الصفحات

الأحد، 5 نوفمبر 2023

الطعن 30 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 31 / 7 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 31-07-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 30 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
خدمات امريل ش.ذ.م.م
مطعون ضده:
سوبر سيسب للأعمال الكهرومكيانيكية ش.ذ.م.م
شركة الدار العقارية ش.م.ع
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/2180 استئناف تجاري
بتاريخ 30-11-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الإطلاع على ملف الدعوى الإلكتروني وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر/ سعيد هلال الزعابي وبعد المداولة:-
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى ? المدعية - ( سوبر سيسب للأعمال الكهرومكيانيكية ش.ذ.م.م ) أقامت الدعوى رقم 4372 لسنة 2021 تجاري جزئي أمام المحكمة الابتدائية على الطاعنة والمطعون ضدها الثانية - المدعى عليهما - ( 1- خدمات امريل ش.ذ.م.م ، 2- شركة الدار العقارية ش.م.ع ) ، بطلب الحكم طلب الحكم بالزام المدعى عليهما بأن يؤديا لها مبلغ وقدره ( 4,001,176 ) درهم قيمة الأضرار المادية التي لحقت بالمدعية ، ومبلغ ( 2,000,000 ) درهم تعويضاً عن الأضرار المعنوية التي لحقت بسمعة الشركة ، على سند من القول أنه بتاريخ 21/ 12/ 2017 قامت المدعى عليها الأولى بطلب عرض أسعار من المدعية لخدمات تنظيف واجهة برج التجارة العالمي 2 في إمارة أبوظبي وقامت المدعية بإرسال أول عرض اسعار إلى المدعى عليها الأولى بتاريخ 26/ 12/ 2017 بلغت قيمته السنوية 140,000 بواقع مرتين تنظيف سنوياً أي بمعدل 70,000 سبعين الف درهم لكل مرة ، ونوهت المدعية في عرض اسعارها إلى عدم قدرتها على المعاينة بشكل كامل وأن الأعمال مرتبطة بوجود نظام صيانة للمبنى صالح للإستخدام ، بتاريخ 15/ 1/ 2018 قامت المدعية بتغيير عرض الأسعار الأول وتعديله وتقديم عرض ثان للمدعى عليها الأولى بقيمة إجمالية بلغت 380,000 درهم سنوياً بواقع 3 مرات لتبلغ قيمة المرة الواحدة 126,667 درهم وكان سبب تغيير عرض الأسعار من المدعية بعدما تبين للأخيرة بعد المعاينة أن نظام الصيانة في البرج غير صالح للإستخدام ، مما كان يتعين على المدعية القيام بأعمال اضافية تخدم عملية التنظيف وهو ما نوهت إليه المدعية للمدعى عليها الأولى بموجب بريدها الالكتروني المرسل إليها بتاريخ 16/ 1/ 2018، وتمت الموافقة على عرض الأسعار الثاني المقدم من المدعية وأصدرت أمر شراء إلى المدعية وقدمت شيك بقيمة الدفعة الأولى البالغة 133,000 درهم شاملة الضريبة ، وبتاريخ 15/ 2/ 2018 طلبت المدعى عليها الأولى وبناء على توصية من المدعى عليها الثانية عدة طلبات خاصة بالأمن والسلامة بناء على العرض الثاني المقدم من المدعية بالرغم من أن المدعى عليها الأولى قد سبق لها الموافقة عليه ، واستمرت المدعية بتقديم ما يلزم للمدعى عليهما في كل ما يتعلق بسلامة خطة العمل في تنظيف البرج المذكور، إلا أن المدعى عليها الثانية كانت ترفض جميع ما يتم تقديمه من قبل المدعية مما حدا بالمدعى عليها الأولى إلى الطلب من المدعية تقديم عرض أسعار ثالث بناء على المتغيرات وكان ذلك بسبب رئيسي راجع إلى المدعى عليها الثانية ، وطلبت المدعى عليها الأولى من المدعية بدء التوريد إلى مقر المشروع في إمارة ابوظبي بعدما قامت المدعية بتقديم كل ما يلزم من متطلبات الأمن والسلامة ، وبعد توريد المدعية للمعدات لمقر المشروع في أبوظبي ، وعاد المدعى عليهما إلى الطلب من المدعية لتقديم عرض اسعار ثالث ذلك أن المدعى عليهما تقدما بطلبات جديدة فيما يتعلق بمقتضيات الأمن والسلامة في المشروع وعليه تقدمت المدعية بعرض اسعار ثالث إلى المدعى عليها الأولى بعد توريد المعدات إلى المشروع بناء على عرض الأسعار الثاني بدلالة قيامها بسداد الدفعة المقدمة ، وتضمن عرض الأسعار الثالث المقدم من المدعية سعر 750,000 لثلاث عمليات تنظيف في السنة الواحدة والعرض ساري لمدة ثلاث سنوات بإجمالي مبلغ وقدره 2,250,000 درهم ، وكان السبب في الزيادة ناجم عن زيادة الأعمال في المشروع وتصميم وتصنيع معدات تصلح لهذا المشروع فقط ، بسبب طبيعة المبنى الخاصة ، وبعد تقديم عرض الأسعار الثالث استمرت المماطلة من المدعى عليهما بإصدار تصريح العمل للمدعية في مقر المشروع واستمرت مماطلة المدعى عليهما للمدعية لإصدار تصريح بدء العمل من تاريخ 20/ 4/ 2018 حتى تاريخ 20/ 5/ 2018 إلا أن المدعية فوجئت بإلغاء المدعى عليهما التعاقد بدون سبب أو مبرر قانوني ، وعليه اقامت المدعية بقيد الدعوى رقم 126 لسنة 2019 مستعجل تجاري أبوظبي لإثبات قيام المدعية بتوريد المعدات إلى داخل مقر المشروع وكان الخبير المنتدب قدم تقريره وأثبت قيام المدعية بتوريد المعدات إلى أعمال المشروع ، ثم قامت المدعى عليها الأولى بقيد الدعوى رقم 1425 لسنة 2020 تجاري جزئي دبي طالبة في ختامها إلزام المدعية برد مبلغ الدفعة المقدمة ومقابل تخزين المدعى عليها الأولى لمعدات المدعية الموردة إلى مقر المشروع وقد أجابت المحكمة المدعى عليها الأولى لطلباتها ، وطعنت المدعية على الحكم الصادر ضدها وقيد الإستئناف بالرقم 2333 لسنة 2020 تجاري وتم ندب خبرة هندسية في الدعوى التي انتهت إلى أن المدعية تضررت من جراء فسخ المدعى عليهما لعقدهما مع المدعية وقررت الخبرة الهندسية المنتدبة بأن ما حاق بالمدعية من أضرار يفوق قيمة المطالبة التي تطالب بها المدعى عليها الأولى وانتهت الخبرة الهندسية إلى ضرورة تصفية الحساب بين الطرفين واجراء المقاصة فيما بينهما ، وكان الثابت من مدونات الحكم الإستئنافي في القضية المذكورة قد أشار إلى أن من حق المدعية إقامة دعوى جديدة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي أصابتها بناء على ما خلص إليه تقرير الخبرة الهندسية المنتدبة في الدعوى ، وحيث أن المدعية كانت قد لجأت إلى خبرة حسابي استشاري لبيان الأضرار التي لحقت بها من واقع المراسلات والمستندات والتصاميم التي قامت بها المدعية لأجل تنفيذ أعمال المشروع الذي خلص إلى أن قيمة الأضرار المادية التي لحقت بالمدعية من جراء قيام المدعى عليهما بفسخ العقد قد وصلت إلى مبلغ 4,001,176 درهم ، كما أن المدعية تقدر أضرارها المعنوي بمبلغ وقدره 2,000,000 درهم من جراء فسخ العقد من المدعى عليهما وهو ما أثر على سمعتها في السوق التجارية خاصة وأن المدعية قدمت ثلاث عروض أسعار وبالرغم من ذلك تم فسخ العقد بدون مبرر قانوني ، الأمر الذي حدا بها إلى إقامة هذه الدعوى بغية الحكم لها بطلباتها سالفة البيان ، ، وإذ تداولت الدعوى بالجلسات ، قدم محامي المدعى عليها الأولى مذكره دفع فيها بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان عملا بالمادة (298) من قانون المعاملات المدنية ، حكمت المحكمة بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان.
استأنفت المدعية هذا الحكم بالإستئناف رقم 2180 لسنة 2022 تجاري ، وبجلسة 30-11-2022، قضت المحكمة وفي موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بإلزام المستأنف ضدها الأولى (خدمات امريل ش. ذ. م. م) بإن تؤدي للمستأنفة مبلغ ( 1,646,658 ) درهم على سبيل التعويض ، ورفضت فيما عدا ذلك.
طعنت المدعى عليها الأولى ( المحكوم عليها ) في هذا الحكم بالتمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونيا بتاريخ 2-1-2023 بطلب نقض الحكم المطعون فيه ، قدم محامي المطعون ضدها الأولى مذكرة بجوابه طلب فيها رفضه ، كما قدم محامي المطعون ضدها الثانية مذكرة بجوابه طلب فيها رفضه ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إنه عن شكل الطعن في مواجهة المطعون ضدها الثانية ( شركة الدار العقارية ش.م.ع ) ، فإن من المقرر وفقاً لنص المادتين (151و157) من قانون الإجراءات المدنية الإتحادي رقم 42 لسنة 2022 أن الطعن من المحكوم عليه لا يجوز توجيهه إلا إلى من كان خصما له أمام محكمة الموضوع فلا يكفى أن يكون المطعون عليه طرفا في الخصومة المطروحة في الدعوى ، فإذا لم تكن هناك خصومه قائمة بين طرفين ماثلين في الدعوى بأن لم تكن لإحدهما أية طلبات في مواجهة الآخر فإن الطعن المرفوع من أحدهما لا يكون مقبولا قبل الآخر إذ يقتصر قبول الطعن المرفوع من المحكوم عليه على الحكم الصادر ضده في مواجهة المحكوم له ما لم يكن الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب فيها القانون اختصام أشخاص معينين وهو أمر يتعلق بالنظام العام تقضى فيه المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك به أي من الخصوم ، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها الثانية ليس لها أي خصومه أو طلبات في مواجهة الطاعنة ، كما لم توجه الأخيرة لها أية طلبات في الدعوى مما مؤداه أنه لم يكن هناك أية خصومه بينهما مطروحة على محكمة الموضوع ومن ثم فإنه لا يقبل من الطاعنة اختصامها في الطعن متعيناً عدم قبوله في حقها.
وحيث استوفى الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى شروط قبوله الشكلية.
وحيث أن الطعن أقيم على خمسة أسباب ، تنعى الطاعنة في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق ، حين لم يقضي بعدم قبول سنداً لعدم سداد المطعون ضدها الأولى تأمين الإستئناف إلا بعد فوات المواعيد القانونية المُقررة ، حيث الثابت أن المطعون ضدها الأولى قامت بسداد التأمينات الخاصة بالإستئناف بعد إنقضاء ثلاثة أيام عمل من القرار الصادر بسداد التأمينات الصادر بتاريخ 29 /9/ 2022 وهو الأمر الذي يوصم الحُكم المطعون عليه بمُخالفة القانون لقضائه في إستئناف غير مقبول قانوناً لعدم سداد التأمينات في خلال ثلاثة أيام من تاريخ قرار تأجيل الرسوم ، وهو الأمر الذي يتعين معه نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ، إذ من المقرر في قضاء الهيئة العامة لمحكمة التمييز أن يرفع الإستئناف خلال مواعيد الطعن المحددة قانوناً، وذلك إما بصحيفة تودع مكتب إدارة الدعوى أمام المحكمة المختصة وتقيد فوراً في السجل المعد لذلك أو بقيدها الكترونياً عن طريق النظام الإلكتروني المعتمد لدى محاكم دبي ، وعلى أن يكون طلب القيد الإلكتروني مصحوباً بالبيانات والمستندات التي تمكن إدارة الدعوى من تقدير الرسم المستحق ، ويجب على مكتب إدارة الدعوى لدى المحكمة التي يرفع أمامها الطعن إخطار الطاعن بقيمة الرسوم والتأمينات الواجب سدادها ، ويكون على الطاعن سداد تلك الرسوم والتأمينات خلال ثلاثة أيام عمل من تاريخ إخطاره بالسداد ، وذلك ما لم يقرر رئيس محاكم دبي مهلة أخرى أو يصدر قرار بالإعفاء من الرسم أو تأجيله كلياً أو جزئياً ، فإذا سدد الرسم خلال الأجل المضروب عد الطعن مرفوعاً ومنتجاً لآثاره من تاريخ إيداع الصحيفة ، وأن النص في الفقرة الأولى من المادة (9) من قرار مجلس الوزراء رقم (57) لسنة 2018م بشأن اللائحة التنظيمية لقانون الاجراءات المدنية المعدلة بالقرار رقم (33) لسنة لسنة 2021 م السارية على اجراءات الاستئناف على أنه (( إذا عين القانون أو هذه اللائحة للحضور أو لحصول الإجراء ميعاداً مقدراً بالأيام أو بالشهور أو بالسنين فلا يحسب منه يوم الإعلان أو حدوث الأمر المعتبر في نظر القانون أو هذه اللائحة مجرياً للميعاد وينقضي الميعاد بانقضاء اليوم الأخير منه. )) ، يدل على أن تحسب مواعيد سداد الرسوم المقررة للإستئناف اعتباراً من اليوم التالي لإخطار المستأنف بالسداد ، لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها الأولى ? المستأنفة - سجلت إستئنافها لدى مكتب إدارة الدعوى بمحكمة الإستئناف الكترونياً بتاريخ 29-9-2022م ، وبنفس اليوم تم اخطارها بسداد الرسوم والتأمينات وسددتها بتاريخ 4- 10 -2022 ، بما يثبت أنها قد سددت الرسوم والتأمينات المقررة خلال مدة الثلاثة أيام عمل من تاريخ اخطارها بسدادها من قبل إدارة الدعوى وفقاً لنص المادتين (176و177) من قانون الإجراءات المدنية الإتحادي ونص المادة الأولى من مرسوم سمو حاكم دبي رقم 28 لسنة 2018 بشأن قبول الطعون الحقوقية أمام محاكم دبي ، سيما وأن الحكم المستأنف صدر بتاريخ 30-8-2022 ، مما يكون معه النعي على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث أن الطاعنة تنعي في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال ، حين قضى بإلغاء حُكم محكمة أول درجة ورفض الدفع المُثار من الطاعنة بعدم سماع الدعوى لمضي المدة المُقررة قانوناً عملا بالمادة (298/1) من قانون المعاملات المدنية تأسيسا على أن الفعل الضار المُطالب بالتعويض عنه كان مُستمراً طوال المدة السابقة على رفع الدعوى ، ولم يتوافر للمطعون ضدها الأولى العلم الحقيقي بالضرر الذي لحق بها والمسؤول عنه إلا من خلال المنازعة في الإستئناف رقم 2333/2020 تجاري ، وهو التاريخ الذي تبدأ منه مدة سقوط الحق في الدعوى بمرور الزمان ، على الرغم من الثابت من الطرح عالية أنه تم فسخ العقد بِتَاريخ 20- 5-2018 وكان ذلك نتيجة إخلال المطعون ضدها الأولى بإلتزاماتها التعاقدية وأن فسخ العقد أو إنفساخه يؤدي حتماً إلى تحلل العقد من جميع شروط وتكون المُطالبة بالتعويض قائمة على الفعل الضار " المسؤولية التقصيرية " حيث أنه بفسخ العقد باتت كأن لم يكن ، مما يكون معه منذ تاريخ الفسخ سالف الذكر يبدأ معه احتساب مدة عدم سماع الدعوى سيما وأن المطعون ضدها الأولى كانت على علم بكافة الأضرار التي قد تكون قد لحقتها من جراء إنهاء طلب الشراء محل التعاقد والمسؤول عنه ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فأنه يكون معيبا مما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن نص المادة (298) من قانون المعاملات المدنية الإتحادي بشأن عدم سماع دعوى التعويض عن الفعل الضار بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسؤول عنه وبعدم سماع هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع الفعل الضار - هذا النص - قد ورد في خصوص الحقوق الناشئة عن المصدر الثالث من مصادر الالتزام في القانون المعاملات المدنية وهو الفعل الضار ، بحيث لا يجوز تطبيقه بالنسبة إلى الحقوق الناشئة عن مصادر أخرى ، وبالتالي لا يسري على الحقوق الناشئة عن المصدر الأول من مصادر الالتزام وهو العقد كالشأن في طلب التعويض عن فسخ التعاقد والذي تنسب مسؤوليتها عنه إلى هذا المصدر وحده دون غيره من مصادر الالتزام الأخرى في القانون ، وذلك تبعاً لاعتبار أن الفسخ تصرفات قانونية وليست أفعالاً مادية غير مشروعه وأن المرد في صدورها إلى أحكام التعاقد ومدى الإلتزام أو الإخلال بها من قبل طرفيه ، ومن ثم فإن مُساءلة أحد أطرافه عنها بطريق التعويض لا تسقط إلا بالتقادم العادي ، لما كان ذلك ، وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضدها الأولى قد تمسكت أمام محكمة الموضوع أنها تستند في طلب التعويض عن الأضرار التي أصابتها إلى مسؤولية الطاعنة عن تصرفها في فسخ التعاقد المبرم بينهما مخالفه بذلك لإحكام ذلك التعاقد ، وكانت المسؤولية عن هذا التصرف مصدرها العقد أي مسؤولية عقدية وليست تقصيرية ، بالتالي فإن مُساءلتها عنه بطريق التعويض بهذه المسؤولية لا تسقط إلا بالتقادم العادي ، وكان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة ( 298 ) سالفة الذكر ? والذي تمسكت الطاعنة به - هو تقادم إستثنائى خاص بدعوى التعويض عن العمل غير المشروع فلا يسرى على الإلتزامات التي مصدرها العقد وإنما يسرى في شأن هذه الإلتزامات التقادم العادي المنصوص عليه في المادة ( 473 ) من ذات القانون ما لم يوجد نص خاص يقضى بتقادم آخر ، وإذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دفعها فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ، ولا يعيبه اشتماله على تقريرات قانونيه خاطئه في هذا الخصوص ، إذ لمحكمة التمييز وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أستكمال ما قصر الحكم في بيانه وتصحيح التقريرات القانونية الخاطئه ورده إلى أساسه السليم متى كان قد أنتهى في قضائه إلى النتيجة التي تتفق وصحيح القانون ، ومن ثم يكون النعي عليه بما سلف على غير أساس.
وحيث تنعي الطاعنة بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، إذ لم يقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 1425/2020 تجاري جزئي دبي المُستأنف تحت رقم 2333/2020 إستئناف تِجَاري والمقضي فيها بإستحقاق رب العمل " الطاعنة " في رد المبلغ المدفوع نتيجة إخلال المُقاول بإلتزاماته التعاقدية " المطعون ضدها الأولى " والتأخر في البدء في الأعمال وإلغاء عرض الأسعار بِتَاريخ 20/5/2018 ومفاد ذلك عدم إستحقاق المُقاول "المطعون ضدها الأولى " أي تعويض وهو ما يعكس عدم جواز نظر الدعوى الماثلة لسابقة الفصل فيها ، وإذ لم يتصدى الحكم المطعون فيه لذلك رغم أنه من النظام العام تقضي به المحكمة بنفسها ، سيما وأن الطاعنة قد دفعت به فهو مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي مردود ، وذلك من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - وفقاً لنص المادة (49) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية الاتحادي أن الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي فيه تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول أي دليل ينقض هذه القرينة بإعادة طرح النزاع الذي فصلت فيه المحكمة مرة أخرى على القضاء إلا عن طريق الطعن فيه بالطرق المقررة قانوناً للطعن على الأحكام ، وأن مناط حجية الحكم المانعة من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها بين الخصوم أنفسهم أن يكون هذا الحكم قد قطع بصفه صريحة أو ضمنيه في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة بالمنطوق في مسألة أساسيه استقرت حقيقتها بين الخصوم استقرارا جامعا يمنع ذات الخصوم والمحكمة من العودة إلى مناقشه ذات المسألة التي فصل فيها ولا بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها، وأنه لمعرفة ما إذا كان موضوع الدعوى متحدا في الدعويين أن يتحقق القاضي من أن قضاءه في الدعوى الجديدة لا يعدو أن يكون مجرد تكرار للحكم السابق فلا يكون هناك فائدة منه أو أن يكون مناقضا للحكم السابق سواء بإقرار حق أنكره أو إنكار حق أقره فيكون هناك حكمان متناقضان ، وأن وحدة المحل تكون متوافرة بين الدعويين متى كان الأساس فيهما واحد حتى لو تغيرت الطلبات بينهما إذ أن العبرة في حجية الشيء المحكوم فيه تكون بطبعيه الدعوى وأن المسألة تكون واحده بعينها إذا كان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي يترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب في الدعوى وأن صدور حكم في هذه المسألة الأساسية يحوز قوة الأمر المقضي فيه في تلك المسألة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق أخر يتوقف على ثبوت أو انتفاء ذات المسألة السابق الفصل فيها بينهم ، لما كان ذلك وكان الموضوع في الدعوى السابقة هو المطالبة بأجرة تخزين المعدات التابعة للمطعون ضدها الأولى ، أما موضوع الدعوى الحالية فهي المطالبة بالأضرار المادية والمعنوية ( قيمة التكاليف والمصروفات التي تكبدتها لشراء المواد التي أعدت للبدء في تنفيذ أعمال المشروع ، وتأثر سمعتها نتيجة فسخ التعاقد ) ، وكان من أثار فسخ العقد إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد فإذا استحال ذلك يحكم بالتعويض ، وأن التكاليف والمصروفات في شراء تلك المواد تمت خصيصا لإتمام تنفيذ أعمال ذلك العقد ، سيما وأن المطعون ضدها الأولى ? المدعية في الدعوى الحالية - لم تتقدم بطلب عارض ( دعوى متقابلة ) في الدعوى السابقة رقم 1425 لسنة2020 تجاري جزئي تطلب فيها التعويض عن الأضرار التي لحقت بها ، وإذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ولم يقضي بعدم جواز الفصل في الدعوى الماثلة لسابقة الفصل فيها في الدعوى السابقة سالفة الذكر ، فأنه يكون قد أعمل صحيح القانون بما يضحى معه النعي على غير أساس متعيناً رده.
وحيث أن الطاعنة تنعي في السببين الأخيرين على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد بالإستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، إذ قضى بإلغاء حكم محكمة أول درجة والقضاء بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به معولا على ما جاء بتقرير الخبرة المنتدب من قبل محكمة أول درجة على الرغم من أنه فاسد ولا يصح التعويل عليه ، لعدم أنجاز المأمورية المُسندة إليه على الوجه المطلوب وعدم الفصل في نقاط الخلاف بين الأطراف ، حيث إن المحكمة الإستئنافية قد قضت في الدعوى دون أن تتفحص الأسباب و الأسس التي بٌنيت عليها نتائج أعمال الخبرة ولم تتناول بالرد أو تعرض لأيا من الإعتراضات المبدأ من الطاعنة على نتائج أعمال الخبرة المذكورة رغم ثبوت أن الخبير المُنتدب قد سبق له وأن نكل على بحث تلك الإعتراضات أو التطرق لها بِمُدونات تقريره ، حيث أن الثابت من مُطالعة تقرير الخبرة أنها لم تلتزم بالحياد في عملها بل كان هَمُها وشغلها الشاغل أن تحيك هذا التقرير على نحو مخالف للحقيقة وبالكيفية الواردة به إنتصاراً لطرف على حساب طرف ، ودون سماع إعتراضات الطاعنة على الرغم من كونها تثبت وتؤكد فساد أعمال الخبرة وعدم إمكانية التعويل على نتائج الأعمال المُبدأه منها ، حيث أن الخبرة إدعت على خلاف الحقيقة بأن لم يصلها أية مذكرات بالرد والتعقيب على ما ورد بتقرير الخبرة المبدئي حتى بعد نهاية الأجل المحدد لتقديم مذكرات التعقيب ، وكان الثابت أن الطعنة - المُدعى عليها الأولى - قد قامت بتقديم مُذكرة بإعتراضاتها الجَمة على نتائج الأعمال المذكورة والتي تُخالف صحيح القانون والواقع والثابت بِالمُستندات المُقدمة حيث قامت بإرسال بريد إلكتروني للخبرة بِتاريخ 2022/05/25 الساعة 1:00 بعد ظهر يوم الأربعاء والذي يحمل بين طياته مرفق عبارة عن مُذكرة إعتراضات على أعمال الخبرة المُنتدبة وقد إستلمت الخبرة المُنتدبة الإيميل المذكور بِمُرفقاته بل وقامت بمُطالعة وقراءة الإيميل بعد إرساله بفترة وجيزة وفقاً للثابت بالمُستندات وهو الأمر الذي يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الطاعنة أرسلت للخبرة مُذكرة إعتراضات على التقرير في الوقت المحدد للتعقيب على التقرير المبدئي وأن الخبرة تدعي كذباً بأنها قد إنتظرت إلى ما بعد الموعد المُحدد لتقديم التقرير وأنه لم يردها أي تعقيب من الطاعنة حتى بعد نهاية الأجل المحدد لتقديم مذكرات التعقيب وبالنتيجة فلم تقم الخبرة بتضمين أياً من تلك الإعتراضات بِمُدونات التقرير ولم تتناولها بالرد المُسقط لها أو التعقيب عليها بالمُخالفة لصحيح القانون وللتكليف الوارد بالحكم التمهيدي ، كما أنها لم تعلن المطعون ضدها الثانية ? المدعى عليها الثانية ? بإجتماعات الخبرة مما يبطل تقريرها ، فضلا عن مخالفته لحجية الأحكام الصادرة بين الخصوم في الدعوى السابقة ، تناقضه نتائج أعمال الخبرة مع الشروط التعاقدية الثابت بمتن التقرير ، حيث أثبتت الخبرة المنتدبة في بيان علاقة أطراف التداعي بأنها علاقة تِجَارية ، متمثلة في قيام الطاعنة بإصدار أمر الشراء مؤرخ في 25/1/ 2018 وذلك لقيام المطعون ضدها الأولى بأعمال تنظيف الواجهة الزجاجية للبرج رقم 2 من أبراج مركز التجارة العالمي /إمارة أبوظبي ، على أن تكون قيمة الأعمال بواقع مبلغ وقدره 235,333 درهم غير شامل قيمة الضريبة المُضافة ، وذلك على أساس مرتين بالنسبة مُقابل 126,667 درهم للمرة الواحدة غير شامل ضريبة القيمة المُضافة ، ويكون تاريخ التنظيف للمرة الأولى بِتاريخ 2018/01/30 والمرة الثانية بِتَاريخ 2018/03/30 وقامت الطاعنة بسداد قيمة الدفعة الأولى بِمبلغ وقدرة 133,000 درهم بِموجب الشيك رقم 950962 مسحوب على بنك المشرق وأصدرت المطعون ضدها سند قبض برقم 1051 مؤرخ في 2018/02/01 بما يفيد إستلام المبلغ المذكور ، وقد أثبتت الخبرة المنتدبة أن الطاعنة قامت بإنهاء أمر الشراء بِتَاريخ 2018/05/20 ( أي بعد مرور ما يزيد عن أربعة أشهر عن التاريخ المُحدد للتنظيف الأول وما يزيد عن شهر ونصف عن الموعد المحدد لتاريخ التنظيف الثاني ) وهو الأمر الذي يعكس ثبوت إخلال المطعون ضدها بتنفيذ العمل وأحقية الطاعنة في إنهاء التعاقد وفقاً للشروط المتفق عليها بين الطرفين وهو ما يعكس عدم تطبيق الخبرة لشروط التعاقد ، كما خالفت الخبرة المنتدبة الإقرارت القضائية الصادرة عن المطعون ضدها الأولى والتي أقرت فيها بإخلالها بإلتزاماتها التعاقدية وذلك طبقاً للثابت بإقرارها في صحيفة الإستئناف المُقدمة منها في الإستئناف رقم 2020/2333 إستئناف تِجَاري ، كما ناقضت الخبرة المنتدبة ما ثبت في تقرير الخبرة المودع في الدعوى رقم 2019/126 مُستعجل أبوظبي المعول عليه في الأحكام القضائية النهائية والحائزة للحُجية ، وإعتمدت الخبرة المنتدبة في تقريرها على تقرير الخبرة الهندسية المُنتدبة في الدعوى رقم الإستئناف رقم 2020/2333 إستئناف تِجَاري ، وقد عولت الخبرة المنتدبة في تقديرها للتعويض على ما تضمنه التقرير الإسستشاري المُقدم من المطعون ضدها الأولى رغم عدم صحته ، لكونه قام بإحتساب التعويضات وفقاً لأقوال ممثل الأخيرة ودون وجود أي دليل مُستندي يؤكد صحة ما إستند إليه في إحتساب تلك التعويضات وتبعة في ذلك الحكم الإستئنافي دون أن يبحث أو يتأكد من وجود الأساس المُستندي المؤيد لها ، فأمر الشراء موضوع التعاقد المؤرخ في 2018/01/25 تضمن تكليفها بأعمال تنظيف الواجهة الزجاجية للبرج رقم 2 من أبراج مركز التجارة العالمي /إمارة أبوظبي مقابل مبلغ وقدره 235,333 درهم ، ويكون تاريخ التنظيف للمرة الأولى بِتاريخ 2018/01/30 والمرة الثانية بِتَاريخ 2018/03/30 وقد تثبت للخبرة بالمُستندات أن تاريخ الإنهاء قد تم بغضون شهر مايو 2018 ، وعليه فليس هناك أي مجال للزعم بأن الأعمال قد إستمرت مُدة (15) شهر أو (13) شهر بعد إستنزال الإجازات والعطلات خاصة وأن الفترة الزمينة ما بين تاريخ أمر الشراء وإنهائه لا تتجاوز (5) أشهر وبالنتيجة لا يتصور بأي حال من الأحوال الزعم بأن أعمال التنظيف قد إستمرت (15) شهر ، كما إن إجمالي قيمة أمر الشراء حال تنفيذ العمل هو مبلغ وقدره 235,333 درهم وبالتالي فلا يتصور بأي حال من الأحوال إحتساب مبلغ وقدره مليون وستمائة ألف درهم ويزيد كتعويضات نتيجة فسخ أمر الشراء المذكور لعدم إتمام أعمال التنظيف وبما يعكس فساد نتائج الأعمال وعدم صحة ما قضى به الحكم الإستئنافي ، إن كانت تلك التعويضات قد تم الإشارة إليها بمتن التقرير الإستشاري بأنها قيمة إيجارية للمُعدات الموجودة بحيازة الطاعنة وفقاً لمزاعم المطعون ضدها الأولى وأقوالها - إلا أن الخبرة لم تلتفت إلى أنه وإعتباراً من تاريخ مايو 2018 فقط طالبت الطاعنة الأخيرة بإستلام المُعدات المذكورة ? إلا أنها إمتنعت عن ذلك مما دعاها إلى تخزينها بمستودع وهو ما أثبته تقرير الخبرة بالدعوى المُستعجلة المُقدم نُسخته للخبرة ، وبالنتيجة فإن سبب وجود المُعدات بحيازة الطاعنة هو رفض المطعون ضدها لإستلامها وهو ما يعكس عدم إمكانية الزعم بوجوب إحتساب قيم إيجارية عن تلك المُعدات لصالح الأخيرة وذلك لرفضها إستلامها لتلك المُعدات ، وبالتالي الأسباب التي عول عليها التقرير الإستشاري في إحتساب تلك التعويضات هي أسباب واهية تستند إلى أحلام المطعون ضدها بالثراء من جراء إرسال طلب شراء واحد إليها ولا يوجد ما يفيد تحملها أي خسائر مالية أو أجور عمال ومن ثم تسريحهم ولم تطلب الطاعنة منها القيام بأياً من ذلك فإن جل ما طلبته منها هو القيام بأعمال التنظيف وفق ما هو وارد بأمر الشراء وقد نكلت عن تنفيذ ذلك ولا يمكن القول بإحقيتها في إقتضاء أي تعويضات مالية عن إخلالها بتنفيذ العمل الموكل إليها ، ومن ثم عدم توافر أركان المسؤولية الموجبة للتعويض ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي برمته مردود ، ذلك أن من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تقدير ما إذا كان المقاول قد قام بإنجاز الأعمال المعهودة إليه وفقا للمواصفات المتفق عليها من عدمه من مسائل الواقع التي يجوز تكليف الخبير بتحقيقها وتستقل محكمة الموضوع بتقديرها واستخلاصها متى كانت اسبابها في هذا الخصوص سائغة وكافية لحمل قضائها ولها أصلها الثابت بالأوراق ، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة إن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها وترجيح ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداها وأن لها السلطة المطلقة في تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى ولها الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما يقنعها لسلامة الأسس التي بنى عليها ويتفق مع الواقع الثابت في الأوراق ويؤدى إلى النتيجة التي استندت إليها وهي غير ملزمة من بعد بأن ترد بأسباب خاصة على كل ما أبداه الخصم من مطاعن واعتراضات على تقرير الخبير أو أن تتبع الخصوم في كافة أقوالهم وحججهم والرد عليها استقلالاً لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره مما لا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه هذا التقرير ، كما أن الخبير غير ملزم بأداء مأموريته على نحو معين دون سواه وحسبه أن يؤديها على الوجه الذي يراه محققا للغاية من ندبه طالما أنه تقيد بحدود المأمورية المرسومة له وكان رأيه في النهاية خاضعا لتقدير محكمة الموضوع ، ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أيضا وفقاً لنص المادتين (282و292) من قانون المعاملات المدنية الإتحادي أن كل اضرار بالغير يلزم فاعله بالضمان ، وأنه في المسؤولية العقدية يقع على الدائن عبء إثبات خطأ المدين بعدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أو الإخلال بتنفيذها أو التأخير فيه وإثبات الضرر الذي أصابه من جراء ذلك ، ومن المقرر أن يشترط قانونا لإستحقاق التعويض في المسؤولية العقدية عن عدم تنفيذ الالتزام أو التأخير في تنفيذه وجود خطأ من المدين وضرر الدائن ولا يغنى عن توافر هذا الشرط أن يكون التعويض مقدراً في العقد أو متفقا بين العاقدين على كيفية تقديره لأن هذا التقدير ليس هو السبب المباشر في استحقاق التعويض إنما ينشأ الحق في التعويض بثبوت الخطأ والضرر، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به كتعويض للمطعون ضدها عن فسخها للتعاقد ، على ما أورده بمدوناته ((...، وكان الثابت من مستندات الدعوى ومن بينها تقرير الخبرة المنتدبة أمام هذه المحكمة في الإستئناف رقم 2333/2020 تجاري أن المستأنفة هي الطرف الذي تعرض لخسائر نتيجة لإنهاء التعامل معها من قبل المستأنف ضدها دون سابق إنذار حيث لا يوجد ضرر فعلي واقع في مسائل التأخير في تنظيف الواجهات وخاصة أن التأخير في البدء لم يكن لمدة طويلة وأسبابه لم تكن ضمن سيطرة المستأنفة ونذكر منها قائمة التحقيق التي فرضت على المستأنفة لأجل عوامل الأمان والسلامة (مسألة الأمان والسلامة تحتاج الى إدخال طرف ثالث خارجي مختص بهذه المعايير لضمانها وإصدار بعدها شهادة تحققها )، وأهمية عنصر الأمان والسلامة بتلك الأنظمة وبالأخص عند استعمالها على أبراج مرتفعة حيث معدل الخسارة والمخاطرة يكون عالي جداً، وأن المستأنفة قد وجدت نفسها أمام خيار حل بديل التنظيف الآلي وهي طريقة مبتكرة وأصبحت مستخدمة على نطاق واسع في كثير من البلدان والمشاريع وأن إيقاف العمل من قبل المستأنفة ضدها بعد أن قامت المستأنفة بتوريد معظم المعدات إلى موقع العمل بما يحق للمستأنفة بالمطالبة بالتعويض لقاء ذلك نتيجة الإنهاء ونتيجةً لقيامها بتصنيع الأليات والمعدات لغرض الإستخدام وبناء على الطلب الصادر لها كما تؤكد الخبرة أن خبر إنهاء عمل المستأنفة جاء مفاجئاً لأنها كانت ويقصد بالمستأنفة في طور إصدار عرض أسعار للقيام بأعمال تنظيف الواجهات لمدة ثلاث سنوات بدل العرض المقدم على أعمال تنظيف لمرتين خلال سنة واحدة ، والعمل على تقديم عرض أسعار لأعمال التنظيف لمدة ثلاث سنوات كان بناءً على طلب المستأنف ضدها ، كما أن البين للمحكمة من تقرير الخبرة المودع أمام محكمة أول درجة والذي تطمئن إليه المحكمة وتأخذ به لإبتنائه على أسس سليمة وأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق محققا الغاية التي هدفت إليها المحكمة وفي حدود الحكم الصادر بندبه والذي انتهي إلى أن هناك إخلال من جانب المدعى عليها الأولى يتمثل في قيامها بإنهاء العمل بأمر الشراء الصادر منها بشكل فورى ومفاجئ ، في ظل أن المدعية كانت تقوم بإجراء تصنيع آليات ومعدات يتطلبها العمل وفق شروط الأمن والسلامة حتى تقوم بالبدء في العمل بتنظيف الواجهات الزجاجية بالبرج رقم 2 بمركز التجارة العالمي / أمارة أبوظبي ، وهو موضوع طلب أمر الشراء الذى تم إنهائه من جانب المدعى عليها الأولى بشكل فورى ومفاجئ وبدون سابق إنذار منها للمدعية وأحقية المدعية في التعويض المطالب به بالدعوى الماثلة ، فيكون تقدير التعويض بمبلغ 1,646,658 درهم عبارة عن (126,666 درهم في 13 شهر) ومن ثم فقد توافرت أركان المسئولية في جانب المستأنف ضدها الأولى من خطا وضرر وعلاقة سببية ، بما تقضي معه المحكمة بإلزام المستأنف ضدها الأولى بإن تؤدي للمستأنفة المبلغ سالف الذكر كتعويض عما لحقها من ضرر من جراء فسخ التعاقد....)) ، وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضائه سائغاً وصحيحاً وله أصل ثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة ، ولا ينال من ذلك ما قررته الطاعنة بنعيها من بطلان تقرير الخبرة لعدم إعلانه المطعون ضدها الثانية بإجتماعات الخبرة ذلك لكون هذا الإجراء ? أيا كان وجه الرأي فيه - خاص بالمطعون ضدها الثانية وهي وحدها من يحق لها الطعن عليه ، فضلا عن أن الخبرة والحكم المطعون فيه لم يلزمانها بشيء ، وكانت هذا المحكمة لم تقبل إختصامها في الطعن الماثل ، وإذ يدور النعي بأسباب الطعن حول تعييب هذا الإستخلاص فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الدليل فيها ومنها تقارير الخبرة المنتدبة وترجيح الرأي الذي تطمئن إليه منها وتأخذ به متى اقتنعت بكفاية الأبحاث التي أجراها وسلامة الأسس التي بنى عليها تقريره وطرح ما عداه إذ هي لا تقضي إلا على أساس اطمئنانها إلى صحة ما تأخذ به في قضائها وتحديد الطرف المخل والمقصر في تنفيذ التزاماته العقدية والزامه بأداء ما يترب على هذا الإخلال من حقوق للطرف الأخر ، وهو ما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ، فيكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث أنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن ، وإلزام الطاعنة بمصروفاته ، وبمبلغ إلفي درهم مقابل اتعاب المحاماة ، وأمرت بمصادرة التأمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق