الصفحات

الخميس، 31 أغسطس 2023

الطعن 742 لسنة 46 ق جلسة 10 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 91 ص 468

جلسة 10 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: محمد صدقي العصار. وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، علي السعدني، عبد المنعم بركة وأحمد شلبي.

---------------

(91)
الطعن رقم 742 لسنة 46 القضائية

(1) عقد "فسخ العقد". إيجار. مسئولية.
فسخ عقد الإيجار. ليس له أثر رجعي. رجوع أحد الطرفين - بعد فسخ العقد - على الآخر بإدعاء عدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد خلال المدة التي انقضت قبل فسخه. إعمال قواعد المسئولية التقصيرية دون العقدية. خطأ.
(2) إيجار "التزامات المؤجر". نظام عام.
التزام المؤجر بتهيئة العين المؤجرة للانتفاع الذي أجرت له. غير متعلق بالنظام العام. جواز الاتفاق على ما يخالفه.

-------------------
1 - من المقرر أن فسخ عقد الإيجار اتفاقاً أو قضاء - بعد البدء في تنفيذه - وخلافاً للقواعد العامة لا يكون له أثر رجعي؛ إذ يعتبر العقد مفسوخاً من وقت الاتفاق عليه أو الحكم النهائي بفسخه، لأن طبيعة العقود الزمنية ومنها عقد الإيجار تستعصي على هذا الأثر ويبقى عقد الإيجار بالنسبة للمدة التي انقضت من قبل قائماً بحكم العلاقة بين الطرفين في شأن إدعاء أي منهما قبل الآخر بعدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن هذا العقد خلال تلك المدة باعتبار أن أحكام العقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي وحدها التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه، فلا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية, لأن في ذلك إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عن عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على أن تعديل طلبات المطعون عليه يعتبر منه تسليماً بفسخ عقد الإيجار موضوع الدعوى ورتب على ذلك إعماله قواعد المسئولية التقصيرية بدلاً من قواعد المسئولية العقدية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - التزام المؤجر في المادة 564 من القانون المدني بتهيئة العين المؤجرة للانتفاع الذي أجرت له ليس من قبيل القواعد الآمرة المتصلة بالنظام العام وإنما هو من قبيل القواعد المفسرة لإرادة المتعاقدين، فيجوز لهما الاتفاق على ما يخالفه بالتشديد أو التخفيف في مدى التزام المؤجر بشأن أعمال الإصلاحات اللازمة لإعداد العين للغرض الذي أجرت من أجله، ويجوز أن يصل التخفيف إلى حد أن يقبل المستأجر استلام العين بالحالة التي كانت عليها وقت العقد، وأن مثل هذا الاتفاق متى كان قاطعاً في الدلالة على اتجاه نية المتعاقدين إلى تعديل أحكام التزام المؤجر الواردة في المادة 564 من القانون المدني، فإنه يكون واجب الإعمال دون نص المادة المذكورة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه, وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1239 لسنة 1970 مدني مصر الجديدة ضد الطاعنين بطلب التصريح له بإجراء الأعمال الموضحة بصحيفة الدعوى بالجراج المؤجر له من الطاعنة الأولى مع الإذن له بخصم قيمة تكاليفها من الأجرة المستحقة حالياً ومستقبلاً.. وقال في بيان دعواه إنه استأجر الجراج المذكور من الشركة الطاعنة بعقد إيجار تاريخه 20 فبراير سنة 1969 ولما تقدم لاستخراج التراخيص الإدارية اللازمة لاستغلاله رفض طلبه لعدم استيفاء الجراج للاشتراطات القانونية إذ لزم فتح باب ثان له وتخفيض مستوى أرضه طبقاً للوائح والتعليمات.. فأخطر الشركة لإجرائها ولكنها لم تقم بتنفيذها، فأقام دعواه بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 25 يونيه سنة 1971 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لاختصاصها بها قيمياً، فقيدت بجدولها برقم 2676 سنة 1971 مدني شمال القاهرة الابتدائية. وإذ استصدرت الشركة الطاعنة حكماً بطرده من العين المؤجرة وتنفيذ هذا الحكم عدل المطعون عليه طلباته إلى طلب الحكم بإلزام الطاعنتين متضامنتين بأن تدفعا له مبلغ 251 ج تعويضاً مؤقتاً عن حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة حتى تاريخ تنفيذ حكم الطرد وما أصابه بسبب ذلك من أضرار، وبتاريخ 25 نوفمبر سنة 1974 حكمت المحكمة بإلزام الشركة الطاعنة الأولى بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 251 ج. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 55 سنة 92 ق مدني، وبتاريخ 9 مايو سنة 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال من ثلاثة وجوه، ذلك أنه قضى بتأييد الحكم المستأنف بإلزام الشركة الطاعنة بالتعويض استناداً إلى قواعد المسئولية التقصيرية، وأغفل الرد على دفاعها بالتمسك بما ورد في البندين الأول والرابع عشر من عقد الإيجار من أن المطعون عليه قبل العين المؤجرة بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد والتزامه بالقيام بما يتطلبه استغلالها كجراج من إصلاحات على نفقته دون مطالبة الشركة الطاعنة بأي مبلغ، وهو اتفاق صحيح يتعين إعماله، وانتهى رغم وجود هذا الاتفاق في عقد الإيجار إلى أن مطالبة الشركة للمطعون عليه بالأجرة من بدء عقد الإيجار واستصدار حكم من القضاء المستعجل بطرده منها لعدم سداد تلك الأجرة يعتبر منها تعسفاً قبل المطعون عليه في حين أن العلاقة بين الطرفين يحكمها عقد الإيجار، وهو الذي يحدد التزامات الطرفين، ويجري في نطاقه بحث ما إذا كان كل منهما قد التزام بها أم أنه أخل بها وخرج عليها، مما كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه أن يلتزم بأحكام المسئولية العقدية والرجوع إلى البندين الأول والرابع عشر بشأن الاتفاق على تخفيف التزام الشركة بتسليم العين المؤجرة عند بدء عقد الإيجار، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه عيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان من المقرر أن فسخ عقد الإيجار اتفاقاً أو قضاء - بعد البدء في تنفيذه - وخلافاً للقواعد العامة لا يكون له أثر رجعي, إذ يعتبر العقد مفسوخاً من وقت الاتفاق عليه أو الحكم النهائي بفسخه، لأن طبيعة العقود الزمنية ومنها عقد الإيجار تستعصى على هذا الأثر ويبقى عقد الإيجار بالنسبة للمدة التي انقضت من قبل فسخه قائماً بحكم العلاقة بين الطرفين في شأن إدعاء أي منهما قبل الآخر بعدم تنفيذ التزاماته الناشئة عن هذا العقد خلال تلك المدة, باعتبار أن أحكام العقد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي وحدها التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه، فلا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية؛ لأن في ذلك إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عن عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له, وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التزام المؤجر في المادة 564 من القانون المدني بتهيئة العين المؤجرة للانتفاع الذي أجرت له ليس من قبيل القواعد الآمرة المتصلة بالنظام العام وإنما هو من قبيل القواعد المفسرة لإرادة المتعاقدين، فيجوز لهما الاتفاق على ما يخالفه بالتشديد أو التخفيف في مدى التزام المؤجر بشأن أعمال الإصلاحات اللازمة لإعداد العين للغرض الذي أجرت من أجله، ويجوز أن يصل التخفيف إلى حد أن يقبل المستأجر استلام العين بالحالة التي كانت عليها وقت العقد، وأن مثل هذا الاتفاق متى كان قاطعاً في الدلالة على اتجاه نية العاقدين إلى تعديل التزام المؤجر الواردة في المادة 564 من القانون المدني، فإنه يكون واجب الإعمال دون نص المادة المذكورة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وأقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف على أن تعديل طلبات المطعون عليه يعتبر منه تسليماً بفسخ عقد الإيجار موضوع الدعوى ورتب على ذلك إعماله قواعد المسئولية التقصيرية بدلاً من قواعد المسئولية العقدية وانتهى إلى ثبوت الخطأ التقصيري في حق الشركة الطاعنة تأسيساً على أنها سلكت قبل المطعون عليه مسلكاً تعسفياً بمطالبته بالأجرة من بدء عقد الإيجار، واستصدرت ضده حكماً من القضاء المستعجل بطرده من العين المؤجرة رغم أنها لم تسلمها له صالحة للانتفاع بها في الغرض الذي أجرت من أجله مع التزامها بذلك تبعاً لأن هذا الغرض من الإيجار كان مرعياً عند التعاقد، وهو من المحكمة خطأ في تطبيق القانون، وقد حجبها هذا الخطأ عن التعرض لدفاع الشركة الطاعنة الذي تمسكت به في صحيفة الاستئناف وهو يقوم على تمسكها بنص البندين الأول والرابع عشر من عقد الإيجار آنف البيان على قبول المطعون عليه استلام العين المؤجرة بالحالة التي كانت عليها وقت إبرام العقد وتعهده بعمل الإصلاحات اللازمة لاستغلالها كجراج على نفقته الخاصة دون مطالبة الشركة الطاعنة بأي مبلغ مستندة في ذلك إلى عقد الإيجار الذي قدمته أمام محكمة الاستئناف، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور وفساد الاستدلال بما يستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق