الصفحات

الاثنين، 4 سبتمبر 2023

الطعن 762 لسنة 48 ق جلسة 16 / 3 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 152 ص 828

جلسة 16 من مارس سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ نائب رئيس المحكمة الدكتور مصطفى كيرة. وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، صلاح الدين عبد العظيم، سيد عبد الباقي وحافظ السلمي.

----------------

(152)
الطعن رقم 762 لسنة 48 القضائية

(1) حكم "حجية الحكم" قوة الأمر المقضي.
القضاء النهائي. اكتسابه قوة الأمر المقضي فيما يفصل فيه بصفته صريحة أو ضمنية حتمية. ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
(2) نقل بحري. رسوم جمركية.
وفاء المرسل إليه بكامل الرسوم المستحقة عن الرسالة بما فيها من نقص غير مبرر. لا تبرأ به ذمة الناقل من الالتزام بسداد رسوم هذا العجز. الاستثناء. اتجاه إرادة المرسل إليه عند السداد إلى الوفاء بها من الناقل.
(3) التزام "الوفاء".
الوفاء من الغير المبرئ لذمة المدين. شرطه. أن تتجه إرادته إلى الوفاء بدين غيره.

-----------------
1 - القضاء النهائي لا يكسب قوة الأمر المقضي إلا فيما ثار بين الخصوم من نزاع وفصلت فيه المحكمة بصفة صريحة أو ضمنية حتمية، أما ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل، فلا يمكن أن تكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي, فالحكم الذي لم يتناول إلا البحث في وجود الدين ولم يعرض للوفاء لا يجوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إلى الوفاء.
2 - التزام المرسل إليه بأداء الضريبة الجمركية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مقصوراً على ما يستحق منها على البضائع التي يتم الإفراج عنها بعد مرورها بالدائرة الجمركية إلى داخل البلاد، فإذا أوفى المرسل إليه بكامل الضريبة الجمركية المستحقة على الرسالة المشحونة بما فيها من نقص غير مبرر فإنه يكون قد أوفى بدين غير مستحق عليه بالنسبة للضريبة الخاصة بهذا النقص غير المبرر ومن ثم يجوز له استرداد، ولا تبرأ به ذمة الناقل من الالتزام بأداء تلك الضريبة إلا إذا اتجهت إرادة المرسل إليه عند السداد إلى الوفاء بها عن الناقل.
3 - الوفاء بالدين عن الغير - وعلى ما يبين من نصوص المواد 323 وما بعدها من القانون المدني - لا تبرأ ذمة المدين منه إلا إذا اتجهت إرادة الموفي إلى الوفاء بدين هذا الغير، أما إذا ظن أنه يدفع ديناً على نفسه، فلا يعتبر وفاء لدين غيره بل وفاء لدين غير مستحق فيجوز للموفي المطالبة باسترداده إعمالاً لقاعدة دفع غير المستحق، وإذا خلت الأوراق مما يدل على أن المرسل إليه قد اتجهت إرادته عند السداد إلى الوفاء عن الشركة - المطعون ضدها الناقلة - بالرسوم الجمركية المستحقة عن العجز في الرسالة فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا الوفاء مبرئاً لذمة المطعون ضدها يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر, والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن مصلحة الجمارك الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1405 سنة 1972 تجاري كلي الإسكندرية على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 480 مليم، 699 جنيه وفوائده تأسيساً على أن الباخرة "جورجيوس" التي تمثلها الشركة المطعون ضدها حين وصلت إلى ميناء الإسكندرية يوم 24/ 2/ 1970 وعليها شحنة من الاسبنوس المستورد وجد بها عجز غير مبرر قدره 178 جوالاً تلتزم المطعون ضدها بصفتها بدفع الرسوم عنه تطبيقاً للمادتين 37، 117 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963، وبتاريخ 4/ 2/ 1974 قضت محكمة أول درجة بإجابة الطاعنة إلى طلباتها. استأنفت الشركة المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 114 لسنة 30 ق، وبتاريخ 23/ 2/ 1978 م حكمت محكمة استئناف الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذا عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى في الوجه الأول من سبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم إذ قضى برفض دعوى الطاعنة بإلزام المطعون ضدها بدفع الرسوم الجمركية المستحقة عن العجز موضوع الدعوى قد قضى في الدعوى على خلاف حكم حاز قوة الأمر المقضي في التظلم رقم 22 لسنة 1972 تجاري كلي الإسكندرية الذي قضى بتأييد القرار الصادر من مدير عام جمرك إسكندرية بتغريم المطعون ضدها عن هذا العجز.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن القضاء النهائي لا يكسب قوة الأمر المقضي إلا فيما ثار بين الخصوم من نزاع وفصلت فيه المحكمة بصفة صريحة أو ضمنية حتمية. أما ما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل، فلا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي, فالحكم الذي لم يتناول إلا البحث في وجود الدين ولم يعرض للوفاء لا يجوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إلى الوفاء، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم الصادر في التظلم رقم 22 لسنة 1972 م تجاري كلي إسكندرية حين قرر مسئولية المطعون ضدها عن سداد العجز المطالب به لم يكن الطرفان قد تناقشا في أمر الوفاء به ولا في أن وفاء المرسل إليها كان مبرئاً لذمة المطعون ضدها أم لا ومن ثم فإن ذلك الحكم لا يكون قد قضى بشيء - لا صراحة ولا ضمناً - في أمر الوفاء الذي لم تثره المطعون ضدها إلا بعد صدور الحكم في التظلم، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص في أسبابه إلى أن حجية الحكم الصادر في التظلم قاصرة على ثبوت العجز فقط، وتعرض لواقعة الوفاء بالرسوم وأسس عليها قضاءه المطعون فيه، فإن قضاءه هذا لا ينطوي على مخالفة لقضاء سابق حاز قوة الأمر المقضي ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجهين الثاني والثالث من سبب الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة تأسيساً على أنه ليس لها بعد سداد الرسوم الجمركية كاملة من المرسل إليه أن تعود إلى مطالبة المطعون ضدها بالرسوم المستحقة عن العجز، وإلا فإنها تكون قد حصلت هذه الرسوم مرتين، ذلك أن استيفاء الجمارك لهذه الرسوم عن كامل الرسالة ينقضي به الدين بمقولة أنه لا يهم شخص الموفي ما دام الوفاء قد تم صحيحاً في حين أن أساس استحقاق الرسوم الجمركية استحقاقات الحكم هو الإفراج عن البضاعة من الدائرة الجمركية بعد مرورها إلى داخل لبلاد، والعجز محل النزاع لم يفرج عنه، وقد افترض المشرع تهريبه، وقيام المرسل إليه بسداد الرسوم عن كامل الرسالة بالنسبة للمستحق عن العجز يعتبر دفعاً بغير المستحق يجوز استرداده طبقاً للمادة 182 من القانون المدني إذ لا يقابله إفراج عن بضاعة فلم يتحقق مناط استحقاقه، كما أن الأصل في الوفاء أنه تصرف قانوني لا بد فيه من التراضي على قضاء الدين وأن يصدر هذا الوفاء من ذي أهلية وأن يكون خالياً من عيوب الإرادة، فإذا ما وقع الموفي في غلط واعتقد أنه يوفي ديناً عليه، ولا دين، كان له استرداد ما أوفى عن طريق إبطال هذا التصرف باسترداده ما دفع بغير وجه حق، وإذ كانت الأوراق قد خلت ما يفيد اتفاق المرسل إليه مع مصلحة الجمارك على قيام الأول بسداد الدين المستحق في ذمة المطعون ضدها، فلا يمكن اعتبار الوفاء مبرئاً لذمة الأخيرة. فإذا قضى الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنة دون أن يتحقق مما إذا كان سداد المرسل إليه سداد خاطئاً أو يعد وفاء لدين الغير وما إذا كان المرسل إليه قد استرد ما دفعه فإنه يكون خالف القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن التزام المرسل إليه بأداء الضريبة الجمركية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مقصوراً على ما يستحق منها على البضائع التي يتم الإفراج عنها بعد مرورها بالدائرة الجمركية إلا داخل البلاد، فإذا أوفى المرسل إليه بكامل الضريبة الجمركية المستحقة على الرسالة المشحونة بما فيها من نقص غير مبرر فإنه يكون قد أوفى بدين غير مستحق عليه بالنسبة للضريبة الخاصة بهذا النقص غير المبرر ومن ثم يجوز له استرداد، ولا تبرأ به ذمة الناقل من الالتزام بأداء تلك الضريبة إلا إذا اتجهت إرادة المرسل إليه عند السداد إلى الوفاء بها عن الناقل ذلك أن الوفاء بالدين عن الغير - وعلى ما يبين من نصوص المواد 323 وما بعدها من القانون المدني - لا تبرأ ذمة المدين منه إلا إذا اتجهت إرادة الموفي إلى الوفاء بدين هذا الغير، أما إذا ظن أنه يدفع ديناً على نفسه، فلا يعتبر وفاء لدين غيره بل وفاء لدين غير مستحق فيجوز للموفي المطالبة باسترداده إعمالاً لقاعدة دفع غير المستحق، وإذا خلت الأوراق مما يدل على أن المرسل إليه قد اتجهت إرادته عند السداد إلى الوفاء عن الشركة المطعون ضدها - الناقلة - بالرسوم الجمركية المستحقة عن العجز في الرسالة فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذا الوفاء مبرئاً لذمة المطعون ضدها يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق