الصفحات

الأحد، 26 نوفمبر 2023

الطعن 885 لسنة 8 ق جلسة 28 / 11 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 10 ص 75

جلسة 28 من نوفمبر 1964

برئاسة السيد/ الأستاذ حسن السيد أيوب وكيل المجلس وعضوية السادة/ الأساتذة الدكتور ضياء الدين صالح ومحمد شلبي يوسف وعادل عزيز زخاري وعبد الستار آدم المستشارين.

---------------

(10)

القضية رقم 885 لسنة 8 القضائية

موظف - معاش 

- المنازعة فيه - عدم قبولها إذا قدمت بعد الميعاد المحدد لذلك في قوانين المعاشات - لا محل للتفرقة في هذا الصدد بين منازعة في أصل المعاش أو في مقداره.

-------------
تنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم (37) الخاص بالمعاشات الملكية الصادر في 28 من مايو سنة 1929 تنص على أنه (لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين فيه مقدار المعاش إلى صاحب الشأن.... ولا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في مقدار المكافأة التي دفعت إلا إذا قدمت المعارضة لوزارة المالية في الأشهر الستة التالية لتاريخ صرف المكافأة. وبناء على ذلك فكل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها، لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت لا على الحكومة، ولا على مصالحها لأي سبب كان وتحت أية حجة كانت ولا يجوز أيضاً قبول هذه الدعوى من الحكومة أو من مصالحها). وليس هذا النص إلا ترديداً لنص المادة السادسة من القانون رقم (5) الصادر في 15 من إبريل سنة 1909 بشأن المعاشات الملكية. كما أنه مطابق لنص المادة (46) من المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 1930 الخاص بالمعاشات العسكرية أما المادة (39) من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 فتجري بدورها بالآتي: (يجب تقديم طلب المعاش أو المكافأة مع جميع المستندات في ميعاد ستة أشهر يبتدئ من اليوم الذي يفقد فيه الموظف أو المستخدم حقه في ماهية وظيفته... وكل طلب يتعلق بالمعاش أو المكافأة يجب تقديمه من مستحقي المعاش إلى وزارة المالية مباشرة أو بواسطة رئيس المصلحة التابع لها الموظف أو المستخدم) والمادة (40) من ذات هذا القانون تنص على أنه: (كل طلب يتعلق بالمعاش أو بالمكافأة يقدم بعد انقضاء المواعيد المقررة في المادة السابقة يكون مرفوضاً ويسقط كل حق للطالب في المعاش أو المكافأة). ومفاد هذه النصوص وما يقابلها في التشريعات المنظمة لأحكام المعاشات هو أنها تهدف إلى كف المنازعات من حيث الأحقية أو المقدار لاعتبارات تنظيمية تتعلق بالمصلحة العامة استقراراً للأوضاع المالية والإدارية. وظاهر من النصوص المتقدمة أنها جاءت من الإطلاق والشمول بحيث يدخل في مجال تطبيقها أي منازعة في المعاش أصلاً ومقداراً، حقاً أم قدراً. لكي يستقر الوضع بالنسبة لكل من الموظف والخزانة على السواء.


إجراءات الطعن

في 15 من مارس سنة 1962 أودع السيد محامي الحكومة، سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم (885) لسنة 8 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 14 من يناير سنة 1962 في الدعوى رقم (339) لسنة 8 القضائية المقامة من الشيخ عبد الفتاح عبد الله القديم ضد وزارة التربية والتعليم والذي قضى: برفض الدفع بعدم القبول وبأحقية المدعي للتثبيت بالمعاش تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليو سنة 1943 و5 من مارس سنة 1945 وألزمت الحكومة بالمصروفات) وطلب السيد محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه: (قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون عليه وإلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 15 من إبريل سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 30 من يونيو سنة 1962، وبعد أن تحمل الطعن عدة تأجيلات قررت الدائرة إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 9 من مايو سنة 1964 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت المحكمة حجز الطعن للحكم بجلسة 13 من يونيو سنة 1964 وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن إلى المرافعة لجلسة 31 من أكتوبر سنة 1964 لبحث ما إذا كانت الجهة الإدارية قد طبقت أحكام القانون رقم 33 لسنة 1964 الخاص بالمعاشات الاستثنائية على حالة المطعون عليه إذ كان ذلك غير واضح من الأوراق. وفي الجلسة المذكورة قدم المطعون عليه مذكرة خطية ختامية أقر فيها أن قانون المعاشات الاستثنائية قد طبق على حالته فعلاً ولكن هذا المعاش لا يعدو أن يكون معاشاً رمزياً لا يسمن ولا يغني من جوع وأن مبلغ المكافأة الذي سبق له أن قبضة منذ اثني عشر سنة في سنة 1952 عقب إحالته إلى المعاش قد نفذ في الضروريات المعاشية ولم يبق منه شيء وهو يطلب من القضاء العالي أن يأخذ بيده ويرفض طعن الحكومة مؤيداً الحكم الصادر لصالحه. ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم (339) لسنة 8 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم أمام المحكمة الإدارية لوزارات التربية والشئون والإرشاد القومي بصحيفة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 10 من مايو سنة 1961 طلب فيها الحكم باعتباره مثبتاً بالمعاش تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 8 من يوليو سنة 1943 و5 من مارس سنة 1945 مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقال شرحاً لدعواه إنه حصل على شهادة كفاءة التعليم الأولي وعين بخدمة مجلس مديرية الدقهلية اعتباراً من سنة 1914 في وظيفة مدرس بالمدارس الأولية ولما صدر كادر سنة 1923 وضع في الدرجة من (4/ 8) جنيه التي تعادل الدرجة الثامنة الحكومية... وفي عام 1929 خلقت وزارة الداخلية صندوق الادخار لموظفي المجالس، وجعلت الاشتراك فيه اختيارياً، وقاصر على الموظفين الشاغلين لدرجات دائمة تعادل درجات موظفي الحكومة الداخلين في الهيئة وأعطى هذا الاشتراك حكم التثبيت بالمعاش بالنسبة إلى موظفي الحكومة وقد ظل المدعي في خدمة مجلس المديرية وراح يتقلب في وظائف التعليم الأولي القديم من مدرس إلى ناظر حتى صدر القانون رقم (108) لسنة 1950 بضم مدارس التعليم الأولي التي كانت تديرها مجالس المديريات إلى وزارة التربية والتعليم، فنقل إلى خدمة الوزارة. وبانتهاء خدمته لم تربط له الوزارة معاشاً وإنما صرفت له ما يستحقه في صناديق الادخار على أساس أنه موظف غير مثبت بالمعاش. واستطردت صحيفة الدعوى تقول إن مجلس الوزراء رغبة منه في استقرار أوضاع موظفي مدارس مجالس المديريات الذين ضموا إلى خدمة مدارس الحكومة أصدر عدة قرارات في (8/ 7/ 1943، 5/ 3/ 1945، 16/ 10/ 1946) تقضي بأن يعتبر مثبتاً دون كشف طبي من كان مشتركاً في صندوق الادخار من الموظفين الذين تعادل درجاتهم الدرجة الثامنة الحكومية فما فوقها، وتسوية حالة موظفي مجالس المديريات الذين ضموا إلى الحكومة قبل سنة 1936 أو بعدها وفقاً لأحكام قراري (10/ 7/ 1938، 8/ 7/ 1943) سواء أكان تعيينهم بصفة فردية أو بضم مدارسهم إلى الحكومة. ولما كان التثبيت أثراً من آثار دائمية الوظيفة فقد اشترط أن يكون المشترك في صندوق الادخار من الموظفين الذين تعادل درجاتهم الدرجة الثامنة الحكومية فما فوقها، وأصبح هذا القدر المتيقن من العناصر - في نظر الشارع - كافياً لاعتبار موظفي مدارس مجالس المديريات الذين نقلوا في سنة 1936 أو قبلها أو بعدها مثبتين حكماً، وبطريقة تلقائية، ويخلص من ذلك أن عناصر التثبيت - في عرف صحيفة الدعوى - هي:
(1) أن يكون طالب التثبيت مشتركاً في صندوق الادخار.
(2) أن يكون على وظيفة دائمة لا تقل عن الدرجة الثامنة.
ولكن القضاء الإداري العالي قد اعتبر مثبتاً بمجالس المديريات الموظف الذي أمضى فترة الاختبار على ما يرام لمدة سنة على الأقل أو سنتين على الأكثر وهذا يغني عن عنصر الاشتراك في صندوق الادخار. والمدعي التحق بخدمة مجلس مديرية الدقهلية في سنة 1914 في وظيفة مدرس ثم وضع في كادر سنة 1923 في الدرجة من (4/ 8) جنيهاً وأصبح مثبتاً بقوة القانون لأنه أمضى سنتين فأكثر بمجلس المديرية. وتأسيساً على ما تقدم من أسانيد تضمنتها صحيفة الدعوى خلص المدعي إلى القول بأنه يعتبر مثبتاً بمجالس المديريات ومن حقه أن يكون مثبتاً بالتالي في وزارة التربية والتعليم بعد نقله إليها بالقانون رقم (108) لسنة 1959 وطلب من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم أن تقضي بأحقيته في التثبيت بالمعاش تطبيقاً لأحكام قراري مجلس الوزراء الصادرين في سنتي 1943، 1945.
وفي 30 من ديسمبر سنة 1961 قدمت إدارة الشئون القانونية بوزارة التربية والتعليم مذكرة بدفاعها قالت فيها إن مجلس الوزراء أصدر قراراً في (8/ 7/ 1943) بتسوية حالة موظفي مجالس المديريات المنقولين للحكومة في أول أكتوبر سنة 1936 واعتبر مثبتاً دون كشف طبي من كان مثبتاً في المجالس حتى تاريخ نقله، ومن كان مشتركاً في صندوق الادخار من الموظفين الذين تعادل درجاتهم الدرجة الثامنة الحكومية وفي (5/ 3/ 1945) أصدر مجلس الوزراء قراراً ثانياً بتسوية حالة طوائف أخرى من بينها موظفي مدارس مجالس المديريات الفنيين والإداريين والكتابيين الذين ضموا للحكومة قبل أكتوبر سنة 1936 أو بعد هذا التاريخ سواء كان تعيينهم بصفة فردية أو بضم مدارسهم للحكومة. وقضى بأن تسوية حالة هؤلاء وفقاً لأحكام قراره الأول الصادر في (8/ 7/ 1943) وواضح أن شروط هذين القرارين غير متوفرة في حق المدعي فلا يجوز أن يفيد من أحكامهما: ذلك لأنه لم يثبت بمجلس المديرية بل أكد عدم تثبيته صدور قرار من المجلس في 26 من نوفمبر سنة 1932 يقضي بأنه خارج الهيئة، وفضلاً عن ذلك فإن المدعي عندما ضم إلى وزارة التربية والتعليم في أول مارس سنة 1951 نزولاً على أحكام القانون رقم (108) لسنة 1950 كان سنه يزيد على الستين عاماً لأنه من مواليد 12/ 4/ 1887 وبالتالي فإنه لا يعتبر مضموماً للوزارة بحكم القانون المذكور وتفصيل ذلك أن موظف مجالس المديريات لكي يعتبر مثبتاً طبقاً لأحكام قراري مجلس الوزراء يجب أن يتم الضم من مجالس المديريات إلى الحكومة قبل بلوغه سن الستين وهي السن المقررة للإحالة على المعاش طبقاً لقوانين المعاشات رقم "5" لسنة 1949، "22" لسنة 1922، ومرسوم 37 لسنة 1929 وخلصت مذكرة الوزارة إلى طلب الحكم برفض الدعوى لأنها تقوم على غير سند من القانون.
وبجلسة 14 من يناير سنة 1962 حكمت المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسقوط الحق في المعاش، وفي الموضوع بأحقية المدعي للتثبيت بالمعاش تطبيقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في (8/ 7 سنة 1943، 5/ 3/ 1945) وألزمت الحكومة بالمصروفات. وأقامت قضاءها في شأن الدفع المقدم من الحكومة تأسيساً على ما ورد في المواد (6، 39، 40) من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات، أقامته على أن هذا الدفع مردود بأن النصوص التي تستند إليها الحكومة إنما تتحدث عن حق ثابت لأصحاب الشأن سواء في المعاش أو المكافأة إذ يستفاد من الرجوع إلى نص المادة السادسة أن الشارع افترض أن ثمة معاشاً قد تم قيده، وربط لصاحب الشأن، وسلم إليه السركي الخاص به أو أن ثمة مكافأة قدرت لصاحبها، ودفعت إليه فعلاً. فأراد أن يغلق باب المنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي إلى صاحب الشأن، وفي أي مكافأة صرفت ما لم تقدم المعارضة لوزارة المالية في الأشهر الستة التالية لتاريخ صرفها استقراراً لأوضاع المعاشات ورتب على ذلك أن كل دعوى يراد بها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها لا يجوز قبولها. واستطرد الحكم المطعون فيه يقول في أسبابه عن رفض دفع الحكومة بأن الحال ليس كذلك في واقعة هذه الدعوى. لأن النزاع فيها يدور حول الحق في المعاش في ذاته وهو الذي تنكره جهة الإدارة على المدعي أصلاً، مما لا يتصور معه القول بتقديره وتسليم السركي الخاص به حتى يحاسب المدعي على الميعاد المذكور. فحيث يكون الحق في ذاته موضع نزاع جدي من رجال الإدارة كما هو الحال في هذه الدعوى فلا محل إذا لطلب حق لما يستقر بعد النزاع بشأنه، ومن ثم فلا محل للمحاجة بنصوص المواد (6، 39، 40) من القانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية، ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى لسقوط الحق في المعاش في غير محله متعين الرفض.
ومن حيث إنه ولئن كان الطعن المقدم من الحكومة قد اقتصر على الوجه الموضوعي المتعلق بإحالة الموظف إلى المعاش متى بلغ سن الستين بالتطبيق لأحكام قوانين المعاشات وترتيباً على ذلك فإنه لكي يستفيد من كان يعمل بخدمة مجالس المديريات من قرارات مجلس الوزراء الصادرة في (8/ 7/ 1943، 5/ 3/ 1945) فإنه يتعين ألا يكون المطعون عليه قد بلغ سن الإحالة إلى المعاش عند نقله من خدمة مجالس المديريات إلى خدمة وزارة المعارف. وثابت أن المطعون عليه قد جاوز سن الستين يوم أن نقل إلى وزارة المعارف اعتباراً من أول مارس سنة 1951 بالتطبيق لأحكام القانون رقم (108) لسنة 1950 ومن ثم لا يمكن اعتباره موظفاً بالحكومة ليستفيد من أحكام قوانين المعاشات وتكون قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في الحكم المطعون فيه غير منطبقة على المطعون عليه وانتهى تقرير طعن الحكومة إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعي.
ومن حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء، التصدي لدفع هو من النظام العام. وترى هذه المحكمة العليا أن الحكم المطعون فيه قد جانبه التوفيق فيما قضى به في شأن الدفع المقدم من الحكومة بعدم قبول الدعوى، من أنه دفع مردود، تعين القضاء برفضه. ذلك أن الفهم الصحيح لأحكام قوانين المعاشات وما سبق لهذه المحكمة العليا أن قضت به في هذا الشأن، يؤدي إلى سلامة الدفع بعدم قبول الدعوى لسقوط الحق في المطالبة بمعاش، وينتهي إلى عدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المنصوص عليه في أحكام قوانين المعاشات.
إن المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم (37) الخاص بالمعاشات الملكية الصادر في 28 من مايو سنة 1929 تنص على أنه: (لا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في أي معاش تم قيده متى مضت ستة أشهر من تاريخ تسليم السركي المبين فيه مقدار المعاش إلى صاحب الشأن.... ولا يجوز للحكومة ولا لصاحب الشأن المنازعة في مقدار المكافأة التي دفعت إلا إذا قدمت المعارضة لوزارة المالية في الأشهر الستة التالية لتاريخ صرف المكافأة. وبناء على ذلك فكل دعوى يراد بها أو بواسطتها تعديل مقدار المعاش الذي تم قيده أو المكافأة التي تم صرفها، لا يجوز قبولها بعد مضي الميعاد المذكور أمام أية محكمة كانت لا على الحكومة، ولا على مصالحها لأي سبب كان وتحت أية حجة كانت ولا يجوز أيضاً قبول هذه الدعوى من الحكومة أو من مصالحها.). وليس هذا النص إلا ترديداً لنص المادة السادسة من القانون رقم (5) الصادر في 15 من إبريل سنة 1909 بشأن المعاشات الملكية. كما أنه مطابق لنص المادة (46) من المرسوم بقانون رقم (59) لسنة 1930 الخاص بالمعاشات العسكرية أما المادة (39) من المرسوم بقانون رقم (37) لسنة 1929 فتجري بدورها بالآتي: (يجب تقديم طلب المعاش أو المكافأة مع جميع المستندات في ميعاد ستة أشهر يبتدئ من اليوم الذي يفقد فيه الموظف أو المستخدم حقه في ماهية وظيفته... وكل طلب يتعلق بالمعاش أو المكافأة يجب تقديمه من مستحقي المعاش إلى وزارة المالية مباشرة أو بواسطة رئيس المصلحة التابع لها الموظف أو المستخدم.) والمادة (40) من ذات هذا القانون تنص على أنه: (كل طلب يتعلق بالمعاش أو بالمكافأة يقدم بعد انقضاء المواعيد المقررة في المادة السابقة يكون مرفوضاً ويسقط كل حق للطالب في المعاش أو المكافأة.). ومفاد هذه النصوص وما يقابلها في التشريعات المنظمة لأحكام المعاشات هو أنها تهدف إلى كف المنازعات من حيث الأحقية أو المقدار لاعتبارات تنظيمية تتعلق بالمصلحة العامة استقراراً للأوضاع المالية والإدارية. وظاهر من النصوص المتقدمة أنها جاءت من الإطلاق والشمول بحيث يدخل في مجال تطبيقها أي منازعة في المعاش أصلاً ومقداراً، حقاً أم قدراً. لكي يستقر الوضع بالنسبة لكل من الموظف والخزانة على السواء. وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه بشأن هذا الدفع فيه تخصيص بغير مخصص من النص ولا من الحكمة التي استهدفها الشارع وتوخاها كل من تعرض لأحكام المعاشات من حيث تنظيمها وترتيبها وثبات أوضاعها. وقد سبق لهذه المحكمة العليا أن قضت - بجلستها المنعقدة في 4 من إبريل سنة 1959 ثم بجلستها المنعقدة في 13 من يناير سنة 1962 - "بأن المنازعة في أصل المعاش هي منازعة في مقداره فالحكم واحد في الحالتين".
ومن حيث إنه قد بان لهذه المحكمة من استقراء أوراق ملف خدمة المطعون عليه أنه من مواليد أول إبريل سنة 1887 ومن ثم إنه قد بلغ سن الستين في أول إبريل سنة 1947. وكان قد حصل على شهادة كفاءة التعليم الأولي عام 1913 وعين مدرساً بمجلس مديرية الدقهلية عام 1914 وأنه نقل إلى وزارة التربية والتعليم نزولاً على أحكام القانون رقم 108 لسنة 1950 الخاص بضم موظفي مدارس التعليم الأولي إلى وزارة المعارف في أول مارس سنة 1951 وكان سنه يومذاك 64 سنة تقريباً ثم فصل من الخدمة لبلوغه سن الخامسة والستين في 30 من يونيو سنة 1952 وتقدم بطلب صرف مكافأته القانونية لعلمه أن ليس له الحق في معاش، وقامت جهة الإدارة بصرف المكافأة المستحقة له عن كل مدة خدمته في 18 من مارس سنة 1953 بإذن صرف رقم (1425). ثم بعد ذلك، وبعد انقضاء ما يقرب من تسع سنوات أقام هذه الدعوى رقم (339) لسنة 8 القضائية في اليوم العاشر من مايو سنة 1961 يطلب الحكم باعتباره مثبتاً بالمعاش تأسيساً على بنود قراري مجلس الوزراء الصادرين في يوليو سنة 1943 ومايو سنة 1945 وقد صدر هذان القراران قبل التحاقه بخدمة وزارة التربية والتعليم وقبل فصله من الخدمة لبلوغه سن الخامسة والستين في يونيو سنة 1952 وقبل أن يطلب ويصرف المكافأة المستحقة له وفقاً للوائح والقوانين التي كانت قائمة وجرت في ظلها وقائع الدعوى وملابساتها.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، تكون دعوى المطعون عليه قد رفعت بعد الميعاد المنصوص عليه في أحكام قوانين المعاشات مما كان يتعين معها الحكم بعدم قبولها، ولا محل بعد ذلك لبحث موضوعها. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون خليقاً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم قبول الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق