الصفحات

الأحد، 26 نوفمبر 2023

الطعن 645 لسنة 9 ق جلسة 21 / 11 / 1964 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 9 ص 69

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1964

برئاسة السيد الأستاذ عبد العزيز الببلاوي رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة حسن السيد أيوب وعادل زخاري وعبد الستار آدم وأبو الوفا زهدي المستشارين.

----------------

(9)

القضية رقم 645 لسنة 9 القضائية

(أ) مؤسسة خاصة ذات نفع عام 

- قراراتها - لا تعتبر قرارات إدارية مما يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها - مثال: طلب إحدى ممرضات مستشفى المواساة بالإسكندرية - إلغاء قرار فصلها - خروجه عن ولاية القضاء الإداري.
(ب) اختصاص ولائي 

- الدفع بعدم الاختصاص - للمحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها، وفي أية حالة كانت عليها الدعوى.

----------------
1 - إن مستشفى المواساة مؤسسة خاصة ذات نفع عام فتكون قرارات مديرها ليست من القرارات الإدارية التي يختص مجلس الدولة بنظرها وبالتالي يكون طلب إحدى الممرضات إلغاء قرار فصلها خارجة بطبيعتها عن اختصاص القضاء الإداري التي حددها القانون على سبيل الحصر وهي ولاية مقيدة في مصر.
2 - إن الدفع بعدم الاختصاص من الدفوع التي تثار في أية حالة كانت عليها الدعوى بل وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تبحث في تحديد ولايتها فإن ثبت لها عدم وجودها، لها أن تقضي بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 13/ 4/ 1963 أودع الأستاذ رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بتاريخ 11/ 1/ 1963 في الدعوى رقم 1681 لسنة 9 ق القاضي بإلغاء القرار الصادر من مدير مستشفى المواساة بفصل المدعية من الخدمة اعتباراً من 4/ 12/ 1961 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المركز القومي للبحوث بأن يدفع للمدعية تعويضاً قدره خمسة وثلاثين جنيهاً وألزمت المركز القومي للبحوث بالمصروفات ومبلغ ثلثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة وطلب الطاعن استناداً إلى أسباب طعنه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها الأولى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وفي 13 من شهر مايو سنة 1963 أعلن الطعن وتعين له أولاً جلسة 17/ 10/ 1964 أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وعينت له جلسة 17 من أكتوبر سنة 1964 وأخطر بها ذوو الشأن في 10/ 9/ 1964 فنظرته وسمعت ما رأت ضرورة سماعه من ملاحظاتهم ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن واقعة الدعوى تتلخص في أن المطعون ضدها أقامت دعواها أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية ضد وزارة الصحة والمركز القومي للبحوث ومدير مستشفى المواساة طلبت فيها الحكم بإلغاء القرار الصادر في 4/ 12/ 1961 بفصلها من الخدمة وإعادتها إلى عملها وما يترتب على ذلك من آثار مع صرف تعويض مناسب لما لحقها من أضرار من جراء ذلك الفصل وإلزام الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وتبياناً لدعواها ذكرت أنها التحقت بخدمة المعهد الطبي بوظيفة مساعدة ممرضة في 20/ 7/ 1960 وبتاريخ 4 من ديسمبر سنة 1961 صدر قرار فصلها استناداً إلى التحقيق الذي أجرته إدارة هذه المستشفى.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية أصدرت حكمها السالف ذكره وشيدته على أساس أن المعهد الطبي ألحق بالمركز القومي للبحوث بمقتضى القرار الجمهوري رقم 110 لسنة 1961 الذي عمل به اعتباراً من أول مارس سنة 1961 وأن قرار الفصل صدر من مدير مستشفى المواساة في 3/ 12/ 1961 ومن ثم يكون هذا القرار صادراً ممن لا يملك إصداره قانوناً ومشوباً بعيب اغتصاب السلطة التي تهوي به إلى درك العدم من الناحية القانونية ومن ثم لا تنتج آثاره وإذ أن هذا القرار قرار غير مشروع فيكون ركن الخطأ وأن الضرر تولد عنه حتماً كما قامت رابطة السببية بين الخطأ والضرر إذ حرمها بغير وجه حق من وظيفتها وحال بينها وبين العمل طوال مدة الفصل ومن ثم تكون شرائط المسئولية الموجبة للتعويض متوافرة ولهذا قدرت لها المبلغ الذي قضت به.
ومن حيث إن الطعن أسس على القول بأن المطعون ضدها الأولى ألحقت بمستشفى المواساة وهي مؤسسة خاصة وصدر قرار فصلها من نفس السلطة التي عينتها وهو السيد مدير المستشفى المذكور بعد تحقيق أجري معها لما نسب إليها من أخطاء في أداء أعمالها فيكون قراراً صائباً ولا يقبل القول أنها تعتبر من عمال المعهد الطبي إذ لو كانت كذلك لما ساغ تعيينها بقرار من مدير مستشفى المواساة وإذ صدر قرار تعيينها فيه يكون قراراً باطلاً لو أخذ بنظرية الحكم المطعون فيه، وتقرير بطلان قرار الفصل لصدوره ممن لا يملك إصداره يعني بطريق اللزوم أن قرار تعيينها صحيح مع التسليم بصدوره ممن لا يملك إصداره حسب نظرية هذا الحكم وفي ذلك ما يعيبه، ولكن صحيح القول المستفاد من عيون الأوراق أن مستشفى المواساة له جزء مخصص بالمعهد الطبي يباشر فيه نشاطه ويطلق على هذا الجزء العيادة الخارجية فإذا صدر قرار التعيين من مدير مستشفى المواساة فيتعين انصراف هذا التعيين إلى المستشفى الذي يمثله وليس بالمعهد الطبي، وعلى هذا الأساس صدر قرار الفصل منه وإذ كان مستشفى المواساة هيئة خاصة لا عامة فلا اختصاص لمجلس الدولة بالنظر في الطعون التي تقدم ضد القرارات الصادرة من القائمين على إدارتها، ومع التسليم الجدلي بأنها عينت بالمعهد الطبي فإن قرار فصلها من مدير مستشفى المواساة لا يعتبر قراراً معيباً لصدوره من شخص لا يملك إصداره، ذلك أن مدير مستشفى المواساة كان في الوقت نفسه مديراً للمعهد الطبي وبالتالي يملك قانوناً حق تعيين وفصل عماله وموظفيه، ولا يغير من صحة هذا النظر أن قرار الفصل صدر بعد إلحاق المعهد الطبي بالمركز القومي للبحوث بمقتضى القرار الجمهوري رقم 110 لسنة 1960 لأن إجراءات التسليم استغرقت وقتاً طويلاً ولم تتم تسوية الحسابات بين المستشفى والمعهد الطبي إلا في يوليه سنة 1962 وكان المعهد في خلال هذه المدة تحت إدارته القديمة التي كان يتولاها مدير مستشفى المواساة وذكر عن التعويض أن الحكم وقع في تناقض وخطأ وبيان ذلك أن قرار الفصل مع التسليم جدلاً أنه يمثل ركن الخطأ فقد صدر من الغير بالنسبة للمعهد الطبي وليس هناك من رابطة سببية بين الخطأ الذي هو من فعل الغير والضرر إذ يجب أن يكون الخطأ الموجب للمسئولية من الشخص المسئول وليس من الغير كما هو في هذه الحالة، وأن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ اتخذ القرار المشوب بعيب عدم الاختصاص أساساً للتعويض بصرف النظر عن موضوع القرار وهو صحيح، والمجمع عليه في فرنسا ومصر أن مثل هذا القرار لا يكون موجباً لأي تعويض لأنه قام على أسباب صحيحة ثابتة في الأوراق. والتحقيق الذي أجري مع المطعون ضدها الأولى أثبت أنها غير صالحة للعمل وأنها غير أمينة عليه فهي كثيراً ما تثير الشغب وسبق إنذارها بالفصل فلم ترتدع كما أنها سيئة المعاملة وأنها مثل سيء لزميلاتها وثبت أنها كثيراً ما حرضتهن على عدم الطاعة ومن ثم يكون عدم الاختصاص في هذا القرار لا يكفي وحده في أن يكون سبباً للتعويض.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً ذهبت فيه إلى القول بأن قرار الفصل صدر من مدير المعهد الطبي ضد عاملة في مستشفى المواساة، ومن ثم يكون معدوماً ولا يولد أثراً وأن ولاية القضاء الإداري تقوم فقط بالنسبة للقرارات الإدارية المعيبة وبالتالي يكون الطعن على أساس ويكون الحكم قد أخطأ في اعتبار المنازعة داخلة في اختصاص القضاء الإداري ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه وبعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الجدل ثار حول قرار الفصل وهل هو قرار إداري من تلك التي تختص بنظرها مجلس الدولة وإن كان كذلك فهل صدر ممن يملك إصداره وهل يصلح أن يكون أساساً للتعويض.
ومن حيث إنه لتجلية وجه الحق يتعين الرجوع أولاً إلى قرار التعيين وقرار الفصل لمعرفة ما إذا كانت المطعون ضدها الأولى تعتبر موظفة في مستشفى المواساة أم في المعهد الطبي وذلك لاختلاف مركز كل من موظفي المستشفى والمعهد الطبي إذ يعتبر الأولون موظفين في هيئة خاصة ذات نفع عام ويعتبر الأخيرون من موظفي المؤسسات العامة التي تسري عليهم أحكام قانون التوظف.
ومن حيث إن المطعون ضدها الأولى عينت بعقد استخدام تاريخه 25/ 7/ 1960 بينها كطرف ثان وبين السيد مدير مستشفى المواساة كطرف أول ونصت مادته الأولى على أن تعمل في مستشفى المواساة ممرضة بالمعهد الطبي بمرتب شامل قدره خمسة جنيهات بعد انقضاء شهر من تاريخ إبرامه وأن هذا العقد محدد المدة وأن المادة الرابعة توجب عليها التزاماً بأن تقبل النقل من عملها إلى آخر تحت إدارة المستشفى حسب ما تقتضيه طبيعة العمل وبدون أي اعتراض.
ومن حيث إن هذه النصوص صريحة في أن تعيينها كان تعييناً في مستشفى المواساة وأن المعهد الطبي كان مكان العمل ليس إلا ولم يحدد في أي جزء منه يكون عملها وإذ ثبت أن لمستشفى المواساة عيادة خارجية فمن المحتمل أن يكون عملها بها وقد تأيد ذلك من الشهادة المقدمة من مستشفى المواساة ومن كتاب السيد المراقب العام لوزارة البحث العلمي المؤرخ 14/ 5/ 1963 الذي تضمن أن تعيينها وفصلها كان من مدير مستشفى المواساة وأنها عملت في فرع المستشفى الموجود بالمعهد (مستند رقم 4 حافظة الحكومة) وإذ ثبت من دفاع المعهد الطبي أنه لم يدفع لها أجراً من ميزانيته ابتداء من 1/ 3/ 1961 ولم يلحقها بموظفيه كما أن التحقيق الذي أجري معها كان بناء على شكوى تقدمن بها سسترات مستشفى المواساة المشرفين على أعمالها.
وإذ ثبت أنها حررت لها استمارة مؤسسة التأمينات الاجتماعية في 15/ 8/ 1961 وورد بها أن رب العمل مستشفى المواساة فقط (مستند 49 ملف الخدمة) وكل ذلك يدل على أنها عاملة به ومن ثم يحكم علاقتها القانونية قانون عقد العمل.
ومن حيث إن المعهد الطبي المنشأ لأول مرة بمدينة الإسكندرية بالقانون رقم 3 لسنة 1957 الذي عمل به من 10/ 1/ 1957 والذي نصت مادته الأولى على أن يكون المعهد المذكور هيئة مستقلة لها الشخصية الاعتبارية وأن يلحق بالمجلس الدائم للخدمات الذي أنشئ بالقانون رقم 493 لسنة 1953 كما أنشئ المركز القومي للبحوث بالقانون رقم 243 لسنة 1956 الذي عمل به من 10/ 6/ 1956 والذي اعتبر هذا المركز هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية وإذ اعتبر القانون رقم 3 لسنة 1957 المعهد الطبي مؤسسة عامة لها الشخصية الاعتبارية والميزانية المستقلة الخاضعة لإشراف ديوان المحاسبات، وإذ أن موظفي المؤسسات العامة طبقاً لنص القانون رقم 32 لسنة 1957 تسري عليهم أحكام قانون التوظف فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القرار الصادر بإنشاء المؤسسة أو اللوائح التي يضعها مجلس الإدارة وإذ صدر القرار الجمهوري رقم 110 لسنة 1961 اعتماداً على نص المادة 22 من القانون السابق التي تجعل إدماج المؤسسات العامة وإلغاؤها بقرار من رئيس الجمهورية، ونصت مادته الثامنة على إلحاق المعهد الطبي بمدينة الإسكندرية بالمركز القومي للبحوث على أن يعين له مدير له الاختصاصات الفنية التي يباشرها رؤساء الأقسام. وفي 24 من سبتمبر سنة 1961 صدر القرار الجمهوري رقم 1459 لسنة 1961 باللائحة الإدارية والمالية للمركز القومي ونصت المادة الثانية منها على أن يكون للمدير بالنسبة لموظفي وعمال المركز من غير أعضاء هيئة البحوث سلطة واختصاصات الوزير ووكيل الوزارة المنصوص عليها في القوانين واللوائح الخاصة بموظفي الدولة وعمالها وعمل بهذه اللائحة من وقت صدورها في 24/ 9/ 1961.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن موظفي المعهد الطبي يختلف مركزهم عن موظفي مستشفى المواساة لما سلف من بيان.
ومن حيث إن قرار الفصل ورد على أوراق المعهد الطبي وبتوقيع المدير العام اعتماداً على التحقيقات التي أجراها مستشفى المواساة واتخذت سبباً له؛ ومن ثم ينسب هذا القرار إلى مدير عام مستشفى المواساة، ولو كانت المطعون ضدها موظفة بالمعهد لأجرت إدارة المعهد التحقيق ويعرض أمرها على مدير هذا المعهد باعتباره مؤسسة عامة ثم على المركز القومي للبحوث، وإذ أن مستشفى المواساة مؤسسة خاصة ذات نفع عام كما سبق القول فتكون قرارات مديرها ليست من القرارات الإدارية التي يختص مجلس الدولة بنظرها، وبالتالي تكون هذه المنازعة خارجة بطبيعتها عن اختصاص القضاء الإداري التي حددها القانون على سبيل الحصر وهي ولاية مقيدة في مصر.
ومن حيث إن الدفع بعدم الاختصاص من الدفوع التي تثار في أية حالة كانت عليها الدعوى بل وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تبحث في تحديد ولايتها فإن ثبت لها عدم وجودها لها أن تقضي بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى باختصاص القضاء الإداري بنظر هذه الدعوى يكون حكماً قد جانب الصواب ومن ثم حق إلغاؤه والحكم بعدم اختصاص هذا القضاء.
ومن حيث إن المطعون ضدها الأولى أصابها الخسر في الدعوى فتتحمل عبء مصروفاتها وذلك إعمالاً لنص المادة 357 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق