الصفحات

الثلاثاء، 1 أغسطس 2023

الطعن 2233 لسنة 51 ق جلسة 21 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 177 ص 984

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فوده، محمد لطفي السيد، ومحمد لبيب الخضري.

-------------------

(177)
الطعن رقم 2233 لسنة 51 القضائية

(1) حكم. "حجية الحكم الجنائي". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم الصادر في الدعوى الجنائية أمام المحكمة المدنية. شرطه.
(2، 3) محكمة الموضوع. "تقدير الدليل". حكم. "عيوب التدليل". "ما لا يعد قصوراً". نقض. "السبب الموضوعي".
(2، 3) محكمة الموضوع. سلطتها في فهم ما يحتويه المستند وتقدير ما يصلح منه الاستدلال به قانوناً. لا معقب عليها في ذلك من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً.
(4) حق. "إساءة استعمال الحق". ملكية. مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
استعمال حق الملكية. وجوب أن يكون في حدود القوانين واللوائح. الإخلال بذلك. خطأ يستوجب المسئولية التقصيرية. مثال لاستعمال خاطئ لحق ارتفاق.
(5) حكم. "تسبيب الحكم".
إقامة الحكم قضاءه على ما يكفي لحمله فيه الرد الضمني المسقط لما أثاره الطاعن من دفاع وحجج.

-------------------
1 - من المقرر أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان فصله لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية.
2 - فهم ما يحتويه المستند من إطلاقات محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً وتقدير ذلك مما يصلح للاستدلال به قانوناً من سلطتها المطلقة بلا معقب عليها من النقض.
3 - مؤدى نص المادة 806 من القانون المدني أن حق الملكية ليس حقاً مطلقاً وأن المالك في استعماله إياه يجب أن يعمل في حدود القوانين واللوائح فإذا أخل بأي التزام فرضته عليه هذه القوانين واللوائح كان الإخلال بهذا الالتزام خطأ يستوجب المسئولية التقصيرية ومن ثم فإن الجار الذي يخالف القيود القانونية يرتكب خطأ، فإذا ترتب على خطئه هذا الضرر للجار فإنه يلتزم بتعويض الجار عن هذا الضرر مهما ضئول ويستوي في ذلك أن يكون الضرر مادياً أصاب الجار في مصلحة مالية أو أدبياً أصاب الجار في معنوياته ومنها شعوره بالاعتداء على حق له.
4 - إذ كان الحكم حمل قضاءه على ما يكفي لحمله فلا عليه إذا لم يكن قد رد صراحة على دفاع الطاعن لأنه بما أورده من أسباب يكون قد رد على دفاعه وأسقط حججه ضمناً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 435 سنة 1979 مدني مركز الجيزة على الطاعن بطلب الحكم بإزالة الدكان الذي قام الطاعن ببنائه، وقال بياناً لها إن الطاعن أقام هذا الدكان على المساحة المقرر تركها فضاء بين عقاريهما ومحكمة مركز الجيزة الجزئية أحالت الدعوى إلى محكمة الجيزة الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 7113 سنة 1979 مدني كلي الجيزة. وفي 13/ 1/ 1980 قضت المحكمة بندب خبير في الدعوى لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 28/ 12/ 1980 بإزالة البناء، استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 973 سنة 98 ق. وبجلسة 17/ 6/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة وتحدد لنظره جلسة 17/ 10/ 1982 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى في الشق الأول - السبب الأول - من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الصادر في الجنحة رقم 5944 سنة 1978 بولاق الدكرور بتغريم الطاعن لإقامته بناء بدون ترخيص له حجيته أمام القضاء المدني في أن الطاعن أقام البناء دن مخالفة لأي شرط من الشروط القانونية للبناء وهذه الحجية لم يعملها الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر أن الحكم الجنائي تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان فصله لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية، ولما كانت أحقية الطاعن في إقامة البناء على المساحة الفضاء المتروكة قانوناً بين عقاره وعقار المطعون ضده ومدى حق الأخير في طلب إزالتها غير ضرورية ولا لازمة للفصل في تهمة البناء بدون ترخيص التي كانت محلاً لتلك الجنحة فإن الحكم الجنائي لا يحوز حجية فيها أمام المحكمة المدنية، وإذ كان ذلك فإن النعي بهذا الشق يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده أشار في دفاعه إلى أن حق الارتفاق يستند إلى حكم المادة 1018 من القانون المدني في حين أن الحالة المعروضة خاصة بقيد قانوني وقد جاءت الشهادة الإدارية المقدمة من المطعون ضده خالية من بيان القانون الذي يستند إليه فضلاً عن اصطدامها بالحكم الجنائي الصادر في الجنحة السالفة البيان.
وحيث إن هذا النعي غير سديد في شقه الأول ذلك أن العبرة هي بما يستخلصه الحكم من واقع الدعوى وبما يطبقه على هذا الواقع من أحكام القانون وإذ لم يأخذ الحكم بما أشار إليه الطاعن في نعيه فإن هذا النعي لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه، كما أن النعي في شقه الثاني مردود ذلك أن فهم ما يحتويه المستند من إطلاقات محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغاً وتقرير ذلك فيما يصلح للاستدلال به قانوناً من سلطتها المطلقة بلا معقب عليها من النقض والعبرة هي بأن يكون ما استخلصه الحكم من المستند واعتمد عليه في قضائه موافقاً للقانون ولا يعيب المستند إغفاله لإشارة إلى رقم القانون ووصفه - لما كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد على الشهادة الإدارية الصادرة من مجلس المدينة في التحقق من شرط من الشروط القانونية للمباني وهي جهة مختصة بذلك وقد استخلص الحكم ذلك الشرط من الشهادة المنسوبة إليها استخلاصاً سائغاً وحكم على مقتضاه ولا مخالفة فيه للقانون على ما سيأتي في الرد على أسباب الطعن الأخرى ومن ثم فإن النعي غير منتج ويتعين عدم قبوله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الثاني من السبب الأول وبالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده لا حق له في طلب إزالة البناء لأن عقده لا يخوله حق ارتفاق على الأرض التي أقيم عليها البناء يمنع من إقامته عليها ولا وجود لقانون به قيود تمنع من ذلك فالقرار الوزاري رقم 563 سنة 1955 الصادر تنفيذاً للقانون رقم 656 سنة 1954 ألغي مع القانون المذكور بالقانون رقم 45 سنة 1962 الذي ألغي القانون 656 سنة 1954 صراحة كما ألغي القانون رقم 45 لسنة 1963 بالقانون رقم 106 لسنة 1976 وأصبحت الجهة التي أقيم عليها البناء المتنازع عليه مكتظة بالمصانع والمقاهي والمحلات العامة، ومع ذلك فإن وجود قيود قانونية لا يخول المطعون ضده حقاً في طلب إزالة البناء إذ هي مجرد التزامات قانونية يشترط لمسئولية الطاعن عن مخالفتها أن يترتب عليها ضرر للمطعون ضده ولا يصلح لتحديد هذا الضرر قول الحكم المطعون فيه عبارة عامة أن مجرد إقامة البناء على وجه مخالفاً للقانون والشكل وحده ضرراًُ أو أن في ذلك مساساً بالناحية الصحية والجمالية لأنه قول مرسل، كما أن مسئولية الجار عن الغلو في استعمال حقوقه تقتضي تحديد نوع الغلو وتحديد الضرر الناشئ عنه وأن يكون هذا الضرر غير مألوف، وقد خلا الحكم المطعون فيه من بيان ذلك كما لم يبين الأساس القانوني الذي استند إليه وقد أبدى الطاعن دفاعه أمام محكمة الاستئناف على النحو المتقدم البيان فلم يرد عليه الحكم المطعون فيه فيكون قد طبق القانون تطبيقياً غير صحيح وشابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع يقتضى نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المادة 806 من القانون المدني تنص على أن "على المالك أن يراعي في استعمال حقه ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة" ويؤدي ذلك أن حق الملكية ليس حقاً مطلقاً وأن المالك في استعماله إياه يجب أن يعمل في حدود القوانين واللوائح، فإذا أخل بأي التزام فرضته عليه هذه القوانين واللوائح كان الإخلال بهذا الالتزام خطأ يستوجب المسئولية التقصيرية ومن ثم فإن الجار الذي يخالف القيود القانونية يرتكب خطأ فإذا ترتب على خطئه هذا ضرر للجار فإنه يلتزم بتعويض الجار عن هذا الضرر مهما ضئول ويستوي في ذلك أن يكون الضرر مادياً أصاب الجار في مصلحة مالية أو أدبياً أصاب الجار في معنوياته ومنها شعوره بالاعتداء على حق له - لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن منزل الطاعن أقيم في سنة 60 في ظل سريان القانون رقم 656 سنة 1954 بتنظيم المباني ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 563 سنة 1955 وترك الطاعن عند إنشائه المسافة القانونية ثلاثة أمتار أرضاً فضاء بين أرضه وأرض جاره المطعون ضده الذي ترك بدوره مسافة مماثلة من أرضه وكان القانون رقم 45 لسنة 1962 بتنظيم المباني الذي ألغى القانون رقم 656 سنة 1954 وحل محله قد نص في المادة 11 منه على أنه "لا يجوز إقامة بناء إلا إذا كان مطابقاً للأصول الفنية والمواصفات العامة ومقتضيات الأمن والقواعد الصحية التي تبين بقرار من وزير الإسكان والمرافق"، وقد صدر تنفيذاً له قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 169 سنة 1962 الذي خولت المادة 26 منه مجلس المحافظة المختص في شوارع أو مناطق يحددها وبقرارات تصدر منه تحديد مسافات تترك بين البناء وحدود الأرض بالقدر الذي يراه وكذلك الشأن بالنسبة للقانون رقم 106 لسنة 1976 بما نص عليه في مادته الرابعة وقد أفادت إدارة التنظيم بحي غرب التابع لمجلس مدينة الجيزة أن من شروط المباني ترك ثلاثة أمتار من حق الملكية للجار، وقد استدل الحكم المطعون فيه من ذلك على استمرار القيد الذي كان منصوصاً عليه في القرار الوزاري رقم 563 سنة 1955 ومن ثم فإن الطاعن لا يستفيد من إلغاء القرار المذكور بالقانون اللاحق إذ يبقى ذلك القرار سارياً على الوقائع التي نشأت في ظله وهي بقاء منزل الطاعن على حالة وقت إنشائه في سنة 1960 طالما أن القوانين اللاحقة لم تغير من الأحكام التي كان منصوصاً عليها فيه بما يطلق يد الطاعن في مخالفتها، وإنما أقرها بذاتها فلا تزال سارية ويتعين تطبيقها - وإذ كان ذلك - وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بما أحال عليه من أسباب الحكم المستأنف التي تضمنت أن الطاعن أقام الدكان موضوع النزاع على المسافة القانونية المفروض تركها فضاء وبما جاء في أسبابه من أن مجرد البناء على وجه مخالف لقانون يشكل وحده ضرراً إلا أن فيه مساساً بالناحية الصحية والجمالية التي من أجلها أصلاً شرع ترك المسافات بين العقارات المختلفة وكانت القيود القانونية التي توجب ترك مسافة ثلاثة أمتار بين البناء وحدد لأرض التي أقيم عليها من شأنها أن تحمل المساحة المتروكة ارتفاقاً إدارياً بعدم البناء عليها يفيد منه الجار نوراً وهواء ومنظراً جميلاً، ولا شك في أن إشغال هذا الفضاء ببناء على خلاف القيد القانوني يحرم الجار من كل ذلك ويقلل من قيمة عقاره المجاور ومن قيمة الانتفاع به فيضر بمصلحة مالية له فضلاً عن أن حرمانه من هذه المزايا يؤذي شعوره، ولا يقدح في ذلك إقامة مصانع ومقاهي ومحلات أخرى على خلاف القانون إذ بحسب الحكم أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها ويستخلص منها عناصر المسئولية من خطأ وضرر وعلاقة سببيه بينهما ثم يقضي للمضرور بالتعويض الذي يراه مناسباً فيكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً وحمل قضاءه على ما يكفي لحمله ولا عليه إذا لم يكن قد رد صراحة على دفاع الطاعن لأنه بما أورده من أسباب تكفي لحمل قضائه يكن قد رد على دفاع الطاعن وأسقط حججه ضمناً ويكون النعي عليه برمته على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق