الصفحات

الثلاثاء، 25 يوليو 2023

الطعن 36 لسنة 25 ق جلسة 25 / 6 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 74 ص 488

جلسة 25 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، ومحسن العباسي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(74)
الطعن رقم 36 سنة 25 القضائية

(أ) نقض "حالات الطعن" "الطعن ببطلان الحكم".
قضاء الحكم في منطوقه برفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف في حين أن الاستئناف كان مرفوعاً عن حكمين. إشارة الأسباب إلى الحكمين وما قضى به كل منهما وإلى أنهما في محلهما وإلى رفض الاستئناف موضوعاً. هو خطأ مادي تؤدي أسباب الحكم ذاته إلى تصحيحه. كان بحسب محكمة الاستئناف أن يكون منطوق حكمها مقصوراً على رفض الاستئناف موضوعاً. استتباعه تأييد قضاء محكمة الدرجة الأولى فيما رفع عنه الاستئناف.
(ب، ج، د) وقف "إيجار الوقف".
(ب) تعلق ولاية ناظر الوقف على إيجار أعيانه بأصل الوقف. لا تحكمها نصوص القانون المدني القديم.
(ج) الناظر الذي لم يمنعه الواقف إجارة أعيان الوقف مدة لا تزيد على 3 سنوات. جواز إنقاص الناظر الجديد للمدة إذا لم تكن الإجارة قد انقضت وكان الباقي منها يزيد على 3 سنوات.
(د) اعتبار المنازعة في لزوم إجارة الوقف بدعوى الغبن بطبيعتها مدنية تخضع لأحكام القانون المدني. ليس في نصوص القانون القديم ما يفسد الإيجار بسبب الغبن.

-----------------
1 - إذا كانت محكمة الاستئناف قد أشارت في أسباب حكمها إلى الحكمين الصادرين من محكمة الدرجة الأولى وما قضى به كل منهما وأوضحت أن الاستئناف مرفوع عنهما معاً - وبعد أن عرضت للرد على دفاع المستأنفين - الطاعنين - قالت: "وحيث إنه لما تقدم ولما جاء بأسباب الحكمين المستأنفين من أسباب لا تتعارض معها يكون الحكمان المستأنفان في محلهما ويتعين رفض الاستئناف موضوعاً" ثم ورد في منطوقه بعد ذلك قضاؤه "برفض الاستئناف موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف" - وكان يبين من ذلك أن ما ورد بالمنطوق في شطره الأخير لم يكن سوى خطأ مادي تؤدي أسباب الحكم ذاته إلى تصحيحه فضلاً عن أنه كان بحسب محكمة الاستئناف أن يكون منطوق حكمها مقصوراً على رفض الاستئناف موضوعاً مما يستتبع بطبيعته تأييد قضاء محكمة الدرجة الأولى فيما رفع الاستئناف عنه - فإن النعي بوقوع بطلان جوهري في الحكم لأنه قضى في منطوقه بتأييد الحكم المستأنف في حين أن الاستئناف كان مرفوعاً عن حكمين لا عن حكم واحد يكون في غير محله.
2 - ولاية ناظر الوقف على إيجار أعيانه هي من المسائل المتعلقة بأصله ولم تكن تحكمها نصوص القانون المدني القديم.
3 - إذا كان الناظر هو المستحق الوحيد ولم يمنعه الواقف من ذلك جاز له أن يؤجر أعيان الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات ويسري الإيجار ما دامت نظارته باقية فإذا ما انتهت جاز للناظر الذي يخلفه إذا لم تكن الإجارة قد انقضت وكانت المدة الباقية منها أكثر من ثلاث سنوات أن ينقص المدة إلى ثلاث سنوات.
4 - النزاع في لزوم إجارة الوقف بدعوى الغبن فيه هو بطبيعته نزاع مدني صرف يخضع لحكم القانون المدني ولم يكن في نصوص القانون المدني القديم ما يفسد الإيجار بسبب الغبن - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليها أقامت على الطاعنين الدعوى رقم 95 سنة 1952 مدني كلي بنها بعريضة أعلنت في 26 مارس سنة 1952 طلبت فيها الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا لها مبلغ 1759 جنيهاً و250 مليماً وببطلان عقد الإيجار المؤرخ في 3 من مايو سنة 1949 والصادر لهم من المرحوم على إبراهيم حافظ الناظر السابق على الوقف المشمول بنظارة المطعون عليها الأولى - وأسست المدعية دعواها على أن الناظر السابق على الوقف كان قد أجر للطاعنين أطيان الوقف بعقد مؤرخ في أول إبريل سنة 1946 لمدة ثلاث سنين تبدأ من أول نوفمبر سنة 1949 بأجرة مقدارها 14 جنيهاً سنوياً للفدان الواحد وفي 3 من مايو سنة 1949 عاد الناظر السابق فأجرها لهم لمدة ثلاث سنين أخرى تبدأ من أول نوفمبر سنة 1952 وأن التأجير الأخير تم دون إذن من القاضي الشرعي ومن ثم يكون باطلاً عملاً بنص المادة 633 من القانون المدني وأن مدة العقد الأول لم تكن قد انتهت عند رفع الدعوى وكان باقياً منها سنة وأن الأجرة المتفق عليها في هذا العقد تنطوي على غبن فاحش لجهة الوقف إذ لا تقل أجرة الفدان من أرض المثل عن أربعين جنيهاً. وفي 22 من إبريل سنة 1953 حكمت محكمة الدرجة الأولى أولاً - بإنقاص المدة الباقية من عقدي الإيجار بحيث تنتهي في 26 من مارس سنة 1955 وثانياً - بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لمعاينة أطيان الوقف وتقدير أجر مثلها في سنة 1946 الزراعية، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره حكمت بتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1953 بإلزام الطاعنين بأن يدفعوا متضامنين للمطعون عليها الأولى مبلغ 621 جنيهاً و232 مليماً. فاستأنف الطاعنون هذا الحكم هو والحكم الصادر في 22 من إبريل سنة 1953 وقيد استئنافهما برقم 187 سنة 71 ق استئناف القاهرة. وفي 23 من نوفمبر سنة 1954 قضت محكمة الاستئناف في منطوق حكمها "برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف" وذلك لما ورد في أسباب حكمها ولما لا يتعارض معه في أسباب "الحكمين المستأنفين". قرر الطاعنون بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها بأن الحكم مرجح نقضه نقضاً جزئياً. عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة أخيراً لنظره صممت النيابة على رأيها السابق بيانه.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين يتحصل أحدهما في النعي بوقوع بطلان جوهري في الحكم لأنه قضى في منطوقه بتأييد الحكم المستأنف في حين أن الاستئناف كان مرفوعاً عن حكمين لا عن حكم واحد.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من وقائع الحكم المطعون فيه وأسبابه أن محكمة الاستئناف قد أشارت فيها إلى الحكمين الصادرين من محكمة الدرجة الأولى في 22 من إبريل سنة 1953، 25 من نوفمبر سنة 1953 وما قضى به كل منهما وأوضحت أن الاستئناف مرفوع عنهما معاً وبعد أن عرضت للرد على دفاع المستأنفين - الطاعنين - قالت: "وحيث إنه لما تقدم ولما جاء بأسباب الحكمين المستأنفين من أسباب لا تتعارض معها يكون الحكمان المستأنفان في محلهما ويتعين رفض الاستئناف موضوعاً" ثم ورد في المنطوق بعد ذلك قضاؤه "برفض الاستئناف موضوعاً وبتأييد الحكم المستأنف" ويبين من ذلك أن ما ورد بالمنطوق في شطره الأخير لم يكن سوى خطأ مادي تؤدي أسباب الحكم ذاته إلى تصحيحه فضلاً عن أنه كان بحسب محكمة الاستئناف أن يكون منطوق حكمها مقصوراً على رفض الاستئناف موضوعاً مما يستتبع بطبيعته تأييد قضاء محكمة الدرجة الأولى فيما رفع الاستئناف عنه - وعلى ذلك يتعين رفض هذا السبب.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون في السبب الآخر على الحكم مخالفته للقانون من وجهين ويقولون في بيان أولهما إن الحكم إذ قضى بإنقاص مدة عقدي الإيجار قد أعمل نص المادة 633 من القانون المدني الجديد في حين أن هذين العقدين كانا قد أبرما في سنتي 1946 و1949 قبل العمل بهذا القانون الذي استحدث في المادة 633 منه ما ورد بها من جواز إنقاص مدة الإيجار فيما زاد على ثلاث سنين وذلك على خلاف القانون المدني القديم الذي لم يكن يقيد المؤجر سواء كان مالكاً أو ناظراً على الوقف بهذا القيد في خصوص مدة الإجارة. ويستطرد الطاعنون إلى القول بأن المطعون عليها قد أجازت العقدين بعد تعيينها ناظرة على الوقف وذلك بإقرار مؤرخ في 29 من نوفمبر سنة 1949 كما نفذت العقدين في المدة السابقة على رفع الدعوى بقبضها الأجرة على أساس ما ورد بهما.
ومن حيث إن هذا النعي مردود أولاً - بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يطبق على واقعة الدعوى نص المادة 633 من القانون المدني وإن كان قد أشار إليها إذ قال إن نصها غير مستحدث ثم أحال في أسبابه إلى الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 23 من إبريل سنة 1953 والذي ورد بأسبابه ما يلي: "وحيث إن المجمع عليه فقهاً وقضاء بالنسبة لمدة إجارة الوقف قبل التقنين الجديد - أنه إذا كان الناظر هو المستحق الوحيد ولم يمنعه الواقف من ذلك جاز له أن يؤجر أعيان الوقف لمدة تزيد على ثلاث سنوات ويسري الإيجار ما دامت نظارته باقية فإذا انتهت جاز للناظر الذي يخلفه إذا لم تكن الإجارة قد انقضت وكانت المدة الباقية منها أكثر من ثلاث سنوات أن ينقص المدة إلى ثلاث سنوات" - وهذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه لا مخالفة فيه للقانون لأن ولاية ناظر الوقف على إيجار أعيانه هي من المسائل المتعلقة بأصله ولم تكن تحكمها نصوص القانون المدني القديم. ومردود ثانياً - وفي خصوص إجازة المطعون عليها عقدي الإيجار بما ورد في الحكم الصادر بتاريخ 23 إبريل سنة 1953 والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه من قوله: "وللمدعية - المطعون عليها - بصفتها ناظرة أن تطلب إنقاص المدة الباقية من العقد إلى ثلاث سنوات. ولا يتعارض ذلك مع إجازة وكيلها بصفتها ناظرة للإجارة الثانية المؤرخة 3/ 5/ 1949 إذ أنها ليست المستحقة الوحيدة في الوقف بل إنها تستحق الوقف مع ابنها القاصر المشمول بوصايتها ولا تملك أصلاً أن تؤجر أعيان الوقف لأكثر من ثلاث سنوات طالما أنها ليست المستحقة الوحيدة وبالتالي فإن إجازتها للعقد الثاني لا تمنعها بصفتها تمثل مصالح الوقف من أن تطلب إنقاص المدة إلى ثلاث سنوات".
ومن حيث إن الوجه الثاني من هذا السبب يتحصل في أن الحكم المطعون فيه طبق على دعوى الغبن أحكام الشريعة الإسلامية في حين أن ما كان يتعين تطبيقه عليها هو القانون المدني القديم الذي لم تتعرض نصوصه في باب الإيجار لغبن يجيز فسخ العقد أو تكملة أجر المثل.
ومن حيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه استند في القول بجواز تكملة الأجرة بسبب الغبن الفاحش إلى أحكام الشرعية الإسلامية. وهذا النظر غير صحيح ذلك لأن النزاع في لزوم إجارة الوقف بدعوى الغبن فيه هو بطبيعته نزاع مدني صرف يخضع لحكم القانون المدني ولم يكن في نصوص القانون المدني القديم المنطبق على واقعة الدعوى ما يفسد الإيجار بسبب الغبن - وبذلك جرى قضاء هذه المحكمة في الطعنين رقمي 106 سنة 15 ق و36 سنة 16 ق - ولما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق أحكام الشريعة الإسلامية على دعوى الغبن قد أخطأ تطبيق القانون ومن ثم يتعين نقضه في هذا الخصوص.
ومن حيث إن ما تعلق بهذه الدعوى من موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه ولما سبق بيانه يتعين إلغاء الحكم المستأنف الصادر في 25 من نوفمبر سنة 1953 وذلك بالنسبة لما قضى به من تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المدعى عليهم - الطاعنين - بمبلغ 621 جنيهاً و232 مليماً وبرفض دعوى المطعون عليها في شطرها الخاص بمطالبتهم بمبلغ 1759 جنيهاً و250 مليماً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق