبول ما لا خير فيه بوسيلة كاذبة مضللة ترغب فيه بزعم أن فيه المصلحة ولو عرفت حقيقته ما قبل. وعلى ذلك لا يتحقق غرر إلا بالحمل والترغيب من الغار بالوسائل الباطلة الكاذبة المظهرة للأمر على خلاف واقعة وحقيقته وذلك ما لا يكون إلا مع قصد الغار وسوء نيته.
والغرر قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل ومثال الأول وصف كاذب مضلل يراد به الحمل على الفعل ومثال الثاني تصرية الشاة بغية إظهارها غزيرة اللبن.
كما يكون في العقود وفي الأفعال أما في العقود فنتيجة عدم لزوم العقد بالنسبة إلى المغرر على ما تقدم في العقود. أما الغرر في الأفعال فكما في الحمل على سلوك طريق على ظن أنه آمن فيأخذ اللصوص أموال سالكه أو على مباشرة فعل على ظن أنه محظور أو غير خطر لا يترتب عليه تلف ثم يتبين أنه خلاف ذلك فيؤدي إلى تلف المال.
وإذا كان الغرر بالفعل فالغار ضامن ضمان التسبب ويراعى فيه حينئذ ما يشترط في التضمين بالتسبب من شروط وخلاف.
وإذا كان الغرر بالقول فيكون الغار ضامناً إذا ضمن والتزم فيكون الضمان فيه من قبيل الالتزام بالشرط لا من قبيل التضمين بسبب الغرر المحض وإذا لم يتضمن الاشتراط لم يترتب عليه تضمين عند جمهور الفقهاء إذ لا يجب على المغرر تصديقه بل يجب عليه التروي والنظر ومثال ذلك إذا قال شخص لآخر أسلك هذا الطريق فإنه أمن فإذا كان غير آمن وأخذ اللصوص مالك فأنا ضامن، ثم سلكه فأخذ اللصوص ماله فإنه يكون ضامناً ويتبع المضرور من غره بسلوكه وهذا بخلاف ما إذا قال له : أسلك هذا الطريق فإنه أمن ولم يشترط الضمان أنه إذا سلك فضاع ماله لم يضمن الغار وقد ذكر بعض الفقهاء من الحنفية أن الضمان عند الاشتراط يعد ضمان كفالة إذ أن المعني فيه التزام الضمان عند التلف وعند بعض الفقهاء إذا كان العرف يقضي بتصديق الغار فيما دعا إليه يترتب التضمين عند التلف وبخاصة إذا صدر الغرر ممن يرجع إليه في مثل ما أشار به ودعا إليه وأشتهر بصدقه في نصحه وإلا لم يترتب عليه ضمان.
وهذه المادة تقابل المادتين 259 أردني و 189 عراقي.

المادة 286
ليس لمن اتلف شخص ماله أن يتلف مال ذلك الشخص وإلا ضمن كل منهما ما أتلفه.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة تردد حكم المادة 921 من المجلة والمادة 216 من القانون المدني العراقي من أنه ليس المظلوم أن يظلم آخر بما أنه ظلم وتضرب المجلة في المادة 921 منها الأمثلة الآتية :
لو أتلف زيد مال عمرو مقابلة بما أنه أتلف ماله، يكونان ضامنين.
ولو أتلف زيد مال عمرو الذي هو من قبيلة علي بما أن بكراً الذي هو من تلك القبيلة أتلف ماله يضمن كل منهما المال الذي أتلفه.
لو أنخدع أحد فأخذ دراهم زائفة من أحد فليس له أن يصرفها إلى غيره كما تنص المادة 216 عراقي على ما يأتي :
1. لا ضرر ولا ضرار والضرر لا يزال بمثله وليس للمظلوم أن يظلم بما ظلم.
2. لو أتلف أحد مال غيره في مقابل إتلاف هذا لماله كان كل منهما ضامناً للآخر ما أتلفه، ولو أنخدع شخص فأخذ دراهم زائفة من شخص آخر فليس له أن يصرفها إلى غيره.
وقد أكتفى في القانون بصياغة الحكم دون إيراد أمثلة في النصوص إكتفاء بإيراد بعض منها في هذه المذكرة.
وهذه المادة تقابل المادتين 260 و 216 عراقي.

المادة 287
إذا اثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب أجنبي لا يد له فيه كآفة سماوية أو حادث فجائي أو قوة قاهرة أو فعل الغير أو فعل المتضرر كان غير ملزم بالضمان ما لم يقض القانون أو الاتفاق بغير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة تقرر مبدأ خاصاً بعلاقة السببية بمعنى أنه إذا لم توجد رابطة السببية بين الفعل والضرر لا يكون الشخص الذي وقع منه الفعل مسؤولاً وتنتفي علاقة السببية إذا وجد السبب الأجنبي كآفة سماوية أو كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو فعل من المضرور لأن هذا الضرر في هذه الحالة يكون متصلاً بشخص معين ولكن فعل هذا الشخص لم يكن هو السبب في حصوله ومثال ذلك سائق سيارة يفاجأ بطفل قطع الشارع جرياً فيصيبه غير مسئول لأن علاقة السببية منتفيه.
وأهمية هذا النص تظهر في إبراز إستقلال رابطة السببية وأثر هذا الإستقلال يتجلى في أمرين :
الأول هو أنه فيما يتعلق بالفعل وعلاقة السببية يمكن نفي الخطأ في بعض الأحيان ما لم يمنع هذا بنص، فالفعل مسألة وعلاقة السببية مسألة أخرى والذي أريد من هذا النص هو إظهار أن ضرراً متصلاً بفعل شخص فرابطة السببية مفترضة إلا إذا أقام هذا الدليل على عكس ذلك، فهو يضع قاعدة إثبات، والجديد في صيغته هو الإشارة إلى علاقة السببية مفترضة لكن الفعل غير مفترض.
وقد رؤي النص على إستثناء حالة ما إذا قضى بغير ذلك القانون أو الإتفاق كما رؤي النص على قيد في الإتفاق على غير ذلك، وهو ألا يكون هذا الإتفاق مخالفاً للنظام العام أو الآداب ويستند مبدأ النص على جواز ذلك إلى ما أخذ به المشرع من أن الأصل حجة العقود والشروط.
وهذه المادة تقابل المواد 261 أردني و 115 مصري و 166 سوري و 211 عراقي .

المادة 288
من أحدث ضررا وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه أو عرضه أو ماله أو عن نفس الغير أو عرضه أو ماله كان غير مسئول عن ذلك الضرر على ألا يجاوز قدر الضرورة وإلا أصبح ملزما بالضمان بقدر ما جاوزه.
المذكرة الإيضاحية :
تعرض هذه المادة لحالة الدفاع الشرعي ويقصد هنا الدفاع عن النفس والمال للمدافع وغيره وقد أجاز الشارع ذلك.
ففي المهذب للشيرازي 2 : 224 225 من قصده رجل في نفسه أو ماله أو أهله بغير حق فله أن يدفعه لما روى سعيد بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قاتل دون أهله أو ماله فقتل فهو شهيد ... ولا يجب عليه في شيء من ذلك ضمان ... وأن صالت عليه بهيمة فلم تندفع إلا بالقتل فقتلها لم يضمن لأنه إتلاف بدفع جائز فلم يضمن كما لو قصد أدمى فقتله للدفع.
وأساس ذلك ما انتهى إليه استقراء الأحكام ونصوص الشارع من إقرار المبدأ القاضي بوجوب اختيار أهون الشرين وأخف الضررين إذا لم تكن عند أحدهما مندوحة ومبدأ وجوب تحمل الضرر الأخف لدفع الضرر الأشد وأن الضرورات تبيح المحظورات وتقدر بقدرها . ويجب في هذه الأحوال أن يكون الضرر الذي يراد دفعه ضرراً مداهماً وحالاً ولا يمكن دفعه بالإلتجاء إلى المحاكم قبل وقوعه ويكفي في ذلك غلبة الظن.
وقد جاء في حديث صفوان بن يعلى عن أبيه قال : قاتل أجبر لي رجلاً فعض يده فانتزعها من فمه فنثرت ثنيته فشكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأهدرها وقال له " أتريد أن يضع يده في فمك تقضمها كالفحل ولا ينزعها ؟ " .
وبه استدل الشافعي على جواز قتل الفحل الصائل إذا أتى على قاتله ولم يلزمه بضمانه كما تقدم من عبارة المهذب ولم يختلف الفقهاء في جواز دفع الصائل من الحيوان بما يدفع أذاه، لأن دفع الضرر واجب شرعاً وأنما اختلفوا في تضمين قاتله بناء على أن وجوبه لا يسقط حق مالكه إذا لم يشرع ذلك سبباً مسقطاً للملك في الجمهور على أنه لا يضمن .
ورأى غيرهم التضمين ولكن مع سقوط الأثم.
وفي المغني لابن قدامه إذا صالت بهيمة على انسان ولم يمكنه دفعها إلا بقتلها أجاز له قتلها إجماعاً و ليس عليه ضمانها إذا كانت لغيره وإلى هذا ذهب مالك والشافعي واسحاق بن راهويه.
وقال أبوحنيفة عليه ضمانها لأنه أتلف مال غيره لإحياء مال نفسه فكان عليه الضمان كالمضطر في مخمصة إذا أكل مال غيره فإذا أكل مال غيره فإن ذلك جائز له وعليه أن يؤدي قيمته إلى مالكه.
وقد نص الحنفية على أن العبرة في ذلك بغلبة الظن إذ لا ينتظر الإنسان حتى يحل الضرر به فعلاً.
وقد أخذ المشرع بالرأي القائل بعدم التضمين طالما التزم المدافع بالقدر الضروري أما إذا تجاوزه فقد رؤي إلزامه بالتعويض بمقدار التجاوز.
وهذا الحكم يقارب حكم القانون المصري م 166 والقانون المدني العراقي م 212 إذ الحكم فيهما أنه إذا جاوز القدر الضروري للدفاع كان ملزماً بتعويض تراعى فيه مقتضيات العدالة وقد يكون هذا غير التعويض بقدر التجاوز والحكم الذي أخذ به المشرع عند التجاوز أوفق للقواعد، تراجع المادتان 21 ، 22 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 262 أردني و 166 مصري و 167 سوري و 212 عراقي .

المادة 289
1. يضاف الفعل الى الفاعل لا الآمر ما لم يكن الفاعل مجبراً على أن الإجبار المعتبر في التصرفات الفعلية هو الإكراه الملجئ وحده.
2. ومع ذلك لا يكون الموظف العام مسئولا عن عمله الذي أضر بالغير إذا قام به تنفيذا لأمر صدر إليه من رئيسه متى كانت إطاعة هذا الأمر واجبة عليه أو كان يعتقد إنها واجبة وأقام الدليل على اعتقاده بمشروعية العمل الذي وقع وكان مبنياً على أسباب معقولة وانه راعى في عمله جانب الحيطة والحذر
المذكرة الإيضاحية :
تتناول الفقرة الأولى من هذه المادة حالة قيام شخص بفعله بناء على أمر صدر إليه من شخص آخر، وتضيف الفعل إليه لا إلى الآمر ما لم يكن الفاعل مجبراً، فإذا أمر شخص آخر بهدم جدار فهدمه، فالمسئول عن الهدم هو الهادم لا الآمر إلا إذا أجبره الآمر على الهدم . والإجبار يتم باستعمال أحد طرق الإكراه ولكن لا يعتبر كل إكراه سبباً لرفع المسئولية عن الفاعل وإلقائها على الآمر، بل الإكراه الملجئ وحده هو الذي يعتبر سبباً لذلك .
وتتناول الفقرة الثانية حكم الموظف العام فتقضي بأنه لا يكون مسؤولاً إذا قام بعمل تنفيذاً لأمر صدر إليه من رئيسه متى كانت إطاعة هذا الأمر واجبة عليه أو يعتقد أنها واجبة ولا يكفي أن تكون طاعة الرئيس واجبة على المرؤوس أو اعتقاد هذا الأخير أنها واجبة بل يجب أن يكون الفعل المأمور به مشروعا فإذا لم يكن مشروعاً فلا يعفى الموظف من المسئولية ويجب على الموظف أن يثبت أنه كان يعتقد بأن العمل الذي أتاه كان مشروعا وهو يثبت ذلك إذا أثبت أنه راعى جانب الحيطة عند قيامه بالعمل وأنه كانت لديه أسباب معقولة تحمله على الاعتقاد بأن العمل مشروع ويرجع تقدير هذه الأسباب لمحكمة الموضوع فإذا أمر مهندس البلدية مثلاً عمال البلدية بهدم جدار مائل للانهدام فهدموه فلا مسئولية عليهم، أما إذا لم يكن العمل المأمور به مشروعاً فلا يجب طاعة الرئيس وإذا قام به الموظف كان مسئولاً عن التعويض، ففي المثال المتقدم إذا أمر عاملا بًضرب صاحب الجدار فضربه لم يجز له ضربه فإذا ضربه كان مسئولاً عن التعويض.
فإذا توافرت الشروط المتقدمة كان الموظف المرؤوس غير مسئول ولكن ذلك لا يعفي الرئيس من المسئولية.
وقد نص الحنفية على أن الآمر لا ضمان عليه بالأمر إلا في ست مسائل منها إذا كان الآمر سلطاناً وفي التتار خانية : حريق غالب وقع في محله فهدم رجل دار غيره بغير أمر صاحبه وبغير إذن من السلطان حتى ينقطع ذلك الحريق عن داره، أي دار الهادم، ضمن ولم يأثم قال الرملي : وفيه دليل على أن الأمر إذا كان من السلطان لم يضمن لما له من ولاية عامة، له بمقتضاها أن يأمر بدفع الضرر ولذا جاء في الخانية لو أن هذا الذي هدم الدار عند وقوع الحريق هدمها بإذن الإمام لم يضمن.
ولو أقام شخص قنطرة على نهر بإذن الإمام فارتطمت بها سفينة فانكسرت لم يكن عليه ضمان لعدم تعديه بسبب إذن الإمام له في حدود ولايته لأن الإنشاء والبناء في كل ما للمسلمين فيه حق مقرر كالطريق والأنهار ونحوها محظور إلا بإذن الأمام صيانة لحق العامة.
ونص الشافعية على أن أهل الفتوى إذا أفتى أحدهم شخصاً بإتلاف مال ثم تبين بعد ذلك خطؤه كان الضمان على المفتي السيوطي الأشباه والنظائر.
تراجع المواد 89 و 919 و 1007 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 263 أردني و 167 مصري و 161 سوري و 215 عراقي .

المادة 290
يجوز للقاضي أن ينقص مقدار الضمان أو لا يحكم بضمان ما إذا كان المتضرر قد اشترك بفعله في أحداث الضرر أو زاد فيه.
المذكرة الإيضاحية :
تعرض هذه المادة لحكم الفعل الضار المشترط وقد تقدمت الإشارة إلى أن القاضي لا يحكم بالتعويض متى أقام المدين الدليل على أن الضرر نشأ عن فعل المضرور وحده وأثبت بذلك وجود السبب الأجنبي وكما أن حق المضرور في التعويض يسقط عند إنفراده بأحداث الضرر بفعله كذلك لا يكون من حقه أن يقتضي تعويضاً كاملاً إذا أشترك بفعله في إحداث الضرر أو زاد فيه ويتوقف ما ينقص من التعويض بوجه خاص على مبلغ رجحان نصيب المضرور أو الضار في أحداث الضرر وقد جعلت المادة 354 من التقنين الألماني من هذا الترجيح عنصراً من عناصر التوجيه فنصت على أنه : "إذا كان لخطأ المضرور نصيب في إحداث الضرر، عند وقوعه توقف قيام الإلتزام بالتعويض الواجب أداؤه ومدى التعويض الوجب على الظروف، وبوجه خاص على مبلغ رجحان نصيب أي من الطرفين على إحداث الضرر " . وليس بممتنع إزاء ذلك أن يرجع نصيب المضرور في إحداث الضرر رجحاناً يثير أمر البحث في قيام الإلتزام بالتعويض بأسره وهذا هو الذي قصدت هذه المادة الى إستظهاره بنصها على أن للقاضي ألا يحكم بتعويض ما.
ويراعى أن راض المضرور بالضرر الحادث لا يؤخذ الزاما عليه بوصفه فعلاً يبرر انتقاص التعويض فالتقنين الألماني لا يجعل من هذا الرضا سبباً للإنتفاص م 254 على نقي ض ما يقضي به التقنين السويسري م 44 1 في هذا الشأن فلا يبقى أن يعتد بذلك الرضا الا حيث يجوز الإتفاق على الإعفاء من المسؤولية وفي حدود هذا الجواز فحسب. وتعين فكرة الفعل الضار المشترك على ضبط حدود فكرة تقاربها هي فكرة "النتيجة الطبيعية" أو "المألوفة" لتخلف المدين، فقد ترتب على هذا التخلف نتائج يتفاوت مدى بعدها عنه وبذلك يسفر الموقف عن حلقات متسلسلة من الضرر لا يدري لدى أيها ينبغي الوقوف ومناط الحكم في هذه الحالة هو فكرة النتيجة الطبيعية أو المألوفة فيعتبر من قبيل النتائج الطبيعية أو المألوفة التي يجب التعويض عنها كل ضرر لم يكن في وسع المضرور عقلاً أن يحول دون وقوعه ذلك أن امتناعه عن اتخاذ الحيطة المعقولة لحصر هذا الضرر في أضيق حدوده، يكون بمنزلة الإضرار أو بعبارة أخرى يترتب على هذا الإمتناع قيام فعل مترادف، يستتبع الإنتقاص التعويض بل وسقوط الحق فيه أحياناً، وقد طبق القانون الألماني تلك الفكرة فنصفي المادة 245 على وجوب انقاص التعويض بل وسقوط الحق فيه "إذا انحصر خطأ المضرور في عدم تنبيه المدين إلى خطر ضرر بالغ الجسامة لم يكن يعلم به ولم يكن يتحتم عليه العلم به أو في عدم دفع هذا الخطر أو الحد منه" .
وهذه المادة تقابل المواد 264 أردني و 216 مصري و 217 و 210 عراقي .

المادة 291
إذا تعدد المسئولون عن فعل ضار كان كل منهم مسئولاً بنسبة نصيبه فيه وللقاضي أن يحكم بالتساوي أو بالتضامن أو التكافل فيما بينهم.
المذكرة الإيضاحية :
تنص المادة 169 من القانون المدني المصري على أنه " إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في إلتزامهم بتعويض الضرر، وتكون المسئولية فيما بينهم بالتساوي إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في التعويض ".
وقد أورد مثل هذا الحكم القانون المدني السوري والقانون العراقي وواضح أن هذا النص يقرر :
أ. مبدأ التضامن بين من يشتركون في إحداث ضرر معين عند رجوع المضرور عليهم والتضامن هنا مقرر بنص القانون فلا يجوز للقاضي الخروج على هذا الوضع بل هو ممنوع من الخروج عليه لأن الصياغة التشريعة تحرم القاضي من إنشاء حالة تضامن أو الإعفاء منها.
ب. مبدأ المساواة في المسئولية بين من وقع منهم الفعل الضار إلا أن للقاضي أن يعدل في نصيب كل منهم في التعويض حسب تقديره للظروف فإذا دفع أحد المسئولين كل التعويض أو أكثر من نصيبه كان له الرجوع على الباقين وفقاً للقواعد العامة.
ولم يفرق القانون المصري بين المحرض والفاعل الأصلي والشريك على نحو ما فعل تقنين الإلتزامات السويسري في المادة 50 أنظر أيضاً المادتين 108 و 99 من التقنين التونسي والمراكشي والمادة 1301 من التقنين النمساوي ويلاحظ أن هذه المادة نفسها تنص أيضاً على أن مخفي الشيء المسروق لا يلتزم بالتعويض إلا إذا أصاب نصيباً من الربح أو أحدث ضرراً بمعاونته.
ويؤدي هذا إلى التفريق بين حالتين: الأولى :
حالة وقوع الفعل الضار من أشخاص متعددين، دون أن يكون في الوسع تعيين من أحدث الضرر حقيقة من بينهم، أو تحديد نسبة مساهمة كل منهم في إحداثه وفي هذه الحالة لا يكون ثمة مناص من تقرير التضامن بينهم جميعاً، أنظر المادتين 109 و 100 من التقنين التونسي والمراكشي والمادة 830 من التقنين الألماني.
والثانية : حالة إمكان تعيين محدثي الضرر من بين من وقع منهم الفعل الضار رغم تعددهم وإمكان تحديد نصيب كل منهم في إحداثه وفي هذه الحالة لا يسأل كل منهم إلا عن الضرر الحادث بخطئه، ولا يسألون البتة على وجه التضامن انظر المادة 136 من التقنين البولوني والمادة 1302 من التقنين النمساوي وهذا هو حكم حالة الإخفاء التي تقدمت الإشارة إليها في التقنين السويسري.
أما فيما يتعلق برجوع المسئولين فيما بينهم عند التضامن فيحدد القاضي ما يؤديه كل منهم معتداً في ذلك بجسامة الخطأ الذي وقع منه ونصيب هذا الخطأ في إحداث الضرر وكل ظرف آخر من شأنه أن يكشف عن مدى مساهمة المسئول في الضرر الحادث من هؤلاء المسئولين جميعاً فإذا استحال تحديد قسط كل منهم في المسئولية فتكون القسمة بالسوية بينهم إذ المفروض أن الدليل لم يقم على تفاوت تبعاتهم وقد واجه تقنين الإلتزامات السويسري حالة تعدد المسئولين عن ذات الضرر مع إختلاف أسباب المسئولية كأن يسأل البعض على أساس العمل غير المشروع، والبعض على أساس التعاقد والبعض بمقتضى نص في القانون وقد قضى هذا التقنين بإلزام كل منهم في هذه الصورة بأداء عين الدين إلزاماً مبتدأ وقرر في المادة 51 فيما يتعلق بعلاقة بعضهم بالبعض الآخر ان تبعة الضرر تقع على عاتق من أحدثه بين المسئولين بعمل غير مشروع وتقع أخيراً على عاتق من يسأل عنه بمقتضى نص في القانون دون أن يكون مسئولاً بناء على خطأ وقع منه أو بناء على إلتزام تعاقدي وغنى عن البيان أن مثل هذا الحكم لا يتيسر الأخذ به إلا بمقتضى نص خاص.
وفي الفقه الإسلامي إذا تعددت أسباب التلف بتعدد من احدثها وكانوا جميعاً مباشرين أو متسببين ولم تختلف أفعالهم قوة وضعفاً في إحداث الضرر أو لم يتبين إختلافها في إحداثه لزمهم الضمان على التساوي ومن أمثلة ذلك:
جماعة أشتركوا في حمل حجر ثم ألقوه على إناء فكسروه أو على حيوان فقتلوه. جماعة أشتركوا في حفر بئر في الطريق دون أن يتبين ما حفره كل منهم فوقع فيه حيوان فنفق وذلك لأن الضرر حينئذ قد تسبب عن فعل ضار اشتركوا فيه جميعاً فوجب إشتراكهم في تبعته كما لو أشترك جماعة في قتل شخص إذ يقتلون فيه جميعاً لقول عمر : لو أشترك في قتله أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً قالها في قتيل قتله أكثر من واحد.
ولكن إذا تبين ما لكل شريك من نصيب في الإتلاف فكل فاعل يلزم بتبعة فعله وهذا ما تدل عليه شروح الفقهاء في الجراح وما رتبوه من إلزام بالأروش وذلك هو الحكم مع مراعاة :
1. تقديم المباشر على المتسبب عند إجتماعهما على ما سبق بيانه.
2. صلاحية الجميع للإلزام بالضمان فإن كان فيهم من لا يصلح للإلزام ففعله هدر . وفيما يلي بعض التطبيقات :
حفر بئر في الطريق ثم حفر آخر طاقة في أسفلها فوقع فيها حيوان فمات كان الضمان على الحافر الأول قياساً، وهو قول محمد، وعليهما اثلاثا : على الأول ثلثان وعلى الثاني الثلث استحساناً لأن الحفر الأول أقوى سبباً لولاه ما حفر الثاني.
حفر بئراً في طريق ثم وسع آخر رأسها فسقط فيها حيوان فمات كان الضمان عليهما اثلاثاً على الأول الثلثان إذا وقع في موضوع اشترك في حفره الحافران ولكن إذا تبين أن السقوط كان فيما حفره الثاني كان الضمان عليه وحده وإن لم يدري كان الضمان عليهما بالسوية .
حفر بئراً في الطريق فوضع فيه إنسان سلاحاً ثم سقط منه حيوان فوقع على السلاح فمات كان الضمان على الحافر، إذ لولا الحفر ما وقع عليه السلاح.
إذا رجع بعض الشهود بعد أن قضى القاضي بالمال لشخص ذهب به فإن الضمان على الراجع بقدر أثره في الشهادة فإذا كانا شاهدين كان عليه نصف المال وإن رجع الأثنان كان عليهما كل المال بالتساوي.
يراجع تكلمة البحر 8 : 397 ورد المحتار 4 : 164 و 5 : 549 والكاساني 7 : 381 وما بعده وابن قدامه، المغني 9 : 565 و الحطاب 6 : 316 وأما عن الضمان بين مرتكبي الفعل الضار فظواهر القواعد الشرعية تأباه وهذا ما يدل عليه قوله تعالى " ولا تزر وازرة وزر آخرى " وقوله " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " فلا يسأل الإنسان عن ضرر أحدثه غيره .
وقد رأى المشرع التزام الحكم الفقهي مع إعطاء القاضي الحق في أن يقضي بالتعويض عليهم بالتساوي وكذلك إعطاؤه الحق في أن يقضي بالتضامن بينهم إذا رأى من الظروف ما يبرر ذلك وتخويل القاضي هذا الحق أرجح من حرمانه منه فقد تدعو الحاجة إلى استعماله ثم لا خطر في ذلك ما دام الأمر مرده إلى القاضي.
وهذه المادة تقابل المواد 265 أردني و 169 مصري و 170 سوري و 217 عراقي .

المادة 292
يقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار
المذكرة الإيضاحية :
يتناول هذا النص أسس تقدير التعويض، وقد نص القانون المدني المصري في المواد 170 و 221 و 222 على أن التعويض يقدر بما  لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوقاه ببذل جهد معقول كذا الحكم في القانون المدني العراقي م 207 .
والحكم الذي نجده في كتب الفقه الإسلامي هو أن المضمونات تضمن بالمثل أو بالقيمة وأهمية التعمد أو التعدي لا ترد في تقدير التعويض وإنما ترد في الفعل المضمن فإذا كان بالمباشرة فلا يشترط التعمد أو التعدي للتضمين أما إذا كان بالتسبب فيشترط التعمد أو التعدي.
كما أنه يترتب على اعتبار المنافع أموالاً وهو ما جرى عليه المشرع في المادة 95 أخذاً برأي الشافعية ومن نحا نحوهم في ذلك أنها تدخل في تقدير التعويض .
وقد نص المشرع على حكم الفقه الإسلامي في مواد تالية وقد رؤي النص هنا على القاعدة العامة وهي أن التعويض يشمل ما يكون قد لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب .
وهذه المادة تقابل المواد 266 أردني و 221 مصري و 222 سوري و 207 عراقي .

المادة 293
1. يتناول حق الضمان الضرر الأدبي ويعتبر من الضرر الأدبي التعدي على الغير في حريته أو في عرضه أو في شرفه أو في سمعته أو في مركزه الاجتماعي أو في اعتباره المالي.
2. ويجوز أن يقضي بالضمان للأزواج وللأقربين من الأسرة عما يصيبهم من ضرر أدبي بسبب موت المصاب.
3. ولا ينتقل الضمان عن الضرر الأدبي الى الغير إلا إذا تحددت قيمته بمقتضى اتفاق أو حكم قضائي أو نهائي.

المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة الضرر الأدبي وتقرر التعويض عنه .
وقد أستقر الرأي في العصر الحاضر على وجوب التعويض عن الضرر الأدبي بوجه عام بعد ما خامر الأذهان من عوامل التردد في هذا الصدد، وقد عمدت بعض تقنينات قديمة كالتقنين الهولندي وغالبية ساحقة من التقنينات الحديثة إلى إقرار هذا الحكم في نصوص التشريع وقد بلغ من أمر هذه النزعة أن أورد المشرع الفرنسي الإيطالي بعض أمثلة تطبيقية في هذا شأن فنص في المادة 85 على ما يأتي :
يجوز للقاضي بوجه خاص أن يحكم بتعويض المضرور عما يصيبه من ضرر في جسمه أو مساس بشرفه أو سمعته أو سمعة عائلته أو حريته الشخصية أو انتهاك حرمة مسكنه أو حرمة سر يحرص عليه وله كذلك أن يحكم للأقارب والأصهار والأزواج بالتعويض عما يصيبهم من ألم عند موت المضرور.
وفي الفقه الإسلامي، ما يفيد التعويض عن الضرر الأدبي :
- ففي الفقه الحنفي جاء في مبسوط السرخسي 26 : 81 أنه روي عن محمد بن الحسن الشيباني في الجراحات التي تندمل على وجه لا يبقى لها اثر أنه " تجب حكومة العدل بقدر ما لحقه من الآلم ".
- وفي الفقه الزيدي جاء في البحر الزخار 5 : 28 ومن أصابه سناً فاضطربت انتظر برءها المدة التي يقول أهل الخبرة تبرأ فيها، إن سقطت فدية وان بقيت فحكومة وفي الألم حكومة وفي الإيلام وفي السن الزائدة على العد حكومة إذ لا منفعة ولا مال وفيه أيضاً ص 282 " ولا شيء في طرف الشعر إذ لا يؤثر في الجمال فإن أثر من أخذ النصف فما فوق فحكومة لما فيه الزينة ".
- وفي فقه الشيعة جاء في شرائع الإسلام للحلبي "القسم الرابع ص 26 : ولو أنبت الإنسان في موضع السن المقلوعة عظماً فنبت فقلعه قالع . كان فيه الأرش لأنه يستصحب ألماً وشيناً ".
وفي المغني الحنبلي 9 : 623 وفي قطع حلمتي الثديين ديتهما،
وقال مالك والثوري إن ذهب اللبن وجبت ديتهما وإلا وجبت حكومة بقدر شينه.
وبعد أن تقرر مبدأ التعويض بيّن المشرع من يحق له المطالبة بالتعويض وهو المضرور بطبيعة الحال وكذا من يضار أدبياً بسبب موت المصاب من أزواج وأقارب.
وقد رؤي عدم تحديد الأقارب بدرجة معينة كما فعل القانون المصري في المادة 222 2 إذ حصر هؤلاء بالأقارب إلى الدرجة الثانية وترك ذلك لتقدير القاضي حسب الأحوال.
ورؤي في الفقرة الثالثة النص على عدم انتقال التعويض عن الضرر الأدبي إلا إذا تحددت قيمته بمقتضى اتفاق أو حكم نهائي لأنه لا يصبح قيمة مالية تضاف إلى ذمة المتضرر وتنتقل إلى الورثة إلا إذا اتفق عليه حكم به، فإذا مات من له الحق في التعويض عن الضرر الأدبي قبل الاتفاق عليه أو الحكم به فلا ينتقل حق المطالبة به إلى الورثة وهذا بعكس التعويض عن الضرر المادي الذي يعتبر قيمة مالية تضاف إلى ذمة المتضرر بمجرد حصول الضرر الموجب للتعويض ولو قبل الحكم به أو الاتفاق عليه.
ففي حالة موت المتضرر تبقى التفرقة في التعويض عن الضرر الأدبي بين التعويض الشخصي الواجب لأقارب المضرور وبين ما يجب للمضرور نفسه من تعويض قبل موته، ينتقل حق اقتضائه إلى الورثة من طريق الميراث، فيقصد بما يؤدي إلى الأقارب تعويضهم عما يشعرون من ألم بسبب موت المضرور ولهذه العلة يجوز للقاضي أن يحكم بالتعويض لا للأقارب فحسب، بل وكذلك للأزواج مراعياَ ظروف العائلة، في تعيين أقل أفرادها نصيباً من الحزن والفجيعة ممن لا يقتصر أمرهم على رغبة الإفادة مالياً ممن كانوا يكنون للمتوفى من عواطف الحب والولاء ولكن لا يجوز للقاضي أن يحكم بعوض مالي لأحد أصدقاء المتوفي على سبيل التعويض الأدبي أما التعويض الأدبي الواجب للمضرور نفسه، فلا ينتقل إلى الورثة بعد الوفاة، إلا إذا كان قد تحدد مقداره من قبل، بمقتضى اتفاق خاص أو بمقتضى حكم جاز قوة الشيء المقضي به ذلك إن ما لهذا الضرب من التعويض من صبغة أدبية يجعله شخصياً من وجه فلا ينتقل بطريق الميراث بأي حال من الأحوال إلا إذا تأكدت صيغته المالية بعد تقديره نهائياً بالتراضي أو بحكم القاضي، وكذلك يكون الحكم في التعويض الأدبي الذي يكون من حق الأقارب شخصياً، فهو لا ينتقل إلى ورثة هؤلاء الأقارب إلا إذا حدد مقداره بمقتضى اتفاق خاص أو بمقتضى حكم له قوة الشيء المقضي به.
وظاهر من هذه النصوص أن الألم يعوض عنه وكذا الشين وتفويت الجمال وهذه كلها تنطوي عن أضرار أدبية لما يحدثه الفعل في نفس المضرور من ألم حسي أو نفسي.
وهناك من النصوص أيضاً ما يفيد عكس ذلك ففي المغني في الفقه الحنبلي 9 : 665 وإن لطمه على وجهه فلم يؤثر في وجه فلا ضمان عليه لأنه لم ينقص به جمال ولا منفعة ولم يكن له جمال ينقص فيها فلم يضمنه كما لو شتمه.
وقد رأى المشرع الأخذ بالتعويض عن الضرر الأدبي كما هو في التقنين العراقي .
وقد يقال أن التعويض يقوم على إحلاله مالا محل مال فاقد مكافئ له ليقوم مقامه ويسد مسده أما الضرر الأدبي فلا يتمثل في فقد مال كان موجوداً ولكن يرد على ذلك ما يأتي :
- السند في الباب هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه " لا ضرر ولا ضرار " وهو نص عام فقصره على الضرر المادي تخصيص بغير مخصص.
- ليس المقصود بالتعويض مجرد إحلال مال محل مال بل يدخل في الغرض منه المواساة ان لم تكن المماثلة ومن أظهر التطبيقات على ذلك الدية والأرش فليس أحدهما بدلاً عن مال ولا عما يقوم بمال.
- إن القول بعدم التعويض عن الضرر الأدبي يفتح الباب على مصراعيه للمتعدين على أعراض الناس وسمعتهم وفي هذا من المفسدة الخاصة والعامة ما فيه مما يجعل من الواجب معالجته ومن أسباب العلاج تقرير التعويض.
لذا رأى المشرع الأخذ بالرأي الذي يجيز التعويض عن الضرر الأدبي.
وهذه المادة تقابل المواد 267 أردني و 222 مصري و 205 عراقي .

المادة 294
يصح أن يكون الضمان مقسطا كما يصح أن يكون إيرادا مرتبا ويجوز في هاتين الحالتين إلزام المدين بان يقدم تأمينا يقدره القاضي أو ضمانا مقبولاً.

المادة 295
يقدر الضمان بالنقد على انه يجوز للقاضي تبعا للظروف وبناء على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحالة الى ما كانت عليه أو أن يحكم بأداء أمر معين متصل بالفعل الضار وذلك على سبيل التضمين.
المذكرة الإيضاحية :
ليست المسئولية التقصيرية بوجه عام سوى جزاء للخروج على التزام يفرضه القانون وهو التزام عدم الإضرار بالغير دون سبب مشروع وإذا كان التنفيذ هو الأصل في المسئولية التعاقدية فعلى النقيض من ذلك، لا يكون لهذا الضرب من التنفيذ وهو يقتضي إعادة الحال إلى ما كان عليه، كهدم حائط بني بغير حق، أو بالتعسف في استعمال حق إلا منزلة الاستثناء في نطاق المسئولية التقصيرية .
فالتنفيذ بمقابل أي عن طريق التعويض المالي أو مبلغ من النقود هو القاعدة العامة في المسئولية التقصيرية والأصل في التعويض أن يكون مبلغاً من المال ومع ذلك يجوز أن تختلف صوره، فيكون مبلغاً إجمالياً أو إيراداً مرتباً لمدة معينة أو لمدى الحياة يمنح لعامل تقعده حادثة من حوادث العمل عن القيام بأوده ويجوز للقاضي في هذه الحالة أن يلزم المدين بأن يقدم التأمين الذي يقدره القاضي منعاً للنزاع في مقداره أو أن يودع مبلغاً كافياً لضمان الوفاء بالإيراد المحكوم به أو يقدم ضامناً مقبولاً ويقدر الضمان بالنقد كما يجوز أن يكون التعويض عينياً بأن يأمر القاضي بإعادة الحال إلى ما كانت عليه ببناء جدار هدم مثلاً أو إزالة جدار بني ويسوغ للقاضي فضلاً عما تقدم أن يحكم في أحوال استثنائية بأداء امر معين على سبيل التعويض فيأمر مثلاً بنشر الحكم بطريق اللصق على نفقة المحكوم عليه ويكفي بأن ينوه في الحكم بأن ما وقع من المحكوم عليه يعتبر افتراء أو سبباً لتعويض المقذوف في حقه عن ضرر أدبي أصابه . وغني عن البيان أن مثل هذا التعويض لا هو بالعيني ولا هو بالمالي ولكنه قد يكون أنسب ما تقتضيه الظروف في بعض الصور.
وقد قيدت عبارة أو أن يحكم بأداء أمر معين بعبارة متصل بالفعل الضار حدا من إطلاق العبارة وحتى يكون نطاق الحكم واضحاً غير مجهل إذ التطبيق العملي لهذا النص هو نشر الحكم أو الاعتذار عن واقعة سب مثلاً.
وتراجع الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري المادة 171 ح 2 ص 295 398 وهاتان المادتان تقابلان المواد 269 أردني و 171 مصري و 172 سوري و 209 عراقي .

المادة 296
يقع باطلا كل شرط يقضي بالإعفاء من المسئولية المترتبة على الفعل الضار.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة الاشتراط المسبق على عدم المسئولية عما يوقعه الشخص بآخر من فعل غير مشروع يلحق به ضرراً، وقد قصدت بأن هذا الاتفاق باطل وذلك لاعتباره مخالفاً للنظام العام إذ أن إجازته تيسر فتح باب الإضرار بالناس أو يدفعهم إلى التحرز في تصرفهم.
ويلاحظ أن هذا الاشتراط غير التصرف في الحق المالي وهذا جائز لصاحبه ما لم يمس حقاً لغيره.
كما أنه يختلف عن العفو الذي حدث فعلاً إذ يتمثل هذا العفو في التنازل عن مبلغ التعويض المستحق وهو جائز.
ويلاحظ أخيراً أن اشتراط الإعفاء من المسئولية غير التأمين على الأضرار التي تقع إذ الأول يعفى مرتكب الفعل الضار من أية مسئولية عن فعله الضار، أما الثاني فمؤداه قيام المؤمن بتعويض الضرر الذي يحدث للمضرور.
وهذه المادة تقابل المواد 270 أردني و 217 مصري و 218 سوري و 259 عراقي .

المادة 297
لا تخل المسئولية المدنية بالمسئولية الجنائية متى توفرت شرائطها ولا أثر للعقوبة الجنائية في تحديد نطاق المسئولية المدنية وتقدير الضمان.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة حكماً من مقتضاه أن العقوبة لا تؤثر في المسئولية المدنية ومن تطبيقاتها أن السارق يجب عليه رد المسروق أو مثله أو قيمته ولو قطع تراجع المادة 310 كما أن المسئولية المدنية لا تؤثر في المسئولية الجنائية.
يراجع المغني لأبن قدامة 1 : 277 280 والشيرازي المهذب 2 : 282 وهذه المادة تقابل المادتين 271 أردني و 206 عراقي.

المادة 298
1. لا تسمع دعوى الضمان الناشئة عن الفعل الضار بعد انقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالمسئول عنه.
2. على انه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة وكانت الدعوى الجنائية ما تزال مسموعة بعد انقضاء المواعيد المذكورة في الفقرة السابقة فان دعوى الضمان لا يمتنع سماعها.
3. ولا تسمع دعوى الضمان في جميع الأحوال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع الفعل الضار
المذكرة الإيضاحية :
استحدث المشرع في نطاق المسئولية التقصيرية تقادماً قصيرا فًقضى بعدم سماع دعوى التعويض الناشئة عن الفعل الضار بانقضاء ثلاث سنوات على غرار ما فعل فيما يتعلق بدعاوى البطلان، ويبدأ سريان هذه المدة من اليوم الذي يعلم فيه المضرور بالضرر الحادث ويقف على شخص من أحدثه فإذا لم يعلم بالضرر الحادث أو لم يقف على شخص من أحدثه فلا يبدأ سريان هذا التقادم القصير، ولكن دعوى المضرور لا تسمع على أي الفروض، بانقضاء خمس عشرة سنة على وقوع الفعل الضار.
وإذا كان الفعل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب الدعوى المدنية وكانت الدعوى الجنائية ما تزال مسموعة بعد انقضاء المواعيد المشار إليها في الفقرة السابقة فإن دعوى الضمان لا يمتنع سماعها ما دامت الدعوى الجنائية تكون مسموعة وفي جميع الأحوال لا تسمع دعوى الضمان انقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع الفعل الضار.
وهذه المادة تقابل المواد 272 أردني و 172 مصري و 173 و 232 عراقي .


الفرع الثاني
المسئولية عن الأعمال الشخصية
1 الضرر الذي يقع على النفس

المادة 299
يلزم التعويض عن الإيذاء الذي يقع على النفس. على انه في الحالات التي تستحق فيها الدية أو الأرش فلا يجوز الجمع بين أي منهما وبين التعويض ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
ألزمت هذه المادة المسئول عن الإيذاء الذي يقع على النفس بالتعويض ولما كان الإيذاء على النفس يترتب عليه في بعض الأحيان أن يستحق على الجاني الدية إن أدى الإيذاء إلى القتل أو الأرش وهو جزء الدية الذي يستحق في إيذاء ما دون النفس فقد ثار التساؤل حول إمكان الجمع بين الدية والأرش والتعويض وقد أخذ المشرع بالرأي الذي لا يجيز الجمع بينهما لأن المقصود بالدية أو الأرش رتق الفتق الذي حدث على المجني عليه والتعويض هو لجبر الضرر الذي لحق بالمجني عليه وبالتالي فلا يجوز الجمع بينهما لأن التعويض لا يكون إلا عند عدم وجود الدية أو الأرش فإذا استحقت فإنها تكون الأصل ولا ينبغي الجمع بين البدل والمبدل عنه فضلاً عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " المسلمون تتكافأ دماؤهم " كما حددت الأحاديث النبوية الدية وساوت بين جميع المسلمين فيها لا فرق بين غني وفقير، عامل أو غير عامل، كما أن الدية أو الأرش جزاء يجمع بين العقوبة والتعويض ومن ثم فإذا استحقت الدية أو الأرش فلا يجمع بين أي منهما وبين التعويض كل ذلك ما لم يتفق الطرفان على غيره التشريع الجنائي لعبدالقادر عوده ص 669 .
وهذه المادة تقابل المادتين 273 و 274 أردني مع خلاف في الحكم.

2 إتلاف المال
المادة 300
من اتلف مال غيره أو أفسده ضمن مثله إن كان مثليا وقيمته إن كان قيميا وذلك مع مراعاة الأحكام العامة للتضمين
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حكم إتلاف المال وتقضي بالضمان في هذه الحالة والمقصود بالإتلاف :
1. الهلاك الكلي للمال بحيث لا يبقى للعين قيمة بعد تلفها كإحراق الثوب .
2. الهلاك الجزئي للمال بأن يتلف بعض العين.
3. تعيب العين بعيب يذهب بكل منافعها أو بمعظمها أو بما هو دون ذلك كما في قطع ثوب على وضع لا يصلح معه لما كان يطلب منه أو يصلح لبعضه.
4. تغيير العين تغييراً يذهب بكل منافعها أو بعضها كما في طحن البر وخبز الدقيق .
5. تغييب العين في محل مجهول أو لا يتيسر الوصول إليه.
وعلى ذلك يضمن الحيوان بذبحه إذا كان مما لا يؤكل أما إذا كان مما يؤكل ورضي المالك بأخذ لحمه كان له ضمان النقصان وإلا كان له قيمة الحيوان لذهاب أهم الأغراض التي تطلب منه حال حياته.
وقد يكون الإتلاف بالمباشرة أو بالتسبب على ما تقدم في المادة 283 وما بعدها ويشترط لضمان الإتلاف أن يكون المال المتلف مملوكاً لغير المتلف أو مملوكاً للمتلف ولكن تعلق به حق الغير فلو أتلف صاحب المال ماله الذي لا يتعلق به حق لغيره لا يلزمه شيء قضاء .
أما إذا كان المال المتلف مملوكاً للغير فإنه يضمنه ولو ظن أنه ماله.
وكذا إذا تعلق به حق الغير فالراهن إذا أتلف الرهن عند المرتهن أو أنقص من قيمته لزمه ضمان الرهن أو نقصه ليكون رهناً محل ما فقد حتى لا يضار المرتهن بنقص ما ارتهنه وثيقة لدينه وعلى هذا أوجب الحنابلة ضمان الأضحية إذا أتلفها صاحبها وذلكم لما في تلفها من الأضرار بحق الفقراء ابن رجب، القواعد ص 312 .
ويستوي أن يعرف أنه مال غيره أو يظن أنه ماله وهو في الحقيقة ليس ماله.
كما يستوي أن يكون المال في يده أو في يد أمينة لو أتلفه في يد الغاصب فيلزم الضمان على المتلف والغاصب معاً م 910 من المجلة.
كما يستوي من حديث الضمان المالي أن يكون المتلف مميزاً أو غير مميز لأن غير المميز يؤاخذ بأفعاله في ماله .
ويشترط أن يكون الإتلاف بغير إذن الهالك فإن كان إتلاف المال بأذن صاحبه فلا ضمان وهذا الأذن قد يكون صراحة وقد يكون دلالة م 881 من المجلة.
والضمان يكون بالمثل في المثليات والقيمة في القيميات هذا أن كان الإتلاف كلياً أما إن كان جزئياً فيلزم المتلف بمثل ما أتلف أو قيمته ويقدر الضمان في الحالة الأخيرة بالفرق بين قيمة المال قبل حدوث الضرر وقيمته بعد حدوثه والفرق بينهما هو ما يلزم به التلف.
فإذا لو يوجد فرق بين القيمتين كان الضرر غير معتبر وكذلك إذا كان الفرق تافهاً لا يأبه له الناس أو جرت عادة الناس بالتسامح فيه.
هذا وقد يكون من أثر التغيير في المال زوال منافعه أو بعضها وحدوث منافع أخرى ترفع من قيمته وقد تزيد قيمته بسبب ذلك عما كان له من قيمة قبل التغيير فمثل هذا لا يعد ضرراً عادة ولا يترتب عليه إلزام بتعويض، إذ التعويض منوط دائماً بإحداث الضرر المؤدي إلى نقص القيمة تراجع المواد 912 921 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 275 أردني ومن 186 191 عراقي.

المادة 301
إذا كان الإتلاف جزئياً ضمن المتلف نقص القيمة فإذا كان النقص فاحشا فصاحب المال بالخيار إن شاء اخذ قيمة ما نقص وان شاء ترك المال المتلف واخذ قيمته مع مراعاة الأحكام العامة للتضمين
المذكرة الإيضاحية :
لو أحدث شخص في مال غيره نقصاناً من حيث القيمة فإنه يضمن ذلك والمقصود بالنقصان هنا القيمة ولو لم يكن هناك نقصان حسي فلو حفر أحد في عرصة آخر حفرة يكون ضامناً إذا كان الحفر موجباً للأضرار بالعرصة ونقصان قيمتها ويكون غير ملزم بشيء إذا لم يكن موجباً للإضرار بها .
وإذا كان النقصان يسيراً فيلزم المتلف بقيمة النقصان أما إذا كان النقصان فاحشاً فإن لصاحب المال ترك ذلك المال للمتلف وتضمينه كل قيمته.
وطريق معرفة النقصان هو تقويم المال الذي حدث فيه الفعل الضار قبل حدوثه وتقويمه بعد حدوثه وما يوجد من فرق بين القيمتين يلزم به من أحدث الفعل فإذا لم يوجد فرق بين القيمتين كان الضرر غير معتبر وكذلك إذا كان الفرق تافهاً لا يأبه له الناس عادة أو جرت عادة الناس بالتسامح فيه.
تراجع المواد 900 و 917 و 918 و 920 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادتين 276 أردني و 188 عراقي.

المادة 302
1. إذا اتلف أحد مالا لغيره على زعم انه ماله ضمن ما أتلف.
2. وإذا أتلف مال غيره بإذن مالكه فلا يضمن.
المذكرة الإيضاحية :
اعتمد في المادة المذكورة على المادة 914 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وتراجع المذكرة الإيضاحية الخاصة بالمادة 300 من هذا القانون.
وهذه المادة تقابل المادتين 277 أردني و 190 من القانون العراقي.

المادة 303
إذا اتلف صبي مميز أو غير مميز ومن في حكمهما مال غيره لزمه الضمان من ماله.
المذكرة الإيضاحية :
اعتمد في هذه المادة على المادة 916 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهذه المادة تقابل المادتين 278 أردني و 191 من القانون العراقي.


3 الغصب والتعدي

المادة 304
1. على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
2. فمن غصب مال غيره وجب عليه رده إليه بحالته التي كانت عليها عند الغصب، وفي مكان غصبه.
3. فان استهلكه أو أتلفه أو ضاع منه أو تلف بتعديه أو بدون تعدية فعليه مثله أو قيمته يوم الغصب وفي مكان الغصب.
4. وعليه أيضا ضمان منافعه وزوائده.
المذكرة الإيضاحية :
اختلف في حد الغصب بين الفقهاء المسلمين.
فقال أبو حنيفة وأبو يوسف رضي الله عنهما : هو إزالة يد المالك عن مال المتقوم على سبيل المجاهرة والمغالبة بفعل في المال.
وقال محمد رحمه الله الفعل في المال ليس بشرط لكونه غصباً.
وقال الشافعي رحمه الله هو إثبات اليد على مال الغير بغير اذنه والإزالة ليست بشرط الكاساني 7 : 143 .
وقد عرفته المجلة في المادة 881 بأنه " أخذ مال أحد وضبطه بدون اذنه " أما القانون المدني العراقي فلم يورد تعريفاً له رغم إيراده أحكامه وقد رؤي في المشروع انتهاج مسلك القانون المدني العراقي بعدم إيراد تعريف له في التقنين إذ أن مهمة التقنين الأساسية إيراد الأحكام أم التعريفات فمجالها الفقه".
والغاصب يلتزم برد المغصوب إلى صاحبه في الم كان الذي حصل فيه الغصب فإن صادف صاحب المال الغاصب في مكان آخر ومعه المغصوب فهو بالخيار : ان شاء استرده حيث وجده وإن شاء طلب رده إلى م كان الغصب على نفقة الغاصب تراجع المادة 890 من المجلة ورد عين المغصوب ما دام قائماً هو الواجب ابتداء بحيث لو أتى الغاصب بالقيمة أو بالمثل والمغصوب قائم لم يقبل ذلك منه إلا إذا رضي مالكه وعندئذ يكون هذا من قبيل المعاوضة التي تعتمد على الرضا بين طرفيها.
وان هلك المغصوب أو استهلكه الغاصب أو عجز عن رده كأن كان طيراً فطار فعليه مثله أو قيمته وقد أختار المشرع الأخذ برأي أبي يوسف من أن يكون ضمان المغصوب قيمته يوم الغصب لا يوم الاختصام كما يرى الإمام أبو حنيفة ولا يوم الانقطاع كما يرى محمد رحمه الله.
وكالمغصوب في ذلك زوائده الحاصلة حال الغصب كلبن الحيوان وثمر البستان وعسل النحل فعلى الغاصب ردها إن كان قائمة ومثلها أو قيمتها إن لم تكن قائمة .
وكذلك المنافع باعتبارها أموالاً وهو ما أخذ به المشرع في المادة 95 وهو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله والحنابلة.
وهذا النص بعمومه يشمل المنقول والعقار إذ العقار يقبل الغصب كما يقبله المنقول ومع هذا العموم لم ير حاجة إلى إيراد نص كنصوص المواد 905 إلى 909 من المجلة ونص المادة 197 من القانون المدني العراقي التي تقضي بأن المغصوب إن كان عقاراً يلزم الغاصب رده إلى صاحبه مع أجره مثله وإذا تلف العقار أو طرأ على قيمته نقص ولو بدون تعد من الغاصب لزمه الضمان.
وعلى ذلك فيطبق على العقار الحكم العام في الغصب.
كما أنه يشمل بعمومه حالة الهلاك والتلف والاستهلاك والإتلاف والعجز عن الرد بأي سبب وكذا التغيير سواء كان تغييراً حسياً أو تغييراً في القيمة نتيجة تغيير الأسعار أو الإستعمال وسواء في ذلك كله الجزئي والكلي وكذا التعيب تعيباً يذهب بمنفعته التي تطلب منه عادة، فكل ذلك يخضع للحكم العام وهو وجوب رد عين المغصوب إن كان قائماً ومثله أو قيمته إن لم يكن قائماً وفي حالة الهلاك أو كان النقصان فاحشاً فعلى الغاصب أن يرد مثله أو قيمته كله ويأخذ المغصوب، لذلك ير حاجة إلى إيراد نصوص المواد من 890 909 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 192 197 عراقي.
وهذه المادة تقابل المواد 279 أردني و من 192 197 عراقي.

المادة 305
إذا أتلف أحد المال المغصوب في يد الغاصب فالمغصوب منه بالخيار إن شاء ضمن الغاصب ولهذا أن يرجع على المتلف وان شاء ضمن المتلف وليس للمتلف الرجوع على الغاصب.
المذكرة الإيضاحية :
إذا أتلف أحد المال المغصوب الذي هو في يد الغاصب وليس في يد صاحب المال أو أمينه، فإن المغصوب منه يكون مخيراً: إن شاء ضمن الغاصب قيمته يوم الغصب إن كان من القيميات ومثله ان كان من المثليات وللغاصب أن يرجع على المتلف استناداً إلى أنه قد صار مالكاً للمغصوب، وإن شاء ضمن المتلف قيمته يوم إتلافه ان كان من المثليات وفي هذه الصورة لا يرجع المتلف على الغاصب ويكون استقرار الضمان على المتلف لأن المتلف في كل حال نتيجة إتلافه
تراجع المادة 912 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادتين 280 أردني و 198 عراقي.

المادة 306
إذا تصرف الغاصب في المال المغصوب معاوضة أو تبرعا وتلف المغصوب كله أو بعضه في يد من تصرف له الغاصب كان للمغصوب منه الخيار في تضمين من شاء منهما فان ضمن الغاصب صح تصرفه وان ضمن من تصرف له كان له الغاصب الرجوع على الغاصب وفقا لأحكام القانون
المذكرة الإيضاحية :
بعد أن عرض المشرع لحالة إتلاف المغصوب في يد الغاصب عالج في هذه المادة حالة تصرف الغاصب في الشيء المغصوب وإلزم الغاصب ومن تصرف له بالضمان فإن ضمن الغاصب صار الغاصب بالضمان مالكاً للمغصوب بأثر مستند إلى وقت الغصب فصادف تصرفه ملكاً له فيصبح. أما أن ضمن التصرف إليه فلهذا أن يرجع على الغاصب من تصرف له إن كان له حق الرجوع وفقاً لأحكام القانون فمثلاً إن كان المتصرف إليه مشترياً كان له الرجوع بضمان الاستحقاق أما إن كان موهوباً هبة بلا عوض فليس له ذلك. تراجع المادة 891 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادتين 280 أردني و 200 عراقي.

المادة 307
1. غاصب الغاصب حكمه حكم الغاصب.
2. وإذا رد غاصب الغاصب المال المغصوب الى الغاصب الأول يبرأ وحده وإذا رده الى المغصوب منه يبرأ هو والغاصب الأول.
3. فإذا تلف المغصوب أو أتلف في يد غاصب الغاصب فالمغصوب منه مخير إن شاء ضمنه الغاصب الأول وان شاء ضمنه الغاصب الثاني وله أن يضمن مقدار منه الأول والمقدار الآخر الثاني فإذا ضمن الغاصب الأول كان لهذا أن يرجع على الثاني فإذا ضمن الثاني فليس له أن يرجع على الأول.
المذكرة الإيضاحية :
بعد أن عرض المشرع حالة إتلاف المغصوب وحالة التصرف فيه تناول في هذه المادة حكم الغاصب من الغاصب، وتقتضي بأنه في حكم الغاصب على ذلك يجب عليه رد عين المغصوب إن كان قائماً ومثله أو قميته إن هلك أو أستهلك .
فإن رد الغاصب الثاني المال المغصوب إلى المغصوب منه الأصلي بريء هو والغاصب الأول المغصوب منه الثاني وإن رده إلى الغاصب الأول المغصوب منه الثاني بريء هو وحده وظل الغاصب الأول الغصوب منه الثاني ضامناً المال للمغصوب منه الأول.
وفي حالة الضمان، بأن هلك المغصوب أو استهلك في يد الغاصب الثاني كان للمغصوب منه الأول المالك الحق في الرجوع على أيهما ب كل الضمان فإن رجع على الغاصب الأول كان لهذا أن يرجع على الغاصب الثاني، وإن رجع على الغاصب الثاني لم يكن لهذا أن يرجع على الغاصب الأول كما أنه له أن يرجع على كل منهما بجزء من الضمان وفي هذه الحالة تنطبق القاعدة المتقدمة أيضاً .
تراجع المادتين 910 911 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 282 أردني و 198 و 199 عراقي.

المادة 308
للقاضي في جميع الأحوال الحكم على الغاصب بالتعويض الذي يراه مناسباً إن رأى مبرراً لذلك.
المذكرة الإيضاحية :
نص القانون المدني العراقي في مواضع كثيرة على استحقاق المغصوب منه للتعويض مع إسترداد الشيء المغصوب. تراجع على سبيل المثال المواد 192 و 194 و 195
وقد رؤي ترك الأمر للمحكمة وللقاضي في جميع الأحوال أن تقضي بالتعويض أولاً وتقضي به في حالة استرداد المغصوب أو عدم استرداده، وهي التي تقدر مبلغ التعويض بحسب ما تقضي به ظروف كل قضية.
وهذه المادة تقابل المادة 283 أردني.

المادة 309
من كانت في يده أمانة وقصر في حفظها أو تعدى عليها أو منعها عن صاحبها بدون حق أو جحدها أو مات مجهلا لها كان ضامنا لها بالمثل وبالقيمة حسب الأحوال
المذكرة الإيضاحية :
نص في المادة 901 من المجلة والمادة 201 من القانون المدني العراقي على ما يأتي الحال هو مساوِ للغصب في إزالة التصرف حكمه حكم المغصوب فالوديع في المجلة كما أن المستودع إذا أنكر الوديعة في حكم الغاصب وبعد الإن كار إذا تلفت الوديعة في يده بلا تعد يكون ضامناً .
والحكم أنه إذا تعدى الأمين، كالمودع والمستعير، أو قصر في الحفظ أو منعها عن صاحبها بدون حق أو جحدها أو مات مجهلاً لها وهلك ولو بدون تعد كان الأمين ضامناً لها بالمثل إن كانت مثلية وبالقيمة إن كانت قيمية وقد صاغ المشرع هذا الحكم الفقهي في هذه المادة .
يراجع من المجلة في الوديعة م 768 و 777 وما بعدها وفي العارية م 813 وما بعدها ومن مرشد الحيران في الوديعة م 817 وما بعدها وفي العارية م 777 وما بعدها والبغدادي مجمع الضمانات ص 86 88 و 334 . وهذه المادة تقابل المادتين 284 أردني و 201 عراقي.

المادة 310
من سرق مالا أو قطع الطريق وأخذ مالاً فعليه رده الى صاحبه إن كان قائما ورد مثله أو قيمته إن استهلك ولو قضي عليه بالعقوبة.
المذكرة الإيضاحية :
إن كانت العين المسروقة قائمة فلا يختلف أهل العلم في وجوب ردها إلى مالكها .
أما إذا كانت تالفة فقد أختلف :
فذهب البعض إلى القول بأن على السارق رد قيمتها أو مثلها وإن كان مثلية قطع أو لم يقطع موسراً أو معسراً وهذا قول الحسن والنخعي وحماد والليث والشافعي واسحاق وأبي ثور وقال الثوري وأبو حنيفة لا يجتمع الغرم والقطع : إن غرمها قبل القطع سقط القطع، وإن قطع قبل الغرم سقط الغرم واحتج بما رؤي عن عبدالرحمن بن عوف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أقيم الحد على السارق فلا غرم عليه.
ولأن التضمين يقتضي التمليك والملك يمنع القطع فلا يجمع بينهما.
ولمن قال بالضمان أنها عين يجب ضمانها بالرد لو كانت باقية فيجب ضمانها إذا كان تالفة كما لو لم يقطع والقطع والغرم حقان يجبان لمستحقين فجاز إجتماعهما كالجزاء والقيمة في الصيد الحرمي المملوك وحديثهم ليس بالقوى ويحتمل أنه أراد ليس عليه أجرة القاطع وما ذكره فهو بناء على أصولهم ولا نسلمها لهم المغني ج 1 ص 279 280 .
وكذلك قطع الطريق ذلك أنهم ان تابوا قبل القدرة عليهم سقطت عنهم حدود الله تعالى وأخذوا بحقوق الأدميين من الأنفس والجراح والأموال إلا أن يعفي لهم عنها إذا أخذوا المال وأقيمت فيهم حدود الله تعالى فإن كانت الأموال موجودة ردت إلى مالكها وإن كانت تالفة أو معدومة وجب ضمانها على أخذها وهذا مذهب الشافعي ومقتضى قول أصحاب الرأي أنها ان كانت تالفة لم يلزمهم غرامتها كقولهم في المسروق إذا قطع السارق، ووجه المذهبين ما تقدم في السرقة المغني ج 10 ص 319 320 .
يراجع الهداية وشروحها كتاب السرقة وباب قطع الطريق 5 ص 353 وما بعدها و 422 وما بعدها والمهذب للشيرازي 2 : 284 . وقد رؤي الأخذ في المشروع برأي القائلين بوجوب رد العين أو مثلها أو قيمتها قطع أو لم يقطع صدوراً عن أن المسئولية الجنائية لا تخل بالمسئولية المدنية ولا المسئولية المدنية بالمسئولية الجنائية وهو ما قرره هذا المشرع في المادة 279 .
وهذه المادة تقابل المادة 285 أردني.

المادة 311
1. إذا تغير المغصوب بنفسه يخير المغصوب منه بين استرداد المغصوب أو البدل.
2. وإذا تغير المغصوب بصورة يتغير معها اسمه يضمن البدل.
3. وإذا تغير المغصوب بزيادة الغاصب شيئا من ماله يخير المغصوب منه بين أن يدفع قيمة الزيادة ويسترد المغصوب عينا وبين أن يضمن الغاصب بدله.
4. وإذا تغير المغصوب بنقصان قيمته نتيجة استعمال الغاصب يرد الغاصب العين مع تضمينه قيمة النقصان
المذكرة الإيضاحية :
بيّن المشرع حكم الحالات المشار إليها في هذه المادة اعتماداً على بيان احكام الغصب والمواد 897 899 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 286 أردني.

المادة 312
حكم كل ما هو مساو للغصب كحكم الغصب.
المذكرة الإيضاحية :
راجع المذكرة الإيضاحية للمادة 309 من القانون.
وهذه المادة تقابل المادة 287 أردني.

الفرع الثالث
المسئولية عن فعل الغير

المادة 313
1. لا يسأل أحد عن فعل غيره ومع ذلك فللقاضي بناء على طلب المضرور إذا رأى مبررا أن يلزم أيا من الآتي ذكرهم حسب الأحوال بأداء الضمان المحكوم به على من أوقع الضرر:
أ. من وجب عليه قانونا أو اتفاقا رقابة شخص في حاجة الى الرقابة بسبب قصره أو حالته العقلية أو الجسمية إلا إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أن الضرر كان لا بد واقعا ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية.
ب. من كانت له على من وقع منه الإضرار سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه ولو لم يكن حراً في اختياره إذا كان الفعل الضار قد صدر من التابع في حال تأدية وظيفته أو بسببها.
2. ولمن أدى الضمان أن يرجع بما دفع على المحكوم عليه به.
المذكرة الإيضاحية :
قرر القانون المدني المصري وتبعه في ذلك القانون المدني السوري والقانون الأردني والقانون المدني العراقي مبدأ مسئولية الشخص عن عمل غيره المشروع مسئولية اصلية وعالجة تحت عنوان "المسئولية عن عمل الغير" ضمنه ثلاث مواد من 173 إلى 175 مصري ومن 218 إلى 220 عراقي مؤسساً هذه المسئولية على خطأ مفترض في الرقابة والتوجيه يقبل إثبات العكس وذلك مع قيام مسئولية من وقع منه الفعل الضار وفقاً للأحكام العامة وقد بدأ ذلك في مسئولية المكلف بالرقابة عن فعل من هم في رقابته 173 مصري ومسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة : م 174 مصري مع إعطاء المسئول عن عمل الغير حق الرجوع على الغير بالتعويض في حدود بينها م 175 مصري.
وهذا الذي ذهب إليه القانون المدني المصري وما تبعه من قوانين عربية يخالف المبدأ المقرر في الشريعة الإسلامية من أنه لا يسأل إنسان عن ضرر أحدثه غيره بقول تعالى " ولا تزر وازرة وزرة أخرى " وقوله " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما أكتسبت " وقوله " كل نفس بما كسبت رهينة " : اللهم إلا إذا أكره شخص غيره إكراهاً يجعله كالآلة في يد المكره وهو الإكراه الملجئ المعتبر شرعاً فعندئذ يكون المكرِه بكسر الراء مسئولاً لتنزيله حينئذ منزلة المباشر والمباشر منزلة الآلة . 
والشريعة الإسلامية لا تقر مبدأ إفتراض الخطأ سواء منه ما يقبل إثبات العكس وما لا يقبله. وبناء على هذا :
- لا يسأل الشخص المكلف بالرقابة عمن هم في رقابته على خلاف المقرر في القانون كما سبق.
- ولا يسأل المتبوع عن تابعه على خلاف المقرر في القانون كما سبق .
يراجع على الخفيف الضمان في الفقه الإسلامي 1 : 57 60 و 239 240 .
وإذا كان القانون قد دفع لإفتراض الخطأ : لسد حاجة نظرية بتقرير مسئولية المكلف بالرقابة بعد أن بنى المسئولية على الخطأ والخطأ يفترض التمييز مما ينتج عنه إنعدام مسئولية عديم التمييز والحاجة ماسة إلى تقرير مسئولية شخص ما عن الفعل الضار والمكلف بالرقابة هو أقرب الناس إلى موقع المسئولية فوجد المخلص في تقرير مسئوليته وفي إفتراض خطئه في الرقابة والتوجيه، وليسد حاجة عملية بتقريره مسئولية المكلف بالرقابة عمن هم في رقابته والمتبوع عن تابعه فإنا لا نجد مثل هذه الحاجة النظرية في الفقه الإسلامي حيث تبنى المسئولية على الإضرار مما ينتج عنه مسئولية مرتكب الفعل الضار ولو كان غير مميز، ويمكن سد الحاجة العملية نتيجة إملاق التابع أو الموضوع تحت الرقابة مع عدم الخروج على المبدأ الأصلي المقرر شرعاً وهو ألا يسأل شخص عن فعل غيره ولو في ماله وذلك بإعطاء الحق للقاضي إذا وجد مبرراً من الظروف أن يقضي بناء على طلب المضرور، بإلزام المكلف بالرقابة أو المتبوع بأن يدفع ما حكم به على المسئول أصلاً على أن يكون له حق الرجوع عليه بما دفعه عنه وذلك رعاية لجانب المضرور. ولذلك نظائر في الشرع، على الوجه الآتي :
1. فقد يقضي القاضي بالنفقة لزوجة ويأمر غير الزوج بقضائها على أن يكون له الرجوع على الزوج " قال في الاختيار : المعذرة إذا كان زوجها معسراً ولها ابن من غيره موسراً أو أخ موسراً فنفقتها على زوجها ويؤمر الأبن أو الأخ بالإنفاق عليها ويرجع به على الزوج إذا أيسر، ويحبس الابن أو الأخ إذا امتنع لأن هذا من المعروف . " ابن عابدين رد المحتار 2 : 657 " .
2. دية الخطأ على العاقلة لا يعلم بين أهل العلم خلاف في ذلك " والمعنى في ذلك أن جنايات الخطأ تكثر ودية الأدمي كثيرة فإيجابها على الجاني في ماله يجحف به فاقتضت الحكمة إيجابها على العاقلة على سبيل المواساة للقاتل والإعانة له تخفيفاً عنه " ابن قدامة، المغني 9 : 496 وما بعدها.
3. إن جرائم الصغار والمجانين تتحمل العاقلة عبئها في جميع الأحوال لعدم توافر القصد الصحيح فيهم لقصور إرادتهم وعقلهم عند الحنفية والحنابلة والمالكية على الخفيف، الضمان 2 : 176 .
وقد رؤي الإفادة من نصوص القانون المدني المصري وما يتبعه من قوانين مدنية عربية مع إحداث التغيير الأساسي المتقدم.
وعلى ذلك يجب كي يجوز أمر المكلف بالرقابة بأداء التعويض الذي يحكم به على من هو في رقابته إذا ارتكب فعلاً ضاراً توافر الشروط الآتية :
1. ان تجب عليه هذه الرقابة قانوناً أو إتفاقاً، أما وجوبها قانوناً فالأصل أن أحكام قانون الأحوال الشخصية تبين ذلك وهي ترمي عبء الرقابة على الأب أو الأم أو الوصي على حسب الأحوال، أما وجوبها اتفاقاً فكما هو الشأن في وضع مريض في مستشفى الأمراض العقلية مثلاً فلا يكفي أن يتولى شخص بالفعل رقابة شخص آخر حتى يكون مسئولاً عنه بل يجب أن يكون هناك التزام قانوني أو إتفاقي بتولي هذه الرقابة.
2. أن يكون الشخص الموضوع في رقابة غيره في حاجة إلى هذه الرقابة إما بسبب حالته العقلية كالمجنون أو حالته الجسمية كالمقعد فلا تترتب هذه المسئولية على الرقابة التي لا تقوم بسبب من هذه الأسباب كرقابة السجّان على المسجونين .
3. ألا يثبت المكلف بالرقابة أنه قام بواجب الرقابة أو أن الضرر كان لا بد واقعاً ولو قام بهذا الواجب بما ينبغي من العناية.
4. كما يجب لجواز الزام المتبوع بأداء التعويض الذي يحكم به على التابع توافر الشرطين الآتيين :
1. قيام علاقة التبعية : وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في تابعة متى كانت له عليه سلطة فعليه في رقابته وتوجيهه فعلاقة التبعية تقوم على عنصرين : عنصر السلطة الفعلية وعنصر التوجيه والرقابة .
2. وقوع الأضرار من التابع للغير في حالة تأدية وظيفتة أو بسببها .
تراجع المادة 916 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 288 أردني ومن 173 إلى 175 مصري و من 174 إلى 176 سوري و 191 ومن 218 إلى 220 عراقي .

الفرع الرابع
المسئولية عن الحيوان والأشياء واستعمال الطريق العام
1 جناية الحيوان
المادة 314
جناية العجماء جبار ولكن فعلها الضار مضمون على ذي اليد عليها مالكا كان أو غير مالك إذا قصر أو تعدى.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة المسئولية عن فعل الحيوان وما ينشأ عنه من ضرر.
والقانون المدني المصري، ومن بعده القانون المدني السوري قرر مبدأ عن فعل الحيوان وأقامها على أساس فكرة الحراسة لا الملك فجعل حارس الحيوان مسئولا عما يحدثه الحيوان من ضرر . ويلاحظ أن مالك الحيوان تظل له الحراسة القانونية ولو لم يكن الحيوان تحت يده مادياً كما في حالة ما إذا تسرب الحيوان أو ضل.
وبناء على ذلك يكون مسئولاً عما يحدثه هذا الحيوان من ضرر "للرافض" الذي استخدمه للعناية به " وقد عني التقنين اللبناني بالنص على هذا الحكم صراحة إذ قضى في الفقرة الثانية من المادة 129 بأن تلك المسئولية تترتب ولو كان الحارس المضرور قد أرتبط من قبل بعقد من العقود، كاجارة الأشخاص مثلاً، ما لم ينص على خلاف ذلك .
وقد أختار القانون المصري وما أخذ عنه من قوانين عربية، صراحة فكرة الخطأ المفترض، وجعل منها أساساً لمسئولية حارس الحيوان.
وقد وقفت التقنينات الأجنبية من فكرة إفتراض الخطأ هذه مواقف مختلفة فيما يتعلق بقوة القرينة التي تقوم عليها من حيث جواز سقوطها أو عدم سقوطها بإثبات العكس.
فبعض هذه التقنينات يبيح لحارس الحيوان الإكتفاء بإقامة الدليل على أنه التزم الحيطة الواجبة لمنعه من الاضرار أو رقابته م 94 / 86 من التقنين التونسي والمراكشي و م 5 و 56 من تقنين الإلتزامات السويسري و م 834 من التقنين الألماني . وبعضها لا يبيح إلا إثبات السبب الأجنبي م 81 من المشرع الفرنسي الإيطالي و م 129 من التقنين اللبناني.
ويتوسط التقنين البولوني هذين الرأيين فيكتفي من حارس الحيوان بإقامة الدليل على أن خطأ ما لم يقع منه، أو من أحد ممن يسأل عنه م 148 ومع ذلك فهو يجيز للمحكمة رغم قيام هذا الدليل أن تلزم مالك الحيوان أو مستخدمه بتعويض كل الضرر أو بعضه إذا اقتضت العدالة ذلك مع مراعاة الظروف ويسار المضرور ومالك الحيوان أو مستخدمه بوجه خاص م 149 في فقرتها الأخيرة ولم يبح القانون المصري إلا إثبات السبب الأجنبي، اقتداء بما جرى عليه القضاء المصري في هذا الشأن .
وفي الأعمال التمهيدية للقانون المدني المصري اعترضت لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ على عبارة "حارس الحيوان" ورأت العدول عن هذا التعبير إلى التعبير المألوف وهو مالك الحيوان إذ التعبير بحارس الحيوان تعبير غير محدد وقد يوقع في الخطأ واللبس واقترحت أن يكون النص " مالك الحيوان أو مستخدمه ... " ثم أنتهت إلى إستعمال عبارة " حارس الحيوان ولو لم يكن مالكاً له " .
والمقصود بالحراسة السيطرة الفعلية على الحيوان لا الحراسة بالمعنى القانوني المتبادر إلى الذهن.
وفي الفقه الإسلامي الأصل أن فعل الحيوان وما ينشأ عنه من ضرر يكون هدراً، أي لا يستتبع مسائله ذلك لأنه لا ذمة له ولا إدراك.
والسند في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابي هريرة : " العجماء جرحها جبار " . رواه مسلم . والجبار الهدر والعجماء الدابة وفي بعض الروايات " السائمة جبار والسائمة هي الدابة المرسلة في رعيها. والعجماء فيما ذكره بعض العلماء الدابة المنفلتة التي لا يكون معها أحد حيث يكون الإنفلات عادة ".
وقد اختلف الفقهاء في ضمان فعلها وعدم ضمانه وجملة القول أن الإختلاف بينهم نتيجة لإختلاف الأنظار في ثبوت التقصير فمن رأى أن ما حدث منها كان نتيجة تقصير ذهب إلى التضمين ومن رأى أنه ليس نتيجة تقصير ذهب إلى عدم التضمين.
يراجع الشوكاني، نيل الأوطار 5 : 276 ، والنووي على مسلم 11 : 225 والكاساني، البدائع 7 : 273 .
وفي حالة المسئولية عن فعل الحيوان فالمسئول هو ذو اليد عليه مالكاً كان أو مستعيراً أو مستأجراً أو غاصباً فقد ذكروا أنه إذا كانت البهيمة في يد الراعي فأتلف زرعها وهي في يده ضمن هو دون المالك فالضمان لا يتعلق برقبتها بل بما ذي اليد عليها.
يراجع جامع الفضوليين 2 : 86 ، والشرح الكبير 5 : 55 4 والنووي شرح مسلم 1 : 325 والشرقاوي على التحرير 2 : 459 .
وإذا تعدد واضعوا اليد على الحيوان كراكب ورديف أو راكب وسائق فالضمان عليهم متى كانوا مستويين في ذلك لأن كل واحد يضمن عند إنفراده فإذا كان معه غيره ضمن معه الكاساني 280 : 7
روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله العجماء جبار وقد فسره بقوله إتلاف البهيمة هدراً ضمان على صاحبها .
فالحيوان إذا أتلف شيئاً أو تسبب بخسارة وضرر لأحد الناس فليس على صاحبه شيء من الضمان ما لم ينشأ ذلك عن تعد منه أو تقصير مثال ذلك .
1. لو ربط شخصان فرسيهما في مكان معد لذلك فأتلف فرس أحدهما فرس الآخر فليس من ضمان على صاحب الحيوان المتلف يراجع المادة 929 من المجلة.
2. كذلك لا يترتب على صاحب الهرة ضمان فيما لو أتلف طيراً لانسان .
3. وإن نطحت جاموسة انساناً فقتلته فلا ضمان على صاحبها .
4.وإذا رفس حيوان انسان حيواناً لآخر وتلف فلا ضمان كذلك على صاحب الحيوان المتلف وذلك ما لم ينشأ عن تعد من صاحب الحيوان أو تقصير لأنه إذا اتلف الحيوان شيئاً وكان ذلك عن تعد من صاحبه أو تقصير يكون بما أتلف الحيوان ضامناً مثال ذلك :
1. لو أطلق شخص حيوانه في مزروعات آخر يكون ضامناً بما يتلف الحيوان.
2. ولو رأي إنسان حيوانه وهو في مزروعات آخر ولم يمنعه فيكون ضامناً بكل ما يحدثه الحيوان من الأضرار لأنه يكون متعدياً في الحال الأول ومقصراً في الحال الثانية م 929 من المجلة.
3. ولو ترك انسان حيوانه مطلقاً في الطريق العام وهو مما لا يطلق في الشوارع فأتلف مالاً أو قتل انسانا فتلزمه دية القتيل أو قيمة المال المتلف .
وقد ورد في المادة 929 من المجلة أن صاحب الثور النطوح والكلب العقور يكون ضامناً بما أتلف فيما إذا تقدم إليه أحد من أهل محلته أو قريته بقوله حافظ على حيوانك ولم يحافظ عليه. ويراجع أيضاً المهذب للشيرازي 2 : 226 .
وتبصرة الحكام مطبوعة مع فتح العلي المالك، طبعة الحلبي سنة 2 : 177 178 .
وقد نص في المادة 94 من المجلة أن جناية العجماء جبار.
فصاحب الدابة لا يُسأل عن فعلها إلا إذا استطاع منعها فحينئذ يضمنه وضربت المجلة أمثلة لذلك في المواد من 929 940 كما أن القانون العراقي أورد بعض التطبيقات في المواد 221 226 . وقد رؤي الإكتفاء بهذا النص وعدم الإنسياق وراء المجلة والقانون المدني العراقي في إيراد بعض التطبيقات ويلاحظ أن كل ما أوردته المجلة والقانون المدني العراقي من تطبيقات تندرج تحت عموم لفظ المادة التي أوردها المشرع.
ذلك أن الضمان إذا تقرر في هذه التطبيقات التشريعة فإنما يرجع إما إلى تقصير صاحب الحيوان وإما إلى تعديه،وأن عدم الضمان إذا تقرر فيها فإنما يرجع إلى عدم التقصير وعدم التعدي من صاحبه.
وهذه المادة تقابل المواد 289 أردني و 176 مصري و 177 سوري .

2 انهيار البناء
المادة 315
1. الضرر الذي يحدثه للغير انهيار البناء كله أو بعضه يضمنه مالك البناء أو المتولي عليه إذا ثبت عدم تعديه أو تقصيره.
2. ولمن كان مهددا بضرر يصيبه من البناء أن يطالب المالك باتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية لدرء الخطر فان لم يقم المالك بذلك كان للقاضي أن يأذن له في اتخاذ هذه التدابير على حساب المالك.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة المسئولية عن إنهدام البناء كلا أو بعضاً وما قد يترتب على ذلك من ضرر للغير، أما القانون المدني المصري فقد قرر المسئولية في هذا المجال وأسسها على الخطأ المفروض وألقى عبئها على حارس البناء دون مالكه على خلاف ما اختار التقنين الفرنسي فتظل مسئولية الحارس قائمة ما لم يثبت أن تداعى البناء لا يرجع إلى إهمال في صيانته أو عيب في إنشائه، أما التقنين الفرنسي فيلزم المضرور على النقيض من ذلك بإقامة الدليل على إهمال الصيانة أو القدم أو العيب في إنشاء البناء فإذا تم له تحصيل هذا الدليل أصبح مفروضاً أن تداعى البناء يرجع إلى أحد هذه الأسباب ويكون أذن نشأ عن خطأ المالك.
وقد أحتذى القانون المصري مثال بعض التقنينات الأجنبية فقرر بين أحكام المسئولية عن البناء قاعدة خاصة بشأن ما يتخذ من التدابير الوقائية التي لا تنطوي على معنى التعويض ويكفي لإعمال هذه القاعدة أن يتحقق معنى التهديد بوقوع الضرر من جراء البناء دون أن يقع فعلاً، فلن يتهدده هذا الضرر أن يكلف المالك دون الحارس بإتخاذ مايلزم من التدابير لدرء الخطر، فإذا لم يستجب مالك البناء لهذا التكليف جاز للمحكمة أن تأذن لمن يتهدده الضرر بإتخاذ هذه التدابير على حساب المالك انظر في هذا المعنى 98 / 90 من التقنين التونسي والمراكشي و م 59 من تقنين الإلتزامات السويسري.
وأثناء مراجعته في لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ رأت اللجنة أن تعبر عن حارس البناء بمالك البناء منعاً للبس الناشيء عن معنى الحارس المتعارف عليه وإن تضاف إلى لفظ المالك عبارة والمتحدث عنه حتى تنصرف تلك العبارة إلى الأشخاص الذين لا يكونون ملاكاً للبناء ومع ذلك يكونون مسئولين عنه بصفاتهم ثم رأت بقاء عبارة حارس البناء وإضافة عبارة ولو لم يكن مالكاً له بعدها منعاً للبس وذلك كما حصل في المادة 176 مصري. هذا وقد نص في القانون المدني العراقي في المادة 230 منه على أن كل من يقيم في مسكن يكون مسئولاً عما يحدث من ضرر بسبب ما يلقى أو يسقط من هذا المسكن ما لم يثبت أنه أتخذ الحيطة والحذر الكافية لمنع وقوع الضرر وقد آثر المشرع عدم إيراد مثل هذا النص وترك واقعته للقواعد العامة، وقد كان مثل هذا النص في المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري ورأت لجنة القانون المدني في مجلس الشيوخ حذفه لتظل المسئولية في نطاق ما يقضي به النص خاضعة للقواعد العامة .
تراجع مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 هامش ص 429 430 .
أما في الفقه الإسلامي فقد أورد ابن قدامة في المغني 9 : 571 576 أنه إذا بنى في ملكه حائطاً مائلاً إلى الطريق أو إلى ملك غيره فتلف به شيء وسقط شيء فأتلفه ضمنه لأنه متعد بذلك.
وهذا مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافاً، وإن بناه في ملكه مستوياً أو مائلاً إلى ملكه فسقط من غير استهدام ولا ميل فلا ضمان على صاحبه فيما تلف به لأنه لم يتعد ببنائه ولا حصل فيه تفريط بإبقائه وإن مال قبل وقوعه إلى ملكه ولم يتجاوزه فلا ضمان عليه لأنه بمنزله، وإن مال قبل وقوعه إلى هواء الطريق أو إلى ملك إنسان أو ملك مشترك بينه وبين غيره نظرنا: فإن لم يمكنه نقضه فلا ضمان عليه لأنه لم يتعد ببنائه ولا فرط في ترك نقضه لعجزه عنه فأشبه ما لو سقط من غير ميل فإن أمكنه نقضه ولم ينقضه لم يخل من حالتين أحدهما أن يطالب بنقضه، والثاني أن لا يطالب به فإن لم يطالب به لم يضمن في النصوص عن أحمد وهو ظاهر كلام الشافعي وذكر بعض أصحابنا فيه وجهاً آخر أن عليه الضمان وهو قول أبي ليلى وأبي ثور وإسحاق لأنه متعد بتركه مائلاً فضمن ما تلف به. وأما إن طولب بنقضه فلم يفعل ... قال أصحابنا يضمن وقد أو ما إليه أحمد وهو مذهب مالك، وقال أبوحنيفة الإستحسان أن يضمن .... وفيه وجه آخر : لا ضمان عليه قال أبوحنيفة وهو القياس .... وإذا أخرج إلى الطريق النافذ بجناحاً أو ساباطاً فسقط أو شيء منه على شيء فاتلفه فعلى المخرج ضمانه .... وإن خرج ميزاباً إلى الطريق فسقط على إنسان أو شيء فأتلفه ضمنه وبهذا قال أبوحنيفة " فالذي يؤخذ من جملة ذلك أن الضرر الذي يحدثه للغير انهدام البناء كله أو بعضه مضمون في حالة التعد أو التقصير وغير مضمون عند انعدام التعدي أو التقصير .
يراجع في ضمان ما تلف بسقوط البناء، السرخسي، المبسوط 27 : 9 13 والمرغياني الهداية وشروحها 4 : 444 والزيلعي 6 : 147 والدر المختار ورد المحتار 5 : 598 591 زكريا الأنصاري، التحرير 2: 460 وإبن قدامة المغني 9/ 571 576 وكشاف القناع 2 : 369 .
وقد رؤي في المشروع تقرير الضمان إلا إذا ثبت عدم التعدي أو التقصير وبعبارة أخرى إذا كان الضرر بسبب لا يمكن التحرز منه إستناداً إلى النص السالف البيان كما رؤي صياغة الحكم الوارد في الفقرة الأولى على النحو الذي ورد عليه كي يتم النسق في الصياغة في الفصل كله.
والمسئول عن الضمان في هذه الحالة هو مالك البناء وناظر الوقف أن كان البناء وقفاً وولي اليتيم والقيّم على غير كامل الأهلية ان كان البناء له دون المستأجر والمستعير لعدم ولاية هذين في النقض والإزالة.
يراجع على الخفيف، الضمان في الفقه الإسلامي 1 : 354 ، وتراجع أيضاً المادة 928 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 290 أردني و 177 مصري و 178 سوري و 229 عراقي .

3 الأ شياء والآلات

المادة 316
كل من كان تحت تصرفه أشياء تتطلب عناية خاصة للوقاية من ضررها أو آلات ميكانيكية يكون ضامنا لما تحدثه هذه الأشياء أو الآلات من ضرر إلا ما لا يمكن التحرز منه . وذلك مع عدم الإخلال بما يرد في هذا الشأن من أحكام خاصة.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة المسئولية عن الجمادات غير البناء ويلاحظ أن الآلة والأشياء المنوه عنها في المادة تختلف عن الحيوان إذ الحيوان يتحرك بغير إرادة صاحبه أو المسيطر عليه فكان ما يحدث عنه من الضرر من قبيل التسبب بالنظر إلى صاحبه أو صاحب السيطرة عليه، ولهذا وجب أن يكون الضرر الناشيء عن فعل الحيوان نتيجة تقصير وتعد كي يسأل عنه صاحبه، أما الآلة فليس لها حركة إلا بتحريك صاحبها فكان ما يحدث عنها من الضرر من قبيل الضرر المباشر والمباشرة لا يشترط فيها التعدي .
يراجع على الخفيف، الضمان في الفقه الإسلامي 1 : 241 .
وإستناداً إلى أن ما يحدث من هذه الأشياء والآلات من ضرر يضاف إلى من هي تحت تصرفه فضلا عن قاعدة " الغرم بالغنم " ونحوها صيغت هذه المادة، دون الإلتجاء إلى فكرة الخطأ المفروض التي بنى عليها القانون المدني المصري والسوري المسئولية في هذه الحالة .
تراجع مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المصري، المادة 178 من القانون ج 2 ص 334 438 .
وهذا الأساس يجعل الحكم مقصوراً على الأشياء التي تحتاج إلى عناية خاصة والأشياء الميكانيكية أما غيرها فسهل على المسيطرين عليها الوقاية من ضررها وإلا كانوا متسببين في إلحاق الضرر بأنفسهم.
والتعبير ب " كل من كان تحت تصرفه أشياء ... " قصد به من له السيطرة الفعلية على الشيء سواء أكان مالكاً أم غير مالك كمستأجر للآلات مثلاً، وقد عبّر القانون المدني المصري والسوري عن هذا المعنى بعبارة " كل من تولى حراسة أشياء " قاصداً بالحراسة نفس المعنى وهو السيطرة الفعلية على الشيء وأستعمل المشرع العراقي للتعبير عن نفس المعنى عبارة " كل من كان تحت تصرفه .. " وقد آثر المشرع إستعمال عبارة القانون المدني العراقي وعدم إستعمال عبارة القانون المدني المصري والسوري توقياً لما تثيره هذه من لبس.
تراجع مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المصري ح 2 ص 426 و 433 434 .
ورؤي أن ينص بصراحة على استثناء ما لا يمكن التحرز عنه تطبيقاً للقاعدة الشرعية أنه لا تكليف إلا بمقدور.
كما رؤي النص على عدم الإخلال بما يرد في ذلك من أحكام خاصة قطعاً ببقاء ما يكون موجوداً فعلاً من هذه الأحكام الخاصة وإشارة إلى إحتمال وجود أحكام خاصة مخالفة في المستقبل .
تراجع المادتان 7، 88 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 291 أردني و 178 مصري و 179 سوري و 231 عراقي .

3 استعمال الطريق العام

المادة 317
استعمال الحق العام مقيد بسلامة الغير فمن استعمل حقه العام وأضر بالغير ضررا يمكن التحرز منه كان ضامنا.
المذكرة الإيضاحية :
لكل واحد حق استعمال الطريق العام ولكن ذلك مقيد بشرط سلامة الغير وبعبارة آخرى بشرط عدم الإضرار بالغير فإذا أضر في استعماله الطريق العام الغير ضرراً يمكن التحرز عنه كان ضامناً، فمن مر في الطريق ا لعام أو جلس فيه وأضر بغيره، ضمن. وقد نص على ذلك في المجلة في المواد 926 إلى 928 وفي القانون المدني العراقي في المادتين 227 و 228 وضرب لذلك أمثلة منها :
1. لو سقط عن ظهر الحمّال حمل والفرض أنه في الطريق العام وأتلف مال أحد يكون الحمّال ضامناً م 926 مجلة و 227 عراقي .
2. إذا أحترقت ثياب أحد كان ماراً في الطريق الشرارة التي طارت من دكان الحداد حين ضربه الحديد ضمن الحداد ثياب المارة م 926 مجلة و 277 2 عراقي وقد صرحت بأنه إذا كان يمكن التحرز عن ذلك.
3. لو وضع أحد على الطريق العام الحجارة وأدوات العمالة وعثر بها حيوان آخر وتلف ضمن م 927 مجلة و 228 عراقي.
4. لو صب أحد على الطريق العام شيئاً ينزلق به كالدهن وزلق به حيوان وتلف يضمن م 927 مجلة و 228 عراقي.
5. لكل واحد حق المرور في الطريق العام مع حيوانه بناء عليه : لا يضمن راكباً على حيوانه في الطريق العام الضرر والخسارة اللذين لا يمكن التحرز عنهما مثلاً : ولو انتشرت من دابة رجل غبار أو طين ولوّث ثياب الآخر أو رفست برجلها المؤخرة ولطمت بذيلها واضرت لا يلزم الضمان ولكن يضمن الراكب الضرر و الخسارة الذي وقع في مصادمتها أو لطمة يدها أو رأسها لإمكان التحرز من ذلك م 932 مجلة و 224 عراقي.
6. من سيّب دابة في الطريق العام يضمن الضرر الذي أحدثته م 935 مجلة و 225 2 عراقي. وعلى ذلك فما يقوم به الأنسان من أفعال :
1. منه ما هو حق من حقوقه التي خولها له الشارع ويلحق بذلك ما هو رخصة أباحها الشارع له .
2. ومنه ما هو أمر محظور حظره الشارع عليه.
- فإن كان أمراً محظوراً كان مسئولاً عما يترتب عليه من ضرر يصيب غيره سواء أصدر عن قصد وإدراك أم عن غير قصد.
- وإن كان أمراً جائزاً له مباشرته فترتب عليه ضرر بغيره وكان من قيبل الرخ ص كان كذلك مسئولاً عن ذلك الضرر لأن الشارع الإسلامي قد اشترط في مزاولة هذا النوع السلامة وعدم الضرر، فالسير في الطريق رخصة أباحها الشارع على ألا يكون سبباً في ضرر الغير لأن الرخص عامة مشتركة وذلك يقتضي الحذر والحرص في مزاولتها حتى لا يضار انسان بسبب انتفاع غيره، وهما في الإنتفاع بها سواء، وما جعلت رخصاً إلا على أساس الإنتفاع بها انتفاعاً مشتركاً سليماً من الأذى والضرر ولذا كان الضرر في هذه الحال مستوجباً للتعويض إلا إذا كان حادثاً من فعل لم يتجاوز فاعله فيه حد الأمر بالمعروف المألوف الذي ليس فيه تقصير لأن حدوثه عندئذ يكون قضاء وقدراً لا تعويض فيه.
أما إذا لم يكن من قيبل الرخص بل كان حقاً له فإن عليه حينئذ ليظل حقاً له أن يلتزم حدوده المرسومة له شرعاً عند صدوره، وإذا تجاوزها كان هذا خروجاً عنه وكان فعلها اعتداء وكان ما يترتب عليه عندئذ من ضرر مسئولاً عنه ولم يكن هذا من قبيل التعسف في استعمال الحق بل يكون خروجاً عن الحق وتجاوزاً له وإعتداء.
والمراد بالرخصة هنا أو الحق العام ما كان أمراً مباحاً مشتركاً لا يختص به انسان بعينه فالسير في الطريق وفتح النوافذ عليه والتقاضي واجتياز القناطر وما إلى ذلك، والمراد بالحق ما خص به صاحبه فكان له وحده كالتصرف في ماله بكل أنواع التصرفات قوليه أو فعلية والإنتفاع به ونحو ذلك.
وقد صيغ الحكم الفقهي على ما هو مدون في هذه المادة.
وهذه المادة تقابل المواد 292 أردني و 227 و 228 عراقي 

الفصل الرابع
الفعل النافع
الفرع الأول
الكسب بلا سبب
نظرة عامة :
نص في المادة 179 من القانون المدني المصري و 243 عراقي على أن " كل شخص ولو غير مميز يثري دون سبب مشروع على حساب شخص آخر يلتزم في حدود ما أثرى به بتعويض هذا الشخص عما لحقه من خسارة ويبقى هذا الإلتزام قائماً ولو زال الأثر فيما بعد، وهذا ما يسمى في القانون " الإثراء بلا سبب " وقد قرر المشرع المصري و العراقي هذه القاعدة في النص سالف البيان .... ويشترط لتطبيقها شروط ثلاثة :
1. إثراء المدين أو أغتناؤه ولا يكون ذلك إلا بدخول قيمة ما يثري في ذمته المالية ولا يشترط في المثري توافر أهلية ما، فيجوز أن يلتزم غير المميز بمقتضى الأثراء .
2. أن يقابل هذا الإثراء افتقار الدائن بسبب انتقال عين أو قيمة أداها قارن المادة 140 من التقنين اللبناني وهي تضييف إلى ذلك " أو بسبب خدمة أداها " والإثراء في أحكام هذا التقنين قد يكون مباشراً أو غير مباشر مالياً أو معنوياً .
3. ألا يكون للإثراء الحادث والإفتقار المترتب عليه سبب قانوني يبررها فلا يجوز للواهب مثلاً أن يرجع على الموهوب له بدعوى الإثراء بلا سبب لأن بين العاقدين تصرفاً قانونياً هو عقد التبرع يبرر افتقار أحدهما وإثراء الآخر .
ولم يشترط القانون المصري أن يظل الإثراء قائماً إلى وقت رفع الدعوى بل يكون الرد واجباً ولو زال الإثراء فيما بعد وهو ما يقضي به صراحة النص ولا يشترط كذلك ألا يكون للدائن دعوى سوى دعوى الإثراء يستطيع أن يلجأ إليها لإستيفاء حقه، بل يجوز أن يباشر هذه الدعوى ولو هيأ له القانون طريقاً آخر.
والقانون في النص المتقدم ألزم المثري بتعويض الدائن عما أفتقر به ولكن بقدر ما أثرى فهو يلتزم برد أقل القيمتين : قيمة ما أثرى به، وقيمة ما أفتقر به الدائن فإذا تصرف المثري بعوض فيما أثري فليس لمن افتقر حق الرجوع على من صدر له التصرف لأن هذا الأخير قد أثرى بمقتضى سبب قانوني هو التصرف نفسه أما إذا كان التصرف على النقيض من ذلك بغير مقابل، فالأصل أن ينحصر حق الرجوع في المثري ما دام من صدر له التبرع قد أثرى بسبب قانوني هو عقد التبرع، بيد أن القانون قد أثبت للمفتقر حق الرجوع على من صدر له التبرع بمقدار ما أثرى، مقدماً بذلك درء الضرر على جلب المنفعة ويكون للمفتقر في الفرض هذا أن يرجع على المثري أو على من صدر له التبرع، وفقاً لمصلحته في ذلك، فإذا كان مبلغ ما أصابه من خسارة 1000 درهم وبلغت قيمة الإثراء بالنسبة للمثري 800 درهم وبالنسبة لمن صدر له التبرع 900 درهم فمن مصلحة المفتقر أن يرجع على من صدر له التبرع.
وتهم الإشارة إلى أن القانون المدني العراقي أخذ بمبدأ نظرية الإثراء على حساب الغير إذ نص في المادة 243 على ما يأتي : " كل شخص ولو غير مميز يحصل على كسب دون سبب مشروع على حساب شخص آخر يلتزم في حدود ما كسبه بتعويض من لحقه ضرر بسبب هذا الكسب ويبقى هذا الإلتزام قائماً ولو زال كسبه فيما بعد ".
والقانون الإنجليزي لا يعترف بالإثراء بلا سبب مصدراً للإلتزام إلا في حدود ضيقه وأوسع ما يعترف به ذلك الإلتزام الناشيء عن دفع غير المستحق بشرط أن يكون المال الذي يراد استرداده مبلغاً من النقود وأن يكون الغلط الذي وقع فيه الدافع غلطاً في الواقع لا في القانون أما مبدأ الإثراء بلا سبب ذاته فلا يعترف به القانون الإنجليزي إلا في تطبيقات خاصة منها :
1. إذا دفعت شركة التأمين مبلغ الخسارة المؤمن عليها فلها أن ترجع على المؤمن له بالتعويض الذي أخذه من الغير عن هذه الخسارة .
2. إذا استولى أحد الشركاء في الشيوع على أكثر من نصيبه في غلة العين المباعة التزم برد هذه الزيادة وكذلك الفضولي ليس له الحق في إسترداد ما انفق من المصروفات إلا في حالات محدودة منها حالة إنقاذ سفينة من الغرق وحالة الدائن المرتهن فيما يتحمله من النفقة لحفظ العين المرهونة.
والمبدأ في الفقه الإسلامي محل خلاف : فرأي يذهب إلى أن الإثراء بلا سبب ليس مصدراً عاماً للإلتزام في الفقه الإسلامي إلا في حالات قليلة ورأي يذهب إلى وجود أو إمكان وجود نظرية عامة للإثراء بلا سبب في الشريعة الإسلامية.
يراجع السنهوري، مصادر الحق 1 : 55 95 والهامش 1 ص 42 منه أيضاً والوسيط الطبعة الثانية : ص 1252 1253 ، وخصوصاً الهامش 2 ص 1253 .
وقد رأى المشرع عدم الحسم في المبدأ على نطاقه المقرر في القانون وترك الأمر في هذه المرحلة لإجتهاد الفقه والقضاء مع إيراد الأحكام المسلمة في الفقه الإسلامي.
ولعل في تطبيق فكرة الإضرار الذي يقوم عليه الضمان في الفعل الضار في الفقه الإسلامي ما يسدها في القانون المصري والمسئولية التقصيرية فيه تقوم على الخطأ : أحكام نظرية عدم جواز " الإثراء على حساب الغير " ومن شروطها حصول " إفتقار " وهو لا شك ضرر.
ويتناول المشرع مبدأ أخذ مال الغير بلا سبب في المادتين 318 ، 319 وقبض غير المستحق في المواد من 320 إلى 324 والفضالة في المواد من 325 إلى 332 وقضاء دين الغير في المواد من 333 إلى 335 والتقادم في المادة 336 .

المادة 318
لا يسوغ لأحد أن يأخذ مال غيره بلا سبب شرعي فان أخذه فعليه رده.
المذكرة الإيضاحية :
القاعدة التي تقررها هذه المادة تستند إلى الحديث الشريف لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جاداً ولا لاعباً والحديث الأخر " على اليد ما أخذت حتى تؤديه " الشوكاني نيل الأوطار 6 : 40 و 62 .
وهذه القاعدة تضع أساس قاعدة الإثراء بلا سبب، ذلك أن الأصل أن مال الشخص لا ينتقل إلى شخص آخر إلا في حالتين أثنين : اتفاق الشخصين على ذلك، أو كان القانون هو الذي قضى بإنتقال المال . فإذا انتقل المال في غير هاتين الحالتين وجبت إعادته إلى صاحبه وهذه هي قاعدة الإثراء بلا سبب.
وهذه القاعدة أصلية مستقلة قائمة بذاتها متفرعة عن غيرها فهي مصدر مستقل من مصادر الإلتزام، وهي تتصل إتصالاً مباشراً بقواعد العدالة.
السنهوري، الوسيط، الطبعة الثانية ص 1266 1268 . ويشترط لتطبيق هذه القاعدة أن يأخذ شخص مال غيره وألا يكون لذلك سبب شرعي لأنه بالأسباب الشرعية كالبيع والهبة والميراث يحق أخذ مال الغير، والحكم الواجب في هذه الحالة هو أن على الآخذ رد ما أخذ، فإذا لم يمكن الرد بأن هلك أو استهلك فتتطبق القواعد العامة، ويراجع فيما سبق ما ذكر في النظرة العامة في أول هذا الفصل .
كما تراجع المواد 97 و 890 و 891 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهذه المادة تقابل المواد 293 أردني و 180 مصري و 181 سوري و 243 عراقي .

المادة 319
1. من كسب مالا من غيره بدون تصريف مكسب وجب عليه رده إن كان قائما ومثله أو قيمته إن لم يكن قائما وذلك ما لم يقض القانون بغيره.
2. واذا خرج ملك شخص من يده بلا قصد واتصل قضاء وقدراً بملك غيره اتصالا لا يقبل الفصل دون ضرر على أحد المالكين تبع الأقل في القيمة الأكثر بعد دفع قيمته فإذا تساويا في القيمة يباعا عليهما ويقتسمان الثمن إلا إذا كان هناك اتفاق أو نص في القانون يقضي بغير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حالة ما إذا تملك شخص مالاً لآخر دون صدور تصرف يكسبه هذا الملك، سواء أكان هذا التصرف منهما معاً أو منه أو من الغير بمقابل أو تبرعاً كحالة الإلتصاق مثلاً .
وقد رؤي من باب الإحتياط استثناء حالة ما إذا قضى القانون بغير ذلك وظاهر أن الكسب بالميراث لا يدخل في نطاق هذه المادة.
ويدخل في هذا الحكم ما نص عليه في المواد 240 و 241 و 242 من القانون المدني العراقي ونصها :
م 240 " 1 إذا استعمل شخص مالاً بلا أذن أصاحبه لزمه أداء منافعه سواء كان المال معداً للإستغلال أو غير معد له وذلك دون إخلال بأحكام المادة 156 .
2 فمن سكن دار غيره من دون عقد لزمه أجر المثل، ولو انقضت مدة الإجازة في الأرض المزروعة قبل إدراك الزرع فللمستأجر أن يبقي الزرع في الأرض على إدراكه ويعطي أجرة المثل".
م 241 " إذا أستخدم أحد صغيراً دون أذن وليه استحق الصغير أجر مثل خدمته ".
م 242 " 1 لو خرج ملك شخص من يده بلا قصد واتصل قضاء وقدراً بملك غيره اتصالاً لا يقبل الفصل دون ضرر على أحد المالكين تبع الأقل في القيمة الأكثر بعد دفع قيمته.
2 فلو سقط من شخص لؤلؤة التقطتها دجاجة فصاحب اللؤلؤة يأخذ الدجاجة ويعطي قيمتها " تراجع المواد 27 29 و 52 و 902 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهذه المادة تقابل المادتين 294 أردني و 1125 عراقي.

الفرع الثاني
قبض غير المستحق

المادة 320
من أدى شيئا ظانا انه واجب عليه ثم تبين عدم وجوبه فله استرداده ممن قبضه إن كان قائما ومثله أو قيمته إن لم يكن قائماً.
المذكرة الإيضاحية :
يقرر الفقهاء المسلمون قاعدة عامة أنه " لا عبرة بالظن البيّن خطؤه " " ولا عبرة للتوهم " م 73 و 74 من المجلة، ويجعلون من تطبيقات هذه القاعدة أنه لو ظن أن عليه ديناً فبان خلافه يرجع بما أدى ابن نجيم، الأشباه والنظائر 1 : 193 وقالوا شرحاً لذلك أنه مما يصلح أن يكون من فروع هذه القاعدة :
1. قاض أو غيره دفع إليه سحت لإصلاح المهمة، فأصلح ثم ندم، يرد ما دفع إليه وكذلك إذا ابرأه من الدين ليصلح مهمة عند السلطان لا يبرأ وهو رشوة والمتعاشقان يدفع كل واحد منهما لصاحبه أشياء فهي رشوة لا يثبت الملك فيها، وللدافع استردادها لأن الرشوة لا تملك.
2. " وفي الخلاصة : ان الصغيرة التي لا نفقة لها إذا طلب من القاضي وظن أن ذلك عليه ففرض الزوج لها النفقة لا يجب، والفرض باطل، وفي شرح الوهبانية لابن الشحنة : من دفع شيئاً ليس واجباً عليه فله استرداده إلا إذا دفعه على وجه الهبة واستهلكه القابض".
3. وفي الخانية : رجل قال لرجل : لي عليك ألف درهم فقال المدعي إن حلفت أنها لك على أديتها إليك فحلف فأداها إليه هل له أن يستردها بعد ذلك ؟ ذكر في المنتفى أنه إن دفعها إليه على شرط والذي شرط كان له أن يستردها منه .
فكل من أدى شيئاً على ظن أنه دين عليه ثم بان خلافه فإنه يرجع على من قبضه بما أدى إن كان قائماً وبمثله أو قيمته إن كان تالفاً .
وبهذا يتبين أن دفع غير المستحق في الفقه الإسلامي مصدر للإلتزام في أوسع الحدود . البغدادي، مجمع الضمانات، ص 458 459 ابن نجيم الأشباه والنظائر 1 : 193 194 والسنهوري، مصادر الحق، 1 / 56 وعلى الخفيف الضمان في الفقه الإسلامي 1 : 172 .
وقد صيغ هذا الحكم في مرشد الحيران في المادة 207 .
وقد رأى المشرع الأخذ بالحكم في الفقه الإسلامي وهو وجوب رد القابض ما أخذه بدون حق على ظاهرة أي بدون تفرقة بين حسن النية وسوئها ولا بين كامل الأهلية وناقصها .
وقد نص في القانونين المصري والعراقي على أحكام تفصيلية أخرى قد ترك الحكم في ذلك للقواعد العامة في الفقه الإسلامي.
تراجع مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج/ 2 ص 457 459 ، 461 462 .
وهذه المادة تقابل المواد 296 أردني و 181 مصري و 182 سوري و 233 عراقي .

المادة 321
يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذا لدين لم يتحقق سببه أو لدين زال سببه بعد أن تحقق.
المذكرة الإيضاحية :
الوفاء بدين تصرف قانوني فيجب ان تجتمع له الشروط الواجب توافرها في سائر التصرفات القانونية فيشترط أن يكون بوجه خاص خلوا مما يعيب الرضا وأن يصدر ممن تتوافر لديه أهلية الوفاء، فإذا شاب الرضا عيب من عيوب الرضا أو تخلف شرط الأهلية فإن من تسلم من أوفى به أو أدى على هذا الوجه، ملزم بالرد وفقاً للقواعد العامة . وعلى ذلك فيقتضي العمل أن يكون من واجب من يدعي أداء ما لم يكن مستحقاً أن يقيم الدليل على أمرين:
أولهما : قيامه بوفاء تلحق به صفة التصرف القانوني ويخضع بذلك للقواعد العامة في إثبات العلاقة القانونية وعلى وجه الخصوص ما تعلق منها بنصاب الإثبات بالكتابة أو البيّنة. وقد قصد المشرع من عموم العبارات التي أستعملت في صياغة القاعدة الخاصة بدفع غير المستحق إلى مواجهة كل الحالات التي تشملها دون أن يخص صورة من صور الوفاء أو ضرباً من ضروب مما يحصل الوفاء به.
أما الأمر الثاني : فقيامه بالوفاء لما لم يكن مستحقاً في ذمته ويتيسر له ذلك :
1. إذا أثبت عدم تحقيق سبب الدين الذي أداه إطلاقاً : كما إذا كان الوارث قد أوفى بدين لم يكن مورثه ملتزماً به، أو كما إذا قام أحد المتعاقدين في عقد باطل بالوفاء بإلتزامه، أو كما إذا قام شخص بالوفاء بتعويض عن حادث اعتقد خطأ أنه يسأل عنه .
2. أو إذا أثبت أن سبب الدين لم يتحقق، كما إذا أدى مدين ديناً بموجب عقد موقوف أو معلق بشرط لم يتحقق أنظر التقنين اللبناني المادة 145 1 والمادة 1434 من التقنين النمساوي والمادة 964 2 من التقنين البرازيلي والمادة 268 مدني مصري.
3. أو إذا أثبت أن سبب الدين قد زال بعد تحققه، كماإذا نفذ أحد العاقدين التزامه في عقد أبطل أو فسخ بعد ذلك.
4. فإذا أقام المدعي هذا الدليل فيفرض أنه قد أوفى خطأ وأن من حقه أن يسترد ما دفع وقد نص التقنين الأسباني على ذلك صراحة فقرر في المادة 190 أنه يفرض الخطأ في الوفاء إذا سلم ما لم يستحق أصلاً أو ما سبق أداؤه .
ويضيف النص إلى ذلك " ولكن يجوز لمن يطلب إليه الرد أن يقيم الدليل على أن التسليم كانن على سبيل التبرع، أو لأي سبب مشروع ". والواقع أن من تسلم ما يدعي بعدم استحقاقه له، لا يكون عليه إلا اسقاط قرينة الخطأ في الوفاء فإذا أثبت أن الوفاء بما لم يكن مستحقاً قد تم عن بينة من الموفي، فيفرض أنه أوفى على سبيل التبرع، إلا أن يكون غير كامل الأهلية، أو أن يقوم الدليل على أنه أدى ما أداه تحت سلطان الإكراه، كما إذا كان قد فقد المخالصة واكره بذلك على الوفاء مرة أخرى ويقصد بالدين هنا الدين بمعناه العام وهو ما يعبر عنه القانون بكلمة الإلتزم سواء كان إلتزاماً بنقل ملكية شيء أو بعمل شيء أو الإمتناع عن عمل ما.
تراجع المادة 72 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهذه المادة تقابل المواد 297 أردني و 182 مصري و 183 سوري و 135 عراقي .

المادة 322
يصح استرداد ما دفع وفاء لدين لم يحل اجله وكان الموفي جاهلا قيام الأجل.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل فيمن يقوم بالوفاء بدين قبل حلول أجله أنه يدفع ما ليس مستحقا عليه من وجه، فإذا تم الدفع من جراء غلطة، أو من جراء ظروف لها حكم الغلط فلمن دفع أن يسترد ما أداه على أن يقوم بالوفاء عند حلول الأجل وقد آثر المشرع الأخذ بهذا الرأي لسلامة منطقه مقتفياً في ذلك أثر القانون المصري والسوري الذي أقتفى بدوره أثر المشرع الفرنسي الإيطالي، ولو أن بعض تقنيات أخرى أعرضت عنه .
وقد تضمن القانون المدني المصري والسوري والعراقي فقرة ثانية في المقابلة لهذه المادة نصها:"على أنه يجوز للدائن أن يقتصر على رد ما أستفاده بسبب الوفاء المعجل في حدود ما لحق المدين من ضرر، فإذا كان الإلتزام الذي لم يحل أجله نقوداً التزم الدائن أن يرد للمدين فائدتها بسعرها القانوني أو الإتفاقي عن المدة الباقية لحلول الأجل" .
فبهذا النص يجوز للدائن أن يختار بين مقتضى الإلتزام بالرد المنصوص عليه في الفقرة الأولى من الإجتزاء برد ما يثري به من جراء التعجيل بالوفاء دون أن يجاوز ذلك قدر ما لحق المدين من ضرر فيحق مثلاً لمقاول اعتقد خطأ أنه ملزم بتسليم بناء قبل الموعد المقرر بستة أشهر وتحمل بسبب ذلك نفقات إضافية، أن يطالب الدائن إذا لم يشأ أن يرد البناء الذي تسلمه إلى أن يحل الأجل، بأقل قيمتين: قيمة النفقات التي تقدمت الإشارة إليه، وقيمة إيراد البناء في خلال الشهور الستة فإذا كان الدين الذي عجل الوفاء به، مبلغاً من النقود ولم يرد الدائن أن يرده إلى المدين على أن يؤدي إليه عند حلول الأجل، كان للمدين أن يطالب بما يغل الدين من فائدة بحسب السعر المتفق عليه، أو بحسب السعر المقرر في القانون إذا لم يكن ثمة اتفاق في هذا الشأن.
وقد رؤي عدم إيراد هذا الحكم في المشروع تجنباً للربا أو مخافة منه.
ويلاحظ في الأعمال التحضرية للقانون المدني المصري أقتراح رئيس لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ حذف هذه المادة لما تحدثه من اضطراب في المعاملات ولكن اغلبية اللجنة لم توافق.
تراجع مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري، المادة 183 من القانون ج 2، ص 451 452 .
و تراجع أيضاً المادة 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 298 أردني و 184 سوري و 235 عراقي .

المادة 323
إذا حصل الوفاء من غير المدين وترتب عليه إن الدائن وهو حسن النية قد تجرد من سند الدين أو مما حصل عليه من التأمينات أو ترك دعواه قبل المدين الحقيقي المدة المحددة لسماعها فلا يجب عليه رد ما قبض ولمن أوفى أن يرجع على المدين الحقيقي بالدين وبالتضمين إن كان له محل.
المذكرة الإيضاحية :
إذا قام غير المدين بوفاء الدين معتقداً أنه ملزم بأدائه فمن حقه أن يسترد ما أدى، وفقاً للقواعد الخاصة بدفع ما لا يستحق، سواء أكان الدائن حسن النية أم سيئها، ومع ذلك فقد رؤي إختصاص الدائن بقسط من الرعاية فأسقط عنه الإلتزام بالرد إذا ترتب على التزامه برد ما قبضه الحاق ضرر بحقه .
أما من ناحية الواقع بسبب تجرده من سند الدين، أو من التأمينات المخصصة للوفاء به، وأما من ناحية القانون بسبب سكوته عن مطالبة المدين الحقيقي وتقادم دعواه قبله تفريعاً على ذلك فالحق أو الموازنة بين الغير الذي أدى ديناً لم يكن ملزماً بأدائه، وبين الدائن حسن النية وقد تجرد من سند دينه معتقداً صحة الوفاء، تنتهي دون إلى أن الأخير أولى بالرعاية من الأول، ومؤدى هذه الرعاية ألا يلتزم برد ما قبض .
على أن هذه الحماية للدائن لا تحرم من أوفى بالدين من الرجوع على المدين الحقيقي بما أداه بل وأيضاً بالتعويض ان كان له محل.
وهذه المادة تقابل المواد 299 أردني و 184 مصري و 185 سوري.

المادة 324
من قبض شيئا بغير حق وجب عليه رده على صاحبه مع ما جناه من مكاسب أو منافع وللقاضي أن يعوض صاحب الحق لقاء ما قصر القابض في جنيه.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل في القوانين المدنية أن يلتزم من يتسلم غير المتسحق برد ما يؤدى إليه دون حاجة إلى التفرقة بين ما إذا كان من تسلم حسن النية أو سيئها وما إذا كان ما سلم من القيميات أو المثليات، أما فيما يتعلق بثمرات الشيء الذي سلم فثمة محل للتفرقة بين ما قبل بحسن النية وما قبض بسوء نية فلا يلزم الأول بالثمرات أو الفوائد إلا من وقت رفع الدعوى، لأنه يمتلك الثمرات ما دام حسن النية وفقاً للقواعد العامة أما سيء النية فيلزم على نقيض ذلك برد الفوائد والأرباح التي حصل عليها أو كان بوسعه أن يحصل عليها من الشيء من وقت القبض أو من الوقت الذي أصبح فيه سيء النية، وهذا أيضاً تطبيق للقواعد العامة لأن الحائز سيء النية يكون له حق في الثمرات، ويراعى في الحالة الأخيرة أنه إذا كان الشيء المقبوض مبلغاً من النقود فيلتزم من قبضه برد الفوائد محتسبة على أساس السعر المقرر في القانون حتى قبل رفع الدعوى هذه الحالة من حالات الإستثناء النادرة التي ترد على قاعدة عدم استحقاق الفوائد القانونية إلا من تاريخ رفع الدعوى.
والظاهر أن الفقه الإسلامي لا يفرق بين حسن النية وسوءها لذا رؤي عدم إيراد هذه التفرقة وإلزام من قبض شيئاً بغير حق رد ما أخذه وبأن يرد أيضاً ما يكون قد جناه من مكاسب أو منافع بإعتبار ما أخذ به المشرع من أن المنافع أموال تضمن، وترك للقاضي أن يعوض صاحب الحق لقاء ما قصر القابض في جنيه.
تراجع أيضاً المادة 22 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 300 أردني و 185 مصري و 186 سوري.

الفرع الثالث
الفضالة
نظرة عامة :
يتناول المشرع فيما يلي مسألة الفضالة .
وقد عرفها القانون المصري في المادة 188 منه وتقابلها المادة 189 من القانون السوري بما يلي : "الفضالة على أن يتولى شخص عن قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص آخر دون أن يكون ملزماً بذلك" .
وقد جعلها القانون المدني المصري والسوري تطبيقاً خاصاً هي ودفع غير المستحق من تطبيقات مبدأ الإثراء على حساب الغير بوصفه مصدراً عاماً من مصادر الإلتزام، شأنه في ذلك شأن العقد الضار والفعل الضار خلاصة القواعد الخاصة بما أن من يقوم بشأن عاجل لحساب شخص آخر قاصداً مصلحة هذا الشخص دون أن يكون ملتزماً بالقيام بهذا الشأن ولا موكلاً فيه ولا منهياً عنه يلتزم بما يأتي:
1. أن يمضي في العمل الذي بدأه إلى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه.
2. ان يخطر رب العمل بتدخله متى أستطاع ذلك .
3. أن يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص العادي.
4. أن يقدم لرب العمل حساباً عما قام به وأن يرد إليه ما أستولى عليه بسبب الفضالة.
كما يلتزم رب العمل بما يأتي :
1. تنفيذ التعهدات التي عقدها الفضولي بالنيابة عنه .
2. تعويض الفضولي عن التعهدات التي عقدها هذا بإسمه شخصياً .
3. رد النفقات الضرورية والنافعة ودفع الأجرة.
4. تعويض الفضولي عن الضرر الذي لحقه.
المواد 188 وما بعدها من القانون المدني المصري، يراجع السنهوري، الوسيط الطبعة الثانية ص 1384 وما بعدها.
وقد أقر الفقه الإسلامي الفضالة مصدراً للإلتزام بشروط، والظاهر فيه أن الأصل أن الفضولي متبرع صدوراً عن الأخوة الإسلامية التي تدعو إلى البر والمعروف، إلا أنه حيث لا توجد نية التبرع فإن الفضالة تصبح مصدراً للإلتزام وهي تصير كذلك إذا أذن القاضي بالقيام بشأن الغير، أو قضت به ضرورة أو عرف وعندئذ تقوم روابط قانونية بين الفضولي ورب العمل تنظمها قواعد على ما سيأتي :
وتتناول المواد التالية شروط الفضالة وحكمها عند إقرارها والتزامات الفضولي والتزامات رب العمل والحكم عند موت الفضولي أو رب العمل .

المادة 325
من قام بفعل غير نافع للغير دون أمره ولكن أذن به القاضي أو أوجبته ضرورة أو قضى به عرف فانه يعتبر نائبا عنه وتسري عليه الأحكام التالية.
المذكرة الإيضاحية:
تتناول هذه المادة الشروط التي يجب توافرها في الفضولي كي يكون له حق الرجوع وتكييف مركز الفضولي .
فتعرف الفضالة بأنها القيام بشأن نافع للغير بدون أمره وبعبارة أعم بدون إذن شرعي بأن لم يكن وكيلاً ولا وصياً ولا ولياً ولا قيماً على صاحب الشأن فيشترط حتى تكون هناك فضالة تخول الرجوع على صاحب الشأن، أن يقوم شخص عنه بلا إذن شرعي بعمل نافع له فإن كان هناك اذن شرعي، أو كان العمل غير نافع فلا توجد الفضالة بالمعنى المقصود هنا .
ويشترط لانطباق الأحكام المنصوص عليها فيما بعد، ومنها رجوع الفضولي على رب العمل بما أنفق، الحصول قبل القيام بالعمل على إذن القاضي أو أن توجب القيام به ضرورة أو يقضي به عرف، وكل ذلك يعني وجود حالة الاستعجال والاضطرار وهو ما يخول للفضولي تولي شأن غيره مع الرجوع عليه لانتفاء نية التبرع، وبهذا المعنى يكون هناك توافق في هذا الصدد بين هذه المادة والقانون المدني المصري بنصه على أن الفضالة هي أن يتولى شخص عن قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص آخر، دون أن يكون ملزماً بذلك م 188 189 .
وقد بت المشرع في صفة الفضولي عندئذ فأصبح عليه عند توافر الشروط المتقدمة صفة النائب ويترتب على ذلك تطبيق قواعد النيابة، وإن لم يكن هناك نص خاص مخالف.
والنص الوارد في المشروع يتفق مع الحكم في الفقه الحنفي ذلك أن الضرورة قد تستوجب الولاية دفعاً للضرر ويقرها الشارع بناء على ذلك كما أن الولاية في تصرف ما قد يفرضها العرف برضا صاحب الشأن عنه، بحيث لو رجع إليه فيه قبل مباشرته لارتضاه وأذن به ومن أمثلة ذلك:
1. طاحونة بين شريكين أنفق احدهما على مرمتها بغير إذن شريكه لا يكون متبرعاً لأنه لم يتوصل إلى الانتفاع بنصيبه إلا بذلك أي للضرورة.
يراجع مجمع الضمانات ص 286 والخانية 3 : 111 وابن عابدين 2 : 388 وطبعة الحلبي والجامع الفصولين 2 / 59 ، و على الخفيف، الضمان 1 : 27 30 .
2. إذا رهن الأب مال الصبي بدين نفسه أدرك الولد والرهن قائم عند المرتهن فلو قضى الولد دين أبيه وافتك الرهن لم يكن متبرعاً ويرجع بجميع ما قضى على أبيه لأنه مضطر إلى قضاء الدين إذ لا يمكن الوصول إلى ملكه إلا بقضاء الدين كله فكان مضطرا فيه فلم يكن مأموراً بالقضاء من قبل الأب دلالة فكان له أن يرجع عليه بما قضى الكاساني 6 : 135 136 .
3. إذا احتاج الملك المشترك إلى التعمير وأحد الشريكين غائب وأراد الآخر التعمير فإنه يستأذن الحاكم ويصير إذن الحاكم قائماً مقام إذن الغائب صاحب الحصة، يعني أن تعمير صاحب الحصة الحاضر الملك المشترك بأذن الحاكم هو في حكم أخذه إذنه من شريكه الغائب فيرجع عليه بحصته من الصرف مادة 1310 من المجلة.
أما إذا لم يأذن القاضي ولا الشريك فيكون متبرعاً .
تراجع المواد 112 و 378 و 1310 و 1315 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 67 و 765 و 378 و 772 من مرشد الحيران.
4. من وجد الضالة وأنفق عليها بأمر القاضي يكون ديناً على مالكها وإذا انفق بغير اذن القاضي يكون متبرعاً الكاساني 6 : 203 . مجمع الضمانات ص 448 450 وعلى الخفيف، الضمان 1 : 27 30 ، 232 ، 233 ، والسنهوري مصادر الحق 1 : الهامش 1 ص 43 وص 57 59 .
وهذه المادة تقابل المواد 301 أردني و 188 مصري و 189 سوري و 238 عراقي.

المادة 326
تسري قواعد الوكالة إذا اقر رب العمل ما قام به الفضولي.
المذكرة الإيضاحية:
تراجع مذكرة المادة السابقة .
وهذه المادة تقابل المواد 302 أردني و 190 مصري و 191 سوري.

المادة 327
يجب على الفضولي أن يمضي في العمل الذي بدأه الى أن يتمكن رب العمل من مباشرته بنفسه كما يجب عليه أن يخطر رب العمل بتدخله متى استطاع ذلك.
المذكرة الإيضاحية:
يعتبر القانون مصدراً مباشراً لالتزامات الفضولي ولو أنها تنشأ بمناسبة عمل إرادي، ويلزم هذا النص الفضولي بالمضي في العمل الذي بدأه إلى أن يمكن رب العمل من مباشرته بنفسه .
ولما كان لرب العمل أن يكف الفضولي عن التدخل فيما تصدى له وجب على الفضولي أن يخطره بتدخله في أول فرضه تتاح له، ومتى تيسر لرب العمل أن يباشره بنفسه كان من حقه وواجبه أن يقوم بذلك.
وهذه المادة تقابل المواد 303 أردني و 191 مصري و 192 سوري.

المادة 328
الفضولي مسئول عما يلحق رب العمل من أضرار وللقاضي تحديد الضمان إذا كانت الظروف تبرر ذلك.
المذكرة الإيضاحية:
يلاحظ أن الفضولي يلزم ما بقي قائماً بالعمل، بعدم الإضرار برب العمل وكل إضرار يقع منه لرب العمل يستتبع مساءلته، ومع ذلك فينبغي التسامح في تقدير هذه المسئولية إذ الفرض أن الفضولي قام بما تصدى له من شئون رب العمل بأذن القاضي أو إيجاب الضرورة أو العرف لضرر لدفع يتهدد هذا الغير برأيه.
وهذا النص يختلف عن نص المادة 192 1 مصري " يجب على الفضولي أن يبذل في القيام بالعمل عناية الشخص العادي ويكون مسئولاً عن خطئه ومع ذلك يجوز للقاضي أن ينقص التعويض المترتب على هذا الخطأ إذا كانت الظروف تبرر ذلك.
والاختلاف بين هذا النص في المشروع ونص القانون المصري والسوري اختلاف في أساس المسئولية عن الفعل الضار.
وقد نص في الفقرة الثالثة من المادة 192 مصري على أنه " إذا تعدد الفضوليون في القيام بعمل واحد كانوا متضامنين في المسئولية " ولم ير الأخذ بذلك نزولاً على حكم الشريعة الإسلامية التي تأبى أن يسأل شخص عن فعل آخر وهو ما سار عليه القانون في الفعل الضار.
وهذه المادة تقابل المادة 304 أردني.

المادة 329
إذا عهد الفضولي الى غيره بكل العمل أو ببعضه كان مسئولاً عن تصرفات نائبه دون إخلال بما لرب العمل من الرجوع مباشرة على هذا النائب.
المذكرة الإيضاحية:
قد يعهد الفضولي إلى غيره بكل العمل أو ببعضه فرؤي النص على :
1. مسئولية الفضولي عمن عهد إليه بذلك باعتبار أن عمل الآخر مضاف إليه.
2. مسئولية من عهد إليه الفضولي بالعمل قبل رب العمل مباشرة وقد أخذ هذا الحكم عن القانون المصري والسوري لفائدته واتساقه مع الأحكام المتقدمة.
وهذه المادة تقابل المواد 305 أردني و 192 مصري و 193 سوري.

المادة 330
يلزم الفضولي بما يلتزم به الوكيل من رد ما استولى عليه بسبب الفضالة وتقديم حساب عما قام به.
المذكرة الإيضاحية:
يقوم هذا الحكم على أساس ما تقدم من أن الفضولي نائب عن رب العمل فهو كالوكيل يجب عليه أن يرد لرب العمل ما أستولى عليه بسبب الفضالة وأن يقدم حساباً عما قام به .
وهذه المادة تقابل المواد 306 أردني و 193 مصري و 194 سوري.

المادة 331
على رب العمل أن ينفذ التعهدات التي عقدها الفضولي لحسابه وان يعوضه عن التعهدات التي التزم بها وان يرد له النفقات الضرورية والنافعة التي سوغتها الظروف وان يعوضه عن الضرر الذي لحقه بسبب قيامه بالعمل ولا يستحق الفضولي أجراً عن عمله إلا أن يكون من أعمال مهنته.
المذكرة الإيضاحية:
تقدم في المادة 325 أن الفضولي في الحالات المنصوص عليها في تلك المادة يصبح نائباً عن رب العمل فيما ندب نفسه إليه من شئون رب العمل فإذا قام الفضولي بما يجب عليه من رعاية حسن الإرادة بحيث لا يضر رب العمل، كان له على رب العمل أمور ثلاثة :
أولها : إلزام رب العمل بالوفاء بما تعهد به الفضولي، وينبغي التفرقة في هذا الصدد بين فرضين :
1. فإذا كانت هذه التعهدات قد تولى عقدها الفضولي باسم رب العمل بأن أضاف العقد إليه، التزم هذا بها مباشرة بمقتضى النيابة القانونية التي تنشأ من الفضالة وبهذا يصبح رأساً دائناً ومديناً لمن تعاقد معه الفضولي.
2. أما إذا تعاقد الفضولي باسمه شخصياً بأن أضاف العقد إلى نفسه لا إلى رب العمل فلا يصبح هذا دائناً أو مديناً لمن تعاقد معه الفضولي من الأغيار، إنما ترجع حقوق العقد والتزاماته إلى الفضولي ولكن رب العمل يلزم بتعويضه عن جميع ما فقد من التعهدات على هذا الوجه، وفقاً لقواعد الكسب بلا سبب.
ثانيهما : التزام رب العمل بأن يؤدي إلى الفضولي جميع ما اقتضت الظروف من نفقات ضرورية أو نافعة على أنه يجوز إنزال النفقات المفرطة ولو كانت نافعة إلى الحد المعقول، ويكون للفضولي في هذه الحالة، أن ينتزع ما جاوز الحد على أن يعيد الشيء إلى حالة التي كان عليها من قبل المادة 1038 من التقنين النمساوي والمادة 422 من تقنين الالتزامات السويسري والأصل أن الفضولي لا يستحق أجر عن عمله، إذ يفرض عليه أن يتبرع بخدمة يؤديها لرب العمل إلا أن هذه القرينة تسقط متى كان ما قام الفضولي به من قبيل وجوه الإنفاق الحقيقة بالنسبة له ويتحقق ذلك إذا كان العمل الذي أداه يدخل في نطاق أعمال مهنته، كما هو الشأن في طبيب يقوم بعلاج مريض أو مهندس يتولى ترميم عين من الأعيان، فعندئذ يصبح من حقه أن يؤجر على هذا العمل.
ثالثهما : إلتزام رب العمل بتعويض الفضولي تعويضاً عادلاً عما يلحقه من ضرر بسبب قيامه بالعمل، ويتحقق معنى العدالة في التعويض متى كان متناسباً مع ما لم يستطيع الفضولي اتقاءه من ضرر مع بذل المألوف من أسباب العناية.
وهذه المادة تقابل المواد 307 أردني و 195 مصري و 196 سوري.

المادة 332
1. إذا مات الفضولي التزم ورثته بما يلتزم به ورثة الوكيل عند انتهاء الوكالة بموت الوكيل.
2. وإذا مات رب العمل بقي الفضولي ملتزماً نحو الورثة بما كان ملتزما به نحو مورثهم.
المذكرة الإيضاحية:
إذا مات رب العمل يظل الفضولي مرتبطاً بالتزاماته هذه قبل الورثة إذ يؤول إليهم ما كان لمورثهم من حقوق في هذا الصدد عن طريق الميراث.
وإذا مات الفضولي تنقضي التزاماته ولا تنتقل إلى ورثته، ومع ذلك فيلزم هؤلاء الورثة التزاماً شخصياً مباشراً بما يلتزم به ورثة الوكيل.
وهذه المادة تقابل المواد 308 أردني و 194 مصري و 195 سوري.

الفرع الرابع
قضاء دين الغير

المادة 333
من أوفى دين غيره بأمره كان له الرجوع على الآمر بما أداه عنه وقام مقام الدائن الأصلي في مطالبته به سواء اشترط الرجوع عليه أم لم يشترط.
المذكرة الإيضاحية :
هذا الحكم يردد الحكم المنصوص عليه في المواد 198 وما بعدها من مرشد الحيران ومن المادة 236 من القانون المدني العراقي .
فقد نص في مرشد الحيران على ما يأتي :
- من قام عن غيره بواجب من الواجبات الدنيوية كما إذا قضى دينه بأمره أو أنفق من مال نفسه على عيال غيره ومن تلزمه نفقتهم بأمره، رجع على الأمر بما أداه عنه وقام الدائن الأصلي به، سواء أشترط الرجوع عليه أو لم يشترطه.
- من قضى مغارم غيره بأمره أو أدى عنه فوائد أو رسوم مطلوبة منه بأمره أو كفل عنه لغريمه دينه بأمره ودفعه إليه فله الرجوع بما دفعه على الأمر ولو لم يشترط الرجوع عليه.
- إذا أمر أحد غيره بشراء شيء له أو ببناء داره من مال نفسه، ففعل المأمور ذلك فله الرجوع على الآمر بثمن ما أشتراه له وبما صرفه على العمارة بأمره ولو لم يشترط الرجوع عليه.
- إذا أمر أحد غيره بأن يدفع عنه مبلغاً معلوما إلى شخص معين : فإن كان المأمور بالدفع صيرفياً أو شريكاً للآمر أو خليطاً له بأن كان بينهما أخذ وعطاء أو مواضعه على أنه متى جاء رسوله أو وكيله ببيع له أو يقرضه ما يطلبه أو كان المأمور في عيال الأمر أو الأمر في عيار المأمور وولده أو والده أو زوجته أو ابن أخيه الذي في عياله أو خادمه ودفع ما أمر به، فله الرجوع بما دفعه على الأمر سواء صرح في الأمر بأن يدفع قضاء عنه أو على أن ما يدفعه يكون ديناً له عليه أو يكون ضامناً له أو لم يصرح بشيء من ذلك وسواء اشترط الضامن الرجوع عليه أو لم يشترط.
وإذا لم يكن المأمور بالدفع صيرفياً ولا شريكاً للآمر ولا خليطاً له، ولا هو في عياله ودفع ما أمر به قائماً يرجع على الآمر بما دفعه أن كان قد صرح له في الأمر بأن يدفع عنه أو يقضي عنه أو على أن يكون ما يدفعه ديناً عليه أو صرح بأنه يكون ضامناً له ما يدفعه ويكون له في هذه الصورة حق الرجوع بما دفعه على الآمر ولو يشترط عليه فإن أمره بالدفع أمراً مطلقاً أو لم يصرح في أمره بشيء مما ذكر فلا رجوع للمأمور بشيء مما دفعه على الآمر وإنما يكون له الرجوع على القابض واسترداد ما قبضه إن كان قبضه من غيره أن يكون له حق على الآمر فإن قبضه بحق فلا رجوع للدافع عليه بشيء.
ونص في المادة 236 من القانون المدني العراقي أنه إذا أمر أحد غيره بقضاء دين رجع المأمور على الآمر بما أداه عنه وقام مقام الدائن الأصلي مطالبته به سواء اشترط عليه الرجوع أم لم يشترط.
وقد نص في المادة 202 من مرشد الحيران على ما يأتي : "إذا أمر أحد غيره بقضاء دينه ثم إن الآمر قضى الدين بنفسه لدائنه والمأمور قد دفعه إليه أيضاً فللمأمور أن يرجع بما دفعه على القاب ض لا على الآمر فإن أقام المأمور البينة على أنه أدى الدين بعد الآمر قبل أداء الأمر فله الرجوع بماله ان شاء على القابض وإن شاء على الآمر".
ونص في المادة 237 من القانون المدني العراقي على ما يأتي : " إذا أمر أحد غيره بقضاء دينه ثم ان الآمر قضى الدين بنفسه إلى دائنه والمأمور دفعه إليه أيضاً فللمأمور أن يرجع على القابض وعلى الآمر وللمأمور أن يرجع بما دفعه على الآمر إن كان قد سبقه في قضاء الدين. وإن كان الآمر هو الذي قضى الدين أولاً فللمأمور أن يرجع على القابض أو على الآمر" . فهناك خلاف بين هذين النصين في حالة ما إذا دفع المأمور الدين قبل أداء الأمر ففي مرشد الحيران يرجع المأمور بما دفع على القابض لا على الآمر وفي القانون المدني العراقي يرجع على الآمر .
وقد رأى المشرع ترك هذه الحالة للقواعد العامة :
وهذه المادة تقابل المادة 309 أردني.

المادة 334
من أوفى دين غيره دون أمره فليس له الرجوع بما دفعه على المدين إلا في الحالات المنصوص عليها في المادة 325 ولا الرجوع على الدائن إلا إذا أبرأ المدين من الدين ولو بعد استيفاء دينه من الموفي.

المادة 335
إذا أوفى الراهن دين غيره ليفك ماله المرهون ضماناً لهذا الدين رجع بما أوفى بها على المدين.
المذكرة الإيضاحية :
نص في المادة 205 من مرشد الحيران على أنه : " إذا قضى أحد دين غيره بلا أمره سقط الدين عن المدين، سواء قبل أو لم يقبل ويكون الدافع متبرعاً لا رجوع له على المدين بشيء مما دفعه بلا أمره، ولا رجوع له على رب الدين القابض لاسترداد ما دفعه إليه إنما إذا كان الدائن قد أبرأ المديون بعد استيفاء دينه من المتبرع يكون للمتبرع في هذه الصورة الرجوع على القابض بما دفعه إليه".
ونص في المادة 939 من القانون المدني العراقي على ما يأتي : " إذا دفع أحد دين غيره بلا أمره سقط الدين عن المدين، سواء قبل أو لم يقبل ويعتبر الدافع متبرعاً لا رجوع له على المدين بشيء مما دفعه بلا أمره، إلا إذا تبين من الظروف أن للدافع مصلحة في دفع الدين أو أنه لم يكن عنده نية التبرع ".
وقد رأى المشرع الأخذ بالحكم الوارد من مرشد الحيران مضافاً إليه ما ورد في القانون المدني العراقي من أن الدافع قد يكون له الرجوع على المدين بما دفعه عنه مع صياغة النص على الوجه الذي يتسق مع مواد القانون، ولم ير في هذا المجال إيراد ما أورده القانون المدني العراقي من سقوط الدين عن المدين سواء قبل أو لم يقبل لأن هذا الحكم مجاله الوفاء بالدين والمجال هنا مجال الوفاء عن الغير والكلام محصور فيما إذا كان للموفي أن يرجع بما دفع أو ليس له.
وقد رأى المشرع إيراد الحكم في المادة 238 من القانون المدني العراقي في المادة 335 باعتباره تطبيقاً للحكم الوارد في الفقرة الأولى وللفضالة أيضاً .
وهاتان المادتان تقابلان المادة 310 أردني.

الفرع الخامس
حكم مشترك

المادة 336
لا تسمع الدعوى الناشئة عن الفعل النافع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه الدائن بحقه في الرجوع وفي جميع الأحوال لا تسمع الدعوى بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذي نشأ فيه حق الرجوع.
المذكرة الإيضاحية :
ينشئ المشرع في هذا النص تقادماً قصيراً يمنع من سماع الدعوى مدته ثلاث سنوات ولا يبدأ سريانه إلا من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بحقه في الرجوع أي في المطالبة بالرد أو بالتعويض وقد نص على هذا التقادم القصير إلى جانب التقادم بالمدة الطويلة وهي خمس عشرة سنة وبدأ سريانها من اليوم الذي ينشأ فيه الحق في الرجوع وبعبارة أخرى الالتزام .
وهذا النص يسري على كل الحالات الناشئة عن الفعل النافع فيسري على دعوى استرداد ما أخذ من مال الغير وما دفع بغير حق أو وفاء لدين الغير ودعوى الفضالة.
وهذه المادة تقابل المواد 311 أردني و 180 و 187 و 197 مصري و 188،191 ، 198 سوري و 244 عراقي .

الفصل الخامس
القانون

المادة 337
الحقوق التي تنشأ مباشرة عن القانون وحده تسري عليها النصوص القانونية التي أنشأتها.
المذكرة الإيضاحية :
أوجز المشرع إيجازاً بيناً فيما يتعلق بالإلتزامات التي تصدر عن نص القانون مباشرة وقد حمل على ذلك ما هو ملحوظ في ترتيب هذه الإلتزامات وتنظيمها من أن كل إلتزام منها يتكفل المنشيء له بتعيين مضمونه وتحديد مداه مما يجعل مرجعها جميعاً، أحكام النصوص الخاصة بها .
كل إلتزام، أيا كان مصدره المباشر، يرجع إلى القانون، بإعتباره المصدر الأخير للإلتزمات والحقوق جميعاً ذلك أن كل الالتزامات ما يكون مصدره المباشر تصرف قانوني أو عمل غير مشروع أو إثراء بلا سبب ويرد في مصدره الأخير إلى القانون ومنها على نقيض ذلك ما يكون القانون مصدره المباشر والأخير في آن واحد ويراعى أن القانون يعتبر في هذه الصورة مصدراً وحيداً ويتكفل بإنشاء الالتزام رأساً ويتولى تعيين مداه وتحديد مضمونه وقد ساق التقنين اللبناني في معرض التمثيل للالتزامات التي تصدر عن نص القانون التزامات الجوار، والالتزامات بالإنفاق على بعض الأصهار، وقد تقدم أن التزامات الفضولي، فيما يتعلق بالمضي في العمل والعناية المطلوبة وتقديم الحسابات كلها ينشئها القانون رأساً وينفرد بذلك دون سائر مصادر الالتزام.
وتنشأ الالتزامات المقررة بنص القانون استقلالاً عن إرادة ذوي الشأن، فهي لا تقتضي فيهم أهلية ما المادة 120 من التقنين اللبناني ومع ذلك فقد يتطلب القانون أهلية خاصة بالنسبة لبعض هذه الالتزامات مراعياً في ذلك أنها لا تترتب بمعزل عن الإرادة وقد كان المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري ينص في الفقرة الثانية من المادة المقابلة على أنه "لا تشترط أية أهلية في هذه الالتزامات، ما لم يوجد نص يقضي بخلاف ذلك " ولكن حذف هذا النص في لجنة المراجعة لعدم الحاجة إليه، وقد رأى المشرع عدم إيراد مثل هذا النص لنفس الحكمة وهي عدم الحاجة إليه.
وهذه المادة تقابل المواد 312 أردني و 198 مصري و 199 سوري و 245 عراقي .

الباب الثاني
آثار الحق
الفصل الأول
أحكام عامة
نظرة عامة :
تقدم أن أثر العقد هو حكمه وحقوقه أما حكمه فينفذ من تلقاء نفسه بمجرد انعقاد العقد، وأما حقوقه فتقتضي أن يفي المدين بها مما يتطلب تدخله . فعقد البيع حكمه نقل ملكية المبيع من البائع إلى المشتري وهذا يقع من تلقاء نفسه بمجرد العقد إلا إذا نص القانون على غير ذلك بأن نص مثلاً على أن الملك في العقار لا ينتقل إلا بتسجيل العقد ومن حقوقه دفع الثمن إلى البائع وهذا يقتضي أن يقوم المشتري بذلك وتسليم المبيع إلى المشتري وهذا يتطلب أن يقوم البائع به وحقوق العقد هي بتعبير القانون التزامات، فهذا الباب مقصور على آثار الالتزامات فيخرج منه ما يسمى في الفقه الإسلامي " حكم العقد " لأن هذا ينفذ من تلقاء نفسه كما تقدم.
وعلى هذا لا يرد هنا ما يسمى في القانون " الالتزام بنقل ملكية " لأن نقل الملكية يتم بالعقد نفسه بمجرد نشوئه لأن حكم العقد الوارد على الملكية هو نقل الملكية كما ذكر في المذكرة الإيضاحية في نظرة عامة في أول الفصل الأول الخاص بالتنفيذ العيني.
وليس المقصود بالالتزام هنا ما يلزم به الشخص نفسه التزام التبرعات فقط وإنما الالتزام بمعناه العام بصرف النظر عن مصدره سواء أكان عقداً أم تصرفاً انفرادياً أم فعلاً ضاراً أم فعلاً نافعاً أم نصاً في القانون، وبصرف النظر عن موضوعه سواء أكان مبلغاً من المال أم قياماً بعمل أم امتناعاً عن عمل.
والأثر الجامع للالتزام هو " تنفيذه ".
والتنفيذ قد يكون تنفيذاً عينياً وقد يكون تنفيذاً بطريق التعويض، كما أنه قد يكون اختياراً وقد يكون جبراً.
وجميع أموال المدين ضامنة لالتزاماته وهو ما يسمى بالضمان العام للدائنين وللدائن قبل أن يتخذ الإجراءات التنفيذية أن يتخذ إجراءات تحفظية الغرض منها المحافظة على أموال المدين حتى يتمكن من التنفيذ عليها.
وبين الإجراءات التحفظية والإجراءات التنفيذية مرحلة وسطى يعمد بها الدائن إلى التنفيذ ولا يقتصر على مجرد المحافظة على أموال المدين وهذه الإجراءات التمهيدية هي الدعوى غير المباشرة ودعوى عدم نفاذ التصرف في حق الدائن ودعوى الصورية والحجر على المدين وحبس ماله.
وقد استهل هذا الباب بأحكام تمهيدية أفردت في سياقها نصوص للواجب ديانة وهو ما يقابل في القانون الالتزام الطبيعي ثم عرض بعد ذلك للالتزامات أي الالتزامات المدنية تمييزاً لها في القانون عن الالتزامات الطبيعية فعقد لها ثلاثة فصول تناول في أولها التنفيذ العيني وما يتبعه وخص الثاني بالنصوص المتعلقة بالتنفيذ بمقابل وما يتصل به من أحكام الإعذار وتقدير التعويض، ووقف ثالثها على ما يكفل حقوق الدائنين من وسائل التنفيذ ووسائل الضمان، فيتناول هذا الفصل ثلاث دعاوى : الدعوى غير المباشرة ودعوى عدم نفاذ التصرف، ودعوى الصورية، كما تناول الحجر على المدين وحبس ماله.

المادة 338
يجب وفاء الحق متى استوفى شروط استحقاقه القانونية، فان تخلف المدين وجب تنفيذه جبرا عليه تنفيذا عينيا أو تعويضيا طبقا للنصوص القانونية.

المادة 339
1. يكون التنفيذ اختياريا إذا تم الوفاء أو بما يعادله.
2. ويكون جبريا إذا تم عينا أو بطريق التعويض.

المادة 340
إذا افتقد الحق حماية القانون لأي سبب فلا جبر في تنفيذه ويصبح واجبا ديانة في ذمة المدين

المادة 341
إذا أوفى المدين ما وجب عليه ديانة صح وفاءه ولا يعتبر وفاء لما لا يجب
المذكرة الإيضاحية :
في القانون ما يسمى الالتزام الطبيعي مقابل ما يسمى الالتزام المدني أو الالتزام ويوجد في الفقه الإسلامي " الواجب ديانة " مقابل الواجب قضاء.
وإذا أردنا أن نقابل بين القانون والفقه الإسلامي في هذا الصدد قلنا أن " الالتزام المدني " في القانون يقابله في الفقه الإسلامي " الواجب قضاء" والالتزام الطبيعي " في القانون المدني يقابله في الفقه الإسلامي " الواجب ديانة " مع بعض خلافات بطبيعة الحال بين طرفي المقابلة.
الالتزام الطبيعي في القانون :
تناول القانون المدني المصري الالتزام الطبيعي في أربع مواد من 199 إلى 201 وتقنين الموجبات والعقود اللبناني ام 2 وما بعدها والسوري من 200 إلى 202 والعراقي 246 .
وسمة الالتزام الطبيعي :
1. أنه لا يجب على المدين الوفاء به جبراً عليه .
2. أنه إذا أوفى به المدين اختياراً وهو على بينة من أنه غير ملزم قانوناً بالوفاء به كان قضاء لما يجب عليه فيكون له حكم الوفاء بالالتزام في ذمته وليس تبرعاً فلا يجوز له الرجوع فيه واسترداد ما دفعه .
3. وأنه يصلح سببا للالتزام مدني تراجع نظرية السبب في القانون 136 مصري.
وبالسمة الأولى يختلف الالتزام الطبيعي عن الالتزام المدني الذي يجب الوفاء به قانوناً فإن امتنع أجبر عليه ولا يستطيع أن يسترد ما دفعه وفاء له .
وبالسمتين الثانية والثالثة يختلف الالتزام الطبيعي عن الواجب الأدبي وفيها تنحصر آثار الالتزام الطبيعي إذ لا يترتب عليه أي أثر آخر.
فالالتزام الطبيعي منزلة بين منزلتين فقد سما على مجرد الواجب الأدبي ونزل عن الالتزام المدني.
والالتزام الطبيعي في النظرية التقليدية محصور في التزام مدني عاقه مانع قانوني من أن تترتب أثاره سواء عند نشأة الالتزام كأن كان العقد للإبطال لنقص الأهلية أو بعد نشأة الالتزام وبعد تولد أثره كما في حالة التقادم والصلح مع المفلس حيث ينقضي الالتزام المدني ويتخلف عنه إلتزام طبيعي فقد بذلك عنصر المسئولية وبقى له عنصر المديونية أما في النظرية الحديثة فهو واجب أدبي أرتقى به القانون فأعترف له ببعض الآثار سواء كان واجباً أدبياً منذ بدايته أو نشأ التزاماً مدنياً ثم عاقه مانع قانوني عن أن يولد كل أثاره فهو إما التزام مدني فقد عنصر المسئولية أو واجب أدبي قام به عنصر المديونية دون عنصر المسئولية ومثال الأول الديون التي تسقط بالتقادم أو تنقضي بتصالح المفلس مع دائنيه أو يقضي ببطلانها لعدم توافر الأهلية ومثال الثاني التبرعات التي لا تستوفي فيها شروط الشكل والتزام الشخص بالإنفاق على ذوي القربى ممن لا تلزمه نفقتهم قانوناً والالتزام بإجازة شخص على خدمة أداها.
ويرى رجال القانون أن الالتزام الطبيعي باب آخر، بالإضافة إلى النظام العام والآداب العامة وإلى فكرة التعسف في استعمال الحق، يدخل منه إلى القانون العوامل الاجتماعية والاقتصادية والأدبية.
ومن ثم فالالتزام الطبيعي يقف في الحد الفاصل ما بين الأخلاق والقانون والتسليم بوجوده اعتراف من القانون ببعض الواجبات التي تمليها الأخلاق والآداب.
فلو أن فقيراً أنقذ مثرياً من الغرق التزم المثري نحو الفقير بما يأتي :
أولا : بما تجشمه من خسارة في إنقاذه وذلك بدعوى الفضالة وهذا التزام مدني.
ثانياً : بإجازة الفقير على إنقاذه وهذا التزام طبيعي.
ثالثاً : بالإحسان إلى هذا الفقير من حيث هو فقير وذلك حتى لو لم يكن هو الذي أنقذه وهذا واجب أدبي.
ولما كان القانون قد أقر فكرة الالتزام الطبيعي نزولاً على مقتضيات الأخلاق والآداب فمن الطبيعي أن تقر الشرائع المدنية هذه الفكرة بل وتتوسع فيها وهذا ما كان من القانون إذ وسع في نطاق الالتزامات الطبيعية فجعلها تمتد إلى كل التزام يوجبه الضمير وكادت منطقة الالتزام الطبيعي تكون هي عين منطقة الواجب الأدبي.
وهذا ما نجد أيضاً في الفقه الإسلامي على ما يأتي.
يراجع السنهوري، الوسيط ج 2 البند 385 ص 721 وما بعدها.
الواجب ديانة في الفقه الإسلامي :
وفي الفقه الإسلامي الواجب قد يكون واجباً ديانة لا قضاء وقد يكون واجباً قضاء وديانة، ومثال الواجب ديانة لا قضاء، الدين الذي يجحده المدين ويعجز الدائن عن إثباته أمام القضاء ومثال الواجب قضاء لا ديانة الدين الذي يشهد به شهود كذبه أو يستند إلى وثيقة قائمة في حين أن الدائن كان قد قبض أو أبرأ المدين منه.
ومثال الواجب ديانة و قضاء، الدين الذي يقوم به المدين أو يقر عليه شهود صادقون وما زالت الدعوى به مسموعة:
يراجع رد المحتار في كتاب القضاء 4 : 315 وكتاب الحجر 5/ 95 ، وكتاب الحظر والإباحة 5 / 271 .
فالواجب قضاء في الفقه الإسلامي يقابله في القانون الالتزام المدني والواجب ديانة في الفقه الإسلامي يقابله في القانون الالتزام الطبيعي .
ومن المنطقي أن تقر الشريعة الإسلامية، وهي الشريعة التي تنبني وتحض على البر والإحسان بأوسع معانيهما، فكرة ما أطلق عليه في القانون " الالتزام الطبيعي ".
كما أدرك الفقهاء المسلمون قبل رجال القانون أن للدين عنصرين عنصر المديونية أي قيام أصل الدين وعنصر المطالبة وقد يتوافر العنصران جميعاً للدين في ذمة الشخص وقد يتوافر المطالبة دون عنصر المديونية كالدين المكفول بالنسبة إلى الكفيل وكالدين المحال بالنسبة إلى المحال عليه على رأي من ذهب من الفقهاء إلى أن الكفالة لهم ذمة في المطالبة وان الحوالة نقل المطالبة فحسب.
يراجع عقد الكفالة في كتب الفقه الإسلامي مثل الكاساني البدائع 6/ 2 وما بعدها وهذا التحليل يشبهه ما قال به رجال القانون من أن للدين عنصرين أحدهما المديونية والآخر المسئولية فالالتزام المدني يتوافر فيه العنصران المديونية والمسئولية أما الالتزام الطبيعي فيتوافر فيه المديونية دون المسئولية ذلك أن المدين بالالتزام الطبيعي مدين لا في حكم الضمير فحسب بل أيضاً في حكم القانون فإذا وفى الدين لم يستطع استرداده وهذا هو عنصر المديونية وقد توافر ولكن المدين لا يجبر على الوفاء إذا لم يرد ذلك عن بينة واختيار وهذا هو عنصر المسئولية وقد انفصل عنه وكذا الواجب قضاء، وهو دين ثابت في ذمة المدين ويلزم به جبراً فتوافر فيه عنصراً المديونية والمطالبة وبلغة القانون عنصر المديونية والمسئولية أما الواجب ديانة فقد توافر فيه عنصر واحد وهو عنصر المديونية دون المطالبة وبلغة القانون عنصر المديونية دون عنصر المسئولية .
والواجب ديانة إذا وفى به المدين اختياراً فالظاهر أنه يعتبر موفياً لدين فلا يجوز الرجوع فيه واسترداد ما دفعه. وفي اليمين والنذر والتزام المعروف تطبيقات ذلك .
فالنذر لا يفيد التزاماً قضائياً إذا ما صح عند الجمهور خلافاً للشافعية في بع ض أحواله وإنما يترتب عليه التزام ديني، فلو نذر مكلف بعتق رقبة في ملكه وفى به وان لم يف أثم بالترك. ولا يدخل تحت الحكم فلا يجبر القاضي لأن العبد لم يثبت له حق العتق عليه لأن ذلك بمنزلة ما لو حلف بالله تعالى ليعتقه، ليس له إجباره على أن يبر بيمينه لأن ذلك مجرد حق لله تعالى .
ابن عابدين 3/ 95 وما بعدها، وعلي الخفيف، التصرف الانفرادي 202 203 والتزام المعروف كالصدقة والهبة والحبس والجائزة والقرض على وجه الصلة وطلب البر والمكافأة وما أشبه ذلك إذا كان على وجه الحلف والتعليق قصداً إلى فعل شيء أو امتناع عن فعل شيء فإن لا يقضي عليه بذلك إذا تحقق الشرط وإنما يلزم به ديانة سواء أكان الملتزم له معيناً أم غير معين وهذا هو المشهود من مذهب مالك علي الخفيف المرجع السابق ص 195 .
والعدة على رأي لا يقضي بها مطلقاً على أية حال لأنها تفضل وإحسان وان أمر بالرضا بها ديانة وهذا هو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة وجمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين علي الخفيف، المرجع السابق ص 196 197 .
والدين الذي لا تسمع الدعوى به بمرور الزمان لا يمكن المطالبة به قضاء ونتيجة لذلك لا يمكن الإجبار عليه ولكن ما الحكم إذا وفاه المدين عالماً بأنه غير ملزم قضاء به ؟ هل يملك استرداد ما دفع ؟
الظاهر لا تراجع المادة 1674 من المجلة.
فالظاهر أن قضاء ما يجب ديانة يعتبر وفاء لدين فلا يملك المدين استرداده، واذا كان المشرع قد أخذ بأن الوعد ملزم فمن المنطق أن يعترف بفكرة الالتزام الطبيعي وإلا يكون أقل اعتداد بالعوامل الأدبية والأخلاقية من القانون.
وإذا قيل بأن الوفاء بالواجب ديانة يتضمن الإقرار وهو حجة على المقر م 79 و 587 و 1588 من المجلة فالرد على ذلك في المجال الذي نحن فيه أن " الإقرار هو إخبار الإنسان بحق عليه لآخر " . م 1572 من المجلة والظاهر أن المقصود بالحق هنا هو الحق الواجب قضاء لا مجرد الحق الواجب ديانة " إذ أن حكم الإقرار هو ظهور المقر به لا حدوثه بداءة لهذا لا يكون الإقرار سبباً للملك " م 1628 من المجلة.
وإذا كان القانون المدني العراقي قد خلا من الإشارة إلى ذلك " الالتزام الطبيعي أو الواجب ديانة " فإن ذلك لا يفيد ضرورة أنه لا يعترف بالإلتزام الطبيعي ففي المبادئ العامة وفي مبادئ الفقه الإسلامي " وهي مصدر من مصادر القانون العراقي وفقاً للمادة الأولى منه " ما قد يستعاض عن النص للاعتراف بالالتزام الطبيعي في هذا القانون يراجع السنهوري، الوسيط ج 2، البند 385 ص 722 .
مكان الواجب ديانة في القانون :
يلاحظ أن هناك فرقاً بين الواجب ديانة أو الالتزام الطبيعي والدين غير المستحق ففي الأول يكون هناك الالتزام ولكن لا يلزم المدين بالوفاء به قضاء وإذا وفى به عالماً بأنه غير ملزم بالوفاء به قضاء اعتبر وفاء فلا يجوز الرجوع فيه واسترداد المدفوع، وفي الثاني يكون هناك وفاء بدين موثوق لا وجود له فيجوز استرداد ما دفع.
وقد كان القانون المدني المصري القديم يعالج الالتزام الطبيعي في مجال الكلام على دفع غير المستحق م 147 / 208 منه ولكن القانون الحالي وجد أن المكان الأنسب للالتزام الطبيعي هو في مستهل ال كلام على آثار الالتزام إذ الالتزام الطبيعي يمتاز عن غيره بوجه خاص بما يكون له من آثار، فسمة الالتزام هي اجتماع إمكان ترتيب الأثر القانوني وفكرة انتفاء الجزاء فالالتزام الطبيعي لا جبر في تنفيذه ولكن إذا نفذ اختياراً اعتبر وفاء للالتزام أما الالتزام المدني فيجبر المدين على الوفاء به . ولذا رأى المشرع المصري أن خير موضع لأحكام الالتزام الطبيعي هو المكان المخصص لآثار الالتزام
تراجع مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص
وعلى هدي القانون المدني المصري والسوري عالج هذا المشرع الواجب ديانة في مجال الكلام على آثار الالتزام إذ أن سمته تظهر في آثاره كالالتزام الطبيعي.
مصطلح " الواجب ديانة " :
وإذا كان القانون قد عبر بلفظ " الالتزام الطبيعي " فقد رؤي في هذه المذكرة استعمال عبارة " الواجب ديانة " نزولاً على لغة الفقهاء من ناحية ولأن عبارة القانون تبدو غريبة عن الفقه الإسلامي من ناحية أخرى .

وأبقينا التعبير ب " الالتزام " للتعبير عن الواجب قضاء لأنه تعبير متردد في جنبات المشروع كله وقد جرت به أقلام الفقهاء المسلمين قديماً مع خلاف في النطاق وحديثاً بمعناه المقصود هنا.
وقد تناولت المادة 340 بيان حكم الالتزام أي الواجب قضاء من أنه يجوز تنفيذه قضاء فللدائن بالتزام مدني أي بواجب قضاء أن يجبر مدينه على الوفاء بحقه كاملاً إما عن طريق الوفاء عينا وإما عن طريق الوفاء بمقابل على ما سيأتي :
ويؤخذ من هذا الواجب ديانة أي الالتزام الطبيعي لا يجوز تنفيذه جبراً وهو ما نصت عليه الفقرة الثانية، وبذا يتبين من الفقرتين وجه المقابلة بين الالتزام المدني الواجب قضاء والواجب ديانة الالتزام الطبيعي فالأول كما تقدم يجوز تنفيذه جبراً أما الثاني فعلى النقيض من ذلك لا يكون تنفيذه إلا اختياراً وتناولت المادة 341 الأثر الرئيسي للواجب ديانة، وهو ينحصر في جواز الوفاء به، ويشترط بصحة هذا الوفاء أن يقوم به المدين من تلقاء نفسه دون إجبار وأن يكون حاصلاً عن بينة منه أي وهو يدرك أنه يستجيب لمقتضى الواجب ديانة وأنه غير ملزم به.
فإذا تحقق هذا الشرط كان لأداء المدين في القانون حكم التبرع، ويتفرع على ذلك أربعة أحكام هي :
1. امتناع المطالبة برد ما دفع، فهو لم يؤد وفاء لدين غير المستحق أو تبرعاً يجوز الرجوع فيه وإنما أدى وفاء لما هو واجب، لا يدفعه إلى ذلك نية التبرع.
2. عدم اشتراط شكل خاص للوفاء به كالتبرعات فالغالب أن القانون لا يشترط فيها شكلاً خاصاً.
3. الاكتفاء في تنفيذ الواجب ديانة بأهلية الوفاء بوجه عام دون اشتراط أهلية التبرع.
4. اعتبار أداء المدين وفاء لا تبرعاً بوجه خاص فيما يتعلق بتطبيق أحكام تصرفات المريض مرض الموت.
مع ملاحظة أنه قد يفرض في تصرفات المريض مرض الموت أنه تبرع حتى يثبت أنه ليس كذلك بل معاونة فيفترض في هذا الوفاء أنه تبرع حق يثبت الدائن أنه وفاء لواجب ديانة.
تراجع المذكرة الإيضاحية للمادة السابقة.
وهذه المادة تقابل المواد 313 و 314 و 315 و 316 أردني ومن 199 إلى 201 مصري ومن 200 إلى 202 سوري و 46 عراقي .

الفصل الثاني
وسائل التنفيذ
الفرع الأول
التنفيذ الأختياري
1 الوفاء
ا طرفا الوفاء
نظرة عامة :
جرى المشرع على صيغة القانون المدني المصري والقانون المدني العراقي من عزل الأحكام المتعلقة بالوفاء عن الأحكام المتعلقة بآثار الالتزام مع ما بين هذه وتلك من وثيق الصلات في نواح عدة مما جعل بع ض التقنينات كالتقنين السويسري والتقنين البولوني تعمد إلى جمع هاتين الطائفتين تحت عنوان مشترك، هو تنفيذ الالتزامات.
وقد حرص المشرع، اقتداء بصياغة التقنين المصري وما جرى مجراه من التقنينات العربية، على ضبط حدود بعض الأحكام ضبطاً دون شك وإعطائه نصيبه من الأهمية، فعرضت النصوص الخاصة بتعيين من يصح منه الوفاء للأحوال التي يصح فيها الوفاء من الغير.
أما الأحكام الخاصة بتعيين من يصح الوفاء له فقد أقام المشرع قرينة لصالح من يقدم مخالصة صادرة من الدائن على ثبوت صفته في استيفاء الدين كما عمد إلى بيان الأحوال التي يجوز فيها الوفاء للغير.
وقد فصل القواعد الموضوعية المتعلقة بالعرض الحقيقي والإيداع، رغم أنه أحال بشأنها إلى أحكام قانون الإجراءات المدنية المرافعات فعرض الإعذار للدائن وما يترتب عليه من آثار كما عرض لآثار الرجوع في الإيداع، وقد عني كذلك بالنص على إجراءات خاصة تستجيب لما تقتضيه طبيعة الوفاء بالأشياء التي لا تقبل الإيداع أو التي يسرع إليها التلف، على أن الفكرة الجوهرية في الإيداع بأسره تتمثل في القاعدة التي تكفلت المادة 352 بتقريرها في العبارة الآتية : " يقوم العرض الحقيقي بالنسبة للمدين مقام الوفاء إذا تلاه إيداع يتم وفقاً لأحكام قانون المرافعات أو تلاه أي إجراء مماثل وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم بصحته وعلى هذا النحو يصبح الوفاء عند الإلتجاء إلى الإيداع، وعدم قبول الدائن له، تصرفاً ينعقد بإرادة منفردة مع أنه في الأصل تعاقد لا يتم إلا بتوافق إرادتين .
هذا وقد أفردت نصوص خاصة للأحكام المتعلقة بمحل الوفاء تضمنت القاعدة الأساسية في هذا الشأن، فأوجبت أن يكون الوفاء بعين ما يرد الالتزام عليه وأن يكون كاملاً دون تجزئة أو تعويض، فلا يجوز إلزام الدائن بالاقتصار على استيفاء جزء من حقه، إلا فيما استثنى من الأحوال، وقد عرضت هذه النصوص للقواعد المتعلقة باحتساب الخصم عند تعدد الديون فأجملتها إجمالا وافياً، ثم تناولت أخيراً إثبات الوفاء فاقتصرت بشأنه على إقرار حق المدين في الحصول على مخالصة تاركة ما عدا ذلك للأحكام المتعلقة بالإثبات بوجه عام.

المادة 342
1. يصح الوفاء من المدين أو من نائبة أو من أي شخص آخر له مصلحة في الوفاء.
2. ويصح أيضا ممن لا مصلحة له في الوفاء بأمر المدين أو بغير أمره على انه يجوز للدائن أن يرفض الوفاء من الغير إذا اعترض المدين على ذلك وأبلغ الدائن اعتراضه.
المذكرة الإيضاحية :
1. يصح الوفاء من المدين نفسه أو ممن ينوب عنه نيابة قانونية أو إتفاقية كالوصي والوكيل على أن للدائن أن يستلزم الوفاء من المدين نفسه، إذا كانت مصلحته تقتضي ذلك.
2. ويصح الوفاء أيضاً من كل ذي مصلحة فيه كالكفيل والمدين المتضامنين .
3. ويصح كذلك ممن ليست له مصلحة فيه، كما هو الحال فيمن يقوم بقضاء الدين عن المدين تفضلاً، ولو على غير علم منه، بل وللغير أن يقوم بالوفاء رغم ممانعة المدين، وفي هذه الحالة لا تكون له صفة الفضولي.
ويلزم الدائن بقبول الوفاء من الغير، في هذه الأحوال جميعاً ولا يمتنع هذا الإلتزام إلا حيث يعترض الدائن والمدين معاً على الوفاء من غير ذي مصلحة فيه .
ولا يكفي في ذلك إعتراض أحدهما استقلالاً فإذا اعترض المدين على الوفاء، جاز للدئن رغم ذلك أن يقبله، وإذا اعترض الدائن وحده كان للغير أن يلزمه بقبوله ما دام أن المدين لم يقم بإبلاغ اعتراضه.
تراجع المواد 196 و 197 و 202 و 205 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 317 أردني و 323 مصري و 322 سوري و 375 عراقي .

المادة 343
يشترط للبراءة من الدين أن يكون الموفي مالكا لما أوفى به، وإذا كان المدين صغيرا مميزا أو كبيرا معتوها أو محجورا عليه لسفه أو غفلة ودفع الدين الذي عليه صح دفعه ما لم يلحق الوفاء ضررا بالموفي.
المذكرة الإيضاحية :
يشترط في الموفي، سواء كان هو المدين أو غيره أن يكون مالكاً لما وفى به حتى إذا استحق الشيء الموفى بالبينه وأخذ صاحبه أو هلك وأخذ بدله فللدائن الرجوع بدينه على غريمه.
وأنه إذا كان المدين صغيراً مميزاً، أو كبيراً معتوها أو محجوراً عليه لسفه أو غفلة ودفع الدين الذي عليه، صح دفعه، ما لم يلحق الوفاء ضرراً بالموفي، رعاية لمصلحة من ليسوا أهلا للتصرف.
تراجع المادتان 219 ، 221 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 318 أردني و 325 مصري و 324 سوري و 376 و 377 عراقي .

المادة 344
لا ينفذ الوفاء لبعض الدائنين في حق الدائنين الآخرين إذا كان المدين محجورا للدين وفي المال المحجور أو مريضا مرض الموت وكان الوفاء يضر ببقية الدائنين.
المذكرة الإيضاحية :
تعرض هذه المادة لحالة ما إذا كان المدين مديناً لأكثر من واحد ووفى لبعضهم دون بعض.
فإذا كان المدين محجوراً للدين فقط قضت المادة 220 من مرشد الحيران بحكمها إذ نصت على ما يأتي : " إذا كان المديون محجوراً عليه بسبب ديونه ودفع من أمواله المحجور عليها ديناً في ذمته لأحد غرمائه فلسائر غرمائه نقض تصرفه واسترداد المبلغ الذي دفعه".
وإذا كان المدين مريضاَ مرض الموت فقد نصت المادة 378 من التقنين العراقي على أنه " لا يصح للمدين أن يوفي دين أحد غرمائه في مرض موته إذا أدى هذا الوفاء إلى الإضرار ببقية الدائنين ".
وقد رأى المشرع جمع الحالتين في هذه المادة لأن حكمها في الأصل واحد وهو عدم النفاذ في حق الدائنين الآخرين.
وهذه المادة تقابل المادتين 319 أردني و 378 عراقي .

ب الموفى له
المادة 345
يكون الوفاء للدائن أو لنائبه ويعتبر ذا صفة في استيفاء الدين من يقدم للمدين مخالصة صادرة من الدائن إلا إذا كان متفقا على أن الوفاء يكون للدائن شخصياً.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل أن الدائن هو ذو الصفة في إستيفاء الدين وله أن ينيب عنه وكيلاً في ذلك ويتعين على الوكيل في مثل هذه الحالة أن يقيم الدليل على صفته وفقاً للأحكام العامة في الوكالة، على أن المشرع قد جعل من التقدم بمخالصة صادرة من الدائن قرينة كافية في ثبوت صفة استيفاء الدين لمن يحمل تلك المخالصة، ما لم تنف دلالة هذه القرينة بالإتفاق على وجوب الوفاء للدائن شخصياً، فإذا اتفق على ذلك كان للمدين أن يرفض الوفاء لمن يتقدم له بالمخالصة الصادرة من الدائن حتى يستوثق من ثبوت صفته في إستيفاء الدين.
وتثبت صفة استيفاء الدين كذلك لمن ينوب عن المدين نيابة قانونية أو قضائية ولمن يخلفه.
وهذه المادة تقابل المواد 320 أردني و 332 مصري و 330 سوري و 383 و 384 عراقي .

المادة 346
إذا كان الدائن غير كامل الأهلية فلا تبرأ ذمة المدين إلا بالوفاء لوليه وإذا حصل الوفاء للدائن وهلك الموفي به في يده أو ضاع منه فلوليه مطالبة المدين بالدين.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حالة ما إذا كان الدائن عديم الأهلية أو ناقصها لصغر أو جنون أو نحوه، ففي هذه الحالة لا يكون الوفاء مبرئا لذمة المدين إذا حصل للدائن عديم الأهلية أو ناقصها نفسه، وعلى الدائن أن يفي لوليه أو لوصيه أو القيم عليه كي تبرأ ذمته، فإذا وفى للدائن عديم الأهلية أو ناقصها لم تبرأ ذمة المدين فإذا هلك الشيء الموفى به في يد عديم الأهلية أو ناقصها أو ضاع من يده فللولي أو الوصي أو القيم على الدائن مطالبة المدين بالدين.
تراجع المادتان 217 ، 218 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 321 أردني و 383 و 384 عراقي .

ج رفض الوفاء

نظرة عامة :
قد يحتاج الوفاء، علاوة على عمل من المدين إلى عمل من الدائن وقد يرفض الدائن القيام بهذا العمل ويرغب المدين في إتمام الوفاء بإلتزامه كي تبرأ ذمته في هذه الحالة رسم القانون طريقاً للمدين كي يفي بإرادته وحدها .
والدائن قد يرفض إستيفاء الدين لأنه اعتقد أن المدين لا يوفيه له كاملاً أو لا يوفيه له وفاء صحيحاً أو نحو ذلك في حين يعتقد المدين أنه يقوم بوفاء صحيح، فأمام هذا الخلاف لا يجد المدين بدا من عرض الدين وإيداعه وقد يكون الدائن متعنتاً في رفضه لإستيفاء الدين فهنا أيضاً، ومن باب أولى يحق للمدين أن يعرض الدين ويودعه، ويماثل رفض الدائن لإستيفاء الدين أن يقتضي الوفاء تدخل الدائن فيمتنع عن ذلك، كما لو كان الدين واجب الوفاء في موطن المدين وأبى الدائن أن يسعى إليه في هذا الموطن، وقد يسبق الدائن الحوادث فيعلن، قبل أن يعرض المدين الوفاء، أنه لن يقبله إذا عرض عليه، فعندئذ يحق للمدين أن يعرض الدين عرضاً حقيقياً ثم يودعه.
كما أن المدين قد يجد نفسه في حالة يتعذر معها أن يوفي دينه للدائن مباشرة كما في الحالات الآتية :
1. أن يجهل المدين شخصيه الدائن أو موطنه كأن يموت الدائن الأصلي عن ورثة انتقل إليهم الدين ولكن المدين يجهل من هم هؤلاء الورثة أو أين موطنهم وقد حل الدين ويريد المدين أن يتخلص منه بالوفاء،فلا يعرف لمن يوفيه، عند ذلك لا يسعه إلا أن يودع الدين على ذمة صاحبه دون عرض حقيقي أو اعذار، إذ يجهل من هو الدائن الذي يعرض عليه الدين أو أين هو ؟
2. أن يكون الدائن عديم الأهلية أو ناقصها ولم يكن له نائب يقبل عنه الوفاء فلا يجد المدين بدا من إيداع الدين على ذمة هذا الدائن دون أن يعرضه عليه عرضاً حقيقياً إذ ليست للدائن أهلية الإستيفاء.
3. أن يكون الدين متنازعاً عليه بين عدة أشخاص وهنا أيضاً لا يجد المدين من الحكمة أن يحمل هو التبعة في حسم هذا النزاع فيوفي الدين لمن يعتقد أنه على حق من المتنازعين، وإلا كان مسؤولاً عما يقع فيه من الخطأ فلا يجد بدا من إيداع الدين على ذمة أي من المتنازعين يكون هو الدائن الحقيقي دون أن يسبق هذا الإيداع عرض الدائن ومثل ذلك أن يموت الدائن فيتنازع الدين الوارث وموصي له بالدين إذ يطعن الوارث في الوصية بالبطلان.
4. أن تكون هناك أسباب جدية تمنع المدين من عرض الدين على الدائن وهو مع ذلك يريد الوفاء به فليس أمامه إلا أن يودعه على ذمة الدائن مثال ذلك أن يريد المشتري الوفاء بالثمن للبائع، ولكن البائع يمتنع عن القيام بما يجب التصديق على إمضائه في عقد البيع فلا يجد المشتري بدا من إيداع الثمن على ذمة البائع بشرط ألا يقبضه إلا بعد التصديق على الإمضاء، ثم يعمد بعد ذلك إلى رفع دعوى بثبوت البيع ومثل ذلك أيضاً أن يريد المدين الوفاء بدين لغير الدائن حق فيه، ولا يستطيع المدين أن يحصل على مخالصة من هذا الغير، فلا يسعه في هذه الحالة إلا أن يودع الدين.
وفي هذه الفروض المتقدمة التي يتعذر فيها على المدين الوفاء للدائن، ليس على المدين إلا أن يودع الدين دون حاجة إلى عرض حقيقي فتبرأ ذمته من الدين.
ففي هذه الحالات يجوز للمدين إيداع الدين بعد عرض حقيقي أو دون عرض.
وطريقة العرض الحقيقي والإيداع المشار إليها هي الطريقة المتبعة في القوانين اللاتينية، أما التقنين الألماني فقد اتبع طريقه أبسط، إذ أكتفى بمجرد اعذار الدائن.
السنهوري، الوسيط 3 ص 732 ، والنهج الألماني المشار إليه أقل بعداً عن مسلك الفقه الإسلامي في ذلك من غيره.
وقد رسم القانون المصري طريقاً للعرض الحقيقي والإيداع فجعل هناك ثلاث مراحل :
الأولى : مرحلة اعذار الدائن وما يترتب على هذا الإعذار من نتائج قانونية وقد انفرد بذكرها القانون المدني.
الثانية : مرحلة عرض الدين عرضاً حقيقياً على الدائن، وقد انفرد برسم إجراءاتها قانون المرافعات الإجراءات المدنية.
الثالثة : مرحلة إيداع على ذمة الدائن، وقد اشترك في رسم إجراءاتها القانون المدني وقانون المرافعات.
المرحلة الأولى مرحلة إعذار الدائن :
إذا عرض المدين الوفاء على الدائن عرضاً فعلياً صحيحاً فرفض الدائن قبول الوفاء فعلى المدين أن يسجل على الدائن رفضه بإعلان رسمي على يد محضر ويعتبر هذا الإعلان اعذار للدائن برفضه الوفاء ويترتب على هذا الإعذار نتائج هامة منها :
1. تحميل الدائن تبعة هلاك الشيء أو تلفه وذلك إذا كان الهلاك أو التلف مما يحمل المدين تبعة قبل اعذار الدائن مثال ذلك المبيع، فقبل التسليم يكون ضمانه من البائع وبعد الاعذار يصير من المشتري .
2. وقف سريان الفوائد فيما إذا كان الدين نقوداً تنتج فوائد سواء كانت إتفاقية أو قانونية .
3. جواز عرض المدين للدين على الدائن عرضاً حقيقياً وإيداعه اياه بعد ذلك على نفقة الدائن م 450 مرافعات و 335 و 339 و 340 مدني.
4. مطالبة المدين للدائن بتعويضه عن الضرر الذي أصابه من جراء امتناع الدائن بدون مبرر عن استيفاء الدين كأن يكون محل الدين عيناً معينة بالذات يمنع الدائن دون مبرر عن تسلمها فتبقى شاغلة للمكان الذي هي في مدة طويلة فللمدين أن يطالب الدائن بتعويض عن ذلك.
وقد أورد القانون المدني المصري بشأن هذه المرحلة المادتين 334 و 335 ونصهما :
مادة 334 " إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضاً صحيحاً أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها أو أعلن أنه لن يقبل الوفاء أعتبر أنه قد تم اعذاره من الوقت الذي يسجل المدين عليه هذا الرفض بإعلان رسمي ".
مادة 335 " إذا تم إعذار الدائن، تحمل تبعة هلاك الشيء أو تلفه ووقف سريان الفوائد، وأصبح للمدين الحق في إيداع الشيء على نفقة الدائن والمطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر ".
المرحلة الثانية : مرحلة العرض الحقيقي :
ويلاحظ أن طريقة العرض الحقيقي والإيداع التي سار عليها التقنين المدني أو تقنين المرافعات في مصر فيما يستخلص من مجموع نصوصها، هي الطريقة المتبعة في القوانين اللاتينية، أما التقنين الألماني المادة 293 4 فقد اتبع طريقة أبسط إذ اكتفى بمجرد اعذار الدائن السنهوري الوسيط 3 : الهامش 3 ص 732 .
في الفقه الإسلامي :
لا نرى في الفقه الإسلامي مثل التنظيم المفصل المتقدم في حالة رف ض الدائن قبول الوفاء حيث يلزم منه القيام بعمل ليتم الوفاء، وقد ورد في مرشد الحيران نص عام هو نص المادة 209 ويقضي بأنه " إذا عرض المدين مبلغ الدين على غريمه فامتنع من قبضه فله أن يرفع الأمر إلى الحاكم ليأمره بقبضه".
في المشروع :
رؤي تفضيل الحكم الوارد في المادة 209 من مرشد الحيران على نسق القوانين العربية المصري والسوري والقانون العراقي مع الإستمساك بعدم الخروج على القواعد المقررة في الفقه الإسلامي.
وهناك محل للتساؤل : هل يتبع هذا التنظيم حتى يكفي في الوفاء مجرد التخلية كما هو الحال في وفاء البائع بإلتزامه بتسليم المبيع ؟ فقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة في مصر بأن من أراد أن يخلي عقاراً هو ملزم بتخليته، أن يعرض التخلية عرضاً حقيقياً استئناف مختلط مايو سنة 1910 م ز ص 306 السنهوري، الوسيط 3 : الهامش ص 732 .

المادة 347
إذا رفض الدائن دون مبرر قبول الوفاء المعروض عليه عرضا صحيحا حيث يجب قبوله أو رفض القيام بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها أو أعلن انه لن يقبل الوفاء اعذره المدين بإعلان محدد له مدة مناسبة يقوم فيها بما يجب عليه لاستيفاء حقه.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة إعذار المدين إلى الدائن أنه اي المدين قد قام بما يجب عليه للوفاء، وأنه يدعو للقيام بما يجب عليه من ناحيته لإتمام الوفاء ويحدد له مدة لذلك أو يسجل عليه رفضه القيام من ناحيته بالأعمال التي لا يتم الوفاء بدونها كإمتناع المشتري عن التصديق على إمضائه لإجراء تسجيل عقد البيع أو تصريحه بأنه لا يقبل الوفاء .
وقد رتب المشرع على الإعذار آثاراً هامة ستتناولها المواد التالية: وقد أضاف المشرع عبارة " حيث يجب قبوله " وهي غير واردة في القانون المصري ولا السوري ولا العراقي،ذلك أنه قد يتم الوفاء في الفقه الحنفي بعمل من جانب المدين وحده كما هو الحال في البيع حيث يتم وفاء البائع بإلتزامه بتسليم المبيع بمجرد التخلية بين المشتري وبين المبيع على وجه يتمكن من قبضه بدون مانع، فإذا فعل البائع ذلك واستطاع إثباته برئت ذمته، إلا أنه في بعض حالات أخرى يجب على الدائن أن يقوم من ناحيته بعمل كي يتم الوفاء كما إذا كان محل الإلتزام دفع مبلغ من النقود كإلتزام المشتري بدفع الثمن لا يتم الوفاء به بمجرد التخلية بل لا بد من القب ض الحقيقي، وهنا يلزم الإعذار إذا رفض الدائن قبول الوفاء رغم صحته، كما قد يلجأ إلى الإعذار لإثبات قيام المدين بإلتزامه في الحالات التي تكفي فيها التخلية إذ قد تكون التخلية نفسها محل نزاع بين الطرفين فحسما لأسباب الخلاف يلجأ المدين إلى الإعذار.
وقد أكتفى كل من القانون المدني المصري والسوري بالإنذار لإتمام الإعذار دون اشتراط العرض الحقيقي والإيداع، أما القانون المدني العراقي فلم يكتف كي يتم إعذار الدائن بإنذاره بل أوجب الإيداع بعد انقضاء المدة المحددة في الإنذار ثم انذاره بهذا الإيداع م 385 وأوجب كي يقوم الإيداع مقام الوفاء أن يقبله الدائن أو يصدر حكم بصحته وعندئذ تترتب الأثار التي تترتب على الإعذار في القانون المدني المصري والسوري وهي أن تكون نفقات الإيداع على الدائن وأن تكون تبعة الهلاك على الدائن من وقت الإيداع السنهوري، الوسيط 3 : الهامش 2 ص 728 729 والهامش 3 ص 734 735 والهامش 3 ص .743 742
وقدر رأى المشرع سلوك مسلك كل من القانون المصري والسوري إذ أن الإعذار غير موجود في الفقه الإسلامي وإنما أخذ به المشرع من باب التنظيم وتيسير الإثبات وهو في ذلك كاف وليس ما يدعو إلى السير خطوة أخرى لم ترد في الفقه الإسلامي وهو الإيداع كما فعل القانون المدني العراقي.
وهذه المادة تقابل المواد 322 أردني و 334 مصري و 332 سوري و 385 عراقي .

المادة 348
يترتب على اعذار الدائن أن يصير الشيء محل الالتزام في ضمان الدائن إن كان من قبل في ضمان المدين وان يصبح للمدين الحق في إيداعه على نفقة الدائن وفي ضمان ما أصابه من ضرر.
المذكرة الإيضاحية :
يترتب على إعذار الدائن، حيث يجب على ما سلف في المادة السابقة الآثار القانونية الآتية :
1. انتقال تبعة هلاك الشيء من المدين إلى الدائن حيث يحمل المدين تبعته قبل إعذار الدائن.
2. تخويل المدين الحق في إيداع الشيء محل الإلتزام على نفقة الدائن. 3 حق المدين في المطالبة بتعويض ما أصابه من ضرر من جراء ذلك .
ومثال ذلك أن يكون محل الدين عيناً معينه بالذات، ويمتنع الدائن دون مبرر عن تسليمها فتبقى شاغلة للمكان الذي هي فيه مدة طويلة فيكون للمدين في هذه الحالة أن يطالب الدائن بتعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء ذلك ويتمثل هذا التعويض عادة في أجرة هذا المكان طوال المدة التي شغل فيها العين دون مبرر السنهوري، الوسيط، 3 : 737 .
وهذه المادة تقابل المواد 323 أردني و 335 مصري و 386 عراقي .

المادة 349
إذا كان محل الوفاء شيئا معينا بالذات وكان الواجب أن يسلم في المكان الذي يوجد فيه جاز للمدين بعد أن يعذر الدائن بتسلمه أن يحصل على ترخيص من القاضي في إيداعه فإذا كان هذا الشيء عقاراً أو شيئا معدا للبقاء حيث وجد جاز للمدين أن يطلب وضعه تحت الحراسة.
المذكرة الإيضاحية :
تراجع المواد السابقة من هذا القانون.
وهذه المادة تقابل المواد 324 أردني و 336 مصري و 334 سوري و 385 و 387 عراقي .

المادة 350
إذا كان محل الوفاء شيئا يسرع إليه التلف أو يكلف نفقات باهظة في إيداعه أو حراسته جاز للمدين بعد استئذان القاضي أو دون استئذانه عند الضرورة أن يبيعه بسعره المعروف في الأسواق فان تعذر ذلك فبالمزاد العلني ويقوم إيداع الثمن مقام إيداع الشيء نفسه.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذ المادة حكم الأشياء التي يسرع إليها التلف أو يكلف إيداعها أو حراستها نفقات باهظة ففي هذه الحالة أجاز المشرع للمدين استئذان القاضي في بيع الشيء وإيداع ثمنه في خزينة المحكمة، وفي حالة الضرورة لا يشترط استئذان القاضي.
وقد نص على ذلك القانون المدني العراقي بخلاف القانونين المدني المصري والسوري فلم ينصا على ذلك ... وبهذا أخذ المشرع.
تراجع مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 3 ص 204 .
وهذه المادة تقابل المواد 325 أردني و 337 مصري و 335 سوري و 387 عراقي .

المادة 351
يكون الإيداع أو ما يقوم مقامه من إجراء جائزا أيضا إذا كان المدين يجهل شخصية الدائن أو موطنه أو كان الدائن محجورا وليس له نائب يقبل عنه الوفاء أو كان الدين متنازعا عليه بين عدة أشخاص أو كانت هناك أسباب جدية أخرى تبرر هذا الإجراء.
المذكرة الإيضاحية :
قد يلجأ المدين إلى الإيداع ولو لم يعذر إلى الدائن : ويقع ذلك :
1. إذا كان يجهل شخصيه الدائن أو محله كما هو الشأن في وارث مجهول .
2. أو كان الدائن عديم الأهلية أو ناقصها وليس له نائب يستوفي الحق باسمه.
3. أو كان الدين متنازعاً عليه بين عدة أشخاص ولم يتيسر للمدين التثبت من صاحبه.
4. أو كانت هناك أسباب جدية أخرى تبرر هذا الإجراء كما إذا كان المدين يطالب بإلتزام مقابل لم يتيسر له استيفاؤه قبل تنفيذ التزامه فله أن يقوم بالإيداع في هذه الحالة.
وهذه المادة تقابل المواد 326 أردني و 338 مصري و 336 سوري و 388 عراقي .

المادة 352
يقوم العرض الحقيقي بالنسبة الى المدين مقام الوفاء إذا تلاه إيداع مستوف لأوضاعه القانونية أو تلاه أي إجراء مماثل وذلك إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته.
المذكرة الإيضاحية :
إذا تم العرض الحقيقي وتلاه ايداع مستوف لأوضاعه القانونية أو تلاه أي اجراء مماثل إذا قبله الدائن أو صدر حكم نهائي بصحته قام العرض في هاتين الحالتين مقام الوفاء وبرئت ذمة المدين من الدين. ولا تتأخر براءة ذمة المدين إلى يوم الإيداع بل تبرأ ذمته من يوم العرض فالإيداع أو الإجراء المماثل شرط في انتاج العرض لأثره وإذا تحقق استند هذا الأثر إلى يوم العرض ومتى برئت ذمة المدين برئت كذلك ذمة المدينين المتضامنين معه والشركاء في الدين والكفلاء وسقطت التأمينات العينية التي كانت تكفل الدين كالرهن مثلاً.
وهذه المادة تقابل المواد 327 أردني و 339 مصري و 337 سوري و 386 عراقي .

المادة 353
1. إذا عرض المدين الدين واتبع العرض بإيداع أو بإجراء مماثل جاز له أن يرجع في هذا العرض ما دام الدائن لم يقبله أو ما دام لم يصدر حكم نهائي بصحته وإذا رجع فلا تبرأ ذمة شركائه في الدين ولا ذمة الضامنين.
2. فإذا رجع المدين في العرض بعد أن قبله الدائن أو بعد أن حكم بصحته وقبل الدائن منه هذا الرجوع لم يكن لهذا الدائن أن يتمسك بعد ذلك بما يكفل حقه من تأمينات وتبرأ ذمة الشركاء في الدين وذمة الضامنين.
المذكرة الإيضاحية :
ينبغي التنويه بأنه من الفروض ما يكون الإيداع فيها مستحيلاً أو مجافياً للمصلحة، فإذا كان ما يجب الوفاء به عقاراً كان للمدين أن يعين حارساً وإذا كان منقولاً كان له أن يستصدر اذناً بإيداعه.
أما الأشياء التي يسرع إليها التلف أو التي يتطلب إيداعها أوالقيام بحفظها نفقات لا تتناسب مع قيمتها، فيجوز بيعها بالمزاد العلني أو بالسعر الجاري بعد استئذان القضاء وبدون استئذانه عند الضرورة ويرد الثمن خزانة المحكمة.
ولا يعتبر العرض الحقيقي المشفوع بالإيداع بأي إجراء ماثل كالحراسة أو إيداع الثمن لازماً فللمدين أن يرجع في هذا العرض قبل قبول الدائن له، أو قبل الحكم بصحته فإذا أوقع ذلك اعتبر العرض كأن لم يكن وظلت المسئولية عن الدين قائمة بالنسبة للمدين والملتزمين معه والكفلاء.
ومتى قبل العرض المشفوع بالإيداع، أو بإجراء مماثل أو حكم بصحته أصبح لازماً وامتنع الرجوع فيه، ويكون لهذا العرض حكم الوفاء ويستند أثره إلى الماضي فيعتبر أنه قد تم وقت إعلان الإيداع وتعتبر ذمة المدين والملتزمين معه بالدين والكفلاء قد برئت من هذا الوقت على أن للدائن أن يرتضي رجوع المدين في عرضه الحقيقي بعد القبول أو بعد صدور الحكم بصحته وعندئذ يعتبر الوفاء كان لم يكن دون أن يخل ذلك بحقوق الملتزمين مع المدين بالدين أو الكفلاء فهؤلاء تبرأ ذمتهم نهائياً ولا يكون لهذا الرجوع أثر بالنسبة لهم.
يراجع السنهوري، الوسيط 3 : 745 750 .
وهذه المادة تقابل المواد 328 أردني و 240 مصري و 338 سوري و 389 عراقي .


د محل الوفاء وزمانه ومكانه ونفقاته واإثباته
المادة 354
1. إذا كان الدين مما يتعين بالتعيين فليس للمدين أن يوفي بغيره بدلا عنه دون رضاء الدائن حتى ولو كان هذا البدل مساويا في القيمة للشيء المستحق أو كان له قيمة أعلى.
2. أما إذا كان مما لا يتعين بالتعيين فللمدين أن يوفي بمثله وان لم يرض الدائن.
المذكرة الإيضاحية :
فرقت هذه المادة بين الدين الذي يتعين بالتعيين وهذا لا يجوز للمدين أن يوفي بغيره دون رضاء الدائن أما غيره فإن للمدين أن يوفي مثله وإن لم يرض الدائن.
ويقصد بالمحل هنا موضوع الوفاء لا مكانه كما يقال " محل العقد " أما مكان الوفاء فسيأتي الكلام عليه فيما بعد وينبغي أن يقع الوفاء على الشيء المستحق أصلاً، سواء أكان الإلتزام به إلتزاماً بدفع مبلغ من النقود أو بعمل أو بالإمتناع عن عمل، فليس للمدين أن يستبدل بهذا الشيء شيئاً آخر ولو كان أعلى منه قيمة إلا أن يرتضي الدائن منه ذلك الوفاء بمقابل.
وأضافت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني إلى ما تقدم "أو أن يكون ظاهر التعنت" وقد استنتج من ذلك بعض رجال القانون أن الدائن ليس له أن يرفض إستيفاء شيءأعلى قيمة، ولا المدين أن يرفض إيفاء أدنى قيمة إذا كان في الرفض تعنت ظاهر تطبيقاً للنظرية العامة في التعسف في إستعمال الحق.
وفي رد المحتار على الدر المختار ج 3 ص 267 277 قوله " لأن التقنين جنس واحد حكماً " ولهذا كان للقاضي أن يقتضي بها دينه من غير رضا المطلوب بحجر قلت وهذا موافق لما صرحوا به في الحجر ومفاده أنه للدائن أخذ الدراهم بدل الدنانير بلا أذن المديون ولا فعل حاكم وقد صرح في شرح تلخيص الجامع في باب اليمين في المساومة بأن له الأخذ وكذا في حظر المجتبي ولعله محمول على ما إذا لم يمكنه الرفع للحاكم فإذا ظفر بمال مديونه له الأخذ ديانة بل له الأخذ من خلاف الجنس على ما نذكره قريباً .
تراجع المادة 222 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 329 أردني و 341 مصري و 339 سوري و 390 عراقي .

المادة 355
1. ليس للمدين أن يجبر الدائن على قبول وفاء جزئي لحقه ما لم يوجد اتفاق أو نص يجيز ذلك.
2. فإذا كان الدين متنازعا في جزء منه وقبل الدائن أن يستوفي الجزء المعترف به فليس للمدين أن يرفض الوفاء بهذا الجزء.
المذكرة الإيضاحية :
إذا كان الدين معين المقدار مستحق الأداء فلا يجوز أن يلزم الدائن الوفاء بجزء منه ولو كان قابلاً للإنقسام، فالأصل أن الدائن يستأدي الدين كله على أن هذا الحكم لا يجري على إطلاقه بل ترد عليه استثناءات معينة .
فقد يتفق على تخويل حق تجزئة الوفاء وقد يعين القاضي للمدين أجلاً معيناً ليتيسر له الوفاء نظرة لميسرة وقد أباح القانون هذه التجزئة كما هو الشأن في الخلافة على دين الدائن من طريق الميراث إذ يقضي القانون بتجزئة الوفاء في حالة ما إذا مات الدائن وانقسم حقه على ورثته فكل وارث يستوفي جزءاً من الدين هو حصته فيه والمقاصة بقدر الأقل من الدينين اللذين يلتقيان قصاصاً واحتساب الخصم من مجموع الديون بنسبة مقدار كل منهما، وحق التقسيم عند تعدد الكفلاء.
وقد يتصور إعمال قاعدة عدم تجزئة الوفاء اعمالاً عكسياً لمصلحة المدين فيكون له أن يصر على أداء الدين بأسره ولو قبل الدائن الإقتصار على استيفاء جزء منه.
أما إذا كان الدين متنازعاً فيه وأقر المدين بجزء منه فليس له أن يمتنع عن الوفاء بهذا الجزء متى طالب به الدائن بدعوى التريث حتى يحسم النزاع في الجزء الأخر ويتيسر له قضاء حق الدائن كاملاً.
والفقرة الأولى في حكمها منصوص عليه في مرشد الحيران م 215 والفقرة الثانية تطبيق لحكم الفقرة الأولى.
وهذه المادة تقابل المواد 330 أردني و 342 مصري و 340 سوري و 392 عراقي .

المادة 356
إذا كان المدين ملزما بان يوفي مع الدين أية نفقات وكان ما أداه لا يفي بالدين مع تلك النفقات خصم ما أدى من حساب النفقات ثم من أصل الدين ما لم يتفق على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
إذا كان المدين بأداء دين واحد وما يتبعه من المصروفات وكان له أن يجزيء الوفاء، وجب أن يخصم ما يؤديه من حساب المصروفات ثم من أصل الدين ما لم يتفق على خلاف ذلك.
وهذه المادة تقابل المواد 331 أردني و 343 مصري و 341 سوري و 393 عراقي .

المادة 357
إذا تعددت الديون في ذمة المدين وكانت لدائن واحد ومن جنس واحد وكان ما أداه المدين لا يفي بهذه الديون جميعا جاز للمدين عند الوفاء أن يعين الدين الذي يريد الوفاء به ما لم يوجد مانع قانوني أو اتفاقي يحول بين هذا التعيين.
المذكرة الإيضاحية :
تعرض هذه المادة لحكم الحالة التي يكون فيها المدين الواحد مديناً لدائن واحد بديون متعددة وكانت هذه الديون جميعاً من جنس واحد وكان المبلغ المدفوع لا يفي بالديون جميعاً، فتقع الحاجة عندئذ إلى تعيين أي من هذه الديون المتعددة تم وفاؤه بالمبلغ المدفوع.
أما إذا تزاحم دائنون متعددون على مبلغ واحد قبل أن يحصل عليه أحدهم فعلاً فالأمر في ذلك يخضع لأحكام التوزيع بين الدائنين أو قسمة الغرماء يراجع السنهوري، الوسيط ج 3 ص 765 وخصوصاً الهامش 2 فيها وفي ص 776 .
ولما كان المدين يملك أن يجبر الدائن على استيفاء الدين ما دام الوفاء صحيحاً فإنه إذا تعددت الديون ووفى المدين بعضاً منها ملك بطبيعة الحال أن يعين أيا من هذه الديون هو المدفوع، ذلك أن الدين الذي يعينه يمتلك أن يجبر الدائن على استيفائه فيملك أن يعين أنه هو الدين المدفوع.
فالمدين هو الذي يعين الدين المدفوع عند الوفاء ولكن ذلك مقيد بأن التعيين حاصلاً وقت الدفع و بألا يكون هناك مانع اتفاقي أو قانوني يحول دون هذا التعيين ويقوم المانع الاتفاقي إذا كان عند الدفع كما لو اتفق الدائن والمديون أن الدين هو دين معين، فلا يملك أي من المدين أو الدائن بإرادته المنفردة أن يعين ديناً آخر. ويقوم المانع القانوني في حالات منها أنه لا يجوز للمدين أن يعين جهة الدفع ديناً أكبر قيمة من المبلغ المدفوع لأنه يكون في هذه الحالة قد أجبر الدائن على قبول وفاء جزئي والدائن لا يجبر كما تقدم على قبول الوفاء الجزئي فإن لم يوجد مانع اتفاقي أو قانوني كان المدين حراً في تعيين الدين المدفوع فله أن يصرح وقت الوفاء أن الدين الذي يدفعه هو الدين المضمون برهن أو كفالة دون الدين غير المضمون، والمدين في تعيين الدين المدفوع ليس مقيداً بمراعاة مصلحة الغير فليس عليه أن يقدم ديناً يشترك فيه مدينون متضامنون أو ديناً غير قابل للتجزئة أو ديناً له كفيل فمصلحته لا مصلحة الغير هي التي يرعاها.
وقد آثر المشرع الأخذ بصياغة القانون المدني المصري والسوري على صياغة مرشد الحيران والقانون المدني العراقي لعمومها خصوصاً أن المجلة في المادة 1775 قد سلكت هي أيضاً مسلك العموم.
تراجع المواد 1775 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و 216 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المواد 332 أردني و 334 مصري و 342 سوري و 393 عراقي .

المادة 358
إذا لم يعين الدين على الوجه المبين في المادة السابقة كان الخصم من حساب الدين الذي حل فإذا تعددت الديون الحالة فمن حساب اشدها كلفة على المدين فإذا تساوت الديون في الكلفة فمن حساب الدين الذي يعينه الدائن.
المذكرة الإيضاحية :
إذا لم يقم المدين أو الدائن بالتعيين تكفل القانون بذلك، وقد أورد المشرع في هذا الشأن قرائن معقولة على نية المدين وهو وحده مرجع التعيين فنص على أن الخصم في هذه الحالة يكون من حساب الدين المستحق الأداء، فإذا توافر هذا الوصف في ديون عدة، فمن حساب أشد هذه الديون كلفه على المدين كما إذا كان الوصف في ديون عدة، فمن حساب أشد هذه الديون كلفة على المدين كما إذا كان الدين ثابتاً في سند تنفيذي أو كان لا تسمع الدعوى به إلا بمدة طويلة جداً أو كان مضموناً ولو بكفالة فإن لم تتفاوت في الشدة فمن حساب الدين الذي يعينه الدائن وغني عن البيان أن هذه القرائن تتمشى مع المعقول وقد وردت في نصوص بعض التقنينات قرائن أخرى منها ما يجعل البداءة للدين الأقل ضماناً ومنها ما يجعلها للدين الأقدم نشوءً أو استحقاقاً وقد كانت هذه القرائن جميعاً محلاً للنقد من وجوه.
وهذه المادة تقابل المواد 333 أردني و 345 مصري و 343 سوري.

المادة 359
1. يجب أن يتم الوفاء فورا بمجرد ترتب الالتزام نهائيا في ذمة المدين ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك.
2. على انه يجوز للقاضي في حالات استثنائية إذا لم يمنعه نص في القانون أن ينظر المدين الى أجل معقول أو آجال ينفذ فيها التزامه إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل في الالتزام أن يستحق أداؤه بمجرد ترتبه، ما لم يكن مضافاً إلى أجل اتفاقي أو قضائي وقد يتكفل نص القانون أحياناً بتعيين ميعاد الاستحقاق كما هو الشأن في الأجرة.
والعبارة الأخيرة من الفقرة الأولى تواجه حالة ما إذا وجد اتفاق معلق على شرط أو مقرون بأجل فلا يتحتم الوفاء إلا بعد حلول الأجل أو تحقيق الشرط.
وأجيز في الفقرة الثانية للقاضي منح المدين أجلاً إذا استدعت حالته ذلك ولم يلحق الدائن من هذا التأجيل ضرر جسيم.
وقد نص على قيد الضرر الجسيم لمنح مهلة محاولة للتوفيق بين مصلحة الدائن والمدين ذلك أن تأخير الوفاء إلى أي أجل قد يضر بالدائن ضرراً جسيماً كأن يكون محولاً على استيفاء هذا الشرط وإلا كان معرضاً للإفلاس ففي مثل هذه الحالة يجب عدم إمهال المدين لأن إمهاله يترتب عليه إصابة صاحب الحق بضرر جسيم وتقدير ما إذا كان الضرر جسيماً أو غير جسيم متروك للقاضي.
وأنه لو كان نص مرشد الحيران يجعل منح المهلة للدائن إلا أنه رؤي في المشروع منحها للقاضي وهو مأمون في إستعمال هذه الرخصة.
تراجع مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 3 ص 227 مذكرة المادة 483 من المشروع والمناقشات حولها وهي م 446 من القانون.
وتراجع المادة 215 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 334 أردني و 346 مصري و 344 سوري و 394 عراقي .

المادة 360
1. إذا كان الدين مؤجلا فللمدين أن يدفعه قبل حلول الأجل إذا كان الأجل لمصلحته ويجبر الدائن على القبول.
2. فإذا قضي المدين الدين قبل حلول الأجل ثم استحق المقبوض عاد الدين مؤجلا كما كان.
المذكرة الإيضاحية :
تعرض هذه المادة لحالة الدين المؤجل وتقضي بأن المدين له أن يوفي قبل حلول الأجل ويجبر الدائن على قبول الوفاء، وذلك إذا كان أجل الدين متمحضاً لمصلحة المدين، أما إذا كان الأجل مراعى فيه مصلحة مشروعة للدائن فليس للمدين إلا الالتزام بالأجل منعاً من الإضرار بالدائن.
تراجع المادتين 212 و 213 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 235 أردني و 395 عراقي .

المادة 361
1. إذا كان محل الالتزام معينا بالتعيين وجب تسليمه في المكان الذي كان موجودا فيه وقت نشوء الالتزام ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك.
2. أما في الالتزامات الأخرى فيكون الوفاء في المكان الذي يوجد فيه موطن المدين وقت الوفاء أو في المكان الذي يوجد فيه مركز أعمال المدين إذا كان الالتزام متعلقا بهذه الأعمال.
المذكرة الإيضاحية :
إذا كان محل الالتزام شيئاً معيناً بالتعيين تعين الوفاء به في مكان وجود هذا الشيء وقت نشوء الالتزام ما لم يتفق على خلاف ذلك، صراحة أو ضمناً أما ما عدا ذلك من ضروب الالتزام فيسعى الدائن إلى استيفائه دون أن يسعى المدين إلى الوفاء به ومؤدى هذا أن يكون الوفاء في محل المدين، وقد أنشأت بعض النصوص أحكاماً خاصة بشأن الوفاء في بعض العقود المعينة كالبيع والإجارة.
تراجع المواد 285 ، 287 من المجلة وشرحها لعلي حيدر و المادة 222 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المواد 336 أردني و 347 مصري و 345 سوري و 396 عراقي .

المادة 362
إذا أرسل المدين الدين مع رسوله إلى الدائن فهلك في يد الرسول قبل وصوله هلك من مال المدين. وان أمر الدائن المدين بان يدفع الدين إلى رسول الدائن فدفعه فهلاكه من مال الدائن ويبرأ المدين من الدين.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة من تقع عليه تبعة هلاك الدين في حالة السداد عن طريق رسول من قبل المدين أو من قبل الدائن.
وتراجع المادة 206 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المادتين 337 أردني و 397 عراقي .

المادة 363
تكون نفقات الوفاء على المدين إلا إذا اتفق أو نص القانون على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تكون نفقات الوفاء كنفقات الإرسال أو المخالصة أو الشيك أو أذن البريد على المدين ما لم يتفق على خلاف ذلك.
وهذه المادة تقابل المواد 338 أردني و 348 مصري و 346 سوري و 398 عراقي .

المادة 364
1. لمن قام بوفاء جزء من الدين أن يطلب مخالصة بما وفاه مع التأشير على سند الدين بحصول هذا الوفاء فإذا وفى الدين كله كان له أن يطلب رد سند الدين أو إلغاءه. فإذا كان السند قد ضاع كان له أن يطلب من الدائن أن يقر كتابة بضياع السند.
2. فإذا رفض الدائن القيام بما فرضته عليه الفقرة السابقة جاز للمدين أن يودع الشيء المستحق إيداعا قضائياً
المذكرة الإيضاحية :
لمن يقوم بالوفاء، سواء أكان المدين نفسه أم الغير أن يحصل من الدائن على الدليل المثبت له فيطلب إليه إذا وفى جزءاً من الدين مخالصة بما وفاه مع التأشير على سند الدين بما وفاه فإذا أوفى الدين كله كان للموفي طلب رد سند الدين أو إلغائه فإذا كان السند قد ضاع كان له أن يطلب إلى الدائن إقراراً كتابياً بذلك، فإذا لم يستجب الدائن طلب الموفي كان لهذا أن يودع الشيء المستحق إيداعاً قضائياً فيتيسر له بذلك الحصول على الدليل المطلوب.
وهذه المادة تقابل المواد 339 أردني و 349 مصري و 347 سوري.


2 التنفيذ بما يعادل الوفاء
الوفاء الإعتياضي

المادة 365
يجوز للدائن أن يقبل وفاء لدينه شيئا آخر أو حقا يؤديه المدين ويخضع الاتفاق على الاعتياض للأحكام العامة للعقود المنصوص عليها في هذا القانون.

المادة 366
1. تسري على الوفاء الاعتياضي أحكام البيع إذا كان مقابل الوفاء عينا معينة عوضا عن الدين.
2. وتسري عليه أحكام الوفاء في قضاء الدين.

المادة 367
ينقضي الدين الأول مع ضماناته في الوفاء الاعتياضي وينتقل حق الدائن إلى العوض.
المذكرة الإيضاحية :
تبدو أهمية الوفاء الاعتياضي في آثاره التي تترتب على طبيعة التصرف المتفق عليه بين طرفيه، فالاتفاق على العوض ينقل ملكية ما يؤدي مقابل الوفاء وعندئذ تطبق أحكام البيع كما أن أداء العوض يهيئ للمدين وسيلة لأداء دينه وإبراء ذمته منه ولذا تطبق أحكام الوفاء وقد يأخذ الاعتياض صورة من صور تجديد الدين التي يعقبها الوفاء، وقد نصت المادة 365 من المشروع على أحقية الدائن في أن يقبل وفاء لدينه شيئاً آخر والتزاماً عوضاً عن دينه وتطبق على هذا الاتفاق الشرائط الخاصة بالعقود فإذا كان مقابل الوفاء عيناً معينة عوضاً عن الدين فإن أحكام البيع تسري على الاتفاق ويلتزم المدين بنقل ملكية العين إلى الدائن ولا يكفي مجرد الالتزام بذلك ويحل الاتفاق الجديد محل القديم والجديد هو الذي ينقضي بالوفاء عن طريق انتقال حق الملك في العوض.
ويترتب على الاعتياض إذا كان نقل الملكية بمقابل أن تسري عليه أحكام البيع ومن ثم فإنه يشترط توافر أهلية التصرف في الموفي وتسري الأحكام المتعلقة بضمان الاستحقاق وضمان العيب في العوض. ويتبع ذلك انقضاء الدين وما يتبعه من ضمانات إن وجدت ولا يكون للدائن إلا حق الرجوع بدعوى الضمان ما لم يطلب الحكم بفسخ الاتفاق لعيب في العوض وعندئذ يعود الدين القديم إلى حاله.
وقد ذكر الوفاء بمقابل في كتب الفقه في البيع أو الصلح ويتميز الفقه الإسلامي بأن مقابل الوفاء قد يكون التزاماً بينما تشترط القوانين الحديثة أن يكون مقابل الوفاء عيناً معينة ولذا فقد تضمن المشروع النص على أن مقابل الوفاء قد يكون التزاماً أيضاً.
وينقضي الدين في جميع الأحوال كنتيجة للمقاصة التي تقع بين الدينين على أن الوفاء بمقابل يتميز عن المقاصة في أن الدين الآخر في الوفاء بمقابل هو دين حكمي بحت فقرة 84 من نظرية الالتزام في الشريعة الإسلامية للدكتور شفيق شحاته، صفحة 110 .
وقد نصت المادة 1548 من المجلة على أنه إذا وقع الصلح عن الإقرار على مال معين عن دعوى مال معين فهو في حكم البيع، فكما يجري فيه خيار العيب والرؤية والشرط كذلك تجري في دعوى الشفعة إن كان المصالح عنه أو المصالح عليه عقاراً ولو أستحق كل المصالح عنه أو بعضه يسترد هذا المقدار، من بدل الصلح كلاً أو بعضاً .... وصورة الصلح على الوجه الوارد في النص تنطبق على صورة الوفاء الإعتياضي وتتفق مع ما جاء في القوانين الحديثة.
يراجع شرح المجلة لعلي حيدر المادة 1548 وما بعدها جزء 4 ص 27 .
وهذه المواد تقابل المواد 340 و 341 و 342 أردني و 350 و 351 مصري و 348 و 349 سوري و 399 و 400 عراقي .

ب المقاصة
المادة 368
المقاصة إيفاء دين مطلوب لدائن بدين مطلوب منه لمدينه.

المادة 369
المقاصة إما جبرية وتقع بقوة القانون أو اختيارية وتتم باتفاق الطرفين أو قضائية وتتم بحكم القاضي.

المادة 370
يشترط في المقاصة الجبرية أن يكون كلا الطرفين دائنا للآخر وان يتماثل الدينان جنسا ووصفا واستحقاقا وقوة وضعفا وألا يضر إجراؤها بحقوق الغير سواء اتحد سبب الدينين أو اختلف.

المادة 371
يجوز أن تتم المقاصة الاتفاقية إذا لم يتوفر أحد شروط المقاصة الجبرية.

المادة 372
تتم المقاصة القضائية بحكم من القاضي إذا توفرت شروطها وبطلب اصلي أو عارض.

المادة 373
إذا كان للمودع لديه دين على صاحب الوديعة أو كان للغاصب دين على صاحب العين المغصوبة والدين من جنس الوديعة أو العين المغصوبة فلا تجري المقاصة إلا باتفاق الطرفين.

المادة 374
إذا اتلف الدائن عينا من مال المدين وكانت من جنس الدين سقطت قصاصا فان لم تكن من جنسه فلا تقع المقاصة إلا باتفاق الطرفين.

المادة 375
تتم المقاصة بناء على طلب صاحب المصلحة فيها وتقع بقدر الأقل من الدينين.

المادة 376
إذا كان الدين لا تسمع فيه الدعوى لمرور الزمان وقت التمسك بالمقاصة فلا يمنع ذلك من وقوع المقاصة ما دامت المدة المانعة من سماع الدعوى لم تكن قد تمت في الوقت الذي أصبحت فيه المقاصة ممكنة.

المادة 377
إذا أدى المدين ديناً عليه كان له أن يطلب المقاصة فيه بحق له فلا يجوز أن يتمسك بضمانات هذا الحق إضراراً بالغير إلا إذا كان يجهل وجوده، وكان له في ذلك عذر مقبول.
المذكرة الإيضاحية :
تناولت هذه المواد المقاصة كوسيلة لتساقط دينين بين شخصين كل منهما دائن ومدين للآخر وقد جرت تسمية ذلك إصطلاحاً بالمقاصة وقد عرفها ابن جزى في القوانين الفقهية صفحة 292 بأنها اقتطاع دين من دين وعرفها ابن عرفة شرح الخرشي على سيدي خليل جزء 4 صفحة 143 نظرية الموجبات في الشريعة الإسلامية للدكتور محمصاني جزء 2 صفحة 554 بأنها متاركة مطلوب بمماثل صنف ما عليه لماله على طالبه فيما ذكر عليهما وقد فصل فقهاء المالكية والحنفية أقوال اختلاف جنس الدينين واتفاقهما واستخلص المشروع أحكام المقاصة بحيث لا تتعارض مع ما ورد من أحكام في القوانين الحديثة وما ورد من أحكام متناثرة في أبواب متفرقة من المشروع وقد عرفت المادة 368 المقاصة من تصوير الفقهاء لطبيعتها فقد صورها بعض الفقهاء على أنها ابراء من الدين بمقابل ولكن السائد انها وفاء حكمي وهي في نظر علماء القوانين الحديثة وفاء دينين في نفس الوقت وإن كان البعض يرى أنها تنطوي على وفاء دين واحد وهو الدين السابق في التاريخ إلا أن هذا لا يعني أن الدين الآخر قد تم وفاؤه بالتقاص وقد عرفت هذه المادة المقاصة تعريفاً ينطبق على واقعها ويتفق مع النظر الصحيح في الفقه.
والمقاصة في الفقه الإسلامي إما أن تكون جبرية أي حكمية وهي بالتالي المقاصة القانونية في القوانين الحديثة أو اختيارية تتم باتفاق الطرفين، وأضيف إليهما المقاصة القضائية والتي تتم بناء على طلب أصحاب الشأن من القاضي إما بطلب أصلي أو بطلب عارض أثناء قيام الخصومة أمامه متى توافرت شرائطها في الدينين وطبقاً لما يرتأيه القاضي من ظروف النزاع وقد بينت المادة 371 شروط المقاصة الجبرية القانونية وهي أن يكون كلا الطرفين دائناً ومديناً للآخر وان يتماثل الدينان جنساً ووصفاً واستحقاقاً وقوة وضعفاً وألا يضر إجراؤها بحقوق الغير، فإذا تخلف شرط من هذه الشروط فإن المقاصة الجبرية لا تقع وإنما يجوز للطرفين أن يتفقا على إجرائها مهما كان اختلاف الدينين م 371 وتضمن القانون المادتين 373 و 374 حالتين لا تقع فيهما المقاصة رغم توافر الشروط وهما :
1. إذا كان للوديع دين على المودع فلا يجوز له الإستيلاء على الوديعة ولو كانت من جنس الدين.
2. إذا كان للمغتصب دين على المالك وتوفرت ظروف الحالة السابقة، أما المادة 374 فقد نصت على حالة إتلاف الدائن عيناً من مال المدين وكانت من جنس الدين فإنها تسقط قصاصاً فإن لم تكن من جنسه فلا تقع المقاصة إلا باتفاق الطرفين الفتاوى الهندية جزء 3 صفحة 295 و 296 .
ومن آثار المقاصة سقوط الدين الأقل، ومقدار ما يقابله من الدين الأكبر، وإنما تتم بناء على طلب صاحب المصلحة فيها، تأكيداً لعدم ارتباطها بالنظام العام، أو تخويل القضاء الحكم بها من تلقاء نفسه المادة 375 ومتى كانت المقاصة تقع وقت تلاقي الدينين فإن أثرها يترتب ما دام الدين قائماً لم ينقض عليه مرور الزمان المانع من سماع الدعوى عند طلبه المادة 376 . أما إذا أدى المدين الدين وكان له أن يطلب المقاصة فيه بحق فلا يجوز له أن يتمسك بضماناته إضراراً بالغير إذا كان يجهل وجوده واثبت عذره في ذلك المادة 377 .
ومصدر هذه النصوص المواد 224 231 من مرشد الحيران وما جاء في رد المحتار جزء 4 صفحة 239 وما بعدها .
وهذه المادة تقابل المواد 343 إلى 352 أردني و 365 و 366 و 369 مصري و 360 إلى 367 سوري و 408 إلى 416 عراقي .

ج اتحاد الذمتين

المادة 378
1. إذا اجتمع في شخص واحد صفتا الدائن والمدين بالنسبة الى دين واحد انقضى هذا الدين بالقدر الذي اتحدت فيه الذمتان.
2. ولا يتم اتحاد الذمتين إذا كان الدائن وارثا للمدين ويشترك مع باقي الدائنين في اقتضاء دينه من التركة.

المادة 379
إذا زال سبب اتحاد الذمتين بأثر رجعي عاد الدين الى ما كان عليه من قبل.
المذكرة الإيضاحية :
اتحاد الذمتين في حقيقته ليس سبباً من أسباب انقضاء الالتزام بل هو مانع طبيعي يمنع المطالبة بالدين لاتحاد صفتي الدائن والمدين في شخص واحد ويختلف عن المقاصة في أنها تقوم على تلاقي دينين ثم استيفاء كل منهما قصاصاً إما اتحاد الذمتين فيفترض وجود دين واحد يخلف أحد طرفيه الطرف الآخر فيه ولا يستطيع أن يطالب نفسه بالدين ولذا يقف نفاذه.
وكما يتم اتحاد الذمتين في الديون فإنه يتحقق في الحقوق العينية إذ ينتهي حق الارتفاق إذا اجتمع العقار المخدوم بالحق في يد مالك واحد وينتهي حق الرهان الحيازي إذا اجتمع مع حقوق الملكية في يد مالك واحد.
وينتهي حق الانتقاع إذا اجتمع مع حق الرقبة في يد شخص واحد، وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 378 المشار إليها على تعريف اتحاد الذمتين وقد عرفته القوانين الحديثة باتحاد الذمة إلا أنه في حقيقته اتحاد ذمتين دائن ومدين ولذا فقد عرفته المادة على هذا الأساس .
ولما كان اتحاد الذمتين يتحقق بصورة واضحة في الميراث وللميراث أحكامه في الفقه الإسلامي ومن ثم فلا يمكن اطلاق النص في الفقرة الأولى دون بيان الاستثناء في الفقرة الثانية لان قواعد الفقه الإسلامي تفرض أن الدائن يرث الدين الذي على التركة، فالديون لا تورث ولا تركة إلا بعد سداد الديون فتبقى التركة منفصلة عن مال الدائن حتى تسدد دينها له ثم يرث الدائن بعد ذلك من التركة ما يبقى بعد سداد الديون ومن ثم فلا محل لاتحاد الذمتين ولذا نص المشرع على هذا الاستثناء إعمالاً لأحكام الشريعة الإسلامية.
ونصت المادة 379 على ان اذا زال سبب اتحاد الذمتين بأثر رجعي سقط المانع وعاد الدين إلى حاله ذلك لأن الدين عند اتحاد الذمتين يقف نفاذه كما اسلفنا ويبقى، فلو أوصى دائن لمدينه بالدين وصية قابلة للبطلان فإبطال الوصية يعيد الدين إلى حاله ويعتبر اتحاد الذمتين كأنه لم يكن بعد أن زال سببه بأثر رجعي.
ومصدر هاتين المادتين ما تركه الفقهاء في ديون التركة وأحكام الوصية.
يراجع أحكام التركات للشيخ محمد أبو زهرة صفحة 17 وما بعدها ونظرية الالتزام في الشريعة الإسلامية للدكتور شفيق شحاته ج 1 هامش 112 فقرة 89 .
وهاتان المادتان تقابلان المواد 353 و 354 أردني و 370 مصري و 368 سوري و 418 و 419 عراقي .

الفرع الثاني
التنفيذ الجبري
1 التنفيذ العيني
نظرة عامة :
الإلتزامات التي يتناولها هذا الفصل :
تناولت القوانين المدنية كالمصري والسوري والعراقي في هذا الفصل ثلاثة أنواع من الإلتزامات هي :
1. الإلتزام بنقل الملكية أو حق عيني آخر.
2. الإلتزام بعمل .
3. الإلتزام بالإمتناع عن عمل.
المواد 204 وما بعدها مصري و 205 وما بعدها سوري و 247 وما بعدها عراقي.
أما الالتزام بنقل الملكية أو أي حق عيني آخر فإن ذلك إن وجد في القانون فإنه لا يوجد في الفقه الإسلامي ذلك أن التصرف بنفسه هو الذي ينقل الملكية أو الحق العيني بوصفه حكماً من أحكام التصرف فالبيع في الفقه الإسلامي ينقل بنفسه ملكية المبيع من البائع إلى المشتري فلا ينشأ عن العقد التزام بذلك بخلاف الحال في القانون فالبيع ينشئ أولاً في ذمة البائع التزاماً بنقل الملكية ثم يقضي القانون بأن هذا الالتزام ينفذ من تلقاء نفسه، لذا كان طبيعياً أن يعالج القانون المصري وما أشتق منه الالتزام بنقل الملكية وقد عالج ذلك في المواد 204 منه وما بعدها على ما سلفت الإشارة.
أما في الفقه الإسلامي فلا مجال للكلام على هذا الالتزام بصدد تنفيذ الالتزام بعد معالجة ذلك في آثار العقد م 243 وما بعدها
حيث نص على ما يأتي :
م 243 " 1 يثبت حكم العقد في المعقود عليه وبدله بمجرد انعقاده دون توقف على القبض وأي شيء آخر ما لم ينص القانون على غير ذلك.
أما حقوق العقد فيجب على كل من الطرفين الوفاء بما أوجبه العقد عليه منهما ".
م 244 عقد المعاوضة الوارد على الأعيان إذا استوفى شرائط صحته يقتضي ثبوت الملك ل كل واحد من العاقدين في بدل ملكه والتزم كل منهما بتسليم ملكه المعقود عليه للآخر .
ويبقى من أنواع الإلتزام :
- الإلتزام بالقيام بعمل .
- الإلتزام بالإمتناع عن عمل.
- والأول يشمل :
الالتزام بدفع مبلغ معين كالتزام المشتري بدفع الثمن للبائع .
الالتزام بتسليم عين معينة كالتزام البائع بتسليم المبيع المعين بالتعيين إلى المشتري.
وإلتزام الوديع برد الوديعة ..... إلخ .
الالتزام بالحفظ كالتزام الوديع بحفظ الوديعة. القيام بعمل معين كإلتزام الأجير بالقيام بالعمل المتفق عليه.
والثاني الالتزام بالامتناع عن عمل مثاله : أن يلتزم جار لجاره بأن لا يبنى على مسافة معينة أو لا يعلو بالبناء عن ارتفاع معين وقد انتشر الآن هذا النوع من التعاقد وقد أجازه المشرع نتيجة أخذه بقاعدة أن الأصل في العقود الصحة.
التنفيذ العيني : الأصل أن للدائن المطالبة بتنفيذ الالتزام عيناً وللمدين القيام بذلك ما بقي هذا التنفيذ ممكناً، ولم يستثن المشرع من هذه القاعدة إلا حالة واحدة، استمد فكرة حكمها من القانون المدني المصري الذي أستمد الحكم بدوره من التقنين الألماني وهي حالة ما إذا لم يكن التنفيذ العيني ميسوراً إلا ببذل نفقات لا تتناسب مع ما ينجم من ضرر من جراء التخلف عن الوفاء عيناً، فأجاز للقاضي بناء على طلب المدين قصر حق الدائن، استثناء، على اقتضاء عوض م 215 2.
والسند الفقهي للمشرع في هذا الاستثناء قاعدة " إذا بطل الأصل يصال إلى البدل "م 53 من المجلة و المشقة تجلب التيسير م 17 المجلة . و الأمر إذا ضاق اتسع م 18 المجلة و لا ضرر ولا ضرار م 19 المجلة و الضرر يزال م 20 المجلة و الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف م 27 المجلة وإذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفها م 28 المجلة و يختار أهون الشرين م 29 المجلة و درء المفاسد أولى من جلب المنافع م 30 المجلة و الضرر يدفع بقدر الإمكان م 31 المجلة والحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة أو خاصة م 32 المجلة.
ويراعى أن حكم القاعدة العامة تتفاوت تفاصيله عند التطبيق باختلاف أقسام الالتزامات، فإذا كان محل الالتزام القيام بعمل ولم يقم به المدين كان للدائن القيام به على نفقة المدين بترخيص من القضاء أو بدون ترخيصه في حالة الاستعجال متى كان هذا التنفيذ ممكناً، فإذا تبين أن قيام المدين بتنفيذ الالتزام بنفسه ضرورة لا معدي عنها فللدائن أن يرفض الوفاء من غير هذا المدين مادة 381 وقد يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ العيني مادة 382 كما هو الشأن في عقد بيع لم يصدق على إمضاء البائع فيه حيث يستوجب ذلك إجراء أوجبه القانون كالتسجيل .
- وإذا كان محل الالتزام المحافظة على الشيء أو القيام بإدارته أو يتوخى الحيطة في التنفيذ إلى حين تسلمه وهو التزام بالقيام بعمل، فمن واجب المدين أن يبذل في تنفيذ الالتزام بالمحافظة والتسليم عناية الرجل المعتاد إلا إذا نص القانون أو قضى الاتفاق بغير ذلك مادة 383 .
- أما الالتزام الامتناع عن عمل فيتم تعويضه عيناً متى كان ذلك ممكناً بإزالة ما جدّ على خلاف مقتضى التعهد على نفقة المدين مادة 384 وتعرض بصدد هذا الالتزام تلك الحالة الاستثنائية التي لا يكون التنفيذ العيني فيها ميسوراً إلا ببذل نفقات فادحة، تستتبع إرهاق المدين مادة 380 2 ومثال ذلك إقامة المدين بناءً عظيماً، خلافاً لتعهده بعدم البناء فللقاضي في هذه الحالة قصر حق الدائن على التعويض، دون الهدم، إذا كان يصيب المدين من جرائه ضرر لا يتناسب مع ما يحيق بالدائن من وراء الإبقاء على البناء عملاً بالقاعدة الشرعية الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف المادة 27 من المجلة . ويراجع الوسيط للسنهوري ج 2 ص 800 .804

المادة 380
1. يجبر المدين بعد اعذاره على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا متى كان ذلك ممكناً.
2. على أنه إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين جاز للقاضي بناء على طلب المدين أن يقصر حق الدائن على عوض نقدي إذا كان ذلك لا يلحق به ضررا جسيما.
المذكرة الإيضاحية :
إذا كان تنفيذ الالتزام يدخل في حدود الإمكان فمن حق الدائن أن يستأديه ومن حق المدين أن يعرض القيام به ولا يجوز العدول عن هذا التنفيذ إلى طريق التعويض أي أخذ عوض إلا بتراضي المتعاقدين، ذلك أن التعويض لا ينزل من التنفيذ العيني منزلة التزام تخييري أو التزام بدلي، فهو ليس موكولا للتخيير لأن رخصة العدول عن الوفاء عيناً إلى الوفاء بمقابل غير ثابتة لأي من المتعاقدين. سواء في ذلك الدائن أو المدين فمن واجب الأول أن يعرض الوفاء عيناً ومن واجب الثاني قبول هذا الوفاء وهو ليس بديلاً لأن المدين لا يملك إعطاء العوض النقدي ما بقي الوفاء العيني ممكناً .
- بقي بعد ذلك تحديد فكرة إمكان التنفيذ فمتى يمكن القول بأن تنفيذ الإلتزم عيناً يدخل في حدود الإمكان ولا سيما فيما يتعلق بميعاد التنفيذ ؟
- إذا حدد ميعاد للتنفيذ فالمفروض أن الوفاء العيني يمتنع بعد إنقضاء هذا الميعاد إلا أن يقيم ذو الشأن الدليل على عكس ذلك.
- وإذا لم يحدد ميعاد للتنفيذ جاز الوفاء عيناً ما دامت الظروف تسمح به دون أن يخل بذلك بداهة بحق الدائن فيما يجب له من تعويض عن التأخير ويهيئ التقنين الألماني للدائن وسيلة لقطع الشك باليقين، في مثل هذه الحالة، فيبيح أن يحدد للمدين ميعاداً مناسباً للوفاء عيناً، وأن يشفع هذا التحديد بإبلاغه أنه لن يقبل منه وفاءه بعد انقضاء هذا الميعاد م 250 من التقنين الألماني وليس ثمة ما يمنع القضاء من العمل بهذا الحكم، دون حاجة إلى الاستناد إلى نص تشريعي خاص .
- وقد أستثنى المشرع حالة واحدة من حكم قاعدة عدم جواز العدول إلى طريق التعويض ما بقي التنفيذ العيني ممكناً فأباح للقاضي بناء على طلب المدين أن يعمد إلى العوض النقدي إذا كان يصيب المدين من وراء التعويض العيني ضرر فادح لا يتناسب مع ما يحيق بالدائن من جراء التخلف عن الوفاء عيناً .
مثال ذلك أن يقيم المالك بناء خلافاً لما يفرضه عليه التزام أو اتفاق بعدم البناء وهو امر كثير الوقوع، فمن واجب القاضي في هذا المقام أن يوازن بين مصالح ذوي الشأن وأن يتحاشى تحميل المدين تضحيات جسام درءاً لضرر طفيف.
وقد تقدمت القواعد الفقهية التي يستند إليها هذا الحكم الاستثنائي وهي قاعدة " إذا بطل الأصل يصار إلى البدل " م 53 من المجلة والقواعد الخاصة بالضرر والمشقة .
وقد رؤي إدخال تعديل يجعل الحكم أقرب إلى قواعد الفقه الإسلامي ذلك أن الحكم في القوانين المدنية المصري والسوري يجعل من حق المدين نفسه أن يعمد إلى التعويض النقدي الذي كان يصيبه من وراء التنفيذ العيني ضرر فادح لا يتناسب مع ما يحيق بالدائن من جراء التخلف عن الوفاء عيناً وفي هذه الحالة لا يسوغ للدائن أن يطالب بالتنفيذ العيني بل يقتصر حقه على المطالبة بأداء التعويض الواجب له ودور القاضي في هذه الحالة أن يوازن بين مصالح ذوي الشأن وأن يتحاشى تحميل المدين تضحيات جسام درءاً لضرر طفيف المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني المصري وقد رؤي جعل الأمر من أوله إلى آخره للقاضي بناء على طلب المدين إذ طلب المدين في هذه الحالة يستهدف رفع مظلمة، وولاية رفع المظالم إلى القاضي، وعلى كل فالنتيجة العملية النهائية واحدة وهو أن القول الفصل للقاضي.
- والمقصود بالإرهاق المشار إليه في الفقرة الثانية العنت الشديد وتقديره متروك للقضاء.
- ونطاق تطبيق هذا النص هو المعاملات المدنية لا المسائل الجنائية فالنص لا يجيز للقاضي الجنائي الحكم بالغرامة دون الإزالة إذا قضى بها القانون لأن الإزالة عندئذ تكون عقوبة جنائية.
وهذه المادة تقابل المواد 355 أردني و 203 مصري و 204 سوري .

المادة 381
1 . إذا كان موضوع الحق عملا واستوجبت طبيعته أو نص الاتفاق على أن يقوم المدين به بشخصه جاز للدائن أن يرفض الوفاء به من غيره.
2. فإذا لم يقم المدين بالعمل جاز للدائن أن يطلب أذنا من القاضي بالقيام به كما يجوز له تنفيذه دون أذن عند الضرورة ويكون التنفيذ في الحالتين على نفقة المدين.
المذكرة الإيضاحية :
إذا كان الالتزام الواجب تنفيذه التزاماً بعمل فينبغي التفرقة بين حالة ضرورة قيام المدين بنفسه بالوفاء، وحالة انتفاء هذه الضرورة.
ففي الحالة الأولى يتعين على المدين أن يتولى أداء ما ألتزم به شخصياً كما إذا كان ممثلاً أو مغنياً أو مصوراً فإن امتنع عن ذلك كان للدائن أن يلجأ إلى وسائل إجبار المدين التي نص عليها القانون أو التعويض النقدي وقد يكون هناك شرط جزائي متفق عليه بينهما فيطالب الدائن بتنفيذه طبقاً لأحكام الشرط الجزائي.
وفي الحالة الثانية يجوز للدائن أن يقتضي التنفيذ عيناً من غير تدخل المدين بأن يستصدر إذناً من القاضي يخوله أن يتولى هذا التنفيذ على نفقة المدين كإجراء إصلاحات عاجلة يلتزم المؤجر القيام بها مثلاُ بل يجوز التجاوز عن إذن القضاء عند الاستعجال.
وهذه المادة تقابل المواد 356 أردني و 208 و 209 مصري و 209 و 210 سوري و 249 و 250 عراقي .

المادة 382
يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ إذا كان موضوع الحق عملا وسمحت بذلك طبيعته
المذكرة الإيضاحية :
يقوم حكم القاضي مقام التنفيذ العيني أحياناً رغم ضرورة وفاء المدين نفسه بما التزم به فإذا امتنع البائع مثلاً عن التصديق على إمضائه في عقد البيع فلم يتيسر التسجيل جاز للمشتري أن يستصدر حكماً بصحة التعاقد فيكون هذا الحكم بمنزلة العقد وتنتقل ملكية العقار المبيع بمقتضاه عند التسجيل.
وكذلك إذا وعد شخص بإبرام عقد وامتنع عن الوفاء بوعده جاز للقاضي أن يحدد له ميعاد للتنفيذ فإذا لم يقم بالوفاء في خلال هذا الميعاد حل حكم القاضي محل العقد المقصود إبرامه.
ففي هذين التطبيقين يقوم الحكم مقام التنفيذ العيني ويغني عنه.
وهذه المادة تقابل المواد 357 أردني و 210 مصري و 211 سوري .

المادة 383
1. إذا كان المطلوب من المدين هو المحافظة على الشيء أو القيام بإدارته أو توخي الحيطة في تنفيذ التزامه فانه يكون قد وفى بالالتزام إذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي وان لم يتحقق الفرض المقصود هذا ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك.
2. وفي جميع الأحوال يبقى المدين مسئولا عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم.
المذكرة الإيضاحية :
ترد هذه المادة صورة الإلتزام بعمل إلى طائفتين جامعتين .
أولاهما : تنظيم ما يوجب على الملزم المحافظة على الشيء أو إدارته أو توخي الحيطة في تنفيذ ما التزم الوفاء به، وبعبارة أخرى ما يتصل الإلزام فيه بسلوك الملزم وعنايته.
وثانيهما : يدخل فيها ما عدا ذلك من صور العمل كالإلتزم بإصلاح آلة.
وتقتصر هذه المادة على حكم الطائفة الأولى فتحدد مدى العناية التي يتعين على المدين أن يبذلها في تنفيذ الالتزام والأصل في هذه العناية أن تكون مماثلة لما يبذل الشخص المعتاد فهي بهذه المثابة وسط بين المراتب، يناط بالمألوف في عناية سواد الناس بشئونهم الخاصة.
وعلى هذا النحو يكون معيار التقدير معياراً عاماً مجرداً، فليس يطلب من المدين إلا التزام درجة وسطى من العناية، أيا كان مبلغ تشدده أو اعتداله أو تساهله في العناية بشئون نفسه.
على أنه قد ينص القانون، أو يقضي الاتفاق صراحة أو ضمنا ببذل عناية المدين بشئونه الخاصة وقد يكون المقصود أن تكون هذه العناية أعلى من عناية الشخص العادي بحسب النص أو الاتفاق. تراجع المواد 776 و 815 من مرشد الحيران و 780 و 781 من المجلة.
ومتى تقررت درجة العناية الواجب اقتضاؤها من المدين فكل تقصير في بذل هذه العناية مهما كان طفيفاً يسأل عنه المدين.
ومهما يكن من أمر فمن المسلم أن المدين يسأل على وجه الدوام عما يأتي من غش أو خطأ جسيم سواء أكان معيار العناية الواجبة معياراً عاماً مجرداً أم خاصاً معيناً.
وهذه المادة وإن كانت أغلب تطبيقاتها ترد في العقد إلا أنه قد يدخل في تطبيقاتها التزام غير عقدي كالالتزام القانوني باتخاذ الحيطة الواجبة لعدم الإضرار بالغير وهو ما قد يعبر عنه بالالتزام بعدم الإضرار بالغير، فهذا الالتزام ليس التزاماً بالامتناع عن الإضرار بالغير بل هو التزام باتخاذ الحيطة الواجبة لعدم الإضرار بالغير، فهو التزام بعمل وليس التزاماً بالامتناع عن عمل السنهوري، الوسيط ج 5 البند 424 ص 779 وعلى كل فوضع النص هنا يخول تطبيقه في كل الالتزامات مهما كان مصدرها.
وهذه المادة تقابل المواد 358 أردني و 217 مصري و 218 سوري و 251 عراقي .

المادة 384
إذا كان موضوع الحق هو الامتناع عن عمل وأخل به المدين جاز للدائن أن يطلب إزالة ما وقع مخالفا له أو أن يطلب من القاضي أذنا بالقيام بهذه الإزالة على نفقة المدين.
المذكرة الإيضاحية :
اذا التزم الشخص بالإمتناع عن عمل وأخل بهذا الالتزام فقد أصبح التنفيذ العيني مستحيلاً وقد لا يمكن إلا التعويض النقدي عما حصل من ضرر كحالة إفشاء سر المهنة، وقد يكون التعويض العيني ممكناً من طريق ازالة ما استحدث اخلال بالإلتزام، وفي هذه الحالة يكون للدائن أن يستصدر من القاضي بأن يقوم بهذه الإزالة على نفقة المدين والفرق بين التنفيذ العيني والتعويض العيني أن الأول يكون قبل وقوع الإخلال بالإلتزام والثاني يكون بعد وقوع الإخلال بالإلتزام فإزالة المخالفة تكون هي التعويض العيني.
وتحسن الإشارة إلى جواز العدول عن التعويض العيني ولو كان ممكناً والاكتفاء بالتعويض النقدي وفقاً لأحكام الفقرة الثانية من المادة 380 إذا كان يصيب المدين من جراء التنفيذ على هذا الوجه ضرر فادح ولا ينجم عن الاقتصار على التعويض النقدي ضرر جسيم يلحق الدائن كأن يقيم جار بحسن نية بناء على أرض ملاصقة فللقاضي بدلاً من أن يأمر بإزالة البناء أن يقتصر على تعويض صاحب الأرض الملاصقة نقداً بأن ينزل هذا عن ملكية الجزء المشغول بالبناء في نظير تعويض عادل.
ويلاحظ أن الالتزام بالامتناع عن عمل قد يكون مصدره العقد كالتزام المغني أو الممثل بعدم الغناء أو التمثيل في غير مسرح معين، وقد يكون مصدره القانون كالتزام الجار ألا يضر جاره ضرراً فاحشاً وكالتزام الطبيب والمحامي بعدم إفشاء سر المهنة.
وهو التزام بتحقيق غاية .
يراجع مجموع الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 534 535 والسنهوري، الوسيط ج 2 ص 795 799 .
وهذه المادة تقابل المواد 359 أردني و 212 مصري و 203 سوري و 253 عراقي .

المادة 385
إذا تم التنفيذ العيني أو أصر المدين على رفض التنفيذ حدد القاضي مقدار التعويض الذي يلزم به المدين مراعيا في ذلك الضرر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين.
المذكرة الإيضاحية :
إذا تم التنفيذ العيني حسب المطلوب، أو أصر المدين على رفض التنفيذ فعلى القاضي أن يحدد مقدار التعويض الذي يلزمه المدين، مراعياً في ذلك مقدار الضرر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين عملاً بالقواعد الشرعية الضرورات تقدر بقدرها والضرر يدفع بقدر الإمكان المادتان 22 و 31 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 360 أردني و 214 مصري و 215 سوري و 245 عراقي .

2 التنفيذ بطريق التعويض

المادة 386
إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه ما لم يثبت إن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه. ويكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه.
المذكرة الإيضاحية :
الأصل في تنفيذ الالتزام أن يقوم المدين بذلك عيناً إلا أنه قد يستحيل على المدين أن ينفذ التزامه عيناً وفي هذه الحالة يحكم عليه بالتعويض إلا إذا ثبت أن استحالة التنفيذ قد نشأت عن سبب أجنبي لا يد له فيه ففي هذه الحالة لا يحكم عليه بالتعويض إعمالاً للقاعدة الشرعية لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
ويسري هذا الحكم على حالة تأخير المدين في تنفيذ التزامه.
وهذه المادة تقابل المادة 215 مدني مصري.

المادة 387
لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك في القانون أو في العقد.
المذكرة الإيضاحية :
تضمنت هذه المادة حكماً مقتضاه ألا يستحق التعويض على المدين إلا بعد إعذاره والمقصود من الإعذار هو تنبيه المدين إلى أن الدائن غير متهاون في حقه في التنفيذ عند الأجل، وقد يتفق الطرفان مقدماً على أن المدين يكون معذراً بمجرد حلول أجل الالتزام، دون حاجة إلى أي إجراء آخر وهذا الاتفاق يلزمهما كما أنه قد يعفي الدائن من الإعذار في أحوال يحددها القانون وقد وضعت المادة على وجه يحقق الغرض المقصود بها دون تحديد طريق معين للإعذار، توفيراً لمصلحة الناس حسب عرفهم وتعاملهم وما قد يرد في قانون الإجراءات المدنية.
تراجع المواد 37 و 43 و 44 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 361 أردني و 218 مصري و 219 و 220 سوري و 256 و 257 عراقي .

المادة 388
لا ضرورة لإعذار المدين في الحالات الآتية:
أ. إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين.
ب. إذا كان محل الالتزام تعويضا ترتب على عمل غير مشروع.
ج. إذا كان محل الالتزام رد شيء يعلم المدين انه مسروق أو شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك.
د. إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه.
المذكرة الإيضاحية :
نص في هذه المادة على ألا ضرورة للإعذار في حالات معينة بعضها كان في حاجة إلى هذا النص وبعضها يرجع إلى طبيعة الأشياء. أما ما كان في حاجة إلى النص فالحالة التي يكون فيها محل الالتزام رد شيء يعلم المدين أنه مسروق أو رد شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك ففي هذه الحالة يكون المدين سيء النية ويكون واجباً عليه أن يرد الشيء إلى الدائن وليس الدائن بمقتضى النص في حاجة إلى إعذاره، ومن ثم يجب على المدين أن يبادر فوراً إلى رد الشيء للدائن، دون إعذار وإلا كان مسئولاً عن التأخر في الرد.
وأما ما يرجع إلى طبيعية الأشياء وورد مع ذلك به النص فثلاث حالات :
1. إذا أصبح تنفيذ الإلتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين فلا معنى اذن لإعذار المدين وإذا كان استحالة التنفيذ راجعاً إلى غير فعل المدين فإن الإلتزام ينقضي ولا يسأل المدين حتى عن التعويض ومن أمثلة ذلك :
- التزام مقاول ببناء مكان في معرض لأحد العارضين وينتهي المعرض قبل أن ينفذ المقاول التزامه.
- التزام محام برفع استئناف عن حكم وانتهى ميعاد الاستئناف قبل أن يرفعه .
- أن يكون الالتزام بالامتناع عن عمل ويخل المدين بالتزامه ويأتي العمل الممنوع .
2. إذا كان محل الإلتزام تعويضاً ترتب على عمل غير مشروع ذلك أن العمل غير المشروع هو إخلال بالتزام الشخص أن يتخذ الحيطة الواجبة لعدم الإضرار بالغير ومتى أخل الشخص بهذا الالتزام فأضر بالغير، لم يعد التنفيذ العيني للالتزام ممكناً فلا جدوى إذن من الإعذار فهذه الحالة في الواقع ليست إلا تطبيقاً من تطبيقات الحالة السابقة.
3. إذا صرح المدين كتابة أنه لا يريد القيام بالتزامه، فبعد هذا التصريح الثابت بالكتابة لا جدوى في إعذاره فهو قد رد سلفاً أنه لا يريد القيام بالتزامه ولا يكفي التصريح به أمام شهود فالقانون قد اشترط الكتابة على أن الظاهر أن الكتابة هنا للإثبات فلو أقر المدين أنه صرح بعدم إرادته القيام بالتزامه أو نكل عن اليمين التي وجهت إليه لكان ذلك كافياً في إثبات التصريح المطلوب للإعذار.
السنهوري، الوسيط، ج 2 البند 466 ص 834 839 .
وهذه المادة تقابل المواد 362 أردني و 220 مصري و 221 سوري و 298 عراقي .

المادة 389
إذا لم يكن التعويض مقدرا في القانون أو في العقد قدره القاضي بما يساوي الضرر الواقع فعلاً حين وقوعه.
المذكرة الإيضاحية :
القاعدة في الفقه الإسلامي أن الملتزم ملزم بالوفاء بالتزامه عيناً فإن لم يفعل اجبره القاضي على ذلك فإن امتنع كان امتناعه معصية يستحق عليها التعزير إلى أن يمتثل ونفذ على ماله بالطرق المشروعة في التنفيذ على المدين لوفاء دينه، وإذا ظهر إعساره فنظرة إلى ميسرة.
وإذا تمثل الاضرار في فقد مال بأن هلك أو أستهلك فالواجب في المثليات المثل وفي القيميات القيمة.
والمنافع لا تضمن عند الحنفية لانها ليست بمال عندهم ولكنها تضمن عند الشافعية والحنابلة لأنها مال متقوم في نظرهم يتحقق فيه التعدي المستوجب للتضمين وذلك بالتعدي على مصادرها أو بالحيلولة بينها وبين صاحبها وهو ما أخذ به المشرع م 54 .
يراجع في ذلك على الخفيف، الضمان 1 : 17 18 و 20 و 21 و 55 ، 57 و 61 وما بعدها وشفيق شحاته، النظرية العامة للإلتزامات، الشريعة الإسلامية ص 90 - 96 .
وتطبيقاً لذلك :
إذا كان الالتزام موضوعه قدراً من النقود أو أشياء أخرى مثلية فإن التنفيذ العيني يكون ممكناً في ذاته أما في النقود فظاهر وأما في المثليات فلأنها تقوم مقام بعضها فإن لم يف المدين أجبره القاضي على ذلك ويبيع ماله إن كان له مال وإلا فنظرة إلى ميسرة، والدائن لا يستحق تعويضاً مقابل التأخير في الوفاء لأنه يكون ربا إلا إذا ترتب على التأخير تفويت منافع على الغير فيعوض عن هذه المنافع لأنها أموال وذلك تطبيقاً لقاعدة لا ضرر ولا ضرار.
إذا كان الالتزام موضوعه تسليم عين : فإن كانت قائمة أجبر الملتزم على تسليمها وإن هلكت أو استهلكت وكانت يده ضمان وجب عليه المثل إن كانت العين مثلية والقيمة إن كانت قيمية. وإن كان يده يد أمانة سقط عنه التزامه بالتسليم ولا يلزم بشيء .
إذا كان الالتزام بعمل شيء : وجب عليه القيام به عيناً فإن لم يقم به أجبره القاضي وإذا كان مصدر الالتزام بذلك هو العقد انقضى العقد واستحق المضرور تعويضه عما لحقه من خسارة وما فاته من منافع.
والقاعدة في القوانين الوضعية أن التعويض إن لم يقدر في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يقدره ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخير في الوفاء به، ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوخاه ببذل جهداً معقول ومع كل ففي الالتزام الذي مصدره العقد لا يلزم المدين الذي لم يرتكب غشاً أو خطأ جسيماً إلا بتعويض الضرر الذي كان يمكنه توقعه عادة وقت التعاقد.
ويكون للمسئولية التعاقدية، في حالتي الغش والخطأ الجسيم حكم المسئولية عن الفعل الضار أما في غير هاتين الحالتين فلا يسأل المدين عن النتيجة الطبيعية للتخلف عن الوفاء بمجردها بل بشرط أن تكون النتيجة مما يمكن توقعه عادة وقت التعاقد فإذا لم يتحقق في النتيجة هذا الشرط خرجت بذلك من نطاق المسئولية التعاقدية وسقط وجوب التعويض عنها ويراعى في هذا الصدد أن توقع المتعاقدين للضرر الواجب تعويضه يجب ألا يقتصر على مصدر هذا الضرر أو سببه، بل ينبغي أن يتناول فوق ذلك مقداره أو مداه .
وقد رؤي الأخذ بحكم الفقه الإسلامي وصياغته على الوجه المتقدم على أساس أنه إذا لم يكن الضمان التعويض مقدراً في القانون أو العقد قدره القاضي بما يساوي الضرر الواقع فعلاً مع إثبات النصوص القانونية، وبناء على ذلك اكتفى في التعويض عن الضرر الأدبي بما جاء في المادة 392 الواردة في الفعل الضار.
وهذه المادة تقابل المواد 363 أردني و 221 مصري و 222 سوري و 207 عراقي .

المادة 390
1. يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد أو في اتفاق لاحق مع مراعاة أحكام القانون.
2. ويجوز للقاضي في جميع الأحوال بناء على طلب أحد الطرفين أن يعدل في هذا الاتفاق بما يجعل التقدير مساويا للضرر ويقع باطلا كل اتفاق يخالف ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حكم الاتفاق مقدماً على مقدار التعويض عن الضرر ولا يدخل فيها حكم التعويض عن الضرر بعد وقوعه إذ لا يخشى في حالة تقدير الطرفين للضرر بعد وقوعه ما يخشى في حالة تقديره قبل وقوعه من غلط أو شبه إكراه وهو ما يدعو إلى بيان حكم التقدير مقدماً .
ويفترض في هذا الحكم أن يستحق التعويض فإن لم يكن التعويض مستحقاً فلا يكون هناك محل لحكم هذه المادة.
وإذا استحق التعويض وكان ما قدر به الطرفان مساوياً للضرر كان بها أما إن كان أزيد أو أقل فإن القاضي ينقصه، أو يزيده بناء على طلب أحد الطرفين إذ الحكم الفقهي أن يكون التعويض مساوياً للضرر الحاصل.
يراجع علي الخفيف، الضمان 1 : 56 - 57 .
وهذه المادة تقابل المواد 364 أردني ومن 223 إلى 225 مصري ومن 224 - 226 سوري و 170 عراقي .


الفرع الثالث
الوسائل المشروعة لحماية التنفيذ
نظرة عامة :
أموال المدين هي الضمان العام للدائنين بمعنى أنهم ينفذون بحقوقهم عليه لا يتقدم فيه أحد منه على غيره بل يتساوى كل الدائنين فيه بخلاف التأمين الخاص، كالرهن، حيث يتقدم الدائن على غيره بالنسبة إلى العين التي يقع عليها هذا التأمين وحده، كما لا يتتبع أحد الدائنين العاديين عيناً خرجت من الضمان العام للمدين فإذا باع مدين عيناً فإن هذه العين تخرج من الضمان العام لهذا المدين ولا يملك دائنوه تتبعها في يد المشتري، فالضمان العام إذن لا يكفل للدائن حق التقدم ولا حق التتبع.
ففي القوانين المدنية الوضعية للدائن بالنسبة لهذا الضمان العام أو بالنسبة لأموال مدينه أن يتخذ بشأن هذه الأموال طرقاً تحفظية وطرقاً تنفيذية وطرقاً هي وسط بين التحفظية والتنفيذية، وهي جميعاً تترتب على الضمان العام وتقع على أساسه والغرض منها تأكيده وتقويته.
أما الطرق التنفيذية فتكون عادة بالحجز على منقولات المدين أو عقاره أو على ماله لدى الغير وتتكفل بها قوانين الإجراءات المدنية .
وأما الطرق التحفظية فهي نوعان :
1. طرق يتخذها الدائن بالنسبة إلى حقه الذي يريد التنفيذ به أي يتخذها في ماله كقطع التقادم بالنسبة إلى حقه وقيد الرهن الضامن أو تجديد هذا القيد.
2. وطرق يتخذها بالنسبة إلى أموال المدين حتى يحافظ عليها من الضياع مثل أن يضع الأختام عليها عند موت المدين أو إفلاسه، أو أن يحرر محضر جرد بها أو أن يتدخل في إجراءات قسمة المال الشائع المملوك لمدينه أو أن يتدخل خصماً ثالثاً في الدعاوى التي ترفع من مدينه أو عليه حتى يرقب سير الدعوى ويمنع تواطؤ المدين مع الخصم إضرار بحقوقه.
وأما الطرق الوسطى بين التنفيذية والتحفظية فمردها أن جميع أموال المدين ضامنة لالتزاماته، فهذا الضمان العام يخول للدائن أن يرقب أموال المدين، ما دخل منها في ذمة المدين وما خرج حتى يأمن على ضمانه من أن ينقصه غش المدين أو تقصيره وهذه الطرق من مباحث القانون المدني لا من مباحث قانون المرافعات لأنها تتفرع مباشرة عن مبدأ الضمان العام للدائنين كما سبق القول.
وقد عدد التقنين المدني المصري منها خمسة : دعاوى ثلاثاً وطريقين آخرين استحدثهما هذا التقنين .
أما الدعاوى الثلاث فهي: الدعوى غير المباشرة، والدعوى البوليصية أو دعوى عدم نفاذ تصرف المدين في حق الدائن ودعوى الصورية.
- فالدعوى غير المباشرة : يدفع فيها الدائن عن نفسه نتائج تهاون المدين أو غشه اذا سكت هذا عن المطالبة بحقوقه لدى الغير فيباشر الدائن بنفسه حقوق مدينه نيابة عنه بالدعوى غير المباشرة وبذلك يحافظ على ضمانه العام تمهيداً للتنفيذ بحقه بعد ذلك.
- والدعوى البوليصية أو دعوى عدم نفاذ تصرف يدفع فيها الدائن عن نفسه، نتائج غش المدين اذا عمد هذا إلى التصرف في ماله إضرارا بحق الدائن فيطعن الدائن في هذا التصرف ليجعله غير نافذ في حقه، فيعود المال إلى الضمان العام تمهيداً للتنفيذ عليه .
- ودعوى الصورية يدفع فيها الدائن عن نفسه نتائج غش المدين أيضاً إذا عمد هذا إلى التظاهر بالتصرف في ماله ليخرجه من الضمان العام بتصرف صوري، فيطعن الدائن في هذا التصرف بالصورية حتى يكشف عن حقيقته ويستبقى بذلك مال المدين في ضمانه العام تمهيداً للتنفيذ عليه بحقه .
فالدائن في الدعاوى الثلاث إما أن يبقي في ضمانه العام ما كاد يخرج بالدعوى غير المباشرة وإما أن يعيد ما خرج بالدعوى البوليصية وإما أن يستبقى ما لم يخرج إلا ظاهراً بدعوى الصورية ونرى من ذلك أن هذه الدعاوى الثلاث ترتكز كلها في فكرة الضمان العام للدائنين.
وهناك طريق رابع استحدث فيه التقنين المدني المصري تجديداً هو حق الدائن في حبس مال المدين وهذا أيضاً إجراء ما بين التحفظي والتنفيذي فهو أقوى من التحفظي لأن الدائن إنما يتخذه تمهيداً للتنفيذ بحقه، وهو أضعف من التنفيذي لأن الدائن لا يستطيع الوقوف عند حبس مال المدين ليستوفي حقه بل عليه بعد ذلك أن يتخذ إجراءات التنفيذ على المال المحبوس.
ويلاحظ أن هذه الطرق الأربعة : الدعوى غير المباشرة والدعوى البوليصية والدعوى الصورية والحق في الحبس في القانون المدني كلها إجراءات فردية يتخذها كل دائن بمفرده ولحسابه الشخصي، ثم هي إجراءات ليس من شأنها أن تغل يد المدين عن ماله، فلا يزال المدين يستطيع التصرف فيه، ومباشرة جميع حقوقه عليه.
والطريق الخامس هو أيضاً إجراء فردي يتخذه أي دائن بمفرده ولكنه إجراء من شأنه أن يغل يد المدين عن ماله وذلك هو إعلان إعسار المدين فقد تكفل التقنين المدني المصري الحالي على خلاف التقنين المصري القديم وأكثر التقنينات اللاتينية بتنظيم إجراءات هذا الإعسار، حتى يستطيع الدائن من وراء ذلك أن يستوفي حقه من أموال مدينه دون أن يخشى غش المدين أو تهاونه، فإجراءات الإعسار هي أيضاً تقوم على فكرة الضمان العام للدائنين، وهي إجراءات أقوى من الإجراءات التحفظية إذ هي تغل يد المدين عن التصرف في ماله، وأضعف من الإجراءات التنفيذية إذ لا تكفي وحدها للوفاء بحق الدائن بل لابد للدائن من اتخاذ إجراءات تنفيذيه لاستيفاء هذا الحق من أموال المدين الذي أعلن إعساره.
يراجع في القانون المدني المصري المواد 234 وما بعدها وشرحها في السنهوري، الوسيط ج 2، ص 933 وما بعدها.
وفكرة أن أموال المدين جميعهاً ضامنة للدين بالمعنى الذي سلف موجودة في الفقه الإسلامي بحيث أن الدائن يستطيع التنفيذ على أي مال من أموال المدين استيفاء لحقه وليس لدائن أن يتتبع عيناً خرجت من ذمة المدين أو أن يتقدم على دائن آخر بالنسبة لعين معينة إلا إذا كان له تأمين خاص يعطيه حق التتبع أو حق التقدم كالرهن مثلاً .
- والدعوى غير المباشرة تقوم على فكرة وكالة الدائن عن المدين وكالة تستند إلى نص الشارع وليس فيها ضرر بالدائن، بل بالعكس فيه مصلحة له، وبهذه الدعوى مستندها في الفقه المالكي ففيه إذا لم يكن للمدين المحجور للدين بيّنه على حقه في ذمة الغير إلا شاهد واحد، أن يحلف مع شاهده اليمين المكملة للحجة، جاز للغرماء أن يحلفوا مع الشاهد فيكونوا بذلك قد استعملوا حق مدينهم في الحلف على النحو الذي نراه في استعمال الدائن لحق المدين في القانون المدني المصري.
يراجع الخرشي 5/ 267 والسنهوري، مصادر الحق 5، 138 الهامش 2.
- ودعوى الصورية نلحظها في الفقه الإسلامي بين المتعاقدين وقواعد الفقه الإسلامي لا تأباها بالنسبة لغيرهما .
- والدعوى البوليصية أو دعوى عدم نفاذ التصرف موجوده في الفقه المالكي فالمدين الذي أحاط الدين بماله حتى قبل الحجر عليه ليس له التصرف بغير عوض لما في ذلك من إضرار بدائنيه وكذا لا يجوز تصرفه في ماله بغير عوض فيما لا يلزمه مما لا تجري العادة بفعله من هبة وصدقة وما أشبه ذلك كإقرار لدين لمدينهم عليه ويجوز بيعه وشراؤه، وإذا قام الدائنون على المدين يطالبونه بديونهم دون أن يكون الحجر عليه وهو ما يسمى بالتفليس العام فليس له أن يتصرف بغير عوض ولا بعوض وللدائنين أن يقتسموا ماله بالمحاصة.
ابن رشد، بداية المجتهد 2 : 236 237 والدردير، الشرح الكبير، والدسوقي عليه ج 3 : 261 وما بعدها وخصوصاً 273 وينظر السنهوري مصادر الحق 5 : 192 .
- والحجر على المدين في الفقه المالكي يقابل في القانون تنظيم إعسار المدين فحجر المدين في المالكي والشافعي والحنبلي تنظيم جماعي يحمي حقوق الدائنين ويحقق المساواة الفعلية بينهم ويستجيب لدواعي الشفقة بالمدين فيكفل له نفقته هو ومن يعول وهو لا يكون الا بحكم بخلاف الحال بالنسبة لتصرفات المدين الذي أحاط الدائن بماله أو الذي أفلس تفليساً عاماً حيث يجوز الطعن فيها قبل الحكم عليه بالحجر.
ابن رشد، الدردير والدسوقي عليه، المراجع المبينة فيما تقدم والسنهوري مصادر الحق 5 : 172 وما بعدها.
- والحق في الحبس موجود في الفقه الإسلامي فللبائع حبس المبيع حتى يستوفي الثمن من المشتري م 279 من المجلة وللأجير الذي لعمله أثر أن يحبس المستأجر فيه لاستيفاء الأجرة م 482 من المجلة .
ولكن يلاحظ الصبغة الجماعية لبعض هذه الوسائل في الفقه الإسلامي فالمدين المحجور للإفلاس مثلاً إجراءات التنفيذ على ماله إجراءات جماعية تحقق المساواة الفعلية ما بين الدائنين يقسم ماله بين الغرماء بطريق المحاصة ودعوى عدم نفاذ تصرف المدين في حق الدائنين يفيد منها كل الدائنين .
وقد نص المشرع على مبدأ الضمان العام للدائنين وأنهم متساون فيه إلا إذا كان لأحدهم تأمين خاص م 391 . وصاغ أحكام الدعوى غير المباشرة وبيّن أساسها المادتين 392 ، 393 وكذا الحال بالنسبة للدعوى الصورية المادتين 394 ، 395 أما فيما يتعلق بدعوى عدم نفاذ تصرف المدين وبالحجر فقد اخذ المشرع أساساً بأحكام المذهب الشافعي والحنبلي، الدعوى الأولى في الفقه الإسلامي تقابل في القانون الدعوى البوليصية.
ويدخل تحتها حالتان : حالة مجرد إحاطة الدين للمدين وحالة التفليس العام أي قيام الدائنين على المدين يطلبون حقوقهم دون أن يطلبوا حجره، وفي الحالتين لا يحتاج الأمر إلى حكم القاضي المادتين 396 ، 398 أما الحجر أو التفليس الخاص ويكون بحكم من القاضي فيقابل في القانون الحجر على المدين المفلس المادة 401 وما بعدها يراجع السنهوري، مصادر الحق 5 : 133 .
وقد ظهرت في القانون الصبغة الجماعية لهذه الإجراءات كما هي في الفقه الإسلامي المواد 393 ، 399 ، 408 . أما الحق في الحبس فقد تناوله المشرع في المواد من 414 إلى .419

1ضمان أموال المدين للوفاء

المادة 391
أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه.
وجميع الدائنين متساوون في هذا الضمان مع مراعاة ما تقرره أحكام القوانين خلافا لذلك.
المذكرة الإيضاحية :
من المبادئ الأصلية في القانون المدني والفقه الإسلامي أن أموال المدين تعتبر ضماناً عاماً لدائنيه جميعاً بمعنى أن للدائن أن يستوفى حقه من أي مال من أموال المدين مع ملاحظة تقدم من له حق التقدم قانوناً على أن مجرد تقرير المبدأ في ذاته لا يكفي لتحقيق نفعه، في الواقع من الأمر، ذلك أن هذا النفع معقود بالتماس الوسائل العملية التي تحقق هذا الضمان وقضاء الحقوق المتعلقة به وقد شرع القانون إجراءات تحفظية وإجراءات تنفيذية وكفل استعمالها للدائنين تحقيقاً لهذا الغرض بيد أن هذه الإجراءات تدخل بشقيها في نظام قواعد المرافعات.
أما ما يعني القانون المدني بإبرازه من فكرة الضمان هذه فهو ما يتفرع عليها من تساوي الدائنين في استخلاص حقوقهم من مال المدين، ما لم يكن لأحدهم حق التقدم وفقاً لأحكام القانون كالرهن مثلاً فهم، فيما خلا هذا الحق بمنزلة سواء لا تمييز بينهم في ذلك بسبب تاريخ نشوء حقوقهم أو تاريخ استحقاق الوفاء بها مهما يكن مصدر هذه الحقوق وغني عن البيان أن تلك المساواة تظل أقرب إلى المعاني النظرية ما لم تشفع بنظام يتناول حالة المدين المفلس أي الذي أحاط الدين بماله كما سيأتي بيان ذلك.
وهذه المادة تقابل المواد 365 أردني و 234 مصري و 235 سوري و 260 عراقي .

2 الدعوى غير المباشرة
المادة 392
1. لكل دائن ولو لم يكن حقه مستحق الأداء أن يباشر باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين إلا ما كان منها متصلا بشخصه خاصة أو غير قابل للحجز.
2. ولا يكون استعمال الدائن لحقوق مدينه مقبولاً إلا إذا أثبت أن المدين لم يستعمل هذه الحقوق وان إهماله من شأنه أن يؤدي إلى إفلاسه أو زيادة إفلاسه ويجب إدخال هذا المدين في الدعوى
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة بيان الشروط الواجب توافرها لاستعمال الدعوى غير المباشرة فمن ناحية الدائن لا يشترط إلا تحقق وجود الدين دون حلول اجل الوفاء به ذلك أن الدعوى غير المباشرة تعتبر في صلة الدائن بمدينة إجراءً تحفظياً يجوز اتخاذه بمقتضى دين مضاف إلى أجل أو معلق على شرط أما في صلة المدين بالغير الذي يستعمل الحق في مواجهته فتتكيف هذه الدعوى وفقاً لطبيعة هذا الحق وتكون بذلك إجراء تحفظياً أو إجراء تنفيذياً، على حسب الأحوال فإذا حصل الدائن على قيد رهن رسمي باسم مدينه كانت الدعوى من قبيل الإجراءات التحفظية ويمكن للحصول على هذا القيد أن يكون الدين المضمون بذلك الرهن موجوداً دون أن يكون مستحق الأداء أما إذا طالب الدائن على نقيض ذلك باسم المدين بدين واجب له فتعتبر الدعوى من قبيل الإجراءات التنفيذية ويشترط لاستعمالها أن يكون هذا الدين مستحق الأداء.
وينبغي أن يكون الحق الذي يستعمله الدائن بإسم المدين داخلاً في الضمان العام لدائنه، فإذا كان هذا الحق متصلاً بشخص المدين على وجه التخصيص والإفراد كالحق في إقتضاء تعويض عن ضرر أدبي أو كان غير قابل للحجز كدين النفقة فاستعمال الدين له لا يجديه فتيلاً.
ومن ناحية المدين الذي يستعمل الحق باسمه يشترط بالنسبة إليه شرطان :
أولهما : أن يقيم الدائن الدليل على أن إحجام هذا المدين عن استعمال حقه من شأنه أن لا تكفي حقوقه للوفاء بديونه، وهذا وجه مصلحة الدائن في الالتجاء إلى الدعوى.
وثانيهما : أن يقيم الدائن الدليل على إحجام المدين، وقد يرجع ذلك إما إلى سوء نية هذا المدين وإما إلى مجرد إهماله، فمتى توافر للدائن هذا الدليل كان له أن يخرج مدينه عن موقف الإحجام ويتولى الأمر بنفسه، وهو في هذا الوضع لا يلزم إلا موقفاً سلبياً في الرقابة والإشراف ولو أنه يشترك في الخصومة.
وهذا الحكم له مستنده في الفقه المالكي في قول الخرشي 5 : 267 المفلس إذا كان له حق على شخص فجحده فيه، وشهد له به شاهد واحد نكل المفلس ان يحلف مع شاهده اليمين المكملة للحجة، فان الغرماء ينزلون منزلة المفلس ويحلفون مع الشاهد على ذلك الحق، كما أن المفلس يحلف أن ما شهد به الشاهد حق لا على قدر يقدر حصته من ذلك الدين لحلول كل منهم محل المفلس، فان حلفوا كلهم تقاسموا ذلك الحق وان نكلوا كلهم فلا شيء لهم منه، ومن حلف اخذ حصته فقط أي بما نابه في الحصاص من ذلك الدين لا جميع حصته ومن نكل فلا شيء له.
ويراجع السنهوري، مصادر الحق، 5 : 111 الهامش 2.
وهذه المادة تقابل المواد 366 أردني و 235 مصري و 236 سوري و 261 عراقي .

المادة 393
يعتبر الدائن نائبا عن مدينه في استعمال حقوقه وكل نفع يعود من استعمال هذه الحقوق يدخل في أموال المدين ويكون ضامنا لجميع دائنيه.
المذكرة الإيضاحية :
لا تقتصر هذه المادة على بيان حكم الدعوى غير المباشرة بل تجاوز ذلك إلى تعليل هذا الحكم فإذا كان من أثر هذه الدعوى إدخال ما تسفر عن تحصيل في أموال المدين والحاقه بالضمان العام لدائنيه فإن علة ذلك أن الدائن لا يتولاها إلا بوصفه نائباً عن هذا المدين ونيابته هذه قانونية تثبت له بنص القانون.
ويلاحظ أن نيابة الدائن عن المدين مقصورة على استعمال الحق دون التصرف فيه وبناء على ذلك لا يجوز للدائن في هذه الحالة باعتباره نائباً عن المدين ان يتصالح على الحق الذي يستعمله باسم المدين لان الصلح ينطوي على التصرف.
وهذه المادة تقابل المواد 367 أردني و 236 مصري و 237 سوري و 262 عراقي .

3 دعوى الصورية
المادة 394
1. إذا ابرم عقد صوري فلدائني المتعاقدين وللخلف الخاص متى كانوا حسني النية أن يتمسكوا بالعقد الصوري كما أن لهم
أن يتمسكوا بالعقد المستتر ويثبتوا بجميع الوسائل صورية العقد الذي أضر بهم.
2. وإذا تعارضت مصالح ذوي الشأن فتمسك بعضهم بالعقد الظاهر وتمسك الآخرون بالعقد المستتر كانت الأفضلية للأولين.

المادة 395
إذا ستر المتعاقدان عقدا حقيقيا بعقد ظاهر فالعقد النافذ فيما بين المتعاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي.
المذكرة الإيضاحية :
ليست الصورية سبباً من أسباب البطلان فالأصل أن يعتد بالعقد المستتر دون الظاهر وهذا ما يطابق إرادة المتعاقدين، ومع ذلك فقد يجهل دائنو المتعاقدين بطريق الصورية وكذلك خلفهما الخاص حقيقة الموقف اعتماداً على العقد الظاهر وفي هذه الحالة يكون لأولئك وهؤلاء، تفريعاً على حسن نيتهم أن يتمسكوا بهذا العقد فإذا اقتضت مصلحتهم ذلك فلدائن المشتري مثلاً في بيع ظاهر، ولمن آل إليه المبيع من هذا المشتري أن يتمسكا بهذا البيع وعلى نقيض ذلك يكون لدائن البائع أو لخلف من خلفائه ،مصلحة في التمسك بورقة الضد ولكل منهما أن يفعل ذلك .
ويناط الحكم عند تنازع المصالح المتعارضة على هذا الوجه، بفكرة استقرار المعاملات فاذا تمسك دائن البائع في العقد الظاهر بورقة الضد وتمسك دائن المشتري بهذا العقد، كانت الأفضلية الأخيرة لاعتبارات تتعلق بتامين ذلك الاستقرار.
أما فيما يتعلق بالمتعاقدين انفسهم ومن يخلفهم من الورثة فوجه الحكم بيّن فليس للعقد الظاهر أثر بالنسبة إليهم ذلك أن نية المتعاقدين تنصرف إلى التقيد بالعقد المستتر، فهو الجدير وحده بالاعتبار دون غيره، ومن التطبيقات العملية التي يمكن أن تساق في هذا الشأن، إفراغ التعاقد في شكل عقد آخر كالهبة في صورة البيع ففي مثل هذا الفرض يصح العقد فيه بوصفه هبة لا بيعاً، متى اجتمعت له شروط الصحة بهذا الوصف فيما عدا ما قد ينص عليه لقانون كاستثناء القانون المدني المصري لشرط الكل : وقد رؤي الأخذ بهذين النصين لعدم مخالفتهما لقواعد الفقه الإسلامي يراجع الكاساني في بيع التلجئة 5 : 176 .
وهاتان المادتان تقابلان المواد 368 و 369 أردني و 244 و 245 مصري و 245 و 246 سوري و 147 و 148 عراقي .

4 دعوى عدم نفاذ تصرف المدين في حق الدائن

المادة 396
إذا أحاط الدين حالا أو مؤجلا بمال المدين بأن زاد عليه أو ساواه فانه يمنع من التبرع تبرعا لا يلزمه ولم تجر العادة به وللدائن أن يطلب الحكم بعدم نفاذ هذا التصرف في حقه.
المذكرة الإيضاحية :
في الفقه المالكي المدين الذي أحاط الدين بماله تقيد تصرفاته حتى قبل الحجر فلا تسري في حق دائنيه تصرفاته الضارة بهم التي صدرت منه قبل أن يحجر عليه الحاكم على التفصيل الآتي . وفي هذا شبه واضح بالدعوى البوليصية في الفقه الغربي السنهوري، مصادر الحق 5 : 181 و 183 .
ويجب لذلك توافر الشرطين الآتيين :
1. ان يكون المدين قد احاط الدين بماله: واحاطة الدين بمال المدين هي أن تكون ديونه الحالة منها والمؤجلة ازيد من ماله أو مساوية له. إلا أن المنقول ان تقييد تصرفات المدين انما يكون اذا زادت الديون على ماله لا ان نقصت أو ساوت ولكن المستظهر أن المساواة تكفي لتقييد تصرفات المدين لأن العلة اتلاف مال الغير وهي متحققة في الزائد والمساوي، ويستوي أن يكون صاحب الدين متعدداً أو منفرداً كما يستوي أن يكون دينه مؤجلاً خلافاً لما ذكره بعض المالكية من أن الدائن أذا كان دينه حالاً مؤجلاً ليس له منع المدين من التبرعات المذكورة، وفي كلام بعضهم ما يفيد ترجيح ذلك، والأصل في المدين الملاءة، فإذا ادعاهم لم تتقيد تصرفاته الا بعد الكشف عن حاله لمعرفة ما اذا كان الدين محيطا بماله، فاذا تبين ان الدين محيط بماله تقيدت تصرفاته من وقت احاطة الدين بالمال.
الخرشي والعدوي عليه 5 : 263 والدردير الشرح الكبير والدسوقي عليه 3 : 262 264
2. ان يكون المدين عالماً وقت التصرف بأن الدين محيط بماله : فإذا كان يعتقد ان الدين غير محيط بماله بل لو كان لا يدري هل يفي ماله بما عليه من الديون، نقذت تصرفاته، حتى لو كان الدين فعلاً محيطاً بما له وهو لا يعلم ذلك فالشرط اذن ان يعلم يقيناً ان المدين محيط بماله فلو كان المدين يتصرف تصرفاً مألوفاً لا إسراف فيه ولا محاباة. وهو يعتقد أن تصرفه مأمون ولم يتحقق من ان ديونه مستغرقة لجميع ماله فتصرفه جائز وفي بعض النصوص ان من وهب أو تصدق وعليه دين لقوم الا انه قائم الوجه لا يخاف عليه الفلس ان افعاله جائزة . الحطاب 5 : 35 .
اذا توافر هذا الشرطان منع المدين من التصرف بغير عوض تصرفاً لا يلزمه ولم تجر العادة به فليس له ان يهب ماله، لان الهبة تضر بالدائنين فلا تنفذ في حقهم ولكن يجوز له التصرف تبرعاً بما يلزمه كنفقته على من تجب عليه النفقة،وبما جرت العادة بفعله كالأضحية والنفقة في العيد والصدقة اليسيرة والنذر ويجوز بيعه وشراؤه بشرط عدم المحاباة لأن المحاباة تبرع، وهو رضا بحقوق الدائنين ولا تجوز حمالته كفالته ولا اقراضه فكلاهما من عقود التبرع، ولايجوز له ان يوفي ديناً لم يحل اجله، ولا ان يوفي دينا حل اجله ب كل ما عنده من مال ولكن ان يوفي ديناً حالاً ببعض ما عنده من المال، ولا يجوز اقراره لمتهم عليه كابنه واخيه وزوجته وصديقه، بخلاف غير المتهم عليه فيعتبر اقراره له ويجوز ان يرهن بعض ما بيده لغرمائه، في معاملة سابقة أو لاحقة لاحاطة الدين بماله، اذا اصاب وجه الرهن بان لا يرهن كثيراً في قليل.
واذا فعل المدين ما لا يجوز له فللدائن ابطاله.
الدردير، الشرح الكبير، والدسوقي عليه، 3 : 362 364 والخرشي 5 : 263 264 وابن رشد بداية المجتهد 2 : 236 237 .
وانه وان كان لفظ بعض الفقهاء ان للدائن في هذه الحالة رد التصرف وابطاله الدسوقي 3 : 261 262 الا انه رؤي في المشروع أن المتفق، مع احكام التفليس العام واحكام الحجر، مع انهما اشد من مجرد احاطة الدين بالمدين، ومع حكمة النص، هو عدم نفاذ التصرف في حق الدائنين، ولهذا اخذ بذلك .
وهذه المادة تقابل المواد 370 أردني و 237 و 238 مصري و 238 و 239 سوري و 263 و 264 عراقي .

المادة 397
إذا طالب الدائنون المدين الذي أحاط الدين بماله بديونهم فلا يجوز له التبرع بماله ولا التصرف فيه معاوضة ولو بغير محاباة وللدائنين أن يطلبوا الحكم بعدم نفاذ تصرفه في حقهم ولهم أن يطلبوا بيع ماله والمحاصة في ثمنه وفقا لأحكام القانون
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة تقابل المادة 370 اردني.
تتناول هذه المادة الحالة الثانية وهي حالة التفليس العام وتتحقق كما تقدم بقيام الغرماء على المدين دون ان يطلبوا من الحاكم الحجر عليه فيسجنونه أو يقومون عليه فيستتر منهم فلا يجدونه فيحولون بينه وبين ماله ويمنعونه من البيع والتعامل.
في هذه الحالة تكون تصرفات المدين المفلس اكثر تقيداً إلى حد اشد مما هي في الحالة السابقة عندما يحيط الدين بماله المدين دون ان يقوم عليه الغرماء وتسمى هذه الحالة حالة التفليس العام.
وتقترب حالة التفليس العام كثيراً من حالة التفليس الخاص التي سيرد الكلام عليها فيما بعد من ناحية السبب الذي ينشئها ومن ناحية الآثار التي تترتب عليها.
فمن ناحية السبب : التفليس العام سببه قيام ذي دين حل اجله او كان حالاً، اصالة على المدين، وليس للمدين من المال ما يفي بهذا الدين الحال.
ولكن يختلف التفليس العام عن التفليس الخاص في أن الغرماء في التفليس العام لا يرفعون امر المدين المفلس إلى الحاكم للحجر عليه كما تقدم .
وأما من ناحية الآثار فالآثار التي تترتب على التفليس العام تقرب كثيراً من الاثار التي تترتب على التفليس الخاص وهي اشد بكثير من مجرد احاطة الدين بمال المدين دون قيام الغرماء عليه.
فالمدين في حالة التفليس العام لا يجوز له ان يتبرع بماله ولا يجوز له التصرف معاوضة ولو بغير محاباة ولا يجوز له ان يوفي ديناً حل اجله أو لم يحل ولا يجوز له ان يرهن ماله . ولا يعتبر اقراره الا في المجلس الواحد أو المجلس القريب ولا يجوز له التزوج من ماله الموجود ولو بواحدة ويحول الغرماء بينه وبين ماله، ويمنعونه من التصرف على الوجه المتقدم ولهم ان يبيعوا هذا المال وان يتحاصوا في ثمنه.
فلا يكاد يختلف التفليس العام عن التفليس الخاص من ناحية ما يترتب عليه من الآثار إلا في حلول الدين المؤجل فهو لا يحل في التفليس العام ويحل في التفليس الخاص، ومن ثم تختلط حالة التفليس العام بحالة التفليس الخاص في كثير من كتب الفقه المالكي فتجمع هذه الكتب بين الحالتين وتتكلم فيهما كانهما حالة واحدة.
وقد تختلط حالة التفليس العام بحالة احاطة الدين بمال المدين على ان بعض كتب الفقه المالكي تميز بين هذه الحالات الثلاث تمييزاً واضحاً كما في الشرح الصغير للدردير، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير.
الخرشي 5 : 263 264 والدردير، الشرح الصغير وحاشية الصاوي عليه 2 : 116 117 والدردير، الشرح الكبير والدسوقي عليه 264 : 3
وهذه المادة تقابل المواد 371 أردني و 237 مصري و 238 و 239 سوري و 263 و 264 عراقي .

المادة 398
إذا ادعى الدائن إحاطة الدين بمال المدين فليس عليه إلا أن يثبت مقدار ما في ذمته من ديون وعلى المدين نفسه أن يثبت أن له مالا يزيد على قيمة الدين.
المذكرة الإيضاحية :
أريد بهذا النص تيسير الإثبات على الدائن، وهو من أشق ما يصادفه في هذه الدعوى فاكتفى من الدائن بإثبات مقدار ما في ذمة المدين من ديون فمتى اقام هذا الدليل كان على المدين ان يثبت ان له مالاً يزيد على قيمة ديونه. وهذه المادة تقابل المواد 272 أردني و 239 مصري و 240 سوري و 265 عراقي .

المادة 399
متى تقرر عدم نفاذ التصرف استفاد من ذلك الدائنون الذين يضارون به.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة أخذت من القانون المدني المصري والسوري والعراقي، وهي موافقة لحكم المذهب المالكي اذ ان الحكم فيه أن للدائن رد التصرف وابطاله ومفاد ذلك انه يسري في حق كل الدائنين.
وقد كان هذا الحكم مثار خلاف كبير في مشروع القانون المدني المصري، اذ انقسمت الآراء إلى قسمين قسم يرى قصر الافادة من هذه الدعوى على الدائن الذي رفع الدعوى وذلك لتشجيع الدائنين على دعوى عدم نفاذ التصرف نزولاً على قاعدة نسبية الاحكام وانعدام النيابة بين الدائنين، وقسم يرى تعميم الافادة بحيث تشمل كل الدائنين نزولاً على الاساس القانوني لهذه الدعوى هو بقاء الأموال المتصرف فيها في الضمان العام للدائنين فلا يكون هناك معنى لأن يختص بفائدتها دائن آخر لأن في ذلك اعطاء حق امتياز لاحد الدائنين من جراء رفع الدعوى بغير نص أو حكم، أما قاعدة نسبية الأحكام فهي بيد المشرع وهو يخرج عليها كلما اقتضت المصلحة ذلك.
وقد اخذ بالرأي الثاني وهو تعميم الافادة من الدعوى بحيث يفيد منها كل الدائنين وهو ما أخذ به المشرع ويتفق مع المذهب المالكي.
وهذه المادة تقابل المواد 373 أردني و 240 مصري و 241 سوري و 266 عراقي .

المادة 400
1. لا تسمع دعوى عدم نفاذ التصرف بعد انقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف.
2. ولا تسمع في جميع الأحوال بعد انقضاء خمس عشرة سنة من وقت صدور التصرف.
المذكرة الإيضاحية :
الحكم في الفقه المالكي انه يجوز للدائن رد التصرف حيث علم أي ولو بعد طول زمان الدسوقي 3 : 262 ولكن رؤي استقراراً المعاملات تحديد وقت لا تسمع بعده الدعوى، وتمشياً مع سماع الدعوى في القانون كله رؤي تحديد هذا الوقت بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي يعلم فيه الدائن بسبب عدم نفاذ التصرف وفي جميع الأحوال بعد انقضاء خمس عشرة سنة من الوقت الذي صدر فيه التصرف المطعون فيه. وهذا التحديد أخذ به القانون المدني المصري والسوري وقد اعتبر القانون المصري والسوري المدة مدة سقوط لكن المشرع اعتبرها مدة لعدم سماع الدعوى تمشياً مع الفقه الإسلامي.
وهذه المادة تقابل المواد 374 أردني و 243 مصري و 244 سوري و 269 عراقي .

5 الحجر على المدين المفلس
نظرة عامة : 
نظمت القوانين المدنية كالمصري والسوري والأردني حالة المدين المعسر تنظيماً راعت فيه ان الاعسار حالة واقعة ينبغي ان يعترف القانون بها وان يعالج ما ينشأ عنها من صعوبات فجعل الاعسار من مسقطات الأجل واسس عليه جواز الطعن في تصرفات المدين عن طريق الدعوى البوليصية وجواز استعمال ما للمدين من الحقوق والدعاوى بمقتضى الدعوى غير المباشرة . كما راعت أن حالة الاعسار تستتبع بحكم الواقع سقوط بعض الحقوق وتقييد البعض الآخر فاشترطت لاعلان اعسار المدين زيادة ديونه المستحقة الاداء على حقوقه وقد راعت جانب المدين اذ جعلت للقاضي أن يبقى على اجل الديون المؤجلة وان يمد فيه بل جعلت له أن ينظر المدين إلى ميسرة بالنسبة إلى الديون المستحقة الأداء وبهذا تتاح له تصفية ديونه ودياً في أكثر الظروف ملاءمة كما أباحت له أن يتصرف في أمواله دون ان يخشى الدائنين في شيء متى حصل على موافقة اغلبية خاصة من بينهم على بيع كل هذه الأموال أو بعضها للوفاء بديونه من ثمنها ولم يشترط اجماع الدائنين على هذه الموافقة واباحت له كذلك أن يتصرف في ماله ولو بغير رضاء هؤلاء الدائنين على أن يكون ذلك بثمن المثل وان يودع الثمن خزانة المحكمة للوفاء بحقوقهم كما بسطت له في اسباب الحماية ولا سيما ما كان منها انساني الصبغة فخولته حق الحصول على نفقة تقتطع من ايراده اذا كان هذا الايراد محجوزا كما راعت جانب الدائنين اذ كفل لهم نظام الاعسار عدم تقدم احدهم بغير حق بان رتبت على مجرد تسجيل صحيفة دعوى اعلان الاعسار عدم نفاذ أي اختصاص يقع بعد ذلك على عقارات المدين في حق الدائنين السابقة ديونهم على هذا التسجيل كما يسرت عليهم اعمال احكام الدعوى البوليصية اذ ينتج عنه ان كل تصرف قانوني يصدر من المدين المعسر ويكون من ورائه انتقاص حقوقه او زيادة التزاماته وكل وفاء يقع منه لا ينفذ في حق الدائنين دون حاجة الى تحميلهم عبء اقامة الدليل على الغش، كما قرر القانون حماية للدائن من تصرفات المدين الضارة أو المدخولة توقيع عقوبة التبديد على المدين اذا ارتكب اعمالاً من اعمال الغش البيّن اضراراً بدائنيه ووضع على عاتق القاضي في كل حالة قبل ان يعلن اعسار المدين ان يراعي في تقديره جميع الظروف التي احاطت به سواء اكانت تلك الظروف عامة ام خاصة فينظرإلى موارده المستقبلة ومقدرته الشخصية ومسؤوليته عن الأسباب التي أدت إلى اعساره ومصالح دائنيه المشروعة وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في حالته المالية.
تراجع المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني المصري، مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 658 661
وقد نظم الفقه الإسلامي المالكي على وجه الخصوص اعسار المدين ويسمي افلاس أي إحاطة الدين بمال المدين تنظيماً جماعياً يحمي به حقوق الدائنين ويحقق بواسطته المساواة الفعلية فيما بينهم، ويستجيب فيه لدواعي الشفقة بالمدين فيكفل له نفقته هو ومن يعول.
وقد بارى الفقه الإسلامي في ذلك احدث النظم الغربية التي اخذت بها القوانين المدنية.
وعند المالكية للمدين الذي احاط الدين بماله ثلاثة احوال :
الحالة الأولى : قبل التفليس:
وتتحقق بمجرد ان يستغرق الدين مال المدين فيمنع المدين من التصرف بغير عوض لما في ذلك من الاضرار بدائنيه وكذلك لا يجوز له ان يتصرف بماله بغير عوض فيما لا يلزمه مما لا تجري العادة بفعله من هبة وصدقة وما اشبه ذلك كإقرار بدين لمن يتهم عليه ويجوز بيعه وشراؤه.
الحالة الثانية : حالة التفليس العام :
وتتحقق بقيام الغرماء على المدين دون ان يطلبوا من الحاكم الحجر عليه فيسجنونه أو يقومون عليه فيستتر منهم فلا يجدونه فيحولون بينه وبين ماله ويمنعونه لا من التبرعات فحسب بل ايضاً من التصرفات بعوض، ولهم ان يقسموا ماله بينهم بالمحاصة.
الحالة الثالثة : حالة التفليس الخاص:
وتتحقق بالحجر على المدين وذلك برفع الغرماء أمر المدين إلى الحاكم للحجر عليه فيحكم بحجره.
والفلس هو احاطة الدين بمال المدين.
يراجع ابن رشد، بداية المجتهد، 2 : 236 237 الدردير، الشرح الكبير والدسوقي عليه 3: 261 وما بعدها وخصوصاً 263 السنهوري مصادر الحق 5 : 182 ويلاحظ أن أبا حنيفة لا يرى الحجر على المدين لان الحجر اهداراً لآدميته ولا بيع أمواله ولكن يحبس حتى يبيع ما له لقضاء دينه، اما الصاحبان فيريان جواز الحجر على المدين المفلس بطلب غرمائه كما يجيزان بيع ماله عليه، والفتوى على قولهما وبه اخذت المجلة المادة 959 .
وفيما يلي مقارنة سريعة بين نظام الاعسار في القوانين المدنية كالقانون المدني المصري ونظام الحجر في الفقه الإسلامي :
1. في القانون المدني المصري اذا زادت ديون المدين الحالة على ماله جاز لدائنيه أن يطلبوا من المحكمة اعلان اعساره وللمحكمة ان تقضي بإعلان اعسار المدين بحكم وتسجل صحيفة دعوى الاعسار في قلم كتاب المحكمة ويؤشر بالحكم على هامش هذا التسجيل ويجوز للمدين نفسه ان يتقدم إلى المحكمة طالباً اعلان اعساره فتجيبه المحكمة الى طلبه.
وهذا هو عين ما في الفقه الإسلامي فالمدين يحجر عليه بحكم الحاكم اذ زادت ديونه الحالة على ماله ويكون الحجر بناء على طلب دائنيه وقد يكون بناء على طلب المدين نفسه في مذهب الشافعي.
ويحسن الاشهاد على الحكم واعلانه للناس لتجنب معاملة المدين المحجور وهناك خلاف في مذهب مالك : فقول يجيز الحجر على المدين ليس فحسب اذا كان دينه الحال اكثر من ماله بل ايضاً إذا حلت بعض ديونه وكان مجموع ديونه الحال منها والمؤجل يزيد على ماله.
وهذا الخلاف في مذهب مالك وارد في مشروع القانون المدني المصري اذ كانت المادة 334 من المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري قد وردت بوجهين عن طريق الخيرة.
أحدهما نصه : يجيز ان يشهر اعسار كل مدين غير تاجرتزيد ديونه على امواله متى توقف عن وفاء ديونه المستحقة الأداء.
والآخر نصه : يجيز ان يشهر اعسار كل مدين غير تاجر اذا كانت امواله لا تكفي لوفاء ديونه المستحقة الاداء. وقد أثرت لجنة المراجعة النصالثاني على الأول وهو الذي تضمنه القانون.
2. اذا اعلن اعسار المدين بحكم غلت يد المدين عن التصرف في ماله وكل تصرف يصدر منه بعد تسجيل صحيفة دعوى اعسار يكون غير سار في حق الدائنين دون حاجة إلى اثبات اعسار المدين اذ هو ثابت بالحكم ودون حاجة إلى اثبات تواطؤ المدين مع من تصرف له في ماله. ويكون المدين معرضاً لعقوبة التبديد اذا هو ارتكب عملاً من الأعمال التي سبق بيانها عند الكلام في الاعسار في التقنين المدني المصري ويستطيع المدين اذا كان الدائنون قد اوقعوا الحجز على ايراداته فبقي دون مورد يعيش منه ان يطلب تقرير نفقة يتقاضاها من ايراداته المحجوزه.
وهذه احكام الفقه الإسلامي، فإذا حجر على المدين بحكم الحاكم لم تسر تصرفاته القولية واقراراته في المال المحجور عليه في حق غرمائه، ويحبس ان كان عنده مال واخفاه أو كان ظاهر الغنى وادعى عدم المقدرة على وفاء ما عليه ويطلق المجهول الحال من الحبس ان طال حبسه بحيث يغلب على الظن انه لو كان عنده مال لما صبر على الحبس ويترك للمدين المحجور قوته والنفقة الواجبة عليه لمن تلزمه نفقته.
3. وفي القانون المدني المصري يحقق نظام الإعسار المساواة بين الدائنين فيتحاصون في أموال المدين وتحل الديون المؤجلة ولا يجوز لدائن أن يأخذ حق اختصاص على عقار المدين إلا كان الإختصاص غير نافذ في حق الدائنين الآخرين ولكن المساواة التي تتحقق في المساواة القانونية لا المساواة الفعلية، فليست هنا اجراءات جماعية يتخذها الدائنون في التنفيذ على اموال المدين بل كل منهم يتخذ اجراءات فردية للتنفيذ بحقه فإذا حصل عليه لم يشاركه فيه سائر الدائنين.
وأحكام الفقه الإسلامي تحقق ذلك أي المساواة بين الدائنين فيقسم ما يحصل من مال المفلس بين الغرماء يتحاصون فيه وتحل الديون المؤجلة: ولا يقدم دائن إلا بمسوغ شرعي. بل أن الفقه الإسلامي لايكتفي بالمساواة القانونية بين الغرماء، بل يحقق لهم المساواة الفعلية بينهم . وذلك عن طريق اجراءات جماعية التنفيذ على أموال المدين فاذا ظهر بعد قسمة اموال المدين على الغرماء غريم آخر رجع على الغرماء وشاركهم فيما أخذوه على قدر دينه.
السنهوري مصادر الحق 5 : 172 174 .
وقد أخذ بنظام الحجر كما هو مقرر في المذهب المالكي إلا في مواضع معينة أخذ فيها بأحكام المذهبين الشافعي والحنبلي.
كما أضاف إلى ذلك أحكاماً تنظيمية استمدت من القانونين المدنيين المصري والسوري وقد اقتصر المشرع على تنظيم الإفلاس بمعناه الشرعي وهو إحاطة الدين بمال المدين وهو ما تسميه القوانين الوضعية بالإعسار والإفلاس بهذا المعنى يختلف عن الإفلاس الذي أخذت به القوانين التجارية وهو توقف التاجر عن سداد ديونه التجارية وقد ترك المشرع أحكام الإفلاس التجاري للقانون التجاري.

المادة 401
يجوز الحجر على المدين إذا زادت ديونه الحالة على ماله.
المذكرة الإيضاحية :
انقلبت حالة احاطة الدين بالمدين وفقاً لأحكام القانون من مجرد أمر واقع يكتنفه التجهيل إلى نظام قانوني واضح المعالم بين الحدود، فهي لا تقوم طبقاً لهذه الأحكام إلا بمقتضى حكم قضائي متى ثبت أن أموال المدين لا تكفي لوفاء ديونه الحالة، وعلى هذا النحو لا يشترط مجرد نقص حقوق المدين عن ديونه بل يشترط أيضاً أن تكون هذه الحقوق أقل من الديون المستحقة الأداء، أي أقل من جزء معين من مجموع الديون.
فإذا توافرت هذه الحالة جاز الحكم بحجر المدين اذا توافرت الشروط المنصوص عليها في المواد التالية.
تراجع المواد من 959 999 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 375 أردني و 249 مصري و 250 سوري و 270 عراقي .

المادة 402
1. يكون الحجز بحكم يصدره القاضي الذي يتبعه موطن المدين بناء على طلب المدين أو أحد الدائنين وتنظر الدعوى على وجه السرعة.
2. ويجوز لأي دائن أن يحصل بمقتضى حكم الحجر على أمر من القاضي المختص بحجز جميع أموال المدين عدا ما لا يجوز حجزه. ويبقى الحجز على أموال المدين قائما لمصلحة الدائنين حتى ينتهي الحجر.
المذكرة الإيضاحية :
أجيز الحجز بناء على طلب الدائنين ولم يشترط طلبهم جميعاً بل اكتفى بطلب بعضهم ولو كان واحداً كما هو الحكم في المذهب المالكي.
كما أجيز الحجر بناء على طلب المدين نفسه أخذاً من الفقه الشافعي وقد تضمن هذا الحكم القانون المدني المصري والسوري،
لأن مصلحته قد تكون في ذلك وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمادة 254 من القانون المصري في ذلك " ولكن يطلب المدين نفسه اشهار اعساره ليفيد مما يوفره له نظام الاعسار من مزايا كنظرة الميسرة في أداء الديون الحالة، ومن أجل الديون غير المستحقة الأداء والحصول على نفقة تقتطع من إيراده " مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري ج 2 ص 673 .
تراجع المادة 1000 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 376 أردني و 250 مصري و 251 سوري و 271 عراقي .

المادة 403
على القاضي في كل حال قبل أن يحجر على المدين أن يراعي في تقديره جميع الظروف التي أحاطت به ومدى مسئوليته عن الأسباب التي أدت إلى طلب الحجر ومصالح دائنيه المشروعة وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في حالته المالية.
المذكرة الإيضاحية :
هذا الحكم نص عليه القانون المدني المصري والسوري ورؤي أخذه تمكيناً للقاضي من إعمال تقديره للظروف التي تحيط بالمدين وقد تكون ظروفاً عامة يلتمس للمدين فيها العذر الطارئ الذي قد يكون على وشك الزوال.
وقد نص في المادة 999 من المجلة على حجر المدين " إذا خاف غرماؤه ضياع ماله بالتجارة أو أن يخفيه أو أن يجعله باسم غيره " وطبيعي ان الذي يقدر الظروف هو القاضي فرؤي من الأولى أعطاء القاضي سلطة في هذا الشأن تتسع لهذا ولغيره والغرض أن القاضي انما يستعمل هذه السلطة لمصلحة الطرفين معاً وفي سبيل ذلك ينظر إلى موارد المدين المستقبلية ومقدرته الشخصية ومسئوليته عن الأسباب التي أدت إلى اعساره ومصالح دائنيه المشروعة وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في حالته المالية.
تراجع المادة من 999 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 377 أردني و 251 مصري و 252 سوري و 270 عراقي .

المادة 404
1. على كاتب المحكمة في اليوم الذي تقيد فيه دعوى الحجر أن يسجل مضمون الدعوى في سجل خاص يرتب بحسب أسماء المدينين المطلوب الحجر عليهم وعليه أن يؤشر في هامش التسجيل المذكور بالحكم الصادر في الدعوى بكل حكم يصدر بتأييده أو بإلغائه وذلك كله يوم صدور الحكم.
2. وعلى الكاتب أيضا أن يرسل إلى ديوان وزارة العدل صورة من هذه التسجيلات والتأشيرات لإثباتها في سجل عام ينظم وفقا لقرار يصدر من الوزير.
المذكرة الإيضاحية :
رؤي النص على تسجيل الإستدعاء لأنه اجراء تستلزمه حماية مصالح الغير ومتى صدر حكم الحجر تولى كاتب المحكمة تسجيله من تلقاء نفسه في يوم النطق به بالذات، ويحصل التسجيل بطريق القيد في سجل عام يعد في المحكمة لهذا الغرض ويؤشر في هامش السجل بكل حكم صادر بتأييد الحكم الأول أو بإلغائه وبهذا يتم إعلان الحجر ويكون لكل ذي شأن أن يعلم به بالرجوع إلى هذا التسجيل في المحكمة التي يقع بدائرتها محل المدين، وإذا كان تغيير محل المدين مما يدخل في حدود الاحتمال، فقد شرعت المادة 405 إجراءات خاصة تكفل تسجيل الحكم في المحكمة التي يقع في دائرتها محله الجديد فأوجبت على المدين، عند تغيير محله، أن يخطر بذلك كاتب المحكمة التي يقع في دائرتها محله القديم، وبمجرد علم الكاتب بهذا التغيير من طريق الاخطار، أو من أي طريق آخر كتنبيه أحد الدائنين أو أحد ذوي الشأن مثلاً يتعين عليه أن يرسل على نفقة المدين صورة من حكم الحجر إلى المحكمة التي يقع في دائرتها المحل الجديد لتقوم بقيدها في سجلاتها.
والفقهاء المسلمون يرون أن يشهد القاضي على الحجر خوفاً من الجحود.
يراجع شرح علي حيدر على المادة 998 من المجلة فرؤي احلال التسجيل محل الاشهاد حماية للغير الذي يتعامل معه المدين المحجور ففي التهذيب 1 : 321 " والمستحب ان يشهد على الحجر ليعلم الناس حاله فلا يعاملوه إلا على بصيرة ".
تراجع المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 378 أردني و 253 مصري و 271 عراقي .

المادة 405
يجب على المدين إذا تغير موطنه أن يخطر بذلك كاتب المحكمة التي يتبعها موطنه السابق وعلى الكاتب بمجرد علمه بتغيير الموطن سواء أخطره المدين أم علم بذلك من أي طريق آخر أن يرسل صورة من حكم الحجر ومن البيانات المؤشر بها في هامش السجل إلى المحكمة التي يتبعها الموطن الجديد لتقوم بقيدها في سجلاتها.
المذكرة الإيضاحية :
تشتمل إجراءات الحجر على مرحلتين : أولاهما مرحلة صدور الحكم بالحجر والثانية مرحلة تسجيل هذا الحكم.
أ. أما حكم الحجر فيصدر من محكمة المدين مدعى عليه أو مدعياً، فقد يكون المدين مدعى عليه، اذا طلب أحد دائنيه الحجر عليه، كماهو الحال في أغلب الفروض، ولكن قد يطلب المدين نفسه حجره ليفيد مما يوفره له نظام الحجر من مزايا، وتكون الأحكام الصادرة في دعاوى الحجر قابلة للطعن سواء أكانت صادرة بقبول الطلب أم صادرة برفضه حسب ما يبين في قانون الإجراءات المدنية.
ب. ومتى صدر حكم الحجر تولى كاتب المحكمة تسجيله من تلقاء نفسه في يوم النطق به بالذات، ويحصل التسجيل بطريق القيد في سجل عام يعد في المحكمة لهذا الغرض ويؤشر في هامش السجل بكل حكم صادر بتأييد الحكم الأول أو بإلغائه وبهذا يتم اعلان الحجر، ويكون لكل ذي شأن أن يعلم به بالرجوع إلى هذا السجل في المحكمة التي يقع بدائرتها محل المدين وإذا كان تغيير محل المدين مما يدخل في حدود الاحتمال، فقد شرعت المادة اجراءات خاصة تكفل تسجيل الحكم في المحكمة التي يقع في دائرتها محله الجديد، وقد اوجبت على المدين، عند تغيير محله ان يخطر بذلك كاتب المحكمة التي يقع في دائرتها محله القديم، وبمجرد علم الكاتب بهذا التغيير من طريق الاخطار، أو من أي طريق آخر كتنبيه أحد الدائنين أو أحد ذوي الشأن مثلاً يتعين عليه أن يرسل على نفقة المدين صورة من حكم الحجر إلى المحكمة التي يقع في دائرتها المحل الجديد لتقوم بقيدها في سجلاتها، وكل ذلك يقصد به توفير المصلحة لذوي الشأن.
وهذه المادة تقابل المواد 379 أردني و 254 مصري و 254 سوري.

المادة 406
يترتب على الحكم بالحجر ما يأتي :
1. أن يحل ما في ذمة المدين من ديون مؤجلة.
2. ألا ينفذ في حق دائنيه جميعا تصرفه في ماله الموجود والذي يوجد بعد. وإقراره بدين لآخر وذلك منذ تسجيل مضمون الدعوى.
المذكرة الإيضاحية :
يترتب على الحجر النتائج الآتية :
1. تحل الديون المؤجلة بالتفليس الخاص وهذا هو الفرق الأساسي بين التفليس الخاص والحالتين الآخريين وهما حالة مجرد احاطة الدين بالمدين وحالة التفليس العام إذ في هاتين الحالتين لا تحل الديون المؤجلة.
على أنه حتى في حالة التفليس الخاص إذا كان مشترطاً عدم حلول الدين بالتفليس عمل بالشروط ولم يحل الدين، وأما الديون المؤجلة التي للمفلس ولم تحل فإنها لا تحل بفلسه.
المدونة الكبرى، 13 : 85 86 والخرشي 5 : 266 267 والحطاب .39 : 5
وهذا مذهب المالكية وقول عند الشافعية لأن الحجر يوجب تعلق الدين بالمال فيسقط الأجل كالموت لكن القول الأظهر عند الشافعية والمذهب المشهور الأصح عند الحنابلة أنها لا تحل بل تبقى على آجالها لأن الأجل حق المحجور فلا يفوت عليه زكريا الانصاري على البهجة 3 : 106 110
وبحلول الديون المؤجلة أخذ القانون المصري والسوري ولكنه اضاف إلى هذا الحكم فقرة نصها " ومع ذلك يجوز للقاضي أن يحكم بناء على طلب المدين وفي مواجهة ذوي الشأن من دائنيه بإبقاء الأجل أو مده بالنسبة إلى الديون المؤجلة، كما يجوز له أن يمنح المدين أجلاً بالنسبة إلى الديون الحالية اذا رأي أن هذا الإجراء تبرره الظروف،وانه خير وسيلة تكفل مصالح المدين والدائنين جميعاً". فأجاز القانون المصري للمدين أن يطلب من القاضي في مواجهة دائنيه، ابقاء هذا الأجل أو مده، أو انظاره في الوفاء بالديون المستحقة الأداء، وللقاضي أن يجيب المدين إلى طلبه اذا تبين أن في الظروف ما يبرره وان ذلك أكفل برعاية مصالح المدين والدائنين جميعاً كما اذا كان الاجل الممنوح يتيح للمدين فرصة تصفية أمواله في أفضل الأحوال . والمفروض في هذا كله أن الإبقاء على الأجل لا يضر الدائنين فلا يكون من بينهما مثلاً من يوشك أن يتقدم على الباقين من طريق التنفيذ فوراً على أموال المدين.
تراجع المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني المصري مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 676 وقد رؤي في القانون عدم الأخذ بهذا الحكم والتزام أركان الفقه المالكي.
2. متى حجر على المدين لم يعد المدين يستطيع ان يتصرف في ماله لا تبرعاً ولا معاوضة وكل تصرف يصدر منه بعد الحجر يكون غير نافذ في حق الدائنين كما هو الحكم في المذهب الحنفي والمالكي وقول في المذهب الشافعي المهذب 1 : 321 ولا يجوز للمدين المحجور أن يرتب في ذمته ديناً كأن يقترض بل أنه لا يجوز له من وقت الحجر أن يفي أحد غرمائه دون الآخرين وإذا فعل كان لسائر الغرماء استرداد المبلغ الذي دفعه لهذا الغريم والمحاصة فيه كما لا يجوز للمدين المحجور من وقت الحجر أن يقر بدين عليه، ولا يعتبر اقراره سارياً في حق الدائنين ولكن إذا قامت بينة على وجود دين في ذمته قبل الحجر ثبت هذا الدين ولو أقيمت البينه بعد الحجر.
وقد رؤي الأخذ بالمذهبين الشافعي والحنبلي في أن يمتد منعه من التصرف إلى ماله الموجود والذي يوجد بعد دون حاجة إلى حجر جديد حرصاً على مصلحة الدائنين لوصولهم إلى حقهم بخلاف الحنفية والمالكية الذين يرون أن الحجر لا يتناول إلا المال الموجود وقت الحجر أما الذي يجد فيحتاج إلى حجر جديد.
ويفيد من الحجر الدائنون الذين طلبوا الحجر والذين لم يطلبوه.
3. كما ان إقراره بدين لا ينفذ في حق الدائنين لأنه منهم فيه وهو مذهب الحنابلة وقول عند الشافعية .
وقد رؤي جعل أثر الحكم بالحجر مستنداً إلى وقت تسجيل الاستدعاء حماية للدائنين من تصرفات مدينهم الضارة بهم، ولا ضير على الغير في ذلك اذ في التسجيل ما يكفي تنبيههم إلى دعوى الحجر فإقدامهم على التعامل مع المدين بعد ذلك يتحملون هم وحدهم نتيجته، وقد التزم المشرع في ذلك أحكام الفقه الإسلامي.
تراجع المادة 1002 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 380 و 381 أردني و 255 و 257 مصري و 255 و 257 سوري و 270 و 273 و 274 عراقي .

المادة 407
إذا وقع الحجر على المدين كان لرئيس المحكمة المختصة بالحجر أن يقرر للمدين بناء على عريضة يقدمها نفقة يتقاضاها من ماله ويجوز الاعتراض على القرار الذي يصدر على هذه العريضة خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره إذا كان الاعتراض من المدين ومن تاريخ تبليغ القرار للدائنين ان كان الاعتراض منهم.
المذكرة الإيضاحية :
اجاز المشرع تقرير نفقة للمدين من ماله ويكون هذا من إيراده بطبيعة الحال اذا حجر على ايراده وكان ايراده يكفي فللمدين أن يطلب إلى رئيس المحكمة تقرير نفقة له ويقدم طلب النفقة في صورة عريضة، ويكون التظلم من الأمر الصادر على هذه العريضة بطريق المعارضة أمام المحكمة وترفع هذه المعارضة في خلال ثلاثة أيام تبدأ من تاريخ صدور الأمر إن كان المدين هو المتظلم وتبدأ من تاريخ إعلان هذا الأمر إن كان التظلم صادراً من الدائنين.
تراجع المادة 1000 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 382 أردني و 259 مصري و 259 سوري و 272 عراقي .

المادة 408
تباع أموال المدين المحجور وتقسم على الغرماء بطريق المحاصة وفقا للإجراءات التي ينصعليها القانون ويترك ما يحتاج إليه لنفقته ونفقة من تلزمه نفقته.
المذكرة الإيضاحية :
نصت القوانين المدنية كالمصري والسوري والعراقي على ان إجراءات التنفيذ تبقى إجراءات فرديه ينالها كل دائن لحسابه الخاص دون أن تكون هناك اجراءات جماعية يتولاها مصف أو سنديك لحساب جميع الدائنين، فيجوز لكل دائن بعد الحكم بالحجر ان يتخذ باسمه خاصة ما يلزم من الاجراءات لاستخلاص حقه، فينفذ على أي مال من أموال المدين بالطرق المقررة على ان ما يحصل من التنفيذ يتقاسمه الدائنون جميعاً قسمة غرماء لأن الحجر قد تقرر لمصلحة جميع الدائنين كما تقدم، فمن تقدم منهم لأخذ حصته أخذها، ومن تخلف لم يأخذ شيئاً على ان يتقدم فيما عسى أن يستجد من التنفيذات أو على أن يقوم هو بنفسه بالتنفيذ على أموال أخرى للمدين.
وهذا الذي ذهبت إليه القوانين المدنية يخالف الفقه الإسلامي فأحكام الفقه تقضي بجعل التصفية جماعية فإذا ظهر غريم متأخر حاص بقية الغرماء فيما أخذوا.
ففي الهندية 4 : 63 ولو حجر القاضي على رجل لقوم لهم ديون مختلفة قضى المحجور دين بعضهم، شارك الباقون فيما قبض، يسلم له حصته ويدفع ما زاد على حصته إلى غيره من الغرماء.
يراجع السنهوري، مصادر الحق 5 : 178 ويراجع أيضاً المذكرة الإيضاحية للقانون المدني المصري للمادة 256 من القانون
في مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المصري ج 7 ص 678 680
والمقصود بالمحاصة اقتسام الحصص فيأخذ كل واحد حصته والحصة النصيب اللسان.
وقد نص المالكية على أن القسمة إما أن تكون بنسب الديون بأن ينب كل دين لمجموع الديون الخرشي 5 : 371 أو بنسبة مال المفلس لمجموع الديون.
كما رؤي ان تتضمن هذه المادة النص على ان يترك للمدين المحجور عليه ما يلزم لنفقته ونفقة من تلزمه نفقته فيترك له ما يحتاج إليه في صناعته أو حرفته وكذا ما يلزمه من الثياب والأثاث وبطبيعة الحال يكون هذا إذا لم يكن له كسب أما إن كان له كسب فإن نفقته تجعل في كسبه لأنه لا فائدة في إخراج ماله في نفقته وهو يكتسب ما ينفق الشيرازي، المهذب 1 : 322 .

المادة 409
يعاقب المدين بعقوبة الاحتيال في الحالات الآتية:
1. إذا رفعت عليه دعوى بدين فتعمد الإفلاس بقصد الإضرار بدائنيه وانتهت الدعوى بصدور حكم عليه بالدين وبالحجر.
2. إذا أخفى بعد الحكم عليه بالحجر بع ض أمواله ليحول دون التنفيذ عليها أو اصطنع ديونا صورية أو مبالغا فيها وذلك كله بقصد الإضرار بدائنيه.
3. إذا غير بطريق الغش موطنه وترتب على التغيير ضرر لدائنيه.
المذكرة الإيضاحية :
ويترتب على الحجر إعمال جزاء جنائي قصد به إلى قمع صور معينة من الغش البيّن مما يرتكب المدين اضراراً بدائينه، فقد نصت هذه المادة على توقيع عقوبة الإحتيال على المدين الذي يحجر في الحالات الآتية:
أولاً : إذا رفعت عليه دعوى بدين فتعمد الإفلاس غشاً بعقد بعض التصرفات المدخولة مثلاً، متى انتهت الدعوى بصدور حكم عليه بأداء ذلك الدين سواء أصدر الحكم قبل الحجر أم صدر بعد ذلك.
ثانياً : إذا لم يرع الأمانة في مسلكه قبل دائنيه بعد الحجر كأن أخفى بعض أمواله ليحول دون التنفيذ عليها من طريق التصرف غشاً، أو من طريق الإختلاس أو ادعى التزامه بديون صورية أو ديون مبالغ في قيمتها من طريق التواطؤ مع أصحاب هذه الديون وبهذا الوضع تكون قد اجتمعت في دعوى عدم نفاذ التصرف بفعل تطبيقها العملي عناصر الدعاوى المدنية والدعاوى الجنائية على حد سواء.
ثالثاً : إذا غيّر المدين محله بطريق الغش، دون أن يوجه الإخطار اللازم إلى قلم الكتاب وفقاً لأحكام المادة 405 ولم يعلم قبل كتاب المحكمة التي نقل إلى دائرتها محله الجديد بهذا التغيير ففي هذه الحالة قد يمتنع العلم بحالة الحجر على من يتصرف له المدين من الأغيار حسني النية وبذلك يكون التصرف الصادر بمأمن من طعن الدائنين وفقاً لما تقضي به المادة 406 بيد أن هذا التصرف يضر بهؤلاء الدائنين ويستتبع بهذه المثابة توقيع عقوبة الإحتيال على المدين.
وقد كانت الحالة الثالثة موجودة في المشروع التمهيدي للقانون المدني المصري ثم حذفت لأنه رؤي أنه يحسن عند البدء بإدخال الاعسار في التشريع المصري عدم التوسع في العقوبات.
وقد رؤى المشرع إبقاء هذه الحالة الثالثة لبروزها في العمل، وفي الحطاب 5 : 37 " ويبيع الإمام ما ظهر له من مال فيوزعه بين غرمائه بالحصص ويحبسه فيما بقي ان تبين لديه واتم " وكذا ص 38 و 47 48 من الجزء ذاته.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 383 أردني و 260 مصري و 260 سوري.

المادة 410
1. ينتهي الحجر بحكم يصدره القاضي الذي يتبعه موطن المدين بناء على طلب ذي شأن في الحالات الآتية:
أ. إذا قسم مال المحجور بين الغرماء.
ب. إذا ثبت أن ديون المدين أصبحت لا تزيد على أمواله.
ج. إذا قام المدين بوفاء ديونه التي حلت دون أن يكون للحجر أثر في حلولها وفي هذه الحالة تعود آجال الديون التي حلت بالحجر إلى ما كانت عليه من قبل بشرط أن يكون المدين قد وفى بجميع أقساطها التي حلت.
2. ويؤشر كاتب المحكمة من تلقاء نفسه بالحكم الصادر بانتهاء الحجر يوم صدوره على هامش التسجيل المنصوص عليه في المادة 404 وعليه أن يرسل صورة منه إلى ديوان وزارة العدل للتأشير به كذلك.

المادة 411
ينتهي الحجر بقوة القانون متى انقضت خمس سنوات على التأشير بالحكم الصادر به.
المذكرة الإيضاحية :
تنتهي حالة الحجر القانونية بحكم القاضي :
أولاً : متى زال السبب الذي حجر من اجله بقسمة ماله بين الغرماء أو لما هو مبين في الفقرتين ب و ج لإنتفاء التفليس بالمعنى الفني الدقيق لأن ديون المدين لم تعد أكثر من حقوقه، أما بسبب زيادة الحقوق كما إذا آل إليه مال من طريق الإرث أو الهبة أو الوصية، وأما بسبب نقص الديون كما إذا انقضى جزء منها بطريق الوفاء أو الإبراء أو لأنه قد تحقق على الأقل أن ماله من الحقوق أصبح يكفي للوفاء بما حل من هذه الديون، دون أن يكون للحجر أثر في حلوله.
ثانياً : إذا انقضت خمس سنوات من تاريخ التأشيرة بالحكم الصادر به وفي هذه الحالة ينتهي الحجر بقوة القانون ويتفق هذا الحكم مع حكم القانونين المصري والسوري إذ جعلا حالة الإعسار تنتهي في هذه الحالة بحكم القانون بعد مدة خمس سنوات ووجهة النظر هذه ان عسرة المدين تظل قائمة في هذه الحالة بيد أنها تصبح أمراً واقعاً لا حالة تنظمها أمام أحكام القانون ذلك أن أموال المدين سواء صفيت أم لم تصف في خلال السنوات الخمس وهي المدة المخصصة للتصفية فيه تبقى على حالها من القصور عن الوفاء بديونه.
وفي الفقه الإسلامي إذا قسّم مال المحجور بين الغرماء زال الحجر لأن المعنى الذي لأجله حجر عليه وهو حفظ المال على الغرماء وقد نفذ المال فيزول الحجر كالمجنون إذا أفاق، وفي قول آخر لا يزول الحجر إلا بحكم الحاكم لأنه حجر ثبت بحكم فلا يزول إلا بحكم، كالحجر على السفيه زكريا الأنصاري على البهجة، 3 : 106 110 والشيرازي، المهذب 1 : 327 والحطاب 5 : 42 والظاهر مما أطلعنا عليه من الكتب أن الحجر يزول في حالة واحدة هي قسمة المال بين الغرماء.
ويؤشر كاتب المحكمة بالحكم الصادر بإنتهاء الحجر في اليوم الذي يصدر فيه في هامش تسجيل حكم الحجر وبهذا تتم العلانية الواجبة له بالنسبة لذوي الشأن كافة مادة 404 كما أن عليه إرسال صورة منه لوزارة العدل للتأشير به كذلك.
و هذه المادة تقابل المواد 384 أردني و 261 و 262 مصري و 261 و 262 سوري و 278 عراقي.

المادة 412
يجوز للمدين بعد انتهاء الحجر أن يطلب إعادة الديون التي كانت قد حلت بسبب الحجر ولم يتم دفعها إلى أجلها السابق بشرط أن يكون قد وفى ديونه التي حلت دون أن يكون للحجر أثر في حلولها.

المادة 413
انتهاء الحجر لا يمنع الدائنين من الطعن في تصرفات المدين ولا من التمسك باستعمال حقوقه وفقا للمواد 392 ومن 394 إلى 400 .
المذكرة الإيضاحية :
يترتب علي انتهاء الحجر أنه يجوز للمدين أن يطلب إعادة الديون التي حلت بسبب الحجر ولم يتم دفعها إلى أجلها السابق بشرط أن يكون قد وفى بديونه التي حلت لأن ما جاز لعذر بطل بزواله، وإذا زال المانع عاد الممنوع، تراجع المادتان 23 و 24 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والنظرة العامة التي وردت في صدر الموضوع.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 385 و 386 أردني و 263 و 264 مصري و 263 و 264 سوري و 271 و 279 عراقي.

حق الإحتباس

المادة 414
لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يوف بالتزام في ذمته نشأ بسبب التزام المدين وكان مرتبطا به.
المذكرة الإيضاحية :
تناول المشرع في هذه المادة القاعدة العامة .
وقد صوّر المشرع حق الحبس تصويراً يكشف عن حقيقته فجعل منه مجرد دفع من الدفوع، ثم انه استعاض عن بيان احوال الحبس على سبيل الحصر بإيراد قاعدة عامة فتحاشى بذلك ما ينطوي عليه البيان على سبيل الحصر من إسراف في الحرج والتضييق.
ويفترض الحبس ان دائناً تقوم به في الوقت ذاته صفة المدين قبل مدينه فهو من هذا الوجه لا يعدو ان يكون توسعاً في فكرة المقاصة وليس بممتنع ان تتسع هذه الفكرة حتى تتمثل عند التطبيق في صورة حجز يوقعه المدين تحت يد نفسه.
والجوهري في نظام الحبس بأسره هو وجوب توافر الإرتباط بين دينين فللمتعاقد في العقود التبادلية ان يحتبس ما يلزم بأدائه حتى يفي المتعاقد الآخر بإلتزامه بإعتبار توافر الإرتباط بين الإلتزامين على نحو لا يحتاج إلى بيان . وهذا هو الدفع بعدم التنفيذ، وهو في جملته ليس إلا تطبيقاً خاصاً من تطبيقات حق الحبس وفي الزيلعي 3 : 306
ومنها اللقطة من ربها حتى يأخذ النفقة إذا جاء صاحبها وطلبها منعه اياها حتى يوفي النفقة التي أنفق عليها لأن هذا دين وجب بسبب هذا الحال لاحيائه فكان له تعلق بهذا المال فأشبه جعل الآبق.
ويلاحظ أنه يجب أن يكون الإلتزام المحبوس أو الذي يقف المدين تنفيذه حتى يستوفي الإلتزام المقابل التزاماً يتأخر تنفيذه عن تنفيذ الإلتزام المقابل، والإلتزامات المتقابلة في العقود المختلفة مرتبة ففي البيع مثلاً يبدأ المشتري بدفع الثمن ثم يسلم البائع العين المبيعة فالذي يقف تنفيذه من الإلتزامات هو التزام البائع بتسليم المبيع فيحبسه حتى يستوفي الثمن وليس العكس الكاساني 5 : 249 وفي الاجارة لا تستحق الاجرة الا اذا تمكن المستأجر من استيفاء المنفعة فلا يجوز للمؤجر حبس العين إلى حين استيفاء الاجرة إلا إذا كانت الأجرة معجلة . فإذا كان الالتزامان المتقابلان واجبي التنفيذ في وقت واحد لم يبق إلا أن يودع كل من المتعاقدين التزامه في يد عدل، ويسلم العدل كلا منهما حقه في نفس الوقت الذي يسلم فيه الحق للمتعاقد الآخر .
يراجع الشرح الكبير لابن قدامه الحنبلي 4 : 113 ولهذا الحكم تطبيقاته في العقود وفي غير العقود بل وفي الملكية .
ففي دائرة العقود يرد في البيع والإجارة والوكالة وحتى الزواج.
ففي البيع إذا كان الثمن حالاً فإن للبائع حق حبس المبيع لاستيفاء جميع الثمن، ولا يسقط حق البائع بإعطاء المشتري له رهناً أو كفيلاً ولا بإبرائه من بعض الثمن بل له حبسه إلى استيفاء الثمن بتمامه، أما إذا لم يكن الثمن حالاً، بأن كان مؤجلاً عند البيع أو رضي البائع بتأجيله بعد البيع فلا حق للبائع في حبس المبيع بل يلزم بتسليمه إلى المشتري ولا يطالبه بالثمن إلا عند حلول الأجل.
وإذا كان البيع مقايضة أو تصرف فوجب قبض الثمن والمبيع في وقت واحد فالظاهر أن للمشتري حبس الثمن إذا امتنع البائع عن تسليم المبيع .
وإذا استحق المبيع حتى قبل قبضه من المشتري، كان للمشتري أن يحبس الثمن بل أن له حق الفسخ واسترداد الثمن إذا كان قد دفعه للبائع .
وفي الإجارة إذا اشترط تعجيل الأجرة في الإجارة المنجزة كانت واجبة الأداء بمجرد العقد وقبل أن يسلم المؤجر العين المؤجرة وللمؤجر أن يحبس العين المؤجرة ويمتنع عن تسليمها للمستأجر حتى يستوفي الأجرة وهذا عدا حقه في فسخ الإجارة.
وإذا مات المؤجر فانقضى عقد الإيجار وكان المستأجر قد عجل عقد الأجرة لمدة لم يستوف المنفعة فيها، فله حبس العين المأجورة إلى حين استرداد ما عجله.
والأجير الخاص له اشتراط تعجيل الأجر قبل أن يسلم نفسه للعمل فيجوز في هذه الحالة للأجير أن يمتنع عن العمل، أي أن يحبس نفسه أو عمله إلى أن يستوفي أجر المشروط تعجيله الكاساني 4 : .206 205
والأجير المشترك إن كان لعمله اثر في العين كالخياط جاز له حبس العين وعدم تسليمها للمستأجر حتى يستوفي أجرته إن كانت الأجرة حالة فإن تلفت عنده فلا ضمان عليه ولا أجر له، وإن كانت مؤجلة فليس له حسبها فإن تلفت فعليه قيمتها أما إن لم يكن لعمله أثر في العين كالحال ليس له حبس العين فإن حبسها وتلفت ضمن قيمتها وصاحبها بالخيار إن شاء ضمنه قيمتها محمولة وعليه له الأجر وإن شاء ضمنها غير محمولة ولا أجر عليه. الكاساني 4 : 204 والزيلعي 5 : 111 .
هذا عند الحنفية وقد خففوا من حدة هذا التمييز المادي فقالوا أنه ليس المراد بالأثر عيناً مملوكة للعامل كالنشاء والغراء وغيرهما بل مجرد ما يعاين ويرى وعلى هذا فغاسل الثوب لتحسينه وكاسر الفستق والحطب لهم حبس العين حتى يستوفوا الأجرة. سليم باز على المادة 482 من المجلة.
أما المالكية فلا يقولون بوجوب أن يكون لعمل الأجير أثر في العين ففي المدونة " قلت أرأيت الخياطين والقصارين والجزارين والصواغين وأهل الصناعات إذا عملوا للناس بالأجرة ألهم أن يحبسوا ما عملوا حتى يعطوا أجرهم قال وكذلك في التفليس هم أحق بما في أيديهم وكذلك الموت هم أحق بما في أيديهم إذا مات، الذي أستعمل عندهم وعليه دين، قلت أرأيت ان استأجرت حمالاً يحمل لي الطعام أو متاعاً أو عرضاً من العروض إلى موضع من المواضع بأجر معلوم على نفسه أو على دابته أو على إبله أوعلى سفينة، فحمل ذلك حتى إذا بلغ الموضع الذي اشترطت عليه منعني متاعي أو طعامي حتى يقبض حقه ؟ قال مالك : ذلك له، وان فلس رب المتاع كان هذا الحمال أو الكرّى أحق بما في يديه من الغرماء حتى يستوفي حقه " مالك المدونة 2 ص 414 تحت عنوان : القضاء في الاجارة.
وفي الوكالة إذا دفع الوكيل بالشراء ثمن المبيع من مال نفسه للبائع فله الرجوع به على موكله، وله حبس المبيع عن الموكل لإستيفاء الثمن وإن لم يكن دفعه للبائع على خلاف مع زفر : والكاساني 6 : 7، والزيلعي، تبيين الحقائق 3 : 306 والمادة 1391 من المجلة .
وفي الزواج للزوجة قبل الدخول أن تمنع الزوج من الدخول بها حتى يعطيها ما اشترطت تعجيله من المهر ويثبت لها هذا الحق حتى لو كانت قد انتقلت إلى بيت زوجها، ذلك أن الزواج عقد معاوضة فيقتضى المساواة من الجانبين، والمرأة عينت حق الزوج فيجب أن يعين للزوجة حقها وإنما يتعين بالتسليم الكاساني 2 : 288 .
ولا يمنع حبس المرأة نفسها عن زوجها حتى تستوفي المهر من وجوب النفقة لها على زوجها حتى في مدة الحبس الزيلعي 3 : 5 52.
أما في الرهن فالقاعدة أن كل ما يحتاج إليه لمصلحة الرهن فعلى الراهن لأنه ملكه وكل ما كان لحفظه فعلى المرتهن لأنه حبسه له فإذا أنفق المرتهن على الرهن بقضاء القاضي نفقة واجبة على الراهن على الخلاف بين ما إذا كان الراهن غائباً أو حاضراً وقضى الدين فليس للمرتهن أن يحبس الرهن حتى يستوفي النفقة الهندية 55 : 455 وابن عابدين على الدر 5 : 314 .
وفي غير العقود يرد في الإباق واللقطة والغصب كما يرد في الملكية ففي الاباق إذا جاء الرجل بالابق إلى صاحبه فله أن يمسكه بالجعل لأنه إذا جاء به فقد استحق الجعل على مالكه فكان له حق حبسه بالجعل كما يحبس المبيع لاستيفاء الثمن الكاساني 6 : 203 والزيلعي 3 : 308 309 .
وفي اللقطة إذا انفق الملتقط عليها بأمر القاضي فله أن يحبسها بالنفقة كما يحبس المبيع بالثمن الكاساني 6 : 203 والزيلعي 3 : 306 وفي الغصب إذا بنى الغاصب على الأرض المغصوبة بناء أو غرس غرساً، وكان القلع أو الهدم مضراً بالأرض فلصاحب الأرض أن يعطي قيمة البناء أو الغراس مستحق القلع ويتملكه خيراً على الغاصب وللغاصب حبس الأرض حتى يستوفي حقه، ولو عيب الغاصب المغصوب ضمن قيمته فإن ظهر بعد ذلك وأخذه المالك فللغاصب حبسه حتى يسترد القيمة التي دفعها الزيلعي 5 : 230 .
وفي الملكية : إذا انهدم بع ض الملك المشترك الذي لا يقبل القسمة وأراد أحد الشريكين بنائه وامتنع الأخر يجبر على العمارة فإن لم يعمر بأذن القاضي للشريك بالعمارة ثم يمنع الاخر من الإنتفاع به حتى يؤدي ما يخص حصته من المصاريف وان عمر الشريك بدون إذن القاضي فهو متطوع لا يرجع على الآخر بشيء م 768 من مرشد الحيران.
وإذا انهدم السفل أو احتاج إلى ترميم فعلى صاحبه بناؤه أو ترميمه فإن امتنع وعمره صاحب العلو بإذنه أو بإذن القاضي فله الرجوع عليه بما أنفقه على العمارة بالقدر المعروف ولصاحب العلو أن يمنع صاحب السفل من الإنتفاع حتى يوفيه حقه م 1315 من المجلة.
وإذا انهدم حائط مشترك بين جارين وكان عليه حمولة لهما كقصر أو رؤوس جذوع وعمر أحدهما عند امتناع الأخر فله منع شريكه من وضع حمولته على ذلك الحائط حتى يؤديه نصف مصرفه 1316 من المجلة.
يراجع السنهوري مصادر الحق 1 : 32 33 و 64 65 .
وهذه المادة تقابل المواد 387 أردني و 246 مصري و 247 سوري و 282 عراقي.

المادة 415
لكل من المتعاقدين في المعاوضات المالية بوجه عام أن يحتبس المعقود عليه وهو في يده حتى يقبض البدل المستحق.
المذكرة الإيضاحية :
تناول المشرع في هذه المادة تطبيق حق الحبس في المعاوضات المالية بوجه عام أو في البيع والاجارة ويلاحظ أن القانون المدني العراقي أجاز في المادة 280 منه للعامل أن يحبس الشيء الذي يعمل فيه إلى أن يستوفي الأجر المستحق سواء كان لعمله أثر في العين أم لا وهذا يخالف المذهب الحنفي الذي يقصر حق العامل على الحبس حتى يستوفي الأجرة إذا كان لعمله أثر في العين يراجع علي حيدر على المجلة 482 483 ويوافق المذهب المالكي على ما سلف تراجع المدونة الكبرى ج 2 ص 414 وقد رؤي الأخذ بالمذهب المالكي في التسوية بين من كان لعمله أثر في العين ومن لم يكن له كالحمال مثلاً تراجع مذكرة المادة 387 من القانون والمواد 278 و 279 و 282 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 454 و 583 و 631 و 632 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 383 أردني و 280 عراقي.

المادة 416
لمن أنفق على ملك غيره وهو في يده مصروفات ضرورية أو نافعة ان يمتنع عن رده حتى يستوفي ما هو مستحق له قانوناً ما لم يتفق أو يقضي القانون بغير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تناول المشرع في هذه المادة أحد تطبيقات حق الحبس وهو ما يعرض عند انفاق الحائز مصروفات على الشيء الذي يكون في يده فمثل هذا الحائز ملزم برد الشيء إلى مالكه ولكن من حقه في الوقت نفسه أن يستأدي ما يكون له الحق في استرداده من مصروفات أنفقها على هذا الشيء، فثمة التزامان مرتبطان على وجه التبادل أو القصاص يتفرع على ارتباطهما هذا إثبات حق صاحب اليد في أن يحبس الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له ولو كان قد أحرز هذا الشيء بالغصب، ففي ابن عابدين على الدر 5 : 183 184 .
ولو دفع بذي قيمة كقرظ وعفص الجلد أخذه المالك ورد ما زاد الدبغ بأن يقوم مدبوغاً وذكياً غير مدبوغ ويرد ما فضل بينهما، وللغاصب حبسه حتى يأخذ حقه فإن هلك في يده سقط عن المالك قيمة الزيادة.
ويختلف هذا الحكم عنه في القانون المدني إذ القانون يشترط أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل مشروع حتى يكون للحائز حق الحبس أما في الفقه الحنفي فلا يشترط هذا الشرط.
كما أن القانون قيد المصروفات بأن تكون ضرورية أو نافعة وقد رأى المشرع أن يكون القيد هو أذن القاضي أو كونها ضرورية كما هو في الفقه الإسلامي فإن لم يكن كذلك لم يكن للمنفق الرجوع بها ولا الحبس من أجلها.
فالنفقة على الآبق إن كانت بإذن القاضي يرجع بها على صاحبه وإلا فلا لأنه يكون متطوعاً الكاساني 6 : 203 الزيلعي 3 .309 308 :
والنفقة على اللقطة. إن كان بأمر القاضي تكون ديناً على مالكها وإن أنفق بغير إذنه يكون متطوعاً فينبغي أن يرفع الأمر إلى القاضي ينظر في ذلك الكساني : 6 : 203 والزيلعي 3 : 306 وكذلك في الرهن وإن كان لا يجوز للمرتهن الحبس للنفقة بعد أداء الرهن على ما تقدم الكاساني 6 : 152 .
وقد زيد في النص "ما لم يتفق أو يقضي القانون بغير ذلك إذ قد لا يكون له الحق في الحق لإتفاقهما على ذلك أو إذا أنفق المرتهن على العين المرهونة نفقة هي على الراهن ثم استوفى الدين ليس له الحبس".
تراجع مذكرة المادة 414 وقد أشير فيها في هذا الصدد إلى الهندية 5 : 455 وابن عابدين على الدر 5 : 314 .
وهذه المادة تقابل المواد 389 أردني و 246 مصري و 247 سوري و 281 عراقي.

المادة 417
1. على من احتبس الشيء أن يحافظ عليه وان يقدم حسابا عن غلته.
2. وله أن يستصدر أذنا من القاضي ببيع الشيء المحتبس إذا كان يخشى عليه الهلاك أو التعيب وذلك وفقا للإجراءات الخاصة ببيع المرهون حيازة وينتقل حق الاحتباس من الشيء إلى ثمنه.
المذكرة الإيضاحية :
تناول المشرع في هذه المادة واجب الحابس في المحافظة على الشيء كما إذا كان هذا الشيء عرضة للهلاك أو التلف كان لمحتبسه أن يحصل على إذن من القاضي ببيعه وحينئذ ينتقل الحق في الحبس إلى ثمنه.
وقد وضع القانون المدني المصري والسوري معياراً لهذه المحافظة " أحكام رهن الحيازة " ولكن المشرع اقتداء بالقانون العراقي آثر ترك النص على هذا المعيار لما هو مقرر في الفقه الإسلامي.
كما ألزم الحابس أن يقدم للمالك حساباً عن غلة الشيء المحبوس إذ ليس له أن ينتفع به.
يراجع في اللقطة : الكاساني 6 : 203 والزيلعي 3 : 306 .
وهذه المادة تقابل المواد 390 أردني و 247 مصري و 248 سوري و 283 عراقي.

المادة 418
من احتبس الشيء استعمالا لحقه في احتباسه كان أحق من باقي الغرماء في استيفاء حقه منه.
المذكرة الإيضاحية :
يثبت هذا النص للحابس الشيء استعمالاً لحقه في الحبس حتى تقدم على سائر الغرماء في اقتضاء حقه الذي حبس الشيء من أجله من الشيء المحبوس لأجله من ثمنه ويفترض في هذه الحالة أن يكون هناك حق حبس وان يستعمله صاحب الحق بحبس الشيء والحكم في هذه الحالة أن يتقدم الدائن الحابس بقية الدائنين في اقتضاء حقه المحبوس أو ثمنه وهذا الحكم مقرر في المذهب الحنفي.
ففي الدر " اشترى شيئاً وقبضه ومات مفلساً قبل نقد الثمن فالبائع أسوة للغرماء وعند الشافعي رضي الله عنه أحق به كما لو لم يقبضه المشتري فإن البائع أحق به اتفاقاً ولنا قوله عليه الصلاة والسلام إذا مات المشتري مفلساً فوجد البائع متاعه بعينه فهو أسوة للغرماء شرح مجمع العيني ".
وقال ابن عابدين شرحاً لذلك.
وقوله ومات مفلساً أي ليس له مال يفي بما عليه من الديون سواء فلسه القاضي أو لا.
قوله فللبائع أسوة للغرماء أن يقتسمونه ولا يكون البائع أحق به.
قوله فإن البائع أحق به الظاهر أن المراد أنه أحق بحبسه عنده حتى يستوفي الثمن من مال الميت أويبيعه القاضي ويدفع له الثمن فإن وفى بجميع دين البائع فيها وإن زاد دفع الزائد لباقي الغرماء وان نقص فهو أسوة للغرماء فيما بقي له وإنما كان أحق به من باقي الغرماء لأنه كان له حق حبس المبيع إلى قبض الثمن في حياة المشتري فكان بعد موته وهذا نظير ما سيذكر المصنف في الاجارات من أنه لو مات المؤجر وعليه ديون فالمستأجر أحق بالدار من غرمائه إن إذا كانت الدار بيده وكان قد دفع الأجرة وانفسخ عقد الإيجار بموت المؤجر فله حبس الدار وهو أحق بثمنها بخلاف ما إذا عجل الأجرة ولم يقبض الدار حتى مات المؤجر فإنه يكون أسوة لسائر الغرماء ولا يكون له حبس الدار كما في جامع الفصولين وكذا ما سيأتي في البيع الفاسد لو مات بعد فسخه فالمشتري أحق به من سائر الغرماء فله حبسه حتى يأخذ ماله هكذا ينبغي حل هذا المحل وبه ظهر جواب حادثة الفتوى سئلت عنها وهي : ما لو مات البائع مفلساً بعد قبض الثمن وقبل تسليم المبيع للمشتري ويكون المشتري أحق به لأنه ليس للبائع حق حبسه في حياته بل للمشتري جبره على تسليمه ما دامت عينه باقية فيكون له أخذه بعد موت البائع أيضاً إذ لا حق للغرماء فيه بوجه لأنه أمانة عند البائع وإن كان مضموناً بالثمن لو هلك عنده ومثله الرهن فإن الراهن احق به من غرماء المرتهن. ابن عابدين 4 : 61 62 .
وقد خالف هذا الحكم القانون المدني المصري والسوري والعراقي إذ قضت هذه التقنينات بأن مجرد ثبوت الحق للدائن في حبس الشيء لا يعطيه حق امتياز عليه، وقد رؤي في المشروع التزام حكم الفقه الإسلامي .
يراجع السنهوري مصادر الحق 1 : 325 و 64 65 و 6 : 252 .263
وهذه المادة تقابل المواد 391 أردني و 248 سوري و 283 عراقي.

المادة 419
1. ينقضي الحق في الاحتباس بخروج الشيء من يد حائزه أو محرزه ما لم ينص القانون على غير ذلك.
2. ومع ذلك يجوز لمن احتبس الشيء إذا خرج الشيء من يده خفية أو بالرغم من معارضته يطلب استرداده خلال ثلاثين يوما من الوقت الذي علم فيه بخروجه من يده وقبل انقضاء سنة من وقت خروجه.
المذكرة الإيضاحية :
ليس الحبس على وجه الإجمال، إلا حيازة الشيء حيازة فعلية، ولذلك كان طبيعياً أن ينقضي بفقد الحيازة فالبائع إذا سلم المبيع قبل قبض الثمن، فقد أسقط حبسه فليس له بعد ذلك أن يسترد المبيع، ولكن ينبغي أن يكون هذا الفقد إرادياً : فإذا خرج الشيء من يد محتبسه خفية أو انتزع منه رغم معارضته ظل حقه في الحبس قائماً وكان له أن يسترده.
وفي الأشباه والنظائر ص 376 : المرتهن إذا أعار الرهن من الراهن لم يبطل حقه في الحبس فله رده بخلاف البائع إذا أعار المبيع أو أودعه من المشتري سقط حقه فلا يملك رده ".
تراجع المادتان 748 و 749 من المجلة.
ولذلك رؤي إضافة عبارة ما لم ينص القانون على غير ذلك في آخر الفقرة على أن حق الاسترداد هذا وإن كان يكفل حماية الحق في الحبس إلا أن من واجب المحتبس أن يستعمله في خلال ثلاثين يوماً من وقت علمه بخروج الشيء من يده قارن حق المستأجر في استرداد المنقولات التي تخرج من حيازته في خلال ثلاثين يوماً.
كما رؤي أن من المصلحة وضع حد زمني ينقضي حق الحبس في خلاله ولو لم يعلم الحابس بخروج الشيء من يده لوضع حد للمنازعات وقد رؤي تحديد الأجل بسنة أسوة بالقانون المدني المصري والسوري والقانون العراقي.
تراجع المواد 24 و 58 و 97 و 281 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 459 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 392 أردني و 248 مصري و 249 سوري و 284 عراقي.

الفصل الثالث
التصرفات المشروطة بالتعليق والأجل
الفرع الأول
الشرط
نظرة عامة :
الشرط أمر مستقبل محتمل وجوده رتب على وجوده التزام أو زواله، وهو شرط واقف إن كان المرتب على وجوده الالتزام وشرط فاسخ وجود إن كان المرتب على وجوده زوال الالتزام هذا التنويع اصطلاح قانوني ليس معروفاً في الفقه الإسلامي والأجل أمر مستقبل محقق الوجود وهو الأجل الواقف إذا رتب على حدوثه نفاذ الالتزام وهو الأجل الفاسخ إذا كان الالتزام قائماً نافذاً ورتب زواله على حدوثه.
والالتزام يكون معلقاً على شرط إذا كان وجوده أو زواله مترتباً على أمر مستقبل غير محقق الوقوع وعليه فلا يكون للالتزام وجود إذا علق على شرط غير ممكن الحدوث، ومثله إذا كان الشرط مخالفاً للآداب العامة أو للنظام العام وذلك في حالة ما إذا كان الشرط واقفاً أما إذا كان الشرط فاسخاً فإن مخالفته للآداب والنظام العام تجعله من منزلة الشرط الذي لا يمكن وقوعه ومن ثم يعتبر أنه غير قائم وغير موجود على الرغم من تحققه وعندئذ لا يترتب عليه زوال الالتزام كما لا يترتب عليه وجود الالتزام في هذه الحالة إذا ما كان واقفاً لهذا الاعتبار نفسه.
ويلاحظ أن الشرط الفاسخ عند مخالفته للآداب أو النظام العام هو الذي يعد غير قائم وغير موجود عند حدوثه ومن ثم بقي الالتزام قائماً غير متأثر بوجوده.
وإذا علق وجود الالتزام ونشأته على إرادة الملتزم وحدها كان له أن يريد أو كان له أن لا يريد وذلك ما يذهب بقيامه الالتزام ووجوده وترتب أثره وهو الإلزام عليه فإن الالتزام إذا كان من جانب واحد أي بإرادة الملتزم المنفردة فإنها عند هذا التعليق تعد غير موجودة فعلاً، وبذلك لا يكون للالتزام وجود لأنه إنما يقوم على البت والقطع والتعليق على المشيئة والإرادة رفع للبت وإعدام له والالتزام لا يكون إلا بما يدل على البت والقطع من جانب الملتزم ف كان تعليق الالتزام على إرادة الملتزم ومشيئته مبطلاً له، وإذا كان الالتزام من جانبين وقائماً على إرادتين متبادلتين كان التزام أحدهما باعتباره مديناً بالنسبة إلى الطرف الآخر غير قائم إذا لم تكن له إرادة فيه عند التلفظ بعبارته وإذا لم يكن له إرادة عند التزامه المعلق على إرادته لم يكن له التزام إذ لا التزام بغير إرادة باتة من الملتزم ولا يفيد أن من المحتمل أن يريده فيما بعد لأن إرادته في هذه الحالة لا تصلح سبباً ملزماً ما دام أن له ألا يريد دون تعقيب عليه كما لا تصلح لذلك أن يكون التزام الطرف الآخر مقابلاً بما يكافئه.
وعلى هذا يبطل الالتزام إذا علق على إرادة المدين وحده على أنه إذا صدر من المدين فيما بعد ذلك ما يكشف عن إرادته في إبرام هذا الالتزام كان ذلك إرادة جديدة لها أثرها الشرعي بناء على هذا الأساس ذلك ما تقضي به الأصول والقواعد الفقهية الشرعية.
وإذا كان الالتزام قائماً معلقاً بقاؤه وقيامه على شرط فاسخ فإن تحقق هذا الشرط يزيل هذا الالتزام وينفسخ بقوة القانون دون حاجة إلى حكم وإعلان ولا يكون الملتزم عندئذ في حاجة إلى حكم بفسخه ولا يلجأ في ذلك إلى القاضي إلا عند النزاع فيلجأ إليه لتقرير انفساخه ولذا لا يجوز لطرفيه أن ينزلا عن الفسخ إذ يعتبر الالتزام مفسوخاً من تلقاء نفسه.
وإذا كان الدائن قد أستوفى الدين من المدين ثم تحقق الشرط الفاسخ وزال التزم المدين تبعاً فعليه أن يرد ما أخذ إلى المدين وإذا استحال الرد لسبب هو مسئول عنه كان عليه أن يعوض المدين عما أصابه من الضرر أما إذا كانت الاستحالة لسبب أجبر عليه ليس مسئولاً عنه فلا محل لإلزامه عندئذ بالتعويض لأنه لم يكن منه ما أضر بالمدين حتى يلزم بتعويضه والتزام الدائن برد ما أخذ من المدين إليه مبني على أساس دفع غير المستحق.
ويرى بعض رجال التشريع أن للشرط الفاسخ أثراً رجعياً فيزول الالتزام بناء على ثبوته من وقت نشوء الالتزام.
أما فقهاء الشريعة الإسلامية فقد ذهبوا إلى انه ليس للشرط أثر رجعي ويرون باتفاق بينهم أن المشروط لا يتحقق قبل شرطه وإلا لم يكن شرطاً له لأن الشرط ما يلزم من عدم وجوده عدم المشروط ولا يلزم من وجوده الوجود ولو جعل للشرط أثر رجعي لكان للمشروط وجود قبل وجود شرطه وهذا مرفوض باتفاق وقد جاء في المجلة المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط م 82 وجاء فيها الكفالة إذا علقت بشرط فلا يطالب الكفيل ما لم يتحقق الشرط م 636 . وعلى هذا الأئمة الأربعة من فقهاء الإسلام وهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل.
تراجع المراجع المشار إليها في النظرة العامة للأجل.

المادة 420
الشرط أمر مستقبل يتوقف عليه وجود الحكم أو زواله عند تحققه.

المادة 421
التصرف المنجز هو ما تم بصفة مطلقة غير مقيدة بشرط أو مضافة إلى زمن مستقبل ويقع حكمه في الحال.

المادة 422
التصرف المعلق هو ما كان مقيدا بشرط غير قائم أو بواقعة مستقبلة ويتراخى أثره حتى يتحقق الشرط.

المادة 423
يشترط لصحة التعليق أن يكون مدلول فعل الشرط معدوما على خطر الوجود لا متحققا ولا مستحيلا.

المادة 424
يبطل التصرف إذا علق وجوده على شرط مستحيل أو أحل حراما أو حرم حلالا أو خالف النظام العام أو الآداب.

المادة 425
لا ينفذ التصرف المعلق على شرط غير مناف للعقد إلا إذا تحقق الشرط.

المادة 426
يزول التصرف إذا تحقق الشرط الذي قيده ويلتزم الدائن برد ما أخذ فإذا تعذر الرد بسببه كان ملزما بالضمان.

المادة 427
المعلق بالشرط يثبت عند ثبوت الشرط.

المادة 428
يلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان.
المذكرة الإيضاحية :
تضمنت هذه المواد تعريف الشرط وأحكامه بوصفه أحد الأوصاف المعدلة لآثار الالتزام وقد تضمنت المادة 420 تعريفاً للشرط جمع مزايا التعريفات الفقهية وتعريفات القوانين الحديثة وقد عرّفته المادة 315 من المرشد بأنه " التزام مستقبل في أمر مستقبل بصيغة مخصوصة " وفي هامش ص 80 من المرشد هو ما يتوقف عليه وجود الشيء ويكون خارجاً عن ماهيته ولا يكون مؤثراً في وجوده وقيل الشرط ما يتوقف وجود الحكم عليه، وفي الشرع هو ما يضاف الحكم إليه وجوداً عند وجوده لا وجوباً، وقد تضمن النص المقترح عناصر التفرقة بين الشرط الذي يعلق عليه وجود الالتزام وبين الشرط الذي يترتب على تحققه زوال الالتزام، وقد عرفت المادة 421 الالتزام المنجز وهو ما تم بصيغة مطلقة دون أن يكون مقيداً بشرط أو بصيغة مضاف إلى زمن مستقبل ويؤتى هذا الالتزام أثره في الحال وهو نص مصدره المادة 316 من المرشد التي نصت على أن "العقد المنجز هو ما كان بصيغة مطلقة غير معلقة بشرط ولا مضافة إلى وقت مستقبل وهذا يقع حكمه في الحال".
أما الالتزام المعلق فهو ما كان مقيداً بشرط غير قائم أو بواقعة مستقبلة ويتراخى أثره حتى يتحقق الشرط، وقد نصت المادة 82 من المجلة على أن المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط وجاء في شرح هذه المادة ج 1 ص 72 لعلي حيدر انه يشترط في صحة التعليق أن يكون الشرط معدوماً على خطر الوجود أي أن يكون معدوماً ممكناً حصوله فلو علق شيء موجود يعتبر تعليقه تنجيزاً أي أن المعلق يثبت في الحال.
وقد أورد صاحب المرشد هذا الحكم في نص المادة 318 من المرشد وعرفت المادة 422 التصرف المعلق وتضمن نص المادة 423 أحكام الشرط المعلق فقضت بانه يشترط لصحة التعليق أن يكون مدلول فعل الشرط معدوماً على خطر الوجود لا متحققاً ولا مستحيلاً، ذلك لأن تعليق الالتزام على شرط مستحيل أو مخالف للآداب أو النظام العام يجعله باطلاً إذا كان الشرط يتوقف عليه وجود الالتزام فإذا كان الشرط يترتب عليه زوال الالتزام فإنه يكون لغواً ولا يعتبر وقد تضمنت المادة 424 من القانون هذا الحكم وجاء في شرح المجلة ج 1 ص 72 على المادة 82 " إذا كان التعليق على شيء مستحيل الوقوع فإنه باطل ويشترط في التعليق ان يكون في الأمور والخصوصيات التي يجوز التعليق فيها شرعاً وإلا فلو علقت بعض الأمور التي لا يجوز التعليق فيها على شرط فالتعليق فاسد أي أن الشيء المعلق لا يثبت ولو ثبت الشرط " ومؤدى ما تقدم أنه من موجبات التعليق أن يكون مدلول فعل الشرط معدوماً على خطر الوجود لا يستطاع البت فيما سيكون من أمره، فمتى كان مستحيلاً وهو ما يمتنع تحققه بحكم الواقع أو كان غير مشروع بسبب مخالفته للقانون أو النظام العام أو الآداب انتفت حقيقة التعليق فإذا كان الشرط موثقاً فالالتزام باطل وإذا كان فاسخاً يسقط أثر التعليق ويعتبر الشرط لغوا.
وقد نصت المادة 425 من القانون على أن الالتزام المعلق على شرط غير مناف للعقد لا ينفذ إلا إذا تحقق الشرط وهو نص يتفق مع نص المادة 82 من المجلة والذي يقضي بأن المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط ويترتب على اعتبار الالتزام المعلق غير مؤكد الوجود أنه لا يجوز للدائن أن يتخذ بمقتضاه أي إجراء من إجراءات التنفيذ فإن تحقق الشرط فقد تأكد وجوب الالتزام.
على أن المادة 426 تضمنت حكم الشرط المقيد فنصت على زوال الالتزام إذا تحقق ويلتزم الدائن برد ما أخذه فإذا تعذر عليه ذلك بسبب يرجع إليه كان ملزماً بالضمان ذلك لان الالتزام المعلق على شرط مقيد وإن كان يثبت للدائن حقاً متميزاً إلا أنه يقبل الزوال فإذا تحقق الشرط زال حق الدائن والتزم برد ما أداه المدين فإن استحال عليه ذلك بسببه التزم بالضمان.
كما تضمنت المادتان 427 و 428 قاعدتين أصوليتين هما المعلق يثبت بالشرط عند ثبوت الشرط و يلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان.
ويلاحظ أن المشرع قد تجاوز النص الذي جرت عليه القوانين الحديثة وهو إسناد اثر الشرط إلى الماضي لمخالفته للمبادئ العامة في الفقه الإسلامي ولتعارضه مع القاعدة العامة والتي تنص على أن المعلق يثبت عند ثبوت الشرط لا قبله ولذلك تطبيقات عديدة تضمنتها كتب الفقه واتفقت فيها جميع المذاهب.
وقد رأى المشرع عدم استعمال الشرط الواقف والشرط الفاسخ وهو تعبير لا وجود له في الفقه الإسلامي وهو مأخوذ من الفقه اللاتيني والجرماني، كما جاء في المشروعات القانون المصري التمهيدي .
يراجع بالإضافة على شرح مواد المجلة المشار إليها أعلاه المغني ج 4 ص 66 وما بعدها والمهذب ج 1 ص 258 وما بعدها ونهاية المحتاج ج 7 ص 11 ورد المحتار ج 2 ص 687 و ج 4 ص 59 وما بعدها والهداية ج 3 ص 116 و 128 والبدائع ج 5 ص 126 وما بعدها وحاشية الدسوقي ج 3 ص 91 وما بعدها والشرح الكبير للدردير ج 2 ص 375 ومرشد الحيران المواد من 315 322 .
وهذه المادة تقابل المواد من 393 إلى 401 أردني و 365 إلى 370 مصري و 365 إلى 375 سوري و 285 إلى 290 عراقي.

الفرع الثاني
الأجل
نظرة عامة :
من طبيعة الأجل الذي يترتب نفاذ الالتزام أو انقضاؤه على حلوله أن يكون وقتاً مستقبلاً محقق الوقوع وهو في العادة موعد معين يضرب لنفاذ الالتزام أو لانقضائه ومن ذلك أن جزءاً معيناً من الزمن وقد يكون فعلاً كالتأجيل إلى قدوم الحاج أو إلى الحصاد وعند ذلك لا يراد منه إلا زمنه، والتأجيل قد ينص عليه في العقد وقد لا ينص عليه في العقد ولكنه يلتحق بعد ذلك باتفاق المتعاقدين على ذلك وفي هذه الحال ينشأ الالتزام منجزاً ثم يصير مؤجلاً بهذا الاتفاق وإذا كان الأجل محقق الوقوع فليس من اللازم أن يكون موعد حلوله معلوماً وذلك كما في التأجيل إلى الموت وهذه الحال هو ما يسمى الأجل فيها لدى رجال القانون بالأجل غير المعين وهي تسمية اصطلاحية لهم، والأجل كما يضرب لنفاذ الالتزام دفعة واحدة قد يضرب لنفاذه على فترات معينة متوالية والأجل قد يضرب لنفاذه التزام وقد يضرب موعداً لانقضائه وهو في الحال الأولى يسمى أجلاً واقفاً وفي الحال الثانية يسمى أجلاً فاسخاً وهذا اصطلاح في التسمية خاص برجال التشريع الوضعي وأمثلة الأجل الفاسخ عديدة ومنها الأجل يضرب لانقضاء الرهن وذلك بتسليم العين المرهونة إلى الراهن أو لانقضاء الإعارة وذلك بتسليم العارية إلى المعير.
والأمر الكثير وقوعه أن يكون مصدر الأجل اتفاق المتعاقدين وقد يكون ذلك صريحاً كما إذا نص في العقد على التأجيل وقد يكون ضمنياً كما في تأجيل المهر من غير نص على ذلك بناء على جريان العرف بذلك. وكذلك كل معاملة خاصة جرى العرف على أن تكون في غالب أحوالها مؤجلة إلا إذا نص على عدم التأجيل وقد يكون مصدره القانون كما في تأجيل الدية بالنسبة إلى القاتل خطأ على ثلاث سنوات يؤدي منها ثلثها في كل سنة وقد يكون مصدره القضاء كما في تأجيل القاضي النفقة المتجمدة عن مدة ماضية عندما يرى أن حالة المدين تستوجب الرأفة به لإعساره فيؤجل أداءها إلى الوقت المناسب له إمهاله واشتراط تحقق الوقوع في الأجل لا يقصد منه إلا أن يكون هو الأمر المعتاد المألوف بين الناس لا الأمر الحتم المقطوع به ولذا لا يضير أن يكون عدم وقوعه جائزاً ومحتملاً في نفسه وذلك بدليل صحة التأجيل إلى الميسرة في كثير من المسائل وهي أمر قد لا يحدث ولا يقع وقد ورد بها الكتاب العزيز إذ جاء في سورة البقرة " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ". ويلزم في الأجل نتيجة لوجوده تحقق القطع بحدوثه أن يكون معلوماً فإذا كان مجهولاً كان باطلاً وافسد الالتزام لما يترتب على ذلك من الغرر والنزاع وليس المراد بالعلم كماله بل يكفي أن يكون علماً مانعاً من الضرر الفاحش والنزاع وذلك بأن يكون علماً تعارف الناس الرضا به والمعاملة على أساسه كما في التأجيل إلى زمن قدوم الحاج أو إلى زمن الحصاد ونحو ذلك، ولذا لم يكن مما يبطل الأجل ويجعله مجهولاً جهالة يترتب عليها فساد المعاملة ألا يعلم وقت حلوله إذا ما كان محقق الوقوع كما في التأجيل إلى الموت وذلك لتعارف الناس ذلك.
وانظر ما جاء في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج 3 ص 269 طبعة الحلبي خاصاً بتأجيل المدين غير المفلس بواسطة الحاكم بناء على طلبه وليس يمنع القاضي شرعاً من أن يمهل المدين ويؤجله بناء على طلبه إذا ما كان التأجيل منصوصاً عليه في الالتزام وانتهى الأجل ولم يعرف المدين أو كان غير منصوص عليه ولكن تبين أن عدم القدرة على الوفاء عندئذ نتيجة طبيعية للالتزام إذ أن هذه الحال لا تعدو أن تكون مثيلة لما نص على التأجيل فيه إلى وقت الميسرة ومن سلطان القاضي في مثل هذه الأحوال تحديد الوقت الذي يجب فيه الوفاء وذلك كثير في المذاهب وبخاصة مذهب مالك.

المادة 429
يجوز إضافة التصرف إلى أجل تترتب عند حلوله أحكام نفاذه أو انقضائه.

المادة 430
إذا تبين من التصرف أن المدين لا يقوم بوفائه إلا عند المقدرة أو الميسرة حدد القاضي أجل الوفاء مراعيا موارد المدين الحالية والمستقبلة ومقتضيا منه عناية الحريص على الوفاء بالتزامه

المادة 431
يسقط حق المدين في الأجل في الأحوال الآتية:
1. إذا حكم بإفلاسه أو الحجر عليه.
2. إذا لم يقدم تأمينات الدين المتفق عليها.
3. إذا نقصت التأمينات العينية للدين بفعله أو بسبب لا يد له فيه ما لم يبادر إلى تكملتها.

المادة 432
إذا كان الأجل لمصلحة أي من الطرفين فله أن يتنازل عنه بإرادته المنفردة.

المادة 433
الدين المؤجل لا يحل بموت الدائن ويحل بموت المدين إلا إذا كان مضمونا بتأمين عيني.
المذكرة الإيضاحية :
الأجل موعد معين يضرب لنفاذ التزام أو انقضائه وهو أمر مستقبل محقق الوقوع، وتحقق الوقوع هو الفارق الجوهري بين الشرط والأجل وقد تضمن النص عناصر التفرقة بين الأجل الواقف وهو ما يتوقف عليه نفاذ الالتزام والأجل الفاسخ وهو ما يضاف إليه زواله ويلاحظ أن الإضافة إلى الأجل وصف يلحق الالتزام.
وقد نصت المادة 320 من المرشد على أن العقد المضاف هو ما كان مضافاً إلى وقت مستقبل والمضاف ينعقد سبباً في الحال لكن يتأخر وقوع حكمه إلى حلول الوقت المضاف إليه ونصت المادة 156 من المجلة على أن التأجيل هو تعليق الدين وتأخيره إلى وقت معين ونصت المادة 157 على أن التقسيط تأجيل أداء الدين منصرفاً إلى آجال معينة والنص المقترح يتفق مع تعريف الأجل في الفقه وفي القوانين الوضعية . أما المادة 430 من القانون فقد تضمنت حكماً يقوم على أن المتعاقدين قد يحددان أجل الوفاء عند المقدرة أو الميسرة ولم يترك الأمر دون وضع ضوابط لهذا التحديد، ولذا نص على أن يعين القاضي الأجل المناسب على أن يراعى ظروف المدين وموارده الحالية والمستقبلية وما ينبغي عليه من واجب الحرص على الوفاء بالتزامه.
أما المادة 431 فقد نصت على أحكام سقوط حق المدين في الأجل متفقة مع القوانين الحديثة، فضلاً عن عدم تناقضها مع الأحكام الفقهية الإسلامية، فحلول أجل المدين بالنسبة للمدين الذي يقضي بإفلاسه مستمد من أحكام الفقه المالكي وإن كان ذلك على خلاف رأي الحنفية والشافعية إلا أنه يتفق مع المصلحة العامة والعدالة : أما الفقرتان التاليتان فتتفقان مع أحكام ضمان الديون الواردة في بابي الرهن الرسمي والرهن الحيازي، التي تضمنها القانون.
وتضمنت المادة 432 حق صاحب المصلحة في الشرط في التنازل عنه بإرادته المنفردة.
وقد تضمنت المادة 433 النص على سقوط الأجل بموت المدين لا الدائن إذا كان الدين مضموناً بضمان عيني ومصدر النص في جزئه الأول المادة 214 من المرشد التي تقضي بأن الدين المؤجل لا يحل بموت الدائن ويحل بموت المدين وتتفق مع رأي الحنفية والشافعية، ويرى المالكية أن الأجل يسقط بموت المدين إلا إذا اتفق الطرفان على عدم سقوطه بالموت حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ج 3 ص 265 و 266 أما الحنابلة فيرون أنه يسقط بالموت إلا إذا ضمن الوارث الدين برهن أو كفيل، وقد نص المشرع على عدم سقوط الدين إذا كان مضموناً بتأمين عيني ويتفق هذا النص مع المادة 295 من القانون العراقي، وتوضيحاً لما ذكر يتبين ما يلي :
ذكر المشرع لسقوط الأجل أسباب ثلاثة والمراد هنا بالأجل الواقف بدليل عدم تحقق تلك الأسباب بالنسبة للأجل الفاسخ ولان لسقوطه أسباباً أخرى يتعرض لها في مواضعها.
السبب الأول :
الحكم بإفلاس المدين وفقاً لنصوص القانون ولم ير فقهاء الشريعة أن إفلاس المدين بعد إعلانه مسقط للأجل بل يبقى الأجل قائماً مستتبعاً أثره على الرغم من إفلاس المدين ولكن المالكية ذهبوا إلى أن الحكم بإفلاس المدين مسقط للأجل وخالفهم في ذلك الحنفية على القول بالحجر للدين عندهم كما خالفهم الشافعية والحنابلة ومسألة اجتهادية لا نصفيها فيما نعلم ولذا كانت صاحلة لأن يكون الحكم فيها على مقتضى المصلحة التي تتمثل في استقرار المعاملات والمحافظة على الحقوق وصيانتها والبعد عن الغرر لأن الإدانة مع التأجيل إنما تعتمد في الغالب على ثقة الدائن بالمدين وملاءته الظاهر، فإذا تغيرت حاله من ملاءة إلى إفلاس أصاب الدائن ضرر غير متوقع فكان له الحق في التوقي منه وذلك بإعطائه الحق في مطالبة المدين بالوفاء في الحال.
السبب الثاني :
إذا أضعف المدين بفعله إلى حد كبير ما أعطى الدائن من تأمين خاص كرهن مثلاً وذلك بأن تصبح قيمته أقل من قيمة الدين فإن لم يصل الأضعاف إلى هذا الحد بأن ظل التامين كافياً لضمان الدين لم يكن ذلك مبرراً لسقوط الأجل كما أن إقدام المدين على إضعاف الضمان العام للدائنين وذلك بأن يتصرف في ماله بما يصل به إلى حد الإفلاس لا يعد مبرراً لسقوط الأجل بناء على ذلك وان امكن سقوطه بناء على ما حدث من إفلاس وإذا أعلن هذا الإفلاس ومثله في الحكم أن يكون التأمين نتيجة للاشتراك في عقد المدين أو لاحقاً غير أنه في هذه الحال الأخيرة لا يلحق الدائن فيها غرر بسبب الإضعاف لأنه ارتضى التعاقد بلا تأمين في الابتداء ولم يكن التأجيل بسبب التأمين فإذا كان التأمين لاحقاً للعقد لم يتغير حال الدائن عما كان عليه وقت التعاقد على الدين وهي حال كانت لديه مرضية بخلاف ما إذا كان مصدر التأمين هو العقد.
وهذا ما لم يؤثر الدائن أن يطالب بتكملة التأمين ضماناً لتوفير ثقته وإلا بقي الأجل إذا استجاب المدين إلى طلب الدائن فأكمل التأمين.
وإذا كان إضعاف التأمين يرجع إلى سبب لا دخل لإرادة المدين فيه فإن الأجل كذلك يسقط بسبب ذلك فقد يكون إقدام المدين على الإدانة مع التأجيل مرده إلى اطمئنانه إلى الحال القائمة عند ذلك فإذا تغيرت كان له أن يحافظ على حقه أما بطلب الوفاء بناء على سقوط الأجل وإما بطلب زيادة التأمين إلى الكفاية كما يكون للدائن الحق في مطالبة المدين بتقديم تأمين خاص إليه ولو لم يكن الدين مؤجلاً إذا خشي إفلاسه واستند في ذلك إلى سبب معقول وإلا لزمه الوفاء دون إمهال وإلى ذلك ذهب الفقهاء لأن ذلك من حق الدائن ما دام الدين شاغلاً لذمة المدين وإذا كان له هذا الحق في هذه الحال فأولى أن يكون له إذا ما كان للمدين تأمين سابق وضعف بغير أن يكون للمدين يد في إضعافه، أو كان له يد في ذلك وقد نص فقهاء الشريعة على أنه لا يجوز للدائن الراهن أن يتصرف في الرهن أو يضعفه لان ذلك يعد اعتداء منه على مال تعلق به حق المرتهن، وتعلق هذا الحق به يستوجب تضمينه والزامه بقيمة ما نتج عن اعتدائه بسبب تصرفه أو فعله ودفعها إلى المرتهن لتحل محل ما نقص من الرهن وسواء في ذلك أن تكون نتيجة الاعتداء تلف بعض الرهن أو نقص قيمته دون تلف جزء منه وذلك ما ذهب إليه الحنفية وغيرهم وهو يؤيد ما جاء في المادة خاصاً بالسبب الثاني ذلك لأن نتيجة الزام الرهن شرعاً بتضمينه قيمة ما أتلف أو نقص إجبار على القيام بذلك فإذا لم يستجب كان للدائن التنفيذ عليه حالاً وذلك يستوجب لسقوط الأجل ولا فرق في هذا الحكم بين أن تكون قيمة التأمين معادلة للدين أو أكثر منه أو أقل منه لأن حق الدائن متعلق بالرهن جميعاً لا بما يعادل الدين منه وهذا الحكم يجعل السبب الثاني من أسباب سقوط الأجل متفقاً مع الشريعة في حالة ما إذا أضعف المدين التأمين بفعله قل هذا الإضعاف أو كثر وسواء كان التأمين بالعقد أو لاحقاً له مشروطاً أم غير مشروط وأما إذا كان ضعف التأمين لا دخل فيه لإرادة المدين فإن تضمين المدين بقيمة النق ص لا موجب له لعدم تعديه ولكن ذلك لا يمنع شرعاً وقد ضعف تأمينه أن يطالب بإكماله أو سقوط الأجل إذا خشي إفلاس مدينه واستند في ذلك إلى أسباب معقولة كما هو الحكم بالنسبة للدائن إذا خشي ذلك ولم يكن بالدين تأمين وعلى هذا يكون ما جاء في السبب الثاني متفقاً مع الشريعة وهذه أحكام اجتهادية تساير المصلحة في استقرار المعاملات المالية وبعدها عن الغرر والنزاع وملاءمتها للأعراف.
السبب الثالث :
إذا لم يقم المدين بتقديم التأمين الذي تضمنه عقد المداينة وذلك لإخلاله بالتزامه وفساد العقد وما تضمنه لعدم توفر ما اشترط فيه من التأمين وهذا متفق ما ذهب إليه الفقهاء إذ الشريعة توجب على المدين إلزامه في هذه الحال بتقديم التأمين فإذا لم يستجب بطل عقد المداينة وبطل تبعاً لذلك ما تضمنه .
ويلاحظ أن المشرع اقتصر على الأسباب الثلاثة التي ذكرت. وفي سقوط الأجل بموت المدين خلاف على الوجه الآتي :
الأول : ما ذهب إليه الحنفية والشافعية من أن الأجل يسقط بموت المدين .
الثاني : ما ذهب إليه المالكية من أن الأجل يسقط بموت المدين إلا إذا كان قد اشترط على الدائن عدم سقوطه بالموت الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 265 و 266 طبعة الحلبي .
الثالث : ما ذهب إليه الحنابلة من أن الأجل يسقط بالموت إلا إذا وثقه الوارث برهن أو كفيل.
وفي الأخذ بمذهب الحنفية والشافعية مجافاة وبعد عن تحقيق العدالة من ناحية أن الأجل له وزنه وأثره في قيمة الدين ومن ناحية أن المال الحال أكثر قيمة مما يساويه إذا كان مؤجلاً وفي إسقاط الأجل عن الدين زيادة له تعد ضارة بالورثة على ما في الأخذ بذلك المذهب من إضرار بالورثة ونقض لما تم من معاملة ولم يشرع الموت لإسقاط الحقوق ولا شك أن الأجل حق.
وفي الأخذ بمذهب المالكية إضرار بالورثة من ناحية أنهم يرون من مصلحتهم أن يلتزموا بالدين مؤجلاً حتى لا يرهقوا بالأداء الذي قد  يؤدي بهم إلى بيع التركة وفي الأخذ بمذهب الحنابلة إضرار بالدائن الذي لم يرتض إلا ذمة الوارث ولذا فإنه من المصلحة والأرفق والأقرب إلى مراعاة كل من الدائن والورثة الأخذ برأي مستمد من المذهب المالكي والمذهب الحنبلي وهو أن الأجل لا يسقط بالموت إلا إذا كان هناك اشتراط من المدين بعدم سقوطه بالموت سواء كان اشتراطاً صريحاً أو بالعرف وفي رأي أن العرف الآن جار على عدم سقوط الأجل بالموت فذلك ما جرت المعاملات عليه ومنذ ظهر ذلك في التشريع المصري إعتاده الناس وألفوه والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً فإذا لم يكن اشتراط سقط الأجل بالموت إلا إذا وثّق الورثة الدين برهن أو كفيل وذلك رأي الحنابلة وفي هذا التوثيق مراعاة لمصلحة كل من الدائن والورثة بعد وفاة المدين، ومما ينبغي ملاحظته التمييز بين حالة سقوط الأجل وحالة حلول الأجل فسقوط الأجل يكون عند قيامه قبل حلوله أما حلول الأجل فإنه يكون بانتهائه وتمامه ويحل الأجل بأمور منها انتهاء مدته وهذا أمر واضحكما يحل كذلك بالتنازل عنه ممن له مصلحة فيه سواء أكان المدين أم الدائن فقد يضرب الأجل لمصلحة المدين وحده كما هو الشأن في عارية الاستعمال أو لمصلحة الدائن وحده كما هو الحال في الوديعة أو لمصلحتهما معاً كما في الإقالة من الإجارة فإذا كان الأجل لمصلحتهما معاً فليس لأحدهما التنازل عنه بانفراد وعليه لا يجوز انتهاء الإجارة إلا باتفاق المؤجر والمستأجر ويجوز للمستعير أن يرد العارية قبل انتهاء مدتها ويجوز للمودع أن يسترد العارية قبل انقضاء الأجل في الوديعة.
وإذا كان الأجل صحيحاً وحل بانقضائه أو بسقوطه أو بالنزول عند الوضع الذي رأيناه فيما مضى أصبح الحق المؤجل نافذاً دون أن يكون لذلك أثر رجعي فلا يعتبر الحق نافذاً إلا من وقت حلول الأجل وفي الأجل الفاسد ينقضي الحق بحلوله من تلقاء نفسه على أنه يجوز للطرفين مد الأجل مرة أو أكثر باتفاق جديد بينهما ويكون انقضاء الحق بحلول الأجل في هذه الحالة دون أثر رجعي فينقضي الحق من وقت حلول الأجل لا من وقت الاتفاق، ويراجع بالإضافة إلى المراجع المشار إليها أعلاه المواد من 212 215 من مرشد الحيران.
وهذه المواد تقابل المواد من 402 406 أردني و 271 274 مصري ومن 271 274 سوري ومن 291 297 عراقي.

الفصل الرابع
تعدد محل التصرف
نظرة عامة :
هذا الموضوع يقتضى أن يكون التخيير بين محلين أو أكثر يتوفر في كل محل منها ما يجب توافره من شروط في محل الالتزام ويكون الواجب أداء واحد منها لكي تبرأ ذمة المدين براءة تامة فإذا كان التخيير فيه بين شيئين فقط لم تتوافر في أحدهما شروط المحل في الالتزام كان الثاني هو المحل للالتزام فقط وكان الالتزام بسيطاً غير تخييري العبرة بتوفر الشروط في جميع المحال وقت نشوء الالتزام فإذا لم تتوفر في أحدهما في ذلك الوقت لم يصبح محلاً ولو توفرت فيه بعد ذلك ومن الواضح في الالتزام التخييري أن أحد الأشياء هو الواجب أداؤه ولذا لا يتوجه الطلب إلا إلى واحد منها فقط لا إلى جميعها والإلتزام التخييري ليس التزاماً بشيء غير معين كما في التزام البائع بأن يبيع للمشتري أردباً من هذا القمح وإنما هو إلتزام بأداء شيء معين من بين أشياء معينة يختار منها ويقضي المشرع بأن الخيار للمدين في إختيار محل الأداء ما لم ينص القانون أو يتفق المتعاقدان على أن يكون الخيار لغيره دائناً أو غيره ومصدر هذا الخيار غالباً الاتفاق وقد يكون مصدره القانون.
ولا يختلف الفقهان الشرعي والوضعي في بيان معنى الالتزام التخييري وإن اختلفا في تسميته فإن الفقه الإسلامي يسميه بخيار التعيين وهي تسمية لا تدل على أنه خاص بحالات الالتزام بل تتسع لأن يكون خيار بين شيئين أو أكثر مطلوب أحدهما على وجه الاستحسان أو الأولوية فيتحقق المطلوب بأدائه في حين أنه لا يجب الأداء في أي منها عند ذلك لأن الطلب فيها كلها طلب استحسان وتفضيل لا طلب إلزام وذلك مثل أن تطلب من صديق لك أن يعيرك أحد كتابين معينين على أن يكون التعيين له.
ويلاحظ أن تعيين محل الأداء في الحالتين حال بثبوت الخيار للمدين أو للدائن يستند إلى وقت التعيين فيعتبر محل الالتزام واحد منذ البداية والالتزام بسيطاً ذا محل واحد هو الذي وقع الاختيار عليه.
وإذا كان الخيار للمدين فاختار ولم يتصل علم الدائن باختياره فما الحكم ؟ في المسائل الفقهية المماثلة إن الاختيار تام وملزم فلا يجوز له العدول عن اختياره إلى اختيار محل آخر وليس للدائن أن يحتج بعدم علمه بذلك قياساً على أن القبول يكون من أحد العاقدين عند التعاقد بالكتابة إذ لا يلزم في نفاذ القبول اتصال عام الموجب به ولكن لاستقرار المعاملات والمصلحة التي تبعد عن النزاع يمكن أن يقال أن الخيار لا يتم ولا يلزم إلا إذا اتصل علم الطرف الآخر به حتى يكون على بيّنة من أمره وبما له من حق مطالب به بنى تصرفه عليه كما يستظهره فضيلة الشيخ علي الخفيف وهو يشبه إلى حد بعيد ما ذهب إليه أبو يوسف من اشتراط علم الطرف الآخر في العقد الذي اشترط فيه الخيار بما تم فيه من نسخ من له الخيار وإذا ما اتصل علم الطرف الآخر باختيار أحد المحلات لزمه ذلك أما قبل هذا فلمن وقع منه الاختيار العدول عن اختياره إلى اختيار محل آخر.
والالتزام التخييري لا يتنافى مع المبادئ الفقهية العامة غير أنه يبدو أنه خاص بالعقود اللازمة إذ هي التي تتضمن الالتزام الحتم أما ما لا يتضمن التزاماً من العقود فلا يتسنى له معه ثبوت التزام تخييري مع مراعاة وصف الالتزام وان أمكن أن يكون فيها اختيار من أحد العاقدين عند تعدد محلها فالوكالة إذا ما تعدد محلها كأن تكون في بيع هذا البيت أو هذا البيت مثلاً بناء على اختيار الوكيل يكون للوكيل أن يختار أحد المحلين وكذلك إذا تعدد المحل في العارية كأن تقع الإعارة على منزل معين من هذه المنازل يختار المستعير أحدهما فإنه يكون للمستعير اختيار أحد هذه المنازل وقد يدعم ذلك ما في هذه العقود غير اللازمة من ترتب آثارها عليها قطعاً ما دامت قائمة لم تفسخ ومن أثار ذلك ثبوت المطالبة وثبوت الالتزام التخييري بمراعاة هذا المعنى وكذلك يلاحظ أن الالتزام الاختياري كما يكون في العقود الناشئة بالإرادتين يكون في العقود الناشئة بإرادة واحدة كما في الطلاق حين يطلق الزوج إحدى زوجتيه فإن عليه اختيار إحداهما وكما في الإبراء إذا أبرأ الدائن أحد مدينيه فلاناً أو فلان كان له أن يختار أحدهما غير أن أحكام هذه المسائل جميعاً تختلف باختلاف موضوعاتها ومحالها فالواجب حينئذ مراعاة ذلك في كل مسألة نظراً إلى ما هو مقرر في محله أو في موضوعه فخيار التعيين وهو ضرب من الالتزام الاختياري يرجع إلى أحكامه التفصيلية في باب البيع عند من يقول به من الفقهاء وهم الحنفية والمالكية وإذا كان الالتزام قد اشتمل على أشياء عينية متعددة وبتسليم عين منها ثم استحال تنفيذ ذلك التسليم فيها جميعها بأي سبب من الأسباب فكانت هذه الاستحالة بسبب اعتداء المدين ولو فيما يتعلق بعين من هذه الأعيان فإنه حينئذ يكون ملزماً بأن يدفع للدائن قيمة آخر عين استحال تنفيذ تسليمها.
وهذه الحال إنما يتمثل في خيار التعيين في العقود التي يكون محلها قيام أحد العاقدين بتسليم عين إلى العاقد الآخر كعقد البيع مثلاً ولم يذهب إلى جواز خيار التعيين إلا الحنفية والمالكية استثناء من قاعدة تعيين محل العقد فذكروه في عقد البيع وصورته أن يبيع شخص لآخر عدة أشياء مختلفة الثمن على أن يكون للمشتري اختيار واحد منها في مدة معينة وله أحكام عديدة فيها بين الحنفية والمالكية القائلين به من ناحية مدته واشتراط الخيار منه وعدم اشتراطه إلى غير ذلك من الأمور التي تتعلق بتلف أحد الأشياء التي اشتملها العقد أو تلفها جميعها وبحدوث ذلك قبل التسليم أو بعده وبأن يكون التلف بفعل المدين المطالب بالتسليم أو بفعل صاحبه الدائن وبحدوثه في جميع الأشياء التي شملها العقد وفي الالتزام البدلي مثل أن يقرض شخص آخر مبلغاً من النقود على أن يكون له حق الوفاء عند حلول الأجل بأداء بدل آخر عنه دار أو أرض معينة فيكون مبلغ النقود وهو محل الالتزام الأصلي والدار أو الأرض هي البديل.
ويجب أن يتوافر في المحل الأصلي جميع الشروط الواجب توافرها في محل الالتزام وإلا كان الالتزام باطلاً أما البديل فإن توافرت فيه الشروط أمكن أن يقوم مقام الأصيل وإلا سقط هو وبقي الالتزام قائماً بمحله الأصلي وعلى ذلك لا يكون البديل محلاً للمطالبة من الدائن ولكنه يقوم مقام المحل الأصلي إذا ما أراد المدين أن تبرأ ذمته بأدائه كما تبرأ أيضاً بأداء البديل إذا شاء في أي وقت دون تقيد بتعذر أداء المحل الأصلي وعلى ذلك يكون للمدين أن يختار الوفاء بأحد الأمرين الأصيل أو البديل وليس لهلاك البديل أثر في بقاء الدين أو سقوطه غير أنه إذا هلك استقل بالمحل الأصلي وحده بالوفاء فإذا هلك سقط الالتزام ومصدر خيار المدين غالباً هو الاتفاق وعلى الجملة يلاحظ أن الشريعة الإسلامية لا تعرف هذه المعاملة إذا لم ير رجال الفقه الإسلامي عرفاً جرى بها، ولكنها مع ذلك لا تتعارض مع القواعد الشرعية والأصول العامة إذا لم تؤدي إلى معاملة ممنوعة شرعاً.

الفرع الأول
التخيير في المحل
المادة 434
يجوز أن يكون محل التصرف عدة أشياء على أن تبرأ ذمة المدين إذا أدى واحدا منها.
ويكون الخيار للمدين إذا كان مطلقا إلا إذا قضى الاتفاق أو القانون بغير ذلك ويسري على محل التصرف الأحكام الخاصة بخيار التعيين

الفرع الثاني
إبدال المحل

المادة 435
1. يكون التصرف بدليا إذا كان محله شيئا واحدا ولكن تبرأ ذمة المدين إذا أدى بدلا منه شيئا آخر.
2. الأصل لا البديل هو وحده محل الالتزام وهو الذي يحدد طبيعته.
المذكرة الإيضاحية :
تناولت هاتان المادتان أحكام تعدد محل الالتزام بنوعية التخييري والبدلي فمحل الالتزام التخييري أشياء متعددة ولكن تبرأ ذمة المدين إذا أدى واحداً منها وإذا كان الخيار مطلقاً فهو للمدين إلا إذا اتفق الطرفان أو نص القانون على غير ذلك أما الالتزام البدلي فهو في محله واحد وإنما تبرأ ذمة المدين إذا أدى بدله وينقضي بذلك التزامه ويلاحظ أن الفقه الإسلامي قد عالج الالتزام ذا المحل المتعدد أحدهما واجب الأداء في خيار التعيين وهو يختلف عن الالتزام بأشياء متعددة كلها واجبة الأداء وخيار التعيين في الفقه الإسلامي لا يجوز أن يقع على أكثر من أشياء ثلاثة ويلزم فيه ذكر مدة التعيين على خلاف في الرأي فقد جاء في كتاب المبسوط للسرخسي ج 13 ص 57 أنه إذا زاد العدد على ثلاثة فالعقد فاسد .... وجه الاستحسان ..... أن كل نوع يشتمل على أوصاف ثلاثة ... جيد و وسط و رديء ... وجاء في البدائع ج 5 ص 157 وما بعدها وكذا إذا قال بعتك أحد هذين الثوبين أو أحد هذه الأثواب الثلاثة بكذا وسكت عن الخيار فالبيع فاسد لأن المبيع مجهول ولو ذكر الخيار بأن قال على أنك بالخيار بأخذ أيهما شئت بثمن كذا وترد الباقي فالقياس أن يفسد البيع وفي الاستحسان لا يفسد وجه القياس ان البيع مجهول لأنه باع أحدهما عين وهو غير معلوم فكان البيع مجهولاً فيمتنع صحة البيع كما لو باع أحد الأثواب الأربعة وذكر الخيار وجه الاستحسان الاستدلال بخيار الشرط والجامع بينهما ماس الحاجة إلى دفع العين وكل واحد من الخيارين طريق إلى دفع العين وورود الشرع هناك يكون وروداً فهنا الحاجة تندفع بالتحري في ثلاثة لاقتصار الأشياء على الجيد والوسط والرديء فينبغي الحكم في الزيادة مردود إلى أصل القياس ولان الناس تعاملوا هذا البيع لحاجتهم إلى ذلك ... وفي ص 157 من نفس المرجع وقوله المعقود عليه مجهول قلنا هذا ممنوع فإنه إذا شرط الخيار كأن قال على أن تأخذ أيهما شئت انعقد البيع موجباً للملك عند اختياره لا للحال والمعقود عليه عند اختياره معلوم مع أن هذه جهالة لا تفضي إلى المنازعة لأنه فوض الأجر إلى اختيار المشتري يأخذ أيهما شاء فلا تقع المنازعة، وفي بيان المدة في هذا الخيار اختلفت المشايخ فيه لاختلاف ألفاظ محمد في هذه المسألة في الكتب فذكر في الجامع الصغير على أن يأخذ المشتري أيهما شاء وهو فيه بالخيار الثلاثة أيام وذكر في الأصول على أن يأخذ أيهما شاء ولم يذكر الخيار فقال بعضهم لا يجوز هذا البيع إلا بذكر مدة خيار الشرط وهو ثلاثة أيام فما دونها عند أبي حنيفة وعندها الثلاث وما زاد عليهما بعد أن يكون معلوماً وهو قول السرخسي والطحاوي وقال بعضهم يصح من غير ذكر وجه قول الأولين أن المبيع لو كان ثوباً واحداً معيناً وشرط فيه الخيار كان بيان المدة شرط الصحة بالإجماع فكذا إذا كان واحد غير معين والجامع بينهما أن ترك التوقيت تجهيل لمدة الخيار وأنه مفسد للبيع لأن للمشتري أن يردهما جميعاً والثابت بخيار التعيين رد أحدهما وهذا حكم خيار الشرط فلا بد من ذكر مدة معلومة وجه قول الآخرين أن توقيت الخيار في العين إنما كان شرطاً لأن الخيار فيه يمنع ثبوت الحكم للحاجة إلى دفع الغن بواسطة التأجيل فكان في معنى الاستثناء فلا بد من التوقيت ليصح استثناء ذلك في الوقت عند ثبوت حكم البيع فيه ... وفي آخر صفحة 127 من نفس المرجع وخيار التعيين يورث بالإجماع وقد ورد في ذلك في الأحكام العامة .
مادة 236 من القانون.
وقد تضمن القانون الأحكام العامة التي لا تتعارض مع تطور المعاملات ونص على جواز أن يكون محل التصرف أشياء تبرأ ذمة المدين إذا أدى واحداً منها كما وضع نص عام مقتضاه سريان الأحكام الخاصة بخيار التعيين الواردة في أحكام العقود على التصرف التخييري سواء في ذكره من ناحية تحديد مدته أو أحكام الهلاك وغير ذلك من الأحكام.
أما بالنسبة للالتزام البدلي فقد نص المشرع على أن يكون الالتزام بدلياً إذا كان محله شيئاً واحداً أو يمكن تبرئة ذمة المدين إذا أدى بدلاً منه شيئاً آخر على أن تحدد طبيعة الالتزام ومحله بالأجل لا البدل ويفترق الالتزام البدلي عن التخييري في أن الأول ينحصر في الإلزام بأمر واحد يعين عند الاتفاق مع إعطاء المدين حق الوفاء ببدله وبذلك تبرأ ذمته وقد يكون مصدر الالتزام البدلي عقداً من العقود أو نصاً من نصوص القانون وتتعلق أحكام الالتزام البدلي بمحله الأصلي دون البدل أما قاعدة إذا بطل الأصل يصار إلى البدل م 53 من المجلة فمؤداها أنه يجب إيفاء الأصل وهو الذي تتعلق به الأحكام وإنما يجوز إيفاء البدل باتفاق الطرفين ولا يجوز الوفاء بالبدل ما دام الأصل قائماً لأن إيفاء الأصل هو الأداء أما إيفاء الشيء بالبدل فهو إيفاء بالخلف عن الأصل والرجوع إلى الخلف مع وجود الأصل غير جائز ومثاله عن المال المغصوب إذا كان موجوداً فإن على الغاصب وجوب رده عيناً وإلا انتقل حق مالكه إلى البدل ومؤدى ذلك أن محل الالتزام هو الأصل وهو ما تترتب عليه أحكامه تراجع المواد 53 ومن 306 319 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من 410 413 من مرشد الحيران والبدائع ج 5 ص 126 158 .
وهاتان المادتان تقابلان المواد من 407 411 أردني و من 275 287 سوري و مصري ومن 298 302 عراقي.

الفصل الخامس
تعدد طرفي التصرف
الفرع الأول
التضامن بين الدائنين
المادة 436
لا يكون التضامن بين الدائنين المتضامنين إلا باتفاق أو بنص في القانون.

المادة 437
للمدين أن يوفي دينه إلى أي من الدائنين المتضامنين إلا إذا أنذره أحدهم بعدم وفائه له.

المادة 438
إذا برئت ذمة المدين قبل أحد الدائنين المتضامنين بسبب غير الوفاء فلا تبرأ ذمته قبل الباقين إلا بقدر حصة ذلك الدائن.

المادة 439
1. للدائنين المتضامنين مطالبة المدين بالدين مجتمعين أو منفردين.
2. وليس للمدين أن يعترض على دين أحد دائنيه المتضامنين بأوجه الاعتراض الخاصة بدائن آخر وله أن يعترض بأوجه الاعتراض الخاصة بهذا الدائن وبالأوجه المشتركة بين جميع الدائنين.

المادة 440
كل ما يؤدي من الدين لأحد الدائنين المتضامنين يعتبر من حقهم جميعا بالتساوي بينهم إلا إذا نص القانون أو اتفقوا على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تناول هذا الفصل تعدد طرفي التصرف فبدأ بالتضامن بين الدائنين ثم الدين المشترك بوصفه صورة من صور تضامن الدائنين في الفقه الإسلامي وقد عرف الفقه الإسلامي نظام الدائنين المتضامنين والمدينين المتضامنين إلى جانب الدين المشترك ويقوم التضامن بين الدائنين في شركة المفاوضة سواء أكانت شركة أموال أم شركة وجوه متى كان الدين ناشئاً عن مباشرة أعمالها التجارية فيعتبر الشركاء دائنين متضامنين بالثمن إذا باع أحدهم مالاً للشركة ويقوم المتضامنين بين الدائنين في شركة العنان إذا كانت شركة أعمال فالشركاء دائنون بالأجر المستحق ولكل منهم أن يطالب المدين ب كل الدين وإذا أدى المدين كل الدين إلى أحد الدائنين المتضامنين برئت ذمته نحو الجميع فيرجع الدائنون على شريكهم الذي قبض الدين كل منهم بقدر حصته فيه، ويقوم التضامن في شركة المفاوضة على فكرة الوكالة فكل شريك وكيل عن الآخر في القب ض والتقاضي وفي جميع حقوق العقد أما في شركة العنان فيقوم التضامن على فكرة تضامنهم كمدينين بالتزامهم بالعمل فيكونون دائنين متضامنين في حقهم في الأجر.
وقد عالج المشرع في القسم الأول من هذا الفصل أحكام التضامن بين الدائنين ثم عقب بالدين المشترك لأنه أكثر ظهوراً في الفقه الإسلامي.
ومن المقرر أن مصدر التضامن كتصرف يتم بعقد أو إرادة منفردة ذلك لأن التضامن بنوعيه لا يفترض وقد نصت المادة 436 على أنه يتم بالاتفاق أو بنص القانون أما عن تحديد الصلة بين الدائنين بشأن وفاء الدين بوصفه الأثر المباشر لقيام التضامن وصلة الدائنين بالمدين فقد نصت المادة 437 على أن تبرأ ذمة المدين إذا أدى الدين إلى أحد الدائنين المتضامنين إلا إذا أنذره أحدهم بعدم الوفاء له كما نصت المادة 438 على أنه إذا برئت ذمة المدين قبل أحد الدائنين المتضامنين بسبب غير الوفاء فلا تبرأ ذمته قبل الباقين إلا بقدر حصة ذلك الدائن كما نصت المادة 439 على أن للدائنين المتضامنين مجتمعين أو منفردين مطالبة المدين بالوفاء ولا يجوز عند مطالبة احدهم أن يعترض ضده بأوجه الاعتراض الخاصة بدائن آخر بل يعترض بأوجه الاعتراض الخاصة به أو بالاعتراضات المشتركة بين الدائنين جميعاً فقد يلحق رابطة بعض الدائنين بالمدين وصف يختلف عن الوصف الذي يتعلق برابطة الآخرين كأن يكون الدين معلقاً على شرط بالنسبة لفريق مضافاً إلى أجل بالنسبة للباقين وعندئذ يتعين على كل دائن مراعاة هذا الوصف عند المطالبة.
وقد نصت المادة 440 على أن كل ما يؤدي من المدين لأحد الدائنين المتضامنين يعتبر من حقهم جميعاً ويقسم بينهم بالتساوي إلا اذا كان هناك اتفاق أو نص في القانون يقضي بغير ذلك فالدين وحده لا يقبل التجزئة في صلة الدائنين بالمدين وكل ما يؤديه لأحدهم من هذا الدين يصبح من حقهم جميعاً بنسبة سهامهم وإذا لم يكن هناك اتفاق أو نص في القانون على طريقة اقتسام المبلغ المسدد قسّم الدين بالتساوي.
ومصدر الأحكام السابقة فضلاً عن اتفاقها مع الأحكام الواردة في هذا الباب من التقنينات هو المواد 169 و 171 و 173 189 من مرشد الحيران والمواد 1091 و 1112 من المجلة والبدائع ج 6 ص 41 51 و 73 و 74 و 76 والفتاوى الهندية ج 2 باب شركة المفاوضة والمبسوط ج 11 ص 174 177 و ج 3 ص 174 180 في الشركات والدين المشترك على ما سيبين.
والدين المستتر صورة من صور التضامن بين الدائنين يعرفها الفقه الإسلامي وقد تضمنها القانون العراقي نقلاً عن أحكام المجلة وقد استكمل القانون مواد التضامن بين الدائنين بإيراد المواد السالف الإشارة إليها حتى يستوعب النقض في بعض الأحكام التي وردت في باب الدين المشترك في كل من مرشد الحيران والمجلة.

الفرع الثاني
الدين المشترك
المادة 441
يكون الدين مشتركا إذا اتحد سببه أو كان ديناً آل بالإرث إلى عدة ورثة أو مالا مستهلكا مشتركا أو بدل قرض مستقرض من مال مشترك.

المادة 442
لكل من الشركاء في الدين المشترك أن يطلب حصته فيه ويكون ما قبضه مالا مشتركا بين جميع الشركاء لكل بقدر نصيبه.

المادة 443
1. إذا قبض أحد الشريكين بعض الدين المشترك فللشريك الآخر أن يشركه فيه بنسبة حصته. ويتبعان المدين بما بقي أو أن يترك ما قبضه على أن يتبع المدين بحصته.
2. فإذا اختار الشريك متابعة المدين فليس له أن يرجع على شريكه إلا إذا هلك نصيبه ويكون ذلك بنسبة حصته فيما قبض.

المادة 444
1. إذا قبض أحد الشركاء حصته في الدين المشترك ثم تصرف فيها أو استهلكها فللشركاء الآخرين أن يرجعوا بأنصبائهم فيها.
2. فإذا تلفت في يده بلا تقصير منه فلا ضمان عليه لأنصبة شركائه فيها ويكون قد استوفى حصته وما بقي من الدين بذمة المدين يكون لشركائه الآخرين.

المادة 445
إذا أخذ أحد الشركاء من المدين كفيلا بحصته في الدين المشترك أو أحاله المدين على آخر فللشركاء أن يشاركوه بحصصهم في المبلغ الذي يأخذه من الكفيل أو المحال عليه.

المادة 446
إذا اشترى أحد الشركاء بنصيبه في دين مشترك مالا من المدين فللشركاء أن يضمنوه ما أصاب حصصهم من ثمن ما اشتراه أو أن يرجعوا بحصصهم على المدين ولهم أن يشاركوه ما اشتراه إذا اتفقوا على ذلك.

المادة 447
يجوز لأحد الشركاء أن يهب حصته في الدين للمدين أو أن يبرئه منه ولا يضمن أنصبة شركائه فيما وهب أو أبرأ.

المادة 448
يجوز لأحد الشركاء في الدين المشترك أن يصالح عن حصته فيه فإذا كان بدل الصلح من جنس الدين جاز للباقين أن يشاركوه في المقبوض أو أن يتبعوا المدين وان كان بدل الصلح من غير جنس الدين جاز لهم أن يتبعوا المدين أو الشريك المصالح وللمصالح أن يدفع لهم نصيبهم في المقبوض أو نصيبهم في الدين.

المادة 449
1. لا يجوز لأحد الشركاء في دين مشترك تأجيله وحده دون موافقة الباقين على هذا التأجيل.
2. ويجوز له أن يؤجل حصته دون موافقة الباقين وفي هذه الحالة ليس له أن يشاركهم فيما يقبضون من الدين.
المذكرة الإيضاحية :
تناولت المادة 441 مصدر الدين المشترك فنصت على أن يكون الدين مشتركاً إذا اتحد سببه أو لأنه كان ديناً آل بالإرث إلى عدة ورثة أو مالاً مستهلكاً مشتركاً أو بدل قرض مستقرض من مال مشترك ويتبين من النص أن الدين المشترك له مصدر واحد وإلا فإن الدين ينقسم ويرجع الاشتراك في الدين إلى طبيعة الأشياء فقد يكون المال الذي نشأ عن الدين مالاً شائعاً أو إلى اتفاق المتعاقدين إذا تعدد الدائنون واتفقوا مع المدين على أن يكون الدين مشتركاً بينهم وذلك بأن يجعلوا الصفقة واحدة فهناك صورتان لمصدر الدين وهما سبق الاشتراك في المال الذي نشأ عنه ووحدة الصفقة.
وقد ينشأ الدين مشتركاً منذ البداية مثاله أن يؤول دين للتركة إلى عدة ورثة وقد يكون المال الشائع موجودا من البداية ومثل ذلك أن يرث ورثة متعددون عيناً من أعيان التركة على الشيوع ويبيع الورثة العين صفقة واحدة فالدين بالثمن الذي نشأ عن هذا المال الشائع يكون ديناً مشتركاً بين الورثة المتعددين وإذا أتلف شخص عيناً مشتركة بين مالكيها فالضمان لهم وهو دين مشترك بينهم وكذلك إذا أقرض الملاك المتعددون شخصاً مالاً شائعاً بينهم فالقرض دين مشترك.
وقد يرجع الاشتراك في الدين إلى الاتفاق كما إذا باع شخصان مالاً مشتركاً بينهما لمشترك واحد صفقة واحدة بثمن واحد من غير تعيين ثمن حصة كل منهما وهذا لا يمنع من الاتفاق بينهما على تحديد حصة كل منهما في الثمن .
ومما سبق يتضح أن مصدر الدين المشترك قد يكون وضعاً قانونياً وهو سبق الاشتراك في الدين القانون وقد يكون وحدة الصفقة هذا وضع اتفاقي أي أن مصدر الدين المشترك هو القانون أو الاتفاق وقد سبق النص في التضامن بين الدائنين أنه لا يتم إلا بنص في القانون أو بالاتفاق، أما آثار الاشتراك في الدين فقد نظمته المواد 442 449 وقد تضمنت آثار الاشتراك في الدين بالنسبة لعلاقة الدائنين بالمدين وبالنسبة لعلاقة الدائنين بعضهم ببعض.
وبالنسبة لعلاقة الدائنين بالمدين نصت المادة 442 على أن لكل دائن في دين مشترك أن يطلب من المدين على أن يكون ما قبضه مشتركاً بين جميع الشركاء لكل منهم بقدر نصيبه وقد نصت المادة 173 من المرشد على أنه إذا كان الدين المطلوب من المدين مشتركاً بين اثنين أو أكثر فلكل واحد من الشركاء أن يطلب حصته ولا يختص القابض بما قبضه بل يكون مشتركاً بين الشركاء لكل واحد منهم حق فيه بقدر حصته، وجاء في الهامش أن النص يستفاد حكم أوله من كتاب التنوير فصل المطالبة بالدين، وحكم آخره من الفتاوى الهندية ج 2 ص 290 كما نصت المادة 1100 من المجلة على أنه وإن كان الدين مشتركاً فكل واحد من الدائنين له طلب حصته من المدين في غيبة أحد الدائنين .. ونصت المادة 1101 منها على أن ما يقبضه كل واحد من الدائنين من الدين المشترك يكون مشتركاً بينهما وللشريك الآخر أخذ حصته منه ولا يسوغ للقابض أن يختص به وحده.
وتختلف الصورة عن التضامن بين الدائنين إذ أنه في التضامن بين الدائنين يجوز لأي منهم أن يطالب بكل الدين كما يجوز لهم مجتمعين أن يطالبوا به أيضاً ولهم الرجوع على الدائن الذي قبض الدين بحصصهم فيه، ويترتب على أن الدائن في الدين المشترك لا يرجع على المدين إلا بحصته ان كثيراً من حالات انقضاء الالتزام في تضامن الدائنين بسبب غير الوفاء كالمقاصة والتجديد واتحاد الذمة والإبراء والتقادم لا توجد في الدين المشترك إذ أن الدائن لا يستوفي إلا حصته. والدائن في علاقة الدائنين بعضهم ببعض في الدين المشترك إذا قب ض حصته في الدين كان للآخرين أن يشاركوه فيما قبض كل بنسبة حصته في الدين على أن يتبعوا المدين بما بقي منه أو أن يتركوا له ما قبضه على أن يتبع كل منهم المدين بحصته في الدين. فإذا اختار الشريك متابعة المدين فليس له أن يرجع على شريكه في الدين بنصيبه فيما قبض إلا إذا هلك نصيبه فله أن يرجع عليه بنسبة حصته فيما قبض مادة 443 وقد نصت المادة 174 من المرشد على أنه إذا قبض أحد الشريكين شيئاً من الدين المشترك فالشريك الآخر بالخيار إن شاء شاركه فيما قبضه عيناً واخذ منه ما أصاب حصته ويتبعان المدين بما بقي لكل منهما في ذمته وان شاء سلم للقابض ما قبض واتبع المدين بحصته فإذا اختار متابعة المدين فلا يرجع على القابض بشيء إلا إذا هلك نصيبه بأن مات المدين مفلساً ففي هذه الصورة يرجع على القابض بحصته فيما قبض ويأخذ منه مثل المقبوض لا عينه وجاء في الهامش أن حكم هذه المادة يستفاد من شرح التنوير ج 4 ص 662 و 663 ومن حاشية ابي السعود على ملا مسكين ج 3 ص 184 ومن الفتاوى الهندية ج 2 ص 336 وما بعدها . وفي الصورة السابقة يتمثل التضامن الذي يقوم عليه الدين المشترك في الفقه الإسلامي وقد تفادى ما شاب نظام التضامن بين الدائنين من عيوب.
وقد تضمن المواد 445 ، 446 ، 447 ، 448 بعض صور تصرف أحد الدائنين في حصته بالبيع أو الهبة أو المصالحة وتجري جميعها طبقاً للقواعد العامة في الدين المشترك.
أما المادة 449 فقد نصت على أنه لا يجوز لأحد الشركاء في دين مشترك تأجيله وحده دون موافقة الباقين على هذا التأجيل وهو نص مستمد من المادتين 187 و 189 من المرشد والمادة 1112 من المجلة وقد نصت المادة 187 من المرشد على أنه إذا كان الدين المشترك موروثاً فلا يجوز لأحد الشريكين أن يؤجل حصة شريكه بلا إذن وله أن يؤجل حصته ونصت المادة 189 على أنه إذا كان الدين المشترك واجباً بعقد قرض فلا يجوز للشريك الذي باشر العقد ولا للشريك الآخر أن يؤجله وان أجله أحدهما فلا يلزم تأجيله ولكل منهما اقتضاؤه حالاً والنص الأول من الفتاوى الهندية ج 4 ص 216 والثاني من التنوير ج 4 ص 234 ما جاء في هامش المرشد، أما المادة 1112 من المجلة فقد نصت على أنه ليس لأحد الدائنين أن يؤجل الدين المشترك بلا إذن الآخر وفي شرح المجلة تعقيباً على هذا النص ج 3 ص 79 أنه يستفاد من اطلاق عدم التأجيل عدم جواز تأجيل كل الدين المشترك لأنه تصرف في حق الغير بلا إذن وليس له تأجيل بعض الدين المشترك أي حصته لأنه لو جاز هذا التأجيل للزم تقسيم الدين قبل القبض مع كونه جائز لأن القسمة تمييز ولا يتصور التمييز في الشيء الثابت في الذمة وكل شريك من الشريكين في القسمة يملك شريكه الآخر حصته مقابل الحصة التي يملكها من شريكه مع أنه لا يجوز تمليك الدين لغير المدين لذلك كان هذا التمليك نقل وصف من محلة إلى محل آخر وانتقال الأوصاف محال ولأن الدين ليس إلا وصفاً شرعياً يظهر أثره عند المطالبة وقد قلنا أن هذا التأجيل يؤدي إلى قسمة حصة الدين قبل القبض وذلك لأنه لو جاز التأجيل لكان نصيب كل واحد من الشريكين مخالفاً لحصة الآخر في الوصف والحكم ورغم أن الرأي السابق للإمام أبي حنيفة وهو يخالف رأي الصاحبين فهما يجيزان تأجيل الدائن حصته وقد قصر صاحب المرشد هذا التأجيل على المال الموروث دون مبرر كما طرح المشرع هذا الحكم وارتأى إدراج حكم عام هو عدم جواز التأجيل بغير اتفاق طالما كان مصدر التضامن هو نص القانون أو الاتفاق، وبالإضافة إلى المراجع المشار إليها يراجع شرح المجلة لعلي حيدر في المواد 1091 1095 و 1103 1105 و 1106 و 1109 ، ورد المحتار ج 4 ص 481 وما بعدها والمغني ج 5 ص 85 وما بعدها.
وهذه المواد تقابل المواد من 412 425 أردني و من 279 283 مصري و من 279 283 سوري و من 303 319 عراقي .

الفرع الثالث
التضامن يبن المدينين
المادة 450
لا يكون التضامن بين المدينين إلا باتفاق أو بنص في القانون.

المادة 451
إذا أوفى أحد المدينين المتضامنين الدين بتمامه بريء الآخرون

المادة 452
1. للدائن أن يطالب بدينه كل المدينين المتضامنين أو بعضهم مراعيا ما يلحق علاقته بكل مدين من وصف يؤثر في الدين.
2. ولكل مدين أن يعترض عند مطالبته بالوفاء بأوجه الاعتراض الخاصة به أو المشتركة بين المدينين فحسب.

المادة 453
إذا اتفق الدائن مع أحد المدينين المتضامنين على الوفاء الاعتياضي برئت ذمة الباقين إلا إذا احتفظ بحقه قبلهم جميعا

المادة 454
إذا انقضت حصة أحد المدينين المتضامنين في الدين بسبب غير الوفاء فإن الدين لا ينقضي بالنسبة لباقي المدينين إلا بقدر حصة هذا الدين.

المادة 455
إذا لم يوافق الدائن على إبراء باقي المدينين المتضامنين من الدين فليس له أن يطالبهم بغير الباقي بعد خصم حصة المدين الذي أبرأه إلا إذا احتفظ بحقه في الرجوع عليهم بكل الدين وعندئذ يحق لهم الرجوع على المدين بحصته فيه.

المادة 456
إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين من التضامن بقي حقه في الرجوع على الباقين بكل الدين ما لم يتفق على غير ذلك.

المادة 457
إذا أبرأ الدائن أحد المدينين المتضامنين من الدين أو من التضامن فلباقي المدينين أن يرجعوا على هذا المدين بنصيبه في حصة المفلس منهم إلا إذا كان الدائن قد أبرأه من كل مسئولية من الدين فإن الدائن يتحمل نصيب هذا المدين في حصة المفلس

المادة 458
1. عدم سماع الدعوى لمرور الزمان بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين لا يفيد باقي المدينين إلا بقدر حصة ذلك المدين.
2. وإذا انقطع مرور الزمان أو وقف سريانه بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين فليس للدائن أن يتمسك بذلك قبل الباقين.

المادة 459
المدين المتضامن مسئول في تنفيذ التزامه عن فعله وإذا أعذره الدائن أو قاضاه فلا أثر لذلك بالنسبة إلى باقي المدينين أما أعذار أحد المدينين المتضامنين للدائن فإنه يفيد الباقين.

المادة 460
لا ينفذ الصلح الذي يعقده أحد المدينين المتضامنين مع الدائن إذا رتب في ذمتهم التزاما جديدا أو زاد في التزامهم إلا إذا قبلوه ويستفيدون من الصلح إذا تضمن إبراء من الدين أو براءة الذمة منه بأي وسيلة أخرى.

المادة 461
إقرار المدين المتضامن بالدين لا يسري في حق الباقين ولا يضار باقي المدينين المتضامنين إذا وجه الدائن إلى المدين يمينا فنكل عنها أو وجه المدين إلى الدائن يمينا فحلفها أما إذا وجه الدائن إلى المدين يميناً فحلفها فإن باقي المدينين يفيدون من ذلك.

المادة 462
إذا صدر حكم على أحد المدينين المتضامنين فلا أثر له على الباقين وإنما يستفيدون منه إذا صدر لصالحه إلا إذا بني على سبب خاص به.

المادة 463
لمن قضي الدين من المدينين المتضامنين حق الرجوع على أي من الباقين بقدر حصته فان كان أحدهم مفلسا تحمل مع الموسرين المتضامنين تبعة هذا الإفلاس دون إخلال بحقهم في الرجوع على المفلس عند ميسرته.

المادة 464
إذا كان أحد المدينين المتضامنين هو المدين الأصلي بالدين وباقي المدينين كفلاء فلا يحق له بعد الوفاء بالدين الرجوع عليهم بشيء.
المذكرة الإيضاحية :
يعرض الفقه الإسلامي نظام تضامن المدينين فيما يقوم بين الشركاء في شركة المفاوضة ولو نشأ الدين عن غير اعمال التجارة وفي شركة العنان اذا كانت شركة اعمال فيكون الشركاء متضامنين في التزامهم بالعمل وهم مدينون ايضاً بالتضامن بمقابل التضمينات التي تستحق في حالة هلاك الشيء المسلم لهم ولو كان الهلاك منسوباً لخطأ أحدهم دون الآخرين وهناك تضامن اتفاقي بين المدينين فاذا نشأ الالتزام عن مصدر واحد وكان محله واحداً وتعدد المديونيون وكفل بعضهم بعضاً كانوا جميعاً مدينين متضامنين بين المدينين سواء كان اتفاقياً أو قانونياً في شركتي المفاوضة والعنان يقوم على فكرة الكفالة المتبادلة بين المدينين ومن ثم فإن أحكام الكفالة هي التي تسري ويجوز للدائن أن يرجع على اي مدين بكل الدين بصفته أصيلا عن نفسه وكفيلا عن الآخرين ويجوز لأي مدين ان يؤدي للدائن الدين كله بصفته أصيلاً وكفيلاً وله ان يرجع على الآخرين ككفيل اذا كانت الكفالة بأمرهم وله ان يرجع على كل منهم بحصته وبنصيبه في حص ص الاخرين ثم يرجعان معا بالباقي على سائر المدينين وان كان التزام المدينين المتضامنين عند تعددهم يختلف سبباً عند تعدد الكفلاء إلا أننا نعرضه كصورة من صور الالتزام التضامني في الفقه الإسلامي وقد صيغت النصوص مستلهمة كلتا الصورتين، ففي كتاب الكفالة من كتاب البدائع جزء 6 ص 11 و 14 و 15 أحكام عامة تتفق إلى حد بعيد مع أحكام التضامن ولا تكاد تختلف فيها إلا في مواضع قليلة والكفالة لغة ضم والتزام المطالبة بما على الأصيل شرعاً لا تمليك ص 2 جزء 6 البدائع وفي ص 11 أما الكفيل بالمال فإنما يخرج من الكفالة بأحد امرين احدهما أداء المال إلى المطالب أو ما هو في معنى الأداء سواء كان الأداء من الكفيل أو من الأصيل لان حق المطالبة للتوسل إلى الأداء فاذا وجد فقد حصل المقصود فينتهي حكم العقد وكذا وهب المطالب المال من الكفيل أو من الأصيل لان الهبة بمنزلة الأداء، وكذا اذا تصدق به على الكفيل أو الأصيل لان الصدقة تمليك الهبة فكان هو وأداء المال سواء كالهبة، والثاني : الإبراء وما هو في معناه فإذا ابرأ المطالب الكفيل أو الأصيل خرج عن الكفالة غير أنه إذا أبرا الكفيل لا يبرا الأصيل واذا ابرأ للأصيل يبرا الكفيل لأن الدين على الأصيل لا على الكفيل إنما عليه حق المطالبة فكان إبراء الأصيل ومتى ملكه بريء فيبرأ الكفيل ... ولو ابرأ الكفيل المكفول عنه ضمنه ضرورة .... وفي آخر ص 13 وأول ص 14 ولو مات المطالب فورثه الكفيل يرجع على الأصيل ولو ورثه الأصيل يبرأ الكفيل لأن الإرث من أسباب الملك فيملكه الأصيل ومتى ملكه برئ فيبرأ الكفيل ..... ولو أبرأ الكفيل المكفول عنه مما ضمنه بأمره قبل أدائه أو وهبه منه جاز حتى لو أداه الكفيل بعد ذلك لا يرجع عليه لأن سبب وجوب الحق له على الأصيل والعقد بإذنه موجود والإبراء من الحق بعد وجود سبب للوجوب جائز كالإبراء عن الأجرة قبل مضي مدة الإجارة .. ولو قال الطالب للكفيل برئت إلى من المال يرجع على الأصيل بالإجماع ...
ولو كفل رجلان لرجل عن رجل بأمره بألف درهم حتى يثبت للطالب ولاية مطالبة كل واحد منهما بخمسمائة فأدى أحدهما شئياً من مال الكفالة فأراد أن يرجع على صاحبه فهذا لا يخلو عن إما أن كفل كل واحد منهما عن صاحبه بما عليه وقت العقد أو بعده، أو كفل واحد منهما عن صاحبه بما عليه دون الأخر أو لم يكفل واحد منهما عن صاحبه أصلاً فإن لم يكفل واحد منهما عن صاحبه أصلاً لا يرجع على صاحبه بشيء مما أدى لأنه أدى عن نفسه أصلا لا عن صاحبه لأنه لم يكفل عنه ولكنه يرجع على الأصيل لأنه كفيل عنه بأمره وإن كفل واحد منهما عن صاحبه بما عليه ولم يكفل عن صاحبه بما عليه، فالقول قول الكفيل فيما أدى أنه من كفالة صاحبه إليه أو من كفالة نفسه لأنه لزمه المطالبة بالمال من وجهين احدهما من جهة كفالة نفسه عن الأصيل والثاني من جهة الكفالة عن صاحبه وليس أحد الوجهين أولى من الآخر فكان له ولاية الأداء عن أيهما شاء فإذا قال أديته عن كفالة صاحبي يصدق ويرجع عليه لأنه كفل عنه بأمره سواء أدى المال إلى الطالب ثم قال ذلك أو قال ابتداء أني أؤدي عن كفالة صاحبي وكذا اذا قال أديته عن كفالة الأصيل فقبل منه ويرجع عليه لأنه كفل عنه بأمره سواء قال ذلك بعد أداء المال إلى الطالب أو عنده ابتداء، وان كفل واحد منهما عن صاحبه بما عليه فما أدى كل واحد منهما يكون عن نفسه إلى خمسمائة ولا يقبل قوله فيه أنه أدى عن شريكه لا عن نفسه بل يكون عن نفسه إلى هذا القدر فلا يرجع على شريكه.
وفي ص 15 وعن محمد فيمن كفل بخمسة دنانير فصالح الطالب الكفيل على ثلاثة ولم يقل أصالحك على أن تبرئني فالصلح واقع عن الأصيل والكفيل جميعاً وبرئا معا ويرجع الكفيل على الأصيل بثلاثة دنانير وان قال أصالحك بدينارين لأنه في الفصل الأول إيقاع الصلح على ثلاثة دنانير تصرف في نفس الحق بإسقاط بعضه فكان الصلح واقعاً عنها جميعاً فيبرأن جميعا، ويرجع الكفيل على الأصيل بثلاثة دنانير لأنه ملك هذا القدر وفي ص 15 وعن محمد فيمن كفل بخمسة دنانير فصالح الطالب الكفيل على ثلاثة ولم يقل أصالحك على أن تبرئني فالصلح واقع عن الأصيل والكفيل جميعاً وبرئا معا ويرجع الكفيل على الأصيل بثلاثة دنانير وان قال أصالحك بدينارين لأنه في الفصل الأول إيقاع الصلح على ثلاثة دنانير تصرف في نفس الحق بإسقاط بعضه فكان الصلح واقعاً عنها جميعاً فيبران جميعاً ويرجع الكفيل على الأصيل بثلاثة دنانير لأنه ملك هذا القدر فيمن كفل بخمسة دنانير فصالح الطالب الكفيل على ثلاثة ولم يقل أصالحك على أن تبرئني فالصلح واقع عن الأصيل والكفيل جميعاً وبرئا معاً ويرجع الكفيل على الأصيل بثلاثة دنانير وإن قال أصالحه بدينارين لأنه في الفصل الأول إيقاع الصلح على ثلاثة دنانير تصرف في نفس الحق بإسقاط بعضه فكان الصلح واقعاً عنها جميعاً فيبران جميعاً ويرجع الكفيل على الأصيل بثلاثة دنانير لأنه ملك هذا القدر بالأداء فيرجع على، وأما في الفصل الثاني فأضاف الصلح إلى ثلاثة مقروناً بشرط الإبراء المضاف إلى الكفيل إبراء للكفيل عن المطالبة بدينارين وإبراء الكفيل لا يوجب إبراء الأصيل فيبقى الديناران على الأصيل.
والصور المشار إليها آنفاً من تضامن الكفلاء أو الكفيل مع المدين ما سبقت الإشارة إليها من تضامن الشركاء في شركة المفاوضة أو شركة العنان تقطع بظهور التضامن بين المدينين في الفقه الإسلامي وقد صاغ المشرع ذلك مسترشداً بما ورد في التقنينات الحديثة في الحدود التي يتفق فيها مع أحكام الفقه وبإظهار بعض الجوانب التي تقتضيها المعاملات التي استجدت بين الناس.
وقد نصت المادة 450 على أن التضامن بين المدينين لا يكون إلا بنص في القانون أو بالاتفاق على أنه لا يفترض شأنه شان التضامن بين الدائنين ونصت المادة 451 على أنه إذا أوفى أحد المدينين الدين بتمامه بريء الآخرون وهو نص مستمد من المادة 190 من المرشد التي تنص على أنه إذا كان على عدة أشخاص دين وكان كل منهم كفيلاً بجميعه عن أصحابه فللغريم أن يطالب به من شاء منهم ومطالبته لأحدهم لا تمنعه من مطالبة الآخرين، فإن دفع احد منهم الدين بتمامه بريء الآخرون وللدافع الرجوع على أصحابه بما دفعه زائداً على ما هو واجب عليه إن كانت الكفالة بأمرهم وفي رد المحتار ج 4 ص 286 طبعة بولاق باب كفالة الرجلين " بأن اشتريا منه عبداً بمائة وكفل كل عن صاحبه بأمره جاز ولم يرجع على شريكه إلا بما أدى زائداً على النص لرجحانه من جهة الأصالة على النيابة وان كفلا عن رجل بشيء بالتعاقب بأمر كان على رجل دين فكفل عنه رجلان كل واحد منهما بجميعه منفرداً ثم كفل كل من الكفيلين عن صاحبه بأمره الجميع، وبهذه القيود خالفت الأولى مما أدى أحدهما رجع بنصفه على شريكه لكون الكل كفالة هنا أو يرجع أن شاء بالكل على الأصيل لكونه كفل الكفل بأمره.
وقد نصت المادة 452 على أنه للدائن أن يطالب كل المدينين أو بعضهم بدينه على أن يراعى ما يتصل بعلاقته بكل منهم من وصف قد يؤثر في دينه ولكل مدين أن يعترض بالاعتراضات الخاصة به كالإكراه أو الغلط، والمشتركة بين الدائنين جميعهم كبطلان الالتزام أصلا أو انقضائه ولا شأن له بالدفوع الخاصة بأي من المدينين الآخرين أما المادة 453 فقد نصت على أن اتفاق الدائن مع احد المدينين المتضامنين على تجديد الوفاء الاعتياضي يترتب عليه براءة ذمة الباقين ما لم يقبل هؤلاء ارتباطهم بالتعهد الجديد والوفاء الاعتياضي يستتبع انقاص الدين القديم بالنسبة للدائن الذي اتفق على الوفاء الاعتياضي وأما الدائنون الأخرون فان الدين القديم يظل قائماً بالنسبة لهم ولكل منهم أن يطالب بهذا الدين بعد خصم حصة من اتفق على الوفاء الاعتياضي التجديد كما أن المدين الذي تتم بينه وبين احد الدائنين مقاصة عن حصته أو إبراء أو صلحاً أو اتحاد ذمتين فان هذا الإجراء لا يمس إلا حصة هذا المدين المادة 454 ومصدرها ما ورد في التعقيب أخذاً بما جاء في البدائع جزء 6 ص 11 و 14 و 15 على ما سلف بيانه، وعلى أن إبراء احد المدينين لا يستتبع إبراء الباقين إلا اذا وافق الدائن على ذلك ولو ان يرجع على باقي المدينين بكل الدين اذا احتفظ لنفسه بهذا الحق ما لم يصرح بانه أبرأ ذمتهم من حصة من صدر الإبراء لصالحه المادة 455 ولا يجوز له باي حال أن يرجع على من أبريء من المتضامنين إلا بقدر حصته وبنصيبه في حصة المفلس من باقي المدينين إلا إذا تحمل عنه الدائن الذي أبراه مسئولية هذا الإفلاس فإن باقي المدينين لهم ان يرجعوا على الدائن بما يقابل هذه الحصة المادتين 456 و 457 على ألا يحول ذلك بينهم وبين الرجوع على المفلس عند يساره تطبيقاً لقاعدة عدم سقوط الحق عن المدين. وأما نص المادة 458 وما بعدها فقد استبعدت فيها فكرة النيابة التبادلية بالنسبة لبعض الحالات التي يترتب على الأخذ بها الإساءة إلى مركز الدائنين أو المدينين المتضامنين فعدم سماع الدعوى لمرور الزمان بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين أو انقطاع مرور الزمان أو وقف سريانه لا ينصرف إلى الباقين ولا يجوز لغيره التمسك بالوقف او الانقطاع ويسري الحكم نفسه على المطالبة القضائية والإقرار واليمين والصلح والحكم بإلزام أي من المدينين المتضامنين وعلى عكس ما تقدم يؤخذ بفكرة النيابة التبادلية لما كان في أعمالها توفير منفعة للمتضامنين ومن ذلك انقطاع مرور الزمان بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين فإنه يفيد الباقين.
ولا تسمع الدعوى بمرور الزمان بالنسبة لأحد المدينين المتضامنين دون أن تكون المدة قد انقضت بالنسبة للباقين وفي هذه الحالة يظل امر التزام هؤلاء بالدين قائماً ولا يفيدون من مرور الزمان بالنسبة للمدين الأخر ولكن اذا قام احدهم بالوفاء بكل الدين فله حق الرجوع على الباقين حتى ذلك الذي انقضى التزامه بمرور الزمان لأن الرجوع يقوم على أساس الدعوى الشخصية لا دعوى الحلول ويتضح من ذلك أن من ينقضي الدين بالنسبة له بسبب مرور الزمان المانع من سماع الدعوى لا تبرا ذمته نهائياً قبل المدين المتضامن معه وان كانت برئت قبل الدائن.
وفي المادة 459 تحديد مسئولية كل مدين متضامن عن فعله فإذا وقع من احدهم خطأ جسيم والآخر خطأ يسير كانت تبعة فعل أولهما أشد من الآخر ولا يترتب على إعذار احد المدينين المتضامنين أو مطالبته أمام القضاء اثر بالنسبة للباقين بل تكون التبعة على من تلقى الإعذار وحده ويسأل دون غيره عن التضمينات فإذا ترتبت منفعة لأي من المدينين المتضامنين نتيجة للإعذار الموجه من احدهم إلى الدائن افأد منه الباقون وفي الصلح مادة 460 اذا تصالح الدائن مع احد المدينين نفذ في حق الباقين بقدر ما يعود عليهم من نفع الإبراء من الدين أما اذا كان من شأنه أن يرتب التزاماً أو أن يزيد في التزامهم فلا اثر له في حقهم ما لم يقبلوه.
وقد تضمن نص المادة 461 أيضاً تطبيقاً أخر لفكرة النيابة التبادلية بشأن الإقرار واليمين فاذا اقر احد المدينين المتضامنين بالدين فلا يضار الباقون بإقراره لان الإقرار حجة على المقر طبقاً للقاعدة العامة، أما اليمين فقد يوجهها الدائن إلى احد المدينين المتضامنين وقد توجه من احد المدينين المتضامنين إلى الدائن، فإذا نكل المدين المتضامن فلا يضار باقي المدينين واذا حلف أفادوا منه اذا انصرفت اليمين إلى المديونية دون التضامن واذا حلف الدائن عند توجيه اليمين إليه من احد المدينين المتضامنين فلا يضار من حلف اليمين باقي المدينين واذا نكل أفاد منه الباقون.
وتطبيق ذات القاعدة في حالة صدور الحكم على احد المدينين المتضامنين فلا اثر له على الباقين أما اذا صدر لصالحه فان الباقين يفيدون منه ما لم يكن مبنياً على سبب خاص بالمدين الذي صدر لصالحه مادة 462 .
وتناولت المادتان 463 و 464 علاقة المدينين المتضامنين فيما بينهم ذلك أن القاعدة العامة أن الدين يقسم بين المدينين بالنسبة المتفق عليها أو المحددة بمقتضى نص القانون ولكن اذا ثبت ان احد المدينين هو وحده صاحب المصلحة في الدين فهو الذي يتحمل به كله في صلته بالباقين فاذا ثبت بالدليل أن أحد المدينين المتضامنين هو المدين الأصلي وان الباقين ليسوا سوى كفلاء في حدود صلتهم ببعضهم البعض فان المدين هو الذي يتحمل الدين كله واذا أدى المدين فليس له حق الرجوع على الباقين واذا قام بالوفاء بدين آخر كان له أن يرجع على المدين صاحب المصلحة بما أداه عنه .
وأساس حق الرجوع إما أن يقوم على دعوى شخصية أساسها ما يكون بين المدينين من علاقات سابقة كالوكالة والفضالة والإبراء أو دعوى الحلول وليس لمدين أن يطالب أحدا من المدينين المتضامنين بأكثر من حصته في الدين، ويراعى أيضاً أن حصة المفلس المعسر من المدينين اذا أداها مدين آخر فان ذلك لا يحول بينه وبين الرجوع عليه عند يساره تطبيقاً لقاعدة عدم سقوط الحقوق ونظرة الميسرة في الفقه الإسلامي وبالإضافة إلى المراجع المشار إليها أعلاه تراجع البدائع 2 ص 11 و ج 2 ص 10 و 44 و 73 76 والمبسوط ج 11 ص 154 177 و ج 20 ص 29 و 34 و 38 .
وهذه المواد تقابل المواد من 426 440 أردني و 279 من 284 299 مصري و 279 ومن 284 299 سوري و من 320 335 عراقي .

الفرع الرابع
عدم قابلية التصرف للتجزئة
المادة 465
لا يقبل تصرف التجزئة إذا ورد على محل تأباه طبيعته أو تبين من قصد المتعاقدين عدم جوازها.

المادة 466
1. إذا تعدد الدائنون في تصرف لا يقبل التجزئة أو تعدد ورثة الدائن في هذا التصرف جاز لكل دائن أو وارث أن يطالب بأداء الحق كاملا.
2. فإذا اعترض أحدهم كان على المدين أن يؤدي الحق إليهم مجتمعين أو يودعه الجهة المختصة وفقا لما يقتضيه القانون.
3 . ويرجع كل من الدائنين بقدر حصته على الدائن الذي اقتضى الحق.

المادة 467
1. إذا تعدد المدينون في تصرف لا يقبل التجزئة كان كل منهم ملزما بالدين كاملا.
2. ولمن قضى الدين أن يرجع على كل من الباقين بقدر حصته.
المذكرة الإيضاحية :
تعرضت هذه المواد 465 و 466 و 467 لحالات وآثار عدم قابلية الالتزام للتجزئة، وقد تناولت المادة الأولى الصور التي تتحقق فيها عدم تجزئة الالتزام وأولها أن يكون المحل غير قابل للتجزئة بطبيعته كبيع حيوان فهو بطبيعته لا يحتمل التجزئة أو أن يكون نقل الحق لا يقبل بطبيعته هذه التجزئة كالارتفاق، وثانيها ان ينصرف قصد المتعاقدين صراحة أو ضمناً إلى عدم تجزئة الأداء كأن يكون المحل أرضاً خصصت مساحتها لمشروع معين يحتاجه المشتري ولا تصلح بالتجزئة أو التبعيض، أما المادة 466 فهي تواجه حالة تعدد الدائنين في التزام لا يقبل التجزئة أو تعدد ورثة الدائن في هذا الالتزام ويتضح منها انه يجوز لكل دائن أو وارث ان يطلب الوفاء ب كل الدين فاذا اعترض احد الدائنين كان على المدين أن يؤديه اليهم مجتمعين أو
يقوم بإيداعه الجهة المختصة اذا تعذر عليه الوفاء للدائنين مجتمعين وذلك كصور من صور تنفيذ الالتزام واذا استوفى احد الدائنين الدين بكامله كان لكل من الباقين حق الرجوع عليه بقدر حصته ولكل وارث أن يستأدي الدين بكامله طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية بوصفه ممثلاً للورثة.
أما المادة 467 فقد واجهت حالة تعدد المدينين في التزام لا يقبل التجزئة فيلتزم كل مدين بالوفاء بكل الدين للدائن كما هو الشأن في التضامن وينقسم الدين فيما بين المدينين انفسهم ولمن أوفى الدين أن يرجع على الباقين بقدر حصة كل منهم فيه وللمدين اذا طولب أمام القضاء بالدين كله أن يختصم الباقين لكي يحصل على حكم بإلزامهم جميعاً أو بحقه في الرجوع عليهم اذا كان الدائن قد اختاره ليساره.
وهذه المواد تقابل المواد من 441 443 أردني و من 300 302 مصري و من 300 302 سوري و من 336 338 عراقي .

الفصل السادس
انقضاء الحق
الفرع الأول
الإبراء
المادة 468
إذا أبرأ الدائن مدينه مختارا من حق له عليه انقضى الحق.

المادة 469
لا يتوقف الإبراء على قبول المدين إلا أنه يرتد برده وإن مات قبل القبول فلا يؤخذ الدين من تركته.

المادة 470
لا يصح الإبراء إلا من دين قائم ولا يجوز عن دين مستقبل.

المادة 471
1. يسري على الإبراء الأحكام الموضوعية التي تسري على كل تبرع.
2. ولا يشترط فيه شكل خاص ولو وقع على تصرف يشترط لقيامه توافر شكل فرضه القانون أو اتفق عليه المتعاقدان.
المذكرة الإيضاحية :
تناولت هذه المواد الإبراء كسبب من أسباب انقضاء الالتزام بغير وفاء ومن المقرر في الفقه الإسلامي أن الإبراء إما أن يكون استيفاء أو إبراء إسقاط ويدخل النوع الأول في الوفاء بمقابل أما الثاني وهو إبراء الإسقاط فيدخل في أسباب الانقضاء وهو موضوع المواد المشار إليها.
وقد تناولت المادتان 468 و 469 الإبراء كتعبير عن إرادة الدائن يؤتى اثره بمجرد صدوره ولا يتوقف على قبول المدين وإنما يرتد برده قبل القبول وقد نصت المادة 468 على انه اذا ابرا الدائن مدينه مختاراً من حق له عليه سقط الحق وانقضى الالتزام كما نصت المادة 469 على أن الإبراء لا يتوقف على قبول المدين إلا انه يرتد برده وان مات قبل القبول فلا يؤخذ الدين من تركته ومصدر النص المادة 234 من المرشد التي تنص على ان من ابرأ شخصاً من حق عليه يصح الإبراء منه سقط عن المبرأ ذلك الحق والمادة 239 التي تنص على انه لا يتوقف الإبراء على قبول المدين لكن اذا رده قبل القبول ارتد وان مات قبل القبول فلا يؤخذ الدين من تركته وتضمنت المادة 1562 من المجلة انه اذا ابرأ احد آخر من حق سقط كما تضمنت المادة 1568 أن الإبراء لا يتوقف على القبول ولكن يرتد بالرد.
وقد ذهب الحنفية مذهباً وسطاً بين الحنابلة والقول المختار من مذهب الشافعية والمالكية واعتبرا الإبراء إسقاطاً مبدئياً فلا يتوقف على قبول المدين ولكنهم أضافوا أن في الإبراء أيضاً معنى التمليك وأوجبوا أن يرتد بالرد أي لا يتم عند رفضه من جانب المدين الفتاوى البزازية ج 3 ص 210 بهامش الهندية وقد ذكر الحنفية عدة استثناءات لهذه القاعدة منها، لا يسوغ رد الإبراء من المدين بعد قبوله، وفي الحوالة اذا ابرأ المحال له المحال عليه ورد هذا ذلك فلا يكون الإبراء مردود، وفي الكفالة لا يقبل الإبراء من قبل الكفيل بعد إبرائه من قبل الدائن، وتعليلهم، ان الكفالة عقد غير لازم من جانب الدائن فيحق لهذا ان ينفرد بفسخه لأنه وضع لمصلحته وحده واذا وقع الإبراء بطلب المدين فلا يجوز له رد الإبراء لأنه قبله مقدماً الفتاوى الهندية ج 4 ص 390 ، رد المحتار ج 3 ص 717 ، الزيلعي ج 4 ص . 198
وقد أخذ المشرع برأي الحنفية في المادتين المشار إليهما لتوسطه بين الآراء المختلفة.
والابراء نوع من التبرع ولذا فقد نصت المادة 471 على تطبيق احكام التبرع الموضوعية كالاهلية فينبغي ان يكون المبرئ اهلاً للتبرع ومن ثم فلا يصح ابراء المجنون والمعتوه ولا ابراء الصغير مطلقاً م 154 من المجلة والمادة 230 من المرشد، وليس للمريض مرض الموت حرية الابراء فاذا كانت ديونه تستغرق امواله فلا يصح ابراؤه واذا لم تستغرق ديونه جميع امواله فان ابراءه من دين احد ورثته لا يصح الا باجازة الباقين وابراؤه من دين الاجنبي لا يصح الا من ثلث التركة م 1570 و 1571 من المجلة.
واثر الابراء انقضاء الدين كما نصت على ذلك المادة 468 وهي تطبيق للقواعد العامة في انقضاء القانون.
وينقضي الحق بالإبراء، دون توقف على مراعاة شكل خاص، ولو كان متعلقاً بالتزام يشترط فيه شكل فرضه القانون او الاتفاق كما لو ابراه من دينه الموثق بالرهن على العقار مثلاً لان مراعاة الشكل الخاص بالقانون أو الاتفاق انما تسري على الالتزام بالدين دون انقضائه ولانه بمقتضي المادة 1562 من المجلة سقط الحق بالإبراء، والمطلق يجري على اطلاقه المادة 64 من المجلة، وشرحها لعلي حيدر وتراجع نظرية الالتزام في الشريعة للدكتور شفيق شحاته ص 113 بند 94 .
وهذه المواد تقابل المواد من 444 447 أردني و 371 372 مصري و 369 370 سوري و من 420 422 عراقي .

الفرع الثاني
استحالة التنفيذ

المادة 472
ينقضي الحق إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلا عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه.
المذكرة الإيضاحية :
تناولت هذه المادة استحالة التنفيذ كسبب لانقضاء الحق متى اثبت المدين ان الوفاء به قد اصبح مستحيلاً لسبب اجنبي لا يد له فيه وهو حكم تقتضيه طبيعة الاشياء، ويتضح من النص انه يتعين ان يثبت ان التنفيذ قد اصبح مستحيلاً وان هذه الاستحالة ترجع الى سبب لا يد للمدين فيه، ويجب اولا ان ينشأ الحق ممكناً لان الإستحالة لا ترد على شيء ليس موجودا واذا كان تنفيذه منذ البداية مستحيلاً فانه لا ينشأ اصلاً ويكون العقد الذي قدمه باطلاً لانعدام محله ويجب ان تكون الاستحالة فعلية أو قانونية ومن المقرر ان التعهد ينقل حق عيني اذا وقع على عين ثم هلكت العين فان التنفيذ يصبح مستحيلاً وكذلك اذا وقع العقد على منفعة وهلكت المادتان 254 و 255 من المرشد وهما تطبيق للآثار المترتبة على انقضاء الحق وللقاعدة التي تضمنها القانون، ويتحول الحق إلى العوض.
بالإضافة إلى المادتين المشار إليهما من مرشد الحيران، تراجع المواد من 293 297 ومن 591 611 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المواد تقابل المادة 448 أردني و 373 مصري و 371 سوري و 425 عراقي .

3 مرور الزمان المسقط للدعوى
المادة 473
لا ينقضي الحق بمرور الزمان ولكن لا تسمع الدعوى به على المنكر بانقضاء خمس عشرة سنة بغير عذر شرعي مع مراعاة ما وردت فيه أحكام خاصة.

المادة 474
1. لا تسمع دعوى المطالبة بأي حق دوري متجدد عند الإنكار بانقضاء خمس سنوات بغير عذر شرعي.
2. وبالنسبة للريع المستحق في ذمة الحائز سيئ النية فلا تسمع الدعوى به على المنكر بانقضاء خمس عشرة سنة بغير عذر شرعي.

المادة 475
لا تسمع الدعوى عند الإنكار وعدم قيام العذر الشرعي إذا انقضت خمس سنوات على الحقوق الآتية:
1. حقوق الأطباء والصيادلة والمحامين والمهندسين والخبراء والأساتذة والمعلمين والوسطاء على أن تكون هذه الحقوق مستحقة لهم عما أدوه من أعمال مهنتهم وما أنفقوه من مصروفات.
2. ما يستحق رده من الضرائب والرسوم إذا دفعت بغير حق وذلك دون الإخلال بالأحكام الواردة في القوانين الخاصة.

المادة 476
لا تسمع الدعوى عند الإنكار وعدم قيام العذر الشرعي إذا انقضت سنتان على الحقوق الآتية:
1. حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون في هذه الأشياء وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما أنفقوه لحساب عملائهم.
2. حقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات.

المادة 477
1. لا تسمع الدعوى في الأحوال المذكورة في المادة السابقة حتى ولو ظل الدائنون يقومون بأعمال أخرى للمدين.
2. وإذا حرر إقرار أو سند بأي حق من الحقوق المنصوص عليها في المواد ، 474 475 ، 476 فلا تسمع الدعوى به إذا انقضت على استحقاقه مدة خمس عشرة سنة.

المادة 478
تبدأ المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بمرور الزمان من اليوم الذي يصبح فيه الحق مستحق الأداء ومن وقت تحقق الشرط إذا كان معلقا على شرط ومن وقت ثبوت الاستحقاق في دعوى ضمان الاستحقاق.

المادة 479
لا تسمع الدعوى إذا تركها السلف ثم الخلف من بعده وبلغ مجموع المدتين المدة المقررة لعدم سماعها.

المادة 480
تحسب المدة التي تمنع من سماع الدعوى بالأيام ولا يحسب اليوم الأول منها وتكمل بانقضاء آخر يوم منها إلا إذا كان عطلة رسمية فإنه يمتد إلى اليوم التالي.

المادة 481
1. يقف مرور الزمان المانع من سماع الدعوى كلما وجد عذر شرعي يتعذر معه المطالبة بالحق.
2. ولا تحسب مدة قيام العذر في المدة المقررة.

المادة 482
إذا لم يقم بعض الورثة برفع الدعوى المتعلقة بحق لمورثهم خلال المدة المقررة لسماعها بغير عذر شرعي وكان لباقي الورثة عذر شرعي تسمع دعوى هؤلاء بقدر أنصبتهم

المادة 483
إقرار المدين بالحق صراحة أو دلالة يقطع مرور الزمان المقرر لعدم سماع الدعوى.

المادة 484
تنقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بالمطالبة القضائية أو بأي إجراء قضائي يقوم به الدائن للتمسك بحقه.

المادة 485
1. إذا انقطعت المدة المقررة لعدم سماع الدعوى بدأت مدة جديدة كالمدة الأولى.
2. ولا يسقط الحق مهما كان نوعه إذا حكم به القاضي بحكم لا يقبل الطعن.

المادة 486
عدم سماع الدعوى بالحق لمرور الزمان يستتبع عدم سماعها بتوابعه ولو لم تكتمل المدة المقررة لعدم سماع دعوى بهذه التوابع.

المادة 487
1. لا يجوز التنازل عن الدفع بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان قبل ثبوت الحق في هذا الدفع كما لا يجوز الاتفاق على عدم جواز سماع الدعوى بعد مدة تختلف عن المدة التي حددها القانون.
2. ويجوز لكل شخص يملك التصرف في حقوقه إن يتنازل ولو تنازلا ضمنيا عن الدفع بعد ثبوت الحق فيه على أن هذا التنازل لا ينفذ في حق الدائنين إذا صدر إضرارا بهم.

المادة 488
1. لا يجوز للقاضي أن يقضي من تلقاء نفسه بعدم سماع الدعوى بل يجب أن يكون ذلك بناء على طلب المدين أو ممن له مصلحة فيه من الخصوم.
2. ويصح ابداء الدفع في أي حالة تكون عليها الدعوى إلا إذا تبين من الظروف أن صاحب الحق فيه قد تنازل عنه صراحة أو ضمنا
المذكرة الإيضاحية :
تناولت هذه المواد الأحكام الخاصة بمرور الزمان المانع من سماع الدعوى بالنسبة لبعض الحقوق وهو الباب المقابل لانقضاء الحق بالتقادم في القوانين الحديثة، ومن المقرر ان الشريعة الاسلامية تقوم على قاعدة أرسى اصولها الحديث الشريف لا يبطل حق امريء مسلم وان قدم وقد نصت المادة 1674 من المجلة على ان الحق لا يسقط بتقادم الزمان وهو نص مستمد من الحديث الشريف السالف الاشارة اليه ومن كتاب الاشباه لابن نجيم ص 88 واخذت بها جميع المذاهب الفقهية إلا أن المذهب المالكي والحنفي وان كانا قد اقرا عدم سقوط الحق بالتقادم الا انهما اقرا من جهة اخرى عدم سماع الدعوى بالدين بعد مضي مدة معلومة.
وفي المذهب المالكي اذا سكت صاحب الدين بدون عذر مانع مدة من الزمن قدرها البعض بعشرين سنة والبعض الآخر بثلاثين سنة ثم طالب الدائن المدين بعد ذلك وادعى هذا انه دفع الدين فانه يصدق بدون بيّنه ولا تسمع دعوى المدعي، وعلة ذلك ان اثبات الدفع بعد هذه المدة قد لا يكون ميسوراً بسبب نسيان الشهود أو وفاتهم كما أن تخلف الدائن عن المطالبة بدون عذر يتضمن اقرارا بعدم احقيتة في المطالبة، اما الحنفية فقد اقاموا رايهم على الاستحسان لان ترك الدعوى مع التمكن يدل على عدم الحق ظاهراً وقد قدر بعض فقهاء الحنفية مدة مرور الزمان المانع من سماع الدعوى بثلاث وثلاثين سنة وقدره آخرون بست وثلاثين الا ان الخلفاء العثمانين راوا ان هذه المدة طويلة وانها لا تتفق مع تطور المعاملات وحاجات الناس لذا امروا بان تكون مدة مرور الزمان المانع مع سماع الدعوى خمس عشرة سنة مع بعض الاستثناءات التي تضمنتها نصوص المجلة.
وقد استند الحنفية في اجتهادهم إلى أن طاعة ولي الامر فيما لا يصادم الشرع واجبة وإلى أن ولاية القضاء مستمدة منه وانها تحتمل التخصي ص بالزمان والمكان طبقاً لقاعدة القضاء يجوز تخصيصه بالزمان والمكان مع استثناء بع ض الخصومات م 180 من المجلة ومؤدى ما تقدم ان كلا المذهبين المالكي والحنفي قد اقر مبدأ عدم سماع الدعوى بمرور الزمان وبنيا ذلك على الاستحسان والضرورات العملية وعدم الحق ظاهراً بعد مضي الزمان وقرينه الايفاء المستنتجة من السكوت على الحق ويقطع الحيل ونسيان الشهود أو موتهم او غيابهم.
وقد سار المشرع على هدي ما ورد في المذهبين المالكي والحنفي فأقر مبدأ الحق لا يسقط بمرور الزمان ومبدأ عدم سماع الدعوى بمرور الزمان، على تفاوت بين المدد بالنسبة لكل حق بما يتفق مع طبيعته وتقتضيه المصلحة.
ومما تقدم يتضح أن الغاية من تحديد المدد المانعة من سماع الدعوى بالنسبة لكل حق هي الحيلولة بين القضاء وبين التعرض للحق أيا ما كان سببه بعد مضي المدة المحددة .
وقد نصت المادة 473 على ان الحق لا ينقضي بمرور الزمان ولكن لا تسمع الدعوى به ايما كان سببه على المنكر بانقضاء خمس عشرة سنة مع مراعاة الأحكام الخاصة ببعض الحقوق والإستثناءات المنصوص عليها في المواد التالية ومصدر النص المادتان 1660 و 1674 من المجلة والشق الأول من المادة 256 والمادة 259 من مرشد الحيران وقد نص صدر المادة 1674 من المجلة على ان الحق لا يسقط بالتقادم ونصت المادة 1660 على الا تسمع دعوى الدين والوديعة والملك والعقار والميراث وما لا يعود من الدعاوى إلى العامة وإلى اصل الوقف من العقارات الموقوفة كدعوى المقاطعة أو التصرف بالاجارتين والتولية المشروطة والغلة بعد ان تركت خمس عشرة سنة ونصت المادة 256 من المرشد على ان دعوى الدين ايا كان سببه لا تسمع على منكر الدين بعد تركها من غير عذر شرعي خمس عشرة سنة فان تركها المدعي بعذر فانها تسمع ما لم تنقضي هذه المدة ونصت المادة 259 على أنه كما لا تسمع دعوى الدين ممن ترك المطالبة به من غير عذر خمس عشرة سنة فكذلك لا تسمع من ورثته بعد موته .
يراجع شرح المجلة على المادة 1674 ج 4 ص 669 وقد ساير القانون العراقي هذه النصوص في المادة 440 التي تنص على أن الحق لا يسقط بمرور الزمان والمادة 429 التي تنص على ان الدعوى بالإلتزام ايا كان سببه لا تسمع على المنكر بعد تركها من غير عذر شر عي خمس عشرة سنة مع مراعاة ما وردت فيه احكام خاصة.
اما المواد 474 وما بعدها فقد اوردت انواع الحقوق والمدد التي يمتنع بعدها الاستماع إلى الدعوى مراعياً في ذلك طبيعة الحق، وما اقتضته المصلحة على ان الدعوى لا تسمع بالنسبة للحقوق المشار إليها بعد المدة المقررة حتى ولو ظل الدائنون يقومون ببعض الاعمال للمدين اذ ان العبرة في احتساب المدة في الحق في ذاته وتاريخ استحقاقه فاذا حرر به سند كانت المدة المقررة خمس عشرة سنة قياساً على مدة عدم سماع الدعوى الخاصة بالحقوق الثابتة في اسناد مكتوبة.
يبدأ احتساب مدة مرور الزمان المانع من سماع الدعوى من اليوم الذي يصبح فيه الحق مستحق الاداء أو من وقت تحقق الشرط اذا كان معلقاً على شرط أو من وقت ثبوت الاستحقاق في دعوى ضمان الاستحقاق المادة 478 ومصدر النص المادة 1667 من المجلة والمادة 258 من المرشد وقد نصت المادة 258 من المرشد على ان يعتبر ابتداء المدة المقررة لعدم سماع دعوى الدين المؤجل من تاريخ حلول الأجل لا من تاريخ عقد الدين وفي شرح المجلة ج 4 ص 273 على المادة 1667 " يعتبر مرور الزمان من تاريخ وجود صلاحية الادعاء في المدعي به وصلاحية اخذه، فمرور الزمان في دعوى الدين المؤجل انما يعتبر من حلول الاجل .
وتحتسب مدة مرور الزمان بالنسبة لكل من السلف والخلف معا بحيث تضم مدة كل منهما إلى الأخرى ولا تسمع الدعوى اذا بلغ مجموع المدتين المدة المقررة لعدم سماع الدعوى مادة 479 ومصدر النصالمادة 1670 من المجلة وقد نصت على ان لا تسمع الدعوى اذا تركها المورث مدة وتركها الوارث مدة وبلغ مجموع المدتين حد مرور الزمان وهي مستمدة من المادة 422 من القانون المدني العراقي.
اما المادة 480 فقد تضمنت طريقة حساب المدة بالأيام على الا يحسب اليوم الاول منها وتكمل بانقضاء اخر يوم على الا يكون عطلة رسمية، فاذا كان عطلة رسمية امتد إلى اليوم التالي مباشرة لاستكمال المدة.
ونصت المواد 481 وما بعدها على وقف المدة وانقطاعها فتوقف كلما طرأ عذر شرعي كالقصر وفقدان الأهلية، ومن الاعذار قيام مانع ادبي كعلاقة الزوجية أو العلاقة بين الاصول والفروع وهي العلاقات التي تحول بين اصحاب الحق وبين المطالبة به على الا تحسب المدة التي تمضي اثناء قيام العذر في المدة المقدرة لسماع الدعوى وتحسب من تاريخ زوال العذر، فاذا ترك بعض الورثة الدعوى بحق مورثهم المدة المقررة لسماعها بغير عذر شرعي وكان لبعضهم عذر كالقصر مثلاً فان الدعوى لا تسمع الا بقدر أنصبة من ثبت له العذر أو المانع مادة 483 وهي تتفق مع المادة 261 من المرشد المادة 1672 من المجلة.
فإذا أقر المدين بالدين صراحة أو دلالة فإن اقراره يقطع المدة المقررة لعدم سماع الدعوى وتبدأ مدة جديدة من تاريخ اقراره مادة 483 كما تنقطع المدة بالمطالبة القضائية أو بأي إجراء قضائي يقوم به الدائن للتمسك بحقه اثناء سريانها وهو نص مستمد من المادة 1666 من المجلة والمواد 158 و 159 و 260 من المرشد التي تنص على أن تعتبر المطالبة من مجلس القضاء لا في غيره ... وفي الفقرة الأخيرة من المادة 1666 من المجلة واما ما لم يكن في حضور الحاكم من الادعاء والمطالبة فلا يدفع مرور الزمان ... الا انه يراعى ان النص المقترح قطع في ان اللجوء إلى المحكمة يقطع مرور الزمان مهما طال الأمد الذي يستغرقه النزاع أمامها وذلك على نقيض ما جاء في شرح المجلة لعلي حيدر ج 4 ص 273 فقد جاء بها ما يلي " وبتعبير اخر ان الاستدعاء الذي يقدمه المدعي للمحكمة بطلب الحكم له على خصمه وبحقه وطلب جلب خصمه للمحكمة لا يقوم مقام الدعوى ولا يكفي لقطع مرور الزمان " وهو قول يتناقض مع المبادئ العامة للأصول الحقيقية.
ولا خلاف في ان مرور الزمان المانع من سماع الدعوى بالنسبة للحق في ذاته يسقط الحق في المطالبة بتوابعه حتى ولو لم تكتمل المدة بالنسبة لها كمصروفات الدين أو التسجيل مادة 486 واذا صدر حكم القضاء بالدين أو الحق وكان الحكم نهائياً. لا يقبل الطعن فان الحق لا يسقط ابداً اذ تنتفي بالحكم كل منازعة فيه ولا يجوز بالتالي الدفع بعدم سماع الدعوى لان الدعوى قد استقرت بالحكم فيها ولا سبيل لاعادة طرحها.
اما المادة 487 فقد نصت على عدم جواز الاتفاق على عدم سماع الدعوى بعد مدة تختلف عن المدة المحددة في القانون وانما يجوز لمن يملك التصرف في حقه ان يتنازل عن الدفع بعد ثبوت حقه فيه ولا يسري تنازله في حق الدائنين الآخرين اذا صدر اضراراً بهم ومن المقرر ان هذا التنازل قد يكون صريحاً أو ضمنياً اي دلالة ويستخلص من دلائل وظروف الدعوى وقد يحمل عدم ابداء الدفع في بداية الخصومة على انه تنازل ضمني، على ان مرور الزمان هو مجرد وسيلة لإنهاء حق المطالبة لذلك فإنه لا يجوز للمحكمة ان تقضي به من تلقاء نفسها بل لا بد من ان يبديه صاحب الشأن فيه كالمدين أو الحائز بالنسبة للدائن في الرهن ويجوز له ان يبديه في اي مرحلة من مراحل الدعوى ما لم يقم الدليل على التنازل عنه اثناء الخصومة صراحة أو دلالة.
ولم ير الأخذ بفكرة يمين الاستيثاق لمن يتمسك بعدم سماع الدعوى مطلقاً أو في بعض انواع الدعاوى كما فعل القانون العراقي في الفقرة الثالثة من المادة 431 والفقرة الثانية من المادة 375 سوري، لأن تحليف اليمين يقتضي سماع الدعوى والسير فيها وهو يهدم فكرة التقادم ويتضارب معها ومع نصوص مواد القانون كما انه لم يرد النص على اعتبار المانع الادبي من الموانع، لان كل ما يعتبر من الموانع الأدبية مثل منع الزوج لزوجته أو منع الأب لابنه أو نحو ذلك يعتبر من الاعذار الشرعية، يراجع شرح المادة 1663 من المجلة لعلي حيدر.
وهذه المواد تقابل المواد من 449 464 أردني.


الكتاب الثاني
العقود
الباب الأول
عقود التمليك
الفصل الأول
البيع والمقايضة
نظرة عامة :
عقد البيع هو من أكثر عقود التمليك شيوعا بين الناس وقد اشتقت كلمة البيع من الباع لأن كل واحد من المتعاقدين يمد باعه للأخذ والإعطاء ويحتمل ان يكون كل واحد منهما بايع صاحبه اي يصافحه عند البيع ولذلك سمي البيع ايضاً صفقة والبيع جائز بالكتاب والسنة والإجماع، اما الكتاب فقوله تعالى " وأحل الله البيع " وقوله تعالى " واشهدوا اذا تبايعتم " وقوله تعالى " الا ان تكون تجارة عن تراض منكم " وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم " البايعان بالخيار ما لم يتفرقا " وقوله صلى الله عليه وسلم " يا معشر التجار ان التجار يبعثون يوم القيامة فجارا الا من بر وصدق " وقوله صلى الله عليه وسلم " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء " واما الإجماع فقد اجمع المسلمون على جواز البيع والحكمة تقضتيه لان حاجة الانسان قد تتعلق بما في يد صاحبه، وصاحبه لا يد له بغير عوض، ففي شرع البيع وتجويزه شرع طريق إلى وصول كل واحد منهما إلى غرضه ودفع حاجته المغني . الجزء الرابع ص 2، 3.

الفرع الأول
البيع
1 تعريف البيع واأركانه
المادة 489
البيع هو مبادلة مال غير نقدي بمال نقدي.
المذكرة الإيضاحية :
أخذ بها التعريف من المذهب الحنفي والمبادلة هي التمليك وتكون بالقول أي بالإيجاب والقبول، وبالفعل وهو التعاطي والمال ما يميل إليه الطبع ويمكن ادخاره لوقت الحاجة المادة 1 من مشروع التقنين الحنفي لمجمع البحوث الإسلامية المصري.
وهذه المادة تقابل المواد 265 أردني و 418 مصري و 386 سوري و 506 عراقي .

المادة 490
1. يشترط أن يكون المبيع معلوما عند المشتري علما نافيا للجهالة الفاحشة.
2. ويكون المبيع معلوما عند المشتري ببيان أحواله وأوصافه المميزة له وإذا كان حاضرا تكفي الإشارة إليه.
المذكرة الإيضاحية :
تشترط هذه المادة في المبيع ان يكون معلوماً عند المشتري علماً نافياً للجهالة الفاحشة، كما تحدد احوال العلم به سواء كان حاضراً أو غائباً.
وهي مستمدة من المواد 200 ، 202 من المجلة، 9 من مشروع التقنين الحنفي لمجمع البحوث الإسلامية المصري والمادة 367 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 466 أردني و 419 مصري و 387 سوري و 514 عراقي .

المادة 491
إذا ذكر في عقد البيع أن المشتري عالم بالمبيع علما كافيا فلا يحق له طلب إبطال العقد لعدم العلم إلا إذا أثبت أن البائع قد غرر به.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة الأثر المترتب على ما يذكر في عقد البيع من أن المشتري عالم بالمبيع علماً كافياً، إذ لا يحق له في هذه الحالة طلب ابطال العقد لعدم العلم إلا إثبت ان البائع غرر به .
وهي مستمدة من المواد 200 ، 203 من المجلة، 367 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 467 أردني، 419 بند 2 مصري و 387 سوري .

المادة 492
1. إذا كان البيع بالأنموذج تكفي فيه رؤيته ويجب أن يكون المبيع مطابقا له.
2. فإذا ظهر أن المبيع غير مطابق للأنموذج كان المشتري مخيرا بين قبوله أو رده .

المادة 493
1. إذا اختلف المتبايعان في مطابقة المبيع للأنموذج وكان الأنموذج والمبيع موجودين فالرأي لأهل الخبرة وإذا فقد الأنموذج في يد أحد المتبايعين فالقول في المطابقة أو المغايرة للطرف الآخر ما لم يثبت خصمه العكس.
2. وإذا كان الأنموذج في يد ثالث باتفاق الطرفين ففقد وكان المبيع معينا بالذات ومتفقا على أنه هو المعقود عليه فالقول للبائع في المطابقة ما لم يثبت المشتري العكس وإن كان المبيع معينا بالنوع أو معينا بالذات وغير متفق على أنه هو المعقود عليه فالقول للمشتري في المغايرة ما لم يثبت البائع العكس.
المذكرة الإيضاحية :
تنظم هاتان المادتان احكام المبيع بالأنموذج من حيث ضرورة مطابقة المبيع له، وحق المشتري في حالة عدم المطابقة، والحكم في حال إختلاف البائع والمشتري في المطابقة أو فقد الأنموذج تحت يد أحدهما أو يد ثالث.
وهما مستمدتان من المواد 76 ، 77 ، 324 ، 325 من المجلة، 375 من مرشد الحيران.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 468 ، 469 أردني، و 42 مصري و 388 سوري و 518 عراقي.

المادة 494
1. يجوز البيع بشرط التجربة مع الاتفاق على مدة معلومة فإن سكت المتبايعان عن تحديدها في العقد حملت على المدة المعتادة.
2. ويلتزم البائع بتمكين المشتري من التجربة.

المادة 495
1. يجوز للمشتري في مدة التجربة إجازة البيع أو رفضه ولو لم يجرب المبيع ويشترط في حالة الرفض إعلام البائع.
2. وإذا انقضت مدة التجربة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع اعتبر سكوته قبولا ولزم البيع.

المادة 496
إذا هلك المبيع في يد المشتري بعد تسلمه لزمه أداء الثمن المسمى للبائع وإذا هلك قبل التسليم بسبب لا يد للمشتري فيه يكون مضمونا على البائع.

المادة 497
يسري حكم البيع بعد التجربة والرضى بالمبيع من تاريخ البيع.
المذكرة الإيضاحية :
تنظم هذه المواد احكام البيع بشرط التجربة فيلتزم البائع بتمكين المشتري من التجربة كما يلتزم المشتري في حالة الرفض باعلام البائع بذلك والا اعتبر سكوته بعد انقضاء مدة التجربة قبولاً كما تعالج احكام هلاك المبيع سواء قبل تسليمه للمشتري أو بعده والتاريخ الذي يسري منه البيع بعد التجربة.
وهي مستمدة من المواد 298 ، 299 ، 305 ، 309 من المجلة، 80 ، 82 من مشروع التقنين المالكي لمجمع البحوث الإسلامية المصري ورد المحتار جزء 4 ص 50 والفقرتين 57 ، 59 من العقود المسماه لمصطفى الزرقا.
وهذه المواد تقابل المواد 470 473 أردني، 421 مصري، 389 سوري و 524 ، 525 عراقي .

المادة 498
إذا فقد المشتري أهليته قبل أن يجيز البيع وجب على الولي أو الوصي أو القيم اختيار ما هو في صالحه وذلك مع مراعاة الشروط والأحكام التي ينص عليها القانون.

المادة 499
إذا مات المشتري قبل اختياره وكان له دائن أحاط دينه بماله انتقل حق التجربة له وإلا انتقل هذا الحق إلى الورثة فإن اتفقوا على إجازة البيع أو رده لزم ما اتفقوا عليه وإن أجاز البعض ورد الآخر لزم الرد

المادة 500
لا يجوز للمشتري أن يستعمل المبيع في مدة التجربة إلا بقدر ما تتطلبه التجربة على الوجه المتعارف عليه فإن زاد في الاستعمال زيادة لا يقصد منها التجربة لزم البيع

المادة 501
تسري أحكام البيع بشرط التجربة على البيع بشرط المذاق إلا أن خيار المذاق لا يورث ويعتبر البيع باتا.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المواد احوال فقد المشتري اهليته أو موته قبل اجازة البيع اذ تقضي بانتقال حق التجربة إلى من له الولاية أو الوصاية او القوامة على المشتري أو لورثته إلا اذا كان المشتري دائن احاط دينه بما له اذ ينتقل حق التجربة إلى الدائن بدلاً من الورثة.
كذلك تعرضت المادة 500 لحالة تجاوز المشتري في استعمال المبيع لما تتطلبه التجربة على الوجه المتعارف عليه . وقضت بلزوم البيع في هذه الحالة .
كما قضت المادة 501 بسريان احكام البيع بشرط التجربة على البيع بشرط المذاق .
وهذه المواد مستمدة من المواد 82 ، 85 ، 86 من مشروع التقنين المالكي والمادة 306 من المجلة.
وهذه المواد تقابل المواد 474 477 أردني، 390 سوري، 525 عراقي و 421 ، 422 مصري .

المادة 502
غلة المبيع في مدة التجربة للبائع ونفقته عليه إلا أن تكون الغلة كجزء منه فتكون للمشتري أن تم له الشراء.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة أوضاع غلة المبيع ونفقته خلال مدة التجربة، فهي للبائع لان نفقته عليه والقاعدة ان الغرم بالغنم إلا أن تكون الغلة كجزء من المبيع فتكون للمشتري ان تم له الشراء، وغلة المبيع التي تكون كجزء من الولد والصوف ونحوه.
وهذه المادة مستمدة من المادة 83 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته جزء 2 ص 75 .

المادة 503
الثمن ما تراضى عليه المتعاقدان في مقابلة المبيع سواء زاد على القيمة أو قل، والقيمة هي ما قوم به الشيء من غير زيادة ولا نقصان.
المذكرة الإيضاحية :
تعرف هذه المادة الثمن بأنه ماتراضى عليه المتعاقدان في مقابله المبيع سواء زاد على القيمة أو قل عنها كما عرفت القيمة بانها ما قوم به الشيء من غير زيادة ولا نقصان.
وهذه المادة مستمدة من المادة 14 من مشروع التقنين الحنفي ابن عابدين جزء 4 ص 35 .

المادة 504
إذا اتفق المتبايعان على تحديد الثمن بسعر السوق فيعتبر سعر السوق في زمان ومكان البيع وإن لم يكن في هذا المكان سوق اعتبر المكان الذي يقضي العرف بأن تكون أسعاره سارية.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة السوق المعتبر في حالة اتفاق المتبايعين على تحديد الثمن بسعر السوق.
وهي مستمدة من فقه الحنابلة الأستاذ الزرقا في حاشية الفقرة 70 من العقود المسماه.
وهذه المادة تقابل المواد 478 أردني، 423 مصري، 390 ، 391 سوري و 527 ، 528 عراقي .

المادة 505
إذا أعلن المتعاقدان ثمنا مغايرا لحقوقه ما اتفقا عليه فتكون العبرة بالثمن الحقيقي.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بأن العبرة بالثمن الحقيقي اذا ما أعلن المتبايعان عن ثمن مغاير لحقيقة ما اتفقا عليه .
وهذه المادة مستمدة من الفقه الحنبلي المادة 25 من مشروع التقنين الحنبلي كشاف القناع ص 24 .

المادة 506
1. يجوز البيع بطريق المرابحة أو الوضيعة أو التولية إذا كان رأسمال المبيع معلوما حين العقد وكان مقدار الربح في المرابحة ومقدار الخسارة في الوضيعة محددا.
2. وإذا ظهر أن البائع قد زاد في بيان مقدار رأس المال فللمشتري حط الزيادة.
3. فاذا لم يكن رأس مال المبيع معلوما عند التعاقد فللمشتري فسخ العقد عند معرفته وكذا الحكم لو كتم البائع أمراً ذا تأثير في المبيع أو رأس المال ويسقط خياره إذا هلك المبيع أو استهلك أو خرج من ملكه بعد تسليمه.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة البيع بطريق المرابحة أو الوضيعة أو التولية المرابحة هي بيع ما يملكه الانسان من العروض بمثل ما قام عليه مع زيادة ربح معلوم والمراد بمثل ما قام عليه الثمن مضافا اليه ما صرف على المبيع مما جرى العرف على الحاقه برأس المال في عادة التجار، والوضيعة هي بيع ما ملكه الانسان من العروض بأقل مما قام عليه بقدر معلوم . أما التولية فهي بيع العروض بمثل ما قامت عليه ويشترط في هذه الحالات كلها ان يكون راس مال المبيع معلوماً حين العقد، ومقدار الربح في المرابحة ومقدار الخسارة في الوضيعة محدداً، وأوضحت هذه المادة حكم زيادة البائع في بيان مقدار رأس المال أو كتمانه لأمر ذي تأثير فيه أو في المبيع أو عدم العلم برأس المال عند التعاقد.
وهذه المادة مستمدة من المواد 188 ، 189 ، 192 ، 193 من مشروع التقنين الحنفي والمادة 123 من المجلة وبدائع الصنائع جزء 5 ص 222 وابن عابدين جزء 4 ص 159 ، 160 ، 161 ، 163 وفتح القدير جزء 5 ص 256 والمغني والشرح الكبير جزء 4 ص 101 ورد المحتار جزء 4 ص 159 .
وهذه المادة تقابل المواد 480 أردني، 530 عراقي.

المادة 507
1. زيادة المشتري في الثمن بعد العقد تلحق بأصل العقد إذا قبلها البائع ويصبح الثمن المسمى مع الزيادة مقابلا للمبيع كله.
2. وما حطه البائع من الثمن المسمى بعد العقد يلحق بأصل العقد إذا قبله المشتري ويصبح الباقي بعد ذلك هو الثمن المسمى.
المذكرة الإيضاحية :
تنظم هذه المادة حكم الزيادة في الثمن أو الحط منه اذا قبله الطرف الاخر فيلحق بأصل العقد ويصبح العقد الثمن المسمى بعد الزيادة أو الحط .
وهذه المادة مستمدة من المواد 46 ، 47 من مشروع التقنين الحنفي المواد 25 257 من المجلة وابن عابدين جزء 4 ص 174 ، 175 وفتح القدير جزء 5 ص 272 .
وهذه المادة تقابل المادتين 482 أردني، 529 عراقي.

المادة 508
يستحق الثمن معجلا ما لم يتفق أو يتعارف على أن يكون مؤجلا أو مقسطا لأجل معلوم.

المادة 509
إذا كان الثمن مؤجلا أو مقسطا فإن الأجل يبدأ من تاريخ تسليم المبيع.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هاتان المادتان بان الاصل في الثمن أن يكون معجلاً ما لم يتفق أو يتعارف على أن يكون مؤجلاً أو مقسطاً لأجل معلوم، وفي هذه الحالة الأخيرة فإن أجله يبدأ من تاريخ تسليم المبيع.
وقد استمد حكم هاتين المادتين من المواد 245 ، 250 ، 251 من المجلة، والمواد 420 ، 421 ، 423 من مرشد الحيران.
وهاتان المادتان تقابلان المادتين 483 ، 484 أردني .

المادة 510
إذا دفع المشتري جزءاً من الثمن فليس له أن يطالب بتسليمه ما يقابله من المبيع إذا ترتب على تجزئة المبيع نقص في قيمته.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بأنه إذا دفع المشتري جزء من الثمن فليس له ان يطالب بتسليمه ما يقابله من المبيع اذا ترتب على تجزئة المبيع نقص في قيمته ومثال ذلك مصراعي الباب.
وهذه المادة مستمدة من المذهب الحنبلي المادة 88 من مشروع التقنين الحنبلي منتهى الارادات ص 49 .

2 اآثار البيع
التزامات البائع
أولاً : نقل الملكية
المادة 511
1. تنتقل ملكية المبيع إلى المشتري بمجرد تمام البيع ما لم يقض القانون أو الاتفاق بغير ذلك.
2. ويجب على كل من المتبايعين أن يبادر إلى تنفيذ التزاماته إلا ما كان منها مؤجلا.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة أول أثر من آثار البيع وهو نقل الملكية إلى المشتري بمجرد تمام البيع ما لم يقض القانون أو الإتفاق بغير ذلك، كما توجب على كل من المتبايعين المبادرة إلى تنفيذ إلتزاماته إلا ما كان منها مؤجلاً.
وهذه المادة مستمدة من المادة 83 من المجلة، 426 ، 427 من مرشد الحيران وبدائع الصنائع جزء 5 ص 233 .
وهذه المادة تقابل المواد 485 أردني، 396 سوري، 531 عراقي.

المادة 512
إذا كان البيع جزافا انتقلت الملكية إلى المشتري على النحو الذي تنتقل به في الشيء المعين بالذات.
المذكرة الإيضاحية :
توضح هذه المادة حكم انتقال الملكية في المبيع الجزاف وتقضي بأنه يتم على النحو الذي تنتقل به في الشيء المعين بالذات.
وهي مستمدة من المادتان 217 ، 218 من المجلة، والمادتين 403 ، 404 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 486 أردني، 429 مصري، 397 سوري، 531 عراقي.

المادة 513
1. يجوز للبائع إذا كان الثمن مؤجلاً أو مقسطاً أن يشترط تعليق نقل الملكية إلى المشتري حتى يؤدي جميع الثمن ولو تم تسليم المبيع.
2. وإذا تم استيفاء الثمن تعتبر ملكية المشتري مستندة إلى وقت البيع.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة للبائع في حالة تأجيل الثمن أو تقسيطه أن يشترط تعليق نقل الملكية إلى المشتري حتى يؤدي جميع الثمن ولو تم تسليم المبيع، فإذا تم استيفاء الثمن تعتبر ملكية المشتري مستندة إلى وقت البيع.
وهي مستمدة من المواد 187 ، 188 من المجلة، 454 ، 455 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 487 أردني، 430 مصري، 398 سوري، 534 عراقي.

ب تسليم المبيع
المادة 514
يلتزم البائع بتسليم المبيع إلى المشتري مجردا من كل حق آخر ما لم يكن هناك اتفاق أو نص في القانون يقضي بغير ذلك كما يلتزم البائع بأن يقوم بما هو ضروري من جانبه لنقل الملكية إلى المشتري.
المذكرة الإيضاحية :
توجب هذه المادة على البائع تسليم المبيع إلى المشتري مجرداً من كل حق آخر ما لم يكن هناك اتفاق أو نص في القانون يقضي بغير ذلك، كما توجب على البائع القيام بما هو ضروري لنقل الملكية إلى المشتري.
وهذه المادة مستمدة من المادة 293 من المجلة، والمادة 34 من مشروع التقنين الحنفي والمادتين 434 ، 435 من مرشد الحيران ورد المحتار ج 4 ص 44 .
وهذه المادة تقابل المواد 488 أردني، 396 سوري، 538 عراقي.

المادة 515
إذا كانت طبيعة المبيع طبقا للقانون أو العرف الجاري تتطلب تسليم وثائق ملكيته وجب على البائع تسليمها للمشتري فإن امتنع عن تسليمها أو ادعى ضياعها وظهرت أجبره القاضي على تسليمها فإن لم تظهر في حالة دعوى ضياعها خير المشتري بين رد البيع أو إمضائه.
المذكرة الإيضاحية :
تلزم هذه المادة البائع بتسليم وثائق ملكية المبيع إلى المشتري اذا كانت طبيعة المبيع تتطلب تسليم هذه الوثائق، وتعالج أحكام ضياعها أو الامتناع عن تسليمها،
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادة 30 من مشروع التقنين المالكي مواهب الجليل جزء 4 ص 497 .

المادة 516
يلتزم البائع بتسليم المبيع للمشتري بالحالة التي كان عليها وقت البيع.
المذكرة الإيضاحية :
تلزم هذه المادة البائع بتسليم المبيع للمشتري بالحالة التي كان عليها وقت البيع .
وهي مستمدة من المادة 204 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 489 أردني، 431 مصري، 399 سوري.

المادة 517
يشمل التسليم ملحقات المبيع وما اتصل به اتصال قرار وما أعد لاستعماله بصفة دائمة وكل ما جرى العرف على أنه من توابع المبيع ولو لم تذكر في العقد.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة ملحقات المبيع التي يشملها التسليم ولو لم تذكر في العقد.
وهي مستمدة من المادتين 230 ، 235 من المجلة، والمادة 469 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المواد 490 أردني، 432 مصري، 400 سوري، 537 عراقي.

المادة 518
العقد على البناء أو الشجر يتناول الأرض التي يقوم عليها البناء والأرض التي تمتد فيها جذور الشجر والعقد على الأرض يتناول ما فيها من بناء وشجر إلا إذا اقتضى شرط أو عرف غير ذلك في العقدين والعقد على الدار يتناول ما فيها من المرافق الثابتة دون المنقولة إلا إذا اشترط المشتري دخولها في العقد.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة ما يتناوله العقد على البناء أو الشجر والعقد على الارض والعقد على الدار.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادة 48 من مشروع التقنين المالكي وموضوع هذا النص يسمى في كتب الفقه المداخلة والمراد بذلك تبعية ما ورد في النص للمعقود عليه أي ان المعقود عليه يكون شاملاً له وان لم يصرح بذلك في العقد الشرح الصغير جزء 2 ص 91 والشرح الكبير جزء 3 ص 153 مواهب الجليل جزء 4 ص 497 .

المادة 519
بيع الأرض لا يتناول ما عليها من زرع إلا إذا قضى شرط أو جرى عرف على خلاف ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بأن بيع الأرض لا يتناول ما عليها من زرع إلا إذا قضى شرط أو جرى عرف على خلاف ذلك.
وهذه المادة مستمدة من الفقه المالكي المادة 49 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير جزء 2 ص 91 والشرح الكبير جزء 3 ص 154 .

المادة 520
بيع الشجر أصالة أو تبعاً للأرض يتناول ما عليه من ثمر لم يؤبر أو لم ينعقد كله أو أكثره فإن كان مؤبرا أو منعقدا كله أو أكثره فلا يتناوله العقد إلا إذا قضى شرط أو جرى عرف بتبعيته لأصوله وأن كان المؤبر منهما أو المنعقد نصفه فقط أخذ كل منها حكمه المتقدم.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة ما يتناوله بيع الشجر أصالة أو تبعاً للأرض، والمراد بالشجر ما يعم النخل وغيره كشجر التين والزيتون والخوخ، والتأبير خاص بالنخل وهو تلقيح ثمرة بوضع طلع ذكر النخل على ثمر الأنثى وانعقاد الثمر خاص بغير النخل وهو بروز الثمرة عن موضعها وتميزها عن أصلها.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادة 50 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير جزء 2 ص 91 والشرح الكبير وحاشيته جزء 3 ص 154 .

المادة 521
العقد على الزرع الذي يؤخذ جذاً لا يتناول الخلفة إلا اذا قضى شرط أو جرى عرف على خلاف ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة ما يتناوله العقد على الزرع الذي يؤخذ جذّاً كالبرسيم والقصب ونحوهما وهو المسمى القصيل بفتح القاف والخلفة بكسر الخاء وهو ما يخلف الزرع بعد جذّه.
وهذه المادة مأخوذه من المذهب المالكي المادة 50 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير جزء 2 ص 91 والشرح الكبير وحاشيته جزء 3 ص 154 .

المادة 522
إذا سلم البائع المبيع إلى المشتري بصورة صحيحة أصبح غير مسئول عما يصيب المبيع بعد ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تبريء هذه المادة البائع من المسئولية عما يصيب المبيع إذا ما سلمه إلى المشتري بصورة صحيحة.
وهي مستمدة من المادتين 264 من المجلة، والمادة 441 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المادة 491 أردني.

المادة 523
إذا عين في العقد مقدار المبيع وظهر فيه نقص أو زيادة ولم يوجد اتفاق أو عرف بهذا الشأن وجب اتباع القواعد التالية:
1. إذا كان المبيع لا يضره التبعيض فالزيادة من حق البائع يستحق استردادها عينا والنقص من حسابه سواء أكان الثمن محددا لكل وحدة قياسية أم لمجموع المبيع.
2. وإذا كان المبيع يضره التبعيض وكان الثمن محددا على أساس الوحدة القياسية فالزيادة من حق البائع يستحق ثمنها والنقص من حسابه.
أما إذا كان الثمن المسمى لمجموع البيع فالزيادة للمشتري والنقص لا يقابله شيء من الثمن.
3. وإذا كانت الزيادة أو النقص تلزم المشتري أكثر مما اشترى أو تفرق عليه الصفقة كان له الخيار في فسخ البيع ما لم يكن المقدار تافها ولا يخل النقص في مقصود المشتري.
4. وإذا تسلم المشتري المبيع مع علمه أنه ناقص سقط حقه في خيار الفسخ المشار إليه في الفقرة السابقة.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة أحوال ظهور نقص أو زيادة في مقدار المبيع المعين في العقد.
وهي مستمدة من المواد 223 ، 229 من المجلة، والمواد 448 ، 453 من مرشد الحيران ورد المحتار جزء 4 ص 29 وما بعدها .
وهذه المادة تقابل المواد 492 أردني، 434 مصري، 401 ، 402 سوري، ومن 543 546 عراقي.

المادة 524
لا تسمع الدعوى بفسخ العقد أو إنقاص الثمن أو تكملته إذا انقضت سنة على تسليم المبيع.
المذكرة الإيضاحية :
تمنع هذه المادة سماع الدعوى بفسخ العقد أو انقاص الثمن أو تكملته بعد انقضاء سنة على تسليم المبيع وقد وضع هذا الحكم رعاية لمصلحة المتخاصمين .
وهي مستمدة من المادة 58 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 493 أردني، 402 سوري، 456 عراقي.

المادة 525
1. يتم تسليم المبيع إما بالفعل أو بأن يخلي البائع بين المبيع والمشتري مع الأذن له بقبضه وعدم وجود مانع يحول دون حيازته.
2. ويكون التسليم في كل شيء حسب طبيعته ووفقا لما جرى عليه الاتفاق أو العرف.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة كيفية إتمام تسليم المبيع فهو يكون بالفعل أو بالتخلية وهي قبضة حكماً لو كانت مع القدرة على القبض بلا كلفة وذلك يختلف باختلاف حال المبيع.
ويشترط ألا يكون هناك مانع بأن يكون المبيع مفرزاً غير مشغول بحق الغير وألا كون هناك حائل.
وهي مسيتمدة من المادة 34 من مشروع التقنين الحنفي والمواد 262 ، 263 ، 265 من المجلة والمواد 434 438 ومن 440 442 من مرشد الحيران والبند 118 من شرح العقود المسماه للأستاذ الزرقا ورد المحتار جزء 4 ص 43 ، 44 .
وهذه المادة تقابل المواد 494 أردني، 435 مصري، 403 سوري، 536 ، 538 عراقي.

المادة 526
إذا كان المبيع في حوزة المشتري قبل البيع بأية صفة أو سبب تعتبر هذه الحيازة تسليما ما لم يتفق على خلاف ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة كيفية التسليم في الحالات التي يكون فيها المبيع في حوزة المشتري قبل البيع بأية صفة أو سبب، وتقضي بأن هذه الحيازة تعتبر تسليماً ما لم يتفق على خلاف ذلك.
وهي مستمدة من المادتين 276 ، 277 من المجلة، والمادتين 441 ، 442 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المواد 495 أردني، 435 مصري، 403 سوري، 539 عراقي.

المادة 527
إذا اتفق المتبايعان على اعتبار المشتري مستلما للمبيع في حالة معينة أو إذا أوجب القانون اعتبار بعض الحالات تسليما اعتبر التسليم قد تم.

المادة 528
يتم التسليم حكما بتسجيل المبيع باسم المشتري إذا تطلب القانون التسجيل لنقل الملكية.

المادة 529
يعتبر التسليم حكما أيضا في الحالتين الآتيتين:
1. إذا أبقى البائع المبيع تحت يده بناء على طلب المشتري.
2. إذا أنذر البائع المشتري بدفع الثمن وتسلم المبيع خلال مدة معلومة وإلا اعتبر مسلما فلم يفعل
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المواد الحالات التي تعتبر فيها التسليم قد تم حكماً، وقد روعي في هذه المواد تحقيق مصلحة المتعاقدين حسب ما يتعارفون في معاملاتهم أو شروطهم. 
وهي مستمدة من المواد 19 ، 58 ، 82 ، 83 ، 262 من المجلة، ومن المصالح المرسلة.
وهذه المادة تقابل المواد 496 498 أردني، 403 سوري.

المادة 530
1. يلتزم البائع بتسليم المبيع في محل وجوده وقت العقد.
2. وإذا تضمن العقد أو اقتضى العرف إرسال المبيع إلى المشتري فلا يتم التسليم إلا إذا وصل إليه ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة مكان تسليم المبيع فالأصل أنه يتم في مكان وجود المبيع وقت العقد إلا إذا اتفق الطرفان أو اقتضى العرف ارسال المبيع إلى المشتري فلا يتم التسليم في هذه الحالة إلا إذا جرى إيصاله إلى المشتري.
وهذه المادة مستمدة من المواد 83 ، 85 ، 287 ، 293 من المجلة، والمادتين 444 ، 646 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المواد 499 أردني، 436 مصري، 404 سوري، 541 عراقي.

المادة 531
1. إذا هلك المبيع قبل التسليم بسبب لا يد لأحد المتبايعين فيه انفسخ البيع واسترد المشتري ما أداه من الثمن.
2. فإذا تلف بعض المبيع يخير المشتري إن شاء فسخ البيع أو أخذ المقدار الباقي بحصته من الثمن.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حكم هلاك المبيع كله أو بعضه قبل التسليم وبسبب لا يد لأحد المتبايعين فيه فإن كان الهلاك كلياً انفسخ البيع واسترد المشتري ما أداه من الثمن وإن كان جزئياً خيّر المشتري أن شاء فسخ البيع أو أخذ المقدار الباقي بحصته من الثمن.
وهذه المادة مستمدة من المادتين 37 ، 38 من مشروع التقنين الحنفي والمادة 293 من المجلة والمادة 460 من مرشد الحيران والبند 135 من العقود المسماه للأستاذ الزرقا ورد المحتار جزء 4 ص 46 .
وهذه المادة تقابل المواد 500 أردني، 437 مصري، 405 سوري، 547 عراقي.

المادة 532
1. إذا هلك المبيع قبل التسليم أو تلف بعضه بفعل المشتري اعتبر قابضا للمبيع ولزمه أداء الثمن.
2. وإذا كان للبائع حق الخيار في هذه الحالة واختار الفسخ ضمن له المشتري مثل المبيع أو قيمته وتملك ما بقي منه.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حكم هلاك المبيع كلياً أو جزئياً بفعل المشتري اذ يعتبر المشتري قابضاً للمبيع ويلزمه اداء الثمن وإذا كان للبائع حق الخيار في هذه الحالة واختار الفسخ ضمن له المشتري مثل المبيع أو قيمته وتملك ما بقي منه.
وهذه المادة مستمدة من المواد 493 من المجلة، 37 من مشروع التقنين الحنفي والمادة 460 من مرشد الحيران والبند 108 من العقود المسماه للأستاذ الزرقا.
وهذه المادة تقابل المادة 501 أردني.

المادة 533
1. إذا هلك المبيع قبل التسليم بفعل شخص آخر كان للمشتري الخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء أجازه وله حق الرجوع على المتلف بضمان مثل البيع أو قيمته.
2. وإذا وقع الإتلاف على بعض المبيع كان للمشتري الخيار بين الأمور التالية:
أ. فسخ البيع.
ب. أخذ الباقي بحصته من الثمن وينفسخ البيع فيما تلف.
ج. إمضاء العقد في المبيع كله بالثمن المسمى والرجوع على المتلف بضمان ما أتلف.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حكم هلاك المبيع كلياً أو جزئياً قبل التسليم بفعل شخص آخر غير المتبايعين.
وهذه المادة مستمدة من المواد 37 ، 38 من مشروع التقنين الحنفي والمادة 462 من مرشد الحيران والمادة 293 من المجلة وابن عابدين جزء 4 ص 44 ، 47 ، 48 .
وهذه المادة تقابل المادة 502 أردني.

المادة 534
1. يضمن البائع سلامة المبيع من أي حق للغير يعترض المشتري إذا كان سبب الاستحقاق سابقا على عقد البيع.
2. كما يضمن البائع سلامة المبيع إذا استند الاستحقاق إلى سبب حادث بعد البيع ناشئ عن فعله.
المذكرة الإيضاحية :
تلزم هذه المادة البائع بضمان سلامة المبيع من أي حق للغير سواء كان سبب الاستحقاق سابقاً على البيع أو كان لاحقاً للبيع بفعل البائع.
وهي مستمدة من المذهبين المالكي والحنفي المادتين 70 ، 72 من مشروع التقنين المالكي والشرح الصغير وحاشيته جزء 2ص 80 ، 81 والشرح الكبير وحاشيته جزء 3 ص 12 ، 132 وما بعدها والمادة 491 من مرشد الحيران والمادة 616 من المجلة ورد المحتار جزء 4 ص 191 ، والبندين 142 ، 150 من العقود المسماة للأستاذ الزرقا.
وهذه المادة تقابل المواد 503 أردني، 439 مصري، 407 سوري، 549 عراقي.

المادة 535
1. توجه الخصومة في استحقاق المبيع قبل تسلمه إلى البائع والمشتري معا.
2. فإذا كانت الخصومة بعد تسلم المبيع ولم يدخل المشتري البائع في الدعوى في الوقت الملائم وصدر عليه حكم حاز قوة الأمر المقضي به فقد حقه في الرجوع بالضمان إذا اثبت البائع أن إدخاله في الدعوى كان يؤدي إلى رفض دعوى الاستحقاق.
المذكرة الإيضاحية :
تنظم هذه المادة توجيه الخصومة في حالة استحقاق المبيع قبل تسلمه وبعد تسلمه فالخصومة قبل التسليم توجه إلى البائع والمشتري، وهي بعد التسليم توجه إلى المشتري الذي يجب عليه ادخال البائع فيها، فإن قصّر المشتري في ذلك وصدر الحكم عليه باستحقاق المبيع فقد المشتري حقه في الرجوع على البائع بالضمان إذا أثبت البائع أن إدخاله في الدعوى كان يؤدي إلى رفضها.
وهذه المادة مستمدة من المادة 55 من مشروع التقنين الحنفي والمادة 504 من مرشد الحيران ورد المحتار جزء 4 ص 191 . وهذه المادة تقابل المواد 504 أردني، 440 بند 3 مصري، 408 سوري، 550 عراقي.

المادة 536
1. إذا قضى باستحقاق المبيع كان للمستحق الرجوع على البائع بالثمن إذا أجاز البيع ويخلص المبيع للمشتري.
2. فإذا لم يجز المستحق البيع انفسخ العقد وللمشتري أن يرجع على البائع بالثمن.
3. ويضمن البائع للمشتري ما أحدثه في المبيع من تحسين نافع مقدرا بقيمته يوم التسليم للمستحق.
4. كما يضمن البائع أيضا للمشتري الأضرار التي نشأت باستحقاق المبيع.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حكم استحقاق المبيع وأثره في العلاقة بين البائع والمستحق من ناحية وبين البائع والمشتري من ناحية أخرى.
وهي مستمدة من المادة 52 من مشروع التقنين الحنفي والمادة 491 من مرشد الحيران والمواد 19 ، 403 ، 924 ، 1453 من المجلة وابن عابدين جزء 4 ص 199 ، 201 .
وهذه المادة تقابل المواد 505 أردني، 443 مصري، 411 سوري، 550 عراقي.

المادة 537
1. لا يصح اشتراط عدم ضمان البائع للثمن عند استحقاق المبيع ويفسد البيع لهذا الشرط.
2. ولا يمنع علم المشتري بأن المبيع ليس ملكا للبائع من رجوعه بالثمن عند الاستحقاق.
المذكرة الإيضاحية :
تحظر هذه المادة اشتراط عدم ضمان البائع للثمن عند استحقاق المبيع وترتب على وجود هذا الشرط فساد البيع، وللمشتري الرجوع على البائع بالثمن ولو كان عالم بأن المبيع ليس ملكاً للبائع،
وهي مستمدة من المادتين 492 و 494 من مرشد الحيران والمادة 403 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 506 أردني، 445 مصري، 413 سوري، 556 و 557 عراقي.

المادة 538
إذا كان الاستحقاق مبنيا على إقرار المشتري أو نكوله عن اليمين، فلا يجوز له الرجوع على البائع.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بسقوط حق المشتري في الرجوع على البائع إذا كان الاستحقاق مبنياً على إقرار المشتري أو نكوله عن اليمين، وسبب ذلك أن الإقرار حجة قاصرة على المقر فلا يتعداه إلى غيره.
وهي مستمدة من المادة 53 من مشروع التقنين الحنفي والمادة 496 من مرشد الحيران والمادة 403 من المجلة ورد المحتار جزء 4 ص 194 ، 195 .
وهذه المادة تقابل المواد 507 أردني، 409 سوري، 551 عراقي.

المادة 539
1. إذا صالح المشتري مدعي الاستحقاق على مال قبل القضاء له وأنكر البائع حق المدعي كان للمشتري أن يثبت أن المدعي محق في دعواه وبعد الإثبات يخير البائع بين أداء ما يعادل بدل الصلح أو رد الثمن إلى المشتري.
2. وإذا كان الصلح بعد القضاء للمستحق احتفظ المشتري بالمبيع وحق له الرجوع على البائع بالثمن
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حقوق المشتري في الرجوع على البائع في حالة تصالح المشتري مع مدعي الإستحقاق سواء تم هذا التصالح قبل القضاء له أم بعده.
وهي مستمدة من المادة 403 من المجلة والبند 172 من العقود المسماه للأستاذ الزرقا.
وهذه المادة تقابل المواد 508 أردني، 409 ، 410 سوري .

المادة 540
1. إذا استحق بعض المبيع قبل أن يقبضه المشتري كله كان له أن يرد ما قبض ويسترد الثمن أو يقبل البيع ويرجع بحصة الجزء المستحق.
2. وإذا استحق بعض المبيع بعد قبضه كله وأحدث الاستحقاق عيبا في الباقي كان للمشتري رده والرجوع على البائع بالثمن أو التمسك بالباقي بحصته من الثمن وإن لم يحدث الاستحقاق عيبا وكان الجزء المستحق هو الأقل فليس للمشتري إلا الرجوع بحصة الجزء المستحق.
3. فإذا ظهر بعد البيع أن على المبيع حقا للغير كان للمشتري الخيار بين انتظار رفع هذا الحق أو فسخ البيع والرجوع على البائع بالثمن.
ويفترض في حق الارتفاق أن البائع قد اشترط عدم الضمان إذا كان هذا الحق ظاهرا أو كان البائع قد أبان عنه المشتري
المذكرة الإيضاحية :
تنظم هذه المادة حقوق المشتري وفي حالة استحقاق المبيع قبل قبضه أو بعده.
وهي مستمدة من المذهبين الحنفي و المالكي و المادتين 505 ، 506 من مرشد الحيران والمادة 72 من مشروع التقنين المالكي والشرح الصغير وحاشيته جزء 2 ص 80 ، 81 والشرح الكبير وحاشيته جزء 3 ص 133 .
وهذه المادة تقابل المواد 412 سوري، 555 عراقي، 509 أردني، 445 ف 2 مصري.

المادة 541
1. إذا وقع الادعاء بالاستحقاق بعد هلاك المبيع بيد المشتري ضمن للمستحق قيمته يوم الشراء ورجع على البائع بالثمن.
2. وإذا كانت القيمة التي ضمنها المشتري أكثر من الثمن المسمى كان له الرجوع بالفرق مع ضمان الأضرار التي يستحقها وفقا للبند 4 من المادة 536 .
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة ضمان المشتري إذا وقع الإدعاء بالإستحقاق بعد هلاك المبيع بيده.
وهي مستمدة من المادة 511 من مرشد الحيران ورد المحتار جزء 4 ص 194 .
وهذه المادة تقابل المواد 510 أردني، 412 سوري، 547 عراقي.

المادة 542
للمستحق مطالبة المشتري بما أفاده من ريع المبيع أو غلته بعد خصم ما احتاج إليه الإنتاج من النفقات ويرجع المشتري على البائع بما أداه للمستحق.
المذكرة الإيضاحية :
تخول هذه المادة للمستحق مطالبة المشتري بما أفاده من ريع المبيع أو غلته بعد خصم ما احتاج إليه الانتاج من النفقات وللمشتري حق مطالبة البائع بما أداه للمستحق.
وهي مستمدة من المادتين 50 ، 52 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 511 أردني، 412 سوري.

ثالثاً : ضمان العيوب الخفية خيار العيب
المادة 543
1. يعتبر البيع منعقدا على أساس خلو المبيع من العيوب إلا ما جرى العرف على التسامح فيه.
2. وتسري القواعد العامة بشأن خيار العيب على عقد البيع مع مراعاة أحكام المواد التالية.
المذكرة الإيضاحية :
تقر هذه المادة القاعدة العامة في أن البيع يعتبر منعقداً على أساس خلو المبيع من العيوب إلا ما جرى العرف على التسامح فيهوتسري القواعد العامة بشأن خيار العيب على عقد البيع مع مراعاة القواعد الخاصة في هذا الشأن.
وهي مستمدة من المادة 336 من المجلة والمادة 525 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المواد 512 أردني، 447 مصري، 415 ، 416 سوري.

المادة 544
1. إذا ظهر في المبيع عيب قديم كان المشتري مخيرا إن شاء رده وان شاء قبله بالثمن المسمى وليس له إمساكه والمطالبة بما انقصه العيب من الثمن.
2. ويعتبر العيب قديما إذا كان موجودا في المبيع قبل البيع أو حدث بعده وهو في يد البائع قبل التسليم.
3. ويعتبر العيب الحادث عند المشتري بحكم القديم إذا كان مستندا الى سبب قديم موجود في المبيع عند البائع.
4. ويشترط في العيب القديم ان يكون خفيا والعيب الخفي هو الذي لا يعرف بمشاهدة ظاهر المبيع أو لا يتبينه الشخص العادي أو لا يكشفه غير خبير أو لا يظهر إلا بالتجربة
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة العيب القديم وما يترتب على ظهوره من حقوق للمشتري.
وهي مستمدة من المذهبين المالكي والحنفي ومن المواد 337 - 340 من المجلة والمواد من 526 529 من مرشد الحيران والمادتين 69 ، 70 من مشروع التقنين الحنفي والمادة 89 من مشروع التقنين المالكي والبند 128 من الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد جزء 4 والعقود المسماة للأستاذ الزرقا وبدائع الصنائع جزء 5 ص 261 ، 262 ، والقوانين الفقهية ص 256 والشرح الصغير جزء 2ص 52 وما بعدها والشرح الكبير جزء 3 ص 102 .
وهذه المادة تقابل المواد 513 أردني، 417 سوري، 558 عراقي.

المادة 545
لا يكون البائع مسؤولا عن العيب القديم في الحالات التالية:
1. إذا بين البائع للمشتري العيب عند البيع.
2. إذا رضي المشتري بالعيب بعد اطلاعه عليه أو بعد علمه به من آخر.
3. إذا اشترى المشتري المبيع وهو عالم بما فيه من العيب.
4. إذا باع البائع المبيع بشرط عدم مسئوليته عن كل عيب فيه أو عن عيب معين إلا إذا تعمد البائع إخفاء العيب أو كان المشتري بحالة تمنعه من الاطلاع على العيب.
5. إذا جرى البيع بالمزاد من قبل السلطات القضائية أو الإدارية.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة الحالات التي لا يسأل فيها البائع عن العيب القديم.
وهي مستمدة من المذهبين الحنفي والمالكي ومن المواد 342 - 345 من المجلة والمادتين 530 ، 531 من مرشد الحيران والمادة 95 من مشروع التقنين المالكي وبداية المجتهد جزء 2 ص 153 ، 154 والبند 213 من العقود المسماة للأستاذ الزرقا والشرح الصغير جزء 2ص 65 والقوانين الفقهية ص 265 .
وهذه المادة تقابل المواد 514 أردني، 421 ، 422 سوري، 559 عراقي.

المادة 546
إذا تصرف المشتري في المبيع تصرف المالك بعد اطلاعه على العيب القديم سقط خياره.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بسقوط حق المشتري في الخيار إذا تصرف في المبيع تصرف المالك بعد اطلاعه على العيب القديم.
وهي مستمدة من المادة 344 من المجلة والمادة 541 من مرشد الحيران والمادة 87 من مشروع التقنين الحنفي وابن عابدين جزء 4 ص 16 ، 87 .
وهذه المادة تقابل المواد 515 أردني، 566 عراقي.

المادة 547
إذا هلك المبيع المعيب بعيب قديم في يد المشتري أو استهلكه قبل علمه بالعيب رجع على البائع بنقصان العيب من الثمن.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حالة هلاك المبيع بعيب قديم في يد المشتري أو استهلاكه له قبل علمه بالعيب وتجيز له الرجوع على البائع بنقصان العيب من الثمن.
وهي مستمدة من المادة 543 من مرشد الحيران والدر المختار جزء 4 ص 83 .
وهذه المادة تقابل المواد 516 أردني، 419 سوري، 564 عراقي.

المادة 548
1. إذا حدث في المبيع لدى المشتري عيب جديد فليس له أن يرده بالعيب القديم وإنما له مطالبة البائع بنقصان الثمن ما لم يرض البائع بأخذه على عيبه الجديد.
2. وإذا زال العيب الحادث عاد للمشتري حق رد المبيع على البائع بالعيب القديم.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حقوق المشتري بالنسبة للعيب القديم في حالة حدوث عيب جديد والمبيع لديه.
وهي مستمدة من المواد من 345 348 من المجلة والمواد من 537 - 539 من مرشد الحيران والدر المختار جزء 4 ص 94 .
وهذه المادة تقابل المادتين 517 أردني، 562 عراقي.

المادة 549
1. إذا حدث في المبيع زيادة مانعة من الرد ثم ظهر للمشتري عيب قديم فيه فانه يرجع على البائع بنقصان العيب وليس للبائع الحق في استرداد المبيع.
2. والزيادة المانعة هي كل شيء من مال المشتري يتصل بالمبيع.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حقوق المشتري في حالة ظهور العيب القديم بعد حدوث زيادة في المبيع مانعة من الرد.
وهي مستمدة من المواد 349 ، 350 من المجلة والمادة 540 من مرشد الحيران والمادة 86 من مشروع التقنين الحنفي وابن عابدين جزء 4 ص 86 ، 87 .
وهذه المادة تقابل المواد 518 أردني، 563 عراقي.

المادة 550
1. إذا بيعت أشياء متعددة صفقة واحدة وظهر في بعضها عيب قبل التسليم فالمشتري بالخيار بين قبولها بالثمن المسمى أو ردها كلها.
2. وإذا بيعت أشياء متعددة صفقة واحدة وظهر في بعضها بعد التسليم عيب قديم وليس في تفريقها ضرر فللمشتري رد المعيب بحصته من الثمن وليس له أن يرد الجميع بدون رضى البائع فإن كان في تفريقها ضرر فله أن يرد جميع المبيع أو يقبله بكل الثمن.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حقوق المشتري في حالة بيع أشياء متعددة صفقة واحدة وظهور عيب في بعضها قبل التسليم أو بعده.
وهي مستمدة من المواد 532 534 من مرشد الحيران والمادة 95 من مشروع التقنين الحنفي وابن عابدين جزء 4 ص 97 وفتح القدير جزء 5 ص 174 ، 175 والبند 129 جزء 4 من الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد للأستاذ الزرقا.
وهذه المادة تقابل المادتين 519 أردني، 561 عراقي.

المادة 551
1. إذا كان بالمبيع عيب يقتضي رده ورتب عليه المشتري قبل علمه بالعيب حقا للغير لا يخرجه عن ملكه فله رده على البائع بهذا العيب بعد تخليصه من ذلك الحق إذا لم يكن المبيع قد تغير في هذه المدة.
2. فإن رتب عليه حقا للغير بعد علمه بالعيب سقط حقه في الرد به فإذا تغير المبيع جرى عليه حكم التغير الحادث للمبيع الذي به عيب قديم
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حكم العيب إذا رتب المشتري على المبيع المعيب حقاً للغير قبل علمه بالعيب أو بعد علمه به ومثال الحق الذي يتعلق بالمبيع ولا يخرجه عن الملك رهن المبيع أو إجارته أو إعارته، وإنما كان تعلق حق الغير بالمبيع بعد العلم بعيبه مسقطاً لحق الرد لأنه يدل على الرضا بالعيب وما جرى على هذا النص هو قول ابن القاسم وعليه الأكثر وقال اشهب عدم سقوط حق المشتري في الرد مقيد بما اذا لم تطل مدة الإجارة ونحوها فإن طالت سقط حقه في الرد.
وهي مستمدة من المذهب المالكي المادة 97 من مشروع التقنين المالكي و الشرح الكبير وحاشيته جزء 3 ص 112 والشرح الصغير جزء 2 ص 67 وبداية المجتهد جزء 2 ص 150 .

المادة 552
لا يسقط حق المشتري في رد المبيع بالعيب بسبب تغيير قيمته.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بعدم سقوط حق المشتري في رد المبيع المعيب بسبب تغير قيمته.
وهي مستمدة من المذهب المالكي المادة 98 من مشروع التقنين المالكي بداية المجتهد جزء 2 ص 151 والمقدمات لابن رشد جزء 2 ص 246 ، 247 .

المادة 553
1. تكون غلة المبيع المردود بالعيب والتي لا تعتبر كجزء منه للمشتري من وقت قبضه للمبيع
2. إلى يوم فسخ البيع ولا يجوز له الرجوع على البائع بما أنفقه على المبيع. أما غلة المبيع التي تعتبر كجزء منه فتكون للبائع.
3. وأما المبيع الذي لا غلة له فيكون للمشتري الرجوع على البائع بما أنفقه .
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حكم غلة المبيع المردود بالعيب ونفقاته . والعلة التي تعتبر كجزء منه ولد الحيوان والثمرة المؤبرة والتي لا تعتبر كجزء سكن الدار وإسكانها وركوب السيارات وتأجيرها وكانت غلة المبيع المردود بالعيب للمشتري لأنه في ضمانه والغلة في نظير الضمان وليس له الرجوع بما انفقه على المبيع لأن غلته له والغنم بالغرم.
وهي مستمدة من المذهب المالكي المادة 103 من مشروع التقنين المالكي و الشرح الصغير جزء 2 ص 74 والشرح الكبير جزء 3 ص 24 والمقدمات لابن رشد جزء 2 ص 256 .

المادة 554
ينتقل ضمان المبيع المردود بالعيب من المشتري إلى البائع بمجرد رضا البائع بقبضه من المشتري وان لم يقبضه منه بالفعل أو بمجرد ثبوت عيب المبيع الموجب للرد أمام القضاء ولو لم يكن قد حكم بالرد إن كان البائع حاضرا فإن كان غائبا فلا ينتقل إليه الضمان إلا بصدور الحكم برد المبيع.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة أحوال انتقال ضمان المبيع المردود بالعيب من المشتري إلى البائع، وحكمها مستمد من المذهب المالكي المادة 104 من مشروع التقنين المالكي والشرح الكبير جزء 3 ص 125 والشرح الصغير جزء 2 ص 75 .

المادة 555
1. لا تسمع دعوى ضمان العيب لمرور الزمان بعد انقضاء ستة اشهر على تسلم المبيع ما لم يلتزم البائع بالضمان لمدة أطول.
2. وليس للبائع أن يتمسك بهذه المدة إذا ثبت أن إخفاء العيب كان بغش منه.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة مدة عدم سماع دعوى ضمان العيب بانقضاء ستة أشهر على تسلم المبيع ما لم يلتزم البائع بالضمان لمدة أطول ويسقط حق البائع في التمسك بهذه المدة إذا ثبت أن إخفاء العيب كان بغش منه.
وهي مستمدة من المذهبين الحنفي والحنبلي المادتين 58 ، 83 من المجلة خلافاً لما ذهب إليه الشافعية والمالكية من ضرورة الرد بعد العلم بالعيب على الفور إلا إذا كان هناك عذر يمنع من الرد، راجع الفقه على المذاهب الأربعة جزء 2 ص 199 ، 200 .
وهذه المادة تقابل المادتين 521 أردني، 570 عراقي.

ب التزامات المشتري
أولًا : دفع الثمن وتسليم المبيع
المادة 556
على المشتري دفع الثمن عند التعاقد أولا وقبل تسلم المبيع أو المطالبة به ما لم يتفق على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
ترتب هذه المادة التزام المشتري بدفع الثمن عند التعاقد وقبل تسلم المبيع ما لم يتفق على غير ذلك، وتسليم الثمن أولاً مشروط بكون السلعة حاضرة والثمن حال غير مؤجل وألا يكون في البيع خيار للمشتري.
وهي مستمدة من المادة 262 من المجلة والمادة 481 من مرشد الحيران والمادة 33 من مشروع التقنين الحنفي وابن عابدين جزء 4 ص 43 ، 44 .
وهذه المادة تقابل المواد 522 أردني، 425 سوري، 571 عراقي، 457 مصري.

المادة 557
1. للبائع أن يحتبس المبيع حتى يستوفي ما هو مستحق له من الثمن ولو قدم المشتري رهنا أو كفالة.
2.وإذا قبل البائع تأجيل الثمن سقط حقه في احتباس المبيع والتزم بتسليمه للمشتري.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة للبائع حبس المبيع حتى يستوفي حقه في الثمن ولو قدم المشتري رهناً أو كفالة ويسقط حق البائع في حبس المبيع إذا قبل تأجيل الثمن وحق الحبس يكون للبائع ولو بقي جزء من الثمن.
وهي مستمدة من المواد 278 ، 280 ، 284 من المجلة والماديتن 454 ، 455 من مرشد الحيران والمادة 35 من مشروع التقنين الحنفي وابن عابدين جزء 4 ص 44 .
وهذه المادة تقابل المواد 523 أردني، 459 مصري، 427 سوري، 579 عراقي.

المادة 558
إذا هلك المبيع في يد البائع وهو حابس له كان الهلاك على المشتري ما لم يكن المبيع قد هلك بفعل البائع
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حكم هلاك المبيع في يد البائع وهو حابس له إذ يكون الهلاك على المشتري ما لم يكن المبيع قد هلك بفعل البائع.
وهذه المادة مستمدة من المادة 460 مصري.

المادة 559
1. إذا قبض المشتري المبيع قبل أداء الثمن على مرأى من البائع ولم يمنعه كان أذنا بالتسليم.
2. وإذا قبض المشتري المبيع قبل أداء الثمن بدون أذن البائع كان للبائع استرداده وإذا هلك أو تعيب في يد المشتري اعتبر متسلما.
المذكرة الإيضاحية :
تنظم هذه المادة أحكام قبض المشتري للمبيع قبل أداء الثمن، فإذا تم هذا القبض على مرأى من البائع كان أذنا بالتسليم وإن تم القبض دون أذن البائع كان للبائع استرداده، وإذا هلك المبيع أو تلف في يد المشتري اعتبر متسلماً له. 
وهذه المادة مستمدة من المواد 276 ، 277 من المجلة والمادتين 441 ، 442 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 524 أردني، 428 سوري، 578 عراقي.

المادة 560
إتلاف المشتري للمبيع ولو بدون قصد قبض له.
المذكرة الإيضاحية :
تعتبر هذه المادة اتلاف المشتري للمبيع ولو بدون قصد قبضاً له ولو كان المبيع من ضمان البائع وذلك لأن اتلاف المشتري للمبيع يستقر به الثمن عليه.
وهذه المادة مستمدة من المذهب الحنبلي المادة 93 من مشروع التقنين الحنلبي لمجمع البحوث الإسلامية المصري وكشاف القناع ص 81 .

المادة 561
إذا كان المشتري لا يعلم محل المبيع وقت العقد ثم علم بعده فله الخيار إن شاء فسخ البيع أو أمضاه وتسلم المبيع في مكان وجوده.
المذكرة الإيضاحية :
تخول هذه المادة للمشتري الذي لا يعلم مكان المبيع وقت العقد فسخ العقد أو تسلم المبيع في مكان وجوده.
وهي مستمدة من المواد 285 ، 286 من المجلة والمادة 445 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 525 أردني، 431 سوري، 586 عراقي.

المادة 562
1. يلتزم المشتري بتسليم الثمن المعجل في مكان وجود المبيع وقت العقد ما لم يوجد اتفاق أو عرف يغاير ذلك.
2. وإذا كان الثمن دينا مؤجلا على المشتري ولم يجر الاتفاق على الوفاء به في مكان معين لزم أداؤه في موطن المشتري وقت حلول الأجل.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة مكان أداء المشتري للثمن فإن كان الثمن معجلاً التزم المشتري بأدائه في مكان وجود المبيع وقت العقد، وإن كان الثمن مؤجلاً لزم أداؤه في موطن المشتري وقت حلول الأجل، كل ذلك ما لم يتفق على خلافه.
وهي مستمدة من المواد 285 ، 286 ، 238 من المجلة والمادتين 485 و 487 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 526 أردني، 573 عراقي.

المادة 563
إذا قبض المشتري شيئا على سوم الشراء وهلك أو فقد في يده و كان الثمن مسمى لزمه أداؤه فإن لم يسم الثمن فلا ضمان على المشتري إلا بالتعدي أو التقصير.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حكم هلاك أو فقد المبيع وهو في يد المشتري على سوم شرائه فإن كان ثمنه مسمى لزم المشتري اداءه، وإن لم يكن ثمنه مسمى فلا ضمان على المشتري الا بالتعدي والتقصير.
وهي مستمدة من المادتين 268 ، 299 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المادة 527 أردني.

المادة 564
1. إذا رفعت على المشتري دعوى باستحقاق المبيع مستندة إلى حق سابق على البيع أو آيل إليه من البائع جاز للمشتري أن يحتبس الثمن حتى يقدم البائع كفيلا مليئا يضمن للمشتري رد الثمن عند ثبوت الاستحقاق وللبائع أن يطلب إلى المحكمة تكليف المشتري إيداع الثمن لديها بدلا من تقديم الكفيل.
2. ويسري حكم الفقرة السابقة إذا تبين للمشتري في المبيع عيبا قديما مضمونا على البائع
المذكرة الإيضاحية :
تخول هذه المادة للمشتري حق حبس الثمن إذا رفعت عليه دعوى باستحقاق المبيع وذلك حتى يقدم البائع كفيلاً مليئاً يضمن للمشتري رد الثمن عند ثبوت الاستحقاق ويكون للمشتري هذا الحق في حبس الثمن في حالة المبيع المعيب بعيب قديم مضمون على البائع.
وهي مستمدة من المذهبين الحنفي والشافعي والمواد 636 ، 638 من المجلة و 468 من مرشد الحيران، 53 من التقنين الحنفي، 99 من مشروع التقنين الشافعي لمجمع البحوث الإسلامية المصري وابن عابدين جزء 4 ص 202 ، 203 ومغنى المحتاج جزء 2 ص 73 ، المحلي جزء 2 ص 219 .
وهذه المادة تقابل المواد 528 أردني، 425 سوري، 576 عراقي.

المادة 565
إذا حدد في البيع موعد معين لأداء الثمن واشترط فيه أنه إذا لم يؤد المشتري الثمن خلاله فلا بيع بينهما فإن لم يؤده والمبيع لا يزال في يد البائع اعتبر البيع مفسوخا حكما.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة اشتراط فسخ البيع إذا لم يؤد المشتري الثمن في الموعد المحدد إذ يترتب على عدم الأداء في الميعاد والمبيع في يد البائع إعمال أثر الشرط واعتبار المبيع مفسوخاً حكماً.
وهي مستمدة من المواد 83 و 313 و 314 من المجلة و المادة 425 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 529 أردني، 429 سوري، 582 عراقي.

المادة 566
1. إذا تسلم المشتري المبيع ثم مات مفلسا قبل أداء الثمن فليس للبائع استرداد المبيع ويصبح الثمن دينا على التركة ويكون البائع كسائر الغرماء.
2. وإذا مات المشتري مفلسا قبل تسلم المبيع وأداء الثمن كان للبائع حبس المبيع حتى يستوفي الثمن من التركة ويكون أحق من سائر الغرماء.
3. وإذا قبض البائع الثمن ومات مفلسا قبل تسليم المبيع كان المبيع أمانة في يده والمشتري أحق به من سائر الغرماء
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حكم موت المشتري مفلساً قبل أداء الثمن أو قبل استلام المبيع وأداء الثمن كذلك حكم موت البائع مفلساً بعد قبض الثمن وقبل تسليم المبيع.
وهي مستمدة من المواد 295 297 من المجلة و 463 465 من مرشد الحيران، والمادة 36 من مشروع التقنين الحنفي ابن عابدين ج 4 ص 46 والبند 96 من الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد ج 4.
وهذه المادة تقابل المادتين 530 أردني، 580 عراقي.

ثانياً : نفقات البيع
المادة 567
نفقات تسليم الثمن وعقد البيع وتسجيله وغير ذلك من نفقات تكون على المشتري ونفقات تسليم المبيع تكون على البائع كل ذلك ما لو يوجد اتفاق أو نص في قانون أو عرف يخالفه.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة النفقات التي يلتزم بها كل من المشتري والبائع.
وهي مستمدة من المواد 288 و 289 و 292 من المجلة و 466 - 468 من مرشد الحيران،والمادة 31 من مشروع التقنين الحنفي وابن عابدين ج 4 ص 43 .
وهذه المادة تقابل المواد 531 أردني، 432 سوري، 587 عراقي، 462 مصري.

الفرع الثاني
بيوع مختلفة
1 بيع السلم
المادة 568
السلم بيع مال مؤجل التسليم بثمن معجل.
المذكرة الإيضاحية :
تعرف هذه المادة السلم بأنه بيع مال مؤجل التسليم بثمن معجل ويسمى صاحب رأس المال برب السلم والمسلم ويسمى الآخر المسلم إليه ويسمى المبيع المسلم فيه ويسمى الثمن رأس المال، وقد ثبتت شرعية السلم بالكتاب بقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه " وبالسنة لقوله صلى الله عليه وسلم " من أسلم منكم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم " وثبت أيضاً بالإجماع للحاجة والقياس يأبى جوازه لأنه بيع معدوم وترك القياس بالنص وهو نهي الرسول عن بيع المعدوم ورخص في السلم.
وهذه المادة مستمدة من المادة 123 من المجلة و المادة 550 من مرشد الحيران، والمادة 204 من مشروع التقنين الحنفي.
وهذه المادة تقابل المادة 532 أردني.

المادة 569
يشترط لصحة بيع السلم:
1. أن يكون المبيع من الأموال التي يمكن تعيينها بالوصف والمقدار ويتوافر وجودها عادة وقت التسليم
2. أن يتضمن العقد بيان جنس المبيع ونوعه وصفته ومقدار وزمان إيفائه.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة شروط صحة بيع السلم، وأولها أن يكون المبيع مما يمكن ضبط صفته وتحديد مقداره ومتوافر عادة وقت التسليم وعلى هذا يصح في المكيل كالبر والشعير والموزون كالعسل والزيت ويصح في العددي المتقارب وهو ما لا تتفاوت أحاده كالجوز والبيض، أما العددي المتفاوت فلا يجوز التسليم فيه.
ويصح المذروع كالثوب ان بين طوله وعرضه ورقعته ولا يصح في الحيوان لتفاوت احاده وثانيها بيان جنس المبيع ونوعه وصفته ومقداره وأجله.
وهذه المادة مستمدة من المذهبين الحنفي والمالكي والمادة 386 من المجلة والمادة 554 من مرشد الحيران،والمادتين 207 ، 208 من مشروع التقنين الحنفي والمادتين 109 ، 116 من مشروع التقنين المالكي ومجمع الأنهر ج/ 2 ص 104 وابن عابدين ج/ 4 ص 15 والشرح الصغير وحاشيته ج/ 2 ص 104 ، 114 .
وهذه المادة تقابل المادة 533 أردني.

المادة 570
يشترط في رأس مال السلم أي ثمنه أن يكون معلوما قدرا ونوعا وأن يكون غير مؤجل بالشرط مدة تزيد على ثلاثة أيام.

المادة 571
يجوز للمشتري أن يتصرف في المبيع المسلم فيه قبل قبضه
المذكرة الإيضاحية :
تحدد المادة 570 شروط رأس المال وتجيز المادة 571 للمشتري التصرف في المبيع المسلم فيه قبل قبضه.
وهما مستمدتان من المذهب المالكي المادتين 111 ، 113 من مشروع التقنين المالكي والشرح الصغير وحاشيته ج/ 2 ص 104 وبداية المجتهد جزء 2 ص 172 .
وهاتان المادتان تقابلان المادتين 534 ، 535 أردني.

المادة 572
إذا تعذر تسليم المبيع عند حلول الأجل بسبب انقطاع وجوده لعارض طارئ كان المشتري مخيرا بين انتظار وجوده أو فسخ البيع.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حالة تعذر تسليم المبيع عند حلول الأجل بسبب انقطاع وجوده لعارض طارئ، إذ تجيز للمشتري انتظار وجوده أو فسخ البيع، ذلك لأن السلم قد صح والعجز عن التسليم طارئ على شرف الزوال فصار كباق المبيع قبل القبض، ولأن المعقود عليه هنا دين ومحل الدين الذمة وهي باقية فيبقى الدين ببقاء محله. وإنما تأخر التسليم إذا كان وجوده مرجواً بخلاف المبيع المعين فإنه بهلاكه يفوت محل العقد، وفي رأي زفر أن العقد يبطل وهو رواية عن الكرخي للعجز عن التسليم قبل القبض فصار كهلاك المبيع قبل القبض في المبيع المعين فإن الشيء كما لا يثبت في غير محله لا يبقى عند فواته.
وهي مستمدة من المذهبين الحنفي والحنبلي المادة 209 من التقنين الحنفي والمادة 148 من مشروع التقنين الحنبلي فتح القدير ج 5 ص 332 وكشف القناع ص 128 ، 129 .
وهذه المادة تقابل المادة 536 أردني.

المادة 573
إذا مات البائع في السلم قبل حلول أجل المبيع كان المشتري بالخيار إن شاء فسخ العقد واسترد الثمن من التركة أو شاء انتظر حلول الأجل وفي هذه الحالة يحجز من التركة ما يفي بقيمة المبيع إلا إذا قدم الورثة كفيلا مليئا يضمن تسليم المبيع عند حلول أجله.
المذكرة الإيضاحية :
تنظم هذه المادة حقوق المشتري في حالة موت البائع في السلم قبل حلول أجل المبيع، والحكم الفقهي في ذلك أنه يبطل الأجل بموت البائع لا بموت المشتري . وفي هذه الحالة يؤخذ المسلم فيه من التركة حالاً لبطلان الأجل بموت المدين كما يعلم من الدر المختار ورد المحتار ج 4 ص 206 والمادة 560 من مرشد الحيران، 212 من مشروع التقنين الحنفي وبما أن الأجل وإن كان حقاً للمدين إلا انه لوحظ في ابطاله اعطاء صاحب الدين الحق في استيفاء دينه، لذلك لجأ المشرع إلى إعطاء المشتري الحق بالخيار بين ان يفسخ العقد ويسترد الثمن من التركة كما هو معين في الحكم الفقهي وبين ان ينتظر حلول الأجل وفي هذه الحالة لا تكون التركة قد تضررت من التأجيل لذلك فإن الحكم يكون مراعي فيه جانب المصلحة والتيسير، وإذا اختار التأجيل له الحق أن يحجز من التركة ما يفي بحقه حتى لا يتعرض للضرر فلا ضرر ولا ضرار والضرر يزال طبقاً للمادتين 19 ، 20 من المجلة بدائع الصنائع ج 5 ص 213 وابن عابدين ج 4 ص 216 ، 217 .
وهذه المادة تقابل المادة 537 أردني.

المادة 574
1. إذا استغل المشتري في السلم حاجة المزارع فاشترى منه محصولا مستقبلا بسعر أو بشروط مجحفة إجحافا بينا كان للبائع حينما يحين الوفاء أن يطلب إلى المحكمة تعديل السعر أو الشروط بصورة يزول معها الإجحاف وتأخذ المحكمة في ذلك بعين الاعتبار ظروف الزمان والمكان ومستوى الأسعار العامة وفروقها بين تاريخ العقد والتسليم طبقا لما جرى عليه العرف.
2. وللمشتري الحق في عدم قبول التعديل الذي تراه المحكمة واسترداد الثمن الحقيقي الذي سلمه فعلا للبائع وحينئذ يحق للبائع أن يبيع محصوله لمن يشاء.
3. ويقع باطلا كل اتفاق أو شرط يقصد به إسقاط هذا الحق سواء أكان ذلك شرطا في عقد السلم نفسه أم كان في صورة التزام آخر منفصل أيا كان نوعه.
المذكرة الإيضاحية :
تخول هذه المادة للبائع في السلم حق طلب تعديل السعر إذا استغله المشتري واشترى منه محصولاً مستقبلاً بسعر أو بشروط مجحفة اجحافاً بيناً، ويقع باطلاً كل اتفاق يقصد به اسقاط حق البائع في طلب تعديل السعر في هذه الحالات.
ويتبين مصدر هذا الحكم مما يلي :
1. حكم الغبن المجرد عن الخلابة الخداع والإكراه كما في بيع المسترسل وبيع الركبان لمن يتلقاهم في المذهب الحنبلي والمالكي حيث يحيزان للمغبون فسخ العقد .
وكما في المذهب الحنفي أيضاً عن الغبن المجرد بالنسبة لمال اليتيم والوقف وبيت المال إذا وقع عليهم غبن فاحش في أموالهم بيعاً أو شراء على سبيل الاستثناء وفي هذه الثلاثة من عدم جواز الفسخ للغبن المجرد للحاجة إلى الحمايلة في هذه الجوانب الثلاثة، وهذه الثلاثة ليست واردة بآية قرآن أو حديث نبوي على سبيل الحصر بل هي استثناءات اجتهادية بمقتضى المصلحة الإستحسانية منعاً من استغلال الجانب الضعيف أو المطموع فيه فيمكن أن يلحق بها حالات مماثلة ينظر في هذا مدخل الفقه العام للزرقا حكم الغبن المجرد في بحث عيوب الرضا ج 1 فقرة 189 ، 190 .
2. ان حق المحكمة في تعديل الثمن والشروط المجحفة في هذه الحال بدلاً من البدء بالفسخ هو أخذ بالأدنى في إقامة العدالة مع إحترام إرادة المشتري في اعطاء حق الفسخ في النهاية إن لم يوافقه التعديل وهذا مقبول فقهاً فإن نقل حق الفسخ من طرف إلى أخر في العقد بصورة مضاف فيها حقوق الطرفين قد أخذ به الفقهاء في خيار العيب إذا حدث لدى المشتري عيب جديد حيث قرروا نقل الخيار من المشتري إلى البائع كي لا يتضرر البائع من رد المبيع إليه معيباً بعيب جديد فيخير البائع بين فسخ العقد وإسترداد المبيع معيباً بالعيب الحادث وبين ترك المبيع للمشتري وإعطائه نقصان العيب القديم حفظاً لحقوق الطرفين واحتراماً لإرادتيهما ينظر في هذا باب خيار العيب في كتاب البيع من كتب الفقه الحنفي وفي المجلة المادتين 345 ، 348 .
3. حق القاضي في تحديد سعر البيع في حالة الإحتكار ثم البيع على المحتكر جبراً إذا امتنع ويمكن القياس عليها في حالات المحترفين لشراء المحاصيل المستقبلة من الزراع المحتاجين لأن هؤلاء المحترفين محتكرون لهذا العمل وهم يؤلفون في كل بلد عصبة محتكرة لهذا النوع من التجارة لشراء المحاصيل المستقبلة من الزراع المحتاجين.
وهذه المادة تقابل المادة 538 أردني.

المادة 575
لا يصح أن يكون راس مال السلم والمسلم فيه طعامين أو نقدين ويكفي في غير الطعامين أن يختلفا في الجنس والمنفعة.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة شروط صحة رأس مال السلم والمسلم فيه إذ يجب الا يكونا طعامين أو نقدين ويكفي في غير الطعامين أن يختلفا في الجنس والمنفعة وبدل هذا النص على امتناع أن يكون رأس المال والمسلم فيه طعامين أو نقدين كاسلام قمح في قمح أو في فول وإسلام ذهب في ذهب أو في فضة لأنهما لو كانا طعامين أو نقدين لأدى ذلك إلى ربا النسيئة أو ربا الفضل أو أيهما معاً، وإنما كفى في غيرهما اختلافهما في الجنس أو اختلافهما في المنفعة عند اتحاد الجنس لأن اختلاف الجنس يمنع لزوم الربا واختلاف المنفعة يجعل الجنس الواحد بمنزلة الجنسين.
وهذه المادة مأخوذه من المذهب المالكي مادة 112 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 106 وما بعدها.

المادة 576
1. إذا كان للمسلم فيه وقت معين يظهر فيه وانقطع وجوده فيه عند حلول أجله قبل أن يقبضه المشتري لزمه الانتظار إلى ظهوره ثانيا إن كان تأخير القبض بسبب منه فإن لم يكن بسبب منه خير بين فسخ عقد السلم أو الانتظار إلى ظهوره.
2. وإذا انقطع وجوده بعد قبض المشتري لبعضه وجب الانتظار بالبعض الآخر ما لم يتفق الطرفان على المحاسبة على ما تم قبضه.
المذكرة الإيضاحية :
تواجه هذه المادة الحالات التي يكون فيها للمسلم فيه وقت معين يظهر فيه وتحدد الحكم الواجب اتباعه اذا ما انقطع وجود المسلم فيه وقت حلول اجله وقبل ان يقبضه المشتري إذ يلزم المشتري انتظاره إلى ظهوره ثانياً إن كان تأخير القبض بسبب منه فإن لم يكن بسبب منه خُيّر في فسخ عقد السلم أو الإنتظار إلى ظهوره.
وإذا انقطع وجوده بعد قبض المشتري لبعضه وجب الأنتظار بالبعض الآخر إلا أن يرضيا بالمحاسبة.
وهذه الأحكام مستمدة من المذهب المالكي المادة 114 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 112 .

المادة 577
يتعين أن يكون قضاء المسلم فيه بجنسه ويجوز استثناء قضاؤه اتفاقا بغير جنسه بالشروط الآتية:
أ. أن يكون البدل الذي يقضي به معجلا.
ب. أن يكون هذا البدل مما يصح أن يسلم فيه رأس المال.
ج. أن لا يكون المسلم فيه طعاما.
المذكرة الإيضاحية :
توجب هذه المادة قضاء المسلم فيه بجنسه وتحدد الشروط التي يلزم توافرها لقضاء المسلم فيه استثناء بغير جنسه وحكمة هذه الشروط هي أنه لو كان البدل مؤجلاً لزم عليه فسخ الدين في الدين ولو كان مما لا يصح أن يسلم فيه رأس المال كما لو كان رأس المال طعاماً والمسلم فيه عرضاً قضى بطعام فإن هذا البدل لا يصح ان يسلم فيه رأس المال لئلا يلزم بيع الطعام بالطعام نسيئه، ولو كان المسلم فيه طعاماً وقضى بغير جنسه لزم بيع الطعام قبل قبضه، وهذه اللوازم الثلاثة ممنوعة شرعاً.
وهذه المادة مأخوذه من المذهب المالكي المادة 115 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير ج 2 ص 114 .

المادة 578
إذا حل أجل المسلم فيه وجب على البائع أن يسلمه للمشتري في المكان الذي اتفقا عليه أو في محل عقد السلم إذا لم يشترطا مكانا معينا ولا يلتزم البائع بتسليمه ولا المشتري بتسلمه منه في غيرهما ما لم يتفق على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة المكان الذي يجب فيه على البائع تسليم المسلم فيه عند حلول أجله.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادة 116 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير ج 2 ص 104 .

المادة 579
1. إذا اختلف البائع والمشتري في قدر المسلم فيه أو في قدر أجله ولا بينه لواحد منهما فالقول لمن ادعى القدر الغالب بين الناس فإن لم يوجد قدر غالب قضى بينهما بالقدر الوسط.
2. وان اختلفا في مكان تسليم المسلم منه فالقول لمن ادعى التسليم في محل عقد السلم فإن لم يدعه واحد منهما قضي بتسليمه في سوقه ببلد العقد.
المذكرة الإيضاحية :
تعين هذه المادة الحكم الواجب اتباعه عند اختلاف البائع والمشتري على قدر المسلم فيه أو قدر اجله أو مكان تسليمه، ويعلم من هذه الاحكام أنه إذا كان أكثر الناس يؤجل المسلم فيه بشهرين والأقل يؤجله بشهر كان القول عند الاختلاف في قدر الاجل لمن ادعى تاجيله بشهرين وإذا كان البعض يؤجله بشهرين والبعض بشهر من غير تفاوت بينهما في الكثرة والقلة كان القدر الوسط الذي يقضي به شهراً ونصفاً وإذا كان الأكثر يسلم مائة درهم في أربعة أرادب مثلاً والأقل يسلمها في خمسة كان القول عند الاختلاف في قدر المسلم فيه لمن ادعى أنه أربعة، وانه إذا لم يوجد غالب في المثال السابق فبالقدر الوسط الذي يقضي به أربعة ونصفه.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادة 117 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 103 ، 104 وشرح مجموع الأمير ج 2 ص 132 وبداية المجتهد ج 2 ص 173 ، 174 .

2 بيوع الفضاء
المادة 580
يجوز بيع الفضاء للبناء فيه إذا كان على وجه من الوجوه التالية:
أ. بيع فضاء فوق أرض ولا يتوقف جوازه على وصف ما يبنى فيه.
ب. بيع فضاء فوق بناء بشرط أن يوصف البناء الذي يقام فيه.
ج. بيع فضاء فوق فضاء يقام فيه بشرط أن يوصف كل من البناء السفلي والبناء العلوي فإذا وقع بيع من هذه البيوع الثلاثة ملك به المشتري جميع الفضاء الذي فوق الأرض أو فوق البناء في حدود ما اشتراه من هذا الفضاء ولكن ليس له أن يبني منه أكثر من الذي تم الاتفاق عليه إلا برضاء المالك أو مالك البناء الأسفل.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة الوجوه التي يجوز فيها بيع الفضاء للبناء فيه وأثر هذا البيع وبيع الفضاء فوق أرض كأن يقول بعني مائة ذراع من الفضاء الذي فوق أرضك لأبني فيه بيتاً ولم يشترط في جوازه وصف البناء الذي يقام فيه لأن الأرض لا تتأثر بالبناء فوقها فلا غرر في عدم وصفه.
وبيع الفضاء فوق بناء كأن يقول انسان لصاحب بناء بعني مائة متر من الفضاء الذي فوق بنائك لأبني فيه بيتاً واشترط في جوازه وصف البناء الذي يقام فيه.
وبيع فضاء فوق فضاء يقام فيه بناء كأن يقول انسان لصاحب أرض يريد البناء عليها بعني مائة متر من الفضاء الذي فوق ما تبنيه بأرضك لابني فيه بيتاً، وشرط في جواز هذا النوع والذي قبله وصف البناء للخروج من الغرر لأن صاحب البناء الأسفل وهو البائع يرغب في ضخامة بنائه وقوة البناء الأسفل لضمان بنائه فرغبتهما مختلفة فإذا وصف كل منهما انتفى الغرر.
ويترتب على ملك المشتري لجميع الفضاء أنه ليس لصاحب الأرض أو البناء الأسفل أن يبني في الفضاء الذي فوق بناء المشتري أو يبيعه.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادة 3 من مشروع التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 3 ص 13 والشرح الصغير ج 2 ص 10 .

المادة 581
بيع الفضاء محمولاً على التأبيد ويترتب عليه ما يأتي :
1. انه لا ينفسخ بانهدام البناء السفلي أو البناء العلوي.
2. انه يجب على صاحب البناء السفلي إعادة بنائه إن تهدم وترميمه إن وهن ولصاحب البناء العلوي بإذن من صاحب البناء السفلي أو الفضاء إعادة بنائه.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة قاعدة تأبيد بيع الفضاء والآثار المترتبة عليه.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادة 35 من مشروع التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 3 ص 13 .

3 بيع الجزاف
المادة 582
1. بيع الجزاف هو بيع ما يكال أو يوزن أو يعد بدون كيل أو وزن أو عد اكتفاء بتقديره إجمالا ويتم البيع جزافا ولو كان تحديد الثمن يتوقف على مقدار المبيع.
2. ويشترط في جواز البيع الجزاف ما يأتي:
أ. أن يكون المشتري قد رآه حال العقد عليه أو رآه قبل العقد رؤية لا يتغير بعدها عادة إلى وقت العقد عليه إلا أن يكون في رؤيته فساد له فيكفي العلم بصفته.
ب. أن يجهل المتبايعان قدر كيله أو وزنه أو عدده مع إمكان تقديره إجمالا فإن ثبت لأحدهما حين العقد أن الطرف الآخر كان يعلم بقدر المبيع فسد العقد وان علم بعلم الأخر بذلك بعد العقد خير بين رد البيع أو إمضائه
المذكرة الإيضاحية :
تعرف هذه المادة بيع الجزاف وتوضح الشروط اللازمة لجوازه والجزاف مثلت الجيم لفظ فارسي معرب وهو أسم من جازف جزافاً ومجازف من باب قاتل وهو القول والفعل بلا ضابط ومنه أخذ بيع الجزاف لأنه بيع بغير ضابط من كيل ونحوه.
ومثال ما في رؤيته فساد له كغلال خل أو زيت مختومة يفسدها فتحها لرؤية ما فيها أو ذوقانه ونحو ذلك، وإنما فسد بيع الجزاف إذا علم أحد المتبايعين بعلم الآخر بقدر المبيع حين العقد لتعاقدهما على الغرر به لأن كل واحد قصد خديعة الآخر.
والأصل في بيع الجزاف المتبع الجهل بالمبيع لأن الأصل في بيع ماله معيار شرعي أو عرفي أن يباع بمعياره ولكن اجازه الشارع دفعاً لمشقة كيله أو وزنه أو عده كما هو الشأن فيما جرت العادة ببيعه جزافاً .
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادة 37 من مشروع التقنين المالكي كما استمدت حكم الفقرة الأولى من المواد 217 ، 218 من المجلة، والمادتين 309 ، 310 من مرشد الحيران الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 12 والشرح الكبير وحاشيته ج 3 ص 17 ومواهب الجليل ج 4 ص 285 .
وهذه المادة تقابل المادة 429 مصري.

4 بيوع الآجال
المادة 583
من باع شيئا بثمن مؤجل جاز له أن يشتريه بثمن حال أو مؤجل ممن باعه له إلا إذا اختلف البيعان في الثمن والأجل وكان دفع الثمن الأقل سابقا على دفع الثمن الأكثر وفي هذه الحالة يفسخ البيع الثاني إن كان المبيع قائما فإن لم يكن قائما فسخ البيعان.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة لمن باع شيئاً بثمن مؤجل أن يشتريه ممن باعه له بثمن حال أو مؤجل . وتحظر هذه الشراء في حالات محددة تتوفر فيها شبهة الربا وتحدد الأثر المترتب على مخالفة هذا الحظر، ويطلق على هذا النوع من البيوع في كتب الفقة بيوع الآجال لأشتمال اكثر صورها على اجلين والصور المختلفة منها ثلاث وهي التي أشير إلى ضابطها في النص المتقدم في الإستثناء ويمكن جمعها في مثال واحد كما لو باع انسان سلعة بعشرة مؤجل لشهر ثم اشتراها من المشتري بثمانية نقداً أو اشتراها منه بثمانية لأجل أقرب من شهر أو اشتراها منه بأثنى عشرة لأجل أبعد من شهر وعلة المنع في هذه الصور هي تهمة قصد السلف بالزيادة، لأن السلعة في البيع الثاني رجعت على صاحبها وآل الأمر إلى أن دافع القليل من المتبايعين أسلفه قليلاً يأخذ عنه كثيراً والمسلف منها في الصورتين الأوليين هو البائع الأول وفي الصورة الثالثة هو البائع الثاني، وأما ما عدا هذه الصور من صور بيوع الأجال فجائز إذا لا يتصور فيها تهمة سلف بزيادة.
هذا وقد انفرد المالكية يقولهم بامتناع بيوع الآجال في الصور المتقدمة بناء على قولهم بقاعدة سد الذرائع وأما غيرهم فقالوا بجوازها مطلقاً لأنهم يحملون هذه البيوع على ظاهرها ولا يتهمون المتبايعين بقصد السلف بالزيادة ولا يرون الحكم بالذرائع كما في مواهب الجليل ج 3 ص 389 والمقدمات لابن رشد ج 2 ص 210 .
وفي شرح التاج والأكليل ماخلاصته : قال أبو عمران أبي جماعة من فقهاء المدينة وغيرها منع بيوع الآجال ولم يروا فسخ صفقة ظاهرها حلال لأجل ظن يخطئ ويصيب لأن الأحكام الشرعية مبنية على المكائن لا على الظنون، وقال ابن عبدالسلام : اكثر العلماء لا يقولون بسد الذرائع لا سيما في البيع، وبيوع الآجال ليس فيها تصريح باشتراط السلف مع البيع أو تصريح بالسلف بزيادة وإنما هو أمر يتهم فيه المتبايعان ويستند في تلك التهمة على جريان العادة بقصد التوصل لبيوع الاجال إلى سلف بزيادة ثم قالوا هب ان تلك العادة وجدت في قوم في المائة الثالثة فلم قالوا بوجودها في المائة السابعة والتزموا ببناء الحكم عليها من ان العوائد تتغير بتغير الزمان والمكان ثم قالوا وانا أتوقف في الفتيا في هذا الباب وفيما اشبهه من الأبواب في الكتب من المسائل المبنية على العادات التي مر عليها مئات السنين لأن تلك العوائد التي هي شرط في هذه الأحكام لا يعلم وجودها الآن لتغيرها بتغير الزمان والقاعدة المقررة كما في كتاب الذخيرة ان كل حكم رتب على عادة أو عرف يزول عند زوال تلك العادة ويتغير إذا تغير ذلك العرف، هذا حاصل ما في شرح التاج مع زيادة التوضيح.
ومما تقدم يتضح أن القول بامتناع بعض صور بيوع الآجال كما جاء في النص المتقدم مبني على أساس ضعيف وان الظاهر هو مذهب القائلين بجوازها مطلقاً.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي المادة 57 من مشروع التقنين المالكي مجموع الأمير ج 2 ص 107 والقوانين الفقهية ص 261 والشرح الصغير ج 2 ص 46 ، 49 وشرح التاج والأكليل بهامش مواهب الجليل ج 4 ص 388 .

5 بيع العينة
المادة 584
بيع العينة هو بيع يتم بين من نصب نفسه لطلب شراء السلع وليست عنده وبين طالب السلعة فإذا طلبت منه سلعة فإنه يشتريها ويبيعها لمن طلبها منه بزيادة على ثمن شرائه لها وهو بيع جائز إلا أن يؤدي إلى سلف بزيادة وذلك إذا أعاد المطلوب منه بيع السلعة لطالبها بثمن آجل يزيد على ثمن الشراء المتفق عليه بينهما وإذا وقع البيع بهذه الصورة فسخ الشراء الثاني ولزمت السلعة بالثمن المتفق عليه بينهما في الشراء الأول مضافا إليه الأقل من أجر القيام بمثل هذه الصفقة ومن الربح
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة بيع العينة بشرط عدم انطوائه على ربا، وسمي هذا النوع من البيوع بيوع العينة بكسر العين لأن البائع أعان طالب السلعة على الحصول عليها، ومثال بيع العينة الذي يؤدي إلى تهمة سلف بزيادة أن يقول طالب السلعة لواحد من أهل العينة، اشترها لي بعشرة نقداً وأنا اشتريها منك بأثنى عشرة مؤجلة لشهر فكأن المطلوب منه أسلف طالب السلعة عشرة يأخذ عنها بعد الأجل أثنا عشرة فهذا البيع لا يجوز وإذا وقع فسخ الشراء الثاني وهو شراؤها بأثنى عشر ولزمت السلعة من طلبها بثمن الشراء الأول وهو عشرة مضافاً إليه الأقل من أجر القيام بمثل هذه الصفقة ومن الربح ويحدد الربح في هذه الحالة بالربح المقدر من الجهة المختصة ان وجد فإن لم يكن مقدراً على هذا النحو أخذ بالربح المعتاد، وبطبيعة الحال إذا لم يتفق الطرفان على تحديد الربح المعتاد كان للقاضي أن يقدره بعد الأستعانة بأهل الخبرة.
ويقال في مبنى عدم جواز هذا البيع وهو تهمة السلف بزيادة ما قيل في مبنى المنع في بيوع الأجال على الوجه المشار إليه في النص السابق.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادة 58 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير ج 2 ص 50 والشرح الكبير ج 3 ص 79 . ماجاء بالمذكرة الإيضاحية للمادة السابقة.

6 بيع الطعام وغيره قبل قبضه
المادة 585
يجوز لمن ملك شيئا بشراء أو غيره أن يبيعه قبل قبضه ممن كان يملكه إلا أن يكون طعام معاوضة فلا يجوز لمن اشتراه على الكيل أن يبيعه قبل قبضه بالكيل فإن اشتراه جزافا جاز له بيعه قبل قبضه.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة الحالات التي يجوز فيها بيع الطعام وغيره قبل قبضه، وطعام المعاوضة هو ما ملك بعوض سواء كان ذلك الطعام ربوياً كالقمح أو غير ربوي كا لتفاح، وضابط عدم جواز بيع طعام المعاوضة قبل قبضه أن يتولى عليه عقداً بيع لم يتخللها قبض. وإنما منع بيع طعام المعاوضة قبل قبضه لأنه لا يدخل في ضمان المشتري الا بقبض الإستيفاء وجاز بيعه في صورة الجزاف لدخوله في ضمانه بمجرد العقد عليه.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي مادة 59 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير ج 2 ص 81 ومجموع الأمير ج 2 ص 124 والقوانين الفقهية 249 .

7 بيع الثمار
المادة 586
1. يجوز بيع الثمار وإن لم يبد صلاحها أن بيعت مع أصولها ولا يجوز بيعها منفردة عن أصولها إلا إذا بدا صلاحها أو صلاح بعضها ويكون بدو الصلاح بالتهيؤ للنضج وصلاحيتها للإطعام أو الانتفاع بها.
2. وإذا كانت أصول الثمار مما يطعم بطونا في السنة جاز بيع البطون إذا بدا صلاح البطن الأول منها أن اتصلت البطون ولم يتميز بعضها عن بعض فإن تميزت فلا يجوز بيع البطن الثاني إلا إذا بدا صلاحه
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة الحالات التي يجوز فيها بيع الثمار وإن لم يبد صلاحها.
كذلك الحالات التي يجوز فيها بيع بطون الثمار وبيع الثمار مع أصولها يشمل بيعهما في عقد واحد وبيعهما في عقدين كما لو اشترى الأصول ثم اشترى بعد ذلك ثمارها.
وإنما صح بيع الثمار قبل بدو صلاحها على الوجه المذكور في النص لأنها إذا بيعت مع أصولها في عقد واحد أو ألحقت بها في عقد آخر صارت بذلك تابعة للاصول في البيع.
والمراد بالثمار هنا ما يشملها المأكول كالعنب والتين والتفاح والمقاثئ والبطيخ والخضروات والبقول كالبصل والجزر ونحوهما وغير المأكول كالزهور.
والأصول التي تطعم بطونا في السنة كالموز والمقاثئ وبعض الخضروات.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادة 44 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير ج 2 ص 94 وما بعدها والقوانين الفقهية ص 252 .

المادة 587
إذا أصيبت الثمار بعد بيعها بجائحة لا يستطاع دفعها عادة كان من حق المشتري طلب تخفي ض الثمن بما يعادل ما أصابته الجائحة إذا حصلت الإصابة قبل تمام نضجها وجنيها المعتاد وبلغت قيمة ما أصابته ثلث قيمة الثمار فأكثر إلا إذا كانت الجائحة بسبب العطش فيستنزل من الثمن قيمة ما أصابته الجائحة ولو قلت قيمته عن الثلث.
المذكرة الإيضاحية :
تعين هذه المادة حقوق المشتري إذا أصيب الثمار بعد بيعها بجائحة لا يستطاع دفعها عادة والمقصود بالثمار في هذا النص هو المراد به في النص السابق وإنما وضعت جائحة العطش عن المشتري ولو قلت عن الثلث لأن سقي الثمار على البائع فأشبهت المبيع الذي فيه حق توفيه، والمبيع الذي فيه حق توفيه للمشتري لا يدخل في ضمانه إلا بعد استيفائه له والإستيفاء هنا لم يتحقق بسبب العطش.
ووضع جائحة الثمار عن المشتري مبني على ما يأتي في ضمان المبيع من أن ضمان الثمار المبيعة يكون من البائع إلى كمال طيبها وأمن جوائحها ولو قبضها المشتري.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادة 45 من مشروع التقنين المالكي القوانين الفقهية ص 253 وبداية المجتهد ج 2 ص 155 ، 157 والشرح الصغير ج 2 ص 157 والشرح الكبير ج 3 ص 164 وما بعدها.

8 بيع الأر ض المزروعة والمبذورة.
المادة 588
1. إذا كان بالأرض المبيعة زرع لا يحصد إلا مرة واحدة بقي للبائع إلى أول وقت أخذه ما لم يشترطه المشتري لنفسه.
2. وإذا كان بالأرض المبيعة زرع يجذ مرة بعد أخرى أو تتكرر ثمرته فأصله للمشتري والجذة أو الجنية الظاهرة للبائع وعليه قطعها في الحال ما لم يشترطها المشتري لنفسه وعليه قطعها في الحال.
المذكرة الإيضاحية :
إذا كان بالأرض المبيعة زرع لا يحصد إلا مرة واحدة سواء نبت هذا الزرع أو كبُرّ وشعير وعدس ونحوها فهو للبائع فلم يدخل في البيع لأنه مودع في الأرض يراد للنقل فأشبه الثمرة المؤبرة ويبقى للبائع إلى الحصاد بلا أجرة عليه ويأخذه أول وقت أخذه. وإن كان بقاؤه أنفع له وعليه إزالة ما يبقى من عروقه المضرة بالأرض.
كما أن عليه تسوية الحفر، هذا ما لم يشترطه المشتري لنفسه فإن اشتراطه فهو له، لأنه بالشرط يدخل تبعاً للأرض.
وإن ظن مشتري الأرض دخول زرع البائع أو ثمر على شجر وأدعى الجهل به ومثله يجهله فله الفسخ لأنه يفوت عليه منفعة الأرض والشجر عاماً وان اختار الامساك فلا أرض له.
وإذا كان بالأرض المبيع زرع يجذ مرة أخرى كالنعناء والكرات أو تتكرر ثمرته كالقثاء والباذنجان أو يتكرر زهره بالبنفسج والنرجس فالأصول من جميع ذلك للمشتري لأنه تراد للبقاء أشبه الشجرة والجذة الظاهرة واللقطة والزهر الظاهر للبائع لأنه يبقى مع بقاء أصله أشبه ثمر الشجر المؤبر وعلى البائع قطع ما يستحقه منه في الحال لأن ذلك ليس له حد ينتهي إليه وربما ظهر غير ما كان ظاهراً فلا يمكن تميز حق كل منهما.
هذا إذا لم يشترطه المشتري لنفسه فإن اشترطه كان له عملاً بالشرط.
وهذه المادة مستمدة من المذهب الحنبلي المادة 134 من مشروع التقنين الحنبلي كشف القناع ص 107 ، 108 ومنتهى الإرادات ص 68 ، 70 .

المادة 589
1. إذا بيعت الأرض المبذورة فإن كان البذر مما يحصد نباته مرة واحدة فهو للبائع كالنبات وان جهل المشتري ان بها بذراً حين العقد فله الخيار بين الفسخ أو الإمضاء بلا ضمان.
2. أما إذا كان البذر مما يجذ نباته مرة بعد أخرى أو تتكرر ثمرته أو يبقى أصله فهو للمشتري
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حقوق البائع والمشتري إذا كانت الأرض المبيعة مبذورة .
فإذا كان بالأرض المبيعة بذر وكان البذر مما يحصد نباته مرة واحدة كالبر والشعير فهو للبائع كالنبات إذا كان المشتري عالماً بوجود البذر بالأرض أما إذا كان جاهلاً بوجوده فهو بالخيار بين الفسخ لفوات منفعة الأرض عليه وبين الأمضاء بلا ضمان لأنه لا نقص بالأرض. 
أما إذا كان المبذور مما يجذ ثمره مرة بعد أخرى كبذر قثاء أو باذنجان أو كان البذر مما يبقى أصله كشجر أو كان ممن يجذ نباته مرة بعد أخرى كبرسيم فهو للمشتري تبعاً للأرض فإنه يتبعها لو كان ظاهراً فأولى ان كان مستوراً لأنه يترك فيها للبقاء فإذا كان مما يبقى أصله لا يقصد منه البقاء كالشتل فهو للبائع.
وهذه المادة مستمدة من المذهب الحنبلي المادة 135 من مشروع التقنين الحنبلي.

9 صورة من بيع النخل والشجر
المادة 590
1. إذا بيع نخل تشقق طلعه أو شجر بدا ثمره أو ظهر من نوره أو خرج من أكمامه فما تشقق أو ظهر فهو للبائع متروكا إلى الجذاذ وما بيع قبل ذلك فهو للمشتري والقول قول البائع بيمينه في بدو ذلك وتشققه.
2. ولكل من البائع والمشتري أن يشترط لنفسه ما لصاحبه كله أو بعضه
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حقوق البائع والمشتري في بيع النخل الذي تشقق طلعه أو الشجر الذي بدأ ثمره أو ظهر من نوره أو خرج من أكمامه، فإذا بيع نخل تشقق طلعه ولو لم يُلقح أو بيع شجر بدأ ثمره كعنب وتين أو ظهر من نوره كمشمش وتفاح أو خرج من أكمامه كورد وقطن فما تشقق من الطلع أو ظهر من الثمر فهو للبائع متروكاً إلى الجذاذ للحديث الشريف من ابتاع نخلاً بعد ان تؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع وعلم منه أن ما بيع قبل ذلك فهو للمشتري لأنه جعل التأبير حداً لملك البائع للثمرة، والنص على التأبير والحكم منوط بالتشقق لملازمته له غالباً ويترك إلى الجذاذ لأن تخلية المبيع بحسب العرف والعادة كدار فيها أطعمة أو متاع لم يجب نقله إلا حسب العادة في ذلك وهو أن ينقله نهاراً شيئاً بعد شيء ولا يلزمه النقل ليلاً ولا جمع دواب البلد لنقله، كذلك تفريغ النخل من الثمرة وان تفريغها وهو أوان جذاذها هذا إذا لم يشترط المشتري على البائع قطعه في الحال فإن شرط قطعه وكذلك إذا تضرر النخل ببقائه قطع لأن الضرر لا يزال بالضرر وقيس ما تشقق من الطلع على ما بدا من الثمار لأن بدوره بمثابة تشقق الطلع والقول قول البائع في بدو الثمر قبل العقد لتكون باقية له لأن الأصل عدم انتقالها عنه وعليه اليمين.
ويصح لكل من البائع والمشتري أن يشترط لنفسه ما لصاحبه كله أو بعضه فلو شرط للمشتري أن يكون له ما تشقق من الطلع أو بدا من الثمر جاز كذلك إذا شرط البائع لنفسه الطلع الذي لم يتشقق والثمر الذي لم يظهر جاز لما مر في الحديث.
وهذه المادة مأخوذة من المذهب الحنبلي المادة 136 من مشروع التقنين الحنبلي كشاف القناع ص 109 ، 110 منتهى الإرادات ص 71 ، 73 والشرح الكبير ص 191 .

المادة 591
1. يعتبر تشقق بعض الطلع في النخلة أو بدو بعض الثمر في الشجرة الواحدة تشقق وبدو لجميع طلعها وثمرها.
2. أما إذا تعددت النخيل أو الأشجار وتشقق بعضها دون الآخر أو ظهر ثمر بعضها دون الآخر فلكل حكمه
المذكرة الإيضاحية :
تعتبر هذه المادة تشقق بعض الطلع في النخلة أو بدو بعض الثمر في الشجرة الواحدة تشققاً وبدواً لجميع طلعها وثمرها إلا إذا تعددت النخيل أوالأشجار وتشقق بعضها دون الآخر أو ظهر ثمر بعضها دون الآخر فإن لكل حكمه.
وهذه المادة مستمدة من المذهب الحنبلي المادة 137 من مشروع التقنين الحنبلي كشاف القناع ص 111 ومنتهى الإرادات ص 72 .

10 بيع ما مأكوله في جوفه
المادة 592
يجوز بيع ما مأكوله في جوفه والحب المشتد في سنبله في ساترهما.
المذكرة الإيضاحية :
أجازت هذه المادة بيع ما مأكوله في جوفه والحب المشتد في سنبله، ومثال ذلك بيع الجوز واللوز والباقلاء والحب المشتد كالبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، فمفهومه اباحة بيعه إذا بدأ صلاحه وابيض سنبله ولانه مستور بحائل من أصل خلقته فجاز بيعه كالرمان والبيض ولان الحاجة تدعو إلى بيعه كذلك لكونه يفسد إذا أخرج من قشره ويلحق بالبيع ما حوى الثمرة كذا يصح بيع الحيوان المذبوح في سلخه.
وهذه المادة مستمدة من المذهب الحنبلي المادة 20 من مشروع التقنين الحنبلي كشاف القناع ص 224 والشرح الكبير ج 4 ص 32 ، .33

المادة 593
1. من اشترى ما مأكولة في جوفه وكسره فوجده فاسدا ولا قيمة لمكسورة رجع بكل الثمن إذا كان الفساد في الكل أو ما يقابل الفاسد إذا كان الفاسد في البعض.
2. وإذا كان المكسور له قيمة خير بين الإمساك مع الضمان أو الرد مع ما نقص بكسره فإن تلف المبيع وجب الضمان للمشتري .
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حقوق المشتري إذا كسر ما مأكوله في جوفه فوجده فاسداً كله أو بعضه وسواء كان لمكسوره قيمة أو لا، فإذا بيع ما مأكوله في جوفه كبيض دجاج أو بطيخ لا قيمة لمكسوره فكسره المشتري فوجده فاسداً رجع بالثمن كله لأن العقد يفسد من أصله لكونه وقع ما لا نفع فيه كبيع الحشرات وليس على المشتري رد المبيع الفاسد إلى البائع لأنه لا فائدة فيه. فإذا كان الفساد في بعضه رجع بقسطه من الثمن، فإن كان الفاسد النصف رجع بنصف الثمن وهكذا .
وإذا بيع ما مأكوله في جوفه وكان لمكسوره قيمة كبيض نعام وجوز هند وكسره المشتري فوجده فاسداً خير بين الإمساك مع أخذ الأرش والرد مع نقص بكسره عنده ولو كان الكسر بقدر الإستعلام لأنه عيب حدث عنده فإن كسره المشتري بطريقة لا تبقي على قيمته تعين الأرش وسقط الرد لتعذره بإتلاف المبيع.
وهذه المادة مستمدة من المذهب الحنبلي المادة 20 من مشروع التقنين الحنبلي كشاف القناع ص 64 ، 65 ومنتهى الإرادات ص 40 ، .41

11 المخارجة
المادة 594
المخارجة هي بيع الوارث لنصيبه في التركة بعد وفاة المورث لوارث آخر أو أكثر بعوض معلوم ولو لم تكن موجودات التركة معينة.

المادة 595
1. ينقل عقد المخارجة نصيب البائع في التركة إلى المشتري ويحل المشتري محل البائع في هذا النصيب.
2. ولا يشمل عقد المخارجة كل مال يظهر للميت بعد العقد ولم يكن المتخارجان على علم به وقت العقد. كما لا يشمل الحقوق التي للتركة على المتخارجين أو على أحدهم ولا الحقوق التي عليها لهم أو لأحدهم.

المادة 596
لا يضمن البائع للمشتري غير وجود التركة وثبوت حصته فيها إذا جرى العقد دون تفصيل مشتملات التركة.
المذكرة الإيضاحية :
تعرف هذه المادة عقد المخارجة وتحدد أثاره ونطاق ضمان البائع.
وهذه الأحكام مستمدة من فصل التخارج من الجزء الرابع من الدر المختار ورد المحتار ص 481 إلى 483 وص 40 ، 41 من شرح علي حيدر بعد المادة 1551 من المجلة ج 4 بعنوان ملحق في حق صلح بعض الورثة مع البعض الآخر في أموال التركة.
وهذه المادة تقابل المواد 539 541 أردني، 441 444 سوري.

12 البيع في مرض الموت

المادة 597
1. مرض الموت: هو المرض الذي يعجز فيه الإنسان عن متابعة أعماله المعتادة ويغلب فيه الهلاك ويموت على تلك الحال قبل مرور سنة فإن امتد مرضه سنة أو أكثر وهو على حالة واحدة دون ازدياد تكون تصرفاته كتصرفات الصحيح.
2. ويعتبر في حكم مرض الموت الحالات التي يحيط بالإنسان فيها خطر الموت ويغلب في أمثالها الهلاك ولو لم يكن مريضا
المذكرة الإيضاحية :
تعرف هذه المادة مرض الموت وما يعتبر في حكمه.
وهذ المادة مستمدة من الدر المختار ورد المحتار في باب اقرار المريض ج 4 ص 461 والمواد 393 ، 1595 ، 1593 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي والبند 297 من العقود المسماة للأستاذ الزرقا.
وهذه المادة تقابل المادتين 543 أردني، 445 سوري.

المادة 598
إذا باع المريض شيئا من ماله لأحد ورثته طبقت عليه أحكام المادة التالية.

المادة 599
1. إذا باع المريض لأجنبي بثمن المثل أو بغن يسير كان البيع نافذا دون توقف على إجازة الورثة.
2. وإذا كان هذا البيع بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت كان البيع نافذا في حق الورثة متى كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تجاوز ثلث التركة داخلا فيها المبيع ذاته.
3. أما إذا جاوزت هذه الزيادة ثلث التركة فلا ينفذ البيع ما لم يقره الورثة أو يكمل المشتري ثلثي قيمة المبيع وإلا كان للورثة فسخ البيع.

المادة 600
لا ينفذ بيع المريض لأجنبي بأقل من قيمة مثله ولو بغن يسير في حق الدائنين إذا كانت التركة مستغرقة بالديون وللمشتري دفع ثمن المثل وإلا جاز للدائنين فسخ البيع.

المادة 601
1. لا يجوز فسخ بيع المري ض إذا تصرف المشتري في المبيع تصرفا أكسب من كان حسن النية حقا في عين المبيع لقاء عوض.
2. وفي هذه الحالة يجوز لدائني التركة المستغرقة بالديون الرجوع على المشتري من المريض بالفرق بين الثمن وقيمة المبيع وللورثة هذا الحق إن كان المشتري أحدهم أما إذا كان أجنبيا فعليه رد ما يكمل ثلثي قيمة المبيع للتركة.

المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المواد حكم بيع المريض مرض الموت .
وهذ المواد مستمدة من الدر المختار ورد المحتار ج 5 ص 435 والمواد 53 ، 393 ، 395 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي والمواد من 358 361 من مرشد الحيران وقد ساوى المشرع بين الوارث والأجنبي في بيع المريض مرض الموت أخذاً بجواز الوصية لوارث.
وهذه المواد تقابل المواد 544 547 أردني، 445 446 سوري.

13 بيع النائب لنفسه
المادة 602
لا يجوز لمن له النيابة عن غيره بنص في القانون أو باتفاق أو أمر من السلطة المختصة أن يشتري بنفسه مباشرة أو باسم مستعار ولو بطريق المزاد ما نيط به بمقتضى هذه النيابة وذلك مع مراعاة أحكام القوانين الخاصة.

المادة 603
لا يجوز للوسطاء أو الخبراء أن يشتروا بأسمائهم أو باسم مستعار الأموال التي عهد إليهم في بيعها.
المذكرة الإيضاحية :
حظرت هاتان المادتين على من يكون نائباً عن غيره سواء كانت نيابة قانونية أو بإتفاق أو أمر من السلطة المختصة أن يشتري بنفسه أو بإسم مستعار ولو بطريق المزاد ما طلب منه النيابة فيه والإشراف عليه رعاية للمصلحة وحفظاً للأمانة على أن تراعى في ذلك أحكام قانون الأحوال الشخصية، ويسري ذات الحكم على الوسطاء أو الخبراء، وفي ذلك كله صيانة للحقوق ورعاية للأمانة.
وقد استمد حكم هاتين المادتين من المواد 34 ، 35 ، 85 ، 96 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 548 ، 549 أردني، ومن 447 - 449 سوري و 588 ، 592 عراقي.

المادة 604
استثناء من الأحكام الواردة في المادتين السابقتين يجوز للنائب أو الوسيط أو الخبير الشراء لنفسه إذا أذن له الموكل أو صاحب الشأن في ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
استثناء من أحكام الحظر السابقة أجازت هذه المادة للنائب أو الوسيط أو الخبير الشراء لنفسه إذا اذن له الموكل أو صاحب الشأن في ذلك.
وهذا الحكم مستمد من المذهبين المالكي والحنبلي، السنهوري باشا، مصادر الحق في الفقه الإسلامي ج 5 ص 252 ، 256 .

14 بيع ملك الغير
المادة 605
إذا باع شخص ملك غيره بغير إذنه انعقد بيعه متوقفا على إجازة المالك.

المادة 606
إذا أقر المالك البيع سري العقد في حقه ونفذ في حق المشتري كما ينفذ العقد إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هاتان المادتان حكم بيع ملك الغير فهو ينعقد متوقفاً على اجازة المالك ولا ينفذ في حق المشتري إلا إذا أقره المالك أو آلت ملكية المبيع إلى البائع.
والفضولي هو من يتصرف في حق غيره بغير إذن شرعي، وحكم بيع الفضولي أنه ينعقد موقوفاً على إجازة من يملك العقد إن كان له مجيز أي من يقدر على اجازته حالة العقد كصبي غير مأذون باع مثلاً بيعاً يجوز عليه لو فعله وليه في صغره ثم بلغ قبل اجازة وليه فأجازه بنفسه جاز لأن له ولياً يجيزه حالة العقد، وكان الصغير فضولياً هنا مع أنه يتصرف في حق نفسه لأن مباشرة العقد حق الولي ولو لم يكن له مجيز وقت العقد فلا ينعقد بيعه أصلاً كصبي باع مال محاباة فاحشة وهاتان المادتان مستمدتان من المواد 111 ، 303 ، 304 من المجلة، 394 ، 397 من مرشد الحيران، 149 ، 150 من التقنين الحنفي، المادة 13 من مشروع التقنين الحنبلي ابن عابدين ج 4 ص 147 ، 148 كشاف القناع ص 11 ، 12 والشرح الكبير ص 16 .


الفرع الثالث
المقايضة

المادة 607
المقايضة هي مبادلة مال أو حق مالي بعوض غير النقود.

المادة 608
يعتبر كل من المتبايعين في بيع المقايضة بائعا ومشتريا في وقت واحد.

المادة 609
لا يخرج المقايضة عن طبيعتها إضافة بعض النقود إلى أحد السلعتين للتبادل.

المادة 610
مصروفات عقد المقايضة ونفقات التسليم وما ماثلها تكون مناصفة بين طرفي العقد ما لم يتفق على غير ذلك.

المادة 611
تسري أحكام البيع على المقايضة فيما لا يتعارض مع طبيعتها
المذكرة الإيضاحية :
تعرف هذه المادة المقايضة وتحدد أحكامها وتقرر القاعدة العامة في سريان أحكام البيع عليها فيما لا يتعارض مع طبيعتها، وبما أن كلا من البدلين في المقايضة يعتبر له حكم المبيع فتعتبر فيها شرائط المبيع وأحكامه، وبما أن نفقات البيع العادي تقسم بين المشتري والبائع فيما يتعلق بالثمن يلزم المشتري وما يتعلق بالمبيع يلزم بمقتضى المادتين 188 ، 189 من المجلة لذلك ذكر في المشروع أن مصرفات العقد تقسم مناصفة بين الطرفين تحقيقاً لما ورد في المادتين المشار إليهما إلا إذا اتفق الطرفان على غير ذلك وبما ان الحاجة قد تقضي بإضافة بعض النقود إلى احدى السلعتين لتعادل التبادل فإن ذلك لا يخرج المقايضة عن طبيعتها قياساً على ما ورد في المادة 1127 من المجلة يراجع في ذلك أيضاً البندان 312 ، 313 من العقود المسماة للأستاذ الزرقا.
وهذه المواد تقابل المواد من 552 556 أردني ومن 450 ، 453 سوري، ومن 597 600 عراقي.

الفرع الرابع
بيوع ومقايضات منهي عنها

المادة 612
لا يجوز بيع ما يأتي أو المقايضة عليه:
1. المستور في الأرض حتى يقلع ويشاهد.
2. عسب الفحل.
المذكرة الإيضاحية :
تحظر هذه المادة بيع أو المقايضة على المستور في الأرض حتى يقلع ويشاهد وعسب الفحل، ومثال بيع المستور في الأرض الجزر والقلقاس والفول السوداني لأنه مبيع مجهول لم يُر ولم يُوصف، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر.
وأما عسب الفحل فلا يصح بيعه لحديث سعيد بين الحسيب عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المضامين والملاقيح قال أبو عبيد الملاقيح ما في البطون وهي الأجنة والمضامين ما في أصلاب الفحول ويطلق عسب الفحل على ما في ثلاثة الماء والضراب والأجرة على الضراب، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع عسب الفحل بمعاينة الثلاثة فعلى انه الماء يكون النهي عن بيعه وعلى أن الضراب يكون النهي عن اجازته وعلى أنه اجرة يكون النهي عن أخذها لا إعطائها .
وعلى كل فالعقد سواء أكان بيعاً أم اجارة لما ري عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع عسب الفحل، رواه البخاري وعن جابر نهى الرسول عن بيع ضراب الجمل رواه مسلم، قال بن عقيل ويحتمل عندي جواز الاجارة لأنها عقد على منافع الفحل ونزوة وهذه منفعة مقصودة والماء تابع والغالب حصوله عقب نزوة فيكون كالعقد على الفحل ليحصل اللبن في بطن الصبي.
وهذه المادة مستمدة من المذهب الحنبلي المادة 21 ، 22 من مشروع التقنين الحنبلي المغني ص 277 ، 278 كشف القناع ص 19 .

المادة 613
يحرم البيع والمقايضة ويقعا فاسدان في الحالات الآتية:
1. إذا كان العاقدان أو أحدهما ممن تلزمه الجمعة ووقع العقد بعد الشروع في النداء الذي عند المنبر حتى تنقضي الصلاة.
وكذا إذا كان العاقدان أو أحدهما ممن تلزمه الصلاة المكتوبة ووقع العقد بعد أن تضايق وقتها بحيث لم يبق منه إلا ما يسعها إلى أن ينتهي وقتها ويجوز العقد في هذه الحالات إذا دعت إليه حاجة أو ضرورة.
2. وإذا وقع العقد على عين لاستعمالها في معصية وعلم أحد المتعاقدين ذلك من الآخر ولو بقرينة.
3. إذا باع المسلم على بيع المسلم أو اشترى على شرائه أو قايض على مقايضته في زمن أحد خياري المجلس والشرط.
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه المادة الحالات التي يحرم فيها البيع والمقايضة،
والتحريم في الحالة الأولى لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذلك الله وذروا البيع والنهي يقتضى الفساد ويقاس على هذا الوقت وقت لزوم السعي إلى الجمعة لمن منزله بعيد بحيث ان يدركها. كما لا يصح البيع إذا تضايق وقت الصلاة المكتوبة بحيث لم يبق من الوقت إلا ما يسعها قياساً عليه .
وكذا سائر الصناعات فإنها تحرم في هذه الأوقات التي حُرم فيها البيع أما من لا تجب الجمعة عليه من النساء والمسافرين ومن لا تجب عليه الصلاة كحائض ونفساء فلا يثبت في حقها هذا الحكم فيصح منه البيع والشراء وإن كان أحد العاقدين هوا لذي يجب عليه الصلاة دون الآخر حرم على من تجب عليه وكره للآخر مع عدم صحة البيع كما تقدم لما فيه من الإعانة على الأثم، وقال تعالى و لا تعاونوا على الأثم والعدوان وأما غير البيع من العقود كالنكاح والاجارة فيصح في أصح الوجهين لأن النهي مختص بالبيع وغيره لا يساويه في الشغل عن السعي لندرة وقوعه فلا يقاس على البيع، وفيه وجه آخر أنه يحرم ولا يصح لأنه عقد معاوضة أشبه بالبيع.
ومحل ما ذكر من حرمة البيع أو المقايضة وعدم صحتها ما لم تكن هناك حاجة أو ضرورة وإلا حل وصحكمضطر إلى طعام أو شراب وجده يباع أو كعريان وجد سترة تباع وكذا كفن ميت ومؤونة تجهيزه إذا خيف عليه الفساد لو أخر إلى ما بعد الصلاة ونحو ذلك مما دعت الضوررة إليه فيصح البيع والشراء بلا حرمة.
وأما الحالة الثانية فإنه يحرم ولا يصح البيع أو المقايضة إذا وقع العقد على عين يقصد بشرائها أستعمالها في معصية إذا علم البائع من المشتري ذلك القصد ولو بقرينة لقوله تعالى "ولا تعاونوا على الأثم والعدوان" والنهي يقتضي التحريم مثال ذلك بيع العنب لمن يتخذه خمراً أو بيع السلاح في الفتنة أو لأهل حرب أو قطاع طريق وكذا ما يشرب عليه أو به يسكر وكجوز وبندق لقمار وأمة لغناء إذا علم البائع ذلك القصد من المشتري ولو بقرينه تدل على ذلك العلم. أما إذا لم يعلم البائع قصد المشتري أو كان الأمر محتملاً كمن لا يعلم حاله أو من يعمل الخل والخمر معاً ولم يلفظ على ما يدل على ارادة الخمر فالبيع جائز، فإن باعها لمن يتخذها خمراً فقط فالبيع باطل.
ويحتمل أنه يصح مع التحريم لأن النهي ليس لذات العقد فلم يمنع الصحة كما لو دلس العيب ورد هذا بأنه عقد على عين لمعصية الله فلم يصح أما التدليس فهو المحرم دون العقد لأن التحريم لحق الله فأفسد العقد كبيع الربا.
وفي الحالة الثالثة يحرم البيع أو المقايضة ولا يصح بيع المسلم على بيع المسلم أو المقايضة عليه كأن يقول من اشترى سلعة بعشرة أنا أعطيك مثلها أو خيراً منها بتسعة، ويعرض عليه سلعة يرغبه فيها ليفسخ البيع ويعقد معه فالعقد الثاني باطل ومحرم، وكذا الشراء على شراء المسلم كأن يقول لمن باع سلعة بتسعة عندي منها بعشرة ليفسخ البيع الأول ويعقد معه وهو باطل ومحرم قياساً على البيع للنهي في حديث عن عمر " لا يبع الرجل على بيع أخيه " والنهي يقتضى الفساد ولما فيه من الاضرار بالمسلم والافساد عليه والسراء في معنى البيع وفيه وجه أن البيع صحيح وأن المحرم هو عرض السلعة على المشتري أو قوله الذي فسخ البيع من أجله وذلك سابق على البيع لأن النهي لحق الأول فأشبه بيع البخش.
وأما السوم على سوم المسلم مع الرضا الصريح بالبيع فهو حرام والعقد المترتب عليه صحيح لأن النهي في الحديث إنما هو عن السوم دون البيع، وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يسم الرجل على سوم أخيه رواه مسلم فإذا رضي البائع صريحاً بالثمن الذي بذله المشتري إلا أنه لم يعقد البيع حرم على أخر الزيادة في الثمن عما رضي به البائع من المشتري الأول هذا هو السوم المحرم وأما المزايدة في المناداة فجائزة بإجماع المسلمين.
وهذه المادة مأخوذة من المذهب الحنبلي المواد 33 ، 34 ، 35 من مشروع التقنين الحنبلي كشاف القناع ص 30 ، 31 ، 32 ، و الشرح الكبير ص 40 ، 41 ، 42 .

الفصل الثاني
الهبة
نظرة عامة :
الهبة والصدقة والهدية والعطية معانيها متقاربة وكلها تمليك في الحياة بغير عوض واسم العطية شامل لجميعها وكذلك الهبة والصدقة والهدية متغايران فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وقال في اللحم الذي تصدق به على بريرة هو عليها صدقة ولنا هدية فالظاهر أن من أعطى شيئاً يتقرب به إلى الله تعالى للمحتاج فهو صدقة ومن دفع إلى إنسان شيئاً للتقرب إليه والمحبة له فهو هدية وجميع ذلك مندوب إليه ومحثوث إليه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال " تهادوا تحابوا " وأما الصدقة منها ورد في فضلها أكثر من أن يمكننا حصره وقد قال الله تعالى إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهي خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم.
إذا ثبت هذا فإن المكيل والموزون لا تلزم فيه الصدقة والهبة إلا بالقبض وهو قول أكثر الفقهاء ومنهم النخعي والثوري والحسن بن صالح وأبو حنيفة والشافعي وقال مالك وأبو ثور يلزم ذلك بمجرد العقد لعموم قوله عليه السلام والعائد في هبته كالعائد في قيئه ولأنه إزالة ملك بغير عوض فلزم بمجرد العقد كالوقف والعتق وربما قالوا التبرع فلا يعتبر فيه القبض كالوصية والوقف لأنه عقد لازم ينقل المالك فلم يقف لزومه على القبض كالبيع.
ويرى الحنابلة الأخذ بإجماع الصحابة رضى الله عنهم وقد روى عروة عن عائشة رضى الله عنها أن أبا بكر رضى الله عنه نحلها جذاذ عشرين وسقاً من ماله بالعالية فلما مرض قال يا بنيه ما أحد أحب إلى عيني منك ولا أحد أعز علي نفراً منك وكنت نحلتك جذاذ عشرين وسقاً وددت أنك حزتيه أو قبضتيه وهو اليوم مال الوارث أخواك واختك فاقتسموا كتاب الله عز وجل.
وروى ابن عيينه عن الزهري عن عروة عبدالرحمن بن عبد القاريء ان عمر بن الخطاب قال ما بال أقوام ينحلون أولادهم فإذا مات أحدهم قال مالي وفي يدي وإذا مات هو قال كنت نحلته ولدي ؟ لا نحلة يحرزها المولد دون الوالد فإن مات ورثه . وروى عثمان أن الوالد يجوز لولده اذا كانوا صغار قال المرزوي اتفق أبو بكر وعثمان وعلي أن الهبة لا تجوز إلا مقبوضة ولأنها هبة غير مقبوضة فلم تلزم كما لو مات قبل أن يقبض فإن مالكاً يقول لا يلزم الورثة التسليم.
وقد أخذ المشرع بتمام الهبة بالقبض المغني ج 6 ص 246 وما بعدها.

الفرع الأول
أركان الهبة وشروط نفاذها

مادة 614
1. الهبة تمليك مال أو حق مالي لأخر حال حياة المالك دون عوض.
2. ويجوز للواهب مع بقاء فكرة التبرع أن يشترط على الموهوب له القيام بالتزام معين ويعتبر هذا الالتزام عوضا.
المذكرة الإيضاحية :
تعرف هذه المادة الهبة بأنها تمليك مال أو حق مالي لأخر حال حياة المالك دون عوض. ولا يتنافى مع فكرة التبرع أن يشترط الواهب على الموهوب له القيام بالتزام معين. ويعتبر الالتزام في هذه الحالة عوضا.
وهي مستمدة من المواد 631 ، 833 ، من المجلة وشرحهما لعلي حيدر، والمادة 77 من مرش د الحيران ومن كتاب الهبة في الدر المحتار ورد المختار ج 4 ص 508 والفقه على المذاهب الأربعة ج 3 ص 289 .
وهذه المادة تقابل المادة 557 أردني، 486 مصري، 454 سوري، 601 عراقي.

مادة 615
1. تنعقد الهبة بالإيجاب والقبول وتتم بالقبض.
2. ويكفي في الهبة مجرد الإيجاب إذا كان الواهب ولي الموهوب له أو وصية والمال الموهوب في حوزته وكذا لو كان الموهوب له صغيراً يقوم الواهب على تربيته.
المذكرة الإيضاحية :
تقر هذه المادة القاعدة العامة في انعقاد الهبة بالإيجاب والقبول وتمامها بالقبض. وتجيز في بعض الحالات انعقادها بمجرد الإيجاب .
وهي مستمدة من المادتين 837 ، 851 من المجلة وشرحهما لعلى حيدر، 84 من مرشد الحيران وكتاب مبسوط السرخسي ج 12 ص 48.
وهذه المادة تقابل المواد 558 أردني، 455 سوري، 603 ، 604 ، 605 عراقي.

مادة 616
لا ينفذ عقد الهبة إذا كان المال الموهوب غير مملوك للواهب ما لم يجزه المالك ويتم القبض برضاه.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حكم هبة ملك الغير، فهي لا تنفذ إلا إذا أقرها المالك وتم القبض برضاه.
وهي مستمدة من المذهبين الحنفي والمالك ي المادة 857 من المجلة وشرحها لعلى حيدر، والمادة 78 من مرشد الحيران، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة مذهب الحنفية والمالكية ج 3 ص 290 وما بعدها.
وهذه المادة تقابل المواد 559 أردني، 459 سوري، 609 عراقي.

مادة 617
1. تصح هبة الدين للمدين وتعتبر إبراء.
2. وتصح لغير المدين وتنفذ إذا دفع المدين الدين إلى الموهوب له .
المذكرة الإيضاحية :
أجازت هذه المادة هبة الدين للمدين وتعتبر في هذا الحالة ابراء.
كما أجازت هبته إلى غير المدين وفي هذه الحالة لا تنفذ الهبة إلا بأداء الدين إلى الموهوب له .
وهي مستمدة من المادتين 847 ، 848 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة ج 2 ص 290 وما بعدها.
وهذه المادة تقابل المادتين 560 أردني، 607 عراقي.

مادة 618
1. يجوز للواهب استرداد المال الموهوب إذا اشترط في العقد ذلك في حالة عدم قيام الموهوب له بالتزامات معينة لمصلحة الواهب أو من يهمه أمره.
2. وإذا كان المال الموهوب قد هلك أو كان الموهوب له قد تصرف فيه استحق الواهب قيمته وقت التصرف أو الهلاك.
المذكرة الإيضاحية :
أجازت هذه المادة للواهب حق استرداد المال الموهوب إذا اشترط في العقد ذلك في حالة عدم قيام الموهوب له بالتزامات معينة لمصلحة الواهب أو من يهمه أمره. كما أقرت حق الواهب في قيمة الهبة إذا كانت قد هلكت أو تصرف فيها الموهوب له.
وهي مستمدة من المواد 186 ، 187 ، 855 من المجلة وشرحها لعلي حيدر .
وهذه المادة تقابل المواد 561 أردني، 501 مصري، 469 سوري، 620 ، 621 عراقي.

مادة 619
يشترط في الواهب أن يكون غير محجور عليه في هبته كما يشترط في الموهوب له أن لا يكون حربياً والحربي هو غير المسلم التابع لدولة غير إسلامية بينها وبين المسلمين حربا معلنة أو فعلية ولم يكن مستأمنا.
المذكرة الإيضاحية :
تشترط هذه المادة في الواهب ألا يكون محجوراً عليه في هبته كما تشترط في الموهوب له ألا يكون حربياً.
وكون الواهب غير محجور عليه في هبة الشيء الذي وهبه يصدق بعدم الحجر عليه في هبة ما وهبه. فإن كان محجوراً عليه في هبة غيره كالمريض والزوجة فإن كلا منهما غير محجور عليه في هبة ثلث ماله فأقل لكنه محجور عليه في هبة ما زاد علي الثلث.
كما أن شرط أن يكون غير محجور عليه في هبته لإخراج الصغير والسفيه ومن أحاط الدين بماله والمريض والزوجة فإن هبة هؤلاء فيها تفصيل في صحتها ولزومها.
وشرط في الموهوب له ألا يكون حربيا لأنه لا يجوز نفعه ولا التودد معه.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي المادة 528 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 342 والشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 88 .

مادة 620
هبة المدين الذي أحاط الدين بماله صحيحة موقوفة على إجازة الدائن.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة حكم هبة المدين الذي أحاط الدين بماله. فهي صحيحة ولكنها موقوفة على إجازة الدائن.
وسبب ذلك أن الحجر على المدين في هبته أنما هو لحق رب الدين فكان له إجازته.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 529 من مشروع التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 88 والشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 343 .

مادة 621
من رهن شيئاً في دين عليه ثم وهبه لغير المرتهن ورضي المرتهن بهبته لغيره صحت الهبة وبقى دينه بلا رهن ولو كان الراهن معسراً وإذا لم يرض المرتهن بهبة المال المرهون لغيره وكان الراهن معسراً بطلت هبته فإذا كان الراهن موسراً صحت الهبة إذا عجل الدين المرتهن أو أتى برهن ثقة .
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حكم هبة الشيء المرهون لغير المرتهن في حالتي رضاء المرتهن وعدم رضائه.
وقد صحت هبة الرهن في الصورة الأولى من صور النص وبقي دين المرتهن بلا رهن سواء كان الراهن موسراً بالدين أم معسراً به لأن المرتهن هو الذي أرتضى بهبة الرهن لغيره وبقاء دينه بلا رهن.
وبطلت هبته في الصورة الثانية وبقي الرهن في الدين كما كان لان الراهن معسر بالدين والمرتهن لم يرض بهبة الرهن لغيره فكان أحق به من الموهوب له لأن الراهن سابق على الهبة.
وصحت هبته في الصورة الثالثة لأن حكم صحتها يقرر حق الموهوب له ولا يستلزم ضياع حق المرتهن إذ المفروض أن الراهن موسر فيعجل الدين للمرتهن أو يأتي له برهن ثقة بخلاف الحكم ببطلانها فإنه يستلزم ضياع حق الموهوب له والذي جرى عليه النص في الصورة الثالثة هو ما نقله المواق وابن عرفه عن ابن المواز وأشهب . وقد نقل صاحب التوضيح عن ابن المواز أيضاً أن الواهب لا يلزمه تعجيل الدين ولا الإتيان برهن أخر ويبقى دين المرتهن إلى أجله بلا رهن لأنه موسر بالدين إذا عجل الدين للمرتهن أو أتى برهن ثقة .
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 531 من مشروع التقنين المالكي والشرح الصغير وحاشيته ج 4 ص 89 .

مادة 622
إذا وهب المال المرهون لغير المرتهن ثم مات الواهب قبل فك الرهن فإن حوز المرتهن لهذا الرهن لا يكون بعد هبته حوزا لحساب الموهوب له وتبطل الهبة .
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حكم هبة المال المرهون لغير المرتهن في حالة وفاء الواهب قبل فك الرهن.
وفك الرهن هو تخليصه من الرهنية وإنما لم يكن حوز المرتهن للرهن بعد هبته لغيره حوزا للموهوب لأنه حوز في نظير حق مالي له وهو دينه الذي على الراهن فيكون حائزاً للرهن لأجل حقه أي حائزاً لنفسه فلا يكون حوزه للراهن بعد هبته لغيره حوزا للموهوب له وبطلت الهبة بسبب ذلك لأن الموهوب له لم يحصل منه حوز حقيقي ولا حكمي للشيء الموهوب قبل حصول المانع من صحتها وهو موت الواهب لأن حوز المرتهن للشيء الموهوب قبل موت الواهب لا يكون حوزا للموهوب له وإنما هو حوز لنفسه ويترتب على هذا البطلان أمران.
أحدهما أن الرهن يكون لوارث الواهب إن شاء فكه بدفع الدين للمرتهن وإن شاء تركه له في نظر الدين،
وثانيهما أنه لا شيء للموهوب له في الرهن سواء افتكه الوارث أو تركه للمرتهن لبطلان هبته له كما تقدم.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي مادة 450 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 346 والشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 94 .

مادة 623
تبطل الهبة بإحاطة دين بمال الواهب قبل حوز الموهوب له للمال الموهوب ولو طرأ الدين بعد الهبة.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة بطلان الهبة إذا أحاط دين بمال الواهب ولو كان ذلك بعد الهبة ما دامت الإحاطة قد وقعت قبل حوز الموهوب له المال الموهوب.
وإحاطة الدين بمال الواهب هي استغراقه أي استيفائه له وإنما بطلت الهبة بإحاطة الدين بم ال الواهب مثل الح وز مطلقاً أن كان الدين سابقاً عليها ومتأخراً عنها بأن طرأ بعدها لأن رب الدين صار مستحقاً لجميع مال الواهب قبل الهبة كما في الدين السابق أو قبل لزومها بالحوز كما في الدين المتأخر أي الذي طرأ بعدها. وبطلان الهبة بإحاطة الدين السابق عليها متفق عليه في المذاهب المالكي لاستحقاق رب الدين لجميع مال الواهب قبل حصول الهبة وبطلانها بإحاطة الدين المتأخر عنها هو القول المشهور لاستحقاق رب الدين لمال الواهب قبل لزوم الهبة لأنها لا تلزم إلا بالحوز.
ولا تبطل بإحاطة الدين المتأخر عنها لأن حق الموهوب له في مال الواهب سابق على حق رب الدين وهو مردود بما تقدم في توجيه القول المشهور هذا ويعلم من بطلان الهبة بمجرد إحاطة الدين بمال الواهب قبل الحوز بطلانها بالأولى لقيام الغرماء عليه أو بحكم القاضي بخلع ماله للغرماء.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 532 ومن مشروع التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 90 والشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 344 .

مادة 624
1. لا يجوز هبة شجر واستثناء ثمره سنة أو أكثر على شرط قيام الموهوب له بسقيه وخدمته تلك المدة ويجب فسخها إن وقعت.
2. ويترتب على فسخ الهبة أن يرد الموهوب له للواهب الشجر إذا كان باقيا على حالته.
3. أما إذا تغيرت حالة الش جر كان على الموهوب له دفع قيمته يوم وضع يده عليه وتصبح ملكاً له من ذلك التاريخ. وفي هذه الحالة يرجع على الواهب بمثل ما أخذه من ثمره أن علم بقدره أو بقيمته إن لم يعلم قدره.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة الحالات التي لا يجوز فيها هبة الشجر واستثناء ثمره كما تحدد ما يترتب على فسخ الهبة في هذه الحالات من أثار.
وإنما منعت الهبة على الوجه المبين في النص لاشتمالها على المخاطرة أي الغرر وذلك بسبب اشتراط سقي الشجر وخدمته في مدة الاستثناء على الموهوب له لأن قيامه بذلك ينزل منزلة المعاوضة بالشجر. وهبة الشجر الذي وقعت المعاوضة به لا يعرف ما يصير إليه عند انتهاء مدة استثناء الثمر ودفع الموهوب له للواهب قيمة الشجر إذا تغيرت ذاته لأنه لا يتأتى رده له لفواته بتغيرها ورجع على الواهب في تلك الصورة بما أخذه من ثمر الشجر على الوجه المبين في النص لأنه ملك الشجر وثمره من يوم أن وضع يده عليه بدفع قيمته يوم وضع اليد.
وما جرينا عليه في النص من عدم جواز الهبة على النحو المتقدم ولو كانت مدة استثناء الشجر سنة واحدة هو أحد قولين في المذهب المالكي وقال البساطي ظاهر الرواية أنها لا تمنع إذا كانت المدة ثلاث سنوات فأكثر.
وإنما جرينا على القول الأول لأنه هو القول الأصح لأن علة المنع وهي المخاطرة موجودة أيضا في استثناء الثمر سنة أو سنتين.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي مادة 550 من مشروع التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 98 .

مادة 625
من وهب شيئاً لش خص ثم وهبه قبل الحوز لشخص ثان وحازه الثاني قبل الأول فإنه يقضي به للثاني ولا يلزم الواهب بدفع قيمته للأول.
المذكرة الإيضاحية :
تواجه هذه المادة حالة هبة شخص شيئاً لأخر ثم هبته قبل الحوز لثان إذ تقع الهبة في هذه الحالة للثاني ولا يلزم الواهب بدفع قيمتها للأول.
وإنما قضى بالشيء الموهوب للثاني دون الأول لأن جانبه تقوى بحوزه للشيء الموهوب قبل الأول ولم يلزم الواهب في هذه الحالة بدفع قيمة الشيء الموهوب للموهوب له الأول لأن الهبة له لم تتم لعدم حوزه للشيء الموهوب قبل هبته للثاني والهبة لا تتم ولا تلزم الواهب إلا بالحوز.
ويتفرع على هذا أن هبة الدين لغير من هو له ثم هبته ثانية لمن هو عليه قبل حوز الأول له أن يترتب عليها أن يقضى بالهبة للثاني وتكون إبراء له من الدين.
وحوز الدين إذا وهب لغير من هو عليه يكون بالانهاء على الهبة ودفع وثيقة الدين للموهوب له. 
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي مادة 535 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 344 . والشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 91 .

مادة 626
تبطل هبة الوديعة للمودع لديه أو هبة العارية للمستعير إذا لم يقبلها المودع لديه أو المستعير إلا بعد موت الواهب سواء علم بالهبة بعد موت الواهب أو قبل موته.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة بطلان الشيء للمودع لديه أو لمستعيره إذا لم يقبلها المودع لديه أو المستعير إلا بعد موت الواهب.
وإنما بطلت هبة الوديعة للمودع أو العارية للمستعير إذا لم يقبلها كل منهما إلا بعد موت الواهب لأن الموهوب له وهو المودع أو المستعير لم يحصل منه حوز للشيء الموهوب قبل حصول المانع من الهبة وهو موت الواهب لأن حوزه للوديعة أو العارية قبل موت الواهب كان حوز إيداع أو إعارة لا حوز هبة إذ المقروض أنه لم يقبل الهبة إلا بعد موت الواهب فلا يكون حوزه قبل قبولها حوز هبة.
وما جرى عليه النص من بطلان الهبة سواء علم بها الموهوب له بعد موت الواهب أو علم بها قبل موته هو قول ابن القاسم وقال أشهب أن علم بالهبة قبل موت الواهب فلا تبطل بتأخر قبولها إلى ما بعد موته فأشهب لا يقول بعموم البطلان الذي قال به ابن القاسم ولعله يرى أن علمه بالهبة قبل موت الواهب يجعل حوزه للوديعه أو العارية بعد هذا العلم وقبل موت الواهب حوز هبة لا حوز إيداع أو إعارة وبذلك يتحقق حوزه للشيء الموهوب قبل حصول المانع وهذا ما ظهر في توجيه وقول أشهب ويمكن أن يجاب عن هذا التوجيه بأن الذي يجعل حوز المودع للوديعة أو المستعير للعارية حوز هبة أنما هو قبول كل منهما للهبة قبل موت الواهب لا مجرد العلم بها قبل موته.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي مادة 527 من مشروع التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 92 والشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 345 .

مادة 627
إذا وهبت العارية لغير المستعير أو الوديعة لغير المودع لديه ثم مات الواهب قبل انتهاء مدة الإعارة أو قبل استرداده الوديعة فإن حوز المستعير للعارية أو المودع لديه للوديعة يكون حوزا للموهوب له وتتم به الهبة إن أشهد الواهب عليها فإن لم يشهد عليها يكون حوز كل منهما حوزا للواهب وتبطل الهبة .
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حالة هبة الشيء لغير المستعير أو المودع لديه في حالة موت الواهب قبل انتهاء مدة الإعارة أو استرداد الوديعة. إذ يعتبر حوز المستعير أو المودع لديه حوزا للموهوب له وتتم به الهبة أن أشهد عليها الواهب وإلا كان حوز كل منهما حوزا للواهب وتبطل الهبة.
وإنما كان حوز المستعير للعارية أو حوز المودع للوديعة حوزا للموهوب له في الصورة الأولى لأن أشهاد الواهب على هبته لغير المستعير أو هبته للوديعة لغير المودع لديه يجعل حوز المستعير للعارية أو للمودع لديه حوزا لذلك الغير الموهوب له ولم يكن حوز كل منهما حوز للموهوب له في الصورة الثانية لانتفاء الموجب لذلك وهو الأشهاد على الهبة فإن الإنهاء عليها هو الذي جعل حوز كل منها حوزا للموهوب له ويعلم من هذا النص أنه في الصورة الأولى التي يكون فيها حوز كل من المستعير والمودع لديه حوزا للموهوب له تتم الهبة وتلزم بهذا الحوز الحكمي كما تتم وتلزم بالحوز الحقيقي أي الواقع من الموهوب له فليس لوارث الواهب أن يدعي بطلان الهبة بحجة أن الموهوب له لم يحز الشيء الموهوب قبل حصول المانع أي موت الواهب لما عرفنا من أن حوز المستعير أو المودع لديه قام مقام حوزه وهو حاصل ما قبل موت الواهب كما يعلم من النص أنه في الصورة الثانية التي لا يكون حوز كل منهما حوز للموهوب له تبطل الهبة لان الموهوب له لم يحصل منه حوز حقيقي أو حكمي للشيء الموهوب قبل حصول المانع أي موت الواهب .
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي مادة 539 من مشروع التقنين المالكي والشرح الصغير وحاش يته ج 2 ص 345 والشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 93 .

مادة 628
1. تكون هبة الصغير والسفيه بغير عوض باطلة.
2. ولا يجوز لولي المحجور عليه أن يهب شيئاً من مال محجوره إلا إذا كان أباً له وكانت الهبة بعوض.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة بطلان هبة الصغير والسفيه إذا كانت بغير عوض.
وهبة الصغير والسفيه باطلة لأن الحجر عليهما أنما هو لحقهما ومصلحتهما إذ الشأن في تصرفهما عدم المصلحة وليس للولي إجازة هبة كل منها.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي المادتين 9، 5، 549 من مشروع التقنين المالكي والشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 88 ، 104 والشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 343 ، 351 .

مادة 629
إذا وهبت العين المستأجرة لغير المستأجر ثم مات الواهب قبل انتهاء مدة الإجارة فإن حوز المستأجر لها لا يكون بعد الهبة حوزا للموهوب له إلا أن يكون الواهب قد وهب الأجرة أيضاً للموهوب له قبل قبضها من المستأجر فيكون حوز المستأجر حوزا للموهوب له .
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة أحكام هبة العين المستأجرة. ولم يكن حوز المستأجر من هبة لغيره حوزا للموهوب لأنه حوز مترتب على عوض مالي من المستأجر فيكون حائزاً لأجل حقه أي حائزاً لنفسه لا للموهوب له وهذا يستلزم بطلان الهبة لحصول المانع من صحتها وهو موت الواهب مثل حوز الموهوب له للشيء الموهوب.
ويترتب على هذا البط لان أن العين المستأجرة تكون لوارث الواهب وأنه لا شيء للموهوب له.
وكان حوز المستأجر حوزا للموهوب له في صورة الاستثناء لأن الموهوب له في هذه الصورة هو الذي يقبض الأجرة من المستأجر وقبضه لها تصرف منه في الشيء الموهوب وهو في معنى الحوز فيكون حوز المستأجر في هذه الصورة حوزاً للموهوب له وله ذا لو وهبت له الأجرة بعد قبضها من المستأجر لما كان حوز المستأجر حوزا للموهوب له لأن الأجرة صارت بقبضها منه مالاً مستقلاً عن الشيء الموهوب ولم يحصل تصرف من الموهوب له في الشيء الموهوب.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي مادة 541 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 346 والشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 94 .

مادة 630
إذا وهب أحد الزوجين مالاً للآخر مما تقضي الضرورة باشتراكهما في حوزه، أو وهبت الزوجة للزوج دار سكناها فلا يتوقف تمام الهبة على حوز مستقل من الموهوب له للمال الموهوب وأما إذا وهب أحدهما للآخر ش يئاً لا تقضي الضرورة باشتراكهما في حوزه أو وهب الزوج لزوجته دار سكناهما فلا تتم الهبة إلا بحوز مستقل من الموهوب له للمال الموهوب.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة أحكام هبة أحد الزوجين مما تقضي الضرورة باشتراكهما فيه أو دار سكناهما.
ما تقضي الضرورة باشتراك الزوجين في حوزه هو متاع البيت كالفرش والثياب والأواني ونحو ذلك وما لا تقضي الضرورة باشتراكهما في حوزه هو النقود والعقار غير دار السكني والمراد بالحوز المستقل المقابل للحوز المشترك هو انفراد الموهوب له من الزوجين ووضع يده على الشيء الذي وهبه أحدهما للآخر. والمراد بالقول بأن الهبة لا تتوقف تمام عن الحوز المستقل هو أنها تصح وتلزم ولو بقي الشيء الموهوب في حوز الزوجين معاً متى حصل للواهب منها مانع من موانع الهبة فلو استمرت الزوجة س اكنة في الدار مع زوجها بعد أن وهبتها له حتى ماتت فإن سكناها معاً بعد الهبة لا يمنع من صحتها ولزومها والمراد بتوقف تمام الهبة على الحوز المستقل في الحالة الثانية من النص هو أنها تبطل إذا بقي الشيء الموهوب في حوز الزوجين معاً متى حصل للواهب منها مانع من موانع الهبة كما لو استمر الزوج ساكنا في الدار مع الزوجة بعد أن وهبها إلى أن مات.
وإنما لم يتوقف تمام الهبة عن الحوز المستقل في هبة أحد الزوج ين للأخر شيئاً لا تقضي الضرورة باشتراكهما في حوزه لأن الحوز المستقل يكون في هذه الصورة متعذرا على الموهوب له فلا يكون عدم حوزه له إعراضاً منه عن الهبة ولم يتوقف تمامها عليه أيضاً في هبة الزوجة لزوجها دار سكناهما لأن سكنى الزوج فيها بمنزلة حوزه المستقل لها لجريان العرف بإضافة السكنى للزوج وتبعية الزوجة له منها.
وإنما توقف تمام الهبة على الحوز المستقل في هبة أحد الزوجين للأخر شيئاً لا تقضي الضرورة باشتراكهما في حوزه لأن الحوز المستقل، يكون في هذه الصورة متعذراً على الموهوب له.
وتوقف تمامها عليه أيضاً في هبة الزوج لزوجته دار سكناهما لأن سكنى الزوجة فيها تابع لسكنى الزوج فلا يكون بمنزلة الحوز المستقل ولا تتم به الهبة.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي المادة 542 من مشروع التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 95 .

مادة 631
1. يجب أن يكون العوض في الهبة المشروطة به معلوماً وإلا جاز لكل من الطرفين فسخ العقد ولو بعد تسلم المال الموهوب ما لم يتفقا على تعيين العوض قبل الفسخ.
2. فإذا هلك المال الموهوب أو تصرف فيه الموهوب له قبل الفسخ وجب عليه رد قيمته يوم القبض.
المذكرة الإيضاحية :
توجب هذه المادة عرض الهبة المشروطة أن يكون معلوماً وإلا جاز لكل من الطرفين فسخ العقد ما لم يتم تعيين العوض قبل الفسخ.
فإذا هلك الموهوب أو تصرف فيه الموهوب له قبل الفسخ وجب عليه رد قيمته يوم القبض.
وهذه المادة مستمدة من المادة 855 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهي تقابل المواد 562 أردني، 466 ، 467 سوري 618 ، 619 عراقي.

مادة 632
لا يجوز الوعد بالهبة ولا هبة المال المستقبل.
المذكرة الإيضاحية :
لا تجيز هذه المادة الوعد بالهبة أو هبة المال المستقبل.
وهذه المادة مستمدة من المادتين 837 ، 856 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 653 أردني، 458 ، 460 سوري.

مادة 633
إذا توفى أحد طرفي الهبة أو أفل س قبل قبض المال الموهوب بطلت الهبة ولو كانت بغير عوض.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة بطلان الهبة ولو كانت بغير عوض إذا توفي أحد طرفي الهبة أو أفلس قبل قبض المال الموهوب. ذلك لأن الهبة لا تتم إلا بالقبض وإن وفاة أحد طرفي العقد قبل القبض يمنع التمام ويجعل العقد باطلاً. كذلك فإن إفلاسه قبل القبض يجعل للدائنين حقاً في أموال المدين. وقد تقررت المادة على هذا الأساس.
وهذه المادة مستمدة من المواد 57 ، 837 ، 838 ، 841 ، 849 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادتين 82 ، 83 من مرشد الحيران .
وهذه المادة تقابل المواد 564 أردني 461 ، 465 سوري.

مادة 634
يصح قبول الموهوب له للهبة بعد موت الواهب إذا قبض المال الموهوب له للتروي في قبول أو عدم قبول هبته له ولم يقبلها إلا بعد موت الواهب.
وكذلك يصح قبض المال الموهوب بعد موت الواهب أن سعى في قبضه في حياة الواهب ولكنه لم يتمكن من ذلك إلا بعد موته.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة قبول الموهوب له للهبة بعد موت الواهب إذا كان قد قبض المال الموهوب قبل الموت. كما تجيز قبض المال الموهوب بعد موت الواهب أن سعى في قبضه في حياة الواهب ولم يتمكن من ذلك إلا بعد موته.
وإنما صح قول الموهوب له للهبة بعد موت الواهب إذا قبض الشيء الموهوب ليتروى في قبول هبته له ولم يقبلها إلا بعد موت الواهب لأن قبوله للهدية بعد موت الواهب كأن أثرا للتروي فيه الحاصل قبل موته فكأن القبول حصل قبل الموت إقامة للسبب وهو التروي مقام المسبب وهو القبول في الاعتبار.
وصح حوز الموهوب له للشيء بعد موت الواهب أن سعي في حوزه في حياة الواهب ولكنه لم يتمكن من حوزه بالفعل إلا بعد موت الواهب تنزيلاً للسعي في الحوز قبل موت الواهب منزلة الحوز بالفعل لأن السعي كان وسيلة للحوز الفعلي والوسيلة تعطي حكم المقصد.
وهذه المادة مستمدة من المذهب المالكي مادة 538 من مشروع التقنين المالكي، الشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 92 والشرح الصغير ج 2 ص 345 .

مادة 635
تسري على الهبة في مرض الموت أحكام الوصية.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة سريان أحكام الوصية على الهبة في مرض الموت.
وهذه المادة مستمدة من المواد من 877 ، 880 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والمادة 85 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 565 أردني.

مادة 636
يتوقف نفاذ عقد الهبة على أي إجراء تعلق القوانين نقل الملكية عليه ويجوز لكل من طرفي العقد استكمال الإجراءات اللازمة.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بتوقف عقد نفاذ الهبة على أي إجراء تعلق القوانين نقل الملكية عليه . وتجيز لكل من طرفي العقد استكمال الإجراءات اللازم ة. وذلك أن عقد الهبة بعد إتمام أركانه وشروطه يصبح عقداً صحيحاً غير أن نفاذه يتوقف على ما يلزم قانوناً القيام به لإتمامه. وهذا يستلزم بقاء عقد الهبة صحيحاً غير أن للمصلحة اعتبر غير نافذ المفعول. وهذا أعدل في الحكم وأقرب إلى مقاصد الشرع.
وقد استمدت أحكام هذه المادة من المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 566 أردني، 456 ، 457 سوري، 602 ، 603 عراقي.

الفرع الثاني
اأثار الهبة
1. بالنسبة للواهب

مادة 637
يلتزم الواهب بتسليم المال الموهوب إلى الموهوب له ويتبع في ذلك أحكام تسليم المبيع.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة التزام الواهب بتسليم المال الموهوب إلى الموهوب له وتسري في ذلك أحكام تسليم المبيع. وذلك أن الهبة تمليك المال أو الحق حيال حياة المالك وتنعقد بالإيجاب والقبول. ولذلك يلتزم الواهب بتسليم الموهوب للموهوب له.
وقد استمدت أحكام هذه المادة من المادة 837 من المجلة وشرحها لعلي حيدر كذلك الدر المختار ج 4 ص 508 .
وهذه المادة تقابل المواد 567 أردني، 461 سوري، 613 عراقي.

مادة 638
لا يضمن الواهب استحقاق المال الموهوب في يد الموهوب له إذا كانت الهبة بغير عوض ولكنه يكون مسئولا عن كل ضرر يلحق بالموهوب له من جراء هذا الاستحقاق إذا تعمد اخفاء سبب الاستحقاق أما إذا كانت الهبة بعوض فإنه لا يضمن الاستحقاق إلا بقدر ما أداه الموهوب له من عوض ما لم يتفق على غير ذلك.

مادة 639
إذا استحق المال الموهوب بعد هلاكه عند الموهوب له واختار المستحق أن يرجع على الموهوب له بالضمان كان للأخير مطالبة الواهب بما ضمن للمستحق.

مادة 640
إذا استحق المال الموهوب وكان الموهوب له قد زاد في قيمته زيادة لا تقبل الفصل دون ضرر فليس للمستحق أن يسترده قبل دفع قيمة الزيادة.

مادة 641
لا يضمن الواهب العيب الخفي في المال الموهوب ولو تعمد إخفاءه إلا إذا كانت الهبة بعوض.

المذكرة الإيضاحية :
تتعلق هذه المواد بأحكام استحقاق الموهوب في يد الموهوب له إذا كانت الهبة بعوض أو بغير عوض.
وفي استحقاق الموهوب بعد هلاكه عند الموهوب له أو الزيادة فيه وعدم ضمان الواهب العيب الخفي إذا لم تكن الهبة بعوض.
وقد استمدت هذه المواد من شرح الدر المختار ورد المحتار ج 4 ص 517 وما بعدها والمادة 861 من المجلة وشرحها لعلي حيدر مع الاستناد إلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار والمادة 19 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وإلى المصالح المرسلة وإلى مبسوط السرخسي ج 12 ص 53 .
وهذه المواد تقابل المواد 568 إلى 571 أردني، من 462 إلى 464 سوري، 614 ، 615 عراقي.

2. بالنسبة اإلى الموهوب له

مادة 642
على الموهوب له أداء ما اشترطه الواهب من عوض سواء أكان العوض للواهب أم للغير.

مادة 643
إذا كان عوض الهبة وفاء دين علي الواهب فلا يلتزم الموهوب له إلا بوفاء الدين القائم وقت الهبة ما لم يتفق على غير ذلك.

مادة 644
إذا كان المال الموهوب مثقلا بحق وفاء لدين في ذمة الواهب أو ذمة شخص أخر فإن الموهوب له يلتزم بوفاء هذا الدين ما لم يتفق على غير ذلك.

مادة 645
نفقات عقد الهبة ومصروفات تسليم المال الموهوب ونقله على الموهوب له إلا إذا اتفق على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تتضمن هذه المواد التزامات الموهوب له فيما إذا كانت الهبة بع وض ففي هذه الحالة يلتزم الموهوب له إزاء ما اشترط عليه من عوض. وهذا المبدأ يقتضيه العقد وينسجم مع صحته إذا كان وفاء دين فإنما يلتزم الموهوب له بالدين القائم حين الهبة وإذا كان على الموه وب له حق وفاء لدين في ذمة الواهب فإنه يلتزم بوفاء هذا الدين وبما أن عقد الهبة في أصله عقد تبرع فإن النفقات التي يتطلبها هذا العقد بالنسبة لتسليم الموهوب ونقله تعود على الموهوب له وهذا إلا إذا وقع الاتفاق على غير ذلك.
وقد أخذت هذه المواد من المذاهب الحنفية والشافعية والحنابلة بخصوص الهبة بعوض وما قررته القاعدة الشرعية الغنم بالغرم في المادة 87 من المجلة وقاع دة لا ضرر ولا ضرار م ادة 19 من المجلة.
ويراجع مذهب الشافعية والحنابلة كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ج 4 ص 111 وما بعدها.
وهذه المواد تقابل المواد من 572 إلى 577 أردني، ومن 465 إلى 467 سوري ومن 607 إلى 619 عراقي.

الفرع الثالث
الرجوع في الهبة

مادة 646
1. للواهب أن يرجع في الهبة قبل القبض دون رضاء الموهوب له.
2. وله أن يرجع فيها بعد القبض بقبول الموهوب له فإن لم يقبل جاز للواهب أن يطلب من القاضي فسخ الهبة والرجوع فيها متى كان يستند إلى سبب مقبول ما لم يوجد مانع من الرجوع.
المذكرة الإيضاحية :
أباحت هذه المادة للواهب الرجوع في الهبة دون رضاء الموهوب له إذا كان هذا الرجوع قبل القبض. وأما الرجوع بعد القبض فيتوقف على قبول الموهوب له فإذا رفض كان للواهب طلب فسخ الهبة بواسطة القاضي إذا استند في ذلك إلى سبب مقبول ما لم يوجد مانع من موانع الرجوع.
وتستند هذه المادة أساسا إلى المذهب الحنفي حيث يجيز للواهب أن يرجع في هبته على الوجه المتقدم ويراجع ذلك المواد 20 ، 861 ، 862 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 576 أردني، 500 مصري، 468 سوري، 620 عراقي.

مادة 647
يعتبر سبباً مقبولاً لفسخ الهبة والرجوع فيها:
1. أن يصبح الواهب عاجزاً عن أن يوفر لنفسه أس باب المعيشة بما يتفق مع مكانته أو أن يعجز عن الوفاء بم ا يفرضه عليه القانون من النفقة على الغير.
2. أن يرزق الواهب بعد الهبة ولداً يظل حياً حتى تاريخ الرجوع أو أن يكون له ولد يظنه ميتاً وقت الهبة وتبين أنه حي.
3. إخلال الموهوب له بالتزاماته المشروطة في العقد دون مبرر أو إخلاله بما يجب عليه نحو الواهب أو أحد أقاربه بحيث يكون هذا الإخلال جحوداً كبيراً من جانبه.
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه المادة الأسباب المعقولة لفسخ الهبة والرجوع فيها لعجز الواهب عن أن يوفر لنفسه أسباب المعيشة أو الوفاء بنفقته على الغير أو أن يرزق بولد بعد الهبة أو يظهر له ولد حي ظنه ميتاً أو أن يخل الموهوب له بالتزاماته أو أن يجحد أو يظهر منه الجحود نحو الواهب.
وهذه الأسباب مردها أن عقد الهبة من عقود التبرع التي يقصد بها توفير الإحسان والنفع للمحتاجين من بني الإنسان سواء أكانوا من أقارب الواهب أم لا. وقد جعل للقاضي حق فسخ الهبة في حال توفر بعض الأسباب الموجبة للفسخ كما في حالة الاستحقاق أو بعض أحوال الزيادة والمقصود بذلك رفع الضرر أو إزالته ولهذا فإن هذه المادة قد وضعت لتحقيق هذه الأهداف وهي تنفق مع الغرض المقصود من الهبة وتنسجم مع القواعد العامة للفقه الإسلامي، تراجع المواد 19 ، 20 ، 851 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 577 أردني، 501 مصري، 469 سوري، 621 عراقي.

مادة 648 
إذا قتل الموهوب له الواهب عمداً بلا وجه حق كان لورثته حق إبطال الهبة.
المذكرة الإيضاحية :
أعطت هذه المادة للورثة حق إبطال الهبة إذا قتل الموهوب له عمداً بلا وجه حق. ومن المعروف فقها أن القتل بغير وجه يوجب المنع من الإرث كما هو موضح في الدر المختار ج 5 ص 488 وما بعدها وبما أن الهدف من الهبة هو البر والإحسان وقتل الموهوب له الواهب بغير وجه حق عمداً يخل بهذا الهدف ويغير من طبيعته فقد رؤى أن يعطي الورثة حق إبطال الهبة في هذه الحالة.
راجع المغني ج 7 ص 162 .
وهذه المادة تقابل المادة 578 أردني، 622 عراقي.

مادة 649
يعتبر مانعاً من الرجوع في الهبة ما يلي:
1. إذا كانت الهبة من أحد الزوجين للأخر أو لذي رحم محرم ما لم يترتب عليها مفاضلة بين هؤلاء بلا مبرر.
2. إذا تصرف الموهوب له في المال الموهوب تصرفاً ناقلاً للملكية فإذا اقتصر التصرف على بعض المال الموهوب جاز للواهب أن يرجع في الباقي.
3. إذا زادت العين الموهوبة زيادة متصلة ذات أهمية تزيد من قيمتها أو غير الموهوب له المال الموهوب على وجه تبدل فيه اسمه.
4. إذا مات أحد طرفي العقد بعد قبض المال الموهوب.
5. إذا هلك المال الموهوب في يد الموهوب له فإذا كان الهلاك جزئياً جاز الرجوع في الباقي.
6. إذا كانت الهبة بعوض.
7. إذا كانت الهبة صدقة أو لجهة من جهات البر.
8. إذا وهب الدائن الدين للمدين.
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه المادة موانع الرجوع في الهبة. وقد أخذ حكمها من المذهب الحنفي مع بعض تعديلات استند فيها إلى شرح نيل الاوطار للشوكاني وذلك في حالة تخصيص بعض الأقارب من ذوي الرحم المحرم بلا مبرر.
أما إذا كان هناك مبرر للمفاضلة كعجز أحد الورثة أو حاجته فلا مانع كما هو موضح في الشوكاني ج 6 ص 110 إلى 112 ويراجع في ذلك أيضاً المواد من 866 إلى 874 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 579 أردني، 502 مصري، 470 سوري، 623 عراقي.

مادة 650
1. يعتبر الرجوع عن الهبة رضاءً أو قضاءً إبطالاً لأثر العقد.
2. ولا يرد الموهوب له الثمار إلا من تاريخ الرجوع رضاء أو من تاريخ الحكم وله أن يسترد النفقات الضرورية أما النفقات الأخرى فلا يسترد منها إلا ما زاد في قيمة المال الموهوب .
المذكرة الإيضاحية :
رتبت هذه المادة على الرجوع عن الهبة رضاء أو قضاء إبطال أثر عقد الهبة وحددت النتائج التي تترتب على الرجوع بالنسبة لثمار الشيء الموهوب والنفقات التي أنفقت عليه. وقد اعتمدت هذه المادة على المادة 861 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ج 2 ص 405.
وهذه المادة تقابل المواد 580 أردني، 503 مصري، 471 سوري، 624 عراقي.

مادة 651
1. إذا استعاد الواهب المال الموهوب بغير رضاء أو قضاء كان مسئولاً عن هلاكه مهما كان سببه.
2. أما إذا صدر حكم بالرجوع في الهبة وهلك المال في يد الموهوب له بعد اعذاره بالتس ليم فإن الموهوب له يكون مسئولاً عن الهلاك مهما كان سببه.
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه المادة تبعةهلاك الشيء الموهوب إذا استعاده الواهب بغير رضاء أو قضاء أو إذا هلك في يد الموهوب له بعد صدور حكم في الرجوع في الهبة واعذاره بالتسليم وقد استند هذا الحكم على ما ورد في المادة 865 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 561 أردني، 501 مصري، 472 سوري، 625 عراقي.

مادة 652
يجوز للأب أن يسترجع من ولده ما وهبه ويجوز للأم أيضاً أن تسترجع من ولدها ما وهبته له إذا لم يكن يتيماً فلا يجوز لها أن تسترجعه منه ولو طرأ اليتم بعد الهبة.
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه المادة الأحوال التي يجوز فيها لكل من الأب والأم والرجوع في هبته لولده وبينت أثر اليتم على حكم الرجوع.
واسترجاع ما وهبه الأب أو الأم من الولد على الوجه المبين في هذه المادة هو ما يسمى في الاصطلاح الفقهي بالاعتصار وهو أخذ أحد الأبوين من ولده ما وهبه له. والمراد بولد الأب والأم ما يشمل الذكر والأنثى الصغير والكبير والغني والفقير والسفيه والرشيد ومن حاز الشيء الذي وهب له ومن لم يحزه.
والأظهر عند المحققين كما نقله النباتي عن ابن عرفه وابن رشد أن الاعتصار يحصل بكل ما يدل على استرجاع الشيء الموهوب من الولد سواء كان بلفظ الاعتصار أو غيره كقول الأب أو الأم رجعت فيما وهبته أو أخذته أو اعتصرته منه وقال بعضهم لا يحصل إلا بلفظ الاعتصار وفيه نظر ظاهر فإن العامة لا تعرف الاعتصار غالب اً لهذا عبرنا في النص بالاسترجاع بدلاً من التعبير بالاعتصار ويفهم من هذا النص أن جواز الاعتصار قاصر على الأب والأم دون الجد والجدة. وإن الأم ليس له اعتصار ما وهبته لولدها اليتيم س واء حصل اليتم قبل الهبة أم حصل بعدها لأن الهبة لليتيم في معنى الصدقة والصدقة لا يجوز الرجوع فيها وما أخذ به النص من عدم جواز رجوع الأم في الهبة لليتيم سواء طرأ اليتم إليه قبل الهبة أو بعدها هو القول المعتمد وهو مبنى على اعتبار حال الولد وقت الاعتصار أي على اعتبار حاله من كونه يتيماً أو غير يتيم وقت الاعتصار وقطع النظر عن حاله وقت الهبة وقيل لا على الاعتصار إذا كان يتمه قد طرأ بعد الهبة واختاره اللخمي وهذا القول مبنى على اعتبار حال الولد وقت الهبة أي على اعتبار حاله من اليتم أو عدمه وقت الهبة بقطع النظر عن حاله وقت الإعتصار ولعل الاعتبار الأول أظهر لأن المعنى من الاعتصار في الحقيقة هو اليتم وهو متحقق في اليتم السابق على الهبة والمتأخر عنها.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالك ي مادة 544 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 348 والشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 99 .

مادة 653
يسقط حق كل من الأبوين في استرجاع ما وهبه لولده في الحالات الآتية:
1. إذا تغير ذات المال الموهوب أو تصرف فيه الموهوب له تصرفاً يخرجه عن ملكه.
2. إذا حدث تعامل مالي مع الموهوب له بسبب الهبة وكان من شأن الرجوع في الهبة، الإضرار بالموهوب له أو بالغير. 
3. إذا حدث للموهوب له أو للواهب مرض مخوف بعد الهبة إلا أن يزول مرضه فيعود لكل من الأبوين حقه في استرجاع ما وهبه ولده.
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه المادة أحوال سقوط حق كل من الأبوين في استرجاع ما وهبه لولده وتغير ذات الشيء الموهوب هو تغيرها بزيادة فيها كما إذا كبر الصغير أو سمن الهزيل أو ينقضي كما في هزال السمين أو بخلطها بغيرها بحيث لا تتميز عنه. وتصرف الموهوب له في الشيء الموهوب تصرفاً يخرجه عن ملكه كما إذا باع أو وهبه لغيره.
وحددت التعامل المالي مع الموهوب له بسبب الهبة كإعطائه دينا أو البيع له بثمن مؤجل نظراً لما حصل له من ميسرة بما وهب له.
والمرض المخوف هو الذي شأنه أن يكون سبباً في الموت غالباً.
سقط حق كل من الأبوين في استرجاع ما وهبه لولده في الحالة الأولى لأن الشيء الموهوب فات وهو بيد الموهوب له بتغيير ذاته بالتصرف الذي أخرجه عن ملكه.
وسقط حق كل منهما في الحالة الثانية لأن حدوث التعامل المالي مع الموهوب له بسبب الهبة يرتب عليه حقوقاً مالية للغير فيلزم على استرجاع الشيء الموهوب ضياع حقوق الغير وتوريط الموهوب له في هذا التعامل المالي.
وسقط حق كل منهما في الحالة الثالثة لأنه إذا مرض الموهوب له مرضاً مخوفاً تعلق حق ورثته بالشيء الذي وهب له فيس قط حق كل منهما في استرجاعه منه لتعلق حق الغير به.
وإذا مرض الواهب أباً كان أو أماً مرضاً مخوفاً كان استرجاعه للشيء الموهوب في هذه الحالة لمصلحة غيره لرجحان موته من مرضه ومصلحة ذلك الغير ليست بأولى من مصلحة الموهوب له.
وأما المرض العادي فلا يعتد به لبعد احتمال الموت منه.
وعاد لكل من الأبوين حقه في استرجاع ما وهبه لولده كما في صورة الاستثناء لأن الحق الذي يسقط لوجود مانع منه يعود عند زوال ذلك المانع.
ويعلم من هذا النص أن تغير قيمة الشيء الموهوب مع بقاء الذات على حالها لا يسقط به حق استرجاعه من الموهوب له لأن زيادة القيمة بالغ لاء أو نقصها بالرخص أمر عارض لا يعتد به كما يعتبر أيضاً أن تص رف الموهوب له في الشيء الموهوب الذي لا يخرجه عن ملكه لا يس قط به حق استرجاعه منه لعدم فواته بهذا التصرف ويعلم أخيراً م ن هذا النص أن حدوث التعامل المالي مع الموهوب له الذي لا يكون بسبب لا يسقط به حق استرجاع الشيء الموهوب منه لأنه لا دخل له في حدوث هذا التعامل فلا يلزم على استرجاعه ضياع حق للغير ولا توريط الموهوب له.
وهذه المادة مأخوذة من المذهب المالكي مادة 545 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 348 والشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 100 والقوانين الفقهية هي 352 .

الفصل الثالث
الشركة
نظرة عامة:
الشركة هي الإجماع في استحقاق أو تصرف. وهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى " فهم شركاء في الثلث " قال تعالى " وإن كثيراً من الخلطاء ليبقى بعضهم على بعض إلا الذي ن آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم " والخلطاء هم الشركاء ومن السنة ما روى أن البراء بن عازب وزيد بن أرقم كانا شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسيئة فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما أن ما كان بنقد فأخبروه وما كان نسيئة فروده. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " يقول الله أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خ ان أحدهما صاحبه خرجت من بينهما " رواه أبو داوود وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " يد الله مع الشريكين ما لم يتخاونا " وأجمع المسلمون على جواز الشركة واختلف وا في أنواعها فمنها شركة العنان وشركة الأبدان والوجوه والمضاربة والمفاوضة. ولا يصح شيء منها إلا من جائز التصرف لأنه عقد على التصرف في المال فلم يصح من غي ر جائز التصرف في المال وذلك كالبيع المغني ج 5 ص 109 .

الفرع الأول
الشركة بوجه عام
1. أحكام عامة
مادة 654
الشركة عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يسهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو من عمل لاستثمار ذلك المشروع واقتسام ما قد ينشأ عنه من ربح أو خسارة.
المذكرة الإيضاحية :
عرفت هذه المادة الشركة بأنها عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يسهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو من عمل لاستثمار ذلك المشروع واقتسام ما ينشأ عنه من ربح أو خسارة. وقد اعتمد في هذا التعريف على المادتين 1329 ، 1330 من المجلة وشرحهما لعلي حيدر والأتاسي والمادة 747 من مرشد الحيران مع ملاحظة عدم الأخذ بشركة المفاوضة كما هو مذهب الإمام الشافعي والحنابلة أيضاً كما تبين من ج 3 ص 206 من كتاب الإمام الشافعي ومن الصفحة 63 - 76 من ج 3 من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة وص 57 ج 6 من بدائع الصنائع والفقرة 1239 من الجزء الثامن من كتاب المحل ي وما تضمنته المادة 1331 من المجلة من أن وقوع شركة المفاوضة نادرة وقول الأستاذ علي حيدر في شرحها بأن شركة المفاوضة في زماننا كالمعدوم وبصفحة 145 من المختصر النافع في فقه الأمامية ولأن كلاً من الحنابلة والظاهرية والجعافرة أنكروا شركة المفاوضة كما ذكره الدكتور عبد العزيز الخياط 49 - 57 - في كتاب الشركات ج 2 ص 9 - 11 .
وهذه المادة تقابل المواد 582 أردني، 473 سوري، 626 عراقي.

مادة 655
1. تعتبر الشركة شخصاً اعتبارياً بمجرد تكوينها.
2. ولا يحتج بهذه الشخصية على الغير إلا بعد استيفاء إجراءات التسجيل والنشر التي يقررها القانون.
3. ولكن للغير أن يتمسكوا بهذه الشخصية رغم عدم استيفاء الإجراءات المشار إليها.
المذكرة الإيضاحية :
تعتبر هذه المادة الشركة شخصاً اعتباريا غير أنه لا يحتج بهذه الشخصية على الغير إلا بعد استيفاء الإجراءات التي يقررها القانون ومع ذلك فإن للغير التمسك بهذه الشخصية رغم عدم استيفاء تلك الإجراءات وقد سبق أن أوضحنا رأي الإسلام في الأشخاص الاعتباريين بصورة مبسطة وأن الشركات تعتبر في مقدمة الأشخاص الاعتباري ين. ويمكن بالإضافة إلى ذلك مراجعة المواد 37 ، 43 ، 44 ، 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي وأحكام الوقف في الصفحة 419 من رد المحتار ج 3 وقياساً على وجود ذمة مستقلة لبيت المال والوقف والشركة وجريا مع العرف وص 211 من كتاب الشركات القسم الأول للدكتور عبدالعزيز الخياط وما نستنتجه من تعبير الجرافي للشخص الحق ص 235 من كتاب أنوار البروق ج 2 ومن تهذيب الفروق لمحمد بن حسين المالكي ص 237 ج 3.
وهذه المادة تقابل المواد 583 أردني، 474 سوري، 677 عراقي.

2. أركان الشركة
مادة 656
1. يجب أن يكون عقد الشركة مكتوباً.
2. وإذا لم يكن العقد مكتوباً فلا يؤثر ذلك على حق الغير وأما بالنسبة للشركاء أنفس هم فيعتبر العقد صحيحاً إلا إذا طلب أحدهم اعتباره غير صحيح فيسري ذلك على العقد من تاريخ إقامة الدعوى.
المذكرة الإيضاحية :
تشترط هذه المادة أن يكون عقد الشركة مكتوباً، غير أن عدم كتابته لا يؤثر على حق الغير ويكون صحيحاً بين المتعاقدين إلا إذا طلب أحدهم اعتباره غير صحيح فيسري ذلك على العقد من تاريخ إقامة الدعوى.
ومصدر هذا الحكم ما ورد في المادة 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي وما ورد في شرح المادة 1330 من المجلة وشرحها لعل ي حيدر من أنه من اللائق أن ينظم سند بعقد الشركة يذكر فيه رأس المال وتقسيم الربح وطريقة العمل وتاريخ العقد وما جاء في ص 155 من ج 11 من كتاب المبسوط للسرخس ي تعليقاً على قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه إن المقصود بالكتاب التوثيق والاحتياط فينبغي أن يكتب على أوثق الوجوه ويتحرز فيه من طعن كل طاعن.
وهذه المادة تقابل المواد 584 أردني، 4752 سوري، 628 عراقي.

مادة 657
1. يشترط أن يكون رأسمال الشركة من النقود أو ما في حكمها مما يجري به التعامل وإذا لم يكن من النقود فيجب أن يتم تقدير قيمته.
2. ويجوز أن تكون حصص الشركاء متساوية أو متفاوتة ولا يجوز أن يكون الدين في ذمة الغير حصة في رأس مال الشركة.
المذكرة الإيضاحية :
تشترط هذه المادة في رأس مال الشركة أن يكون نقوداً أو ما في حكمها فإذا لم يكن منها وجب تقدير قيمته.
وتجيز المادة في حصص الشركة أن تكون متساوية أو متفاوتة ولا تجيز أن يكون الدين في ذمة الغير حصة في رأس مال الشركة ويعرف مصدر هذا الحكم من الرجوع إلى المواد 1338 - 1341 ، 1356 ، 1363 ، 1365 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي وبدائع الصنائع ص 59 - 60 ج 6 ونهاية المحتاج ص 7، 8 ج 5 والمغني ص 124 - 127 ج 5 ومذهب المالكية ص 81 - 83 ج 3 من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة وص 106 - 148 من كتاب الشركات القسم الأول للدكتور الشيخ عبدالعزيز الخياط. وهذه المادة تقابل المادة 585 أردني.

مادة 658
1. يجوز أن تكون حصة الشريك في الشركة حق ملكية أو حق منفعة أو أي حق عيني آخر وتسري عليها أحكام البيع فيما يتعلق بضمانها إذا هلكت أو استحقت أو ظهر فيها عيب أو نقص.
2. أما إذا كانت الحصة مجرد الانتفاع بالمال فإن أحكام الإيجار هي التي تسري في كل ذلك.
3. فإذا كانت الحصة عملاً وجب على الشريك أن يقوم بالخدمات التي تعهد بها في العقد.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة أن تكون حصة الشريك حق ملكية أو حق منفعة أو أي حق عيني آخر وفي هذه الحالة يسري عليها أحكام البيع. فإن كانت الحصة مجرد الانتفاع سرت عليها أحكام الإيجار فإن كانت عملاً وجب على الشريك أن يقوم بالخدمات التي تعهد بها في العقد وتعرف مصادر هذه الأحكام من الرجوع إلى المواد 1349 ، 1367 ، 1368 ، 1370 ، 1371 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي ورد المختار ص 342 ج 3 وبدائع الصنائع ص 62 ج 6 وتحفة الفقهاء ص 4 ج 3 والمغني ص 140 وما بعدها ج 5 وكتاب الشركات القسم الأول للدكتور عبدالعزيز الخياط ص 153 - 163 ولأن المقصود من حق المنفعة هنا هو حقوق الارتفاق السكني وأحكامها وهذه لها حكم العقار فيسري عليها حكم البيع عند الاستحقاق والهلاك.
أما حق الانتفاع بالمال إذا كان هو حصة الشريك بالشركة فيسري عليها حكم الإيجار.
وهذه المادة تقابل المواد 586 أردني، 511 مصري، 479 سوري، 631 عراقي.

مادة 659
1. توزع الأرباح على الوجه المشروط في العقد.
2. فإذا لم يبين في عقد الشركة نصيب كل من الشركاء في الأرباح فإنه يتعين توزيعها بنسبة حصة كل منهم في رأس المال.
3. وتوزع الخسائر بين الشركاء بنسبة حصة كل منهم في رأس مال الشركة وكل شرط على خلاف ذلك يكون باطلاً.

مادة 660
إذا اتفق الشركاء على أن تكون حصة أي منهم في الربح مبلغاً محدداً من المال بطل الشرط ويتم توزيع الربح طبقاً لحصة كل منهم في رأس المال.

مادة 661
إذا كانت حصة الشريك مقصورة على عمله وجب أن يقدر نصيبه في الربح تبعاً لما تفيده الشركة منه ذا العمل فإذا قدم بالإضافة إلى عمله نقوداً أو أي شيء آخر كان له نصيب عن عمله وآخر عما قدمه بالإضافة إلى العمل.

مادة 662
إذا اتفق في العقد على أن أحد الشركاء لا يفيد من أرباح الشركة ولا يساهم في خسائرها كان عقد الشركة باطلاً.
المذكرة الإيضاحية :
تعرض هذه المواد لطريقة توزيع الخسائر والأرباح إذ قضت بتوزيع الأرباح طبقاً لما هو مشروط في العقد وإلا وزعت بنسبة حصة كل من الشركاء في رأس مال الشركة أما الخسائر فإنها توزع بنسبة حصة كل من الشركاء في رأس المال ولا يجوز الاتفاق على خلاف ذلك لأن الخسران الوضعية في الشركة على كل واحد من الشركة يكون بقدر رأس ماله ولا خلاف في ذلك وهو رأي الأئمة ابن حنبل وأبو حنيفة والشافعي ومالك.
وحظرت أن يكون لأحد الشركاء قدراً مقطوعاً من الربح.
كما حظرت إعفاء أحد الشركاء من الأرباح والخسائر.
ومصدر أحكام هذه المواد يعرف من مراجعة المواد 83 ، 87 ، 1336 ، 1337 ، 1369 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي وكتاب بدائع الصنائع ج 6 ص 59 والمادة 748 من مرش د الحيران والمغني ج 5 ص 147 والشرح الصغير ج 2 ص 157 والشرح الكبير ج 3 ص 355 .
وهذه المواد تقابل المواد من 587 - 595 أردني، ومن 512 - 515 مصري، ومن 480 - 483 سوري و 362 - 635 عراقي.

3. إدارة الشركة

مادة 663
1. كل شريك يعتبر وكيلاً عن باقي الشركاء في مباشرة أعمال الشركة وفي التصرف بما يحقق الغرض الذي أنشئت من أجله ما لم يكن هناك نص أو اتفاق على غير ذلك.
2. وكل شريك يعتبر أميناً على مال الشركة الذي في يده.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بأنه في حالة عدم وجود نص أو أتفاق فإن كل شريك يعتبر وكيلاً عن باقي الشركاء في مباشرة أعمال الشركة وفي التصرف بما يحقق الغرض الذي أنشئت من أجل ه. ويعتبر كل شريك أميناً على مال الشركة الذي في يده.
ومصدر هذا الحكم يعرف من مراجعة المادتين 1333 ، 1350 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي والمادة 763 من مرشد الحيران والمغني ج 5 ص 18 ، 129 ورد المحتار ج 3 ص 377 والزيلعي ج 2 ص 350 والمدخل الفقهي العام للأستاذ الزرقا ج 1 ص 245 وكتاب الشركات للدكتور عبد العزيز الخياط ص 247 - 250 ج 1.
وهذه المادة تقابل المواد 591 أردني، 488 سوري، 640 عراقي.

مادة 664
1. إذا اتفق في عقد الشركة على إنابة أحد الشركاء في تمثيل الشركة وإدارة أعمالها تثبت له وحدة ولاية التصرف في كل ما تتناوله الإنابة وما يتصل بها من توابع ضرورية.
2. وإذا كانت الإنابة لأكثر من شريك ولم يؤذن لها بالانفراد كان عليهم أن يعملوا مجتمعين إلا فيما يحتاج فيه إلى تبادل الرأي أو في أمر عاجل يترتب على تفويته ضرر الشركة.
3. ولا يجوز عزل من اتفق على إنابته في عقد الشركة ولا تقييد تلك الإنابة دون مسوغ.
المذكرة الإيضاحية :
تضع هذه المادة حدود النيابة إذا ما اتفق في عقد الشركة على إنابة شريك في تمثيل الشركة وإدارة أعمالها وتحظر عزل من اتفق على إنابته أو تقييد إنابته دون مسوغ.
وقد استمدت هذه المادة من المواد 1375 ، 1382 ، 1465 ، 2521 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي والمادتين 935 ، 970 من مرشد الحيران ومن رد المحتار ج 3 ص 347 ونهاية المحتاج ج 5 ص 9.
وهذه المادة تقابل المواد 592 أردني، 484 سوري، ومن 636 - 638 عراقي.

مادة 665
1. يجوز تعيين مدير للشركة من الشركاء أو من غيرهم بأجر أو بغير أجر.
2. وللمدير أن يتصرف في حدود أغراض الشركة التي نيطت به على أن يتقيد في ذلك بنصوص العقد فإن لم تكن فبما جرى به العرف.
3. وإذا خرج المدير عن نطاق اختصاصاته ضمن كل ضرر يلحق بالشركة من جراء تصرفه.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة تعيين مدير للشركة من الشركاء أو من غيره م بأجر أو بغير أجر وتعين حدود تصرفاته والأثر المترتب على تجاوز هذه الحدود.
وقد استمدت هذه المادة مما قرره الفقهاء من جواز تعيين أجر المثل للوصي أو المتولي على الوقف لقاء عمله خصوصاً بعد اعتبار الشخصية المعنوية للشركة فيقاس عليه المدير للشركة وأيضاً ما ورد في المادتين 43 ، 44 من المجلة وشرحهما لعل ي حيدر وما ذكره الدكتور الخياط في كتاب الشركات ج 1 ص 263 .
وهذه المادة تقابل المادة 593 أردني.

مادة 666
1. يجوز أن يتعدد المديرون للشركة.
2. وفي حالة تعددهم تحدد اختصاصات كل منهم.
3. ويجوز عزلهم أو عزل أحدهم بالطريقة التي تم تعيينه بها.
المذكرة الإيضاحية :
أجازت هذه المادة تعدد المديرين للشركة وتحديد اختصاص كل منهم كما أجازت عزلهم أو عزل أحدهم بالطريقة التي تم تعيينه بها. وحكم هذه المادة مستمد من المواد 1465 ، 1466 ، 1521 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي.
وهذه المادة تقابل المادة 594 أردني، 484 ، 485 سوري، 636 ، 637 عراقي.

مادة 667
لا يجوز لمن أنيب في إدارة الشركة أو عين مديراً لها أن يعزل نفسه أو يستقيل في وقت يلحق بالشركة ضرراً.
المذكرة الإيضاحية :
تحظر هذه المادة على من أنيب في إدارة الشركة أو عين مديراً لها أن يعزل نفسه أو يستقيل في وقت يلحق بالشركة ضرراً.
وقد استمدت هذه المادة من المادة 1523 من المجلة وبدائع الصنائع ج 6 ص 77 .
وهذه المادة تقابل المواد 595 أردني، 484 سوري، 636 عراقي.

مادة 668
ليس للشركاء من غير المديرين حق الإدارة ولهم أن يطلعوا بأنفسهم على دفاتر الشركة ومستنداتها.
المذكرة الإيضاحية :
تحرم هذه المادة الشركاء من غير المديرين من حق الإدارة وإن أجازت لهم الإطلاع بأنفسهم على دفاتر الشركة ومستنداتها.
وقد استمدت هذه المادة من المادتين 1350 ، 1375 من المجلة ورد المحتار ص 347 ج 1.
وهذه المادة تقابل المواد 596 أردني، 487 سوري، 639 عراقي.

4. أثار الشركة
مادة 669
1. يلتزم الشريك الذي له حق تدبير مصالح الشركة بأن يبذل في سبيل ذلك من العناية ما يبذله في تدبير مصالحة إلا إذا كان منتدباً للعمل بأجر فلا يجوز له أن ينزل عن عناية الرجل المعتاد.
2. ويلتزم أيضاً بأن يمتنع عن أي تصرف يلحق الضرر بالشركة أو يخالف الغرض الذي أنشئت من أجله.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة التزامات الشريك الذي له حق تدبير مصالح الشركة ودرجة العناية التي يتعين عليه بذلها في س بيل ذلك وتحظر عليه القيام بأي تصرف يلحق الضرر بالشركة أو يخالف الغرض الذي أنشئت من أجله.
وقد استمدت هذه المادة من المادة 1350 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي، وبدائع الصنائع ج 3 ص 68 ورد المحتار ج 3 ص 354 ، 355 والمغني ج 5 ص 46 .
وهذه المادة تقابل المواد 597 أردني، 489 سوري، 641 عراقي.

مادة 670
لا يجوز للشريك أن يحتجز لنفسه شيئاً من مال الشركة فإن فعل كان ضامناً كل ضرر يلحق بها من جراء هذا الاحتجاز.
المذكرة الإيضاحية :
تحظر هذه المادة على الشريك أن يحتجز لنفسه شيئاً من مال الشركة وإلا كان ضامناً كل ضرر يلحق بها.
وهذه المادة مستمدة من المواد 922 ، 924 ، 1350 ، 1355 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي والمواد من 750 - 753 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 598 أردني، 490 سوري، 642 عراقي.

مادة 671
1. إذا كانت الشركة مدينة بدين متصل بأغراض الشركة ولم تف به أموالها لزم الشركاء في أموالهم الخاصة ما يفي من الدين بمقدار نصيب كل منهم في خسائر الشركة.
2. أما إذا اشترط تكافل الشركاء في عقد الشركة فإنهم يتحملون الدين جميعاً بالتضامن.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بتحمل الشركاء في أموالهم الخاصة كل بقدر نصيبه في خسائر الشركة وذلك في حالة عدم وفاء أموال الشركة بديونها المتصلة بأغراضها فإن كان بين الشركاء تكافل فإنهم يتحملون الدين جميعاً بالتضامن.
وقد استمدت هذه المادة من المواد 87 ، 1335 ، 1369 ، 1377 ، 1384 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي.
وهذه المادة تقابل المواد 599 أردني، 491 ، 492 سوري، 643 عراقي.

مادة 672
1. إذا كان أحد الشركاء مديناً لأخر بدين شخصي فليس لدائنه أن يستوفي حقه مما يخص ذلك الشريك في رأس المال قبل تصفية الشركة ولكن يجوز له استيفاؤه مما يخص المدين من الربح.
2. أما إذا كان عقد الشركة يتضمن تكافل بين الشركاء فلهذا الدائن استيفاء دينه من رأس مال الشركة بعد تصفيتها.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حق الدائن لأحد الشركاء بدين ش خصي في استيفاء دينه من رأس مال الشركة بعد التصفية أو مما يخص الشريك المدير من الربح وقد فرقت في حق الدائن في الرجوع بين حالتي تكافل الشركاء أو عدم تكافلهم.
وقد استمدت هذه المادة من المواد 58 ، 1357 ، 1376 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي.
وهذه المادة تقابل المواد 600 أردني، 493 سوري، 645 عراقي.

5. انقضاء الشركة
مادة 673
تنتهي الشركة بأحد الأمور التالية:
1. انتهاء مدتها أو انتهاء العمل الذي قامت من أجله.
2. هلاك جميع رأس المال أو رأس مال أحد الشركاء قبل تسليمه.
3. موت أحد الشركاء أو جنونه أو إفلاسه أو إعساره أو الحجر عليه أو انسحابه.
4. إجماع الشركاء على حلها.
5. صدور حكم قضائي بحلها.
المذكرة الإيضاحية :
عددت هذه المادة الأحوال التي تنتهي بها الشركة. وقد استمدت هذه المادة من المواد 135 - 1354 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 601 أردني، 494 ، 498 سوري، 646 عراقي.

مادة 674
1. يجوز قبل انقضاء المدة المحددة للشركة مد أجله المدة محددة ويكون ذلك استمراراً للشركة.
2. وإذا انقضت المدة المحددة للشركة أو انتهى العمل الذي قامت الشركة من أجله ثم استمر الشركاء بأعمالهم كان هذا امتداداً ضمنياً للشركة سنة فسنة بالشروط ذاتها.
3. ويجوز لدائن أحد الشركاء أن يعترض على امتداد الشركة ويترتب على اعتراضه وقف أثر الامتداد في حقه.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة مد أجل الشركة قبل انقضاء المدة المحددة لها ويعتبر ذلك استمراراً لها. كما يعتبر استمرار الشركاء في أعمالهم بعد انقضاء الشركة أو انتهاء العمل الذي قامت من أجله امتداداً ضمنياً لها سنة فسنة بالشروط ذاتها ويقف أثر هذا الامتداد إذا اعترض عليه أحد دائني الشركة. ذلك أن الأصل في عقد الشركة أن يعين لها مدة تنتهي عندها. وتعيين هذه المدة يكون بالاتفاق بين الشركاء فإذا فرض أن الشركاء اتفقوا قبل نهاية المدة على زيادتها كان ذلك استمرارا للشركة وزيادة في الأجل المحدد منهما سابقاً وأما إذا كان مد أجل الشركة بعد انقضاء المدة المتفق عليها فيكون هذا اتفاقاً جديداً خاضعاً لأحكامه على ألا يلحق الآخرين من ذلك ضرر كالدائنين والمسلمون عند شروطهم والمعروف عرفا كالمشروط شرطاً ويلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان ولا ضرر ولا ضرار كما هو واضح من المواد 19 ، 43 ، 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر. ولذلك، وضعت هذه المادة لتغطية أحكام الحالتين المشار إليهما وهو ما دون منه.
وهذه المادة تقابل المواد 602 أردني، 526 مصري، 494 سوري، 647 عراقي.

مادة 675
1. يجوز الاتفاق على أنه إذا مات أحد الشركاء استمرت الشركة مع ورثته ولو كانوا قصراً وفي هذه الحالة يحل الورثة محل مورثهم بعد موافقتهم أو موافقة ولي فاقد الأهلية منهم أو وصية. وذلك مع مراعاة الشروط والأحكام التي ينص عليها القانون.
2. ويجوز أيضاً الاتفاق على استمرار الشركة بين باقي الشركاء إذا مات أحدهم أو حجر عليه أو أفلس أو انسحب. وفي هذه الحالات لا يكون لهذا الشريك أو ورثته إلا نصيبه في أموال الشركة. ويقدر هذا النصيب بحسب قيمته يوم وقوع الحادث الذي أدى إلى خروجه من الشركة ويدفع له نقداً ولا يكون له نصيب فيما يستجد بعد ذل ك من حقوق إلا بقدر ما تكون تل ك الحقوق ناتجة عن عمليات سابقة على ذلك الحادث.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة الحالات التي يموت فيها أحد الشركاء أو يفلس أو ينسحب وأثر ذلك على قيام الشركة.
وتبني هذه الأحكام على أن عقد الشركة من العقود التي يتم فيها الاتفاق بين المتعاقدين على الشروط والكيفية التي يرى الشركاء فيها مصلحة لهم فإذا اتفقوا حين العقد على أن تستمر الشركة في حالة انسحاب أحدهم أو إفلاسه أو الحجر عليه أو أية حالة أخرى كان ذلك شرطاً أو اتفاقا يجب تنفيذه إذا لم يكن هناك مانع شرعي عملاً بأحكام المادة 83 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وإذا لم يشترط هذا الشرط كان للشركاء حق الاستمرار بالشركة وإذا مات أحدهم أو فقد أهليته فللورثة أو لمن يمثل فاقد الأهلية أن يق وم مقامه عملاً بالقواعد العامة وما ج اء في رد المحتار ج 3 ص 542 والمغني لابن قدامه ج 5 ص 134 وكتاب الشركات للدكتور الخياط ج 11 ص 348 ، 349 .
وهذه المادة تقابل المواد 603 أردني، 528 مصري، 496 سوري، 648 عراقي.

مادة 676
يجوز للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب أحد الشركاء لعدم وفاء شريك بما تعهد به أو لإلحاقه بالشركة ضرراً جوهرياً من جراء تولي شئونها.

مادة 677
1. يجوز لأغلبية الشركاء أن يطلبوا من القضاء الحكم بفصل أي شريك متى استندوا في ذلك لأسباب جدية تبرر الفصل.
2. كما يجوز أيضاً لأي شريك أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة إذا كانت الشركة محددة المدة واستند في ذلك لأسباب معقولة.
3. وفي الحالتين السابقتين يسري على نصيب الشريك المفصول أو المنسحب أحكام المادة 675 فقرة 2 ويقدر هذا النصيب بحسب قيمته يوم رفع الدعوى.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هاتان المادتان للمحكمة أن تقضي بحل الشركة بناء على طلب أحد الشركاء كما تجيز لأغلبية الشركاء طلب الحكم بفصل أي شريك ولكل شريك طلب الحكم بإخراجه من الشركة وذلك كله للأسباب المبينة في هاتين المادتين ذلك أن الأصل في العقود تحقيق المصلحة وعدم الضرر بالآخرين وإذا وقع ضرر فينبغي تمكين المتضرر من طلب إزالته ورفعه عنه وتوفير مصلحة الناس واستقرارهم في المعاملات مما يجب تأمينه في التشريعات والقوانين مما يتبين ذلك من المواد 19 ، 20 ، 58 من المجلة وشرحها لعلي حيدر. ولذلك وضعت المادتان المشار إليهما تحقيقاً لما ذكر.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 604 ، 605 أردني، 530 ، 531 مصري، 498 ، 499 سوري، 649 ، 650 عراقي.

6.تصفية الشركة وقسمتها
مادة 678
تتم تصفية أموال الشركة وقسمتها بالطريقة التي ارتضاها الشركاء فإذا لم يتفقوا جاز لأي من أصحاب المصلحة أن يطلب من القضاء تعيين مصف أو أكثر لإجراء التصفية والقسمة.

مادة 679
1. تبقى للشركة شخصيتها الاعتبارية بالقدر اللازم للتصفية.
2. ويعتبر مدير الشركة أو مديروها في حكم المصفى بالنسبة إلى الغير حتى يتم تعيين المصفى.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هاتان المادتان بأن تتم تصفية الشركة وقسمتها بالطريقة التي ارتضاها الشركاء فإذا لم يتفقوا جاز تعيين مصف لإجراء التصفية وقسمتها وتبقي للشركة ش خصيتها الاعتبارية بالقدر اللازم للتصفية. ويعتبر مدير الشركة في حكم المصفى بالنسبة للغير حتى تعيين المصفى.
وقد استمدت هاتان المادتان من المواد 1114 ، 1120 ، 1122 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي وما ذكره الدكتور الخياط في كتابه الشركات قسم أول ص 365 وما بعدها.
وهاتان المادت ان تقابلان المواد 606 ، 607 أردني، 500 - 503 سوري، 651 - 653 عراقي.

مادة 680
يقوم المصفي بجميع أعمال التصفية من جرد موجودات الشركة واستيفاء حقوقها ووفاء ديونها وبيع أموالها حتى يصبح المال مهيأ للقسمة مراعياً في كل ذلك القيود المنصوص عليها في أمر تعيينه وليس في أمر تعيينه وليس له أن يقوم بعمل لا تقتضيه النصفية.

مادة 681
يتبع في قسمة الشركات القواعد المتعلقة بقسمة المال الشائع.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هاتان المادتان مهمة المصفي وما يتبع في القسمة وقد ألزمت المصفي بمراعاة القيود الواردة بأمر تعيينه كما أخضعت القسمة لقواعد قسمة المال الشائع.
وقد استمدت هاتان المادتان من المواد من 1127 ، 1151 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي وما ذكره الدكتور الخياط في كتابه الشركات القسم الأول ص 374 .
وهاتان المادتان تقابلان المواد 608 ، 609 أردني، 503 ، 505 سوري، 654 ، 656 عراقي.

مادة 682
1. يقسم مال الشركة بين الشركاء بعد وفاء حقوق الدائنين وحفظ مبلغ لوفاء الديون غير الحالة أو المتنازع عليها كما تؤدي النفقات الناشئة عن التصفية.
2. ويختص كل شريك بمبلغ يتناسب مع حصته في رأس المال. كما ينال من الربح ويتحمل من الخسارة النسبة المتفق عليها أو المنصوص عليها في أحكام هذا القانون.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بقسمة مال الشركة بعد وفاء حقوق الدائنين وحفظ ما يفي بالوفاء بالديون غير الحالة المتنازع عليها وتأدية النفقات الناشئة عن التصفية واختصاص كل شريك بعد ذلك بمبلغ يتناسب وحصته في رأس المال وتحمله من الربح والخسارة بالنسبة المتفق عليها.
وقد استمدت هذه المادة من أنواع الشركة وهي اشتراك اثنين أو أكثر بسبب من أسباب عدة كالاشتراك والوصية والتوارث وما ذكر في المادة 1060 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وبما أن حقوق الدائنين مقدمة على حقوق المساهمين في الشركة لأنها حق للغير فالتركة حين قسمتها أنما تقسم على الورثة بعد أخراج ما استحق للآخرين من وصية أو دين عملاً بالآية الكريمة “من بعد وصية توصون بها أو دين” ومن العدالة والإنصاف أن تقاس الشركة الناشئة عن غير الإرث على الشركة الناشئة بسبب الإرث رعاية لحقوق الدائنين.
ولذلك وضعت المادة على هذا الأساس مع ملاحظة أن يتحمل كل من الشركاء من الخسارة النسبة المتفق عليها كما ينال من الربح عملاً بقاعدة الغرم بالغنم ويراجع في ذلك المادتان 87 ، 1152 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي وكتاب الشركات للدكتور الخياط ج 1 ص 375 .
وهذه المادة تقابل المواد 610 أردني، 504 سوري، 655 عراقي.

الفرع الثاني
بعض أنواع الشركات
1. شركة الأعمال

مادة 683
شركة الأعمال عقد يتفق بمقتضاه شخصان أو أكثر على التزام العمل وضمانه للغير لقاء أجر سواء أكانوا متساوين أم متفاضلين في توزيع العمل بشرط اتحاد الأعمال أو تلازمها.
المذكرة الإيضاحية :
تعرف هذه المادة شركة الأعمال بأنها عقد يتفق بمقتضاه شخصان أو أكثر على التزام العمل وضمانه للغير لقاء أجر سواء أكانون متساوين أو متفاضلين في توزيع العمل بشرط اتحاد الأعمال أو تلازمها.
وقد استمدت هذه المادة من المادة 1385 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي ورد المحتار ج 3 ص 347 وتحفة الفقهاء ص 9 ج 3 وبدائع الصنائع ص 75 ج 6 والفقه على المذاهب الأربعة ص 68 ج 3. كما استمدت من المذهب المالكي الشرح الصغير ج 3 ص .474
وهذه المادة تقابل المادتين 611 أردني، 676 عراقي.

مادة 684
1. يلتزم كل من الشركاء بأداء العمل الذي تقبله وتعهده أحدهم.
2. ويحق لكل منهم اقتضاء الأجر المتفق عليه وتبرأ ذمة صاحب العمل بدفعة إلى أي منهم.
المذكرة الإيضاحية :
تلزم هذه المادة الشركاء بأداء العمل الذي تقبله وتعهده أحدهم كما تخول لكل منهم الحق في اقتضاء الأجر المتفق عليه وتبرأ ذمة صاحب العمل بأدائه إلى أي منهم .
وقد استمدت هذه المادة من المواد 1386 ، 1388 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي ورد المحتار ج 3 ص 348 وتحفة الفقهاء ج 3 ص 10 وبدائع الصنائع ج 6 ص 76 والمغني ج 5 ص 113 ، 114 .
وهذه المادة تقابل المادتين 612 أردني، 677 عراقي.

مادة 685
لا يجبر الشريك على إيفاء ما تقبله من العمل بنفسه فله أن يعطيه إلى شريكه أو إلى آخر من غير الشركاء إلا إذا شرط عليه صاحب العمل أن يقوم به بنفسه.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بأن الشريك الذي لا يقبل العمل لا يجبر على الوفاء به بنفسه وإنما له أن يعطيه إلى أحد شركائه إلا إذا شرط عليه صاحب العمل أن يقوم به بنفسه.
وقد استمدت هذه المادة من المذهبين الحنف ي والحنبلي المادة 1389 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاس ي وبدائع الصنائع ج 6 ص 76 والمغني ج 5 ص 114 .
وهذه المادة تقابل المادتين 612 أردني، 678 عراقي.

مادة 686
1. يقسم الربح بين الشركاء على الوجه المتفق عليه.
2. ويجوز التفاضل في الربح ولو اشترط التساوي في العمل.
3. ويستحق كل منهم حصته من الربح ولو لم يعمل بعذر مقبول.
المذكرة الإيضاحية :
أوجبت هذه المادة تقسيم الأرباح على الوجه المتفق عليه وأجازت التفاضل في الربح ولو اشترط التساوي في العمل كما تحتفظ بحق الشريك في حصته في الربح ولم لم يعمل بعذر.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب الحنفي والمذهب الحنبلي المادتين 1390 ، 1391 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي وتحفة الفقهاء ج 3 ص 11 والمغني ج 5 ص 114 ، 115 .
وهذه المادة تقابل المادة 614 أردني، 679 عراقي.

مادة 687
الشركاء متضامنون في إيفاء العمل.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة مبدأ تضامن الشركاء في إيفاء العمل.
وهذا الحكم مستمد من المذهب ين الحنفي والحنبلي المادة 1392 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي وتحفة الفقهاء ج 3 ص 11 وبدائع الصنائع ج 6 والمغني ج 5 ص 115 .
وهذه المادة تقابل المادتين 615 أردني و 680 عراقي.

مادة 688
إذا اتلف الشيء الذي يجب العمل فيه أو تعيب بفعل أحد الشركاء جاز لصاحب العمل أن يضمن ماله أي شريك شاء. وتقسم الخسارة بين الشركاء بقدر ضمان كل واحد منهم.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة لصاحب العمل أن يضمن ماله أي شريك شاء وذلك في حالة تلف الشيء الذي يجب العمل فيه أو تعيبه بفعل أحد الشركاء. وتقسم الخسارة بين الشركاء بقدر ضمان كل واحد منهم.
وهذه المادة مستمدة من المادة 1393 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي وتحفة الفقهاء ج 3 ص 11 وبدائع الصنائع ج 6 ص 76 .
وهذه المادة تقابل المادتين 616 أردني، 681 عراقي.

مادة 689
تجوز شركة الأعمال على أن يكون المكان من بعض الشركاء والآلات والأدوات من الآخرين كما يجوز أن يكون المكان والآلات والأدوات من بعضهم والعمل من الآخرين.
المذكرة الإيضاحية :
تجيزهذه المادة في شركة الأعمال أن يكون المكان من بعض الشركاء والآلات والأدوات من الآخرين كما تجيز أن يكون المكان والآلات والأدوات من بعضهم والعمل من الآخرين.
وهذه المادة مستمدة من المذهبين الحنف ي والحنبلي المواد من 1394 - 1397 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي ورد المحتار ج 3 ص 349 وبدائع الصنائع ج 6 ص 64 ، 65 وتحفة الفقهاء ج 3 ص 9 والمغني ج 5 ص 113 .
وهذه المادة تقابل المادتين 617 أردني، 682 عراقي.

مادة 690
1. يجوز أن يكون نشاط شركة الأعمال منصرفا إلى حمل الأشياء ونقلها ولا اعتبار لتفاوت وسائل النقل العائدة لكل شريك في نوعها وقدرتها على العمل ما دام كل شريك ضامناً للعمل.
2. على أنه إذا لم تعقد الشركة على تقبل العمل بل على إيجار وسائل النقل عيناً وتقسيم الأجرة فالشركة فاسدة وتكون أجرة كل وسيلة نقل حقاً لصاحبها ويأخذ من أعان في التحصيل والنقل أجر مثل عمله.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة أن ينصرف نشاط شركة الأعمال إلى حمل الأشياء ونقلها دون اعتبار تفاوت وسائل النقل العائدة لكل شريك في نوعها وقدرتها على العمل ما دام كل شريك ضامناً للعمل. فإذا انصرف نشاط الشركة إلى إيجار وسائل النقل عيناً وتقسيم الأجرة فسدت الشركة وكانت أجرة كل وسيلة نقل حقاً لصاحبها وأخذ من أعان في التحميل والنقل أجر مثل عمله.
وهذه المادة مستمدة من المذهبين الحنفي والحنبلي المواد 83 ، 1397 من المجلة والمغني ج 5 ص 115 ، 116 .
وهي تقابل المادتين 618 أردني، 683 عراقي.

2. شركة الوجوه
مادة 691
1. شركة الوجوه عقد يتفق بمقتضاه شخصان أو أكثر على شراء مال نسيئة بمالهم من اعتبار ثم بيعه على أن يكونوا شركاء في الربح.
2. ويضمن الشركاء ثمن المال المشتري كل بنسبة حصته فيه سواء أباشروا الشراء معاً أم منفردين.

مادة 692
يوزع الربح والخسارة على الشركاء بنسبة ما ضمنه كل منهم من المال الذي اشتروه نسيئة ما لم يتفق على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تعرف هاتان المادتان شركة الوجوه وتحيل ضمان الشركاء لثمن المال المشتري بنسبة حصة كل منهم فيه، كما تجعل توزيع الربح والخسارة بنسبة هذا الضمان ما لم يتفق على غير ذلك.
وهاتان المادتان مستمدتان من المذهبين الحنفي والحنبلي المواد 83 ، 1332 ، 1403 من المجلة ورد المحتار ج 3 ص 348 وبدائع الصنائع ج 6 ص 65 وتحفة الفقهاء ج 2 ص 8 والمغني ج 5 ص 122 والفقه على المذاهب الأربعة ص 75 ج 3.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 619 ، 620 أردني، ومن 657 - 659 عراقي.

3. شركة المضاربة القراض
نظرة عامة:
المضاربة هي أن يشترك بدن ومال وتسمي قراضاً في المذهب المالكي ومعناه أن يدفع الرجل مال إلى آخر يتجر له فيه على أن ما حصل من الربح بينهما حسب ما يشترطانه وأهل العراق يسمونه مضاربة مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر فيها للاتجار قال الله تعالى “وأخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله” ويحتمل أن يكون من ضرب كل واحد منهما في الربح بسهم أما أهل الحجاز فيسمونه القراض “والمالكية” وقيل سبب لهذه التسمية أن القراض مشتق من القطع يقال قرض الفأر الثوب إذا قطعه فكأن صاحب المال اقتطع من ماله قطعة وسلمها إلى العامل واقتطع له قطعة من الربح وقيل اشتقاق من المادة والموازنة وقالوا تقارض الشاعران إذا وازن كل واحد منهما الآخر بشعره وهما هنا من العامل والعمل ومن الآخر المال فتوازنا وأجمع أهل العلم على جواز المضاربة في الجملة ذكره ابن المنذر وروى عن حميد بن عبدالله عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب أعطاه مال يتيم مضاربة يعمل به في العراق وروى مالك عن زيد عن أبيه أن عبد الله وعبيد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرجا في جيش إلى العراق فتسلما من أبي موسى مالاً وابتاعا به متاعاً وقدما به إلى المدينة فباعا وربحا فيه فأراد عمر أخذ رأس المال والربح كله فقالوا لو تلف كان ضمانه علينا فلم لا يكون ربحه لنا فقال رجل يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضاً قال قد جعلته وأخذ منهما نصف الربح وهذا يدل على جواز القراض، وعن مالك عن العلاء بن عبدالرحمن عن أبيه عن جده أن عثمان ابن عفان قارضه وعن قتادة عن الحسن أن علياً قال إذا خالف المضارب فلا ضمان هما على ما شرط. وعن ابن مسعود وحكيم بن حزام أنهما قارضا ولا مخالف لهما في الضمان فحصل إجماعا ولأن بالناس حاجة إلى المضاربة فإن الدراهم والدنانير لا تنمي إلا بالتقليب والتجارة وليس كل من يملكها يحسن التجارة ولا كل من يحسن التجارة له رأس مال فاحتيج إليها من الجانبين فشرعها الله تعالى لدفع الحاجتين. المغني ج 5 ص 134 ، 135 .

مادة 693
شركة المضاربة عقد يتفق بمقتضاه رب المال على تقديم رأس المال والمضارب بالسعي والعمل ابتغاء الربح.
المذكرة الإيضاحية :
عرفت هذه المادة شركة المضاربة بأنها عقد يتفق بمقتضاه رب المال على تقديم رأس المال والمضارب بالسعي والعمل ابتغاء الربح. وقد استمدت هذه المادة ومعظم أحكام المضاربة القراض على النحو الذي س يرد فيما بعد من المواد 19 ، 924 ومن 1404 - 1430 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي ورد المحتار ج 4 ص 483 - 490 وبدائع الصنائع ج 6 ص من 79 إلى 115 وتحفة الفقهاء ج 3 ص 17 وما بعدها.
وهذه المادة تقابل المادة 621 أردني كما نظم القانون العراقي أحكام المضاربة في المواد من 660 - 675 منه.

مادة 694
يشترط لصحة المضاربة:
1. أهلية رب المال للتوكيل والمضارب للوكالة.
2. أن يكون رأس المال معلوماً وصالحاً للتعامل فيه.
3. ألا يكون رأس المال دينا أو وديعة لرب المال في ذمة المضارب.
4. تسليم رأس المال إلى المضارب.
5. أن تكون حصة كل من المتعاقدين في الربح جزءاً معلوما وشائعاً.
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه المادة شروط صحة المضاربة وهي أن يكون رب المال أهلاً للتوكيل والمضارب أهلاً للوكالة وأن يكون رأس المال معلوماً وصالحاً للتعامل فيه وليس دينا أو وديعة لرب المال في ذمة المضارب وأن يتم تسليمه إلى المضارب وأن تكون حصة كل واحد من المتعاقدين في الربح جزءاً معلوماً وشائعاً.
ومثال وقوع القراض بدين على العامل أن يقول له الدائن أجعل مالي عليك من الدين قراضاً على أن يكون الربح بيننا مناصفة وإنما فسد القراض إذا وقع بدين لأن الدين لا ينتقل من ذمة العامل إلى كونه مال قراض إلا بقبضه منه وتسليمه له ثانيا ليعمل فيه قراضاً فإذا لم يقبضه منه فأنه يستمر ديناً في ذمته ويكون القراض قد وقع بدون رأس مال وكان الربح للعامل والخسارة عليه لأنه عمل في ماله الخاص لبقاء مال الدائن ديناً في ذمة العامل.
ومثال وقوع القراض بوديعة عند العامل أن يقول له رب الوديعة اجعل وديعتي التي عندك قراضاً على أن يكون الربح بيننا مناصفة وإنما فسد القراض إذا وقع بوديعة لاحتمال أن العامل تصرف فيها قبل جعلها قراضاً وأنها صارت ديناً في ذمته كان الربح لربها والخسارة عليه لاحتمال بقائها عنده كما هي وإنه اتجر بها على أنها قراض ولكن لما فسد هذا القراض لأجل الاحتمال الأول كان ربحها لربها وخسارتها عليه وكان للعامل أجرة مثله فقط وهكذا نظر للاحتمالين معاً ورتب على كل احتمال ما يقتضيه .
وقد استمدت هذه المادة عن البند 3 من المراجع المشار إليها في المادة 693 أما البند 3 فقد استمد من المذهب المالكي مادة 420 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 271 .
وهذه المادة تقابل المادة 622 أردني.

مادة 695
1. يثبت للمضارب بعد تسليم رأس المال إليه ولاية التصرف فيه بالوكالة عن صاحبه.
2. ويكون المضارب أميناً على رأس المال وشريكاً في الربح.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بأن يكون للمضارب بعد تسليمه المال إليه ولاية التصرف فيه بالوكالة عن صاحبه وأن يكون أميناً على رأس المال وشريكاً في الربح.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 693 .
وهذه المادة تقابل المادة 623 .

مادة 696
لا يجوز اشتراط ضمان المضارب لرأس المال إذا ضاع أو تلف بغير تفريط منه.
المذكرة الإيضاحية :
حظرت هذه المادة اشتراط ضمان المضارب لرأس المال في حال ضياعه أو تلفه بغير تفريط منه دائماً فسد عقد القراض في هذه الحالة لأنه مشروط بشرط يخالف ما جري العرف من أن العامل لا يضمن إلا إذا أفرط أو ظهر كذبه في دعوى التلف أو الضياع بغير تفريط منه لأنه أمين والشرط المخالف لهذا العرف يكون شرطاً تعسفياً يوجب فساد القراض ولا يعمل به في حالة رده إلى قراض المثل.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 423 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 272 والشرح الكبير وحاشيته ج 3 ص 465 .

مادة 697
يصح أن تكون المضاربة عامة مطلقة أو خاصة مقيدة بزمان أو بمكان أو بنوع من التجارة أو بغير ذلك من الشروط المقيدة.
المذكرة الإيضاحية :
أجازت هذه المادة أن تكون المضاربة عامة مطلقة أو أن تكون خاصة مقيدة بزمان أو م كان أو نوع من التجارة أو غير ذلك من الشروط المقيدة ومما يلاحظ أن هذا الحكم يخالف ما ورد في المذهب المالكي والذي يذهب إلى أن القراض يعتبر فاسداً إذا حدد العمل فيه بمدة معينة مادة 422 من التقنين المالكي وقد رؤي في المشروع الأخذ بجواز تقييد المضاربة بمدة معينة لأن ذلك أيسر.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 693 .

مادة 698
1. إذا كان عقد المضاربة مطلقاً اعتبر المضارب مأذونا بالعمل والتصرف برأس المال في شئون المضاربة وما يتفرع عنها وفقاً للعرف السائد في هذا الشأن.
2. ولا يجوز للمضارب خلط مال المضاربة بماله ولا إعطاؤه للغير مضاربة إلا إذا جرى العرف بذلك أو كان رب المال قد فوضه العمل برأيه.
3. كما لا يجوز له هبة مال المضاربة ولا إقراضه ولا اقتراض إلى حد يصبح معه الدين أكثر من رأس المال إلا بإذن صريح من رب المال.
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه حكم إطلاق المضاربة وما يترتب عليه من اعتبار المضارب مأذونا بالعمل والتصرف في رأس المال في شئون المضاربة ومع ذلك فإنه لا يجوز له خلط مال المضاربة بماله ولا إعطاؤه للغير مضاربة إلا إذا جرى العرف بذلك أو كان رب المال قد فوضه العمل برأيه كما لا يجوز للمضارب هبة م ال المضاربة ولا اقراضه الاقتراض إلى حد يصبح معه الدين أكثر من رأس المال إلا بإذن صريح من رب المال.
وقد استمدت أحكام هذه المادة من المراجع المشار إليها أعلاه في المادة 693 .
وهذه المادة تقابل المادتين 625 / 1، 626 أردني.

مادة 699
إذا قيد رب المال المضاربة بشروط وجب مراعاتها فإذا تجاوز المضارب في تصرفه الحدود المأذون بها فالربح على ما أتفق عليه الشركاء والخسارة على المضارب.
المذكرة الإيضاحية :
تلزم هذه المادة المضارب بالتقيد بالشرط الذي قيد به رب المال المضارب فإن تجاوزه المضارب كان الربح ما أتفق عليه الشركاء فإذا حدثت خسارة كانت على المضارب وحده.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها عند استعراض المادة 693 والمغني ج 5 ص 165 .
وهذه المادة تقابل المادة 625 / 2 أردني.

مادة 700
إذا شارك المضارب مضارباً آخر بمال المضاربة أو باع بعض سلعه بدين بغير إذن رب المال فإن المضارب الأول يضمن ما يحصل في مال المضاربة من تلف أو خسارة في الحالتين.
المذكرة الإيضاحية :
قررت هذه المادة ضمان المضارب ما يحصل في مال المضاربة من تلف أو خسارة إذا ما شارك مضارباً آخر بمال المضاربة أو باع بعض سلعه بدين بغير إذن رب المال. وإنما ضمن العامل أو المضارب الأول في الحالة الأولى مع أنه أمين لتعديه بمشاركته لغيره بمال القراض بدون إذن ربه لأنه لم يستأمن غيره على ماله. وقد أطلق شراع المراجع ضمان العامل في هذه الحالة وجرينا على هذا الإطلاق في النص وقيدت الحواشي ضمانة بما إذا غاب شريكه على شيء من مال المضاربة فإن لم يغب على شيء منه فلا يضمن التلف لأن المال بقي تحت نظر العامل الأول الذي استأمنه رب المال وفي هذا التقييد وتعليله ظرفان الموجب لضمانه هو تعديه بالمشاركة لأن رب المال لم يستأمن غيره على ماله وهذا الموجب متحقق في هذه المشاركة سواء غلب الشريك على شيء من المال أم لم يغب وبقاء المال تحت نظر العامل الأول لا ينفي عنه صفة المتعدي فالظاهر هو القول باطلاق الضمان كما جرينا عليه في النص وضمن العامل الأول أيضاً في الحالة الثانية لتعديه ببيع سلع المضاربة بالدين بغير إذن رب المال وتعريض ماله للضياع واحتمال عجز المشتري عن الوفاء بالثمن أو مماطلته في أدائه.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي م ادة 428 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 275 والشرح الكبير وحاشيته ج 3 ص 471 .

مادة 701
إذا دفع المضارب مال المضاربة بغير إذن رب المال لشخص أخر ليعمل فيه فإن المضارب الأول يضمن ما يحصل فيه من تلف أو خسارة ولا شيء للمضارب الثاني وإن حصل فيه ربح فلا يأخذ المضارب الأول منه شيئاً ويأخذ منه المضارب الثاني جزءاً من الربح الذي جعل له إن كان مساوياً للجزء الذي كان مجعولاً للمضارب الأول فإن كان أقل منه كان الزائد لرب المال لا للمضارب الأول ولا للمضارب الثاني.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة الحكم الواجب اتباعه في حالة قيام المضارب بدفع مال المضاربة لشخص آخر بغير إذن رب المال وقد اشتمل هذا النص على صورتين لدفع عامل المضاربة مال المضاربة لشخص آخر يعمل فيه مضاربة فحصل فيه ربح أحدهما أن يكون جزء الربح الذي جعل للمضارب الثاني مساوياً للجزء الذي حصل للمضارب الأول كما لو دفع رجل مالاً لمن يعمل فيه مضاربة وجعل له ثلث الربح فدفعه العامل بغير إذن رب المال لشخص آخر مضاربة وجعل له ثلث الربح والثانية أن يكون جزء الربح الذي جعل للعامل الثاني أقل من الجزء الذي جعل للعامل الأول كما لو جعل له العامل الأول في المثال السابق ربع الربح.
وقد علم من النص ما ياأتي :
أولاً: أن المضارب الأول يضمن ما يحصل في مال المضاربة من تلف أو خسارة لتعديه إلى شخص أخر بدون إذن ربه.
ثانياً: أنه في حالة التلف أو الخسارة لا شيء للمضارب الثاني على رب المال ولا على المضارب الأول لأن القاعدة أن المضارب لا شيء له إذا لم يربح مال القراض.
ثالثاً: إنه في حالة الربح لا يأخذ المضارب الأول منه شيئاً لأنه نشأ عن عمل غيره.
رابعاً: إن المصاب الثاني يأخذ في الصورة الأولى ثلث الربح لأنه هو الذي وقع عليه التعاقد في كل من المضاربة الأولى والثانية ويأخذ في الثانية ربع الربح فقط لأنه هو الذي تعاقد عليه مع المضارب الأول وأما الزائد عليه وهو تمام ثلث الربح الذي جعل للمضارب الأول فإنه يكون لرب المال لا للمضارب الأول لأنه لا حق في الربح ولا للمضارب

الثاني لأنه زائد على ما تعاقد عليه مع المضارب الأول.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 429 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 275 والشرح الكبير وحاشيته ج 3 ص 471 .

مادة 702
إذا اتجر المضارب بمال المضاربة فخسر فيه فدفع ما بقي منه بغير إذن رب المال لعامل آخر ليعمل فيه مضاربة ويربح فإن رب المال يأخذ جميع رأس ماله وحصته في الربح مما بيد المضارب الثاني من رأس مال وربح ويرجع المضارب الثاني على المضارب الأول بما يبقي له من حصته في الربح إذا لم يعلم بتعدي المضارب الأول أو خسارته فإن علم بتعديه أو خسارته فلا يحق له الرجوع عليه بشيء.
المذكرة الإيضاحية :
تعالج هذه المادة حالة ما إذا اتجر المضارب بمال المضاربة فخسر فيه فدفع ما بقي منه بغير إذن رب المال لعامل آخر. وصورة موضوع هذا النص هي أن يدفع الشخص 800 درهما لآخر مضاربة على النصف في الربح فأتجر بها فخسرت وصارت 400 درهما فدفع ال 400 الباقية بغير إذن رب المال لآخر مضاربة على النصف في الربح فأتجر بها الآخر فربحت وصارت ألف درهم فإن رب المال يأخذ منها رأس ماله وهو 800 درهم وحصته من الربح وهي 100 درهم ويأخذ العامل الثاني المائة درهم الباقية من الألف ثم يرجع على المضارب الأول بمائتي درهم وهي تمام ما خصه من الربح وهو 300 درهماً لأن رأس المال الذي أتجر به 400 درهم صار 1000 درهم فيكون الربح 600 درهم والفرض أنه له نصف الربح 300 وإنما أخذ رب المال جميع رأس المال أي ال 400 وربحها لأن خسارة مال المضاربة تجبر بالربح ورجع المضارب الثاني على المضارب الأول بما بقي له مما خصه من الربح وهو مائتي درهم لتعديه بدفع مال المضاربة لغيره بدون إذن رب المال ولم يكن له حق الرجوع عليه بشيء في حالة علمه بالتعدي أو الخسارة لأنه إذا علم بتعديه كان شريكاً له في التعدي وإذا علم بخسارته فقد رضي بجبرها من الربح فلا حجة له في الرجوع عليه بشيء في الحالتين.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي المادة 430 من مشروع التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 3 ص 471 .

مادة 703
1. يجب أن يشترك كل من المضارب ورب المال في الربح وذلك بالنسبة المتفق عليها في العقد فإن لم تعين قسم الربح بينهما وفقاً لما يجري به العرف وإن لم يوجد قسم مناصفة.
2. وإذا جاز للمضارب خل ط ماله مع رأس مال المضاربة قسم الربح بنسبة رأس المال فيأخذ المضارب ربح رأس ماله ويوزع ربح مال المضاربة بين المتعاقدين على الوجه المبين في الفقرة الأولى.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة باشتراك المضارب ورب المال في الربح بالنسبة المتفق عليها فإن لم تعين قسّم الربح وفقاً لما يجري به العرف وإلا قسّم مناصفة فإذا جاز للمضارب خلط ماله مع رأس مال المضاربة قسّم الربح بنسبة رأس المال فيأخذ المضارب ربح رأس ماله ثم يوزع ربح مال المضاربة طبقاً للقواعد السابقة. 
وقد استمدت أحكام هذه المادة من المراجع المشار إليها في استعراض المادة 693 .
وهذه المادة تقابل المادة 627 أردني.

مادة 704
1. يتحمل رب المال الخسارة وحده ويبطل أي شرط يخالف ذلك.
2. وإذا تلف ش يء من مال المضاربة حسب من الربح فإن جاوزه حسب الباقي من رأس المال ولا يضمنه المضارب.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بأن رب المال يتحمل وحده الخسارة ويبطل أي شرط يخالف ذلك. فإن تلف شيء من رأس مال المضاربة حسب من الريح فإن جاوزه حسب الباقي من رأس المال ولا يضمنه المضارب. وقد استمدت أحكام هذه المادة من المراجع المشار إليها عند
استعراض المادة 693 .
وهذه المادة تقابل المادة 628 أردني.

مادة 705
تنتهي المضاربة في الأحوال الآتية:
1. فسخ العقد من قبل أحد المتعاقدين.
2. عزل رب المال للمضارب ويمتنع على المضارب بعد علمه بالعزل أن يتصرف في أموال المضاربة إن كانت من النقود وإن كانت من غيرها جاز للمضارب تحويلها إلى نقود.
3. انقضاء الأجل إذا كانت محددة بوقت معين.
4. إذا مات أحد المتعاقدين أو جن جنوناً مطبقاً أو حجر عليه.
المذكرة الإيضاحية :
تعدد هذه المادة الحالات التي تنتهي فيها المضاربة وهي فسخ عقدها أو انقضاء أجلها أو عزل رب المال للمضارب أو موت أحدهما أو إصابته بالجنون أو الحجر عليه.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها عند استعراض المادة 693 .
وهذه المادة تقابل المواد 630 ، 631 ، 633 أردني.

مادة 706
إذا أنهى أحد المتعاقدين المضاربة قبل حلول الأجل جاز للمتضرر منهما أن يرجع على الآخر بضمان ما أصابه من ضرر.
المذكرة الإيضاحية :
تواجه هذه المادة حالة ما إذا أنهى أحد المتعاقدين المضاربة قبل حلول أجلها إذ تجيز للطرف الآخر عليه بضمان ما أصابه من ضرر.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها عند استعراض

المادة 693 .
وهذه المادة تقابل المادة 632 أردني.

مادة 707
1. إذا مات المضارب مجهلاً مال المضاربة يكون حق رب المال ديناً في التركة.
2. فإن عينه المضارب قبل موته ووجد ما عينه في تركته اختص به رب المال مقدماً على الغرماء.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حكم مال المضاربة في حالة موت المضارب فإن مات مجهلاً هذا المال كان حق رب المال ديناً في التركة. وإن عينه قبل موته ووجد ما عينه في تركته اختص به رب المال مقدماً على الغرماء. وتعي ين المضارب لمال المضاربة بعزله عن ماله قب ل موته كقوله هذا المال كان مضاربة عندي لفلان فردوه له.
وقد استمد البند 1 من المراجع المش ار إليها في المادة 693 أما البند 2 فقد استمد من المذهب المالكي مادة 438 من مشروع التقنين المالكي شرح مجموع الأمير وحاشيته ج 2 ص 237 والشرح الكبير وحاشيته ج 3 ص 481 .
وهذه المادة تقابل المادة 634 أردني.

مادة 708
تسري الأحكام العامة للشركة على شركات الأعمال والوجوه والمضاربة في كل ما لا يخالف النصوص الخاصة بكل منها.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بسريان الأحكام العامة للشركة على شركات الأعمال والوجوه والمضاربة في كل ما لا يخالف النصوص الخاصة لكل منها.
وهذه المادة تقابل المادة 635 أردني.

مادة 709
لا تخل القواعد الواردة في هذا الفصل بما تتضمنه القوانين الخاصة من أحكام.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بعدم إخلال القواع د الواردة في هذا الفصل بما تتضمنه القوانين الخاصة من أحكام.

الفصل الرابع
القرض
نظرة عامة:
القرض نوع من السلف وهو جائز بالسنة والإجماع أما السنة فروى عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقتها مرة" وعن أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "رأيت ليلة أسرى بي على باب الجنة مكتوب الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر فقلت يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة قال لأن السائل يسأل وعنده والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة" رواها ابن ماجة وأجمع المسلمون على جواز القرض والقرض مندوب إليه في حق المقترض مباح للمقترض لما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه" وعن أبي الدرداء أنه قال "لئن اقرض دينارين ثم يردان إلى أحب إلى من أن أتصدق بهما ولأن فيه تفريجا عن أخيه المسلم وقضاء لحاجته وعون له" المغني ص 352 ج 4.

مادة 710
القرض تمليك مال أو شيء مثلي لآخر على أن يرد مثله قدراً ونوعاً وصفة إلى المقرض عند نهاية مدة القرض.
المذكرة الإيضاحية :
تعرّف هذه المادة القرض بأنه تمليك مال أو شيء مثلي لآخر على أن يرد مثله قدراً ونوعاً وصفة إلى المقرض عند نهاية مدة القرض.
وقد استمدت هذه المادة ومعظم أحكام القرض من المواد 796 - 809 من مرشد الحيران ومن 237 - 239 من التقنين الحنفي مع مذكرتها الإيضاحية وفصل القرض من رد المحتار ج 4 ص 171 وما بعدها ومباحث القرض من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ج 2 ص 238 - 245 وكتاب القرض من المجلة ج 87 ص 462 - 479 .
وهذه المادة تقابل المواد 636 أردني ومن 506 - 512 سوري، ومن 684 - 693 عراقي.

مادة 711
يملك المقترض القرض ملكاً تاماً بالعقد ولو لم يقبضه من المقرض ويقضي له به إذا امتنع المقرض عن تسليمه له ولا ويبطل القرض إذا حدث للمقترض مانع من موانع التصرف في المال قبل قبض المقترض.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة أثر عقد إذ يملك به المقترض القرض ملكاً تاماً ولو كان لم يقبضه من المقرض ويقضي له به إذا امتنع المقرض عن تسليمه له ولا يبطل العقد إذا حدث للمقرض مانع من موانع التصرف في المال قبل قبض المقترض له.
وموانع التصرف في المال كالموت والفلس مما هو مبين في باب الحجر وما جرينا عليه في النص هو أحد قولين في المذهب المالكي والقول الثاني أن حكم القرض كحكم الهبة والصدقة فإنه لا يتم الملك فيها إلا بالقبض أي الحيازة فلو حصل للواهب ونحوه مانع قبل حوزها بطلت فكذلك القرض بجامع أن الكل من باب المعرف.
وقد جرينا على القول الأول لظهور الفارق بين الهبة والقرض ونحوهما لأن القرض فيه معاوضة فلا يتوقف تمام ملكه على حوزه أما الهبة ونحوها فلا معاوضة فيها فيتوقف تمام ملكها على حوزها ولا يكفي فيه مجرد العرض.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي خلافاً للمذهب الحنفي الذي يستلزم لتمام القرض قبض الشيء المستقرض المادة 120 من مشروع التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 3 ص .204

مادة 712
1. يشترط في المقرض أن يكون أهلاً للتبرع.
2. ولا يملك الولي أو الوصي إقراض أو اقتراض مال من هو في ولايته إلا بإذن المحكمة.
المذكرة الإيضاحية :
تشترط هذه المادة في المقرض أن يكون أهلاً للتبرع ولا تجيز للولي أو الوصي إقراض أو اقتراض مال من هو في ولايته إلا بإذن المحكمة.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 710 .
وهي تقابل المادة 638 أردني.

مادة 713
يشترط في المال المفترض أن يكون مثلياً استهلاكياً.
المذكرة الإيضاحية :
تشترط هذه المادة في المال المقترض أن يكون مثلياً استهلاكياً.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 710 .
وهي تقابل المادة 639 أردني.

مادة 714
إذا اشترط في عقد القرض منفعة زائدة على مقتضى العقد سُوى ضمان حق المقرض بطل الشرط وصح العقد.
المذكرة الإيضاحية :
لا تجيز هذه المادة اشتراط أي منفعة زائدة على مقتضى عقد القرض سوى ضمان حق المقرض وإلا بطل الشرط وصح العقد. وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 710 .
وهي تقابل المادة 640 أردني.

مادة 715
يجوز شرط الرهن والضمين في القرض.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة شرط الرهن والضمين في القرض وقد جاز ذلك في القرض لأن النبي صلى الله عليه وسلم استقرض من يهودي شعيراً ورهن درعه متف ق عليه ولأنه يراد للتوثيق بالحق وليس ذلك بزيادة والضمان كالرهن.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب الحنبل ي مادة 163 من
التقنين الحنبلي كشاف القناع 138 ، 139 .

مادة 716
إذا استحق المال المقروض وهو قائم في يد المقترض سقط التزامه برد مثله وله الرجوع على المقرض بضمان ما قد يلحقه من ضرر بسبب هذا الاستحقاق إذا كان سيء النية.
المذكرة الإيضاحية :
تواجه هذه المادة حالة استحقاق المال المقرض وهو قائم في يد المقترض إذ يسقط التزامه برد مثله ويكون له الرجوع على المقرض بضمان ما قد يلحقه من ضرر بسبب هذا الاستحقاق إذا كان سيء النية.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 710 .
وهذه المادة تقابل المادة 641 أردني.

مادة 717
إذا ظهر في المال المقترض عيب خفي فلا يلتزم المقترض إلا برد قيمته معيباً.
المذكرة الإيضاحية :
تواجه هذه المادة حالة ظهور عيب خفي في المال المقترض إذ لا يلتزم المقترض إلا برد قيمته معيباً.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 710 .
وهذه المادة تقابل المادة 642 أردني.

مادة 718
إذا كان للقرض أجل مضروب أو معتاد وجب على المقترض رده للمقرض إذا انقضى ذلك الأجل ولو لم ينتفع به.
وإذا كان لم يكن له أجل فلا يلتزم المقترض برده إلا إذا انقضت مدة يمكنه فيها أن ينتفع به الانتفاع المعهود في أمثاله.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة التزام المقترض برد القرض في حالتي تحديد أجل للقرض أو عدم تحديده.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 121 من التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 2 ص 204 .
وهذه المادة تقابل المادة 643 أردني.

مادة 719
1. يلتزم المقترض برد مثل ما قبض مقداراً ونوعاً وصفة عند انتهاء مدة القرض ولا عبرة لما يطرأ على قيمته من تغيير وذلك في الزمان والمكان المتفق عليهما.
2. فإذا تعذر رد مثل العين المقترضة انتقل حق المقرض إلى قيمتها يوم قبضها.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة محل التزام المقترض بالرد فهو يلتزم برد مثل ما قبض مقداراً ونوعاً وصفة عند إنهاء مدة القرض دون نظر إلى ما يطرأ على قيمته من تغيير وذلك في الزمان والمكان المتفق عليهما فإن تعذر رد مثل العين المقترضة انتقل حق المقترض إلى قيمتها يوم قبضها.
وقد استمدت حكم هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة .710
وهذه المادة تقابل المادة 644 أردني.

مادة 720
إذا اقترض عدة أشخاص مالاً وقبضه أحدهم برضا الباقين فليس لأيهم أن يطالبه إلا بمقدار حصته فيما قبض.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بأنه إذا اقترض عدة أشخاص مالاً وقبضه أحدهم برضا الباقين فليس لأيهم أن يطالبه إلا بمقدار حصته فيما قبض.
وقد استمد حكم هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة .710
وهذه المادة تقابل المادة 645 أردني.

مادة 721
1. يلتزم المقترض بالوفاء في بلد القرض إلا إذا اتفق صراحة أو ضمناً على خلاف ذلك.
2. فإذا اتفق على الوفاء في بلد آخر تتفاوت قيمة المال المقرض عنها في بلد القرض انتقل حق المقرض إلى القيمة في بلد المقرض.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة بلد الوفاء بالقرض وهي بلد القرض إلا إذا اتفق على غير ذلك فإذا كانت قيمة المال المقرض تتفاوت في البلد المتفق عليها للوفاء انتقل حق القرض إلى القيمة في بلد القرض.
وقد استمد حكم هذه المادة من المراجع المش ار إليها في المادة .710
وهذه المادة تقابل المادة 646 أردني.

الفصل الخامس
الصلح
نظرة عامة :
الصلح هو معاقدة يتوصل بها الإصلاح بين المختلفين ويتنوع أنواعاً صلح بين المسلمين وأهل الحرب وصلح بين أهل البدل وأهل البغي وصلح بين الزوج ين إذا خيف الشقاق بينهما قال تعالى "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما" قال تعالى "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليها أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير" وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الصلح بين المسلمين جائزاً إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراما" أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وروى عن عمر أنه أفتى ابن موسى بمثل ذلك وأجمعت الأئمة على جواز الصلح في هذه الأنواع. كما أن الصلح جائز بين الناس في الأحوال وهو نوعان صلح على إقرار وصلح على إنكار المغني ج 5 ص 2 وما بعدها.

مادة 722
الصلح عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة بين المتصالحين بالتراضي.
المذكرة الإيضاحية :
عرفت هذه المادة الصلح بأنه عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة بين المتصالحين بالتراضي.
وحكم هذه المادة ومعظم أحكام الصلح الواردة في هذا الفصل مستمدة من المواد 51 ، 972 ، 978 ، 1539 - 1558 من المجلة والمواد من 1026 - 1049 من مرش د الحيران وبدائع الصنائع ج 6 ص 39 - 56 ورد المحتار ج 4 ص 472 - 478 .
وهذه المادة تقابل المادة 647 أردني.
وتنظم أحكام الصلح المواد من 517 - 525 سوري والمواد من 698 - 721 عراقي.

مادة 723
1. يشترط فيمن يعقد صلحاً أن يكون أهلاً للتصرف بعوض في الحقوق التي يشملها عقد الصلح.
2. ويشترط أهلية التبرع إذا تضمن الصلح إسقاط شيء من الحقوق.
المذكرة الإيضاحية :
تشترط هذه المادة في المتصالح أن يكون أهلاً للتصرف بعوض في الحقوق التي يشملها الصلح فإذا تضمن الصلح إسقاط شيء من الحقوق وجب في التصالح أهلية التبرع لأن الإسقاط تبرع.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 722 .
وهذه المادة تقابل المادة 648 أردني.

مادة 724
صلح الصبي المميز والمعتوه المأذونين صحيح إن لم يكن لهما فيه ضرر بين وكذا الحكم في صلح الأولياء والأوصياء والقوام وذلك مع مراعاة أحكام القوانين الخاصة.
المذكرة الإيضاحية :
تقرر هذه المادة صحة صلح الصبي المميز والمعتوه المأذونين إن لم يكن لهما فيه ضرر بيّن وكذا الحكم في صلح الأولياء والأوصياء والقوام وذلك مع مراعاة القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية.
وهذه المادة مستمدة من المراجع المشار إليها في المادة 722 .
وهذه المادة تقابل المادة 649 أردني.

مادة 725
يشترط أن يكون المصالح عنه مما يجوز أخذ البدل في مقابلة ولو كان غير مال وأن يكون معلوماً فيما يحتاج القبض والتسليم.
المذكرة الإيضاحية :
تشترط هذه المادة في المتصالح عنه أن يكون مما يجوز أخذ البدل في مقابله ولو كان غير مال وأن يكون معلوماً فيما يحتاج للقبض والتسليم.
وهذه المادة مستمدة من المراجع المشار إليها في المادة 722 .
وهذه المادة تقابل المادة 650 أردني.

مادة 726
1. يشترط أن يكون بدل الصلح معلوماً إن كان يحتاج إلى القبض والتسليم.
2. وإذا كان بدل الصلح عيناً أو منفعة مملوكة للغير فإن نفاذ الصلح يتوقف على إجازة ذلك الغير.
المذكرة الإيضاحية :
تشترط هذه المادة في بدل الصلح أن يكون معلوماً إن كان يحتاج إلى القبض والتسليم فإن كان عيناً أو منفعة مملوكة للغير توقف نفاذ الصلح على إجازة هذا الغير.
وهذه المادة مستمدة من المراجع المشار إليها في المادة 722 .
وهذه المادة تقابل المادة 651 أردني.

مادة 727
1. يصح الصلح عن الحقوق س واء أتى بها المدعى عليه أو أنكرها أو سكت ولم يبد فيها إقرار ولا إنكار.
2. وإذا وقع الصلح في حالة الإقرار على بدل معين يدفعه المقر فهو في حكم البيع وإن كان على المنفعة فهو في حكم الإجارة.
3. وإذا وقع الصلح عن إنكار أو سكوت فهو في حق المدعي معاوضة وفي حق المدعى عليه افتداء لليمين وقطع الخصومة.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة الصلح عن الحقوق سواء أقر بها المدعى عليه أو أنكرها أو سكت فإن وقع الصلح في حالة الإقرار على بدل معين يدفعه المقر فهو في حكم البيع وإن كان على المنفعة فهو في حكم الإجارة وإن وق ع الصلح عن إنكار أو سكوت فهو في حق المدعي معاوضة وفي حق المدعى عليه افتداء لليمين وقطع للخصومة.
وهذه المادة مستمدة من المراجع المشار إليها في المادة 722 .
وهذه المادة تقابل المادة 652 أردني.

مادة 728
إذا صالح شخص على بعض المدعى به أو على مقدار مما يدعيه في ذمة الآخر فقد اسقط حق ادعائه في الباقي.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حكم تصالح ش خص على بعض المدعى به أو على مقدار مما يدعيه في ذمة الآخر فهو إسقاط لحق ادعائه.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 722 .
وهذه المادة تقابل المادة 653 أردني.

مادة 729
1. إذا تصال ح شخصان يدعي لك منهم ا عيناً في يد الآخر على أن يحتفظ كل واحد بالعين التي في يده جرى على الصلح حكم المقايضة ولا تتوقف صحته على العلم بالعوضين.

2. وتس ري على الصلح أحكام العقد الأكثر ش بهاً به من حيث

صحته والآثار التي تترتب عليه.

المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حكم الصلح الذي يعقده شخصان يدعي كل منهما عيناً في يد الآخر على أن يحتفظ كل واحد بالعين التي في يده إذ تسري عليه أحكام المقابضة ولا تتوقف صحته على العلم بالعوضين وتسري على الصلح أحكام العقد الأكثر شبهاً به من حيث صحته والآثار التي تترتب عليه.
وهذه المادة مستمدة من المراجع المشار إليها في المادة 722 .
وهذه المادة تقابل المادة 654 أردني.

مادة 730
1. يترتب على الصلح انتقال حق المصالح إلى البدل المصالح عليه وسقوط حقه الذي كان محل النزاع.
2. ويكون الصلح ملزماً لطرفيه ولا يسوغ لأيهما أو لورثته من بعده الرجوع فيه.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة آثار الصلح إذ يترتب عليه انتقال حق المصالح إلى البدل المصالح عليه وسقوط حقه الذي كان محل النزاع ويكون الصلح ملزماً لطرفيه ولا يسوغ لأيهما أو لورثته من بعده الرجوع فيه.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 722 .
وهذه المادة تقابل المادة 655 أردني.

مادة 731
يقتصر أثر الصلح على الحقوق التي تناولها وحسم الخصومة فيها دون غيرها.
المذكرة الإيضاحية :
تقضي هذه المادة بأن أثر الصلح يقتصر على الحقوق التي تناولها وحسم الخصومة فيها دون غيرها.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 722 .
وهذه المادة تقابل المادة 656 أردني.

مادة 732
يجوز لطرفي الصلح إقالته بالتراضي إذا كان في حكم المعاوضة ولا تجوز إقالته إذا تضمن إسقاطاً لبعض الحقوق.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة لطرفي الصلح إقالته بالتراضي إذا كان في حكم المعاوضة ولا تجيز إقالته إذا تضمن إسقاطاً لبعض الحقوق.
وقد استمدت هذه المادة من المراجع المشار إليها في المادة 722 .
وهذه المادة تقابل المادة 657 أردني.

مادة 733
لا يجوز الصلح إذا أشتمل على مانع مما يأتي:
1. فسخ الدين في الدين.
2. بيع طعام المعاوضة قبل قبضه.
3. صرف الذهب بالفضة وبالعكس مؤخراً.
4. ربا النسيئة.
5. وضع بعض الدين المؤجل عن المدين في نظير تعجيله.
6. حط ضمان الدين المؤجل عن المدين في نظير تعجيله مع زيادة عليه.
7. سلف جر نفعا.
المذكرة الإيضاحية :
تعدد هذه المادة الموانع التي لا يجوز أن يش تملها الصلح ومثال فسخ الدين في الدين أن يصالحه عن دين من عرض بمؤجل من عين أو عرض ومثال بيع الطع ام قبل قبضه أن يكون المصالح عنه طعام معاوضة ومثال الصرف المؤخر أن يصالحه عن ذهب بفضة وعكسه إلى أجل ومثال ربا النسيئة أن يصالحه لطعام مخالف إلى أجل ومثال وضع بعض الدين في نظير تعجيله أن يصالحه بثمانية نقداً عن عشرة مؤجلة ومثال حظر ضمان الدين في نظير تعجيله مع زيادة عليه أن يصالحه عن ثمن المبيع المعجل إذا كان عوضاً أو حيواناً بأكثر نقداً ومثال سلف جر نفعاً أن يصالحه عن عوض أو طعام من قرض أو عين مؤجله بأكثر نقداً.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 254 مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 134 .

مادة 734
للمظلوم من المتصالحين على الإنكار نقض الصلح في الأحوال الآتية:
1. إذا أقر الظالم بعد الصلح بظلمه للآخر.
2. إذا شهدت للمظلوم بعد الصلح بينة لم يكن يعلمها وقت الصلح وحلف على عدم علمه بها.
3. إذا كانت له بينة غائبة يتعذر إحضارها وقت الخصومة وأشهد عن الصلح أنه يقوم بها إذا حضرت.
المذكرة الإيضاحية :
تعدد هذه المادة الأحوال التي يجوز فيها للمظلوم من المتصالحين على الانكار نقض الصلح فيها. وإقرار الظالم منها بظلمه يكون بإقرار المدعى عليه بأن دعوى المدعى عليه عن حق أو إقرار المدعي ببطلان دعواه ويعلم من النص أن الصلح لا ينقض إن علم المظلوم بالبينة وكانت حاضرة أو غائبة لا يتعذر إحضارها منها ولم يقم بها أو كانت غائبة غيبة بعيدة جداً ولم يشهد أنه يقوم لها إذا حضرت.
وإنما كان له نقض الصلح في الأحوال المشار إليها في النص لأنه كان كالمغلوب على أمره في قبول الصلح ولم يكن له نقض الصلح في الأحوال الثلاثة التي أخذت من النص بمفهوم المخالفة لأنه لما ترك القيام بالبينة في حالة علمه بها مع حضورها أو قرب غيبتها وترك الإنهاء على القيام بها في حالة تعذر إحضارها كان مس قطاً لبعض حقه الذي تركه بمقتضى الصلح.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 255 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير ج 2 ص 136 .

مادة 735
إذا تم الصلح على الانكار لعدم وجود وثيقة حق المصالح عنه عند المدعي فله نقض الصلح إذا وجدها بعده أما إذا أدعى وجود الوثيقة عنده فطالبه المدعى عليه بإحضارها ليأخذ حقه المبين فيها فأدعى ضياعها وصالحه فليس له نقض الصلح بعد ذلك إذا وجدها.
المذكرة الإيضاحية :
تواجه هذه المادة الحالات التي يتم فيها الصلح على الانكار لعدم وجود وثيقة الحق المصالح عنه عند المدعي إذا وجدت الوثيقة بعد الصلح. وإنما كان للمدعي نقض الصلح في الصورة الأولى من صورتي النص لأن المدعى عليه منكراً للحق من أصله والمدعى إنما صالح لعدم وجود الوثيقة فإذا وجدها كان له نقض الصلح والرجوع عليه بما فيها أما في الصورة الثانية فليس منكراً لحق المدعي وإنما طلب منه إحضار الوثيقة ليكتب عليها وفاء الحق وليمزقها فصالحه على إسقاط حقه فلا حق له في نقض الصلح بعد ذلك.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 256 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 137 .

مادة 736
إذا صالح أحد الورثة مديناً لمورثهم عن دين فلغيره من الورثة الدخول معه فيما صالح به وله عدم الدخول ومطالبة المدين بحقه أو الصلح معه.
المذكرة الإيضاحية :
تنظم هذه المادة الصلح مع مدين للمورث عن دين. إذ تجيز لكل من الورثة إذا ما صالح أحدهم المدين الدخول معه فيما صالح به أو عدم الدخول ومطالبة المدين بحقه أو الصلح معه فإذا لم يدخل الوارث الآخر مع من صالحه فله في حالة الإقرار المطالبة بحصته كلها أو تركها أو المصالحة بأقل منها أما في حالة الانكار فإن كانت له بينة وأقامها وأخذ حقه أو تركه أو صالح بما يراه صواباً وإن لم يكن له بينة فليس على غريمه إلا اليمين.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 258 من مشروع التقنين المالكي.

مادة 737
يجوز لبعض الورثة إن يصالح عما يخصه من الإرث بجزء من التركة بشرط حضور المصالح منه إن أخذ قدر نصيبه منه أو أقل وحضور التركة كلها إن صالح بأكثر من نصيبه.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة الشروط التي يجوز فيها لبعض الورثة أن يصالح عما يخصه من الإرث بجزء من التركة.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 259 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 137 .

مادة 738
1. إذا صالح أحد الدائنين مدينا لهما فللدائن الآخر عدم الدخول معه فيما صالح به ويرجع على المدين بنصيبه فإن وجده معدماً فلا رجوع له على شريكه بشيء.
2. وللدائن الآخر الدخول مع شريكه المصالح فيما صالح به إن لم يكن قد امتنع عن الصلح وفي هذه الحالة يرجع على المدين بباقي نصيبه ويرجع الدائن المصالح على المدين بما أخذه شريكه منه.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة أحكام تصالح أحد الدائنين مديناً لهما والحقوق التي تثبت للدائن الآخر في هذه الحالة. وإنما يرجع المصالح على المدين بما أخذ منه فيرجع عليه الشريك بباقي نصيبه في الصلح على الإقرار أما في الصلح على الانكار فاختلف الفقهاء فقال بعضهم لا رجوع للمصلح على المدين بشيء لأن الصلح يقطع النزاع والرجوع على المدين بما أخذ منه فتح لباب النزاع ولا رجوع للشريك الذي لم يصالح لأن الصلح على الانكار ليس فيه شيء مقرر يرجع به وقال عبد الباقي يرجع المصالح على المدين بما دفعه لشريكه وقال البناني للشريك الذي لم يصالح مطالبة المدين حتى يحلف أو يصالح.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 261 من مشروع التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 3 ص 283 .

مادة 739
لا يجوز الصلح عن مستهلك من عرض أو حيوان أو طعام جزاف بمؤجل من جنسه أكثر منه أو من غير جنسه ما لم يكن المصالح به عينا قدر قيمته فأقل.
المذكرة الإيضاحية :
لا تجيز هذه المادة الصلح عن مستهلك من عرض أو حيوان أو طعام جزاف بمؤجل من جنسه أو أكثر منه أو من غير جنسه ما لم يكن المصالح به عيناً قدر قيمته فأقل منع الصلح عن المستهلك بمؤجل من جنسه أكثر منه ما لم يكن عيناً لما فيه من فسخ الدين إذ باستهلاكه لزمت قيمته وأصبحت ديناً عليه أما الصلح عن المستهلك بنقد مؤجل قدر قيمته فأقل فيجوز لا بأكثر من قيمته فلا يجوز الصلح لما فيه من سلف جر نفعاً. وكذلك لا يجوز الصلح عن طعام المستهلك إذا كان مثلياً بنقد مؤجل لأن الطعام المثلى على استهلاكه مثله وأخذ العين عنه مؤجلة فيه فسخ الدين في الدين.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب المالكي مادة 262 من مشروع التقنين المالكي الشرح الكبير وحاشيته ج 3 ص 283 .

مادة 740
إذا تعذر معرفة المجهول صح الصلح عليه بمعلوم إذا كانت الجهالة من الجانبين أو من المدين وحده.
المذكرة الإيضاحية :
أجازت هذه المادة الصلح على المجهول بمعلوم إذا كانت الجهالة من الجانبين أو من المدين وحده .
ويصح الصلح عن المجهول إذا كان مما لا يمكن معرفته للحاجة سواء كان ديناً أو عيناً وسواء كان الجهل من الدائن أو المدين أو الدين وحده كمن بينهما معاملة أو حساب مضي عليه زمن طويل أو قفيز شعير وحنطة اختلطا وطحن ا هذا إذا كان المصالح به معلوماً نقداً أو نسيئة لقوله عليه الصلاة والسلام لرجلين اختصما في مواريث ورثت بينهما “إستهما وتوخيا الحق وليحل أحد كما صاحبه “ رواه أحمد وأيده داوود لأنه إسقاط حق فصح في المجهول للحاجة ولئلا يفضي إلى ضياع المال أو بقاء شغل الذمة إذ لا طريق إلى التخلص إلا به فإن وقع الصلح بمجهول لم يصح لأن تسلمه واجب والجهل به يمنعه.
أما إذا لم يتعذر معرفته كتركة باقية لم يصح الصلح وفيه وجه أنه إذا لم يتعذر معرفة المجهول كتركة باقية صالح الورثة الزوج عن حصتها منها مع الجهل فبراءة من مجهول جزم به في المنفع وقدمه في الفروع قال في التلخيص وقد نزل أصحابنا الصلح على المجهول المقر به بمنزلة الإبراء من المجهول فيصح على المشهور لقطع النزاع وظاهر كلامه في الإنصاف أن الصحيح المنع لعدم الحاجة إليه ولأن الأعيان لا تقبل الإبراء وقطع به في الامتناع قال في الفروع: وهو ظاهر نصوصه.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب الحنبلي مادة 256 من مشروع التقنين الحنبلي كشاف القناع ص 193 .

مادة 741
مع مراعاة ما ورد في المادتين 734 و 735 يحسم الصلح النزاع نهائياً فلا تسمع بعده دعوى المدعى ولو أقام بينة على ما أدعاه أو على سبق إقرار المنكر به.

المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة آثار الصلح إذ يحسم به النزاع نهائياً فلا تسمع بعده دعوى للمدعي ولو أقام بينة على ما أدعاه أو على سبق إقرار المنكر به فإذا صالح المنكر بشيء وأقام المدعي بينة أن المنكر أقر قبل الصلح لم تسمع البينة ولم ينقض الصلح ولو شهدت البينة بأصل الملك لأن الصلح يحسم النزاع.
وقد استمدت هذه المادة من المذهب الحنبلي مادة 260 من مشروع التقنين الحنبلي كشاف القناع ص 195 .

الباب الثاني
عقود المنفعة

الفصل الأول
الإجارة
نظرة عامة:
معنى الإجارة في الشرع تمليك المنافع بعوض، ويندرج تحتها نوعان:
نوع يرد على منافع الأعيان كاستئجار الدور والأراضي والدواب والثياب وما أشبه ذلك ونوع يرد على العمل لاستئجار أرباب الحرف والصنائع والخدم والعمال.
وقد ثبت مشروعية الإجارة بالكتاب والسنة والإجماع.
إذ يقول الله تعالى فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وقال تعالى حكاية عن شعيب عليه السلام أني أريد أن أنكحك أحدى إبنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج.
وشريعة من قبلنا شريعة لنا ما لم يظهر النسخ ولا سيما إذا قص لنا لا على وجه الإنكار فدلت هذه الآية أيضاً على مشروعية الإجارة راجع الزيلعي ج 5 ص 105 .
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من استأجر أجيراً فليعلمه أجره وقال صلى الله عليه وسلم أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.
وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم والناس يتعاملون بالإجارة فأقرهم عليها لذلك انعقد إجماع المسلمين على مشروعيتها راجع أحكام العقود في الشريعة الإسلامية للدكاترة محمد الدهمي ومحمود محمد علي وعبدالعزيز عزام الطبعة الأولى سنة 1974 ص . 104
والمعقود عليه في الإجارة هو المنافع وهي غير موجودة وقت العقد لأن المنافع تحدث شيئاً فشيئا لذلك أجيزت الإجارة استحساناً على خلاف القياس لحاجة الناس إليها فتح القدير ج 7 ص 146 ، 147 .
وفضلاً عما تقدم فإن الحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان فلما جاز العقد على الأعيان وجب أن تجوز في الإجارة على المنافع ولذا أجمع عليها في الأعصار والأمصار المغني والشرح الكبير ج 6 ص 2، .3

الفرع الأول
الإيجار بوجه عام
1. تعريف الإيجار

مادة 742
الإيجار تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة من الشيء المؤجر لمدة معينة لقاء أجر معلوم.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة تضمنت تعريف الإيجار بأنه تمليك منفعة مقصودة من الشيء المؤجر وبينت أن هذا التمليك لمدة معينة لقاء أجر معلوم.
ومصدر حكم هذه المادة المذهب الحنفي والمذهب الحنبلي كما يتبين من مراجعه المادة 405 من المجلة والمادة 577 من مرشد الحيران. ورد المحتار ج 5 ص 2، 3 والصفحة 98 من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ج 3.
وهذه المادة تقابل المواد 658 أردني، 558 مصري، 526 سوري، 722 عراقي.

2. أركان الإجارة
مادة 743
يشترط لانعقاد الإيجار أهلية المتعاقدين وقت العقد.

مادة 744
1. يلزم لنفاذ عقد الإيجار أن يكون المؤجر أو من ينوب عنه مالكاً حق التصرف فيما يؤجر.
2. وينعقد إيجار الفضولي موقوفاً على إجازة صاحب حق التصرف بشرائطها المعتبرة.
المذكرة الإيضاحية :
اشترطت المادة الأولى لانعقاد الإيجار أهلية المتعاقدين وقت العقد واشترطت المادة الثانية لنفاذ العقد أن يكون المؤجر أو من ينوب عنه مالكاً حق التصرف فيما يؤجر وأوضحت أن إيجار الفضولي ينعقد موقوفاً على إجازة صاحب التصرف.
ومصدر هاتين المادتين المواد 444 ، 446 ، 447 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 579 من مرشد الحيران.
وهما تقابلان المواد 659 ، 660 أردني، 527 ، 528 سوري، 723 ، 725 عراقي.

مادة 745
المعقود عليه في الإجارة هو المنفعة ويتحقق تسليمها بتسليم محلها.

مادة 746
يشترط في المنفعة المعقود عليها:
أ. أن تكون مقدورة الاستيفاء .
ب. وأن تكون معلومة علماً كافياً لحسم النزاع.
المذكرة الإيضاحية :
بينت المادة 745 أن المعقود عليه محل العقد في الإجارة هو المنفعة وتسليمها يتحقق بتسليم محلها.
وبينت المادة 746 شروط المنفعة المعقود عليها.
ومصدر حكم هاتين المادتين 420 ، 451 ، 457 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 580 من مرشد الحيران.
وهاتان المادتان تقابلان المادتين 661 ، 662 أردني.

مادة 747
يجب أن يكون ما تستوفي منه المنفعة معلوماً إما بمعاينته أو بذكر محله المعين له أو بوصفه بينا وإلا بطل العقد.
المذكرة الإيضاحية :
أوجبت هذه المادة أن يكون ما تستوفي منه المنفعة معلوماً وإلا بطل العقد.
ويتحقق هذا العلم إما بالمعاينة أو بذكر المحل أو وصف الشيء المؤجر وصفاً بيناً.
وإنما بطل عقد الإجارة لعدم تعيين الذات التي تستوفي منها المنفعة لما في عدم تعيينها من الغرر. وذلك لاختلاف الأجرة باختلاف أحوالها ويستند هذا الحكم إلى المذهب المالكي المادة 474 من مشروع التقنين المالكي الشرح الصغير وحاشيته ج 2 ص 301 وما بعدها.

مادة 748
1. يشترط أن تكون الأجرة معلومة وذلك بتعيين نوعها ومقدارها إن كانت من النقود وبيان نوعها ووصفها وتحديد مقدارها إن كانت من غير النقود.
2. وإذا كنت الأجرة مجهولة جاز فسخ الإجارة ولزمت أجرة المثل عن المدة الماضية قبل الفسخ.

مادة 749
يجوز أن تكون الإجارة عيناً أو ديناً أو منفعة.

مادة 750
تستحق الأجرة باستيفاء المنفعة أو بالقدرة على استيفائها.
المذكرة الإيضاحية :
تناولت هذه المواد شروط الأجرة فأوجبت أن تكون معلومة وإلا جاز فسخ الإجارة واستحقاق أجرة المثل عن المدة السابقة على الفسخ كما أجازت أن تكون الأجرة عينا أو دينا أو منفعة.
وبينت أن الأجرة تستحق باستيفاء المنفعة أو بالقدرة على استيفائها.
ومصدر حكم هذه المواد المواد 450 ومن 462 - 466 ، 470 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتين 580 ، 588 من مرشد الحيران.
وهذه المواد تقابل المواد 663 ، 664 ، 665 أردني، 561 مصري، 529 ، 530 سوري، ومن 736 - 738 عراقي.

مادة 751
يصح اشتراط تعجيل الأجرة أو تأجيلها أو تقسيطها إلى أقساط تؤدي في أوقات معينة.

مادة 752
1. إذا لم يبين في العقد ميعاد دفع الأجرة استحقت الأجرة المحددة للمنفعة بصورة مطلقة بعد استيفاء المنفعة أو بعد تحقيق القدرة على استيفائها.
2. أما الأجرة المستحقة عن وحدة زمنية فيتبع العرف بشأن مواعيد أدائها وإلا حددها القاضي بناء على طلب من صاحب المصلحة.

مادة 753
لا تستحق الأجرة عن مدة انقضت قبل تسليم الشيء المؤجر ما لم يكن المستأجر هو المتسبب.

مادة 754
تبدأ مدة الإيجار من التاريخ المتفق عليه في العقد فإن لم يحدد فمن تاريخ العقد.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المواد تتعلق بكيفية دفع الأجرة أما معجلة أو مؤجلة أو مقسطة وبأن المعول عليه في مثل هذه الحالة ما يتفق عليه المتعاقدان أو ما يقضي به العرف، وإن بدء مدة العقد تسري من التاريخ المتفق عليه وإلا فمن تاريخ العقد.
ومصدر حكم هذه المواد المواد 43 ، 64 ، 83 ، 469 ، 470 ، 473 ، 475 ، 477 ، 485 ، 486 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من 581 - 586 من مرشد الحيران.
وهذه المواد تقابل المواد 666 ، 667 ، 668 ، 669 أردني، 530 سوري، 739 عراقي.

مادة 755
يجب أن تكون مدة الإجارة معلومة.
المذكرة الإيضاحية :
أوجبت هذه المادة أن تكون مدة الإجارة معلومة إذ أن تعيين مدة الإجارة أمر لا بد منه وقد استمد حكم هذه المادة من المادة 484 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.

وهذه المادة تقابل المواد 671 أردني و 527 سوري و 740 عراقي.

مادة 756
إذا كان عقد الإيجار غير محدد المدة أو تعذر إثبات المدة المدعاة أعتبر الإيجار منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة وينتهي بانتهاء هذه الفترة بناء على طلب أحد المتعاقدين.

مادة 757
إذا انتهى عقد الإيجار وبقي المستأجر منتفعاً بالشيء المؤجر بعلم المؤجر ودون اعتراض منه اعتبر الإيجار قد تجدد بشروطه الأولى ولمدة مماثلة.
المذكرة الإيضاحية :
واجهت هاتان المادتان حالة عدم تحديد مدة الإيجار وحالة تعذر إثبات المدة كما واجهت حالة انتهاء عقد الإيجار وبقاء المستأجر منتفعاً بالشيء المؤجر بعلم المؤجر.
وهاتان المادتان تقابلان المادتان 367 أردني و 757 مصري.

مادة 758
تصح إضافة الإيجار إلى مدة مستقبلة وتلزم بالعقد إلا إذا كان الشيء المؤجر مال وقف أو يتيم فلا تصح إضافته إلى مدة مستقبله تزيد على سنة من تاريخ العقد.
المذكرة الإيضاحية :
تجيز هذه المادة إضافة الإيجار إلى مدة مستقبلة ومصدرها المادة 440 من المجلة وما جاء في رد المحتار ج 5 ص 4.
وهي تقابل المادتين 672 أردني، و 527 مصري.

مادة 759
إذا انقضت مدة الإيجار وثبت قيام ضرورة لامتدادها فإنها تمتد بقدر الضرورة على أن يؤدي المستأجر أجر المثل عنها.
المذكرة الإيضاحية :
تواجه هذه المادة حالة قيام ضرورة ملحة لامتداد مدة الإيجار بعد انقضائها.
ومصدر هذه المادة يعرف من الرجوع إلى المواد 210 ، 480 ، 526 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادة 674 أردني.

مادة 760
إذا طلب المؤجر من المستأجر زيادة معينة على الأجر المسمى بعد انتهاء مدة الإيجار لزمته الزيادة إذا انقضت المدة وظل حائزاً للشيء المؤجر دون اعتراض.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حالة ما إذا طلب المؤجر من المستأجر زيادة معينة على الأجر المسمى بعد انتهاء مدة الإيجار.
ومصدر هذه المادة يعرف بالرجوع إلى المادة 438 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 659 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 690 أردني، 545 سوري، 758 عراقي.

3. آثار الإيجار

مادة 761
يلتزم كل من المتعاقدين بتنفيذ ما أشتمل عليه العقد بصورة تحقق الغاية المشروعة منه.

مادة 762
إذا تم عقد الإيجار صحيحاً فإن حق الانتفاع بالشيء المؤجر ينتقل إلى المستأجر.
المذكرة الإيضاحية :
تلزم المادة 761 المتعاقدين بتنفيذ العقد بصورة تحقق الغاية المشروعة منه وأما المادة 762 فتنقل بالإيجار حق الانتفاع إلى المستأجر.
ومصدر هاتين المادتين يعرف من الرجوع إلى المواد 2، 3، 19 ، 420 ، 583 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 577 من مرشد الحيران ورد المحتار ج ص 2،3 .
وهاتان المادتان تقابلان المادتين 675 ، 676 أردني.

4. التزامات المؤجر

أ. تسليم الشيء المؤجر

مادة 763
1. على المؤجر تسليم الشيء المؤجر وتوابعه في حالة يصلح معها لاستيفاء المنفعة المقصودة كاملة.
2. ويتم التسليم بتمكين المستأجر من الشيء المؤجر دون مانع يعوق الانتفاع به مع بقائه في يده بقاء متصلاً حتى تنقضي مدة الإيجار.

مادة 764
للمؤجر أن يمتنع عن تسليم الشيء المؤجر حتى يستوفى الأجر المعجل.
المذكرة الإيضاحية :
تلزم المادة 763 المؤجر بتسليم الشيء المؤجر وتوابعه في حالة يصلح معها لاستيفاء المنفعة وأما المادة 764 فتعطي المؤجر حق الامتناع عن التسليم حتى يستوفي الأجر المعجل وهو استعمال لحق الاحتباس.
وحكم هاتين المادتين يعرف من مراجعة المواد 472 ، 582 ، 583 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتين 583 ، 642 من مرشد الحيران.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 676 ، 677 أردني ومن 564 - 571 مصري، 742 ، 743 عراقي.

مادة 765
1. إذا عقد الإيجار على شيء معين بأجرة إجمالية وذكر عدد وحداته دون بيان أجرة كل وحدة منها فظهرت وحداته أزيد أو أنقص كانت الأجرة هي المسماة في العقد لا يزاد عليها ولا يحط منها وفي حالة النقصان للمستأجر الخيار في فسخ العقد .
2. فإذا سمي في العقد أجر كل وحدة فإن المستأجر يلتزم بالأجر المسمى للوح دات الزائ دة ويلتزم المؤجر بحط الأجر المسمى للوحدات الناقصة. وللمستأجر خيار الفسخ في الحالتين.
3. على أن مقدار النقص أو الزيادة إذا كان يسيراً ولا أثر له على المنفعة المقصودة فلا خيار للمستأجر.
المذكرة الإيضاحية :
حددت هذه المادة حكم الأجرة الإجمالية إذا كانت عن عدد من الوحدات وفرقت بين حالة ما إذا كانت هذه الأجرة لم تبين أجرة كل وحدة أو إذا كانت بينتها وأوضحت حق المستأجر من ناحية الفسخ أو إنقاص الأجرة في كلتا الحالتين في حالة ظهور نقص أو زيادة ليست يسيرة في وحدات الشيء المؤجر.
ومصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع إلى المادتين 503 ، 504 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المواد 679 أردني، 746 ، 747 عراقي.

مادة 766
يسري على تسليم الشيء المؤجر وتوابعه ما يسري على تسليم المبيع من آثار ما لم يتفق الطرفان على ما يخالفه.
المذكرة الإيضاحية :
إن الإجارة هي بيع المنفعة المعلومة كما صرح في المادتين 405 ، 420 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 577 من مرشد الحيران وما ورد في المراجع الفقهية المتعددة مثل رد المحتار ج 5 ص 2، 3 وبداية المجتهد ج 2 ولذلك يسري على تسليم العين المؤجرة وتوابعها ما يسري على تسليم المبيع من آثار ما لم يتفق الطرف ان على خلاف ذلك عملاً بالمادة 83 من المجلة، وقد وضعت هذه المادة على الأساس المذكور.
وهذه المادة تقابل المادة 680 أردني.

ب. صيانة الشيء المؤجر

مادة 767
1. يلتزم المؤجر بأن يقوم بإصلاح ما يحدث من خلل في الشيء المؤجر يؤثر في استيفاء المنفعة المقصودة فإن لم يفعل جاز للمستأجر فسخ العقد أو الحصول على إذن من القاضي يخوله الإصلاح والرجوع
على المؤجر بما أنفق بالقدر المتعارف عليه.

2. وإن كان الخلل الذي يلتزم المؤجر بإصلاحه عرفاً من الأمور البسيطة أو المستعجلة التي لا تحتمل التأخير وطلب إليه المستأجر إصلاحه فتأخر أو تعذر الاتصال به جاز للمستأجر إصلاحه واقتطاع نفقته بالقدر المتعارف عليه من الأجرة.
المذكرة الإيضاحية :
ألزمت هذه المادة المؤجر بصيانة الشيء المؤجر لتمكين المستأجر من استيفاء المنفعة وأوضحت الحالات التي يجوز فيها للمستأجر الحصول على إذن من القاضي لإجراء الإصلاحات على نفقة المؤجر أو قيامه بنفسه بالإصلاح وخصم ما تكبده من الأجرة.
ومصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع للمادتين 58 ، 529 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 628 من مرشد الحيران.
وما ذكر بالمذهب الحنبلي من جواز الفسخ في هذه الحالة كما يتبين من الرجوع للصفحتين 164 ، 165 من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ج 3 والصفحة 26 ، 27 من المغني ج 5 وقياساً على أحكام المادة 1313 من المجلة.
وهذه المادة تقابل المواد 681 أردني، 567 مصري، 835 ، 836 سوري، 750 عراقي.

مادة 768
1. إذا أحدث المستأجر بإذن المؤجر انشاءات أو إصلاحات لمنفعة الشيء المؤجر أو صيانته رجع عليه بما أنفقه بالقدر المتعارف عليه وإن لم يشترط له حق الرجوع.
2. أما إذا كان ما أحدثه المستأجر عائداً لمنفعته الشخصية فليس له حق الرجوع على المؤجر ما لم يتفق على غير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تبين هذه المادة حكم استحداث المستأجر انشاءات أو إصلاحات بالشيء المؤجر ومدى أحقيته في الرجوع على المؤجر بما أنفقه.
ومصدر حكم هذه المادة هو المادة 530 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ورد المحتار ج 5 ص 47 وما بعدها.
وهذه المادة تقابل المواد 682 أردني، 535 سوري، 763 عراقي.

مادة 769
1. يجوز للمؤجر أن يمنع المستأجر من أي عمل يفضي إلى تخريب أو تغيير في الشيء المؤجر ومن وضع آلات أو أجهزة قد تضره أو تنقص من قيمته.
2. فإذا لم يمتنع كان للمؤجر أن يطلب من القاضي فسخ العقد وضمان الضرر الذي سببه هذا التعدي.
المذكرة الإيضاحية :
تعطي هذه المادة للمؤجر حق منع المستأجر من أي عمل يؤدي إلى تخريب أو إنقاص قيمة الشيء المؤجر وجزاء مخالفة المستأجر لهذا الالتزام.
ومصدر حكم هذه المادة يتبين من الرجوع إلى المادتين 533 ، 602 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادتين 683 أردني، 549 سوري.

ج. ضمان الشيء المؤجر

مادة 770
1. لا يجوز للمؤجر أن يتعرض للمستأجر بما يزعجه في استيفاء المنفعة مدة الإيجار ولا أن يحدث في الشيء المؤجر تغييراً يمنع من الانتفاع به أو يخل بالمنفعة المعقود عليها وإلا كان ضامناً.
2. ولا يقتصر ضمان المؤجر على الأعمال التي تصدر منه أو من اتباعه بل يمتد هذا الضمان إلى كل تعرض أو ضرر مبنى على سبب قانوني يصدر من أي مستأجر آخر أو من أي شخص تلقى الحق عن المؤجر.

مادة 771
إذا ترتب على التعرض حرمان المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر طبقا للعقد جاز له أن يطلب الفسخ أو انقاص الأجرة مع ضمان ما أصابه من ضرر.

مادة 772
1 يضمن المؤجر للمستأجر جميع ما يوجد في الشيء المؤجر من عيوب تحول دون الانتفاع به أو تنقص منه نقصاناً فاحشاً ولا يضمن العيوب التي جرى العرف على التسامح فيها.
2. ولا يضمن المؤجر العيب إذا كان المستأجر على علم به وقت التعاقد أو كان من اليسير عليه أن يعلم به.

مادة 773
إذا ترتب على العيب حرمان المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر، جاز له أن يطلب الفسخ أو إنقاص الأجرة مع ضمان ما يلحقه من ضرر.

مادة 774
تسري على وجود العيب في الإجارة أحكام خيار العيب في المبيع في كل ما لا يتنافى مع طبيعة الإجارة.

مادة 775
كل اتفاق يقضي بالإعفاء من ضمان التعرض أو العيب يقع باطلاً إذا كان المؤجر قد أخفى عن غش سبب هذا الضمان.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المواد تتعلق بالتزامات المؤجر والحالات التي يجب فيها عليه الضمان أو الحالات التي للمستأجر فيها أن يطالب بالفسخ أو إنقاص الأجرة.
فلا يجوز للمؤجر أن يتعرض للمستأجر بما يمنعه من استيفاء المنفعة ولا أن يحدث في الشيء للمؤجر تغييراً يمنع الانتفاع به أو يخل بالمنفعة المعقود عليها. ويضمن المؤجر فضلاً عن الأعمال التي تصدر منه أو من اتباعه كل تعرض أو ضرر مبني على سبب قانوني للغير.
ويجوز للمستأجر طلب الفسخ أو إنقاص الأجرة.
ويضمن المؤجر للمستأجر ما يوجد في الشيء المؤجر من عيوب تمنع الانتفاع به إلا إذا كان المستأجر على علم بهذه العيوب وقت التعاقد أو كان من اليسير عليه أن يعلم بها أو كانت مما جرى على التسامح فيها فإذا ترتب على العيب حرمان المستأجر من الانتفاع جاز له طلب الفسخ أو انقاص الأجرة.
وقد تضمنت هذه النصوص نصاً يقضي بأن يسري على وجود العيب في الإجارة أحكام خيار العيب في المبيع وبما أن الغش والخداع ممنوع شرعاً ويجب أن تتنزه عنه العقود فإن كل اتفاق يقضي بالإعفاء من الضمان أو العيب في حالة إخفاء المؤجر العيب عن غش لا يعتبر لأن الشرط المقبول هو الذي لا يتعارض مع حكم الشرع.
وأحكام هذه المواد يعرف مصدرها من الرجوع إلى المواد 83 ومن 513 - 517 ، 584 ، 585 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي والمواد من 646 - 652 ، 659 من مرشد الحيران.
وهذه المواد تقابل المواد من 684 - 689 أردني ومن 539 - 544 سوري ومن 753 - 757 عراقي.

5. التزامات المستأجر
أ. المحافظة على الشيء المؤجر ورده
مادة 776
1. الشيء المؤجر أمانة في يد المستأجر يضمن ما يلحقه من نقص أو تلف أو فقدان ناشيء عن تقصيره أو تعديه. وعليه أن يحافظ عليه محافظة الشخص العادي.
2. وإذا تعدد المستأجرون كان كل منهم ضامناً للأضرار الناشئة عن تعدية أو تقصيره.

مادة 777
1. لا يجوز للمستأجر أن يتجاوز في استعمال الشيء المؤجر حدود المنفعة المتفق عليها في العقد فإن لم يكن هناك اتفاق وجب الانتفاع به طبقاً لما أعد له وعلى نحو ما جرى عليه العرف.
2. فإذا جاوز في الانتفاع حدود الاتفاق أو خالف ما جرى عليه العرف وجب عليه ضمان ما ينجم عن فعله من ضرر.

مادة 778
1. لا يجوز للمستأجر أن يحدث في الشيء المؤجر تغييراً بغير إذن المؤجر إلا إذا كان يستلزمه إصلاح الشيء المؤجر ولا يلحق ضرراً بالمؤجر.
2. فإن تجاوز المستأجر هذا الالتزام وجب عليه عند انقضاء الإجارة إعادة الشيء المؤجر إلى الحالة التي يكون عليها فضلاً عن التعويض إن كان له مقتض وكل ذلك ما لم يتفق على غيره.

مادة 779
1. يلتزم المستأجر بإجراء الترميمات التي تم الاتفاق عليها أو جرى العرف على أنه مكلف بها.
2. وعليه خلال مدة الإيجار تنظيف الشيء المؤجر وإزالة ما تراكم فيه من أتربة أو نفايات وسائر ما يقضي العرف بأنه مكلف به.

مادة 780
1. لا يجوز للمستأجر أن يمنع المؤجر من القيام بالأعمال الضرورية لصيانة الشيء المؤجر.
2. وإذا ترتب على هذه الأعمال ما يخل بانتفاع المستأجر كان له الحق في فسخ العقد ما لم يستمر في استيفاء المنفعة حتى انتهاء أعمال الصيانة.

مادة 781
1. إذا فات الانتفاع بالشيء المؤجر كله سقطت الأجرة عن المستأجر من وقت فوات المنفعة.
2. فإذا كان فوات المنفعة جزئياً وبصورة تؤثر في استيفاء المنفعة المقصودة كان له فسخ العقد وتسقط الأجرة من تاريخ الفسخ .
3. فإذا أصلح المؤجر الشيء المؤجر قبل الفسخ سقط عن المستأجر من الأجرة بمقدار ما فات من منفعة ولا خيار له في الفسخ.

مادة 782
1. إذا صدر عن السلطات المختصة ما يمنع الانتفاع الكلي بالشيء المؤجر دون سبب من المستأجر تنفسخ الإجارة وتسقط الأجرة من وقت المنع.
2. وإذا كان المنع يخل بنفع بعض الشيء المؤجر بصورة تؤثر في استيفاء المنفعة المقصودة فللمستأجر فسخ العقد وتسقط عنه الأجرة من وقت قيامة بإعلام المؤجر .

مادة 783
يجوز للمستأجر فسخ العقد في الحالتين الآتيتين:
1. إذا استلزم تنفيذه إلحاق ضرر بين بالنفس أو المال أو لمن يتبعه في الانتفاع بالشيء المؤجر.
2. إذا حدث ما يمنع تنفيذ العقد.

مادة 784
1. على المستأجر رد الشيء المؤجر عند انقضاء مدة الإيجار إلى المؤجر بالحالة التي تسلمه بها ألا ما يكون قد أصاب الشيء من هلاك أو تلف لسبب لا يد له فيه.
2. فإذا أبقاه تحت يده دون حق كان ملزماً بأن يدفع للمؤجر أجر المثل مع ضمان الضرر.
3. وإذا أحتاج رد الشيء المؤجر إلى الحمل والمؤنة فأجرة نقله تكون على المؤجر.

مادة 785
إذا أحدث المستأجر بناء أو غراساً في الشيء المؤجر ولو بإذن المؤجر، كان للمؤجر عند انقضاء الإيجار إما مطالبته بهدم البناء أو قلع الغراس أو أن يتملك ما استحدث بقيمته مستحق القلع إن كان هدمه أو إزالته مضراً بالعقار فإن كان الهدم أو الإزالة لا يضر بالعقار فليس للمؤجر أن يبقيه بغير رضاء المستأجر.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المواد تتعلق بالتزامات المستأجر وفي وجوب محافظته على الشيء المؤجر محافظة الشخص العادي.
فالشيء المؤجر يعتبر أمانة في يد المستأجر أو المستأجرين ويضمن كل منهم ما ينشأ عن تعديه أو تقصيره من ضرر.
وعلى المستأجر ألا يتجاوز في استعمال الشيء المؤجر حدود المنفعة المتفق عليها كما لا يجوز له أن يحدث تغييرات في الشيء المؤجر بغير إذن المؤجر وعليه إعادة الشيء المؤجر إلى الحالة التي كان عليها.
ويلتزم المستأجر بإجراء الترميمات المتفق عليها أو يجري بها العرف كما يلتزم بتنظيف الشيء المؤجر.
وبينت هذه المواد أنه لا يجوز للمستأجر أن يمنع المؤجر من القيام بالأعمال الضرورية لصيانة الشيء المؤجر.
كما تناولت حكم فوات الانتفاع بالشيء المؤجر كلياً أو جزئياً وما يترتب على ذلك من سقوط الأجرة أو فسخ العقد إلا إذا أصلح المؤجر الشيء المؤجر قبل الفسخ.
وأجازت المادة 783 للمستأجر فسخ العقد إذا استلزم تنفيذه إلحاق ضرر بيّن بالنفس أو المال أو إذا حدث ما يمنع تنفيذ العقد.
وألزمت المادة 784 المستأجر برد الشيء المؤجر عند انقضاء مدة الإيجار وإلا كان ملزماً بدفع أجر المثل مع ضمان الضرر وحددت من يتحمل أجرة نقل الشيء المؤجر عند رده للمؤجر.
وبينت المادة 785 حكم ما يحدثه المستأجر من بناء أو غراس في الشيء المؤجر.
ويتبين أحكام المواد المشار إليها من الرجوع إلى المواد 87 ، 426 ، 433 ، 478 ، 514 ، 517 ، 518 ، 522 ، 524 ، 525 ، 527 ، 530 - 532 ، 591 - 595 ، 600 - 606 من المجلة وشرحها لعلي حيدر ورد المحتار ج 5 ص 47 وما بعدها والمواد 646 ، 648 ، 651 ، 654 - 658 ، 676 ، 677 من مرشد الحيران ومذهب المالكية المبين في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ج 3 ص 160 .
وهذه المواد تقابل المواد من 692 - 701 أردني ومن 579 - 592 مصري، 755 ، 757 ، 758 سوري، ومن 760 - 764 عراقي.

ب. إعارة الشيء المؤجر وتأجيره.

مادة 786
للمستأجر أن يعير الشيء المؤجر أو يمكن غيره من استعماله والانتفاع به كله أو بعضه بدون عوض إذا كان مما لا يختلف باختلاف المستعمل.

مادة 787
لا يجوز للمستأجر أن يؤجر الشيء المؤجر كله أو بعضه إلى شخص آخر إلا بإذن المؤجر أو إجازته.

مادة 788
في الحالات المبينة في المادتين السابقتين يتقيد المستأجر بشروط عقد إيجاره نوعاً وزمناً.

مادة 789
إذا أجر المستأجر الشيء المؤجر بإذن المؤجر فإن المستأجر الجديد يحل محل المستأجر الأول في جميع الحقوق والالتزامات المترتبة بمقتضى العقد الأول.

مادة 790
إذا فسخ أو أنهى عقد الإيجار المبرم مع المستأجر الأول كان لمؤجره حق إنهاء العقد المبرم مع المستأجر الثاني واسترداد الشيء المؤجر.
المذكرة الإيضاحية :
تتعلق هذه المواد بأحكام إعارة الشيء المؤجر وتأجيره من قبل المستأجر فأجازت له إعارته إذا كان الشيء المؤجر يختلف باختلاف المستعمل وكان ذلك بلا عوض أما الإيجار فلا يجوز إلا بإذن المؤجر أو إجازته - وفي هذه الحالة يحل المستأجر الجديد محل المستأجر الأول في حقوقه والتزاماته - وبينت المادة 790 أنه في حالة فسخ عقد الإيجار مع المستأجر الأول كان للمؤجر إنهاء العقد المبرم مع المستأجر الثاني.
ومصدر ذلك الأحكام يتبين من الرجوع للمواد من 426 - 428 ، 443 ، 528 ، 549 ، 552 ، 586 ، 587 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والأتاسي والمواد من 639 - 644 من مرشد الحيران.
وهذه المواد تقابل المواد 702 ، 703 ، 704 ، 705 ، 706 أردني ومن 560 - 564 سوري ومن 775 - 778 عراقي.

6. انتهاء الإيجار

مادة 791
1. ينتهى الإيجار في الحالتين الآتيتين:
أ. بانتهاء المدة المحددة في العقد ما لم يشترط تجديده تلقائياً.
ب. بانتهاء حق المنفعة إذا كان الإيجار صادراً ممن له هذا الحق وذلك ما لم يجزه مالك الرقبة.
2. وإذا انتهى عقد الإيجار وبقي المستأجر منتفعاً بالشيء المؤجر، برضى المؤجر الصريح أو الضمني اعتبر العقد مجدد بشروطه الأولى.

مادة 792
إذا استعمل المستأجر الشيء المؤجر بدون حق بعد انقضاء مدة الإيجار يلزمه أجر المثل عن مدة الاستعمال ويضمن للمؤجر فوق ذلك ما يطرأ على الشيء المؤجر من ضرر.

مادة 793
1. لا ينتهي الإيجار بوفاة أحد المتعاقدين.
2. إلا إنه يجوز لورثة المستأجر طلب إنهاء العقد إذا أثبتوا أن أعباء العقد قد أصبحت بسبب وفاة مورثهم أثقل من أن تتحملها مواردهم أو تجاوز حدود حاجتهم.
3. وإذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات جاز لورثته أو للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد.

مادة 794
1. يجوز لأحد المتعاقدين لعذر طارئ يتعلق به أن يطلب إنهاء عقد الإيجار وحينئذ يضمن ما ينشأ عن هذا الإنهاء من ضرر للمتعاقد الآخر في الحدود التي يقرها العرف.
2. وإذا كان المؤجر هو الذي يطلب إنهاء العقد فلا يجبر المستأجر على رد الشيء المؤجر حتى يستوفي التعويض أو يحصل على تأمين كاف.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المواد أحكام إنهاء عقد الإجارة والحالات التي يجوز للمؤجر أو لأحد المتعاقدين طلب إنهاء العقد فيها - فقررت إنهاء الإيجار بانتهاء المدة المحددة في العقد أو بانتهاء حق المنفعة وبينت حكم انتهاء عقد الإيجار واستمرار المستأجر منتفعاً بالشيء المؤجر - وأثر وفاة أحد المتعاقدين على إنهاء العقد - وقد اختير في هذا القانون عدم انتهاء العقد بوفاة أحد المتعاقدين اعتماداً على مذاهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد وخالف القانون في هذا مذهب أبي حنيفة وقد اعتمد في ذلك على ما ذكره ابن رشد في بداية المجتهد ج2 ص 192 وما ذكر في مباحث الإجارة من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ص 160 - 161 ج 3.
وقد أجاز القانون للمؤجر ولورثة المستأجر طلب إنهاء العقد إذا كان عقد الإيجار بسبب حرفته أو لاعتبارات أخرى تتعلق بشخصيته.
كما أن القانون اعتمد على مذهب أبي حنيفة في جواز إنهاء عقد الإجارة للضرر الطارئ كما ذكره ابن رشد ج 2 ص 191 من بداية المجتهد ويمكن معرفة باقي الأحكام من الرجوع إلى المواد 438 ، 440 ، 443 ، 592 ، 596 من المجلة وشرحها لعلي حيدر، والمادة 667 من مرشد الحيران.
وهذه المواد تقابل المواد من 707 - 710 أردني، ومن 598 - 608 مصري، ومن 565 - 568 سوري، ومن 783 - 785 عراقي.

مادة 795
1. إذا بيع الشيء المؤجر بدون إذن المستأجر كان البيع نافذاً بين البائع والمشتري ولا يؤثر ذلك على حق المستأجر.
2. فإذا أذن المستأجر بالبيع أو أجازه كان البيع نافذاً في حقه ولزمه تسليم الشيء المؤجر ما لم يكن قد عجل بالأجرة فيكون له حق حبس الشيء المؤجر إلى أن يسترد مقابل الأجرة عن باقي المدة التي لم ينتفع بها.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة في فقرتها الأولى حالة بيع الشيء المؤجر بدون إذن المستأجر فقررت أن مثل هذا البيع لا يكون نافذاً في حق المستأجر.
أما الفقرة الثانية فتتناول حالة ما إذا أذن المستأجر بالبيع أو أجازه فإن البيع يكون نافذاً في حقه.
ومصدر هذه المادة يعرف من مراجعة المادة 590 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 663 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 691 أردني، 546 سوري، 759 عراقي.

مادة 796
لا يُنهى عقد إجارة دار ونحوها بظهور فسق المستأجر لها وتأمره النيابة بالكف عن فسقه فإن لم يكف عنه أخرجه منها القاضي بناء على طلب المالك أو الجار وأجرها عليه أن حصل بفسقه ضرر للدار أو الجار ويلزمه أجرتها في مدة خروجه منها قبل إيجارها عليه.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هذه المادة حالة ظهور فسق المستأجر للدار ونحوها إذا جعلت للنيابة العامة أن تأمره بالكف عن فسقه فإن لم يكف عنه أخرجه منها القاضي وأجرها عليه.
ومصدر هذه المادة المذهب المالكي المادة 491 من مشروع التقنين المالكي، والشرح الكبير وحاشيته ج 4 ص 31 وحاشيته الشرح الصغير ج 2 ص 309 .

الفرع الثاني
بعض أنواع الإيجار
1. إيجار الأراضي الزراعية

مادة 797
يصح إيجار الأراضي الزراعية مع بيان ما يزرع فيها أو تخيير المستأجر أن يزرع ما يشاء.
المذكرة الإيضاحية :
تضع هذه المادة المبدأ العام في جواز تأجير الأرض الزراعية مع بيان ما يزرع فيها أو الترخيص للمستأجر بأن يزرع ما يشاء ومصدر حكم هذه المادة المادتان 454 ، 524 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 668 من مرشد الحيران وما ورد في رد المحتار في باب ما يجوز من الإجارة ج 5 ص 18 ، 19 والمواد 601 وما بعدها مصري.
وهذه المادة تقابل المادة 711 أردني، المواد 601 وما بعدها مصري والمادة 794 عراقي.

مادة 798
لا تجوز إجارة الأرض إجارة منجزة وهي مشغولة بزرع لأخر غير مدرك وكان مزروعاً بحق إلا إذا كان المستأجر هو صاحب الزرع.

مادة 799
تجوز إجارة الأرض المشغولة بالزرع ويكلف صاحبه بقلعه وتسليمها للمستأجر في الحالتين الآتيتين:
أ. إذا كانت مزروعة بحق والزرع مدرك حين الإيجار.
ب. إذا كانت مزروعة بغير حق سواء أكان الزرع مدركاً أم غير مدرك.

مادة 800
تجوز إجارة الأرض المشغولة بالزرع إجارة مضافة إلى وقت تكون الأرض فيه خالية.
المذكرة الإيضاحية :
تنظم هذه المواد أحكام تأجير الأرض وهي مشغولة بالزرع.
فأجازت المادة 798 هذه الإجارة إذا كان المستأجر هو صاحب الزرع كما أجازت المادة 799 ذلك على أن يكلف صاحب الزرع بقلعه وذلك إذا كانت مزروعة بغير حق أو مزروعة بحق والزرع مدرك حين الإيجار وأجازت المادة 800 إجارة الأرض المشغولة بالزرع إذا كانت الإجارة مضافة إلى وقت تكون فيه الأرض خالية من الزرع.
ومصدر أحكام المواد المشار إليها يتبين من مراجعة الدر المختار ورد المحتار ج 5 ص 18 ، 19 والمواد 408 ، 523 من المجلة وشرحها لعلي حيدر، المواد من 669 - 671 من مرشد الحيران.
وهذه المواد تقابل المواد 712 ، 713 ، 714 أردني، ومن 795 - 797 عراقي.

مادة 801
1. إذا استأجر شخص الأرض للزراعة شمل الإيجار جميع حقوقها ولا تدخل في ذلك الأدوات والآلات الزراعية وما لا يتصل بالأرض اتصال قرار إلا بنص في العقد.
2. فإذا تناول العقد إيجار الأدوات والآلات الزراعية وغيرها وجب على المستأجر أن يتعهدها بالصيانة وأن يستعملها طبقاً للمألوف.
المذكرة الإيضاحية :
تحدد هذه المادة حكم تأجير الأرض شاملة لأدوات وآلات الزراعة أو بدونها وقررت أنه في حالة شمول العقد إيجار هذه الأدوات وجب على المستأجر أن يتعهدها بالصيانة.
ومصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع إلى الدر المختار ورد المحتار ج 5 ص 18 والمادة 454 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 672 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 715 أردني والمادة 610 مصري، 577 ، 578 سوري و 798 عراقي.

مادة 802
من استأجر أرضاً على أن يزرعها ما شاء فله أن يزرعها مكرراً في ظرف السنة صيفياً وشتوياً.

مادة 803
إذا انقضت مدة إيجار الأرض قبل أن يدرك الزرع لسبب لا يد للمستأجر فيه ترك بأجر المثل حتى يتم إدراكه وحصاده.
المذكرة الإيضاحية :
وقد بينت المادة الأولى أن المستأجر إذا استأجر الأرض على أن يزرعها ما يشاء فإنه يكون من حقه أن يزرعها أكثر من مرة للصنف الواحد في ظرف السنة.
وتناولت المادة الثانية حالة انقضاء مدة الإجارة قبل أن يدرك الزرع لسبب خارج عن إرادة المستأجر فقضت باستمرار الإجارة بأجر المثل حتى يتم إدراك الزرع وحصاده.
ومصدر حكم هاتين المادتين يعرف من الرجوع إلى الدر المختار ورد المحتار ج 5 ص 18 والمادتين 525 ، 526 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتين 673 ، 678 من مرشد الحيران.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 716 ، 717 أردني، 579 ، 584 سوري، 799 ، 803 عراقي.

مادة 804
على المستأجر أن يستعمل الأرض الزراعية وفقاً لمقتضيات الاستغلال المألوف وعليه أن يعمل على أن تبقى الأرض صالحة للإنتاج وليس له أن يغير في طريقة الانتفاع بها تغييراً يمتد أثره إلى ما بعد انقضاء الإيجار.
المذكرة الإيضاحية :
تلزم هذه المادة المستأجر باستغلال الأرض وفقاً لمقتضيات الاستغلال المألوف وعليه ألا يغير طريقة الانتفاع بها بما يمتد أثره إلى ما بعد انتهاء الإيجار.
ومصدر هذه المادة يتبين من الرجوع إلى المواد 19 ، 426 ، 602 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 654 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 718 أردني، 580 ، 581 سوري، 804 عراقي.

مادة 805
1. يلتزم المؤجر بإجراء الإصلاحات التي يتوقف عليها استيفاء المنفعة المقصودة.
2. وعلى المستأجر إجراء الإصلاحات التي يقتضيها الانتفاع المعتاد بالأرض وصيانة آلات السقي والمصارف والطرق والقناطر والآبار.
3. وهذا كله ما لم يجر الاتفاق أو العرف بغير ذلك.
المذكرة الإيضاحية :
تلزم هذه المادة المستأجر بإجراء الإصلاحات المعتادة التي يقتضيها الانتفاع.
ومصدر حكم هذه المادة يعرف من الرجوع إلى المادتين 529 ، 530 من المجلة وشرحها لعلي حيدر.
وهذه المادة تقابل المادتين 719 أردني، 581 سوري.

مادة 806
إذا غلب الماء على الأرض المؤجرة حتى تعذر زرعها أو انقطع الماء
عنها واستحال ريها أو أصبح ذا كلفة باهظة أو حالت قوة قاهرة دون زراعتها فللمستأجر فسخ العقد ولا تجب عليه الأجرة.

مادة 807
إذا هلك الزرع قبل حصاده بسبب لا يد للمستأجر فيه وجب عليه من الأجرة بقدر ما مضى من المدة قبل هلاك الزرع ويسقط عنه الباقي إلا إذا كان في استطاعته أن يزرع م ل الأول فعليه حصة ما بقي من المدة.

مادة 808
لا يجوز فسخ العقد ولا إسقاط الأجرة أو بعضها إذا كان المستأجر قد نال ضماناً من أية جهة عما أصابه من ضرر.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المواد تتعلق ببيان حكم ما إذا تعذر على المستأجر الاستفادة من الأرض كما إذا انقطع الماء عنها واستحال ريها أو حالت قوة قاهرة دون زراعتها أو هلك الزرع قبل حصاده لسبب لا علاقة للمستأجر فيه - وظاهر من هذه الأحوال أنه طرأت ظروف لا يستطيع المستأجر دفعها وقد منعته من الوصول إلى المنفعة المتعاقد عليها - .
وبما أن الضرر يدفع بقدر الإمكان بمقتضى المادة 31 من المجلة وبما أن الغرم بالغنم ولم يتمكن المستأجر هنا من الوصول إلى المنفعة فيحق له طلب الفسخ على ما وضح بالمادتين المذكورتين أولاً وقد تضمنت المادة 808 أن المستأجر إذا نال ضماناً من أية جهة عما أصابه من ضرر فلا يحق له فسخ العقد ولا اسقاط شيء من الأجرة لأنه لم يلحقه ضرر حتى يدفع أو يزال وعلى هذا الأساس وضعت المواد الثلاث المشار إليها.
وتراجع المادتين 674 ، 675 من مرشد الحيران.
وهذه المواد تقابل المواد 720 ، 721 ، 722 أردني، 582 ، 583 سوري، 800 ، 801 عراقي.

2. المزارعة
نظرة عامة:
المزارعة لغة هي الشركة في الزرع وأما في اصطلاح الفقهاء فإن الحنفية يرون أن المزارعة شرعاً هي عقد على الزرع ببعض الخارج من الأرض فهي عقد بين مالك أرض وعامل يعمل في الأرض فيستأجر العامل الأرض ليزرعها ببعض المتحصل من الزرع أو أن المالك يستأجر العامل على أن يزرع له أرضه ببعض الخارج المتحصل من الأرض.
وقد قال أبو حنيفة أن المزارعة تجوز إلا في صورة معينة وهي ما إذا كانت آلات الزرع والبذر لصاحب الأرض والعامل فيكون العامل قد استأجر الارض بأجرة معينة ويكون للعامل بعض الخارج بالتراضي لا في نظير أجرة.
أما أبو يوسف ومحمد فيقولان بجواز المزارعة بالصورة الأولى وقولهما هو المفتى به في المذهب لأن فيه توسعة على الناس ومصلحة لهم.
أما الحنابلة فيرون أن المزارعة هي أن يدفع صاحب الأرض الصالحة للمزارعة للعامل الذي يقوم بزرعها ويدفع له الحب الذي يبذره أيضاً على أن يكون له جزء مشاع معلوم من المحصول.
أما المالكية فيرون أن المزارعة شرعاً هي الشركة في العقد وتقع باطلة إذا كانت الأرض من أحد الطرفين وهو المالك والبذر والعمل والآلات من الشريك الثاني.
أما الشافعية فيرون أن المزارعة هي معاملة العامل في الأرض ببعض ما يخرج منها على أن يكون البذر من المالك.
راجع الفقه على المذاهب الاربعة ج 3 ص 2، 3، 4.
وقد سار المشرع على الرأي الراجح من المذهب الحنفي وهوالأيسر.

أ. تعريف المزارعة

مادة 809
المزارعة عقد استثمار أرض زراعية بين صاحب الأرض وأخر يعمل في استثمارها على أن يكون المحصول مشتركاً بينهما بالحصص التي يتفقان عليها.
المذكرة الإيضاحية :
تضمنت هذه المادة تعريف المزارعة بأنه عقد استثمار أرض زراعية وبينت طرفي هذا العقد بأنهما صاحب الأرض وأخر يعمل في استثمارها كما بينت حقوق كل منهما في المحصول بأن جعلته مشتركاً بينهما على النحو الذي يتفقان عليه.
وحكم هذه المادة يعرف من الرجوع إلى المادة 1431 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 712 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 723 أردني، 591 سوري، 805 عراقي.

ب. إنشاء المزارعة

مادة 810
يشترط لصحة عقد المزارعة:
أ. أن تكون الأرض معلومة وصالحة للزراعة.
ب. أن يعين نوع الزرع وجنس البذر أو أن يترك الخيار للمزارع في زراعة ما يشاء.
ج. أن تكون حصة كل من الطرفين في المحصول مقدرة بنسبة شائعة.

مادة 811
لا يجوز اشتراط إخراج البذر أو الضريبة المترتبة على رقبة الأرض من أصل المحصول قبل القسمة.

مادة 812
يجب في المزارعة تحديد مدة الزراعة بحيث تكون متفقة مع تحقيق المقصود منها فإن لم تعين انصرف العقد إلى دورة زراعية واحدة.
المذكرة الإيضاحية :
تناولت هذه المواد شروط صحة عقد المزارعة بأن تكون الأرض معلومة صالحة للزراعة وأن يعين نوع الزرع وجنس البذر إذا لم يترك الخيار للمزارع في زراعة ما يشاء كما يشترط أن تكون حصة كل من الطرفين مقدرة بنسبة شائعة وعلى ذلك فلا يصح الاتفاق على أن تكون حصة أحد المتعاقدين مقداراً محدداً من المحصول أو محصول موضع معين من الأرض أو شيئاً من غير الحاصلات كما لا يجوز اشتراط إخراج البذر أو الضريبة المترتبة على رقبة الأرض من أصل المحصول قبل القسمة.
وبينت المادة 812 إنه إذا لم تحدد مدة معينة للمزارعة انصرف العقد إلى دورة زراعية واحدة.
ويتبين أحكام المواد المذكورة من مراجعة كتاب المزارعة في الدر المختار ورد المحتار ج 5 ص 174 ، والمواد 83 ، ومن 1434 - 1437 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد 713 - 716 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 724 ، 725 ، 726 أردني، 619 مصري، 588 ، 591 سوري، 806 ، 807 عراقي.

ج. آثار عقد المزارعة

مادة 813
إذا تم عقد المزارعة كان المحصول شائعاً بين المتعاقدين ويقتسمانه بالنسبة المتفق عليها.
المذكرة الإيضاحية :
بينت هذه المادة الأثر المترتب علي عقد المزارعة وهو أن المحصول يكون شائعاً ويقتسمه المتعاقدان حسب اتفاقهما.
ويتبين حكم هذه المادة من مراجعة كتاب المزارعة في الدر المختار ورد المحتار ج 5 ص 174 والمادة 1438 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 717 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 727 أردني، 591 سوري، 807 عراقي.

مادة 814
1. إذا استحقت أرض المزارعة بعد زرعها قبل أن يحين حصاد الزرع وكان طرفا العقد حسني النية غير عالمين بسبب الاستحقاق فلهما استبقاء الأرض تحت المزارعة إلى نهاية موسم ما زرع فيها وعلى من قدم الأرض أجر مثلها للمستحق.
2. وإن كان كلاهما سيء النية كان للمستحق قلع الزرع وأخذ أرض خالية من كل شاغل ولا شيء عليه لأحد منهما.
3. فإن كان من قدم الأرض وحده سيء النية ولم يرض المستحق بترك الأرض لهما بأجر المثل إلى نهاية الموسم يطبق ما يلي :
أ. إن كان البذر ممن قدم الأرض فعليه للمزارع أجر مثل عمله مع تعويض يعادل ما بذله من مال وأجور عمال وغيرها بالقدر المعروف إذا كان العقد يلزمه ببذل ما ذكر ولمن قدم الأرض أن يتوقى ذلك بأن يؤدي للمزارع قيمة حصته من الزرع مستحق القرار لا مقلوعاً إلى أوان إدراكه.
ب. وإن كان البذر من المزارع فله على من قدم الأرض قيمة حصته من الزرع مستحقاً للقرار إلى حين إدراكه.
ج. وللمزارع في الحالتين سواء أكان البذر منه أم ممن قدم الأرض أن يختار أخذ حصته من الزرع مقلوعاً وحينئذ لا شيء له سواه.
المذكرة الإيضاحية :
هذه المادة تتعلق ببيان الحكم إذا استحقت أرض المزارعة بعد زرعها ويختلف هذا الحكم حسب ما إذا كان طرفاً العقد حسني النية غير عالمين بسبب الاستحقاق أو كانا سيء النية وحالة ما إذا كان من قدم الأرض وحده سيء النية.
ويمكن معرفة تفاصيل الأحكام المذكورة فيها من المواد 31 ، 91 ، 96 ، 1438 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادتين 729 ، 730 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المادة 728 أردني.

د. التزامات صاحب الأر ض

مادة 815
1. على صاحب الأرض تسليمها صالحة للزراعة مع حقوقها الارتفاقية كالشرب والممر ومع جميع ما هو مخصص لاستغلالها إذا كان متصلاً بها اتصال قرار.
2. ويلتزم أيضاً بإصلاح الأدوات الزراعية التي يجب عليه تسليمها صالحة للعمل إذا احتاجت إلى الإصلاح نتيجة الاستعمال المعتاد.
المذكرة الإيضاحية :
أوضحت هذه المادة التزامات صاحب الأرض في أن يسلمها المزارع صالحة للزراعة مع ما لها من حقوق الارتفاق وجميع ما هو مخصص لاستغلالها إذا كان متصلاً بها اتصال قرار كما يلتزم بإصلاح الأدوات الزراعية التي يجب عليه تسليمها صالحة للعمل هي الأخرى.
ويمكن معرفة حكم هذه المادة من الرجوع إلى المواد 529 ، 530 ، 1436 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمادة 672 من مرشد الحيران.
وهذه المادة تقابل المواد 729 أردني، 589 سوري، 809 عراقي.

هـ. التزامات المزارع
مادة 816
1. يلتزم المزارع بمؤونة الأعمال الزراعية وصيانة الزرع والمحافظة عليه. وبنفقات مجاري الري وما ماثلها إلى أن يحين أوان حصاد الزرع.
2. أما مؤونة الزرع بعد إدراكه من الحصاد وما يتلوه والنفقات التي يحتاج إليها حتى تقسيم الغلة فيلتزم بها كل من المتعاقدين بقدر حصته.

مادة 817
1. على المزارع أن يبذل في الزراعة وفي المحافظة على الأرض وما يتبعها وعلى الزرع والمحصول من العناية ما يبذله الشخص العادي.
2 . فإذا قصر في شيء من ذلك ونشأ عن تقصيره ضرر كان ضامناً له.
المذكرة الإيضاحية :
تتناول هاتان المادتان الالتزامات المترتبة على المزارع من صيانة الزرع والمحافظة عليه ونفقات مجاري الري وما ماثلها إلى أن يحين أوان حصاد الزرع وأما مؤونة الزرع بعد إدراكه والنفقات اللازمة فيتحمل بها المتعاقدان كل بقدر حصته. وعلى المزارع أن يبذل في الزراعة وفي المحافظة على الأرض وتأدية واجباته ما يبذله الشخص العادي فإذا تهاون في ذلك كان مقصراً وحينئذ يضمن الضرر.
وتفهم أحكام هاتين المادتين من الرجوع إلى كتاب المزارعة في رد المحتار ج 5 ص 174 وما بعدها ومباحث المزارعة من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ج 3 ص 8 وما بعدها والمادة 721 من مرشد الحيران.
وهاتان المادتان تقابلان المواد 730 ، 731 أردني، 590 سوري، 809 عراقي.

مادة 818
1. لا يجوز للمزارع أن يؤجر الأرض أو يكل زراعتها لغيره إلا برضاء صاحب الأرض.
2. فإذا خالف المزارع هذا الالتزام كان لصاحب الأرض فسخ المزارعة فإن كانت الأرض حين الفسخ مزروعة والبذر من صاحب الأرض فله استردادها والرجوع على المزارع بما لحقه من ضرر وإن لم يكن البذر منه فله الخيار بين استرداد الأرض مزروعة مع إعطاء قيمة البذر لصاحبه وبين ترك الزرع لهما إلى وقت حصاده وتضمين المزارع الأول أجر المثل وما تسبب فيه من ضرر.
المذكرة الإيضاحية :
بما أن المزارع في المزارعة له شبه بالمستأجر فليس له أن يؤجر الأرض أو يكل زراعتها لغيره إلا برضا صاحب الأرض فإن فعل فلصاحب الأرض فسخ المزارعة. وبينت هذه المادة حالات ما إذا كانت الأرض حين الفسخ مزروعة والب ذر من صاحب الأرض أو كان البذر للمزارع. وبينت حكم كل حالة.
وحكم هذه المادة يعرف من الرجوع إلى شرح المادة 587 من المجلة وشرحها لعلي حيدر وإلى ما جاء في الدر المختار ورد المحتار من كتاب المزارعة ج 5 ص 174 وما بعدها.
وهذه المادة تقابل المواد 732 أردني، 592 سوري، 810 عراقي.

و - انتهاء المزارعة

مادة 819
ينتهي عقد المزارعة بانقضاء مدتها فإذا انقضت مدتها قبل أن يدرك الزرع فللمزارع استبقاء الزرع إلى أن يدرك وعليه أجر مثل الأرض بقدر حصته من المحصول عن المدة اللاحقة وتكون نفقة ما يلزم للزرع على كل من صاحب الأرض والمزارع بقدر حصصهما.

مادة 820
1. إذا مات صاحب الأرض والزرع لم يدرك يستمر المزارع في العمل حتى يدرك الزرع وليس للورثة منعه.
2. وإذا مات المزارع والزرع لم يدرك ورثته مقامه في العمل حتى يدرك وإن أبى صاحب الأرض.

مادة 821
1. إذا فسخ عقد المزارعة أو تبين بطلانه أو قضى بإبطاله كان جميع المحصول لصاحب البذر فإن كان صاحب البذر هو صاحب الأرض استحق المزارع أجر مثل عمله وإن كان صاحب البذر هو المزارع استحق صاحب الأرض أجر مثل الأرض.
2. ولا يجوز في الحالتين أن يتجاوز أجر مثل العمل أو الأرض قيمة حصة صاحبه من المحصول.
المذكرة الإيضاحية :
تتعلق هذه المواد ببيان حكم انتهاء عقد المزارعة سواء كان بانتهاء مدتها أو بأي سبب أخر وبينت حكم انقضاء مدة المزارعة قبل أن يدرك الزرع كما بينت حكم ما إذا مات صاحب الأرض أو مات المزارع وموقف ورثة أي منهما من العقد ونتيجة المحصول والمستحق لكل من الطرفين أو ورثتهما كما بينت حكم فسخ عقد المزارعة أو بطلانه.
ويمكن معرفة تفصيل هذه الأحكام من الرجوع إلى المواد 526 ، 1439 ، 1440 من المجلة وشرحها لعلي حيدر والمواد من 725 - 727 من مرشد الحيران ورد المحتار ج 5 ص 178 ، 179 .
وهذه المواد تقابل المواد 733 ، 734 ، 735 أردني، 593 ، 594 سوري، ومن 812 - 815 عراقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق