الصفحات

الأحد، 15 أكتوبر 2023

الطعن 17937 لسنة 89 ق جلسة 26 / 2 / 2022

باسم الشعب
محكمــــــــــة النقــــــــــض
الدائرة الجنائية
السبت ( و )
ــــــــــ
المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ نـبــيه زهران نائب رئيس المحـكمة
وعضوية السادة المستشارين/أحـمد الخولي ووائل أنور وأسـامة النجار نواب رئيس المحكمة والمعتز بالله عيسى
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ محمد هانى.
وأمين السر السيد/ محمد مبروك.
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة القاهرة.
فى يوم السبت 25 من رجب سنة 1443 هــ الموافق 26 من فبراير سنة 2022 م.
أصدرت الحكم الآتـى:
فى الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 17937 لسنة 89 القضائية.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة قانوناً:
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان - بمذكرات أسباب طعنيهما الأربع - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة حيازة وإحراز جوهرى " الكوكايين والحشيش" المخدرين بقصد الاتجار فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه القصور فى التسبيب، والفساد فى الاستدلال، كما انطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم حُرر فى صورة غامضة مبهمة وبصيغة عامة معماة، جاء قاصراً فى بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به كافة الظروف التى وقعت فيها، ولم يورد مضمون الأدلة التى عول عليها فى قضائه بالإدانة فى بيان جلى وواضح، وزاد الثانى بأن الحكم لم يستظهر الأركان القانونية للجريمة التى دانه بها - رغم انتفائها - سيما القصد الجنائى، واكتفى فى بيان أقوال شاهدى الإثبات الثانى والثالث بالإحالة إلى ما أورد من أقوال الشاهد الأول رغم اختلاف شهادتهما فضلاً عن أنهما لم يشتركا مع الأول فى إجراء التحريات واقتصر دورهما على المشاركة فى واقعة الضبط، كما تساند إلى إقراره لضابط الواقعة بإحرازه للمخدر المضبوط دون أن يورد مؤداه وصدف عن الدفع ببطلانه لكونه وليد استجواب ومواجهة محظورين على رجل الضبط القضائى، ويضيف الطاعنان بأن حالة التلبس بجريمة إحراز الجوهر المخدر التى أسلست إلى ضبطــهما وتفتيشهما وما أسفر عنه غير متوافرة فى الأوراق سيما وأن القائمين بالضبط لم يدرك أى منهم كنه المادة المخدرة المضبوطة قبل القبض عليهما واختلقوا حالة التلبس فى تصور لا يتفق مع العقل والمنطق - لشواهد عدداها - لإضفاء المشروعية على إجراءاتهم الباطلة وقد تمسك دفاع الطاعن الثانى ببطــلان القبـض والتفتيش لانتفاء تلك الحالة ولافتقارهما إلى السند القانونى - وفق ما أفصحت عنه مدونات الحكم المطعون فيه - إذ إن الطاعن لم يشمله إذن النيابة العامة واستطالة ذلك البطلان إلى تفتيش سيارته الخاصة فضلاً عن عدم سيطرته على مكان الضبط مما ينبئ عن شيوع الاتهام ولم يأبه الحكم بدفاعه فى هذا الخصوص، وزاد الأول بأن المحكمة بنت اقتناعها على أدلة غير يقينية، متخذة من أقوال شهود الإثبات وتقرير المعمل الكيماوى عماداً لقضائها دون بيان وجه استدلالها بهم على نسبة الاتهام للطاعن، وتمسك المدافع عنه ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة لصدوره عن جريمة مستقبلة لم تقع بعد - لقرائن عدة - بيد أنها رفضت الدفع بما لا يؤدى إليه وعلى سند من توافر حالة التلبس وهو ما لا أصل له فى الأوراق، وأشاحت بوجهها عن دفاعه المؤسس على بطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التى سبقته كونها أعدت مكتبياً، وعولت على الدليل المستمد من هذا الإجراء رغم بطلانه وبطلان الآثار المترتبة عليه، كما عولت على أقوال مجريها رغم استطالة ذلك البطلان إليها، وقام دفاعه أيضاً على تناقض رواية الضابط بالتحقيقات عما أثبته بمحضر الضبط، وقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم إجراء معاينة لمكان الضبط، واختلاف وزن الحرز المعروض على النيابة العامة عن ذلك الذى أرسل للمعمل الكيميائى وجرى تحليله، وانتفاء صلته به، وشيوع وكيدية وتلفيق الاتهام، بيد أنها اطرحت بعض هذه الدفوع برد مجمل وقاصر والتفتت عن البعض الآخر، ودون أن تجرى تحقيقاً بشأن دفوعه المار بيانها وصولاً لوجه الحق فى الدعوى، كما لم تحفل بروايته بالتحقيقات رغم دلالتها على براءته، وأضاف الثانى بأنه دفع ببطلان القبض لحصوله خارج الاختصاص المكانى لمصدر الإذن بيد أن المحكمة ردت على هذا الدفع بما لا يصلح رداً ورفضته بغير سبب سائغ ملتفتة عن أقوال شاهد نفى تمعت إليه، وتحت قالة " لم تتبين تفاصيلهما بشكل واضح " اطرحت ما حوته الفلاشة والأسطوانة المدمجة المقدمتين منه تدليلاً على صحة دفعه - وتلك من المسائل الفنية التى خاضت فيها المحكمة - وقعدت عن إجابة طلب عرضهما على خبير فنى من وزارة العدل، بما ينبئ عن أنه قد تولد فى نفس قضاتها الرغبة المسبقة فى إدانته، وبرد قاصر اطرحت دفع الطاعن بتزوير محضر الضبط بدلالة ما ثبت لها من مطالعة دفتر الأحوال، هذا وقد تساند الحكم إلى أدلة غير مقبولة، وجاءت أسبابه متناقضة الأمر الذى ينبئ عن اضطراب صورة الواقعة واختلالها فى ذهن المحكمة، كما التفتت المحكمة عن دفاعه المسطور بحافظة المستندات المقدمة، وأخيراً أعرضت عن طلب تعديل وصف التهمة إلى إحراز بقصد التعاطى وإيداعه إحدى مصحات العلاج طبقاً لما توجبه المادة ٣٧ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل منتهية إلى اعتبار إحرازه للمخدر بقصد الاتجار دون أن تورد تدليلاً سائغاً أو كافياً على توافر هذا القصد مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وأدلتها بياناً كافياً مستوفياً ما أوجبته المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية فى هذا الشأن، فإنه يبرأ مما يدعيه الطاعنان من إجمال وقصور فى هذا البيان، كما أن الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى كافة الأدلة التى عول عليها - فى بيانٍ وافٍ - خلافاً لزعم الطاعنين - يكفى للتدليل على ثبوت الصورة التى اقتنعت بها المحكمة واستقرت فى وجدانها، فإنه ينحسر عنه دعوى إغفال بيان مؤدى الأدلة التى يثيرها الطاعنان، ويكون منعاهما فى هذا الشأن فى غير محله. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية فى حالتى إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجانى بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية وكان القصد الجنائى فى جريمة إحراز وحيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته فى حكمها كافياً فى الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أياً من الطاعن الثانى أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم وكان ما أورده الحكم فى مدوناته كافياً فى الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه فإن ما ينعاه الطاعن الثانى على الحكم من قصور فى هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ولا يؤثر فى هذا النظر اختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم، ذلك بأن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً فى حكمها، وإذ كان الطاعن الثانى لا يجادل فى أن ما نقله الحكم من أقوال الضابطين له أصله الثابت فى الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهم بل إن البين مما أورده فى أسباب طعنه نقلاً عن أقوالهما أنها تتفق فى جملتها مع ما استند إليــه الحكـم منها، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته فى بيان أقوال الشاهدين الثانى والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول ولا يؤثر فيه أن يكون الشاهدان الثانى والثالث لم يشتركا فى إجراء التحريات التى أجراها الشاهد الأول إذ إن مفاد إحالة الحكم فى بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور فى التسبيب. لما كان ذلك، وكان البين من الواقعة كما صار إثباتها فى الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند فى الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات وتقرير المعمل الكيماوى، فإن ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الصدد يكون فى غير محله - ولا يجوز التحدى فى ذلك بما ورد بأقوال الضابط مجرى التحريات - حسبما حصلها الحكم - من أن الطاعن الثانى قد وافق الأول على ما أقر به من تحصله على المواد المخدرة منه وأنه فى سبيله لأن يدفع له المبلغ المالى المضبوط مقابلاً لها، فضلاً عن إقراره باستخدام السيارة الخاصة به قيادته فى نقل وترويج المواد المخدرة - إذ هو لا يعد اعترافاً من الطاعن الثانى بما أُسند إليه - وإنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التى أفصحت عن اطمئنانها إليه فى هذا الشأن. لما كان ذلك، وكانت المادتان 34 ، 35 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلتان بالقانون رقم 73 لسنة 1972 - المتعلق بضمان حريات المواطنين - قد أجازتا لمأمور الضبط القضائى فى أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر أن يقبض على المتهم الحاضر الذى توجد دلائل كافية على اتهامه، فإذا لم يكن حاضراً جاز للمأمور إصدار أمر بضبطه وإحضاره، كما خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم فى الحالات التى يجوز فيها القبض عليه قانوناً، وكان من المقرر أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها مما يبيح للمأمور الذى شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يجرى تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الحال فى الدعوى المطروحة أنه لما توجه الضباط - شهود الإثبات - لضبط الطاعن الأول المأذون بتفتيش شخصه ومسكنه لضبط ما يحرزه أو يحوزه من مواد مخدرة شاهدوا حضور الطاعن الثانى بسيارته الخاصة وما أن وصل - أمام مسكن المأذون بتفتيشه - حتى دلف الطاعن الأول يجاوره بالمقعد الأمامى للسيارة وأمسك بكيس شفاف بداخله جوهر الكوكايين المضبوط ويزناه على ميزان حساس بينهما وبيد الطاعن الثانى كيساً مماثلاً، ومن ثم فقد قامت الدلائل الكافية على مساهمة الطاعن الثانى فى ذات الجريمة، وهو ما يجوز معه لمأمور الضبط القضائى القبض عليه وتفتيشه، ويضحى ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته أن القبض على الطاعن الأول وتفتيشه تم بناء على أمر صادر من النيابة العامة، فلا محل لمناقشة ما يثيره الطاعن بشأن قيام أو انتفاء حالة التلبس بالنسبة لضبط الجوهر المخدر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول فى إدانة الطاعن الثانى على دليل مستمد من تفتيش السيارة المدعى بطلانه، فإنه لا جدوى من النعى على الحكم فى هذا الشأن. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح فى الأوراق واستخلص فى منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعن وكان قضاؤها فى هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت فى وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الافتراض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن الأول، فإن ما يثيره فى هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ من الأدلة ما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه دون إلزام عليها ببيان علة ما ارتأته، وفى اطمئنانها إلى أدلة الإثبات ما يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان ما يثيره الطاعن الأول من نعى على الحكم لعدم إيراده علة اطمئنانه إلى أدلة الإثبات لا يعدو أن يكون جدلاً فى موضوع الدعوى تنأى عنه وظيفة محكمة النقض ومن ثم يكون هذا النعى غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن الأول ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ورد عليه بقوله: " ... فإن البين من الأوراق أن التحريات التى أجراها ضابط الواقعة الرائد/ محمد عياض أفادت بإحراز المتهم الأول للمواد المخدرة وقد تأكد ذلك حين تنفيذ إذن النيابة العامة الصادر فى هذا الشأن بقدوم السيارة قيادة المتهم الثانى وتواجدها بانتظار الأول بواجهة عقاره وقد استوفت جهازها من مواد مخدرة وميزان حساس وبقدوم المذكور أخذ يتفحص المخدر ويقوم بوزنه مما نزل آثاراً عليه وقد أعد لذلك مبلغاً مالياً تجاوز الخمسة عشر ألف جنيه وهى أمور ليست آلية ولا تحدث مصادفة وإنما تأتى بإعداد وترتيب يتراضى زمنه عائلاً فى الماضى الأمر الذى يقطع بحدوث جريمة حيازة المواد المخدرة سابقة على صدور الإذن ... " وكان من المقرر أنه إذا كان الحكم قد استخلص من محضر التحريات أن الطاعن يحوز ويحرز بالفعل مواد مخدرة وقت صدور إذن النيابة العامة بتفتيشه، وكان من المقرر أن القانون لا يشترط عبارات خاصة يصاغ فيها إذن التفتيش، فإن ما خلص إليه الحكم فى رده على دفاع الطاعن الأول بأن الإذن صدر لضبط جريمة وقعت فعلاً من مرتكبها وليس عن جريمة مستقبلة، يكون قد أصاب صحيح القانون، ويكون النعى عليه فى هذا الصدد فى غير محله. كما لا ينال من سلامة الحكم ما استطرد إليه تزيداً فى مجال الرد على الدفع من توافر حالة التلبس بالنسبة للطاعن، وكان لا أثر لما تزيد إليه فى منطقه أو فى النتيجة التى انتهى إليها، فإن ما يثيره الطاعن الأول نعياً على الحكم فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الأول لم يدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التى لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض. ويكون تعويل الحكم على ما أسفر عنه هذا التفتيش وأخذ الطاعن بنتيجته وبشهادة الضابط الذى أجراه صحيحاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شهود الواقعة بما لا تناقض فيه، وكان من المقرر أن تناقض الشاهد وتضاربه فى أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن الأول من تناقض أقوال الشاهد بالتحقيقات عما أثبته بمحضر الضبط - على نحو ما أشار إليه بأسباب طعنه - لا يعدو فى حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير المحكمة للأدلة القائمة فى الدعوى مما لا تجوز مصادرتها فيه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وفى كل شبهة يثيرها والرد على ذلك، مادام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم. ومادامت المحكمة - فى الدعوى الماثلة - قد اطمأنت فى حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شهود الإثبات فلا تثريب عليها إذا هى لم تعرض فى حكمها إلى دفاع الطاعن الأول الموضوعى الذى ما قصد به سوى إثارة الشبهة فى الدليل المستمد من تلك الأقوال. ومن ثم فإن منعى الطاعن الأول على الحكم فى هذا المقام يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الأول لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقص فى تحقيقات النيابة لعدم معاينة مكان الضبط ومن ثم فلا يحل له - من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن فى الحكم، إذ العبرة فى الأحكام هى بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التى تحصل أمام المحكمة، فإن ما يثيره فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الأول دفع باختلاف وزن الحرز المعروض على النيابة العامة عن ذلك الذى أرسل للمعمل الكيميائى وجرى تحليله فلا يقبل منه أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه ذلك من تحقيق موضوعى تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، فضلاً عن أن جدل الطاعن والتشكيك فى انقطاع الصلة بين المادة المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة وتلك التى أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت فى تقرير التحليل من أوزان إن هو إلا جدل فى تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الواقعة بعد أن اطمأنت المحكمة إلى أن ما تم ضبطه هو ما تم تحليله، فإن ما يثيره الطاعن الأول فى هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها وكيديتها - بفرض إثارتهم - وكذا الدفع بانتفاء الصلة بالمضبوطات من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليها من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردها فإن منعى الطاعن الأول فى هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن الأول طلب إجراء تحقيق فى شأن دفوعه المار ذكرها، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يُطلب منها ولم تر هى من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم فى هذا الخصوص قالة الإخلال بحق الدفاع، ويكون النعى فى هذا المنحى غير سديد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها فإنه لا محل لما ينعاه الطاعن الأول بشأن اطراح المحكمة أقواله بتحقيقات النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض لحصوله خارج النطاق المكانى لإذن التفتيش واطرحه فى قوله: " ... خلافاً لما هو ثابت بالأوراق من ضبط المتهمين فى نطاق الاختصاص المكانى لمصدر الإذن على نحو ما شهد به شهود الواقعة وهو ما اطمأنت إليه المحكمة وبات سائغاً بعقيدتها الأمر الذى يصح وجه ذلك الدفع قائماً على غير سند جديراً بالرفض". وكان رد الحكم على دفاع الطاعن الثانى فى هذا الشأن كافياً ويستقيم به ما خلص إليه من اطراحه، فإن منعى الطاعن الثانى فى هذا الشأن يكون فى غير محله. ولا على المحكمة - من بعد - إن هى لم تعرض لقالة شاهد النفى ما دامت لا تثق فيما شهد به وفى قضائها بالإدانة - دلالة على أنها لم تطمئن إليها فاطرحتها، ولا تثريب عليها أيضاً إن التفتت عن الفلاشة والاسطوانة المدمجة المقدمتين منه لما هو مقرر من أن الأدلة فى المواد الجنائية إقناعيه وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفى ولو حملته أوراق رسمية مادام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى اطمأنت إليها من باقى الأدلة فى الدعوى وكان اطمئنان المحكمة إلى حدوث الضبط والتفتيش فى مكان معين هو من المسائل الموضوعية التى تستقل بالفصل فيها ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات واطرحت المستندات التى قدمها الطاعن الثانى وأراد بها التدليل على مكان ضبطه فإن ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك والإصرار عليه فى طلباته الختامية وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثانى وإن أبدى طلب عرض الفلاشة والاسطوانة المدمجة على خبير فنى من وزارة العدل، المشار إليه بأسباب الطعن وذلك بجلسة 25 من أغسطس سنة 2018، إلا أنه بجلسة 27 من نوفمبر سنة 2018 ترافع فى الدعوى منتهياً إلى طلب الحكم ببراءة الطاعن دون أن يصر فى ختام مرافعته على طلب ندب خبير من وزارة العدل سالف الذكر، ومن ثم فإن طلبه ذاك يكون قد افتقد خصائص الطلب الجازم، فلا جناح على المحكمة إن هى لم تستجب إليه أو ترد عليه فى حكمها، ويكون منعى الطاعن الثانى عليها فى هذا الصدد فى غير محله. لما كان ذلك، وكانت حالة الرغبة فى إدانة المحكوم عليه من المسائل الداخلية التى تقوم فى نفس القاضى وتتعلق بشخصه وضميره، وترك المشرع أمر تقيد الإدانة لتقدير القاضى وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الشأن لا يصح أن ينبنى عليه وجه الطعن. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد عرض لدفع الطاعن الثانى بشأن بتزوير محضر الضبط واطرحه فى قوله:- "وحيث إنه عن الدفع بالتزوير المعنوى بمحضر الضبط لعدم إثبات الرائد/ محمود الطيب بدفتر الأحوال فإن ذلك الدفتر هو من الأوراق الإدارية الخاصة بإحدى الجهات الحكومية لتنظيم الأعمال الإدارية والوظيفية بها على نحو معين تكفله لوائح تلك الجهة وقراراتها ومن ثم بشأن خاص لا يطعن على القانون وإذ له الإثبات فى الدعوى والخلل به أو ببياناته لا يمثل سوى قصور إدارى لا يطعن على أدلة الإثبات التى تحصلت من مصادر مشروعة مثبتة الصلة بأوراق تلك الجهة ولوائحها وباتت قاطعة فى أمر ارتكاب الواقعة وصحة إسنادها للمتهمين فلا يصح الاعتداد بالتعليمات فى مقام تطبيق القانون الأمر الذى يكون معه دفاع المتهمين حسبما سلفه قائماً على غير سند من الواقع والقانون جديراً بالرفض" وهو ما يكفى للرد عليه ويسوغ به اطراحه لما هو المقرر أن الطعن بالتزوير فى ورقة من الأوراق المقدمة فى الدعوى هو من وسائل الدفاع التى تخضع لتقدير المحكمة فيجوز لها ألا تحقق بنفسها الطعن بالتزوير وألا تحيله للنيابة العامة لتحقيقه وألا توقف الفصل فى الدعوى الأصلية إذا ما قدرت أن الطعن غير جدى وأن الدلائل عليه واهية، فإن النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر فى عقيدة المحكمة من ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها فى الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلى، فإن ما ينعاه فى هذا الشأن يكون غير سديد. هذا إلى أنه لما كان من المقرر أن العبرة فى المحاكمة الجنائية هى باقتناع القاضى بناء على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه - فيما عدا الأحوال التى قيده القانون فيها بذلك فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أى بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ولا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، كما لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحاً دالاً بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات فإن ما يثيره الطاعن الثانى بشأن الأدلة التى عوَّل عليها الحكم فى إدانته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى العناصر التى استنبطت منها المحكمة معتقدها مما لا تقبل معاودة التصدى له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، والذى من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شئ فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى ثم ساق أدلة الثبوت التى استمد منها عقيدته دون تناقض - علی النحو المبين بمدوناته - فإن ما يثيره الطاعن الثانى من دعوى التناقض فى التسبيب يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن الثانى ودانته بالأدلة السائغة التى أخذت بها وهى على بينة من أمرها فإن مجادلته فى ذلك بدعوى اضطراب صورة الواقعة واختلالها لديها ينطوى على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ينبغى لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن الثانى لم يفصح عن أوجه الدفاع المسطور بحافظة مستنداته المقدمة والتى لم يعرض لها الحكم حتى يتضح مدى أهميتها فى الدعوى، فإن منعاه فى هذا الشأن يكون بدوره غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ولئن كان قصد الإتجار فى المواد المخدرة من الأمور الموضوعية التى تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب إلا أن شرط ذلك أن يكون تقديرها سائغاً تؤدى إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن ضابط الواقعة قام بضبط الطاعنين حال إحرازهما للجوهرين المخدرين دون أن يشاهد عملية بيع أو شراء أحدهما للآخر، ولم تكشف الأوراق أيضاً عن انصراف قصدهما من هذا الإحراز إلى التعاطى أو الاستعمال الشخصى، ومن ثم فقد بات صحيح ما يؤخذ من الوقائع - كما أوردها الحكم المطعون فيه - وفى حدود القدر المتيقن من مدلولها - أن إحراز الطاعنين للجوهرين المخدرين المضبوطين كان بغير قصد من القصود المسماة فى القانون المعاقب عليه بالمادة ٣٨ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون ١٢٢ لسنة ١٩٨٩ فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها. ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعنين بالسجن المؤبد وغرامة مائة ألف جنيه ومصادرة المضبوطات بعد أن عاملهما بالرأفة على نحو ما تقضى به المادة ١٧ من قانون العقوبات، فإن هذه المحكمة - محكمة النقض - وهى تقدر العقوبة تراعى معنى الرأفة الذى أخذت به محكمة الموضوع فتستعمل المادة ١٧ من القانون سالف البيان وفى الحدود التى تسمح بها المادة ٣٦ من القانون رقم ١٨٢ لسنه ١٩٦٠ وتقضى بتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها على الطاعنين هى السجن المشدد لمدة عشر سنوات بالإضافة إلى عقوبتى الغرامة والمصادرة المقضى بهما ورفض الطعن فيما عدا ذلك. ولما كانت هذه المحكمة - محكمة النقض - قد خلصت إلى أن إحراز الطاعنين للجوهرين المخدرين كان مجرداً من القصود المسماة فى القانون - وليس التعاطى أو الاستعمال الشخصى - فإن دعوى الإدمان وتحقق مبرر الإيداع بالمصحة - التى يثيرها الطاعن الثانى - تكون ولا محل لها.
فلهــــــــــذه الأسبــــــــــاب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل العقوبة السالبة للحرية السجن المشدد لمدة عشر سنوات بالإضافة إلى عقوبتى الغرامة والمصادرة المقضى بهما ورفض الطعن فيما عدا ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق