الصفحات

الاثنين، 4 ديسمبر 2023

الطعن 2889 لسنة 69 ق جلسة 9 / 3 / 2013

برئاسة السيد المستشار/ محمد ممتاز متولى رئيس محكمة النقض وعضوية السادة المستشارين/ محمد برهام عجيز , طارق سيد عبد الباقى أحمد برغش و حاتم عبد الوهاب حمودة نواب رئيس المحكمة

والسيد رئيس النيابة / مصطفى الجابرى .

والسيد أمين السر / مجدى حسن على .

----------------

" الوقائع "

فى يوم 20 / 6 / 1999 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر بتاريخ 13 / 6 / 1999 فى الاستئنافين رقمى 43, 54 لسنة 55 ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفى اليوم نفسه أودع الطاعنون مذكرة شارحة .
وفى 26 / 1 / 2012 أُعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن .
ثم أودعت النيابة العامة مذكره طلبت فيها قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه .
وبجلسة 12 / 11 / 2012 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت لنظره جلسة 9 / 3 / 2013 وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها والمحكمة أصدرت الحكم بذات الجلسة .
---------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / طارق سيد عبد الباقى" نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقى الطاعنين طلب رد المستشارين المطعون ضدهم رئيس وعضوى الدائرة رقم 36 مدنى بمحكمة استئناف الإسكندرية وذلك بتقرير في قلم كتابها بتاريخ 15 / 12 / 1998 قيد برقم 43 سنة 54 ق " رد " , للحكم برد ومخاصمة وتنحية تلك الدائرة عن نظر الاستئنافين رقمى 965 , 942 لسنة 53ق الإسكندرية , وقال بياناً لطلبه إنه أقام الدعوى رقم 1868 لسنة 1996 مدنى كلى الإسكندرية ضد آخرين للحكم بفسخ عقد البيع الابتدائى المؤرخ 29 / 8 / 1985 ورد الأرض موضوع العقد وما عليها من منشآت ومبان على سند من أنه بموجب هذا العقد باع لهما عن نفسه وبصفته تلك الأرض بثمن مقداره 106666 جنيه سددا منه مبلغ 56000 جنيه على دفعتين وأخلا بالتزامهما بسداد باقى الثمن ومقداره 50666 جنيه فأنذرهما بإعمال الشرط الفاسخ الصريح وما تضمنه بالعقد من أحقيته فى هذه الطلبات ثم أقام الدعوى , وبتاريخ 30 / 1 / 1997 حكمت فيها المحكمة بفسخ العقد وبرد الأرض خالية من المبانى والمنشآت . فاستأنف عن نفسه وبصفته هذا الحكم فى شقه الثانى للقضاء بتسليم الأرض بما عليها من مبانى ومنشآت , وذلك بالاستئناف رقم 965 لسنة 53 ق لدى محكمة استئناف الإسكندرية , كما استأنفه لديها المشتريان المحكوم عليهما بالاستئناف رقم 942 لسنة 53 ق , وبعد ضم الاستئنافين حكمت بدائرة مغايرة كان من ضمن تشكليها المطعون ضده الأول بتاريخ 13 / 9 / 1997 باستجواب الخصوم وبتاريخ 13 / 12 / 1997 بندب خبير , وأودع تقريره , وبتاريخ 10 / 11 / 1998 حكمت المحكمة بالدائرة المطلوب ردها ومخاصمتها بإحالة الاستنئافين للتحقيق ليثبت المشتريان بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود أنهما سددا للطاعن الثالث بصفته أحد البائعين مبلغ 5600 جنيه باقى ثمن العين المبيعة بالعقد المشار إليه وأن هذا المبلغ يعتبر إبراء لذمتهما من قيمة الأقساط السابقة على سداده وحددت جلسة 14 / 12 / 1998 لبدء التحقيق , وكان الحكم التمهيدى الأخير قد نشأ به وبظروف الدعوى وملابساتها ما يتيح رد ومخاصمة المطعون ضدهم لأسباب حاصلها الخطأ المهنى الجسيم المتعمد إذ أن هذا الحكم التمهيدى شابه التناقض إذ أخذ بأسباب الحكم المستأنف وحكم الاستجواب الصادر بتاريخ 13 / 9 / 1997 وأحال إليهما فيما تضمناه من أن ورقة الحساب الخاصة بمبلغ ال 5600 جنيه والمقدمة من المشتريين لا تنهض دليلاً لإثبات الوفاء بهذا المبلغ ثم عاد وأحال الاستئنافين إلى التحقيق بشهود فى مسألة المبلغ ذاته , ورغم أن الثابت من تقرير الخبرة المودع أن ذمتهما مشغولة بباقى الثمن البالغ مقداره 50666 جنيه وإقرارهما بأن هذا الباقى هو 14400 جنيه أمام الخبير وحسب الإنذار الموجه منهما للطاعنين , فضلاً عن مخالفة ذلك الحكم التمهيدى للمادتين 60 و 61 من قانون الإثبات فيما تضمنتاه من عدم جواز الإثبات بغير الكتابة لما يخالف الكتابة أو فيما زادت قيمته على مائة جنيه , هذا إلى أن إصدار الدائرة المطعون ضدها لهذا الحكم يعد إفصاحاً منها عن عقيدتها فى الدعوى بانه إذا ثبت بشهادة الشهود سداد المشتريين لمبلغ ال 5600 جنيه الوارد به يعتبر ذلك دليلاً على سدادهما كامل الثمن وهو ما ينطوى أيضاً على تعمد الغش والتدليس والغدر من الدائرة تسرى عليه المادة 494 مرافعات , كما وأنها أفصحت عن مخاصمتها لطالب الرد والمخاصمة وأبدت رأيها فى الدعوى بان أفصح له رئيس الدائرة بالجلسة أنه سيخسر الدعوى وكل قضاياه , بالإضافة إلى أن الدائرة ذاتها سبق لها إصدار حكم ضد الطاعنين فى استئنافين مشابهين وأيضاً الحكم بين خصوم مغايرين فى استئنافين آخرين مشابهين , فضلاً عن معرفة المطعون ضده الأول بالخصوم لوجود صداقة بينه والمدعو " أحمد على محمد عمار " خصم الطاعنين وأنه الطاعن الأول شاهد المطعون ضده المذكور يخرج من عقار النزاع عدة مرات ويسهر مع الخصم فى أحد المطاعم أكثر من مرة , الأمر الذى يتوافر معه من جماع ما سبق ما يجيز رد ومخاصمة المطعون ضدهم . كما أقام عليهم الطاعن الأول عن نفسه دعوى مخاصمة بتقرير فى قلم كتاب محكمة الاستئناف ذاتها بتاريخ 22 / 12 / 1998 قيدت برقم 1 لسنة 55 قمخاصمة" للحكم بالطلبات ذاتها فى تقرير الرد وعلى ذات أسبابه . وبعد أن قدمت الدائرة المطعون ضدها مذكرات بردها على أسباب الرد والمخاصمة , ضمتهما المحكمة , وحكمت بتاريخ 14 / 4 / 1999 باستجواب الطاعنين فى هذه الأسباب , وبعد تنفيذه , قضت بتاريخ 13 / 6 / 1999بسقوط طلب الرد مع مصادرة الكفالة وتغريم طالب الرد مبلغ 1500 جنيه والمصاريف , وبعدم قبول المخاصمة ومصادرة الكفالة وبغرامة 500 جنيه والمصاريف . طعن الطاعن عن نفسه وبصفته فى هذا الحكم بطريق النقض , وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن . عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالوجه الأول من كل من الأسباب الأول والثانى والخامس وبالسبب الخامس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وفى تأويله وتفسيره , والقصور فى التسبيب , ومخالفة الثابت بالأوراق , وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم التمهيدى الذى أصدرته الدائرة المطعون ضدها بجلسة 10 / 11 / 1998 بإحالة الدعوى إلى التحقيق يعد كاشفاً لعقيدتها فيها بزعمها أن عبء الإثبات يقع على مبلغ 5600 جنيه فقط من آخر كمبيالة وفى حالة الإثبات بشهادة الشهود تبرأ ذمة المشتريين , وانطوى على خطأ جسيم لسبق إصدار الدائرة حكمين تمهيديين باستجواب الخصوم وندب خبير ثبت منهما انشغال ذمة الأخيرين بمبلغ 50666 جنيه وفقاً لما انتهى إليه الخبير ورغم إقرارهما بدفاعهما بمديونيتهما بمبلغ 144000 جنيه , وبالخلاف لما انتهجه حكم التحقيق , والذى خالف أيضاً المادتين 60 و61 من قانون الإثبات فيما تضمنتاه من عدم جواز الإثبات بغير الكتابة لما يخالف الكتابة أو فيما زادت قيمته على مائة جنيه , ورغم تحقق حكم أول درجة من توافر الشرط الفاسخ الصريح , كما أنهم الطاعنين قدموا أمام محكمة الحكم المطعون فيه حافظة مستندات تفيد سبق إصدار الدائرة حكماً ضدهم وأحكاماً بين خصوم مغايرين وجميعها فى استئنافات عن موضوع مشابه دون أن تمر بما مر به الاستئنافين محل الرد والمخاصمة من أحكام تمهيدية , الأمر الذى تكون معه الدائرة قد تعمدت الغش والتدليس والخطأ المهنى الجسيم , إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وأغفل الرد على تلك المستندات وانتهى إلى عدم قبول المخاصمة استناداً إلى أن ما قامت به الدائرة لا يعد خطأ يرقى إلى المنصوص عليه فى الحالة الأولى من المادة 494 مرافعات وأن تداركه إن وقع يكون بالطعن بالطريق المناسب , وهو ما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى غير محله , ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل فى التشريع أن القاضى غير خاضع فى نطاق عمله للمساءلة القانونية , والاستثناء أن الشارع جوزها وحصرها فى نطاق ضيق محكم بالنص على أسبابها فى المادة 494 من قانون المرافعات , وقد وازن المشرع بهذا التشريع بين حق القاضى فى توفير الضمانات له فلا يتحسب فى قضائه إلا وجه الحق ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه أو يستنفذ الجهد فى الرد على من ظن الجور به وآثر الكيد له , وبين حق المتقاضى فى الاطمئنان بأن قاضيه مقيد بالعدل فى حكمه فإن جنح عنه لم تغلق الأبواب فى وجهه , فله أن ينزله منزلة الخصومة يدين بها قضاءه ويبطل أثره , وهذا كله يجد حده الطبيعى فى أن القضاء ولاية تقدير وأمانه تقرير وأن مجرد الخلاف أو الخطأ لا يسقط بهما منطق العدل وإنما يسقطه الجور والانحراف فى القصد , وقد عد الشارع من أسباب المخاصمة الغش والتدليس والغدر والخطأ المهنى الجسيم , والمقصود بالغش والتدليس والغدر هو انحراف القاضى فى عمله عن العدالة وعما يقتضيه واجب القانون قاصداً هذا الانحراف وبسوء نية , إيثاراً لأحد الخصوم أو نكاية فى آخر أو تحقيقاً لمصلحة خاصة للقاضى , والخطأ المهنى الجسيم هو وقوع القاضى فى خطأ فاضح أو إهمال مفرط ما كان له أن يتردى فيهما لو أهتم بواجبات وظيفته الاهتمام العادى ولو بقدر يسير بحيث لا يفرق هذا الخطأ فى جسامته عن الغش سوى كونه أوتى بحسن نية يستوى فى ذلك أن يتعلق الخطأ بالمبادئ القانونية أو بالوقائع المادية . ومن المقرر أيضاً فى قضاء هذه المحكمة أن تقدير جسامة الخطأ أو استظهار قصد الانحراف هما من مسائل الواقع التى تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بغير معقب على حكمها طالما كان بيانها فى ذلك سائغاً وأنه إذا نفى الحكم ذلك الانحراف أو الخطأ المهنى الجسيم بأسباب سائغة تكفى لحمل قضائه , فلا يعيبه سكوته عن الرد على المستندات التى تمسك بها الخصم والحجج التى ساقها لتأييد دفاعه فى هذا الخصوص لأن فى قيام الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمنى المسقط لتلك المستندات والحجج .
لما كان ذلك , وكان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول المخاصمة على ما اورده بمدوناته من أن " ... الخطأ الجسيم الذى يدعى به المخاصم على أساس أن الحكم الصادر من الهيئة المخاصمة بجلسة 10 / 11 / 1998 بالإحالة للتحقيق ... قد أحال فى أسبابه إلى ما جاء بالحكم المستأنف والحكم الصادر من نفس الهيئة بجلسة 13 / 9 / 1997 واعتبارهما جزء من حكمه فى حين أن الحكم الصادر بجلسة 30 / 1 / 1997 الحكم المستأنف المشار إليه لم يعتد بالورقة المزعوم بأنها ورقة حساب وبالتالى يكون الحكم التمهيدى الصادر بجلسة 10 / 11 / 1998 قد ناقض نفسه إذ كيف يأخذ بأسباب حكم محكمة أول درجة ثم يعدل عنها ويحيل لإثبات هذه الورقة بشهادة الشهود , وأن الحكم حكم التحقيق طلب إثبات سداد مبلغ 5600 جنيه واعتبر أن ذلك السداد سداد الأقساط السابقة ومبرئ للذمة , وأنه لا يجوز هذا الإثبات قانوناً عملاً بالمادة 60 و61 إثبات , ولما كان فى ضوء ما سبق تأصيله ... فإن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دين يزيد عما هو مقرر بالمادة 60 و61 إثبات فإن ذلك ليس فيه من الخطأ لأن قواعد الإثبات ليست من النظام العام وإنما يجوز للخصم الذى يريد التمسك بأحكام المادة 60 و61 إثبات أن يتمسك بذلك وللمحكمة من بعد تمسكه أن تقول كلمتها , وإن أخطأت فى تطبيق القانون فإن مرد ذلك الطعن على قضائها بالطريق المناسب وليس مخاصمة القضاة كما أن الإحالة إلى أحكام سابقة إذا ما ارتأت المحكمة مخالفة هذه الأحكام فإن الإحالة تكون بشأن الوقائع والدفاع , والعبرة بأسباب الحكم وليس فى الإحالة لأحكام سابقة , هو الأخذ بها إلا إذا تضمن الحكم المحيل الأخذ بما انتهت إليه , وإن كان الأصوب فى هذه الحالة النص صراحة على أن الإحالة بشأن الوقائع والأسانيد والمستندات والدفاع , وأن ذلك الخطأ لا يرقى إلى الخطأ المنصوص عليه فى الحالة الأولى من المادة 494 مرافعات . ولما كانت دعوى المخاصمة دعوى مشمولة لا تقبل إلا إذا ترتب على الفعل المنسوب إلى القاضى ضرر , ولما كانت الأحكام المشار إليها أحكام تمهيدية وليست أحكاما قطعية , وممكنة العدول عنها , ولما كان الثابت أنه لم يتحقق أى ضرر وهو شرط لقبول الدعوى , ومن ثم فإن المحكمة تقضى بعدم قبول المخاصمة ... " , وكان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه على هذا النحو سائغاً ويؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ويكفى لحمل قضائه وفيه الرد الضمنى المسقط لكل حجة مخالفة فى هذا الخصوص , فإن النعى عليه فيه والمنازعة فى جسامة الخطأ أو قصد الانحراف المنسوبين للمطعون ضدهم يكون مجادلة موضوعية فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع وتنحسر عنها رقابة محكمة النقض , ولا يعيب الحكم سكوته عن الرد على المستندات التى تمسك بها الطاعنون والحجج التى ساقوها فى دفاعهم , لأن فى قيام الحقيقة التى اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمنى المسقط لتلك المستندات والحجج , ومن ثم فإن النعى يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثانى من كل من الأسباب الأول والثانى والخامس وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله وتفسيره , والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الاستنباط , والقصور فى الستبيب , والإخلال بحق الدفاع , وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم أخطأ فى تطبيق وتأويل وتفسير نص المادة 151 من قانون المرافعات حين قضى بسقوط حقهم فى طلب الرد , ذلك أن نيتهم لم تتجه إلى طلب الرد والمخاصمة إلا فى نهاية جلسة التحقيق يوم 14 / 12 / 1998 بعد أن تأكد لهم تعمد الدائرة المطعون ضدها الغش والتدليس والغدر والضرر والخطأ المهنى الجسيم بإصرارها على السير فى الدعوى وسماع شهود الخصوم رغم سبق دفعهم فى بداية الجلسة ببطلان الحكم التمهيدى الصادر بالإحالة للتحقيق لمخالفته المادتين 60 و61 من قانون الإثبات , وهو ما لم يقم به سبب الرد والمخاصمة إلا فى نهاية الجلسة , وقد أثبتوا الرد فى نهاية محضرها ثم أودعوا التقرير به فى اليوم التالى كما وأن رئيس الدائرة المطعون ضده الأول أفصح فى إحدى الجلسات السابقة عن أنهم سيخسرون كل قضاياهم وهو ما ينبئ عن معاداته لهم ويفقده والدائرة الصلاحية لنظر الدعوى والفصل فيها , سيما وأن هناك صداقة حميمة تربطه بخصم الطاعنين " أحمد على محمد عمار" ويؤاكله ويشاربه فى أحد المطاعم وقد رآهما الطاعن الأول حال خروجهما من عقار النزاع أكثر من مرة بما يستحيل معه الفصل بغير هوى , وأنه تمسك أمام المحكمة المطعون فى حكمها بإثبات تلك العلاقة بشهادة الشهود , إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بسقوط طلب الرد مقرراً أن ما قاله رئيس الدائرة بفرض حصوله لا يندرج ضمن الحالة الرابعة فى المادة 148 مرافعات وأن العداوة الشخصية غير ثابته بالأوراق , وملتفتاً عن طلب سماع الشهود رغم جوهريته ,وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى غير محله , ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن النص فى الفقرة الأولى من المادة 151 من قانون المرافعات على أن "يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أى دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه " , وفى الفقرة الثالثة من المادة ذاتها على أن " ويجوز طلب الرد إذا حدثت أسبابه بعد المواعيد المقررة أو إذا أثبت طالب الرد أنه لم يعلم بها إلا بعد مضى تلك المواعيد " , مؤداه أن خصومة رد القاضى ذات طبيعة خاصة يتعين فيها على طالب الرد أن يقدم طلبه قبل إبداء أى دفع أو دفاع فى الخصومة الأصلية التى يطلب رد القاضى عن نظرها أو الفصل فيها , وسواء تعلق الدفع أو الدفاع بأصل الخصومة أو بمسألة فرعية فيها , ما لم تكن الأسباب التى قام عليها طلبه قد حدثت بعد إبداء دفاعه أو حدثت قبله واستطاع أن يثبت أنه لم يعلم بها إلا عند تقديم الطلب , فإذا لم يتحقق أى من الاستثنائين وجب إعمال جزاء سقوط الحق فى طلب الرد , وأن تقدير توافرها من المسائل الموضوعية التى تخضع لسلطة قاضى الموضوع يستقيها من الوقائع المطروح عليه , دون رقابة من محكمة النقض متى أقام قضاءه على اسباب سائغة تكفى لحمله ومن المقرر أيضاً فى قضاء هذه المحكمة أن النعى إذا كان وارداً على ما استطرد إليه الحكم تزيداً لتأييد وجهة نظره فيما يستقيم الحكم بدونه , فإنه يكون أياً كان وجه الرأى فيه غير منتج . وأنه إذا كان سبب النعى لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحته ولا يعود عليه منه أية فائدة , فإنه يكون غير مقبول .
لما كان ذلك , وكان البين من الأوراق ان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بسقوط طلب الرد على سند أن الطاعنين تراخوا فى طلبه حتى جلسة 14 / 12 / 1998 المحددة لبدء التحقيق وبعد دفعهم فيها ببطلان حكم الإحالة للتحقيق الصادر بتاريخ 10 / 11 / 1998 والذى كانت أسباب الرد قائمة من يوم صدوره , وأن المشاهدات لرئيس الدائرة المطعون ضده الأول مع الخصم اياً كانت حقيقة القول فيها كانت قبل تقديم الدفع المشار إليه , وفقاً لما قرره الطاعن الأول عن نفسه وبصفته فى الاستجواب , عدا إحداها غير معول عليها للقول بأنها بعد الرد , وهو ما يسقط معه الحق فى طلبه , وكان ما انتهجه الحكم على هذا النحو سائغاً وله معينه من الأوراق , ويؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها ويكفى لحمل قضائه فى هذا الخصوص , ولا يؤثر فيه ما أورده تزبداً غير منتج أو لازم لذلك القضاء من أن تقرير المطعون ضده الأول لطالب الرد بأنه سيخسر كل قضاياه بافتراض حصوله لا يرقى للحالة الرابعة من حالات الرد الواردة بالمادة 148 مرافعات أو من أن العداوة الشخصية غير ثابته بالأوراق , كما أنه لا يعيب الحكم من بعد إلتفاته عن طلب سماع شهادة شهود رؤية لواقعة العلاقة بين رئيس الدائرة المذكور والخصم , إذ انتهى فى قضائه الصحيح فيما يتعلق بطلب الرد على النحو سالف البيان عن حد سقوط الحق فيه , وهو ما يغنى عن التطرق لموضوعه أو سماع شهود إثباتاً له , هذا إلى أنه من غير المنتج إجابة طلب سماعهم فيما يتصل بدعوى المخاصمة الراهنة , إذ أن هذا الطلب انصب على وقائع لا تتعلق بأوجه قبول المخاصمة ولا يسعها حالاتها الواردة على سبيل الحصر بالمادة 494 من قانون المرافعات , والتى لم يثبت توافر الحالة الأولى منها على النحو ما سلف بيانه فى الرد على النعى السابق ومن ثم فإن النعى بدوره يضحى على غير أساس .
ولما تقدم , يتعين رفض الطعن .
لذلــــــــــــك
رفضت المحكمة الطعن وألزمت الطاعنين المصروفات وأمرت بمصادرة الكفالة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق