الصفحات

الأربعاء، 1 نوفمبر 2023

الطعن 18 لسنة 22 ق جلسة 7 / 4 / 2001 دستورية عليا مكتب فني 9 دستورية ق 106 ص 888

جلسة 7 إبريل سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد علي سيف الدين ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي، وحضور السيد المستشار/ محمد خيري طه عبد المطلب النجار - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (106)
القضية رقم 18 لسنة 22 قضائية "دستورية"

1 - دستور "المادة 18: حق التعليم".
تكفل المادة 18 من الدستور حق التعليم واستقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي - هدفه: الربط بين التعليم وبين حاجات المجتمع والإنتاج - أساسه: التعليم من أهم وظائف الدولة ويمثل أداتها الرئيسية في تنمية القيم الخلقية والتربوية والثقافية لدى الشباب.
2 - التعليم العالي "هدفه - دراسة الطب".
هدف التعليم العالي هو تزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء - تمثل العلوم الطبية الأساسية عماد المراحل الأولى من الدراسة بكلية الطلب - تقييد انتقال الطالب إلى المرحلة الثانية بأمر آخر غير النجاح في تلك العلوم؛ يعني إهدار عام جامعي في دراسة لا تربطها صلة عضوية بالدراسات الطبية.
3 - مبدأ المساواة "تنظيم الحق في التعليم العالي - تمييز".
سلطة المشرع في تنظيم الحق في التعليم مقيدة بأن يكون هذا التنظيم وفق شروط موضوعية ترتد في أساسها إلى طبيعة هذا الحق - يجب رد طلبة الطب، وإن تباينت كلياتهم، إلى قاعدة موحدة تكفل عدم التمييز بينهم - اعتبار الرسوب في غير العلوم الأساسية الطبية قيداً على النجاح بكلية الطب بجامعة الإسكندرية، دون نظيراتها من كليات الطلب بالجامعات الأخرى، يُعد تحيفاً للحق في التعليم وانتهاكاً لمبدأ المساواة.

-----------------
1 - المادة 18 من الدستور تنص على أن "التعليم حق تكفله الدولة... وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج". وكفالة الدستور لحق التعليم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما جاء انطلاقاً من حقيقة أن التعليم يعد من أهم وظائف الدولة، وأكثرها خطراً، بحسبانه أداتها الرئيسية في تنمية القيم الخلقية والتربوية والثقافية لدى النشء والشبيبة، إعداداً لحياة أفضل يتوافق فيها الإنسان مع بيئته ومقتضيات انتمائه إلى وطنه، ويتمكن في كنفها من اقتحام الطريق إلى آفاق المعرفة وألوانها المختلفة.
2، 3 - التعليم العالي - بجميع كلياته ومعاهده - يشكل الركيزة الرئيسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل في مختلف مجالاته، فإن ارتباطه - في أهدافه وأسس تنظيمه - بحاجات هذا المجتمع ومتطلبات تنمية إنتاجه يكون لازماً، وهو ما نصت عليه صراحة المادة 18 من الدستور المشار إليها، ورددته من بعد المادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات سالف الذكر عند تحديدها لرسالة الجامعات بأن يكون التعليم فيها موجهاً لخدمة المجتمع والارتقاء به حضارياً، والإسهام في النهوض بالفكر وتقدم العلوم، وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة، المطلع على أحدث طرائق البحث، والقيم الرفيعة لضمان ازدهار الوطن وتنمية ثروته البشرية، والعمل على بعث الحضارة العربية واستعادة التراث التاريخي للشعب المصري وتقاليده الأصيلة، وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم الجامعي وحاجات المجتمع والإنتاج؛ لما كان ذلك، وكانت الدولة مسئولة عن كفالة هذا الحق، وكانت العلوم الطبية الأساسية هي عماد التعليم في المرحلة الأولى من الدراسة بكلية الطب؛ فإن تقييد انتقال الطالب إلى المرحلة الثانية من هذه الدراسة بأمر آخر غير النجاح في تلك العلوم، يعني إهدار عام جامعي كامل في دراسة صنوف من العلوم أدنى إلى المواد الثقافية، ولا تربطها صلة عضوية بالدراسات الطبية، ونزفاً لموارد الجماعة التي توجهها إلى هذا النوع من التعليم، وتعطيلاً لثروتها البشرية، وهي أعز ما تملك، بما يناقض حقيقة أن سلطة المشرع في تنظيم الحق في التعليم مقيدة بأن يكون هذا التنظيم وفق شروط موضوعية ترتد في أساسها إلى طبيعة هذا التعليم، ومتطلبات الدراسة فيه، وما يرنو إليه المجتمع من ورائه. يعزز ذلك أن الثابت من مطالعة اللوائح الداخلية لكليات الطب بجامعة القاهرة - والتي تطبق كذلك على فرعها ببني سويف اعتباراً من العام الجامعي 96/ 1997 - وجامعة عين شمس وجامعة طنطا وجامعة المنيا وجامعة الزقازيق "فرع بنها" أنها حرصت جميعها على تقييد النقل من الفرقة الثانية إلى الفرقة الثالثة بالنجاح في المواد الطبية فحسب، أما الرسوب في مادة اللغة الإنجليزية أو العلوم السلوكية والإنسانية أو الحاسب الآلي فلا يمنع من النقل إلى هذه الفرقة؛ متى كان ما تقدم، وكان طلبة الطب - وإن تباينت الكليات التي تضمهم - يتكافأون من حيث نوع التعليم الذي يتلقونه، ومن حيث إنفاق المجتمع عليهم؛ وحاجته إلى جهودهم بعد تزودهم بالقدر اللازم من الدراسات المتخصصة في مجاله؛ فإنه يجب ردهم إلى قاعدة موحدة تكفل عدم التمييز بينهم من حيث نظم الامتحان التي تقضي إلى ارتقائهم في الدراسة من فرقة إلى فرقة؛ بلوغاً في خاتمتها إلى المؤهل الذي يدفع بهم إلى معترك الحياة، خدمة لوطنهم، وتوظيفاً لما حصلوه من العلوم الطبية في الوقاية والعلاج من الأمراض، وإسهاماً فاعلاً في حركة الإنتاج؛ وما ذلك إلا توكيداً لحقيقة أن التعليم بقدر ما هو حق للفرد على مجتمعه، فإنه - وبذات القدر - أداة هذا المجتمع إلى التقدم والنماء، وإذ لم يلتزم النص الطعين هذه القاعدة، واعتبر الرسوب في غير العلوم الأساسية الطبية قيداً على النجاح والنقل إلى الفرقة الثالثة بكلية الطب جامعة الإسكندرية، دون نظيراتها من كليات الطب بالجامعات الأخرى، متحيفاً الحق في التعليم، ومتنكباً بالتالي الهدف الذي تغياه الدستور من تقريره، ومنتهكاً مبدأ المساواة في هذا الحق، فإنه يكون من ثم مخالفاً لحكم المادتين 18 و40 من الدستور.


الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من يناير سنة 2000 ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الدعوى رقم 8 لسنة 54 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بتاريخ 2/ 11/ 1999: أولاً: بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ قرار إعلان نتيجة امتحان الفرقة الثانية بكلية الطب بجامعة الإسكندرية عن العام الدراسي 98 - 1999 فيما تضمنه من اعتبار نجل المدعي راسباً في هذه الفرقة وما يترتب على ذلك من آثار.... ثانياً: بوقف الدعوى وبإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة (ب) من المادة 11 من اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة الإسكندرية - مرحلة البكالوريوس - فيما تضمنه من النص على أن من يرسب في أي مادة يعيد السنة".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن نجل المدعي كان مقيداً بالفرقة الثانية بكلية الطب بجامعة الإسكندرية في العام الجامعي 98 - 1999، وتقدم لامتحانها في نهايته، وأعلنت النتيجة في 16/ 9/ 1999 متضمنة إعادته السنة بسبب رسوبه في مادة "العلوم السلوكية والإنسانية" مما دعاه إلى إقامة الدعوى رقم 8 لسنة 54 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طلباً للحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار كلية الطب بجامعة الإسكندرية بإعلان نتيجة امتحانه بالفرقة الثانية بها على النحو المتقدم، وبتاريخ 2/ 11/ 1999 أجابت محكمة الموضوع المدعي إلى طلباته في الشق العاجل، وقضت بوقف الدعوى وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة (ب) من المادة 11 من اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة الإسكندرية فيما تضمنته من أن من يرسب في أي مادة يعيد السنة، لما تراءى لها من شبهة مخالفة النص المحال لحكم المادتين (8) و(4) من الدستور، تأسيساً على أن لوائح كليات الطب بالجامعات الأخرى لم تقرر بقاء الطالب للإعادة في الفرقة الثانية بها إذا رسب في مادة العلوم السلوكية والإنسانية وغيرها من المواد غير الطبية كمادة الحاسب الآلي ومادة اللغة الإنجليزية، وإنما تفرد النص المحال بذلك الحكم، دون أن تظاهره مصلحة قام الدليل على اعتبارها؛ وأنشأ بالتالي تمييزاً غير مبرر بين الطلاب المخاطبين به، وبين نظرائهم بالجامعات الأخرى.
وحيث إن المادة "19" من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات عهدت إلى المجلس الأعلى للجامعات بوضع اللائحة التنفيذية للجامعات واللوائح الداخلية للكليات والمعاهد التابعة للجامعة، لتحدد هذه اللوائح - على ما تطلبته المادة 167 من هذا القانون - الهيكل الداخلي لتكوينها والأحكام التفصيلية لنظم القيد والدراسة والامتحان فيما يخصها، وذلك في حدود الإطار العام المقرر في القانون وفي لائحته التنفيذية.
وحيث إنه بتاريخ 24/ 9/ 1996 صدر قرار وزير التعليم رقم 1479 بشأن إصدار اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة الإسكندرية "مرحلة البكالوريوس" متضمناً الإشارة في ديباجته إلى موافقة المجلس الأعلى للجامعات بجلسته بتاريخ 12/ 5/ 1996. ويبين من نصوص المواد (6) و(7) و(8) و(9) من هذه اللائحة أن مدة الدراسة لنيل درجة البكالوريوس في الطلب والجراحة ست سنوات، تنقسم إلى ثلاث مراحل هي المرحلة الأولى وتشمل الفرقتين الأولى والثانية والمرحلة الثانية وتشمل الفرقة الثالثة، والمرحلة الثالثة وتشمل الفرق الرابعة والخامسة والسادسة؛ وتعامل كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث معاملة السنة الواحدة؛ وتضم المواد التي تدرس في المرحلة الأولى أربعة علوم طبية أساسية تمتد دراستها خلال الفرقتين الأولى والثانية وهي "التشريح الآدمي" "الفسيولوجياً" و"الكيمياء الحيوية الطبية" و"الهستولوجيا" ويؤدي الطلبة تدريباً عملياً عليها داخل الأقسام المعملية، وإلى جانبها ثلاث مواد لا تندرج في عداد العلوم الطبية، هي "اللغة الإنجليزية" و"العلوم السلوكية والإنسانية" و"الحاسب الآلي"؛ وتدرس أولاها بالفرقة الأولى والأخريان بالفرقة الثانية،
ومقرراتها نظرية، وإن أضيفت إليها ساعتان عمليتان أسبوعياً بالنسبة لمادة "الحاسب الآلي". كما نصت المادة (11) من اللائحة على أن يؤدي الطلبة في العلوم الطبية الأساسية الأربعة سالفة الذكر ثلاثة اختبارات تحريرية وعملية وشفهية، أما ما عداها فالامتحان فيها تحريري مدته ساعة واحدة بالنسبة للغة الإنجليزية والمواد السلوكية والإنسانية، وعملي بالنسبة لمادة الحاسب الآلي، والدرجة العظمى لامتحان كل منها خمسون، وينقل الطلاب للسنة الثانية من جميع الأحوال باعتبار الفرقتين الأولى والثانية مرحلة واحدة. ونص البند (ب) من المادة (11) على ما يأتي:
ب - الفرقة الثانية: ........
يعقد الامتحان دور أول في شهر يونيو، ودور ثان في شهر سبتمبر سنوياً في جميع المواد، وفيما رسب فيه من مواد الفرقة الأولى للراسبين والمتخلفين، ومن يرسب في أي مادة يعيد السنة، ويؤدي الامتحان فيما رسب فيه أو تخلف فيه في دور يونيو وسبتمبر، ولا ينقل إلى السنة الثالثة إلا إذا نجح في جميع المواد. وتضاف درجات المواد 1، 2، 3، 4 من السنة الأولى إلى درجات المواد المناظرة من السنة الثانية للحصول على تقدير، ودرجة هذه المواد: تشريح 500 درجة - فسيولوجيا 500 درجة - الكيمياء الحيوية 300 درجة - الهتسولوجيا 300 درجة.
وحيث إن نطاق الدعوى - على ضوء ارتباط النص المحال بالطلبات المطروحة في النزاع الموضوعي - يتحدد بنص البند (ب) من المادة (11) من اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة الإسكندرية - مرحلة البكالوريوس - الصادرة في 24/ 9/ 1996 بقرار وزير التعليم رقم 1479 فيما تضمنه من عدم نقل الطالب إلى السنة الثالثة إذا رسب في أحد العلوم غير الأساسية (الطبية) المقرر في المرحلة الأولى، وبقائه للإعادة في الفرقة الثانية.
وحيث إن المادة (18) من الدستور تنص على أن "التعليم حق تكفله الدولة.... وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج". وكفالة الدستور لحق التعليم - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما جاء انطلاقاً من حقيقة أن التعليم يعد من أهم وظائف الدولة، وأكثرها خطراً، بحسبانه أداتها الرئيسية في تنمية القيم الخلقية والتربوية والثقافية لدى النشء والشبيبة، إعداداً لحياة أفضل يتوافق فيها الإنسان مع بيئته ومقتضيات انتمائه إلى وطنه، ويتمكن في كنفها من اقتحام الطريق إلى آفاق المعرفة وألوانها المختلفة.
وحيث إن التعليم العالي - بجميع كلياته ومعاهده - يشكل الركيزة الرئيسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل في مختلف مجالاته، فإن ارتباطه - في أهدافه وأسس تنظيمه - بحاجات هذا المجتمع ومتطلبات تنمية إنتاجه يكون لازماً، وهو ما نصت عليه صراحة المادة 18 من الدستور المشار إليها، ورددته من بعد المادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات سالف الذكر عند تحديدها لرسالة الجامعات بأن يكون التعليم فيها موجهاً لخدمة المجتمع والارتقاء به حضارياً، والإسهام في النهوض بالفكر وتقدم العلوم، وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة، المطلع على أحدث طرائق البحث، والقيم الرفيعة لضمان ازدهار الوطن وتنمية ثروته البشرية، والعمل على بعث الحضارة العربية واستعادة التراث التاريخي للشعب المصري وتقاليده الأصيلة، وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم الجامعي وحاجات المجتمع والإنتاج؛ لما كان ذلك، وكانت الدولة مسئولة عن كفالة هذا الحق، وكانت العلوم الطبية الأساسية هي عماد التعليم في المرحلة الأولى من الدراسة بكلية الطب؛ فإن تقييد انتقال الطالب إلى المرحلة الثانية من هذه الدراسة بأمر آخر غير النجاح في تلك العلوم، يعني إهدار عام جامعي كامل في دراسة صنوف من العلوم أدنى إلى المواد الثقافية، ولا تربطها صلة عضوية بالدراسات الطبية، ونزفاً لموارد الجماعة التي توجهها إلى هذا النوع من التعليم، وتعطيلاً لثروتها البشرية، وهي أعز ما تملك، بما يناقض حقيقة أن سلطة المشرع في تنظيم الحق في التعليم مقيدة بأن يكون هذا التنظيم وفق شروط موضوعية ترتد في أساسها إلى طبيعة هذا التعليم، ومتطلبات الدراسة فيه، وما يرنو إليه المجتمع من ورائه. يعزز ذلك أن الثابت من مطالعة اللوائح الداخلية لكليات الطب بجامعة القاهرة - والتي تطبق كذلك على فرعها ببني سويف اعتباراً من العام الجامعي 96/ 1997 - وجامعة عين شمس وجامعة طنطا وجامعة المنيا وجامعة الزقازيق "فرع بنها" أنها حرصت جميعها على تقييد النقل من الفرقة الثانية إلى الفرقة الثالثة بالنجاح في المواد الطبية فحسب، أما الرسوب في مادة اللغة الإنجليزية أو العلوم السلوكية والإنسانية أو الحاسب الآلي فلا يمنع من النقل إلى هذه الفرقة؛ متى كان ما تقدم، وكان طلبة الطب - وإن تباينت الكليات التي تضمهم - يتكافأون من حيث نوع التعليم الذي يتلقونه، ومن حيث إنفاق المجتمع عليهم؛ وحاجته إلى جهودهم بعد تزودهم بالقدر اللازم من الدراسات المتخصصة في مجاله؛ فإنه يجب ردهم إلى قاعدة موحدة تكفل عدم التمييز بينهم من حيث نظم الامتحان التي تقضي إلى ارتقائهم في الدراسة من فرقة إلى فرقة؛ بلوغاً في خاتمتها إلى المؤهل الذي يدفع بهم إلى معترك الحياة، خدمة لوطنهم، وتوظيفاً لما حصلوه من العلوم الطبية في الوقاية والعلاج من الأمراض، وإسهاماً فاعلاً في حركة الإنتاج؛ وما ذلك إلا توكيداً لحقيقة أن التعليم بقدر ما هو حق للفرد على مجتمعه، فإنه - وبذات القدر - أداة هذا المجتمع إلى التقدم والنماء، وإذ لم يلتزم النص الطعين هذه القاعدة، واعتبر الرسوب في غير العلوم الأساسية الطبية قيداً على النجاح والنقل إلى الفرقة الثالثة بكلية الطب جامعة الإسكندرية، دون نظيراتها من كليات الطب بالجامعات الأخرى، متحيفاً الحق في التعليم، ومتنكباً بالتالي الهدف الذي تغياه الدستور من تقريره، ومنتهكاً مبدأ المساواة في هذا الحق، فإنه يكون من ثم مخالفاً لحكم المادتين 18 و40 من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة (ب) من المادة 11 من اللائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة الإسكندرية - مرحلة البكالوريوس - الصادرة بقرار وزير التعليم رقم 1479 في 24/ 9/ 1996، فيما تضمنه من بقاء الطالب للإعادة في الفرقة الثانية وعدم نقله إلى السنة الثالثة إذا رسب في غير العلوم الطبية المقررة في المرحلة الأولى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق