الصفحات

السبت، 30 سبتمبر 2023

الطعن 4 لسنة 35 ق جلسة 17 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 112 ص 774

جلسة 17 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

------------------

(112)
الطعن رقم 4 لسنة 35 القضائية

وقف. "التصرف في الأوقاف". "تكييفه". "هيئة التصرفات". "قراراتها". "ماهيتها". "حجيتها". قرارات. "قرارات هيئة التصرفات". دعوى. "شروط قبول الدعوى". قوة الأمر المقضي.
التصرف في الأوقاف بالاستبدال أو بغيره. قضاء فعلي.

--------------
ما يباشره القاضي "هيئة التصرفات" من التصرفات. مقيد بالمصلحة ويدور معها من حيث الصحة والبطلان. سلطة المحكمة القضائية في إعادة النظر في التصرف بدعوى مبتدأة. إبطاله إذا لم يكن فيه خير.
التصرف في الأوقاف بالاستبدال أو بغيره مما هو منصوص عليه في المادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - من قبيل القضاء الفعلي (1) وهو أقرب إلى العمل الولائي منه إلى العمل القضائي يباشره القاضي بما له من الولاية العامة وبصفته ولي من لا ولي له ويحل فيه محل صاحبه الأصلي عند عدم وجوده وهو الواقف، وفعله وتصرفه لا يكون حكماً ولا يسمى قضاء إلا تجوزاً وقد نص الفقهاء على أن ما يباشره القاضي من التصرفات - هيئة التصرفات بالمحكمة - مقيد بالمصلحة ويدور معها من حيث الصحة والبطلان، كما نصوا على أن للقاضي بصفته القضائية - المحكمة القضائية - الذي يرفع إليه هذا التصرف بدعوى مبتدأة أن ينظر فيه وأن يبطله أو يلغيه إذا لم يجد خيراً فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم محمد علي كامل أقام الدعوى رقم 361 سنة 1953 القاهرة الابتدائية الشرعية ضد وزارة الأوقاف يطلب الحكم بمنع تعرضها للمستحقين - وهو منهم - في مال البدل المودع على ذمة وقف السيدتين آمنة خاتون وفاطمة الزهراء بخزانة محكمة القاهرة الشرعية الناتج من استبدال أعيان وقفهما بالنقد مع إلزام الوزارة المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب الإشهاد الصادر من محكمة مصر الكبرى الشرعية في غزة المحرم سنة 1262 هجرية وقفت المرحومتان آمنة خاتون الجورجية وابنتها فاطمة الزهراء عشرة قراريط ونصف من أربعة وعشرين قيراطاً شيوعاً في العقارات المبينة به وجعلتا ثلث ريعها للخيرات والثلثين على نفسيهما بالسوية بينهما ومن بعد وفاة الواقفة الأولى آمنة خاتون تؤول حقها إلى ابنتها الواقفة الثانية ومن بعدها على أولادها ذكوراً وإناثاً بالسوية وبموجب الإشهاد الصادر من محكمة الجيزة الشرعية في الرابع والعشرين من جمادى الثانية سنة 1305 هجرية أدخلت الواقفة فاطمة الزهراء وكلاً من سليمان محمد سليمان ومحبات عتيقه زينب هانم بنت المرحوم محمد علي باشا والي مصر في ثمانية قراريط من ستة عشر قيراطاً من الوقف الأهلي بالسوية بينهما لكل منهما أربعة قراريط ثم توفيت فاطمة من غير ذرية وانحصر ريع الوقف في محمد كامل (المدعي) ومصطفى محمود علوي وعليه سليمان عبد الله وعزيزة بهجت وإسماعيل حمدي وإقبال حمدي وعواطف حمدي ومحمد جوهر وفاطمة جوهر وعبد الرحمن سكر ومصطفى وعبد الشافي وفاطمة ورتيبه أولاد حسنين خفاجي وعبد المنعم محفوظ. وقد نزعت ملكية بعض أعيان الوقف للمنفعة العامة وبتاريخ 29/ 6/ 1926 ضبط إشهاد بمحكمة مصر الشرعية في مادة التصرفات رقم 562 سنة 28/ 1929 بالاستبدال وقدر مال البدل بمبلغ 13400 ج و617 م منه مبلغ 2511 ج و580 م قيمة بدل الجزء من الأرض المحكور من أوقاف الحرمين وقنصوة خمسمائة، العنتبلي التابعة لوزارة الأوقاف مثالثة بين تلك الأوقاف وتضمن هذا الإشهاد أن الجزء الباقي بعد خصم قيمة المحكور للأوقاف الثلاثة جارياً في وقف السيدتين آمنة خاتون وفاطمة الزهراء واشترى بمال البدل المنازل رقم 45 شارع النزهة و3 شارع عبده باشا و14 شارع كومانوس بمصر الجديدة و3 شارع إسكندرية بمصر الجديدة وأصبحت جارية في وقف السيدتين المذكورتين ثم استبدلت أعيان الوقف جميعها بالنقد في المادتين رقم 505 سنة 1950 و505 سنة 1952 تصرفات مصر الشرعية ومن بينها المنزل رقم 28 بشارع الكومي وبموجب الإشهاد الصادر من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 9/ 12/ 1951 في المادتين رقم 485 ورقم 487 سنة 1951 تصرفات تقرر فرز وتجنيب نصيب كل من المستحقين في مال البدل وصار هذا القرار نهائياً وعلى إثر صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بحل الأوقاف على غير الخيرات طلب المستحقون في المادة 704 سنة 1951 صرف أنصبتهم في مال البدل وإذ نازعتهم وزارة الأوقاف في أنصبتهم بحجة أن لها حكراً مترتباً على أعيان الوقف وبتاريخ 17/ 8/ 1953 قررت هيئة التصرفات حفظ المادة حتى يفصل في النزاع قضائياً فقد انتهى المدعي إلى طلب الحكم له بطلباته وأثناء نظر الدعوى توفى المدعي وحل ورثته محله - المطعون عليهما الأولان - وعدلا طلباتهما إلى أحقيتهما في صرف مبلغ 3704 ج و751 م مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة كما أقامت المرحومة عليه سليمان عبد الله مورثة المطعون عليهما الرابع عشر والخامس عشر الدعوى رقم 67 سنة 1954 القاهرة الابتدائية الشرعية ضد وزارة الأوقاف تطلب الحكم بمنع تعرضها لها في حصتها الناتجة من استبدال أعيان الوقف وتقرر بضمها إلى الدعوى رقم 361 سنة 1953 وبعد إلغاء المحاكم الشرعية أحيلتا إلى دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة القاهرة الابتدائية وقيدتا بجدولها تحت رقم 418 سنة 1956 وأقامت وزارة الأوقاف الدعوى رقم 1330 سنة 1957 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد المستحقين تطلب الحكم (أولاً) بإبطال الإشهاد الصادر في 29/ 6/ 1929 والإشهاد الصادر في 31/ 10/ 1950 القاضي باستبدال المنزل رقم 58 شارع الكومي المنصوص فيه على أن الخيرات لها الثلث في مال البدل ولم يخصص للأوقاف صاحبة الرقبة والخلو شيئاً من المبلغ المذكور وكذا القرار الصادر في 9/ 12/ 1951. (ثانياً) الحكم لها بصفتها باستحقاق الأوقاف الثلاثة قنصوه والعنتبلي والحرمين الشريفين لمبلغ 21249 ج و946 م من المبلغ المودع خزانة المحكمة مع عدم التعرض لها في ذلك المبلغ، وقالت شرحاً للدعوى إن لوقف قنصوه خمسمائة أرض محكرة لوقف آمنة خاتون وابنتها فاطمة الزهراء وإن لوقفي الحرمين الشريفين والعنتبلي حق الخلو على بعض أعيان ذلك الوقف وفقاً للثابت بكتابه الصادر في غرة المحرم سنة 1262 هجرية وأن الإشهاد الصادر بتاريخ 29/ 6/ 1929 في المادة 562 سنة 28/ 1929 احتسب نصيب الأوقاف صاحبة الرقبة بحق الثلث بمبلغ 2511 ج و580 م مثالثة بين الأوقاف الثلاثة في حين أن الحكر خاص بوقف قنصوه وحده وفي حين أن مالك الرقبة يستحق كامل ثمن الأرض بعد تحريرها من الحكر كذلك ولم يجعل القرار الصادر بتاريخ 31/ 10/ 1950 باستبدال المنزل رقم 28 شارع الكومي بمبلغ 19000 ج للأوقاف الثلاثة حقاً في مال البدل مع أن وقف قنصوه خمسمائة صاحب الرقبة ولوقفي الحرمين الشريفين والعنتبلي حق الخلو ذلك فضلاً عن مبلغ 78 ج أجرة الحكر والخلو عن المدة من سنة 1932 ومبلغ 4523 ج و925 م قيمة الخيرات المشروطة وتقرر بضم هذه الدعوى إلى القضية رقم 418 سنة 1956 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ولدى نظرها دفع الحاضر عن المرحوم محمد علي كامل بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها وأقامت عواطف أحمد حمدي (المطعون عليها الثانية عشرة) الدعوى رقم 723 سنة 1957 مدني القاهرة الابتدائية ضد وزارة الأوقاف بطلب الحكم بأحقيتها في صرف مبلغ 469 ج و867 م من مال البدل وأقام عبد المنعم نسيم عبد الله والسيد نسيم عبد الله (المطعون عليهما الرابع عشر والخامس عشر) الدعوى رقم 724 سنة 1957 مدني القاهرة الابتدائية ضد وزارة الأوقاف بطلب الحكم بأحقيتهما في صرف مبلغ 1409 ج و602 م قيمة نصيب والدتهما المرحومة علية سليمان عبد الله في مال البدل وتقرر بضم الدعويين 723 و724 سنة 1957 المذكورتين ثم أحيلتا إلى دائرة الأحوال الشخصية وقيدتا برقم 590 سنة 1958 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية وضمت للدعوى رقم 418 سنة 1956 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية وبتاريخ 14 إبريل سنة 1963 حكمت المحكمة حضورياً: (أولاً) برفض الدفع المبدى من المدعى عليهم في الدعوى 1330 سنة 1957 بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 1222 سنة 73 ق استئناف مصر وبنظرها. (ثانياً) برفض الدعوى 1330 سنة 1957 المرفوعة من وزارة الأوقاف وإلزامهما مصروفاتها. (ثالثاً) في الدعوى 418 سنة 1956 والدعوى 724 سنة 1957 مدني كلي القاهرة المضمومة إلى الدعوى 590 سنة 1958 بأحقية السيدة هدى كامل بصرف مبلغ 88 ج و99 م وبأحقية الدكتور علي محمد كامل بصرف مبلغ 616 ج و692 م وبأحقية السيد وعبد المنعم نسيم عبد الله بصرف مبلغ 1409 ج و602 م مناصفة بينهما وذلك من مال البدل المودع خزانة هذه المحكمة على ذمة وقف آمنة خاتون وابنتها فاطمة الزهراء في المادة 505 سنة 1951 تصرفات مصر الشرعية. (رابعاً) في الدعوى 723 سنة 1957 مدني كلي القاهرة المضمومة للدعوى 590 سنة 1958 بأحقية السيدة عواطف أحمد حمدي لصرف مبلغ 469 ج و867 م من مال البدل المودع خزانة هذه المحكمة على ذمة وقف آمنة خاتون في المادة 505 سنة 1951. (خامساً) بإلزام وزارة الأوقاف المصاريف المستحقة على المبالغ المحكوم بصرفها و1500 قرشاً خمسة عشر جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة - ذلك 500 قرش للسيدة هدى كامل والدكتور علي كامل و700 قرش للسيد وعبد المنعم نسيم عبد الله مناصفة و300 قرش للسيدة عواطف أحمد حمدي واستأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها ورفض الدعاوى الأخرى وقيد هذا الاستئناف برقم 70 سنة 80 قضائية وبتاريخ 13/ 12/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وطعنت وزارة الأوقاف في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث لم تحضر الطاعنة ولم تبد دفاعاً وطلب المطعون عليهما الثاني والخامس عشر رفض الطعن ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت فيها قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى الطاعنة وبأحقية بعض المطعون عليهم في صرف مبالغ من مال البدل مستنداً في ذلك إلى أن قرارات هيئة التصرفات تخضع لذات القواعد التي تخضع لها الأحكام ولا يجوز الطعن فيها بالبطلان بدعوى مبتدأة وقد فات وزارة الأوقاف استئناف القرارات المطلوب إبطالها وأصبحت نهائية وحائزة لقوة الشيء المحكوم فيه وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن التصرفات في شئون الأوقاف أقرب إلى العمل الإداري منه إلى العمل القضائي يباشرها القاضي بصفته الولائية - لا القضائية - وما يقرره في خصوصها لا يعتبر حكماً بل هو إثبات أو تصرف على ما جرى به الفقه الحنفي وما نصت عليه المادتان 8 و27 من اللائحة الشرعية والأصل فيها إنها لا تحوز قوة الشيء المحكوم فيه وللقاضي إذا ما رفعت إليه خصومة قضائية بشأنها أن يعيد النظر فيها ويحكم بصحتها أو بطلانها مما يحقق مصلحة الوقف بما له من ولاية عامة عليه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن التصرف في الأوقاف بالاستبدال أو بغيره مما هو منصوص عليه في المادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من قبيل القضاء الفعلي وهو أقرب إلى العمل الولائي منه إلى العمل القضائي يباشره القاضي بما له من الولاية العامة وبصفته ولي من لا ولي له ويحل فيه محل صاحبه الأصلي عند عدم وجوده وهو الواقف وفعله وتصرفه لا يكون حكماً ولا يسمى قضاء إلا تجوزاً. وقد نص الفقهاء على أن ما يباشره القاضي من التصرفات - هيئة التصرفات بالمحكمة - مقيد بالمصلحة ويدور معها من حيث الصحة والبطلان كما نصوا على أن للقاضي بصفته القضائية - المحكمة القضائية - الذي يرفع إليه هذا التصرف بدعوى مبتدأة أن ينظر فيه وأن يبطله أو يلغيه إذا لم يجد خيراً فيه، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن "طلب وزارة الأوقاف الحكم ببطلان قرارات هيئة التصرفات موضوع الاستئناف غير جائز قانوناً بعد أن صدر قرار فيها من محكمة مختصة وبعد أن حاز قوة الشيء المقضى به" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.


(1) نقض 1/ 6/ 1966 - الطعن رقم 9 لسنة 35 ق - أحوال شخصية - السنة 17 ص 1309.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق