الصفحات

الأحد، 30 يوليو 2023

الطعن 504 لسنة 46 ق جلسة 14 / 11 / 1982 مكتب فني 33 ج 2 ق 167 ص 915

جلسة 14 من نوفمبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد البنداري العشري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فراج؛ نائب رئيس المحكمة، عبد العزيز فوده، وليم رزق بدوي ومحمد لطفي السيد.

----------------

(167)
الطعن رقم 504 لسنة 46 القضائية

(1) عقد. "سبب الالتزام في العقد". صورية. "إثبات الصورية". إثبات. "عبء الإثبات".
عدم ذكر سبب الالتزام في العقد. افتراض أن العقد سبباً مشروعاً للمدين إثبات عكس ذلك. سبب الالتزام المذكور في العقد. اعتباره السبب الحقيقي. إثبات المدين صوريته. أثره. نقل عبء إثبات السبب الحقيقي مشروعيته إلى الدائن. م 137 مدني.
(2) محكمة الموضوع. "مسائل الوقع".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى واستخلاص ما تطمئن إليه فيه متى كان استخلاصها سائغاً من أصل ثابت في الأوراق.

------------------
1 - النص في الفقرة الأولى من المادة 137 من القانون المدني على أن كل التزام لم يذكر له سبب في العقد يفترض أن له سبباً مشروعاً ما لم يقم الدليل على غير ذلك وفي الفترة الثانية على أن يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سبباً آخر مشروعاً أن يثبت ما يدعيه، مؤداه أن ثمة فرضين، الأول أن يكون السبب غير مذكور في العقد، وفي هذا الغرض وضع المشرع قرينة قانونية يفترض بمقتضاها أن العقد سبباً مشروعاً ولو لم يذكر هذا السبب، على أن القرينة قابلة لإثبات العكس، فإذا ادعى المدين أن للعقد سبباً غير مشروع يقع على عاتقة عبء إثبات ذلك. فإن أثبت ذلك فعليه أيضاً أن يثبت علم الدائن بهذا السبب. والفرض الثاني أن يذكر السبب في العقد، وفي هذا الفرض أيضاً ثمة قرينة قانونية على أن السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي، وهذه القرينة أيضاً قابلة لإثبات العكس، ويكون على المدين إما أن يقتصر على إثبات الصورية، وفي هذه الحالة ينتقل عبء إثبات السبب الحقيقي ومشروعيته إلى الدائن، وإما أن يثبت رأساً أن السبب الحقيقي للعقد غير مشروع، فثمة فارقاً بين الفرضين المذكورين.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الوقع في الدعوى واستخلاص ما تطمئن إليه متى كان استخلاصها سائغاً من أصل ثابت في الأوراق ولها السلطة في تقدير أقوال الشهود وكل دليل يطرح أمامها، وهي ليست ملزمة بتتبع مناحي دفاع الخصوم لأن في الحقيقة التي استخلصتها وأوردت دليلها الرد الضمني على كل حجة مخالفة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 24/ 11/ 1955 استصدرت المرحومة...... مورثة المطعون عليها الأولى والثانية أمر أداء بإلزام الطاعنين من تركة مورثتهم المرحومة....... مبلغ 21570 ج بناء على سند مصدق على التوقيع فيه بتاريخ 16/ 4/ 1954 التزمت فيه المورثة المذكورة بأن تدفع لـ.... المبلغ المذكور - تظلم الطاعنون من هذا الأمر بالدعوى رقم 4978 سنة 1955 مدني كلي القاهرة كما أقاموا الدعوى رقم 4196 سنة 1955 مدني كلي القاهرة على المرحومة...... بطلب الحكم ببطلان الدين الصادر به الأمر لصدوره في مرض الموت وصوريته لانعدام سببه - وبتاريخ 18/ 3/ 1971 قضت محكمة أول درجة في الدعويين برفضهما وتأييد أمر الأداء المعارض فيه استأنف الطاعنون الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2032 سنة 88 ق، وبتاريخ 28/ 3/ 1976 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعنون في أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن المحكمة أقامت قضاءها بعدم قبول الطعن بالتزوير على أساس أن مناقشة موضوع سند الدين يعد تسليماً منهم بصحته في حين أن مناقشة موضوع المحرر وإن كانت تسقط حق الخصم في إنكار الخط أو الإمضاء طبقاً لنص المادة 14 من قانون الإثبات، إلا أنها لا تسقط الحق في الطعن على المحرر بالتزوير، وإذ خلط الحكم المطعون فيه بين الطعن بالإنكار والادعاء بالتزوير ويكون مخالفاً للقانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر - وفقاً لنص المادة 255 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 218 سنة 1980 والمنطبقة على هذا الطعن - أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذ لم يقدم الطاعنون رفق طعنهم صورة رسمية من الحكم الذي قضى بعدم قبول الادعاء بالتزوير حتى تستطيع المحكمة التحقق من صحة النعي عليه بما سلف ومن ثم يضحى النعي بغير دليل ويتعين عدم قبوله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ويقولون بياناً لذلك إنهم دفعوا ببطلان سند الدين الصادر بمقتضاه أمر الادعاء لانعدام السبب إعمالاً لنص المادة 136 من القانون المدني، فقد تحرر السند المذكور - بتاريخ 6/ 6/ 54 وتوفيت المدينة فيه بتاريخ 7/ 3/ 1955 ولم تكن هذه الأخيرة في حاجة إلى الاقتراض كما أن الدائنة لم يكن لديها ما تقرضه فسببه التحايل على قواعد الإرث المتعلقة بالنظام العام ويكون السبب المستتر غير مشروع مما يبطل الالتزام، وأضافوا أنهم ساقوا قرائن على صورية السبب هي إقرار الدائنة في إجراءات طلب توقيع الحجز على المدينة بأن الأخيرة لم تتصرف لها بالبيع أو الهبة في شيء من أطيانها، وفي تاريخ صدور سند الدين تحرر سندين آخرين فيما بينهما ببيع سيارة وماكينة حرث وقبض البائعة للثمن في حين كان المتعين خصم هذا الثمن من قيمة ما للمشترية من دين في ذمة البائعة مما يدل على محاولة السيدة....... تجريد والدتها من معظم أموالها، وكان رد الحكم المطعون فيه على ذلك بأن ثمة فارقاً بين حكم كل من فقرتي المادة 137 من القانون المدني فيما يتعلق بالإثبات وأنه ليس للطاعنين أن يركنوا إلى حكم الفقرة الثانية في إقامة الدليل على الصورية لأن حكم هذه الفقرة قاصر على حالة ما إذا ذكر للالتزام سبب في العقد، في حين أن حكم الفقرتين واحد بالنسبة للإثبات، كما قال الحكم المطعون فيه بأن الطاعنين لم يتمسكوا بعدم مشروعية السبب حال تمسكها بذلك أمام محكمة أول درجة مخالفاً بذلك الثابت في الأوراق وخلصوا إلى أن الحكم المطعون لم يناقش القرائن العديدة على الصورية وجاءت أسبابه غامضة مبهمة وفي هذا قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 137 من القانون المدني على أن كل التزام لم يذكر له سبب في العقد يفترض أن له سبباً مشروعاً ما لم يقم الدليل على غير ذلك، وفي الفترة الثانية على أن يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سبباً آخر مشروعاً أن يثبت ما يدعيه، مؤداه أن ثمة فرضين، الأول أن يكون السبب غير مذكور في العقد، وفي هذا الفرض وضع المشرع قرينة قانونية يفترض بمقتضاها أن للعقد سبباً مشروعاً ولو لم يذكر هذا السبب، على أن القرينة قابلة لإثبات العكس، فإذا ادعى المدين أن للعقد سبباً غير مشروعاً يقع عاتقه عبء إثبات ذلك فإن أثبت ذلك فعليه أيضاً أن يثبت علم الدائن بهذا السبب. والفرض الثاني أن يذكر السبب في العقد، وفي هذا الفرض أيضاً ثمة قرينة قانونية على أن السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي، وهذه القرينة أيضاً قابلة لإثبات العكس، ويكون على المدين إما أن يقتصر على إثبات الصورية وفي هذه الحالة ينتقل عبء إثبات السبب الحقيقي ومشروعيته إلى الدائن وإما أن يثبت رأساً أن السبب الحقيقي للعقد غير مشروع، فثمة فارقاً يبين الفرضين المذكورين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بما أحال عليه من أسباب الحكم المستأنف أقام قضاءه على أن سند الدين موضوع الدعوى لم يذكر فيه سببه وفسر ذلك بأنه الباعث على الافتراض ورتب على ذلك أن عبء إثبات عدم مشروعية السبب يقع على عاتق الطاعنين، ولا يجوز لهم إثبات صورية السبب الذي لم يذكر توصلاً إلى نقل عبء إثبات مشروعية السبب إلى عاتق المطعون عليهم فإن يكون قد التزم صحيح القانون بالنسبة للباعث على القرض من جانب مورثة الطاعنين، أما القرض نفسه باعتباره سبباً للمديونية فإن الحكم المطعون فيه قبل من الطاعنين دفعهم بصوريته وأحال الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الصورية وإثبات أن التصرف صدر في مرض الموت وانتهى إلى عدم اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الطاعنين وإلى اعتبارها دليلاً على الصورية أو صدر التصرف في مرض الموت وبذلك لم يكن الحكم بحاجة إلى تكليف المطعون ضدهم إثبات سبب مشروع للدين لأن القرض تبين أنه حقيقي بفشل الطاعنين في إثبات صوريته وأنه مشروع على قرينة أن الباعث عليه لم يذكر في العقد - والنعي في شقه الثاني مردود، إذ من المقرر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى واستخلاص ما تطمئن إليه متى كان استخلاصها سائغاً من أصل ثابت في الأوراق ولها السلطة في تقدير أقوال الشهود وكل دليل يطرح أمامها، وهي ليست ملزمة بتتبع مناحي دفاع الخصوم لأن في الحقيقة التي استخلصتها وأوردت دليلها الرد الضمني على كل حجة مخالفة - لما كان ذلك وكان دفاع الطاعنين قد قام على أن الإقرار سند الدعوى قد حرر في مرض الموت إضراراً بورثة المدينة مما يجعلهم من الغير في نظر القانون ويبيح لهم أن يثبتوا انعدام سبب الدين وصوريته بكافة طرق الإثبات ثم طعنوا بالتزوير على السند المذكور ودفعوا بعد ذلك بعته وغفلة المدينة في السند وقت تحريره، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص سائغاً أن المرحومة..... عندما صدر عنها سند الدين على ابنتها..... كانت تتمتع بالأهلية الكاملة للتصرف ولم يكن بها أي عته أو غفلة، وكان الحكم المستأنف الذي أحال عليه الحكم المطعون فيه في شأن باقي المطاعن الموجهة إلى سند الدين قد خلص بأسباب سائغة إلى أن الطاعنين قد عجزوا عن إقامة الدليل على عدم توافر سبب مشروع للقرض كما لم يقدموا دليلاً يثبت صورية القرض أو صدور التصرف في مرض موت المتصرفة، وكان ذلك عن الحكمين في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع بلا معقب عليها من النقض فإن مناحي النعي في هذا الخصوص تضحى من قبيل الجدل الموضوعي غير الجائز أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق