الصفحات

الثلاثاء، 1 أغسطس 2023

الطعن 150 لسنة 13 ق جلسة 20 / 5 / 1972 إدارية عليا مكتب فني 17 ج 2 ق 69 ص 475

جلسة 20 من مايو سنة 1972

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي وأحمد فؤاد أبو العيون ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

-------------------

(69)

القضية رقم 150 لسنة 13 القضائية

(أ) عقد إداري "تعهد بالتدريس".
إثبات مرض الطالب المسقط للالتزام - يتعين أن يكون وفقاً للقواعد التي قررها المشرع في هذا الصدد - لا يجوز الاعتداد في هذا المجال بشهادة مرضية مقدمة من طبيب خاص - أساس ذلك.
(ب) عقد إداري "تعهد بالتدريس" - محافظات.
تعهد الطالب بمواصلة الدراسة في معهد معين بمحافظة معينة - انقطاعه عن الدراسية بهذا المعهد - يعتبر إخلالاً بتعهده ولو التحق بمعهد مماثل في محافظة أخرى أساس ذلك.

--------------------------
سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن مجلس الوزراء وافق في 18 من يوليه سنة 1955 على قواعد معينة للالتحاق ببعض المعاهد التي تلتزم الحكومة بتعيين خريجيها حتى لا يعاد الكشف الطبي عليهم عند التعيين، ومن مقتضى هذه القواعد أن يخضع هؤلاء في أجازاتهم المرضية وتقرير لياقتهم للاستمرار في الدراسة للقوانين والتعليمات المنظمة لشئون الموظفين، ومتى كان الأمر كذلك وكانت تلك القواعد بمثابة لائحة عامة تنظيمية متعلقة بحسن سير مرفق عام فإنه لا مناص من اتباعها دون حاجة للنص عليها صراحة في العقد الإداري المبرم بين من يلتحقون بهذه المعاهد والحكومة، ومن ثم فإنه يتعين عليهم أن يتبعوا الإجراءات المنصوص عليها - فيما يتعلق بالكشف الطبي والأجازات المرضية - في القوانين والتعليمات المنظمة لشئون الموظفين، وعلى ذلك فإنه لا يجوز قبول شهادة مرضية لإثبات المرض صادرة على خلاف ما رسمه القانون، ذلك أنه وإن كان المرض واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة الطرف إلا أنه متى وضع المشرع قواعد للإثبات تعين اتباعها، فلا يجوز إثبات المرض بالشهادة المرضية قانوناً، كما لا يجوز لهذا السبب الاعتداد بها في مجال تقدير العذر المعفى للالتزام، ومؤدى ذلك أنه ما كان يجوز التعويل على الشهادة المرضية المقدمة من المدعى عليهما لإثبات مرض المدعى عليه الأول لأنها صادرة من طبيب خاص على خلاف ما رسمه القانون، وبالتالي فإنه لا يمكن قبول عذر المرض في تبرير انقطاع المدعى عليه المذكور عن مواصلة الدراسة.
2 - أن تعهد المدعى عليهما لم يكن - حسبما يبين من عباراته - بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة لخدمة مرفق التعليم بعد تخرجه، وإنما مواصلة الدراسة بدار المعلمين بشبين الكوم لخدمة مرفق التعليم بها، إذ أن لكل محافظة شخصيتها المعنوية المستقلة وميزانيتها الخاصة بها، ومن ثم فلا يمكن مسايرة الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن انتظام المدعى عليه الأول في الدراسة بكفر الشيخ يسقط عنه التزامه بمواصلة الدراسة بشبين الكوم، وما انتهى إليه ترتيباً على ذلك من أنه ليس هناك ثمة مخالفة لتعهد المدعى عليهما الصريح بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة بشبين الكوم لخدمة مرفق التعليم بها, إذا انقطع عن الدراسة بشبين الكوم ليواصلها بعد انقطاع عام دراسي كامل بمحافظة كفر الشيخ.


"المحكمة"

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 766 لسنة 19 القضائية ضد السيدين/ محمد أحمد حسن زيدان وأحمد حسن زيدان بصحيفة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 27 من ديسمبر سنة 1964، طلبت فيها الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا مبلغ ثلاثين جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى تمام السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة "وتوجز أسانيد دعواها في أن المدعى عليه الأول التحق بدار المعلمين الريفية ببني العرب التابعة لمنطقة شبين الكوم التعليمية في 21 من سبتمبر سنة 1963، وتعهد عند التحاقه بالدار بضمانة والده المدعى عليه الثاني، بأن يستمر في الدراسة إلى أن يتخرج منها وأن يقوم بالتدريس مدة الخمس سنوات التالية مباشرة لإتمام دراسته حسب الشروط التي تقررها وزارة التربية والتعليم، فإذا أخل بأحد هذين الالتزامين أو فصل من الدار أو الخدمة أو تركها خلال السنوات الخمس لأسباب تأديبية أو لتغيبه أكثر من خمسة عشر يوماً بغير عذر تقبله الوزارة يكون ملزماً بدفع مبلغ خمسة عشر جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها، ولما كان المدعى عليه الأول قد انقطع عن الدراسة أكثر من خمسة عشر يوماً فقد قامت الجهة الإدارية بإصدار قرار بفصله في 8 من أكتوبر سنة 1964، ومن ثم فإن من حقها أن تطالبه بالتضامن مع المدعى عليه الثاني بنفقات تعليمه عن سنتين دراسيتين بواقع خمسة عشر جنيهاً عن كل سنة أي بمبلغ ثلاثين جنيهاً.
ومن حيث إن المدعى عليهما دفعا الدعوى بأن انقطاع المدعى عليه الأول عن مواصلة الدراسة كان بسبب مرضه وقدما شهادة طبية مؤرخة 5 من أكتوبر سنة 1964 ذكر فيها أن المدعى عليه المذكور عنده نزلة شعبية مزمنة وضعف شديد عام ويلزمه الراحة التامة وعدم الإرهاق "وذكرا أن هذا المرض أصابه نتيجة سوء حالة والده المالية فقد عجز عن تحمل نفقات انتقاله من بلدته إلى الدار وهي تبعد قرابة ساعتين من البلدة مما كان يضطره إلى التوجه إلى الدار سيراً على الأقدام، كما شق على والده القيام بكسائه الكسوة الملائمة لفصل الشتاء: وأضافا أن المدعى عليه الأول التحق في العام الدراسي 65/ 1966 بدار المعلمين الريفية بكفر الشيخ، وقدما ما يثبت قيده بها في العام الدراسي المذكور.
وبجلسة 13 من نوفمبر سنة 1966 قضت المحكمة "برفض طلبات المدعية (محافظة المنوفية) وألزمتها المصاريف" وأقامت قضاءها على أنه ولئن كان الثابت أن المدعى عليه الأول قد انقطع عن الدراسة بالدار أكثر من المدة القانونية وقدرها خمسة عشر يوماً وقد قامت الدار بفصله في 8 من أكتوبر سنة 1964، إلا أن الثابت أيضاً أنه التحق بعد ذلك مباشرة بدار المعلمين الريفية بكفر الشيخ التابعة لذات الجهة الإدارية التي تشرف على مرفق التعليم، ومتى كان الأمر كذلك فلا ضرر يعود على جهة الإدارة ما دام أن المدعى عليه الأول قد ترك معهد بني العرب والتحق بمعهد كفر الشيخ والمقصود من التعهد هو إتمام الدراسة حتى يستفيد منه مرفق التعليم بعد تخرجه فلا يكون هناك ثمة مخالفة لتعهده، هذا فضلاً عن أن تصرف المدعى عليه الأول على هذا الوجه لم يكن نتيجة نزوة دون وعي بل بسبب ما أصابه من أمراض لاضطراره لقطع المسافة بين محل سكنه ومقر الدار سيراً على الأقدام لضيق ذات يد والده.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حين قضى بأن التحاق المدعى عليه الأول بمنطقة كفر الشيخ التعليمية يعفيه من التزامه الاستمرار في الدراسة بدار المعلمين بمنطقة كفر الشيخ ذلك أن لكل محافظة شخصيتها المعنوية المستقلة، كما أخطأ الحكم المطعون فيه حين اعتد بالشهادة الطبية المقدمة من طبيب خاص في إثبات عذر المرض.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى عليه الأول التحق بدار المعلمين الريفية ببني العرب التابعة لمنطقة شبين الكوم التعليمية في 21 من سبتمبر سنة 1963، وفي 8 من أكتوبر سنة 1964 أصدرت الجهة الإدارية قراراً بفصله من الدار لانقطاعه أكثر من خمسة عشر يوماً منذ بدء العام الدراسي 64/ 1965.
ومن حيث إن المدعى عليه الأول وقع في 4 من أغسطس سنة 1963 تعهداً بأن يستمر في الدراسة بالدار إلى أن يتخرج فيها، وأن يقوم بالتدريس مدة الخمس سنوات التالية مباشرة لإتمام دراسته بالدار حسب الشروط التي تقرها وزارة التربية والتعليم، فإذا أخل بأحد هذين الالتزامين أو فصل من الدار أو الخدمة أو تركها خلال السنوات الخمس لأسباب تأديبية أو لتغيبه أكثر من خمسة عشر يوماً بغير عذر تقبله الوزارة يكون ملزماً بدفع المصروفات التي أنفقتها الوزارة عليه بواقع 15 جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها للقسم الخارجي و40 جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها للقسم الداخلي"، وقد وقع المدعى عليه الثاني في ذات التاريخ تعهداً أقر فيه بأنه أذن لنجله المدعى عليه الأول بتوقيع التعهد السابق الإشارة إليه وبالتزامه متضامناً مع نجله بسداد كافة المبالغ التي تستحق نتيجة لهذا التعهد.
ومن حيث إن المدعى عليهما ذهبا في تبرير انقطاع المدعى عليه الأول عن الاستمرار في الدراسة إلى أنه كان مريضاً، وقدما للتدليل على مرضه شهادة من طبيب خاص، وقد قبل منهما الحكم المطعون فيها هذا الدليل.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن مجلس الوزراء وافق في 18 من يوليه سنة 1955 على قواعد معينة للالتحاق ببعض المعاهد التي تلتزم الحكومة بتعيين خريجيها حتى لا يعاد الكشف الطبي عليهم عند التعيين، ومن مقتضى هذه القواعد أن يخضع هؤلاء في أجازاتهم المرضية وتقرير لياقتهم للاستمرار في الدراسة للقوانين والتعليمات المنظمة لشئون الموظفين، ومتى كان الأمر كذلك وكانت تلك القواعد بمثابة لائحة عامة تنظيمية متعلقة بحسن سير مرفق عام فإنه لا مناص من اتباعها دون حاجة النص عليها صراحة في العقد الإداري المبرم بين من يلتحقون بهذه المعاهد والحكومة، ومن ثم فإنه يتعين عليهم أن يتبعوا الإجراءات المنصوص عليها - فيما يتعلق بالكشف الطبي والأجازات المرضية - في القوانين والتعليمات المنظمة لشئون الموظفين، وعلى ذلك فإنه لا يجوز قبول شهادة مرضية لإثبات المرض صادرة على خلاف ما رسمه القانون، ذلك أنه وإن كان المرض واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة الطرق إلا إنه متى وضع المشرع قواعد للإثبات تعين اتباعها، فلا يجوز إثبات المرض بالشهادة المرضية قانوناً، كما لا يجوز لهذا السبب الاعتداد بها في مجال تقدير العذر المسقط للالتزام، ومؤدى ذلك أنه ما كان يجوز التعويل على الشهادة المرضية المقدمة من المدعى عليهما لإثبات مرض المدعى عليه الأول لأنها صادرة من طبيب خاص على خلاف ما رسمه القانون، وبالتالي فإنه لا يمكن قبول عذر المرض في تبرير انقطاع المدعى عليه المذكور عن مواصلة الدراسة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن المدعى عليه الأول قد واصل دراسته بدار المعلمين الريفية بكفر الشيخ عقب تركه دار المعلمين بشبين الكوم مباشرة، وأنه طالما أن المقصود من التعهد هو مواصلته الدراسة حتى يستفيد منه مرفق التعليم بعد تخرجه، فلا يكون هناك ثمة مخالفة لتعهده.
ومن حيث إن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه غير صحيح في الواقع أو القانون، ذلك أن الشهادة المقدمة من المدعى عليهما تفيد أن المدعى عليه الأول مقيد ضمن طلاب السنة الأولى بدار المعلمين بكفر الشيخ في العام الدراسي 65/ 1966، وهذا يعني أنه لم يلتحق مباشرة عقب تركه دار المعلمين بشبين الكوم بدار المعلمين بكفر الشيخ، إذ أنه ترك دار المعلمين بشبين الكوم منذ بدء العام الدراسي 64/ 1965 ولم يلتحق بدار المعلمين بكفر الشيخ - على ما هو ثابت من الشهادة المقدمة منه - إلا في العام الدراسي 65/ 1966 أي بعد انقطاع عام دراسي كامل، هذا من ناحية الواقع، أما من ناحية القانون فإن تعهد المدعى عليهما لم يكن - حسبما يبين من عباراته - بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة لخدمة مرفق التعليم بعد تخرجه، وإنما بمواصلة الدراسة بدار المعلمين بشبين الكوم لخدمة مرفق التعليم بها، إذ أن لكل محافظة شخصيتها المعنوية المستقلة وميزانيتها الخاصة بها، ومن ثم فلا يمكن مسايرة الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن انتظام المدعى عليه الأول في الدراسة بكفر الشيخ يسقط عنه التزامه بمواصلة الدراسة بشبين الكوم، وما انتهى إليه ترتيباً على ذلك من أنه ليس هناك ثمة مخالفة لتعهد المدعى عليهما الصريح بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة بشبين الكوم لخدمة مرفق التعليم بها، إذا انقطع عن الدراسة بشبين الكوم ليواصلها بعد انقطاع عام دراسي كامل بمحافظة كفر الشيخ.
ومن حيث إنه لا حجة فيما أورده الحكم المطعون فيه متعلقاً بسوء حالة المدعى عليهما المالية، ذلك أن هذه الحالة وهي قائمة بالمدعى عليهما منذ التحاق المدعى عليه الأول بدار المعلمين بشبين الكوم ومنذ توقيعهما على التعهد بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة بها، لا يمكن أن تكون سبباً في إعفائهما من التزامهما بمواصلة المدعى عليه الأول الدراسة بهذه الدار.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون المدعى عليه الأول قد انقطع عن الدراسة بدار المعلمين الريفية بشبين الكوم دون عذر، ومؤدى هذا التزامه بالتضامن مع المدعى عليه الثاني - تنفيذاً لتعهدهما السابق الإشارة إليه - برد المصروفات التي أنفقت عليه بواقع خمسة عشر جنيهاً عن كل عام دراسي أو جزء منه، خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه ولئن كان المدعى عليه الأول قد فصل من دار المعلمين بشبين الكوم في 8 من أكتوبر سنة 1964 أي بعد بدء العام الدراسي 64/ 1965، إلا أن الثابت من الأوراق أنه لم ينتظم بالدراسة إطلاقاً منذ بدء هذا العام: ومن ثم فلا يكون من حق المدعية الرجوع عليه إلا بمصروفات عام دراسي واحد هو عام 63/ 1964 وقدرها خمسة عشر جنيهاً لا بمصروفات عامين دراسيين كما ذهبت إلى ذلك في دعواها.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض دعوى المدعية بالنسبة إلى مطالبتها برد المصروفات التي أنفقتها على المدعى عليه الأول عن العام الدراسي 63/ 1964 في غير محله، ويتعين لذلك إلغاؤه، والقضاء بإلزام المدعى عليه الأول بالتضامن مع ورثة المدعى عليه الثاني من تركة مورثهم، بأن يدفعوا للمدعية مبلغ خمسة عشر جنيهاً والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 27 من ديسمبر سنة 1964 حتى تمام الوفاء مع إلزامهم بنصف المصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المدعى عليه الأول بالتضامن مع ورثة المدعى عليه الثاني فيما آل إليهم من تركة مورثهم بأن يدفعوا للمدعين مبلغ خمسة عشر جنيهاً وفوائده القانونية بواقع 4% (أربعة في المائة سنوياً) من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 27 من ديسمبر سنة 1964 حتى السداد مع إلزامهم بنصف المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق