الصفحات

الأربعاء، 22 نوفمبر 2023

الطعن 8 لسنة 22 ق جلسة 4/ 8/ 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 تنازع ق 36 ص 1292

جلسة 4 أغسطس سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح والدكتور حنفي علي جبالي، وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (36)
القضية رقم 8 لسنة 22 قضائية "تنازع"

1 - دعوى "تكييفها".
المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح.
2 - دعوى فض تناقض الأحكام النهائية "مناط قبولها: اختلاف جهات القضاء - وحدة الموضوع".
مناط قبول طلب فض تنازع تنفيذ الأحكام النهائية المتناقضة أن يكون أحد الحكمين صادراً من إحدى جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً. تحقق مناط قبول هذا الطلب بتغاير جهات القضاء التي أصدرت هذين الحكمين، وباتحادهما نطاقاً وتعامدهما على محل واحد.
3 - طلب براءة الذمة من الدين "الفصل فيه: اختصاص هيئة التحكيم".
الفصل في طلب براءة الذمة من الدين، استصحاباً للأصل فيها، هو من اختصاص هيئة التحكيم التي ارتضاها الطرفان للفصل فيما يثور بينهما من منازعات؛ أثر ذلك: لا يجوز عودة جهة القضاء العادي إلى بحث انشغال ذمة المدعي بمقابل وفاء الشيك بعد صدور قضاء نهائي من هيئة التحكيم برد الشيك إلى ساحبه؛ مؤدى ذلك: أن قضاء هيئة التحكيم هو الأحق بالتنفيذ.

----------------
1 - المحكمة - بما لها من هيمنة على الدعوى - هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، على ضوء طلبات رافعها، بعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها دون التقيد بحرفية ألفاظها ومبانيها، وكان ما يهدف إليه المدعي من دعواه هو فض التناقض بين الحكم الصادر في قضية الجنحة المباشرة - في شقيه الجنائي والمدني المتعلق بالتعويض المؤقت - وبين حكم هيئة التحكيم، والاعتداد بالحكم الأخير دون الحكم الأول، فإن الدعوى الماثلة - في تكييفها الصحيح - تعد من المنازعات المنصوص عليها في البند "ثالثاً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مما يستنهض ولاية المحكمة للفصل فيها.
2 - جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين قضائيين نهائيين متناقضين، طبقاً للبند الثالث المشار إليه، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والثاني من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تصادما، ليغدو متعذراً - عقلاً ومنطقاً - اجتماع تنفيذهما معاً، مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى، وأحقهما بالتالي بالتنفيذ. ولما كان الموضوع في الدعويين إنما يتعلق بمحل واحد هو الشيك المتنازع عليه، فالحكم الصادر من المحكمة الجنائية ينصب على تحرير هذا الشيك بغير رصيد، وحكم هيئة التحكيم يقضي برد ذات الشيك إلى مصدره؛ ومن ثم فقد تعامد الحكمان على محل واحد، وتناقضا مما يتعذر معه تنفيذها معاً.
3 - لما كان الفصل في طلب براءة الذمة من الدين استصحاباً للأصل فيها - ولو كان هذا الدين يمثل مقابل الوفاء في ورقة تجارية - ورد سند الدين محرره، هو من اختصاص هيئة التحكيم التي ارتضاها الطرفان للفصل فيما يثور بينهما من منازعات، فإن جهة القضاء العادي إذ عادت - وهي بصدد الفصل في الادعاء المباشر - إلى بحث انشغال ذمة المدعي بمقابل وفاء الشيك محل الدين ذاته؛ بعد صدور قضاء نهائي من الجهة المختصة برد ذلك الشيك إلى ساحبه، وصيرورة يد المستفيد عليه يداً عارضة بما لا يبيح له التقدم لصرف قيمته في ميعاد استحقاقه؛ تكون قد سلبت اختصاصاً محجوزاً لهيئة التحكيم برضاء طرفي مشارطته وفي حدود القانون؛ ومن ثم؛ فإن قضاء هيئة التحكيم - دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادي - يكون هو الأحق بالتنفيذ.


الإجراءات

بتاريخ الثامن من إبريل سنة 2000، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً وقف تنفيذ الحكم الصادر في الجنحة رقم 8484 لسنة 1994 جنح قصر النيل والمؤيد بالحكم الصادر في الجنحة المستأنفة رقم 6128 لسنة 1995 وسط القاهرة، وفي الموضوع بتنفيذ الحكم الصادر من هيئة التحكيم في الطلب رقم 4 لسنة 1994 فيما تضمنه من إلزام الشركة المدعى عليها الثالثة بأن ترد إلى المدعي بصفته الشيك رقم 678144 بمبلغ 259200 دولار.
وبتاريخ 1/ 10/ 2000 أمر المستشار رئيس المحكمة برفض طلب وقف التنفيذ.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 15/ 7/ 1992 أبرمت الشركة المدعية عقد شراكة مع الشركة المدعى عليها الثالثة بغرض استيراد صفقات من الجبن "الشيدر" من الولايات المتحدة الأمريكية وتوزيعها بمصر، وإذ ثار خلاف بين الطرفين حول تنفيذ ذلك العقد فقد بادرت الشركة المدعى عليها الثالثة إلى إقامة الجنحة المباشرة رقم 8484 لسنة 1994 أمام محكمة جنح قصر النيل ضد المدعي بصفته متهمة إياه بتحرير الشيك رقم 678144 بتاريخ 20/ 10/ 1992 بمبلغ 259200 دولار أمريكي دون أن يكون له رصيد قائم وقابل للسحب، وبتاريخ 13/ 3/ 1995 حُكم فيها غيابياً بحبس المدعي ثلاث سنوات وبإلزامه بأن يؤدي للمدعى عليه الثالث تعويضاً مؤقتاً مقداره 501 جنيه، فعارض المدعي، وبجلسة 25/ 9/ 1995 قُضي برفض معارضته فأقام الاستئناف رقم 6128 لسنة 1995 جنح مستأنف وسط القاهرة أمام محكمة جنوب القاهرة فقضى غيابياً برفضه فعارض فيه، وبجلسة 29/ 12/ 1999 قُضي في المعارضة الاستئنافية بالرفض والتأييد. ومن جهة أخرى كانت الشركة المدعية قد أقامت طلب التحكيم رقم 4 لسنة 1994 أمام الاتحاد العام للغرف التجارية وغرفتي القاهرة والإسكندرية، وبجلسة 31/ 10/ 1995 قضت هيئة التحكيم بإلزام الشركة المدعى عليها الثالثة أن تعيد إلى المدعي الشيك رقم 678144 المتنازع عليه، وقد أصبح هذا الحكم واجب النفاذ برفض الدعوى ببطلانه. وإذ ارتأى المدعي أن ثمة تناقضاً بين الحكم النهائي الصادر في الجنحة رقم 8484 لسنة 1994 قصر النيل، وبين الحكم الصادر في طلب التحكيم رقم 4 لسنة 1994، بما يتعذر معه تنفيذهما معاً، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المحكمة - بما لها من هيمنة على الدعوى - هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، على ضوء طلبات رافعها، بعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها دون التقيد بحرفية ألفاظها ومبانيها، وكان ما يهدف إليه المدعي من دعواه هو فض التناقض بين الحكم الصادر في قضية الجنحة المباشرة - في شقيه الجنائي والمدني المتعلق بالتعويض المؤقت - وبين حكم هيئة التحكيم، والاعتداد بالحكم الأخير دون الحكم الأول، فإن الدعوى الماثلة - في تكييفها الصحيح - تعد من المنازعات المنصوص عليها في البند "ثالثاً" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مما يستنهض ولاية المحكمة للفصل فيها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين قضائيين نهائيين متناقضين، طبقاً للبند الثالث المشار إليه، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والثاني من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تصادما، ليغدو متعذراً - عقلاً ومنطقاً - اجتماع تنفيذهما معاً، مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى، وأحقهما بالتالي بالتنفيذ.
وحيث إن الموضوع في الدعويين إنما يتعلق بمحل واحد هو الشيك المتنازع عليه، فالحكم الصادر من المحكمة الجنائية ينصب على تحرير هذا الشيك بغير رصيد، وحكم هيئة التحكيم يقضي برد ذات الشيك إلى مصدره؛ ومن ثم فقد تعامد الحكمان على محل واحد، وتناقضا مما يتعذر معه تنفيذها معاً.
وحيث إن البين من الأوراق؛ أن رحى النزاع قد احتدمت بين الطرفين، حول أحقية المدعى عليه الثالث في الاحتفاظ بالشيك رقم 678144 المشار إليه واتخاذ إجراءات صرفه عند حلول أجل استحقاقه؛ مما حدا بالمدعي إلى إقامة طلب التحكيم رقم 4 لسنة 1994 مضمناً طلباته الختامية، أحقيته في استرداد الشيك آنف الذكر لبراءة ذمته من مقابل الوفاء به، فواجهه المدعى عليه الثالث بالإدعاء المباشر موضوع الجنحة رقم 8484 لسنة 1994 قصر النيل، طالباً عقابه جنائياً، فضلاً عن إلزامه بتعويض مؤقت؛ لما كان ذلك، و كان الفصل في طلب براءة الذمة من الدين استصحاباً للأصل فيها - ولو كان هذا الدين يمثل مقابل الوفاء في ورقة تجارية - ورد سند الدين إلى محرره، هو من اختصاص هيئة التحكيم التي ارتضاها الطرفان للفصل فيما يثور بينهما من منازعات، فإن جهة القضاء العادي إذ عادت - وهي بصدد الفصل في الادعاء المباشر - إلى بحث انشغال ذمة المدعي بمقابل وفاء الشيك محل الدين ذاته؛ بعد صدور قضاء نهائي من الجهة المختصة برد ذلك الشيك إلى ساحبه، وصيرورة يد المستفيد عليه يداً عارضة بما لا يبيح له التقدم لصرف قيمته في ميعاد استحقاقه؛ تكون قد سلبت اختصاصاً محجوزاً لهيئة التحكيم برضاء طرفي مشارطته وفي حدود القانون؛ ومن ثم؛ فإن قضاء هيئة التحكيم - دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادي - يكون هو الأحق بالتنفيذ.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاعتداد بالقضاء الصادر من هيئة التحكيم المشكلة بالاتحاد العام للغرف التجارية وغرفتي القاهرة والإسكندرية في طلب التحكيم رقم 4 لسنة 1994.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق