الصفحات

الخميس، 21 سبتمبر 2023

الطعن 373 لسنة 54 ق جلسة 5 /6 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 177 ص 862

جلسة 5 من يونيه سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يحيى العموري نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: ماهر قلاده واصف، مصطفى زعزوع، حسين علي حسين وحمدي محمد علي.

-----------------

(177)
الطعن رقم 373 لسنة 54 القضائية

(1 - 2) عقد. "العقود الإدارية". حكم "الحكم بعدم الاختصاص".
(1) العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد. مناط اعتبارها عقوداً إدارية. تضمين العقد المبرم بين مديرية التربية والتعليم وبين المطعون ضده الأول شروطاً استثنائية غير مألوفة أثره. اعتباره عقداً إدارياً ينعقد الاختصاص لنظره لجهة القضاء الإداري.
(2) القضاء ينقض الحكم لمخالفته قواعد الاختصاص - عدم صحة الإحالة في هذه الحالة والاقتصار فقط على الفصل في مسألة الاختصاص. (م 269/ 1 مرافعات).

------------------
1 - لئن كان القانون لم يعرف العقود الإدارية ولم يبين خصائصها التي تميزها عن غيرها من العقود التي يهتدي بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها وصيانتها من تعرض المحاكم لها بالتعطيل أو بالتأويل إلا أن إعطاء العقود التي تبرمها جهة الإدارة وصفها القانوني الصحيح باعتبارها عقوداً إدارية أو مدنية إنما يتم على هدى ما يجرى تحصيله منها ويكون مطابقاً للمحكمة من إبرامها. لما كان ذلك وكانت العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تعتبر عقوداً إدارية إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام أو بتنظيمه وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ بشأنها بأسلوب القانون العام وأحكامه واقتضاء حقوقها بطريق التنفيذ المباشر وذلك بتضمين العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة بمنأى عن أسلوب القانون الخاص، أو تحيل. فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها.
2 - لما كانت المحكمة قد انتهت إلى القضاء بنقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص ومن ثم فإنها تقتصر على الفصل في مسألة الاختصاص دون الإحالة إعمالاً لصحيح نص المادة 269/ 1 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى 4021 سنة 79 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنين بصفتيهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 2072 ج والفوائد القانونية، وقال بياناً لها إنه بتاريخ 1/ 10/ 1972 تحرر بينه وبين الطاعن الأول بصفته اتفاقاً شغل بمقتضاه الأخير بصفته عدداً من الفصول الدراسية كاملة التجهيز، بمباني المدرستين الخاصتين المملوكتين له مقابل 25% من قيمة المعونة السنوية المقررة للفصول وبعد أن قام الطاعن الأول بصفته بتنفيذ هذا الاتفاق بدفع جزء من هذه المبالغ توقف عن دفع الباقي دون سند من القانون فأقام الدعوى، قضت محكمة الدرجة الأولى بإلزام الطاعنين بصفتيهما بأن يدفعا للمطعون ضده الأول مبلغ 2016 ج والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 465 سنة 100 ق القاهرة ودفعا بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وبتاريخ 15/ 12/ 1983 حكمت محكمة الاستئناف برفض الدفع وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنان بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إنهما دفعا أمام محكمة الاستئناف بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى أن العقد موضوع الدعوى من العقود الإدارية لتضمنه شروطاً استثنائية غير مألوفة تكشف عن نية الإدارة في اختيار وسائل القانون العام من ذلك ما جاء بمقدمته من أنه عقد اتفاق تنفيذاً للنشرة العامة رقم 181 سنة 68 بما يعني أن مديرية التربية والتعليم قد أحالت في شروط ذلك العقد إلى اللوائح الخاصة بها فضلاً عما تضمنه البند الرابع منه من أن للطرف الثاني - الطاعن الأول - الحق في الاستغناء عن شغل المدرستين في أي وقت دون إبداء أية أسباب وما تضمنه البند الخاص من أنه ليس للطرف الأول - المطعون ضده الأول - الرجوع على الطرف الثاني في حالة الاستغناء عن هذه الفصول بأية صورة من الصور ومن ثم فإن دعوى المطعون ضده الأول تعد من المنازعات الناشئة عن تنفيذ هذا العقد وبالتالي تخرج عن ولاية جهة القضاء العادي وتدخل في اختصاص جهة القضاء الإداري فإذا خلص الحكم المطعون فيه إلى أن العقد موضوع الدعوى من عقود القانون الخاص لخلوه من الشروط الاستثنائية الغير مألوفة ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن القانون وإن لم يعرف العقود الإدارية ولم يبين خصائصها التي تميزها عن غيرها من العقود والتي يهتدي بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها وصيانتها من تعرض المحاكم لها بالتعطيل أو بالتأويل إلا أن إعطاء العقود التي تبرمها جهة الإدارة وصفها القانوني الصحيح باعتبارها عقوداً إدارية أو مدنية إنما يتم على هدى ما تجرى تحصيله منها ويكون مطابقاً للحكمة من إبرامها، لما كان ذلك وكانت العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تعتبر عقوداً إدارية إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام أو بتنظيمه وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ بشأنها بأسلوب القانون العام وأحكامه واقتضاء حقوقها بطريق التنفيذ المباشر وذلك بتضمين العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة بمنأى عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق بشأن العقد المؤرخ 1/ 10/ 1972 موضوع الدعوى المبرم بين مديرية التربية والتعليم "الطاعنة" - وهي إحدى أشخاص القانون العام - وبين المطعون ضده الأول قد تعلق بتسيير مرفق عام هو مرفق التعليم وقد أظهرت جهة الإدارة منه نيتها في الأخذ في شأنه بأسلوب القانون العام وأحكامه وذلك بتضمين العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة تنأى عن أسلوب القانون الخاص بأن نص فيه على أن لتلك المديرية حق الاستغناء عن شغل المدرستين في أي وقت ودون إبداء أسباب، وعلى أنه ليس للمتعاقد معها الرجوع عليها في حالة الاستغناء عن تلك الفصول بأية صورة من الصور كما عنون هذا العقد بأنه تنفيذاً للنشرة العامة رقم 181 سنة 1968 مما مفاده أن مديرية التربية والتعليم قد أحالت في تنفيذ شروط هذا العقد إلى اللوائح الخاصة بها والتي تغاير القواعد المتعارف عليها في أحكام القانون الخاص ويترتب على ذلك اعتبار العقد موضوع الدعوى عقداً إدارياً تخضع لأحكام القانون العام فيكون المنازعة المطروحة هي من المنازعات الناشئة عن تنفيذ هذا العقد ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظرها لجهة القضاء الإداري، لما كان ذلك، كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي على سند من خلو هذا العقد من الشروط الاستثنائية غير المألوفة التي تنبئ عن استغلال جهة الإدارة لسلطتها العامة وأنه في حقيقته عقد انتفاع بمقابل يخضع للقانون الخاص يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما كانت المحكمة قد انتهت إلى القضاء بنقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص ومن ثم فإنها تقتصر على الفصل في مسألة الاختصاص - على النحو الذي سلف بيانه - دون الإحالة إعمالاً لصحيح نص المادة 269/ 1 من قانون المرافعات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق